تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ١

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي19%

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي مؤلف:
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 409

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 409 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 138646 / تحميل: 8574
الحجم الحجم الحجم
تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

أرض مربعة حمراء من أدم

ما بين إلفين موصوفين بالكرمِ

تذاكرا الحرب فاحتلاّ لها شبهاً

من غير أن يسعيا فيها بسفك دمِ

هذا يغير على هذا وذاك على

هذا يغير وعين الحرب لم تنمِ

فانظر إلى الخيل قد جاشت بمعركةٍ

في عسكرين بلا طبلٍ ولا علمِ(1)

وألمّ هذا الشعر بوصف دقيق للشطرنج، وفيما أحسب أنّه أسبق من نظم فيه، وأحاط بأوصافه ودقائقه وقد تعلم هذه اللعبة من أبيه الرشيد الذي كان من الماهرين فيها، وقد أهدى إلى ملك (فرنسا) أدوات الشطرنج، ولم تكن معروفة فيها، وتوجد حاليا تلك الأدوات التي أهداها الرشيد في متاحف (فرنسا)(2) .

ب - ولعه بالموسيقى:

وكان المأمون مولعاً بالغناء والموسيقى، ويقول المؤرّخون أنّه كان معجباً كأشد ما يكون الإعجاب بأبي إسحاق الموصلي الذي كان من أعظم العازفين والمغنّين في العالم العربي وقال فيه: (كان لا يغني أبداً إلاّ وتذهب عنّي وساوسي المتزايدة من الشيطان)(3) .

وكان يحيي لياليه بالغناء والرقص والعزف على العود كأبيه الرشيد الذي لم يمر على قصره اسم الله تعالى، وإنّما كانت لياليه الليالي الحمراء.

ج - شربه للخمر:

وعكف المأمون على الإدمان على الخمر، فكان يشربها في وضح النهار وفي غلس الليل، ولم يتأثّم في اقتراف هذا المحرَّم الذي هو من أفحش المحرّمات في الإسلام.

إلى هنا ينتهي بنا الحديث عن بعض نزعات المأمون وصفاته.

التحف الثمينة التي أهديت للمأمون:

وقام الأُمراء والأشراف بتقديم الهدايا القيّمة والتحف الثمينة للمأمون تقرّباً إليه، وكان من بعض ما أُهدي إليه ما يلي:

____________________

(1) المستطرف 2 / 306.

(2) حياة الإمام محمد الجواد (ص 233).

(3) الحضارة العربية لجاك س. ريسلر (ص 108).

٢٢١

1 - أهدى أحمد بن يوسف للمأمون سفطاً من الذهب فيه قطعة عود هندي في طوله وعرضه، وكتب فيه هذا يوم جرت فيه العادة بإتحاف العبيد للسادة، وقد قلت:

على العبد حق وهو لا شك فاعله

وإن عظم المولى وجلّت فواضله

ألم ترنا نهدي إلى الله ماله

وإن كان عنه ذا غنى فهو قابله

ولو كان يهدي للجليل بقدره

لقصّر عنه البحر يوماً وساحله

ولكنّنا نهدي إلى مَن نجلّه

وإن لم يكن في وسعنا ما يشاكله(1)

2 - أهدى أبو دلف القاسم بن عيسى العجلي إلى المأمون في يوم مهرجان مائة حمل زعفران قد وضعت في أكياس من الإبريسم، وقد حملتها أتان شهب وحشية، فجاءت الهدايا والمأمون عند حرمه، فأخبر بالهدية، فسارع إلى النظر إليه، فلمّا رآها عجب بها وسأل عن الحمر التي حملت الزعفران هل هن ذكور أم إناث؟ فقيل له إنّها إناث فسُرّ بذلك، وقال: قد علمت أنّ الرجل أعقل من أن يوجه على غير أتن(2).

3 - أهدى ملك الهند جملة من الهدايا، وفيها جام ياقوت أحمر، ومعها رسالة جاء فيها: نحن نسألك أيّها الأخ أن تنعم في ذلك بالقبول، وتوسع عذراً في التقصير(3) .

هذه بعض الهدايا التي قدّمت للمأمون تقرّباً له، وطمعاً في الظفر ببعض الوظائف منه.

تظاهره بالتشيّع:

وذهب بعض المؤرخين والباحثين إلى أن المأمون قد اعتنق مذهب التشيع، وقد استندوا إلى ما يلي:

من علمه التشيع:

إنّه أعلن أمام حاشيته وأصحابه أنّه اعتنق مذهب التشيّع وذلك في الحديث التالي: روى سفيان بن نزار، قال: كنت يوماً على رأس المأمون، فقال لأصحابه: (أتدرون مَن علّمني التشيّع؟).

____________________

(1) صبح الأعشى 2 / 420.

(2) التحف والهدايا (ص 109).

(3) نفس المصدر.

٢٢٢

فقالوا جميعاً: لا والله ما نعلم؟.

فقال: علمنيه الرشيد فانبروا قائلين:

(كيف ذلك والرشيد كان يقتل أهل البيت؟).

قال: كان يقتلهم على الملك لان الملك عقيم، لقد حججت معه سنة، فلمّا صار إلى المدينة تقدم إلى حجاجه، وقال لهم: (لا يدخلن على رجل من أهل المدينة ومكة، ولا من المهاجرين والأنصار وبني هاشم، وسائر بطون قريش إلا نسب نفسه... وأمتثل الحجاب ذلك، فكان الرجل إذا أراد الدخول عليه عرف نفسه إلى الحجاب، فإذا دخل فيصله بحسب مكانته ونسبه، وكانت صلته خمسة آلاف دينار إلى مائتي دينار، يقول المأمون وبينما أنا واقف إذ دخل الفضل بن الربيع، فقال: (يا أمير المؤمنين، على الباب رجل يزعم أنّه موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب).

فاقبل الرشيد على أبنائه، وعلى سائر القواد، وقال لهم: احفظوا على أنفسكم، ثم قال للفضل ائذن له، ولا ينزل إلاّ على بساطي، يقول المأمون: ودخل شيخ مسخد(1) قد أنهكته العبادة كأنّه شنّ بال(2) قد كلم(3) السجود وجهه وأنفه فلمّا رأى الرشيد أنّه أراد أن ينزل من دابته، فصاح لا والله إلاّ

على بساطي فمنعه الحجّاب من الترجّل، ونظر إليه الجميع بإجلال وإكبار وتعظيم ووصل الإمام إلى البساط والحجّاب والقوّاد محدقون به، فنزل عن راحلته فقام إليه الرشيد واستقبله إلى آخر البساط، وقبّل وجهه وعينيه، وأخذ بيده حتى صيره في صدر المجلس وأجلسه معه، وأقبل عليه يحدثه، ويسأله عن أحواله، ثم قال له: (يا أبا الحسن ما عليك من العيال؟).

قال هارون: أولاد كلهم؟ قال الإمام: لا، أكثرهم موالي وحشم، أمّا الولد فلي نيف وثلاثون، وذكر عدد الذكور، وعدد الإناث، والتفت إليه هارون فقال له:

____________________

(1) المسخد: مصفر الوجه.

(2) الشن البالي: القربة البالية.

(3) كلم: أي جرح.

٢٢٣

- لم لا تزوج النسوان من بني عمومتهن وأكفائهن؟

- اليد تقصر عن ذلك.

- ما حال الضيعة؟

تعطي في وقت وتمنع في آخر!.

- هل عليك دين؟

- نعم.

- كم هو؟

- عشرة آلاف دينار.

- يا بن العم أنا أعطيك من المال ما تزوّج به الذكران والنسوان، وتقضي به الدين، وتعمر به الضياع.

فشكره الإمام على ذلك وقال له: (وصلتك رحم يا بن العم، وشكر الله هذه النية الجميلة والرحم ماسة، والقرابة واشجة، والنسب واحد، والعباس عم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصنو أبيه، وعمّ علي بن أبي طالبعليه‌السلام وصنو أبيه، وما أبعدك الله من أن تفعل ذلك، وقد بسط يدك، وأكرم عنصرك وأعلى محتدك(1)) .

فقال هارون: أفعل ذلك وكرامة.

وأخذ الإمامعليه‌السلام يوصيه بالبر والإحسان إلى عموم الفقراء قائلاً:

(يا أمير المؤمنين إنّ الله قد فرض على ولاة العهد، أن ينعشوا فقراء الأمّة، ويقضوا عن الغارمين، ويؤدوا عن المثقل، ويكسوا العاري، ويحسنوا إلى العاني(2) ، فأنت أولى مَن يفعل ذلك...).

فانبرى هارون قائلاً: افعل ذلك يا أبا الحسن، ثم قام الإمامعليه‌السلام فقام الرشيد تكريما له، وقبل عينيه ووجهه ثم اقبل على أولاده فقال لهم: (يا عبد الله، ويا محمد، ويا إبراهيم امشوا بين يدي عمكم وسيدكم خذوا بركابه، وسووا عليه ثيابه وشيعوه إلى منزله).

وانصرف الإمامعليه‌السلام ، وفي نفس الطريق أسرّ إلى المأمون فبشره

____________________

(1) المحتد: الأصل.

(2) العاني: الغفير.

٢٢٤

بالخلافة، وقال له:

(إذا ملك هذا الأمر فأحسن إلى ولدي).

ومضى الإمام مشيَّعاً من قبل أبناء هارون إلى منزله، ورجع المأمون إلى منزله، فلما خلا المجلس من الناس التفت إلى أبيه قائلاً:

(يا أمير المؤمنين من هذا الرجل الذي قد أعظمته، وأجللته وقمت من مجلسك إليه، فاستقبلته، وأقعدته في صدر المجلس، وجلست دونه، ثم أمرتنا بأخذ الركاب له؟).

فقال هارون:

(هذا إمام الناس، وحجّة الله على خلقه، وخليفته على عباده...).

وبهر المأمون فقال لأبيه: (يا أمير المؤمنين أليست هذه الصفات لك وفيك؟).

فأجابه هارون بالواقع قائلاً: (أنا أمام الجماعة في الظاهر والغلبة والقهر، وموسى بن جعفر إمام حق، والله يا بني إنّه لاحق بمقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منى ومن الخلق جميعاً، ووالله إن نازعتني هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناك، فإنّ الملك عقيم).

ولـمّا أراد الرشيد الانصراف من المدينة إلى بغداد أمر بصرة فيها مائتا دينار، وقال للفضل بن الربيع اذهب بها إلى موسى بن جعفر، وقل له: يقول لك أمير المؤمنين: نحن في ضيقة، وسيأتيك برنا بعد الوقت، فقام المأمون، وقال لأبيه: (تعطي أبناء المهاجرين والأنصار وسائر قريش، ومن لا تعرف حسبه ونسبه خمسة آلاف دينار ما دونها، وتعطي موسى بن جعفر، وقد عظمته، وجللته مائتي دينار أخسّ عطية أعطيتها أحدا من الناس).

فزجره هارون، وقال له:

(اسكت لا أُمّ لك، فإنّي لو أعطيت هذا ما ضمنته له، ما كنت آمنه أن يضرب وجهي غداً بمائة ألف سيف من شيعته ومواليه، وفقر هذا وأهل بيته أسلم لي ولكم من بسط أيديهم وأعينهم).

وأعرب هارون عن خشيته من الإمامعليه‌السلام ، وقضت سياسته في

٢٢٥

محاربته اقتصاديا لئلا يقوى على مناهضته وكان في المجلس مخارق المغني فتألم وانبرى إلى هارون قائلاً: (يا أمير المؤمنين، قد دخلت المدينة، وأكثر أهلها يطلبون مني شيئا، وإن خرجت ولم أقسم فيهم شيئا لم يتبيّن لهم فضل أمير المؤمنين علي، ومنزلتي عنده).

فأمر له هارون بعشرة آلاف دينار، فقال له مخارق: (يا أمير المؤمنين هذا لأهل المدينة، وعلى دين احتاج أن أقضيه).

فأمر له بعشرة آلاف دينار، ثم قال له: بناتي أريد أن أزوجهن فأمر له بعشرة آلاف دينار، وقال له: لا بد من غلّة تعطينيها ترد علي وعلى عيالي وبناتي فأمر له باقطاع(1) تبلغ وارداتها في السنة عشرة آلاف دينار، وأمر أن يعجل ذلك له، وقام مخارق مسرعا إلى بيت الإمام الكاظمعليه‌السلام ، فلمّا انتهى إليه استأذن على الإمام فأذن له فقال له: (قد وقفت على ما عاملك هذا الطاغية، وما أمر لك به، وقد احتلت عليه لك، وأخذت منه صلات ثلاثين ألف دينار وأقطاعا تغل في السنة عشرة آلاف دينار، ولا والله يا سيدي ما احتاج إلى شيء من ذلك، ما أخذته إلاّ لك وأنا اشهد لك بهذه القطاع، وقد حملت المال لك).

فشكره الإمامعليه‌السلام على ذلك، وقال له: (بارك الله لك في مالك، وأحسن جزاءك، ما كنت لآخذ منه درهماً واحداً، ولا من هذه الأقطاع شيئاً، وقد قبلت صلتك وبرّك، فانصرف راشداً ولا تراجعني في ذلك).

وقبل مخارق يد الإمامعليه‌السلام ، وانصرف عنه(2) .

وحكت هذه الرواية ما يلي:

1 - احتفاء الرشيد بالإمام الكاظمعليه‌السلام في حين أنّه لم يحفل بأي إنسان كان، فقد سيطر على أغلب أنحاء الأرض وسرى اسمه في الشرق والغرب.

2 - اعتراف هارون بأنّ الإمام الكاظمعليه‌السلام هو حجّة الله على

____________________

(1) الأقطاع: القطعة من الأرض الزراعية.

(2) عيون أخبار الرضا 1 / 88 - 93.

٢٢٦

العالمين وأنّه إمام هذه الأمة، وقائد مسيرتها الزمنية والروحية، وأنّ هارون زعيم هذه الأمة بالقهر والغلبة لا بالاستحقاق.

3 - حرمان الإمام الكاظم من العطاء الذي يستحقه؛ وذلك من أجل أن لا يقوى على مناهضة هارون والخروج على سلطانه.

4 - إعطاء المغني (مخارق) الأموال الطائلة، وحرمان أبناء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من حقوقهم التي نهبها هؤلاء البغاة... هذه بعض المعالم في هذه الرواية:

رد فدك للعلويين:

من الأمور التي يستند القائلون إلى تشيّع هارون ردّه لـ‍ (فدك) للعلويين بعد أن صادرتها الحكومات السابقة منهم، وكان الغرض من مصادرتها إشاعة الفقر والحرمان بين العلويين، وفرض الحصار الاقتصادي عليهم كي لا يتمكّنوا من مناهضة أولئك الحكّام، وقد قام المأمون بردّها عليهم، وقد رفع عنهم الضائقة الاقتصادية التي كانت آخذة بخناقهم، وقد مدحه شاعر أهل البيت دعبل الخزاعي على هذه المكرمة التي أسداها على العلويين بقوله:

أصبح وجه الزمان قد ضحكا

بردّ مأمون هاشم فدكا

واعتبر الكثيرون من الباحثين هذا الإجراء دليلاً على تشيّع المأمون.

إشادته بالإمام أمير المؤمنين:

وأشاد المأمون بالإمام أمير المؤمنين رائد الحق والعدالة في الإسلام، فقد كتب إلى جميع الآفاق بان علي بن أبي طالبعليه‌السلام أفضل الخلق بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (1) ، وقد روى الصولي أشعاراً له في فضل الإمام أمير المؤمنين عليه كان منها ما يلي:

لا تقبل التوبة من تائب

إلاّ بحب ابن أبي طالب

أخو رسول الله حلف المهدي

والأخ فوق الخل والصاحب

إن جمعا في الفضل يوماً فقد

فاق أخوه رغبة الراغب

فقدم الهادي في فضله

تسلم من اللائم والعائب

ومن شعره الذي يرد به على مَن عابه في قربه لأبناء النبي (ص) يقول:

____________________

(1) تذكرة الخواص (ص 366).

٢٢٧

ومن غاو يغص عليّ غيظاً

إذا أدنيت أولاد الوصي

فقلت: أليس قد أوتيت علماً

وبان لك الرشيد من الغوي

وعرفت احتجاجي بالمثاني

وبالمعقول والأثر القوي

بأيّة خلّة وبأيّ معنى

تفضّل ملحدين على علي

علي أعظم الثقلين حقّاً

وأفضلهم سوى حق النبي(1)

ومن شعره قاله في أهل البيتعليهم‌السلام هذه الأبيات:

إن مال ذو النصب إلى جانب

ملت مع الشيعي في جانبِ

أكون في آل بني الهدى

خير بني من بني غالبِ

حبهم فرض نؤدّي به

كمثل حج لازم واجب(2)

وهذا الشعر صريح في ولائه لأهل البيتعليهم‌السلام وتقديمه بالفضل على غيرهم.

وروى له الصولي هذه الأبيات في الإمام عليعليه‌السلام :

ألام على حب الوصي أبي الحسن

وذلك عندي من عجائب ذي الزمن

خليفة خير الناس والأول الذي

أعان رسول الله في السر والعلن

ولولاه ما عدت لهاشم إمرة

وكانت على الأيام تقضي وتمتهن

فولى بني العباس ما اختص غيرهم

ومن منه أولى بالتكرّم والمنن

فأوضح عبد الله بالبصرة الهدى

وفاض عبيد الله جوداً على اليمن

وقسم أعمال الخلافة بينهم

فلا زال مربوطاً بذا الشكر مرتهن(3)

وحكى هذا الشعر الأيادي البيضاء التي أسداها الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى الأسرة العباسية حينما ولي الخلافة فقد قلد ولاية (البصرة) إلى عبد الله بن العباس، وكان وزيره ومستشاره الخاص، كما قلد عبيد الله بن العباس ولاية اليمن، ولكن الأسرة العباسية قد تنكرت لهذا المعروف فقابلت أبناء الإمام بالقتل والتنكيل وارتكبت معهم ما لم ترتكبه معهم الأسرة الأموية وقد أوضحنا في

____________________

(1) المحاسن والمساوئ 1 / 105 للبيهقي.

(2) تذكرة الخواص (ص 367).

(3) تذكرة الخواص (ص 366).

٢٢٨

هذا الكتاب جوانب كثيرة من اضطهادهم للسادة العلويين، فلم يرعوا فيهم أنّهم أبناء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّهم وديعته في أمته، فعمدوا إلى قتلهم تحت كل حجر ومدر.

ونسب إلى المأمون هذان البيتان:

إذا المرجّى سرّك أن تراه

يموت لحينه من قبل موته

فجدّد عنده ذكرى عليٍّ

وصلِّ على النبي وآل بيته

فردّ عليه إبراهيم بن المهدي المعروف بابن شكلة:

إذا الشيعي جمجم في مقال

فسرّك أن يبوح بذات نفسه

فصلّ على النبي وصاحبيه

وزيريه وجاريه برمسه(1)

ومن الطريف ما ذكره الصولي أنّه كان مكتوباً على سارية من سواري جامع البصرة:

(رحم الله عليّا

إنّه كان تقيّا)

وكان يجلس إلى تلك السارية حفص أبو عمر الخطابي وكان أعور فعمد إلى محو ذلك، وكتب بعض المجاورين إلى الجامع إلى المأمون يخبره بمحو الخطابي للكتابة، فشقّ على المأمون ذلك، وأمر بإشخاصه إليه، فلمّا مثل عنده قال له:

(لم محوت اسم أمير المؤمنين من السارية؟).

فقال الخطابي: (وما كان عليها؟).

قال المأمون: كان عليها:

(رحم الله عليّا

انه كان تقيّا)

فقال: إنّ المكتوب رحم الله عليا إنّه كان نبيّا، فقال المأمون كذبت، بل كانت القاف أصح من عينك الصحيحة، ولولا أن أزيدك عند العامة نفاقاً لأدبتك، ثم أمر بإخراجه(2) .

____________________

(1) مروج الذهب 3 / 329.

(2) تذكرة الخواص (ص 367).

٢٢٩

انتقاصه لمعاوية:

واستدلّ القائلون بتشيّع المأمون إلى أنّه أمر بسب معاوية بن هند وانتقاصه في جميع أنحاء العالم الإسلامي، فقد أمر أن ينادي المنادي (أن برئت الذمّة من أحد من الناس ذكر معاوية بخير أو قدمه على أحد من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله )(1) .

وهذا لا يصلح دليلاً على تشيّع المأمون؛ لأنّ معاوية قد انكشف، وظهر واقعه، فقد تسالمت على قدحه جميع الأوساط، وأنّه الخصم اللدود للإسلام، وأنّه صاحب الأحداث والموبقات.

استدلاله على إمامة الإمام علي:

ومن أهم ما استدل به القائلون على تشيّع المأمون عقده للمؤتمرات العلمية، واستدلاله ببالغ الحجة على إمامة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام وانه القائد الأول للمسيرة الإسلامية بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو أولى بمقامه، وأحق بمركزه من غيره.

ومن أروع المؤتمرات التي أقامها المأمون في بلاطه، ومن أكثرها أهمية هذا المؤتمر الذي حضره أربعون من علماء الحديث، وعلماء الكلام انتخبهم يحيى بن أكثم من بين علماء بغداد، وقد أدلوا بحججهم على ما يذهبون إليه من تفضيل الخلفاء على الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام إلاّ أنّ المأمون فنّد حججهم بأدلة حاسمة دلّت على براعته واطلاعه الواسع في البحوث الكلامية، ونحن ننقل النص الكامل لهذه المناظرة الرائعة لما لها من الأهمية البالغة، وفيما يلي ذلك:

المأمون:

ولـمّا مثل العلماء أمام المأمون، التفت إليهم بعد ترحيبه بهم، فقال لهم: (إنّي أريد أن أجعلكم بيني وبين الله تبارك وتعالى في يومي حجّة، فمن كان حاقناً(2) أو له حاجة فليقم إلى قضاء حاجته، وانبسطوا، وسلوا خفافكم، وضعوا أرديتكم).

____________________

(1) مروج الذهب 3 / 361.

(2) الحاقن: الذي يضايقه البول.

٢٣٠

ففعلوا ما أمرهم به، والتفت المأمون لهم قائلاً: (أيّها القوم إنّما استحضرتكم لأحتج بكم عند الله تعالى، فاتقوا الله وانظروا لأنفسكم، وإمامكم، ولا يمنعكم جلالتي، ومكاني من قول الحق حيث كان، ورد الباطل، على من أتى به، وأشفقوا على أنفسكم من النار، وتقرّبوا إلى الله تعالى، برضوانه، وإيثار طاعته، فما أحد تقرب إلى مخلوق بمعصية الخالق، إلاّ سلّطه الله عليه، فناظروني بجميع عقولكم.

إنّي رجل أزعم أنّ عليّاًعليه‌السلام خير البشر بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإن كنت مصيباً فصوّبوا قولي، وإن كنت مخطئاً فردّوا عليّ وهلمّوا، فإن شئتم سألتكم، وإن شئتم سألتموني...).

وليس في هذا الكلام أي التواء، أو خروج عن المنطق، وإنّما صاحبه يريد الحقيقة الناصعة.

علماء الحديث:

وسارع علماء الحديث قائلين: (بل نحن نسألك...).

وانبرى المأمون فأرشدهم إلى طريق الحوار قائلاً: (هاتوا وقلدوا كلامكم رجلاً واحداً منكم، فإذا تكلّم فإن كان عند أحدكم زيادة فليزده وإن أتى بخلل فسدّدوه...)

الدليل الأوّل:

وأدلى عالم من علماء الحديث بحجّته على أنّ أبا بكر هو خير هذه الأمة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قائلاً:

(نحن نزعم أنّ خير الناس بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أبو بكر، من قبل الرواية المجمع عليها جاءت عن الرسول (ص) قال: (اقتدوا بالذين من بعدي أبو بكر وعمر) فلما أمر نبي الرحمة بالاقتداء بهما، علمنا أنّه لم يأمر بالاقتداء إلاّ بخير الناس...).

جواب المأمون:

وناقش موضوع الحديث المنسوب إلى النبي (ص) نقاشاً موضوعياً فقال: (الروايات كثيرة، ولا بد من أن تكون كلها حقاً، أو كلها باطلاً، أو بعضها

٢٣١

حقاً، وبعضها باطلاً، فلو كانت كلها حقاً، كانت كلها باطلاً من قبل أن بعضها ينقض بعضها، ولو كانت كلها باطلاً كان في بطلانها بطلان الدين، ودرس الشريعة(1) فلمّا بطل الوجهان ثبت الثالث بالاضطرار، وهو أنّ بعضها حق، وبعضها باطل، فإذا كان كذلك فلا بد من دليل على ما يحق منها، ليعتقد، أو ينفي خلافه، فإذا كان دليل الخبر في نفسه حقاً كان أولى ما اعتقده، وأخذ به.

وروايتك هذه من الأخبار التي أدلتها باطلة في نفسها، وذلك أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أحكم الحكماء، وأولى الخلق بالصدق، وأبعد الناس من الأمر بالمحال، وحمل الناس على التدين بالخلاف، وذلك أنّ هذين الرجلين لا يخلو من أن يكونا متفقين من كل جهة كانا واحداً في العدد والصفة والصورة والجسم، وهذا معدوم أن يكون اثنان بمعنى واحد من كل جهة.

وإن كانا مختلفين فكيف يجوز الاقتداء بهما، وهذا تكليف بما لا يطاق؛ لأنّك إذا اقتديت بواحد خالفت الآخر، والدليل على اختلافهما، أنّ أبا بكر سبى أهل الردة، وردّهم عمر أحراراً، وأشار عمر بعزل خالد لقتله مالك بن نويرة فأبى أبو بكر عليه، وحرم عمر المتعتين ولم يفعل ذلك أبو بكر، ووضع عمر ديوان العطية، ولم يفعله أبو بكر، واستخلف أبو بكر ولم يفعل ذلك عمر، ولهذا نظائر كثيرة...).

وردّ المأمون وثيق للغاية، فقد زيف الحديث، وأثبت أنّه من الموضوعات، ولا نصيب له من الصحّة.

الدليل الثاني:

وانبرى عالم آخر من علماء الحديث فاستدل على أفضلية الشيخين وتقدّمهما على الإمام أمير المؤمنين بالحديث المنسوب إلى النبي (ص).

قال: (إنّ النبي (ص) قال: لو كنت متخذاً خليلا لاتخذت أبا بكر خليلاً...).

جواب المأمون:

وزيف المأمون هذا الحديث قائلاً: هذا مستحيل من قبل أنّ رواياتكم قد صرّحت أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، آخى بين أصحابه، وأخّر عليّاً

____________________

(1) أي إماتة الشريعة.

٢٣٢

عليه‌السلام ، فقال له: في ذلك فقال: وما أخرّتك إلاّ لنفسي، فأيّ الروايتين ثبتت بطلت الأخرى...).

إنّ مناقشة المأمون للحديث مناقشة موضوعية ليس فيها أي تحيّز، وإنّما كانت خاضعة للدليل الحاسم.

الدليل الثالث:

وانبرى محدّث آخر فقال: إنّ عليّاًعليه‌السلام قال على المنبر: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر...).

مناقشة المأمون:

وناقش المأمون هذا الحديث قائلاً: هذا مستحيل لأنّ النبي (ص) لو علم أنّهما أفضل ما ولى عليهما مرة عمرو بن العاص ومرة أسامة بن زيد، وممّا يكذب هذه الرواية قول علي لـمّا قبض النبي (ص): وأنا أولى بمجلسه منّي بقميصي، ولكن أشفقت أن يرجع الناس كفّاراً، وقولهعليه‌السلام : أنّى يكونان خيراً مني؟ وقد عبدت الله قبلهما، وعبدته بعدهما، وأبطل المأمون الحديث، وبين زيفه، فلم يصلح لأن يكون دليلاً للخصم.

الدليل الرابع:

وقال عالم من علماء الحديث: إنّ أبا بكر أغلق بابه وقال: هل من مستقيل فأقيله، فقالعليه‌السلام : قدّمك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فمَن ذا يؤخرك؟).

ردّ المأمون للحديث:

ورد المأمون الحديث قائلاً: هذا باطل لأنّ عليّاًعليه‌السلام قعد عن بيعة أبي بكر، ورويتم أنّه قعد عنها حتى قبضت فاطمةعليها‌السلام ، وأنّها أوصت أن تدفن ليلاً لئلاّ يشهدا جنازتها.

ووجه آخر وهو أنّ النبي (ص) لو كان استخلفه فكيف كان له أن يستقيل، وهو يقول للأنصار: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين أبا عبيدة وعمر...).

الدليل الخامس:

وقال عالم آخر: إنّ عمرو بن العاص قال: يا نبي الله مَن أحب الناس إليك

٢٣٣

من النساء؟ قال: عائشة، فقال: من الرجال؟ فقال: أبوها...).

ردّ المأمون:

ورد المأمون هذا الحديث فقال: هذا باطل لأنّكم رويتم أن النبي (ص) وضع بين يديه طائر مشوي، فقال: اللّهمّ ايتني بأحبّ خلقك إليك، فكان عليّاً، فأي رواياتكم تقبل؟).

إنّ حديث الطائر المشوي مجمع عليه، وهو يدل بوضوح على أنّ الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام أحبّ الخلق عند الله، وأقربهم إليه.

الدليل السادس:

وانبرى عالم آخر فقال: (إنّ عليّاً قال: مَن فضلني على أبي بكر وعمر جلدته حد المفتري...).

جواب المأمون:

وأجاب المأمون عن هذا الحديث المنسوب إلى الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام بقوله:

(كيف يجوز أن يقول علي: أجلد الحد على مَن لا يجب حد عليه، فيكون متعدّياً لحدود الله، عاملاً بخلاف أمره، وليس تفضيل من فضله عليهما فرية، وقد رويتم عن إمامكم أنّه قال: وليتكم ولست بخيركم، فأي الرجلين أصدق عندكم أبو بكر على نفسه، أو علي على أبي بكر، مع تناقض الحديث في نفسه، ولا بد له من أن يكون صادقاً أو كاذباً، فإن كان صادقاً فأنّى عرف ذلك بوحي؟ فالوحي منقطع أو بالتظنين فالمتظنّي متحيّر، أو بالنظر، فالنظر بحث وإن كان غير صادق، فمن المحال أن يلي أمر المسلمين، ويقوم بأحكامهم ويقيم حدودهم كذاب...).

الدليل السابع:

وقال عالم آخر: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة).

جواب المأمون:

قال المأمون: هذا الحديث محال لأنّه لا يكون في الجنة كهل، ويروى أن (أشحمية) كانت عند النبي (ص) فقال: لا يدخل الجنة عجوز فبكت، فقال لها

٢٣٤

النبي (ص): إنّ الله تعالى يقول:( أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُباً أَتْرَاباً ) (1) فإن زعمتم أنّ أبا بكر ينشأ شاباً إذا دخل الجنة، فقد رويتم أنّ النبي (ص) قال للحسن والحسين: إنّهما سيّدا شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين وأبوهما خير منهما).

ومناقشة المأمون للحديث مناقشة منطقية غير خاضعة للأهواء والتيارات المذهبية.

الدليل الثامن:

وقال عالم آخر من علماء الحديث: (إنّ النبي (ص) قال: لو لم أكن أبعث فيكم لبعث عمر...).

جواب المأمون:

قال المأمون في تفنيد هذا الحديث: هذا محال لأنّ الله تعالى يقول:( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ) (2) ، وقال تعالى:( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ) (3) ، فهل يجوز أن يكون من لم يؤخذ ميثاقه على النبوّة مبعوثاً؟ ومن أخذ ميثاقه على النبوّة مؤخراً؟...).

إنّ مناقشة المأمون لهذه الأحاديث مبنيّة على الفكر والمنطق وليس فيها ما يشذ عنهما.

الدليل التاسع:

وانبرى عالم آخر فأدلى بحجّته قائلاً: (إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نظر إلى عمر يوم عرفة فتبسم، فقال: إنّ الله تبارك وتعالى باهى بعباده عامة، وبعمر خاصة...).

جواب المأمون:

وقال المأمون في ردّه على هذا الحديث: هذا مستحيل لأنّ الله تبارك وتعالى لم يكن ليباهي بعمر ويدع نبيه، فيكون عمر في الخاصة والنبي في العامة.

وليست هذه الروايات بأعجب من روايتكم أنّ النبي (ص) قال: دخلت الجنة

____________________

(1) سورة الواقعة: آية 35 - 37.

(2) سورة النساء: آية 163.

(3) سورة الأحزاب آية 7.

٢٣٥

فسمعت خفق نعلين فإذا بلال مولى أبي بكر سبقني إلى الجنة، فقلتم: عبد أبي بكر خير من الرسول (ص) لأنّ السابق أفضل من المسبوق...).

الدليل العاشر:

وانبرى محدّث آخر فقال: إنّ النبي (ص) قال: لو نزل العذاب ما نجا إلاّ عمر بن الخطاب...).

جواب المأمون:

قال المأمون: هذا خلاف الكتاب أيضاً؛ لأنّ الله تعالى يقول لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ) (1) فجعلتم عمر مثل الرسول (ص)!!...).

الدليل الحادي عشر:

وقال محدث آخر: لقد شهد النبي (ص) لعمر بالجنة في عشرة من الصحابة.

مناقشة المأمون:

قال المأمون: لو كان كما زعمتم لكان عمر لا يقول لحذيفة: نشدتك بالله أمن المنافقين أنا؟ فإن كان قد قال له النبي: أنت من أهل الجنة، ولم يصدقه حتى زكاه حذيفة، فصدق حذيفة، ولم يصدق النبي (ص) فهذا على غير الإسلام، وإن كان قد صدق النبي (ص) فلم سأل حذيفة؟ وهذان الخبران متناقضان في أنفسهما).

الدليل الثاني عشر:

وقال عالم آخر: قال النبي (ص): (وضعت في كفّة الميزان ووضعت أمّتي في كفة أخرى فرجحت بهم، ثم وضع مكاني أبو بكر فرجح بهم، ثم عمر فرجح بهم ثم رُفع الميزان).

جواب المأمون:

وفنّد المأمون هذا الحديث فقال: هذا محال لأنّه لا يخلو من أن يكون أجسامهما أو أعمالهما، فإن كانت الأجسام فلا يخفى على ذي روح أنّه محال؛ لأنّه لا يرجح أجسامهما بأجسام الأمة، وإن كانت أفعالهما فلم تكن بعد فكيف بما ليس؟.

والتفت المأمون إلى العلماء فقال لهم:

____________________

(1) سورة الأنفال: آية 33.

٢٣٦

(أخبروني بماذا يتفاضل الناس؟).

وانبرى بعض العلماء فقال: (يتفاضلون بالأعمال الصالحة).

وعلّق المأمون على هذا الكلام قائلاً: (أخبروني ممّن فضل صاحبه على عهد النبي (ص)، ثم إنّ المفضول عمل بعد وفاة الرسول (ص) بأكثر من عمل الفاضل على عهد النبي (ص) ثم أيلحق به؟ فإن قلتم: نعم أوجدتكم في عصرنا هذا من هو أكثر جهاداً، وحجّاً، وصوماً، وصلاة، وصدقة من أحدهم...).

فانبروا جميعاً قائلين: (صدقت لا يلحق فاضل دهرنا بفاضل عصر النبي (ص)).

فقال لهم المأمون: (انظروا فيما روت أئمتكم الذين أخذتم عنهم أديانكم في فضائل عليعليه‌السلام وقيسوا إليها ما ورد في فضائل تمام العشرة الذين شهدوا لهم بالجنة فإن كانت جزءاً من أجزاء كثيرة فالقول قولكم، وإن كانوا قد رووا في فضائل عليعليه‌السلام أكثر فخذوا عن أئمتكم ما رووا ولا تتعدّوه...).

وحار القوم في الجواب، فقد سدّ عليهم المأمون كل ثغرة يسلكون فيها للدفاع عمّا يذهبون إليه، والتفت إليهم المأمون قائلاً:

(ما لكم سكتّم؟...).

فقالوا: (قد استقصينا)، إذ لم تبق عندهم حجّة يتمسّكون بها، فقال لهم المأمون: (إنّي سائلكم، أخبروني أي الأعمال كان أفضل يوم بعث الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ...).

فقالوا جميعاً: (السبق إلى الإسلام؛ لأنّ الله تعالى يقول:( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (1) ...).

____________________

(1) سورة الواقعة: آية 10 - 11.

٢٣٧

وسارع المأمون قائلاً: (فهل علمتم أحداً أسبق من علي إلى الإسلام؟...).

وارتفعت أصواتهم قائلين: (إنّه - أي علي - سبق حدثاً لم يجر عليه حكم، وأبو بكر أسلم كهلاً قد جرى عليه الحكم - أي التكليف - وبين هاتين الحالتين فرق...).

وأجاب المأمون قائلاً: (خبروني عن إسلام علي بالهام من قبل الله تعالى أم بدعاء النبي (ص)؟ فإن قلتم: بإلهام فقد فضلتموه على النبي (ص)؛ لأنّ النبي لم يلهم بل أتاه جبرئيل عن الله تعالى داعياً، ومعرفاً، وإن قلتم بدعاء النبي (ص) فهل دعاه من قبل نفسه أو بأمر الله تعالى، فإن قلتم: من قبل نفسه فهذا خلاف ما وصف الله تعالى به نبيّه في قوله:( وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ) (1) وفي قوله تعالى:( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى ) (2) ، وإن كان من قبل الله تعالى فقد أمر الله تعالى نبيّه (ص) بدعاء علي من بين صبيان الناس وإيثاره عليهم، فدعاه ثقة به، وعلماً بتأييد الله تعالى.

وخلّة أخرى: خبروني عن الحكيم هل يجوز أن يكلّف خلقه ما لا يطيقون، فإن قلتم: نعم فقد كفرتم، وإن قلتم: لا، فكيف يجوز أن يأمر نبيه (ص) بدعاء من لا يمكنه قبول ما يؤمر به لصغره وحداثة سنّه، وضعفه عن القبول.

وعلّة أخرى هل رأيتم النبي (ص) دعا أحداً من صبيان أهله وغيرهم فيكونوا أسوة مع علي، فإن زعمتم أنّه لم يدع أحداً غيره، فهذه فضيلة لعلي على جميع صبيان الناس).

والتفت المأمون إلى العلماء فقال لهم: (أي الأعمال بعد السبق إلى الإيمان؟...).

فقالوا جميعاً: (الجهاد في سبيل الله...).

وانبرى المأمون يقيم عليهم الحجّة في تقديم الإمام علي غيره بالفضل قائلاً:

____________________

(1) سورة الواقعة: آية 10 - 11.

(2) سورة ص: آية 3 - 4.

٢٣٨

هل تجدون لأحد من العشرة في الجهاد ما لعليعليه‌السلام في جميع مواقف النبي (ص) من الأثر؟ هذه (بدر) قتل من المشركين فيها نيف وستون رجلاً، قتل علي منهم نيفاً وعشرين، وأربعون لسائر الناس...).

وانبرى عالم من علماء الحديث فقال: (كان أبو بكر مع النبي (ص) في عريشه يدبّرها).

فردّ عليه المأمون قائلاً: (لقد جئت بهذا عجيبة!! كان يدبّر دون النبي (ص) أو معه فيشركه، أو لحاجة النبي (ص) إلى رأي أبي بكر؟ أي الثلاث أحب إليك؟).

وأجاب العالم: (أعوذ بالله من أن أزعم أنّه يدبّر دون النبي (ص) أو يشركه أو بافتقار من النبي إليه).

(وردّ عليه المأمون قائلاً: فما الفضيلة في العريش؟ فإن كانت فضيلة أبي بكر بتخلّفه عن الحرب، فيجب أن يكون كل متخلّف فاضلاً أفضل من المجاهدين والله عزّ وجل يقول:( لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً ) (1) .

ووجّه المأمون خطابه إلى إسحاق بن حماد بن زيد، وهو من كبار علماء الحديث فقال له: (اقرأ سورة هل أتى).

وأخذ إسحاق في قراءة السورة فلمّا انتهى إلى قوله تعالى:( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إلى قوله:وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً ) (2) .

قال له المأمون:

____________________

(1) سورة النساء: آية 95.

٢٣٩

(فيمَن نزلت هذه الآيات؟).

(في علي...).

وانبرى المأمون قائلاً: (هل بلغك أنّ عليّاًعليه‌السلام قال حين أطعم المسكين واليتيم والأسير( إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً ) (1) على ما وصف الله تعالى في كتابه.

(لا...).

(إنّ الله تعالى عرف سريرة علي ونيّته فاظهر ذلك في كتابه تعريفا لخلقه أمره...

هل علمت أنّ الله تعالى وصف في شيء ممّا وصف في الجنة، ما في هذه السورة:( قوارير من فضة... ) .

(لا...).

(فهذه فضيلة أخرى، كيف تكون القوارير من فضة؟).

(لا أدري).

(يريد كأنّها من صفائها من فضة يرى داخلها كما يرى خارجها، وهذا مثل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (يا إسحاق رويدا شوقك بالقوارير) وعنى به نساء كأنّها القوارير رقّة، وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (ركبت فرس أبي طلحة فوجدته بحراً) أي كأنّه بحر من كثرة جريه وعدوه، وكقول الله تعالى:( وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ) (2) أي كأنّه يأتيه الموت، ولو أتاه من مكان

واحد مات.

يا إسحاق ألست ممّن يشهد أنّ العشرة في الجنة؟).

(بلى...).

(أرأيت لو أنّ رجلاً قال: ما أدري أصحيح هذا الحديث أم لا أكان عندك

____________________

(1) سورة الدهر: آية 9.

(2) سورة إبراهيم: آية 17.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

٣ - ومن هذا الباب - إسماعيل -

٤٥ - إسماعيل بن أبي خالد - محمد بن مهاجر... بن عبيد الازدي)(١)

روى ابوه عن ابي جعفر (ع)(٢) .

____________________

(١) ونحوه بتمامه في الفهرست ص ١٠ إلا انه قال: من أهل الكوفة من أصحابنا رحمهم الله. وفي لسان الميزان ج ١ ص ٤٣٤ إسماعيل بن محمد بن مهاجر بن عبيد الازدي الكوفى ذكره الطوسي في رجال جعفر الصادق (ع) قال: وقد روى عن الباقر (ع) وصنف كتاب القضايا بوبه وهذبه.

(٢) وكذا في الفهرست والمعالم وعده في رجاله من اصحاب الصادق (ع) ص ٣٠٢ / ٣٤٤: قائلا محمد بن مهاجر بن عبيد الازدي ابو خالد الكوفى. وروى المشايخ باسناد حسن عن ابن ابي عمير عن محمد بن مهاجر عن أمه أم سلمة قالت سمعت أبا عبدالله (ع) يقول كان رسول الله صلى الله عليه وآله الحديث (كما في التهذيب ج ٣ عن الكافي ج ١ / ٤٩ والفقيه ج ١ / ١٠٠).

٣٤١

وروى هو عن(١) ابي عبدالله (ع)(٢) وهما ثقتان من أصحابنا ض الكوفيين.ذكر بعض أصحابنا إنه وقع اليه كتاب القضايا لاسماعيل مبوب(٣) .

____________________

(١) ظاهر المتن والفهرست عدم روايته عن ابي جعفر (ع) لكن الشيخ عده في أصحابه (ع) ص ١٠٥ / ٢٥ قائلا: إسماعيل ابن ابي خالد. ويمكن إتحاده مع إسماعيل ابي أحمد الكاتب الكوفى الذي ذكره أيضا في أصحاب الباقر (ع) ١٠٥ / ٢١.

(٢) قال الشيخ في اصحابه ص ١٤٨ / ١٢٤: إسماعيل بن ابي خالد وإسمه محمد بن مهاجر الازدي الكوفي اسند عنه. وفي آخر باب ابطال العول من التهذيب ج ٩ / ٢٦٨ / ٩٧٣ قال: وفي كتاب ابي نعيم الطحان رواه عن شريك عن إسماعيل بن ابي خالد عن حكيم ابن جابر الخ.ورواه في الاستبصار ج ٤ / ١٧٠ والكافى ج ٢/ ٢٥٦.

(٣) قال في الفهرست: ولا سماعيل كتاب القضايا مبوب، أخبرنا به احمد بن محمد بن موسى قال اخبرنا احمد بن محمد بن سعيد قال حدثنا محمد بن سالم بن عبدالرحمان عن الحسين بن محمد بن علي الازدى عن أبيه عن اسماعيل.قلت: الطريق ضعيف بمحمد بن سالم المجهول ومحمد بن علي الازدي المهمل في الرجال.

وفي مجمع الرجال اخبرنا حميد وسالم بن عبدالله فلاحظ النسخ.

٣٤٢

٤٦ - إسماعيل بن أبي زياد - يعرف بالسكوني الشعيري(١)

____________________

(١) لم يعرف له في كتب الاصحاب وغيرهم ولا في الروايات كنية وانما يعرف بأبيه وبنسبته.وظاهر الاخبار وكلام أصحابنا ان اباه مسلم ويكنى بأبي زياد بلا خلاف أجده وقد صرح بذلك البرقي في رجاله في اصحابه الصادق / ٢٨ وايضا الشيخ في اصحابه ص ١٤٩ / ٩٢ وفي الفهرست ص ١٣ / ٣٨ وابن شهر اشوب في المعالم ص ٩ وغيرهم بل الصدوق في المشيخة ذكره باسمه.ومن العامة الذهبي في ميزان الاعتدال ج ١ ص ٣٣١ بل وص ٢٣٠ وابن حجر في لسان الميزان ج ١ ص ٤٠٦. وفي تهذب التهذيب ج ١ ص ٢٩٨ وغيرهم نعم يظهر ممن تقدم كلامه من العامة إختلاف في اسم ابيه وانه زياد. او ابي زياد مع تصريح غير واحد منهم الدار قطني بان إسماعيل بن ابي زياد هو إسماعيل بن مسلم السكوني بل لم يذكر بعضهم الا إسماعيل بن مسلم مثل ابن ابي حاتم الرازي في الجرح والتعديل فلاحظ. =

٣٤٣

____________________

= قلت: والمذكور في اكثر اخباره وان كان هو السكوني الا انه قد صرح باسمه وباسم ابيه في روايات كما فيما رواه الشيخ باسناده عن علي بن جعفر السكوني عن إسماعيل بن مسلم الشعيري عن جعفر (ع) في التهذيب ج ٣ ص ٢٥٦ / ٧١٣ وفي الحضال باسناده عن عبدالله بن المغيرة عن إسماعيل بن مسلم السكوني في ج ١ ص ١٠٠ / ٣٩ ومواضع عديدة وايضا عن محمد بن سعيد بن غزوان عن إسماعيل بن مسلم السكوني في ص ٦ / ٣٠ ومواضع عديدة وفي اصول الكافي ج ٢ / ١٠٨ باسناده عن جهم بن الحكم المدائني عن إسماعيل بن ابي زياد السكوني عن ابي عبدالله (ع) وفي التهذيب ج ١ في تلقين المحتضرين ص ٤٦٢ / ١٥١٠ عن محمد بن عيسى عنه عنه (ع). وفي ج ٦ ص ١٢٢ / ٢١٠ عن عبدالله بن المغيرة عن إسماعيل بن ابي زياد السكوني بل وفى مواضع عديدة من التهذيب والكافى والخصال وغيره وعن الحسين بن يزيد النوفلي وفضالة بن ايوب عنه ويطول بذكرها وبالتصريح بابيه وبلقبه معا في جملة من الروايات مع اتحاد الرواة عنه يعرف اتحاد الجميع فلاحظ.ثم انه يعرف إسماعيل هذا بالسكوني وهو كما قيل: نسبة إلى سكون كصبور حي من عرب اليمن ينتسبون إلى جدهم سكون بن أشرس بن ثور بن كندة. =

٣٤٤

____________________

= وقال ابن إدريس في السرائر في باب ميراث المجوس: السكوني بفتح السين منسوب إلى قبيلة من العرب عرب اليمن.قلت: لا ينافي ذلك كونه كوفيا كما يأتي. وقد أشرنا إلى ان المذكور اكثرا في الطرق والاسانيد هو السكوني الا انه بالتصريح بالاسم مع اتحاد الرواة عنه يعرف اتحاد الجميع.وفي بعض الاخبار نسب إلى الشعيري، وظاهر المتن انه يعرف بالسكوني الشعيري ولم احضر فيما وقفت عليه من اخباره على رواية جمع فيها بين النسبتين. وفي التهذيب ج ٤ ص ١٩١ / ٥٤٢ عن عبدالله ابن المغيرة عن إسماعيل بن ابي زياد الشعيري. وفي ج ١٠ ص ٧٠ / ٢٦٥ عن فضالة عن الشعيري عن ابي عبدالله (ع). وفي ج ٣ / ٢٥٦ / ٧١٣ عن علي بن جعفر السكوني عن إسماعيل بن مسلم الشعيري عن جعفر (ع). وفي المشيخة(٣١١) عن امية بن عمرو عن إسماعيل بن مسلم الشعيري. وصرح البرقي والشيخ في اصحاب الصادق (ع) بأن إسماعيل مصنفي أصحابنا مع التنبيه على الانحراف مذهبا لو كان. هذا على ما يظهر من ديباجة كتابيهما، وبأنه الظاهر من جملة رواياته حيث روى ما يدل على خلاف فتاوي العامة. =

٣٤٥

____________________

= قلت: لا مجال للتأمل في كونه عامي المذهب بعد تصريح جماعة بذلك كالشيخ في كتاب العدة ص ٦١.وقال ابن إدريس في ميراث المجوس من كتاب السرائر بعد ذكر خبر السكوني الذي اعتمد الشيخ عليه: راوي هذه الرواية التي اعتمدها هو إسماعيل بن أبي زياد السكوني ماحصلت فيه الطريق التي ادعاها شيخنا ولا الصفة التي إعتبرها بل هو عامي المذهب ليس هو من جملة الطائفة وهو غير عدل عنده الخ. وقال ايضا هناك: وهو عامي المذهب بغير خلاف وشيخنا ابوجعفرموافق على ذلك قائل به الخ. وقد صرح بكونه عاميا جماعة كثيرة من أعلام الطائفة كالمحقق في المعتبر وغيره والعلامة وابن داود وغيرهم بل ربما يومي إلى عدم كونه إماميا ما يأتي من الماتن رحمه الله في ترجمة ربيع بن سليمان بن عمرو(٤٣٣) قوله: كوفي.

صحب السكوني وأخذ عنه واكثر وهو قريب الامر في الحديث. بل يمكن ان يقال: ان ذكر العامة للسكوني في كتبهم بلا تعرض لتشيعه دليل على كونه عاميا، اذ لو كان فيه شئ يوهم تشيعه لرموه بذلك وشنعوا عليه ولما تكلفوا في تضعيفه بروايته المنكرات، قال ابن عدي: منكر الحديث.وقال ابن حبان: شيخ دجال لا يحل ذكره في الكتب الا على سبيل القدح فيه. وقال الدار قطني: متروك الحديث. ذكره الذهبي وابن حجر فلاحظ. ولم أجد في كلامهم وجها لضعف روايته.ولعل الوجه اكثاره الرواية عن ابي عبدالله (ع) وعن ائمة أهل البيت (ع) بواسطته (ع) فلاحظ تراجم نظائره من كتبهم. =

٣٤٦

____________________

= وأما ما ذكر تاييدا لكونه إماميا فكلها ضعيفة فان ظهور عدم تعرض النجاشي والشيخ في الفهرستين لمذهبه لا يقاوم النص على خلافه وقد فات منهما التعرض لامثاله كما لا يخفى على المتأمل. وأما أخبار السكوني فليس فيها ما يدل على كونه اماميا ابدا وروايته ما يخالف فتاوي العامة من مثله غير عزيزة بل يمكن ان يقال ان السكوني مع كثرة رواياته في ابواب الفقه ومسائلها وفي الاصول والتفسير والاخلاق والآداب والاحكام والاقضية وغيرها، لم نجد فيها شيئا يومئ إلى ايمانه ولم اقف بعد التأمل في رواياته على رواية له في ابواب الحجج المعصومين عليهم السلام وما يتعلق بهم، على انه لم يرو عن أبي عبدالله (ع) مع كثرة روايته شيئا يدل على سيرته واخلاقه.بل اسند ما رواه عنه ايضا إلى آبائه (ع) نعم روى ايمان ابي طالب (ع) كما في الكافى باب مولد النبي صلى الله عليه وآله ج ١ / ٤٤٩ / ٣٣ في الصحيح عن عبدالله بن المغيرة عن إسماعيل بن ابي زياد عن أبي عبدالله (ع) قال أسلم ابوطالب (ع) بحسب الجمل وعقد بيده ثلاثا وستين.وفى الكافي ج ٢ / ٩٥ والتهذيب ج ٨ / ١١٢ / ٣٨٧ باسنادهما عن فضالة بن ايوب عن السكوني قال: دخلت على ابي عبدالله (ع) وأنا مغموم مكروب، فقال لي يا سكوني مما غمك؟ قلت: ولدت لي ابنة. فقال ياسكوني على الارض ثقلها، وعلى الله رزقها، تعيش في غير أجلك، وتأكل من غير رزقك، فسرى والله عني، فقال لي ما سميتها؟ قلت: فاطمة. قال: آه آه - ثم وضع يده على جبهته - فقال (إلى ان قال): أما اذا سميتها فاطمة فلا تسبها ولا تلعنها ولا تضربها.ثم انه لا وجه لاستظهار كونه عاميا من قوله حدثني جعفر وأمثاله من تسميته بلا تكنيته كما تقدم نظيره عن نصر في ابراهيم بن عبدالحميد ص ٢٩٧، إذ مضافا إلى عدم دلالتها - أنه وجدنا بعد التأمل فيما بايدينا من اخباره كثرة تكنيته بقوله: أبي عبدالله (ع) او الصادق جعفر بن محمد بل هي اكثر مما وقفنا عليه من تسميته فقط حسب ما احصيناه فلا تغفل. =

٣٤٧

____________________

= وثاقته في الحديث: اعتمد كثير من أصحابنا على روايته حتى من صرح بكونه عاميا بل ربما يظهر ان المتوقف في روايته انما هو من يعتبر العدالة المتوقفة على الايمان ولا يكتفي في العمل بها كون الراوي ثقة الا اذا كانت محفوفة بقرينة من موافقة الاصحاب وغيرها ومنهم المحقق رحمه الله في نكت النهاية والمعتبر فقد ضعف روايته في جملة من المسائل بكونه عاميا وذلك حيث لم تكن محفوفة بقرينة أخرى بل في مسألة من احدث يوم الجمعة في الجامع ومنعه الزحام ص ١١٠ ضعف روايته ثم قال: فقال ابوجعفر بن بابويه: لا اعمل بما يتفرد به السكوني.(قلت: ذكره ابن بابويه في ميراث المجوس من الفقيه ص ٥٦٩ وقد استند شيخ الطائفة بها في ميراث التهذيب ج ٩ ص ٣٦٤ والاستبصار ج ٤ ص ١٨٩) ولكن مع هذا كله فقد عمل بروايته في مواضع من كتبه وصرح بذلك في طهارة دم السمك ص ١١٧ من المعتبر وفي تقدم الامام الاصل في صلاة الجنازة ص ٢٢٠ وغير ذلك وصرح بوجه العمل بروايته وانه ثقة وان كان عاميا كما في دم النفاس ص ٦٧ وقد حققنا ذلك في كتابنا في رجال المعتبر.وعنه رحمه الله في المسائل الغرية: ان السكونى وان كان عاميا فهو من ثقات الرواة. وقال شيخنا ابوجعفر رحمه الله في مواضع من كتبه: ان الامامية مجتمعة على العمل بما يرويه السكوني وعمار ومن ماثلهما من الثقات انتهى ما حكى عنه.قلت: لم أقف على هذا الكلام بلفظه في كتب الشيخ (ره) فهو عول على حكايته (ره) نعم هو ظاهر كلامه المتقدم فانه بعد الفراغ عن اثبات حجية اخبار الآحاد اذا كان رواتها الثقات وغير المطعونين تصدي في الفصل الحادي عشر من كتاب العدة لذكر قرائن صحة الاخبار والمرجحات =

٣٤٨

____________________

= للمتعارضين منها وذكر منها العدالة ثم قال: وأما العدالة المراعاة في ترجيح أحد الخبرين على الآخر فهو ان يكون الراوي معتقدا للحق مستبصرا ثقة في دينه متخرجا من الكذب غير متهم فيما يرويه. فأما اذا كان مخالفا في الاعتقاد لاصل المذهب وروى مع ذلك عن الائمة (ع) نظر فيما يرويه إلى ان قال: ولاجل ما قلناه عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث وغياث بن كلوب ونوح بن دراج والسكوني وغيرهم من العامة عن أئمتنا (ع) فيما لم ينكروه ولم يكن عندهم خلافه الخ.قلت: ومن تأمل في كلامه ظهر له ان مورد كلامه ثقات الرواة اذا فقدوا شرط العدالة المعتبرة في الترجيح وحصرهم في طوائف ثلاثة - العامية - فرق الشيعة المخطئة - فساق الشيعة عملا في غير النقل والحكاية وصرح في آخر كلامه بجواز العمل بخبر الطائفة الثالثة أيضا قال: لان العدالة المطلوبة في الرواية حاصلة فيه وانما الفسق بأفعال الجوارح يمنع عن قبول شهادته وليس بمانع عن قبول خبره ولاجل ذلك قبلت الطائفة اخبار جماعة هذه صفتهم.قلت: وانما اطلنا الكلام بذكره بطوله لما يظهر من غير واحد التأمل في صحة نسبة توثيق السكوني إلى الشيخ. ولم اجد بعد التأمل في كلام الشيخ طعنا في السكوني بغير ما عرفت حتى انه فيما رواه متفردا ومعارضا بغيره لم يطعن فيه سندا وانما جمع بينه وبين غيره من الروايات.هذا مع ان ابن ادريس الذي بالغ في الايراد على اعتماد الشيخ برواية السكوني في ميراث المجوس وقال: بل هو عامي المذهب ليس هو من جملة الطائفه وهو غير عدل عنده بل كافر فكيف اعتمد على روايته الخ لم يطعن فيه بعدم وثاقته. قلت ومراده بالكفر ما يقابل الايمان المتوقف على الولاية لا ما يقابل الاسلام.ومما ربما يويد به وثاقة السكوني في الحديث رواية ابن قولويه في كامل الزيارات عنه.وأيضا علي بن إبراهيم في تفسيره كثيرا وغيرهما ممن تقدم في المقدمة ان ظاهر كلامهم =

٣٤٩

____________________

= اختصاص كتبهم بذكر روايات الثقات على إشكال تقدم هناك وقد افتى الصدوق برواياته ومنها في نجاسة لبن الجارية في كتابه المقنع الذي قال في اوله: وحذفت الاسناد منه لئلا يثقل حمله ولا يصعب حفظه ولا يمله قاريه اذا كان ما ابينه فيه موجودا بينا عن المشايخ العلماء الفقهاء الثقات رحمهم الله.قلت وتقدم الكلام في ذلك ص ١١٠. وقد روى عنه أصحاب الاجماع مثل عبدالله بن بكير وفضالة وجميل بن دراج وعبدالله بن المغيرة كثيرا ويأتي في ترجمته انه ثقة لا يعدل به أحد من جلالته ودينه وورعه. روى السكوني عن ابي عبدالله (ع) كثيرا وكان اكثر رواياته عنه (ع) عن ابائه (ع).وروى عن جابر عن ابي جعفر الباقر (ع) كما في التهذيب ج ٧ / ٤٣٦ / ١٧٣٧ والكافي ج ٢ / ٨٦، وعن العوام كما ذكره البرقي.والظاهر انه عوام بن حوشب من اصحاب الصادق (ع)، وعن ضرار بن عمرو الشمشاطي عن سعد بن مسعود الكناني كما في جهاد التهذيب ج ٦ / ١٢٢ / ٢١٠، وعن الحكم بن عتيبة عن ابي عبدالله (ع) كما في الكافي ج ١ / ١٥٨ / ٢٣٩ وفي اصوله ج ٢ / ٦١٦ باسناده عن محمد بن عيسى عن السكونى عن علي بن إسماعيل الميثمي عن رجل عن ابي عبدالله (ع) قال الحديث.وروى عن السكوني جماعة. فمن أصحاب الصادق (ع) جميل بن دراج كما في الكافي ج ١ / ١٥٨، =

٣٥٠

____________________

= وابومحمد النوفلي كما في التهذيب ج ٣ / ٢٥٣ هذا بناء‌ا على ان المراد به عبدالله بن الفضل ابومحمد النوفلي الذي عد في اصحابه (ع)، وهرون بن الجهم كما في الكافي ج ١ / ٣٩ / ٥٩ وغير ذلك وفى التهذيب ج ٨ / ٢١٥، وعبدالله بن بكير كما في تيمم التهذيب ج ١ / ١٨٥ / ٥٣٤.ومن أصحاب الكاظم (ع) عبدالله بن المغيرة وروى عن السكوني كثيرا جدا، وفضالة ابن ايوب وله عنه روايات، وأمية بن عمرو الشعيري وله عنه روايات ويأتي في ترجمته: ان اكثر كتابه عن إسماعيل السكوني. ومن اصحابي الكاظم والرضا عليهما السلام ومن في طبقة اصحابهما سليمان بن جعفر الجعفري كما في باب فضل حامل القرآن من اصول الكافي ج ٢ / ٦٠٣، وجهم بن الحكم المدائني كما في كتاب المعيشة من الكافي ج ١ / ٣٤٧، وعلي بن جعفر السكوني كما في التهذيب ج ٣ / ٢٥٦، ومحمد ابن سعيد بن غزوان وقد روى عنه باسمه وبلقبه واسم ابيه وكنيته كثيرا، وما في جامع الرواة وغيره من رواية غزوان عن السكوني ففي غير محله.وما في التهذيب في فضل الجهاد ج ٦ / ١٢٢ في الصحيح عن محمد بن سعيد عن غزوان عن السكوني. فالظاهر ان (عن) فيه مصحف (ابن) بقرينة رواية محمد بن سعيد بن غزوان عنه كثيرا، والحسين ابن يزيد النوفلي وهو الذي روى كتابيه ورواياته، ومحمد بن عيسى كما في تلقين المحتضرين من التهذيب ج ١ ص ٤٦٢ / ١٥١٠، وربيع بن سليمان بن عمرو كما يأتي في ترجمته.وفي جامع الرواة: محمد ابن أحمد بن يحيى عن العباس عنه في باب التيمم.قلت: رواه الشيخ في باب التيمم من التهذيب ج ١ / ١٩٩ / ٥٧٨ لكن الظاهر سقوط الواسطة بينه وبين السكوني فقد روى العباس بن معروف عن أبي همام عن محمد بن سعيد بن غزوان عن السكوني كما في ٢٠١/ ٥٨٢ / و ٥٨٥ وفي / ١٩٤ / ٥٦١ وغير ذلك مما يطول بذكره.وفي التهذيب ج ٢ آخر باب فضل الصلاة ص ٢٤٣ محمد بن أحمد بن يحيى عن وهب او عن السكوني الخ.

٣٥١

له كتاب(١) قرأته على أبي العباس أحمد بن علي بن نوح قال أخبرنا الشريف أبومحمد الحسن بن حمزة قال حدثنا على بن إبراهيم ابن هاشم عن ابيه عن النوفلي عن إسماعيل بن أبي زياد السكونى الشعيري بكتابه(٢) .

____________________

(١) وفى الفهرست: له كتاب كبير، وله كتاب النوادر اخبرنا برواياته لخ.قلت: ظاهره ان رواياته غير كتابيه وفى تراجم جماعة ذكر طريقه إلى كتبهم ورواياتهم فلاحظ.وفى المعالم له كتاب كبير وله كتاب النوادر. وذكر ابن النديم في الفهرست ص ٣٢٢ في كتب مشايخ الشيعة الذين رووا الفقه عن الائمة (ع) وصنفوا كتبا في الاصول والفقه كتاب إسماعيل بن زياد.وقال محمد بن إدريس في السرائر في ميراث المجوس عند ذكر السكوني: وله كتاب يعد في الاصول. وهو عندى بخطي كتبته من خط ابن أبي اشناس البزاز وقد قرئ على شيخنا ابي جعفر (ره) وعليه خطه إجازة وسماعا لولده أبي علي ولجماعة رجال غيره.

(٢) وفي الفهرست: أخبرنا برواياته ابن أبي جيد عن محمد ابن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن إبرهيم بن هاشم عن الحسين بن يزيد النوفلي عن السكوني.وأخبرنا بها الحسين بن عبيدالله عن الحسن بن حمزة العلوي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن إسماعيل بن مسلم الشعيري.قلت: وذكر في المجمع عن الفهرست (خ ظ) (اخبرنا بهما في السند الثاني) وإستظهره باعتبار ذكر الكتابين في محله الا انه لا ينحصر التصحيح في ذلك ولعل النسخة كانت هكذا: أخبرنا بهما وبرواياته ابن أبي جيد الخ. فلاحظ. وروى الشيخ في التهذيبين عن النوفلي عن السكوني او عن السكوني ولكن لم يذكر في المشيخة طريقه اليهما ولعله اكتفى بما ذكره في الفهرست. وروى الصدوق في المشيخة(١٣٣) عن أبيه ومحمد بن الحسن رضى الله عنهما عن سعد بن عبدالله عن إبراهيم بن هاشم عن الحسين ابن يزيد النوفلي عن إسماعيل بن مسلم السكوني.قلت: الطرق إلى السكوني ينتهي إلى النوفلي ولم يصرح بتوثيق بل ضعف الا انه ربما يستفاد وثاقته من أمور تأتي ان شاء‌الله في ترجمته(٧٦) وروى الصدوق في المشيخة ايضا(٣١١) عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضى الله عنه عن سعد بن عبدالله عن أحمد بن هلال عن أمية بن عمرو عن إسماعيل بن مسلم الشعيري. ويأتي الكلام فيه في أمية بن عمرو الشعيري(٢٦٢) وهناك قول الماتن: أكثر كتابه عن إسماعيل السكوني.

٣٥٢

٤٧ - إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين عليه السلام(١)

سكن مصر(٢) .

____________________

(١) وفي الفهرست ص ١٠ نحو ما في المتن بتمامه بتفاوت يسير نشير اليه مثل زيادة علي بن أبي طالب (ع)، وقوله بعد آبائه (مبوبة) وفى المعالم ص ٧ نحوه.

(٢) وذلك بعد سنة عشرة ومأتين، اذ روى الكشي في ترجمة صفوان ص ٣١٢ باسناده عن معمر بن خلاد في حديث قال: ومات صفوان بن يحيى في سنة عشر ومأتين في المدينة وبعث اليه أبوجعفر (ع) بحنوطه وكفنه وأمر إسماعيل بن موسى (ع) بالصلاة عليه.

٣٥٣

وولده بها(١) .

____________________

(١) قال في عمدة الطالب ص ٢٣٢: والعقب من إسماعيل بن موسى الكاظم (ع) وهم قليلون، من موسى بن إسماعيل وحده فمن ولده جعفر بن موسى بن إسماعيل يعرف بابن كلثم ويقال لولده الكلثميون وهم بمصر منهم بنو السمسار، وبنو أبي العساف. وبنو نسيب الدولة، وبنو الوراق وهم بمصر ولشام إلى الآن. وذكر في منتقلة الطالبية فيمن انتقل من أولاد الكاظم (ع) بمصر ص ٢٩٧ جعفر بن موسى بن إسماعيل بن موسى الكاظم (ع).

قلت: وكان محمد بن محمد بن الاشعث بن هيثم ابوعلي الكوفي سكن مصر راوي كتاب الجعفريات يحدث بمصر لابراهيم بن محمد بن عبدالله القرشي عن أبي الحسن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر (ع) عنه عن ابيه (ع).وروى عنه عن آبائه عن النبي صلى الله عليه وآله فضل زيارة قبره كما في التهذيب ج ٦ ص ٣ وغير ذلك من الاحاديث. قال المفيد رحمه الله في آخر باب عدد اولاد ابي الحسن موسى (ع) ص ٣٠٣: ولكل واحد من ولد أبي الحسن موسى (ع) فضل ومنقبة مشهورة. وكان الرضا (ع) المقدم عليهم في الفضل. وذكره أيضا في كشف الغمة ج ٣ ص ٣٠. كان اسماعيل من أصحاب أبيه أبي الحسن موسى (ع) وروى عنه عن آبائه (ع) أخبار كتاب الجعفريات. وروى عنه فضل زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله كما في التهذيب ج ٦ ص ٣ وكامل الزيارات ص ١٤ وغير ذلك من الاخبار. وكان مع أبيه (ع) في عمرة كما رواه الاربلي في كشف الغمة ج ٣ ص ٣٦. وقال: رأيت العبد الصالح (ع) على الصفا يقول إلهي في أعلى عليين إغفر لعلي بن يقطين. رواه الكشي في غير بعيد فقد ذكر فيه أبواب النفقات والطلاق واللواحق وقال ابن طاووس في الاقبال في فضل تعظيم التلفظ بشهر رمضان: رأيت ورويت في كتاب الجعفريات وهي ألف حديث باسناد واحد عظيم الشأن إلى مولانا موسى بن جعفر عن مولانا جعفر بن محمد عن مولانا علي بن أبي طالب صلى الله عليهم اجمعين الخ. وفي إجازة العلامة لبني زهرة إلى المصنفات ذكر كتاب الجعفريات وهي ألف حديث الخ. وقد أشير إلى هذا الكتاب ورواياته في كتب اصحابناغير بعيد فقد ذكر فيه أبواب النفقات والطلاق واللواحق وقال ابن طاووس في الاقبال في فضل تعظيم التلفظ بشهر رمضان: رأيت ورويت في كتاب الجعفريات وهي ألف حديث باسناد واحد عظيم الشأن إلى مولانا موسى بن جعفر عن مولانا جعفر بن محمد عن مولانا علي بن أبي طالب صلى الله عليهم اجمعين الخ. وفي إجازة العلامة لبني زهرة إلى المصنفات ذكر كتاب الجعفريات وهي ألف حديث الخ. وقد أشير إلى هذا الكتاب ورواياته في كتب اصحابنا

٣٥٤

وله كتب يرويها عن أبيه عن آبائه - منها كتاب الطهارة، كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب الصوم، كتاب الحج، كتاب الجنائز، كتاب الطلاق، كتاب النكاح، كتاب الحدود، كتاب الدعاء، كتاب السنن والآداب، كتاب الرؤيا.

٣٥٥

أخبرنا الحسين بن عبيدالله قال حدثنا ابومحمد سهل بن احمد بن سهل قال حدثنا ابوعلي محمد بن محمد الاشعث بن محمد الكوفى بمصر قرائة عليه قال حدثنا موسى بن اسماعيل بن موسى بن جعفر قال حدثنا ابي بكتبه(١) .

____________________

(١) وفي الفهرست أخبرنا بجميعها الحسين وذكر نحوه. وزاد بعد قرائة عليه (من كتابه) وفي آخره بعد ابي (اسماعيل).قلت: اما الحسين بن عبيدالله فهو من أجلاء المشايخ وتقدم الكلام في وثاقة مشايخ النجاشي.

واما سهل بن أحمد فيأتي في ترجمته(٤٩١) انه لا بأس به ويأتي ذكر ما قيل فيه. واما محمد بن محمد الاشعث الذي بسب روايته الكتاب او زيادته فيه سمى الكتاب ايضا بالاشعثيات فيأتي توثيقه في ترجمته(١٠٣٣). واما موسى بن إسماعيل فلم يصرح بتوثيق كما يأتي في ترجمته(١٠٩٣).قلت: وإلى كتاب إسماعيل بن موسى (الجعفريات) طرق.منها ما ذكره الشيخ فيمن لم يرو عنهم (ع) ص ٥٠٤ / ٧٥: قال: محمد بن داود بن سليمان الكاتب يكنى ابا الحسن، روى عنه التلعكبري وذكر ان إجازة محمد بن محمد بن الاشعث الكوفي وصلت إليه على يد هذا الرجل في سنة ثلاث عشرة وثلثمائة وقال سمعت منه في هذه السنة من الاشعثيات ما كمان إسناده متصلا بالنبي صلى الله عليه وآله. وما كان غير ذلك لم يروه عن صاحبه، وذكر التلعكبري: ان سماعه هذه الاحاديث المتصلة الاسانيد من هذا الرجل ورواية جميع النسخة بالاجازة عن محمد بن محمد بن الاشعث. وقال ليس لي من هذا الرجل إجازة.قلت: ولعل ما لم يكن منها متصلة الاسناد هو مارواه في كتاب الحج ممن روى عن جعفر بن محمد الصادق من رجال العامة على ما ذكره الماتن في ترجمته فلاحظ.وقال في ص ٥٠٠ / ٦٣: محمد بن محمد بن الاشعث الكوفى، يكنى أبا علي ومسكنه مصر في سقيفة جواد، يروى نسخة عن موسى بن اسماعيل بن موسى بن جعفر (ع) عن ابيه اسماعيل بن موسى بن جعفر عن ابيه موسى بن جعفر عليه السلام.قال التلعكبري: أخذلي ولوالدي منه اجازة في سنة ثلاث عشرة وثلثمائة. ومنها ما ذكره العلامة رحمه الله في اجازته الكبيرة لسادات بني زهرة باسناده عن ابي الحسن علي بن جعفر بن حماد بن داين الصياد بالبحرين عن ابي علي محمد بن محمد بن الاشعث الخ. وذكره الاصحاب ومنهم المجلسي في إجازات البحار. وقد روى عن إبن الاشعث روايات الكتاب جماعة نشير اليهم في ترجمته ان شاء الله. وقد استثنى ابن الغضائري من روايات سهل بن احمد الذي ضعفه ما رواه عن الاشعثيات فلاحظ.

٣٥٦

٤٨ - إسماعيل بن مهران بن أبي نصر السكوني

واسم ابي نصر زيد.(١)

____________________

(١) وهو جد مهران بن محمد بن عمرو بن ابي نصر السكوني كما يأتي الكلام فيه في مهران(١١٣٧) وفى الفهرست والمعالم: مهران ابن محمد بن ابي نصر ويأتي في الحسن بن علي بن ابي حمزة(٧٢) نحوه

٣٥٧

مولى، كوفي(١) يكني أبا يعقوب(٢) ثقة معتمد عليه(٣) .

____________________

(١) ونحوه في المعالم ويظهر من الشيخ في مهران بن زيد الكلبي الكوفي في اصحاب الصادق / ٣١٢ / ٥١٦ انه كوفي ينسب إلى بني كلاب ومما يأتي في احمد بن ابي نصر البزنطى(١٧٨) يظهر انه مولى السكون. وسكن في أيام ابي جعفر الجواد (ع) بالمدينة كما يظهر من الكليني والمفيد في باب النص على ابي الحسن الهادي (ع).

(٢) كما في الفهرست وعن ابن الغضائري: يكنى أبا محمد.

(٣) ونحوه في الفهرست ص ١١ إلى آخر الترجمة مع إختلاف يسير نشير اليه.وفي المعالم / ٨ / ٣٢ إسماعيل بن مهران بن محمد ابن ابي نصر السكوني: ثقة كوفي مولى لقى الرضا (ع). وذكره الكشي في عداد اصحاب الرضا عليه السلام ص ٣٦٣ وقال: حدثني محمد بن مسعود قال سألت علي بن الحسن عن اسماعيل ابن مهران قال: رمي بالغلو. قال محمد بن مسعود: ويكذبون عليه وكان تقيا ثقة خيرا فاضلا. اسماعيل بن مهران بن محمد بن ابي نصر واحمد بن محمد بن عمرو كانا من ولد السكوني.قلت: ويظهر من كلامه الاخير قرابة اسماعيل مع احمد بن محمد ابي نصر البزنطي. كما يظهر منه ان ابن الغضائري نظر إلى ما رمي بالغلو في تضعيفه له بقوله: ليس حديثه بالنقي يضطرب تارة ويصلح اخرى ويروى عن الضعفاء كثيرا ويجوز ان يخرج شاهدا. نعم ليس في كلامه تضعيفا له ولمذهبه كما ليس في كلام ابن فضال اعتمادا على التضعيف فقول ابن مسعود والنجاشى والشيخ في توثيقه هو المعتمد. نعم روى عن جماعة فيهم الضعاف والمجاهيل.

وروى المفيد في الارشاد ص ٣٢٧ باسناده عن الكافى ج ١ / ٣٢٣ عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن اسماعيل بن مهران قال: لما خرج ابوجعفر (ع) من المدينة إلى بغداد في الدفعة الاولى من خرجيته قلت له عند خروجه: جعلت فداك إني أخاف عليك في هذا الوجه فالى من الامر بعدك؟ فكر بوجهه إلى ضاحكا وقال: ليس الغيبة حيث ظننت في هذه السنة فلما اخرج به الثانية إلى المعتصم صرت اليه فقلت له: جعلت فداك أنت خارج فالى من هذا الامر من بعدك؟ فبكى حتى إخضلت لحيته، ثم التفت إلي فقال عند هذه يخاف علي الامر من بعدى إلى ابني علي (ع).قلت: وكان اسماعيل بن مهران من الشعراء. ومن شعره. هي المال لولا قلة الخفض حولها فمن شاء دارها ومن شاء باعها أنشده في حديث عن النبي صلى الله عليه وآله رواه في الخصال ج ١ / ١١٥ باب الارجعة. وهو اخو الحسين بن مهران الواقفي الذي يأتي ترجمته(١٢٦) ويحتمل كونه اخا سلمة بن مهران الكوفي الذي عده الشيخ في اصحاب الصادق (ع) ص ٢١٢ / ١٥٩.

٣٥٨

روى عن جماعة من أصحابنا عن ابي عبدالله عليه السلام(١) .

____________________

(١) كلامه يدل على انه لم يرو عن ابي عبدالله ولا عن ابي الحسن جزما ولم يثبت روايته عن ابي الحسن الرضا (ع) الا ان الكشي (ره) عده في اصحاب الرضا (ع) فهو عول عليه على ان الصحبة لا تلازم الرواية عنه ولازم ذلك انه كان ممن لم يرو عنهم عليهم السلام.قلت: ذكره الشيخ في اصحاب الصادق (ع) ص ١٤٨ / ١١٥. وفي لسان الميزان ج ١ / ٤٣٩ ذكر انه يروى عن جعفر بن محمد الصادق (ع) ومالك بن عطية بن الاحمسي وغيرهما. ويأتي ما ينافيه في كلام البرقي. ثم ان كونه من اصحابه لا يلازم الروايه عنه (ع) فقد روى بواسطة او بواسطتين او بوسائط عن ابي جعفر الباقر (ع) فروى المفيد في اختصاصه ص ٦٦ عنه عن أبي جميلة المفضل بن صالح عن جابر الجعفي وفي ص ٨٥ بوسائط عنه (ع).

كما انه روى عن ابي عبدالله عليه السلام بواسطة أصحابه كثيرا كما روي عنه (ع) ايضا بواسطتين بل روى عنه (ع) بوسائط كما روى عن عبدالله بن عبدالرحمان عن ابن مسكان عن ابي بصير عن ابي عبدالله (ع) كما في التهذيب ج ٦ / ٧٦ / ١٥٠ وروى عن ابي الحسن الكاظم (ع) بواسطة أصحابه وبواسطتين وبوسائط ففي إختصاص المفيد ص ٢٨١ عن سيف بن عميرة عن حميد المثنى عن سماعة بن مهران عن ابي الحسن موسى عليه السلام.

٣٥٩

ذكره ابوعمرو في اصحاب الرضا عليه السلام(١)

____________________

(١) ذكره ابو عمرو الكشي في عداد اصحابه كما تقدم ولا يوجد تصريح بكونه من أصحابه في اختياره الموجود. نعم ذكره البرقي في اصحابه الذين نشأوا في عصره ولم يدركوا ابا الحسن موسى (ع) ص ٥٥. وذكره الشيخ ايضا في رجاله في اصحابه / ٣٦٨ / ١٤. وفي الفهرست بدل مافي المتن قال: ولقى الرضا (ع) وروى عنه.قلت: روى جماعة عن اسماعيل بن مهران عن ابي الحسن الرضا (ع) ذكرناهم في طبقات اصحابه في ترجمته - منهم سهل بن زياد الادمي كما في حد الوجه في الوضوء رواه الشيخ في التهذيب ج ١ / ٥٥ / ١٥٥ وفي الكافي ج ١ ص ١٠ ومنهم -، ابراهيم بن هاشم كما في اختصاص المفيد ص ٣٢٨. وبقى اسماعيل إلى زمان ابي جعفر الجواد عليه السلام وروى عنه وذكرناه في الطبقات في اصحابه.روى عن ادريس بن عبدالله، وعبدالله بن عبدالرحمن، وعبدالله ابن الحارث واسماعيل القصير، والكناسي وأيمن بن محرز، وعبدالملك ابن ابي الحارث، والنضر بن سويد، وأحمد بن أبي نصر البزنطي وعلي بن سويد، ومحمد بن المنصور الخزاعي، وأبي مسروق النهدي، وعلي بن عثمان وسيف بن عميرة وابي جميلة المفضل بن صالح، والحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني وجماعة غيرهم. وروى عنه جماعة من اصحاب الرضا والجواد والهادي عليهم السلام وفيهم أجلاء الرواة ويطول بذكرهم.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409