تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ١

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي14%

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي مؤلف:
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 409

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 409 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 138629 / تحميل: 8572
الحجم الحجم الحجم
تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

ابن محمد رقم ٥٩ وغير ذلك. وروى عنه ايضا عن شيخه هارون بن موسى التلعكبري كما في ترجمة داود بن يحيى رقم ٤١٣ وغيره. وعنه عن علي بن عبدالرحمن بن عروة الكاتب كما في ترجمة داود ابن كثير رقم ٤٠٧ وغيره. والاختلاف في هذه الموارد وغيره بذكر اسمه او مع ذكر جده او مع زيادة الكنيته او اللقب او تركها لا يوجب التعدد.

٢٧ - محمد بن علي بن حشيش التميمي المقري، فقد روى عنه في ترجمة بكر بن محمد الازدي الغامدي رقم ٢٧١ عن محمد بن علي ابن دحيم.

٢٨ - محمد بن علي بن شاذان ابوعبدالله القزويني رحمه الله، هو الشيخ الجليل الذي ورد على النجاشي رحمه الله زائرا ذكره في ترجمة محمد بن مروان الانباري رقم ٩٤٢ وهو من مشايخه الذين روى عنهم كثيروا كتب الاصحاب واصولهم وقد روى عنه عن إحمد بن محمد ابن يحيى العطار كثيرا جدا وايضا عنه عن علي بن حاتم كثيرا كما في ترجمة احمد بن علي الفائدي رقم ٢٣٥ والحسن بن علي بن ابي حمزة رقم ٧٢ وابراهيم بن نعيم رقم ٢٢ وغيرهم. والاختلاف بذكر اسمه واسم ابيه او مع زيادة جده او مع زيادة الكنيته واللقب او ذكره بعنوان ابن شاذان ونحو ذلك لا يضر بالوحدة كم هو ظاهر لمن تأمل في رواياته.

٢٩ - شيخ الامة ومعلمها وزعيم الطائفة وكهفها محمد بن محمد ابن النعمان الملقب بالشيخ المفيد رحمه الله المتوفى سنة ٤١٣، استاذ الماتن في الفقه وسار الفنون، وقد قرأ عليه كتبه وكتب الاصحاب

٤١

واصولهم، وسمع منه عند ما يقرأ عليه واجازه بكتبه وكتب غيره وروى عنه كثيرا وذكر ترجمته رقم ١٠٧٨.

٣٠ - ابوالحسن بن احمد بن علي بن الحسن بن شاذان الفامي القمي قال (ره) في ترجمة ابيه احمد رقم ٢٠٠ شيخنا الفقيه حسن المعرفة صنف كتابين لم يصنف غيرهما كتاب زاد المسافر وكتاب الامالي اخبرنا بهما ابنه ابوالحسن رحمهما الله تعالى. وعن الكراجكي في كنز الفزائد ان اسم ابي الحسن هذا محمد، وان محمد بن احمد من مشايخه (ره).

٣١ - ابوالحسين بن محمد بن ابي سعيد ففي وهيب بن خالد البصري رقم ١١٦٩ قال: اخبرنا ابوالحسين بن محمد بن ابي سعيد قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عبيدالله بمصر قرائة.. الخ.

٣٢ - ابوعبدالله الجعفي القاضي رحمه الله فقد روى عنه عن احمد بن محمد بن سعيد كثيرا كما في ابان بن محمد البجلي رقم ٩، وعبدالله بن يحيى الكاهلي رقم ٥٨٥، وعبدالله بن سعيد الاسدي رقم ٥٨٩ وغير ذلك، واحتمال إتحاده مع احمد بن محمد بن عبدالله الجعفي بعيد، حيث ذكر الاسناد إلى محمد بن سلمة اليشكري رقم ٩٠٥ مبدوا بقوله (ره) قال: احمد بن محمد بن عبدالله الجعفي حدثنا ابي الخ وأما ابوعبدالله فيروى عنه بلفظ اخبرنا وفي ذلك اشكال.

هذا كله فيمن روى عنه الماتن رحمه الله في هذا الكتاب بقوله أخبرنا أو حدينا أو نحو ذلك وقد استخرجنا هؤلاء وغيرهم من مشايخه بالتأمل فيما رواه في هذا الكتاب.

٤٢

مشايخه الذين حكى عنهم

قد روى الماتن (ره) كتب جمع من اصحابنا واصولهم او نسخة او رواية في احوال الرواة وطبقاتهم عن عدة من مشايخه بغير صورة الرواية بقوله اخبرنا او حدثنا بل بنحو قوله ذكر ذلك او حكى او قال او روى فلان وقد إختار غير واحد عدم شمول التوثيق لمشايخه في الرواية والحديث لهولاء كما سيأتي الكلام في ذلك وهم جماعة.

١ - الشيخ الجليل احمد بن الحسين بن عبيدالله بن ابراهيم ابوالحسن الغضائري (ره) ابن شيخه الجليل الحسين الغضائري (ره). كان احمد من شيوخ اصحاب الحديث في عصره نقادا خبيرا بصيرا بأحوال الرواة وطبقاتهم وما ورد فيهم من المدح او الذم كثير السماع والقرائة على مشايخ الحديث قرأ عليهم واجازوه بروايته كتب الاصحاب وأصولهم واليه ينتهى أسانيد كثير منها وكان عنده نسخ مؤلفيها بخطهم واجازاتهم بل التوقيعات الواردة من الناحية المقدسة كما ذكره الماتن رحمه الله في محمد بن عبدالله بن جعفر الحميري (رقم ٩٦١). ويدل على وفور علمه وكثرة اطلاعه، وقوة بصيرته، وعلمه بالرجال ما صنفه في فنون الرجال، وما حكاه الماتن وغيره عنه من كتب الاصحاب واصولهم ورواياتهم واحوالهم، وما ذكره ايضا من سماعه وقرائته على مشايخ الحديث.

فقد صنف في مصنفات اصحابنا رضوان الله عليهم كتابا وفي اصولهم كتابا آخر كبيرا لم يصنف في موضوعه مثله مع ما صنف اصحابنا في فنون الرجال وفي فهرست مصنفاتهم واصولهم كتبا كبيرة

٤٣

ضخمة جدا قال الشيخ الطوسي زعيم الطائفة في عصره في مقدمة الفهرست: اما بعد فاني لما رأيت جماعة من شيوخ طائفتنا من اصحاب الحديث عملوا فهرست كتب أصحابنا وما صنفوه من التصانيف ورووه من الاصول ولم أجد أحدا إستوفى ذلك ولا ذكر أكثره بل كل منهم كان غرضه أن يذكر ما اختص بروايته وأحاطت به خزانته من الكتب ولم يتعرض احد منهم لاستيفاء جميعه الا ما قصده ابوالحسن احمد بن الحسين بن عبيدالله رحمه الله فانه عمل كتابين أحدهما ذكر فيه المصنفات والآخر ذكر فيه الاصول وإستوفاهما على مبلغ ما وجده وقدر عليه غير ان هذين الكتابين لم ينسخهما أحد من أصحابنا وأخترم هو رحمه الله وعمد بعض ورثته إلى إهلاك هذين الكتابين وغيرهما من الكتب على ما حكى بعضهم عنه انتهى كلامه رحمه الله قلت وفي ثبوت هلاك الكتابين كلام يستدعى محلا آخر.

وصنف احمد بن الحسين ايضا كتابا في الممدوحين من الرواة، وكتابا آخر فيي المذمومين ومن ورد فيه غمز او جرح، وكان العلامة الحلي رحمه الله عنده نسخنهما يروي عنهما في الخلاصة ويشير إلى الكتابين ويحكى عنهما كما فيي تراجم جماعة مثل سليمان بن عمر النخعي (ص ٢٢٥) وعمرو بن ثابت (ص ٢٤١ رقم ١٠) ومحمد بن مصادف (ص ٢٥٦ رقم ٥٦) وفي ترجمته قال: إختلف قول إبن الغضائري فيه ففي أحد الكتابين أنه ضعيف وفي الآخر انه ثقة.. الخ وأشار ابن داود الحلي ايضا إلى ذلك ايضا في ترجمته (ص ٥١٠ رقم ٤٦٥).

قلت ويحتمل كون المراد بالكتابين الكتابان الذان وضعهما في المصنفين واصحاب الاصول وان كان الاظهر التعدد. ثم ان كتابه في الممدوحين لا يوجد نسخته ولم يحك عنه غير

٤٤

العلامة رحمه الله واما كتابه في الممذومين فقد أخرجه السيد ابن طاووس احمد بن موسى بن جعفر المتوفى سنة ٦٧٣ من مشايخ ابن داود صاحب الرال وجمع بينه وبين الاصول الاربعة الرجالية في كتابه " حال الاشكال " وقد حكى ذلك جماعة بل قيل ان الموجود من كتب ابن الغضائري هو هذا، وانه قل من سلم من جرحه، ولذا توقف جماعة عن الاخذ بجرحه، بل ربما يتوقف في نفسه من كثرة جرحه في الرواة لكن احتمل بعض من تأخر ان مؤلفه بعض المعاندين لاكابر الاصحاب.

قلت تأليف كتاب خاص في الممذومين والمجروحين وعدم تحقيق كامل في طرق الذم وفي الجارح يقتضى عدم خلو اكثر الثقات الاجلاء عن الطعن بالالسن والمعصوم من الزلل ليس معصوما عن جرح المعاند بلسانه واستيفاء المجروحين يستلزم ذلك الا اذا حقق الجرح وترك المفتعل المكذوف وكان اكثر ما يرى في هذا الكتاب حسب ما نقل عنه في التراجم الجرح بالغلو والارتفاع والكذب والوضع ورواية المناكير، ولعله كان لاحمد بن الحسين رحمه الله رأى خاص في حد الغلو كما نسب ايضا إلى جماعة من القميين، ولاجله قل من سلم من جرحه، وربما يستفاد ذلك من جرحه في جماعة من الرواة فلاحظ. واما مؤلفه فهو من مشايخ الرجال والجرح والتعديل كما في مواضع من الخلاصة بل عده مع النجاشي والكشي من الشيوخ العظماء كما في ترجمة يونس بن ظبيان (ص ٢٦٦) وترحم عليه النجاشي والعلامة في الخلاصة كثيرا وقد اعتمد عليه النجاشي في تراجم جماعة وحكى قوله في قبال اقول أكابر الامامية وثقات الاصحاب مثل أبي العباس وسعد بن عبدالله.

٤٥

وقد اعتمد العلامة رحمه الله في الخلاصة على تضعيفه في تراجم جماعة كثيرة لا يخفى على المتتبع. وجمع بين جرحه وبين توثيق النجاشي او غيره بما لا ينافي احدهما الآخر كما في إدريس بن زياد (ص ١٢ رقم ٢) وعلي بن ميمون أبي الاكراد ص ٩٦ ومحمد بن احمد بن خاقان ص ١٥٢ وغيرهم. ورجح الاخذ بجرحه في قبال قول النجاشي او الشيخ ونحوهما كما في جابر الجعفي ص ٣٥ وظفر بن حمدون ص ٩١ وغيرهما.

ثم ان المصنف النجاشي رحمها الله قد أكثر في كتابه الحكاية عن ابن الغضائري هذا مترحما عليه ويظهر منه الاعتماد عليه ولذلك قيل بوثاقته بناء‌ا على القول بوثاقة عامة مشايخ النجاشي ولكن فيه نظر لعدم روايته عنه في هذا الكتاب بنحو قوله اخبرنا او حدثنا بل يحكى عنه بصورة قوله قال او ذكر ذلك احمد بن الحسين ونحو ذلك إلا على القول بعدم اختصاص الوثاقة بخصوص من روى عنهم على الوجه الاول وسيأتي الكلام فيه ان شاء‌الله. ولا يتوهم روايته عنه على الوجه الاول ايضا لما ذكره رحمه الله في ترجمة عبدالله بن ابي عبدالله الطيالسي رقم ٥٧٧ بعد ذكر كتابه قائلا: ونسخة اخرى نوادر صغيرة رواه ابوالحسين النصيبي أخبرناه بقرائة احمد بن الحسين قال (ره).. وذلك لان الظاهر روايته عن شيخه محمد بن عثمان النصيبي القاضي ابي الحسين المتقدم ولكن بقرائة احمد بن الحسين الغضائري على النصيبي وسماع النجاشي منه. وكان احمد يحضر مع النجاشي للقرائة والسماع من مشايخ الحديث في عصره مثل ابي الحسين محمد بن عثمان النصيبي القاضي. واحمد بن عبدالواحد المعروف بابن عبدون ففي ترجمة علي بن

٤٦

الحسن بن فضال (رقم ٦٨٢) قال: قرأ احمد بن الحسين كتاب الصلاة والزكاد، ومناسك الحج، والصيام، والطلاق، والنكاح، والزهد، والجنائز، والمواعظ، والوصايا، والفرائض، والمتعة، والرجال على احمد بن عبدالواحد في مدة سمعتها منه (ره).

والحسين بن عبيدالله الغضائري والده فكان يحضر مع النجاشي عند القرائة على والده رحمه الله كما نص عليه في ترجمة احمد بن الحسين الصيقل (رقم ١٩٦). بل كان النجاشي رحمه الله يحضر عبد احمد بن الحسين وفي مجلسه ومن ذلك يظهر علو شأنه وجلالته ففي ترجمة علي بن محمد بن شيران الابلي (رقم ٧١١) قال: مات سنة عشرة واربعمائة رحمه الله كنا نجتمع معه عند أحمد بن الحسين.

وكان النجاشي رحمه الله إستفاد منه أحوال الرواة وأنسابهم. وما ورد فيهم من المدح والذم وكتبهم واصولهم ورأها عنده بخط مؤلفيها وغير ذلك مما يتعلق بالرجال والاسانيد والطرق. وقد عد جماعة من المتأخرين في وجه تقديم قول النجاشي على الشيخ وغيره امورا احدها مصاحبته رحمه الله مع احمد بن الحسين وسماهه منه وكونه خصيصا به وانه لذلك لا يوجد في رجال النجاشي مالا يخلو منه كتب غيره.

قلت وبالتأمل في كتابه يظهر تمامية ما افيد فقد سمع منه مالم يسمعه من غيره ولذا يذكر قوله في قبال قول أبي العباس وسعد بن عبدالله ونظرائهما ويذكر طريقه إلى الكتب والاصول مبدوء‌ا باسمه وهذا كما لا يخفى على المتأمل وان شئت فلاحظ تراجم محمد بن علي بن النعمان الاحول (رقم ٨٩٦) وسهل بن زياد (رقم ٤٩٧) وجعفر بن عبدالله (رقم ٣٠٣) واحمد بن اسحق (رقم ٢٢١) والحسين

٤٧

ابن محمد الازدي (رقم ١٥٠) والحسين بن ابي العلاء الخفاف (رقم ١١٤) وغيرهم.

قلت لم أجد في كتب الاصحاب وغيرهم ذكرا لتاريخ وفاته ولكن الظاهر انه كان في حياة الشيخ المفيد رحمه الله كما يظهر من مقدمة الفهرست فقال للمفيد ادام الله تأييده ولابن الغضائري رحمه الله ولم يظهر انه توفى بعد وفات والده الحسين المتوفى سنة ٤١١ والله العالم.

٢ - احمد بن محمد بن عبيدالله بن الحسن بن عياش بن ابراهيم ابن ايوب الجوهري، ابوعبدالله، فقد ذكر (ره) ترجمته رقم ٢٠٣ وقال: كان سمع الحديث فأكثر واضطرب في آخر عمره إلى ان قال: رأيت هذا الشيخ وكان صديقا لي ولوالدي وسمعت منه شيئا كثيرا، ورأيت شيوخنا يضعفونه فلم أرو عنه شيئا وتجنبته وكان من اهل العلم والادب القوى، وطيب الشعر وحسن الخط رحمه الله وسامحه ومات سنة احدى واربع مائة.

قلت وفي ترجمة مرازم (رقم ١١٤٩) له كتاب يرويه جماعة قال ابوعبدالله بن عياش حدثنا محمد بن احمد بن مصقلة.. الخ ثم ذكر الطريق، وفي ترجمة محمد بن الحسن بن شمون (رقم ٩٠٩) عند تضعيفه بفساد المذهب وما أضيف اليه من الاحاديث في القول بالوقف " قال: فان ابا عبدالله بن عياش حكى عن ابي طالب الانباري ثم ذكر الحديث باسناده. وفي ترجمة الحسين بن بسطام (رقم ٧٨) قال قال: ابوعبدالله بن عياش هو الحسين بن بسطام بن سابور الزيات (ثم ذكر له كتابا ثم قال) قال ابن عياش اخبرناه الشريف ابوالحسين صالح بن الحسين النوفلي الخ ثم ذكر الطريق اليه.

قلت روى الشيخ الحر في آخر الوسائل هذا الكتاب باسناده إلى النجاشي

٤٨

عن ابن عياش إلى آخر الاسناد وذلك محل نظر باعتبار نص النجاشي (ره) بقوله فلم أرو عنه (ع).

وروى كتاب الحسن بن محمد أبي محمد (رقم ١٠٩) بطريق مبدوء بقوله قال ابن عياش الخ.

وكذلك كتاب بكر بن احمد (رقم ٢٧٦) وكتاب الخصال وكتاب الكمال لمحمد بن جعفر بن عنبسة (رقم ١٠٣٧) وكتاب عبيد بن كثير يعرف بكتاب التخريج (رقم ٦٢٥) قائلا: رواه ابوعبدالله ابن عياش الخ. ونحوه كتاب رومي بن زرارة (رقم ٤٣٧) وفي نجيح بن قباء الغافقي (رقم ١١٦٢) قال ابن عياش حدثنا الخ. وفي محمد بن عيسى الاشعري (رقم ٩١٥) له كتاب الخطب قال احمد ابن محمد بن عبيدالله حدثنا محمد بن احمد بن مصقلة إلى آخر الاسناد. وفي القاسم بن الوليد (رقم ٨٦٣) ذكر له كتابا ثم قال: قال ابوعبدالله احمد بن محمد بن عبيدالله حدثنا عبيدالله بن ابي زيد الخ.

اقول عبيدالله بن أبي زيد هو أبوطالب الانباري المتقدم ذكره.

٣ - احمد بن محمد بن عبدالله الجعفي ففي محمد بن سلمة اليشكري رقم ٩٠٥ ذكر كتبه ثم قال قال احمد بن محمد بن عبدالله الجعفي حدثنا ابي الخ. واحتمال إتحاده مع ابي عبدالله القاضي الجعفي المتقدم لا شاهد له.

٤ - الحسن بن احمد بن القاسم بن محمد بن علي بن ابي طالب عليه السلام الشريف النقيب، ابومحمد قال (ره) في ترجمته (رقم ١٤٨) سيد في هذه الطائفة، غير اني رأيت بعض اصحابنا يغمز عليه في بعض رواياته له كتب إلى ان قال (ره) قرأت عليه مرات (فوائد) كثيرة وقرء عليه وأنا أسمع ومات وذكر (ره) في ترجمة علي بن

٤٩

احمد ابي القاسم الكوفي (رقم ٦٩٧) ما لفظه وذكر الشريف ابومحمد المحمدي رحمه الله انه رآه.

٥ - الحسين بن الحصين بن سجيت القمي، ففي ترجمة جابر الجعفي (رقم ٣٢٩) بعد ذكر كتبه قال: روى هذه الكتب الحسين ابن الحصين القمي قال: حدثنا احمد بن ابراهيم الخ. وفي ترجمة سعيد بن سعد العبسي (رقم ٤٨٢) بعد ذكر نسخته قال: رواها الحسين بن الحصين بن سجيت القمي قال: احمد بن ابراهيم الخ. وبعد ذكر كتاب محمد بن الحسن بن عبدالله الجعفري (رقم ٨٩٤) قال: قال الحسين بن حصين القمي: اخبرنا ابوبشر احمد بن ابراهيم إلى آخر السند.

قلت لم أجد للحسين بن الحصين ذكرا في كتب الرجال.

٦ - عبدالله بن محمد بن عبدالله، ابومحمد الحذا الدعلجي، منسوب إلى موضع خلف باب الكوفة ببغداد يقال له الدعالجة، كان فقيها عارفا، وعليه تعلمت المواريث، له كتاب الحج هكذا ذكره في ترجمته (رقم ٦١٤). وفي ترجمة علي بن علي بن رزين أخي دعبل الشاعر (رقم ٧٣٣) قال: له كتاب كبير عن الرضا عليه السلام قال عثمان بن أحمد الواسطي وابومحمد عبدالله بن محمد الدعلجي حدثنا احمد بن على الخ.

قلت ذكره العلامة (ره) في القسم الاول من الخلاصة ص ١١٢ رقم ٥٣ وكذلك ابن داود في رجاله وهذا يدل على وثاقته او كونه ممدوحا عندهما.

٧ - عثمان بن أحمد الواسطي، فقد روى عنه كتاب ابن اخي دعبل كما تقدم في عبدالله الدعلجي.

٥٠

٨ - عثمان بن حاتم بن المنتاب التغلبي، استاذه رحمه الله فقد حكى عنه في عدة مواضع ففي ترجمة سعدان بن مسلم (رقم ٥٢٢) قال وقد اختلف في عشيرته فقال: استاذنا عثمان بن حاتم بن المنتاب التغلبي قال محمد بن عبده سعدان بن مسلم الزهري من بني زهرة بن كلاب عربي اعقب والله اعلم وفي الحسين بن ابى العلاء (رقم ١١٤) حكى عنه انه مولى بني اسد ونحوه في الحسين بن نعيم الصحاف (رقم ١١٧).

٩ - علي بن عبدالرحمن ابوالقاسم. ففي ترجمة محمد بن عبيد ابن ساعد (رقم ٩٣٦) قال: له كتاب نوادر قال: ابوالقاسم علي ابن عبدالرحمان حدثنا الحسين بن احمد بن إلياس الخ..

١٠ - علي بن عبدالواحد الخمري ابوالحسن رحمه الله، ففي ترجمة احمد بن اسحق (رقم ٢٢١) قال: قال ابوالحسن على بن عبدالواحد الخمري رحمه الله واحمد بن الحسين رحمه الله رأيت من كتبه كتاب الخ. وفي ترجمة حكم بن أيمن الحناط الخمري (رقم ٣٥١) قال: وكان ابوالحسن علي بن عبدالواحد الخمري من ولده رحمه الله يذكر انه من نهد بن زيد الخ..

قلت ويظهر من ذلك أنه رحمه الله كان عارفا بالرجال والانساب.

١١ - محمد بن عبدالله ابوالمفضل الشيباني الذي ذكر ترجمته (رقم ١٠٧٠) وقال: كان سافر في طلب الحديث عمره أصله كوفي وكان في أول عمره ثبتا ثم خلط، ورأيت جل أصحابنا يغمزونه ويضعفونه، له كتب (إلى ان قال) رأيت هذا الشيخ وسمعت منه كثيرا ثم توقفت عن الرواية عنه إلا بواسطة بيني وبينه. قلت يأتي الكلام في أحواله في ترجمته وقال في ترجمة محمد بن جعفر ابن بطة (رقم ١٠٣٢) بعد ذكر طريقه إلى كتبه قال ابوالمفضل محمد

٥١

ابن عبدالله بن المطلب حدثنا محمد بن جعفر بن بطة وقرأنا عليه وأجازنا ببغداد في النوبختية وقد سكنها. وفي ترجمة محمد بن احمد ابن أبي الثلج (رقم ١٠٤٩) قال: قال ابوالمفضل الشيباني حدثنا ..الخ. وفي ترجمة علي بن الحسين المسعودي صاحب مروج الذهب (رقم ٦٧١) قال: زعم ابوالمفضل الشيباني رحمه الله انه لقيه واستجازه وقال: لقيته وبقى هذا الرجل إلى سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة.

قلت وقد روى النجاشي على الوجه الاول عن شيخه محمد بن علي الكاتب القناتي عن ابي المفضل الشيباني كما في ترجمة محمد بن علي الشلمغاني (رقم ١٠٤١) بل وبواسطة غيره من مشايخه كما في مواضع من الكتاب.

١٢ - محمد بن موسى بن علي القزويني ابوالفرج رحمه الله ففي ترجمة احمد بن محمد الصولي المتوفى سنة ٣٥٣ (رقم ١٩٨) ذكر كتابه اخبار فاطمة عليها السلام ثم قال كان يروى عنه ابوالفرج محمد بن موسى القزويني. وفي ترجمة سليمان بن سفيان المسترق (رقم ٤٩٢) (قال) قال ابوالفرج محمد بن موسى بن علي القزويني رحمه الله حدثنا اسماعيل بن علي الدعبلي الحديث. ويحتمل اتحاده مع المترجم (رقم ١٠٧٣) بما لفظه محمد بن ابي عمران بن موسى بن علي بن عبدونة القزويني الكاتب ثقة صحيح واضح الطريقة له كتب (إلى ان قال) رأيت هذا الشيخ ولم تتفق لي سماع شئ منه.

ولكن الذي يبعد الاتحاد المذكور ان التصريح بعدم سماعه شيئا منه يقتضي كون الرواية والحكاية اما عن كتابه من طريق الوجادة لا السماع والقرائة واما بواسطة محذوفة في المقام وكلاهما خلاف ظاهر كلامه (ره).

٥٢

١٣ - محمد بن هرون بن موسى التلعكبري ابوجعفر رحمه الله قال في ترجمة هارون (رقم ١١٩٥) كنت احضر في داره مع ابنه ابي جعفر والناس يقرؤن عليه وفي ترجمة احمد بن محمد بن الربيع الاقرع (رقم ١٨٥) قال ابوالحسين محمد بن هرون بن موسى رحمه الله قال أبي قال ابوعلي بن همام حدثنا عبدالله بن العلاء قال كان أحمد بن محمد الربيع عالما بالرجال.

١٤ - هارون بن موسى ابومحمد التلعكبري رحمه الله هو شيخ الطائفة في عصره قال الماتن (ره) في ترجمته (رقم ١١٩٥): كان وجها في اصحابنا ثقة معتمدا لا يطعن عليه له كتب منها كتاب الجوامع في علوم الدين، كنت أحضر في داره مع ابنه ابي جعفر والناس يقرؤن عليه. وقد حكى عنه في ترجمة محمد بن عبيدالله بن ابى رافع (رقم ٩٥٧) قال: قال ابومحمد هارون حدثنا ابن معمر الخ.

وفي ترجمة محمد بن ابي بكر همام الاسكافي (رقم ١٠٤٤) قال: قال ابومحمد بن موسى رحمه الله حدثنا محمد بن همام الخ. وذكر ايضا عنه حديثين آخرين هناك.

١٥ - ابوالحسن بن البغدادي السوراني البزاز، ففي ترجمة فضالة بن ايوب (رقم ٨٥٨) قال: له كتاب الصلوة قال: لي ابوالحسن بن البغدادي السوراني البزاز قال: لنا الحسين بن زيد السوراني الخ.

قلت ولعل با الحسن هو محمد بن محمد بن ابراهيم بن مخلد البزاز المتوفى في يوم الاربعاء الحادي عشر من شهر ربيع الاول سنة تسع عشرة واربعمائة الذي ذكره الخطيب في تاريخه (ج ٣ ص ٢٣١

٥٣

رقم ١٣٠٢) وقال: كتبنا عنه وكان صدوقا.

قلت وقد عد من مشايخ شيخ الطائفة ايضا.

١٦ - ابوالحسن بن المهلوس العلوي الموسوي رضي الله عنه ففي ترجمة محمد بن عبدالرحمن بن قبة (رقم ١٠٣٥) قال الماتن رحمه الله سمعت ابا الحسين بن المهلوس العلوي الموسوي رضي الله عنه يقول في مجلس الرضي أبي الحسن محمد بن الحسين بن موسى وهناك شيخنا ابوعبدالله محمد بن النعمان رحمهم الله اجمعين سمعت أبا الحسين الشوشنجردي رحمه الله الخ..

قلت هؤلاء من وجدنا رواية النجاشي عنهم في كتابه بنحو قوله ذكر او قال او روى دون اخبرنا او حدثنا وقد رأى وسمع من جماعة ولم يحك عنهم شيئا وهم جماعة.

من سمع منه او قرأ عليه من المشايخ ولم يحك عنه شيئا

سمع الماتن رحمه الله وقرأ الحديث والفقه على جماعة من مشايخ الحديث في عصره ولم يحك عنهم شيئا ولو بصورة قال او ذكر او نحوهما بل ترك السماع عن بعضهم ايضا وذلك لعلو طبقتهم او ضعفهم او غير ذلك وهم عدة.

١ - احمد بن احمد الكوفي الكاتب، ابوالحسن، قال: كنت أتردد إلى المسجد المعروف بمسجد اللؤلؤي وهو مسجد نفطويه النحوي اقرأ القرآن على صاحب المسجد وجماعة من أصحابنا يقرؤن كتاب الكافي على ابي الحسين احمد بن احمد الكوفي الكاتب حدثكم محمد بن يعقوب الكليني الخ.

٥٤

قلت ويحتمل كون احمد الوالد مصحف محمد فيتحد مع احمد بن محمد بن علي الكوفي الذي ذكره الشيخ (ره) في باب من لم يرو عنهم عليهم السلام من رجاله ص ٤٥٠ رقم ٧٠ قائلا: روى عن الكليني أخبرنا عنه علي بن الحسين الموسوي المرتضى عليه الرحمة ولعل الوجه في ترك الرواية عنه علو طبقته كما سيأتي.

٢ - إسحق بن الحسن بن بكر ان ابوالحسين العقرابي التمار، ذكر ترجمته (رقم ١٧٤) وقال: كثير السماع ضعيف في مذهبه رأيته بالكوفة وهو مجاور وكان يروى كتاب الكليني عنه وكان في هذا الوقت علوا فلم أسمع منه شيئا الخ. وفي ترجمة الكليني (ره) قال: وابوالحسين العقرابي يرويه عنه.قلت يأتي في ترجمته بيان كلامه ومعنى العلو وعدم كونه مانعا عن السماع والرواية عنه:

٣ - عبدالواحد بن مهدي ابوعمر فقد ذكر ليعقوب بن شيبة (رقم ١٢٢٤) كتاب مسند امير المؤمنين (ع) ومسند عمار بن ياسر ثم قال: قرأت هذا الكتاب على ابي عمر عبدالواحد بن مهدي قال حدثنا ابوبكر محمد بن أحمد الخ..

٤- علي بن حماد بن عبيدالله بن حماد العدوي الشاعر ابوالحسن رحمه الله. كان من مشايخ شيخه الحسين بن عبيدالله الغضائري وقد ذكر في ترجمة عبدالعزيز الجلودي (رقم ٦٤٦) كتبه الكثيرة التي يقل عددها عن المأتين بستة ثم قال: وهذه كتب ابي احمد الجلودي التي رأيتها في الفهرستات وقد رأيت بعضها قال لنا ابوعبدالله الحسين ابن عبيدالله أجازنا كتبه جميعها ابوالحسن علي بن حماد بن عبيدالله العدوي وقد رأيت أبا الحسن بن حماد الشاعر رحمه الله الخ..

٥٥

٥ - علي بن عبدالله بن عمران القرشي ابوالحسن المخزومي الذي يعرف بالميموني.

ذكر (ره) في ترجمته (رقم ٧٠٤) كان فاسد المذهب والرواية، وكان عارفا بالفقه، وصنف كتاب الحج، وكتات الرد على اهل القياس، فاما كتاب الحج فسلم الي نسخته فنسختها، وكان قديما قاضيا بمكة سنين كثيرة. وفي الكنى (رقم ١٢٦٦) قال: أبوولاد الحناط أبوالحسن الميموني مضطرب جدا، له كتاب الحج، وكان قاضيا بمكة سنين كثيرة قرأت هذا الكتاب عليه. اقول والظاهر الاتحاد.

٦ - علي بن محمد بن العدوي الشمشاطي أبوالحسن ذكر في ترجمته (رقم ٦٩٥).

كان شيخنا بالجزيرة وفاضل اهل زمانه وأديبهم له كتب كثيرة ثم ذكرها بتفصيلها عن سلامة بن دكا ثم رواها عن سلامة عنه.

٧ - محمد بن ابراهيم بن جعفر، ابوعبدالله الكاتب النعماني المعروف بابن زينب، صاحب كتاب الغيبة فقد ادركه النجاشي ورآه وحضر عنده بمشهد العتيقة حين ما كان ابوالحسين محمد بن علي الشجاعي الكاتب، يقرء عليه كتاب الغيبة ذكر ذلك في ترجمته (رقم ١٠٥٦) وفى ترجمة الحسين بن علي المغربي رقم ١٦٣ ذكره وقال شيخنا صاحب كتاب الغيبة تتميم قد يوجد في هذا الكتاب حكاية كتاب او اسناده بطريق مبدو باسم ربما يوهم كونه من مشايخه ومن ادركهم وليس كذلك بل الاسناد مقطوع، مثل ما روى عن سلامة بن محمد الارزني في ابان بن تغلب (رقم ٦) وغيره وعن عباس بن احمد بن الفضل الهاشمي الصالحي في سهل بن زياد (رقم ٤٩٧). وعن عبدالله بن احمد بن يعقوب ابن البواب المقرى في محمد بن ميمون الزعفراني (رقم ٩٦٢). وعن عبدالله بن الله بن القاسم بن محمد بن عبيدالله بن محمد بن عقيل كتاب علية بنت علي بن الحسين (رقم ٨٤٠). وعن ابي الحسين

٥٦

محمد بن علي بن تمام الدهقان في الحسين بن زيد ذي الدمعة رقم ١١٢ ويظهر من ترجمة الحسن بن الحسين النجار (رقم ١٠٩) انه من مشايخ الحسين بن عبيدالله الغضائري وغيره من مشايخه (رحمهم الله) وعن ابي اسحق الطبري، في محمد بن الحسن بن ابي سارة (رقم ١٩٣) قلت ويمكن ان يكون المراد به ابا اسحق الطبري الصغير محمد بن جرير المعاصر للشيخ والنجاشي فليتأمل. وعن احمد بن كامل عن داود بن محمد بن أبي معشر في أبي معشر المدني (رقم ١٢٤٩) بل عده بعض الاعاظم في مشايخ النجاشي. ولكنه ليس كذلك بل هو من مشايخ ابراهيم بن مخلد الذي تقدم في مشايخ النجاشي كما في ترجمة دعبل الشاعر (رقم ٤٢٥) وقد عد الخطيب ايضا في تاريخ بغداد ج ٤ ص ٣٥٧ احمد بن كامل بن شجرة من مشايخ ابراهيم بن مخلد. بل ربما يظهر من بعض اصحابنا (قدس الله سرهم) عد غير واحد من مشايخ أبي العباس بن نوح من مشايخ النجاشي (ره) مع انه ليس كذلك كما يظهر بالتأمل في الاسانيد وملاحظة الطبقة. وانما نشأ ذلك مما ذكره النجاشي في ترجمة الحسين بن سعيد (رقم ١٣٣) فيما طلب من ابي العباس ذكر طريقه إلى الحسين بن سعيد فكتب اليه ثم اشار إلى ذلك بتفصيل وبدء كل طريق بقوله اخبرنا فلاحظ وتأمل. وعليك بالتأمل فيما ذكرناه في مشايخ النجاشي فتقف على مواضع من النظر فيما ذكره غير واحد من الاعلام في مشيخته (ره) وقد استخرجنا ذلك من النظر في جميع ما رواه في هذا الكتاب ولعلهم وقفوا على غيره والله الهادي.

٥٧

العدة من مشايخه تكرر من النجاشي رحمه الله في هذا الكتاب قوله

أخبرنا عدة من أصحابنا، أو جماعة من اصحابنا، أو جميع شيوخنا، أو غير واحد أو محمد وغيره او احمد وغيره وهكذا. واذ كان في مشايخه من لم يصرح بتوثيق او مدح. فربما يوهم ذلك جهالة الطريق لعدم تسميته العدة او الجماعة وعدم ظهور إصطلاح من النجاشي فيها ويحتمل عدم اشتمالها على الثقة. ويدفع هذا الايهام إثبات اشتمالها على الثقة بدعوى ان رواياته في هذا الكتاب غالبا انما هي عن مشايخه المعروفين - المفيد - وأبي العباس وأضرابهما من الثقات الاجلاء ويبعد خلوها عن الثقة أو باستظهار المراد منها في الموارد، أو دعوى وثاقة عامة مشايخه وانه لا يروي الا عن الثقات كما قيل. وحيث لا مجال للاول كما هو ظاهر للمتأمل في هذا الكتاب فقد كثرت روايته عن الحسين بن عبيدالله، واحمد بن عبدالواحد، واحمد ابن علي، واحمد بن محمد بن الصلت، وغيرهم ممن لم نقف على تصريح أصحابنا بوثاقتهم وان استظهرها المتأخرون من امور مذكورة في محلها فينحصر في الاخيرين، فان تم استظهار المراد منها وان فيها الثقة من مشايخه فهو والا لزم البحث عن وثاقة عامة مشايخه. فنقول: وبالله الاستعانة يمكن استظهار المراد منها بقرينة من روى هؤلاء المشايخ عنه في الموارد المتفرقة او غير ذلك من القرائن كما ستقف عليها.

٥٨

اما العدة عن احمد بن ابراهيم بن أبي رافع الانصاري كما في جعفر بن محمد الفزاري رقم ٣١٠ فمنهم:

١ - احمد بن علي بن نوح ابوالعباس السيرافي الثقة كما في بريد بن معاوية (رقم ٢٨٥) وعلي بن عبدالله (رقم ٦٩٨) وغير ذلك.

٢ - احمد بن عبدالواحد البزاز كما في الحسن بن محمد بن سهل (رقم ٧٤).

٣ - الحسين بن عبيدالله الغضائري كما في ترجمة احمد بن ابراهيم الانصاري (رقم ١٩٩) واحمد بن الحسن الضرير (رقم ٢٢٨) وغير ذلك. والحسين بن عبيدالله واحمد بن علي كما في ترجمة احمد ابن زرق الغمشاني (رقم ٢٤٠) ومقاتل (رقم ١١٥٠).

قلت وقد روى الشيخ رحمه الله في الفهرست عن عدة من اصحابنا منهم المفيد وابن الغضائري واحمد بن عبدون وغيرهم عن احمد بن ابراهيم بن ابي رافع الانصاري. في ترجمة احمد بن الحسن الاسفرايني ص ٢٧. والعدة عن ابي العباس احمد بن محمد بن سعيد بن عقدة وقد روى عنهم عنه كثيرا فمنهم:

١ - احمد بن محمد بن عبدالله الجعفي ابوعبدالله القاضي كما في ترجمة ابان بن محمد (رقم ٩) وعبدالله الكاهلي (رقم ١٦٤) وغير ذلك كثيرا جدا وفي ترجمة عبدالرحمن بن ابي نجران (رقم ٦٢٧) عن القاضي ابي عبدالله وغيره عن احمد بن محمد.

٢ - احمد بن محمد بن عمران الجندي كما في ترجمة احمد بن محمد ابن ابى نصر البزنطي (رقم ١٧٦) وغير ذلك.

٣ - احمد بن محمد بن هارون بن الصلت الاهوازي كما في ترجمة

٥٩

ابراهيم بن مهزم (رقم ٢٩) واسماعيل بن زيد (رقم ٥٣) ومع غيره كما في ترجمة زياد بن أبي غياث (رقم ٤٥٩) وزياد بن مروان (رقم ٤٥٧) وغير ذلك. وفي ترجمة منذر بن محمد (رقم ١١٢٩) عن احمد بن محمد ومحمد بن جعفر عنه.

٤ - الحسين بن عبيدالله الغضائري كما في الحسن بن علي بن ابي عقيل (رقم ٩٨).

٥ - محمد بن جعفر الاديب النحوي التميمي كما في تراجم جماعة منهم ابورافع (رقم ١).

والعدة عن احمد بن محمد بن سليمان ابي غالب الزراري كما روى عنهم عنه في علي بن عبدالله الدهقان (رقم ٧٠٣) وغيره فمنهم:

١ - احمد بن علي السيرافي ابوالعباس الثقة كما في ترجمة بشر ابن سلام (رقم ٢٨٤) وغيره كثيرا.

٢ - (الحسين بن عبيدالله كما في احمد بن ابي نصر البزنطي (رقم ١٧٦) وغيره.

٣ - محمد بن محمد بن النعمان المفيد رحمه الله كما في اسماعيل ابن مهران (رقم ٤٨) وقد روى عنه عنه كثيرا وقال: اخبرنا جماعة شيوخنا عن ابي غالب احمد بن محمد الخ.. كما في محمد بن سنان (رقم ٨٩٨).

قلت روى الشيخ في الفهرست عن عدة من اصحابنا أو جماعة عن احمد بن محمد ابي غالب الزراري كثيرا وفسرهم بالمفيد واحمد ابن عبدون والحسين بن عبيدالله وغيرهم كما في ترجمة ابي غالب (ص ٣٢ رقم ٨٤) واحمد البرقي (ص ٢١ رقم ٥٥) واحمد بن البزنطي (ص ١٩ رقم ٥٣) وغير ذلك.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

وأدركوه بمشاعرهم وعقولهم مثل سائر الظنون التي تحدق بالقلوب البشرية وتنقدح فيها.

مع أنّ المراد غير ذلك، بل المراد أنّ الظروف التي حاقت بالرسل بلغت من الشدّة والقسوة إلى حد صارت تحكي بلسانها التكويني عن أنّ النصر الموعود كأنّه نصر غير صادق، لا أنّ هذا الظن كان يراود قلوب الرسل، وأفئدتهم، وكم فرق بين كونهم ظانّين بكون الوعد الإلهي بالنصر وعداً مكذوباً، وبين كون الظروف والشرائط المحيطة بهم من المحنة والشدّة كانت كأنّها تشهد في بادئ النظر على أنّه ليس لوعده سبحانه خبر ولا أثر.

فحكاية وضعهم والملابسات التي كانت تحدق بهم عن كون الوعد كذباً أمر، وكون الأنبياء قد وقعوا فريسة ذلك الظن غير الصالح أمر آخر، والمخالف للعصمة هو الثاني لا الأوّل، ولذلك نظائر في الذكر الحكيم.

منها قوله سبحانه:( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمينَ ) (١) ، فإنّ يونس النبي بن متى كان مبعوثاً إلى أهل نينوى، فدعاهم فلم يؤمنوا، فسأل الله أن يعذّبهم، فلمّا أشرف عليهم العذاب تابوا وآمنوا، فكشفه الله عنهم وفارقهم يونس قبل نزول العذاب مغاضباً لقومه ظانّاً بأنّه سبحانه لن يضيق عليه وهو يفوته بالابتعاد منه فلا يقوى على سياسته وتأديبه، لأجل مفارقته قومه مع إمكان رجوعهم إلى الله سبحانه وإيمانهم به وتوبتهم عن أعمالهم.

فما هذا الظن الذي ينسبه سبحانه إلى يونس، هل كان ظنّاً قائماً بمشاعره، فنحن نجلّه ونجلّ ساحة جميع الأنبياء عن هذا الظن الذي لا يتردّد في ذهن غيرهم، فكيف الأنبياء ؟! بل المراد أنّ عمله هذا ( أي ذهابه ومفارقة قومه ) كان

_____________________

١ - الأنبياء: ٨٧.

٨١

ممثّلاً بأنّه يظن أنّ مولاه لا يقدر عليه وهو يفوته بالابتعاد عنه فلا يقوى على سياسته، فكم فرق بين ورود هذا الظن على مشاعر يونس، وبين كون عمله مجسّماً وممثّلاً لهذا الظن في كل مَن رآه وشاهده ؟ فما يخالف العصمة هو الأوّل لا الثاني.

ومنها: قوله سبحانه في سورة الحشر حاكياً عن بني النضير إحدى الفرق اليهودية الثلاث التي كانت تعيش في المدينة، وتعاقدوا مع النبي على أن لا يخونوا ويتعاونوا في المصالح العامة، ولمّا خدعوا المسلمين وقتلوا بعض المؤمنين في مرأى من الناس ومسمع منهم، ضيّق عليهم النبي، فلجأوا إلى حصونهم، وفي ذلك يقول سبحانه:( هُوَ الذي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لأوّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ) (١) .

فما هذا الظن الذي ينسبه سبحانه إلى تلك الفرقة ؟ هل كانوا يظنّون بقلوبهم أنّ حصونهم مانعتهم من الله ؟ فإنّ ذلك بعيد جداً، فإنّهم كانوا موحّدين ومعترفين بقدرته سبحانه غير أنّ علمهم والتجاءهم إلى حصونهم في مقابل النبي الذي تبيّن لهم صدق نبوّته كان يحكى عن أنّهم مصدر هذا الظن وصاحبه.

ولذلك نظائر في المحاورات العرفية، فإنّا نصف المتهالكين في الدنيا والغارقين في زخارفها، والبانين للقصور المشيّدة والأبراج العاجية بأنّهم يعتقدون بخلود العيش ودوام الحياة، وأنّ الموت كأنّه كتب على غيرهم، ولا شك أنّ هذه النسبة نسبة صادقة لكنّ بالمعنى الذي عرفت: أي أنّ عملهم مبدأ انتزاع هذا الظن، ومصدر هذه النسبة.

وعلى ذلك فالآية تهدف إلى أنّ البلايا والشدائد كانت تحدق بالأنبياء طيلة

_____________________

١ - الحشر: ٢.

٨٢

حياتهم وتشتد عليهم الأزمة والمحنة من جانب المخالفين، فكانوا يعيشون بين أقوام كأنّهم أعداء ألدّاء، وكان المؤمنون بهم في قلّة، فصارت حياتهم المشحونة بالبلايا والنوازل، والبأساء والضرّاء، مظنّة لأن يتخيّل كل مَن وقف عليها من نبي وغيره، أنّ ما وعدوا به وعد غير صادق، ولكن لم يبرح الوضع على هذا المنوال حتى يفاجئهم نصره سبحانه، للمؤمنين، وإهلاكه وإبادته للمخالفين كما يقول:( فَنُجِّيَ مَن نَشاءُ ولا يُردُّ بأسُنا عنِ القومِ المُجْرمين ) (١) .

ويشعر بما ذكرناه قوله سبحانه:( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ البَأْساءُ وَالضَّرّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ ) (٢) .

فالمراد من الرسول هو غير النبي الأكرم من الرسل السابقين، فعندما كانت البأساء والضرّاء تحدق بالمؤمنين ونفس الرسول، وكانت المحن تزلزل المؤمنين حتى أنّ-ها كانت تحبس الأنفاس، فعند ذلك كانت تكاد تلك الأنفاس المحبوسة والآلام المكنونة تتفجّر في شكل ضراعة إلى الله، فيقول الرسول والذين آمنوا معه( متى نصر الله ) ؟ فإنّ كلمة( متى نصر الله ) مقرونة بالضراعة والالتماس، تقع مظنّة تصوّر استيلاء اليأس والقنوط عليهم لا بمعنى وجودهما في أرواحهم وقلوبهم، بل بالمعنى الذي عرفت من كونه ظاهراً من أحوالهم لا من أقوالهم.

وما برح الوضع على هذا إلى أن كان النصر ينزل عليهم وتنقشع عنهم سحب اليأس والقنوط المنتزع من تلك الحالة.

هذا ما وصلنا إليه في تفسير الآية، ولعلّ القارئ يجد تفسيراً أوقع في النفس ممّا ذكرناه.

_____________________

١ - يوسف: ١١٠.

٢ - البقرة: ٢١٤.

٨٣

الآية الثانية:

( وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذا تَمَنّى أَلْقَى الشَّيْطانُ في أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) (١) .

( لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظّالِمينَ لَفي شِقاقٍ بَعِيدٍ ) (٢) .

( وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ أَنَّهُ الحَقُّ مِنْ رَبّكَ فَيُؤمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللهَ لَهادِ الَّذينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقيمٍ ) (٣) .

وهذه الآية أو الآيات من أوثق الأدلة في نظر القائل بعدم عصمة الأنبياء، وقد استغلّها المستشرقون في مجال التشكيك في الوحي النازل على النبي على وجه سيوافيك بيانه.

وكأنّ المستدل بهذه الآية يفسّر إلقاء الشيطان في أُمنية الرسول أو النبي بالتدخّل في الوحي النازل عليه فيغيّره إلى غير ما نزل به.

ثم إنّه سبحانه يمحو ما يُلقي الشيطان ويصحّح ما أُنزل على رسوله من الآيات، فلو كان هذا مفاد الآية، فهو دليل على عدم عصمة الأنبياء في مجال التحفّظ على الوحي أو إبلاغه الذي اتفقت كلمة المتكلّمين على المصونية في هذا المجال.

وربّما يؤيّد هذا التفسير بما رواه الطبري وغيره في سبب نزول هذه الآية، وسيوافيك نصّه وما فيه من الإشكال.

_____________________

١ - الحج: ٥٢.

٢ - الحج: ٥٣.

٣ - الحج: ٥٤.

٨٤

فالأولى تناول الآية بالبحث والتفسير حتى يتبيّن أنّها تهدف إلى غير ما فسّره المستدلّ، فنقول: يجب توضيح نقاطٍ في الآيات.

الأُولى : ما معنى أُمنية الرسول أو النبي ؟ وإلى مَ يهدف قوله سبحانه:( إذا تمنّى ) ؟

الثانية : ما معنى مداخلة الشيطان في أُمنية النبي الذي يفيده قول الله سبحانه:( ألقى الشيطان في أُمنيّته ) ؟

الثالثة : ما معنى نسخ الله سبحانه ما يلقيه الشيطان ؟

الرابعة : ماذا يريد سبحانه من قوله:( ثمّ يحكم الله آياته ) وهل المراد منه الآيات القرآنية؟

الخامسة : كيف يكون ما يلقيه الشيطان فتنة لمرضى القلوب وقاسيتها ؟ وكيف يكون سبباً لإيمان المؤمنين، وإخبات قلوبهم له ؟

وبتفسير هذه النقاط الخمس يرتفع الإبهام الذي نسجته الأوهام حول الآية ومفادها فنقول:

١ - ما معنى أُمنية الرسول أو النبي ؟

أمّا الأُمنية قال ابن فارس: فهي من المنى، بمعنى تقدير شيء ونفاذ القضاء به، منه قولهم: مني له الماني أي قدر المقدر قال الهذلي:

لا تأمننّ وإن أمسيت في حرمٍ

حتى تلاقي ما يمني لك الماني

والمنا: القدر، وماء الإنسان: منيّ، أي يُقدّر منه خلقته والمنيّة: الموت؛ لأنّها مقدّرة على كل أحد، وتمنّى الإنسان: أمل يقدّره، ومنى مكّة: قال قوم: سمّي به لما قُدّر أن يُذبح فيه، من قولك مناه الله(١) .

_____________________

١ - المقاييس: ٥/٢٧٦.

٨٥

وعلى ذلك فيجب علينا أن نقف على أُمنية الرسل والأنبياء من طريق الكتاب العزيز، ولا يشك مَن سبر الذكر الحكيم أنّه لم يكن للرسل والأنبياء، أُمنية سوى نشر الهداية الإلهية بين أقوامهم وإرشادهم إلى طريق الخير والسعادة، وكانوا يدأبون في تنفيذ هذا المقصد السامي، والهدف الرفيع ولا يألون في ذلك جهداً، وكانوا يخطّطون لهذا الأمر، ويفكّرون في الخطّة بعد الخطّة، ويمهّدون له قدر مستطاعهم، ويدل على ذلك جمع من الآيات نكتفي بذكر بعضها:

يقول سبحانه في حق النبي الأكرم:( وَما أَكْثَرُ النّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤمِنين َ) (١) .

ويقول أيضاً:( فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ ) (٢) .

ويقول أيضاً:( إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرينَ ) (٣) .

ويقول سبحانه:( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ) (٤) .

ويقول سبحانه:( فَذَكّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّر* لَسْتَ عَلَيْهِمْ بُمُصَيْطِرٍ ) (٥) .

هذا كلّه في حق النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ويقول سبحانه حاكياً عن استقامة نوح في طريق دعوته:( وَإِنّي كُلَّما

_____________________

١ - يوسف: ١٠٣.

٢ - فاطر: ٨.

٣ - النحل: ٣٧.

٤ - القصص: ٥٦.

٥ - الغاشية: ٢١ - ٢٢.

٨٦

دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ في آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً * ثُمَّ إِنّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً * ثُمَّ إِنّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً ) (١) .

ويقول سبحانه بعد عدّةٍ من الآيات:( قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْني وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاّ خَساراً * وَمَكَرُوا مَكْراً كُبّاراً * وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً * وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظّالِمينَ إِلاّ ضَلالاً ) (٢) .

فهذه الآيات ونظائرها تنبئ بوضوح عن أنّ أُمنية الأنبياء الوحيدة في حياتهم، وسبيل دعوتهم هو هداية الناس إلى الله، وتوسيع رقعة الدعوة إلى أبعد حد ممكن، وإن منعتهم من تحقيق هذا الهدف عراقيل وموانع؛ فهم يسعون إلى ذلك بعزيمة راسخة ورجاء واثق.

إلى هنا تبيّن الجواب عن السؤال الأوّل، وهلمّ معي الآن لنقف على جواب السؤال الثاني، أعني:

٢ - ما معنى إلقاء الشيطان في أُمنية الرسل ؟

وهذا السؤال هو النقطة الحاسمة في استدلال المخالف، وبالإجابة عليها يظهر وهن الاستدلال بوضوح، فنقول: إنّ إلقاء الشيطان في أُمنيتهم يتحقّق بإحدى صورتين:

١ - أن يوسوس في قلوب الأنبياء ويوهن عزائمهم الراسخة، ويقنعهم بعدم جدوى دعوتهم وإرشادهم، وأنّ هذه الأُمّة أُمّة غير قابلة للهداية، فتظهر بسبب

_____________________

١ - نوح: ٧ - ٩.

٢ - نوح: ٢١ - ٢٤.

٨٧

ذلك سحائب اليأس في قلوبهم ويكفّوا عن دعوة الناس وينصرفوا عن هدايتهم.

ولا شك أنّ هذا المعنى لا يناسب ساحة الأنبياء بنصّ القرآن الكريم؛ لأنّه يستلزم أن يكون للشيطان سلطان على قلوب الأنبياء وضمائرهم، حتى يوهن عزائمهم في طريق الدعوة والإرشاد، والقرآن الكريم ينفي تسلّل الشيطان إلى ضمائر المخلصين الذين هم الأنبياء ومن دونهم، ويقول سبحانه:( إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ ) (١) .

ويقول أيضاً ناقلاً عن نفس الشيطان:( فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَّنَهُمْ أَجْمَعينَ* إِلاّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) (٢) .

وليس إيجاد الوهن في عزائم الأنبياء من جانب الشيطان إلاّ إغواءهم المنفيّ بنص الآيات.

٢ - أن يكون المراد من إلقاء الشيطان في أُمنية النبي هو إغراء الناس ودعوتهم إلى مخالفة الأنبياءعليهم‌السلام والصمود في وجوههم حتى تصبح جهودهم ومخطّطاتهم عقيمة غير مفيدة.

وهذا المعنى هو الظاهر من القرآن الكريم حيث يحكي في غير مورد أنّ الشيطان كان يحضّ أقوام الأنبياءعليهم‌السلام على المخالفة ويعدهم بالأماني، حتى يخالفوهم.

قال سبحانه:( يَعِدُهُمْ ويُمَنِّيهِم وَمَا يَعِدُهُمُ الشّيطانُ إلاّ غُرُوراً ) (٣) .

_____________________

١ - الحجر: ٤٢، الإسراء: ٦٥.

٢ - ص: ٨٢ - ٨٣.

٣ - النساء: ١٢٠.

٨٨

وقال سبحانه:( وَقالَ الشَّيْطانُ لَمّا قُضِىَ الأمرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَقّ وَوعَدتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلومُوني وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ) (١) .

وهذه الآيات ونظائرها تشهد بوضوح على أنّ الشيطان وجنوده كانوا يسعون بشدّة وحماس في حضّ الناس على مخالفة الأنبياء والرسل، وكانوا يخدعونهم بالعدة والأماني، وعند ذلك يتضح مفاد الآية، قال سبحانه:( وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبيٍّ إلاّ إذا تمنّى ) أي إذا فكّر في هداية أُمّته وخطّط لذلك الخطط، وهيّأ لذلك المقدّمات( ألقى الشيطان في أُمنيّته ) (بحضّ الناس على المخالفة والمعاكسة وإفشال خطط الأنبياء حتى تصبح المقدّمات عقيمة غير منتجة ).

٣ - ما معنى نسخه سبحانه ما يلقيه الشيطان ؟

إذا عرفت هذا المقطع من الآية يجب أن نقف على مفاد المقطع الآخر منها وهو قوله سبحانه: ( فينسخ الله ما يلقي الشيطان ) وما معنى هذا النسخ ؟

والمراد من ذاك النسخ ما وعد الله سبحانه رسله بالنصر، والعون والإنجاح، قال سبحانه:( إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَياةِ الدُّنْيا ) (٢) ، وقال سبحانه:( كَتَبَ اللهُ لأغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِىّ عَزِيزٌ ) (٣) ، وقال سبحانه:( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقّ عَلَى الباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ ) (٤) .

_____________________

١ - إبراهيم: ٢٢.

٢ - غافر: ٥١.

٣ - المجادلة: ٢١.

٤ - الأنبياء: ١٨.

٨٩

وقال سبحانه:( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلينَ* إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ* وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ ) (١) .

وقال في حق النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( هُوَ الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) (٢) .

وقال سبحانه:( وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُها عباديَ الصّالِحُونَ ) (٣) .

إلى غير ذلك من الآيات الساطعة التي تحكي عن انتصار الحق الممثّل في الرسالات الإلهية في صراعها مع الباطل وأتباعه.

٤ - ما معنى إحكامه سبحانه آياته ؟

إذا تبيّن معنى نسخه سبحانه ما يلقيه الشيطان، يتبيّن المراد من قوله سبحانه:( ثمّ يحكم الله آياته ) .

فالمراد من الآيات هي الدلائل الناصعة الهادية إلى الله سبحانه وإلى مرضاته وشرائعه.

وإن شئت قلت: إذا نسخ ما يلقيه الشيطان، يخلفه ما يلقيه سبحانه إلى أنبيائه من الآيات الهادية إلى رضاه أوّلاً، وسعادة الناس ثانياً.

ومن أسخف القول: إنّ المراد من الآيات، الآيات القرآنية التي نزلت على النبي الأكرم؛ وذلك لأنّ موضوع البحث فيها ليس خصوص النبي الأكرم، بل الرسل والأنبياء على وجه الإطلاق أضف إليه أنّه ليس كل نبيٍّ ذا كتاب وآيات ،

_____________________

١ - الصافات: ١٧١ - ١٧٣.

٢ - التوبة: ٣٣.

٣ - الأنبياء: ١٠٥.

٩٠

فكيف يمكن أن يكون ذا قرآن مثله ؟

ويعود مفاد الجملة إلى أنّ الله سبحانه يحكم دينه وشرائعه وما أنزله الله إلى أنبيائه وسفرائه من الكتاب والحكمة.

والحاصل: إنّ في مجال الصراع بين أنصار الحق وجنود الباطل يكون الانتصار والظفر للأوّل، والاندحار والهزيمة للثاني، فتضمحل الخطط الشيطانية وتنهزم أذنابه بإرادة الله سبحانه، فتخلفها البرامج الحيوية الإلهية وآياته الناصعة، فيصبح الحق قائماً وثابتاً، والباطل داثراً وزاهقاً، قال سبحانه:( وَقُلْ جاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ الباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً ) (١) .

٥ - ما هي النتيجة من هذا الصراع ؟

قد عرفت أنّ الآية تعلّل الهدف من هذا الصراع بأنّ ما يلقيه الشيطان يكون فتنة لطوائف ثلاث:

١ - الذين في قلوبهم مرض.

٢ - ذات القلوب القاسية.

٣ - الذين أُوتوا العلم.

إنّ نتيجة هذا الصراع تعود إلى اختبار الناس وامتحانهم حتى يظهروا ما في مكامن نفوسهم وضمائر قلوبهم من الكفر والنفاق أو من الإخلاص والإيمان.

فالنفوس المريضة التي لم تنلها التزكية والتربية الإلهية، والقلوب القاسية التي أسّرتها الشهوات، وأعمتها زبارج الحياة الدنيا، تتسابق إلى دعوة الشيطان

_____________________

١ - الإسراء: ٨١.

٩١

وتتبعه فيظهر ما في مكامنها من الكفر والقسوة، فيثبت نفاقها ويظهر كفرها.

وأمّا النفوس المؤمنة الواقفة على أنّ ما جاء به الرسل حق من جانب الله سبحانه، فلا يزيدها ذلك إلاّ إيماناً وثباتاً وهداية وصموداً.

وهذه النتيجة حاكمة في عامّة اختبارات الله سبحانه لعباده، فإنّ اختباراته سبحانه ليس لأجل العلم بواقع النفوس ومكامنها، فإنّه يعلم بها قبل اختبارها( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطيفُ الْخَبيرُ ) (١) ، وإنّما الهدف من الاختبار هو إخراج تلك القوى والقابليات الكامنة في النفوس والقلوب، إلى عالم التحقّق والفعلية وبالتالي تمكين الاستعدادات من الظهور والوجود.

وفي ذلك يقول الإمام أمير المؤمنين علىعليه‌السلام في معنى الاختبار بالأموال والأولاد الوارد في قوله:( وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَولادُكُمْ فِتْنَةٌ ) (٢) : ( ليتبيّن الساخط لرزقه، والراضي بقسمه، وإن كان سبحانه أعلم بهم من أنفسهم، ولكن لتظهر الأفعال التي بها يستحق الثواب والعقاب)(٣) .

وقد وقفت بعد ما حرّرت هذا على كلام لفقيد العلم والتفسير الشيخ محمد جواد البلاغي - قدّس الله سرّه - وهو قريب ممّا ذكرناه: قال: المراد من الأُمنية هو الشيء المتمنّى كما هو الاستعمال الشائع في الشعر والنثر، كما أنّ الظاهر من التمنّي المنسوب إلى الرسول والنبي، ويشهد به سوق الآيات، هو أن يكون ما يناسب وظيفتهما، وهو تمنّي ظهور الهدى في الناس وانطماس الغواية والهوى، وتأييد شريعة الحق، ونحو ذلك، فيلقي الشيطان بغوايته بين الناس في هذا المتمّنى

_____________________

١ - الملك: ١٤.

٢ - الأنفال: ٢٨.

٣ - نهج البلاغة: قسم الحكم، الرقم: ٩٣.

٩٢

الصالح ما يشوّشه، ويكون فتنة للذين في قلوبهم مرض، كما ألقى بين أُمّة موسى من الضلال والغواية ما ألقى، وألقى بين أتباع المسيح ما أوجب ارتداد كثير منهم، وشك خواصهم فيه واضطرابهم في التعاليم، وأحكام الشريعة بعده، وألقى بين قوم رسول الله ما أهاجهم على تكذيبه وحربه، وبين أُمّته ما أوجب الخلاف وظهور البدع فينسخ الله بنور الهدى غياهب الضلال وغواية الشيطان، فيسفر للعقول السليمة صبح الحق، ثم يحكم الله آياته ويؤيّد حججه بإرسال الرسل، أو تسديد جامعة الدين القيم(١) .

وما ذكره - قدّس الله سرّه - كلام لا غبار عليه، وقد شيّدنا أساسه فيما سبق.

إلى هنا تبيّن مفاد جميع مقاطع الآية بوضوح وبقي الكلام في التفسير السخيف الذي تمسّك به بعض القساوسة الطاعنين في الإسلام، ومَن حذا حذوهم من البسطاء.

التفسير الباطل للآية

ثمّ إنّ بعض القساوسة الذين أرادوا الطعن في الإسلام والتنقيص من شأن القرآن، تمسّكوا بهذه الآية وقالوا: بأنّ المراد من الآية هو أنّ ( ما من رسول ولا نبي إلاّ إذا تمنّى وتلا الآيات النازلة عليه تدخّل الشيطان في قراءته فأدخل فيها ما ليس منها ) واستشهدوا لذلك التفسير بما رواه الطبري عن محمد بن كعب القرضي، ومحمد بن قيس، قالا: جلس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في نادٍ من أندية قريش كثير أهله فتمنّى يومئذٍ أن لا يأتيه من الله شيء فينفروا عنه، فأنزل الله عليه( وَالنَّجْمِ إِذا هَوى * ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى ) (٢) فقرأهاصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى إذا بلغ:( أفَرأيتُمُ اللاَّتَ والعُزّى * ومَناةَ الثالِثَةَ الأُخْرى ) (٣) ألقى عليه الشيطان كلمتين: ( تلك

_____________________

١ - الهدى إلى دين المصطفى: ١/١٣٤.

٢ - النجم: ١ - ٢.

٣ - النجم: ١٩ - ٢٠.

٩٣

الغرانقة العلى، وإن شفاعتهن لترتجى ) فتكلّم بها ثم مضى فقرأ السورة كلّها، فسجد في آخر السورة وسجد القوم جميعاً معه، ورفع الوليد بن المغيرة تراباً إلى جبهته فسجد عليه وكان شيخاً كبيراً لا يقدر على السجود، فرضوا بما تكلّم به وقالوا قد عرفنا: إنّ الله يحيي ويميت وهو الذي يخلق ويرزق، ولكن آلهتنا هذه تشفع لنا عنده إذ جعلت لها نصيباً فنحن معك، قالا: فلمّا أمسى أتاه جبرائيلعليه‌السلام فعرض عليه السورة، فلمّا بلغ الكلمتين اللّتين ألقى الشيطان عليه، قال ما جئتك بهاتين، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : افتريت على الله وقلت على الله ما لم يقل فأوحى الله إليه:( وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الذي أَوحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ ) إلى قوله:

( ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً ) (١) ، فما زال مغموماً مهموماً حتى نزلت عليه:( وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِىٍّ إِلاّ إِذا تَمَنّى أَلْقَى الشَّيْطانُ في أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللهُ ما يلقِي الشَّيطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ واللهُ عَليِمٌ حَكِيمٌ ) قال فسمع مَن كان من المهاجرين بأرض الحبشة أنّ أهل مكّة قد أسلموا كلّهم فرجعوا إلى عشائرهم وقالوا: هم أحب إلينا فوجدوا قد ارتكسوا حين نسخ الله ما ألقى الشيطان(٢) .

ولا يخفى ما في هذا التفسير وشأن النزول من الإشكالات التي تسقطه عن صحّة الاستناد إليه.

أمّا أوّلاً: فلأنّه مبني على أنّ قوله ( تمنّى ) بمعنى تلا، وأنّ لفظة ( أُمنيته ) بمعنى تلاوته، وهذا الاستعمال ليس مأنوساً في لغة القرآن والحديث، ولو صحّ فإنّما هو استعمال شاذ يجب تنزيه القرآن عنه.

_____________________

١ - الإسراء: ٧٣، ٧٥.

٢ - تفسير الطبري: ١٧/١٣١، ونقله السيوطي في الدر المنثور في تفسير الآية.

٩٤

نعم استدلّ بعضهم بقول حسّان على ذاك الاستعمال:

تمنّى كتاب الله أوّل ليلةٍ

وآخره لاقى حمام المقادر

وقول الآخر:

تمنّى كتاب الله آخر ليلة

تمنّي داود الزبور على رسل

وهذان البيتان لو صحّ إسنادهما إلى عربي صميم كحسّان لا يحسن حمل القرآن على لغة شاذّة.

أضف إلى ذلك أنّ البيت غير موجود في ديوان حسّان، وإنّما نقله عنه المفسّرون في تفاسيرهم، وقد نقله أبو حيان في تفسيره (ج٦ ص٣٨٢) واستشهد به صاحب المقاييس (ج٥ ص٢٧٧).

ولو صحّ الاستدلال به فرضاً فإنّما يتم في اللفظ الأوّل دون الأُمنية لعدم ورودها فيه.

وثانياً: أنّ الرواية لا يمكن أن يحتج بها لجهات كثيرة أقلّها أنّها لا تتجاوز في طرقها عن التابعين ومن هو دونهم إلاّ إلى ابن عباس مع أنّه لم يكن مولوداً في الوقت المجعول للقصّة.

أضف إلى ذلك، الاضطراب الموجود في متنها فقد نقل بصور مختلفة يبلغ عدد الاختلاف إلى أربع وعشرين صورة، وقد جمع تلك الصور المختلفة العلاّمة البلاغي في أثره النفيس، فلاحظ(١) .

وثالثاً: أنّ القصة تكذّب نفسها؛ لأنّها تتضمّن أنّ النبي بعد ما أدخل الجملتين الزائدتين في ثنايا الآيات، استرسل في تلاوة بقيّة السورة إلى آخرها

_____________________

١ - الهدى إلى دين المصطفى: ١/١٣٠.

٩٥

وسجد النبي والمشركون الحاضرون معه، فرحاً بما جاء في تينك الجملتين من الثناء على آلهتهم.

ولكنّ الآيات التي وقعت بعدهما، واسترسل النبي في تلاوتها عبارة عن قوله سبحانه:( تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى * إِنْ هيَ إِلاّ أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباوَكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ ) (١) إلى آخر الآيات.

وعندئذ يطرح هذا السؤال، وهو أنّه كيف رضي متكلّم العرب ومنطيقهم وحكيمهم وشاعرهم: الوليد بن المغيرة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذا الثناء القصير، وغفل عن الآيات اللاحقة التي تندّد بآلهتهم بشدّة وعنف، ويعدّها معبودات خرافية لا تملك من الإلوهية إلاّ الاسم والعنوان ؟!

أو ليس ذلك دليلاً على أنّ جاعل القصّة من الوضّاعين الكذّابين الذي افتعل القصّة في موضع غفل عن أنّه ليس محلاًّ لها، وقد قيل: لا ذاكرة لكذوب.

ورابعاً: أنّ الله سبحانه يصف في صدر السورة نبيّه الأكرم بقوله:( وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْىٌ يُوحى ) (٢) ، وعندئذ كيف يصح له سبحانه أن يصف نبيّه في أوّل السورة بهذا الوصف، ثم يبدر من نبيّه ما ينافي هذا التوصيف أشدّ المنافاة، وفي وسعه سبحانه صون نبيّه عن الانزلاق إلى مثل هذا المنزلق الخطير ؟!

وخامساً: أنّ الجملتين الزائدتين اللّتين أُلصقتا بالآيات، تكذّبهما سائر الآيات الدالة على صيانة النبي الأكرم في مقام تلقّي الوحي والتحفّظ عليه وإبلاغه كما مرّ في تفسير قوله سبحانه:( فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ) (٣) .

_____________________

١ - النجم: ٢٢ - ٢٣.

٢ - النجم: ٣ - ٤.

٣ - الجن: ٢٧.

٩٦

وقوله تعالى:( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الأقاويل * لأخذنا مِنْهُ بِالْيَمينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ ) (١) .

وسادساً: أنّ علماء الإسلام، وأهل العلم والدراية من المسلمين، قد واجهوا هذه الحكاية بالرد، فوصفها المرتضى بالخرافة التي وضعوها(٢) .

وقال النسفي: إنّ القول بها غير مَرْضيّ وقال الخازن في تفسيره: إنّ العلماء وهّنوا أصل القصّة ولم يروها أحد من أهل الصحّة، ولا أسندها ثقة بسند صحيح، أو سليم متصل، وإنّما رواها المفسّرون والمؤرّخون المولعون بكل غريب، الملفّقون من الصحف كل صحيح وسقيم، والذي يدل على ضعف هذه القصّة اضطراب رواتها، وانقطاع سندها واختلاف ألفاظها(٣) .

هذه هي أهم الإشكالات التي ترد على القصّة وتجعلها في موضع من البطلان قد ذكرها المحقّقون في الرد على هذه القصّة وقد ذكرنا قسماً منها في كتابنا ( فروغ أبديت )(٤) ، ولا نطيل المقام بذكرها.

_____________________

١ - الحاقة: ٤٤ - ٤٦.

٢ - تنزيه الأنبياء: ١٠٩.

٣ - الهدى إلى دين المصطفى: ١/١٣٠.

٤ - كتاب أُلّف في بيان سيرة النبي الأكرم من ولادته إلى وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد طُبع في جزأين.

٩٧

الطائفة الثانية

ما يمسّ عصمة عدّة خاصّة من الأنبياء

فهذه الطائفة عبارة عن الآيات التي تمسّ بظاهرها عصمة بعض الأنبياء بصورة جزئية وها نحن نذكرها واحدة بعد أُخرى.

- ١ -

عصمة آدمعليه‌السلام والشجرة المنهي عنها

وجعل الشريك لله

وقد طرحنا في هذه الطائفة أبرز الآيات التي وقعت ذريعة بأيدي المخطّئة في مجال نفي العصمة عن عدّة معيّنة من الأنبياء، وراعينا الترتيب التاريخي لهم، فنقدّم البحث عن عصمة آدمعليه‌السلام على البحث عن عصمة نوحعليه‌السلام وهكذا.

إنّ حديث الشجرة المنهيّ عنها هو أقوى ما تمسّك به المخالفون للعصمة المجوّزون صدور المعصية من الرسل والأنبياء، ويعدّ ذلك في منطقهم ( كبيت القصيد ) في ذلك المجال، ولأجل ذلك ينبغي التوسّع في البحث واستقصاء ما يمكن أن يقع ذريعة في يد المخالف فنقول:

٩٨

إنّ حديث الشجرة ورد على وجه التفصيل في سور ثلاث، نذكر منها ما يتعلّق بمورد البحث قال سبحانه:( وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الْشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوّ وَلَكُمْ فِي الأرضِ مُسْتَقَرّ وَمَتاعٌ إِلَى حِين * فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) (١) .

ويقول سبحانه:( وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُرِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْءاتِهِما وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هِذِهِ الشَّجَرَةِ إلاّ أنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحينَ * فَدَلاّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءاتُهُما وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُما رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوّ مُبينٌ * قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِر لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ * قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوّ وَلَكُمْ فِي الأرضِ مُسْتَقَرّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ) (٢) .

فأنت ترى أنّه سبحانه يتوسّع في بيان القصّة في هذه السورة، بينما هو يختصر في بيانها في السورة السابقة، ووجه ذلك أنّ سورة الأعراف مكّيّة وسورة البقرة مدنية، ولمّا توسّع في البيان في السورة المتقدّمة أوجز في السورة اللاحقة ولم يفصّل.

____________________

١ - البقرة: ٣٥ - ٣٧.

٢ - الأعراف: ١٩ - ٢٤.

٩٩

ويقول سبحانه:( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً * وَإِذْ قُلْنَا لِلمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إلاّ إِبْلِيسَ أَبَى * فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إنَّ لَكَ أَلاّ تَجُوعَ فِيهَا ولا تَعْرَى * وَأنَّكَ لا تَظْمَؤا فِيَها ولا تَضْحَى * فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى * فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوءاتُهُما وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى * ثُمَّ اجتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى * قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوّ فَإِمَّا يَأتِيَنَّكُمْ مِنّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى ) (١) .

هذه السور الثلاث قد احتوت على مهمّات هذه القصّة، فينبغي علينا توضيح ما ورد فيها من الجمل والكلمات التي تعتبر مثاراً للتساؤلات الآتية:

التساؤلات حول الآيات

إنّ التساؤلات المطروحة حول الآيات عبارة عن:

١ - ما هي نوعية النهي في قوله تعالى:( لا تقربا ) ؟

٢ - ما هو المراد من وسوسة الشيطان لآدم وزوجته ؟

٣ - ماذا يراد من قوله:( فأزلّهما الشيطان ) ؟

٤ - ماذا يراد من قوله:( فعصى آدم ربّه فغوى ) وهل العصيان والغواية يلازمان المعصية المصطلحة ؟

٥ - ما معنى اعتراف آدم بظلمه لنفسه في قوله:( ربّنا ظلمنا أنفسنا ) ؟

____________________

١ - طه: ١١٥ - ١٢٣.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409