تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ١

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي19%

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي مؤلف:
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 409

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 409 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 138645 / تحميل: 8574
الحجم الحجم الحجم
تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

ابن محمد رقم ٥٩ وغير ذلك. وروى عنه ايضا عن شيخه هارون بن موسى التلعكبري كما في ترجمة داود بن يحيى رقم ٤١٣ وغيره. وعنه عن علي بن عبدالرحمن بن عروة الكاتب كما في ترجمة داود ابن كثير رقم ٤٠٧ وغيره. والاختلاف في هذه الموارد وغيره بذكر اسمه او مع ذكر جده او مع زيادة الكنيته او اللقب او تركها لا يوجب التعدد.

٢٧ - محمد بن علي بن حشيش التميمي المقري، فقد روى عنه في ترجمة بكر بن محمد الازدي الغامدي رقم ٢٧١ عن محمد بن علي ابن دحيم.

٢٨ - محمد بن علي بن شاذان ابوعبدالله القزويني رحمه الله، هو الشيخ الجليل الذي ورد على النجاشي رحمه الله زائرا ذكره في ترجمة محمد بن مروان الانباري رقم ٩٤٢ وهو من مشايخه الذين روى عنهم كثيروا كتب الاصحاب واصولهم وقد روى عنه عن إحمد بن محمد ابن يحيى العطار كثيرا جدا وايضا عنه عن علي بن حاتم كثيرا كما في ترجمة احمد بن علي الفائدي رقم ٢٣٥ والحسن بن علي بن ابي حمزة رقم ٧٢ وابراهيم بن نعيم رقم ٢٢ وغيرهم. والاختلاف بذكر اسمه واسم ابيه او مع زيادة جده او مع زيادة الكنيته واللقب او ذكره بعنوان ابن شاذان ونحو ذلك لا يضر بالوحدة كم هو ظاهر لمن تأمل في رواياته.

٢٩ - شيخ الامة ومعلمها وزعيم الطائفة وكهفها محمد بن محمد ابن النعمان الملقب بالشيخ المفيد رحمه الله المتوفى سنة ٤١٣، استاذ الماتن في الفقه وسار الفنون، وقد قرأ عليه كتبه وكتب الاصحاب

٤١

واصولهم، وسمع منه عند ما يقرأ عليه واجازه بكتبه وكتب غيره وروى عنه كثيرا وذكر ترجمته رقم ١٠٧٨.

٣٠ - ابوالحسن بن احمد بن علي بن الحسن بن شاذان الفامي القمي قال (ره) في ترجمة ابيه احمد رقم ٢٠٠ شيخنا الفقيه حسن المعرفة صنف كتابين لم يصنف غيرهما كتاب زاد المسافر وكتاب الامالي اخبرنا بهما ابنه ابوالحسن رحمهما الله تعالى. وعن الكراجكي في كنز الفزائد ان اسم ابي الحسن هذا محمد، وان محمد بن احمد من مشايخه (ره).

٣١ - ابوالحسين بن محمد بن ابي سعيد ففي وهيب بن خالد البصري رقم ١١٦٩ قال: اخبرنا ابوالحسين بن محمد بن ابي سعيد قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عبيدالله بمصر قرائة.. الخ.

٣٢ - ابوعبدالله الجعفي القاضي رحمه الله فقد روى عنه عن احمد بن محمد بن سعيد كثيرا كما في ابان بن محمد البجلي رقم ٩، وعبدالله بن يحيى الكاهلي رقم ٥٨٥، وعبدالله بن سعيد الاسدي رقم ٥٨٩ وغير ذلك، واحتمال إتحاده مع احمد بن محمد بن عبدالله الجعفي بعيد، حيث ذكر الاسناد إلى محمد بن سلمة اليشكري رقم ٩٠٥ مبدوا بقوله (ره) قال: احمد بن محمد بن عبدالله الجعفي حدثنا ابي الخ وأما ابوعبدالله فيروى عنه بلفظ اخبرنا وفي ذلك اشكال.

هذا كله فيمن روى عنه الماتن رحمه الله في هذا الكتاب بقوله أخبرنا أو حدينا أو نحو ذلك وقد استخرجنا هؤلاء وغيرهم من مشايخه بالتأمل فيما رواه في هذا الكتاب.

٤٢

مشايخه الذين حكى عنهم

قد روى الماتن (ره) كتب جمع من اصحابنا واصولهم او نسخة او رواية في احوال الرواة وطبقاتهم عن عدة من مشايخه بغير صورة الرواية بقوله اخبرنا او حدثنا بل بنحو قوله ذكر ذلك او حكى او قال او روى فلان وقد إختار غير واحد عدم شمول التوثيق لمشايخه في الرواية والحديث لهولاء كما سيأتي الكلام في ذلك وهم جماعة.

١ - الشيخ الجليل احمد بن الحسين بن عبيدالله بن ابراهيم ابوالحسن الغضائري (ره) ابن شيخه الجليل الحسين الغضائري (ره). كان احمد من شيوخ اصحاب الحديث في عصره نقادا خبيرا بصيرا بأحوال الرواة وطبقاتهم وما ورد فيهم من المدح او الذم كثير السماع والقرائة على مشايخ الحديث قرأ عليهم واجازوه بروايته كتب الاصحاب وأصولهم واليه ينتهى أسانيد كثير منها وكان عنده نسخ مؤلفيها بخطهم واجازاتهم بل التوقيعات الواردة من الناحية المقدسة كما ذكره الماتن رحمه الله في محمد بن عبدالله بن جعفر الحميري (رقم ٩٦١). ويدل على وفور علمه وكثرة اطلاعه، وقوة بصيرته، وعلمه بالرجال ما صنفه في فنون الرجال، وما حكاه الماتن وغيره عنه من كتب الاصحاب واصولهم ورواياتهم واحوالهم، وما ذكره ايضا من سماعه وقرائته على مشايخ الحديث.

فقد صنف في مصنفات اصحابنا رضوان الله عليهم كتابا وفي اصولهم كتابا آخر كبيرا لم يصنف في موضوعه مثله مع ما صنف اصحابنا في فنون الرجال وفي فهرست مصنفاتهم واصولهم كتبا كبيرة

٤٣

ضخمة جدا قال الشيخ الطوسي زعيم الطائفة في عصره في مقدمة الفهرست: اما بعد فاني لما رأيت جماعة من شيوخ طائفتنا من اصحاب الحديث عملوا فهرست كتب أصحابنا وما صنفوه من التصانيف ورووه من الاصول ولم أجد أحدا إستوفى ذلك ولا ذكر أكثره بل كل منهم كان غرضه أن يذكر ما اختص بروايته وأحاطت به خزانته من الكتب ولم يتعرض احد منهم لاستيفاء جميعه الا ما قصده ابوالحسن احمد بن الحسين بن عبيدالله رحمه الله فانه عمل كتابين أحدهما ذكر فيه المصنفات والآخر ذكر فيه الاصول وإستوفاهما على مبلغ ما وجده وقدر عليه غير ان هذين الكتابين لم ينسخهما أحد من أصحابنا وأخترم هو رحمه الله وعمد بعض ورثته إلى إهلاك هذين الكتابين وغيرهما من الكتب على ما حكى بعضهم عنه انتهى كلامه رحمه الله قلت وفي ثبوت هلاك الكتابين كلام يستدعى محلا آخر.

وصنف احمد بن الحسين ايضا كتابا في الممدوحين من الرواة، وكتابا آخر فيي المذمومين ومن ورد فيه غمز او جرح، وكان العلامة الحلي رحمه الله عنده نسخنهما يروي عنهما في الخلاصة ويشير إلى الكتابين ويحكى عنهما كما فيي تراجم جماعة مثل سليمان بن عمر النخعي (ص ٢٢٥) وعمرو بن ثابت (ص ٢٤١ رقم ١٠) ومحمد بن مصادف (ص ٢٥٦ رقم ٥٦) وفي ترجمته قال: إختلف قول إبن الغضائري فيه ففي أحد الكتابين أنه ضعيف وفي الآخر انه ثقة.. الخ وأشار ابن داود الحلي ايضا إلى ذلك ايضا في ترجمته (ص ٥١٠ رقم ٤٦٥).

قلت ويحتمل كون المراد بالكتابين الكتابان الذان وضعهما في المصنفين واصحاب الاصول وان كان الاظهر التعدد. ثم ان كتابه في الممدوحين لا يوجد نسخته ولم يحك عنه غير

٤٤

العلامة رحمه الله واما كتابه في الممذومين فقد أخرجه السيد ابن طاووس احمد بن موسى بن جعفر المتوفى سنة ٦٧٣ من مشايخ ابن داود صاحب الرال وجمع بينه وبين الاصول الاربعة الرجالية في كتابه " حال الاشكال " وقد حكى ذلك جماعة بل قيل ان الموجود من كتب ابن الغضائري هو هذا، وانه قل من سلم من جرحه، ولذا توقف جماعة عن الاخذ بجرحه، بل ربما يتوقف في نفسه من كثرة جرحه في الرواة لكن احتمل بعض من تأخر ان مؤلفه بعض المعاندين لاكابر الاصحاب.

قلت تأليف كتاب خاص في الممذومين والمجروحين وعدم تحقيق كامل في طرق الذم وفي الجارح يقتضى عدم خلو اكثر الثقات الاجلاء عن الطعن بالالسن والمعصوم من الزلل ليس معصوما عن جرح المعاند بلسانه واستيفاء المجروحين يستلزم ذلك الا اذا حقق الجرح وترك المفتعل المكذوف وكان اكثر ما يرى في هذا الكتاب حسب ما نقل عنه في التراجم الجرح بالغلو والارتفاع والكذب والوضع ورواية المناكير، ولعله كان لاحمد بن الحسين رحمه الله رأى خاص في حد الغلو كما نسب ايضا إلى جماعة من القميين، ولاجله قل من سلم من جرحه، وربما يستفاد ذلك من جرحه في جماعة من الرواة فلاحظ. واما مؤلفه فهو من مشايخ الرجال والجرح والتعديل كما في مواضع من الخلاصة بل عده مع النجاشي والكشي من الشيوخ العظماء كما في ترجمة يونس بن ظبيان (ص ٢٦٦) وترحم عليه النجاشي والعلامة في الخلاصة كثيرا وقد اعتمد عليه النجاشي في تراجم جماعة وحكى قوله في قبال اقول أكابر الامامية وثقات الاصحاب مثل أبي العباس وسعد بن عبدالله.

٤٥

وقد اعتمد العلامة رحمه الله في الخلاصة على تضعيفه في تراجم جماعة كثيرة لا يخفى على المتتبع. وجمع بين جرحه وبين توثيق النجاشي او غيره بما لا ينافي احدهما الآخر كما في إدريس بن زياد (ص ١٢ رقم ٢) وعلي بن ميمون أبي الاكراد ص ٩٦ ومحمد بن احمد بن خاقان ص ١٥٢ وغيرهم. ورجح الاخذ بجرحه في قبال قول النجاشي او الشيخ ونحوهما كما في جابر الجعفي ص ٣٥ وظفر بن حمدون ص ٩١ وغيرهما.

ثم ان المصنف النجاشي رحمها الله قد أكثر في كتابه الحكاية عن ابن الغضائري هذا مترحما عليه ويظهر منه الاعتماد عليه ولذلك قيل بوثاقته بناء‌ا على القول بوثاقة عامة مشايخ النجاشي ولكن فيه نظر لعدم روايته عنه في هذا الكتاب بنحو قوله اخبرنا او حدثنا بل يحكى عنه بصورة قوله قال او ذكر ذلك احمد بن الحسين ونحو ذلك إلا على القول بعدم اختصاص الوثاقة بخصوص من روى عنهم على الوجه الاول وسيأتي الكلام فيه ان شاء‌الله. ولا يتوهم روايته عنه على الوجه الاول ايضا لما ذكره رحمه الله في ترجمة عبدالله بن ابي عبدالله الطيالسي رقم ٥٧٧ بعد ذكر كتابه قائلا: ونسخة اخرى نوادر صغيرة رواه ابوالحسين النصيبي أخبرناه بقرائة احمد بن الحسين قال (ره).. وذلك لان الظاهر روايته عن شيخه محمد بن عثمان النصيبي القاضي ابي الحسين المتقدم ولكن بقرائة احمد بن الحسين الغضائري على النصيبي وسماع النجاشي منه. وكان احمد يحضر مع النجاشي للقرائة والسماع من مشايخ الحديث في عصره مثل ابي الحسين محمد بن عثمان النصيبي القاضي. واحمد بن عبدالواحد المعروف بابن عبدون ففي ترجمة علي بن

٤٦

الحسن بن فضال (رقم ٦٨٢) قال: قرأ احمد بن الحسين كتاب الصلاة والزكاد، ومناسك الحج، والصيام، والطلاق، والنكاح، والزهد، والجنائز، والمواعظ، والوصايا، والفرائض، والمتعة، والرجال على احمد بن عبدالواحد في مدة سمعتها منه (ره).

والحسين بن عبيدالله الغضائري والده فكان يحضر مع النجاشي عند القرائة على والده رحمه الله كما نص عليه في ترجمة احمد بن الحسين الصيقل (رقم ١٩٦). بل كان النجاشي رحمه الله يحضر عبد احمد بن الحسين وفي مجلسه ومن ذلك يظهر علو شأنه وجلالته ففي ترجمة علي بن محمد بن شيران الابلي (رقم ٧١١) قال: مات سنة عشرة واربعمائة رحمه الله كنا نجتمع معه عند أحمد بن الحسين.

وكان النجاشي رحمه الله إستفاد منه أحوال الرواة وأنسابهم. وما ورد فيهم من المدح والذم وكتبهم واصولهم ورأها عنده بخط مؤلفيها وغير ذلك مما يتعلق بالرجال والاسانيد والطرق. وقد عد جماعة من المتأخرين في وجه تقديم قول النجاشي على الشيخ وغيره امورا احدها مصاحبته رحمه الله مع احمد بن الحسين وسماهه منه وكونه خصيصا به وانه لذلك لا يوجد في رجال النجاشي مالا يخلو منه كتب غيره.

قلت وبالتأمل في كتابه يظهر تمامية ما افيد فقد سمع منه مالم يسمعه من غيره ولذا يذكر قوله في قبال قول أبي العباس وسعد بن عبدالله ونظرائهما ويذكر طريقه إلى الكتب والاصول مبدوء‌ا باسمه وهذا كما لا يخفى على المتأمل وان شئت فلاحظ تراجم محمد بن علي بن النعمان الاحول (رقم ٨٩٦) وسهل بن زياد (رقم ٤٩٧) وجعفر بن عبدالله (رقم ٣٠٣) واحمد بن اسحق (رقم ٢٢١) والحسين

٤٧

ابن محمد الازدي (رقم ١٥٠) والحسين بن ابي العلاء الخفاف (رقم ١١٤) وغيرهم.

قلت لم أجد في كتب الاصحاب وغيرهم ذكرا لتاريخ وفاته ولكن الظاهر انه كان في حياة الشيخ المفيد رحمه الله كما يظهر من مقدمة الفهرست فقال للمفيد ادام الله تأييده ولابن الغضائري رحمه الله ولم يظهر انه توفى بعد وفات والده الحسين المتوفى سنة ٤١١ والله العالم.

٢ - احمد بن محمد بن عبيدالله بن الحسن بن عياش بن ابراهيم ابن ايوب الجوهري، ابوعبدالله، فقد ذكر (ره) ترجمته رقم ٢٠٣ وقال: كان سمع الحديث فأكثر واضطرب في آخر عمره إلى ان قال: رأيت هذا الشيخ وكان صديقا لي ولوالدي وسمعت منه شيئا كثيرا، ورأيت شيوخنا يضعفونه فلم أرو عنه شيئا وتجنبته وكان من اهل العلم والادب القوى، وطيب الشعر وحسن الخط رحمه الله وسامحه ومات سنة احدى واربع مائة.

قلت وفي ترجمة مرازم (رقم ١١٤٩) له كتاب يرويه جماعة قال ابوعبدالله بن عياش حدثنا محمد بن احمد بن مصقلة.. الخ ثم ذكر الطريق، وفي ترجمة محمد بن الحسن بن شمون (رقم ٩٠٩) عند تضعيفه بفساد المذهب وما أضيف اليه من الاحاديث في القول بالوقف " قال: فان ابا عبدالله بن عياش حكى عن ابي طالب الانباري ثم ذكر الحديث باسناده. وفي ترجمة الحسين بن بسطام (رقم ٧٨) قال قال: ابوعبدالله بن عياش هو الحسين بن بسطام بن سابور الزيات (ثم ذكر له كتابا ثم قال) قال ابن عياش اخبرناه الشريف ابوالحسين صالح بن الحسين النوفلي الخ ثم ذكر الطريق اليه.

قلت روى الشيخ الحر في آخر الوسائل هذا الكتاب باسناده إلى النجاشي

٤٨

عن ابن عياش إلى آخر الاسناد وذلك محل نظر باعتبار نص النجاشي (ره) بقوله فلم أرو عنه (ع).

وروى كتاب الحسن بن محمد أبي محمد (رقم ١٠٩) بطريق مبدوء بقوله قال ابن عياش الخ.

وكذلك كتاب بكر بن احمد (رقم ٢٧٦) وكتاب الخصال وكتاب الكمال لمحمد بن جعفر بن عنبسة (رقم ١٠٣٧) وكتاب عبيد بن كثير يعرف بكتاب التخريج (رقم ٦٢٥) قائلا: رواه ابوعبدالله ابن عياش الخ. ونحوه كتاب رومي بن زرارة (رقم ٤٣٧) وفي نجيح بن قباء الغافقي (رقم ١١٦٢) قال ابن عياش حدثنا الخ. وفي محمد بن عيسى الاشعري (رقم ٩١٥) له كتاب الخطب قال احمد ابن محمد بن عبيدالله حدثنا محمد بن احمد بن مصقلة إلى آخر الاسناد. وفي القاسم بن الوليد (رقم ٨٦٣) ذكر له كتابا ثم قال: قال ابوعبدالله احمد بن محمد بن عبيدالله حدثنا عبيدالله بن ابي زيد الخ.

اقول عبيدالله بن أبي زيد هو أبوطالب الانباري المتقدم ذكره.

٣ - احمد بن محمد بن عبدالله الجعفي ففي محمد بن سلمة اليشكري رقم ٩٠٥ ذكر كتبه ثم قال قال احمد بن محمد بن عبدالله الجعفي حدثنا ابي الخ. واحتمال إتحاده مع ابي عبدالله القاضي الجعفي المتقدم لا شاهد له.

٤ - الحسن بن احمد بن القاسم بن محمد بن علي بن ابي طالب عليه السلام الشريف النقيب، ابومحمد قال (ره) في ترجمته (رقم ١٤٨) سيد في هذه الطائفة، غير اني رأيت بعض اصحابنا يغمز عليه في بعض رواياته له كتب إلى ان قال (ره) قرأت عليه مرات (فوائد) كثيرة وقرء عليه وأنا أسمع ومات وذكر (ره) في ترجمة علي بن

٤٩

احمد ابي القاسم الكوفي (رقم ٦٩٧) ما لفظه وذكر الشريف ابومحمد المحمدي رحمه الله انه رآه.

٥ - الحسين بن الحصين بن سجيت القمي، ففي ترجمة جابر الجعفي (رقم ٣٢٩) بعد ذكر كتبه قال: روى هذه الكتب الحسين ابن الحصين القمي قال: حدثنا احمد بن ابراهيم الخ. وفي ترجمة سعيد بن سعد العبسي (رقم ٤٨٢) بعد ذكر نسخته قال: رواها الحسين بن الحصين بن سجيت القمي قال: احمد بن ابراهيم الخ. وبعد ذكر كتاب محمد بن الحسن بن عبدالله الجعفري (رقم ٨٩٤) قال: قال الحسين بن حصين القمي: اخبرنا ابوبشر احمد بن ابراهيم إلى آخر السند.

قلت لم أجد للحسين بن الحصين ذكرا في كتب الرجال.

٦ - عبدالله بن محمد بن عبدالله، ابومحمد الحذا الدعلجي، منسوب إلى موضع خلف باب الكوفة ببغداد يقال له الدعالجة، كان فقيها عارفا، وعليه تعلمت المواريث، له كتاب الحج هكذا ذكره في ترجمته (رقم ٦١٤). وفي ترجمة علي بن علي بن رزين أخي دعبل الشاعر (رقم ٧٣٣) قال: له كتاب كبير عن الرضا عليه السلام قال عثمان بن أحمد الواسطي وابومحمد عبدالله بن محمد الدعلجي حدثنا احمد بن على الخ.

قلت ذكره العلامة (ره) في القسم الاول من الخلاصة ص ١١٢ رقم ٥٣ وكذلك ابن داود في رجاله وهذا يدل على وثاقته او كونه ممدوحا عندهما.

٧ - عثمان بن أحمد الواسطي، فقد روى عنه كتاب ابن اخي دعبل كما تقدم في عبدالله الدعلجي.

٥٠

٨ - عثمان بن حاتم بن المنتاب التغلبي، استاذه رحمه الله فقد حكى عنه في عدة مواضع ففي ترجمة سعدان بن مسلم (رقم ٥٢٢) قال وقد اختلف في عشيرته فقال: استاذنا عثمان بن حاتم بن المنتاب التغلبي قال محمد بن عبده سعدان بن مسلم الزهري من بني زهرة بن كلاب عربي اعقب والله اعلم وفي الحسين بن ابى العلاء (رقم ١١٤) حكى عنه انه مولى بني اسد ونحوه في الحسين بن نعيم الصحاف (رقم ١١٧).

٩ - علي بن عبدالرحمن ابوالقاسم. ففي ترجمة محمد بن عبيد ابن ساعد (رقم ٩٣٦) قال: له كتاب نوادر قال: ابوالقاسم علي ابن عبدالرحمان حدثنا الحسين بن احمد بن إلياس الخ..

١٠ - علي بن عبدالواحد الخمري ابوالحسن رحمه الله، ففي ترجمة احمد بن اسحق (رقم ٢٢١) قال: قال ابوالحسن على بن عبدالواحد الخمري رحمه الله واحمد بن الحسين رحمه الله رأيت من كتبه كتاب الخ. وفي ترجمة حكم بن أيمن الحناط الخمري (رقم ٣٥١) قال: وكان ابوالحسن علي بن عبدالواحد الخمري من ولده رحمه الله يذكر انه من نهد بن زيد الخ..

قلت ويظهر من ذلك أنه رحمه الله كان عارفا بالرجال والانساب.

١١ - محمد بن عبدالله ابوالمفضل الشيباني الذي ذكر ترجمته (رقم ١٠٧٠) وقال: كان سافر في طلب الحديث عمره أصله كوفي وكان في أول عمره ثبتا ثم خلط، ورأيت جل أصحابنا يغمزونه ويضعفونه، له كتب (إلى ان قال) رأيت هذا الشيخ وسمعت منه كثيرا ثم توقفت عن الرواية عنه إلا بواسطة بيني وبينه. قلت يأتي الكلام في أحواله في ترجمته وقال في ترجمة محمد بن جعفر ابن بطة (رقم ١٠٣٢) بعد ذكر طريقه إلى كتبه قال ابوالمفضل محمد

٥١

ابن عبدالله بن المطلب حدثنا محمد بن جعفر بن بطة وقرأنا عليه وأجازنا ببغداد في النوبختية وقد سكنها. وفي ترجمة محمد بن احمد ابن أبي الثلج (رقم ١٠٤٩) قال: قال ابوالمفضل الشيباني حدثنا ..الخ. وفي ترجمة علي بن الحسين المسعودي صاحب مروج الذهب (رقم ٦٧١) قال: زعم ابوالمفضل الشيباني رحمه الله انه لقيه واستجازه وقال: لقيته وبقى هذا الرجل إلى سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة.

قلت وقد روى النجاشي على الوجه الاول عن شيخه محمد بن علي الكاتب القناتي عن ابي المفضل الشيباني كما في ترجمة محمد بن علي الشلمغاني (رقم ١٠٤١) بل وبواسطة غيره من مشايخه كما في مواضع من الكتاب.

١٢ - محمد بن موسى بن علي القزويني ابوالفرج رحمه الله ففي ترجمة احمد بن محمد الصولي المتوفى سنة ٣٥٣ (رقم ١٩٨) ذكر كتابه اخبار فاطمة عليها السلام ثم قال كان يروى عنه ابوالفرج محمد بن موسى القزويني. وفي ترجمة سليمان بن سفيان المسترق (رقم ٤٩٢) (قال) قال ابوالفرج محمد بن موسى بن علي القزويني رحمه الله حدثنا اسماعيل بن علي الدعبلي الحديث. ويحتمل اتحاده مع المترجم (رقم ١٠٧٣) بما لفظه محمد بن ابي عمران بن موسى بن علي بن عبدونة القزويني الكاتب ثقة صحيح واضح الطريقة له كتب (إلى ان قال) رأيت هذا الشيخ ولم تتفق لي سماع شئ منه.

ولكن الذي يبعد الاتحاد المذكور ان التصريح بعدم سماعه شيئا منه يقتضي كون الرواية والحكاية اما عن كتابه من طريق الوجادة لا السماع والقرائة واما بواسطة محذوفة في المقام وكلاهما خلاف ظاهر كلامه (ره).

٥٢

١٣ - محمد بن هرون بن موسى التلعكبري ابوجعفر رحمه الله قال في ترجمة هارون (رقم ١١٩٥) كنت احضر في داره مع ابنه ابي جعفر والناس يقرؤن عليه وفي ترجمة احمد بن محمد بن الربيع الاقرع (رقم ١٨٥) قال ابوالحسين محمد بن هرون بن موسى رحمه الله قال أبي قال ابوعلي بن همام حدثنا عبدالله بن العلاء قال كان أحمد بن محمد الربيع عالما بالرجال.

١٤ - هارون بن موسى ابومحمد التلعكبري رحمه الله هو شيخ الطائفة في عصره قال الماتن (ره) في ترجمته (رقم ١١٩٥): كان وجها في اصحابنا ثقة معتمدا لا يطعن عليه له كتب منها كتاب الجوامع في علوم الدين، كنت أحضر في داره مع ابنه ابي جعفر والناس يقرؤن عليه. وقد حكى عنه في ترجمة محمد بن عبيدالله بن ابى رافع (رقم ٩٥٧) قال: قال ابومحمد هارون حدثنا ابن معمر الخ.

وفي ترجمة محمد بن ابي بكر همام الاسكافي (رقم ١٠٤٤) قال: قال ابومحمد بن موسى رحمه الله حدثنا محمد بن همام الخ. وذكر ايضا عنه حديثين آخرين هناك.

١٥ - ابوالحسن بن البغدادي السوراني البزاز، ففي ترجمة فضالة بن ايوب (رقم ٨٥٨) قال: له كتاب الصلوة قال: لي ابوالحسن بن البغدادي السوراني البزاز قال: لنا الحسين بن زيد السوراني الخ.

قلت ولعل با الحسن هو محمد بن محمد بن ابراهيم بن مخلد البزاز المتوفى في يوم الاربعاء الحادي عشر من شهر ربيع الاول سنة تسع عشرة واربعمائة الذي ذكره الخطيب في تاريخه (ج ٣ ص ٢٣١

٥٣

رقم ١٣٠٢) وقال: كتبنا عنه وكان صدوقا.

قلت وقد عد من مشايخ شيخ الطائفة ايضا.

١٦ - ابوالحسن بن المهلوس العلوي الموسوي رضي الله عنه ففي ترجمة محمد بن عبدالرحمن بن قبة (رقم ١٠٣٥) قال الماتن رحمه الله سمعت ابا الحسين بن المهلوس العلوي الموسوي رضي الله عنه يقول في مجلس الرضي أبي الحسن محمد بن الحسين بن موسى وهناك شيخنا ابوعبدالله محمد بن النعمان رحمهم الله اجمعين سمعت أبا الحسين الشوشنجردي رحمه الله الخ..

قلت هؤلاء من وجدنا رواية النجاشي عنهم في كتابه بنحو قوله ذكر او قال او روى دون اخبرنا او حدثنا وقد رأى وسمع من جماعة ولم يحك عنهم شيئا وهم جماعة.

من سمع منه او قرأ عليه من المشايخ ولم يحك عنه شيئا

سمع الماتن رحمه الله وقرأ الحديث والفقه على جماعة من مشايخ الحديث في عصره ولم يحك عنهم شيئا ولو بصورة قال او ذكر او نحوهما بل ترك السماع عن بعضهم ايضا وذلك لعلو طبقتهم او ضعفهم او غير ذلك وهم عدة.

١ - احمد بن احمد الكوفي الكاتب، ابوالحسن، قال: كنت أتردد إلى المسجد المعروف بمسجد اللؤلؤي وهو مسجد نفطويه النحوي اقرأ القرآن على صاحب المسجد وجماعة من أصحابنا يقرؤن كتاب الكافي على ابي الحسين احمد بن احمد الكوفي الكاتب حدثكم محمد بن يعقوب الكليني الخ.

٥٤

قلت ويحتمل كون احمد الوالد مصحف محمد فيتحد مع احمد بن محمد بن علي الكوفي الذي ذكره الشيخ (ره) في باب من لم يرو عنهم عليهم السلام من رجاله ص ٤٥٠ رقم ٧٠ قائلا: روى عن الكليني أخبرنا عنه علي بن الحسين الموسوي المرتضى عليه الرحمة ولعل الوجه في ترك الرواية عنه علو طبقته كما سيأتي.

٢ - إسحق بن الحسن بن بكر ان ابوالحسين العقرابي التمار، ذكر ترجمته (رقم ١٧٤) وقال: كثير السماع ضعيف في مذهبه رأيته بالكوفة وهو مجاور وكان يروى كتاب الكليني عنه وكان في هذا الوقت علوا فلم أسمع منه شيئا الخ. وفي ترجمة الكليني (ره) قال: وابوالحسين العقرابي يرويه عنه.قلت يأتي في ترجمته بيان كلامه ومعنى العلو وعدم كونه مانعا عن السماع والرواية عنه:

٣ - عبدالواحد بن مهدي ابوعمر فقد ذكر ليعقوب بن شيبة (رقم ١٢٢٤) كتاب مسند امير المؤمنين (ع) ومسند عمار بن ياسر ثم قال: قرأت هذا الكتاب على ابي عمر عبدالواحد بن مهدي قال حدثنا ابوبكر محمد بن أحمد الخ..

٤- علي بن حماد بن عبيدالله بن حماد العدوي الشاعر ابوالحسن رحمه الله. كان من مشايخ شيخه الحسين بن عبيدالله الغضائري وقد ذكر في ترجمة عبدالعزيز الجلودي (رقم ٦٤٦) كتبه الكثيرة التي يقل عددها عن المأتين بستة ثم قال: وهذه كتب ابي احمد الجلودي التي رأيتها في الفهرستات وقد رأيت بعضها قال لنا ابوعبدالله الحسين ابن عبيدالله أجازنا كتبه جميعها ابوالحسن علي بن حماد بن عبيدالله العدوي وقد رأيت أبا الحسن بن حماد الشاعر رحمه الله الخ..

٥٥

٥ - علي بن عبدالله بن عمران القرشي ابوالحسن المخزومي الذي يعرف بالميموني.

ذكر (ره) في ترجمته (رقم ٧٠٤) كان فاسد المذهب والرواية، وكان عارفا بالفقه، وصنف كتاب الحج، وكتات الرد على اهل القياس، فاما كتاب الحج فسلم الي نسخته فنسختها، وكان قديما قاضيا بمكة سنين كثيرة. وفي الكنى (رقم ١٢٦٦) قال: أبوولاد الحناط أبوالحسن الميموني مضطرب جدا، له كتاب الحج، وكان قاضيا بمكة سنين كثيرة قرأت هذا الكتاب عليه. اقول والظاهر الاتحاد.

٦ - علي بن محمد بن العدوي الشمشاطي أبوالحسن ذكر في ترجمته (رقم ٦٩٥).

كان شيخنا بالجزيرة وفاضل اهل زمانه وأديبهم له كتب كثيرة ثم ذكرها بتفصيلها عن سلامة بن دكا ثم رواها عن سلامة عنه.

٧ - محمد بن ابراهيم بن جعفر، ابوعبدالله الكاتب النعماني المعروف بابن زينب، صاحب كتاب الغيبة فقد ادركه النجاشي ورآه وحضر عنده بمشهد العتيقة حين ما كان ابوالحسين محمد بن علي الشجاعي الكاتب، يقرء عليه كتاب الغيبة ذكر ذلك في ترجمته (رقم ١٠٥٦) وفى ترجمة الحسين بن علي المغربي رقم ١٦٣ ذكره وقال شيخنا صاحب كتاب الغيبة تتميم قد يوجد في هذا الكتاب حكاية كتاب او اسناده بطريق مبدو باسم ربما يوهم كونه من مشايخه ومن ادركهم وليس كذلك بل الاسناد مقطوع، مثل ما روى عن سلامة بن محمد الارزني في ابان بن تغلب (رقم ٦) وغيره وعن عباس بن احمد بن الفضل الهاشمي الصالحي في سهل بن زياد (رقم ٤٩٧). وعن عبدالله بن احمد بن يعقوب ابن البواب المقرى في محمد بن ميمون الزعفراني (رقم ٩٦٢). وعن عبدالله بن الله بن القاسم بن محمد بن عبيدالله بن محمد بن عقيل كتاب علية بنت علي بن الحسين (رقم ٨٤٠). وعن ابي الحسين

٥٦

محمد بن علي بن تمام الدهقان في الحسين بن زيد ذي الدمعة رقم ١١٢ ويظهر من ترجمة الحسن بن الحسين النجار (رقم ١٠٩) انه من مشايخ الحسين بن عبيدالله الغضائري وغيره من مشايخه (رحمهم الله) وعن ابي اسحق الطبري، في محمد بن الحسن بن ابي سارة (رقم ١٩٣) قلت ويمكن ان يكون المراد به ابا اسحق الطبري الصغير محمد بن جرير المعاصر للشيخ والنجاشي فليتأمل. وعن احمد بن كامل عن داود بن محمد بن أبي معشر في أبي معشر المدني (رقم ١٢٤٩) بل عده بعض الاعاظم في مشايخ النجاشي. ولكنه ليس كذلك بل هو من مشايخ ابراهيم بن مخلد الذي تقدم في مشايخ النجاشي كما في ترجمة دعبل الشاعر (رقم ٤٢٥) وقد عد الخطيب ايضا في تاريخ بغداد ج ٤ ص ٣٥٧ احمد بن كامل بن شجرة من مشايخ ابراهيم بن مخلد. بل ربما يظهر من بعض اصحابنا (قدس الله سرهم) عد غير واحد من مشايخ أبي العباس بن نوح من مشايخ النجاشي (ره) مع انه ليس كذلك كما يظهر بالتأمل في الاسانيد وملاحظة الطبقة. وانما نشأ ذلك مما ذكره النجاشي في ترجمة الحسين بن سعيد (رقم ١٣٣) فيما طلب من ابي العباس ذكر طريقه إلى الحسين بن سعيد فكتب اليه ثم اشار إلى ذلك بتفصيل وبدء كل طريق بقوله اخبرنا فلاحظ وتأمل. وعليك بالتأمل فيما ذكرناه في مشايخ النجاشي فتقف على مواضع من النظر فيما ذكره غير واحد من الاعلام في مشيخته (ره) وقد استخرجنا ذلك من النظر في جميع ما رواه في هذا الكتاب ولعلهم وقفوا على غيره والله الهادي.

٥٧

العدة من مشايخه تكرر من النجاشي رحمه الله في هذا الكتاب قوله

أخبرنا عدة من أصحابنا، أو جماعة من اصحابنا، أو جميع شيوخنا، أو غير واحد أو محمد وغيره او احمد وغيره وهكذا. واذ كان في مشايخه من لم يصرح بتوثيق او مدح. فربما يوهم ذلك جهالة الطريق لعدم تسميته العدة او الجماعة وعدم ظهور إصطلاح من النجاشي فيها ويحتمل عدم اشتمالها على الثقة. ويدفع هذا الايهام إثبات اشتمالها على الثقة بدعوى ان رواياته في هذا الكتاب غالبا انما هي عن مشايخه المعروفين - المفيد - وأبي العباس وأضرابهما من الثقات الاجلاء ويبعد خلوها عن الثقة أو باستظهار المراد منها في الموارد، أو دعوى وثاقة عامة مشايخه وانه لا يروي الا عن الثقات كما قيل. وحيث لا مجال للاول كما هو ظاهر للمتأمل في هذا الكتاب فقد كثرت روايته عن الحسين بن عبيدالله، واحمد بن عبدالواحد، واحمد ابن علي، واحمد بن محمد بن الصلت، وغيرهم ممن لم نقف على تصريح أصحابنا بوثاقتهم وان استظهرها المتأخرون من امور مذكورة في محلها فينحصر في الاخيرين، فان تم استظهار المراد منها وان فيها الثقة من مشايخه فهو والا لزم البحث عن وثاقة عامة مشايخه. فنقول: وبالله الاستعانة يمكن استظهار المراد منها بقرينة من روى هؤلاء المشايخ عنه في الموارد المتفرقة او غير ذلك من القرائن كما ستقف عليها.

٥٨

اما العدة عن احمد بن ابراهيم بن أبي رافع الانصاري كما في جعفر بن محمد الفزاري رقم ٣١٠ فمنهم:

١ - احمد بن علي بن نوح ابوالعباس السيرافي الثقة كما في بريد بن معاوية (رقم ٢٨٥) وعلي بن عبدالله (رقم ٦٩٨) وغير ذلك.

٢ - احمد بن عبدالواحد البزاز كما في الحسن بن محمد بن سهل (رقم ٧٤).

٣ - الحسين بن عبيدالله الغضائري كما في ترجمة احمد بن ابراهيم الانصاري (رقم ١٩٩) واحمد بن الحسن الضرير (رقم ٢٢٨) وغير ذلك. والحسين بن عبيدالله واحمد بن علي كما في ترجمة احمد ابن زرق الغمشاني (رقم ٢٤٠) ومقاتل (رقم ١١٥٠).

قلت وقد روى الشيخ رحمه الله في الفهرست عن عدة من اصحابنا منهم المفيد وابن الغضائري واحمد بن عبدون وغيرهم عن احمد بن ابراهيم بن ابي رافع الانصاري. في ترجمة احمد بن الحسن الاسفرايني ص ٢٧. والعدة عن ابي العباس احمد بن محمد بن سعيد بن عقدة وقد روى عنهم عنه كثيرا فمنهم:

١ - احمد بن محمد بن عبدالله الجعفي ابوعبدالله القاضي كما في ترجمة ابان بن محمد (رقم ٩) وعبدالله الكاهلي (رقم ١٦٤) وغير ذلك كثيرا جدا وفي ترجمة عبدالرحمن بن ابي نجران (رقم ٦٢٧) عن القاضي ابي عبدالله وغيره عن احمد بن محمد.

٢ - احمد بن محمد بن عمران الجندي كما في ترجمة احمد بن محمد ابن ابى نصر البزنطي (رقم ١٧٦) وغير ذلك.

٣ - احمد بن محمد بن هارون بن الصلت الاهوازي كما في ترجمة

٥٩

ابراهيم بن مهزم (رقم ٢٩) واسماعيل بن زيد (رقم ٥٣) ومع غيره كما في ترجمة زياد بن أبي غياث (رقم ٤٥٩) وزياد بن مروان (رقم ٤٥٧) وغير ذلك. وفي ترجمة منذر بن محمد (رقم ١١٢٩) عن احمد بن محمد ومحمد بن جعفر عنه.

٤ - الحسين بن عبيدالله الغضائري كما في الحسن بن علي بن ابي عقيل (رقم ٩٨).

٥ - محمد بن جعفر الاديب النحوي التميمي كما في تراجم جماعة منهم ابورافع (رقم ١).

والعدة عن احمد بن محمد بن سليمان ابي غالب الزراري كما روى عنهم عنه في علي بن عبدالله الدهقان (رقم ٧٠٣) وغيره فمنهم:

١ - احمد بن علي السيرافي ابوالعباس الثقة كما في ترجمة بشر ابن سلام (رقم ٢٨٤) وغيره كثيرا.

٢ - (الحسين بن عبيدالله كما في احمد بن ابي نصر البزنطي (رقم ١٧٦) وغيره.

٣ - محمد بن محمد بن النعمان المفيد رحمه الله كما في اسماعيل ابن مهران (رقم ٤٨) وقد روى عنه عنه كثيرا وقال: اخبرنا جماعة شيوخنا عن ابي غالب احمد بن محمد الخ.. كما في محمد بن سنان (رقم ٨٩٨).

قلت روى الشيخ في الفهرست عن عدة من اصحابنا أو جماعة عن احمد بن محمد ابي غالب الزراري كثيرا وفسرهم بالمفيد واحمد ابن عبدون والحسين بن عبيدالله وغيرهم كما في ترجمة ابي غالب (ص ٣٢ رقم ٨٤) واحمد البرقي (ص ٢١ رقم ٥٥) واحمد بن البزنطي (ص ١٩ رقم ٥٣) وغير ذلك.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

أرض مربعة حمراء من أدم

ما بين إلفين موصوفين بالكرمِ

تذاكرا الحرب فاحتلاّ لها شبهاً

من غير أن يسعيا فيها بسفك دمِ

هذا يغير على هذا وذاك على

هذا يغير وعين الحرب لم تنمِ

فانظر إلى الخيل قد جاشت بمعركةٍ

في عسكرين بلا طبلٍ ولا علمِ(1)

وألمّ هذا الشعر بوصف دقيق للشطرنج، وفيما أحسب أنّه أسبق من نظم فيه، وأحاط بأوصافه ودقائقه وقد تعلم هذه اللعبة من أبيه الرشيد الذي كان من الماهرين فيها، وقد أهدى إلى ملك (فرنسا) أدوات الشطرنج، ولم تكن معروفة فيها، وتوجد حاليا تلك الأدوات التي أهداها الرشيد في متاحف (فرنسا)(2) .

ب - ولعه بالموسيقى:

وكان المأمون مولعاً بالغناء والموسيقى، ويقول المؤرّخون أنّه كان معجباً كأشد ما يكون الإعجاب بأبي إسحاق الموصلي الذي كان من أعظم العازفين والمغنّين في العالم العربي وقال فيه: (كان لا يغني أبداً إلاّ وتذهب عنّي وساوسي المتزايدة من الشيطان)(3) .

وكان يحيي لياليه بالغناء والرقص والعزف على العود كأبيه الرشيد الذي لم يمر على قصره اسم الله تعالى، وإنّما كانت لياليه الليالي الحمراء.

ج - شربه للخمر:

وعكف المأمون على الإدمان على الخمر، فكان يشربها في وضح النهار وفي غلس الليل، ولم يتأثّم في اقتراف هذا المحرَّم الذي هو من أفحش المحرّمات في الإسلام.

إلى هنا ينتهي بنا الحديث عن بعض نزعات المأمون وصفاته.

التحف الثمينة التي أهديت للمأمون:

وقام الأُمراء والأشراف بتقديم الهدايا القيّمة والتحف الثمينة للمأمون تقرّباً إليه، وكان من بعض ما أُهدي إليه ما يلي:

____________________

(1) المستطرف 2 / 306.

(2) حياة الإمام محمد الجواد (ص 233).

(3) الحضارة العربية لجاك س. ريسلر (ص 108).

٢٢١

1 - أهدى أحمد بن يوسف للمأمون سفطاً من الذهب فيه قطعة عود هندي في طوله وعرضه، وكتب فيه هذا يوم جرت فيه العادة بإتحاف العبيد للسادة، وقد قلت:

على العبد حق وهو لا شك فاعله

وإن عظم المولى وجلّت فواضله

ألم ترنا نهدي إلى الله ماله

وإن كان عنه ذا غنى فهو قابله

ولو كان يهدي للجليل بقدره

لقصّر عنه البحر يوماً وساحله

ولكنّنا نهدي إلى مَن نجلّه

وإن لم يكن في وسعنا ما يشاكله(1)

2 - أهدى أبو دلف القاسم بن عيسى العجلي إلى المأمون في يوم مهرجان مائة حمل زعفران قد وضعت في أكياس من الإبريسم، وقد حملتها أتان شهب وحشية، فجاءت الهدايا والمأمون عند حرمه، فأخبر بالهدية، فسارع إلى النظر إليه، فلمّا رآها عجب بها وسأل عن الحمر التي حملت الزعفران هل هن ذكور أم إناث؟ فقيل له إنّها إناث فسُرّ بذلك، وقال: قد علمت أنّ الرجل أعقل من أن يوجه على غير أتن(2).

3 - أهدى ملك الهند جملة من الهدايا، وفيها جام ياقوت أحمر، ومعها رسالة جاء فيها: نحن نسألك أيّها الأخ أن تنعم في ذلك بالقبول، وتوسع عذراً في التقصير(3) .

هذه بعض الهدايا التي قدّمت للمأمون تقرّباً له، وطمعاً في الظفر ببعض الوظائف منه.

تظاهره بالتشيّع:

وذهب بعض المؤرخين والباحثين إلى أن المأمون قد اعتنق مذهب التشيع، وقد استندوا إلى ما يلي:

من علمه التشيع:

إنّه أعلن أمام حاشيته وأصحابه أنّه اعتنق مذهب التشيّع وذلك في الحديث التالي: روى سفيان بن نزار، قال: كنت يوماً على رأس المأمون، فقال لأصحابه: (أتدرون مَن علّمني التشيّع؟).

____________________

(1) صبح الأعشى 2 / 420.

(2) التحف والهدايا (ص 109).

(3) نفس المصدر.

٢٢٢

فقالوا جميعاً: لا والله ما نعلم؟.

فقال: علمنيه الرشيد فانبروا قائلين:

(كيف ذلك والرشيد كان يقتل أهل البيت؟).

قال: كان يقتلهم على الملك لان الملك عقيم، لقد حججت معه سنة، فلمّا صار إلى المدينة تقدم إلى حجاجه، وقال لهم: (لا يدخلن على رجل من أهل المدينة ومكة، ولا من المهاجرين والأنصار وبني هاشم، وسائر بطون قريش إلا نسب نفسه... وأمتثل الحجاب ذلك، فكان الرجل إذا أراد الدخول عليه عرف نفسه إلى الحجاب، فإذا دخل فيصله بحسب مكانته ونسبه، وكانت صلته خمسة آلاف دينار إلى مائتي دينار، يقول المأمون وبينما أنا واقف إذ دخل الفضل بن الربيع، فقال: (يا أمير المؤمنين، على الباب رجل يزعم أنّه موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب).

فاقبل الرشيد على أبنائه، وعلى سائر القواد، وقال لهم: احفظوا على أنفسكم، ثم قال للفضل ائذن له، ولا ينزل إلاّ على بساطي، يقول المأمون: ودخل شيخ مسخد(1) قد أنهكته العبادة كأنّه شنّ بال(2) قد كلم(3) السجود وجهه وأنفه فلمّا رأى الرشيد أنّه أراد أن ينزل من دابته، فصاح لا والله إلاّ

على بساطي فمنعه الحجّاب من الترجّل، ونظر إليه الجميع بإجلال وإكبار وتعظيم ووصل الإمام إلى البساط والحجّاب والقوّاد محدقون به، فنزل عن راحلته فقام إليه الرشيد واستقبله إلى آخر البساط، وقبّل وجهه وعينيه، وأخذ بيده حتى صيره في صدر المجلس وأجلسه معه، وأقبل عليه يحدثه، ويسأله عن أحواله، ثم قال له: (يا أبا الحسن ما عليك من العيال؟).

قال هارون: أولاد كلهم؟ قال الإمام: لا، أكثرهم موالي وحشم، أمّا الولد فلي نيف وثلاثون، وذكر عدد الذكور، وعدد الإناث، والتفت إليه هارون فقال له:

____________________

(1) المسخد: مصفر الوجه.

(2) الشن البالي: القربة البالية.

(3) كلم: أي جرح.

٢٢٣

- لم لا تزوج النسوان من بني عمومتهن وأكفائهن؟

- اليد تقصر عن ذلك.

- ما حال الضيعة؟

تعطي في وقت وتمنع في آخر!.

- هل عليك دين؟

- نعم.

- كم هو؟

- عشرة آلاف دينار.

- يا بن العم أنا أعطيك من المال ما تزوّج به الذكران والنسوان، وتقضي به الدين، وتعمر به الضياع.

فشكره الإمام على ذلك وقال له: (وصلتك رحم يا بن العم، وشكر الله هذه النية الجميلة والرحم ماسة، والقرابة واشجة، والنسب واحد، والعباس عم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصنو أبيه، وعمّ علي بن أبي طالبعليه‌السلام وصنو أبيه، وما أبعدك الله من أن تفعل ذلك، وقد بسط يدك، وأكرم عنصرك وأعلى محتدك(1)) .

فقال هارون: أفعل ذلك وكرامة.

وأخذ الإمامعليه‌السلام يوصيه بالبر والإحسان إلى عموم الفقراء قائلاً:

(يا أمير المؤمنين إنّ الله قد فرض على ولاة العهد، أن ينعشوا فقراء الأمّة، ويقضوا عن الغارمين، ويؤدوا عن المثقل، ويكسوا العاري، ويحسنوا إلى العاني(2) ، فأنت أولى مَن يفعل ذلك...).

فانبرى هارون قائلاً: افعل ذلك يا أبا الحسن، ثم قام الإمامعليه‌السلام فقام الرشيد تكريما له، وقبل عينيه ووجهه ثم اقبل على أولاده فقال لهم: (يا عبد الله، ويا محمد، ويا إبراهيم امشوا بين يدي عمكم وسيدكم خذوا بركابه، وسووا عليه ثيابه وشيعوه إلى منزله).

وانصرف الإمامعليه‌السلام ، وفي نفس الطريق أسرّ إلى المأمون فبشره

____________________

(1) المحتد: الأصل.

(2) العاني: الغفير.

٢٢٤

بالخلافة، وقال له:

(إذا ملك هذا الأمر فأحسن إلى ولدي).

ومضى الإمام مشيَّعاً من قبل أبناء هارون إلى منزله، ورجع المأمون إلى منزله، فلما خلا المجلس من الناس التفت إلى أبيه قائلاً:

(يا أمير المؤمنين من هذا الرجل الذي قد أعظمته، وأجللته وقمت من مجلسك إليه، فاستقبلته، وأقعدته في صدر المجلس، وجلست دونه، ثم أمرتنا بأخذ الركاب له؟).

فقال هارون:

(هذا إمام الناس، وحجّة الله على خلقه، وخليفته على عباده...).

وبهر المأمون فقال لأبيه: (يا أمير المؤمنين أليست هذه الصفات لك وفيك؟).

فأجابه هارون بالواقع قائلاً: (أنا أمام الجماعة في الظاهر والغلبة والقهر، وموسى بن جعفر إمام حق، والله يا بني إنّه لاحق بمقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منى ومن الخلق جميعاً، ووالله إن نازعتني هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناك، فإنّ الملك عقيم).

ولـمّا أراد الرشيد الانصراف من المدينة إلى بغداد أمر بصرة فيها مائتا دينار، وقال للفضل بن الربيع اذهب بها إلى موسى بن جعفر، وقل له: يقول لك أمير المؤمنين: نحن في ضيقة، وسيأتيك برنا بعد الوقت، فقام المأمون، وقال لأبيه: (تعطي أبناء المهاجرين والأنصار وسائر قريش، ومن لا تعرف حسبه ونسبه خمسة آلاف دينار ما دونها، وتعطي موسى بن جعفر، وقد عظمته، وجللته مائتي دينار أخسّ عطية أعطيتها أحدا من الناس).

فزجره هارون، وقال له:

(اسكت لا أُمّ لك، فإنّي لو أعطيت هذا ما ضمنته له، ما كنت آمنه أن يضرب وجهي غداً بمائة ألف سيف من شيعته ومواليه، وفقر هذا وأهل بيته أسلم لي ولكم من بسط أيديهم وأعينهم).

وأعرب هارون عن خشيته من الإمامعليه‌السلام ، وقضت سياسته في

٢٢٥

محاربته اقتصاديا لئلا يقوى على مناهضته وكان في المجلس مخارق المغني فتألم وانبرى إلى هارون قائلاً: (يا أمير المؤمنين، قد دخلت المدينة، وأكثر أهلها يطلبون مني شيئا، وإن خرجت ولم أقسم فيهم شيئا لم يتبيّن لهم فضل أمير المؤمنين علي، ومنزلتي عنده).

فأمر له هارون بعشرة آلاف دينار، فقال له مخارق: (يا أمير المؤمنين هذا لأهل المدينة، وعلى دين احتاج أن أقضيه).

فأمر له بعشرة آلاف دينار، ثم قال له: بناتي أريد أن أزوجهن فأمر له بعشرة آلاف دينار، وقال له: لا بد من غلّة تعطينيها ترد علي وعلى عيالي وبناتي فأمر له باقطاع(1) تبلغ وارداتها في السنة عشرة آلاف دينار، وأمر أن يعجل ذلك له، وقام مخارق مسرعا إلى بيت الإمام الكاظمعليه‌السلام ، فلمّا انتهى إليه استأذن على الإمام فأذن له فقال له: (قد وقفت على ما عاملك هذا الطاغية، وما أمر لك به، وقد احتلت عليه لك، وأخذت منه صلات ثلاثين ألف دينار وأقطاعا تغل في السنة عشرة آلاف دينار، ولا والله يا سيدي ما احتاج إلى شيء من ذلك، ما أخذته إلاّ لك وأنا اشهد لك بهذه القطاع، وقد حملت المال لك).

فشكره الإمامعليه‌السلام على ذلك، وقال له: (بارك الله لك في مالك، وأحسن جزاءك، ما كنت لآخذ منه درهماً واحداً، ولا من هذه الأقطاع شيئاً، وقد قبلت صلتك وبرّك، فانصرف راشداً ولا تراجعني في ذلك).

وقبل مخارق يد الإمامعليه‌السلام ، وانصرف عنه(2) .

وحكت هذه الرواية ما يلي:

1 - احتفاء الرشيد بالإمام الكاظمعليه‌السلام في حين أنّه لم يحفل بأي إنسان كان، فقد سيطر على أغلب أنحاء الأرض وسرى اسمه في الشرق والغرب.

2 - اعتراف هارون بأنّ الإمام الكاظمعليه‌السلام هو حجّة الله على

____________________

(1) الأقطاع: القطعة من الأرض الزراعية.

(2) عيون أخبار الرضا 1 / 88 - 93.

٢٢٦

العالمين وأنّه إمام هذه الأمة، وقائد مسيرتها الزمنية والروحية، وأنّ هارون زعيم هذه الأمة بالقهر والغلبة لا بالاستحقاق.

3 - حرمان الإمام الكاظم من العطاء الذي يستحقه؛ وذلك من أجل أن لا يقوى على مناهضة هارون والخروج على سلطانه.

4 - إعطاء المغني (مخارق) الأموال الطائلة، وحرمان أبناء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من حقوقهم التي نهبها هؤلاء البغاة... هذه بعض المعالم في هذه الرواية:

رد فدك للعلويين:

من الأمور التي يستند القائلون إلى تشيّع هارون ردّه لـ‍ (فدك) للعلويين بعد أن صادرتها الحكومات السابقة منهم، وكان الغرض من مصادرتها إشاعة الفقر والحرمان بين العلويين، وفرض الحصار الاقتصادي عليهم كي لا يتمكّنوا من مناهضة أولئك الحكّام، وقد قام المأمون بردّها عليهم، وقد رفع عنهم الضائقة الاقتصادية التي كانت آخذة بخناقهم، وقد مدحه شاعر أهل البيت دعبل الخزاعي على هذه المكرمة التي أسداها على العلويين بقوله:

أصبح وجه الزمان قد ضحكا

بردّ مأمون هاشم فدكا

واعتبر الكثيرون من الباحثين هذا الإجراء دليلاً على تشيّع المأمون.

إشادته بالإمام أمير المؤمنين:

وأشاد المأمون بالإمام أمير المؤمنين رائد الحق والعدالة في الإسلام، فقد كتب إلى جميع الآفاق بان علي بن أبي طالبعليه‌السلام أفضل الخلق بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (1) ، وقد روى الصولي أشعاراً له في فضل الإمام أمير المؤمنين عليه كان منها ما يلي:

لا تقبل التوبة من تائب

إلاّ بحب ابن أبي طالب

أخو رسول الله حلف المهدي

والأخ فوق الخل والصاحب

إن جمعا في الفضل يوماً فقد

فاق أخوه رغبة الراغب

فقدم الهادي في فضله

تسلم من اللائم والعائب

ومن شعره الذي يرد به على مَن عابه في قربه لأبناء النبي (ص) يقول:

____________________

(1) تذكرة الخواص (ص 366).

٢٢٧

ومن غاو يغص عليّ غيظاً

إذا أدنيت أولاد الوصي

فقلت: أليس قد أوتيت علماً

وبان لك الرشيد من الغوي

وعرفت احتجاجي بالمثاني

وبالمعقول والأثر القوي

بأيّة خلّة وبأيّ معنى

تفضّل ملحدين على علي

علي أعظم الثقلين حقّاً

وأفضلهم سوى حق النبي(1)

ومن شعره قاله في أهل البيتعليهم‌السلام هذه الأبيات:

إن مال ذو النصب إلى جانب

ملت مع الشيعي في جانبِ

أكون في آل بني الهدى

خير بني من بني غالبِ

حبهم فرض نؤدّي به

كمثل حج لازم واجب(2)

وهذا الشعر صريح في ولائه لأهل البيتعليهم‌السلام وتقديمه بالفضل على غيرهم.

وروى له الصولي هذه الأبيات في الإمام عليعليه‌السلام :

ألام على حب الوصي أبي الحسن

وذلك عندي من عجائب ذي الزمن

خليفة خير الناس والأول الذي

أعان رسول الله في السر والعلن

ولولاه ما عدت لهاشم إمرة

وكانت على الأيام تقضي وتمتهن

فولى بني العباس ما اختص غيرهم

ومن منه أولى بالتكرّم والمنن

فأوضح عبد الله بالبصرة الهدى

وفاض عبيد الله جوداً على اليمن

وقسم أعمال الخلافة بينهم

فلا زال مربوطاً بذا الشكر مرتهن(3)

وحكى هذا الشعر الأيادي البيضاء التي أسداها الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى الأسرة العباسية حينما ولي الخلافة فقد قلد ولاية (البصرة) إلى عبد الله بن العباس، وكان وزيره ومستشاره الخاص، كما قلد عبيد الله بن العباس ولاية اليمن، ولكن الأسرة العباسية قد تنكرت لهذا المعروف فقابلت أبناء الإمام بالقتل والتنكيل وارتكبت معهم ما لم ترتكبه معهم الأسرة الأموية وقد أوضحنا في

____________________

(1) المحاسن والمساوئ 1 / 105 للبيهقي.

(2) تذكرة الخواص (ص 367).

(3) تذكرة الخواص (ص 366).

٢٢٨

هذا الكتاب جوانب كثيرة من اضطهادهم للسادة العلويين، فلم يرعوا فيهم أنّهم أبناء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّهم وديعته في أمته، فعمدوا إلى قتلهم تحت كل حجر ومدر.

ونسب إلى المأمون هذان البيتان:

إذا المرجّى سرّك أن تراه

يموت لحينه من قبل موته

فجدّد عنده ذكرى عليٍّ

وصلِّ على النبي وآل بيته

فردّ عليه إبراهيم بن المهدي المعروف بابن شكلة:

إذا الشيعي جمجم في مقال

فسرّك أن يبوح بذات نفسه

فصلّ على النبي وصاحبيه

وزيريه وجاريه برمسه(1)

ومن الطريف ما ذكره الصولي أنّه كان مكتوباً على سارية من سواري جامع البصرة:

(رحم الله عليّا

إنّه كان تقيّا)

وكان يجلس إلى تلك السارية حفص أبو عمر الخطابي وكان أعور فعمد إلى محو ذلك، وكتب بعض المجاورين إلى الجامع إلى المأمون يخبره بمحو الخطابي للكتابة، فشقّ على المأمون ذلك، وأمر بإشخاصه إليه، فلمّا مثل عنده قال له:

(لم محوت اسم أمير المؤمنين من السارية؟).

فقال الخطابي: (وما كان عليها؟).

قال المأمون: كان عليها:

(رحم الله عليّا

انه كان تقيّا)

فقال: إنّ المكتوب رحم الله عليا إنّه كان نبيّا، فقال المأمون كذبت، بل كانت القاف أصح من عينك الصحيحة، ولولا أن أزيدك عند العامة نفاقاً لأدبتك، ثم أمر بإخراجه(2) .

____________________

(1) مروج الذهب 3 / 329.

(2) تذكرة الخواص (ص 367).

٢٢٩

انتقاصه لمعاوية:

واستدلّ القائلون بتشيّع المأمون إلى أنّه أمر بسب معاوية بن هند وانتقاصه في جميع أنحاء العالم الإسلامي، فقد أمر أن ينادي المنادي (أن برئت الذمّة من أحد من الناس ذكر معاوية بخير أو قدمه على أحد من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله )(1) .

وهذا لا يصلح دليلاً على تشيّع المأمون؛ لأنّ معاوية قد انكشف، وظهر واقعه، فقد تسالمت على قدحه جميع الأوساط، وأنّه الخصم اللدود للإسلام، وأنّه صاحب الأحداث والموبقات.

استدلاله على إمامة الإمام علي:

ومن أهم ما استدل به القائلون على تشيّع المأمون عقده للمؤتمرات العلمية، واستدلاله ببالغ الحجة على إمامة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام وانه القائد الأول للمسيرة الإسلامية بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو أولى بمقامه، وأحق بمركزه من غيره.

ومن أروع المؤتمرات التي أقامها المأمون في بلاطه، ومن أكثرها أهمية هذا المؤتمر الذي حضره أربعون من علماء الحديث، وعلماء الكلام انتخبهم يحيى بن أكثم من بين علماء بغداد، وقد أدلوا بحججهم على ما يذهبون إليه من تفضيل الخلفاء على الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام إلاّ أنّ المأمون فنّد حججهم بأدلة حاسمة دلّت على براعته واطلاعه الواسع في البحوث الكلامية، ونحن ننقل النص الكامل لهذه المناظرة الرائعة لما لها من الأهمية البالغة، وفيما يلي ذلك:

المأمون:

ولـمّا مثل العلماء أمام المأمون، التفت إليهم بعد ترحيبه بهم، فقال لهم: (إنّي أريد أن أجعلكم بيني وبين الله تبارك وتعالى في يومي حجّة، فمن كان حاقناً(2) أو له حاجة فليقم إلى قضاء حاجته، وانبسطوا، وسلوا خفافكم، وضعوا أرديتكم).

____________________

(1) مروج الذهب 3 / 361.

(2) الحاقن: الذي يضايقه البول.

٢٣٠

ففعلوا ما أمرهم به، والتفت المأمون لهم قائلاً: (أيّها القوم إنّما استحضرتكم لأحتج بكم عند الله تعالى، فاتقوا الله وانظروا لأنفسكم، وإمامكم، ولا يمنعكم جلالتي، ومكاني من قول الحق حيث كان، ورد الباطل، على من أتى به، وأشفقوا على أنفسكم من النار، وتقرّبوا إلى الله تعالى، برضوانه، وإيثار طاعته، فما أحد تقرب إلى مخلوق بمعصية الخالق، إلاّ سلّطه الله عليه، فناظروني بجميع عقولكم.

إنّي رجل أزعم أنّ عليّاًعليه‌السلام خير البشر بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإن كنت مصيباً فصوّبوا قولي، وإن كنت مخطئاً فردّوا عليّ وهلمّوا، فإن شئتم سألتكم، وإن شئتم سألتموني...).

وليس في هذا الكلام أي التواء، أو خروج عن المنطق، وإنّما صاحبه يريد الحقيقة الناصعة.

علماء الحديث:

وسارع علماء الحديث قائلين: (بل نحن نسألك...).

وانبرى المأمون فأرشدهم إلى طريق الحوار قائلاً: (هاتوا وقلدوا كلامكم رجلاً واحداً منكم، فإذا تكلّم فإن كان عند أحدكم زيادة فليزده وإن أتى بخلل فسدّدوه...)

الدليل الأوّل:

وأدلى عالم من علماء الحديث بحجّته على أنّ أبا بكر هو خير هذه الأمة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قائلاً:

(نحن نزعم أنّ خير الناس بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أبو بكر، من قبل الرواية المجمع عليها جاءت عن الرسول (ص) قال: (اقتدوا بالذين من بعدي أبو بكر وعمر) فلما أمر نبي الرحمة بالاقتداء بهما، علمنا أنّه لم يأمر بالاقتداء إلاّ بخير الناس...).

جواب المأمون:

وناقش موضوع الحديث المنسوب إلى النبي (ص) نقاشاً موضوعياً فقال: (الروايات كثيرة، ولا بد من أن تكون كلها حقاً، أو كلها باطلاً، أو بعضها

٢٣١

حقاً، وبعضها باطلاً، فلو كانت كلها حقاً، كانت كلها باطلاً من قبل أن بعضها ينقض بعضها، ولو كانت كلها باطلاً كان في بطلانها بطلان الدين، ودرس الشريعة(1) فلمّا بطل الوجهان ثبت الثالث بالاضطرار، وهو أنّ بعضها حق، وبعضها باطل، فإذا كان كذلك فلا بد من دليل على ما يحق منها، ليعتقد، أو ينفي خلافه، فإذا كان دليل الخبر في نفسه حقاً كان أولى ما اعتقده، وأخذ به.

وروايتك هذه من الأخبار التي أدلتها باطلة في نفسها، وذلك أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أحكم الحكماء، وأولى الخلق بالصدق، وأبعد الناس من الأمر بالمحال، وحمل الناس على التدين بالخلاف، وذلك أنّ هذين الرجلين لا يخلو من أن يكونا متفقين من كل جهة كانا واحداً في العدد والصفة والصورة والجسم، وهذا معدوم أن يكون اثنان بمعنى واحد من كل جهة.

وإن كانا مختلفين فكيف يجوز الاقتداء بهما، وهذا تكليف بما لا يطاق؛ لأنّك إذا اقتديت بواحد خالفت الآخر، والدليل على اختلافهما، أنّ أبا بكر سبى أهل الردة، وردّهم عمر أحراراً، وأشار عمر بعزل خالد لقتله مالك بن نويرة فأبى أبو بكر عليه، وحرم عمر المتعتين ولم يفعل ذلك أبو بكر، ووضع عمر ديوان العطية، ولم يفعله أبو بكر، واستخلف أبو بكر ولم يفعل ذلك عمر، ولهذا نظائر كثيرة...).

وردّ المأمون وثيق للغاية، فقد زيف الحديث، وأثبت أنّه من الموضوعات، ولا نصيب له من الصحّة.

الدليل الثاني:

وانبرى عالم آخر من علماء الحديث فاستدل على أفضلية الشيخين وتقدّمهما على الإمام أمير المؤمنين بالحديث المنسوب إلى النبي (ص).

قال: (إنّ النبي (ص) قال: لو كنت متخذاً خليلا لاتخذت أبا بكر خليلاً...).

جواب المأمون:

وزيف المأمون هذا الحديث قائلاً: هذا مستحيل من قبل أنّ رواياتكم قد صرّحت أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، آخى بين أصحابه، وأخّر عليّاً

____________________

(1) أي إماتة الشريعة.

٢٣٢

عليه‌السلام ، فقال له: في ذلك فقال: وما أخرّتك إلاّ لنفسي، فأيّ الروايتين ثبتت بطلت الأخرى...).

إنّ مناقشة المأمون للحديث مناقشة موضوعية ليس فيها أي تحيّز، وإنّما كانت خاضعة للدليل الحاسم.

الدليل الثالث:

وانبرى محدّث آخر فقال: إنّ عليّاًعليه‌السلام قال على المنبر: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر...).

مناقشة المأمون:

وناقش المأمون هذا الحديث قائلاً: هذا مستحيل لأنّ النبي (ص) لو علم أنّهما أفضل ما ولى عليهما مرة عمرو بن العاص ومرة أسامة بن زيد، وممّا يكذب هذه الرواية قول علي لـمّا قبض النبي (ص): وأنا أولى بمجلسه منّي بقميصي، ولكن أشفقت أن يرجع الناس كفّاراً، وقولهعليه‌السلام : أنّى يكونان خيراً مني؟ وقد عبدت الله قبلهما، وعبدته بعدهما، وأبطل المأمون الحديث، وبين زيفه، فلم يصلح لأن يكون دليلاً للخصم.

الدليل الرابع:

وقال عالم من علماء الحديث: إنّ أبا بكر أغلق بابه وقال: هل من مستقيل فأقيله، فقالعليه‌السلام : قدّمك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فمَن ذا يؤخرك؟).

ردّ المأمون للحديث:

ورد المأمون الحديث قائلاً: هذا باطل لأنّ عليّاًعليه‌السلام قعد عن بيعة أبي بكر، ورويتم أنّه قعد عنها حتى قبضت فاطمةعليها‌السلام ، وأنّها أوصت أن تدفن ليلاً لئلاّ يشهدا جنازتها.

ووجه آخر وهو أنّ النبي (ص) لو كان استخلفه فكيف كان له أن يستقيل، وهو يقول للأنصار: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين أبا عبيدة وعمر...).

الدليل الخامس:

وقال عالم آخر: إنّ عمرو بن العاص قال: يا نبي الله مَن أحب الناس إليك

٢٣٣

من النساء؟ قال: عائشة، فقال: من الرجال؟ فقال: أبوها...).

ردّ المأمون:

ورد المأمون هذا الحديث فقال: هذا باطل لأنّكم رويتم أن النبي (ص) وضع بين يديه طائر مشوي، فقال: اللّهمّ ايتني بأحبّ خلقك إليك، فكان عليّاً، فأي رواياتكم تقبل؟).

إنّ حديث الطائر المشوي مجمع عليه، وهو يدل بوضوح على أنّ الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام أحبّ الخلق عند الله، وأقربهم إليه.

الدليل السادس:

وانبرى عالم آخر فقال: (إنّ عليّاً قال: مَن فضلني على أبي بكر وعمر جلدته حد المفتري...).

جواب المأمون:

وأجاب المأمون عن هذا الحديث المنسوب إلى الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام بقوله:

(كيف يجوز أن يقول علي: أجلد الحد على مَن لا يجب حد عليه، فيكون متعدّياً لحدود الله، عاملاً بخلاف أمره، وليس تفضيل من فضله عليهما فرية، وقد رويتم عن إمامكم أنّه قال: وليتكم ولست بخيركم، فأي الرجلين أصدق عندكم أبو بكر على نفسه، أو علي على أبي بكر، مع تناقض الحديث في نفسه، ولا بد له من أن يكون صادقاً أو كاذباً، فإن كان صادقاً فأنّى عرف ذلك بوحي؟ فالوحي منقطع أو بالتظنين فالمتظنّي متحيّر، أو بالنظر، فالنظر بحث وإن كان غير صادق، فمن المحال أن يلي أمر المسلمين، ويقوم بأحكامهم ويقيم حدودهم كذاب...).

الدليل السابع:

وقال عالم آخر: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة).

جواب المأمون:

قال المأمون: هذا الحديث محال لأنّه لا يكون في الجنة كهل، ويروى أن (أشحمية) كانت عند النبي (ص) فقال: لا يدخل الجنة عجوز فبكت، فقال لها

٢٣٤

النبي (ص): إنّ الله تعالى يقول:( أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُباً أَتْرَاباً ) (1) فإن زعمتم أنّ أبا بكر ينشأ شاباً إذا دخل الجنة، فقد رويتم أنّ النبي (ص) قال للحسن والحسين: إنّهما سيّدا شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين وأبوهما خير منهما).

ومناقشة المأمون للحديث مناقشة منطقية غير خاضعة للأهواء والتيارات المذهبية.

الدليل الثامن:

وقال عالم آخر من علماء الحديث: (إنّ النبي (ص) قال: لو لم أكن أبعث فيكم لبعث عمر...).

جواب المأمون:

قال المأمون في تفنيد هذا الحديث: هذا محال لأنّ الله تعالى يقول:( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ) (2) ، وقال تعالى:( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ) (3) ، فهل يجوز أن يكون من لم يؤخذ ميثاقه على النبوّة مبعوثاً؟ ومن أخذ ميثاقه على النبوّة مؤخراً؟...).

إنّ مناقشة المأمون لهذه الأحاديث مبنيّة على الفكر والمنطق وليس فيها ما يشذ عنهما.

الدليل التاسع:

وانبرى عالم آخر فأدلى بحجّته قائلاً: (إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نظر إلى عمر يوم عرفة فتبسم، فقال: إنّ الله تبارك وتعالى باهى بعباده عامة، وبعمر خاصة...).

جواب المأمون:

وقال المأمون في ردّه على هذا الحديث: هذا مستحيل لأنّ الله تبارك وتعالى لم يكن ليباهي بعمر ويدع نبيه، فيكون عمر في الخاصة والنبي في العامة.

وليست هذه الروايات بأعجب من روايتكم أنّ النبي (ص) قال: دخلت الجنة

____________________

(1) سورة الواقعة: آية 35 - 37.

(2) سورة النساء: آية 163.

(3) سورة الأحزاب آية 7.

٢٣٥

فسمعت خفق نعلين فإذا بلال مولى أبي بكر سبقني إلى الجنة، فقلتم: عبد أبي بكر خير من الرسول (ص) لأنّ السابق أفضل من المسبوق...).

الدليل العاشر:

وانبرى محدّث آخر فقال: إنّ النبي (ص) قال: لو نزل العذاب ما نجا إلاّ عمر بن الخطاب...).

جواب المأمون:

قال المأمون: هذا خلاف الكتاب أيضاً؛ لأنّ الله تعالى يقول لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ) (1) فجعلتم عمر مثل الرسول (ص)!!...).

الدليل الحادي عشر:

وقال محدث آخر: لقد شهد النبي (ص) لعمر بالجنة في عشرة من الصحابة.

مناقشة المأمون:

قال المأمون: لو كان كما زعمتم لكان عمر لا يقول لحذيفة: نشدتك بالله أمن المنافقين أنا؟ فإن كان قد قال له النبي: أنت من أهل الجنة، ولم يصدقه حتى زكاه حذيفة، فصدق حذيفة، ولم يصدق النبي (ص) فهذا على غير الإسلام، وإن كان قد صدق النبي (ص) فلم سأل حذيفة؟ وهذان الخبران متناقضان في أنفسهما).

الدليل الثاني عشر:

وقال عالم آخر: قال النبي (ص): (وضعت في كفّة الميزان ووضعت أمّتي في كفة أخرى فرجحت بهم، ثم وضع مكاني أبو بكر فرجح بهم، ثم عمر فرجح بهم ثم رُفع الميزان).

جواب المأمون:

وفنّد المأمون هذا الحديث فقال: هذا محال لأنّه لا يخلو من أن يكون أجسامهما أو أعمالهما، فإن كانت الأجسام فلا يخفى على ذي روح أنّه محال؛ لأنّه لا يرجح أجسامهما بأجسام الأمة، وإن كانت أفعالهما فلم تكن بعد فكيف بما ليس؟.

والتفت المأمون إلى العلماء فقال لهم:

____________________

(1) سورة الأنفال: آية 33.

٢٣٦

(أخبروني بماذا يتفاضل الناس؟).

وانبرى بعض العلماء فقال: (يتفاضلون بالأعمال الصالحة).

وعلّق المأمون على هذا الكلام قائلاً: (أخبروني ممّن فضل صاحبه على عهد النبي (ص)، ثم إنّ المفضول عمل بعد وفاة الرسول (ص) بأكثر من عمل الفاضل على عهد النبي (ص) ثم أيلحق به؟ فإن قلتم: نعم أوجدتكم في عصرنا هذا من هو أكثر جهاداً، وحجّاً، وصوماً، وصلاة، وصدقة من أحدهم...).

فانبروا جميعاً قائلين: (صدقت لا يلحق فاضل دهرنا بفاضل عصر النبي (ص)).

فقال لهم المأمون: (انظروا فيما روت أئمتكم الذين أخذتم عنهم أديانكم في فضائل عليعليه‌السلام وقيسوا إليها ما ورد في فضائل تمام العشرة الذين شهدوا لهم بالجنة فإن كانت جزءاً من أجزاء كثيرة فالقول قولكم، وإن كانوا قد رووا في فضائل عليعليه‌السلام أكثر فخذوا عن أئمتكم ما رووا ولا تتعدّوه...).

وحار القوم في الجواب، فقد سدّ عليهم المأمون كل ثغرة يسلكون فيها للدفاع عمّا يذهبون إليه، والتفت إليهم المأمون قائلاً:

(ما لكم سكتّم؟...).

فقالوا: (قد استقصينا)، إذ لم تبق عندهم حجّة يتمسّكون بها، فقال لهم المأمون: (إنّي سائلكم، أخبروني أي الأعمال كان أفضل يوم بعث الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ...).

فقالوا جميعاً: (السبق إلى الإسلام؛ لأنّ الله تعالى يقول:( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (1) ...).

____________________

(1) سورة الواقعة: آية 10 - 11.

٢٣٧

وسارع المأمون قائلاً: (فهل علمتم أحداً أسبق من علي إلى الإسلام؟...).

وارتفعت أصواتهم قائلين: (إنّه - أي علي - سبق حدثاً لم يجر عليه حكم، وأبو بكر أسلم كهلاً قد جرى عليه الحكم - أي التكليف - وبين هاتين الحالتين فرق...).

وأجاب المأمون قائلاً: (خبروني عن إسلام علي بالهام من قبل الله تعالى أم بدعاء النبي (ص)؟ فإن قلتم: بإلهام فقد فضلتموه على النبي (ص)؛ لأنّ النبي لم يلهم بل أتاه جبرئيل عن الله تعالى داعياً، ومعرفاً، وإن قلتم بدعاء النبي (ص) فهل دعاه من قبل نفسه أو بأمر الله تعالى، فإن قلتم: من قبل نفسه فهذا خلاف ما وصف الله تعالى به نبيّه في قوله:( وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ) (1) وفي قوله تعالى:( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى ) (2) ، وإن كان من قبل الله تعالى فقد أمر الله تعالى نبيّه (ص) بدعاء علي من بين صبيان الناس وإيثاره عليهم، فدعاه ثقة به، وعلماً بتأييد الله تعالى.

وخلّة أخرى: خبروني عن الحكيم هل يجوز أن يكلّف خلقه ما لا يطيقون، فإن قلتم: نعم فقد كفرتم، وإن قلتم: لا، فكيف يجوز أن يأمر نبيه (ص) بدعاء من لا يمكنه قبول ما يؤمر به لصغره وحداثة سنّه، وضعفه عن القبول.

وعلّة أخرى هل رأيتم النبي (ص) دعا أحداً من صبيان أهله وغيرهم فيكونوا أسوة مع علي، فإن زعمتم أنّه لم يدع أحداً غيره، فهذه فضيلة لعلي على جميع صبيان الناس).

والتفت المأمون إلى العلماء فقال لهم: (أي الأعمال بعد السبق إلى الإيمان؟...).

فقالوا جميعاً: (الجهاد في سبيل الله...).

وانبرى المأمون يقيم عليهم الحجّة في تقديم الإمام علي غيره بالفضل قائلاً:

____________________

(1) سورة الواقعة: آية 10 - 11.

(2) سورة ص: آية 3 - 4.

٢٣٨

هل تجدون لأحد من العشرة في الجهاد ما لعليعليه‌السلام في جميع مواقف النبي (ص) من الأثر؟ هذه (بدر) قتل من المشركين فيها نيف وستون رجلاً، قتل علي منهم نيفاً وعشرين، وأربعون لسائر الناس...).

وانبرى عالم من علماء الحديث فقال: (كان أبو بكر مع النبي (ص) في عريشه يدبّرها).

فردّ عليه المأمون قائلاً: (لقد جئت بهذا عجيبة!! كان يدبّر دون النبي (ص) أو معه فيشركه، أو لحاجة النبي (ص) إلى رأي أبي بكر؟ أي الثلاث أحب إليك؟).

وأجاب العالم: (أعوذ بالله من أن أزعم أنّه يدبّر دون النبي (ص) أو يشركه أو بافتقار من النبي إليه).

(وردّ عليه المأمون قائلاً: فما الفضيلة في العريش؟ فإن كانت فضيلة أبي بكر بتخلّفه عن الحرب، فيجب أن يكون كل متخلّف فاضلاً أفضل من المجاهدين والله عزّ وجل يقول:( لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً ) (1) .

ووجّه المأمون خطابه إلى إسحاق بن حماد بن زيد، وهو من كبار علماء الحديث فقال له: (اقرأ سورة هل أتى).

وأخذ إسحاق في قراءة السورة فلمّا انتهى إلى قوله تعالى:( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إلى قوله:وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً ) (2) .

قال له المأمون:

____________________

(1) سورة النساء: آية 95.

٢٣٩

(فيمَن نزلت هذه الآيات؟).

(في علي...).

وانبرى المأمون قائلاً: (هل بلغك أنّ عليّاًعليه‌السلام قال حين أطعم المسكين واليتيم والأسير( إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً ) (1) على ما وصف الله تعالى في كتابه.

(لا...).

(إنّ الله تعالى عرف سريرة علي ونيّته فاظهر ذلك في كتابه تعريفا لخلقه أمره...

هل علمت أنّ الله تعالى وصف في شيء ممّا وصف في الجنة، ما في هذه السورة:( قوارير من فضة... ) .

(لا...).

(فهذه فضيلة أخرى، كيف تكون القوارير من فضة؟).

(لا أدري).

(يريد كأنّها من صفائها من فضة يرى داخلها كما يرى خارجها، وهذا مثل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (يا إسحاق رويدا شوقك بالقوارير) وعنى به نساء كأنّها القوارير رقّة، وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (ركبت فرس أبي طلحة فوجدته بحراً) أي كأنّه بحر من كثرة جريه وعدوه، وكقول الله تعالى:( وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ) (2) أي كأنّه يأتيه الموت، ولو أتاه من مكان

واحد مات.

يا إسحاق ألست ممّن يشهد أنّ العشرة في الجنة؟).

(بلى...).

(أرأيت لو أنّ رجلاً قال: ما أدري أصحيح هذا الحديث أم لا أكان عندك

____________________

(1) سورة الدهر: آية 9.

(2) سورة إبراهيم: آية 17.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409