تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ٢

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي17%

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي مؤلف:
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 453

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 453 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 258420 / تحميل: 8127
الحجم الحجم الحجم
تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

١٦١

١٦٢

كان يعتقد الامامة، وصنف ف‍ يها كتبا(١) : منها كتاب في الامامة

____________________

(١) مذهبه: ظاهر جماعة كثيرة انه زيدي المذهب وربما يشير اليه بعض سيرته وأنه كان مع محمد بن زيد الداعي بطبرستان، وحسن اعتقاد الزيدية به، وركونهم اليه، بل وحكايتهم عنه في تفاسيرهم على ما قيل، بل عدهم إياه من أئمتهم كما ربما يظهر من عمدة الطالب انه ينتسب إليه الناصرية من الزيدية. وقال ابن شهر اشوب في حرف النون من معالمه (١٢٦): الناصر للحق، امام الزيدية، له كتب كثيرة منها كتاب الظلامة الفاطمية. وإختار جماعة من المحققين انه من أكابر الشيعة وأفاضلهم وكان بريئا مما نسب اليه من الزيدية وان كانوا قد اتبعوه وحسن اعتقادهم به. قال الماتنرحمه‌الله كان يعتقد الامامة وصنف فيها كتبا الخ. وتقدم من الشريف المرتضى مدحه بما حاشاه أن يثني على إمام الزيدية وان كان من أرومته وغصنا من اغصان دوحته، ولعل الزيدية قد حسن اعتقادهم به لاجل قيامه بالسيف ولما وفق له من تطهير بلاد الديلم والطبرستان من الشرك ودعوته إلى الحق والى الدين، وما كان له من المصاحبة مع محمد بن زيد الداعى، ونحو ذلك. قال شيخنا البهائيرحمه‌الله فيما حكى عنه: انه من أكابر سادات أفاضل الشيعة. وعنه أيضا ان المحققين من علمائنا رضوان الله عليهم يعتقدون ان ناصر الحق كان تابعا في دينه للامام جعفر الصادق (ع) كما يظهر من تأليفاته، وانه لما كان يدعو الفرق المختلفة في المذاهب إلى نصرته أظهر بعض الامور التي توجب إئتلاف القلوب خوفا من أن ينصرف الناس عنه الخ. ثم أشار إلى بعضها.وعن الرياض في باب الالقاب منه: ان ناصر الحق هذا هو العالم الفاضل المعروف بالناصر الكبير أيضا، وكان من أئمة الزيدية، ولكنه حسن الاعتقاد كاسمه، برئ من عقائد الزيدية الخ.(*)

١٦٣

صغير، كتاب الطلاق، كتاب في الامامة كبير، كتاب فدك، والخمس كتاب الشهداء وفضل أهل الفضل منهم، كتاب فصاحة أبي طالب، كتاب معاذير بني هاشم فيما نقم عليهم، كتاب أنساب الائمة (ع) ومواليدهم إلى صاحب الامرعليهم‌السلام (١) .

____________________

(١) وقال ابن النديم في الفهرست(٧٢٨) في الزيدية: الداعي إلى الله الامام الناصر للحق الحسن بن علي بن الحسن بن زيد بن عمر ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، على مذاهب الزيدية ومولده. وتوفى سنة. وله من الكتب: كتاب الطهارة، كتاب الاذان والاقامة، كتاب الصلاة، كتاب أصول الزكاة، كتاب الصيام، كتاب المناسك، كتاب السير، كتاب الايمان والنذور، كتاب الرهن، كتاب بيع أمهات الاولاد، كتاب القسامة، كتاب الشفعة كتاب الغصب، كتاب الحدود، كتاب. هذا ما رأينا من كتبه وزعم بعض الزيدية إن له نحوا من مائة كتاب، ولم نرها فان رأى ناظر في كتابنا شيئا منها ألحقها بموضعها إن شاء‌الله تعالىبقي شئ وهو انه ذكر في أصحاب الهادي (ع) ٤١٢ / ٤: الحسن ابن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. الناصر للحقرضي‌الله‌عنه . لكن عن بعض النسخ خلوه عن ذكره في أصحابه ولم أجد للاصحاب حكاية ذلك عن الشيخرحمه‌الله . (*)

١٦٤

١٣٥ - الحسين بن سعيد بن حماد بن مهران

مولى علي بن الحسين (ع) أبومحمد الاهوازي(١)

____________________

(١) ذكره البرقي مع اخيه الحسن في اصحاب الرضا (ع) ومن نشأ في عصره (ع)(٥٤) قائلا: الحسن، والحسين ابنا سعيد بن حماد الكوفيان، وهما موالي علي بن الحسينعليه‌السلام . ونحوه ملخصا في أصحاب الجواد (ع)(٥٦). وذكره الكشي في أصحاب الرضا (ع) كما يأتي. وعده مع أخيه الحسن في ترجمة محمد بن سنان(٣١٥) فيمن روى عنه من العدول والثقات من أهل العلم. وذكره بن النديم في الفهرست (٣٢٤) مع أخيه قائلا: الحسن والحسين إبنا سعيد الاهوازيان من اهل الكوفة، من موالي على بن الحسين (ع)، من اصحاب الرضا (ع) اوسع اهل زمانهما علما بالفقه، والاثار، والمناقب، وغير ذلك من علوم الشيعة وهما: الحسن والحسين إبنا سعيد بن حماد بن سعيد، وصحبا ايضا ابا جعفر بن الرضا (ع) وللحسين من الكتب. وذكره الشيخ في الفهرست(٥٨) كما في المتن وقال: من موالي علي بن الحسينعليهما‌السلام الاهوازي، ثقة، روى عن الرضا، وأبي جعفر الثاني وابي الحسن الثالثعليهم‌السلام .واصله كوفي، وانتقل مع اخيه الحسن إلى الاهواز، ثم تحول إلى قم فنزل على الحسن ابن أبان، وتوفي بقم.ولكن قال عند ذكر طريقه اليه: الحسين بن سعيد بن حماد بن سعيد بن مهران. وقال أيضا في(٥٣) الحسن بن سعيد بن حماد بن سعيد بن مهران الاهوازي، من موالي علي بن الحسين (ع) أخو الحسين بن سعيد ثقة، روى جميع ما صنفه أخوه عن جميع شيوخه وزاد عليه بروايته عن زرعة والباقي هما متساويان فيه وسنذكر كتب أخيه اذا ذكرناه والطريق إلى روايتهما واحد. وذكره في رجاله في اصحاب الرضا (ع) ٣٧٢ / ١٧ قائلا: الحسين ابن سعيد بن حماد مولى علي بن الحسينعليهما‌السلام صاحب المصنفات الاهوازي، ثقة. وقال قبل ذلك رقم(١٣): الحسن بن سعيد الكوفي. وايضا في اصحاب الجواد (ع) ٣٩٩ / ١ قائلا: الحسن والحسين إبنا سعيد الاهوازيان من اصحاب الرضا (ع).وأيضا في اصحاب الهادي (ع) ٤١٢ قائلا: الحسين بن سعيد كوفي، أهوازي، مولى على بن الحسينعليهما‌السلام . قلت: قد ذكرناه في طبقات اصحاب الرضا والجواد والهادي (ع). مع ذكر من روى عنه عنهمعليهم‌السلام .(*)

١٦٥

شارك أخاه الحسن(١) في الكتب الثلاثين المصنفة، وانما كثر اشتهار الحسين أخيه بها.

____________________

(١) الظاهر: ان الحسن بن سعيد كان اكبر سنا من اخيه واكثر مشيخة، فقد روى عن ابي الحسن موسى (ع) مكاتبة قال كتبت إلى العبد الصالح (ع): رجل أحرم غير غسل الحديث. رواه الشيخ في التهذيب ج ٥ / ٧٨ / ٢٦ عن الحسين بن سعيد عن اخيه الحسن. ورواه الكليني في الكافي ج ١ / ٢٥٥ عن العدة عن سهل عن علي بن مهزيار قال: كتب الحسن بن سعيد إلى أبي الحسن (ع) الحديث.هذا بناء‌آ على انصراف (العبد الصالح) (ع) في الاخبار إلى أبي الحسن موسى (ع). وذكر البرقي، والكشي والشيخ، وابن النديم أنه من أصحاب الرضا والجوادعليهما‌السلام ولم يذكره أحد في أصحاب الهادي (ع). قال ابوعمرو والكشي(٣٤١).الحسن والحسين إبنا سعيد ابن حماد مولى علي بن الحسين صلوات الله عليهما وكان الحسن بن سعيد هو الذي أدخل اسحاق بن ابراهيم الحضيني، وعلي بن الريان بعد اسحاق إلى الرضا (ع)، وكان سبب معرفتهم لهذا الامر، ومنه سمعوا الحديث، وبه عرفوا، وكذلك فعل بعبد الله بن محمد الحضيني، وغيرهم حتى جرت الخدمة على أيديهم، وصنفا الكتب الكثيرة، ويقال: ان الحسن صنف خمسين. وسعيد كان يعرف بدندان. قلت: ويأتي في إبنه احمد ايضا(١٨١) قوله: الملقب دندان. وقال: الشيجخ في اصحاب الرضا (ع)(٣٧١ / ٤): الحسن ابن سعيد بن حماد مولى علي بن الحسين (ع) كوفى، أهوازي، هو الذي اوصل علي بن مهزيار، واسحاق بن ابراهيم الحضيني إلى الرضاعليه‌السلام حتى جرت الخدمة على ايديهما. وفي الخلاصة(٣٩): وكان الحسن ثقة، وكذلك الحسين أخوه. (*)

١٦٦

وكان الحسين بن يزيد السوراني(١) ،

____________________

(١) الحسين بن يزيد السوراني غير مذكور في الرجال. وعن الوحيدرحمه‌الله مدحه باعتماد النجاشي عليه في المقام. قلت: الحكاية عنه لاتدل على إعتماده عليه بل من تأمل في رجال النجاشي وفيما يحكيه من الرجال وجد: انهرحمه‌الله إنما يذكر ما يعتمد عليه في احوال الرواة وكتبهم ونحو ذلك بلا تعليق على قائل به، لكن يعلق عليه فيما لايجزم به وفيما له فيه نوع من النظر وقد حققناه سابقا فلا حظ وتأمل وسيأتي ان شاء الله حكاية هذا الكلام عنه مع التأمل الصريح فيما ذكره. قالرحمه‌الله في ترجمة فضالة(٨٤٩) قال لي ابوالحسن البغدادي (السوراني. خ) البزاز قال لنا الحسين بن يزيد السوراني: كل شئ تراه: الحسين بن سعيد عن فضالة فهو غلط، انما هو الحسين عن اخيه الحسن عن فضالة. وكان يقول: ان الحسين بن سعيد لم يلق فضالة، وإن اخاه الحسن تفرد بفضالة دون الحسين. ولا زالت رأيت الجماعة تروي بأسانيد مختلفة الطرق و (عن. ظ) الحسين بن سعيد عن فضالة والله أعلم، وكذلك زرعة بن محمد الحضرمي. قلت: وهذا الكلام من الماتن تضعيف بوجه للحسين بن يزيد السوراني فان قوله: (لم يلق فضالة) شهادة حسية تؤخذ بها اذا كانت من ثقة وأما كون الاسانيد هكذا: الحسين بن فضالة. فهو أمر ظاهر في إتصال الاسناد ولكن لا يؤخذ بالظاهر في قبال النص. اللهم إلاان يكون تأمل الماتنرحمه‌الله في صحة ما ذكره مستدلا بظاهر رواية الجماعة عنه عنهما بلا واسطة اخيه الحسن، من جهة إعتقاده بكون قول السوراني مبنياعلى الحدس لا اعتمادا منه على قول الحسين بن سعيد بانه لم يدركهما، او قول ثقة آخر، فحينئذ لا يصح الاعتماد على شهادة السوراني لرفع اليد عما تقتضيه رواية الجماعة بأسانيد مختلفة عنه عنهما بلا واسطة فليتأمل. قلت: يأتي في ترجمة احمد بن الحسين قوله: روى عن جميع شيوخ أبيه إلا حماد بن عيسى فيما زعم القمييون. (*)

١٦٧

يقول: الحسن شريك اخيه الحسين في جميع رجاله إلا في زرعة بن محمد الحضرمي، وفضالة بن أيوب، فان الحسين كان يروي عن اخيه عنهما. خاله جعفر بن يحيى بن سعد الاحول من رجال أبي جعفر

١٦٨

الثانيعليه‌السلام (١) ذكره سعد بن عبدالله.وكتب بني سعيد كتب حسنة معمول عليها، وهي ثلاثون كتابا(٢) : كتاب الوضوء، كتاب الصلاة

____________________

(١) ذكره الشيخ في أصحابه (ع) ٣٩٩ / ٢ قائلا: جعفر بن يحيى بن سعد الاحوال، خال الحسين بن سعيد، وذكره البرقي أيضا في أصحابه(٥٧).

(٢) وفى الفهرست: وله ثلاثون كتابا. قلت: الظاهر من اصحابنا أن كتب الحسين بن سعيد معتمدة، اخبارها صحاح تكون ميزانا للمعتمد عليه من الاثار وغيره فيأتي في ترجمة محمد بن أورمة(٨٩٣) قول الماتن: وحكى جماعة من شيوخ القميين عن ابن الوليد انه قال: محمد اورمة طعن عليه بالغلو فكل ما كان في كتبه مما وجد في كتب الحسين بن سعيد وغيره فقل به وما تفرد به فلا تعتمده.وفى ترجمته في الفهرست(١٤٣): وقال ابوجعفر بن بابويه: محمد بن أورمة طعن عليه بالغلو، فكلما كان في كتبه مما يوجد في كتب الحسين بن سعيد وغيره، فانه معتمد عليه ويفتى به، وكلما تفرد به لم يجز العمل عليه ولا يعتمد. وقال في ترجمة صفوان بن يحيى(٨٣) قوله: وله كتب كثيرة مثل كتب الحسين بن سعيد. وقال أيضا بن علي الصيرفي(١٤٦): له كتب وقيل انها مثل كتب الحسين بن سعيد.

وفي ترجمة موسى بن القاسم البجلي(١٦٢): له ثلاثون كتابا مثل كتب الحسين بن سعيد مستوفاة حسنة الخ. وقال الصدوقرحمه‌الله في ديباجة الفقيه: وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول، وإليها المرجع مثل كتاب حريز إلى أن قال: وكتب الحسين بن سعيد. (*)

١٦٩

كتاب الزكاة، كتاب الصوم، كتاب الحج، كتاب النكاح، كتاب الطلاق، كتاب العتق، والتدبير، والمكاتبة، كتاب الايمان والنذور كتاب التجارات والاجارات، كتاب الخمس، كتاب الشهادات، كتاب الصيد والذبايح، كتاب المكاسب، كتاب الاشربة، كتاب الزيارات، كتاب التقية، كتاب الرد على الغلات، كتاب المناقب، كتاب المثالب، كتاب الزهد، كتاب المروة، كتاب حقوق المؤمنين وفضلهم، كتاب تفسر القرآن، كتاب الوصايا، كتاب الفرائض، كتاب الحدود، كتاب الديات، كتاب الملاحم، كتاب الدعاء(١) .

أخبرنا بهذه الكتب غير واحد من اصحابنا من طرق مختلفة كثيرة فمنها ما كتب إلى به ابوالعباس احمد بن علي بن نوح السيرافيرحمه‌الله في جواب كتابي إليه:

____________________

(١) وفي الفهرست ذكر هذه الكتب إلا انه زاد بعد (الايمان والنذور) و " الكفارات "، وبعد (الديات) " كتاب البشارات " وبعد (المروة) " والتجمل " وبدل (كتاب حقوق المؤمنين وفضهلم) " كتاب المؤمن " ولم يذكر بعد (التدبير) (والمكاتبة) كتابا. وقال ابن النديم في فهرسته في ترجمته: وللحسين من الكتب: كتاب التفسير، كتاب التقية، كتاب الايمان والنذور، كتاب الوضوء كتاب الصلاة، كتاب الصيام، كتاب النكاح، كتاب الطلاق، كتاب الاشربة، كتاب الرد على الغالية، كتاب الدعاء، كتاب العتق والتدبير. ويأتي في القاسم بن الحسن بن علي بن يقطين(٨٦٤): قولهرحمه‌الله : وما أظن له كتابا ينسب إليه إلا زيادة في كتاب التجمل والمروة للحسين بن سعيد، كان ضعيفا على ما ذكره ابن الوليد، وقد روى ابن الوليد عن رجاله عن القاسم بن الحسن: الزيادة.

(*)

١٧٠

والذي سألت تعريفه من الطرق إلى كتب الحسين بن سعيد الاهوازى رضى اله عنه، فقد روى عنه ابوجعفر احمد بن محمد بن عيسى الاشعري القمي، وأبوجعفر احمد بن محمد بن خالد البرقي، والحسين بن الحسن بن أبان، واحمد بن محمد بن الحسن بن السكن القرشي البردعي، وابوالعباس احمد بن محمد بن الدينوري. فأما ما عليه أصحابنا والمعمول (المعول - خ) عليه: ما رواه عنهما احمد بن محمد بن عيسى. أخبرنا الشيخ الفاضل ابوعبدالله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري فيما كتب إلي في شعبان سنة اثنتين وخمسين وثلثمائة قال: حدثنا ابوعلي الاشعري احمد بن ادريس بن احمد القمي قل: حدثنا احمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد بكتبه الثلاثين كتابا(١) .

وأخبرنا أبوعلي احمد بن محمد بن يحيى العطار القمي قال: حدثنا أبي، وعبدالله بن جعفر الحميري، وسعد بن عبدالله جميعا عن احمد بن محمد بن عيسى(٢) . وأما ما رواه احمد بن محمد بن خالد البرقي:

____________________

(١) صحيح.

(٢) صحيح على كلام واشكال بأحمد بن محمد بن يحيى العطار وسيأتي عن فهرست الشيخ ايضا روايته كتب الحسين بن سعيد عن طريق احمد بن محمد بن عيسى. (*)

١٧١

فقد حدثنا ابوعبدالله محمد بن أحمد الصفواني سنة إثنتين وخمسين وثلثمائة بالبصرة قال: حدثنا ابوجعفر محمد بن جعفر بن بطة المؤدب قال: حدثنا احمد بن محمد بن خالد البرقي عن الحسين بن سعيد بكتبه جميعا(١) . وأخبرنا ابوجعفر محمد بن علي بن احمد بن هشام القمي المجاور قال: حدثنا علي بن محمد بن أبي القاسم ما جيلويه عن جده احمد ابن محمد بن خالد البرقي عن الحسين بن سعيد بكتبه(٢) . وأما الحسين بن الحسن بن أبان القمي: فقد حدثنا محمد بن احمد الصفواني قال: حدثنا ابن بطة عن الحسين بن الحسن بن أبان. وانه أخرج إليهم بخط الحسين بن سعيد وانه كان ضيف أبيه، ومات بقم، فسمعته منه قبل موته. وأخبرنا علي بن عيسى بن الحسين القمي، وحدثني محمد بن علي

____________________

(١) فيه ضعف بوجه بابن بطة.

(٢) ضعيف بمحمد بن علي بن أحمد بن هشام القمي فقد ذكره الشيخ في باب من لم يرو عنهم (ع) من رجاله(٥٠٧ / ٨٩) وقال: يكنى أبا جعفر، روى عن محمد بن علي ما جيلويه، روى عنه ابن نوح.

قلت: ولم أجد لم توثيقا ولا ذما إلا ما عن أصحابنا من استظهار حسن حاله من نفس هذا الطريق.

وفيه: انه ان كان وجهه قول السيرافي: فاما ما على المعول الخ. فهذا بالنسبة إلى طريق أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد وهذا القمي المجاور في طريق البرقي عنه. وان كان وجهه: انه من مشايخ النجاشي الذين قيل: بوثاقتهم كما هو صريح بعض الاعاظم (قده) في تنقيح المقال في ترجمته ففيه انه ليس من مشايخ النجاشي وانما هو من مشايخ السيرافي فيما كتب به إلى النجاشي في ذكره طرقه إلى الحسين بن سعيد وقد أشرنا في مقدمة هذا الشرح إلى التأمل فيما ذكره غير واحد من الاعلام في مقام ذكر مشايخه وانما نشأ الاشتباه من الخلط بين مشايخ السيرافي ومشايخ النجاشي في هذا المقام.والعجب انهرحمه‌الله ذكر القمي المجاور هذا من مشايخ الصدوق (ره) ومع هذا زعم انه من مشايخ النجاشي فلا حظ ما ذكره في المقام وفي محمد بن علي بن هشام. (*)

١٧٢

ابن المفضل بن تمام، ومحمد بن احمد بن داود، وابوجعفر بن هشام قالوا: حدثنا، وأخبرنا محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد عن الحسين ابن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد(١) .

____________________

(١) قلت: اما طريقه الاول، ففيه بوجه بابن بطة. واما طريقه الثاني فحسن كالصحيح بمحمد بن احمد بن داود، شيخ القميين، وفقيههم. بقي الكلام في الحسين بن الحسن بن ابان القمي) فقد ذكره الشيخ في اصحاب العسكري (ع) ٤٣٠ / ٨ وقال: أدركه (ع)، ولم نعلم أنه روى عنه، وذكر ابن قولويه: انه قرابة الصفار، وسعد بن عبدالله، وهو أقدم منهما نه روى عن الحسين بن سعيد وهما لم يرويا عنه.وذكره في باب من لم يرو عنهم (ع) ٤٦٩ / ٤٤ وقال: روى عن الحسين بن سعيد كتبه كلها، روى عنه ابن الوليد. وقال ابن داود في رجاله في ترجمة محمد بن أورمة(٤٩٩): ضعيف، روى عنه الحسين بن الحسن بن أبان وهو ثقة الخ. وربما يشير إلى وثاقته رواية الاجلة الثقاة، وشيوخ القميين وفيهم ابن الوليد عنه، ووصية الحسين بن سعيد بكته إليه مع وجود أولاده، وتصحيح العلامة والشهيد (قدهما) طرقا هو فيها، وعدم طعن المحقق في المعتبر ونكت النهاية في طريق هو فيه، وانه من رجال أسانيد كامل الزيارات لابن قولويه، وغير ذلك من وجوه لاتخلو الجميع عن النظر. وسيأتي عن الفهرست عنه بطريق ابن أبان.(*)

١٧٣

واما احمد بن محمد بن الحسن بن السكن القرشي البردعي: فقد حدثني ابوالحسن علي بن بلال بن معاوية بن احمد المهلبي بالبصرة قال: حدثنا عبيد الله بن الفضل بن هلال الطائي بمصر قال: حدثنا احمد بن محمد بن الحسن بن السكن القرشي البردعي عن الحسين بن سعيد الاهوازي بكتبه الثلاثين كتابا في الحلال والحرام(١) . وأما ابوالعباس الدينوري(٢) : فقد اخبرنا الشريف ابومحمد الحسن بن حمزة بن علي الحسيني الطبري فيما كتب إلينا: أن أبا العباس احمد بن محمد الدينوري حدثهم عن الحسين بن سعيد بكتبه

____________________

(١) ضعيف: تارة بعبيد الله بن الفضل المجهول حاله إلا ان يتحد مع عبيد الله بن الفضل بن محمد بن هلال النبهاني ابي عيسى الكوفي أصلا والمصري مسكنا والاتي ترجمته(٦١٤) فهو وان لم يوثق إلا ان هارون بن موسى التلعكبري روى عنه كتابه. وأخرى بأحمد بن محمد بن الحسن بن السكن القرشي البردعي المجهول حاله.

(٢) ذكره الشيخ في رجاله باب من لم يرو عنهم (ع) ٤٣٨ / ٣ قائلا: احمد بن محمد الدينوري يكنى أبا العباس يلقب بأستونة قلت: لم أجد له تصريحا بشئ. (*)

١٧٤

وجميع مصنفاته عند منصرفه من زيارة الرضا (ع) أيام جعفر بن الحسن الناصر بآمل طبرستان سنة ثلثمائة(١) ، وقال: حدثني الحسين ابن سعيد الاهوازي بجميع مصنفاته(٢) . قال ابن نوح: وهذا طريق غريب لم أجد لم ثبتا إلا قولهرضي‌الله‌عنه ، فيجب أن يروي كل نسخة من هذا بما رواه صاحبها فقط، ولا يحمل رواية ولا نسخة على نسخته لئلا يقع فيه اختلاف(٣)

____________________

(١) تقدم في ترجمة أبي محمد الحسن الاطروش الناصر الكبير: انه توفي بآمل سنة اربع وثلثمائة بعد ما دخلها سنة إحدى وثلثمائة. فلما توفى اراد الناس ان يبايعوا ابنه أبا الحسين احمد بن الحسن الناصر فامتنع من ذلك وكانت إبنة الناصر تحت أبي محمد الحسن ابن القاسم الداعي الصغير، فكتب إليه ابوالحسين احمد بن الحسن الناصر، واستقدمه وبايعه، فغضب ابوالقاسم جعفر ناصرك بن الناصر وجمع عسكرا وقصد طبرستان فانهزم الداعي من ابن الناصر يوم النيروز سنة ست وثلاثمائة، وسمي نفسه الناصر وأخذ الداعي بدماوند، وملك الداعي الصغير طبرستان إلى سنة ست عشرة وثلاثمائة ثم قتله مرداويج بآمل. ذكره ابن عنبة في عمدة الطالب(٣٠٩).

(٢) ضعيف بالدينوري فلم يوثق.

(٣) ظاهر الماتن ان إستغراب ابن نوح رحمهما الله لهذا الطريق في محله. ولم يظهر ولعله لعدم التوافق بين ما ذكره من تاريخ أيام جعفر الناصر مع ما ذكره الاصحاب وغيرهم في تاريخ ملكه بعد وفات الناصر الكبير كما تقدم، أو لعلو الاسناد برواية ابن حمزة عن الدينوري عن الحسين بن سعيد مع انه يروى غالبا بوسائط عن احمد بن محمد ابن عيسى الذي يروي عن الحسين بن سعيد. كما ان سماع ابن حمزة الطبري عن الدينوري على هذا يكون قبل ست وخمسين سنة لما يأتي في ترجمة ابن حمزة: انه قدم بغداد، ولقيه شيوخنا في سنة ست وخمسين وثلثمائة، ومات في سنة ثمان وخمسين وثلثمائة. وتمام الكلام لعله يأتي في ترجمة ابن حمزة. ثم ان ظاهر الماتن اختلاف نسخ كتب الحسين بن سعيد بقوله: فيجب الخ. إذ مع عدم إختلافها فغرابة بعض الطرق ربما لاتضر بروايتها فليتأمل، طرق الشيخ إلى الحسين بن سعيد=

١٧٥

____________________

=

١ - في الفهرست: أخبرنا بكتبه ورواياته ابن أبي جيد القمي عن محمد بن الحسن عن الحسين بن الحسن بن ابان عن الحسين بن سعيد بن حماد بن سعيد بن مهران. قال ابن الوليد: وأخرجها إلينا الحسين بن الحسن بن أبان بخط الحسين بعد سعيد وذكرانه كان ضيف أبيه.

٢ - واخبرنا بها عدة من اصحابنا عن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه، ومحمد بن الحسن، ومحمد بن موسى بن المتوكل عن سعيد بن عبدالله والحميري عن احمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد. قلت: هذا الطريق صحيح بلا اشكال وأما سابقه فصحيح بناء‌ا على القول بوثاقة ابن أبي جيد وساير مشايخ النجاشي.

٣ - في مشيختي التهذيب ج ١٠ / ٦٣، والاستبصار ج ٤ / ٣١٢: وما ذكرته في هذا الكتاب عن الحسين بن سعيد، فقد أخبرني به الشيخ ابوعبدالله محمد بن النعمان، والحسين بن عبيد الله، واحمد بن عبدون كلهم عن احمد بن محمد بن الحسن بن الوليد عن أبيه محمد بن الحسن بن الوليد قلت: الطريق صحيح على كلام بأحمد بن محمد بن الحسن ابن الوليد.

٤ - وأخبرني به أيضا ابوالحسين بن أبي جيد القمي عن محمد ابن الحسن بن الوليد عن الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين ابن سعيد. قلت: هذا الطريق أعلى إسنادا من ساير طرقه، ولعله لذلك روى في التهذيبين بهذا الاسناد كثيرا وهو صحيح بناء‌ا على وثاقة ابن ابي جيد من مشايخه ومشايخ النجاشي.

٥ - ورواه ايضا محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد. قلت: الطريق صحيح بناء‌ا على وثاقة ابن ابي جيد القمي.

٦ - قال ص ٧٣، وص ٣١٦: ومن جملة ما رويته عن الحسين بن سعيد، والحسين بن محبوب: ما رويته بهذا الاسناد (الحسين بن عبيد الله عن احمد بن محمد بن يحيى العطار عن ابيه) عن محمد بن علي بن محبوب عن احمد بن محمد عنهما جميعا. قلت: الطريق صحيح على كلام بأحمد بن محمد بن يحيى. وروى بهذا الطريق عن الحسين بن سعيد وحده في مواضع من التهذيبين منها: ما في يب ج ٣ / ٢٣٥ / ٢١٨ و / ٢٢٦ / ٥٧٢ وفي الاستبصار ج ١ ص ٢٢٠ في امرأة صلت المغرب ركعتين في السفر.

٧ و ٨ - (قال بعد طريقه إلى الصفار): ومن جملة ما ذكرته عن الحسين بن محبوب، والحسين بن سعيد ما رويته بهذا الاسناد (أخبرني به الشيخ ابوعبدالله محمد بن محمد بن النعمان، والحسين بن عبيد الله وأحمد بن عبدون كلهم عن احمد بن محمد بن الحسن بن الوليد عن أبيه، وأخبرني به ايضا ابوالحسن بن ابي جيد عن محمد بن الحسن ابن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار) عن احمد بن محمد عنهما جميعا. قلت: الاول صحيح على كلام بأحمد بن الوليد والثاني أيضا على كلام بابن ابي جيد.=

١٧٦

____________________

=

٩ و ١٠ - ما ذكره بعد طريقه إلى سعد بن عبدالله (يب ٧٤) صا(٣١٧): ومن جملة ما ذكرته عن الحسين بن سعيد، والحسن بن محبوب معا: ما رويته بهذا الاسناد (أخبرني به الشيخ ابوعبدالله من ابي القاسم جعفر بن محمدبن قولويه عن ابيه عن سعد بن عبدالله وأخبرني به ايضا الشيخرحمه‌الله عن ابي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن ابيه عن سعد بن عبدالله) عن احمد بن محمد عنهما جميعا.

قلت: الطريقان صحيحان بلا كلام. روى الصدوق في المشيخة رقم(٢٣٩) عن محمد بن الحسنرضي‌الله‌عنهعن الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد. قال: ورويته ايضا عن ابيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله عن احمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد. قلت: طريقه الثاني صحيح بلا كلام والاول صحيح بناء‌ا على وثاقة ابن أبان كما تقدم. وروى الصدوقرحمه‌الله في المشيخة بطرق عن الحسين بن الحسن ابن أبان عن الحسين بن سعيد في طريقه إلى جماعة: منهم ابراهيم بن ميمون(١٥٦)، والحسين بن مختار ٧٦)، وفضالة بن أيوب(٣٣٦)، ويحيى بن أبي العلاء(٢٣١)، وابوبكر بن أبي سماك(١٥٨).

وأيضا عن احمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد في طريقه إلى جماعة منهم: حريز بن عبدالله(٧٨)، وربعي بن عبدالله(١٦٣)، والحسن بن سعيد عن زرعة(١٩)، وسليمان بن جعفر الجعفري(٩٥)، وعائذ الاحمسي(٦٥)، وعمر بن أذينة(١٤٤) وفضالة بن أيوب ايضا(٣٣٦)، ومعمربن يحيى(٦٤) وأبومريم الانصاري(٤٨).

١٧٧

١٧٨

١٣٦ - الحسن بن العباس بن الحريش الرازي أبوعلي(١)

روى عن أبي جعفر الثاني (ع)(٢) ضعيف جدا، له كتاب

____________________

(١) كناه ابن الغضائري بأبي محمد كما يأتي.

(٢) ذكره الشيخ في أصحابه (ع) ٤٠٠ / ٧ كما في المتن بلا كنية وايضا في (من لم يرو عنهم) ٤٦٢ / ٢ قائلا: الحسن بن العباس الحريشي. وذكره في الفهرست ٥٣ / ١٨٧ كما في المتن بلا كنية. وقال: له كتاب ثواب " إنا أنزلناه ". وأيضا ٥٣ / ١٨٨: الحسن بن العباس الحريشي له كتاب. قلت: ظاهره في الكتابين التعدد، إلا ان الاتحاد هو الاظهر، بل الظاهر اتحادهما مع المذكور في أصحاب الجواد (ع) من رجاله(٤٠٠) بعنوان: الحسن بن عباس بن خراش. وذكره البرقي في أصحابه (ع)(٥٧) قائلا: الحسين بن عباس بن حريش الرازي.

قلت: روى عنه عنه (ع) جماعة: منهم احمد بن محمد بن عيسى الاشعري، فروى عنه كثيرا جدا بأسانيد صحاح، ومحمد بن يحيى العطار، وسهل بن زياد، ذكرناهم في طبقات أصحابه.(*)

١٧٩

" إنا أنزلناه في ليلة القدر "(١) ، وهو كتاب ردي الحديث، مضطرب الالفاظ(٢) .

____________________

(١) صنف جماعة كتبا في فضل " انا أنزلناه " فضعفوا، ويأتي تراجمهم: منهم عمر بن بقية ابويحيى الصنعاني(٧٥٢)، ومحمد بن حسان الرازي(٩٠٥)، وعبدالرحمان بن كثير الهاشمي(٦١٩) وعلي بن أبي صالح(٦٧٤).

(٢) وعن إبن الغضائري: الحسن بن العباس بن الحريش الرازي أبومحمد، ضعيف، روى عن ابي جعفر الثانيعليه‌السلام فضل " إنا أنزلناه في ليلة القدر " كتابا مصنفا فاسد الالفاظ، تشهد مخايله على أنه موضوع. وهذا الرجل لا يلتفت إليه، ولا يكتب حديثه. قلت: لا يبعد استناد الماتن في تضعيفه إلى ما ذكره ابن الغضائري وظاهرهما ان التضعيف ناش‌ء عن كتابه المشتمل على حديث ردي مضطرب الالفاظ في فضل ليلة القدر. والاخبار الواردة في فضلها تشتمل على نزول الملائكة فيها على إمام العصر (ع) بآجال اناس وأرزاقهم وغير ذلك. رواها الكليني أيضا في اصول الكافي ج ١ / ٢٤٢ في باب مستقل واحاديثه باسناد واحد صحيح عن أحمد بن محمد بن عيسى عنه. وأيضا في باب " ما جاء في الاثنى عشر والنص عليهم " ٥٣٢ في روايات. ومن تأمل فيها وجد انها ليست ردية المعنى ولا مضطربة الالفاظ بوجه يوجب انكارها بما عرفت. نعم ما اشتملت عليه أمر صعب ربما تستصعبه العقول ولكنا أمرنا برد مثل ذلك إلى أهله ونهينا عن انكاره.

وانت إذا نظرت إلى آراء القميين في الغلاة وفي حد الغلو هان لك الامر كيف !؟ وقد روى هذه الاحاديث أعلام الطائفة وأجلائم، ومشايخ القميين في كتبهم، وسمعوها من المشايخ واستجازوا روايتها منهم، وأجازوها وفيهم احمد بن محمد بن عيسى، وابن الوليد، والصفار وأضرابهم.وأترى ان احمد بن محمد بن عيسى الجليل رئيس الطائفة في عصره يروي كتاب موضوع، مشتمل على الاحاديث الردية معناها والمضطربة ألفاظها عن رجل وضاع غال ضعيف لا يلتفت إليه مشاهرة ولا يبالي ! مع انه الذي أتعب نفسه في اصلاح أمر الحديث وتهذيبه ومنع المحدثين عن الارسال والرواية عن المجاهيل، والضعاف حتى انه أخرج جماعة من أكابر الحديث ممن اتهم بالغلو من مدينة (قم) المشرفة بل أخرج منها من كان يكثر الارسال والرواية عن الضعاف والمجاهيل حاشاه ثم حاشاه.ولولا ان الحسن بن العباس الحريشي لم يرد فيه توثيق يخرجه عن الجهالة لاوضحنا الامر وحققنا القول في ذلك فليبق إلى محل آخر يناسبه. (*)

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

أرض مربعة حمراء من أدم

ما بين إلفين موصوفين بالكرمِ

تذاكرا الحرب فاحتلاّ لها شبهاً

من غير أن يسعيا فيها بسفك دمِ

هذا يغير على هذا وذاك على

هذا يغير وعين الحرب لم تنمِ

فانظر إلى الخيل قد جاشت بمعركةٍ

في عسكرين بلا طبلٍ ولا علمِ(1)

وألمّ هذا الشعر بوصف دقيق للشطرنج، وفيما أحسب أنّه أسبق من نظم فيه، وأحاط بأوصافه ودقائقه وقد تعلم هذه اللعبة من أبيه الرشيد الذي كان من الماهرين فيها، وقد أهدى إلى ملك (فرنسا) أدوات الشطرنج، ولم تكن معروفة فيها، وتوجد حاليا تلك الأدوات التي أهداها الرشيد في متاحف (فرنسا)(2) .

ب - ولعه بالموسيقى:

وكان المأمون مولعاً بالغناء والموسيقى، ويقول المؤرّخون أنّه كان معجباً كأشد ما يكون الإعجاب بأبي إسحاق الموصلي الذي كان من أعظم العازفين والمغنّين في العالم العربي وقال فيه: (كان لا يغني أبداً إلاّ وتذهب عنّي وساوسي المتزايدة من الشيطان)(3) .

وكان يحيي لياليه بالغناء والرقص والعزف على العود كأبيه الرشيد الذي لم يمر على قصره اسم الله تعالى، وإنّما كانت لياليه الليالي الحمراء.

ج - شربه للخمر:

وعكف المأمون على الإدمان على الخمر، فكان يشربها في وضح النهار وفي غلس الليل، ولم يتأثّم في اقتراف هذا المحرَّم الذي هو من أفحش المحرّمات في الإسلام.

إلى هنا ينتهي بنا الحديث عن بعض نزعات المأمون وصفاته.

التحف الثمينة التي أهديت للمأمون:

وقام الأُمراء والأشراف بتقديم الهدايا القيّمة والتحف الثمينة للمأمون تقرّباً إليه، وكان من بعض ما أُهدي إليه ما يلي:

____________________

(1) المستطرف 2 / 306.

(2) حياة الإمام محمد الجواد (ص 233).

(3) الحضارة العربية لجاك س. ريسلر (ص 108).

٢٢١

1 - أهدى أحمد بن يوسف للمأمون سفطاً من الذهب فيه قطعة عود هندي في طوله وعرضه، وكتب فيه هذا يوم جرت فيه العادة بإتحاف العبيد للسادة، وقد قلت:

على العبد حق وهو لا شك فاعله

وإن عظم المولى وجلّت فواضله

ألم ترنا نهدي إلى الله ماله

وإن كان عنه ذا غنى فهو قابله

ولو كان يهدي للجليل بقدره

لقصّر عنه البحر يوماً وساحله

ولكنّنا نهدي إلى مَن نجلّه

وإن لم يكن في وسعنا ما يشاكله(1)

2 - أهدى أبو دلف القاسم بن عيسى العجلي إلى المأمون في يوم مهرجان مائة حمل زعفران قد وضعت في أكياس من الإبريسم، وقد حملتها أتان شهب وحشية، فجاءت الهدايا والمأمون عند حرمه، فأخبر بالهدية، فسارع إلى النظر إليه، فلمّا رآها عجب بها وسأل عن الحمر التي حملت الزعفران هل هن ذكور أم إناث؟ فقيل له إنّها إناث فسُرّ بذلك، وقال: قد علمت أنّ الرجل أعقل من أن يوجه على غير أتن(2).

3 - أهدى ملك الهند جملة من الهدايا، وفيها جام ياقوت أحمر، ومعها رسالة جاء فيها: نحن نسألك أيّها الأخ أن تنعم في ذلك بالقبول، وتوسع عذراً في التقصير(3) .

هذه بعض الهدايا التي قدّمت للمأمون تقرّباً له، وطمعاً في الظفر ببعض الوظائف منه.

تظاهره بالتشيّع:

وذهب بعض المؤرخين والباحثين إلى أن المأمون قد اعتنق مذهب التشيع، وقد استندوا إلى ما يلي:

من علمه التشيع:

إنّه أعلن أمام حاشيته وأصحابه أنّه اعتنق مذهب التشيّع وذلك في الحديث التالي: روى سفيان بن نزار، قال: كنت يوماً على رأس المأمون، فقال لأصحابه: (أتدرون مَن علّمني التشيّع؟).

____________________

(1) صبح الأعشى 2 / 420.

(2) التحف والهدايا (ص 109).

(3) نفس المصدر.

٢٢٢

فقالوا جميعاً: لا والله ما نعلم؟.

فقال: علمنيه الرشيد فانبروا قائلين:

(كيف ذلك والرشيد كان يقتل أهل البيت؟).

قال: كان يقتلهم على الملك لان الملك عقيم، لقد حججت معه سنة، فلمّا صار إلى المدينة تقدم إلى حجاجه، وقال لهم: (لا يدخلن على رجل من أهل المدينة ومكة، ولا من المهاجرين والأنصار وبني هاشم، وسائر بطون قريش إلا نسب نفسه... وأمتثل الحجاب ذلك، فكان الرجل إذا أراد الدخول عليه عرف نفسه إلى الحجاب، فإذا دخل فيصله بحسب مكانته ونسبه، وكانت صلته خمسة آلاف دينار إلى مائتي دينار، يقول المأمون وبينما أنا واقف إذ دخل الفضل بن الربيع، فقال: (يا أمير المؤمنين، على الباب رجل يزعم أنّه موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب).

فاقبل الرشيد على أبنائه، وعلى سائر القواد، وقال لهم: احفظوا على أنفسكم، ثم قال للفضل ائذن له، ولا ينزل إلاّ على بساطي، يقول المأمون: ودخل شيخ مسخد(1) قد أنهكته العبادة كأنّه شنّ بال(2) قد كلم(3) السجود وجهه وأنفه فلمّا رأى الرشيد أنّه أراد أن ينزل من دابته، فصاح لا والله إلاّ

على بساطي فمنعه الحجّاب من الترجّل، ونظر إليه الجميع بإجلال وإكبار وتعظيم ووصل الإمام إلى البساط والحجّاب والقوّاد محدقون به، فنزل عن راحلته فقام إليه الرشيد واستقبله إلى آخر البساط، وقبّل وجهه وعينيه، وأخذ بيده حتى صيره في صدر المجلس وأجلسه معه، وأقبل عليه يحدثه، ويسأله عن أحواله، ثم قال له: (يا أبا الحسن ما عليك من العيال؟).

قال هارون: أولاد كلهم؟ قال الإمام: لا، أكثرهم موالي وحشم، أمّا الولد فلي نيف وثلاثون، وذكر عدد الذكور، وعدد الإناث، والتفت إليه هارون فقال له:

____________________

(1) المسخد: مصفر الوجه.

(2) الشن البالي: القربة البالية.

(3) كلم: أي جرح.

٢٢٣

- لم لا تزوج النسوان من بني عمومتهن وأكفائهن؟

- اليد تقصر عن ذلك.

- ما حال الضيعة؟

تعطي في وقت وتمنع في آخر!.

- هل عليك دين؟

- نعم.

- كم هو؟

- عشرة آلاف دينار.

- يا بن العم أنا أعطيك من المال ما تزوّج به الذكران والنسوان، وتقضي به الدين، وتعمر به الضياع.

فشكره الإمام على ذلك وقال له: (وصلتك رحم يا بن العم، وشكر الله هذه النية الجميلة والرحم ماسة، والقرابة واشجة، والنسب واحد، والعباس عم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصنو أبيه، وعمّ علي بن أبي طالبعليه‌السلام وصنو أبيه، وما أبعدك الله من أن تفعل ذلك، وقد بسط يدك، وأكرم عنصرك وأعلى محتدك(1)) .

فقال هارون: أفعل ذلك وكرامة.

وأخذ الإمامعليه‌السلام يوصيه بالبر والإحسان إلى عموم الفقراء قائلاً:

(يا أمير المؤمنين إنّ الله قد فرض على ولاة العهد، أن ينعشوا فقراء الأمّة، ويقضوا عن الغارمين، ويؤدوا عن المثقل، ويكسوا العاري، ويحسنوا إلى العاني(2) ، فأنت أولى مَن يفعل ذلك...).

فانبرى هارون قائلاً: افعل ذلك يا أبا الحسن، ثم قام الإمامعليه‌السلام فقام الرشيد تكريما له، وقبل عينيه ووجهه ثم اقبل على أولاده فقال لهم: (يا عبد الله، ويا محمد، ويا إبراهيم امشوا بين يدي عمكم وسيدكم خذوا بركابه، وسووا عليه ثيابه وشيعوه إلى منزله).

وانصرف الإمامعليه‌السلام ، وفي نفس الطريق أسرّ إلى المأمون فبشره

____________________

(1) المحتد: الأصل.

(2) العاني: الغفير.

٢٢٤

بالخلافة، وقال له:

(إذا ملك هذا الأمر فأحسن إلى ولدي).

ومضى الإمام مشيَّعاً من قبل أبناء هارون إلى منزله، ورجع المأمون إلى منزله، فلما خلا المجلس من الناس التفت إلى أبيه قائلاً:

(يا أمير المؤمنين من هذا الرجل الذي قد أعظمته، وأجللته وقمت من مجلسك إليه، فاستقبلته، وأقعدته في صدر المجلس، وجلست دونه، ثم أمرتنا بأخذ الركاب له؟).

فقال هارون:

(هذا إمام الناس، وحجّة الله على خلقه، وخليفته على عباده...).

وبهر المأمون فقال لأبيه: (يا أمير المؤمنين أليست هذه الصفات لك وفيك؟).

فأجابه هارون بالواقع قائلاً: (أنا أمام الجماعة في الظاهر والغلبة والقهر، وموسى بن جعفر إمام حق، والله يا بني إنّه لاحق بمقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منى ومن الخلق جميعاً، ووالله إن نازعتني هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناك، فإنّ الملك عقيم).

ولـمّا أراد الرشيد الانصراف من المدينة إلى بغداد أمر بصرة فيها مائتا دينار، وقال للفضل بن الربيع اذهب بها إلى موسى بن جعفر، وقل له: يقول لك أمير المؤمنين: نحن في ضيقة، وسيأتيك برنا بعد الوقت، فقام المأمون، وقال لأبيه: (تعطي أبناء المهاجرين والأنصار وسائر قريش، ومن لا تعرف حسبه ونسبه خمسة آلاف دينار ما دونها، وتعطي موسى بن جعفر، وقد عظمته، وجللته مائتي دينار أخسّ عطية أعطيتها أحدا من الناس).

فزجره هارون، وقال له:

(اسكت لا أُمّ لك، فإنّي لو أعطيت هذا ما ضمنته له، ما كنت آمنه أن يضرب وجهي غداً بمائة ألف سيف من شيعته ومواليه، وفقر هذا وأهل بيته أسلم لي ولكم من بسط أيديهم وأعينهم).

وأعرب هارون عن خشيته من الإمامعليه‌السلام ، وقضت سياسته في

٢٢٥

محاربته اقتصاديا لئلا يقوى على مناهضته وكان في المجلس مخارق المغني فتألم وانبرى إلى هارون قائلاً: (يا أمير المؤمنين، قد دخلت المدينة، وأكثر أهلها يطلبون مني شيئا، وإن خرجت ولم أقسم فيهم شيئا لم يتبيّن لهم فضل أمير المؤمنين علي، ومنزلتي عنده).

فأمر له هارون بعشرة آلاف دينار، فقال له مخارق: (يا أمير المؤمنين هذا لأهل المدينة، وعلى دين احتاج أن أقضيه).

فأمر له بعشرة آلاف دينار، ثم قال له: بناتي أريد أن أزوجهن فأمر له بعشرة آلاف دينار، وقال له: لا بد من غلّة تعطينيها ترد علي وعلى عيالي وبناتي فأمر له باقطاع(1) تبلغ وارداتها في السنة عشرة آلاف دينار، وأمر أن يعجل ذلك له، وقام مخارق مسرعا إلى بيت الإمام الكاظمعليه‌السلام ، فلمّا انتهى إليه استأذن على الإمام فأذن له فقال له: (قد وقفت على ما عاملك هذا الطاغية، وما أمر لك به، وقد احتلت عليه لك، وأخذت منه صلات ثلاثين ألف دينار وأقطاعا تغل في السنة عشرة آلاف دينار، ولا والله يا سيدي ما احتاج إلى شيء من ذلك، ما أخذته إلاّ لك وأنا اشهد لك بهذه القطاع، وقد حملت المال لك).

فشكره الإمامعليه‌السلام على ذلك، وقال له: (بارك الله لك في مالك، وأحسن جزاءك، ما كنت لآخذ منه درهماً واحداً، ولا من هذه الأقطاع شيئاً، وقد قبلت صلتك وبرّك، فانصرف راشداً ولا تراجعني في ذلك).

وقبل مخارق يد الإمامعليه‌السلام ، وانصرف عنه(2) .

وحكت هذه الرواية ما يلي:

1 - احتفاء الرشيد بالإمام الكاظمعليه‌السلام في حين أنّه لم يحفل بأي إنسان كان، فقد سيطر على أغلب أنحاء الأرض وسرى اسمه في الشرق والغرب.

2 - اعتراف هارون بأنّ الإمام الكاظمعليه‌السلام هو حجّة الله على

____________________

(1) الأقطاع: القطعة من الأرض الزراعية.

(2) عيون أخبار الرضا 1 / 88 - 93.

٢٢٦

العالمين وأنّه إمام هذه الأمة، وقائد مسيرتها الزمنية والروحية، وأنّ هارون زعيم هذه الأمة بالقهر والغلبة لا بالاستحقاق.

3 - حرمان الإمام الكاظم من العطاء الذي يستحقه؛ وذلك من أجل أن لا يقوى على مناهضة هارون والخروج على سلطانه.

4 - إعطاء المغني (مخارق) الأموال الطائلة، وحرمان أبناء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من حقوقهم التي نهبها هؤلاء البغاة... هذه بعض المعالم في هذه الرواية:

رد فدك للعلويين:

من الأمور التي يستند القائلون إلى تشيّع هارون ردّه لـ‍ (فدك) للعلويين بعد أن صادرتها الحكومات السابقة منهم، وكان الغرض من مصادرتها إشاعة الفقر والحرمان بين العلويين، وفرض الحصار الاقتصادي عليهم كي لا يتمكّنوا من مناهضة أولئك الحكّام، وقد قام المأمون بردّها عليهم، وقد رفع عنهم الضائقة الاقتصادية التي كانت آخذة بخناقهم، وقد مدحه شاعر أهل البيت دعبل الخزاعي على هذه المكرمة التي أسداها على العلويين بقوله:

أصبح وجه الزمان قد ضحكا

بردّ مأمون هاشم فدكا

واعتبر الكثيرون من الباحثين هذا الإجراء دليلاً على تشيّع المأمون.

إشادته بالإمام أمير المؤمنين:

وأشاد المأمون بالإمام أمير المؤمنين رائد الحق والعدالة في الإسلام، فقد كتب إلى جميع الآفاق بان علي بن أبي طالبعليه‌السلام أفضل الخلق بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (1) ، وقد روى الصولي أشعاراً له في فضل الإمام أمير المؤمنين عليه كان منها ما يلي:

لا تقبل التوبة من تائب

إلاّ بحب ابن أبي طالب

أخو رسول الله حلف المهدي

والأخ فوق الخل والصاحب

إن جمعا في الفضل يوماً فقد

فاق أخوه رغبة الراغب

فقدم الهادي في فضله

تسلم من اللائم والعائب

ومن شعره الذي يرد به على مَن عابه في قربه لأبناء النبي (ص) يقول:

____________________

(1) تذكرة الخواص (ص 366).

٢٢٧

ومن غاو يغص عليّ غيظاً

إذا أدنيت أولاد الوصي

فقلت: أليس قد أوتيت علماً

وبان لك الرشيد من الغوي

وعرفت احتجاجي بالمثاني

وبالمعقول والأثر القوي

بأيّة خلّة وبأيّ معنى

تفضّل ملحدين على علي

علي أعظم الثقلين حقّاً

وأفضلهم سوى حق النبي(1)

ومن شعره قاله في أهل البيتعليهم‌السلام هذه الأبيات:

إن مال ذو النصب إلى جانب

ملت مع الشيعي في جانبِ

أكون في آل بني الهدى

خير بني من بني غالبِ

حبهم فرض نؤدّي به

كمثل حج لازم واجب(2)

وهذا الشعر صريح في ولائه لأهل البيتعليهم‌السلام وتقديمه بالفضل على غيرهم.

وروى له الصولي هذه الأبيات في الإمام عليعليه‌السلام :

ألام على حب الوصي أبي الحسن

وذلك عندي من عجائب ذي الزمن

خليفة خير الناس والأول الذي

أعان رسول الله في السر والعلن

ولولاه ما عدت لهاشم إمرة

وكانت على الأيام تقضي وتمتهن

فولى بني العباس ما اختص غيرهم

ومن منه أولى بالتكرّم والمنن

فأوضح عبد الله بالبصرة الهدى

وفاض عبيد الله جوداً على اليمن

وقسم أعمال الخلافة بينهم

فلا زال مربوطاً بذا الشكر مرتهن(3)

وحكى هذا الشعر الأيادي البيضاء التي أسداها الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى الأسرة العباسية حينما ولي الخلافة فقد قلد ولاية (البصرة) إلى عبد الله بن العباس، وكان وزيره ومستشاره الخاص، كما قلد عبيد الله بن العباس ولاية اليمن، ولكن الأسرة العباسية قد تنكرت لهذا المعروف فقابلت أبناء الإمام بالقتل والتنكيل وارتكبت معهم ما لم ترتكبه معهم الأسرة الأموية وقد أوضحنا في

____________________

(1) المحاسن والمساوئ 1 / 105 للبيهقي.

(2) تذكرة الخواص (ص 367).

(3) تذكرة الخواص (ص 366).

٢٢٨

هذا الكتاب جوانب كثيرة من اضطهادهم للسادة العلويين، فلم يرعوا فيهم أنّهم أبناء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّهم وديعته في أمته، فعمدوا إلى قتلهم تحت كل حجر ومدر.

ونسب إلى المأمون هذان البيتان:

إذا المرجّى سرّك أن تراه

يموت لحينه من قبل موته

فجدّد عنده ذكرى عليٍّ

وصلِّ على النبي وآل بيته

فردّ عليه إبراهيم بن المهدي المعروف بابن شكلة:

إذا الشيعي جمجم في مقال

فسرّك أن يبوح بذات نفسه

فصلّ على النبي وصاحبيه

وزيريه وجاريه برمسه(1)

ومن الطريف ما ذكره الصولي أنّه كان مكتوباً على سارية من سواري جامع البصرة:

(رحم الله عليّا

إنّه كان تقيّا)

وكان يجلس إلى تلك السارية حفص أبو عمر الخطابي وكان أعور فعمد إلى محو ذلك، وكتب بعض المجاورين إلى الجامع إلى المأمون يخبره بمحو الخطابي للكتابة، فشقّ على المأمون ذلك، وأمر بإشخاصه إليه، فلمّا مثل عنده قال له:

(لم محوت اسم أمير المؤمنين من السارية؟).

فقال الخطابي: (وما كان عليها؟).

قال المأمون: كان عليها:

(رحم الله عليّا

انه كان تقيّا)

فقال: إنّ المكتوب رحم الله عليا إنّه كان نبيّا، فقال المأمون كذبت، بل كانت القاف أصح من عينك الصحيحة، ولولا أن أزيدك عند العامة نفاقاً لأدبتك، ثم أمر بإخراجه(2) .

____________________

(1) مروج الذهب 3 / 329.

(2) تذكرة الخواص (ص 367).

٢٢٩

انتقاصه لمعاوية:

واستدلّ القائلون بتشيّع المأمون إلى أنّه أمر بسب معاوية بن هند وانتقاصه في جميع أنحاء العالم الإسلامي، فقد أمر أن ينادي المنادي (أن برئت الذمّة من أحد من الناس ذكر معاوية بخير أو قدمه على أحد من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله )(1) .

وهذا لا يصلح دليلاً على تشيّع المأمون؛ لأنّ معاوية قد انكشف، وظهر واقعه، فقد تسالمت على قدحه جميع الأوساط، وأنّه الخصم اللدود للإسلام، وأنّه صاحب الأحداث والموبقات.

استدلاله على إمامة الإمام علي:

ومن أهم ما استدل به القائلون على تشيّع المأمون عقده للمؤتمرات العلمية، واستدلاله ببالغ الحجة على إمامة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام وانه القائد الأول للمسيرة الإسلامية بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو أولى بمقامه، وأحق بمركزه من غيره.

ومن أروع المؤتمرات التي أقامها المأمون في بلاطه، ومن أكثرها أهمية هذا المؤتمر الذي حضره أربعون من علماء الحديث، وعلماء الكلام انتخبهم يحيى بن أكثم من بين علماء بغداد، وقد أدلوا بحججهم على ما يذهبون إليه من تفضيل الخلفاء على الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام إلاّ أنّ المأمون فنّد حججهم بأدلة حاسمة دلّت على براعته واطلاعه الواسع في البحوث الكلامية، ونحن ننقل النص الكامل لهذه المناظرة الرائعة لما لها من الأهمية البالغة، وفيما يلي ذلك:

المأمون:

ولـمّا مثل العلماء أمام المأمون، التفت إليهم بعد ترحيبه بهم، فقال لهم: (إنّي أريد أن أجعلكم بيني وبين الله تبارك وتعالى في يومي حجّة، فمن كان حاقناً(2) أو له حاجة فليقم إلى قضاء حاجته، وانبسطوا، وسلوا خفافكم، وضعوا أرديتكم).

____________________

(1) مروج الذهب 3 / 361.

(2) الحاقن: الذي يضايقه البول.

٢٣٠

ففعلوا ما أمرهم به، والتفت المأمون لهم قائلاً: (أيّها القوم إنّما استحضرتكم لأحتج بكم عند الله تعالى، فاتقوا الله وانظروا لأنفسكم، وإمامكم، ولا يمنعكم جلالتي، ومكاني من قول الحق حيث كان، ورد الباطل، على من أتى به، وأشفقوا على أنفسكم من النار، وتقرّبوا إلى الله تعالى، برضوانه، وإيثار طاعته، فما أحد تقرب إلى مخلوق بمعصية الخالق، إلاّ سلّطه الله عليه، فناظروني بجميع عقولكم.

إنّي رجل أزعم أنّ عليّاًعليه‌السلام خير البشر بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإن كنت مصيباً فصوّبوا قولي، وإن كنت مخطئاً فردّوا عليّ وهلمّوا، فإن شئتم سألتكم، وإن شئتم سألتموني...).

وليس في هذا الكلام أي التواء، أو خروج عن المنطق، وإنّما صاحبه يريد الحقيقة الناصعة.

علماء الحديث:

وسارع علماء الحديث قائلين: (بل نحن نسألك...).

وانبرى المأمون فأرشدهم إلى طريق الحوار قائلاً: (هاتوا وقلدوا كلامكم رجلاً واحداً منكم، فإذا تكلّم فإن كان عند أحدكم زيادة فليزده وإن أتى بخلل فسدّدوه...)

الدليل الأوّل:

وأدلى عالم من علماء الحديث بحجّته على أنّ أبا بكر هو خير هذه الأمة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قائلاً:

(نحن نزعم أنّ خير الناس بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أبو بكر، من قبل الرواية المجمع عليها جاءت عن الرسول (ص) قال: (اقتدوا بالذين من بعدي أبو بكر وعمر) فلما أمر نبي الرحمة بالاقتداء بهما، علمنا أنّه لم يأمر بالاقتداء إلاّ بخير الناس...).

جواب المأمون:

وناقش موضوع الحديث المنسوب إلى النبي (ص) نقاشاً موضوعياً فقال: (الروايات كثيرة، ولا بد من أن تكون كلها حقاً، أو كلها باطلاً، أو بعضها

٢٣١

حقاً، وبعضها باطلاً، فلو كانت كلها حقاً، كانت كلها باطلاً من قبل أن بعضها ينقض بعضها، ولو كانت كلها باطلاً كان في بطلانها بطلان الدين، ودرس الشريعة(1) فلمّا بطل الوجهان ثبت الثالث بالاضطرار، وهو أنّ بعضها حق، وبعضها باطل، فإذا كان كذلك فلا بد من دليل على ما يحق منها، ليعتقد، أو ينفي خلافه، فإذا كان دليل الخبر في نفسه حقاً كان أولى ما اعتقده، وأخذ به.

وروايتك هذه من الأخبار التي أدلتها باطلة في نفسها، وذلك أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أحكم الحكماء، وأولى الخلق بالصدق، وأبعد الناس من الأمر بالمحال، وحمل الناس على التدين بالخلاف، وذلك أنّ هذين الرجلين لا يخلو من أن يكونا متفقين من كل جهة كانا واحداً في العدد والصفة والصورة والجسم، وهذا معدوم أن يكون اثنان بمعنى واحد من كل جهة.

وإن كانا مختلفين فكيف يجوز الاقتداء بهما، وهذا تكليف بما لا يطاق؛ لأنّك إذا اقتديت بواحد خالفت الآخر، والدليل على اختلافهما، أنّ أبا بكر سبى أهل الردة، وردّهم عمر أحراراً، وأشار عمر بعزل خالد لقتله مالك بن نويرة فأبى أبو بكر عليه، وحرم عمر المتعتين ولم يفعل ذلك أبو بكر، ووضع عمر ديوان العطية، ولم يفعله أبو بكر، واستخلف أبو بكر ولم يفعل ذلك عمر، ولهذا نظائر كثيرة...).

وردّ المأمون وثيق للغاية، فقد زيف الحديث، وأثبت أنّه من الموضوعات، ولا نصيب له من الصحّة.

الدليل الثاني:

وانبرى عالم آخر من علماء الحديث فاستدل على أفضلية الشيخين وتقدّمهما على الإمام أمير المؤمنين بالحديث المنسوب إلى النبي (ص).

قال: (إنّ النبي (ص) قال: لو كنت متخذاً خليلا لاتخذت أبا بكر خليلاً...).

جواب المأمون:

وزيف المأمون هذا الحديث قائلاً: هذا مستحيل من قبل أنّ رواياتكم قد صرّحت أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، آخى بين أصحابه، وأخّر عليّاً

____________________

(1) أي إماتة الشريعة.

٢٣٢

عليه‌السلام ، فقال له: في ذلك فقال: وما أخرّتك إلاّ لنفسي، فأيّ الروايتين ثبتت بطلت الأخرى...).

إنّ مناقشة المأمون للحديث مناقشة موضوعية ليس فيها أي تحيّز، وإنّما كانت خاضعة للدليل الحاسم.

الدليل الثالث:

وانبرى محدّث آخر فقال: إنّ عليّاًعليه‌السلام قال على المنبر: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر...).

مناقشة المأمون:

وناقش المأمون هذا الحديث قائلاً: هذا مستحيل لأنّ النبي (ص) لو علم أنّهما أفضل ما ولى عليهما مرة عمرو بن العاص ومرة أسامة بن زيد، وممّا يكذب هذه الرواية قول علي لـمّا قبض النبي (ص): وأنا أولى بمجلسه منّي بقميصي، ولكن أشفقت أن يرجع الناس كفّاراً، وقولهعليه‌السلام : أنّى يكونان خيراً مني؟ وقد عبدت الله قبلهما، وعبدته بعدهما، وأبطل المأمون الحديث، وبين زيفه، فلم يصلح لأن يكون دليلاً للخصم.

الدليل الرابع:

وقال عالم من علماء الحديث: إنّ أبا بكر أغلق بابه وقال: هل من مستقيل فأقيله، فقالعليه‌السلام : قدّمك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فمَن ذا يؤخرك؟).

ردّ المأمون للحديث:

ورد المأمون الحديث قائلاً: هذا باطل لأنّ عليّاًعليه‌السلام قعد عن بيعة أبي بكر، ورويتم أنّه قعد عنها حتى قبضت فاطمةعليها‌السلام ، وأنّها أوصت أن تدفن ليلاً لئلاّ يشهدا جنازتها.

ووجه آخر وهو أنّ النبي (ص) لو كان استخلفه فكيف كان له أن يستقيل، وهو يقول للأنصار: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين أبا عبيدة وعمر...).

الدليل الخامس:

وقال عالم آخر: إنّ عمرو بن العاص قال: يا نبي الله مَن أحب الناس إليك

٢٣٣

من النساء؟ قال: عائشة، فقال: من الرجال؟ فقال: أبوها...).

ردّ المأمون:

ورد المأمون هذا الحديث فقال: هذا باطل لأنّكم رويتم أن النبي (ص) وضع بين يديه طائر مشوي، فقال: اللّهمّ ايتني بأحبّ خلقك إليك، فكان عليّاً، فأي رواياتكم تقبل؟).

إنّ حديث الطائر المشوي مجمع عليه، وهو يدل بوضوح على أنّ الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام أحبّ الخلق عند الله، وأقربهم إليه.

الدليل السادس:

وانبرى عالم آخر فقال: (إنّ عليّاً قال: مَن فضلني على أبي بكر وعمر جلدته حد المفتري...).

جواب المأمون:

وأجاب المأمون عن هذا الحديث المنسوب إلى الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام بقوله:

(كيف يجوز أن يقول علي: أجلد الحد على مَن لا يجب حد عليه، فيكون متعدّياً لحدود الله، عاملاً بخلاف أمره، وليس تفضيل من فضله عليهما فرية، وقد رويتم عن إمامكم أنّه قال: وليتكم ولست بخيركم، فأي الرجلين أصدق عندكم أبو بكر على نفسه، أو علي على أبي بكر، مع تناقض الحديث في نفسه، ولا بد له من أن يكون صادقاً أو كاذباً، فإن كان صادقاً فأنّى عرف ذلك بوحي؟ فالوحي منقطع أو بالتظنين فالمتظنّي متحيّر، أو بالنظر، فالنظر بحث وإن كان غير صادق، فمن المحال أن يلي أمر المسلمين، ويقوم بأحكامهم ويقيم حدودهم كذاب...).

الدليل السابع:

وقال عالم آخر: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة).

جواب المأمون:

قال المأمون: هذا الحديث محال لأنّه لا يكون في الجنة كهل، ويروى أن (أشحمية) كانت عند النبي (ص) فقال: لا يدخل الجنة عجوز فبكت، فقال لها

٢٣٤

النبي (ص): إنّ الله تعالى يقول:( أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُباً أَتْرَاباً ) (1) فإن زعمتم أنّ أبا بكر ينشأ شاباً إذا دخل الجنة، فقد رويتم أنّ النبي (ص) قال للحسن والحسين: إنّهما سيّدا شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين وأبوهما خير منهما).

ومناقشة المأمون للحديث مناقشة منطقية غير خاضعة للأهواء والتيارات المذهبية.

الدليل الثامن:

وقال عالم آخر من علماء الحديث: (إنّ النبي (ص) قال: لو لم أكن أبعث فيكم لبعث عمر...).

جواب المأمون:

قال المأمون في تفنيد هذا الحديث: هذا محال لأنّ الله تعالى يقول:( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ) (2) ، وقال تعالى:( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ) (3) ، فهل يجوز أن يكون من لم يؤخذ ميثاقه على النبوّة مبعوثاً؟ ومن أخذ ميثاقه على النبوّة مؤخراً؟...).

إنّ مناقشة المأمون لهذه الأحاديث مبنيّة على الفكر والمنطق وليس فيها ما يشذ عنهما.

الدليل التاسع:

وانبرى عالم آخر فأدلى بحجّته قائلاً: (إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نظر إلى عمر يوم عرفة فتبسم، فقال: إنّ الله تبارك وتعالى باهى بعباده عامة، وبعمر خاصة...).

جواب المأمون:

وقال المأمون في ردّه على هذا الحديث: هذا مستحيل لأنّ الله تبارك وتعالى لم يكن ليباهي بعمر ويدع نبيه، فيكون عمر في الخاصة والنبي في العامة.

وليست هذه الروايات بأعجب من روايتكم أنّ النبي (ص) قال: دخلت الجنة

____________________

(1) سورة الواقعة: آية 35 - 37.

(2) سورة النساء: آية 163.

(3) سورة الأحزاب آية 7.

٢٣٥

فسمعت خفق نعلين فإذا بلال مولى أبي بكر سبقني إلى الجنة، فقلتم: عبد أبي بكر خير من الرسول (ص) لأنّ السابق أفضل من المسبوق...).

الدليل العاشر:

وانبرى محدّث آخر فقال: إنّ النبي (ص) قال: لو نزل العذاب ما نجا إلاّ عمر بن الخطاب...).

جواب المأمون:

قال المأمون: هذا خلاف الكتاب أيضاً؛ لأنّ الله تعالى يقول لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ) (1) فجعلتم عمر مثل الرسول (ص)!!...).

الدليل الحادي عشر:

وقال محدث آخر: لقد شهد النبي (ص) لعمر بالجنة في عشرة من الصحابة.

مناقشة المأمون:

قال المأمون: لو كان كما زعمتم لكان عمر لا يقول لحذيفة: نشدتك بالله أمن المنافقين أنا؟ فإن كان قد قال له النبي: أنت من أهل الجنة، ولم يصدقه حتى زكاه حذيفة، فصدق حذيفة، ولم يصدق النبي (ص) فهذا على غير الإسلام، وإن كان قد صدق النبي (ص) فلم سأل حذيفة؟ وهذان الخبران متناقضان في أنفسهما).

الدليل الثاني عشر:

وقال عالم آخر: قال النبي (ص): (وضعت في كفّة الميزان ووضعت أمّتي في كفة أخرى فرجحت بهم، ثم وضع مكاني أبو بكر فرجح بهم، ثم عمر فرجح بهم ثم رُفع الميزان).

جواب المأمون:

وفنّد المأمون هذا الحديث فقال: هذا محال لأنّه لا يخلو من أن يكون أجسامهما أو أعمالهما، فإن كانت الأجسام فلا يخفى على ذي روح أنّه محال؛ لأنّه لا يرجح أجسامهما بأجسام الأمة، وإن كانت أفعالهما فلم تكن بعد فكيف بما ليس؟.

والتفت المأمون إلى العلماء فقال لهم:

____________________

(1) سورة الأنفال: آية 33.

٢٣٦

(أخبروني بماذا يتفاضل الناس؟).

وانبرى بعض العلماء فقال: (يتفاضلون بالأعمال الصالحة).

وعلّق المأمون على هذا الكلام قائلاً: (أخبروني ممّن فضل صاحبه على عهد النبي (ص)، ثم إنّ المفضول عمل بعد وفاة الرسول (ص) بأكثر من عمل الفاضل على عهد النبي (ص) ثم أيلحق به؟ فإن قلتم: نعم أوجدتكم في عصرنا هذا من هو أكثر جهاداً، وحجّاً، وصوماً، وصلاة، وصدقة من أحدهم...).

فانبروا جميعاً قائلين: (صدقت لا يلحق فاضل دهرنا بفاضل عصر النبي (ص)).

فقال لهم المأمون: (انظروا فيما روت أئمتكم الذين أخذتم عنهم أديانكم في فضائل عليعليه‌السلام وقيسوا إليها ما ورد في فضائل تمام العشرة الذين شهدوا لهم بالجنة فإن كانت جزءاً من أجزاء كثيرة فالقول قولكم، وإن كانوا قد رووا في فضائل عليعليه‌السلام أكثر فخذوا عن أئمتكم ما رووا ولا تتعدّوه...).

وحار القوم في الجواب، فقد سدّ عليهم المأمون كل ثغرة يسلكون فيها للدفاع عمّا يذهبون إليه، والتفت إليهم المأمون قائلاً:

(ما لكم سكتّم؟...).

فقالوا: (قد استقصينا)، إذ لم تبق عندهم حجّة يتمسّكون بها، فقال لهم المأمون: (إنّي سائلكم، أخبروني أي الأعمال كان أفضل يوم بعث الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ...).

فقالوا جميعاً: (السبق إلى الإسلام؛ لأنّ الله تعالى يقول:( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (1) ...).

____________________

(1) سورة الواقعة: آية 10 - 11.

٢٣٧

وسارع المأمون قائلاً: (فهل علمتم أحداً أسبق من علي إلى الإسلام؟...).

وارتفعت أصواتهم قائلين: (إنّه - أي علي - سبق حدثاً لم يجر عليه حكم، وأبو بكر أسلم كهلاً قد جرى عليه الحكم - أي التكليف - وبين هاتين الحالتين فرق...).

وأجاب المأمون قائلاً: (خبروني عن إسلام علي بالهام من قبل الله تعالى أم بدعاء النبي (ص)؟ فإن قلتم: بإلهام فقد فضلتموه على النبي (ص)؛ لأنّ النبي لم يلهم بل أتاه جبرئيل عن الله تعالى داعياً، ومعرفاً، وإن قلتم بدعاء النبي (ص) فهل دعاه من قبل نفسه أو بأمر الله تعالى، فإن قلتم: من قبل نفسه فهذا خلاف ما وصف الله تعالى به نبيّه في قوله:( وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ) (1) وفي قوله تعالى:( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى ) (2) ، وإن كان من قبل الله تعالى فقد أمر الله تعالى نبيّه (ص) بدعاء علي من بين صبيان الناس وإيثاره عليهم، فدعاه ثقة به، وعلماً بتأييد الله تعالى.

وخلّة أخرى: خبروني عن الحكيم هل يجوز أن يكلّف خلقه ما لا يطيقون، فإن قلتم: نعم فقد كفرتم، وإن قلتم: لا، فكيف يجوز أن يأمر نبيه (ص) بدعاء من لا يمكنه قبول ما يؤمر به لصغره وحداثة سنّه، وضعفه عن القبول.

وعلّة أخرى هل رأيتم النبي (ص) دعا أحداً من صبيان أهله وغيرهم فيكونوا أسوة مع علي، فإن زعمتم أنّه لم يدع أحداً غيره، فهذه فضيلة لعلي على جميع صبيان الناس).

والتفت المأمون إلى العلماء فقال لهم: (أي الأعمال بعد السبق إلى الإيمان؟...).

فقالوا جميعاً: (الجهاد في سبيل الله...).

وانبرى المأمون يقيم عليهم الحجّة في تقديم الإمام علي غيره بالفضل قائلاً:

____________________

(1) سورة الواقعة: آية 10 - 11.

(2) سورة ص: آية 3 - 4.

٢٣٨

هل تجدون لأحد من العشرة في الجهاد ما لعليعليه‌السلام في جميع مواقف النبي (ص) من الأثر؟ هذه (بدر) قتل من المشركين فيها نيف وستون رجلاً، قتل علي منهم نيفاً وعشرين، وأربعون لسائر الناس...).

وانبرى عالم من علماء الحديث فقال: (كان أبو بكر مع النبي (ص) في عريشه يدبّرها).

فردّ عليه المأمون قائلاً: (لقد جئت بهذا عجيبة!! كان يدبّر دون النبي (ص) أو معه فيشركه، أو لحاجة النبي (ص) إلى رأي أبي بكر؟ أي الثلاث أحب إليك؟).

وأجاب العالم: (أعوذ بالله من أن أزعم أنّه يدبّر دون النبي (ص) أو يشركه أو بافتقار من النبي إليه).

(وردّ عليه المأمون قائلاً: فما الفضيلة في العريش؟ فإن كانت فضيلة أبي بكر بتخلّفه عن الحرب، فيجب أن يكون كل متخلّف فاضلاً أفضل من المجاهدين والله عزّ وجل يقول:( لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً ) (1) .

ووجّه المأمون خطابه إلى إسحاق بن حماد بن زيد، وهو من كبار علماء الحديث فقال له: (اقرأ سورة هل أتى).

وأخذ إسحاق في قراءة السورة فلمّا انتهى إلى قوله تعالى:( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إلى قوله:وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً ) (2) .

قال له المأمون:

____________________

(1) سورة النساء: آية 95.

٢٣٩

(فيمَن نزلت هذه الآيات؟).

(في علي...).

وانبرى المأمون قائلاً: (هل بلغك أنّ عليّاًعليه‌السلام قال حين أطعم المسكين واليتيم والأسير( إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً ) (1) على ما وصف الله تعالى في كتابه.

(لا...).

(إنّ الله تعالى عرف سريرة علي ونيّته فاظهر ذلك في كتابه تعريفا لخلقه أمره...

هل علمت أنّ الله تعالى وصف في شيء ممّا وصف في الجنة، ما في هذه السورة:( قوارير من فضة... ) .

(لا...).

(فهذه فضيلة أخرى، كيف تكون القوارير من فضة؟).

(لا أدري).

(يريد كأنّها من صفائها من فضة يرى داخلها كما يرى خارجها، وهذا مثل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (يا إسحاق رويدا شوقك بالقوارير) وعنى به نساء كأنّها القوارير رقّة، وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (ركبت فرس أبي طلحة فوجدته بحراً) أي كأنّه بحر من كثرة جريه وعدوه، وكقول الله تعالى:( وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ) (2) أي كأنّه يأتيه الموت، ولو أتاه من مكان

واحد مات.

يا إسحاق ألست ممّن يشهد أنّ العشرة في الجنة؟).

(بلى...).

(أرأيت لو أنّ رجلاً قال: ما أدري أصحيح هذا الحديث أم لا أكان عندك

____________________

(1) سورة الدهر: آية 9.

(2) سورة إبراهيم: آية 17.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453