تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ٢

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي17%

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي مؤلف:
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 453

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 453 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 258421 / تحميل: 8127
الحجم الحجم الحجم
تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

أخبرنا إجازة محمد بن علي القزويني قال: حدثنا (حدثني. خ.) احمد بن محمد بن يحيى عن الحميري عن احمد بن محمد بن عيسى عنه(١) .

____________________

(١) صحيح على كلام بشيخه، وبأحمد بن محمد بن يحيى. وفي الفهرست ٥٣ / ١٨٧: اخبرنا به ابن ابي جيد عن محمد بن الحسن بن الوليد عن الصفار عن احمد بن اسحاق بن سعد بن الحسن بن العباس بن حريش الرازي. و (١٨٨): الحسن بن العباس الحريشي، له كتاب، رويناه بالاسناد الاول عن احمد بن أبي عبدالله عنه ونحوه ٤٩ / ١٥٩ مكررا.قلت: ظاهره (ره) تعددهما باختلاف العنوان في الجملة، واختلاف من روى عنه، مع أنه لا يضر مثله بالاتحاد. ثم إن الطريق الاول صحيح بناء‌ا على وثاقة ابن ابي جيد من مشايخ النجاشي والثاني لا يخلو عن خفاء إذ ليس معلقا على سابقه، لعدم الاشتراك المعتبر في التعليق إلا ان يكون (ابن أبي عبدالله) من سبق القلم فيتحد مع سابقه، أو يكون معلقا على ما تقدم منه قبل ذلك بأسماء في الحسن ابن خالد البرقي(٤٩/ ١٥٨) فيكون المراد بالاسناد الاول: عدة من أصحابنا عن ابي المفضل عن ابن بطة عن احمد بن ابي عبدالله والطريق حينئذ ضعيف بأبي المفضل، وبابن بطة. (*)

١٨١

١٣٧ - الحسن بن خالد بن محمد بن علي البرقي ابوعلي أخو محمد بن خالد(١)

____________________

(١) يأتي تمام نسبه في احمد بن محمد بن خالد(١٨٠) ولقبه ايضا في ترجمة أخيه محمد بن خالد(٩٠٠)، وكنيته بأبي علي عند ذكره في إخوته. بل كناه الشيخ بذلك في الفهرست، وفي رجاله. وذكره الشيخ في الفهرست(٤٩)، وفى رجاله فيمن لم يرو عنهم (ع)(٤٦٢) نحو ما في المتن إلا انه لم يذكر جده ولا توثيقه. ثم ان اخوته لمحمد البرقي وعمومته لاحمد تقتضي كونه من أصحاب الرضا بل الكاظمعليهما‌السلام فلا حظ.

(*)

١٨٢

كان ثقة، له كتاب نوادر(١) .

١٣٨ - الحسن بن ظريف بن ناصح(٢)

____________________

(١) وفي الفهرست: له كتب أخبرنا بها عدة من أصحابنا عن أبي المفضل عن ابن بطة عن احمد بن أبي عبدالله عن عمه الحسن ابن خالد. قلت: والطريق ضعيف بأبي المفضل، وبابن بطة. وقال ابن شهر اشوب في المعالم(٣٤): الحسنبن خالد البرقي: أخو محمد بن خالد من كتبه: تفسير العسكري من إملاء الامام (ع) مائة وعشرون مجلدة.

(٢) وهكذا ذكره في الفهرست(٤٨) وذكره في رجاله في أصحاب الهادي (ع) ٤١٣ / ١١.وكان من أصحاب أبي محمد العسكري (ع) وكان له إليه (ع) مكاتبة يسئل فيها عن امور فأجابه عما سئله وعما لم يسئله. رواها المفيد في الارشاد(٣٤٣) عن الكافي (اصوله ج ١ / ٥٠٩ / ١٣).وروى عن جماعة من أصحاب أبي عبدالله (ع) منهم: عبدالصمد ابن بشير كما في الروضة ٢٦٣ / ٥٠١، والحسين بن علوان كما في الكافي ج ٢ / ٧، و ٦١ وغير ذلك. وروى عن أصحاب الكاظمعليه‌السلام منهم: أبوه ظريف فروى عنه كثيرا، ومحمد بن أبي عمير ذكرناهم في الطبقات. (*)

١٨٣

كوفي، يكنى أبا محمد، ثقة(١) سكن ببغداد، وأبوه قبل(٢) . له نوادر والرواة عنه كثيرون، اخبرنا إجازة محمد بن محمد عن الحسن ابن حمزة قال: حدثنا ابن بطة عن محمد بن علي(٣) .

١٣٩ - الحسن بن أبي عثمان المقلب سجادة أبومحمد

كوفي ضعفه أصحابنا(٤) ،

____________________

(١) ويشير إلى عناية أبي محمد الحسن العسكرى (ع) اليه ما أجاب به عن مكاتبته التي أشرنا إليها.

(٢) فيأتي في ترجمته(٥٥١) قوله: أصله كوفي نشأ ببغداد. وفي نسخة المتن هكذا (قيل له نوادر) والظاهر أنه مصحف (قبل).

(٣) ضعيف بوجه بابن بطة هذا بناء‌ا على كون المراد بمحمد ابن علي: ابن محبوب الثقة. وأما إن كان هو الصيرفي ابوسمينة بقرينة رواية ابن بطة عنه، فهو ضعيف به أيضا.

(٤) قال في الكشي(٣٥٢)، في الحسن بن علي بن أبي عثمان سجادة لعنه الله قال نصر بن الصباح: قال لي السجادة الحسن بن علي ابن أبي عثمان يوما: ما تقول في محمد بن أبي زينب، ومحمد بن عبدالله بن عبدالمطلب صلى الله عليه، وآله أيهما أفضل؟ قلت له: أنت قل. قال: محمد بن أبي زينب. ألا ترى ان الله عزوجل عاتب في القرآن محمد بن عبدالله في مواضع، ولم يعاتب محمد بن أبي زينب فقال لمحمد بن عبدالله (ولولا ان ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا، ولئن أشركت ليحبطن عملك)، وفي غيرهما. ولم يعاتب محمد بن أبي زينب بشئ من ذلك.قال أبوعمرو: السجادة لعنه الله ولعنه اللاعنون، والملائكة والناس أجمعون فلقد كان من عليائية الذين يقفون في رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وليس لهم في الاسلام نصيب. وعن إبن الغضائري: الحسن بن علي بن أبي عثمان أبي محمد الملقب سجادة في عداد القميين ضعيف، وفي مذهبه إرتفاع. وذكره الشيخ في أصحاب الجوادعليه‌السلام / ٤٠٠ / ١١ وقال: غالي. وأيضا في أصحاب الهاديعليه‌السلام / ٤١٣ وذكر نحوه. قلت: روى ابن قولويه في كامل الزيارات ص ٨٠ باسناده عن محمد بن الحسين إبن أبي الخطاب، وعن الحسين بن عبيد الله عنه. والعجب ممن يلتزم بوثاقة جميع رواة هذا الكتاب مع وجود مثل هذا الضعيف فيهم. (*)

١٨٤

وذكر ان أباه: علي بن أبي عثمان(١) روى عن أبي الحسن موسى (ع). له كتاب نوادر، أخبرناه إجازة الحسين بن عبيد الله عن أحمد إبن جعفر بن سفيان، عن أحمد بن ادريس قال حدثنا الحسين بن عبيد الله بن سهل في حال إستقامته(٢) عن الحسن بن علي بن أبي

____________________

(١) ويظهر من ذلك: ان عدم ذكر (علي) في العنوان للاشتهار بذلك أو الاقتصار، وليس هناك تصحيف أو سهو كما توهم.

(٢) تقدم ترجمته(٨٥) وقوله فيه: ممن طعن عليه، ورمي بالغلو. (*)

١٨٥

عثمان سجادة(١) .

____________________

(١) ضعيف بالحسين بن عبيد الله بن سهل فلم يوثق بل طعن إلا أن يقال انه لايكون مطعونا إلا باتهام الغلو فاذا كانت الرواية عنه في حال الاستقامة فلا بأس بها، وتقدم في ترجمته: إن له كتبا صحيحة الحديث. بقي هنا شئ وهو ان التضعيف المتقدم من أصحابنا للحسن بن علي سجادة لا يلائم رواية جماعة من الاجلة كتبه ورواياته فان ذلك يقتضي ترك الرواية عنه لكن روى عنه المشايخ في كتبهم.ولعلهم اعتمدوا في ذلك على الكشي مع إنه قد إستند في تضعيفه على نصر ابن الصباح. وقد روى عنه ابن قولويه في كامل الزيارات عن محمد بن الحسين ابن أبي الخطاب المسكون إلى روايته كما يأتي في ترجمته. وروى الصدوق في الخصال ج ٢ / ٥ / ٢١ عن ما جيلويه عن محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن احمد قال: حدثني ابوعبدالله الرازي عن سجادة واسمه الحسن بن علي بن أبي عثمان، واسم أبي عثمان حبيب عن محمدبن ابي حمزة الحديث. وفي التهذيب ج ٢ / ١٢١ / ٢٢٩: محمد بن احمد بن يحيى عن محمد بن عبدالله بن احمد عن الحسن بن علي بن أبي عثمان، وأبو عثمان اسمه: عبدالواحد بن حبيب قال زعم لنا محمد بن أبي حمزة الثمالي. (*)

١٨٦

١٤٠ - الحسن بن عنبسة الصوفي(١)

كوفي، ثقة، له كتاب نوادر، أخبرنا احمد بن عبدالواحد قال: حدثنا علي بن حبشي قال: حدثنا حميد بن زياد عن الحسن ابن عنبسة به(٢) .

١٤١ - الحسن بن علي الزيتوني الاشعري أبومحمد

له كتاب نوادر، أخبرنا محمد بن علي عن احمد بن محمد بن يحيى عن أبيه عن الحسن بن علي بكتابه(٣) .

____________________

(١) هكذا ذكره الشيخ في الفهرست(٥٠)، وفيمن لم يرو عنهم من رجاله(٤٦٤) وزاد روى عنه حميد بن زياد. قلت: يأتي رقم(١٥٦) ترجمة الحسين بن عنبسة الصوفي، فهو أخوه ويحتمل الاتحاد وإن كان خلاف الظاهر.

(٢) موثق بحميد على إشكال بعلي بن حبشي تقدم وكذا احمد بن عبدالواحد. وفي الفهرست: له نوادر رويناها بالاسناد الاول (أحمد بن عبدون عن الانباري) عن حميد عنه. قلت: طريقه موثق بحميد على كلام بأحمد بن عبدون شيخه وشيخ النجاشي.

(٣) صحيح على كلام بمحمد بن علي من مشايخه وبأحمد كما تقدم. قلت: روى عن أصحاب الهادي والعسكريعليهما‌السلام مثل هارون بن مسلم الثقة كما في كامل الزيارات ١٦٠ / ٦٥ / ١٤، وأحمد

ابن هلال العبر تائي الضعيف، وسهل بن الهرمزان القمي كما يأتي في ترجمته(٤٨٩)، والزهري الكوفي الغيبة(١٠٢). روى عنه شيخ القميين ابن الوليد كما في ترجمة عيسى بن عبدالله الهاشمي من فهرست الشيخ(١١٧)، وشيخ الطائفة، وفقيهها ووجهها سعد بن عبدالله كما في كامل الزيارات(١٦٠) والغيبة ص ١٠٢، والعيون ٢٧٢ / ٢٨ / ٤ وأما ما في التهذيب ج ٦ / ٤٨ في فضل زيارة الحسين (ع) عن سعد عن الحسين بن علي الزيتوني عن احمد بن هلال.فالظاهر انه مصحف (الحسن) فلا حظ، وابن بطة كما في ترجمة ابن الهرمزان.

١٨٧

١٤٢ - الحسن بن محمد بن جمهور العمي أبومحمد بصري(١)

____________________

(١) قال ابن النديم في فهرسته(٣٢٦) في فقهاء الشيعة ومحدثيهم: إبن جمهور العمي، واسمه محمد بن الحسين بن جمهور العمي بصري، ويعد في خاصة اصحاب الرضا (ع)، وله من الكتب. قلت: الظاهر ان المراد بالترجمة هو الحسن بن محمد لا أبوه كما يظهر بالتأمل الا ان في ذلك مواضع من التصحيف كما لا تخفى. وفى لسان الميزان ج ٢ / ١٩٨: الحسن بن جمهور القمي. قال علي بن محمد الساليسي: كان من رواة أهل البيتعليهم‌السلام وحامل الاثر عنهم، وكان في وسط المائة الثالثة. قلت: كون (القمي) مصحف (العمي) غير بعيد إلا انه موافق لما في فرج المهموم كما يأتي. وقال ابن طاووس في فرج المهموم عند روايته عن كتابه (الواحدة) (٩٦): وكان عالما فاضلا.(*)

١٨٨

ثقة في نفسه(١) ينسب إلى بني العم من تميم. يروى عن الضعفاء(٢)

____________________

(١) تقييد الوثاقة بقوله (في نفسه) وان كان يشعر بانه مطعون في مذهبه وفى حديثه إلا ان قوله (يروى عن الضعفاء) يدل على انه مطعون في حديثه فقط لا في مذهبه. وحققنا في مقدمة هذا الشرح ان التوثيق بوجه مطلق في كلام الاقدمين ظاهر في انه غير مطعون لا في نفسه ولا في مذهبه ولا في حديثه. ومما يشير إلى وثاقته في نفسه رواية الثقات عنه: منهم ابوطالب الانباري، ومحمد بن همام كما في التهذيب ج ٦ / ٩٣ وقد أنكر النجاشي على الشيخ النبيل الثقة أبي علي بن همام روايته عن جعفر بن محمد ابن مالك الفزاري كما يأتي في ترجمة جعفر(٣١١) ولم ينكر عليه روايته عن الحسن بن جمهور.

(٢) هذا احد الوجهين لعدم وثاقته في الحديث وقد طعن غير واحد من رجال الحديث بعدم الوثاقة في الحديث بهذين الامرين منهم: احمد بن محمد بن خالد البرقي كما يأتي في ترجمته. ثم ان الرواية عن الضعيف انما تمنع عن الاعتماد على مراسيله فلا تكون حينئذ بحكم المسانيد لا حتمال كون ارساله (ح) عن الضعيف كما حققناه في محله، كما انها تمنع عن الاعتماد على ما يسنده إلى رجال غير معروفين بمدح ولاقدح، لكنها لا تمنع عن الاخذ بما أسنده عن الثقات. ولا توجب الرواية عن الضعيف طعنا في وثاقة الرجل إلا مع الاكثار وخاصة في الرواية عمن اشتهر بالكذب والوضع وغيره من وجوه الطعن فلاحظ. روى الحسن بن محمد بن جمهور عن أبيه كثيرا وروى عنه كتابه كما يأتي في ترجمته(٩٠٣). وروى عن جماعة من الثقات منهم: الحسين بن روح السفير كما في التهذيب ج ٦ / ٩٣، وعلي بن بلال من أصحابي الكاظم والرضاعليهما‌السلام ، الظاهر انه البغدادي الثقة كما في عيون اخبار الرضا (ع) ج ٢ باب ٣٨ / ١٣٦.(*)

١٨٩

ويعتمد على المراسيل(١) ذكره أصحابنا بذلك وقالوا: كان أوثق من أبيه وأصلح(٢) . له كتاب (الواحدة)، أخبرنا احمد بن عبدالواحد، وغيره عن أبي طالب الانباري عن الحسن بالواحدة(٣) .

____________________

(١) هذا ثاني الوجهين لعدم وثاقته في حديثه. ثم إن رواية المراسيل بلا اعتماد بصورة الارسال لاتوجب الطعن إلا مع الاكثار فيها فيكشف عن التساهل في الحديث. وروايتها بصورة المسانيد تدليس.

واما الاعتماد عيها فيها اذا كان المرسل ممن يعرف بأنه لايرسل إلا عن ثقة فلا بأس به وفي غيره ربما يشير إلى نوع تساهل.

(٢) التعليق على الاصحاب يشعر بنوع تأمل منهرحمه‌الله في تضعيفه بما ذكروه ولعله نشأ من روايته المناقب والمثالب كما تأتي في كتبه فلا حظ.

(٣) صحيح بناء‌ا على وثاقة احمدمن مشايخه. قال ابن النديم في الفهرست: وله من الكتب: كتاب الواحدة في الاخبار والمناقب والثالب. وجزأه ثمانية أجزاء لا قلت: روى إبن طاووس عن ابن جمهور القمي عن كتابه (الواحدة) في فرج المهموم عن الرضا (ع)(٢) و(٩٦) وقال: رويناه بعدة أسانيد عن ابن جمهور القمي وكان عالما فاضلا في كتاب (الواحدة) في أخبار مولانا الرضا صلوات الله عليه الخ.قلت: تقدم احتمال كون (القمي) مصحف (العمي).وروى في تفسير نور الثقلين ج ٤ / ٣٦٣ في تفسير قوله عزوجل: " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا " عن ابن طاووس عن كتاب (الواحدة) عن أبي محمد العسكري (ع). (*)

١٩٠

١٤٣ - الحسن بن احمد بن ريذويه القمي

ثقة من أصحابنا القميين، له كتاب المزار.

١٤٤ - الحسن بن عبدالصمد بن محمد بن عبيد الله الاشعري

شيخ ثقة من أصحابنا القميين. روى أبوه(١) عن حنان عن أبى عبدالله (ع)(٢) له كتاب نوادر.

____________________

(١) ذكره الشيخ في أصحاب الهادي (ع) ٤١٩ / ٢٩ قائلا: عبدالصمد بن محمد قمي.

(٢) روى عبدالصمد بن محمد (بلا تمييز) عن حنان بن سدير عن أبي عبدالله (ع)، عنه عنه (ع) محمد بن علي بن محبوب كما في التهذيب ج ٢ / ٢٨٩، ومحمد بن احمد بن يحيى (الخصال ج ١ / ٥٥ باب ٣ / ٩٤)، ومحمد الحسن الصفار (كامل الزيارات ٩١ / ١٣).وروى عبدالصمد بن محمد عن حنان عن أبيه عن أبي جعفر (ع) (التهذيب ج ٩ / ٢٤١، وج ٣ / ٢١٩.وروى الصدوق في المشيخة (٢٥) عن الصفار عنه عن حنان. ثم ان تمييزه الماتن (ره) بروايته عن حنان الواقفي من أصحاب الصادق والكاظمعليهما‌السلام المتوفي في أيام الرضاعليه‌السلام مشير إلى طبقته وانه ادرك أيام الرضا (ع) وبقي إلى أيام الهادي (ع) كما تقدم عن الشيخ. ويشير إلى جلالته رواية أصحابنا عنه منهم: الصفار، وإبن محبوب، ومحمد بن احمد بن يحيى مع عدم إستثناء القميين روايته عنه بل رواية ابن قولويه في كامل الزيارات عنه كما تقدم.

١٩١

١٤٥ - الحسن بن علي بن عبدالله بن المغيرة البجلي

مولى جندب بن عبدالله(١)

____________________

(١) يعرف جده عبدالله بأنه مولى جندب، فيأتي في ترجمته(٥٩٩) قول الماتن: ابومحمد البجلي، مولى جندب بن عبدالله بن سفيان العلقي، كوفي، ثقة، لا يعدل به أحد من جلالته، ودينه وورعه، روى عن أبي الحسن موسى (ع) الخ. وأما أبوه علي بن عبدالله فلم أقف على ترجمة له ولم يكن معروفا أو لم يكن من رواة الحديث. أو مات في صغر ابنه الحسن، ولذلك عرف ابومحمد الحسن بجده عبدالله.نعم روى علي بن عبدالله عن أبي الحسن موسى (ع) روى عنه عنه (ع) عمرو بن سعيد، وعمرو بن عثمان إلا انه مضافا إلى عدم التمييز في موارد روايته عنه. فالظاهر اتحاده مع علي بن عبدالله الذي روى عمرو بن عثمان عنه عن أبي عبدالله (ع) وحينئذ ليس هو علي بن عبدالله بن المغيرة البجلي. وما في جامع الرواة من عنوانه علي بن عبدالله البجلي. ثم ذكره هذه الروايات ففي غير محله لخلوها جميعا عن لقبه (البجلي). وتحقيق ذلك في طبقات أصحابهما. (*)

١٩٢

أبومحمد من أصحابنا الكوفيين(١) ، ثقة ثقة، له كتاب نوادر. أخبرنا محمد بن محمد، وغيره عن الحسن بن حمزة عن إبن بطة عن البرقي عنه به(٢) .

____________________

(١) بل الظاهر ان الحسن بن علي بن عبدالله بن المغيرة البجلي الكوفي يعرف بالحسن بن علي الكوفي كما يظهر من طرق الصدوقرحمه‌الله في المشيخة إلى جماعة منهم: جده عبدالله بن المغيرة رقم(١٣٤)، وعبدالرحيم القصير الكوفي(٤٠)، وعباس بن عامر(٣٠٠) وكذا في ساير كتبه منها الخصال في مواضع كثيرة. وكان لابي محمد الحسن إبن، وهو علي بن الحسن من رواة الحديث روى عن أبيه الحسن. روى عنه الصدوق في المشيخة في طريقه إلى أبيه(٨٩) قائلا: وما كان فيه عن الحسن بن علي الكوفي، فقد رويته عن أبيرحمه‌الله عن علي بن الحسن بن علي بن الحسن بن علي الكوفي عن أبيه. وبهذا الاسناد أيضا في طريقه إلى العباس بن عامر. ولم أقف له على ترجمة.وكان جعفر بن علي بن الحسن الكوفي، حفيده من رواة الحديث، ومن مشايخ الصدوق (ره) فقد روى عنه كثيرا في كتبه، وترضى عنه عند ذكره ولم أقف على مدح له غير ذلك.

(٢) ضعيف على كلام بابن بطة. وفي الفهرست(٥٠): الحسن بن علي بن عبدالله بن المغيرة، له كتاب أخبرنا به الحسين بن عبيد الله عن احمد بن محمد بن يحيى عن أبيه عن محمد بن علي بن محبوب عن الحسن بن علي بن عبدالله. قلت: طريقه صحيح على اشكال بأحمد بن محمدبن يحيى، وبالحسين كما تقدم. وتقدم طريق الصدوق إليه. وفيه إبنه علي ولم أجد له مدحا كما تقدم. روى عنه جماعة من أجلة أصحابنا منهم: محمد بن يحيى، واحمد ابن ادريس، وابوعلي الاشعري، والصفار، وسعد بن عبدالله.

١٩٣

١٤٦ - الحسن بن موسى ابومحمد النوبختي(١)

____________________

(١) هو الحسن بن موسى بن الحسن بن محمد بن العباس بن إسماعيل بن أبي سهل بن نوبخت ويأتي تمام نسبه في ترجمة أبيه(١٠٨٢). ثم ان الحسن، وساير أهل بيته وهم أجلاء الطائفة يعرفون يجدهم نوبخت الفارسي. نوبخت كان نوبخت مشهورا في بلاده في الدولة الكيانية الفارسية، كيف وهو من بيت فيهم الامراء الابطال. وقد اشتهر بسبب علمه بالنجوم، وكان في علم النجوم نهاية كما في تاريخ بغداد ج ١٠ / ٥٤، وكان ينجم ويترجم لخالد بن يزيد بن معاوية كما قيل في أواخر الدولة الاموية، وفي أوائل الدولة العباسية.وصحب المنصور الدوانيقي في محبس الاهواز عندما كان المنصور محبوسا كما في تاريخ بغداد ج ١٠ / ٥٤، ونبأه بثبوت الملك له، فلازمه وأكرمه، وأقطعه ألفي جريب من اراضي الحويزة. وتولى مع المنصور بناء بغداد وتأسيسها كعاصمة، ووضع أساسها في وقت إختاره له نوبخت المنجم كما في تاريخ بغداد ج ١ / ٦٧، فهو بطبيعة الحال اول من سكنها معه. وذكر ابن طاووس في فرج المهموم(٢٠٨) مصاحبته للمنصور واسلامه حينئذ وفي ص ٢١٠ تفصيل اخباره. وكان مجوسيا ثم حسن اسلامه. واسلام زوجته، وولده أبي سهل وحسن معرفتهم لهذا الامر وولايتهم لعلي أمير المؤمنين وأولاده الطاهرينعليهم‌السلام . وقيل: أنه عمر أكثر من مائة سنة. آل نوبخت كان آل نوبخت معروفين بالعلم والفضل، والفلسفة، والكلام، والنجوم، والادب وغير ذلك من صنوف العلم، وكانوا نقلة الكتب من الفارسي إلى العربي. ذكره ابن النديم في الفهرست(٣٥٥)، وفيهم أصحاب الكتب والمصنفات الكثيرة. قال ابن طاووس في فرج المهموم(١٢١): ان جماعة من بني نوبخت، وهم أعيان الشيعة كانوا علماء في هذا الباب، ووقفت على عدة مصنفات لهم في النجوم، وانها دلالات على الحادثات. وذكر نحوه أبي عبدالله (ع) وحينئذ ليس هو علي بن عبدالله بن المغيرة البجلي. وما في جامع الرواة من عنوانه علي بن عبدالله البجلي. ثم ذكره هذه الروايات ففي غير محله لخلوها جميعا عن لقبه (البجلي). وتحقيق ذلك في طبقات أصحابهما.في ص ١٣٢ ثم مدحهم بعلم النجوم بما مدحهم به ابن الرومي الشيعي في شعره: اعلم الناس بالنجوم بنو نوبخت الخ. وقال أيضا في(٤٠) عند الاستدلال على مدعاه: وإليه ذهب بنو نوبخترحمهم‌الله من الامامية، فلم ينكر عليهم، بل ترحم. عليهم. وبنو نوبخت من أعيان هذه الطائفة المحقة المرضية، ومنهم وكيل مولانا المهدي صلوات الله عليه أبوالقاسم الحسين بن روح رضوان الله جل جلاله عليه.قلت: ومما يشير إلى جلالتهم ان فيهم جماعة ممن وفق له زيارة مولانا الحجة صلوات الله عليه، وفيهم من له كتاب إليه من ناحيته المقدسة، وفيهم الحسين بن روح النوبختي أحد سفرائه ونوابه الاربعة وسنشير اليهم، وقد حصل لهم وجاهة في الدنيا تتمناها غيرهم كما يظهر مما رواه الشيخ عن جماعة عن أبي غالب الزراري في الغيبة(١٨٦).=

١٩٤

____________________

=وكان لهم في بغداد محلة تعرف بالنوبختية وفيها قبر أبي القاسم السفير الحسين بن روح النوبختي. قال الشيخ في الغيبة(٢٣٨): وأخبرني الحسين بن ابراهيم عن أبي العباس أحمد بن علي بن نوح عن أبي نصر هبة الله بن محمد الكاتب ابن بنت أم كلثوم بنت أبي جعفر العمريرضي‌الله‌عنه : ان قبر أبي القاسم الحسين بن روح في النوبختية في الدرب الذي كانت فيه دار علي بن احمد النوبختي النافذ إلى التل، وإلى درب الاخر، وإلى قنطرة الشوكرضي‌الله‌عنه . ثم ان آل نوبخت مع اشتهارهم بالفلسفة والكلام والنجوم خاصة والفلكيات والهندسة والحساب ونقل الكتب، ومع مكانتهم وجلالة قدرهم في بغداد، وهم أعيان الطائفة وأعلام علماء بغداد، فقد أهملهم الخطيب البغدادي في تاريخه الموضوع لذكر ساير طبقات أهل العلم من جميع المذاهب حتى الرماة والشعراء والمغنين والفرسان وحذاق الصناع ممن نشأ ببغداد أو ورد عليها من غير أهلها فلم يذكر هؤلاء الاعلام النوبختيين بترجمة خاصة وان أشار إلى بعضهم، ولعل ذلك لانهم معروفون بولاية علي بن أبي طالب والائمة من ولدهعليهم‌السلام كما تقدم عن إبن النديم. ابو سهل بن نوبخت كان اسمه طيمارث فيأتي في ترجمة موسى بن الحسن النوبختي(١٠٨٢) قوله: (يقال: ان اسم أبي سهل بن نوبخت طيمارث).وجعل المنصور الدواينقي كنيته مقام إسمه، فبطل إسمه وثبتت كنيه وكان رجلا عالما بالنجوم والكلام وغير ذلك. ذكره بن النديم في أخبار الفلاسفد الطبيعيين والمنطقيين(٣٤٥)، وكان من العلماء المصنفين، ومن كتبه: كتاب النهمطان. وقد حكى عنه ابن النديم مقالات اصحاب النجوم وغيرهم كما في(٣٤٥). ولما ضعف أبو نوبخت عن الخدمة قام مقام أبيه بأمر المنصور، وعمر زهاء ثمانين سنة، وتوفي سنة(٢٠٢) في عصر المأمون، وخلف محمدا، وهارون، وسهلا واسماعيل، واسحاق، وعبدالله، وعبيد الله، وفضلا، وغيرهم كما قيل.محمد، وهارون إبني ابي سهل بن نوبخت كتب نبو نوبخت المنجم محمد، وهارون إبني أبي سهل إلى ابي عبداللهعليه‌السلام : ان ابانا، وجدنا كانا ينظران في علوم النجوم فهل يحل النظر فيه، فكتبعليه‌السلام : نعم. رواه ابن طاووس في فرج المهموم(٢) و(١٠٠) عن كتاب (التجمل) تاريخ كتابته سنة ثمان وثلاثين ومأتين. وروى ايضا عنه عنهما قالا: كتبنا إليهعليه‌السلام : نحن ولد نوبخت المنجم، وقد كنا كتبنا إليك: هل يحل النظر في علم النجوم، فكتبت: نعم. والنجمون يختلفون في صفة الفلك الحديث. وأشار إلى ذلك أيضا في(١٣٢). اسماعيل بن ابي سهل بن نوبخت ذكر اسماعيل بن ابي سهل في نسب موسى بن الحسن كما يأتي(١٠٨٢)، وفي الحسن بن الحسين النوبختي كما يأتي الا انه لم احضر له ترجمة. الفضل بن ابي سهل بن نوبخت قال ابن طاووس في فرج المهموم(١٢٥): ومن العلماء بالنجوم من الشيعة الفضل بن أبي سهل بن نوبخت. وصل إلينا من تصانيفه كتاب في المسائلة، وإبتداء الاعمال، الاعمال المعروف بالسجل، وهو كتابه الثاني، يدل على قوة معرفته بعلم النجوم، وأنه قدوة في هذه العلوم.=

١٩٥

____________________

=سليمان بن ابي سهل بن نوبخت ذكره ابن النديم في الشعراء الكتاب(٢٤٣) وقال: سليمان ابن أبي سهل بن نوبخت خمسون ورقة. عبدالله بن أبي سهل بن نوبخت المنجم ذكره في فرج المهموم(١٣١) في مشاهير المنجمين ثم ذكر ما أنشده من الشعر لما قدم المأمون بغداد ووصل للناس وغفل عن صلته. الحسن بن سهل بن نوبخت كان الحسن بن سهل بن نوبخت من الحساب، والمهندسين، والنجمين، وله من الكتب: كتاب الانواء. وذكره ابن النديم في الفهرست(٣٩٩). وكان من جملة نقلة الكتب من اللغات إلى العربي كما في فهرست ابن النديم(٣٥٥). ونقل زيج الشهريار ذكره إبن النديم(٣٥٦)، وعمل للحسن بن سهل صاحب خزانة الحكمة للمأمون الشاعر الحكيم سهل بن هارون رسالة يمدح فيها البخل ويرغبه فيه فأجابه الحسن ذكره ابن النديم(١٨٠).الفضل بن نوبخت ابوسهل ذكره إبن النديم في علماء النجوم، والهندسة من الفهرست(٣٩٦) وقال: ابوسهل الفضل بن نوبخت، فارسي الاصل، وقد ذكرت نسب آل نوبخت في كتاب المتكلمين واستقصيته، وكان في خزانة الحكمة لهارون الرشيد، ولهذا الرجل نقل من الفارسي إلى العربي، ومعوله في علمه على كتب الفرس، وله من الكتب: كتاب النهمطان في المواليد، كتاب الفأل النجومي، كتاب المواليد. مفرد، كتاب تحويل سند المواليد، كتاب المدخل، كتاب التشبيه والتمثيل، كتاب المنتحل من أقاويل المنجمين في الاخبار والمسائل والمواليد وغيرها. علي بن نوبخت ذكر علي بن نوبخت في نسب غير واحد من النوبختيين منهم: محمد بن علي بن نوبخت وأبوسهل كما سيأتي، إلا انه لم أحضر له ترجمة. ابوسهل بن علي بن نوبخت روى الخطيب في تاريخه ج ١٠ / ٥٤، في ترجمة المنصور: أخبرنا القاضي ابوالقاسم التنوخي حدثنا محمد بن عبدالرحيم المازني حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي حدثني ابوسهل بن علي بن نوبخت قال: كان جدنا نوبخت النجم على دين المجوسية، وكان في علم النجوم نهاية وكان محبوسا بسجن الاهواز فقال: رأيت أبا جعفر المنصور وقد أدخل السجن الحديث بطوله.=

١٩٦

ابوجعفر محمد بن علي بن نوبخت المنجم

كان ابوجعفر محمد بن علي بن نوبخت من خيار أصحابنا، وممن له كتاب من الناحية المقدسة، يدل على عنايته صلوات الله عليه به. فروى الشيخ في الغيبة(٢٥٧) باسناده عن أبي جعفر محمد بن ابن علي بن نوبخت قال: عزمت على الحج وتأهبت، فورد علي: نحن لذلك كارهون، فضاق صدري واغتممت، وكتبت أنا مقيم بالسمع والطاعة غير أني مغتم بتخلفي عن الحج، فوقع (ع): لا يضيق صدرك فانك تحج من قابل. فلما كان من قابل إستأذنت، فورد الجواب، فكتبت: اني عادلت محمد بن العباس، وأنا واثق بديانته وصيانته، فورد الجواب: الاسدي نعم العديل فان قدم فلا تختر عليه. قال: فقد الاسدي فعادلته.

١٩٧

اسماعيل بن علي بن نوبخت ابوسهل النوبختي

٠كان من اصحاب ابي محمد العسكريعليه‌السلام ذكرناه في طبقات اصحابه (ع) وكان ممن تشرف بزيارة مولانا الحجة عجل الله فرجه الشريف في مرض رابيه (ع)، رواه الشيخ في الغيبة(١٦٤)، وقد وتكلموا معه في السفير بعده.رواه الشيخ في الغيبة(٢٢٦)، وكان له وجاهة وقدر في انفس الناس ومحل من العلم والادب ايضا عندهم كما في رواية الغيبة(٢٤٧) في قصة الحلاج واحتجاجه عليه ومدحه التنوخي لذلك بقوله: كان ابوسهل من بينهم مشفقا، فهما، فطنا. قال ابن النديم في ترجمته في فهرسته(٢٦٥): ابوسهل النوبختي اسماعيل بن علي بن نوبخت، من كبار الشيعة، وكان ابوالحسن الناشئ يقول: انه استاذه وكان فاضلا، عالما، متكلما، وله مجلس بحضرة جماعة من المتكلمين إلى آخر ترجمته فقد ذكر رأيه، واحتجاجه على الشلمغاني، وكتبه الكثيرة فلاحظ.

١٩٨

وقد قرأ عليه مظفر بن محمدبن احمد ابوالجيش البلخي المتكلم المشهور المتوفي سنة(٣٦٧) كما يأتي في ترجمته(١١٣٢). وقال الشيخ في الفهرست(١٦٩) كما يأتي في ترجمته(١١٣٢). وقال الشيخ في الفهرست(١٦٩) في ترجمة مظفر بن محمد الخراساني: وكان عارفا بالاخبار، وكان من غلمان أبي سهل النوبختي. وكان محمد بن بشر ابوالحسن الحمدوني الشوشنجردي المتكلم المشهور من اعيان أصحابنا من غلمان أبي سهل النوبختي. صرح بذلك ابن النديم في الفهرست(٢٦٦) ويأتي في ترجمته(١٠٣٨) فضله وحسن عبادته وجلالته. وكان ابوسهل هو الذي كشف أمر الحسين بن منصور الحلاج الحيال الصوفي المتصنع وأظهر فضيحته وخزيه حتى شهر أمره عند الصغير والكبير وتنفر الجماعة عنه ذكره الشيخ بتفصيله في الغيبة(٢٤٦)،

١٩٩

وابن النديم في فهرسته(٢٨٤)، والقاضي ابوعلي الحسن بن علي التنوخي المتوفي ٣٨٤ في كتابه في أخبار المذاكرة ج ١ / ١٦١ وغيرهم. وكان ذلك بعد ظهور أمر الحلاج سنة(٢٩٩) كما في الفهرست.وكان لابي سهل احتجاج لطيف في جواب من سأله: كيف صار هذا الامر إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح دونك؟ رواه الشيخ في الغيبة(٢٤٠). ويظهر منه انه كان أهلا للنيابة والسفارة للناحية المقدسة وان قدم وفضل الحسين بن روح لخصال ذكر بعضها ابوسهل النوبختي في هذا الحديث. وذكر المرزباني في معجم الشعراء(٤٢٤) ان احمد بن أبي عوف إحتال على أبي سهل النوبختي وحبسه في أيام القاسم بن عبيد الله. وتقدم في ج ١ / ٣٩١ ترجمة اسماعيل بن علي النوبختي.

ابوجعفر بن علي بن نوبخت

ذكره ابن النديم في ترجمة اخيه اسماعيل بن علي(٢٦٥) قائلا: وكان لابي سهل أخ يكنى أبا جعفر من المتكلمين على مذهبه وله من الكتب.

العباس بن اسماعيل بن ابي سهل بن نوبخت

هو جد موسى بن محمد بن العباس الاتي ترجمته(١٠٨٢)، وجد الحسين بن علي بن العباس الاتي ذكره قريبا، ولم أحضر له ترجمة.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

أرض مربعة حمراء من أدم

ما بين إلفين موصوفين بالكرمِ

تذاكرا الحرب فاحتلاّ لها شبهاً

من غير أن يسعيا فيها بسفك دمِ

هذا يغير على هذا وذاك على

هذا يغير وعين الحرب لم تنمِ

فانظر إلى الخيل قد جاشت بمعركةٍ

في عسكرين بلا طبلٍ ولا علمِ(1)

وألمّ هذا الشعر بوصف دقيق للشطرنج، وفيما أحسب أنّه أسبق من نظم فيه، وأحاط بأوصافه ودقائقه وقد تعلم هذه اللعبة من أبيه الرشيد الذي كان من الماهرين فيها، وقد أهدى إلى ملك (فرنسا) أدوات الشطرنج، ولم تكن معروفة فيها، وتوجد حاليا تلك الأدوات التي أهداها الرشيد في متاحف (فرنسا)(2) .

ب - ولعه بالموسيقى:

وكان المأمون مولعاً بالغناء والموسيقى، ويقول المؤرّخون أنّه كان معجباً كأشد ما يكون الإعجاب بأبي إسحاق الموصلي الذي كان من أعظم العازفين والمغنّين في العالم العربي وقال فيه: (كان لا يغني أبداً إلاّ وتذهب عنّي وساوسي المتزايدة من الشيطان)(3) .

وكان يحيي لياليه بالغناء والرقص والعزف على العود كأبيه الرشيد الذي لم يمر على قصره اسم الله تعالى، وإنّما كانت لياليه الليالي الحمراء.

ج - شربه للخمر:

وعكف المأمون على الإدمان على الخمر، فكان يشربها في وضح النهار وفي غلس الليل، ولم يتأثّم في اقتراف هذا المحرَّم الذي هو من أفحش المحرّمات في الإسلام.

إلى هنا ينتهي بنا الحديث عن بعض نزعات المأمون وصفاته.

التحف الثمينة التي أهديت للمأمون:

وقام الأُمراء والأشراف بتقديم الهدايا القيّمة والتحف الثمينة للمأمون تقرّباً إليه، وكان من بعض ما أُهدي إليه ما يلي:

____________________

(1) المستطرف 2 / 306.

(2) حياة الإمام محمد الجواد (ص 233).

(3) الحضارة العربية لجاك س. ريسلر (ص 108).

٢٢١

1 - أهدى أحمد بن يوسف للمأمون سفطاً من الذهب فيه قطعة عود هندي في طوله وعرضه، وكتب فيه هذا يوم جرت فيه العادة بإتحاف العبيد للسادة، وقد قلت:

على العبد حق وهو لا شك فاعله

وإن عظم المولى وجلّت فواضله

ألم ترنا نهدي إلى الله ماله

وإن كان عنه ذا غنى فهو قابله

ولو كان يهدي للجليل بقدره

لقصّر عنه البحر يوماً وساحله

ولكنّنا نهدي إلى مَن نجلّه

وإن لم يكن في وسعنا ما يشاكله(1)

2 - أهدى أبو دلف القاسم بن عيسى العجلي إلى المأمون في يوم مهرجان مائة حمل زعفران قد وضعت في أكياس من الإبريسم، وقد حملتها أتان شهب وحشية، فجاءت الهدايا والمأمون عند حرمه، فأخبر بالهدية، فسارع إلى النظر إليه، فلمّا رآها عجب بها وسأل عن الحمر التي حملت الزعفران هل هن ذكور أم إناث؟ فقيل له إنّها إناث فسُرّ بذلك، وقال: قد علمت أنّ الرجل أعقل من أن يوجه على غير أتن(2).

3 - أهدى ملك الهند جملة من الهدايا، وفيها جام ياقوت أحمر، ومعها رسالة جاء فيها: نحن نسألك أيّها الأخ أن تنعم في ذلك بالقبول، وتوسع عذراً في التقصير(3) .

هذه بعض الهدايا التي قدّمت للمأمون تقرّباً له، وطمعاً في الظفر ببعض الوظائف منه.

تظاهره بالتشيّع:

وذهب بعض المؤرخين والباحثين إلى أن المأمون قد اعتنق مذهب التشيع، وقد استندوا إلى ما يلي:

من علمه التشيع:

إنّه أعلن أمام حاشيته وأصحابه أنّه اعتنق مذهب التشيّع وذلك في الحديث التالي: روى سفيان بن نزار، قال: كنت يوماً على رأس المأمون، فقال لأصحابه: (أتدرون مَن علّمني التشيّع؟).

____________________

(1) صبح الأعشى 2 / 420.

(2) التحف والهدايا (ص 109).

(3) نفس المصدر.

٢٢٢

فقالوا جميعاً: لا والله ما نعلم؟.

فقال: علمنيه الرشيد فانبروا قائلين:

(كيف ذلك والرشيد كان يقتل أهل البيت؟).

قال: كان يقتلهم على الملك لان الملك عقيم، لقد حججت معه سنة، فلمّا صار إلى المدينة تقدم إلى حجاجه، وقال لهم: (لا يدخلن على رجل من أهل المدينة ومكة، ولا من المهاجرين والأنصار وبني هاشم، وسائر بطون قريش إلا نسب نفسه... وأمتثل الحجاب ذلك، فكان الرجل إذا أراد الدخول عليه عرف نفسه إلى الحجاب، فإذا دخل فيصله بحسب مكانته ونسبه، وكانت صلته خمسة آلاف دينار إلى مائتي دينار، يقول المأمون وبينما أنا واقف إذ دخل الفضل بن الربيع، فقال: (يا أمير المؤمنين، على الباب رجل يزعم أنّه موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب).

فاقبل الرشيد على أبنائه، وعلى سائر القواد، وقال لهم: احفظوا على أنفسكم، ثم قال للفضل ائذن له، ولا ينزل إلاّ على بساطي، يقول المأمون: ودخل شيخ مسخد(1) قد أنهكته العبادة كأنّه شنّ بال(2) قد كلم(3) السجود وجهه وأنفه فلمّا رأى الرشيد أنّه أراد أن ينزل من دابته، فصاح لا والله إلاّ

على بساطي فمنعه الحجّاب من الترجّل، ونظر إليه الجميع بإجلال وإكبار وتعظيم ووصل الإمام إلى البساط والحجّاب والقوّاد محدقون به، فنزل عن راحلته فقام إليه الرشيد واستقبله إلى آخر البساط، وقبّل وجهه وعينيه، وأخذ بيده حتى صيره في صدر المجلس وأجلسه معه، وأقبل عليه يحدثه، ويسأله عن أحواله، ثم قال له: (يا أبا الحسن ما عليك من العيال؟).

قال هارون: أولاد كلهم؟ قال الإمام: لا، أكثرهم موالي وحشم، أمّا الولد فلي نيف وثلاثون، وذكر عدد الذكور، وعدد الإناث، والتفت إليه هارون فقال له:

____________________

(1) المسخد: مصفر الوجه.

(2) الشن البالي: القربة البالية.

(3) كلم: أي جرح.

٢٢٣

- لم لا تزوج النسوان من بني عمومتهن وأكفائهن؟

- اليد تقصر عن ذلك.

- ما حال الضيعة؟

تعطي في وقت وتمنع في آخر!.

- هل عليك دين؟

- نعم.

- كم هو؟

- عشرة آلاف دينار.

- يا بن العم أنا أعطيك من المال ما تزوّج به الذكران والنسوان، وتقضي به الدين، وتعمر به الضياع.

فشكره الإمام على ذلك وقال له: (وصلتك رحم يا بن العم، وشكر الله هذه النية الجميلة والرحم ماسة، والقرابة واشجة، والنسب واحد، والعباس عم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصنو أبيه، وعمّ علي بن أبي طالبعليه‌السلام وصنو أبيه، وما أبعدك الله من أن تفعل ذلك، وقد بسط يدك، وأكرم عنصرك وأعلى محتدك(1)) .

فقال هارون: أفعل ذلك وكرامة.

وأخذ الإمامعليه‌السلام يوصيه بالبر والإحسان إلى عموم الفقراء قائلاً:

(يا أمير المؤمنين إنّ الله قد فرض على ولاة العهد، أن ينعشوا فقراء الأمّة، ويقضوا عن الغارمين، ويؤدوا عن المثقل، ويكسوا العاري، ويحسنوا إلى العاني(2) ، فأنت أولى مَن يفعل ذلك...).

فانبرى هارون قائلاً: افعل ذلك يا أبا الحسن، ثم قام الإمامعليه‌السلام فقام الرشيد تكريما له، وقبل عينيه ووجهه ثم اقبل على أولاده فقال لهم: (يا عبد الله، ويا محمد، ويا إبراهيم امشوا بين يدي عمكم وسيدكم خذوا بركابه، وسووا عليه ثيابه وشيعوه إلى منزله).

وانصرف الإمامعليه‌السلام ، وفي نفس الطريق أسرّ إلى المأمون فبشره

____________________

(1) المحتد: الأصل.

(2) العاني: الغفير.

٢٢٤

بالخلافة، وقال له:

(إذا ملك هذا الأمر فأحسن إلى ولدي).

ومضى الإمام مشيَّعاً من قبل أبناء هارون إلى منزله، ورجع المأمون إلى منزله، فلما خلا المجلس من الناس التفت إلى أبيه قائلاً:

(يا أمير المؤمنين من هذا الرجل الذي قد أعظمته، وأجللته وقمت من مجلسك إليه، فاستقبلته، وأقعدته في صدر المجلس، وجلست دونه، ثم أمرتنا بأخذ الركاب له؟).

فقال هارون:

(هذا إمام الناس، وحجّة الله على خلقه، وخليفته على عباده...).

وبهر المأمون فقال لأبيه: (يا أمير المؤمنين أليست هذه الصفات لك وفيك؟).

فأجابه هارون بالواقع قائلاً: (أنا أمام الجماعة في الظاهر والغلبة والقهر، وموسى بن جعفر إمام حق، والله يا بني إنّه لاحق بمقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منى ومن الخلق جميعاً، ووالله إن نازعتني هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناك، فإنّ الملك عقيم).

ولـمّا أراد الرشيد الانصراف من المدينة إلى بغداد أمر بصرة فيها مائتا دينار، وقال للفضل بن الربيع اذهب بها إلى موسى بن جعفر، وقل له: يقول لك أمير المؤمنين: نحن في ضيقة، وسيأتيك برنا بعد الوقت، فقام المأمون، وقال لأبيه: (تعطي أبناء المهاجرين والأنصار وسائر قريش، ومن لا تعرف حسبه ونسبه خمسة آلاف دينار ما دونها، وتعطي موسى بن جعفر، وقد عظمته، وجللته مائتي دينار أخسّ عطية أعطيتها أحدا من الناس).

فزجره هارون، وقال له:

(اسكت لا أُمّ لك، فإنّي لو أعطيت هذا ما ضمنته له، ما كنت آمنه أن يضرب وجهي غداً بمائة ألف سيف من شيعته ومواليه، وفقر هذا وأهل بيته أسلم لي ولكم من بسط أيديهم وأعينهم).

وأعرب هارون عن خشيته من الإمامعليه‌السلام ، وقضت سياسته في

٢٢٥

محاربته اقتصاديا لئلا يقوى على مناهضته وكان في المجلس مخارق المغني فتألم وانبرى إلى هارون قائلاً: (يا أمير المؤمنين، قد دخلت المدينة، وأكثر أهلها يطلبون مني شيئا، وإن خرجت ولم أقسم فيهم شيئا لم يتبيّن لهم فضل أمير المؤمنين علي، ومنزلتي عنده).

فأمر له هارون بعشرة آلاف دينار، فقال له مخارق: (يا أمير المؤمنين هذا لأهل المدينة، وعلى دين احتاج أن أقضيه).

فأمر له بعشرة آلاف دينار، ثم قال له: بناتي أريد أن أزوجهن فأمر له بعشرة آلاف دينار، وقال له: لا بد من غلّة تعطينيها ترد علي وعلى عيالي وبناتي فأمر له باقطاع(1) تبلغ وارداتها في السنة عشرة آلاف دينار، وأمر أن يعجل ذلك له، وقام مخارق مسرعا إلى بيت الإمام الكاظمعليه‌السلام ، فلمّا انتهى إليه استأذن على الإمام فأذن له فقال له: (قد وقفت على ما عاملك هذا الطاغية، وما أمر لك به، وقد احتلت عليه لك، وأخذت منه صلات ثلاثين ألف دينار وأقطاعا تغل في السنة عشرة آلاف دينار، ولا والله يا سيدي ما احتاج إلى شيء من ذلك، ما أخذته إلاّ لك وأنا اشهد لك بهذه القطاع، وقد حملت المال لك).

فشكره الإمامعليه‌السلام على ذلك، وقال له: (بارك الله لك في مالك، وأحسن جزاءك، ما كنت لآخذ منه درهماً واحداً، ولا من هذه الأقطاع شيئاً، وقد قبلت صلتك وبرّك، فانصرف راشداً ولا تراجعني في ذلك).

وقبل مخارق يد الإمامعليه‌السلام ، وانصرف عنه(2) .

وحكت هذه الرواية ما يلي:

1 - احتفاء الرشيد بالإمام الكاظمعليه‌السلام في حين أنّه لم يحفل بأي إنسان كان، فقد سيطر على أغلب أنحاء الأرض وسرى اسمه في الشرق والغرب.

2 - اعتراف هارون بأنّ الإمام الكاظمعليه‌السلام هو حجّة الله على

____________________

(1) الأقطاع: القطعة من الأرض الزراعية.

(2) عيون أخبار الرضا 1 / 88 - 93.

٢٢٦

العالمين وأنّه إمام هذه الأمة، وقائد مسيرتها الزمنية والروحية، وأنّ هارون زعيم هذه الأمة بالقهر والغلبة لا بالاستحقاق.

3 - حرمان الإمام الكاظم من العطاء الذي يستحقه؛ وذلك من أجل أن لا يقوى على مناهضة هارون والخروج على سلطانه.

4 - إعطاء المغني (مخارق) الأموال الطائلة، وحرمان أبناء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من حقوقهم التي نهبها هؤلاء البغاة... هذه بعض المعالم في هذه الرواية:

رد فدك للعلويين:

من الأمور التي يستند القائلون إلى تشيّع هارون ردّه لـ‍ (فدك) للعلويين بعد أن صادرتها الحكومات السابقة منهم، وكان الغرض من مصادرتها إشاعة الفقر والحرمان بين العلويين، وفرض الحصار الاقتصادي عليهم كي لا يتمكّنوا من مناهضة أولئك الحكّام، وقد قام المأمون بردّها عليهم، وقد رفع عنهم الضائقة الاقتصادية التي كانت آخذة بخناقهم، وقد مدحه شاعر أهل البيت دعبل الخزاعي على هذه المكرمة التي أسداها على العلويين بقوله:

أصبح وجه الزمان قد ضحكا

بردّ مأمون هاشم فدكا

واعتبر الكثيرون من الباحثين هذا الإجراء دليلاً على تشيّع المأمون.

إشادته بالإمام أمير المؤمنين:

وأشاد المأمون بالإمام أمير المؤمنين رائد الحق والعدالة في الإسلام، فقد كتب إلى جميع الآفاق بان علي بن أبي طالبعليه‌السلام أفضل الخلق بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (1) ، وقد روى الصولي أشعاراً له في فضل الإمام أمير المؤمنين عليه كان منها ما يلي:

لا تقبل التوبة من تائب

إلاّ بحب ابن أبي طالب

أخو رسول الله حلف المهدي

والأخ فوق الخل والصاحب

إن جمعا في الفضل يوماً فقد

فاق أخوه رغبة الراغب

فقدم الهادي في فضله

تسلم من اللائم والعائب

ومن شعره الذي يرد به على مَن عابه في قربه لأبناء النبي (ص) يقول:

____________________

(1) تذكرة الخواص (ص 366).

٢٢٧

ومن غاو يغص عليّ غيظاً

إذا أدنيت أولاد الوصي

فقلت: أليس قد أوتيت علماً

وبان لك الرشيد من الغوي

وعرفت احتجاجي بالمثاني

وبالمعقول والأثر القوي

بأيّة خلّة وبأيّ معنى

تفضّل ملحدين على علي

علي أعظم الثقلين حقّاً

وأفضلهم سوى حق النبي(1)

ومن شعره قاله في أهل البيتعليهم‌السلام هذه الأبيات:

إن مال ذو النصب إلى جانب

ملت مع الشيعي في جانبِ

أكون في آل بني الهدى

خير بني من بني غالبِ

حبهم فرض نؤدّي به

كمثل حج لازم واجب(2)

وهذا الشعر صريح في ولائه لأهل البيتعليهم‌السلام وتقديمه بالفضل على غيرهم.

وروى له الصولي هذه الأبيات في الإمام عليعليه‌السلام :

ألام على حب الوصي أبي الحسن

وذلك عندي من عجائب ذي الزمن

خليفة خير الناس والأول الذي

أعان رسول الله في السر والعلن

ولولاه ما عدت لهاشم إمرة

وكانت على الأيام تقضي وتمتهن

فولى بني العباس ما اختص غيرهم

ومن منه أولى بالتكرّم والمنن

فأوضح عبد الله بالبصرة الهدى

وفاض عبيد الله جوداً على اليمن

وقسم أعمال الخلافة بينهم

فلا زال مربوطاً بذا الشكر مرتهن(3)

وحكى هذا الشعر الأيادي البيضاء التي أسداها الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى الأسرة العباسية حينما ولي الخلافة فقد قلد ولاية (البصرة) إلى عبد الله بن العباس، وكان وزيره ومستشاره الخاص، كما قلد عبيد الله بن العباس ولاية اليمن، ولكن الأسرة العباسية قد تنكرت لهذا المعروف فقابلت أبناء الإمام بالقتل والتنكيل وارتكبت معهم ما لم ترتكبه معهم الأسرة الأموية وقد أوضحنا في

____________________

(1) المحاسن والمساوئ 1 / 105 للبيهقي.

(2) تذكرة الخواص (ص 367).

(3) تذكرة الخواص (ص 366).

٢٢٨

هذا الكتاب جوانب كثيرة من اضطهادهم للسادة العلويين، فلم يرعوا فيهم أنّهم أبناء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّهم وديعته في أمته، فعمدوا إلى قتلهم تحت كل حجر ومدر.

ونسب إلى المأمون هذان البيتان:

إذا المرجّى سرّك أن تراه

يموت لحينه من قبل موته

فجدّد عنده ذكرى عليٍّ

وصلِّ على النبي وآل بيته

فردّ عليه إبراهيم بن المهدي المعروف بابن شكلة:

إذا الشيعي جمجم في مقال

فسرّك أن يبوح بذات نفسه

فصلّ على النبي وصاحبيه

وزيريه وجاريه برمسه(1)

ومن الطريف ما ذكره الصولي أنّه كان مكتوباً على سارية من سواري جامع البصرة:

(رحم الله عليّا

إنّه كان تقيّا)

وكان يجلس إلى تلك السارية حفص أبو عمر الخطابي وكان أعور فعمد إلى محو ذلك، وكتب بعض المجاورين إلى الجامع إلى المأمون يخبره بمحو الخطابي للكتابة، فشقّ على المأمون ذلك، وأمر بإشخاصه إليه، فلمّا مثل عنده قال له:

(لم محوت اسم أمير المؤمنين من السارية؟).

فقال الخطابي: (وما كان عليها؟).

قال المأمون: كان عليها:

(رحم الله عليّا

انه كان تقيّا)

فقال: إنّ المكتوب رحم الله عليا إنّه كان نبيّا، فقال المأمون كذبت، بل كانت القاف أصح من عينك الصحيحة، ولولا أن أزيدك عند العامة نفاقاً لأدبتك، ثم أمر بإخراجه(2) .

____________________

(1) مروج الذهب 3 / 329.

(2) تذكرة الخواص (ص 367).

٢٢٩

انتقاصه لمعاوية:

واستدلّ القائلون بتشيّع المأمون إلى أنّه أمر بسب معاوية بن هند وانتقاصه في جميع أنحاء العالم الإسلامي، فقد أمر أن ينادي المنادي (أن برئت الذمّة من أحد من الناس ذكر معاوية بخير أو قدمه على أحد من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله )(1) .

وهذا لا يصلح دليلاً على تشيّع المأمون؛ لأنّ معاوية قد انكشف، وظهر واقعه، فقد تسالمت على قدحه جميع الأوساط، وأنّه الخصم اللدود للإسلام، وأنّه صاحب الأحداث والموبقات.

استدلاله على إمامة الإمام علي:

ومن أهم ما استدل به القائلون على تشيّع المأمون عقده للمؤتمرات العلمية، واستدلاله ببالغ الحجة على إمامة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام وانه القائد الأول للمسيرة الإسلامية بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو أولى بمقامه، وأحق بمركزه من غيره.

ومن أروع المؤتمرات التي أقامها المأمون في بلاطه، ومن أكثرها أهمية هذا المؤتمر الذي حضره أربعون من علماء الحديث، وعلماء الكلام انتخبهم يحيى بن أكثم من بين علماء بغداد، وقد أدلوا بحججهم على ما يذهبون إليه من تفضيل الخلفاء على الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام إلاّ أنّ المأمون فنّد حججهم بأدلة حاسمة دلّت على براعته واطلاعه الواسع في البحوث الكلامية، ونحن ننقل النص الكامل لهذه المناظرة الرائعة لما لها من الأهمية البالغة، وفيما يلي ذلك:

المأمون:

ولـمّا مثل العلماء أمام المأمون، التفت إليهم بعد ترحيبه بهم، فقال لهم: (إنّي أريد أن أجعلكم بيني وبين الله تبارك وتعالى في يومي حجّة، فمن كان حاقناً(2) أو له حاجة فليقم إلى قضاء حاجته، وانبسطوا، وسلوا خفافكم، وضعوا أرديتكم).

____________________

(1) مروج الذهب 3 / 361.

(2) الحاقن: الذي يضايقه البول.

٢٣٠

ففعلوا ما أمرهم به، والتفت المأمون لهم قائلاً: (أيّها القوم إنّما استحضرتكم لأحتج بكم عند الله تعالى، فاتقوا الله وانظروا لأنفسكم، وإمامكم، ولا يمنعكم جلالتي، ومكاني من قول الحق حيث كان، ورد الباطل، على من أتى به، وأشفقوا على أنفسكم من النار، وتقرّبوا إلى الله تعالى، برضوانه، وإيثار طاعته، فما أحد تقرب إلى مخلوق بمعصية الخالق، إلاّ سلّطه الله عليه، فناظروني بجميع عقولكم.

إنّي رجل أزعم أنّ عليّاًعليه‌السلام خير البشر بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإن كنت مصيباً فصوّبوا قولي، وإن كنت مخطئاً فردّوا عليّ وهلمّوا، فإن شئتم سألتكم، وإن شئتم سألتموني...).

وليس في هذا الكلام أي التواء، أو خروج عن المنطق، وإنّما صاحبه يريد الحقيقة الناصعة.

علماء الحديث:

وسارع علماء الحديث قائلين: (بل نحن نسألك...).

وانبرى المأمون فأرشدهم إلى طريق الحوار قائلاً: (هاتوا وقلدوا كلامكم رجلاً واحداً منكم، فإذا تكلّم فإن كان عند أحدكم زيادة فليزده وإن أتى بخلل فسدّدوه...)

الدليل الأوّل:

وأدلى عالم من علماء الحديث بحجّته على أنّ أبا بكر هو خير هذه الأمة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قائلاً:

(نحن نزعم أنّ خير الناس بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أبو بكر، من قبل الرواية المجمع عليها جاءت عن الرسول (ص) قال: (اقتدوا بالذين من بعدي أبو بكر وعمر) فلما أمر نبي الرحمة بالاقتداء بهما، علمنا أنّه لم يأمر بالاقتداء إلاّ بخير الناس...).

جواب المأمون:

وناقش موضوع الحديث المنسوب إلى النبي (ص) نقاشاً موضوعياً فقال: (الروايات كثيرة، ولا بد من أن تكون كلها حقاً، أو كلها باطلاً، أو بعضها

٢٣١

حقاً، وبعضها باطلاً، فلو كانت كلها حقاً، كانت كلها باطلاً من قبل أن بعضها ينقض بعضها، ولو كانت كلها باطلاً كان في بطلانها بطلان الدين، ودرس الشريعة(1) فلمّا بطل الوجهان ثبت الثالث بالاضطرار، وهو أنّ بعضها حق، وبعضها باطل، فإذا كان كذلك فلا بد من دليل على ما يحق منها، ليعتقد، أو ينفي خلافه، فإذا كان دليل الخبر في نفسه حقاً كان أولى ما اعتقده، وأخذ به.

وروايتك هذه من الأخبار التي أدلتها باطلة في نفسها، وذلك أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أحكم الحكماء، وأولى الخلق بالصدق، وأبعد الناس من الأمر بالمحال، وحمل الناس على التدين بالخلاف، وذلك أنّ هذين الرجلين لا يخلو من أن يكونا متفقين من كل جهة كانا واحداً في العدد والصفة والصورة والجسم، وهذا معدوم أن يكون اثنان بمعنى واحد من كل جهة.

وإن كانا مختلفين فكيف يجوز الاقتداء بهما، وهذا تكليف بما لا يطاق؛ لأنّك إذا اقتديت بواحد خالفت الآخر، والدليل على اختلافهما، أنّ أبا بكر سبى أهل الردة، وردّهم عمر أحراراً، وأشار عمر بعزل خالد لقتله مالك بن نويرة فأبى أبو بكر عليه، وحرم عمر المتعتين ولم يفعل ذلك أبو بكر، ووضع عمر ديوان العطية، ولم يفعله أبو بكر، واستخلف أبو بكر ولم يفعل ذلك عمر، ولهذا نظائر كثيرة...).

وردّ المأمون وثيق للغاية، فقد زيف الحديث، وأثبت أنّه من الموضوعات، ولا نصيب له من الصحّة.

الدليل الثاني:

وانبرى عالم آخر من علماء الحديث فاستدل على أفضلية الشيخين وتقدّمهما على الإمام أمير المؤمنين بالحديث المنسوب إلى النبي (ص).

قال: (إنّ النبي (ص) قال: لو كنت متخذاً خليلا لاتخذت أبا بكر خليلاً...).

جواب المأمون:

وزيف المأمون هذا الحديث قائلاً: هذا مستحيل من قبل أنّ رواياتكم قد صرّحت أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، آخى بين أصحابه، وأخّر عليّاً

____________________

(1) أي إماتة الشريعة.

٢٣٢

عليه‌السلام ، فقال له: في ذلك فقال: وما أخرّتك إلاّ لنفسي، فأيّ الروايتين ثبتت بطلت الأخرى...).

إنّ مناقشة المأمون للحديث مناقشة موضوعية ليس فيها أي تحيّز، وإنّما كانت خاضعة للدليل الحاسم.

الدليل الثالث:

وانبرى محدّث آخر فقال: إنّ عليّاًعليه‌السلام قال على المنبر: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر...).

مناقشة المأمون:

وناقش المأمون هذا الحديث قائلاً: هذا مستحيل لأنّ النبي (ص) لو علم أنّهما أفضل ما ولى عليهما مرة عمرو بن العاص ومرة أسامة بن زيد، وممّا يكذب هذه الرواية قول علي لـمّا قبض النبي (ص): وأنا أولى بمجلسه منّي بقميصي، ولكن أشفقت أن يرجع الناس كفّاراً، وقولهعليه‌السلام : أنّى يكونان خيراً مني؟ وقد عبدت الله قبلهما، وعبدته بعدهما، وأبطل المأمون الحديث، وبين زيفه، فلم يصلح لأن يكون دليلاً للخصم.

الدليل الرابع:

وقال عالم من علماء الحديث: إنّ أبا بكر أغلق بابه وقال: هل من مستقيل فأقيله، فقالعليه‌السلام : قدّمك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فمَن ذا يؤخرك؟).

ردّ المأمون للحديث:

ورد المأمون الحديث قائلاً: هذا باطل لأنّ عليّاًعليه‌السلام قعد عن بيعة أبي بكر، ورويتم أنّه قعد عنها حتى قبضت فاطمةعليها‌السلام ، وأنّها أوصت أن تدفن ليلاً لئلاّ يشهدا جنازتها.

ووجه آخر وهو أنّ النبي (ص) لو كان استخلفه فكيف كان له أن يستقيل، وهو يقول للأنصار: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين أبا عبيدة وعمر...).

الدليل الخامس:

وقال عالم آخر: إنّ عمرو بن العاص قال: يا نبي الله مَن أحب الناس إليك

٢٣٣

من النساء؟ قال: عائشة، فقال: من الرجال؟ فقال: أبوها...).

ردّ المأمون:

ورد المأمون هذا الحديث فقال: هذا باطل لأنّكم رويتم أن النبي (ص) وضع بين يديه طائر مشوي، فقال: اللّهمّ ايتني بأحبّ خلقك إليك، فكان عليّاً، فأي رواياتكم تقبل؟).

إنّ حديث الطائر المشوي مجمع عليه، وهو يدل بوضوح على أنّ الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام أحبّ الخلق عند الله، وأقربهم إليه.

الدليل السادس:

وانبرى عالم آخر فقال: (إنّ عليّاً قال: مَن فضلني على أبي بكر وعمر جلدته حد المفتري...).

جواب المأمون:

وأجاب المأمون عن هذا الحديث المنسوب إلى الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام بقوله:

(كيف يجوز أن يقول علي: أجلد الحد على مَن لا يجب حد عليه، فيكون متعدّياً لحدود الله، عاملاً بخلاف أمره، وليس تفضيل من فضله عليهما فرية، وقد رويتم عن إمامكم أنّه قال: وليتكم ولست بخيركم، فأي الرجلين أصدق عندكم أبو بكر على نفسه، أو علي على أبي بكر، مع تناقض الحديث في نفسه، ولا بد له من أن يكون صادقاً أو كاذباً، فإن كان صادقاً فأنّى عرف ذلك بوحي؟ فالوحي منقطع أو بالتظنين فالمتظنّي متحيّر، أو بالنظر، فالنظر بحث وإن كان غير صادق، فمن المحال أن يلي أمر المسلمين، ويقوم بأحكامهم ويقيم حدودهم كذاب...).

الدليل السابع:

وقال عالم آخر: إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة).

جواب المأمون:

قال المأمون: هذا الحديث محال لأنّه لا يكون في الجنة كهل، ويروى أن (أشحمية) كانت عند النبي (ص) فقال: لا يدخل الجنة عجوز فبكت، فقال لها

٢٣٤

النبي (ص): إنّ الله تعالى يقول:( أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُباً أَتْرَاباً ) (1) فإن زعمتم أنّ أبا بكر ينشأ شاباً إذا دخل الجنة، فقد رويتم أنّ النبي (ص) قال للحسن والحسين: إنّهما سيّدا شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين وأبوهما خير منهما).

ومناقشة المأمون للحديث مناقشة منطقية غير خاضعة للأهواء والتيارات المذهبية.

الدليل الثامن:

وقال عالم آخر من علماء الحديث: (إنّ النبي (ص) قال: لو لم أكن أبعث فيكم لبعث عمر...).

جواب المأمون:

قال المأمون في تفنيد هذا الحديث: هذا محال لأنّ الله تعالى يقول:( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ) (2) ، وقال تعالى:( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ) (3) ، فهل يجوز أن يكون من لم يؤخذ ميثاقه على النبوّة مبعوثاً؟ ومن أخذ ميثاقه على النبوّة مؤخراً؟...).

إنّ مناقشة المأمون لهذه الأحاديث مبنيّة على الفكر والمنطق وليس فيها ما يشذ عنهما.

الدليل التاسع:

وانبرى عالم آخر فأدلى بحجّته قائلاً: (إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نظر إلى عمر يوم عرفة فتبسم، فقال: إنّ الله تبارك وتعالى باهى بعباده عامة، وبعمر خاصة...).

جواب المأمون:

وقال المأمون في ردّه على هذا الحديث: هذا مستحيل لأنّ الله تبارك وتعالى لم يكن ليباهي بعمر ويدع نبيه، فيكون عمر في الخاصة والنبي في العامة.

وليست هذه الروايات بأعجب من روايتكم أنّ النبي (ص) قال: دخلت الجنة

____________________

(1) سورة الواقعة: آية 35 - 37.

(2) سورة النساء: آية 163.

(3) سورة الأحزاب آية 7.

٢٣٥

فسمعت خفق نعلين فإذا بلال مولى أبي بكر سبقني إلى الجنة، فقلتم: عبد أبي بكر خير من الرسول (ص) لأنّ السابق أفضل من المسبوق...).

الدليل العاشر:

وانبرى محدّث آخر فقال: إنّ النبي (ص) قال: لو نزل العذاب ما نجا إلاّ عمر بن الخطاب...).

جواب المأمون:

قال المأمون: هذا خلاف الكتاب أيضاً؛ لأنّ الله تعالى يقول لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ) (1) فجعلتم عمر مثل الرسول (ص)!!...).

الدليل الحادي عشر:

وقال محدث آخر: لقد شهد النبي (ص) لعمر بالجنة في عشرة من الصحابة.

مناقشة المأمون:

قال المأمون: لو كان كما زعمتم لكان عمر لا يقول لحذيفة: نشدتك بالله أمن المنافقين أنا؟ فإن كان قد قال له النبي: أنت من أهل الجنة، ولم يصدقه حتى زكاه حذيفة، فصدق حذيفة، ولم يصدق النبي (ص) فهذا على غير الإسلام، وإن كان قد صدق النبي (ص) فلم سأل حذيفة؟ وهذان الخبران متناقضان في أنفسهما).

الدليل الثاني عشر:

وقال عالم آخر: قال النبي (ص): (وضعت في كفّة الميزان ووضعت أمّتي في كفة أخرى فرجحت بهم، ثم وضع مكاني أبو بكر فرجح بهم، ثم عمر فرجح بهم ثم رُفع الميزان).

جواب المأمون:

وفنّد المأمون هذا الحديث فقال: هذا محال لأنّه لا يخلو من أن يكون أجسامهما أو أعمالهما، فإن كانت الأجسام فلا يخفى على ذي روح أنّه محال؛ لأنّه لا يرجح أجسامهما بأجسام الأمة، وإن كانت أفعالهما فلم تكن بعد فكيف بما ليس؟.

والتفت المأمون إلى العلماء فقال لهم:

____________________

(1) سورة الأنفال: آية 33.

٢٣٦

(أخبروني بماذا يتفاضل الناس؟).

وانبرى بعض العلماء فقال: (يتفاضلون بالأعمال الصالحة).

وعلّق المأمون على هذا الكلام قائلاً: (أخبروني ممّن فضل صاحبه على عهد النبي (ص)، ثم إنّ المفضول عمل بعد وفاة الرسول (ص) بأكثر من عمل الفاضل على عهد النبي (ص) ثم أيلحق به؟ فإن قلتم: نعم أوجدتكم في عصرنا هذا من هو أكثر جهاداً، وحجّاً، وصوماً، وصلاة، وصدقة من أحدهم...).

فانبروا جميعاً قائلين: (صدقت لا يلحق فاضل دهرنا بفاضل عصر النبي (ص)).

فقال لهم المأمون: (انظروا فيما روت أئمتكم الذين أخذتم عنهم أديانكم في فضائل عليعليه‌السلام وقيسوا إليها ما ورد في فضائل تمام العشرة الذين شهدوا لهم بالجنة فإن كانت جزءاً من أجزاء كثيرة فالقول قولكم، وإن كانوا قد رووا في فضائل عليعليه‌السلام أكثر فخذوا عن أئمتكم ما رووا ولا تتعدّوه...).

وحار القوم في الجواب، فقد سدّ عليهم المأمون كل ثغرة يسلكون فيها للدفاع عمّا يذهبون إليه، والتفت إليهم المأمون قائلاً:

(ما لكم سكتّم؟...).

فقالوا: (قد استقصينا)، إذ لم تبق عندهم حجّة يتمسّكون بها، فقال لهم المأمون: (إنّي سائلكم، أخبروني أي الأعمال كان أفضل يوم بعث الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ...).

فقالوا جميعاً: (السبق إلى الإسلام؛ لأنّ الله تعالى يقول:( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (1) ...).

____________________

(1) سورة الواقعة: آية 10 - 11.

٢٣٧

وسارع المأمون قائلاً: (فهل علمتم أحداً أسبق من علي إلى الإسلام؟...).

وارتفعت أصواتهم قائلين: (إنّه - أي علي - سبق حدثاً لم يجر عليه حكم، وأبو بكر أسلم كهلاً قد جرى عليه الحكم - أي التكليف - وبين هاتين الحالتين فرق...).

وأجاب المأمون قائلاً: (خبروني عن إسلام علي بالهام من قبل الله تعالى أم بدعاء النبي (ص)؟ فإن قلتم: بإلهام فقد فضلتموه على النبي (ص)؛ لأنّ النبي لم يلهم بل أتاه جبرئيل عن الله تعالى داعياً، ومعرفاً، وإن قلتم بدعاء النبي (ص) فهل دعاه من قبل نفسه أو بأمر الله تعالى، فإن قلتم: من قبل نفسه فهذا خلاف ما وصف الله تعالى به نبيّه في قوله:( وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ) (1) وفي قوله تعالى:( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى ) (2) ، وإن كان من قبل الله تعالى فقد أمر الله تعالى نبيّه (ص) بدعاء علي من بين صبيان الناس وإيثاره عليهم، فدعاه ثقة به، وعلماً بتأييد الله تعالى.

وخلّة أخرى: خبروني عن الحكيم هل يجوز أن يكلّف خلقه ما لا يطيقون، فإن قلتم: نعم فقد كفرتم، وإن قلتم: لا، فكيف يجوز أن يأمر نبيه (ص) بدعاء من لا يمكنه قبول ما يؤمر به لصغره وحداثة سنّه، وضعفه عن القبول.

وعلّة أخرى هل رأيتم النبي (ص) دعا أحداً من صبيان أهله وغيرهم فيكونوا أسوة مع علي، فإن زعمتم أنّه لم يدع أحداً غيره، فهذه فضيلة لعلي على جميع صبيان الناس).

والتفت المأمون إلى العلماء فقال لهم: (أي الأعمال بعد السبق إلى الإيمان؟...).

فقالوا جميعاً: (الجهاد في سبيل الله...).

وانبرى المأمون يقيم عليهم الحجّة في تقديم الإمام علي غيره بالفضل قائلاً:

____________________

(1) سورة الواقعة: آية 10 - 11.

(2) سورة ص: آية 3 - 4.

٢٣٨

هل تجدون لأحد من العشرة في الجهاد ما لعليعليه‌السلام في جميع مواقف النبي (ص) من الأثر؟ هذه (بدر) قتل من المشركين فيها نيف وستون رجلاً، قتل علي منهم نيفاً وعشرين، وأربعون لسائر الناس...).

وانبرى عالم من علماء الحديث فقال: (كان أبو بكر مع النبي (ص) في عريشه يدبّرها).

فردّ عليه المأمون قائلاً: (لقد جئت بهذا عجيبة!! كان يدبّر دون النبي (ص) أو معه فيشركه، أو لحاجة النبي (ص) إلى رأي أبي بكر؟ أي الثلاث أحب إليك؟).

وأجاب العالم: (أعوذ بالله من أن أزعم أنّه يدبّر دون النبي (ص) أو يشركه أو بافتقار من النبي إليه).

(وردّ عليه المأمون قائلاً: فما الفضيلة في العريش؟ فإن كانت فضيلة أبي بكر بتخلّفه عن الحرب، فيجب أن يكون كل متخلّف فاضلاً أفضل من المجاهدين والله عزّ وجل يقول:( لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً ) (1) .

ووجّه المأمون خطابه إلى إسحاق بن حماد بن زيد، وهو من كبار علماء الحديث فقال له: (اقرأ سورة هل أتى).

وأخذ إسحاق في قراءة السورة فلمّا انتهى إلى قوله تعالى:( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إلى قوله:وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً ) (2) .

قال له المأمون:

____________________

(1) سورة النساء: آية 95.

٢٣٩

(فيمَن نزلت هذه الآيات؟).

(في علي...).

وانبرى المأمون قائلاً: (هل بلغك أنّ عليّاًعليه‌السلام قال حين أطعم المسكين واليتيم والأسير( إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً ) (1) على ما وصف الله تعالى في كتابه.

(لا...).

(إنّ الله تعالى عرف سريرة علي ونيّته فاظهر ذلك في كتابه تعريفا لخلقه أمره...

هل علمت أنّ الله تعالى وصف في شيء ممّا وصف في الجنة، ما في هذه السورة:( قوارير من فضة... ) .

(لا...).

(فهذه فضيلة أخرى، كيف تكون القوارير من فضة؟).

(لا أدري).

(يريد كأنّها من صفائها من فضة يرى داخلها كما يرى خارجها، وهذا مثل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (يا إسحاق رويدا شوقك بالقوارير) وعنى به نساء كأنّها القوارير رقّة، وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (ركبت فرس أبي طلحة فوجدته بحراً) أي كأنّه بحر من كثرة جريه وعدوه، وكقول الله تعالى:( وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ) (2) أي كأنّه يأتيه الموت، ولو أتاه من مكان

واحد مات.

يا إسحاق ألست ممّن يشهد أنّ العشرة في الجنة؟).

(بلى...).

(أرأيت لو أنّ رجلاً قال: ما أدري أصحيح هذا الحديث أم لا أكان عندك

____________________

(1) سورة الدهر: آية 9.

(2) سورة إبراهيم: آية 17.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453