تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ٢

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي17%

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي مؤلف:
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 453

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 453 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 258168 / تحميل: 8126
الحجم الحجم الحجم
تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال

الشيخ أبي العباس احمد النجاشي

المجلد الثاني

السيد محمّد الأبطحي

١

هذا الكتاب

طبع ونشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنينعليهما‌السلام للتراث والفكر الإسلامي

وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً

قسم اللجنة العلمية في الشبكة

٢

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال

للشيخ الجليل ابى العباس احمد بن على بن احمد بن العباس النجاشى

المجلد الثاني

المولود سنة ٣٢

تأليف السيد محمد على الموحد الابطحى الاصفهاني

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

ربنااغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا

ربنا انك رؤوف رحيم

٤

٤ - باب الحسن والحسين -٧١ - الحسن بن علي بن فضال كوفي(١)

يكنى أبا محمد(٢) بن عمرو بن أيمن مولى تيم الله(٣) .

____________________

(١) كما صرح به الكشي، البرقي، والشيخ، وغيرهم.

(٢) وكناه بذلك إبن الجهم كما يأتي في رواية الكشي، ولكن كناه إبن النديم بأبي علي.

(٣) يأتي في ترجمتي ابنيه: علي، واحمد قوله: عمر بن أيمن مولى عكرمة بن ربعي الفياض.

وعده ابن النديم في الفهرست ص ٣٢٦ من علماء الشيعة ومحدثيهم وفقهائهم وقال: أبوعلي - الحسن بن علي بن فضال التيملي ابن ربيعة ابن بكر مولى تيم الله بن ثعلبة - وكان من خاصة أصحاب أبي الحسن الرضاعليه‌السلام الخ. وعده البرقي في أصحاب ابي الحسن الرضاعليه‌السلام ومن نشأ في عصره (ص ٥٤) وقال: الحسن بن علي بن فضال الحسن بن علي مولى بني تيم الله بن ثعلبة الربعي كوفي.

وقال الشيخ في اصحاب الرضاعليه‌السلام من رجاله (ص ٣٧١) ٢ /: الحسن بن علي بن فضال مولى لتيم الرباب كوفي، ثقة، وايضا / ٣: الحسن بن علي الربعي مولى تيم الله بن تغلبة كوفي. قلت: ظاهر كلام البرقي والشيخ التعدد إلا ان كلام الشيخ في الفهرست يدل على الاتحاد.

قال بعد ذكره (ص ٤٨): وهو ابن التيملي بن ربيعة بن بكر مولى تيم الله بن تغلبة، روى عن الرضاعليه‌السلام ، وكان خصيصا به، كان جليل القدر، عظيم المنزلة، زاهدا ورعا، ثقة في الحديث وفي رواياته الخ.

٥

لم يذكره أبوعمرو الكشي في رجال أبي الحسن الاولعليه‌السلام (١)

____________________

(١) بل ظاهر البرقي أيضا أنه لم يدركه حيث ذكره في أصحاب الرضاعليه‌السلام ومن نشأ في عصره كما تقدم. ذكره الكشي في أصحاب الرضاعليه‌السلام مرتين (ص ٣١٩) و (ص ٣٤٩) كما يأتي. وذكره في أصحاب الكاظمعليه‌السلام مرتين: فقد ذكره مع جماعة من الفطحية من فقهاء أصحابنا وأجلة الفقهاء العلماء في ترجمة إبن بكير (ص ٢٢١)، وأيضا في تسمية الفقهاء من أصحاب أبي إبراهيم وأبي الحسن الرضاعليهما‌السلام (ص ٣٤٤) قائلا: أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصح من هؤلاء وتصديقهم، وأقروا لهم بالفقه، والعلم وهم ستة نفر (ثم عدهم وقال): وقال بعضهم مكان الحسن بن محبوب: الحسن بن علي بن فضال: ويأتي في الحسن بن محبوب عن الكشي (ص ٣٦١) عن نصر بن الصباح: إن إبن محبوب لم يكن يروى عن ابن فضال بل هو أقدم وأمتن.

وقد روى عن جماعة كثيرة من أجلاء أصحاب الصادقعليه‌السلام وأكابرهم منهم: عبدالله بن ميمون من أصحاب الباقر والصادقعليهما‌السلام ، كما في التهذيب ج ٢ ص ١٩٥، وعبدالله بن سنان، وإسحاق بن عمار، وأبان بن عثمان، وإبراهيم بن عيسى أبي أيوب، وثعلبة بن ميمون، وحماد النوا، وبشير بن سلمة، وداود الرقي.

٦

قال أبوعمرو(١) قال الفضل بن شاذان: كنت في قطيعة الربيع في مسجد الربيع أقرأ على مقرئ يقال له: إسماعيل بن عباد(٢) فرأيت قوما يتناجون فقال أحدهم: بالجبل رجل يقال له: إبن فضال أعبد من رأينا أو سمعنا به قال: فانه ليخرج إلى الصحراء فيسجد السجدة فيجئ الطير فيقع عليه فما يظن إلا أنه ثوب أو خرقة، وإن الوحش لترعى حوله فما تنفر منه لما قد آنست به، وإن عسكر الصعاليك ليجيؤن يريدون الغارة أو قتال قوم. فاذا رأوا شخصه طاروا في الدنيا فذهبوا.

قال أبومحمد (في حاشية نسخة) (هو الفضل بن شاذان): فظننت ان هذا رجل كان في الزمن الاول، فبينا أنا بعد ذلك بيسير قاعد في قطيعة الربيع مع أبيرحمه‌الله : إذا جاء شيخ حلو الوجه، حسن الشمائل، عليه قميص نرسي، ورداء نرسى، وفي رجله نعل مخضر، فسلم على أبي، فقام إليه، فرحب به، وبجله، فلما أن مضى يريد إبن أبي عمير قلت: من هذا الشيخ؟ فقال: هذا الحسن بن علي بن فضال: قلت: هذا ذلك العابد الفاضل؟ هو ذاك.قلت: ليس هو ذاك، ذاك بالجبل قال: هو ذاك كأن بالجبل قال: ما أغفل

____________________

(١) ذكره الكشى (ص ٣١٩) مع اختلاف يسير جدا. هكذا في حاشية نسخة (ن).

(٢) لا يبعد كونه اسماعيل بن عباد القصري من قصر بني هبيرة المذكور في اصحاب الرضاعليه‌السلام من رجال الشيخ(٣٦٨) ورجال البرقي(٥٤) وفي الكشي ترجمة علي بن يقطين (ص ٢٧٣). (*)

٧

(أقل - كش) عقلك من غلام، فأخبرته بما سمعت من القوم فيه.

قال: هو ذاك، فكان بعذ ذلك يختلف إلى أبي، ثم خرجت إليه بعد إلى الكوفة، فسمعت منه كتاب إبن بكير وغيره من الاحاديث، وكان يحمل كتابه ويجئ إلى الحجرة (حجرتي - كش) فيقرئه علي فلما حج ختن طاهر بن الحسين، وعظمه الناس لقدره، وماله، ومكانه من السلطان، وقد كان وصف له، فلم يصر إليه الحسن، فأرسل إليه: احب أن تصير إلي، فانه لايمكنني المصير إليك، فأبى وكلمه أصحابنا في ذلك، فقال: مالي ولطاهر ! ! لاأقربهم ليس بيني وبينهم عمل، فعلمت بعد هذا أن مجيئه إلي (إلى أبي خ) كان لدينه(١) .

وكان مصلاه بالكوفة في الجامع عند الاسطوانة التي يقال لها السابعة(٢) ، ويقال لها أستطوانة إبراهيمعليه‌السلام (٣) ، وكان يجتمع هو، وأبومحمد الحجال، وعلي بن أسباط، وكان الحجال يدعى الكلام، فكان من أجدل الناس، فكان إبن فضال يعزي بيني وبينه في الكلام في المعرفة، وكان يحبني حبا شديدا (يجيبني جوابا

____________________

(١) وفي الكشي: فعلمت بعدها أن مجيئه إلي وإني حدث، غلام، وهو شيخ لم يكن إلا لجودة النية الخ.

وفي الكشي: حج سد وشب ختن طاهر.

(٢) وفي الكافي ج ١ / ١٩٣ والتهذيب ج ٦ / ٣٣ في الصحيح عن إبن بزيع عن أبي اسماعيل السراج قال: قال لي معاوية بن وهب وأخذ بيدي قال: قال لي ابوحمزة، وأخذ بيدي قال: قال لي الاصبغ بن نباته وأخذ بيدي، فأراني الاسطوانة السابعة فقال: هذا مقام أمير المؤمنينعليه‌السلام الحديث.

(٣) كما في التهذيب ج ٦ / ٣٣ عن ابي عبداللهعليه‌السلام . (*)

٨

شديدا - خ)(١) وكان الحسن عمره كله فطحيا مشهورا بذلك حتى حضره الموت، فمات وقد قال بالحقرضي‌الله‌عنه .أخبرنا محمد بن محمد قال حدثنا ابوالحسن بن داود قال حدثنا أبي بن محمد بن جعفر المؤدب عن محمد بن أحمد بن يحيى عن علي بن الريات(٢) قال: كنا في جنازة الحسن فالتفت محمد بن عبدالله بن زرارة (بن اعين - خ - ن) فقلنا له: وما ذاك؟ فقال: حضرت الحسن ابن علي قبل وفاته وهو في تلك الغمرات، وعنده محمد بن الحسن

____________________

(١) إلى هنا انتهى ما ذكره الكشي في (ص ٣١٩).

(٢) قال الكشي في الموضع الثاني (ص ٣٤٩): حدثني محمد بن قولويه قال حدثنا سعد بن عبدالله القمي عن علي بن ريان عن محمد ابن عبدالله بن زرارة بن أعين قال: كنا في جنازة الحسن بن علي بن فضال، فالتفت إلى وإلى محمد بن الهيثم التميمي فقال لنا: ألا أبشر كما؟ فقلنا له: وما ذاك؟ قال: حضرت الحسن بن علي بن فضال قبل وفاته وهو في تلك الغمرات، وعنده محمد بن الحسن بن الجهم، فسمعته يقول: يا أبا محمد لتشهد، فتشهد الله، فسكت عنه، فقال الثانية: تشهد، فتشهد، فصار إلى أبي الحسنعليه‌السلام ، فقال له محمد بن الحسن: فأين عبدالله؟ فقال له الحسن بن علي: قد نظرنا في الكتب فلم نجد الله شيئا. قلت: طريق الكشي إلى محمد بن عبدالله بن زرارة صحيح.

واما طريق النجاشي ففيه إشكال، بمحمد بن جعفر بن أحمد بن بطة المؤدب، ذكره في ترجمته. (*)

٩

ابن الجهم قال: فسمعته يقول له: يا أبا محمد تشهد، فقال: فتشهد الحسن فعبر عبدالله، وصار إلى أبي الحسنعليه‌السلام ، فقال له محمد بن الحسن(١) : وأين عبدالله؟ فسكت، ثم عاد، فقال له: تشهد، فتشهد، وصار إلى أبي الحسنعليه‌السلام ، فقال له: وأين عبدالله؟ يردد ذلك (عليه - خ ن) ثلاث مرات، فقال الحسن: قد نظرنا في الكتب فما رأينا لعبد الله شيئا.

قال أبوعمرو الكشي: كان الحسن بن علي فطحيا يقول بامامة عبدالله بن جعفر فرجع(٢) .

قال ابن داود(٣) في تمام الحديث: فدخل علي بن أسباط، فأخبره محمد بن الحسن بن الجهم الخبر قال: فأقبل علي بن أسباط يلومه(٤) قال: فأخبرت أحمد بن الحسن بن علي بن فضال بقول محمد

____________________

(١) الظاهر أنه إبن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين أبومحمد الشيباني من مشايخ إبن فضال.

ولم أقف على ذكر لمحمد هذا في غير هذا الحديث وهو بظاهره يوهم كونه فطحيا، ولعله الحديث الذي ذكره أبوغالب الزراريرحمه‌الله شيخ علماء عصره وبقية آل اعين في كلامه في آل أعين قال: وكان للحسن بن الجهم جدنا سليمان ومحمد والحسين ولم يبق لمحمد والحسين ولد وقد روى محمد بن الحسن بن الجهم الحديث الخ.

(٢) ذكره الكشي بعد الحديث (ص ٣٤٩) ولكن قال: قبل أبي الحسنعليه‌السلام فرجع فيما حكي عنه في هذا الحديث انشاء الله تعالى.

(٣) هذه الزيادة في طريق النجاشي فقط.

(٤) لوم علي بن أسباط الثقة محمد بن الحسن بخبره وكذا إتهام أحمد بن الحسن الثقة محمدبن عبدالله بالتحريف نشأ من عصبهما على الفطحية، ومن كون إبن فضال مشهورا بذلك إلى قبيل وفاته، فاستنكروا رجوعه في هذا الوقت، وإلا فصدور ذلك منهما بعيد عنهما ! كيف ولم يحضراه عند وفاته وقد يرى الشاهد مالا يراه الغائب والتعصب على الباطل ربما يورث أمثاله. عصمنا الله من الزلل. وكان أحمد بن الحسن وصي محمد بن عبدالله بن زرارة كما يأتي في هذا الشرح من ترجمته.

(*)

١٠

ابن عبدالله، فقال: حرف محمد بن عبدالله على أبي.

قال(١) : وكان والله محمد بن عبدالله أصدق عندي لهجة من

____________________

(١) القائل: أبوالحسن محمد بن أحمد داود: شيخ هذه الطائفة، وعالمها، وشيخ القميين في وقته، وفقيههم الذي ذكر الحسين ابن عبيد الله: أنه لم ير أحدا أحفظ منه ولا أفقه، ولا أعرف بالحديث كما يأتي في ترجمته إن شاء الله.قلت: وهذا الكلام واضح الدلالة على وثاقة محمد بن عبدالله وعليه إعتمد المتأخرون في توثيقه.

ومحمد بن عبدالله بن زرارة هو أخو إبراهيم بن عبدالحميد الاسدي لامه كما تقدم في ترجمته ج ١ ص ٢٩٦ / ٢٦.وروى الشيخ في التهذيب ج ٩ ص ١٩٥ وفي الاستبصار ج ٤ ص ١٢٣ باسناده عن علي بن الحسن بن فضال قال: ومات محمد بن عبدالله بن زرارة فأوصى إلى أخي أحمد وخلف دارا، وكان أوصى في جميع تركته أن تباع ويحمل ثمنها إلى ابي الحسنعليه‌السلام ، فباعها فاعترض فيها إبن اخت له، وإبن عم له، فاصلحنا أمره بثلاثة دنانير، وكتب إليهعليه‌السلام أحمد بن الحسن، ودفع الشئ بحضرتي إلى أيوب بن نوح، وأخبره: أنه جميع ما خلف، وابن عم له وإبن إخته عرض (اعترض - ظ) فأصلحنا أمره بثلاثة دنانير فكتبعليه‌السلام : قد وصل ذلك، وترحم على الميت، وقرأت الجواب. روى عنه أجلاء الطائفة مثل الحسن بن محبوب من أصحاب الكاظم والرضاعليهما‌السلام ومن أصحاب الاجماع كما في الكشي ترجمة زرارة (ص ٩١) خبر ١٤، وعلي بن الحسن بن فضال، ومحمدبن الفضيل، ومحمد بن اسماعيل بن بزيع، وعلي بن اسباط، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ومحمد بن علي بن محبوب.

وروى عن أصحاب الباقر والصادق والكاظم والرضاعليهم‌السلام مثل عبدالله ميمون القداح وعبدالله بن بكير، والبزنطي وغيرهم. (*)

١١

أحمد بن الحسن(١) فانه رجل فاضل، دين. وذكره أبوعمرو(٢) في أصحاب الرضاعليه‌السلام خاصة. قال: الحسن بن علي بن فضال مولى بني تيم الله بن تغلبة كوفي.(٣)

____________________

(١) يأتي ترجمته في باب أحمد.

(٢) وتقدم أن البرقي، والشيخ في كتابيه، وإبن النديم أيضا عدوه من أصحابهعليه‌السلام بل صرح الاخير بأنه من خاصة أصحابهعليه‌السلام . وروى جماعة من الاجلة والثقات عنه عن الرضاعليه‌السلام مثل أحمد بن محمد بن عيسى، والحسين بن سعيد، وأبي جعفر، وعلي بن أسباط، ومحمد بن عبدالحميد، ومعاوية بن حكيم، وعلي بن الحسن إبنه، والبرقي وغيرهم ممن ذكرناهم في طبقات أصحابهعليه‌السلام .

(٣) قد عرفت أنه ذكره في أصحاب الكاظم والرضاعليهما‌السلام مرتين.وأما ذكره إياه في أصحاب الرضاعليه‌السلام (ص ٣١٩) و ٣٤٩ فلا يدل على كونه من أصحابه خاصة. (*)

١٢

وله كتب(١) : الزيارات، البشارات، النوادر، الرد على الغالبة، الشواهد من كتاب الله، المتعة، الناسخ والمنسوخ، الملاحم الصلاة، كتاب يرويه القمييون خاصة عن إبنه علي عن الرضاعليه‌السلام فيه نظر(٢) .

أخبرنا أبوعبدالله بن شاذان قال حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى عن أبيه قال حدثنا عبدالله بن محمد بن بنان(٣) عن الحسن بكتابه الزهد(٤) .

____________________

(١) قال إبن النديم (ص ٣٢٤): وله من الكتب: كتاب التفسير، كتاب الابتداء والمتداء، كتاب الطب.

وقال الشيخ في الفهرست(٤٨): له كتب: منها، كتاب الصلاة، كتاب الديات.وزاد إبن النديم: كتاب التفسير، كتاب الابتداء والمبتداء كتاب الطب، ذكر محمد بن الحسن بن الوليد، كتاب البشارات، كتاب الرد على الغالية الخ.

(٢) يأتي وجه النظر فيه مفصلا في ترجمته مع تحقيق في ذلك.

(٣) هكذا في النسخة المطبوعة ولكن في النسختين المصححتين المعول عليهما (بيان) بالياء التحتانية.

والصحيح ما ذكرناه، فلم اجد ذكرا الا لعبد الله بن محمد بن عيسى الملقب ببنان أخي أحمد بن محمد ابن عيسى الذي يروي عنه محمد بن يحيى. وعلى هذا ففي النسخة سقط وهو (عيسى الملقب به) فلا حظ.

(٤) في طريقه عبدالله بن محمد بن بنان على الظاهر كما تقدم ولم يصرح بتوثيق إلا أنه روى عنه الاجلة وأعاظم الحديث ولم يستثنن روايات محمد بن أحمد بن يحيى عنه، وكذا أحمد بن محمد بن يحيى فلم يصرح بتوثيق وإن استفيد من وجوه لاتخلو عن النظر ما حققناه في محله. (*)

١٣

وأخبرنا ابن شاذان عن علي بن حاتم عن أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد بن عيسى عنه بكتابه المتعة، وكتاب الرجال(١) . مات الحسن سنة أربع وعشرين ومأتين(٢) .

____________________

(١) صحيح بناء‌ا على أن مشايخ النجاشي كلهم ثقات. ويأتي في معمر بن يحيى طريق آخر للماتن إلى الحسن بن علي ابن فضال. وفي الفهرست: أخبرنا بكتبه ورواياته عدة من أصحابنا عن محمد ابن علي بن الحسين، عن محمد بن الحسن عن أبيه عن سعد بن عبدالله والحميري عن أحمد بن محمد، ومحمد بن الحسين عن الحسن بن علي ابن فضال. وأخبرنا ابن أبي عن محمد بن الحسن بن الوليد عن الصفار عن محمد بن عبدالجبار عن الحسن بن علي بن فضال. قلت: الطريق الاول صحيح بلا إشكال والثاني صحيح بناء‌ا على كون ابن أبي جيد من مشايخ النجاشي ثقة. وهذا الطريق عام لجميع كتبه ورواياته حتى روايته كتب غيره. وتقدم الكلام في الطريق العامة في ج ١ (ص ٨٣). وروى الصدوق في المشيخة رقم ٢٥٧: عن أبيه عن سعد عن احمد بن محمد بن عيسى عنه. قلت: الطريق صحيح بلا إشكال.

(٢) ونحوه في فهرست الشيخ، ولسان الميزان ج ٢ (ص ٢٢٥) قلت: وكان ذلك بعد وفاة أبي جعفر الجوادعليه‌السلام سنة(٢٢٠) بأربع سنين ولم أحضر له رواية ولا صحبته لهعليه‌السلام . ثم ان ما ذكره الماتن في وفات إبن فضال ينافيه ما يأتي منه في أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي حيث قال: ومات احمد بن محمد سنة إحدى وعشرين ومأتين بعد وفات الحسن بن علي بن فضال بثمانية أشهر.

(*)

١٤

٧٢ - الحسن بن علي بن أبي حمزة

وإسمه: سالم البطائني قال أبوعمرو الكشي فيما أخبرنا به محمد بن محمد عن جعفر بن محمد عنه(١) قال: قال محمد بن مسعود: سألت علي بن الحسن بن فضال عن الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني، فطعن عليه(٢) .

____________________

(١) قلت: هذا أحد طرق الماتن إلى أبي عمرو الكشي فلا حظ. ما يأتي في ترجمته. وذكر البرقي أن إسم أبي حمزة: سالم في أبيه علي (ص ٢٥).

(٢) ذكره الكشي في أصحاب الرضاعليه‌السلام (ص ٣٤٢) وقال بدل (فطعن عليه): فقال كذاب، ملعون، رويت عنه أحاديث كثيرة، وكتبت عنه تفسير القرآن كله من أوله إلى آخره، إلا أني لا أستحل أن أروي عنه حديثا واحدا. وحكى لي أبوالحسن حمدويه بن نصير عن بعض أشياخه انه قال: الحسن بن علي بن أبي حمزة رجل سوء قلت: ذكر الكشي أيضا حديث إبن فضال في علي بن أبي حمزة البطائني (ص ٢٥٥) قال: قال ابن مسعود: سمعت علي بن الحسن يقول: إبن أبي حمزة كذاب، ملعون، قد رويت عنه أحاديث كثيرة وكتبت الخ، فزعم جماعة وقوع التصحيف في أحد الموضعين وإستظهر بعضهم: كون الحديث في أبيه، وان التصحيف وقع في المقام. قلت: لكن هذا فرع إتحاد الواقعة، وهو غير معلوم ولعله سمع من الاب والابن معا، وروى عنهما الاحاديث، وكتب عنهما التفسير، أو كان الاحاديث والتفسير كلها عن الاب، ولكن بسماعها من الابن وعن طريقه. ويؤيده عدم ذكر النجاشي للابن كتاب التفسير وذكره للاب. والطعن في الاب بأنه كذاب ملعون لاينافي توجه الطعن إلى الابن أيضا بروايته عن أحاديثه وتفسيره. ثم انه على كل حال فلا إشكال في ورود القدح في كل منهما بأنه كذاب: أما الاب فلما تقدم وأيضا ما ذكره الكشي قبله قال: قال إبن مسعود قال ابوالحسن علي بن الحسن بن فضال: علي بن أبي حمزة كذاب متهم الخ. وأما الابن: فان صح ما ذكرنا في وجه عدم الالتزام بالتصحيف فهو، وإلا فلما ذكره الكشي. قال: في ترجمة شعيب العقر توفي(٢٧٧) وجدت بخط جبرئيل ابن أحمد عن محمد بن عبدالله بن مهران عن محمد بن علي بن الحسن ابن علي بن أبي حمزة عن أبيه قال: اخبرني شعيب الحديث. ثم قال: قال أبوعمرو: ومحمد بن عبدالله غال، والحسن بن علي بن حمزة كذاب الخ. قلت: إن في سند الحديث: محمد بن علي الصيرفى الذي روى فيه(٣٣٨): انه من الكذابين المشهورين، وأيضا علي بن أبي حمزة البطائني الذي روى فيه أنه كذاب. وعن ابن الغضائري: انه قال: الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني مولى الانصار أبومحمد واقف ابن واقف ضعيف في نفسه، وأبوه أوثق منه وقال علي بن الحسن بن فضال: إني لاستحيى من الله أن أروي عن الحسن بن علي. وحديث الرضاعليه‌السلام فيه مشهور.

١٥

وكان أبوه قائد أبي بصير يحيى بن القاسم(١) .هو الحسن بن علي بن أبي حمزة مولى الانصار كوفي(٢) ، ورأيت شيوخنارحمهم‌الله يذكرون: انه كان من وجوه الواقفة(٣) .

____________________

(١) كما ذكره الماتن في ترجمة أبيه والشيخ في أصحاب الكاظمعليه‌السلام من رجاله (ص ٣٥٣) والبرقي في أصحاب الصادقعليه‌السلام (ص ٢٥). ثم ان الموجود في النسخ: يحيى بن القاسم.ولكن في المجمع استظهر سقط كلمة (أبي) بعد (إبن) وقال: هذا لابد منه في نسب هذا الرجل الخ.قلت: يأتي تحقيق ذلك في محله ان شاء الله.

(٢) تقدم عن ابن الغضائري زيادة: البطائني مولى الانصار، أبومحمد. ويأتي في ترجمة أبيه وذكره الشيخ أيضا في ترجمة أبيه في أصحاب الصادق والكاطمعليهما‌السلام . وقال البرقي في أصحاب الصادقعليه‌السلام (ص ٢٥) مولى الانصار كوفي. ولكن في أصحاب الكاظمعليه‌السلام (ص٤٨): البطائني الانصاري البغدادي(٣) وربما يشير إلى ذلك بعض كتبه. وروى عنه جماعة ممن اتهم بالغلو والارتفاع مثل محمد بن أورمة، والحسين بن يزيد النوفلي، وأبي عبدالله الجاموراني الرازي.

نعم روى عنه من الاجلة محمد بن أبي الصهبان وغيره ومن أصحاب الاجماع البزنطي كما في التهذيب ج ٨ / ٢٦٢. (*)

١٦

له كتب -: منها كتاب الفتن وهو كتاب الملاحم، اخبرنا أبوعبدالله إبن شاذان عن علي بن أبي(١) حاتم قال حدثنا محمد بن أحمد بن ثابت قال حدثنا علي بن الحسين بن العمرو الخزاز عن الحسن به(٢) . وله كتاب فضائل القرآن، أخبرناه أحمد بن محمد بن هارون عن أحمد بن محمد بن سعيد قال حدثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب بن حمزة إبن زياد الجعفي القصباني يعرف بابن الجلا (بعرزم - خ) قال حدثنا إسماعيل بن محمد بن أبي نصر عن الحسن به(٣) . وكتاب القائم الصغير، وكتاب الدلائل، وكتاب المتعة، وكتاب الغيبة، وكتاب الصلوة، وكتاب الرجعة، وكتاب فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وكتاب الفرائض(٤) .

____________________

(١) هكذا في النسخ والظاهر زيادة كلمة (أبي) ويتضح بملاحظة الطبقة.

(٢) ضعيف بابني الخزاز وثابت المهملين في الرجال.

(٣) صحيح إن تم كون أحمد بن هارون وجميع مشايخ النجاشي ثقات، وأيضا ان محمد بن إسماعيل الزعفراني روى عن الثقات وروى الثقات عنه كما ذكره الماتن في ترجمته والا فابن الجعفي لم يصرح بتوثيق ولكن روى عن محمد بن إسماعيل الزعفراني كما يأتي في ترجمة زياد بن مروان القندي.روى عنه أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة كثيرا كما في رجال النجاشي وغيره، وتقدم ذكره في أبان بن تغلب ج ١ (ص ٢١٤).

(٤) وفي فهرست الشيخ / ٥٠ / ١٦٧: الحسن بن علي بن أبي حمزة له كتاب، اخبرنا به أحمد بن عبدون عن الانباري عن حميد عن أحمد بن ميثم عن الحسن بن علي بن أبي حمزة. وفي (ص ٥١ / ١٧٤: الحسن بن علي بن أبي حمزة، له كتاب الدلائل، وكتاب فضائل القرآن، رويناهما بالاسناد الاول عن أحمد إبن ميثم بن أبي نعيم الفضل بن دكين عنه. وأخبرنا إبن أبي جيد عن إبن الوليد عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أبي الصهبان عنه. قلت: الظاهر التكرار من الشيخرحمه‌الله لا تعدد الحسن بن علي بن أبي حمزة وهو غير عزيز من أمثاله.والاول والثاني من طرقه موثقان بحميد الواقفي الثقة على كلام في إبن عبدون شيخ النجاشي، والثالث صحيح بناء‌ا على وثاقة إبن أبي جيد وساير مشايخ النجاشي. وروى الصدوق في المشيخة رقم / ٣٧٧ عن محمد بن علي ما جيلويه (رض) عن عمه محمد بن أبي القاسم عن محمد بن علي الصيرفي عن إسماعيل بن مهران عن الحسن بن علي بن أبي حمزة. قلت: طريقه ضعيف بالصيرفي الضعيف.

(*)

١٧

٧٣ - الحسن بن أبي قتادة علي بن محمد بن عبيد بن حفص بن حميد

مولى السائب بن مالك الاشعري(١) قتل حميد يوم المختار معه(٢) .ويكنى الحسن أبا محمد، وكان

____________________

(١) يأتي ترجمة أبيه، وابن أخيه محمد بن احمد أبي قتادة وفي الموضعين: محمد بن حفص بن عبيد.

فتقدم عبيد في المقام لعله من سبق قلمه الشريف. ثم إن الحسن، وأحمد بن محمد بن عيسى من بيت جليل من الاشعريين بقم. وسيأتي الاشارة إلى نسبه في ترجمة أحمد.

(٢) كما يأتي في محمد بن احمد بن أبي قتادة. (*)

١٨

شاعرا أديبا(١) . وروى أبوقتادة عن أبي عبدالله(٢) وأبي الحسنعليهما‌السلام .

له كتاب نوادر، أخبرنا به الحسين بن عبيد الله، ومحمد، ومحمد عن الحسن بن حمزة عن محمد بن جعفر بن بطة عن احمد بن أبي عبدالله عنه به(٣) . قال احمد بن الحسين: انه وقع إليه أشعار عمرو بن معدي كرب واخبار صنعته.

٧٤ - الحسن بن محمد بن سهل النوفلي

ضعيف(٤) لكن له كتاب حسن، كثير الفوائد، جمعه وقال:

____________________

(١) ويأتي في أبيه علي بن محمد أبي قتادة القمي: وكان ثقة، وإبنه أبوالحسن بن أبي قتادة الشاعر وأحمد بن أبي قتادة أعقب. قلت: ظاهر العطف إشتراكه مع أبيه في الوثاقة. وكون الواو لغير العطف خلاف ظاهر السياق فلا حظ. والظاهر زيادة (أبي) قبل الحسن ابن أبي قتادة.

(٢) كما يأتي في ترجمته.

(٣) فيه كلام بابن بطة يأتي في ترجمته. وروى البرقي عن الحسن ابن أبي قتادة كما في الكافي ج ٢ / ٢ ومحمد بن أبي القاسم كما في الروضة ٥٨ / ٢٨

(٤) تكليف بعض المحققين (قدس الله أسرارهم) باثبات إتحاده مع الحسين بن محمد بن الفضل الهاشمي النوفلي الثقة بقرينة إتحاد من روى عنه، والكتاب، وان (الحسين) مصحف (الحسن).قلت: هو مع بعده لا شاهد قوي عليه بل بظهر ضعفه بالتأمل.

١٩

ذكر مجالس الرضاعليه‌السلام مع أهل الاديان(١) ، أخبرناه أحمد ابن عبدالواحد قال حدثنا أبوعبدالله بن أبي رافع الصيمرى قال: حدثنا الحسن بن محمد جمهور العمي عنه به(٢) .

٧٥ - الحسن بن راشد الطفاوي

ضعيف(٣) له كتاب، نوادر حسن، كثير العلم، أخبرنا أبو عبدالله بن شاذان قال حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى قال حدثنا

____________________

(١) صنف جماعة من أصحابنا كتبا في جالسه ومناظراته (ع) مع أهل الاديان: منهم عبدالعزيز بن يحيى الجلودي، والحسين بن محمد بن الفضل النوفلي الهاشمي، والحسن بن محمد بن سهل النوفلي وروى حديثه جماعة منهم: أبوالصلت الهروي، والحسن بن محمد بن سهل النوفلي الهاشمي ومن العامة: علي بن محمد بن الجهم رواه الصدوق وغيره.

(٢) صحيح بناء‌ا على وثاقة ابن عبدالواحد من مشايخه (ره).

(٣) قال في الخلاصة (ص ٢١٣): والطفاويون منسوبون إلى حبال بن منبه.ومنبه هو أعصر بن عسد بن قيس بن غيلان بن مضر إبن نزار بن معد بن عدنان، ومسكنهم البصرة وأمهم الطفاوة بنت حرم بن ريان، وولدت لحبال جريا، وسريا، وسنانا، وكان الحسن ضعيفا في الرواية. وقال إبن الغضائري: الحسن بن أسد الطفاوي، أبومحمد، يروي عن الضعفاء، ويروون عنه، وهو فاسد المذهب، وما أعرف له شيئا أصلح فيه إلا روايته كتاب علي بن إسماعيل بن شعيب إبن ميثم، وقد رواه عنه غيره. والظاهر: ان هذا الذي ذكرناه وان الناسخ أسقط الراء من اول اسم أبيه الخ. قلت: لاشاهد على الاتحاد ولا وجه لظهوره كي يصحح الالتزام بالتصحيف.(*)

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

وإن أراد البيع ولا حاكم هناك ، استقلّ به ، فإن كان فوجهان لهم ، أحدهما : جواز الاستقلال ؛ لأنّه نائب عن المالك في الحفظ ، فكذا في البيع(١) .

مسألة ٣٩٤ : لو وجد بعيراً في أيّام منى في الصحراء مقلَّداً كما يُقلَّد الهدي ، لم يجز أخذه ؛ لأنّه لا يجوز مع عدم التقليد فمعه أولى.

وقال الشافعي : يأخذه ويُعرّفه أيّام منى ، فإن خاف أن يفوته وقت النحر نحره ، والأولى عنده أن يرفع إلى الحاكم حتى يأمره بنحره(٢) .

ونقل بعضهم قولاً آخَر : إنّه لا يجوز أخذه(٣) ، كما ذهبنا إليه.

ثمّ بنوا القولين على القولين فيما إذا وجد بدنة منحورة غمس ما قُلّدت به في دمها وضرب صفحة سنامها ، هل يجوز الأكل منها؟ فإن منعنا الأكل ، منعنا الأخذ هنا ، وإن جوّزنا الأكل اعتماداً على العلامة ، فكذا التقليد علامة كون البعير هدياً ، والظاهر أنّ تخلّفه كان لضعفه عن المسير ، والأُضحية المعيّنة إذا ذُبحت في وقت النحر وقع في موقعه وإن لم يأذن صاحبها(٤) .

قال الجويني : لكن ذبح الضحيّة وإن وقع في موقعه لا يجوز الإقدام عليه من غير إذنٍ(٥) .

وجوّز بعض الشافعيّة الأخذ والنحر(٦) .

ولهذا الإشكال ذهب القفّال تفريعاً على هذا القول أنّه يجب رفع

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٦.

(٢) البيان ٧ : ٤٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨١.

(٣ - ٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨١.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٦.

٣٠١

الأمر إلى الحاكم لينحره(١) .

وهذا ليس بشي‌ءٍ ؛ لأنّ الأخذ الممنوع منه إنّما هو الأخذ للتملّك ، ولا شكّ أنّ هذا البعير لا يؤخذ للتملّك.

المطلب الثاني : في الملتقط.

مسألة ٣٩٥ : يصحّ أخذ الضالّة في موضع الجواز لكلّ بالغٍ عاقلٍ.

ولو أخذه في موضع المنع ، لم يجز ، وضمنه ، إماماً كان أو غيره ؛ لأنّه أخذ ملك غيره بغير إذنه ، ولا أذن الشارع له ، فهو كالغاصب.

وهذا الفرض في الإمام عندنا باطل ؛ لأنّه معصوم.

أمّا عند العامّة الذين لم يوجبوا عصمة إمامهم فإنّه قد يُفرض.

وكذا يُفرض عندنا في نائب الإمام.

وكذا يجوز للصبي والمجنون أخذ الضوالّ ؛ لأنّه اكتساب ، وينتزع الوليّ ذلك من يدهما ، ويتولّى التعريف عنهما سنةً ، فإن لم يأت له مالك تملّكاه وضمناه بتمليك الوليّ لهما وتضمينهما إيّاه إن رأى الغبطة في ذلك ، وإن لم يكن في تمليكهما غبطة ، أبقاها أمانةً.

مسألة ٣٩٦ : الأقرب : عدم اشتراط الحُرّيّة ، فيجوز للعبد القِنّ والمدبَّر والمكاتَب وأُمّ الولد والمعتق بعضه التقاطُ الضوالّ في موضع الجواز ؛ لأنّه اكتساب وهؤلاء من أهله وهُمْ أهلٌ للحفظ.

والأقرب : إنّه لا يشترط الإسلام ولا العدالة ، فيجوز للكافر أخذ الضالّة ، وكذا للفاسق ؛ لأنّه اكتساب وهُما من أهله.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨١.

٣٠٢

وقال الشافعي : لا يجوز لغير الإمام وغير نائبه أخذ الضوالّ للحفظ لصاحبها ، فإن أخذها غير الامام أو نائبه ليحفظها لصاحبها لزمه الضمان ؛ لأنّه لا ولاية له على صاحبها(١) .

ولأصحابه وجهٌ آخَر : إنّه يجوز أخذها لحفظها قياساً على الإمام(٢) .

واحتجّ بأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مَنَع من أخذها من غير أن يفرّق بين قاصد الحفظ وقاصد الالتقاط ، والقياس على الإمام باطل ؛ لأنّ له ولايةً ، وهذا لا ولاية له(٣) .

ونحن نقول بموجبه في موضع المنع من أخذها.

أمّا لو وجدها في موضعٍ يخاف عليها فيه ، مثل أن يجدها في أرض مسبعة يغلب على الظنّ افتراس الأسد لها إن تركها فيه ، أو وجدها قريبةً من دار الحرب يخاف عليها من أهلها ، أو في موضعٍ يستحلّ أهله أخذ أموال المسلمين ، أو في برّيّة لا ماء بها ولا مرعى ، فالأولى جواز الأخذ للحفظ ، ولا ضمان على آخذها ؛ لما فيه من إنقاذها من الهلاك ، فأشبه تخليصها من غرقٍ أو حرقٍ ، وإذا حصلت في يده سلّمها إلى بيت المال ، وبرئ من ضمانها ، وله التملّك مع الضمان ؛ لأنّ الشارع نبّه على علّة عدم التملّك لها بأنّها محفوظة ، فإذا كانت في المهلكة انتفت‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٨ : ٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٣٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٥٥ - ٥٥٦ ، البيان ٧ : ٤٦٠ - ٤٦١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٣ و ٣٥٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٥ ، المغني ٦ : ٣٩٩ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٣.

(٢) الحاوي الكبير ٨ : ٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٣٨ ، حلية العلماء ٥ : ٥٣٢ - ٥٣٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٥٦ ، البيان ٧ : ٤٦١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٥ ، المغني ٦ : ٣٩٩ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٣.

(٣) راجع : المغني ٦ : ٣٩٩ ، والشرح الكبير ٦ : ٣٥٣.

٣٠٣

العلّة.

مسألة ٣٩٧ : لو ترك دابّة بمهلكةٍ فأخذها إنسان فأطعمها وسقاها وخلّصها ، تملّكها - وبه قال الليث والحسن بن صالح وأحمد وإسحاق(١) - إلّا أن يكون تركها بنيّة العود إليها فأخذها ، أو كانت قد ضلّت منه ؛ لما رواه العامّة عن الشعبي أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « مَنْ وجد دابّةً قد عجز عنها أهلها فسيّبوها فأخذها فأحياها فهي له »(٢) .

وفي لفظٍ آخَر عن الشعبي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « مَنْ ترك دابّةً بمهلكةٍ فأحياها رجل فهي لمَنْ أحياها »(٣) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه عبد الله بن سنان - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام قال : « مَنْ أصاب مالاً أو بعيراً في فلاةٍ من الأرض قد كلّت وقامت وسيّبها صاحبها لـمّا لم تتبعه فأخذها غيره فأقام عليها وأنفق نفقةً حتى أحياها من الكلال ومن الموت فهي له ، ولا سبيل له عليها ، وإنّما هي مثل الشي‌ء المباح »(٤) .

ولأنّ القول بملكها يتضمّن إحياءها وإنقاذها من الهلاك ، وحفظاً للمال عن الضياع ، ومحافظةً على حرمة الحيوان ، وفي القول بعدم الملك‌

____________________

(١) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ١٦٠ - ١٦١ ، الحاوي الكبير ٨ : ٢٧ ، حلية العلماء ٥ : ٥٣٩ ، المغني ٦ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٤.

(٢) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٨٧ / ٣٥٢٤ ، سنن الدارقطني ٣ : ٦٨ / ٢٥٩ ، سنن البيهقي ٦ : ١٩٨ ، المغني ٦ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٤ - ٣٥٥.

(٣) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٨٨ / ٣٥٢٥ ، سنن البيهقي ٦ : ١٩٨ ، المغني ٦ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٥.

(٤) تقدّم تخريجه في ص ٢٨٦ ، الهامش (٤)

٣٠٤

تضييع ذلك كلّه من غير مصلحةٍ تحصل ، ولأنّ مالكه نبذه رغبةً عنه وعجزاً عن أخذه ، فمَلَكه آخذه ، كالمتساقط من السنبل وسائر ما ينبذه الناس رغبةً عنه وزهداً فيه.

المطلب الثالث : في الأحكام.

مسألة ٣٩٨ : يجوز للإمام ونائبه أخذ الضالّة على وجه الحفظ لصاحبه ، ثمّ يرسله في الحمى الذي حماه الإمام لخيل المجاهدين والضوالّ ؛ لأنّ للإمام نظراً في حفظ مال الغائب ، وفي أخذ هذه حفظ لها عن الهلاك ، ثمّ يُعرّفها حولاً ، فإن جاء صاحبها ، وإلّا بقيت في الحمى.

وقال أحمد : لا يلزمه تعريفها ؛ لأنّ عمر لم يكن يُعرّف الضوالّ(١) .

وفعل عمر ليس حجّةً.

وإذا عرف إنسان دابّته ، أقام البيّنة عليها وأخذها ، ولا يكفي وصفها ؛ لأنّها ظاهرة بين الناس يعرف صفاتها غير أهلها ، فلا تكون الصفة(٢) لها دليلاً على ملكه لها ، ولأنّ الضالّة قد كانت ظاهرةً للناس حين كانت في يد مالكها ، فلا يختصّ هو بمعرفة صفاتها دون غيره ، ويمكنه إقامة البيّنة عليها ؛ لظهورها للناس ومعرفة خلطائه وجيرانه بملكه إيّاها.

مسألة ٣٩٩ : الأقرب عندي : إنّه يجوز لكلّ أحدٍ أخذ الضالّة ، صغيرةً كانت أو كبيرةً ، ممتنعةً عن السباع أو غير ممتنعةٍ ، بقصد الحفظ لمالكها ، والأحاديث(٣) الواردة في النهي عن ذلك محمولة على ما إذا نوى بالالتقاط‌

____________________

(١) المغني ٦ : ٣٩٨ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٣.

(٢) في « ث ، خ ، ر » : « الصفات ».

(٣) منها : ما تقدّم تخريجه في الهامش (١) من ص ١٦٦.

٣٠٥

التملّك إمّا قبل التعريف أو بعده ، أمّا مع نيّة الاحتفاظ فالأولى الجواز ، كما أنّه لا يجوز للإمام ولا لنائبه أخذ ما لا يجوز أخذه على وجه التملّك.

مسألة ٤٠٠ : ما يحصل عند الإمام من الضوالّ فإنّه يُشهد عليها ويَسِمها بوَسْم أنّها ضالّة.

ثمّ إن كان له حمى ، تركها فيه إن رأى المصلحة في ذلك ، وإن رأى المصلحة في بيعها أو لم يكن له حمى ، باعها بعد أن يصفها ويحفظ صفاتها ، ويحفظ ثمنها لصاحبها ، فإنّ ذلك أحفظ لها ؛ لأنّ في تركها ضرراً على مالكها ؛ لإفضائه إلى أن تأكل جميع ثمنها.

وأمّا غير الإمام ونائبه إذا التقط الضالّة ولم يجد سلطاناً يُنفق عليها ، أنفق من نفسه ، ويرجع مع نيّة الرجوع.

وقيل : لا يرجع ؛ لأنّ عليه الحفظَ ، ولا يتمّ إلّا بالإنفاق(١) .

والأوّل أقرب ؛ دفعاً لتوجّه الضرر بالالتقاط.

ولا يبعد من الصواب التفصيلُ ، فإن كان قد نوى التملّك قبل التعريف أو بعده ، أنفق من ماله ، ولا رجوع ؛ لأنّه فَعَل ذلك لنفعه ، وإن نوى الحفظ دائماً ، رجع مع الإشهاد إن تمكّن ، وإلّا فمع نيّته.

ولو كان للّقطة نفعٌ كالظهر للركوب ، أو الحمل أو اللبن أو الخدمة ، قال الشيخرحمه‌الله : يكون ذلك بإزاء ما أنفق(٢) .

والأقرب : أن ينظر في قدر النفقة وقيمة المنفعة ، ويتقاصّان.

مسألة ٤٠١ : لا يضمن الضالّة بعد الحول إلّا مع قصد التملّك.

ولو قصد حفظها دائماً ، لم يضمن ، كما في لقطة الأموال ، إلّا مع‌

____________________

(١) كما في شرائع الإسلام ٣ : ٢٩٠.

(٢) النهاية : ٣٢٤.

٣٠٦

التفريط أو التعدّي.

ولو قصد التملّك ، ضمن ، فإن نوى الحفظ بعد ذلك ، لم يبرأ من الضمان ؛ لأنّه قد تعلّق الضمان بذمّته ، كما لو تعدّى في الوديعة ثمّ نوى الحفظ.

ولو قصد الحفظ ثمّ نوى التملّك ، لزمه الضمان من حين نيّة التملّك.

مسألة ٤٠٢ : لو وجد مملوكاً بالغاً أو مراهقاً ، لم يجز له أخذه ؛ لأنّه كالضالّة الممتنعة يتمكّن من دفع المؤذيات عنه.

ولو كان صغيراً ، كان له أخذه ؛ لأنّه في معرض التلف ، والمال إذا كان بهذه الحال جاز أخذه ، وهو نوع منه.

وإذا أخذ عبداً صغيراً للحفظ ، لم يدفع إلى مدّعيه إلّا بالبيّنة ، ولا تكفي الشهادة على شهود الأصل بالوصف ؛ لاحتمال الشركة في الأوصاف ، بل يجب إحضار شهود الأصل ليشهدوا بالعين ، فإن تعذّر إحضارهم لم يجب نقل العبد إلى بلدهم ولا بيعه على مَنْ يحمله ، ولو رأى الحاكم ذلك صلاحاً جاز ، ولو تلف قبل الوصول أو بعده ولم يثبت دعواه ، ضمن المدّعي قيمة العبد وأجره.

مسألة ٤٠٣ : لو ترك متاعاً في مهلكةٍ فخلّصه إنسان ، لم يملكه ؛ لأنّه لا حرمة له في نفسه ولا يخشى عليه التلف كالخشية على الحيوان ، فإنّ الحيوان يموت إذا لم يطعم ويسقى وتأكله السباع ، والمتاع يبقى إلى أن يعود مالكه إليه.

ولو كان المتروك عبداً ، لم يملكه آخذه ؛ لأنّ العبد في العادة يمكنه التخلّص إلى الأماكن التي يعيش فيها ، بخلاف البهيمة.

وله أخذ العبد والمتاع ليخلّصه لصاحبه.

وهل يستحقّ الأُجرة عن تخليص العبد أو المتاع؟ الوجه : إنّه لا يستحقّ إلّا مع الجُعْل ؛ لأنّه عمل في مال غيره بغير جُعْلٍ ، فلم يستحق شيئاً ، كالملتقط.

٣٠٧

وقال أحمد : يستحقّ الجُعْل(١) . وليس بجيّدٍ.

مسألة ٤٠٤ : ما يلقيه رُكْبان البحر فيه من السفينة خوفاً من الغرق إذا أخرجه غير مالكه ، فالأقرب : إنّه للمُخرج ، وبه قال الليث بن سعد والحسن البصري [ قال : ](٢) وما نضب عنه الماء فهو لأهله(٣) .

وقال ابن المنذر : يردّه على أربابه ، ولا جُعْل له(٤) ، وهو مقتضى قول الشافعي(٥) .

ويتخرّج على قول أحمد : إنّ لمن أنقذه أُجرة مثله(٦) .

والأقرب : ما قدّمناه ؛ لأنّه مال ألقاه أربابه فيما يتلف بتركه فيه اختياراً منهم ، فمَلَكه مَنْ أخرجه ، كالمنبوذ بنيّة الإعراض عن تملّكه.

ولو انكسرت السفينة في البحر فأُخرج بعض المتاع الذي فيها بالغوص وأخرج البحر بعض ما غرق فيها ، روى الشعيري فيه أنّ الصادقعليه‌السلام سئل عن ذلك ، فقال : « أمّا ما أخرجه البحر فهو لأهله ، الله أخرجه ، وأمّا ما أُخرج بالغوص فهو لهم وهُمْ أحقّ به »(٧) .

____________________

(١) المغني ٦ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٥.

(٢) ما بين المعقوفين أثبتناه من المغني والشرح الكبير ، وهو مقتضى ما في الإشراف على مذاهب أهل العلم.

(٣ و ٤) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ١٦١ ، المغني ٦ : ٤٠١ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٦.

(٥) كما في المغني ٦ : ٤٠١ ، والشرح الكبير ٦ : ٣٥٦.

(٦) المغني ٦ : ٤٠١ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٦.

(٧) تقدّم تخريجه في ص ٢٧٧ ، الهامش (٣)

٣٠٨

وقال الشافعي وابن المنذر : إذا انكسرت السفينة فأخرجه قوم ، يأخذ أصحاب المتاع متاعهم ، ولا شي‌ء للّذين أصابوه(١) .

وعلى قياس قول أحمد يكون لمستخرجه أُجرة المثل ؛ لأنّ ذلك وسيلة إلى تحصيله(٢) وحفظه لصاحبه وصيانته عن الغرق ، فإنّ الغوّاص إذا علم أنّه يُدفع إليه الأجر بادر إلى التخليص ، وإن علم أنّه يؤخذ منه بغير شي‌ءٍ لم يخاطر بنفسه في استخراجه(٣) .

مسألة ٤٠٥ : قد بيّنّا أنّه يجوز للإنسان أن يلتقط العبد الصغير وكذا الجارية الصغيرة ، ويُملك كلٌّ منهما بعد التعريف.

وقياس مذهب أحمد : إنّه لا يُملكان بالتعريف(٤) .

وقال الشافعي : يملك العبد دون الجارية ؛ لأنّ التملّك بالتعريف - عنده - كالقرض ، والجارية - عنده - لا تُملك بالقرض(٥) .

واستشكل بعض العامّة ذلك ؛ فإنّ الملقوط محكوم بحُرّيّته ، وإن كان ممّن يعبّر عن نفسه فأقرّ بأنّه مملوك لم يُقبل إقراره ؛ لأنّ الطفل لا قول له ، ولو اعتبر قوله في ذلك لاعتبر في تعريف سيّده(٦) .

____________________

(١) المغني ٦ : ٤٠١ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٦ - ٣٥٧.

(٢) الظاهر : « تخليصه ».

(٣) كما في المغني ٦ : ٤٠١ ، والشرح الكبير ٦ : ٣٥٧.

(٤) كما في المغني ٦ : ٤٠٢ ، والشرح الكبير ٦ : ٣٥٧.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٣٩ ، حلية العلماء ٥ : ٥٣٩ ، البيان ٧ : ٤٦٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٧ ، المغني ٦ : ٤٠٢ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٧.

(٦) المغني ٦ : ٤٠٢ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٥٧.

٣٠٩

الفصل الثالث : في اللقيط‌

وفيه مطالب :

الأوّل : الأركان.

اللقيط كلّ صبي ضائع لا كافل له ، ويُسمّى منبوذاً باعتبار أنّه يُنبذ ، أي يرمى ، ويُسمّى لقيطاً ، أي ملقوطاً ، واللقيط فعيل بمعنى مفعول ، كما يقال : دهين وخضيب وجريح وطريح ، وإنّما هو مدهون ومخضوب ومجروح ومطروح ، ويُسمّى ملقوطاً باعتبار أنّه يُلقط.

إذا عرفت هذا ، فالأركان ثلاثة :

الأوّل : الالتقاط.

وهو واجب على الكفاية ؛ لاشتماله على صيانة النفس عن الهلاك ، وفي تركه إتلاف النفس المحترمة ، وقد قال الله تعالى :( وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ ) (١) .

ولأنّ فيه إحياء النفس فكان واجباً ، كإطعام المضطرّ وإنجائه من الغرق ، وقد قال الله تعالى :( وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً ) (٢) وقال تعالى :( وَافْعَلُوا الْخَيْرَ ) (٣) .

ووجد سُنَين أبو جميلة منبوذاً فجاء به إلى عمر بن الخطّاب ، فقال :

____________________

(١) سورة المائدة : ٢.

(٢) سورة المائدة : ٣٢.

(٣) سورة الحجّ : ٧٧.

٣١٠

ما حملك على أخذ هذه النسمة؟ فقال : وجدتُها ضائعةً فأخذتُها ، فقال عريفه : إنّه رجل صالح ، فقال : كذلك؟ قال : نعم ، قال : اذهب فهو حُرٌّ ، ولك ولاؤه ، وعلينا نفقته(١) .

وهذا الخبر عندنا لا يُعوّل عليه ، والولاء عندنا لمن يتولّاه الملتقط ، فإن لم يتوال أحداً ، كان ميراثه للإمام.

وليس أخذ اللقيط واجباً على الأعيان بالإجماع وأصالة البراءة ، ولئلّا تتضادّ الأحكام ، ولأنّ الغرض الحفظ والتربية ، وذلك يحصل بأيّ واحدٍ اتّفق ، بل هو من فروض الكفايات إذا قام به البعض سقط عن الباقين ، ولو تركه الجماعة بأسرهم أثموا بأجمعهم إذا علموا به وتركوه مع إمكان أخذه.

مسألة ٤٠٦ : ويستحبّ الإشهاد على أخذه ؛ لأنّه أصون وأحفظ ، لأنّه يحتاج إلى حفظ الحُرّيّة والنسب ، ولأنّ اللّقطة يشيع أمرها بالتعريف ، ولا تعريف في اللقيط.

وللشافعيّة طريقان ، أحدهما : إنّه على وجهين أو قولين كما قدّمنا في اللّقطة ، والأصح : القطع بالوجوب ، بخلاف اللّقطة ، فإنّ الأصحّ فيها الاستحباب ؛ لأنّ اللقيط يحتاج إلى حفظ الحُرّيّة والنسب ، فجاز أن يجب الإشهاد عليه كما في النكاح(٢) .

والأصل عندنا ممنوع.

وحكى الجويني وجهاً ثالثاً هو : الفرق ، فإن كان الملتقط على ظاهر العدالة لم يكلّف الإشهاد ، وإن كان مستور العدالة كُلّف ليصير الإشهاد قرينةً‌

____________________

(١) الموطّأ ٢ : ٧٣٨ / ١٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٧.

(٢) الحاوي الكبير ٨ : ٣٧ ، الوجيز ١ : ٢٥٤ ، البيان ٨ : ٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٣.

٣١١

تغلب على الظنّ الثقة(١) .

وإذا أوجبنا الإشهاد فلو تركه لم تسقط ولاية الحضانة.

وقال الشافعي : تسقط ولاية الحضانة ، ويجوز الانتزاع(٢) .

وإذا أشهد فليشهد على الملتقط وما معه من ثيابٍ وغيرها إن كان معه شي‌ء.

الركن الثاني : اللقيط.

وقد ذكرنا أنّه كلّ صبي ضائع لا كافل له ، والتقاطه من فروض الكفايات ، فيخرج بقيد الصبي البالغ ، فإنّه مستغنٍ عن الحضانة والتعهّد ، فلا معنى لالتقاطه.

نعم ، لو وقع في معرض هلاكٍ ، أُعين ليتخلّص.

أمّا الصبي الذي بلغ سنّ التمييز فالأقرب : جواز التقاطه ؛ لحاجته إلى التعهّد والتربية ، وهو أحد قولَي الشافعيّة ، والثاني : إنّه لا يلتقط ؛ لأنّه مستقلٌّ ممتنع ، كضالّة الإبل ، فلا يتولّى أمره إلّا الحاكم(٣) .

وقولنا : « ضائع » نريد به المنبوذ ؛ لأنّ غير المنبوذ يحفظه أبوه أو جدّه لأبيه أو الوصي لأحدهما ، فإن لم يكن أحد هؤلاء ، نصب القاضي له مَنْ يراعيه ويحفظه ويتسلّمه ؛ لأنّه كان له كافل معلوم ، وهو أبوه أو جدّه أو وصيّهما ، فإذا فقد قام القاضي مقامه ، كما أنّه يقوم لحفظ مال الغائبين والمفقودين ، أمّا المنبوذ فإنّه يشبه اللّقطة ولهذا يُسمّى لقيطاً فلم يختصّ‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٩.

(٢) الوسيط ٤ : ٣٠٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٣.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٤.

٣١٢

حفظه بالقاضي.

وقولنا : « لا كافل له » نريد به مَنْ لا أب له ولا جدّ للأب ومَنْ يقوم مقامهما ، والملتَقَط ممّن هو في حضانة أحد هؤلاء لا معنى لالتقاطه.

نعم ، لو وُجد في مضيعةٍ أُخذ ليُردّ إلى حاضنه.

الركن الثالث : الملتقِط.

مسألة ٤٠٧ : يعتبر في الملتقِط التكليف والحُرّيّة والإسلام والعدالة ، فلا يصحّ التقاط الصبي ولا المجنون.

ولو كان الجنون يعتوره أدواراً ، أخذه الحاكم من عنده ، كما يأخذه لو التقطه المجنون المطبق أو الصبي.

وأمّا العبد فليس له الالتقاط ؛ لأنّ منافعه ملك سيّده ، فليس له صَرفها إلى غيره إلّا بإذنه ، ولأنّ الالتقاط تبرّعٌ والعبد ليس من أهله ؛ إذ أوقاته مشغولة بخدمة مولاه.

ولو أذن له السيّد أو علم به فأقرّه في يده ، جاز ، وكان السيّد في الحقيقة هو الملتقِط ، والعبد نائبه قد استعان به عليه في الأخذ والتربية والحضانة ، فصار كما لو التقطه سيّده وسلّمه إليه.

وإذا أذن له السيّد ، لم يكن له الرجوع في ذلك.

أمّا لو كان الطفل في موضعٍ لا ملتِقط له سوى العبد ، فإنّه يجوز له التقاطه ؛ لأنّه تخليصٌ له من الهلاك ، فجاز ، كما لو أراد التخليص من الغرق.

ولو التقط العبد مع وجود ملتقطٍ غيره ، لم يُقر في يده ، وينتزعه الحاكم ؛ لأنّه المنصوب للمصالح ، إلّا أن يرضى مولاه ويأذن بتقريره في‌

٣١٣

يده ، فيقدَّم على الحاكم.

ولا فرق بين القِنّ والمدبَّر وأُمّ الولد والمكاتَب والمحرَّر بعضه في ذلك كلّه ؛ لأنّه ليس لأحد هؤلاء التبرّعُ بماله ولا بمنافعه إلّا بإذن السيّد.

وقال الشافعي : المكاتَب إذا التقط بغير إذن السيّد انتُزع من يده ، كالقِنّ ، وإن التقط بإذن السيّد جاء فيه الخلاف في تبرّعاته بالإذن ، لكنّ الظاهر عندهم المنع ؛ لأنّ حقّ الحضانة ولاية ، وليس المكاتَب أهلاً لها(١) .

وليس بجيّدٍ ؛ لأنّ الحقّ لا يعدوهما.

وللشافعيّة وجهان في الـمُعتَق نصفه إذا التقط في يوم نفسه هل يستحقّ الكفالة؟(٢) .

مسألة ٤٠٨ : لا يجوز للكافر أن يلتقط الصبي المسلم ، سواء كان الكافر ذمّيّاً أو معاهداً أو حربيّاً ؛ لأنّه لا ولاية للكافر على المسلم ، قال الله تعالى :( وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ) (٣) ولأنّه لا يؤمن أن يفتنه عن دينه ويُعلّمه الكفر ، بل الظاهر أنّه يُربّيه على دينه وينشأ على ذلك كولده ، فإن التقطه لم يُقرّ في يده.

أمّا لو كان الطفل محكوماً بكفره ، فإنّه يجوز للكافر التقاطه ؛ لقوله تعالى :( وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ) (٤) .

وللمسلم التقاط الطفل الكافر.

مسألة ٤٠٩ : الأقرب : اعتبار العدالة في الملتقِط ، فلو التقطه الفاسق‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٥.

(٢) حلية العلماء ٥ : ٥٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٥.

(٣) سورة النساء : ١٤١.

(٤) سورة الأنفال : ٧٣.

٣١٤

لم يُقر في يده ، وينتزعه الحاكم ؛ لأنّ الفاسق غير مؤتمنٍ شرعاً ، وهو ظالم ، فلا يجوز الركون إليه ؛ لقوله تعالى :( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّارُ ) (١) ولا يؤمن أن يبيع الطفل أو يسترقّه ويدّعيه مملوكاً له بعد مدّةٍ ، ولا يؤمن سوء تربيته له ولا يوثق عليه ويخشى الفساد به ، وهو قول الشافعي(٢) أيضاً.

ويفارق اللّقطة - حيث أُقرّت في يد الفاسق عندنا وفي أحد قولَي الشافعي(٣) - من ثلاثة أوجُه :

الأوّل : إنّ في اللّقطة معنى التكسّب ، والفاسق من أهل التكسّب ، وهاهنا لا كسب ، بل هو مجرّد الولاية.

الثاني : إنّ في اللّقطة وجوب ردّها إليه لو انتزعناها منه بعد التعريف حولاً ونيّة التملّك ليتملّكها ، فلم ننتزعها منه واستظهرنا عليه في حفظها وإن كان الانتزاع أحوط ، وهنا لا يردّ اللقيط إليه ، فكان الانتزاع أحوط وأسهل.

الثالث : المقصود في اللّقطة حفظ المال ، ويمكن الاحتياط عليه بالاستظهار في التعريف ، أو بنصب الحاكم مَنْ يُعرّفها ، فيزول خوف الخيانة ، ولا يحتاج إلى أن ينتزعها الحاكم ، وهنا المقصود حفظ الحُرّيّة والنسب ، ولا سبيل إلى الاستظهار عليه ؛ لأنّه قد يدّعي رقّه في بعض البلدان وبعض الأحوال.

____________________

(١) سورة هود : ١١٣.

(٢) الحاوي الكبير ٨ : ٣٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٤٢ ، الوجيز ١ : ٢٥٤ ، الوسيط ٤ : ٣٠٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٧٠ ، البيان ٨ : ١٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٥ ، المغني ٦ : ٤١٣ ، الشرح الكبير ٦ : ٤٠٩.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٦٣ ، البيان ٧ : ٤٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٤٢ و ٣٨١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٥٥.

٣١٥

وقيل : لا يشترط العدالة ، ولا ينتزع اللقيط من يد الفاسق ؛ لإمكان حفظه في يده بالإشهاد عليه ، ويأمر الحاكم أميناً يشارفه عليه كلّ وقتٍ ويتعهّده في كلّ زمانٍ ، ويشيع أمره فيعرف أنّه [ لقيط ](١) فينحفظ بذلك من غير زوال ولايته ؛ جمعاً بين الحقّين ، كما في اللّقطة(٢) .

مسألة ٤١٠ : مَنْ ظاهر حاله الأمانة إلّا أنّه لم يختبر حاله ، لا ينتزع من يده ؛ لأنّ ظاهر المسلم العدالة ، ولم يوجد ما يعارض هذا الظاهر ، ولأنّ حكمه حكم العَدْل في لقطة المال والولاية في النكاح وأكثر الأحكام ، لكن يوكل الإمام مَنْ يراقبه من حيث لا يدري لئلّا يتأذّى ، فإذا حصلت للحاكم الثقة به صار كمعلوم العدالة.

وقبل ذلك لو أراد السفر به ، مُنع وانتُزع منه ؛ لأنّه لا يؤمن أن يسترقّه وأن يكون إظهاره العدالة لمثل هذا الغرض الفاسد ، وهو أحد قولَي الشافعي ، والثاني له : إنّه يُقرّ في يده ويسافر به ؛ لأنّه يُقرّ في يده في الحضر من غير مشرفٍ يُضمّ إليه ، فكذا في السفر ، كالعَدْل ، ولأنّ الظاهر الستر والصيانة(٣) .

فأمّا مَنْ عُرفت عدالته وظهرت أمانته فيُقرّ اللقيط في يده في سفرٍ وحضرٍ ؛ لأنّه مأمون عليه إذا كان سفره لغير النقلة ، ولها وجهان.

مسألة ٤١١ : يعتبر في الملتقِط الرشد ، فلا يصحّ التقاط المبذِّر‌

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة : « لقطة ». والمثبت كما في المصدر.

(٢) المغني ٦ : ٤١٣ - ٤١٤ ، الشرح الكبير ٦ : ٤٠٩ - ٤١٠.

(٣) الوسيط ٤ : ٣٠٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٦ ، المغني ٦ : ٤١٤ ، الشرح الكبير ٦ : ٤١١ ، وفيها القول الأوّل فقط.

٣١٦

المحجور عليه ، فلو التقط لم يُقر في يده وانتُزع منه ؛ لأنّه ليس مؤتمناً عليه شرعاً وإن كان عَدْلاً.

ولا يشترط في الملتقِط الذكورة ، فإنّ الحضانة أليق بالإناث.

ولا يشترط كونه غنيّاً ؛ إذ ليست النفقة على الملتقط.

والفقير يساوي الغني في الحضانة.

وللشافعيّة وجهٌ آخَر ، وهو : إنّه لا يُقرّ في يد الفقير ؛ لأنّه لا يتفرّغ للحضانة ؛ لاشتغاله بطلب القوت(١) .

مسألة ٤١٢ : لو ازدحم على لقيطٍ اثنان ، فإن كان ازدحامهما عليه قبل أخذه وقال كلّ واحدٍ منهما : أنا آخذه وأحضنه ، جعله الحاكم في يد مَنْ رآه منهما أو من غيرهما ؛ لأنّه لا حقّ لهما قبل الأخذ.

وإن ازدحما بعد الأخذ بأن تناولاه تناولاً واحداً دفعةً واحدة ، فإن لم يكن أحدهما أهلاً للالتقاط مُنع منه ، وسلّم اللقيط إلى الآخَر ، كما لو كان أحدهما مسلماً حُرّاً عَدْلاً والآخَر يكون كافراً أو فاسقاً أو عبداً لم يأذن له مولاه ، أو مكاتَباً كذلك ، فإنّ المسلم العَدْل الحُرّ يُقرّ في يده ، ولا يشاركه الآخَر ، ولا اعتبار بمشاركته إيّاه في الالتقاط ؛ لأنّه لو التقطه وحده لم يُقرّ في يده ، فإذا شاركه مَنْ هو من أهل الالتقاط كان أولى.

وأمّا إن كان كلّ واحدٍ منهما أهلاً للالتقاط ، فإن سبق أحدهما إلى الالتقاط ، مُنع الآخَر من مزاحمته.

ولا يثبت السبق بالوقوف على رأسه من غير أخذٍ ، وهو أظهر وجهي‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٤٣ ، الوسيط ٤ : ٣٠٤ ، البيان ٨ : ١٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٦.

٣١٧

الشافعيّة ، والثاني : إنّه يثبت(١) .

وإن لم يسبق أحدهما ، فإن اختصّ أحدهما بوصفٍ يوجب تقدّمه قُدّم ، وكان أولى من الآخَر.

وإن تساويا من كلّ وجهٍ ، فإن سلّم أحدهما لصاحبه ورضي بإسقاط حقّه جاز ؛ لأنّ الحقّ له ، فلا يُمنع من الإيثار به ، وإن تشاحّا أُقرع بينهما - وبه قال الشافعي(٢) - لقوله تعالى :( وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ ) (٣) .

ولأنّه أمر مشكل ؛ لعدم إمكان الجمع بينهما ، وعدم أولويّة أحدهما ، وكلّ مشكلٍ ففيه القرعة بالنصّ عن أهل البيتعليهم‌السلام (٤) .

ولأنّه لا يمكن أن يُخرج عن أيديهما ؛ لاشتماله على إبطال حقّهما الثابت لهما بالالتقاط ، أو يُترك في أيديهما إمّا جمعاً ، والاجتماع على الحضانة مشقٌّ أو متعذّر ، ولا يمكن أن يكون عندهما في حالةٍ واحدة ، وإمّا بالمهايأة ، وهو يشتمل على الإضرار باللقيط ؛ لما في تبدّل الأيدي من قطع الأُلفة واختلاف الأغذية والأخلاق ، أو يختصّ به أحدهما لا بالقرعة ، ولا سبيل إليه ؛ لتساويهما ، فلم يبق مخلص إلّا القرعة ، كالزوج يسافر بإحدى زوجاته بالقرعة.

____________________

(١) الوسيط ٤ : ٣٠٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٢ - ٣٨٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٦.

(٢) الحاوي الكبير ٨ : ٣٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٤٣ ، الوجيز ١ : ٢٥٤ ، الوسيط ٤ : ٣٠٥ ، حلية العلماء ٥ : ٥٥٥ ، البيان ٨ : ١٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٧.

(٣) سورة آل عمران : ٤٤.

(٤) الفقيه ٣ : ٥٢ / ١٧٤ ، التهذيب ٦ : ٢٤٠ / ٥٩٣.

٣١٨

وقال بعض الشافعيّة : يرجّح أحدهما باجتهاد القاضي ، فمَن رآه خيراً للّقيط أقرّه في يده(١) .

وهو غلط ؛ لأنّه قد يستوي الشخصان في اجتهاد القاضي ولا سبيل إلى التوقّف ، فلا بدّ من مرجوعٍ إليه ، وليس سوى القرعة.

وقال بعض الشافعيّة : يخيّر الصبي في الانضمام إلى مَنْ شاء منهما(٢) .

وهو غلط ؛ لأنّه قد لا يكون مميّزاً بحيث يفوّض إليه التخيير ، ولو كان مميّزاً فإنّه لا يخيّر ، كما يخيّر الصبي بين الأبوين عند بلوغه سنّ التمييز - عندهم(٣) - لأنّه هناك يعوّل على الميل الناشئ من الولادة ، وهذا المعنى معدوم في اللقيط.

مسألة ٤١٣ : هذا إذا تساويا في الصفات ، فإن ترجّح أحد الملتقطين بوصفٍ يوجب تخصيصه به دون الآخَر وكانا معاً ممّن يثبت لهما جواز الالتقاط ، أُقرّ في يده ، وانتُزع من يد الآخَر.

والصفات المرجّحة أربعة :

أ : الغنى ، فلو كان أحدهما غنيّاً والآخَر فقيراً ، فللشافعيّة وجهان :

أحدهما : إنّهما يتساويان - وهو قول بعض علمائنا(٤) - لأنّ الفقير أهل للالتقاط ، كالغني.

وأظهرهما عند الشافعيّة : أولويّة الغني ؛ لأنّه ربما يواسيه بمالٍ وينفعه في كثيرٍ من الأوقات ويؤاكله أحياناً ، ولأنّ الفقير قد يشتغل بطلب القوت‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٨ : ٤٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٤٣ ، حلية العلماء ٥ : ٥٥٦ ، البيان ٨ : ١٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٧.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٧.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٤.

(٤) لم نتحقّقه.

٣١٩

عن الحضانة(١) .

فإن رجّحنا الغني على الفقير وكانا معاً غنيّين إلّا أنّ أحدهما أكثر غنىً من الآخَر ، فللشافعيّة وجهان في تقديم أكثرهما مالاً(٢) .

ب : أن يكون أحدهما بلديّاً والآخَر قرويّاً ، أو كان أحدهما بلديّاً أو قرويّاً والآخَر بدويّاً ، تساويا عند بعض علمائنا(٣) ، ورجّح البلديّ على القرويّ ، والقرويّ على البدويّ ؛ لما فيه من حفظ نسبه وإمكان وصول قريبه إليه.

وللشافعيّة وجهان(٤) .

ج : مَنْ ظهرت عدالته بالاختبار يُقدّم على المستور على خلافٍ بين علمائنا.

وللشافعيّة وجهان :

أحسنهما : إنّه يقدّم احتياطاً للصبي.

والثاني : يستويان ؛ لأنّ المستور لا يسلّم ثبوت المزيّة للآخَر ويقول : لا أترك حقّي بجهلكم بحالي(٥) .

د : الحُرّ أولى من العبد والمكاتَب وإن كان التقاطه بإذن السيّد ؛ لأنّه في نفسه ناقص ، وليست يدُ المكاتَب يدَ السيّد.

مسألة ٤١٤ : لا تُقدّم المرأة على الرجل ؛ لأنّ المرأة وإن كانت

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٦.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٦.

(٣) لم نتحقّقه.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٧ - ٣٨٨ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٧ - ٤٨٨.

(٥) الوسيط ٤ : ٣٠٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٨٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٨٦.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453