تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ٢

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي17%

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي مؤلف:
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 453

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 453 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 258457 / تحميل: 8128
الحجم الحجم الحجم
تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

روى عن أصحاب أبي عبداللهعليه‌السلام (١) .

____________________

(١) فقد روى عن مثنى بن الوليد الحناط كمافي الفقيه باب أن الرجل يوصي إلى رجل بولده(٥٣٧) والاستبصار ج ٤ / ١٤٨، وغياث بن إبراهيم كما في التهذيب ج ٧ / ٤٣٠ وج ٨ / ٧ وصاج ٣ / ٢٥١ و / ٢٥٧ وسعد ان بن مسلم كما في التهذيب ج ٧ / ٣٩٩، وعثمان بن عيسى كما في التهذيب ج ٧ / ٣٧٠ وسيف بن عميرة كما في يب ج ٢ / ٦٤، وصا ج ١ / ٣٠٩، وزكريا بن محمد الازدي كما في الكافي ج ٢ / ١٦٧. وروى عن جماعة من أصحاب الكاظم والرضاعليهما‌السلام مثل محمد بن سنان كما في الاستبصار ج ٢ / ٥٤ والحسن بن علي بن فضال كما في الفهرست(٤٧). وروى عن صالح مولى علي بن يقطين كما في صا ج ٤ / ١٧٢ وعن معاذ بن ثابت كثيرا. ثم إن أكثر من ورى ان بقاح عنه غير عاصم بن حميد وسيف ابن عميرة وإبن فضال لا يخلو عن طعن، وفي أخباره ما ينفرد به مما رواه في الاداب والسنن. (*)

٤١

٨٢ - الحسن بن الحسين بن اللؤلؤى

كوفي(١) ثقة، كثير الرواية(٢) له كتاب مجموع نوادر.

____________________

(١) ولا وجه لما توهم انه متحد مع الحسن بن الحسين الطبري الذي روى في التهذيب ج ٧ / ٤٣٣ عن محمد ن علي محبوب عن أحمد إبن محمد عن أبي عبدالله عنه عن حماد بن عيسى بقرينة رواية أبي عبدالله عنه كما يأتي، إذ مثل ذلك لاتصلح قرينة على الاتحاد مع الاختلاف المذكور.

(٢) وينافي توثيقه في المقام ما يأتي في ترجمة محمد بن أحمد إبن يحيى الاشعري رقم ٩٤١ من استثناء إبن الوليد ما رواه عن جماعة فقال: أو ما ينفرد به الحسن بن الحسين اللؤلؤي. وذكرنا هناك كلام من ضعفه تبعا له، ولذلك إلتزم جماعة بالتعدد لرفع التنافي وسيأتي الكلام فيه. قلت: الظاهر انه لا تنافي وان قيل بالاتحاد ولو سلم فلا يرتفع التنافي بالالتزام بالتعدد، كما يأتي والتحقيق في المقام يستدعي البحث فيها اما الاول فان الماتنرحمه‌الله لم يضعف إبن اللؤلؤي أصلا وانما حكى هناك تضعيف الاشعري في رواياته، وايضا إستثناء ابن الوليد روايته لما انفرد به اللؤلؤي وهذا مع أنه ليس تضعيفا من إبن الوليد لابن اللؤلؤي بنفسه بل هو تضعيف برواياته لشذوذ أن نكرة في أحاديثه أو نحو ذلك بزعم القميين كما يظهر بالتأمل فيمن ضعفوه بعدم العمل بما ينفرد به فتأمل، فلا يدل على تبعية النجاشي له إلا ظهور عدم إنكارهرحمه‌الله عليه ومثل هذا كيف يؤخذ به في قبال التصريح بوثاقته في المقام. ومما يؤكد وثاقته مضافا إلى ان ماوقفناه عليه ما رواياته، قد خلت عن المناكير والشواذ وعما ينفرد به، بل كان سديد النقل: رواية جماعة فيهم أجلاء الطائفة وثقاتهم من القميين وغيرهم عنه مثل: محمد ابن عبدالجبار، ومحمد بن علي بن محبوب، وابراهيم بن هاشم وأحمد ابن محمد، وأبي عبدالله، ومحمد بن الحسن الصفار، وموسى بن القاسم والحجال وموسى بن الحسن، وأحمد بن الحسين الصقر، ومحمد بن عمران وغيرهم، وهو من رجال أسانيد كامل الزيارات(١٣٧) وروى عن أجلاء الطائفة ومنهم جعفر بن بشير البجلي الذي يأتي في ترجمته انه روى عن الثقات ورووا عنه وتقدم الكلام فيه في هذا الشرح ج ١ (ص ١١٢). تنبيه: روى في يب ج ٣ / ٢٢٧ عن سعد عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي عن الحسن بن علي بن فضال، ولذلك عد سعد فيمن روى عنه. وذلك محل نظر، وان امكن روايته عنه طبقة، اذ روى هذا الحديث بعينه قبل ذلك ص ١٦٥ هكذا: وعنه عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي عن الحسن بن علي بن فضال، وقبله مبدؤ بقوله: سعد بن عبدالله عن أبي جعفر الخ، ومعنى قوله (وعنه) ح: وروى سعد عن أبي جعفر والمراد بأبي جعفر: أحمد بن محمد بن عيسى بقرينة رواية سعد عنه عن البزنطي.وقد روى سعد بواسطة جماعة عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي مثل موسى بن جعفر بن وهب كما في صا ج ١ / ١٢٧ ويب ج ١ / ١٤١، وأحمد بن الحسين بن الصقر يب ٤ / ١٧٢ وموسى ابن الحسن: يب ج ٢ / ٢٢ وصا ج ١ / ٢٥٠ وكا ج ١ / ٧٦. روى الحسن بن الحسين بن اللؤلؤي عن جماعة من أجلاء أصحاب الكاظم والرضاعليهما‌السلام مثل صفوان بن يحيى كما في يب ج ١٠ / ٤ وج ٢ / ٢٢ و؟؟ ج ١ / ٧٦ و / ٤١٩ ويب ج ٦ / ١٤٥ و / ٣٨٠ وج ٥ / ٤٢٨، وجعفر بن بشير البجلي كما في يب ج ١ / ٢٠٤ وصا ج ١ / ١٦٧، والحسن بن محبوب في يب ج ٥ / ٢١٥ و / ٢٤٢ و / ٢٦٣ و / ٣٥٣، والحسن بن علي بن فضال يب ج ١ / ١٤١ وج ٣ / ١٦٥ و / ٢٢٧ وصا ج ١ / ١٢٧، واحمد بن الحسن الميثمي: اصول الكافي ج ١ / ٣٠٩، وزياد بن محمد بن وسوقة يب ٦ / ١١٠، ومحمد بن سنان: يب ج ٤ / ١٧٢ وج ٧ / ٢٢٢ وج ٩ / ١١٠، وكا ج ١ / ٢٤٥، ومحمد بن اسماعيل كامل الزيارات(١٣٧)،=

٤٢

____________________

=ويحيى بن عمرو اصول الكافي ج ١ / ٣١٢.المقام الثاني في تعددهما وفي رفع التنافي بالالتزام به وعدمه فنقول: ان النجاشي والشيخ قد صرحا بتعدد الحسن بن الحسين اللؤلؤي فيأتي في أحمد بن الحسن بن الحسين اللؤلؤي رقم(١٨٣) قوله: له كتاب يعرف باللؤلؤة، وليس هو الحسن بن الحسين اللؤلؤي ثم روى كتابه باسناده عن أحمد بن ابي زاهر عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي عن أحمد ابن الحسن. وذكر الشيخ نحوه في الفهرست(٢٣) إلا انه قال: ثقة وليس بابن المعروف بالحسن بن الحسين اللؤلؤي، كوفي، وله كتاب اللؤلؤة الخ.والظاهر انها رحمهما الله اعتمدا في نفي الاتحاد على أمر آخر غير الاسناد المتقدم إلى كتابه، وإلا فالاعتماد عليه لا يخلو عن نظر لا مكان رواية الحسن بن الحسين اللؤلؤي عن أبيه أحمد المصنف له. والعدول عن القول هكذا (عن أبيه) إلى ما ذكر لا يوجب القطع بالتعدد، كما ان كون أحمد صاحب كتاب يعرف باللؤلؤة لا يوجب نسبته بذلك ولعله نسب إليه لاجل أبيه المعروف باللؤلؤي. هذا على ما هو ظاهر كلاهما من إنتساب الحسن أو الحسين باللؤلؤي وأما لوكان اللؤلؤي هوجد الحسن كما هو ظاهر العنوان في المتن فالامر أوضح، بل (ح) يحتمل كون إسمه علي ويتحد مع المذكور في الفهرست(٥١) قال: الحسن بن علي اللؤلؤي له كتاب، أخبرنا به الحسين بن عبيد الله عن أحمد محمد بن يحيى عن أبيه عن محمد بن علي بن محبوب عنه وتقدم رواية محمد بن علي بن محبوب عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، والنسبة إلى الجد غير عزيزة وروى في الفهرست(١٥٣) باسناده عن حميد عن الحسن بن علي اللؤلؤي الشعيري كتاب محمد بن فضيل وكتاب محمد بن زايد الخزاز، وفي(١٦٣) عنه عن أبي محمد الحسن بن علي الشعيري اللؤلؤي كتاب موسى بن سابق. ويأتي في ترجمة موسى بن سارق رواية النجاشي باسناده عن حميد عن الحسن بن علي اللؤلؤي عنه كتابه. ثم إنه على ما تقدم من تعددهما فالظاهر من النجاشي والشيخ ان والد أحمد غير معروف فهو غير موثق وان المعروف المشهور روايته هو الثقة الذي طعن إبن الوليد فيما يتفرد به فان مورد الجميع هو المعروف وكلامهما في نفي كون أحمد إبن المعروف باللؤلؤي ليس لنفي وثاقة واحد منهما وتوثيق الاخر بل يمكن كون الحسن والد أحمد شخصا ثالثا ومن ذلك يظهر ان الالتزام بالتعدد لايفيد في رفع التنافي البدوي المتقدم في كلام النجاشي فلا حظ. (*)

٤٣

٨٣ - الحسن بن محمد بن سماعة أبومحمد الكندي الصيرفي(١)

من شيوخ الواقفة(٢)

____________________

(١) كنى الحسن بأبي محمد كما في المتن ههنا وأيضا في ترجمة أخيه جعفر كما يأتي رقم(٣٠٣) كما كني الحسن أيضا بأبي علي كما يأتي عند ذكر وفاته عن المتن وعن أصحاب الكاظمعليه‌السلام من رجال الشيخ. ولقب بالكوفي كما في فهرست الشيخ، وبالحضرمي كما يأتي في ترحمة علي بن الحسن الطاطري، وفي علي بن الحسن بن رباط، وفي ترجمة أخيه جعفر قوله: ابن محمد بن سماعة بن موسى بن رويد بن نشيط الحضرمي، مولى عبدالجبار بن وائل الحضرمي، حليف بني كنده أبوعبدالله، أخو أبي محمد الحسن وإبراهيم أبي محمد، وكان جعفر أكثر ثقة من إخواته، ثقة في حديثه واقف.قلت: ومن ذلك ظهر انه كان مولى حضرميا وأيضا حليف بني كندة، فلذلك لقب بالكندي كما في المتن في المقام ويظهر أيضا مما يأتي في جده معلى بن موسى الكندي، وفي أخيه جعفر وغير ذلك.ولقب أيضا بالصيرفي كما في المقام ويأتي في ترجمة علي بن الحسن الطاطري رقم(٦٦٦) وأحمد بن الحرث الكوفي(٢٤٦) وعلي ابن الحسن بن رباط(٦٥٨).

(٢) وذكره الشيخ في الفهرست ص ٥١ / ١٨٢ ثم قال: الكوفي واقفي المذهب إلا انه جيد التصانيف، نقي الفقه، حسن الانتقاد. وذكره في أصحاب الكاظم (ع) ٣٤٨ / ٢٤ وقال: واقفي، مات سنة ثلاث وستين ومأتين، يكنى أبا علي، له كتب ذكرناها في الفهرست. وذكره الكشي(٢٩٢) قائلا: في الحسن بن محمد بن سماعة والحسن بن سماعة بن مهران - النسخة المطبوعة) (من أصحاب أبي الحسن موسى (ع) - مجمع الرجال عن الكشي): حدثني حمدويه ذكره عن الحسن بن موسى قال: كان ابن سماعة واقفيا (واقفا - مجمع الرجال) وذكر أن محمد بن سماعة ليس من ولد سماعة بن مهران، له إبن يقال له. الحسن بن سماعة (بن مهران - النسخة المطبوعة) واقفي. (*)

٤٤

٤٥

٤٦

كثير الحديث،(١)

____________________

(١) وروى كتب جماعة كثيرة من اصحابنا واصولهم وروى عن أصحاب الصادق (ع) منهم محمد بن أبي عمرة البزاز بياع السابري ذكره الشيخ في اصحابه ص ٣٠٦ رقم(٤١١). بل روى الشيخ في الفهرست كتب جماعة من أصحاب أبي عبداللهعليه‌السلام باسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة عنهم مثل أحمد إبن الحرث، وبرد الاسكاف، وحميد بن شعيب، الحكم بن حكيم، وحمزة بن حمران، وسليمان بن صالح الجصاص، وشعيب بن أعين الحداد، وعلي بن ميمون الصائغ، وعلي بن شجرة، وعبدالملك بن عتبة الهاشمي، وعمرو بن حريث، وعمر بن اذينة، وعيسى بن اعين وعقبة بن محرز، وفضيل بن عثمان الصيرفي الاعور، وموسى بن اكيل النميري، ومنصور بن محمد الخزاعي، وهارون بن خارجية، ويحيى إبن عمران الحلبي، ويحيى بن عبدالرحمان الازرق، ويعقوب بن شعيب الميثمي، وأبي خالد القماط. وروى أيضا باسناده عن أحمد بن أبي بشر السراج من اصحاب الكاظم (ع) كتابه كما في النجاشي أيضا وروى باسناده عن الحسن بن ايوب كتابه. وروى النجاشي باسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة عن جماعة من أصحاب أبي عبدالله وأبي الحسن والرضا (ع) كتبهم مثل وهيب بن حفص الجريري، والحسين بن أبي سعيد المكاري كتاب عبدالله بن مسكان، وصفوان كتاب حكم بن حكيم الصيرفي، وكتاب الحرث إبن المغيرة النصري، وابن أبي عمير كتاب بكر بن جناح الكوفي، وعبدالله بن يحيى الخثعمي، وأحمد بن المفضل كتاب منصور بن محمد الخزاعي، وعبيس بن هشام كتاب منصور بن يونس بزرج واحمد إبن الحسن الميثمي، وعلي بن الحسن بن رباط البجلي وغيرهم.

(*)

٤٧

فقيه(١)

____________________

(١) بل عده الشيخ التهذيبين من فقهاء أصحابنا المتقدمين الذين لهم الفتيا والمذهب والرأى لا مجرد الرواية فقط. قال في التهذيب ج ٨ ص ٩٧ / ٣٢٨: قال محمد بن الحسن: الذي أعتمده في هذا الباب وافتى به ان المختلعة لابد فيها من ان تتبع بالطلاق وهو مذهب جعفر بن سماعة، والحسن بن سماعة، وعلي بن رباط، وابن حذيفة من المتقدمين ومذهب علي بن الحسين من المتأخرين فأما الباقون من فقهاء أصحابنا المتقدمين فلست أعرف لهم فتيا في العمل به ولم ينقل منهم اكثر من الروايات التي ذكرناها وامثالها الخ. وذكر نحوه في الاستبصار ج / ٣١٧ / ١١٢ بل حكم الشيخ في المقام وغيره ما استدل به الحسن بن سماعة ممايدل على فقاهته. وقال في الفهرست في ترجمته: نقي الفقه حسن الانتقاد. قلت: واخبار الحسن بن سماعة وما حكام الشيخ في التهذيبين يدل عليه ومن ذلك ما رواه عنه في رواية رفاعة في طلاق البائن قال قال ابن سماعة: ليس نأخذ بقول ابن بكير فان لرواية: اذا كان بينهما زوج. (*)

٤٨

ثقة(١) وكان يعاند في الوقف ويتعصب(٢) .

أخبرنا محمد بن جعفر المؤدب قال حدثنا أحمد بن محمد قال حدثني أبوجعفر احمد بن يحيى الاودي قال: دخلت مسجد الجامع لاصلي الظهر، فلما صليت رأيت حرب بن الحسن الطحان وجماعة من أصحابنا جلوسا فملت إليهم، فسلمت عليهم وجلست وكان فيهم الحسن ابن سماعة فذكروا أمر الحسن (الحسين خ م) بن علي (ع) وماجرى عليه ثم من بعد زيد بن علي (ع) وما جرى عليه، ومعنا رجل غريب لا نعرفه فقال: يا قوم عندنا رجل علوي بسر من رأى من أهل المدينة ما هو إلا ساحر أو كاهن فقال له إبن سماعة: بمن يعرف؟ قال:

____________________

(١) ويأتي في أخيه جعفر قول الماتن: وكان جعفر أكثر ثقة من إخوته ثقة في حديثه واقف، وفي ترجمة علي بن الحسن الطاطري الواقفي رقم(٦٦٦) قوله: وهو أستاد الحسن بن محمد بن سماعة الصيرفي الحضرمي ومنه تعلم، وكان يشركه في كثير من الرجال، ولا يروي الحسن عن علي شيئا بل منه تعلم المذهب.

(٢) فقد ذكره الشيخ في أصحاب الكاظم (ع) ص ٣٤٨ / ٢٤ وقال: واقفي، مات سنة ثلاث وستين ومأتين يكنى أبا علي له كتب ذكرناها في الفهرست. وقد أدرك أبا الحسن الرضا والجواد والهادي والعسكري كما يأتي ولم يرو عنهم شيئا، وإن روى عن أصحاب الرضا والجواد عنهماعليهما‌السلام وذلك لوقفه. ولعله لم يخرج من الكوفة في أيامهم فلم يتفق له اللقاء والسماع منهم. (*)

٤٩

علي بن محمد بن الرضا، فقال له الجماعة، وكيف تبينت ذلك منه؟ قال: كنا جلوسا معه على باب داره وهو جارنا بسر من رأى نجلس إليه في كل عشية نتحدث معه إذ مر بنا قائد من دار السلطان معه خلع ومعه جمع كثير من القواد والرجالة والشاكرية وغيرهم، فلما رء‌آه علي بن محمد وثب إليه وسلم عليه وأكرمه، فلما أن مضى قال لنا هو فرح بما هو فيه وغدا يدفن قبل الصلاة، فعجبنا من ذلك وقمنا من عنده وقلنا هذا علم الغيب فتعاهدنا ثلاثة ان لم يكن ما قال أن نقتله ونستريح منه فاني في منزلي وقد صليت الفجر إذ سمعت غلبة فقمت إلى الباب فاذا خلق كثير من الجند وغيرهم يقولون: مات فلان القائد. البارحة سكر وعبر من موضع إلى موضع فوقع واندقت عنقه فقلت: أشهد ان لا إله إلا الله وخرجت أحضره وإذ الرجل كما قال أبوالحسن ميت، فما برحت حتى دفنته ورجعت فتعجبنا من هذه الحالة وذكر الحديث بطوله. فأنكر الحسن بن سماعة ذلك لعناده فاجتمعت الجماعة الذين سمعوا هذا معه فوافقوه وجرى من بعضهم ما ليس هذا موضعا لاعادته. وله كتب(١) منها كتاب النكاح، الطلاق، الحدود، الديات

____________________

(١) وفي الفهرست: وله ثلثون كتابا. ثم ذكر جملة منها تزيد على ما في المتن كتب: كتاب الصيام، كتاب الدلائل، كتاب العبادات كتاب وفاة أبي عبدالله (ع)، ولم يذكر كتاب الجنائز، كتاب اللباس كتاب الديات، كتاب الحدود. وذكر ابن النديم في الفهرست في عداد فقهاء الشيعة ومحدثيهم وعلمائهم ص ٣٢٥ الحسن بن محمد بن سماعة وقال: وله من الكتب: كتاب القبلة، كتاب الصلاة، كتاب الصيام (*)

٥٠

القبلة، السهو، الطهور، الوقت، الشرى، البيع، الغيبة(١) ، البشارات، الحيض، الفرائض، الحج، الزهد، الجنائز، اللباس. أخبرنا أبوعبدالله بن شاذان قال: حدثنا علي بن حاتم قال: حدثنا محمد بن أحمد بن ثابت قال: رويت كتب الحسن بن محمد بن سماعة عنه(٢) . وقال لنا أحمد بن عبدالواحد قال لنا علي بن حبشي حدثنا حميد بن زياد قال سمعت من الحسن بن محمد بن سماعة الصيرفي، وكان ينزل كندة كتبه المصنفة وهي على هذا الشرح وزيادة كتاب زيارة أبي عبدالله (ع)(٣) .

____________________

(١) الظاهر ان الغيبة التي صنف فيها جماعة من الواقفة هي ما زعموها من تأويل الاخبار الواردة في الغيبة وفي القائم من آل محمدعليهم‌السلام بالامام أبي الحسن موسى (ع) كما يظهر من الشيخ أيضا في كتاب الغيبة.

(٢) ضعيف بمحمد بن أحمد بن ثابت القيسي فلم يثبت وثاقته نعم كثرت الرواية عنه في هذا الكتاب وغيره.

(٣) يحتمل اتحاد كتاب زيارته (ع) مع ما في الفهرست: كتاب وفاة أبي عبدالله (ع). ثم أن هذا الطريق موثق على إشكال بعلي بن حبشي فلم يصرح بتوثيق إلا أنه من مشايخ التلعكبري وفيه كلام أيضا بأحمد من مشايخ الماتن. وحميد واقفي ثقة كثير الرواية عن ابن سماعة. وقال الشيخ في الفهرست: أخبرنا بجميع كتبه ورواياته أحمد إبن عبدون عن أبي طالب الانباري عن حميد بن زياد النينوي عنه. وأخبرنا أحمد بن عبدون عن علي بن محمد بن الزبير عن علي بن الحسن إبن فضال عن الحسن بن محمد بن سماعة. قلت: اول الطريقين موثق بحميد على كلام في ابن عبدون من مشايخه، وثانيهما موثق ايضا بحميد الواقفي وإبن فضال الفطحي الثقتين على إشكال في إبن الزبير فلم يصرح بتوثيق إلا أنه من مشايخ التلعكبري الذي روى عنه، وفيه كلام بابن عبدون.ثم انه (ره) ذكر في مشيخة التهذيبين طريقين إلى إبن سماعة أحمدهما مثل أول الطريقين في الفهرست، وثانيهما عن مشايخه المفيد والحسين بن عبدالله وأحمد بن عبدون كلهم عن الحسين بن على عن سفيان البزوفري عن حميد عنه. وهذا الطريق موثق بحميد بلا إشكال. (*)

٥١

وقال حميد: توفي أبوعلي(١) ليلة الخميس لخمس خلون من جمادي الاولى سنة ثلاث وستين وماتين بالكوفة، وصلى عليه إبراهيم ابن محمد العلوي، ودفن في جعفي(٢) .

____________________

(١) تقدم الكلام في كنيته.

(٢) وفي الفهرست: ومات ابن سماعة الخ مثله ولم يذكر " بالكوفة " وتقدم نحوه عنه في أصحاب الكاظم (ع). قلت: وفي هذه السنة مات محمد بن بكر بن جناح كما يأتي في ترجمته رقم(٩٣٦) قال: وقال حميد: مات سنة ثلاث وستين ومأتين وصلى عليه الحسن ابن سماعة. ثم ان إبن سماعة على ماسمعت بقي بعد وفاة أبي الحسن الهاديعليه‌السلام ، إذ كان وفاته (ع) على الاصح سنة الرابع وخمسين بعد المأتين، وأدرك أيام العسكري (ع) وبقي بعد وفاته: سنة ستين بعد المأتين إلى ثلاث سنين ولم أقف على رواية له عنهمعليهم‌السلام ، ولعله لم يخرج من الكوفة فلم يتفق له لقاء ولا صحبة ولا رواية مع أنه واقفي هنا أمور ينبغي التنبيه عليها. أحدها ان صريح النجاشي تعدد سماعة قال في جعفر بن محمد بن سماعة(٣٠٣): ابن سماعة بن موسى بن رويد بن نشيط الحضرمى مولى عبدالجبار بن وايل الحضرمي حليف بني كندة أبوعبدالله، أخو أبي محمد الحسن، وإبراهيم أبي محمد الخ. وفي محمد(٨٩٢): محمد بن سماعة بن موسى بن رويد بن نشيط الحضرمي مولى عبدالجبار بن وايل بن حجر أبوعبدالله: والد الحسن، وإبراهيم، وجعفر، وجده معلى بن الحسن وكان ثقة في أصحابنا وجها.وقال في(١١١٨) معلى بن موسى الكندي كوفي ثقة عين هو جد الحسن بن محمد بن سماعة وإبراهيم أخوه الخ. وقال في(٥١٥) سماعة بن مهران بن عبد الرحمان الحضرمي مولى عبد بن وايل بن حجر الحضرمي يكنا أبا ناشرة وقيل أبا محمد كان يتجر في القز ويخرج به إلى حران، ونزل الكوفة في كندة روى عن أبي عبدالله وأبي الحسنعليهما‌السلام ، ومات بالمدينة وله بالكوفة مسجد بحضر موت وهو مسجد زرعة بن محمد الحضرمي بعده الخ. قلت: وبالتأمل فيما ذكره لا مجال لدعوى إتحاد سماعة بن مهران مع سماعة بن موسى لبعض القرائن المتقدمة، وذلك لاختلاف الوالد والجد، نعم كلاهما كنديان، حضر ميان، مولييان لبني وايل. وكون مهران بن عبدالرحمان إبنا لموسى بن رويد حتى يلزم كون نسبة سماعة إلى موسى نسبة الابن إلى الجد خلاف الظاهر.ثانيهما ان لسماعة بن موسى إبنا يسمى بمحمد كما استقل بترجمة، ولسماعة بن مهران أيضا إبن يسمى بمحمد، قد كني به كما كني بأبي ناشرة.فما تقدم عن الكشي عن الحسن بن موسى: ان محمد بن سماعة ليس من ولد سماعة بن مهران.لا يدل على نفي إبن لسماعة بن مهران يسمى بمحمد، بل المراد: نفي إنتساب محمد بن سماعة المعروف إلى مهران وإلا فكلامه محجوج بما في التهذيب ج ٥ باب نزول المزدلفة(١٨٨ / ٤) باسناده عن البزنطي عن محمد بن سماعة ابن مهران عن أبي عبداللهعليه‌السلام . ثالثا ان صريح النجاشي في المقام، وفى أخيه جعفر، وفي أبيه محمد كون جد الحسن: سماعة بن موسى، لكن خالفه قوله في معلى إبن موسى: هو جد الحسن بن محمد بن سماعة. ويمكن الالتزام بتعدد إسم جده، أو بأن أحدهما إسمه والاخر لقبه، أو بأن أحدهما جده من الاب والاخر جده من الام والجميع خلاف ظاهر السياق فلا حظ.

رابعها ان الحسن بن محمد بن سماعة بن موسى واقفي بالاتفاق والحسن بن سماعة بن مهران واقفي بقول الحسن بن موسى كما تقدم. نعم الظاهر ان الثاني هو الحسن بن محمد بن سماعة بن مهران لما تقدم عن التهذيب ونسبة الحسن. إلى جده سماعة غير بعيدة إلا أنه لم أقف فيما أحضره على رواية لحسن بن سماعة بن مهران.

٥٢

٨٤ - الحسن بن موسى الخشاب

من وجوه أصحابنا مشهور كثير العلم والحديث(١) له مصنفات:

____________________

(١) ذكره الشيخ في الفهرست ٤٩ / ١٦٠ وفي رجاله في أصحاب العسكري (ع)(٤٣٠) وفى باب من لم يرو عنهم (ع)(٤٦٢) وقال: روى عنه الصفار، الكشي في ترجمة جعفر بن محمد بن حكيم(٣٣٨): سمعت حمدويه بن نصير يقول.كنت عند الحسن بن موسى أكتب عنه أحاديث جعفر بن محمد بن حكيم إذ لقيني رجل من أهل الكوفة سماه لي حمدويه، وفي يدي كتاب فيه أحاديث جعفر بن محمد بن حكيم فقال: هذا كتاب من؟ فقلت: كتاب الحسن بن موسى عن جعفر بن محمد إبن حكيم. فقال: أما الحسن فقل فيه ما شئت، واما جعفر بن محمد إبن حكيم فليس بشئ. روى إبن قولويه في كامل الزيارات باب الصلاة في مسجد السهلة(٢٩) عن عمران بن موسى عنه عن علي بن حسان، وأيضا علي بن إبراهيم عن أبيه عنه في تفسيره وتقدم الكلام في رواة هذين الكتابين. وروى عن الحسن بن موسى جماعة من الاجلاء الثقات ممن يوثق برواياتهم بل وبمن رووا هؤلاء عنه مثل الصفار، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب المسكون إلى روايته، ومحمد بن أحمد بن يحيى فلم يستثن روايته عنه، وسعد بن عبدالله، وأحمد بن محمد بن عيسى ونظرائهم. وقد أخذ عنه حمدويه بن نصير الذي قال الشيخ في رجاله(٤٦٣): عديم النظير في زمانه كثير العلم والرواية ثقة حسن المذهب، وقد سمع منه أعيان الطائفة الحديث وكتب الاصحاب وأصولهم ومصنفاتهم وكان كثير العلم بأحوال الرواة وما ورد فيهم من المدح او للذم كما يظهر من الكشي وغيره. (*)

٥٣

٥٤

منها كتاب الرد على الواقفة، كتاب النوادر وقيل: ان له كتاب الحج وكتاب الانبياء.أخبرنا محمد بن علي القزويني قال حدثنا أحمد إبن محمد بن يحيى قال حدثنا أبي قال حدثنا عمران عن موسى الاشعري

٥٥

عن الحسن بن موسى(١) .

٨٥ - الحسين بن عبيد الله السعدي أبوعبدالله إبن عبيد الله بن سهل

ممن طعن عليه ورمي بالغلو(٢) ،

____________________

(١) فيه محمد القزويني فلم يوثق إلا انه من مشايخه، وكذا أحمد إبن محمد بن يحيى الا أنه روى عنه المشايخ والاجلة لا وفي الفهرست: له كتاب أخبرنا به عدة من أصحابنا عن أبي المفضل عن إبن بطة عن محمد بن الحسن الصفار عن الحسن بن موسى. قلت: طريقه ضعيف بأبي المفضل وبابن بطة.ولكن إليه في التهذيبين طرق متفرقة صحاح. وروى عنه في كتاب الغيبة في إبطال مذهب الواقفة.

وقد روى الكشي عنه كثيرا في أحوال الرواة ولعله كان له كتاب في الرجال وفيما ورد فيهم.

(٢) ذكره الشيخ في الفهرست(٥٧)، وفي رجاله باب من لم يرو عنهمعليهم‌السلام (٤٧١) وقال: روى عنه إبن حاتم. قلت: في قوله: (روى عنه إبن حاتم) إيماء إلى ضعف الحسين هذا، فقد ضعف النجاشي علي بن حاتم بمن روى عنه قال في ترجمته(٦٧٨): ثقة من أصحابنا في نفسه يروى عن الضعفاء.ويأتي في ترجمة الحسين بن أبي عثمان سجادة(١٣٩) روايته كتابه باسناده عن أحمد بن إدريس قال حدثنا الحسين بن عبيد الله بن سهل في حال إستقامته عن الحسن بن علي بن أبي عثمان سجادة.وفي الخلاصة(٢١٦) وقال الكشي: الحسين بن عبيد الله المحرر ذكره أبوعلي أحمد بن علي السكوني شقران قرابة الحسن بن خرزاذ، وختنه علىأخته، ان الحسين بن عبيد الله القمي أخرج من قم في وقت كانوا يخرجون من إتهموه بالغلو. (*)

٥٦

له كتب صحيحة الحديث(١) : منها التوحيد، المؤمن والمسلم، المقت والتوبيخ، الامامة، النوادر، المزار، المتعة. أخبرنا أبوعبدالله بن شاذان قال حدثنا علي بن حاتم قال حدثنا أحمد بن علي الفائدي (القائدي خ) عن الحسين كتابه المتعة خاصة(٢)

____________________

(١) كونها صحيحة الحديث إما لاجل مطابقتها للاصول الصحيحة المشهورة، وكونه في نفسه ومذهبه مطعونا لا في حديثه، أو لعدم ثبوت المشهورة، وكونه في نفسه ومذهبه مطعونا لا في حديثه، أو لعدم ثبوت الغلو أصلا لخلو كتبه عما يشعر بالغلو، أو لان الكتب قد صنفها في حال إستقامته كما في كلام احمد بن إدريس. روى الحسين بن عبيد الله السعدي عن الحسن بن علي سجادة من أصحاب الامامين الجواد والهاديعليهما‌السلام ، وروى عنه علي بن حاتم من مشايخ التلعكبري، وأيضا أحمد بن إدريس القمي المتوفى سنة(٣٠٦)، ومحمد بن يحيى العطار من مشايخ الكليني، وأحمد بن علي الفائدي من مشايخ علي بن حاتم.

(٢) رواة الطريق قزوينيون وهو صحيح بناء‌ا على وثاقة إبن شاذان شيخ النجاشي.وفي الفهرست: له كتاب المتعة، أخبرنا به أحمد بن عبدون عن الحسين بن علي بن شيبان القزويني عن علي بن حاتم عنه. قلت: يمكن سقوط الواسطة بين ابن حاتم وبين الحسين في طريق الفهرست، وذلك بقرينة طريق الماتن فلا حظ. ثم ان الحسين بن علي ابن شيبان لم يصرح بتوثيق إلا انه ربما يستفاد من النجاشي والكشي نوع إعتماد عليه كما يأتي في ترجمة حماد بن عيسى. (*)

٥٧

وأخبرنا محمد بن علي بن شاذان قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى قال: حدثنا أبي قال حدثنا الحسين بن عبيد الله بكتبه(١) وهي: الايمان وصفة المؤمن، الايمان لا يثبت إلا بالعمل، الايمان يزيد وينقص، فضل الايمان، دعائم الايمان، شعب الايمان، نفي الايمان طعم الايمان، حقيقة الايمان، أصناف الايمان، أقسام الايمان، المرأة حلاوة الايمان، ما جاء ان الايمان حسن الخلق، ما جاء في زين الايمان، الحسد يأكل الايمان، من تعصب خلع ربقة الايمان من عنقه، أعجب الخلق إيمانا، أدنى الايمان، تحديد الايمان، الايمان وما يثبت منه في القلب. لا يدخل النار عبد في قلبه حبة من خردل من الايمان، فيمن أعير الايمان، لا يزني الزاني وهو مؤمن، إسرار الايمان وإظهار الشرك، الايمان يشارك الاسلام والاسلام لا يشارك الايمان، من كان مؤمنا فعمل خيرا ثم كفر ثم مات بعد كفره، إثبات الايمان وإثبات الكفر، لا إيمان لمن لا تقية له، ما جاء في المؤمن، ما يحلق الله الاطفال بايمان آبائهم نوادر الايمان، إدخال السرور على المؤمن، زيارة المؤمن، المؤمن أخ المؤمن، حب المؤمن، كرامة المؤمن، ثواب من أعان المؤمن ونصره، حرمة المؤمن، من قضى حاجة إمرء مومن، مواساة المؤمن، من نفس عن مؤمن كربة، من أقرض مؤمنا، من أطعم مؤمنا وسقاه، من كسا مؤمنا، من عاد مؤمنا في مرضه، موت المؤمن، قضاء دين المؤمن، ما جاء في الايمان والاسلام ما جاء في الاسلام، ان الصبغة هي الاسلام، من إصطفى الاسلام، إرتضى الله الاسلام دينا، ما إختار الله الاسلام دينا، كمال الاسلام دعائم الاسلام، عرى الاسلام، بناء الاسلام، بدأ الاسلام غريبا

____________________

(١) كالصحيح بابن شاذان على إشكال بأحمد بن محمد بن يحيى العطار. (*)

٥٨

وسيعود غريبا، أدنى الاسلام، من رغب من الاسلام وإرتد عنه، فرع الاسلام وأصله وذروته وسنامه، سهام الاسلام، فضل الاسلام فيمن يعار الاسلام، حرمة الاسلام، نوادر الاسلام، يقين المرء المسلم عماد دين الاسلام، في حسن الاسلام، ما يجب على المسلم ألا يقيم في دار الشرك، ما جاء في ان المسلمين هم المسلمون، معرفة المرء المسلم فيمن رغب عن الاسلام، أيؤخذ الرجل بما كان عمل في الجاهلية، أشرفكم في الاسلام، ان الارض لم تكن قط إلا وفيها مسلم يعبد الله عزو جل، الصبي يختار النصرانية وأحد أبويه مسلم، في أطفال المسلمين، في حبس حق إمرء مسلم، في مصافحة المسلم، في زيارة المسلم في إدخال السرور على المسلم، فيمن نفس عن المسلم كربة، فيمن أطعم مسلما، في مشي المسلم لاخيه المسلم، حق المسلم على المسلم، المسلم أخو المسلم، في حب المسلم، حرمة المسلم، من عاد مسلما في مرضه، في قضاء دين المسلم ثواب من أقرض مسلما، في موت المسلم. هذه أبواب الكتاب نقلته من خط أبي العباس أحمد بن علي ابن نوح.

٨٦ - الحسن بن خرزاد

قمي(١) كثير الحديث، له كتاب أسماء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكتاب

____________________

(١) ذكره الشيخ في أصحاب الهادي(٤١٣ / ٣٠) وقال: قمي. وفي باب من لم يرو عنهم (ع)(٤٣٦) وقال: من أهل كش. وقال أبوعمرو الكشي في الحسين بن عبيد الله المحرر: قال أبوعمرو ذكره أبوعلي أحمد بن علي السكوني شقران قرابة الحسن بن خرزاد وختنه علىأخته أن الحسين بن عبيد الله القمي اخرج من قم في وقت كانوا يخرجون منها من إتهموه بالغلو. (*)

٥٩

المتعة.وقيل: أنه غلا في آخر عمره(١) أخبرنا محمد بن محمد قال حدثنا جعفر بن محمد قال حدثنا محمد بن الوارث السمرقندي قال حدثنا أبوعلي بن الحسن بن علي القمي قال حدثنا الحسن بن خرزاد بكتابه(٢)

٨٧ - الحسين بن إشكيب

شيخ لنا(٣) ،

____________________

(١) ولعله لذلك لم يروعنه أحمد بن محمدبن عيسى كما يأتي في ترجمته عن ابن نوح(١٩٦) وأيضا عن الكشي(٣١٨) وقد روى عنه كتابه الحسن بن علي القمي الظاهر انه سجادة الغالي كما في المتن الا أنه ينافي ذلك عدم إستثناء القميين رواية محمد بن أحمد بن يحيى عنه كما في التهذيب ج ١ / في تلقين المحتضرين / ٣٤٢ / ٦٩، الا أن تكون له حالة إستقامة قبل غلوه فلا حظ.

(٢) ضعيف: تارة بالحسن بن علي القمي الظاهر أنه الملقب سجادة الغالي. وأخرى بمحمد بن الوارث السمرقندي المهمل الا ان تكون رواية إبن قولويه عنه مشعرة بحسن حاله، كما تأتي أيضا في الحسين إبن اشكيب.

(٣) في كونه شيخا لعلمائنا الامامية إشارة إلى جلالته. وكناه محمد بن مسعود العياشي بأبي عبد الله كما في الكشي ترجمة علي بن يقطين (٢٧٣). (*)

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

ذلك فيما يرويه المؤرخون أن معاوية أراد عزله عن الكوفة فبلغه ذلك ، فرأى أن يسافر الى دمشق ويبادر بتقديم استقالته عن منصبه حتى لا تكون عليه حزازة ، وليرى الناس أنه كاره للإمارة والحكم ، ولما وصل الى دمشق عنّ له أن يلتقي بيزيد قبل التقائه بمعاوية فيحبذ له الخلافة من بعد أبيه ليتخذ من اغرائه وسيلة الى اقراره فى الحكم ، كما أدلى بذلك لأصحابه ولما التقى بيزيد قال له :

« إنه قد ذهب أعيان أصحاب محمد (ص) وكبراء قريش وذوو أسنانهم ، وإنما بقي أبناؤهم وأنت من أفضلهم ، وأحسنهم رأيا ، وأعلمهم بالسنة والسياسة ، ولا أدري ما يمنع أمير المؤمنين أن يعقد لك البيعة؟. »

ولما سمع ذلك يزيد الطائش المغرور طار لبه فرحا وسرورا فانبرى إليه قائلا :

« أو ترى ذلك يتم؟ »

« نعم ».

ومضى يزيد مستعجلا الى أبيه فأخبره بمقالة المغيرة ، فارتاح معاوية بذلك وبعث بالوقت خلفه فعرض عليه مقالته ليزيد فأجابه بصدور ذلك منه ثم انبرى إليه يحفزه على تحقيق هذه الفكرة قائلا له مقال المنافق الذي لا يعرف الخير ولا يفكر به :

« يا أمير المؤمنين ، قد رأيت ما كان من سفك الدماء والاختلاف بعد عثمان. وفي يزيد منك خلف فاعقد له ، فان حدث بك حدث كان كهفا للناس وخلفا منك ، ولا تسفك دماء ، ولا تكون فتنة!! »

وأصابت هذه الكلمات الهدف المقصود لمعاوية فقال له مخادعا ومستشيرا :

« ومن لي بهذا؟ »

٤٢١

« أكفيك أهل الكوفة ، ويكفيك زياد أهل البصرة ، وليس بعد هذين المصرين أحد يخالفك. »

فاستحسن معاوية رأيه ، وأجازه على ذلك فأقره فى عمله ، ثم أمره بالخروج الى الكوفة ليعمل على تحقيق ذلك ، ولما انصرف عنه اجتمع بقومه فبادروه بالسؤال عن مصيره فأجابهم بما جلبه من البلاء والفتن لعموم المسلمين من أجل غايته قائلا :

« لقد وضعت رجل معاوية فى غرز بعيد الغاية على أمة محمد (ص) وفتقت عليهم فتقا لا يرتق أبدا » وتمثل :

بمثلي شاهد النجوى وغالى

بي الأعداء والخصم الغضابا

وسار المغيرة حتى انتهى الى الكوفة ، ففاوض بمهمته جماعة ممن عرفهم بالولاء والإخلاص للبيت الأموي فأجابوه الى ما أراد فأوفد منهم عشرة الى معاوية بعد أن أرشاهم بثلاثين ألف درهم ، وجعل عليهم عميدا ولده موسى ، فلما انتهوا الى معاوية حبذوا له الأمر ودعوه الى انجازه فشكرهم معاوية ، وأوصاهم بكتمان الأمر ، ثم التفت الى ابن المغيرة فساره قائلا :

« بكم اشترى أبوك من هؤلاء دينهم؟ »

ـ بثلاثين ألف درهم.

فضحك معاوية وقال :

« لقد هان عليهم دينهم »(1) .

لقد توصل معاوية الى تحقيق ذلك بشراء الأديان والضمائر والى الاعتماد

__________________

(1) تأريخ الطبري 6 / 169 ، الكامل لابن الأثير 3 / 214 ، وكان قدوم المغيرة على معاوية في سنة 45 ، ففي هذه السنة عمل معاوية مقدمات البيعة لولده.

٤٢٢

على الوسائل التي لم يألفها المسلمون ، ولم يقرها الدين.

وفود الأمصار :

ووجه معاوية دعوة رسمية الى جميع الشخصيات الرفيعة فى العالم الإسلامى يدعوهم الى الحضور في دمشق ليفاوضهم في أمر البيعة ليزيد ، فلما حضروا عنده دعا الضحاك بن قيس الفهري سرّا وقال له :

« إذا جلست على المنبر ، وفرغت من بعض موعظتي وكلامى ، فاستاذني للقيام ، فاذا أذنت لك فاحمد الله تعالى ، واذكر يزيد وقل فيه الذي يحق له عليك ، من حسن الثناء عليه ، ثم ادعني الى توليته من بعدي فاني قد رأيت وأجمعت على توليته ، فاسأل الله في ذلك ، وفى غيره الخيرة وحسن القضاء ».

ثم دعا فريقا آخر من الأذناب والعملاء الذين هان عليهم دينهم فباعوه بأبخس الأثمان ، فأمرهم بتصديق مقالة الضحاك وتأييد فكرته ، وهم : عبد الرحمن بن عثمان الثقفي ، وعبد الله بن مسعدة الفزاري ، وثور بن معن السلمي ، وعبد الله بن عصام الأشعري ، فاستجابوا لدعوته ، ونزى معاوية على المنبر فحدث الناس بما شاء أن يتحدث به ، وبعد الفراغ من حديثه انبرى إليه الضحاك فاستأذنه بالكلام فأذن له ، فقال بعد حمد الله والثناء عليه : « أصلح الله أمير المؤمنين ، وأمتع به ، إنا قد بلونا الجماعة والألفة والاختلاف ، والفرقة ، فوجدناها ألمّ لشعثنا ، وأمنة لسبلنا ، وحاقنة لدمائنا وعائدة علينا فى عاجل ما نرجو ، وآجل ما نؤمل ، مع ما ترجو به الجماعة من الألفة ، ولا خير لنا أن نترك سدى ، والأيام عوج رواجع والله يقول : « كل يوم هو في شأن » ، ولسنا ندري ما يختلف به العصران ، وأنت

٤٢٣

يا أمير المؤمنين ميت كما مات من كان قبلك من أنبياء الله وخلفائه ، نسأل الله بك المتاع ، وقد رأينا من دعة يزيد بن أمير المؤمنين ، وحسن مذهبه وقصد سيرته ، ويمن نقيبته ، مع ما قسم الله له من المحبة في المسلمين ، والشبه بأمير المؤمنين ، في عقله ، وسياسته وشيمته المرضية ، ما دعانا الى الرضا به في امورنا ، والقنوع به في الولاية علينا ، فليوله أمير المؤمنين ـ أكرمه الله ـ عهده ، وليجعله لنا ملجأ ومفزعا بعده ، نأوي إليه إن كان كون ، فانه ليس أحد أحق بها منه ، فاعزم على ذلك عزم الله لك في رشدك ، ووفقك في امورنا ».

ودل هذا الكلام على أن صاحبه رجل سوء ونفاق ، فقد عمد الى سحق جميع القيم الإنسانية في سبيل أطماعه ومنافعه.

ولما فرغ الضحاك من مقالته انبرى من بعده زملاؤه فأيدوا مقالته ، وأخذوا ينسبون ليزيد فضائل المحسنين ، ويضفون عليه مواهب العبقريين ، ويطلقون عليه الألقاب الضخمة ، والنعوت الشريفة التي اتصف بعكسها ، وأخذوا يموهون على المجتمع أنهم إنما تكلموا من صالحه واسعاده ، وهم ـ يعلم الله ـ إنما أرادوا هلاكه وتحطيمه ، والقضاء على نواميسه ومقدساته وبعد ما انتهى حديث هؤلاء التفت معاوية الى الوفد العراقي ليسمع رأيه وكان شخصية الوفد الأحنف بن قيس حليم العرب وسيد تميم فطلب منه معاوية الرأي فى الأمر ، فقام الأحنف خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم التفت الى معاوية قائلا :

« أصلح الله أمير المؤمنين ، ان الناس قد أمسوا فى منكر زمان قد سلف ، ومعروف زمان مؤتنف ، ويزيد بن أمير المؤمنين ، نعم الخلف وقد حلبت الدهر أشطره يا أمير المؤمنين فاعرف من تسند إليه الأمر من

٤٢٤

بعدك ، ثم اعص أمر من يأمرك ، لا يغررك من يشير عليك ، ولا ينظر لك وأنت أنظر للجماعة ، وأعلم باستقامة الطاعة ، مع أن أهل الحجاز وأهل العراق لا يرضون بهذا ، ولا يبايعون ليزيد ما كان الحسن حيا » :

لقد منح الأحنف النصيحة الى معاوية وأرشده الى الحق فأشار عليه بعدم سماع أقوال المرتزقين الذين ينظرون الى صالح أنفسهم أكثر مما ينظرون لصالحه ، وبيّن له أن العراقيين والحجازيين لا يرضون بهذه البيعة ما دام حفيد الرسول وسبطه الأول حيا ، وقد اثارت هذه الكلمات غضب النفعيين والمرتشين الذين تذرع معاوية بهم الى تحقيق هدفه فقام إليه الضحاك بن قيس فندد بمقالته وشتم العراقيين وهذا نص كلامه :

« أصلح الله أمير المؤمنين ، إن أهل النفاق من أهل العراق مروءتهم في أنفسهم الشقاق ، والفتهم في دينهم الفراق ، يرون الحق على أهوائهم كأنما ينظرون بأقفائهم ، اختالوا جهلا وبطرا ، لا يرقبون من الله راقبة ، ولا يخافون وبال عاقبة ، اتخذوا ابليس لهم ربا ، واتخذهم ابليس حزبا ، فمن يقاربوه لا يسروه ، ومن يفارقوه لا يضروه ، فادفع رأيهم يا أمير المؤمنين فى نحورهم ، وكلامهم في صدورهم ، ما للحسن وذوي الحسن في سلطان الله الذي استخلف به معاوية في أرضه؟ هيهات لا تورث الخلافة عن كلالة ، ولا يحجب غير الذكر العصبة ، فوطنوا أنفسكم يا أهل العراق على المناصحة لإمامكم ، وكاتب نبيكم وصهره ، يسلم لكم العاجل ، وتربحوا من الآجل ».

ولم نحسب أن العراق قد ذم بمثل هذا الذم الفظيع ، أو وصم بمثل هذه الامور ، ولكن العراقيين هم الذين جروا لأنفسهم هذا البلاء وتركوا هذا الوغد وأمثاله يحط من كرامتهم ، ويتطاول عليهم.

٤٢٥

وعلى أي حال ، فان الأحنف لم يذعن لمعاوية ولم يعتن بمقالة الضحاك فقد انبرى يهدد معاوية باعلان الحرب إن أصرّ على تنفيذ فكرته قائلا :

« يا أمير المؤمنين ، إنا قد فررنا(1) عنك قريشا فوجدناك أكرمها زندا ، وأشدها عقدا ، وأوفاها عهدا ، قد علمت أنك لم تفتح العراق عنوة ، ولم تظهر عليها قعصا ، ولكنك أعطيت الحسن بن علي من عهود الله ما قد علمت ليكون له الأمر من بعدك ، فان تف فأنت أهل الوفاء وإن تغدر تعلم ، والله إن وراء الحسن خيولا جيادا ، وأذرعا شدادا ، وسيوفا حدادا ، إن تدن له شبرا من غدر ، تجد وراءه باعا من نصر ، وإنك تعلم أن أهل العراق ما أحبوك منذ أبغضوك ، ولا أبغضوا عليا وحسنا منذ أحبوهما ، وما نزل عليهم فى ذلك غير من السماء ، وإن السيوف التي شهروها عليك مع علي يوم صفين لعلى عواتقهم ، والقلوب التي أبغضوك بها لبين جوانحهم ، وأيم الله إن الحسن لأحب لأهل العراق من علي ».

لقد بالغ الأحنف فى نصح معاوية ، وذكر له تمسك العراقيين بولاء أهل البيت (ع) وان اخلاصهم للإمام الحسن أكثر من أبيه ، وهم على استعداد الى مناجزته إن نفذ بيعة يزيد ، وانطلق عبد الرحمن بن عثمان فندد بمقالة الأحنف ، وحرض معاوية على تنجيز مهمته قائلا له :

« أصلح الله أمير المؤمنين ، ان رأي الناس مختلف ، وكثير منهم منحرف ، لا يدعون أحدا الى رشاد ، ولا يجيبون داعيا الى سداد ، مجانبون لرأي الخلفاء ، مخالفون لهم في السنة والقضاء ، وقد وقفت ليزيد فى أحسن القضية وأرضاها لحمل الرعية ، فاذا خار الله لك فاعزم ثم اقطع قالة الكلام فان يزيد أعظمنا حلما وعلما ، وأوسعنا كنفا ، وخيرنا سلفا ، قد

__________________

(1) فررنا : أي بحثنا وفتشنا.

٤٢٦

أحكمته التجارب ، وقصدت به سبل المذاهب فلا يصرفنك عن بيعته صارف ، ولا يقفن بك دونها واقف ، ممن هو شاسع عاص ينوص للفتنة كل مناص لسانه ملتو ، وفي صدره داء دوّى ، إن قال فشر قائل ، وإن سكت فذو دغائل ، قد عرفت من هم أولئك وما هم عليه لك من المجانبة للتوفيق والكلف للتفريق فاجعل ببيعته عنا الغمة ، واجمع به شمل الأمّة ، فلا تحد عنه إذا هديت له ، ولا تنش عنه إذا وقفت له ، فان ذلك الرأي لنا ولك ، والحق علينا وعليك ، اسأل الله العون وحسن العاقبة لنا ولك ».

وصورت لنا هذه الكلمات ضميرا قلقا ، ونفسا أثيمة ، قد اعتنقت الشر ، وابتعدت عن الخير ، وانبرى معاوية يهدد من لا يوافقه على رغبته ليفرض على المجتمع الخضوع لفكرته ، والرضا ببيعة يزيد قائلا :

« أيها الناس : إن لإبليس إخوانا وخلاّنا ، بهم يستعد ، وإياهم يستعين ، وعلى ألسنتهم ينطق ، إن رجوا طمعا أو جفوا ، وإن استغنى عنهم أرجفوا ، ثم يلحقون الفتن بالفجور ، ويشققون لها حطب النفاق ، عيابون مرتابون ، إن ولوا عروة أمر حنقوا ، وإن دعوا الى غي أسرفوا وليسوا أولئك بمنتهين ، ولا بمقلعين ، ولا متعظين ، حتى تصيبهم صواعق خزي وبيل ، وتحل بهم قوارع أمر جليل ، تجتث اصولهم كاجتثاث اصول الفقع(1) فأولى لأولئك ثم أولى ، فانا قد قدما وأنذرنا إن أغنى التقدم شيئا أو نفع النذر ».

بمثل هذا الإرهاب الفظيع الذي لم يعهد له نظير تذرع معاوية الى تحقيق فكرته ، ثم استدعى الضحاك بن قيس فولاه الكوفة جزاء لكلامه

__________________

(1) الفقع : بالفتح والكسر ، البيضاء الرخوة من الكماة.

٤٢٧

بعد هلاك المغيرة ، واستدعى عبد الرحمن فولاه الجزيرة ، وقام يزيد بن المقفع رافعا عقيرته قائلا :

« أمير المؤمنين هذا ـ وأشار الى معاوية ـ ».

ثم قال : « فإن هلك ، فهذا ـ وأشار الى يزيد ـ ».

ثم قال : « فمن أبى ، فهذا ـ وأشار الى السيف ـ!!! »

فاستحسن معاوية كلامه وقال له :

« اجلس ، فأنت سيد الخطباء وأكرمهم!! »

بهذا اللون من الإرهاب فرض معاوية ابنه الفاسق الفاجر خليفة على المسلمين ، فلولا السيف لما وجد الى ذلك سبيلا. ولما رأى الأحنف بن قيس تصميم معاوية على فكرته وعدم تنازله عنها انبرى إليه قائلا :

« يا أمير المؤمنين : أنت أعلمنا بليله ونهاره ، وبسره وعلانيته ، فان كنت تعلم أنه خير لك فوله واستخلفه ، وإن كنت تعلم أنه شر لك ، فلا تزوده الدنيا وأنت صائر الى الآخرة ، فانه ليس لك من الآخرة إلا ما طاب ، واعلم أنه لا حجة لك عند الله إن قدمت يزيد على الحسن والحسين وأنت تعلم من هما ، وإلى ما هما ، وإنما علينا أن نقول : سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير »(1) .

ولم يعتن معاوية بمقالة الأحنف ونصحه ، ولم يفكر في مصير المسلمين إذا استخلف عليهم ولده قرين الفهود والمدمن على الخمور ، وأخذ معاوية ولده يزيد فأجلسه فى قبة حمراء وبايعه بولاية العهد وأمر الناس بمبايعته ، وأقبل بعض العملاء فسلم عليهما ثم أقبل على معاوية فقال له :

« يا أمير المؤمنين : اعلم انك لو لم تول هذا ـ وأشار الى يزيد ـ

__________________

(1) الامامة والسياسة 1 / 174 ـ 180.

٤٢٨

أمور المسلمين لاضعتها ».

فالتفت معاوية الى الأحنف :

« ما بالك لا تقول يا أبا بحر؟ »

ـ أخاف الله إذا كذبت ، وأخافكم إذا صدقت.

ـ جزاك الله على الطاعة خيرا.

وخرج الأحنف فلقيه ذلك الرجل بعد أن أجزل له معاوية بالعطاء فقال للأحنف معتذرا من مقالته :

« يا أبا بحر : إني لأعلم ان شر من خلق الله هذا وابنه ـ يعنى معاوية ويزيد ـ ولكنهم استوثقوا من هذه الأموال بالأبواب والأقفال ، فليس يطمع في استخراجها إلا بما سمعت »(1) .

لقد أحدث معاوية بهذه البيعة المشومة صدعا في الإسلام ، وقد صور لنا الشاعر الموهوب عبد الله بن هشام السلولي بمقطوعته الرائعة جزعه وجزع خيار المسلمين من خلافة يزيد بقوله :

فان تأتوا برملة أو بهند

نبايعها أميرة مؤمنينا

إذا ما مات كسرى قام كسرى

نعد ثلاثة متناسقينا

فيا لهفا لو أن لنا ألوفا

ولكن لا نعود كما عنينا

إذا لضربتموا حتى تعودوا

بمكة تلعقون بها السخينا

خشينا الغيظ حتى لو شربنا

دماء بني أميّة ما روينا

لقد ضاعت رعيتكم وأنتم

تصيدون الأرانب غافلينا(2)

لقد ذعر المسلمون في جميع أقطار الأرض من هذا الحادث الخطير

__________________

(1) تاريخ ابن خلكان 1 / 230 ، التمدن الإسلامى 4 / 76 ـ 77.

(2) مروج الذهب 2 / 339.

٤٢٩

لأن الخلافة عندهم ليست كسروية ولا قيصرية حتى تورث بل أمرها شورى بين المسلمين يختارون لخلافتهم من أحبوا وذلك عند الجمهور من أبناء السنة والجماعة ، وأما عند الشيعة فإنها حق شرعي لأمير المؤمنين وأولاده الطيبين كما نصّ النبي (ص) على ذلك.

ومهما يكن من شيء فإن معاوية بعد ما أخذ البيعة ليزيد من أهل دمشق رفع مذكرة الى جميع عماله يطلب فيها أخذ البيعة ليزيد من جميع المواطنين ، واستجاب جميع عماله لذلك سوى مروان بن الحكم فإنه قد ورم أنفه لصرف الأمر عنه وهو شيخ الأمويين بعد معاوية ، وتوجّه فورا بحاشيته الى دمشق ، فلما مثل عند معاوية انبرى إليه وهو مغيظ قائلا :

« أقم الامور يا ابن أبي سفيان ، واعدل عن تأميرك الصبيان ، واعلم أن لك من قومك نظراء ، وأن لك على مناوءتهم وزراء ».

فاندفع إليه معاوية يخادعه قائلا له بناعم القول :

« أنت نظير أمير المؤمنين ، وعدته في كل شديدة ، وعضده ، والثاني بعد ولي عهده. »

ثم أعطاه ولاية العهد حيلة منه ومكرا وأخرجه من عاصمته مكرما فلما وصل الى يثرب عزله عن منصبه(1) وجعل مكانه سعيد بن العاص وقيل الوليد بن عاقبة ، وكتب إليه أن يأخذ البيعة من أهل المدينة لولده إلا انه فشل أخيرا فى أداء مهمته فقد أصرت الجماهير على رفض دعوة معاوية وعدم طاعته في شأن خليفته الجديد ، خصوصا الشخصيات الرفيعة من أبناء المهاجرين والأنصار فإنهم قد شجبوا ذلك وأعلنوا سخطهم وإنكارهم على معاوية ، فإنهم كانوا يحقرون يزيد ويأنفون أن يعد في مصافهم ،

__________________

(1) مروج الذهب 2 / 330.

٤٣٠

فضلا عن أن يكون خليفة عليهم.

سفرة معاوية الاولى بشرب :

ورأى معاوية بعد امتناع المدنيين عن بيعة يزيد واجماعهم على رفضها أن ينطلق بنفسه الى المدينة ليفاوض أهل الحل والعقد ، وليشتري الذمم والضمائر بالأموال ، ويتوعد ويرهب من لم يخضع للمادة ليفوز ولده بالخلافة وسافر من أجل هذه الغاية الى يثرب وذلك سنة خمسين من الهجرة ، فلما انتهى إليها بعث فورا نحو عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن جعفر ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن الزبير. فلما حضروا عنده أمر حاجبه أن لا يسمح لأحد بالدخول عليه حتى يخرج هؤلاء النفر من عنده ثم التفت إليهم قائلا :

« الحمد لله الذي أمرنا بحمده ، ووعدنا عليه ثوابه ، نحمده كثيرا كما أنعم علينا كثيرا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله.

أما بعد : فإني قد كبر سني ، ووهن عظمي ، وقرب أجلي ، وأوشكت أن أدعى فأجيب ، وقد رأيت أن أستخلف بعدي يزيد ، ورأيته لكم رضا ، وأنتم عبادلة قريش وخيارهم ، وأبناء خيارهم ، ولم يمنعني أن أحضر حسنا وحسينا إلا أنهما أولاد أبيهما علي ، على حسن رأيي فيهما ، وشديد محبتي لهما فردوا على أمير المؤمنين خيرا ، رحمكم الله ».

وقد احتوى كلامه على اللين والمدح والثناء ، ولكن هؤلاء الأبطال الذين هم نخبة العرب والمسلمين رأيا وإقداما ، لم يذعنوا لمعاوية وردوا عليه مقاله وعرفوه بمن هو أهل للخلافة وأول من تكلم منهم حبر الأمّة عبد الله

٤٣١

ابن عباس فقال :

« الحمد لله الذي ألهمنا أن نحمده ، واستوجب علينا الشكر على آلائه وحسن بلائه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وصلى الله على محمد وآل محمد.

أما بعد : فانك قد تكلمات فأنصتنا ، وقلت فسمعنا ، وإن الله جل ثناؤه ، وتقدست أسماؤه اختار محمدا (ص) لرسالته ، واختاره لوحيه ، وشرّفه على خلقه ، فأشرف الناس من تشرف به ، وأولاهم بالأمر أخصهم به ، وإنما على الأمّة التسليم لنبيها ، إذا اختاره الله لها ، فإنه إنما اختار محمدا (ص) بعلمه ، وهو العليم الخبير ، واستغفر الله لي ولكم ».

وتكلم من بعده عبد الله بن جعفر فقال :

« الحمد لله أهل الحمد ومنتهاه : نحمده على إلهامنا حمده ، ونرغب إليه في تأدية حقه ، وأشهد أن لا إله إلا الله واحدا صمدا ، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، وأن محمدا عبده ورسوله (ص).

أما بعد : فان هذه الخلافة إن أخذ فيها بالقرآن ، فأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ، وإن أخذ فيها بسنة رسول الله (ص) فأولو رسول الله (ص) ، وإن أخذ فيها بسنة الشيخين أبي بكر وعمر فأي الناس أفضل وأكمل وأحق بهذا الأمر من آل الرسول؟ وأيم الله لو ولوه بعد نبيهم لوضعوا الأمر موضعه لحقه وصدقه ، ولأطيع الرحمن وعصي الشيطان ، وما اختلف في الأمّة سيفان ، فاتق الله يا معاوية ، فانك قد صرت راعيا ، ونحن رعية ، فانظر لرعيتك ، فانك مسئول عنها غدا ، وأما ما ذكرت من ابني عمي ، وتركك أن تحضرهما ، فو الله ما أصبت الحق ، ولا يجوز لك ذلك إلا بهما ، وإنك لتعلم انهما معدن العلم

٤٣٢

والكرم ، فقل أودع واستغفر الله لي ولكم ».

وبيّن عبد الله بن جعفر استحقاق أهل البيت (ع) للخلافة على جميع الوجوه فان كان مدرك استحقاقها القرآن الكريم فأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض ، وإن كانت السنة المقدسة قال الرسول أولى بالأمر من غيرهم ، وإن كانت سنة الشيخين قال الرسول (ص) أولى بالأمر وذلك لمواهبهم وكمالهم وتقدمهم على غيرهم بالعلم والفضل ، ثم بيّن الأضرار الناجمة من ترك الأمّة لهم وعدم اتباعهم ، وانبرى من بعده عبد الله بن الزبير فقال :

« الحمد لله الذي عرفنا دينه ، وأكرمنا برسوله ، أحمده على ما أبلى وأولى ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله.

أما بعد : فان هذه الخلافة لقريش خاصة ، تتناولها بمآثرها السنية وأفعالها المرضية ، مع شرف الآباء وكرم الأبناء ، فاتق الله يا معاوية وأنصف نفسك ، فإن هذا عبد الله بن عباس ابن عم رسول الله (ص) ، وهذا عبد الله بن جعفر ذي الجناحين ابن عم رسول الله (ص) ، وأنا عبد الله بن الزبير ابن عمة رسول الله ، وعلي خلف حسنا وحسينا وأنت تعلم من هما ، وما هما ، فاتق الله يا معاوية ، وأنت الحاكم بيننا وبين نفسك ».

وقد رشح ابن الزبير هؤلاء النفر للخلافة ، وحفزهم لمعارضة معاوية وإفساد مهمته ، وانبرى من بعده عبد الله بن عمر فقال :

« الحمد لله الذي أكرمنا بدينه ، وشرفنا بنبيه (ص).

أما بعد : فإن هذه الخلافة ليست بهرقلية ، ولا قيصرية ، ولا كسروية يتوارثها الأبناء عن الآباء ، ولو كان كذلك كنت القائم بها بعد أبي ، فو الله ما أدخلنى مع الستة من أصحاب الشورى إلا على أن الخلافة ليست

٤٣٣

شرطا مشروطا ، وإنما هي في قريش خاصة ، لمن كان لها أهلا ممن ارتضاه المسلمون لأنفسهم ممن كان أتقى وأرضى ، فإن كنت تريد الفتيان من قريش فلعمري إن يزيد من فتيانها ، واعلم انه لا يغني عنك من الله شيئا ».

لقد شجب ابن عمر بيعة يزيد ولكنه لم يلبث أن سمع وأطاع وبايع له لأن معاوية قد أرشاه بمائة ألف دينار(1) وبذلك فقد باع عليه ضميره ودينه.

ومهما يكن من شيء فان معاوية قد ثقل عليه كلام هؤلاء النفر فلقد جابهوه بعدم صلاحية ابنه للخلافة ، وانهم أولى بها منه ، وانبرى إليهم مجيبا :

« قد قلت وقلتم ، وإنه قد ذهبت الآباء وبقيت الأبناء ، فابني أحب إلي من أبنائهم ، مع ان ابني إن قاولتموه وجد مقالا ، وإنما كان هذا الأمر لبني عبد مناف لأنهم أهل رسول الله (ص) فلما مضى رسول الله ولىّ الناس أبا بكر وعمر من غير معدن الملك والخلافة ، غير أنهما سارا بسيرة جميلة ثم رجع الملك الى بني عبد مناف فلا يزال فيهم الى يوم القيامة وقد أخرجك الله يا ابن الزبير وأنت يا ابن عمر منها ، فأما ابنا عمي هذان فليسا بخارجين من الرأي إن شاء الله ».

وعلى أي حال فقد فشل معاوية فى مهمته ونزح عن يثرب وولى الى عاصمته ، وأعرض عن ذكر بيعة يزيد(2) فلقد عرف انها لا تتم ما دام الحسن حيا ، فأخذ يطيل التفكير في كيفية اغتيال الإمام حتى يتم له الأمر وقد توصل الى ما أراد ، فاغتاله بالسم كما سنبينه عند نهاية المطاف من هذا الكتاب.

__________________

(1) سنن البيهقي 8 / 159 ، تأريخ ابن كثير 8 / 137 ، فتح الباري 13 / 59.

(2) الامامة والسياسة 1 / 180 ـ 183 ، جمهرة الخطب 2 / 233 ـ 236.

٤٣٤

لقد اتخذ معاوية بعد اغتياله للإمام جميع التدابير ، واعتمد على جميع الوسائل فى ارغام المسلمين على بيعة يزيد ، وفرضه حاكما عليهم ، وقد راسل الوجوه من أبناء المهاجرين والأنصار يدعوهم الى ذلك ، وذكر المؤرخون نصوص رسائله مع أجوبتهم له ، وقد كتب الى الإمام الحسينعليه‌السلام ما نصه :

« أما بعد : فقد انتهت إلي منك امور ، لم أكن أظنك بها رغبة عنها ، وإن أحق الناس بالوفاء لمن أعطى بيعة من كان مثلك ، في خطرك وشرفك ، ومنزلتك التي أنزلك الله بها ، فلا تنازع الى قطيعتك ، واتق الله ، ولا تردن هذه الأمّة في فتنة ، وانظر لنفسك ودينك وأمّة محمد ، ولا يستخفنك الذين لا يوقنون »

وأجابه أبو الشهداء (ع) فذكر له الاحداث الجسام التي ارتكبها وعرض عليه ما مني به المسلمون من الظلم والجور فى دوره ، وقد استشهدنا ببعض فصوله للاستدلال به على شجب الإمام الحسين (ع) لموبقات معاوية وقد جاء فى آخر جوابه ما لفظه :

« وقلت فيما قلت : لا ترد هذه الأمّة في فتنة. وإني لا أعلم فتنة لها أعظم من امارتك عليها.

وقلت فيما قلت : انظر لنفسك ولدينك ، ولأمّة محمد ، وإني والله ما أعرف أفضل من جهادك ، فإن أفعل فإنه قربة الى ربي ، وإن لم أفعل فأستغفر الله لذنبي وأسأله التوفيق لما يحب ويرضى.

وقلت فيما قلت : متى تكدني أكدك ، فكدني يا معاوية فيما بدا لك فلعمري لقديما يكاد الصالحون ، وإني لأرجو أن لا تضر إلا نفسك ، ولا تمحق إلا عملك ، فكدني ما بدا لك.

٤٣٥

واتق الله يا معاوية ، واعلم أن لله كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها! واعلم أن الله ليس بناس لك ، قتلك بالظنة ، وأخذك بالتهمة وامارتك صبيا يشرب الخمر ، ويلعب بالكلاب!! ما أراك إلا وقد أوبقت نفسك ، وأهلكت دينك ، وأضعت الرعية والسلام. »(1)

ولم يجد مع ابن هند النصح ، ولا التحذير من عقوبة الله ، فقد راح يعمل بوحي من جاهليته الى ضرب الإسلام ، والى ارغام المسلمين على مبايعة يزيد المستحل لجميع ما حرم الله.

سفره الثاني الى يثرب :

ولما رأى معاوية أن خيار الصحابة ، وأبناء المهاجرين والأنصار لم يستجيبوا لدعوته ، وأصروا على رفض بيعة يزيد سافر مرة أخرى الى يثرب ، وقد أحاط نفسه بالقوى العسكرية ليرغم الجبهة المعارضة على الاستجابة له ، وفي اليوم الثاني من قدومه أرسل الى الإمام الحسين ، والى عبد الله بن عباس ، وسبق ابن عباس فأجلسه معاوية عن يساره وشاغله بالحديث حتى أقبل الحسين (ع) فأجلسه عن يمينه وسأله عن بني الحسن وعن أسنانهم فاخبره بذلك ، وخطب معاوية خطبة أشاد فيها بيزيد ، وذكر علمه بالقرآن والسنة ، وحسن سياسته ، ثم دعاهم الى بيعته والى الاستجابة لقوله.

خطبة الامام الحسين :

وقام أبي الضيم بعد خطاب معاوية فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :

__________________

(1) الإمامة والسياسة 1 / 188 ـ 190.

٤٣٦

« أما بعد : يا معاوية ، فلن يؤدي القائل وإن أطنب في صفة الرسول (ص) من جميع جزءا ، وقد فهمت ما لبست به الخلف بعد رسول الله (ص) من ايجاز الصفة ، والتنكب عن استبلاغ النعت ، وهيهات هيهات يا معاوية ، فضح الصبح فحمة الدجى ، وبهرت الشمس أنوار السرج ، ولقد فضلت حتى أفرطت ، واستأثرت حتى أجحفت ، ومنعت حتى بخلت ، وجرت حتى جاوزت ، ما بذلت لذي حق من اسم حقه من نصيب ، حتى أخذ الشيطان حظه الأوفر ، ونصيبه الأكمل.

وفهمت ما ذكرته عن يزيد من اكتماله وسياسته لأمّة محمد ، تريد أن توهم الناس في يزيد ، كأنك تصف محجوبا ، أو تنعت غائبا ، أو تخبر عما كان مما احتويته بعلم خاص ، وقد دل يزيد من نفسه على موقع رأيه ، فخذ ليزيد فيما أخذ به من استقرائه الكلاب المهارشة عند التحارش والحمام السبّق لأترابهن ، والقيان ذوات المعازف ، وضروب الملاهي تجده ناصرا.

ودع عنك ما تحاول!! فما أغناك أن تلقي الله بوزر هذا الخلق بأكثر مما أنت لاقيه ، فو الله ما برحت تقدح باطلا في جور ، وحنقا في ظلم ، حنى ملأت الأسقية ، وما بينك وبين الموت إلا غمضة ، فتقدم على عمل محفوظ في يوم مشهود ، ولات حين مناص ، ورأيتك عرضت بنا بعد هذا الأمر ، ومنعتنا عن آبائنا تراثا ، ولقد لعمر الله أورثنا الرسول (ص) ولادة ، وجئت لنا بها ما حججتم به القائم عند موت الرسول فاذعن للحجة بذلك ، ورده الإيمان الى النصف ، فركبتم الأعاليل ، وفعلتم الأفاعيل وقلتم كان ويكون حتى أتاك الأمر يا معاوية من طريق كان قصدها لغيرك فهناك فاعتبروا يا اولي الأبصار.

٤٣٧

وذكرت قيادة الرجل القوم بعهد رسول الله (ص) وتأميره له ، وقد كان ذلك ، ولعمرو بن العاص يومئذ فضيلة بصحبة الرسول وبيعته له ، وما صار لعمر الله يومئذ مبعثهم حتى أنف القوم إمرته ، وكرهوا تقديمه ، وعدوا عليه أفعاله ، فقال (ص) : لا جرم معشر المهاجرين لا يعمل عليكم بعد اليوم غيري ، فكيف تحتج بالمنسوخ من فعل الرسول فى أوكد الأحكام ، وأولاها بالمجتمع عليه من الصواب؟ أم كيف صاحبت بصاحب تابعا ، وحولك من لا يؤمن في صحبته ، ولا يعتمد فى دينه وقرابته وتتخطاهم الى مسرف مفتون ، تريد أن تلبس الناس شبهة يسعد بها الباقي فى دنياه ، وتشقى بها في آخرتك ، إن هذا لهو الخسران المبين ، واستغفر الله لي ولكم. »

وذهل معاوية فنظر الى ابن عباس فقال له :

« ما هذا يا ابن عباس؟؟ »

« لعمر الله إنها لذرية الرسول ، وأحد أصحاب الكساء ، ومن البيت المطهر ، قاله عما تريد ، فإن لك في الناس مقنعا حتى يحكم الله بأمره وهو خير الحاكمين »(1) .

وانصرف الإمام (ع) وترك الأسى يحر في نفس معاوية ، واعتمد معاوية بعد ذلك على جميع وسائل العنف والإرهاب ، فقد روى المؤرخون أنه لما كان في مكة أحضر الإمام الحسين ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الرحمن ابن أبي بكر ، وابن عمر وقال لهم : إني أتقدم إليكم ، إنه قد أعذر من أنذر ، إني كنت أخطب فيكم ، فيقوم إليّ القائم منكم فيكذبني على رءوس الناس ، فأحمل ذلك وأصفح. وإني قائم بمقالة ، فأقسم بالله لئن ردّ عليّ

__________________

(1) الإمامة والسياسة 1 / 195 ـ 196.

٤٣٨

أحدكم كلمة فى مقامى هذا ، لا ترجع إليه كلمة غيرها حتى يسبقها السيف الى رأسه ، فلا يبقينّ رجل إلا على نفسه!

ودعا صاحب حرسه بحضورهم فقال له : أقم على رأس كل رجل من هؤلاء رجلين ومع كل واحد سيف ، فان ذهب رجل يردّ عليّ كلمة بتصديق أو تكذيب فليضرباه بسيفيهما؟!

وخرج وخرجت الجماعة معه فنزى على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :

« إن هؤلاء الرهط سادة المسلمين وخيارهم ، لا يبتز أمر دونهم ، ولا يقضى إلا عن مشورتهم ، وانهم قد رضوا وبايعوا يزيد ، فبايعوا على اسم الله »(1) .

وبهذه الوسائل الرهيبة ، والكذب السافر حمل معاوية المسلمين على بيعة يزيد وقد انتهك بذلك الحرمات ، والقى المسلمين فى الفتن والبلاء.

عائشة وبيعة يزيد :

ولم تعارض عائشة هذه البيعة المشومة ، ولم تعمل أي عمل إيجابي ضد هذه الكارثة الكبرى التي روع بها المسلمون ، وانتهكت بها حرمة الإسلام ، فقد كانت تدلي بالرأي لمعاوية في حمل المعارضين على الطاعة فقد أوصته بالرفق بهم ، واللين معهم ليستجيبوا له قائلة :

« وارفق بهم ـ أي بالمعارضين ـ فإنهم يصيرون الى ما تحب إن شاء الله!! »(2)

__________________

(1) الكامل لابن الأثير وغيره.

(2) الإمامة والسياسة.

٤٣٩

لقد وقفت عائشة هذا الموقف المؤسف من بيعة يزيد الماجن الخليع وهي من دون شك تعلم بفسقه ، وبلعبه بالفهود والقرود ، واستباحته لما حرم الله ، إن الفكر ليقف حائرا أمام موقفها هذا ، وموقفها من بيعة أمير المؤمنين (ع) الذي هو أخو النبي وأبو سبطيه ، وباب مدينة علمه ، فإنها لما أخبرت ببيعته انهارت أعصابها ، وهتفت وهي حانقة مغيظة ، وبصرها يشير الى السماء ثم ينخفض فيشير الى الأرض قائلة :

« والله ليت هذه انطبقت على هذه إن تمّ الأمر لابن أبي طالب!! »

وقفلت راجعة الى مكة تحفز الجماهير لحرب الإمام رائد العدالة الاجتماعية الكبرى في الأرض ، فقادت الجيوش لمناجزته حتى أغرقت الأرض بالدماء ، وأشاعت الثكل والحزن والحداد بين المسلمين للإطاحة بحكمه.

وعلى أي حال ، فإن موقف عائشة من بيعة يزيد ، وتأييد ابن عمر وسائر القوى النفعية لها قد أخلد للمسلمين الفتن والمصاعب وجرّ لهم الويلات والخطوب ، فقد سارت الخلافة الإسلامية تنتقل بالوراثة الى الطلقاء وأبنائهم الذين لم يألوا جاهدا في الكيد للإسلام ، وفى نشر البغي والفساد في الأرض.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453