تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ٢

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي13%

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي مؤلف:
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 453

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 453 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 258445 / تحميل: 8128
الحجم الحجم الحجم
تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

وأخوه علي(١) رويا عن بي عبداللهعليه‌السلام .

____________________

(١) المذكور بعنوان علي بن السري ثلثه: الاول علي بن السري الكرخي. ذكره البرقي في اصحاب الصادقعليه‌السلام (٢٥) وايضا الشيخ ص ٢٤٣ / ٣٠٦. وذكره الكشي (٢٣٤) وقال: محمد بن مسعود قال حدثنا محمد ابن نصير قال حدثني محمد بن عيسى، وحمدويه قال حدثنا محمد بن عيسى قال حدثنا القاسم الصيقل رفع الحديث إلى أبي عبداللهعليه‌السلام قال: كنا جلوسا عنده فتذاكرا رجلا من اصحابنا فقال بعضنا: ذلك ضعيف، فقال ابوعبدالله (ع): ان كان لايقبل ممن دونكم حتى يكون مثلكم لم يقبل منكم حتى تكونوا مثلنا. قال ابوجعفر العبيدى قال الحسن ابن علي بن يقطين: اظن الرجل علي بن السري الكرخي. قلت: الخبر قاصر: سندا بالصقيل المجهول: تارة، وبالرفع اخرى، وبعدم تسمية الرجل واما ظن ابن يقطين بالمراد من الرجل فلا يغني من الحق شيئا. ودلالة على الذم كما توهم، وذلك لردع الامامعليه‌السلام الجماعة عن تضعيفه الذي لم ينشأ الا عن دنو رتبته ومنزلته عن رتبته هؤلاء ومنزلتهم، بأن عدم قبولكم عن مثله لدنو منزلته عنكم يقتضي ان لانقبل منكم حتى تكونوا مثلنا. وليس المراد من تضعيفه: ما اصطلح عليه علماء الرجال بل ما دل عليه كلامه (ع) وهو تحقير شأنه إستعلاء‌ا من ذلك البعض بقدمة صحبته له (ع) وأمثالها و (ح) فالحديث على ذم الجارح أدل، وأيضا على أنه ليس في الرجل شئ يشينه الا دنو منزلته من أمثال هؤلاء. ويدل على مدحه ما رواه في التهذيب ج ٩ ص ٢٣٥ / ٩٢٧، والاستبصار ج ٤ / ١٣٩ عن محمد بن يعقوب عن (الكافى ج ٠٣ / ٢٥١)، الحسين بن محمد الاشعري عن معلى بن محمد بن عن الحسن بن علي الوشاء، ومحمد بن يحيى عن وصي علي بن السرى قال قلت لابي الحسن موسىعليه‌السلام : ان علي بن السري توفي فأوصى إلي فقال:رحمه‌الله قلت. وان إبنه جعفر بن علي الحديث. ورواه الصدوق في الفقيه ج ٤ / ١٦٢ باسناده عن الحسن بن علي الوشا عن محمد بن يحيى عن وصي علي بن السري نحوه. قلت: اسناده إلى الوشا صحيح. والرواية تدل ايضا على بقائه إلى أيامه (ع)، وأيضا على كونه معروفا عنده (ع). قال العلامة في الخلاصة(٩٦): علي بن السري الكرخي روى عن ابي عبدالله عليه ثقة، قال النجاشي وابن عقدة الخ. وقال ابن داود في القسم الاول (٢٤٤): علي بن السري الكرخي ق (جخ، كش) مجهول الحال (عق، جش) ثقة. ووثقه مع أخيه الحسن كما تقدم وأيضا الكلام في توثيق النجاشي نعم حكاية العلمين توثيقه عن ابن عقدة متبعة لا قلت: من ذلك ومن موارد آخر كثيرة من حكايتهما توثيقا أو غيره عن ابن عقدة يستفاد وجود كتابه الكبير عندهما ويظهر فساد توهم من قال أنهما وساير المتأخرين ليس لهم في كتبهم زائدا على ما ذكره النجاشي والشيخ والكشي الا اجتهاداتهم فلا يتبع ولايعتمد على توثيقهم وتقدم الكلام في ذلك مفصلا في ج ١ ص ١٠١. الثاني: علي بن السري العبدي الكوفى. ذكره الشيخ في اصحاب الصادق (ع) ص ٢٤٣ / ٣٢٨. الثالث: علي بن السري الكوفى. وذكره الشيخ أيضا في اصحاب الصادق (ع) ص ٢٦٧ / ٧٢٤.قلت: وله روايات عنه (ع) روى عنه عنه (ع) محمد بن أبي الهزهاز كما في التهذيب ج ٦ / ٣٢٨ / ٩٠٥، ومعاوية بن وهب كما في أصول الكافي ج ٢ ص ٤٤٠ / ٤، وابن أخيه محمد بن الحسن بن السري كما في أصول الكافي ج ٢ / ٦٢٨ / ٥.(*)

٨١

له كتاب، رواه عنه الحسن بن محبوب، أخبرناه إجازة الحسين عن إبن حمزة عن إبن بطة عن الصفار قال حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن الحسن بن السري(١) .

____________________

(١) ضعيف على كلام بابن بطة يأتي في ترجمته. قال في الفهرست(٤٩): الحسن بن السري الكاتب، له كتاب رويناه بالاسناد الاول (إبن أبي جيد عن إبن الوليد عن الصفار) عن احمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن الحسن بن السري. قلت: طريقه صحيح بناء‌ا على وثاقة إبن أبي جيد من مشايخه ومشايخ النجاشي. وروى في التهذيبين بطرق صحيحة مختلفة عن الحسن إبن السري.وروى الصدوق في المشيخة رقم(١١٩) عن محمد بن الحسن عن الحسن بن متيل الدقاق عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن جعفر بن بشير عنه. قلت: طريقه حسن كالصحيح بابن متيل الممدوح بأنه وجه من وجوه أصحابنا وشيوخهم.(*)

٨٢

٩٧ - الحسن بن قدامة الكناني الحنفي

روى عن أبي عبدالله (ع)، وكان ثقة، وتأخر موته أخبرنا إبن شاذان عن علي بن حاتم قال حدثنا محمد بن أحمد بن ثابت قال حدثنا محمد بن الحسين الحضرمي عن الحسن بن قدامة(١) ،

٩٨ - الحسين بن زيدان الصرمي

له نوادر، أخبرنا محمد بن علي قال حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى عنه(٢) .

٩٩ - الحسن بن علي بن أبي عقيل أبومحمد العماني الحذا

فقيه، متكلم، ثقة(٣) ، له كتب في الفقه والكلام ومنها كتاب المتمسك بحبل آل الرسول، كتاب مشهور في الطائفة، وقيل: ما ورد الحاج من خراسان إلا طلب واشترى منه نسخا.وسمعت شيخنا أبا عبداللهرحمه‌الله بكثير الثناء على هذا الرجلرحمه‌الله .

____________________

(١) محمد بن احمد ومحمد بن الحسين لم يذكرا بتوثيق ولاذم في كتب الرجال.

(٢) فيه كلام بأحمد بن محمد بن يحيى وتقدم الكلام في وثاقة محمد بن علي من مشايخهرحمه‌الله .

(٣) ذكره الشيخ في الفهرست(٥٤) هكذا: الحسن بن عيسى يكنى أبا علي المعروف بابن أبي عقيل العماني، له كتب وهو من جملة المتكلمين، امامي المذهب، فمن كتبه: كتاب المتمسك بحبل آل الرسول في الفقه وغيره، وهو كتاب كبير حسن، وكتاب الكر والفر في الامامة وغير ذلك من الكتب. وفى باب الكنى منه(٩٤): إبن أبي عقيل العماني صاحب الكر والفر من جلة المتكلمين، إمامي المذهب، وله كتب أخر: منها كتاب المتمسك بحبل آل الرسولعليهم‌السلام في الفقه وغيره، كبير حسن، وإسمه الحسن بن عيسى يكنى أبا علي المعروف بابن أبي عقيل. وفى رجاله باب من لم يرو عن الائمةعليهم‌السلام ص ٤٧١ / ٥٣ الحسن بن عيسى ابوعلي المعروف بابن أبي عقيل العماني، له كتب. وقال الحلي في سرائره(٩٩) في شرائط الزكاة عند ذكر مختاره: وهو مذهب السيد المرتضى، والشيخ سلار، والحسن بن أبي عقيل العماني في كتابه المتمسك بحبل آل الرسول، وهذا الرجل وجه من وجوه أصحابنا ثقة، فقيه، متكلم، كثيرا كان يثني عليه شيخنا المفيد وكتابه كتاب حسن كبير، هو عندي قد ذكره شيخنا أبوجعفر في الفهرست وأثنى عليه. وفي باب الربوا في الجنسين(٣١٥) عند الرد على الشيخ المفيد والشيخ الطوسي قال: بل جلة اصحابنا المتقدمين ورؤساء مشايخنا المصنفين الماضين لم يتعرضوا لذلك الخ. ثم سماهم وعده منهم قائلا: وكذلك إبن أبي عقيل من كبار مصنفي أصحابنا ذكر في كتابه فقال الخ.وفي كتاب مواريثه في ترتيب الوراث(٣٩٧)=

٨٣

____________________

=قال: وإلى ما إختاره السيد واخترناه ذهب الحسن بن أبي عقيل العمانيرحمه‌الله في كتابه المتمسك بحبل آل الرسولعليهم‌السلام ، وهذا الرجل من جلة فقهاء أصحابنا ومتكلميهم وكتابه كتاب معتمد قد ذكره شيخنا أبوجعفر في فهرست المصنفين وأثنى عليه، وكان شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمانرحمه‌الله يكثر الثناء على هذا الرجل. قلت: ربما يعبر عنه وعن إبن الجنيد محمد بن أحمد الرازي المتوفى(٣٨١) في الكتب الفقهية بالقديمين وشيخنا المترجم أقدمهما فقد روى عن ابن قولويه كما في المتن. وقال في الخلاصة(٤٠) بعد ذكر ما تقدم عن النجاشي والشيخ في ترجمته وكتابه: كتاب مشهور عندنا. ونحن نقلنا أقواله في كتبنا الفقيهة وهو من جملة المتكلمين وفضلاء الامامية.وقال ابن داود في ترجمته بما تقدم(١١١): من أعيان الفقهاء وجلة متكلمي الامامية. وكان جد شيخنا المترجم أبوعقيل يحيى بن المتوكل المدني، ثم الكوفي كما صرح بذلك بعض أصحابنا (قده) ولم أقف له ذكرا في كلام أصحابنا نعم ذكره الجمهور في كتبهم وهناك ذكر من روى عنه، ومن روى هو عنه، وتضعيفهم له، ولعله كان لتشيعه. وقال الذهبي في ميزان الاعتدال ج ٤ / ٤٠٤: في ترجمته: مات سنة سبع وستين ومائة، قاله إبن قانع. قلت: وعن المسعاني في الانساب: ابوعقيل يحيى بن المتوكل الحذا المدني نشأ بالمدينة ثم انتقل إلى الكوفة وروى عنه العراقيون منكر الحديث. مات سنة سبع وستين بعد المائة الخ. قلت: ولايبعد كون والد شيخنا المترجم هو علي بن يحيى ابوالحسين وفى موضع (أبوالحسن). ذكره الشيخ في اصحاب الرضا (ع)(٣٨٣) وقال: يكنى أبا الحسين، وأيضا في أصحاب الجواد (ع)(٤٠٤) قائلا: علي بن يحيى ابوالحسين، يروى عنه كتاب " ثواب انا أنزلناه ". وذكره البرقي في أصحابه (ع)(٥٧) بكنيته.روى محمد بن عيسى عن أبي الحسن علي بن يحيى عن أيوب بن اعين كما في باب معرفة الجود والسخاء من الكافي ج ١ / ١٧٣، وفى باب الحب في الله من أصوله ج ١ / ١٢٥ عن محمد بن عيسى عن أبي الحسن علي بن يحيى. فيما اعلم - عن عمرو بن مدرك الطائي عن أبي عبداللهعليه‌السلام . (*)

٨٤

أخبرنا الحسين على أحمد بن محمد، ومحمد بن محمد عن أبي القاسم جعفر بن محمد قال: كتب إلي الحسن بن علي بن أبي عقيل: يجيزلي كتاب المتمسك وسائر كتبه وقرأت كتابه المسمى كتاب الكر والفر على شيخنا أبي عبداللهرحمه‌الله ، وهو كتاب في الامامة مليح الوضع - مسألة، وقلبها، وعكسها.

٨٥

١٠٠ - الحسن بن محمد بن أحمد الصفار البصري أبوعلي

شيخ من أصحابنا ثقة روى عن الحسن بن سماعة(١) محمد بن تسنيم(٢) ،

____________________

(١) الواقفي من أصحاب الكاظم (ع) ممن بقي إلى أيام العسكريعليه‌السلام المتوفي سنة(٢٦٣) كما تقدم في ترجمته.

(٢) الكاتب الوراق من أصحاب الهاديعليه‌السلام ويأتي ترجمته(٨٩٤). (*)

٨٦

٨٧

وعباد الرواجني(١) ومحمد بن الحسين(٢) ومعاوية بن حكيم(٣) . له كتاب دلائل خروج القائم (ع) وملاحم. ما رأيت هذا الكتاب بل ذكره أصحابنا وليس بمشهور أيضا.

____________________

(١) هو عباد بن يعقوب الاسدي الذي يأتي ترجمته بعنوان (عباد - أبوسعيد العصفري)(٧٩٢) قال إبن حبان: مات سنة خمسين ومأتين. ذكره ترجمته الذهبي في ميزان الاعتدال ج ٢ / ٣٧٩.

(٢) هو إبن أبي الخطاب أبوجعفر الزيات من أصحاب أبي جعفر الجواد، وأبي الحسن، وأبي محمد العسكري (ع). توفى سنة اثنتين وستين ومأتين كما يأتي في ترجمته(٨٩٩).

(٣) من أصحاب النار الرضا والجوادعليهما‌السلام ، يأتي ترجمته(١١٠٠) قلت: روايته عن هؤلاء وخاصة عن عباد بن يعقوب تقتضي إدراكه أيام أبي الحسن الهادي (ع) إذ كان وفاته (ع) سنة أربع وخمسين ومأتين.

٨٨

١٠١ - الحسن بن محمد النهاوندي

أبوعلي، متكلم، جيد الكلام له كتب: منها النقض على سعد ابن هارون الخارجي في الحكمين، وكتاب الاحتجاج في الامامة، وكتاب الكافي في فساد الاختيار، ذكر ذلك أصحابنا في الفهرستات.

١٠٢ - الحسن بن متيل

وجه من وجوه أصحابنا(١) ، كثير الحديث(٢) ، له كتاب نوادر(٣) .

____________________

(١) هكذا ذكره الشيخ في الفهرست(٥٣) وقال في باب من لم يرو عن الائمة (ع) من رجاله ص ٤٦٩: الحسن بن متيل القمي روى عنه إبن الوليد. قلت: لقبه في التهذيب بالدقاق، وعده من الشيوخ قال في ج ٦ / ٤٢ / ٨٦: محمد بن احمد بن داود عن محمد بن الحسن بن أحمد ابن الوليد قال: حدثنا الحسن بن متيل الدقاق وغيره من الشيوخ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي الخ.ولقبه بالدقاق أيضا الصدوق في أماليه في المجلس الخامس والتسعون ص ٥٩٦، وفي الفقيه في مشيخته إلى جعفر بن ناحية، والحسن بن السري، وعبدالصمد بن بشير، وعلي إبن بجيل، ومفضل بن عمر، ونعمان الرازي. روى عنه أجلاء الطائفة ومشايخ الحديث مثل إبن الوليد والصفار وهو من رجال أسانيد كامل الزيارات كما في(٣٤) ولعله لذلك عده المحدث النوري في مواضع من المستدرك من أجلاء الطائفة، أو أجلة الثقاة.

(٢) وروى كتب كثير من أصحابنا وإليه ينتهي أسانيد كثير من مصنفاتهم وأصولهم كما وقع كثير من ذلك في مشيخة الفقيه، وفي الفهرست، ورجال النجاشي وغيرها.

(٣) عدم ذكر الماتن والشيخ طريقا إلى كتابه لعله كان لشهرته مع ان من عادتهما ذكر الطريق إلى الكتب المشهورة أيضا. (*)

٨٩

١٠٣ - الحسن بن علي أبومحمد الحجال

من أصحابنا القميين ثقة(١) كان شريكا لمحمد بن الحسن بن الوليد في التجارة. له كتاب الجامع في أبواب الشريعة، كبير. وسمى الحجال لانه كان دائما يعادل الحجال الكوفي الذي يبيع الحجال فسمي باسمه. اخبرنا شيخنا أبوعبداللهرحمه‌الله قال حدثنا جعفر بن محمد قال حدثنا الحسن بن علي أبومحمد الحجال بكتابه(٢) .

١٠٤ - الحسن بن محمد الحضرمي ابن أخت أبي مالك الحضرمي(٣)

ثقة له كتب: منها رواية هارون بن مسلم بن سعدان. أخبرنا إجازة محمد بن علي قال حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى

____________________

(١) ويشير إلى جلالته شركته مع شيخ الطائفة في عصره إبن الوليد في التجارة ومعادلته دائما مع عبدالله بن محمد الاسدي الحجال الثقة الثبت، ورواية جعفر بن محمد بن قولويه عنه.

(٢) صحيح.

(٣) يحتمل كونه أخا عبدالله بن محمد أبي بكر الحضرمي أو زرعة بن محمد الحضرمي الذي روى كتابه عنه كما في الفهرست(٧٥) وروى في التهذيب ج ٨ / ١٧٩ / ٦٢٧ عن العباس بن معروف عن الحسن ابن محمد الحضرمي عن زرعة وأيضا ١٩٩ / ٦٩٩. وقد عد محمد الحضرمي في أصحاب الصادقعليه‌السلام وكذا محمد ابن حجر بن زائدة الكندي الكوفى الحضرمي التبعي ذكرناهم في طبقات أصحابه (ع).هذا وللتأمل في ذلك مجال إذالانسب حينئذ تعريف الحسن بأخيه أو بأبيه لابخاله مالك إلا أن يكون رجلا مشهورا لكن لم أجد لمالك الحضرمي ذكرا في الرجال. ثم أنه لايبعد كون الحسن بن محمد من أصحاب الكاظم (ع) بقرينة رواية أصحاب الكاظم والرضاعليهما‌السلام عنه: مثل إسماعيل إبن سهل، والعباس بن معروف وهارون الذي له روايات عن أصحاب أبي عبدالله (ع)، وبقرينة رواية الحسن عن أصحاب الصادق والكاظمعليهما‌السلام مثل زرعة، والكاهلي كما في التهذيب ج ٧ ص ٣٧٦ و / ٣٩٢. (*)

٩٠

قال حدثنا عبدالله بن جعفر قال حدثنا هارون بن مسلم بن سعدان عن الحسن بن محمد، وأخبرنا أحمد بن محمد الجندي قال حدثنا أبوعلي ابن همام الكاتب قال حدثنا عبدالله بن جعفر(١) . وروايات هذا الكتاب كثيرة.

١٠٥ - الحسن بن علي بن أبي المغيرة الزبيدي الكوفي

ثقة هو(٢) ،

____________________

(١) صحيح على إشكال بأحمد بن محمد بن يحيي والطريق الثاني صحيح علي كلام في شيخ الماتن في الطريقين.

(٢) بلا كلام ولاطعن فيه من أحد الا عن بعض الجمهور فطعنه بحديث واحد من أحاديثه.قال ابن حجر في لسان الميزان ج ٢(٢٣٧): الحسن بن علي بن أبي المغيرة الزبيدي الكوفي سمع الكثير، ورحل، وأخذ عن أبي جعفر الباقر (ع) والحارث بن المغيرة، وغيرهما، روى عنه عبدالله بن أحمد بن نهيك وسعيد بن صالح. ذكره الطوسي في مصنفي الشيعة الامامية وأفرد له خبرا منكرا، رواه الحارث عن الباقر (ع)، فيه: ان طين قبر الحسين بن علي (ع) شفاء من كل داء وأمن من كل خوف. قلت: والحديث رواه في التهذيب ج ٢(٢٦) باسناده عن حميد بن زياد عن ابن نهيك عن سعيد بن صالح عن الحسن بن علي بن أبي المغيرة عن بعض أصحابنا قال قلت لابي عبدالله (ع) اني رجل كثير العلل والامراض وما تركت دواء إلا قد تداويت به فقال لي: وأين أنت عن طين قبر الحسين (ع)، فان فيه الشفاء من كل داء والامن من كل خوف الحديث. ورواه إبن الشيخ في الامالي عن الحسن بن علي بن المغيرة عن الحارث بن المغيرة النضري قال قلت لابي عبدالله (ع) الحديث. وذكر نحوه. وذكره إبن قولويه في كامل الزيارات(٢٨٢) نحو ما في التهذيب.ثم إن ما إشتمل عليه رواية الحسن بن علي أبي المغيرة من فضل تربة الحسينعليه‌السلام وإن فيها الشفاء ليس من منفرداته بل رواه جماعة كثيرة جدا من أصحاب أئمد أهل البيتعليهم‌السلام عنهم بطرق كثيرة متواترة جدا في كل عصر لا ينكرها إلا معاند ورواها أصحابنا في كتبهم. ذكره العلامة في الخلاصة(٤٣) نحو ما في المتن وذكر أباه أيضا في(١٠٣) قائلا: علي بن أبي المغيرة ثقة: وتبعه ابن داود في الموضعين(١١١) و(٢٣٧). قلت: ان كان توثيقهما لابيه عولا على النجاشي فهو مبني على كون (وأبوه) عطفا على قوله: ثقة وأما إذا كان مع ما بعده جملة مستأنفة فالتوثيق يخص الحسن والاظهر هو الثاني، ويؤيده: عدم ذكر الاصحاب الحسن في أصحابهما (ع) وعدهم أباه في أصحابهما، والعدول عن الماضي بالاستقبال في قوله: (وهو يروي)، لكن على هذا فالاولى أن يقول: ثقة روى أبوه عن أبي جعفر وأبي عبداللهعليهما‌السلام وروى هو كتاب أبيه عنه فتأمل جيدا.

(*)

٩١

وأبوه (١) ،

٩٢

روى عن أبي جعفر(١) ، وأبي عبداللهعليهما‌السلام (٢) وهو يروى كتاب أبيه عنه. وله كتاب مفرد أخبرني القاضي أبوالحسين محمد بن عثمان قال حدثنا جعفر بن محمد الشريف الصالح قال حدثنا عبيد الله بن أحمد بن نهيك قال: حدثنا سعيد بن صالح عن الحسن بن علي(٣) .

____________________

(١) ذكره الشيخ في أصحابه (ع) ص ١٣١ / ٦٥٠ قائلا: علي بن أبي المغيرة الزبيدي الازرق.قلت: وروى عنه عنه (ع) إبراهيم بن أبي البلاد كما في الكافى ج ٢(٢٢٦) باب سعة المنزل و(٢٢٩) باب إرتباط الدابة. ولا يبعد إتحاده مع علي بن المغيرة الذي ذكره البرقي في أصحاب الصادق(٢٥) بقرينة بعض الروايات وتحقيق ذلك في طبقاتنا.

(٢) ذكره الشيخ في أصحابه (ع) (٢٤١) قائلا: علي بن أبي المغيرة حسان الزبيدي أسند عنه.و(٢٦٨): علي بن أبي المغيرة الزبيدي الازرق كوفي. قلت: لعل الوجه في قوله (أسنة عنه) ما أشار إليه في المتن بقوله: وهو يروي كتاب أبيه عنه وتحقيق المراد بهذه الجملة تقدم في ج ١(٢٣١) وروى عن علي بن المغيرة عنه (ع) عاصم بن حميد كما في الكافي ج ٢ ص ١٥٥ باسناد صحيح.

(٣) ضعيف بسعيد بن صالح المهمل. وفي الفهرست ص ٥١ / ١٧٢: الحسن بن علي بن أبي المغيرة، له كتاب رويناه بالاسناد الاول (أحمد بن عبدون عن الانباري) عن حميد عن ابن نهيك عنه. قلت: الطريق موثق بحميد إلا أن الظاهر: سقوط (عن سعيد إبن صالح) بقرنية المتن، وأيضا ما تقدم عن التهذيب وكامل الزيارات.

(*)

٩٣

١٠٦ - الحسن بن صالح الاحول

كوفي، له كتاب يختلف روايته، أخبرنا أحمد بن عبدالواحد إجازة قال: أخبرنا علي بن محمد الزبير القرشي قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال قال: حدثنا العباس بن عامر عن الحسن بن صالح(١) .

١٠٧ - الحسن بن علي بن سبرة(٢)

له كتاب أخبرنا الحسين بن عبيد الله عن إبن حمزة عن إبن بطة قال حدثنا أحمد بن محمد بن خالد عنه(٣) .

____________________

(١) موثق بابن فضال الفطحي الثقة على اشكال بابن الزبير تقدم. ثم ان رواية العباس بن عامر القضباني الشيخ الصدوق الثقة من أصحاب الكاظمعليه‌السلام كتابه عنه تقتضي كونه في طبقة أصحاب أبي عبداللهعليه‌السلام كما تشير أيضا إلى جلالته.

(٢) وذكره في الفهرست(٤٩) وقال: بغدادي الخ وفي نسخة (م) شبرة.

(٣) ضعيف على كلام بابن بطة. وفى الفهرست: أخبرنا به عدة من أصحابنا عن أبي المفضل عن إبن بطة عن أحمد بن إبي عبدالله عن لحسن بن علي بن سبرة. قلت: طريقه ضعيف بأبي المفضل وبابن بطة. ورواية البرقي عنه تقتضي كونه من أصحاب الكاظم بل الصادق علهيما السلام. (*)

٩٤

١٠٨ - الحسن بن الجهم بن بكير عن أعين أبومحمد الشيباني

ثقة(١) روى عن أبي الحسن موسى(٢) ، والرضا (ع)،(٣)

____________________

(١) قال الشيخ في أصحاب الكاظم (ع) ص ٣٤٧ / ١٠: الحسن إبن الجهم بن بكير بن أعين ثقة.

وكناء أبوالحسنعليه‌السلام بأبي محمد على ما في كامل الزيارات(٣٥).

(٢) ذكره البرقي في أصحابه(٤٩) وأيضا الشيخ كما تقدم، وقد روى جماعة عنه عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام مثل الحسن بن علي بن فضال، وعلي بن أسباط، ومحمد بن القاسم بن الفضيل بن يسار ذكرناهم في طبقات أصحابه (ع).

(٣) وذكره الشيخ في أصحابه (ع) ص ٣٧٣ / ٢٨ قائلا: الحسين (المجمع: الحسن) بن جهم الرازي.

قلت: الظاهر أن الحسين مصحف (الحسن) بقرنية كلام الاصحاب والاخبار. وقد عده المفيد فيمن روى النص عن أبي الحسن الرضا علي أبي جعفرعليهما‌السلام بالامامة وروى جماعة عنه عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام مثل الحسن إبن علي بن فضال، وعلي بن أسباط، ومحمد بن عبد الحميد، وغيرهم ذكرناهم في طبقات أصحابه (ع). وقد ورد في أخبارنا ما يدل على جلالة الحسن بن الجهم ومكانته عند الائمة (ع) وخاصة عند أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ذكرناها في في ترجمته من كتابنا في أخبار الرواة. وكانرحمه‌الله ممن وفق له معرفة قبر مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام في زمن لا يعرفه الا الخواص من أصحابهم وكان له إحتجاج لطيف على من عاند الحق من المخالفين في إثبات أن محل قبره الشريف هو الغري وقد عرضى على أبي الحسنعليه‌السلام فأصوبه في رأيه ومقالته ثم قال (ع): يا أبا محمد ما أرى أحدا من أصحابنا يقول بقولك ولا يذهب مذهبك، فقلت له: جعلت فداك أما ذلك شئ من الله قال: ان الله يوفق من يشاء ويؤمن عليه، فقل: ذلك بتوفيق الله، واحمده عليه رواه إبن قولويه بطريقين عنه في باب ٩(٣٥) من كامل الزيارات. (*)

٩٥

له كتاب تختلف الروايات فيه.

فمنها ما أخبرناه عدة من أصحابنا ب عن أبي الحسن بن داود قال: حدثنا أبوعلي محمد بن أحمد بن زكريا ابوعلي، المعروف يابن دبس قال: حدثنا أبي قال: حدثنا الحسن بن علي بن فضال، عن الحسن بن الجهم(١) .

____________________

(١) ضعيف بمحمد بن أحمد بن زكريا وبأبيه المهملين في الرجال. وفى الفهرست(٤٧): الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين له مسائل، أخبرنا بها إبن ابي جيد عن محمد بن الحسن الوليد عن الحسن بن متيل عن الحسن بن علي بن يوسف عن الحسن بن علي بن فضال عن الحسن بن الجهم. قلت: طريقه صحيح بناء‌ا على وثاقة إبن أبي جيد من مشايخ النجاشي، وأيضا بناء‌ا على أن الحسن بن علي بن يوسف هو إبن بقاح المتقدم، توثيقه في ترجمته(٨١) بقرنية ما يأتى في معاذ بن ثابت الجوهري في طريق الشيخ عن الصفار وسعد عن الحسن بن علي عن الحسن بن علي بن يوسف المعروف بابن بقاح عنه، وما تقدم في الحسنإبن علي بن يقطين (٩٠) عن محمد بن بكر بن جناح عن الحسن إبن علي بن يوسف بن بقاح.وللشيخ (ره) طرق صحيحة مختلفة إلى الحسن بن الجهم في التهذيبين. وروى الصدوق في المشيخة(٣٩) عن محمد بن علي ما جيلويهرضي‌الله‌عنه عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عنه. قلت: طريقه حسن كالصحيح بما جيلونه شيخه الذي يترحم عليه ويترضي عنه وبابراهيم بن هاشم المتقدم ترجمته. (*)

٩٦

١٠٩ - الحسن بن الدبرقان أبوالخزرج(١)

قمي له كتاب، أخبرنا أحمد بن علي بن نوح قال: حدثنا الحسن بن حمزة قال: حدثنا محمد بن جعفر بن بطة قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد عنه(٢) .

____________________

(١) وفى الفهرست (٥٩): الحسين بن الزبرقان يكنى أبا الخزرج له كتاب. وفي باب من لم يرو عن الائمة (ع) ص ٤٧١ / ٥٦: الحسين بن الزبرقان روى عنه البرقي. وذكره إبن حجر أيضا في لسان الميزان مصغرا وفى الاخبار: الحسن مكبرا كما ان فيها زيادة: الانصاري في عنوانه. واتفقت الاخبار وكلام الاصحاب على تكنيته بأبي الخزرج لكن في نسخة المتن (ن) هكذا: أبوالحراج، كما ان في النسخة المطبوعة (الحسن بن الزبرقان).

(٢) ضعيف على كلام بابن بطة. وفي الفهرست: أخبرناه عدة من أصحابنا عن أبي المفضل عن إبن بطة الخ. وطريقه ضعيف بأبي المفضل أيضا. روى البرقي عنه عن إسحاق الحذاء عن أبي عبداللهعليه‌السلام في الكافي ج ٢(٢٠٩) في الاحتذاء.وعنه عن علي بن غراب عنه (ع) في ج ١ باب الاستعانة بالدنيا على الاخرة(٣٤٧)، وعنه عن الفضل إبن عثمان عن خال أمه أبي عزيز المرادي عنه (ع) في باب الاشنان منه ج ٢ ص ١٨٥، وعنه عن فضيل بن عثمان الاعور عن الزهري عن علي بن الحسينعليه‌السلام في باب القاتل يريد التوبة ج ٢ ص ٣٢٢ وعنه عن مصعب بن سلام التميمي عن أبي عبداللهعليه‌السلام في ج ٢ باب ٤٣ / ٣٣٩. قلت: الظاهر أنه غير الحسن بن الزبرقان الطبري من مشايخ إبن قولويه روى عنه في كامل الزيارات(١٨٨). (*)

٩٧

١١٠ - الحسن بن الحسين العرني النجار

مدني(١)

____________________

(١) الظاهر أنه ليس هو الحسن العرني الذي ذكره ابن سعد في طبقات الكوفيين ج ٦ / ٢٩٥ وقال: من بجيلة، وكان ثقة، وله أحاديث. وذكره الشيخ في أصحاب أمير المؤمنين (ع)(٣٨) وقال: من بجيلة. فعم لايبعد كونه من ولد حبة من جوين أبي قدامة العرني الذي ذكره البرقي في أصحاب علي (ع) من اليمن(٦) والشيخ في أصحاب أمير المؤمنين (ع)(٣٨) وفي أصحاب أبي محمد الحسن (ع)(٦٧) وروى في التهذيب ج ٦ / ١٧٥ / ٣٤٩ عن أبي البلاد عن حبة العرني عن أمير المؤمنينعليه‌السلام وفي ج ٣ / ٢٥٣ / ٦٩٩ عن أبي المقدام عنه عنه (ع) في مساجد الكوفة، وروى عنه إبن المشهدي في المزار الكبير في فضل مسجد الكوفة وقد ذكرناه مع رواياته في طبقات أصحابهما (ع) وكان لحبة العراني مسجد يعرف به. قال الذهبي في ميزان الاعتدال ج ١ في ترجمة الحسن بن الحسين العرني (٤٣٨): وقال ابن الاعرابي: حدثنا الفضل بن يوسف الجعفي حدثنا الحسن بن الحسين الانصاري في مسجد حبة العرني حدثنا معاذ ابن مسلم عن عطاء بن السائب عن سعيد عن ابن عباس: إنما أنت منذر، قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا المنذر، وعلي الهادي، بك ياعلي يهتدي المهتدون.قلت: كان الحسن بن الحسين العرني النجار هو المدني على ما في المتن والكوفي كما في كتب الجمهور بل هو الظاهر من كونه عرنيا منسوبا إلى قبيلة من العرب في بجيلة، وكان من المشاهير.

ذكره أصحابنا والجمهور في تراجمهم منهم: إبن حجر في التقريب، وفي لسان الميزان ج ٢ / ١٩٩، والذهبي في الاعتدال ج ١ ص ٤٨٣ وقالا: كان من رؤساء الشيعة، نعم ذكرا تضعيفه بروايته المناكير، وعدا منها جملة من رواياته في فضائل أمير المؤمنين (ع) كما عدا حبة العرني من غلاة الشيعة من اصحاب علي (ع). ولا حول ولاقوة إلا بالله. (*)

٩٨

له كتاب عن الرجال عن جعفر بن محمد (ع)(١) أخبرنا أحمد إبن علي، والحسين بن عبيد الله قالا: حدثنا محمد بن علي بن تمام أبوالحسين الدهقان قال: حدثنا علي بن محمد الجوجاني (الحرجاني - خ)

____________________

(١) وروى إبن حجر في لسان الميزان في ترجمته، وأيضا الذهبي في ميزان الاعتدال عن الحسين بن الحكم الحبري، حدثنا حسن بن حسين العرني، حدثنا حسين بن يزيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن الحسين بن علي عن علي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: يصلي المريض قائما فان لم يستطع صلى قاعدا الحديث. وقال ابن حجر في لسان الميزان ج ٢(٣١٧): الحسين بن يزيد روى عن جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام ، وله حديث في الدار قطني. قلت: وروى في نوادر حج الكافي ج ١(٣١٤) باسناده عن علي ابن أبي عبدالله عن الحسين بن يزيد قال: سمعت أبا عبدالله (ع) يقول وقد قال له أبوحنيفة الحديث. وقد أوردناه في طبقات أصحابه (ع) وروى المفيد في الارشاد(٢٦٧) باسناده عن أبي الحسن بكار ابن أحمد الازدي عن الحسن بن الحسين العرني عن عبدالله بن جرير القطان الخ. (*)

٩٩

عن أبيه قال حدثنا يحيى بن زكريا بن شيبان عن الحسن بكتابه(١) .

____________________

(١) ضعيف بعلي بن محمد الحرجاني وأبيه المهملين في الرجال، ولم أقف له على شئ إلا رواية محمد بن علي بن الفضل بن تمام بن سكين أبي الحسين الدهقان من مشايخ التلعكبري عنه ويأتي في ترجمته(١٠٤٨) قوله: وكان ثقة عينا صحيح الاعتقاد جيد التصنيف الخ. ويحتمل كون أبيه محمد هو محمد بن علي بن عبدك أبومحمد كما في الفهرست ويأتي في ترجمته(١٠٤٢) قوله: أبوجعفر الجرجاني، جليل القدر من أصحابنا فقيه متكلم الخ. (*)

١٠٠

أنحاء العالم الإسلامي بإحضار كبار العلماء من المتمرّسين في مختلف أنواع العلوم بالحضور إلى خراسان ليسألوا الإمام عن أعقد المسائل العلمية، ولمّا حضروا عنده عرض عليهم الأمر، ووعد بالثراء العريض كل مَن يسأل الإمامعليه‌السلام سؤالاً يعجز عن إجابته، والسبب في ذلك - فيما نحسب - يعود إلى ما يلي:

أوّلاً: إنّ المأمون أراد أن ينسف عقيدة الشيعة ويقضي على جميع معالمها فيما إذا عجز الإمام الرضاعليه‌السلام فإنّه يتخذ من ذلك وسيلة لنقض ما تذهب إليه الشيعة من أنّ الإمام أعلم أهل عصره، وأدراهم بجميع أنواع العلوم، ومن الطبيعي أنّ ذلك يؤدّي إلى زعزعة كيان التشيّع، وبطلان عقيدتهم في أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام .

ثانياً: إنّ الإمام لو عجز عن أجوبة المسائل التي يقدمها العلماء له فإنّ المأمون يكون في سعة من عزله عن ولاية العهد بعد أن استنفذت أغراضه السياسية منها، فقد أظهر للناس في بداية الأمر أنّه إنّما رشّح الإمام لهذا المنصب الخطير لأنّه أعلم الأمّة، ولكن لما ظهر له خلاف ذلك قام بعزله، وفي نفس الوقت تقوم وسائل إعلامه بإذاعة ذلك، والحط من شأن الإمام، وفي ذلك استجابة لعواطف الأسرة العباسية التي غاظها ترشيح المأمون للإمام لولاية العهد.

فعمدت إلى عزله، ومبايعة المغني إبراهيم - كما سنتحدث عن ذلك - وعلى إي حال فقد قام العلماء بالتفتيش عن أعقد المسائل وأكثرها صعوبة وعمقاً في جميع أنواع العلوم، وعرضوها على الإمام فأجاب عنها جواب العالم الخبير المتمرّس فيها، ويقول الرواة: إنّه سُئل عن أكثر من عشرين ألف مسألة في نوب مفرقة عاد فيها بلاط المأمون إلى مركز علمي، وخرجت الوفود العلمية، وهي مليئة بالإعجاب والإكبار بمواهب الإمام وعبقرياته، وأخذت تذيع على الناس ما يملكه الإمام من طاقات هائلة من العلم والفضل كما ذهب معظمهم إلى القول بإمامته، ممّا اضطر المأمون إلى حجب الإمام عن العلماء خوفاً أن يفتتنوا له ولم يذكر الرواة إلا كوكبة يسيرة منها، نعرض لها ولبعض ما أثر عنه هذا الموضوع، وفيما يلي ذلك:

1 - أسئلة عمران الصابئ:

وكان عمران الصابئ من كبار فلاسفة عصر الإمامعليه‌السلام كما كان الزعيم الروحي لطائفة الصابئة، وقد انتدبه المأمون لامتحان الإمام، فاختار له أعمق المسائل الفلسفية وأكثرها تعقيداً وغموضاً. وقد شرحها وعلّق عليها المحقّق الشيخ

١٠١

محمد تقي الجعفري، قال: وقد اشتمل هذا الاحتجاج على أهم المسائل الإلهية وأغمضها، وهي على إطلاقها عويصات في الحكمة المتعالية، قد أتعبت أفكار الباحثين الناظرين في ذلك الفن، ولم يأت هؤلاء الأساطين بأجوبة كافية لتلك المسائل بل تعقبها أسئلة أخرى ربّما تكون أغمض من نفس الأسئلة، وقد وقعت تلك الغوامض موارد لأسئلة عمران في هذه الرواية، وأجاب عنها الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام ثامن حجج الله على عباده وأُمنائه في أرضه، وما بيّنه الإمام في هذا الاحتجاج مناهج واضحة لم يطمسها غبار الحجب المادية التي تثيرها العقول المحدودة في معقل المحسوسات المظلمة، هكذا ينكشف عند المتمسّكين بأذيال أهل بيت النبوّة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، ومهبط الوحي حقائق ضل في سبيل الوصول إليها الأفكار الناقصة.

( ونعرض للنص الكامل من أسئلة الصابئ وجواب الإمام عنها حسبما ذكره الشيخ الصدوق في (عيون أخبار الرضا) مع مقتطفات من تعليقات الشيخ الجعفري عليها... لقد قدم الوفد الذي كان مع عمران جملة من المسائل، وبعدما أجاب الإمامعليه‌السلام عن أسئلة الوفد الذي هو من كبار علماء النصارى، واليهود والصابئة، قال لهم: ( يا قوم إن كان فيكم أحد يخالف الإسلام، وأراد أن يسأل، فليسأل غير محتشم... )

فانبرى إليه عمران الصابئ، وكان متطلّعاً بصيراً في علم الكلام فخاطب الإمام بأدب وإكبار قائلا: ( يا عالم الناس لولا أنّك دعوت إلى مسألتك، لم أقدم عليك بالمسائل، فلقد دخلت الكوفة والبصرة، والشام، والجزيرة ولقيت المتكلّمين، فلم أقع على أحد يثبت لي واحداً - يعني أنّ الله تعالى واحد لا ثاني له - ليس غيره قائماً بوحدانيته أفتأذن لي أن أسألك... )

عرض الصابئ إلى عمق مسألته، وأنّه لم يهتد لحلها علماء الكوفة والبصرة والشام والجزيرة، ويطلب من الإمامعليه‌السلام حلها، فقابله الإمام ببسمات فيّاضة بالبشر قائلاً: ( إن كان في الجماعة عمران الصابئ فأنت هو... ).

( أنا هو )

١٠٢

سل يا عمران، وعليك بالنصفة، وإيّاك والخطل(1) والجور... ).

وأطرق الصابئ بوجهه إلى الأرض، وقال بنبرات تقطر أدباً وإجلالاً للإمام: ( والله يا سيدي ما أريد إلاّ أن تثبت لي شيئاً أتعلق به فلا أجوزه... )

لقد أعرب الصابئ عن نواياه الحسنة وأنّه يريد الحقيقة، والوصول إلى الواقع، ولا صلة له بغير ذلك، فقالعليه‌السلام : ( سل عمّا بدا لك... ).

وكان المجلس مكتظاً بالعلماء والقادة، وفي طليعتهم المأمون فانضم بعضهم إلى بعض، وانقطعوا عن الكلام ليسمعوا أسئلة الصابئ وجواب الإمام عنها، وتقدّم الصابئ بأسئلته.

س1: ( أخبرني عن الكائن الأوّل، وعمّا خلق... ) أمّا المسؤول عنه في هذه الكلمات فهو الشيء الأوّل والمادة الأُولى التي خلق الله تعالى الأشياء منها، وليس المسؤول عنه وجود الله المبدع العظيم فإنّه من الأمور الواضحة التي لا يشك فيها من يملك وعيه وإرادته، فإنّ جميع ما في الكون تدلّل على وجود خالقها فإنّه من المستحيل أن يوجد المعلول من دون علّته... ولنستمع إلى جواب الإمامعليه‌السلام عن هذه المسألة.

ج 1: ( أمّا الواحد فلم يزل واحداً كائنا، بلا حدود، ولا أعراض، ولا يزال كذلك، ثم خلق خلقاً مبتدعاً مختلفاً بأعراض وحدود مختلفة، لا في شيء أقامه، ولا في شيء حده، ولا على شيء حذاه، ومثله له، فجعل الخلق من بعد ذلك صفوة، وغير صفوة، واختلافاً وائتلافاً، وألواناً وذوقاً وطعماً لا لحاجة كانت منه إلى ذلك، ولا لفضل منزلة لم يبلغها إلاّ به ولا رأي لنفسه فيما خلق زيادة ولا نقصاناً... ).

وحكى هذا المقطع من جواب الإمامعليه‌السلام ما يلي:

أوّلاً: إنّ الله تعالى واحد لا شيء معه، وهو مجرّد من الحدود والأعراض التي هي من صفات الممكن، فهو كائن واحد، ما زال ولا يزال، وليست وحدته عددية أو نوعية أو جنسية، وإنّما بمعنى عدم ارتباطه بأي شيء مادي أو غير مادي، فهو بمرتبة من الكمال لا يشابهه أي شيء من الممكنات التي نسبتها إليه نسبة الصانع إلى المصنوع، فتبارك الله.

ثانياً: إنّ النظرة البدوية في الأشياء أنّ كل صورة لا بد لها من مادة تقوم وتحل

___________________________

(1) الخطل: المنطق الفاسد.

١٠٣

بها، ولكن هذا بالنسبة إلى غير الواجب تعالى أمّا هو فإنّه يخلق الأشياء لا من شيء كان، ولا من شيء خلق، وإنّما يقول للشيء كن فيكون، فقد ابتدع خلق الأشياء لا على شيء حذاه، ومثله له، فهو القوّة الكبرى المبدعة لخلق الأشياء لا لحاجة منه إليها، فهو المصدر الوحيد للفيض على جميع الكائنات.

والتفت الإمامعليه‌السلام إلى عمران فقال له: ( تعقل هذا يا عمران...؟ ).

( نعم والله يا سيدي... ).

( اعلم يا عمران أنّه لو كان خلق ما خلق لحاجة، لم يخلق إلاّ مَن يستعين به على حاجته، ولكان ينبغي أن يخلق أضعاف ما خلق لأنّ الأعوان كلّما كثروا كان صاحبهم أقوى، والحاجة يا عمران لا يسعها لأنّه كان لم يحدث من الخلق شيئاً إلاّ حدثت فيه حاجة أخرى؛ ولذلك أقول: لم يخلق الخلق لحاجة ولكن تقل بالخلق الحوائج بعضهم إلى بعض، وفضل بعضهم على بعض بلا حاجة منه إلى من فضل، ولا نقمة منه على من أذل... ).

وهذا الكلام متمّم لما قبله من أنّ الله تعالى خلق الخلق في غنى عنهم فهم المحتاجون إلى فيضه ورحمته وعطائه، فهو الجواد المطلق الذي بسط الرحمة والإحسان على جميع الموجودات والكائنات، وكان من فضله أنّه فضّل بعض مخلوقاته على بعض بلا حاجة منه إلى من فضل، ولا نقمة منه على من أذل.

س 2: ( يا سيدي هل كان الكائن معلوماً في نفسه عند نفسه..؟ ).

وهذا السؤال عميق للغاية، وتوضيحه - حسبما ذكره الشيخ الجعفري - أن تحصل شيء وتحققه في الانكشاف العلمي كواقع ذلك الشيء ينحل إلى هوية نفسه، وطارديته لغيره، وبذلك يكون محدوداً، فإنّ الحجر ما لم يضف إلى هويته عدم جميع أضداده لا يتحصّل تحصلاً علمياً... فإنّ النفس المعلومة ما لم يلاحظ طرد جميع ما سواها عنها لا تكون معلومة ومحصلة عند العالم وكأنّ هذا هو الموجب لسؤال عمران عن كونه تعالى معلوماً عند نفسه، فحينئذٍ لو أجاب الإمام بثبوته لاستشكل عمران هل كان تحصيل نفسه عند نفسه ملازماً لطرد غيره من المعقولات أم لا؟.

ج 2: قالعليه‌السلام : ( إنّما يكون المعلمة بالشيء لنفي خلافه، وليكن الشيء نفسه، بما نفى عنه موجوداً، ولم يكن هناك شيء يخالفه، فتدعوه الحاجة إلى

١٠٤

نفي ذلك الشيء عن نفسه بتحديد ما علم منها... والتفت الإمام إلى عمران فقال له: ( أفهمت يا عمران؟... ).

( نعم والله يا سيدي... ).

وحاصل ما أجاب به الإمامعليه‌السلام أنّ ما ذكره الصابئ إنّما يصح فيما لو كان المعلوم مقارناً بعدّة أشياء تخالفه فيلزم حينئذٍ نفي تلك الأشياء لتحصيل المعلوم إلاّ أنّ الله تعالى خالق الكون وواهب الحياة ما لم يكن هناك شيء يقارنه فلا حاجة إلى نفيه ليقرّر إرادته بذلك النفي.

س 3: أخبرني بأيّ شيء علم ما علم أبضمير أم بغير ضمير؟

أراد الصابئ بهذا السؤال إلزام الإمام بالقول بالتركيب في ذاته تعالى، من جهة أنّه ذو ضمير.

ج 3: أرأيت إذا علم بضمير هل يجد بداً من أن يجعل لذلك الضمير حداً تنتهي إليه المعرفة؟ أراد الإمام أنّ ذلك الضمير لا بد أن يعرف حقيقته وماهيته، وقد وجّه الإمام إليه السؤال التالي: ( فما ذلك الضمير؟... ).

فانقطع الصابئ عن الكلام ولم يستطع أن يقول شيئاً، فقد سد الإمام عليه كل نافذة يسلك فيها لإثبات ما يذهب إليه، والتفت الإمام إليه قائلاً: ( لا بأس إن سألتك عن الضمير نفسه فتعرفه بضمير آخر؟ فإن قلت: نعم، أفسدت عليك قولك... ).

وأقام الإمام الحجّة الكاملة والبرهان القاطع على بطلان ما التزم به الصابئ من أنّه تعالى يعلم بواسطة الضمير، وعلى هذا فلا بد من ضمير آخر يقع به الإدراك لذاته تعالى، وهذا الضمير الآخر يتوقّف على ضمير غيره، وهكذا فيلزم التسلسل، وهو ما لا نهاية له، وإن توقف الضمير الثاني على الضمير الأول فيلزم منه الدور والأمران ممّا أجمع على فسادهما، لترتب الأمور الفاسدة عليها حسبما ذكره الفلاسفة والمنطقيون وتمم الإمامعليه‌السلام حجته وبرهانه بقوله: ( يا عمران أليس ينبغي أن تعلم أنّ الواحد ليس يوصف بضمير، وليس يقال له: أكثر من فعل وعمل وصنع، وليس يتوهّم منه مذاهب وتجزية كمذاهب المخلوقين وتجزيتهم، فاعقل ذلك، وابن عليه ما علمت صواباً... ).

١٠٥

أراد لإمامعليه‌السلام أنّ صدور الأفعال والأعمال المختلفة من الله تعالى ليست على غرار غيره من الممكنات التي تحتاج إلى العلل والأسباب كالعقل، وغيره من سائر الجوارح الظاهرية، فإنّه تعالى يستحيل عليه ذلك.

س 4: ( يا سيدي ألا تخبرني عن حدود خلقه كيف هي؟ وما معانيها؟ وعلى كم نوع يكون؟... ).

واستفسر عمران عن حدود المخلوقات التي تميز بعضها عن بعض فأجابه الإمام:

ج 4: ( قد سألت فاعلم أنّ حدود خلقه على ستة أنواع: ملموس، وموزون، ومنظور إليه، وما لا ذوق له، وهو الروح، ومنها منظور إليه، وليس له وزن، ولا لمس، ولا حس، ولا لون، ولا ذوق، والتقدير والأعراض، والصور، والطول، والعرض، ومنها العمل والحركات التي تصنع الأشياء وتعملها، وتغيّرها من حال إلى حال وتزيدها، وتنقصها، فأمّا الأعمال والحركات فإنّها تنطلق؛ لأنّه لا وقت لها أكثر من قدر ما يحتاج إليه، فإذا فرغ من الشيء انطلق بالحركة، وبقي الأثر، ويجري مجرى الكلام الذي يذهب ويبقى أثره... ).

وحفل جواب الإمامعليه‌السلام بذكر الخواص والصفات التي تتميّز بها الأشياء سواء أكانت من الكائنات الحيّة أم من غيرها.

س 5: يا سيدي: ألا تخبرني عن الخالق إذا كان واحداً لا شيء غيره، ولا شيء معه، أليس قد تغيّر بخلقه الخلق... ).

ومعنى هذا السؤال أنّ الحقائق الطبيعية، التي أوجدها الله تعالى، أنّها توجب تغير الخالق العظيم بتغييرها، وهذا إنّما يلزم على القول باتحادها معه تعالى ذاتاً، وهذا مستحيل.

ج 5: ( قديم لم يتغيّر عزّ وجل بخلقه الخلق، ولكن الخلق يتغيّر، بتغييره... ).

وحاصل جواب الإمامعليه‌السلام أنّ الخالق العظيم لما كان هو الصانع والموجد للأشياء، وهو قديم فلا يلزم منه التغيير بتغيير الممكنات والكائنات.

س 6: ( يا سيدي فبأي شيء عرفناه؟... ).

ج 6: ( بغيره... إنّ جميع ما في الكون ممّا يرى، وممّا لا يرى يدلل على وجود الخالق العظيم،

١٠٦

لقد عرفناه بمخلوقاته، وآمنا به بما نشاهده من بدائع صنعته، وقد استبان بصورة واضحة لا غموض فيها في هذه العصور التي غزا الإنسان فيها الفضاء الخارجي، فقد ظهر للبشرية عظيم صنعته تعالى بما أودعه في هذا الفضاء من الكواكب التي لا تحصى ولا تعد، وكلّها تسير بانتظام، ودقّة، ولو اختلفت في مسيرها لحظة لتصادمت، وتلاشت، ولم يبق لها اثر، فسبحان الله المبدع الحكيم.

س 7: أي شيء غيره؟

ج 7: ( مشيئته، واسمه وصفته، وما أشبه ذلك، وكل ذلك محدث، مخلوق، مدبّر... ).

لقد عرفنا الله بمشيئته واسمه وصفاته التي دلّت عليه سبحانه، ففي دعاء الصباح: ( يا مَن دلّ على ذاته بذاته ).

وكل ما في الكون من موجودات تستند إليه استناد المصنوع إلى الصناع.

س 8: يا سيدي أي شيء هو؟

ج 8: ( هو نور، بمعنى أنّه هادٍ خلقه من أهل السماء، وأهل الأرض، وليس لك عليّ أكثر من توحيدي إيّاه... ).

لقد أراد عمران بسؤاله معرفة حقيقة الله تعالى، متوهّماً أنّه تعالى كسائر الممكنات والموجودات، ولمّا كان ذلك مستحيلاً، إذ كيف يحيط الإنسان الذي لا يعرف ذاته وما فيها من الأجهزة الدقيقة، كيف يعرف حقيقة الخالق العظيم المصور والمبدع للأكوان، وقد أجاب الإمامعليه‌السلام أنّه يعرف بأوصافه الظاهرية من هدايته لخلقه وغير ذلك من الأدلة الصريحة الواضحة التي تنادي بوجود خالقها العظيم.

س 9: يا سيدي: أليس قد كان ساكتاً قبل الخلق لا ينطق، ثم نطق...

ج 9: ( لا يكون السكوت إلاّ عن نطق قبله، والمثل في ذلك أنّه لا يقال للسراج: هو ساكت لا ينطق، ولا يقال: إنّ السراج ليضيء، فما يريد أن يفعل بنا لأنّ الضوء من السراج ليس بفعل منه، ولا كون، وإنّما هو ليس شيء غيره، فلمّا استضاء لنا، قلنا: قد أضاء لنا، حتى استضأنا به، فبهذا تستبصر أمرك... ).

ومعنى جواب الإمامعليه‌السلام أنّ السكوت والنطق إنّما يعرضان موضوع قابل لهما، توارد العدم والملكة وحيث إنّ نطق الله تعالى ليس على غرار ما يتصف به الناطقون من الممكنات، فيصح عليه النطق، كما يصح عليه السكوت وقد ذهبت

١٠٧

الشيعة إلى أنّ التكلّم من صفات الأفعال، لا يقوم بذاته تعالى قوام الأوصاف الذاتية، فإنّه تعالى هو الذي خلق النطق والكلام إذا أراده، وقد مثّل الإمامعليه‌السلام لذلك بالسراج فإنّه لا يقال له إنّه ساكت لا ينطق، كما أنّ إسناد الإضافة إلى السراج ليس اختياريا له، هذه بعض الاحتمالات في تفسير كلام الإمامعليه‌السلام .

س 10: ( يا سيدي: فإنّ الذي كان عندي أنّ الكائن قد تغيّر في فعله عن حاله بخلقه الخلق... ).

ج 10: ( يا عمران في قولك إنّ الكائن يتغيّر في وجه من الوجوه، حتى يصيب الذات منه ما يغيره، هل تجد النار تغيرها تغير نفسها، وهل تجد الحرارة تحرق نفسها؟ أو هل رأيت بصيراً قط رأى بصره؟... ).

إنّ هذا السؤال من عمران قد تقدّم، وقد أجابه الإمامعليه‌السلام وقد زادهعليه‌السلام توضيحاً، فقال له إنّ الكائن لا يتغيّر بوجه من الوجوه، فأفعال النفس - مثلاً - التي تصدر منها لا توجب زيادة فيها ولا نقصاناً، وهناك مثال آخر وهو البصر، فإن صدر الرؤية منه لا توجب زيادة فيه ولا نقصانا.

س 11: ( ألا تخبرني يا سيدي أهو في الخلق، أم الخلق فيه؟... )

ج 11: ( أجل هو يا عمران عن ذلك، ليس هو في الخلق، ولا الخلق فيه تعالى عن ذلك، وسأعلمك ما تعرفه، ولا قوّة إلاّ بالله، أخبرني عن المرآة أنت فيها، أم هي فيك؟ فإن كان ليس واحد منكما في صاحبه، فبأي شيء استدللت بها على نفسك يا عمران...؟ ).

لقد أحال الإمامعليه‌السلام حلول الله تعالى في خلقه، وحلولهم فيه، ومثّل لذلك بالصورة التي تنعكس في المرآة فإنّها لا تحل فيها، وكذلك المرآة لا تحل في الصورة، وإنّما النور هو الذي أوجب رؤية الصورة في المرآة، وهو غير حال في شيء منهما، يقول ابن الفارض:

بوحدته دامت لها كل كثرة

فصحت وقد آنت لها كل علة

فقد صار عين الكل فردا لذاته

وإن دخلت أفراده تحت عدة

نظرت فلم أبصر سوى محض وحدة

بغير شريك فد تغطّت بكثرة

وهنا بحوث فلسفية عميقة أعرضنا عن ذكرها إيثاراً للإيجاز.

س 12: ( بضوء بيني وبينها... ).

١٠٨

وهذا السؤال مرتبط بما قبله، وقد أوضحناه.

ج 12: هل ترى من ذلك الضوء أكثر ممّا تراه في عينك؟

عمران: نعم.

الإمام: فأرناه.

وسكت عمران، ولم يدر ما يقول، فقد سدّ الإمام عليه كل نافذة يسلك منها، وواصل الإمام حديثه قائلاً: ( فلا أرى النور إلاّ وقد دلّك، ودلّ المرآة على أنفسكما من غير أن يكون في واحد منكما، ولهذا أمثال كثيرة غير هذا لا يجد الجاهل فيها مقالاً ولله المثل الأعلى ).

تأجيل المناظرة:

وحضر وقت الصلاة، ولم يجد الإمام بدّاً من تأجيل المناظرة فالتفت إلى المأمون، فقال له: الصلاة حضرت، وخاف عمران من عدم استئناف الحوار بينه وبين الإمام، فقال له: ( يا سيدي لا تقطع عليّ مسألتي، فقد رقّ قلبي... ).

فأوعده الإمامعليه‌السلام بالعودة إلى مناظرته، ونهض الإمام فأدّى فريضة الصلاة.

استئناف المناظرة:

وعادت الجلسة، وقد حضرها المأمون، وكبار العلماء والقادة، والتفت الإمامعليه‌السلام إلى عمران فقال له: ( سل يا عمران... ).

س 13: ( يا سيدي ألا تخبرني عن الله عزّ وجل، هل يوحد بحقيقة أو يوحد بوصف؟... ).

ج 13: إنّ الله المبدأ، الواحد الكائن الأول، لم يزل واحداً لا شيء معه، فرداً لا ثاني معه، لا معلوماً - يعني بحقيقته - ولا مجهولاً، ولا محكماً، ولا متشابهاً، ولا مذكوراً، ولا منسياً، ولا شيئاً يقع عليه اسم شيء من الأشياء، ولا من وقت كان ولا إلى وقت يكون، ولا بشيء قام، ولا إلى شيء يقوم ولا إلى شيء استند، ولا في شيء استكن، وذلك كلّه قبل لخلق(1) إذ لا شيء غيره، وما أوقعت عليه من الكل

____________________

(1) في نسخة قبل خلقه الخلق.

١٠٩

فهي صفات محدثة، وترجمة يفهم بها مَن فهم. واعلم أنّ الإبداع والمشيئة والإرادة معناها واحد، وأسماؤها ثلاثة، وكان أوّل إبداعه ومشيئته وإرادته التي جعلها أصلاً لكل شيء، ودليلاً على كل شيء مدرك، وفاصلاً لكل مشكل، وبتلك الحروف تفريق كل شيء من اسم حق وباطل أو فعل أو مفعول، أو معنى أو غير معنى، وعليها اجتمعت الأمور كلّها ولم يجعل للحروف في إبداعه لها معنى غير أنفسها، تتناهى ولا وجود لها؛ لأنّها مبدعة بالإبداع. والنور في هذا الموضع أوّل فعل الله الذي هو نور السماوات والأرض، والحروف هي المفعول التي عليها مدار الكلام، والعبادات كلّها من الله عزّ وجل علّمها خلقه، وهي ثلاثة وثلاثون حرفاً، فمنها ثمانية وعشرون حرفاً تدل على لغات العربية، ومن الثمانية والعشرين اثنان وعشرون حرفا تدل على لغات السريانية والعبرانية، ومنها خمسة أحرف متحرفة في ساير اللغات من العجم والأقاليم، واللغات كلها، وهي خمسة أحرف تحرفت من الثمانية والعشرين حرفاً من اللغات فصارت الحروف ثلاثة وثلاثين حرفاً، فأمّا الخمسة المختلفة ( فيتجنح ) لا يجوز ذكرها أكثر ممّا ذكرناه ثم جعل الحروف بعد إحصائها، وأحكام عدتها فعلامته كقوله عزّ وجل:( كن فيكون ) وكن منه صنع، وما يكون به المصنوع، فالخلق الأوّل من الله عزّ وجلّ الإبداع لا بوزن له، ولا حركة، ولا سمع، ولا لون، ولا حس، والخلق الثاني الحروف، لا وزن لها، ولا لون، وهي مسموعة موصوفة، غير منظور إليها، والخلق الثالث ما كان من الأنواع كلها محسوساً، ملموساً، ذا ذوق منظور إليه والله تبارك وتعالى سابقاً للحروف، والحروف لا تدل على غير نفسها. وبهر المأمون، ولم يفهم أكثر محتويات هذه الكلمات العميقة التي تحتاج إلى وقت طويل لبيانها، وقال للإمام: ( كيف لا تدل - أي الحروف - على غير أنفسها؟... ). فأجابه الإمام موضحاً له الأمر قائلاً:

( إنّ الله تبارك وتعالى لا يجمع منها شيئاً لغير معنى أبداً، فإذا ألف منها أحرفاً أربعة أو خمسة، أو ستة، أو أكثر من ذلك، أو أقل لم يؤلّفها بغير معنى ولم يكن إلاّ لمعنى محدث لم يكن قبل ذلك شيئاً... ).

س 14: كيف لنا بمعرفة ذلك؟...

ج 14: أمّا المعرفة فوجه ذلك وبيانه: إنّك تذكر الحروف إذا لم ترد بها غير

١١٠

نفسها ذكرتها فرداً، فقلت: ا ب ت ث ج ح خ حتى تأتي على آخرها، فلم تجد لها معنى غير أنفسها، وإذا ألفتها وجعلت منها أحرفاً، وجعلتها اسماً وصفة لمعنى، ما طلبت، ووجه ما عنيت، كانت دليلة على معانيها داعية إلى الموصوف بها، أفهمته؟

( نعم ).

وواصل الإمام حديثه في بيان معاني الحروف عند تركيبها قائلاً: ( واعلم أنّه لا يكون صفة لغير موصوف، ولا حد لغير محدود، والصفات والأسماء كلها تدل على الكمال، والوجود ولا مثال على الإحاطة، كما تدل الحدود التي هي التربيع والتثليث، والتسديس؛ لأنّ الله عزّ وجل تدرك معرفته بالصفات والأسماء، ولا تدرك بالتحديد، بالطول والعرض، والقلّة والكثرة، واللون والوزن، وما أشبه ذلك، وليس يحل بالله، وتقدس شيء من ذلك حتى يعرفه خلقه بمعرفتهم أنفسهم بالضرورة التي ذكرنا. ولكن يدل على الله عزّ وجل بصفاته، ويدرك بأسمائه، ويستدل عليه بخلقه حتى لا يحتاج في ذلك الطالب المرتاد إلى رؤية عين، ولا استماع أذن، ولا لمس كف، ولا إحاطة بقلب، ولو كانت صفاته جلّ ثناؤه لا تدل عليه، وأسماؤه لا تدعو إليه، والمعلمة من الخلق لا تدركه لمعناه كانت العبادة من الخلق لأسمائه وصفاته دون معناه، فلولا أنّ ذلك كذلك لكان المعبود الموحد غير الله لأنّ صفاته وأسماءه غيره... أفهمت يا عمران؟ )

( نعم يا سيدي زدني... )

وواصل الإمام حديثه الممتع، وقد استولى على مَن حضر من العلماء والقادة، قائلاً: ( إيّاك وقول الجهّال من أهل العمى والضلال الذين يزعمون أن الله جل وتقدس موجود في الآخرة للحساب في الثواب والعقاب، وليس بموجود في الدنيا للطاعة والرجاء ولو كان في الوجود لله عزّ وجل نقص واهتضام لم يوجد في الآخرة أبداً، ولكن القوم تاهوا وعموا، وصموا عن الحق من حيث لا يعلمون، وذلك قوله عزّ وجل:( وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً ) (1) .

يعني أعمى عن الحقائق الموجودة، وقد علم ذوو الألباب أنّ الاستدلال على ما هناك لا

____________________

(1) سورة الإسراء: آية 72.

١١١

يكون إلاّ بما ها هنا، ومَن أخذ علم ذلك برأيه، وطلب وجوده وإدراكه عن نفسه دون غيرها لم يزدد من علم ذلك إلاّ بعداً؛ لأنّ الله عزّ وجل جعل علم ذلك خاصة عند قوم يعقلون ويعلمون ويفهمون... ).

س 15: ( يا سيدي ألا تخبرني عن الإبداع أخلق هو أم غير خلق؟... ).

علّق الشيخ الجعفري على هذه المسألة بقوله: إنّ هذه المسألة أيضاً ممّا أعيى الأذهان والعقول البشرية؛ لأنّها التي أوجبت افتراق المسالك والفرق المختلفة فمنهم مَن قال: باستحالة الإبداع مطلقاً أكان من الواجب، أم من الممكن، ومن قبيل المواد والصور أو العقول والنفوس وغيرها، ومنهم من جوزه مطلقاً، ومنهم من حصر إمكان الإبداع على الله تعالى على نحو العموم أي إنّه تعالى قادر على أن يبدع أي موجود شاء دون مادة سابقة له، وقع التغير عليه، وقد قالوا: إنّه مقتضى قدرته المطلقة وقابلية الموضوع ومنهم من ذهب مذاهب أخرى(1) .

ج 15: بل خلق ساكن، لا يدرك بالسكون، وإنّما صار خلقاً لأنّه شيء محدث، والله تعالى الذي أحدثه فصار خلقاً له، وإنّما هو الله عزّ وجل خلقه لا ثالث بينهما ولا ثالث غيرهما، فيما خلق الله عزّ وجل لم يعد أن يكون خلقه، وقد يكون الخلق ساكناً ومتحركاً ومختلفاً ومؤتلفاً ومعلوماً ومتشابهاً، وكل ما وقع عليه حد فهو خلق الله عزّ وجل، واعلم أنّ كل ما أوجدتك الحواس فهو معنى مدرك للحواس، وكل حاسة تدل عل ما جعل الله عزّ وجل لها في إدراكها، والفهم من القلب بجميع ذلك كله، واعلم أنّ الواحد الذي هو قائم بغير تقدير ولا تحديد خلق خلقاً مقدراً بتحديد وتقدير، وكان الذي خلق خلقين اثنين: التقدير والمقدر، وليس في كل واحد منهما لون ولا وزن، ولا ذوق، فجعل أحدهما يدرك بالآخر وجعلهما مدركين بنفسهما، ولم يخلق شيئاً فرداً قائماً بنفسه دون غيره للذي أراد من الدلالة على نفسه واثبات وجوده فالله تبارك وتعالى فرد واحد لا ثاني معه يقيمه، ولا يعضده، ولا يكنه، والخلق ممّا يمسك بعضه بعضاً بإذن الله تعالى ومشيئته، وإنّما اختلف الناس في هذا الباب حتى تاهوا وتحيّروا وطلبوا الخلاص من الظلمة بالظلمة في وصفهم الله تعالى بصفة أنفسهم، فازدادوا من الحق بعداً، ولو وصفوا الله عزّ وجل بصفاته،

____________________

(1) تحف العقول (ص 527).

١١٢

ووصفوا المخلوقين بصفاتهم لقالوا بالفهم واليقين، ولما اختلفوا، فلمّا طلبوا من ذلك ما تحيروا فيه، ارتبكوا، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم... )

س 16: ( أشهد أنّه كما وصفت، ولكن بقيت لي مسألة... ).

( سل عمّا أردت... ).

( أسألك عن الحكيم في أي شيء هو؟ وهل يحيط به شيء؟ وهل يتحوّل من شيء إلى شيء؟ أو به حاجة إلى شيء...؟ ).

ج 16: أخبرك يا عمران فاعقل ما سألت عنه، فإنّه مَن أغمض ما يرد على الخلق في مسائلهم، وليس يفهم المتفاوت عقله، العازب حلمه، ولا معجز عن فهمه أولو العقل المنصفون، أمّا أول ذلك فلو كان خلق ما خلق لحاجة منه لجاز لقائل أن يقول: يتحول إلى ما خلق لحاجة إلى ذلك، ولكنّه عزّ وجل لم يخلق شيئاً لحاجة ولم يزل ثابتا لا في شيء، ولا على شيء إلاّ أنّ الخلق يمسك بعضه بعضاً، ويدخل بعضه في بعض، ويخرج منه،

والله جلّ وتقدّس بقدرته يمسك ذلك كله، وليس يدخل في شيء ولا يخرج منه، ولا يؤوده حفظه، ولا يعجز عن إمساكه، ولا يعرف أحد من الخلق كيف ذلك؟ إلاّ الله عزّ وجل، ومن أطلعه عليه من رسله، وأهل سره، والمستحفظين لأمره وخزانه، القائمين بشريعته، وإنّما أمره كلمح البصر أو هو أقرب، إذا شاء شيئا فإنّما يقول له( كن فيكون ) بمشيئته وإرادته وليس شيء أقرب إليه من شيء، ولا شيء أبعد منه من شيء... أفهمت يا عمران؟... ).

( نعم يا سيدي... ).

إنّ الإنسان مهما أوتي من علم فهو عاجز عن معرفة نفسه وما فيها من الأجهزة الدقيقة المذهلة، فكيف ليعرف أو يحيط علماً بالخالق العظيم، مبدع الأكوان، وواهب الحياة، يقول ابن أبي الحديد:

فيك يا أعجوبة الكون غدا الفكر عليلا

فكري كلّما دان شبراً منك راح ميلا

أنت حيّرت ذوي اللب، وبلبلت العقولا

إنّ فكر الإنسان محدود فكيف يعرف حقيقة الله تعالى، نعم عرفناه وآمنّا به بمخلوقاته، فكل ذرّة في هذا الوجود تنادي بوجود الخالق العظيم الذي لا يعزب عنه مثقال ذرّة في السماء والأرض.

١١٣

إسلام الصابئ:

ولمّا رأى عمران الصابئ الطاقات الهائلة من العلم التي يتمتع بها الإمامعليه‌السلام ، والتي منها أجوبته الحاسمة من أعمق المسائل الفلسفية التي لا يهتدي لحلّها إلاّ أوصياء الأنبياء الذين منحهم الله العلم وفصل الخطاب، أعلن عمران إسلامه وطفق يقول: ( أشهد أنّ الله تعالى على ما وصفت، ووحدت، وأشهد أنّ محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله عبده المبعوث بالهدى، ودين الحق... ). ثم خرّ ساجداً لله تعالى وأسلم، وبهر العلماء والمتكلمون من علوم الإمام، ومواهبه وعبقرياته، وراحوا يحدثون الناس عن فضل الإمام وسعة علومه، وانصرف المأمون وهو غارق بالألم، قد أترعت نفسه بالحقد والحسد للإمام:

خوف محمد على الإمام:

وخاف عمّ الإمام محمد بن جعفر عليه من المأمون، وكان حاضرا في المجلس، ورأى كيف تغلب على عمران الصابئ الذي هو في طليعة فلاسفة العصر، فاستدعى الحسن بن محمد النوفلي، وكان من أصحاب الإمام فقال له: ( يا نوفلي أما رأيت ما جاء به صديقك - يعني الإمام -؟

لا والله ما ظننت أنّ علي بن موسى الرضا خاض في شيءٍ قط، ولا عرفناه به، إنّه كان يتكلّم بالمدينة، أو يجتمع إليه أصحاب الكلام؟...

( وراح النوفلي يعرفه بعلم الإمام وفضله قائلاً: ( قد كان الحجاج يأتونه فيسألونه عن أشياء من حلالهم وحرامهم فيجيبهم، وربّما كلم مَن يأتيه يحاججه... ).

وراح محمد يبدي مخاوفه من المأمون على ابن أخيه قائلاً: ( إنّي أخاف عليه أن يحسده هذا الرجل فيسمّه أو يفعل به بليّة، فأشر عليه بالإمساك عن هذه الأشياء... ).

وكان النوفلي يظن خيراً بالمأمون، ولا يخاف منه على الامام، فقال لمحمد: ) ما أراد الرجل - يعني المأمون - إلاّ امتحانه ليعلم هل عنده شيء من علوم آبائه؟... ).

ولم يقنع محمد بكلام النوفلي، فقد كان يظن السوء بالمأمون وراح يقول له: ( قل له: إنّ عمّك قد كره هذا الباب، وأحب أن تمسك عن هذه الأشياء

١١٤

لخصال شتّى... ).

وكان عمّ الإمام مصيباً في حدسه، عالماً بما تكنّه الأسرة العباسية من العداء والحقد لأهل البيتعليهم‌السلام ، وقد أثارت أسئلة الصابئ وإسلامه على يد الإمام أحقاد المأمون فقدم اغتيال الإمام كما سنوضّح ذلك في غضون هذا الكتاب.

ونقل النوفلي كلمات محمد إلى الإمامعليه‌السلام فشكره على ذلك، ودعا له بالخير.

تكريم الإمام لعمران:

وكسب الإمامعليه‌السلام في مناظرته إسلام عمران الذي هو في طليعة علماء عصره، فقد بعث خلفه، فلمّا مثل عنده رحّب به وقابله بمزيد من الحفاوة والتكريم، ودعا له بكسوة فخلعها عليه وأعطاه عشرة آلاف درهم، ففرح عمران بذلك وأخذ يدعو للإمام ويشكره على ذلك قائلاً: ( جُعلت فداك حكيت فعل جدّك أمير المؤمنين عليه السلام ).

وجعل عمران يتردد على الإمام ويكتسب من فيض علومه وصار بعد ذلك فيما يقول المؤرّخون داعية من دعاة الإسلام، وجعل المتكلمون من أصحاب المقالات والبدع يفدون عليه، ويسألونه عن مهام المسائل وهو يجيبهم عنها، حتى اجتنبوه، وأوصله المأمون بعشرة آلاف درهم، كما أعطاه الفضل بن سهل مالاً، وولاه الإمام على صدقات بلخ فأصاب الرغائب(1) .

أسئلة سليمان المروزي:

أمّا سليمان المروزي فكان متضلّعاً بالفلسفة، ومتمرسا في البحوث الكلامية وكان يعد في طليعة علماء خراسان، وقد انتدبه المأمون لامتحان الإمام الرضاعليه‌السلام وقد قابله بحفاوة وتكريم، وقال له: إنّ ابن عمي علي بن موسى الرضا، قدم علي من الحجاز، وهو يحب الكلام وأصحابه، فلا عليك أن تصير إلينا يوم التروية لمناظرته... ).

وخاف سليمان من ذلك، فقد ظن أنّ الإمام سوف يعجز عن أجوبة مسائله فيحقد عليه العلويون، وراح يعتذر من المأمون قائلاً:

____________________

(1) عيون أخبار الرضا 1 / 168 - 178، وذكر الطبرسي ما يقرب من ذلك في الاحتجاج، والمجلسي في البحار، والحسن بن شعبة في تحف العقول.

١١٥

( إنّي أكره أن أسأل مثله في مجلسك في جماعة من بني هاشم، فينتقص عند القوم إذا كلّمني، ولا يجوز الانتقاص عليه... ).

وتعهّد له المأمون، ووعده أن لا يصيبه أي أذى أو مكروه قائلاً: ( إنّما وجهت إليه لمعرفتي بقوتك، وليس مرادي إلاّ تقطعه عن حجّة واحدة فقط... ).

وهذا الكلام يدلل على سوء ما يضمره المأمون للإمام، وما يكنّه له من الحقد والعداء، واطمأن سليمان، من أي اعتداء عليه، وراح يقول للمأمون: ( حسبك يا أمير المؤمنين، اجمع بيني وبينه، وخلّني والذم... ).

ووجّه المأمون في الوقت رسوله إلى الإمام يطلب منه الحضور لمناظرة سليمان فأجابه الإمام إلى ذلك، وحضر معه وفد من أعلام أصحابه ضم عمران الصابئ الذي أسلم على يده وجرى حديث بينه وبين سليمان حول البداء، فأنكره سليمان، وأثبته عمران، وطلب سليمان رأي الإمام فيه فأقره، واستدل عليه بآيات من الذكر الحكيم، والتفت المأمون إلى سليمان فقال له: سل أبا الحسن عما بدا لك وعليك بحسن الاستماع والإنصاف، ووجه سليمان الأسئلة التالية للإمامعليه‌السلام :

س 1: ( ما تقول فيمَن جعل الإرادة اسماً وصفة مثل حي، وسميع، وبصير وقدير؟... ).

ج 1: إنّما تقول: حدثت الأشياء واختلفت لأنّه شاء وأراد، ولم تقولوا: حدثت الأشياء واختلفت لأنّه سميع بصير، فهذا دليل على أنّهما - أي الإرادة والمشيئة - ليستا مثل سميع، ولا بصير، ولا قدير.

وانبرى سليمان قائلاً: ( فإنّه لم يزل مريداً... ).

ورد عليه الإمام: ( يا سليمان فإرادته غيره؟... ).

( نعم... ).

وذهب سليمان إلى التعدد مع أنّ الله تعالى متحد مع إرادته، وأبطل الإمام شبهته قائلاً: ( قد أثبت معه شيئاً غيره لم يزل؟... ).

( ما أثبت... ).

١١٦

( أهي - أي الإرادة - محدثة؟... ).

( لا ما هي محدثة... ).

وضيق الإمام على سليمان الخناق، وراحت أقواله تتناقض فتارة يقول بقدم الإرادة، وأخرى يقول بحدوثها، فصاح به المأمون، وطلب منه عدم المكابرة، والإنصاف في حديثه قائلاً: ( عليك بالإنصاف، أما ترى من حولك من أهل النظر؟. )

والتفت المأمون إلى الإمام قائلاً: ( كلّمه يا أبا الحسن، فإنّه متكلّم خراسان ).

وسأله الإمام قائلاً: ( أهي محدثة؟... ).

فأنكر سليمان حدوث الإرادة، فردّ عليه الإمام: ( يا سليمان هي محدثة، فإنّ الشيء إذا لم يكن أزلياً كان محدثاً، وإذا لم يكن محدثاً كان أزلياً... ).

وانبرى سليمان قائلاً:

( إرادته - أي الله - منه؟ كما أنّ سمعه وبصره وعلمه منه ).

وأبطل الإمام عليه قوله، وقائلاً: ( فأراد نفسه؟... ).

( لا... ).

وأخذ الإمام يفند مقالته قائلاً له: ( فليس المريد مثل السميع والبصير ).

وراح سليمان يتخبّط خبط عشواء فقد ضيّق الإمام عليه، وسد كل نافذة يسلك منها، قائلاً: ( إنّما أراد نفسه، كما سمع نفسه، وأبصر نفسه، وعلم نفسه... ).

وانبرى الإمام فأبطل مقالته، قائلاً له: ( ما معنى أراد نفسه؟ أراد أن يكون شيئاً، وأراد أن يكون حياً، أو سميعاً، أو بصيرا أو قديراً؟... ).

ولم يدر سليمان ماذا يقول، فأجاب: ( نعم... ).

١١٧

فقال له الإمام: ( أفبإرادته كان ذلك؟... ).

( نعم... )

وطفق الإمام يبطل مقالته، ويبدي ما فيها من التناقض قائلاً: ( فليس لقولك: أراد أن يكون حياً سميعاً، بصيراً معنى، إذا لم يكن ذلك بإرادته؟... ).

والتبس الأمر على سليمان، وراح يقول: ( بلى قد كان ذلك بإرادته... ). وعجّ المجلس بالضحك، وضحك المأمون والرضاعليه‌السلام من تناقض كلام سليمان، والتفت الإمام إلى الجماعة، وطلب منهم الرفق بسليمان، ثم قال له: ) يا سليمان، فقد حال - أي الله تعالى - عندكم عن حاله وتغير عنها، وهذا ما لا يوصف الله به... ).

وبان العجز على سليمان، وانقطع الكلام، والتفت الإمام إليه ليقيم عليه الحجة قائلاً: ( يا سليمان أسألك عن مسألة...؟ ).

( سل جعلت فداك... ).

( اخبرني عنك وعن أصحابك تكلمون الناس بما تفقهون وتعرفون؟ أو بما لا تفقهون، ولا تعرفون... ).

( بل بما نفقه ونعلم... ).

وأخذ الإمام يقيم الحجّة والبرهان على خطأ ما ذهب إليه سليمان قائلاً: ( فالذي يعلم الناس أنّ المريد غير الإرادة، وأنّ المريد قبل الإرادة، وأنّ الفاعل قبل المفعول، وهذا يبطل قولكم: إنّ الإرادة والمريد شيء واحد... ).

وطفق سليمان قائلاً: ( جعلت فداك، ليس ذلك منه على ما يعرف الناس، ولا على ما يفقهون؟ ).

واندفع الإمام يبطل ما ذهب إليه قائلاً: ( فأراكم ادعيتم علم ذلك بلا معرفة، وقلتم: الإرادة كالسمع والبصر إذا كان ذلك عندكم على ما لا يعرف، ولا يعقل... ).

وحار سليمان ولم يطق جواباً أمام هذه الطاقات الهائلة من العلم التي يملكها

١١٨

الإمامعليه‌السلام ، واستأنف الإمام حديثه ليتم عليه الحجة قائلاً: ( يا سليمان هل يعلم الله جميع ما في الجنة والنار؟... ).

وأسرع سليمان قائلاً: ( نعم ).

وانبرى الإمام قائلاً: ( أفيكون ما علم الله تعالى أنه يكون من ذلك؟... ).

( نعم... ).

( فإذا كان حتى لا يبقى منه شيء، إلاّ كان يزيدهم أو يطويه عنهم؟... )

فأجاب سليمان: ( بل يزيدهم... ).

وأبطل الإمام قوله: ( فأراه في قولك: قد زادهم ما لم يكن في علمه، أنّه يكون... ).

وطفق سليمان يقول: ( جعلت فداك فالمريد لا غاية له... ).

ومضى الإمام يفنّد شبه سليمان قائلاً:

( فليس يحيط علمه عندكم بما يكون فيهما إذا لم يعرف غاية ذلك وإذا لم يحط علمه بما يكون فيهما، لم يعلم ما يكون فيهما قبل أن يكون، تعالى الله عزّ وجل عن ذلك علواً كبيراً... ).

وراح سليمان يعتذر ويوجه ما قاله: ( إنّما قلت: لا يعلمه، لأنه لا غاية لهذا، لان الله عزّ وجل وصفهما بالخلود، وكرهنا أن نجعل لهما انقطاعاً... ).

وراح الإمامعليه‌السلام يفنّد شبهه وأوصافه قائلاً: ( ليس علمه بذلك بموجب لانقطاعه عنهم؛ لأنّه قد يعلم ذلك، ثم يزيدهم ثم لا يقطعه عنهم، وكذلك قال الله عزّ وجل في كتابه:( كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ) (1) وقال لأهل الجنّة:( عَطَاءً غَيْرَ

____________________

(1) سورة النساء / آية 56.

١١٩

مجذوذ ) (1) وقال عزّ وجل:( وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ ) (2) فهو عزّ وجل يعلم ذلك لا يقطع عنهم الزيادة... أرأيت ما أكل أهل الجنة، وما شربوا يخلف مكانه؟... ).

( بلى... ).

( أفيكون يقطع ذلك عنهم، وقد أخلف مكانه؟... ).

( لا... ).

ومضى الإمامعليه‌السلام يقرّر ما ذهب إليه قائلاً: ( فكذلك كلما يكون فيها إذا أخلف مكانه فليس بمقطوع عنهم... ).

وراح سليمان يتمسك بالشبه والأوهام ثم يزيله عنها هذه الحجج البالغة التي أقامها الإمام قائلاً: ( بلى يقطعه عنهم، ولا يزيدهم... ).

وانبرى الإمام فأبطل ذلك بقوله: ( إذا يبيد فيها، وهذا يا سليمان إبطال الخلود، وخلاف الكتاب؛ لأنّ الله عزّ وجل يقول:( لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد ) (3) .

ويقول عزّ وجل: (عطاء غير مجذوذ) ويقول عزّ وجل:( وما هم عنها بمخرجين ) (4).

ويقول عزّ وجل:( خالدين فيها أبداً ) (5)

ويقول عزّ وجل:( وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ ) .

ووجم سليمان، وحار في الجواب، وراح يسد عليه كل نافذة يسلك فيها لإثبات شبهة قائلاً له: ( يا سليمان ألا تخبرني عن الإرادة أفعل هي أم غير فعل...؟ ).

( بل هي فعل... ).

ورد الإمام عليه: ( فهي محدثة لأنّ الفعل كله محدث... ). إنّ كل ممكن معلول ومصنوع وحادث إمّا واجب الوجود تعالى فهو عارٍ عن

____________________

(1) سورة هود / آية 108

(2) سورة الواقعة / آية 33.

(3) سورة ق / آية 35.

(4) سورة الحجر / آية 48.

(5) سورة البينة / آية 8.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453