تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ٣

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي0%

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي مؤلف:
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 543

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد محمد باقر الموحد الأبطحي (الإصفهاني)
تصنيف: الصفحات: 543
المشاهدات: 144207
تحميل: 6699


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 543 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 144207 / تحميل: 6699
الحجم الحجم الحجم
تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء 3

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

____________________

= وقد اخبر ابوالحسن موسىعليه‌السلام اسحاق بن عمار بموته إلى سنتين، وان اخوته واهل بيته تتفرق كلمتهم بعده بيسير. ولم يكن اسحاق بن عمار بن حيان الصيرفى الكوفى فطحيا لما تقدم من الماتن من التصريح بوثاقته، وأنه من شيوخ اصحابنا، ولظاهر بعض الاخبار كما تقدم، ولكونه من خاصه أبى عبداللهعليه‌السلام ومن يعتمد عليه كما يظهر من رواية العيون، ولا يكون الفطحى كذلك. كما أنه من حال أخويه وابنه محمد بن اسحاق الذى هو من ثقات اصحاب الكاظمعليه‌السلام وخاصته وكذا من احوال ساير اهل بيته من رواة الحديث و مشايخ الاجازة ممن قد أشرنا اليهم يظهر أنهم ليسوا من الفطحية.

قلت: اثبات التعدد مبنى على أمرين: تعدد عمار بن حيان الكوفى و عمار بن موسى الساباطى وعمار بن الفيض، والافمع اتحاد الجميع بناء‌ا على تعدد الاسم او كون النسبة إلى الجد فلا مجال لتعدد اسحق، ووجود ابن لهما مسمى باسحق والا فمع عدم وجود اكثر من اسحاق فيتعارض قول النجاشى: شيخ من أصحابنا ثقة مع قول الشيخ: فطحى.

وكلام الاول نص في الجلالة والامانة وظاهر في الامامية وكلام الثانى نص في الفطحية، فيؤخد بنص الثانى ويتصرف في ظاهر الاول. والخبير المتأمل في كتب مشايخ الحديث يعرف انه ليس في الاخبار الا اسحاق بن عمار وفى بعضها قد زيد: الصيرفى، فهذا الشيخ قد اكثر في التهذيبين وساير كتبه في الرواية عن اسحاق بن عمار عن أبى عبدالله وأبى الحسنعليهما‌السلام ، ولما ذكره في اصحابهما من رجاله وصفه بالكوفى الصيرفى التغلبى بل في موضع قال: له كتاب.

فلو وقف في الروايات او في الفهرستات والمشيخات والاصول الاربعمائة وساير المصنفات وخاصة الكتب المؤلفة في اصحاب الائمةعليه‌السلام والكتاب الكبير لابى العباس بن عقدة الذى أنهى فيه أصحاب الصادق إلى أربعة آلاف، والكتاب الضخم الذى جمع فيه ابوالعباس بن نوح السيرافى ما ذكره ابن عقدة وما لم يذكره من اصحاب الائمةعليه‌السلام ، على اسحاق بن عمار بن موسى الساباطى من اصحابهما، لذكره في رجاله.

ولو وقف على اسحاق بن عمار بن حيان الصيرفى غير الساباطى، لذكر الطريق اليه في الفهرست، ولم يخف على مثله كلام الصدوق في المشيخة ولا ما ذكره البرقى.

ولم يذكر الساباطى غير الشيخ في الفهرست في هذا الموضع مع انه قال في الفهرست في غياث بن كلوب: له كتاب عن اسحاق بن عمار، ثم ذكر طريقه. وغياث بن كلوب هو الراوى عن اسحاق الصيرفى الكوفى. وعلى هذا فوجود اسحاقين غير معلوم، بل الظاهر الاتحاد.

واما توصيف الشيخ اياه بالساباطى وبأنه فطحى فلا يوجب التعدد. اما الاول فلانه وصف لابيه وتقدم عنه وعن البرقى ان عمارا كان كوفيا سكن مدائن (ساباط). واما الثانى فانه ليس قرينة على التعدد، لا من جهة ما التزم به غير واحد منهم السيد الطباطبائىقدس‌سره في المحكى عنه من الحمل على سبق الذهن ثم القلم بحسب الانس بعمار الساباطى الفطحى وان جلالة الشيخ في الطائفة و معرفته بالرجال منعت عن التصريح بانه من سهو قلمه الشريف ولو كان ذلك من غيره لحمل على السهو بأقل تأمل. بل لان مذهب اسحاق بن عمار الكوفى الصيرفى لم يكن واضحا جليا ولذلك صار محل النظر للاعلام بعد أن كان جليلا وجيها في ايام أبى عبدالله كما تؤمى اليه جملة من الروايات. ولعله قد اشتبه الامر عليه لما مضى أبوعبداللهعليه‌السلام وكانت التقية شديدة كما اشتبه الامر عليه أكابر الشيعة مثل زرارة وأبى بصير ومؤمن الطاق وهشام بن سالم واضطربوا في امر عبدالله بن جعفر ورجع اليه الشيعة: ثم بعد ما وقفوا على البينات وما رأوها من المعجزات من أبى الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام رجعوا اليه وايقنوا وبقى عمار وجماعة على القول بعبد الله على ما يأتى.

فروى الكشى(٢٥٧) عن نصر بن الصباح قال حدثنى سجادة قال حدثنى محمد بن وضاح عن اسحاق بن عمار قال كنت عند أبى الحسنعليه‌السلام جالسا حتى دخل عليه رجل من الشيعة فقال له: يا فلان جدد التوبة واحدث عبادة فانه لم يبق من عمرك الا شهر. =

٢١

____________________

= قال اسحاق: فقلت في نفسى: واعجباه ! كأنه يخبرنا انه يعلم آجال الشيعة، او قال: آجالنا.

قال: فالتفت إلى مغضبا وقال: يا اسحاق وما تنكر من ذلك وقد كان رشيد الهجرى مستضعفا، وكان عنده علم المنايا والامام اولى بذلك من رشيد الهجرى. يا اسحاق قد بقى من عمرك سنتان، اما انه يتشتت اهل بيتك تشتتا قبيحا ويفلس عيالك افلاسا شديدا.

ورواه في اصول الكافى ج ١ ص ٤٨٤ ٧ عن احمد بن مهران عن محمد بن على عن سيف بن عميرة عن اسحاق نحوه من تفاوت وزاد في آخره: فكان هذا في نفسك فقلت: فانى استغفر الله بما عرض في صدرى، فلم يلبث اسحاق بعد هذا المجلس الا يسيرا حتى مات، فما أتى عليهم الا قليل حتى قام بنو عمار بأموال الناس فأفلسوا.

وروى في ترجمة هشام بن سالم(١٨٢) عن جعفر بن محمد عن الحسن بن على بن النعمان عن أبى يحيى عن هشام بن سالم قال كنا بالمدينة بعد وفاة أبى عبداللهعليه‌السلام أنا ومؤمن الطاق والناس مجتمعون على ان عبدالله صاحب الامر بعد أبيهعليه‌السلام . فدخلنا عليه أنا وصاحب الطاق (الحديث بطوله إلى ان ذكر سؤاله عنه المسائل وأعيائه عن الجواب حتى اعترف بالجهل وخروجهم من عنده باكين حيارى لا يدرون إلى من يقصدون والى من يتوجهون حتى جاء رسول أبى الحسنعليه‌السلام واوحى اليهم فزعموا انه من جواسيس المنصور، فتبعه هشام ظنا منه انه لا يقدر على التخلص منه، فأدخله على ابى الحسنعليه‌السلام ورأى منه من الايات وهكذا ساير اصحابه ورجعوا اليه وفى آخره:) قال وكان كل من دخل عليهعليه‌السلام قطع عليه الا طائفة مثل عمار وأصحابه، فبقى عبدالله لا يدخل عليه احد الا قليلا.. رواه المفيد في الارشاد(٢٠٢) عن ابن قولويه عن الكلينى في الكافى مع تفاوت وفيه: قطع عليهعليه‌السلام الا طائفة عمار الساباطى فبقى عبدالله...

وفى اصول الكافى ج ١ ص ٣٥١ ٧ عن محمد بن يحيى عن احمد محمد بن عيسى عن أبى بحيى الواسطى عن هشام بن سالم نحوه وفى آخره: فكل من دخل عليه قطع الا طائفة عمار واصحابه وبقى عبدالله...

هذا وللاشكال في التمسك بالخبرين على فطحية اسحاق مجال.

اما الاول: فلقصوره سندا بالحسن بن على بن أبى عثمان سجادة الضعيف وبمحمد بن وضاح المهمل في الرجال على كلام في ابن صباح. هذا على ما رواه الكشى، وأما على ما رواه في الكافى فبمحمد بن على الصيرفى الضعيف وبأحمد بن مهران المجهول ان لم يكن ضعيفا.

ودلالة: فان عدم معرفته بصفات الامام وانه يعلم الغيب لا يدل على كونه فطحيا فتأمل.

واما الثانى: فلقصوره سندا بأبى يحيى الواسطى الضعيف أو المشترك بينه وبين غيره.

ولادلة فانه ان تم الاستناد به فانما يدل على كون اسحاق فطحيا بالعموم، ولا يؤخذ به في قبال الخاص الدال على أنه غير فطحى وهو تصريح النجاشى بأنه شيخ من اصحابنا ثقة. مضافا إلى ان بقاء عمار وأصحابه على الشك لا يوجب الحكم بكونهم فطحيين. مع أن عدم القطع في بادى الامر حسب ما قطع أصحابنا عليه لا يوجب الالتزام ببقائهم عليه، ولعله زال الشك وقطعوا عليه هم أيضا بعد حين. وفى غير واحد من الروايات عن أبى الحسن موسىعليه‌السلام أنه قال: انى استوهبت عمار الساباطى من ربى فوهبه لى. ولعله لذلك لم يصرح النجاشى في ترجمته عند ما ذكره باخوته بأنه فطحى، بل قال: وكانوا ثقات في الرواية. =

٢٢

____________________

= ويأتى الكلام في ذلك انشاء الله في ترجمته. بل يمكن دعوى عدول الشيخ عما ذكره في الفهرست من أنه فطحى بما ذكره في الرجال المتأخر تصنيفا عنه في اصحاب الكاظمعليه‌السلام قائلا: ثقة، له كتاب. والفرق بين الاصل وبين الكتاب على ما تقدم في مقدمة هذا الشرح لا يوجب التعدد كما يظهر بالتأمل فيما ذكرنا، وبما وجدنا من اختلاف النجاشى والشيخ في كتاب شخص واحد بالتعبير عنه بالاصل او الكتاب. ومن ذلك يظهر ما في استناد بعضهم لتعدد اسحاق بن عمار الصيرفى بأنه له كتاب كما في المتن و اسحاق بن عمار الساباطى فان له أصلا كما في الفهرست. ثم انه قد خرجنا عن وضع الكتاب في المقام لانه من محل الانظار واختلاف الاراء حسب الاعصار حتى أطنب فيه الموجز في غير المقام بل أفرد بعضهم لذلك رسالة، والله الموفق للصواب. (*)

٢٣

١٦٨ - اسحاق بن جرير بن يزيد بن جرير بن عبدالله البجلى(١)

____________________

(١) كان اسحاق بن جرير من بيت كبير فيهم المحدثون.

فقال السمعانى في الانساب في الجريرى: هذه النسبة إلى جرير بن عبدالله البجلى والى أتباع محمد بن جرير الطبرى، فأما المنتسب إلى جرير البجلى فهو.. وهم كثيرون.. وأبومنصور بن سليمان بن محمد بن الفضل بن جرير النهروانى البجلى الجريرى: من ولد جرير بن عبدالله البجلى صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ...

قلت: ونشير إلى جماعة ممن ينتسب اليه اسحاق هذا، وهم:(١ جرير بن عبدالله أبوعمرو البجلى الصحابى) قال الشيخ في الصحابة من رجاله(١٣): جرير بن عبدالله أبوعمرو، ويقال: أبوعبدالله البجلى، سكن الكوفة، وقدم الشام برسالة أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى معاوية، وأسلم في السنة التى قبض فيها النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وقال الحلى في الخلاصة ص ٣٦ في الممدوحين بعد ذكره: قدم الشام برسالة أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى معاوية، وذكره أيضا ابن داود في القسم الاول ص ٨١ وذكر نحو ما ذكره الشيخ. وفى البحار ج ٢١ ٣٧١ عن الطبرسى في اعلام الورى في وقايع السنة العاشرة: وفيها قدم وفد بجيلة، قدم جرير بن عبدالله البجلى، ومعه من قومه مأة وخمسون رجلا، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يطلع عليكم من هذا الفج من خير ذى يمن، على وجه مسحة ملك). فطلع جرير على راحلته ومعه قومه، فأسلموا وبايعوا.

قال جرير: وبسط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يده فبايعنى. وقال: على أن تشهد أن لا اله الا الله وأنى رسول الله، وتقيم الصلوة، وتؤتى الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتنصح للمسلمين، وتطيع الوالى وان كان عبدا حبشيا. فقلت: نعم، فبايعته. وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يسأله عما وراء‌ه فقال: يا رسول الله قد أظهر الله الاسلام والاذان وهدمت القبائل أصنامهم التى تعبد. قال: فما فعل ذو الخلصة؟ قال: هو على حاله، فبعثه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى هدم ذى الخلصة، وعقد له لواء‌ا... فخرج في قومه وهم زهاء مأتين، فما أطال الغيبة حتى رجع، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أهدمته؟ قال: نعم الذى بعثك بالحق، وأحرقته بالنار، فتركته كما يسوء أهله، فبرك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خيل أخمس ورجالها.

وفى البحار ج ١٦ ٢٣٥ عن ابن شهر آشوب في المناقب عن جرير بن عبدالله أن النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله دخل بعض بيوته فامتلا البيت، فدخل جرير فقعد خارج البيت، فأبصره النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأخذ ثوبه فلفه فرمى به اليه وقال اجلس على هذا، فاخذه جرير فوضعه على وجهه فقبله.

وروى الراوندى في الخرائج كما في البحار ج ٢٠ ٣٨٠ ٥ و ج ١٥ ٢٢٠ ٤٠ عن جرير بن عبدالله البجلى قال: بعثنى النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله بكتابه إلى ذى الكلاع وقومه، فدخلت عليه، فعظم كتابه، وتجهز، وخرج في جيش عظيم وخرجت معه نسير، اذ رفع لنا دير راهب، فقال: اريد هذا الراهب، فلما دخلنا عليه سأله: أين تريد؟ قال: هذا النبى الذى خرج في قريش وهذا رسوله.

قال الراهب: لقد مات هذا الرسول، فقلت: من أين علمت بوفاته؟ قال انكم قبل أن تصلوا إلى كنت أنظر في كتاب دانيال، مررت بصفة محمد و ونعته وأيامه وأجله، فوجدت أنه توفى في هذه الساعة.

فقال ذو الكلاع: أنا أنصرف، قال جرير: فرجعت فاذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله توفى ذلك اليوم.

وقال ابن سعد في الطبقات ج ١ ٣٤٧ في وفده مع بجيلة: قدم جرير بن عبدالله البجلى سنة عشر المدينة ومعه من قومه مأة وخمسون رجلا، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يطلع عليكم من هذا الفج من خير ذى يمن، على وجهه مسحة ملك، فطلع جرير على راحلته ومعه قومه فأسلموا وبايعوا. =

٢٤

____________________

= قال جرير فبسط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فبايعنى وقال على أن تشهد أن لا اله الا الله، وأنى رسول الله، وتقيم الصلوة، وتؤتى الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتنصح المسلم، وتطيع الوالى وان كان عبدا حبشيا، فقال: نعم، فبايعه... وكان نزول جرير بن عبدالله على فروة بن عمرو البياضى، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يسائله عما وراء‌ه. فقال يا رسول الله قد أظهر الله الاسلام، وأظهر الاذان في مساجدهم وساحاتهم، وهدمت القبائل اصنامها التى كانت تعبد، قال: فما فعل ذو الخلصة؟ قال هو على حاله قد بقى والله مريح منه ان شاء الله، فبعثه رسول الله إلى هدم ذى الخلصة وعقد له لواء‌ا... فخرج في قومه وهم زهاء مأتين، إلى آخر ما ذكره الطبرسى في اعلام الورى.

وقال ايضا في الطبقات ج ٥ ٢٢ عند ذكره فيمن نزل الكوفة من الصحابة: ويكنى أبا عمرو، أسلم في السنة التى قبض فيها النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله ووجهه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ذى الخلصة فهدمه، ونزل الكوفة بعد ذلك، وابتنى بها دارا في بجيلة، وتوفى بالسراة في ولاية الضحاك بن قيس على الكوفة، وكانت ولاية الضحاك سنتين ونصفا بعد زياد بن أبى سفيان.

وقال في معجم البلدان ج ٢ ٢٨٣ في الخلصة: وهو بيت اصنام كان لدوس، وخثعم، وبجيلة، ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة، وهو صنم لهم فأحرقه جرير بن عبدالله البجلى حين بعثه النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقيل: كان لعمرو بن لحى بن قمعة نصبه اعنى الصنم بأسفل مكة حين نصب الاصنام في مواضع شتى، فكانوا يلبسونه القلائد، ويعلقون عليه بيض النعام، ويذبحون عنده، وكان معناهم في تسميتهم له بذلك: ان عباده والطائفين به خلصة، وقيل هو الكعبة اليمانية التى بناها ابرهة بن الصباح الحميرى، وكان فيه صنم يدعى: الخلصة، فهدم. وقيل: كان ذو الخلصة يسمى الكعبة اليمانية، والبيت الحرام الكعبة الشامية... قلت: وقد اطال في نقل الاقوال في تسمية ذى الخلصة، وفى بانيها، وفى الاقوام التى يعبدونها ويستعظمونها وفى كثرة توجه الناس الكفرة اليها قديما وفى آخر الزمان حسب ما روى في ذلك الحديث، وفى كيفيتها، وفى سدانها، وغير ذلك ولم يحك خلافا في هدم جرير لها بأمر النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله واحراقها.

وقال ابن عبد البرفى الاستيعا؟ عند ذكر نسبة جرير بن عبدالله بن جابر...

بن الغوث البجلى: يكنى أبا عمرو وقيل أبا عبدالله، واختلف في بجيلة فقيل ما ذكرنا، وقيل انهم من ولد أنمار بن نزار على ما ذكرناه في كتاب القبائل، ولم يختلفوا أن بجيلة أمهم، نسبوا اليها، وهى بنت صعب بن على بن سعد العشيرة، قال ابن اسحاق: جرير بن عبدالله البجلى سيد قبيلته يعنى بجيلة... وكان كريما في قومه، وافدا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال ابن عبدالبر: وقال فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين أقبل وافدا عليه: يطلع عليكم خير ذى يمن، كأن على وجهه مسحة ملك، فطلع جرير.

وروى ابن حجر في الاصابة عنه أنه لما أتى النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: ما جاء بك؟ قلت: جئت لاسلم، فألقى كسائه وقال: اذا أتاكم كريم فوم فاكرموه. وأشار إلى الرواية ايضا ابن عبدالبر في الاستيعاب.

قلت: ورواه في البحار ج ١٦ ٢٣٨ عن المناقب مع تفاوت.

قال أبوعمرو: كان اسلامه في العام الذى توفى فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال جرير: أسلمت قبل موت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأربعين يوما.. وبعثه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إلى ذى كلاع، وذى اعين باليمن... ثم ذكر عن رواية: وبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جرير بن عبدالله إلى ذى الكلاع، وذى ظليم باليمن.. وذكر ابن حجر في الاصابة جملة ما ذكره في الاستيعاب.

وقال ابن سعد في الطبقات ج ٦ ٢٢ عند ذكره: أسلم في السنة التى قبض فيها النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ووجهه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ذى الخلصة، فهدمه...

٢٥

____________________

= قلت: في وقت اسلام جرير خلاف، فقال أبوعمر في الاستيعاب: كان اسلامه في العام الذى توفى فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال جرير: أسلمت قبل موت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأربعين يوما.

وقال ابن سعد في الطبقات ج ٦ ٢٢: أسلم في السنة التى قبض فيها النبى..

قلت: ويبعده رواية البخارى ج ٨ عنه خطبة النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله في حجة الوداع في باب مستقل، وايضا مسلم في صحيحه ج ١ ٣٧، وهو من احاديث كنز العمال ج ١ ١٦٥.

وأيضا قول الواقدى: ان جريرا وفد على النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله في شهر رمضان سنة عشر، وانه بعثه إلى ذى الخلصة بعد ذلك، ذكره في الاصابة.

وأيضا رواية الطبرانى عن جرير قال قال لنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ان أخاكم النجاشى قد مات.

وايضا رواية أبى عمرو في الاستيعاب: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : بعث جريرا إلى ذى كلاع، وذى رعين باليمن، وذى ظليم باليمن.

وأيضا روايته بعث النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله اياه في خمسين من قومه إلى ذى الخلصة، فاتاها وأحرقها.

وذكره ابن سعد أيضا في الطبقات ج ٦ ٢٢. وذو الخلصة بيت كان يدعى: الكعبة اليمانية لخثعم، كان فيه صنم اسمه الخلصة، ذكره في القاموس. وتفصيل ذلك وتحقيقه في كتابنا (الطبقات الكبرى)، عند ذكره في الصحابة.

وكان بعثهصلى‌الله‌عليه‌وآله جريرا إلى ذى الكلاع، وذى ظليم في مرضهصلى‌الله‌عليه‌وآله كما في الطبرى ج ٣ ١٨٧. ثم ان جريرا كان في عصر النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله وجيها، ولكن له أحوالا ووجوها بعد وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ان مات، نشير اليها ولم تحصل له بصيرة في عصر الرسالة حتى استعمل للخلفاء ثم اشتراه معاويه في عصره.

١ - جرير في خلافة ابى بكر

لم اقف على ذكر اصحاب السير والتراجم والتواريخ محل اقامة جرير عند وفات النبى الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الا انه يظهر هجرته مما رواه البيهقى في السنن الكبرى ج ٩ ١٣ باب فرض الهجرة باسناده عن جرير قال اتيت النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يبايع الناس فقلت: يا نبى الله ابسط يدك حتى أبايعك واشترط على فأنت أعلم بالشرط منى، قال: ابايعك على ان تعبد الله وتقيم الصلاة، وتؤتى الزكاة، وتناصح المؤمن، وتفارق المشرك. وايضا باسناد آخر عنه ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من أقام من المشركين فقد برئت منه الذمة.

قال الطبرى في تاريخه ج ٣ ٤٢٧ في ارسال عمر جريرا إلى حرب العراق والقادسية: فاستعمل عرفجة على من كان مقيما على حديلة بن بجيلة، و جريرا على من كان من بنى عامر وغيرهم.

وقد كان ابوبكر ولاه قتال اهل عمان في نفر، وأقفله حين غزا في البحر فولاه عمر عظم بجيلة وقال: اسمعوا لهذا و قال للاخرين: اسمعوا لجرير..

وقال أيضا ج ٣ ٤٦٠: وكان جرير بن عبدالله، وحنظلة بن الربيع ونفر استأذنوا خالدا من (سوى) فأذن لهم، فقدموا على ابى بكر، فذكر له جرير حاجته فقال: أعلى حالنا ! وأخره بها، فلما ولى عمر دعاه بالبينة فأقامها...

قال الحموى في معجم البلدان ج ٣ ٢٧١ في (سوى): اسم ماء لبهراء من ناحية السماوة، وعليه مر خالد بن الوليد لما قصد من العراق الشام.. وذلك في سنة اثنتى عشرة في ايام ابى بكر... =

٢٦

____________________

٢ - جرير في خلافة عمر

= ولما اشتد الحرب بين عسكر المسلمين وبين اهل العراق والفرس و جند الفيل وكثر القتل واضطرب العسكر وتفرق الناس حتى لحقوا المدينة، تحيل عمر امورا: منها ما في الطبرى ج ٣ ص ٤٦٠، قال بعد ذكر انه دعا جرير بن عبدالله وحنظلة بن الربيع ونفرا استأذنوا خالدا من سوى، وأذن لهم، و قدمهم على ابى بكر، ثم ذكر جرير حاجته، وقول أبى بكر ردا عليه: أعلى حالنا ! وأخره بها: فلما ولى عمر دعاه بالبينة فأقامها، وكتب له عمر إلى عماله السعاة في العرب كلهم: من كان فيه أحد ينسب إلى بجيلة في الجاهلية، وثبت عليه في الاسلام يعر ذلك، فأخرجوه إلى جرير. ووعدهم جرير مكانا بين العراق والمدينة، ولما اعطى جرير حاجته في استخراج بجيلة من الناس بجمعهم فأخرجوا له، وامرهم بالموعد ما بين مكة والمدينة والعراق، فتتاموا، قال لجرير: اخرج حتى تلحق بالمثنى (صاحب اللواء يوم القادسية) فقال: بل الشام قال: بل العراق، فان اهل الشام قد قووا على عدوهم، فأبى حتى اكرهه، فلما حرجوا له وأمرهم بالموعد عوضه لاكرامه واستصلاحا له فجعل له ربع خمس ما أفاء الله عليهم في غزاتهم هذ، ولمن اجتمع اليه، ولمن اخرج له اليه من القبائل، وقال: اتخذونا طريقا. فقدموا المدينة، ثم فصلوا منها إلى العراق ممدين للمثنى.. وبعث المثنى بعد الجسر فيمن يليه من الممدين، فتوافوا اليه في جمع عظيم.

قال الطبرى كما في تاريخه ص ٤٦١: وكان جرير ممدا له..، وروى في ص ٤٦٢ عن عطية والشعبى قالا: قال عمر حبن استجم جمع بجيلة: اتخذونا طريقا، فخرج سروات بجيلة ووفدهم نحوه وخلفوا الجمهور.

فقال: اى الوجوه احب اليكم؟ قالوا: الشام فان اسلافنا بها، فقال: بل العراق، فان الشام في كفاية، فلم يزل بهم، ويأبون عليه، حتى عزم على ذلك وجعل لهم ربع خمس ما أفاء الله على المسلمين إلى نصيبهم من الفئ، فاستعمل عرفجة على من كان مقيما على جديلة من بجيلة وجريرا على من كان من بنى عا؟ ر وغيرهم، وقد كان ابوبكر ولاه قتال اهل عمان في نفر، وأقفله حين غزا في البحر، فولاه عمر عظم بجيلة، وقال: اسمعوا لهذا وقال للاخرين: اسمعوا لجرير، فقال جرير لبجيلة: تفرون بهذا وقد كانت بجيلة غضبت على عرفجة في امرأة منهم وقد أدخل علينا ما أدخل..

قال عرفجة: انه كان من شأنى ان الشر تفاقم فينا، ودارنا واحدة فصبنا الدماء، ووتر بعضنا بعضا فاعتزلتهم لمخفتهم، فكنت في هؤلاء اسودهم وأقودهم، فحفظوا على لامر دار بينى وبين دهاقينهم، فحسدونى وكفرونى.

فقال: لا يضرك فاعتزلهم اذ كرهوك، واستعمل جريرا مكانه وجمع له بجيلة، وأرى جريرا وبجيلة انه يبعث عرفجة إلى الشام، فحبب ذلك إلى جرير العراق، وخرج جرير من قومه ممدا للمثنى بن حارثة حتى نزل ذا قار.. وقال ص ٤٦٣: فارسل المثنى إلى جرير والى عصمة بالحث..

قلت: وذكر الطبرى في ج ٣ ص ٤٧١ في امر جرير وعرفجة وارسال عمر اياهما إلى العراق وجها آخر عن ابى اسحاق فلاحظ. وقال ايضا ص ٤٦٩ عن محمد وطلحة وزياد قالوا: وقد كان المثنى وعصمة وجرير أصابوا في أيام البويب على الظهر نزل مهران غنما ودقيقا وبقرا، فبعثوا بها إلى عيالات من قدم من المدينة وقد خلفوهن بالقوادس، والى عيالات اهل الايام قبلهم، وهم بالحيرة...

وفى ص ٤٧٠: فأمر المثنى ان يعقد لهم الجسر ثم اخرجهم في آثار للقوم واتبعتهم بجيلة وخيول من المسلمين تغذ من كل فارس، فانطلقوا في طلبهم حتى بلغوا السبب ولم يبق في العسكر جسرى الاخراج في الخيل، فأصابوا من البقر والسبى وسائر الغنائم شيئا كثيرا، فقسمه المثنى عليهم، وفضل اهل البلاء من جميع القبائل. =

٢٧

____________________

= ونفل بجيلة يومئذ ربع الخمس بينهم بالسوية، وبعث بثلاثة ارباعه مع عكرية.. فاغرروا حتى بلغوا ساباط وتحصن اهل ساباط منهم واستباحوا القريات دونها، وراماهم اهل الحصن بساباط عن حصنهم. وكان اول من دخل حصنهم ثلاثة قواد: عصمة، وعاصم، وجرير، وقد تبعهم او؟ اع من الناس كلهم ثم انكفوا راجعين إلى المثنى.

وعن عطيه بن الحارث قال: لما اهلك الله مهران استمكن المسلمون من الغارة على السواد فيما بينهم وبين دجلة فمخروها ولا يخافون كيدا ولا يلقون فيها مانعا وانتقضت مصالح العجم فرجعت اليهم واعتصموا بساباط وسرهم ان يتركوا ما وراء دجلة. وفى ص ٥٨٩: واقطع عمر طلحة، وجرير بن عبدالله.. وانما القطائع على وجه النفل من خمس ما أفاء الله.. وكتب عمر إلى عثمان بن حنيف مع جرير: اما بعد قأقطع جرير بن عبدالله قدر ما يفوته، لاوكس ولا شطط.. وقال في: ج ٤ من وقايع سنة ٢؟ ص ١٦٣ في عزل عمر عمار بن ياسر ابا اليقظان عن الكوفة: فكتب عمر إلى عمار أن اقبل فخرج بوفد من اهل الكوفة ووفد رجالا ممن يرى انهم معه، فكانوا اشد عليه ممن تخلف...

وكان سعد بن مسعود الثقفى عم المختار، وجرير بن عبدالله معه، فسعيابه واخبرا عمر باشياء يكرهها، فعزله عمر ولم يوله. وقال المسعودى في مروج الذهب ج ٢ ٨ ٣ في حرب العراق والفرس: وقد كان جرير بن عبدالله البجلى قدم على عمر، وقد اجتمعت اليه بجيلة، فسرحهم نحو العراق، وجعل لهم ربع ما ظهروا عليه من السواد، وساهمهم مع المسلمين، وخرج عمر فشيعهم، ولحق جرير بناحية الابلة ثم صاعد إلى ناحية المدائن..

وفى ص ٣١٩: وقد تنازع اهل الاخبار والسير في جرير والمثنى، فمن الناس من ذهب إلى ان جريرا كان هو المولى على الجيش، و منهم من رأى ان جريرا على قومه والمثنى على قومه.

٣ - جرير في خلافة عثمان

ولما تولى عثمان استعمل جرير بن عبدالله على ثغر همدان، وكان عليها واليا حتى هلك عثمان، وبويع لامير المؤمنينعليه‌السلام ، فكتب اليه بأخذ البيعة ثم نزل الكوفة كما يأتى.

وكان لجرير هوى في عثمان، فروى الذهبى في سير اعلام النبلاء ج ٣ ص ١١ عن مغيرة قال: خرج عدى، وجرير البجلى، وحنظلة الكاتب من الكوفة فنزلوا قرميسيا، وقالوا: لا نقيم ببلد يشتم فيه عثمان.

٤ - جرير في بدء خلافة الامام امير المؤمنينعليه‌السلام

كان جرير باقيا على ولايته في همدان من بدء خلافة الامامعليه‌السلام إلى زمان نزوله الكوفة، فقال نغرر بن مزاحم في كتاب صفين ص ١٥: لما بويع علىعليه‌السلام وكتب إلى العمال في الافاق، كتب إلى جرير بن عبدالله البجلى، وكان جرير عاملا لعثمان على ثغر همدان، فكتب اليه مع زحر بن قيس الجعفى...

قلت: اخرج كتابهعليه‌السلام إلى جرير نصر بن مزاحم، وابن ابى الحديد في الشرح ج ٣ ٧٠، وابن عساكر في تاريخ دمشق وغيرهم ونذكره بعينه.

٥ - كتاب الامام امير المؤمنينعليه‌السلام عند نزوله الكوفة إلى جرير

ولما بويع الامام امير المؤمنينعليه‌السلام وقدم الكوفة بعد وقعة الجمل، كاتب العمال، فكتب إلى جرير بن عبدالله البجلى عامل عثمان على ثغر همدان مع زحر بن قيس الجعفى: اما بعد فان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم واذا أراد الله بقوم سوء‌ا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال (الرعد ١١). =

٢٨

____________________

= وانى اخبرك عن نبأ من صرنا اليه من جموع طلحة والزبير، عند نكثهم بيعتى، وما صنعوا بعاملى عثمان بن حنيف، وانى نهضت من المدينة بالمهاجرين والانصار، حتى اذا كنت بالعذيب بعثت إلى اهل الكوفة الحسن بن على، و عبدالله بن عباس، وعمار بن ياسر، وقيس بن سعد بن عبادة، فاستنفرتهم، فأجابوا، فسرت بهم حتى نزلت بظهر البصرة، فاعذرت في الدعاء، وأقلت العثرة، وناشدتهم عهد بيعتهم، فأبوا الا قتالى، فاستعنت الله عليهم، فقتل من قتل، وولوا مدبرين إلى مصرهم، وسألونى ما كنت عوتهم اليه قبل اللقاء، فقبلت العافية، ورفعت السيف، واستعملت عليهم عبدالله بن العباس، وسرت إلى الكوفة، وقد بعثت اليك زحر بن قيس، فاسأله عما بدا لك والسلام.ذكره نصر بن مزاحمن في كتاب صفين ص ١٥، وابن ابى الحديد في شرح النهج ج ٣ ٧٠.

٦ - اخذ جرير بيعة اهل همدان لعلىعليه‌السلام

قال نصر بن مزاحم في كتاب صفين ص ١٦، وابن ابى الحديد في الشرح ج ٣ ٧١ بعد ذكرهما كتاب الامامعليه‌السلام إلى جرير: فلما قرأ جرير الكتاب، قام فقال ايها الناس، هذا كتاب امير المؤمنين على بن ابيطالبعليه‌السلام ، وهو المأمون على الدين والدنيا، وقد كان من أمره، وأمر عدوه ما نحمد الله عليه، وقد بايعه الناس الاولون من المهاجرين والانصار والتابعين باحسان، ولو جعل هذا الامر شورى بين المسلمين، كان احقهم بها.

الا وان البقاء في الجماعة. والفناء في الفرقة، وان عليا حاملكم على الحق ها استقمتم، فان ملتم أقام ميلكم... فقال الناس: سمعا وطاعة، رضينا رضينا. فكتب جرير إلى علىعليه‌السلام جواب كتابه بالطاعة.

٧ - تردد جرير في بيعته للامامعليه‌السلام

قال نصر: وكان مع علىعليه‌السلام رجل من طيئى، ابن اخت لجرير، فحمل زحر بن قيس شعرا له إلى حاله جرير، وهو:

جرير بن عبد لله لا تردد الهدى

وبايع عليا اننى لك ناصح

فان عليا خير من وطأ الحصى

سوى احمد والموت عاد ورائح

ودع عنك قول الناكثين فانما

أولاك أبا عمرو، كلاب نوابح

وبايعه ان؟ ايعته بنصيحة

ولايك معها في ضميرك قادح

فانك ان تطلب به الدين تعطه

وان تطلب الدنيا فبيعك رابح

وان قلت عثمان بن عفان حقه

على عظيم والشكور مناصح

فحق علىعليه‌السلام اذ وليك كحقه،

وشكرك ما اوليت في الناس صالح

وان قلت لا نرضى عليا امامنا

فدع عنك بحرا ضل فيه السوائح

ابى الله الا انه خير دهره

وافضل من ضمنت عليه الاباطح

ثم قام زحر بن قيس خطيبا، فكان مما حفظ من كلامه ان قال: الحمد لله الذى.. (ثم ذكر خطبته ففيها فضائل علىعليه‌السلام وبيعة المهاجر والانصار له ونكث طلحة والزبير بيعتهما له وما اوقدوا من نار حرب الحمل، وفتح الامامعليه‌السلام ثم قال: (هذا عيان ما غاب عنكم ولئن سألتم الزيادة زدناكم ولا قوة الا بالله.

وفى خطبته: ايها الناس ان علياعليه‌السلام قد كتب اليكم كتابا لا يقال بعده الا رجيع من القول، ولكن لا بد من رد الكلام. ان الناس بايعوا علياعليه‌السلام بالمدينة من غير محاباة له ببيعتهم لعلمه بكتاب الله وسنن الحق.. =

٢٩

____________________

٨ - اعلان جرير بطاعة الامامعليه‌السلام

= قال نصر ص ١٨: وقال جرير في ذلك:

أتانا كتاب علىعليه‌السلام فلم

نرد الكتاب، بارض العجم

ولم نعص ما فيه لما أتى

ولما نذم، ولما فلم

ونحن ولاة على ثغرها

نضيم العزيز ونحمى الذمم

نساقيهم الموت عند اللقاء

بكأس المنايا ونشفى القرم

طحناهم طحنة بالقنا

وضرب سيوع تطير اللمم

مضينا يقينا على ديننا

ودين النبى مجلى الظلم

امين الا له وبرهانه

وعدل البرية والمعتصم

رسول المليك، ومن بعده

خليفتنا القائم المدعم

عليا عنيت وصى النبى

نجالد عنه غواة الامم

له الفضل والسبق والمكرمات

وبيت النبوة لا يهتضم

قال ابن ابى الحديد في الشرح ج ٣ ص ٧٣ بعد ذكره هذه الخطبة والاشعار عن نصر: قال نصر: فسر الناس بخطبة جرير وشعره. وزاد فيما حكاه عن جرير في علىعليه‌السلام وحرف (وصلى على الطهر) بقوله رسول المليك:

فصلى الا له على احمد

رسول المليك تمام النعم

وصلى على الطهر من بعده

خليفتنا القائم المدعم

عليا عنيت وصى النبى

بجالد عنه غواة الامم

له الفضل والسبق والمكرمات

وببت النبوة لا يهتضم

هذا كما رواه في البحار ج ٣٨ ٢٧٦ في سبق علىعليه‌السلام بالاسلام والايمان.

وروى بعضه مع تفاوت يسير عن زحر بن قيس الجعفى في ج ٣٨ ٢٤ فلاحظ.

وكتب جرير بن عبدالله البجلى إلى شرحبيل بن السمط الكندى رئيس اليمامة من اصحاب معاوية.

نصحتك با ابن السمط لا تتبع الهوى

فمالك في الدنيا من الدين من بدل

ولا تك كالمجرى إلى شرغاية

فقد خرق السربال واستونق الجمل

مقال ابن هند في على عضيهة

ولله في صدر ابن أبيطالب أجل

وما كان الا لازما قعر بيته

إلى أن أتى عثمان في بيته الاجل

وصى رسول الله من دون اهله

وفارسه الحامى به يضرب المثل

رواه في البحار ج ٣٨ ٢٤، وأخرجه ابن أبى الحديد في الشرح ج ١ ١٤٩.

٩ - مدح الناس لجرير في طاعته للامامعليه‌السلام

٣٠

____________________

= قال نصر في كتاب صفين ص ١٨ بعد نقل كلام جرير المتقدم: وقال رجل، وقال ابن ابى الحديد في الشرح ج ٣ ٧٣ حكاية عن نصر: وقال ابن الازور القسرى في جرير يمدحه بذلك:

لعمر ابيك والانباء تنمى

لقد جلى بخطبته جرير

وقال مقالة جدعت رجالا

من الحيين خطبهم كبير

بدا بك قبل امتة علىعليه‌السلام

ومخك ان رددت الحق رير

أتاك بأمره زحر بن قيس

وزحر بالتى حدثت خبير

فكنت بما أتاك به سميعا

وكدت اليه من فرح تطير

فأنت بما سعدت به ولى

وأنت لما تعد له نصير

ونعم المرء انت له وزير

ونعم المرء انت له أمير

فأخرزت الثواب، ورب حاد

حدا بالركب ليس له بعير

ليهنك ما سبقت به رجالا

من العلياء والفضل الكبير

وقال النهدى في ذلك:

أنانا بالنبأ زحر بن قيس

عظيم الخطب من جعف بن سعد

تخيره أبوحسن علىعليه‌السلام

ولم يك زنده فيها بصلد

(إلى آخر شعره).

١٠ - كتاب جرير إلى الاشعث في بيعته لعلىعليه‌السلام

قال ابن أبى الحديد في ج ٣ ص ٧٣: قال نصر: وكتب علىعليه‌السلام إلى الاشعث وكان عامل عثمان على آذربيجان يدعوه إلى البيعة والطاعة، وكتب جرير بن عبدالله البجلى إلى الاشعث يحضه على طاعة امير المؤمنينعليه‌السلام ، وقبول كتابه: اما بعد فانى أتتنى بيعة علىعليه‌السلام ، فقبلتها، ولم اجد إلى دفعها سبيلا لانى نظرت فيما غاب عنى من امر عثمان، فلم اجده يلزمنى.

وقد شهد المهاجرون والانصار، فكان اوفق امرهم فيه الوقوف، فاقبل بيعته، فانك لا تنقلب إلى خير منه، واعلم ان بيعة علىعليه‌السلام خير من مصارع اهل البصرة والسلام.

قال قال نصر: فقبل الاشعث البيعة وسمع واطاع.

قلت: الموجود في كتاب صفين لنصر بن مزاحم ص ٢٠ ذكر بلوغ كتاب امير المؤمنينعليه‌السلام إلى الاشعث بن قيس الكندى مع زياد بن مرحب الهمدانى وقرائته على الناس ثم خطبة الاشعث: ايها الناس ان امير المؤمنين عثمان ولانى آذربيجان، فهلك وهى في يدى، وقد بايع الناس علياعليه‌السلام وطاعتنا له كطاعة من كان قبله، وقد كان من امر وامر طلحة والزبير ما قد بلغكم وعلىعليه‌السلام المأمون على ما غاب عنا وعنكم من ذلك الامر. فلما اتى منزله دعا اصحابه فقال: ان كتاب على قد اوحشنى، وهو آخذ (وعن الامامة والسياسة: آخذى) بمال آذربيجان، وأنا لاحق بمعاوية. =

٣١

____________________

= ثم ذكر كلام القوم وتوبيخهم له على ذلك بقولهم: الموت خير لك من ذلك، اتدع مصرك وجماعة قومك وتكون ذنبا لاهل الشام، وأنه استحياه فسار حتى قدم على علىعليه‌السلام ، وذكر اشعار جماعة في ذلك في منعه عن اللحوق بمعاوية.

١١ - نزع جرير من همدان وسيره إلى الكوفة وبيعته للامامعليه‌السلام .

قال نصر في كتاب صفين ص ٢٠: ثم اقبل جرير سائرا من ثغر همدان حتى ورد على علىعليه‌السلام بالكوفة، فبايعه، ودخل فيما دخل فيه الناس، من طاعة علىعليه‌السلام واللزوم لامره.

وروى في ص ٢٧ عن عامر الشعبى ان علياعليه‌السلام حين قدم من البصرة نزع جريرا من همدان، فجاء حتى نزل الكوفة. و ذكر نحوه ابن أبى الحديد في الشرح ج ٣ ٧٤.

وروى ابن عساكر في تاريخ دمشق باسناده عن عامر الشعبى ان علياعليه‌السلام بعد قدو؟ ه الكوفة نزع جرير بن عبدالله البجلى من همدان، فأقبل جرير حتى قدم الكوفة على على بن أبيطالبعليه‌السلام ، فبايعه.

١٢ - طلب جرير من امير المؤمنينعليه‌السلام ارساله إلى معاوية

قال نصر في صفين ص ٢٧: فأراد علىعليه‌السلام ان يبعث إلى معاوية رسولا، فقال له جرير: ابعثنى إلى معاوية فانه لم يزل لى متنصحا وودا، فآتيه فادعوه على ان يسلم لك هذا الامر، ويجامعك على الحق، على ان يكون أميرا من امراء‌ك، وعاملا من عمالك ما عمل بطاعة الله، واتبع ما في كتاب الله، وادعو اهل الشام إلى طاعتك وولايتك وجلهم قومى وأهل بلادى، وقد رجوت الا يعصونى.

ورواه ابن ابى الحديد في الشرح ج ٣ ٨٤ عنه مثله، كما رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق عنه، وايضا باسناد آخر عن عامر الشعبى مع تفاوت.

قلت: ليس جرير اول من بعثه الامام إلى معاوية بدؤ خلافته، فقد بعث هوعليه‌السلام بدؤ خلافته وقبل حرب الجمل رسولا إلى الشام، وهو سهل بن حنف الاوسى الانصارى الصحابى الجليل الذ؟ كان من السابقين، وشهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وثبت يوم احد حين انكشف الناس، وبايع يومئذ على الموت وكان ينفخ عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنبل، و صحب علياعليه‌السلام من يوم بويع له، واستخلفه هوعليه‌السلام على البصرة بعد الجمل و شهد معه صفين، وكان معه حتى مات بالكوفة سنة ثمان وثلاثين وصلى عليه علىعليه‌السلام ، وكبر عليه ستا، ذكره ابن عبد البرفى الاستيعاب ج ٢ ٩١، و ابن حجر في الاصابة ج ٢ ٨٦ وغيرهما. ولكن معاوية دس وبعث خيلا للمنع عن دخول أى وال من الامامعليه‌السلام .

قال الطبرى في تاريخه ج ٤ ٤٤٢ في وقايع سنة ست وثلاثين: ومنها تفريق الامامعليه‌السلام عماله وبعثه سهل بن حنيف على الشام: فأما سهل فانه خرج حتى اذا كان بتبوك لقيته خيل، فقالوا: من أنت؟ قال: أمير، قالوا: على اى شيئى؟ قال: على الشام، قالوا: ان كان عثمان بعثك فحيهلا بك، وان كان بعثك غيره فارجع.

قال: او ما سمعتم بالذى كان؟ قالوا بلى، فرجع إلى علىعليه‌السلام . كما ان الامامعليه‌السلام قد كتب إلى معاوية للطاعة والبيعة كتابا وأرسله مع سيرة الجهنى، فقدم عليه، فلم يكتب معاوية بشئ ولم يجبه ورد رسوله إلى آخر ما صنع في الخلاف على الامامعليه‌السلام من ارسال الطومار وغيره.

ذكره الطبرى في تاريخه ج ٤ ٤٤٤ وكذا عبره.

١٣ - منع الاشتر عن ارسال جرير إلى معاوية لما طلب جرير من الامامعليه‌السلام ان يبعثه إلى معاوية لاخذ البيعة منه والرامه الطاعة، منع مالك الاشتر عن ذلك.

قال نصر بن مزاحم في كتاب صفبن ص ٢٨: فقال له الاشتر: لا تبعثه ودعه ولا تصدقه، فو الله انى لاظن هواه هواهم، ونيته نيتهم. فقال له علىعليه‌السلام : دعه حتى ننظر ما يرجع به الينا. =

٣٢

____________________

= واخرجه ابن ابى الحديد في الشرح ج ٣ ٧٤، وابن عساكر في تاريخ مشق.

قلت: ان الامامعليه‌السلام كان اعرف من الاشتر بمعاوية ونيته وأنه لا يبايع ولا يطيع ويريد الحرب كما نطق بذلك كتبه وخطبه وكلماته، فليس امره خفيا عليه، كما انهعليه‌السلام كان اعرف منه بجرير البجلى من بدء اسلامه إلى يومه، ويعرف عاقبة أمره، ولكن كان كل ذلك اتماما للحجة ودعما للباطل وحقنا للدماء ومنعا عن اثارة نار الحرب، والزاما لامثال جرير من الولاة للخلفاء قبله مع كثرتهم على الاستقامة على الحق وعدم البدار بالطرد.

١٤ - ارسال الامامعليه‌السلام جرير البجلى إلى معاوية

قال نصر: فبعثه علىعليه‌السلام وقال له حين ارد أن يبعثه: ان حولى من اصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من أهل الدين والرأى من قد رأيت، وقد اخترتك عليهم، لقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيك: (انك من خير ذى يمن). ايت معاوية بكتابى، فان دخل فيما دخل فيه المسلمون، والا فانبذ اليه، وأعلمه أنى لا أرضى به أميرا، وان العامة لا ترضى به خليفة. واخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق، وابن أبى الحديد في الشرح ج ٣ ٧٤. وزاد ص ٨٨ عن المبرد في كتاب الكامل: ان علياعليه‌السلام لما أراد أن يبعث جريرا إلى معاوية، قال: والله يا أمير المؤمنين ! ما أدخرك من نصرتى شيئا، وما أطمع لك في معاوية. فقال علىعليه‌السلام : انما قصدى حجة اقيمها عليه، فلما أتى جرير معاوية دافعه بالبيعة، فقال له جرير: ان المنافق لا يصلى حتى لا يجد من الصلاة بدا. فقال معاوية: انها ليست بخدعة الصبى عن اللبن، فابلعنى ريقى، انه امر له ما بعده.

١٥ - ورود جرير بالشام على معاوية

قال نصر في كتاب صفين ص ٢٨: فانطلق جرير حتى أتى الشام ونزل بمعاوية، فدخل عليه، فحمد الله وأثنى عليه وقال: اما بعد يا معاوية ! فانه قد اجتمع لابن عمك اهل الحرمين واهل المصرين واهل الحجاز، واهل اليمن، واهل مصر، واهل العروض، عمان، وأهل البحرين، واليمامة، فلم يبق الا اهل هذه الحصون التى انت فيها، لو سال عليها سيل من اوديتها غرقها، وقد اتيتك ادعوك إلى ما يرشدك ويهديك، إلى مبايعة هذا الرجل. ودفع اليه كتاب على بن أبيطالبعليه‌السلام ، وفى آخره: وقد ارسلت اليك والى من قبلك جرير بن عبدالله، وهو من اهل الايمان والهجرة، فبايع ولا قوة الا بالله.

فلما قرء الكتاب قام جرير فقال: الحمد لله المحمود بالعوائد.. إلى ان قال: ايها الناس، ان امر عثمان قد أعيا من شهده، فما ظنكم بمن غاب عنه، وان الناس بايعوا عليا غير واتر ولا موتور، وكان طلحة والزبير ممن بايعه ثم نكثا بيعته على عير حدث. الا وان هذا الدين لا يحتمل الفتن، الا وان العرب لا يحتمل السيف، وقد كانت بالبصرة امس ملحمة ان يشفع البلاء بمثلها فلا بقاء للناس، وقد بايعت العامة علياعليه‌السلام ، ولو ملكنا الله امورنا لم نختر لها غيره، ومن خالف هذا استعتب فادخل يا معاوية فيما دخل فيه الناس. فان قلت: استعملنى عثمان ثم لم يعزلنى فان هذا امر لو جاز لم يقم لله دين، وكان لكل امرء ما في يديه، ولكن الله لم يجعل للاخر من الولاة حق الاول، وجعل تلك امورا موطأة، وحقوقا ينسخ بعضها بعضا.

ثم قعد، فقال معاوية: أنظر وننظر، واستطلع رأى اهل الشام. فلما فرغ جرير من خطبته امر معاوية مناديا فنادى: الصلاة جامعة، فلما اجتمع الناس صعد المنبر ثم قال الحمد لله.. اللهم انصرنا على اقوام يوقظون نائمنا، ويخيفون آمننا، ويريدون هراقة دمائنا واخافة سبيلنا.. ايها الناس ! قد علمتم انى خليفة امير المؤمنين عمر بن الخطاب، وانى خليفة عثمان بن عفان عليكم، وانى لم أقم رجلا منكم على خزاية قط، وانى ولى عثمان وقد قتل مظلوما، والله يقول (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل انه كان منصورا) وأنا احب ان تعلمونى ذات انفسكم في قتل عثمان. فقام اهل الشام بأجمعهم فأجابوا إلى الطلب بدم عثمان وبايعوه على ذلك واوثقوا له على ان يبذلوا انفسهم واموالهم.. =

٣٣

____________________

= واخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق وابن أبى الحديد في الشرح ج ٣ ٧٥.

١٦ - مشاورة معاوية مع الامويين في امر البيعة

قال نصر بن مزاحم في صفين ص ٣٢، وابن عساكر في تاريخه، وابن أبى الحديد في الشرح ج ٣ ٧٨: فلما امسى معاوية، وكان قد اغتم بما هو فيه، قال لما جن معاوية الليل واغتم وعنده اهل بيته قال:

تطاول ليلى واعترتنى وساوسى

لات أتى بالترهات البسابس

أتانا جرير والحوادث جمة

بتلك التى فيها اجتماع المعاطس

أكابده والسيف بينى وبينه

ولست لاثواب الدنى بلابس

ان الشام اعطت طاعة يمنية

تواضعها اشياخها في المجالس

فان يجمعوا اصدم عليا بجبهة

تفت عليه كل رطب ويابس

وانى لارجو خير ما نال نائل

وما أنا من ملك العراق بآيس

والا يكونوا عند ظنى بنصرهم

وان يخلفوا ظنى كف عابس

وقد أعلن في ذلك اقرارا بأن ولايته ومخالفته مع علىعليه‌السلام باطل، من الترهات البسابس، ولكن طمعه في الرياسة على الشام وعلى العراق الجئته إلى هذه الغواية، وانه بضمر في نفسه قتل جرير، ثم حر؟ الامام، رجاء‌ا بشرحبيل اليمنى، اذ يوصف الخلافة لمعاوية.

قال نصر: ودعا ثقاته فقال له عتبة بن أبى سفيان (اخوه) وكان نظيره: اجمعن على هذا الامر بعمرو بن العاص، وأثمن له بدينه فانه من قد عرفت. وقد اعتزل امر عثمان في حياته، وهو لامرك اشد اعتزالا ان ير فرصة.

١٧ - خديعة معاوية في تطاول جرير بالجواب ترقبا لقدوم ابن العاص عليه

قال نصر: واستحثه جرير بالبيعة، فقال: يا جرير ! انها ليست بخلسة، وانه أمر له ما بعده، فأبلعنى ريقى حتى أنظر.

١٨ - كتاب معاوية إلى عمرو بن العاص

قال نصر: كتب معاوية إلى عمرو بالبيع من فلسطين: اما بعد فانه كان من أمر على وطلحة والزبير ما قد بلغك..وقدم علينا جرير بن عبدالله في بيعة على، وقد حبست نفسى عليك حتى تأتيتى، أقبل اذا كرك أمرا.

قال: فلما قرأ الكتاب على عمرو استشار ابنيه عبدالله ومحمدا فقال: ابنى، ما تريان؟ فقال عبدالله: ارى ان نبى اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبض.. وقتل عثمان وأنت عنه غائب فقر في منزلك فلست مجعولا خليفة، ولا تريد ان تكون حاشية لمعاوية على دنيا قليلة، اوشك ان تهلك فتشقى فيها، وقال محمد: ارى انك شيخ قريش وصاحب أمرها.. فالحق بجماعة اهل الشام فكن يدا من أياديها، واطلب بدم عثمان، فانك قد استنت فيه إلى بنى امية. فقال عمرو: أما أنت يا عبدالله فأمرتنى بما هو خير لى في دينى واما أنت يا محمد فأمرتنى بما هو خير لى في دنياى، وأنا ناظر فيه. فلما جنه الليل رفع صوته وأهله ينظرون اليه فقال: (تطاول ليلى للهموم الطوارق) إلى آخر اشعاره التى أعلن فيها بانه اشترى سخط الخالق برضى الطاغى وباع آخرته بدنياه... ثم قال له غلامه وردان وكان داهيا ماردا: اعتركت الدنيا والاخرة على قلبك، فقلت: على معه الاخرة في غير دنيا، وفى الاخرة عوض الدنيا، ومعاوية معه الدنيا بغير آخرة، وليس في الدنيا عوض من الا؟ رة فأنت واقف بينهما. =

٣٤

____________________

= قال: فانك والله مأ اخطات فما ترى يوردان؟ قال: أرى أن تقيم في بيتك... فقال عمرو بن العاص: يا قاتل الله وردانا وقدحته.. إلى آخر شعره وفيه ابراز غوايته وخروجه من الدين فسار حتى قدم على معاوية.

١٩ - مكايدة عمرو بن العاص ومعاوية عند دخوله عليه

قال نصر في صفين ص ٣٧ وابن أبى الحديد في الشرح ج ٢ ٦٤: فسار حتى قدم إلى معاوية وعرف حاجة معاوية اليه، فباعده من نفسه، وكايد كل منهما صاحبه، فلما دخل عليه قال يا أبا عبدالله طرقتنا في ليلتنا هذه ثلاثة اخبار وليس منها ورد ولا صدر.. ومنها ان عليا نزل الكوفة متهيأ للمسير الينا قال... واما على فلا والله يا معاوية ما تسوى العرب بينك وبينه في شئ من الاشياء وان له في الحرب لحظا ما هو لاحد من قريش، وانه لصاحب ما هو فيه الا ان تظلمه. قال معاوية ادعوك إلى جهاد هذا الرجل الذى عصى ربه وقتل الخليفة، و؟ أظهر الفتنة وفرق الجماعة وقطع الرحم.

قال عمرو: إلى من؟ قال إلى جهاد على، فقال عمرو: والله يا معاوية ما أنت وعلى بعكمى بعير (اى متساويين في الشرف) مالك هجرته ولا سابقته ولا صحبته ولا جهاده ولا فقهه وعلمه... والله ان له مع ذلك حدا وجدا و حظا وخطوة، وبلاء‌ا من الله حسنا، فما تجعل لى ان؟ ايعتك على حربه، وانت تعلم ما فيه من الغرر والخطر؟ قال: حكمك. قال: مصرطعمة.

قال: فتلكأ عليه معاوية وقال يا أبا عبدالله انى اكره ان يتحدث العرب عنك انك انما دخلت في هذا الامر لغرض الدنيا.قال: دعنى عنك.

قال معاوية: انى لو شئت ان امنيك واخدعك لفعلت.

قال عمرو: لا لعمر الله، ما مثلى يخدع، لانا أكيس من ذلك.

قال له معاوية: ادن منى برأسك اسارك.

قال: فدنا منه عمرو يساره، فعض معاوية اذنه، وقال: هذه خدعة، هل ترى في بيتك احدا غيرى وغيرك؟ (ثم أنشأ عمرو شعرا مضمونه ان اعطائى لك دينى نقد، واعطائك ملك مصر نسيئة اوله:)

معاوى لا أعطيك دينى ولم انل

بذلك دنيا فانظرن كيف تصنع

قال: أبا عبد اله، الم تعلم ان مصرا مثل العراق؟ قال: بلى، ولكنها انما تكون لى اذا كانت لك وانما تكون لك اذا غلبت عليا على العراق، وقد كان أهلها بعثوا بطاعتهم إلى علىعليه‌السلام .

قال فدخل عتبة بن أبى سفيان فقال: اما ترضى أن. نشترى عمروا بمصر ان هى صفت لك؟ فليتك لا تغلب على الشام، فلما سمع معاوية قول عتبة أرسل إلى عمرو وأعطاها اياه، وكتب معاوية.

ثم ذكر ملامة ابنى عمرو، وابن عم له كان داهيا حليما وقال: الا تخبرنى يا عمرو بأى رأى تعيش في قريش؟ أعطيت دينك ومنيت دنيا غيرك؟ ! وجرى بينها كلام وشعر ذكره نصر بن مزاحم قى كتاب صفين ص ٤١.

٢٠ - مشورة عمرو ومعاوية في أمر جرير والبيعة

قال نصر ص ٤٤: لما بات عمرو عند معاوية واصبح اعطاه مصر طعمة له وكتب له بها وقال: ما ترى؟ قال... ثم قال: ما ترى في على؟ قال أرى فيه خيرا، اتاك هذه البيعة خير أهل العراق ومن عند خير الناس في أنفس الناس ودعواك اهل الشام إلى رد هذه البيعة خطر شديد، ورأس أهل الشام شرحبيل بن السمط الكندى، وهو عدو لجرير المرسل اليك، فارسل اليه ووطن له ثقاتك فليفشوا في الناس ان عليا قتل عثمان، وليكونوا أهل الرضا عند شرحبيل فانها كلمة جامعة لك اهل الشام على ما تحب، وان تعلقت بقلب شرحبيل لم تخرج منه بشئ أبدا. =

٣٥

____________________

= فكتب إلى شرحبيل: ان جرير بن عبدالله قدم علينا من عند على بن أبيطالب بأمر فطيع، فاقدم ودعا رؤس قحطان، واليمن، وبنى شرحبيل بن السمط، وكانوا ثقات معاوية وخاصته، فامرهم ان يلقوه ويخبروه ان عليا قتل عثمان. فلما قدم كتاب معاوية على شرحبيل وهو بحمص استشار اهل اليمن قاختلفوا عليه وقيل له (فعلام تصدق معاوية عليه؟ لا تهلك نفسك وقومك فان كرهت ان يذهب بحظها جرير فسر إلى علىعليه‌السلام فبايعه على شأنك وقومك. فأبى شرحبيل الا ان يسير إلى معاوية.

٢١ - دعوة جرير لشرحبيل إلى الحق ونصيحته في بيعته للامامعليه‌السلام

ذكر نصر ص ٤٦ وغيره قدوم شرحبيل على معاوية ونلقى الناس له معظمين ومصانعة معاوية له واجتماعه مع حصين بن نمير ثم اجتماعهما مع جرير بن عبدالله، قال: فتكلم شرحبيل فقال: يا جرير ! آتيتنا بأمر ملفف لتلقينا في لهوات الاسد، واردت ان تخلط الشام بالعراق، وأطرأت عليا وهو قاتل عثمان.

فأقبل عليه جرير فقال: يا شرحبيل، اما قولك: انى جئت بأمر ملفف فكيف يكون امرا ملففا وقد اجتمع عليه المهاجرون والانصار وقوتل على رده طلحه والزبير. وأما قولك: انى القبتك في لهوات الاسد، ففى لهواتها ألقيت نفسك. وأما خلط العراق بالشام فخلطهما على حق خير من فرقتهما على باطل. وأما قولك ان عليا قتل عثمان فو الله ما في يديك من ذلك الا القذف بالغيب من مكان بعيد، ولكنك ملت إلى الدنيا. وشئ كان في نفسك على زمن سعد بن أبى وقاص. فبلغ معاوية قول الرجلين، فبعث إلى جرير، فزجره ولم يدر ما أجابه اهل الشام.

٢٢ - كتاب جرير إلى شرحبيل نصيحة له

قال نصر ص ٤٨: وكتب جرير إلى شرحبيل:

شرحبيل يا ابن السمط لا تتبع الهوى

فمالك في الدنيا من الدين من بدل

وقل لابن حرب مالك اليوم حرمة

تروم بها ما رمت، فاقطع له الامل

شرحبيل ان الحق قد جد جده

وانك مأمون الاديم من النخل

فأرود ولا تفرط بشئى نخافه

عليك ولا تعجل فلا خير في العجل

ولاتك كالمجرى إلى شرغاية

فقد خرق السربال واستنوق الجمل

وقال ابن هند في على عضيهة

ولله خرق في صدر ابن أبيطالب أجل

وما لعلى في ابن عفان سقطه

بأمر، ولا جلب عليه، ولا قتل

وما كان الا لازما قعر ببته

إلى ان أتى عثمان في بيته الاجل

فمن قال قولا غير هذا فحسبه

من الزور والبهتان قول الذى احتمل

وصى رسول الله من دون أهله

وفارسه الاولى به يضرب المثل

* * *

فلما قرأ شرحبيل الكتاب ذعرو فكر، وقال: هذه نصيحة لى في دينى ودنياى، لا والله لا أعجل في هذا الامر بشئ، وفى نفسى منه حاجة. =

٣٦

____________________

٢٣ - دسيسة معاوية لشراء دين شرحبيل اليمانى ولما ذعر شرحبيل من كتاب جرير دس معاوية وكاد لشراء دينه بديناه.

فقال نصر بن مزاحم في كتاب صفين ص ٤٩: فاستتر له القوم، ولفف له معاوية الرجال يدخلون اليه ويخرجون، ويعظمون عنده قتل عثمان ويرمون به عليا ويقيمون الشهادة الباطلة والكتب المختلفه، حتى أعاد وأرأيه وشحذوا عزمه. وقال ابن عبد البرقى الاستيعاب ج ١٤١ في شرحبيل انه كان عدوا لجرير فاستقدمه معاوية، فقدم عليه، فهيأ له رجالا يشهدون عنده ان عليا قتل عثمان، فشهدوا.

٢٤ - تعبير قوم شرحبيل له في عزمه الخبيث

ولما سمع قوم شرحبيل باتباعه لمعاوية للطمع. في الدنيا وعداء‌ا منه على جرير، عيروه.

فقال نصر ص ٤٩: وبلغ ذلك قومه فبعث ابن اخت له من بارق، وكان يرى رأى على بن أبيطالبعليه‌السلام ، فبايعه بعده وكان ممن لحق من أهل الشام، وكان ناسكا، فقال:

لعمر أبى الاشقى ابن هند لقد رمى

شرحبيل بالسهم الذى هو قاتله

ولفف قوما يسحبون ذيو لهم

جميعا وأولى الناس بالذنب فاعله

فألفى يمانيا ضعيفا نخاعه

إلى كل ما يهوون تحدى رواحله

فطأطأ لها لما رموه بثقلها

ولا يرزق التقوى من الله خاذله

ليأكل دنيا لابن هند بدينه

الا وابن هند قبل ذلك آكله

وقالوا على في ابن عفان، خدعه

ودبت اليه بالشنان عوائله

ولا والذى ارسى شبيرا مكانه

لقد كف عنه كفه ووسائله

وما كان الا من اصحاب محمد ص

وكلهم تغلى عليه مراجله

فما بلغ شرحبيل هذا القول قال: هذا بعيث الشيطان، الان امتحن الله قلبى. والله لاسير من صاحب هذا الشعر اوليفوتنى. فهرب الفتى إلى الكوفة، وكان اصله منها، وكاد اهل الشام ان يرتابوا.

٢٥ - كتاب النجاشى إلى شرحبيل

قال ابن حجر في الاصابة ج ٢ ١٤٢ في ترجمة شرحبيل: يقول النجاشى يخاطبه:

شرحبيل ما للدين فارقت امرنا

ولكن لبغض المالكى جرير

وانما نسبه مالكيا لانه من ذرية مالك بن سعد بن بدر، بطن من بجيلة، و كان ما بين شرحبيل وجرير تباعد. =

٣٧

____________________

= وقال نصر بن مزاحم في كتاب صفين ص ٥١: فبعث اليه النجاشى بن الحارث وكان صديقا له:

شرحبيل ما للدين فارقت امرنا

ولكن لبغض المالكى جرير

وشحناء دبت بين سعد وبينه

فاصبحت كالحادى بغير بعير

وما انت، اذ كانت بجيلة عاتبت

قريشا فيا لله بعد نصير

أتفضل امرا غبت عنه بشبهة

وقد حار فيها عقل كل بصير

بقول رجال لم يكونوا أئمة

ولا للتى لقو كها بحضور

وما قول قوم غائبين تقاذفوا

من الغيب مادلاهم بغرور

وتترك ان الناس اعطوا عهودهم

علياعليه‌السلام على انس به وسرور

اذا قيل هاتوا واحدا تقتدونه

نظيرا له لم يفصحوا بنظير

لعلك ان تشقى الغراة بحربه

شرحبيل ما ما جئته بصغير

٢٦ - تحريص معاوية شرحبيل على ندائه بأن علياعليه‌السلام

قتل عثمان ورد جرير عليه قال نصر: وبعث معاوية إلى شرحبيل: ان هذا الامر الذى قد عرفته لا يتم الا برضا العامة، فسر في مدائن الشام، وناد فيهم بأن عليا قتل عثمان، وانه يجب على المسلمين ان يطلبوا بدمه.فسار.. وجعل شرحبيل يستنهض مدائن الشام حتى استفرغها، لا يأتى على قوم الا قبلوا ما اتاهم به ثم دخل على معاوية، فقال انت عامل امير المؤمنين وابنه، و؟ حن المؤمنون، فان كنت رجلا تجاهد عليا وقتلة عثمان حتى ندرك بثارنا اوتفنى ارواحنا استعملناك علينا...

فقال جرير: يا شرحبيل مهلا فان الله قد حقن الدماء، ولم الشعث، وجمع امر الامة، ودنا من هذه الامة سكون، فاياك ان تفسد بين الناس، وأمسك عن هذا القول قبل ان يظهر منك قول لا تستطيع رده.

قال: لا والله لا أستره ابدا، ثم قام فتكلم، فقال الناس: صدق صدق، القول ما قال والرأى ما رأى.

فأيس جرير عند ذلك عن معاوية وعن عوام الشام.

٢٧ - خدعة معاوية لجرير في كتاب منهما إلى الامامعليه‌السلام

قال نصر في كتاب صفين ص ٥٢، وكذا ابن ابى الحديد في الشرح ج ٣ ٨٤ عن الجرجانى قال: كان معاوية أتى جريرا في منزله، فقال يا جرير انى رأيت رأيا. قال: هاته.

قال: اكتب إلى صاحبك يجعل لى الشام ومصر جباية، فاذا حضرته الوفاة لم يجعل لاحد بعده بيعة في عنقى، واسلم له هذا الامر. واكتب اليه بالخلافة.

فقال جرير: اكتب بما اردت، واكتب معك، فكتب معاوية بذلك إلى علىعليه‌السلام .

قلت: ثم ذكر نصر شعرين للوليد بن عقبة الاموى يحرض فيهما معاوية على حرب الامامعليه‌السلام وفيهما:

سألت عليا فيه مالن تناله

ولو نلته لم يبق الا لياليا

أمثل على (عليه‌السلام ) تعتريه بخدعة

وقد كان ما جربت من قبل كافيا

وايضا من شعره في ذلك:

فان عليا غير ساحب ذيله

على خدعة ما سوغ الماء شاربة

٢٨ - كتاب الامامعليه‌السلام إلى جرير يكشف فيه عن خدعة معاوية

٣٨

____________________

= قال نصر: فكتب علىعليه‌السلام إلى جرير: اما بعد فانما اراد معاوية ألا يكون في عنقه بيعة، وان يختار من امره ما احب، وأراد ان يريثك حتى يذوق اهل الشام، وان المغيرة بن شعبة قد كان اشار على ان استعمل معاوية على الشام وانا بالمدينة، فأبيت ذلك عليه ولم يكن الله ليرانى أتخذ المضلين عضدا، فان بايعك الرجل فأقبل. قال: فخرج جرير يتجسس الاخبار، فاذا هو بغلام يتغنى على قعود له، وهو يقول:

حكيم، وعمار الشجا، ومحمد

وأشتر، والمكشوح جروا الدواهيا

وقد كان فيها للزبير عجابة

وصاحبه الادنى أشاب النواصيا

فأما علىعليه‌السلام فاستغاث ببيته

فلا آمر فيها ولم يك ناهيا

وقلت في جميع الناس ما شئت بعده

وان قلت اخطأ الناس لم تك خاطيا

إلى آخر شعره...

قال جرير: يا ابن اخى ! من انت؟ قال: انا غلام؟ ن قريش و أصلى من ثقيف، أنا ابن المغيرة الاخنس بن شريق، قتل أبى مع عثمان يوم الدار. فعجب جرير من قوله، وكتب بشعره إلى علىعليه‌السلام ، فقال علىعليه‌السلام : والله من اخطأ الغلام شيئا.

٢٩ - توقيت الامامعليه‌السلام لجرير وقتا لاقامته

قال نصر ص ٥٥ عن حديث صالح قال: ابطأ جرير عند معاوية حتى اتهمه الناس، وقال علىعليه‌السلام : وقت لرسولى وقتا لا يقيم بعده الا مخدوعا او عاصيا.

قال نصر: وابطأ على عليعليه‌السلام حتى أيس منه.

٣٠ - اشارة اصحاب الامامعليه‌السلام بالحرب مع معاوية وجوابهعليه‌السلام

ولما ابطأ جرير أشار اصحاب الامامعليه‌السلام بالاستعداد لحرب اهل الشام فقال الامامعليه‌السلام كما في نهج البلاغه ٤٣: ان استعدادى حرب اهل الشام وجرير عندهم، اغلاق للشام، وصرف لاهله عن خير ان ارادوه، ولكن وقت لجرير وقتا لا يقيم بعده الا مخدوعا او عاصيا، والرأى مع الاناه فارودوا، ولا اكره لكم الا عدا، ولقد ضربت أنف هذا الامر وعينه، وقلبت ظهره و؟ طنه، فلم أر فيه الا القتال او الكفر بما جاء محمد صلى الله عليه، انه قد كان على الامة وال أحدث احداثا، وأوجد الناس مقالا، فقالوا، ثم نقموا فغيروا.

٣١ - كتاب الامام إلى جرير في تخييره معاوية بين السلم والبيعه وبين الحرب:

قال نصر ص ٥٥: وفى حديث محمد وصالح بن صدقة قالا: وكتب علىعليه‌السلام إلى جرير بعد ذلك: اما بعد فاذا أتاك كتابى هذا فاحمل معاوية على الفصل، وخذه بالامر الحزم، ثم خيره بين حرب مجلية، او سلم محظية، فان اختار الحرب فانبذله، وان اختار السلم فخذ بيعته. وفى نهج البلاغه تمام الكتاب مع تفاوت يسير في بعض الفاظه. فلما انتهى الكتاب إلى جرير أتى معاوية فأقرأه الكتاب فقال له: يا معاوية انه لا يطبع على قلب الا بذنب، ولا يشرح صدر الا بتوبة، ولا اظن قلبك الا مطبوعا، اراك قد وقفت بين الحق والباطل كأمك تنتظر شيئا في يدى غيرك. فقال معاوية: القاك بالفيصل اول مجلس ان شاء الله.

فلما بايع معاوية اهل الشام وذاقهم قال: يا جرير الحق بصاحبك، واكتب اليه بالحرب.

٣٢ - رجوع جرير متهما في امر معاوية

قال ابن ابى الحديد في الشرح ج ٣ ص ١٥ ونصر في كتاب صفين ص ٥٩ عن صالح بن صدقة باسناده قال: لما رجع جرير إلى علىعليه‌السلام كثر قول الناس في التهمة لجرير في أمر معاوية، فاجتمع جرير والاشتر عند علىعليه‌السلام .

فقال الاشتر: اما والله يا امير المؤمنين ! لو كنت ارسلتنى إلى معاوية لكنت خيرا لك من هذا الذى أرخى من خناقه، واقام عنده، حتى لم يدع بابا يرجو روحه الا فتحه، او يخاف غمه الاسد. =

٣٩

____________________

= فقال جرير: والله لو أتيتهم لقتلوك، وخوفه بعمرو، وذى الكلاع، وحوشب ذى ظليم، وقد زعموا انك من قتلة عثمان.

فقال الاشتر: لو أتيته والله يا جرير لم يعينى جوابها، ولم يثقل على محملها، ولحملت معاوية على خطة أعجله فيها عن الفكر. قال: فأتهم اذا. قال: الان وقد أفسدتهم ووقع بينهم الشر؟ !.

ثم قال عن عامر الشعبى قال: اجتمع جرير والاشتر عند علىعليه‌السلام فقال الاشتر: أليس قد نهيتك يا أمير المؤمنين ان تبعث جريرا وأخبرتك بعداوته وغشه؟ وأقبل الاشتر يشتمه ويقول: يا أخا بجيلة ! ان عثمان اشترى منك دينك بهمدان. والله ما أنت بأهلل أن تمشى فوق الارض حيا، انما أتيتهم لتتخذ يدا بمسيرك اليهم، ثم رجعت الينا من عندهم تهددنا بهم، وأنت والله منهم، ولا أرى سعيك الا لهم، ولئن اطاعنى فيك أمير المؤمنينعليه‌السلام ليحبسنك وأشباهك في محبس لا تخرجون منه، حتى تستبين هذه الامور ويهلك الله الظالمين.

قال جرير: وددت والله انك كنت مكانى بعثت، اذا والله لم ترجع.

قال نصر: وقال الاشتر فيما كان من تخويف من جرير اياه بعمرو و حوشب وذى الكلاع: (لعمرك يا جرير لقول عمرو) إلى آخر شعره.

٣٣ - ترك جرير الكوفة ولحوقه بقرقيساء

ولما اعتزل جرير عن الحق وأظهر الشقاق سكن قرقيساء، حتى هلك سنة اربع وخمسين او احد وخمسين، ذكره ابنا عبدالبر، وحجر في الاستيعاب والاصابة.

وذكر نصر بن مزاحم في كتاب صفين ص ١٢: ان ارض الجزيرة وحران والرفة والرهة وقرقيساء كان في سلطان الضحاك لمعاوية، وكان من كان بالكوفة والبصرة من العثمانية قد هربوا فنزلوا الجزيرة في سلطان معاوية، فخرج الاشتر وهو يريد الضحاك بن قيس بحران. ثم مضى على اهل قرقيساء فتحرزوا منه...

وذكره ابن ابى الحديد في الشرح ج ٤ ص ٨٤. وقال نصر ايضا بعد كلام الاشتر لجرير ص ٥٩: فلما سمع جرير ذلك لحق بقرقيساء، ولحق به اناس من قسر من قومه..

وقال ابن ابى الحديد في الشرح ج ٤ ص ٩٣ في المنحرفين عن علىعليه‌السلام : وممن فارقهعليه‌السلام حنظلة الكاتب، خرج هو وجرير بن عبدالله البجلى من الكوفة إلى قرقيساء، وقالا: لا نقيم ببلدة يعاب فيها عثمان. وتقدم ص ٤٣ عن الذهبى في سير اعلام النبلاء ج ٣ ص ١١١ نحوه.

٣٤ - انحراف جرير وتوليه عن سبيل الحق

وقد تولى جرير بن عبدالله البجلى عن سبيل المؤمنين وطريق الحق بعدما تبين له الهدى، وأظهر الانحراف عن الامام امير المؤمنينعليه‌السلام جهارا وأعلن العدى والشقاق، وصار من أهل هذه الاية: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وسائت مصيرا. النساء ٥ ١).

وروى العياشى في تفسيره ج ١ ٢٧٥ كما في البحار ج ٤٢ ١٤٩ ونور الثقلين ج ١ ٥٥١ عنه عن عمرو بن ابى المقدام عن ابيه عن رجل من الانصار قال: خرجت أنا والاشعث الكندى، وحرير البجلى حتى اذا كنا بظهر الكوفة بالفرس من بناضب، فقال الاشعث وجرير: السلام عليك يا امير المؤمنين خلافا على على بن ابيطالبعليه‌السلام فلما خرج الانصارى قال لعلىعليه‌السلام ، فقال علىعليه‌السلام : دعهما فهو امامهما يوم القايمه، اما تسمع إلى الله وهو يقول: (نوله ما تولى).

وقال ابن ابى الحديد في الشرح ج ٤ ٧٥ في ذكر المنحرفين عن علىعليه‌السلام : وروى يحيى بن عيسى الرملى عن الاعمش: ان جريرا والاشعث خرجا إلى جبان الكوفه، فمر بهما ضب بعدو، وهما في ذم علىعليه‌السلام ، فنادياه: يا أبا حسل هلم يدك نبايعك بالخلافة، فبلغ علياعليه‌السلام قولهما، فقال: اما انهما يحشران يوم القيامة وامامهما ضب. =

٤٠