تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ٣

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي10%

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي مؤلف:
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 543

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 543 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 157436 / تحميل: 9358
الحجم الحجم الحجم
تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

١٨٣ - احمد بن الحسن بن الحسين اللؤلؤى(١)

له كتاب يعرف باللؤلؤة.

وليس هو الحسن بن الحسين اللؤلؤى(٢) اخبرنا الحسين بن عبيد الله قال حدثنا احمد بن جعفر قال حدثنا احمد بن ادريس قال حدثنا احمد بن أبى زاهر قال حدثنا الحسن بن الحسين اللؤلؤى عن احمد بن الحسن به.(٣)

____________________

(١) وعنونه نحوه في الفهرست(٢٣) وقال: ثقة، وليس بابن المعروف بالحسن بن الحسين اللؤلؤى، كوفى، وله كتاب اللؤلؤة اخبرنا الحسين الخ وذكره ايضا فيمن لم يرو عنهمعليه‌السلام (٤٥٣).

(٢) فيه دلالة على انه سمى باللؤلؤى، لا لانه بايع اللؤلؤ، او انه امام مسجد دار اللؤلؤ بالكوفة كما في صباح بن صبيح الاتى. ثم انه لم يظهر من كلام الاصحاب طبقته الا ان رواية الحسن بن الحسين عنه ربما تشير إلى كونه في طبقة أصحاب الكاظم والرضاعليهما‌السلام على ما تقدم تحقيقه. وتقدم في الحسن بن الحسين اللؤلؤى رقم(٨٢ ج ٢ ٤٢): تحقيق الكلام في تعددهما وفى تعدد احمد بن الحسن اللؤلؤى فلاحظ وتأمل.

(٣) قال حدثنا على بن حبشى ابوالقاسم الكاتب قال حدثنا حميد بن زياد قال حدثنا احمد بن الحسن به.

٢٦١

١٨٤ - احمد بن الحسن القزاز البصرى(١)

له كتاب الصفة في مذهب الواقفة أخبرنا احمد بن عبدالواحد قال حدثنا على بن حبشى ابوالقاسم الكاتب قال حدثنا حميد بن زياد قال حدثنا احمد بن الحسن به.(٢)

____________________

(١) قال الشيخ في رجاله فيمن لم يرو عنهمعليه‌السلام (٤٤١): احمد بن الحسين (الحسن. مجمع خ ل ظ) البصرى القزاز البصرى، روى عنه حميد كتاب عاصم ين حميد، وغيره. مات سنة احدى وستين ومأتين.

قلت: ويقتضى هذا ادراكه ايام الجواد والهادى والعسكرىعليه‌السلام فهذه سنة وفات العسكرىعليه‌السلام .

روى عن اصحاب الصادقعليه‌السلام منهم عاصم بن حميد فروى كتابه.

ذكره الشيخ كما تقدم، وابوشعيب المحاملى فروى عنه عن المفضل بن عمر كتابه كما في ترجمته في الفهرست وصالح بن خالد.

روى عنه عنه القمى عن شيخه محمد بن احمد بن ثابت في تفسير سورة الواقعة ج ٢ ٣٤٩.

روى عن احمد بن الحسين القزاز البصرى حميد بن زياد المتوفى(٣١٠) كتاب عاصم، وكتاب المفضل وكتاب زياد بن أبى غياث عن صالح بن خالد المحاملى.

(٢) موثق بحميد على اشكال في ابن حبشى بل في احمد بن عبدالواحد. (*)

٢٦٢

١٨٥ - احمد بن محمد بن مسلمة الرمانى البغدادى

ابوعلى، له كتاب النوادر، يروى عن زياد بن مروان، اخبرنا الحسين بن عبيد الله قال حدثنا احمد بن جعفر قال حدثنا حميد، قال حدثنا احمد بن محمد به.(١)

١٨٦ - احمد بن معروف

قمى، له كتاب نوادر. اخبرناه ابوعبدالله بن شاذان القزوينى قال حدثنا احمد بن محمد بن يحيى قال حدثنا ابى قال حدثنا محمد بن على بن محبوب عنه به.(٢)

____________________

(١) موثق بحميد على كلام في احمد بن جعفر فلم يوثق الا ان التلعكبرى روى عنه. وقال الشيخ فيمن لم يرو عنهمعليه‌السلام (٤٤١): احمد بن مسلمة الرمانى البغدادى روى عنه حميد بن زياد اصولا كثيرة منها كتاب زياد بن مروان القندى. قلت: اختلفت النسخ ففى بعضها: (سلمة) بدل (مسلمة) وبدل (الرمانى) (الرصافى)

(٢) صحيح على كلام بابن شاذان وشيخه. وهكذا ذكره الشيخ في الفهرست (٣٦) لكن في الفهرست ليس لفظ (نوادر) ولا ذكر (محمد بن على بن محبوب) والظاهر في الموضع الثانى سقوطه من الفهرست. (*)

٢٦٣

١٨٧ - احمد بن محمد بن الربيع الاقرع الكندى

له كتاب النوادر، اخبرنا أحمد بن عبدالواحد قال حدثنا على بن محمد القرشى قال حدثنا على بن الحسن عن احمد بن محمد الربيع به.(١)

قال ابوالحسين محمد بن هارون بن موسىرحمه‌الله قال أبى قال أبوعلى بن همام حدثنا عبدالله بن العلاء قال: كان احمد بن محمد بن الربيع عالما بالرجال.

١٨٨ - احمد بن محمد بن عبيد الله الاشعرى القمى

شيخ من أصحابنا، ثقة، روى(٢) عن ابى الحسن الثالثعليه‌السلام .

____________________

(١) صحيح على اشكال باحمد وبالقرشى.

(٢) قال البرقى في اصحاب الجوادعليه‌السلام (٥٧): احمد بن محمد بن عبيد الله الاشعرى: قمى.

وذكره الشيخ في اصحابهعليه‌السلام (٣٩٧) ولم يذكر (قمى). وبعد اسماء(٣٩٩) قال: احمد بن محمد بن عبيد القمى الاشعرى.قلت: احتمال الاتحاد ظاهر. (*)

٢٦٤

وابنه عبيد الله بن أحمد، روى عنه محمد بن على بن محبوب(١) ، له كتاب نوادر، اخبرنا أبوعبدالله بن شاذان قال: حدثنا احمد بن محمد بن يحيى قال حدثنا أبى، واحمد بن ادريس قالا: حدثنا محمد بن على بن محبوب عن عبيد الله بن احمد عن أبيه(٢) .

١٨٩ - احمد بن عمرو بن المنهال

لا أعرف غير هذا (٣) ، له كتاب نوادر، رواه عنه الحسين بن عبيد الله قال: حدثنا احمد بن جعفر، قال حدثنا حميد قال حدثنا احمد بن ميثم بن أبى نعيم. عن احمد بن عمرو به (٤) .

____________________

(١) لم نقف على حال عبيد الله بن احمد الا ان شيخ القميين وثقتهم ابن محبوب روى عنه.

(٢) كالصحيح باحمد بن محمد، على كلام في اين شاذان.

(٣) هو احمد بن عمرو بن المنهال بن مقلاص القيسى الذى يأتى في ترجمة أبيه قول الماتن: روى عن أبى عبدالله وأبى الحسنعليهما‌السلام ، له ولدان: احمد والحسن من اهل الحديث. وتقدم في اخيه الحسن رقم(١٣٢) (ج ٢ ١٥٤): انه كوفى. وهناك ما ينفع المقام فراجع ورواية الفقيه الثقة احمد بن؟ يثم كتابه وتشير إلى جلالته.

(٤) موثق بحميد على كلام في الحسين وشيخه تقدم. وفى الفهرست(٣٧): احمد بن عمرو بن منهال له روايات، رويناها بالاسناد الاول (احمد بن عبدون عن أبى طالب الانبارى) عن حميد بن زياد عن احمد بن ميثم عنه.

قلت: الطريق موثقق بحميد بناء‌ا على وثاقة ابن عبدون شيخ النجاشى. (*)

٢٦٥

١٩٠ - احمد بن محمد بن سيار(١)

____________________

(١) نسب احمد هذا بالسيارى في كلام جماعة يأتى، وقال السمعانى في الانساب في السيارى: هذه النسبة إلى الاجداد منهم: نضر بن سيار امير خراسان من قبل المروانية، هزمه ابومسلم صاحب الدولة العباسية، والمشهور بالنسبة اليه: ابويعقوب يوسف بن منصور السيارى،.

ثم ذكر انه ابويعقوب يوسف بن منصور بن ابراهيم بن الفضى بن محمد بن شاكر بن نوح بن سيار ثم قال: كأنه نسب إلى الجد الاعلى، ثم ذكر جماعة من السياريين منهم: ابوالعباس القاسم بن ابى القاسم بن عبدالله بن مهدى بن معوية السيارى المروزى، وقال: كان احمد بن سيار جده، فنسب اليه، ومنهم خالد بن يزيد السيارى، وابوبكر حفص بن عمر السيارى، وابوالحسين احمد بن ابراهيم السيارى خال أبى عمر الزاهد الذى يروى عن الناشى قال: وروى عنه ابوعمر الزاهد اخبارا واشعارا، وابوبكر السيارى النحوى، وابوعبدالله محمد بن احمد على السيارى البصرى، وابوالفضل محمد بن خميرويه اليسع يعرف بالسيارى، وابوالقاسم عبدالكريم بن محمد بن عبيد الله السيارى البغدادى، واحمد بن محمد بن احمد بن سيار، سمع الحسكانى، ونسب إلى جده.

وذكر ابن أبى الحديد في الشرح ج ٧ ٢٧٩ في كلام الامامعليه‌السلام اخبارا عن سلطة الحجاج الثقفى على اهل العراق (اما والله ليسلطن عليكم غلام ثقيف الذيال، الميال، يأكل خضرتكم ويذيب شحمتكم. ايه أباوذحة) عن الرضى عليه الرحمة قوله: الوذحة: الخنفساء، وهذا القول يؤمى به إلى الحجاج، وله مع الوذحة حديث ليس هذا موضع ذكره.

ثم قال: ثم ان المفسرين بعد الرضىرحمه‌الله قالوا في قصة هذه الخنفساء وجوها إلى ان قال: قالوا: وقد روى أبو عمر الزاهد، ولم يكن من رجال الشيعة، في اماليه وأحاديثه عن السيارى عن أبى خزيمة الكاتب، قال: ما فتشنا احدا فيه هذا الداء الا وجدناه ناصبيا.

وقال الذهبى في ميزان الاعتدال ج ٢ ٢٥٣: سيار بن حاتم (ق، ت س) الغزى البصرى، صالح الحديث، وثقه ابن حبان.. وقال الحاكم: عابد عصره، وقد اكثر عنه احمد بن حنبل. وقال الازدى: عنده مناكير.

قلت: هو راوية جعفر بن سليمان، ومات سنة مأتين او قبلها بسنة.

وقال أبوعمرو الكشى في رجاله ص ٣٧٢ في ترجمة أبى عبدالله احمد بن محمد السيارى: اصفهانى، ويقال: البصرى.. قال نصر بن الصباح: السيارى أحمد بن محمد أبوعبدالله من ولد سيار، وكان من كتاب الطاهرية في وقت أبى محمد الحسن العسكرىعليه‌السلام .

وذكره الشيخ في الفهرست(٢٣) نحو ما في المتن مع تفاوت تشير اليه.

وقال ابن حجر في لسان الميزان ج ١ ٢٥٢: احمد بن محمد بن سيار، السيارى، أبوعبدالله، البصرى، الكاتب، شيعى، جلد، له تواليف في القراء‌ات وغيرها، قال ابوجعفر الطوسى: ضعيف الحديث، فاسد المذهب.

قلت: كان في أواخر المأة الثالة. (*)

٢٦٦

٢٦٧

ابو عبدالله الكاتب(١) بصرى(٢) كان من كتاب آل طاهر(٣)

____________________

(١) كناه الاصحاب بأبى عبدالله كما يأتى كلامهم، لكن قال ابن ادريس الحلى في مستطرفات السرا؟ ر(٤٧٦): ومن ذلك ما استطرفناه من كتاب السيارى، واسمه أبوعبدالله، صاحب موسى والرضا عليهما من الله آلاف التحية والثناء، قال السيارى: وسمعته يقول...

قلت: وقد ذكر جملة من رواياته وبدأ فيها بقوله: أبوعبدالله السيارى. ويحتمل سقوط اسمه بعد ذكر كنيته من النسخة.

(٢) وفى الكشى(٣٧٢) في ترجمته: اصفهانى، ويقال: البصرى، ووصفه الشيخ في اصحاب العسكرىعليه‌السلام بالبصرى. وسيأتى عن ابن الغضائرى وصفه بالقمى.

(٣) في تعريفه بانه من كتابهم نوع من الذم، الا ترى انه قد امتنع الحسن بن على بن فضال من زيارته لختن طاهر بن الحسين لما حج وعظمه الناس لقدره وماله ومكانه من السلطان وكلمه اصحابنا في ذلك وقال: مالى ولطاهر وآل طاهر؟ لا اقربهم، ليس بينى وبينهم عمل. ذكره المشايخ على ما تقدم في ترجمته (ج ٢ ٧). وكان طاهر بن الحسين شاعرا مترسلا بليغا، له مجموع رسائل، ذكره ابن النديم في اخبار الملوك والكتاب(١٧٦) وكان اميرا على الرى من قبل المأمون العباسى وحرب حتى غلب على على بن عيسى وجيشه من قبل الامين.

ذكره المسعودى في المروج ج ٣ ٣٩٤ ص ٣٩٨. ورسالته عند فتح بغداد إلى المأمون مشهورة وهى حسنة.

ذكره ابن النديم وذكر أيضا ابن النديم جماعة من آل طاهر: اولاده وأحفاده بامارتهم وكتبهم(١٧٦)، كما ان المسعودى ذكر جماعة منهم في مروج الذهب ج ٤ ٧٧ و ١٤٨ و ١٥٤ و ١٦٣ و ١٧٢ و ٢٠٠ و ٢٠١. (*)

٢٦٨

في زمن أبى محمدعليه‌السلام (١) ، ويعرف بالسيارى.

____________________

(١) قال الكشى: قال نصر بن الصباح: السيارى احمد بن محمد أبوعبدالله من ولد السيار، وكان من كتاب الطاهرية في وقت أبى محمد الحسن العسكرىعليه‌السلام .

قلت: في مجمع الرجال عن الكشى هكذا: في وقت أبى الحسن العسكرىعليه‌السلام .

ثم ان كونه من كتابهم في زمنهعليه‌السلام لا يلازم كونه من اصحابهعليه‌السلام خاصة، فقال الحلى في مستطرفاته كما تقدم: صاحب موسى والرضا عليهما من الله آلاف التحية والثناء.

قلت: وقد تفرد ره في ذلك فلم أحضر له رواية عنهماعليه‌السلام ولم يذكره مشايخنا في طبقات اصحابهماعليهما‌السلام .

وقال الكشى: طاهر بن عيسى الوراق قال حدثنى جعفر بن احمد بن ايوب قال حدثنا الشجاعى قال حدثنى ابراهيم بن محمد بن حاجب قال: قرأت في رقعة مع الجوادعليه‌السلام يعلم من سئل عن السيارى انه ليس في المكان الذى ادعاه لنفسه وان لا يدفعوا اليه شيئا.

قلت: يظهر من الحديث ان السيارى كان له وجاهة يرجع اليه في الامور وزعموا انه كان وكيلا لهعليه‌السلام وقد اغتروا بما ادعاه لنفسه، فمنعهم عن ان يدفعوا اليه شيئا، لكن الحديث قاصر سندا كما ذكرناه في شرح الكشى. (*)

٢٦٩

ضعيف الحديث(١) فاسد المذهب. ذكر ذلك لنا الحسين بن عبيد الله(٢)

____________________

(١) ويأتى في محمد بن احمد بن يحيى الاشعرى استثناء ما رواه عن السيارى عن ابن الوليد ومن تبعه كالصدوق وأبى العباس بن نوح والشيخ في كتبه فقال الشيخ في تقصير صاحب الصيد صلوته من الاستبصار ج ١ ٢٣٧ بعد ذكر روايته: فهذا خبر ضعيف وراويه السيارى، وكان أبوجعفر بن بابويه في فهرسته حين ذكر كتاب النوادر استثنى منه ما رواه السيارى وقال: لا أعمل به ولا افتى به لضعفه.

(٢) ذكر العلامة في القسم الثانى من الخلاصة(٢٠٣) نحو ما في المتن ثم قال: حكى محمد بن على بن محبوب عنه في كتاب (النوادر) للمصنف انه قال بالتناسخ.

وفى المجمع: عض احمد بن محمد بن سيار يكنى ابا عبدالله القمى المعروف بالسيارى، ضعيف متها لك، غال، محرف، استثنى شيوخ القميين روايته من كتاب (نوادر الحكمة)، وحكى محمد بن على بن محبوب في كتاب النوادر المصنف انه قال: بالتناسخ. ثم انه طعن مذهبا تارة بالغلو واخرى بالتناسخ، وحديثا تارة بالتحريف وبالارسال كثيرا اخرى، وباشتماله على الغلو والتخليط والمناكير والامور الباطلة ثالثة، الا ان الجميع يرجع إلى فساده مذهبا بالغلو دون التناسخ، ولم يطعن بالرواية عن الضعاف، مع ان الطعن بالارسال كثيرا انما يتوجه لمن روى عن الضعاف، لكنه روى عن الثقات وغيرهم مثل عبدالرحمن بن أبى نجران، كما في الكافى ج ٢ ٨٣ في العقيقة، والحسن بن على بن يقطين كما في كراهة التوقيت من اصول الكافى ج ١ ٣٦٩، كما ان غير واحد من اعلام الشيعة و ثقاتهم رووا عنه. بل حيث ان الطعن المذكور لم يخصص بكتبه التى ضاعت كغيرها، تأمل بعض أعلام المتأخرين في هذه الطعون لعول الجميع على ابن الغضائرى وشيوخ القميين، مع اختلاف الانظار في حد الغلو، وخلو الموجود من رواياته عما نسب اليه، ورواية غير واحد من الثقات الاجلة عنه.

لكنه كما ترى في غير محله اذ رواية من روى عنه لا تصلح لاثبات وثاقته فضلا عن دفع هذه الطعون عنه، مع ان الاجلة انما رووا عنه ما كان خاليا عن الغلو والتخليط. (*)

٢٧٠

مجفو الرواية(١) .

____________________

(١) المجفو: من جفأ: صرع، كفأ ما في القصعة، والقدر، رمى بالزبد، والوادى مسخ غثائه، والباب اغلقه، والبقل قلعه من أصله، والماشيه اتعبها بالسير ولم يعلفها.

ويقال للباطل الذى يذهب الاطمينان بالحق، ويسد باب الايمان ويقلع نبات العلم بأصله ويتعب المتحمل، فبما أن روايات السيارى قد اشتملت على اوهام اوجبت هذه الامور والتجافى عما يستقر به، قل له: مجفو الرواية. (*)

٢٧١

كثير المراسيل(١) .

له كتب وقع الينا منها: كتاب ثواب القرآن، كتاب الطب، كتاب القرائة، كتاب النوادر، كتاب الغارات، اخبرنا الحسين بن عبيد الله القزوينى قال حدثنا احمد بن محمد بن يحيى عن ابيه قال حدثنا السيارى الا ما كان من غلو وتخليط.(٢)

____________________

(١) في كثرة مراسيله بايدينا من اخباره نظر، نعم فيها المراسيل مثل ما روى الشيخ في قصر صاحب الصيد في التهذيب ج ٣ ٢١٩ باسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن احمد بن محمد السيارى عن بعض اهل العسكر قال: خرج عن ابى الحسنعليه‌السلام الحديث.

وروى الكلينى في الكافى ج ٢ ٣٨٩، باب من يشترى الرقيق فيظهر به عيب عن الحسين بن محمد عن السيارى قال قال: روى عن ابن أبى ليلى الحديث، وفى باب النورة منه ص ٢٢١ وغير ذلك.

(٢) وفى الفهرست: وصنف كتبا كثيرة، ثم ذكر نحو ما في المتن و قال: اخبرنا بالنوادر خاصة الحسين ثم ذكر نحو ما في المتن وقال: واخبرنا بالنوادر وغيرها جماعة من اصحابنا منهم الثلاثة الذين ذكرناهم عن محمد بن احمد بن داود قال: حدثنا سلامة بن محمد قال: حدثنا على بن محمد الجبائى قال: حدثنا السيارى.

قلت: الطريق الاول كالصحيح باحمد بن محمد بن يحيى والحسين شيخ النجاشى، والثانى فيه على بن محمد ولم يظهر حاله. (*)

٢٧٢

١٩١ - احمد بن الحسين بن عبدالملك ابوجعفر الازدى(١)

كوفى، ثقة(٢) مرجوع اليه(٣) ، ما يعرف له مصنف، غير انه جمع كتاب المشيخة وبوبه على أسماء الشيوخ.(٤)

____________________

(١) هذا كما في النسختين المصححتين وفاقا للمجمع ولمن حكى كلام الماتن والفهرست في الحسن بن محبوب وفى المشيخة اليه لكن عن بعض النسخ وكذا في النسخة المطبوعة (الاودى)، وكذا فيمن لم يرو عنهم وفى الفهرست في المقام. ويأتى في احمد بن يحيى بن حكيم الاودى ما ينفع المقام.

(٢) وذكره الشيخ في الفهرست(٢٣) نحو ما في المتن بتمامه مع تفاوت نشير اليه وعنونه ايضا فيمن لم يرو عنهمعليه‌السلام (٤٥٣) قائلا: احمد بن الحسن بن عبدالملك.

روى عنه ابن الزبير. روى عن الحسن بن محبوب.

(٣) ولا يكون كذلك الا اذا كان خبيرا بالرجال بصيرا بالطرق والاحاديث متحرزا عن الرواية عن الضعاف والمجاهيل، وجتنبا عن التساهل في الحديث و كانت رواياته نقية عن الغلو والتخليط والمناكير. وهذا مدح بليغ له، ومعه لا يكون مطعونا في حديثه. وروايته عن الرجال تدل على نوع اعتماد بهم.

(٤) وفى الفهرست: بوب كتاب المشيخة بعد ان كان منشورا، وجعله على اسماء الرجال، ولم يعرف له شئ ينسب اليه غيره، سمعنا هذه النسخة عن احمد بن عبدون قال سمعتها من على بن محمد بن الزبير عن احمد بن الحسين بن عبدالملك. قلت: طريقه كالصحيح بالرجلين الجليلين.

وتقدم هذا لطريق في الحسن بن محبوب (ج ٢ ٣٤٨) عن مشيخة التهذيبين وايضا عن الفهرست لكن قال: واخبرنا بكتاب المشيخة قرائة عليه الخ. وظاهره انه اخذ من كتاب ابن محبوب على مابوبه احمد بن الحسين على اسماء الشيوخ لا على مابوبه داود بن كورة على معانى الفقه وابوابه على ما تقدم هناك ويأتى في داود.

وروى الشيخ في التهذيب ج ١ ١٦٨ ٤٨٢ في الصحيح عن احمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الحافظ، عن احمد بن الحسين بن عبدالملك الاودى، وعن على بن محمد بن الزبير القرشى عنه عن الحسن بن محبوب: حكم الحيض والنفاس، وفى ج ٦ ٢٥ عن ابن عقدة عنه عن ذبيان بن حكيم: زيارة امير المؤمنينعليه‌السلام . (*)

٢٧٣

١٩٢ - احمد بن الحسن بن على بن محمد بن فضال بن عمر بن أيمن

مولى عكرمة بن ربعى الفياض(١) ابوالحسين، وقيل:

____________________

(١) ونحوه في فهرست الشيخ(٢٤) إلى آخر الترجمة مع تفاوت نشير اليه ، وكذا ذكر نسب ابن فضال فيما يأتى من ترجمة اخيه: على، لكن تقدم في ابيه: الحسن (ج ٢ ٤) قول الماتن: بن عمرو بن ايمن مولى تيم الله، و حكايته عن الكشى انه قال، مولى بنى تيم الله بن تغلبة كوفى.

وتقدم عن ابن النديم ايضا انه قال: ابن فضال التميلى بن ربيعة بن بكر مولى تيم الله بن تغلبة. (*)

٢٧٤

أبوعبدالله(١) يقال: انه كان فطحيا(٢) وكان ثقة في الحديث(٣) روى عنه أخوه: على بن الحسن(٤) وغيره

____________________

(١) وفى الفهرست، ابوعبدالله، وقيل ابوالحسين.

(٢) قاله في الفهرست جزما ولكن ظاهر الماتن عدم الجزم بكونه فطحيا نعم قد ذكره الكشى من الفطحية في موضعين، ففى عبدالله بن بكير(٢٢١) ذكره من فقهاء اصحابنا من الفطحية وذكرهم بانهم من أجلة الفقهاء العلماء من الفطحية. وعند ذكره مع أخيه على، وجماعة(٣٢٨) سأل عنهم ابا النضر محمد بن مسعود قال قال: احمد بن الحسن كان فطحيا. بل تقدم في ترجمة ابيه في حديث رجوعه عن الفطحية عند موته برواية محمد بن عبدالله بن زرارة قال: فأخبرت احمد بن الحسن بن على بن فضال بقول محمد بن عبدالله.

فقال: حرف محمد بن عبدالله على أبى.

قال: وكان والله محمد بن عبدالله اصدق عندى لهجة من احمد بن الحسن فانه رجل فاضل دين.

(٣) اى لم يوجب الطعن فيه مذهبا، الطعن في حديثه، لوثاقته ومنزلته في الحديث، فهو الثقة فيه، روى عنه الاجلة ومن يتورع في الحديث.

(٤) كما في الفهرست بل يأتى في ترجمته قوله: ولم يرو عن ابيه شيئا وقال: كنت اقابله وسنى ثمان عشرة سنة بكتبه ولا أفهم ادراك الروايات ولا استحل ان أرويها عنه، وروى عن اخويه عن ابيهما. (*)

٢٧٥

من الكوفيين(١) .

____________________

(١) وفى الفهرست: من الكوفيين والقميين.

قلت: التنبيه على رواية اخيه وغيره عنه مع انه لا يلتزم بمثل ذلك في التراجم يؤمى إلى كونه ثقة في الحديث، فيأتى في ترجمة اخيه: كان فقيه اصحابنا بالكوفة ووجههم وثقتهم وعارفهم بالحديث، والمسموع قوله فيه سمع منه شيئا كثيرا، ولم يعثر له على زلة ولا ما يشينه، وقل ما روى عن ضعيف. مع انه روى عن اخيه كثيرا، كما ان رواية الكوفيين والقميين من أجلة اصحابنا وثقاتهم عنه تشير إلى وثاقته مثل: سعد بن عبدالله، ومحمد بن احمد بن يحيى، واحمد بن محمد، ومحمد بن يحيى، والحميرى والصفار، ومحمد بن على بن محبوب وغيرهم.

وقد أهمل الماتن ره ذكر صحبته لكن ذكره الشيخ ره في اصحاب الهادىعليه‌السلام (٤١٠) قائلا: احمد بن الحسن بن على بن فضال.

وروى في التهذيب ج ٩ ١٩٥ والاستبصار ج ٤ ١٢٣ باسناده عن على بن الحسن بن فضال في حديث قال: ومات محمد بن عبدالله بن زرارة فأوصى إلى أخى أحمد، وخلف دارا وكان اوصى في جميع تركته ان يباع ويحمل ثمنها إلى أبى الحسنعليه‌السلام فباعها... وكتب اليه أحمد بن الحسن، ودفع الشئ بحضرتى إلى ايوب بن نوح، واخبره... فكتبعليه‌السلام : قد وصل ذلك وترحم على الميت وقرأت الجواب.

وقال في اصحاب أبى محمد العسكرىعليه‌السلام (٤٢٨): احمد بن الحسن بن على بن فضال. (*)

٢٧٦

يعرف من كتبه: كتاب الصلاة، كتاب الوضوء، اخبرنا بهما قرائة عليه أبوعبدالله احمد بن عبدالواحد قال حدثنا ابوالحسن على بن محمد القرشى قال حدثنا على بن الحسن بن فضال عن اخيه بكتبه.(١) ومات احمد بن الحسن سنة ستين ومأتين.(٢)

١٩٣ - احمد بن يحيى بن حكيم الاودى الصوفى

كوفى، ابوجعفر بن اخى ذبيان(٣) ثقة، لله كتاب دلائل النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

____________________

(١) كالصحيح على كلام بالقرشى بل باحمد شيخ النجاشى.

وفى الفهرست: له كتب منها كتاب الصلاة، وكتاب الوضوء.

أخبرنا بهما ابوالحسين بن أبى جيد قال حدثنا ابن الوليد قال اخبرنا الصفار قال اخبرنا احمد بن الحسن، و أخبرنا احمد بن عبدون قال اخبرنا ابن الزبير قال حدثنا على بن الحسن عن أخيه.

قلت: الطريق الاول صحيح بناء‌ا على وثاقة ابن أبى جيد من مشايخ النجاشى والشيخ.

والطريق الثانى احد طرق الماتن والشيخ في كتبه إلى على بن فضال وهو صحيح على ما تقدم.

(٢) ونحوه في الفهرست. وهذه سنة وفات أبى محمد العسكرىعليه‌السلام .

(٣) تعريف احمد بعمه: ذبيان بن حكيم أبى عمرو الاودى الازدى، يقتضى كونه رجلا مشهورا، لكنه لم احضر له ترجمة في الرجال بل قيل: انه مهمل.

نعم روى ذبيان بن حكيم الاودى عن جماعة من اصحاب الصادق عنهعليه‌السلام مثل داود بن الحصين الثقة كما في التهذيب ج ٦ ٢١٣. وموسى بن أكيل النميرى الثقة كما في التهذيب ج ٦ ٢٢٧ و ٢٥٧ و ٢٨٥ و ٣٠١، وج ٣ ٢٦٦ و ٢٤٢ وج ١ ٤٥٩ و ٣٢٠، والكافى ج ٢ ١٦٠ مرتين. ويونس بن ظبيان كما في التهذيب ج ٦ ٢٥، روى عن بهلول بن مسلم عن يونس بن عمار عنهعليه‌السلام كما في الكافى ج ٢ ٦٢.

روى عنه الحسن بن على بن فضال الثقة الجليل كما في التهذيب ج ١ ٤٥٩، و ٣٢٠ وج ٦ ٢٤٢. ومحمد بن الحسين بن أبى الخطاب الثقة المسكون إلى روايته كما في التهذيب ج ٦ ٢١٣ و ٢٢٧ وج ٣ ٢٦٦. ومحمد بن على كما في الكافى ج ٢ ٦٢. ومحمد بن موسى كما في الكافى ج ٢ ١٦٠ مرتين. واحمد بن الحسين بن عبدالملك الاودى الثقة المتقدم ذكره كما في التهذيب ج ٦ ٢٥.

ويأتى في ترجمة اسباط بن سالم الزطى من اصحاب الصادقعليه‌السلام رواية محمد بن سالم بن عبدالرحمان أبى عمرو الازدى عن ذبيان بن حكيم أبوعمرو الازدى عنه كتابه. ومن ذلك يحتمل اتحاد الاودى والازدى مع تصحيف احدهما عن الاخر كما تقدم في احمد بن الحسين الاودى. (*)

٢٧٧

٢٧٨

رواه عنه جعفر بن محمد بن مالك الفزارى.(١)

١٩٤ - احمد بن على بن محمد بن جعفر بن عبدالله بن الحسين بن على...

بن الحسين بن على بن ابيطالبعليه‌السلام

العلوى العقيقى، كان مقيما بمكة، وسمع اصحابنا الكوفيين واكثر منهم، صنف كتبا وقع الينا: منها كتاب المعرفة، كتاب فضل المؤمن، كتاب تاريخ(٢)

____________________

(١) ضعيف بجعفر الفزارى الذى يأتى في ترجمته تضعيفه باتهام وضع الحديث وفساد المذهب والرواية.

وتقدم في ترجمة الحسن بن سماعة (ج ٢ ٤٩) استناد الماتن ره لكونه معاندا في الوقف بما رواه عن شيخه محمد بن جعفر عن احمد بن محمد قال حدثنى أبوجعفر احمد بن يحيى الاودى قال دخلت مسجد الجامع لاصلى الظهر فلما صليت رأيت حرب بن الحسن الطحان، وجماعة من اصحابنا جلوسا فملت اليهم فسلمت عليهم وجلست وكان فيهم الحسن بن سماعة فذكروا امر الحسن (الحسين خ) بن علىعليه‌السلام وما جرى عليه من بعد زيد بن علىعليه‌السلام وما جرى عليه ومعنا رجل غريب لا نعرفه فقال يا قوم عندنا رجل علوى بسر من رأى من اهل المدينة الحديث. وفيه اخبار أبى الحسن الهادىعليه‌السلام بالمغيبات.

(٢) وذكر الشيخ نحوه بتمامه في الفهرست(٢٤) لكن قال: صنف كتبا كثيرة، وايضا زاد على كتبه: كتاب الوصايا. وقال فيمن لم يرو عنهم من رجاله(٤٥٣): احمد بن على العلوى العقيقى مكى.

قلت: تقدمت ترجمة جده الحسين الاصغر بن على بن الحسينعليه‌السلام من اصحاب السجاد والباقر والصادقعليه‌السلام (ج ٢ ٤٢٣) في التذييل وكان ابنه عبدالله من اصحاب الصادقعليه‌السلام .

ذكره الشيخ. وروى عنه. ذكرناه في طبقات اصحابهعليه‌السلام بترجمته.

وكان جعفر بن عبدالله المعروف: (صحصح) كما في المعدة ٣١٦ وغيره: كثير الفضل، جم المحاسن. هكذا عن المجدى. وكان محمد بن جعفر المعروف بالعقيقى ذا عقب، ومنهم ابوالحسن على بن موسى بن احمد بن ابراهيم بن محمد بن عبدالله بن جعفر بن محمد بن على بن الحسينعليه‌السلام ، أحد مشايخ الصدوق ذكرناه في محله، وذكره في العمدة(٣١٨) وتقدم ذكر ابنه على بن احمد العقيقى بترجمة في الحسن بن محمد (بن اخى طاهر (ج ٢ ٢٢٠ و ٣٢٩) وفيه اخبار اوردناها في اخبار الرواة. (*)

٢٧٩

الرجال، كتاب مثالب الرجلين والمرأتين.(١)

____________________

(١) وفى الفهرست: اخبرنا بكتبه وساير رواياته احمد بن عبدون قال اخبرنا ابومحمد الحسن بن محمد بن يحيى قال حدثنا ابوالحسن على بن احمد العقيقى عن أبيه.

قلت: الطريق ضعيف تارة بعلى العقيقى الضعيف واخرى بالحسن بن بن محمد الذى ضعفوه. (*)

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

٥١

غزوة الطائف

« الطائف » من مصايف الحجاز ومن المناطق الخصبة ، الكثيرة الزرع فيها ، وتقع الطائف في الجنوب الشرقي من مكة على بعد (١٢) فرسخا منها ، وقد كانت ولا تزال بسبب مناخها اللطيف ، وبساتينها المثمرة ، ونخيلها الكثيرة مقصدا بل مركزا وموطنا لطلاب اللذة والراحة من أهل الحجاز.

وقد كانت قبيلة ثقيف التي كانت تعدّ من القبائل العربية القوية الكثيرة العدد تسكن في هذا البلد.

وكانت أعراب ثقيف من الذين شاركوا في معركة « حنين » ضدّ الاسلام والمسلمين ، ثم لجئوا بعد الهزيمة المنكرة التي لحقت بهم على أيدي جنود الاسلام الظافرين إلى بلدهم الذي كان لهم آنذاك فيه حصن قويّ ومنيع.

ولتكميل الانتصار الاسلامي أمر الرسول القائدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بملاحقة الهاربين المنهزمين في معركة حنين.

من هنا كلّفصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبا عامر الأشعري وأبا موسى الأشعري وفريقا من جنود الاسلام بملاحقة من لجأ منهم إلى « أوطاس » فقتل القائد الأوّل في هذه الواقعة ، واستطاع الثاني أن يحرز انتصارا كبيرا على العدو ويفرق جمعه(١) .

وأما النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نفسه فقد توجه بالبقية من جيشه الى

__________________

(١) المغازي : ج ٣ ص ٩١٥ و ٩١٦.

٥٢١

الطائف(١) ، ومرّ في طريقه على حصن مالك بن عوف النصرى مثير فتنة « حنين » ورأس المؤامرة ، فهدمه وسوّاه بالأرض.

على أن تهديم حصن « مالك » لم يكن بدافع انتقاميّ بل كان لأجل ان لا يترك وراءه نقطة اعتماد وملجأ للعدوّ.

تحركت أعمدة الجيش الاسلامي الواحدة تلو الاخرى ، واستقرت حول مدينة الطائف.

كان حصن الطائف حصنا منيعا ، مرتفع الجدران ، قوي البنيان ، فيه أبراج للمراقبة مسيطرة على خارج الحصن سيطرة كاملة.

ومنذ أن استقرّ الجيش الاسلامي خارج الطائف بدأ حصاره لها ، غير أنّ الحصار لم يتكامل بعد حتى عمد العدو إلى رمي المسلمين للحيلولة دون تقدّمهم نحو المواقع المرسومة لها ، فقتل بهذا جماعة من المسلمين في بداية هذه الواقعة.

فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الجيش بالانسحاب والتراجع التكتيكي الى نقطة بعيدة عند مرمى العدوّ ، والتمركز فيها ريثما تصدر الاوامر الجديدة

وهنا اقترح « سلمان الفارسي » الذي سبق له أن اقترح حفر الخندق في معركة الاحزاب ، وكان ذا خبرة بفنون القتال ، اقترح على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأن يرمي الحصن بالمنجنيق(٢) ، وكان هذا الجهاز الذي كان يستخدم في حروب تلك الأعصر يؤدى نفس دور الدبابة في الحروب الراهنة.

فقام امراء الجيش الاسلامي بنصب المنجنيق بارشاد وتوجيه من سلمان ، وأخذوا يرمون الحصن المذكور وأبراجها الشاهقة بالحجارة طوال عشرين يوما متوالية.

ولكن العدوّ لم يسكت تجاه هذه العمليات القوية التي بدأها المسلمون ،

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٢١ ص ١٦٣.

(٢) امتاع الاسماع : ج ١ ص ٤١٧.

٥٢٢

فزاد من رميه واستمر في ذلك ، فوقعت بين المسلمين بعض الاصابات نتيجة ذلك(١) .

والآن يجب أن نرى كيف حصل المسلمون على جهاز المنجنيق ، هذا؟

يرى البعض أن سلمانا هو الذي صنع هذا الجهاز وعلّم المسلمين كيفية استخدامه في هذه الغزوة(٢) .

ويرى آخرون ان المسلمين حصلوا على هذا الجهاز وغنموه من اليهود في خيبر عند فتح قلاعهم وحصونهم واصطحبوه معهم إلى الطائف واستخدموه في غزوها.

ولا يبعد أن الصحابي الجليل سلمان الفارسي قد ادخل بعض التحسينات على ذلك الذي جلبه المسلمون من خيبر ، وعلّم المسلمين كيفية نصبه واستخدامه في القتال ، فانه يستفاد من التاريخ أن المنجنيق لم يكن منحصرا في المنجنيق الذي حصل عليه من يهود خيبر ، لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث الطفيل بن عمرو الدوسي لتحطيم أصنام لقبيلة « دوس » في وقت متزامن مع خروجه الى معركة حنين ثم الطائف فعاد الطفل فاتحا مع من خرجوا تحت إمرته من جنود الاسلام الاربعمائة ، وكانوا برمتهم من أبناء قبيلته ، فقد قدم الطائف على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع عدد واحد من جهاز المنجنيق وعربتين حربيتين خاصتين ، وقد استخدمت هذه الآليات في غزوة الطائف.

شدخ جدار الحصن بالمنجنيق :

كان لا بدّ لاخضاع العدو ودفعه إلى الاستسلام من القيام بحملات واسعة ومن مختلف الاطراف والنواحي ، ولهذا تقرر أن يقوم جنود الاسلام ، مضافا إلى

__________________

(١) الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ١٥٨.

(٢) السيرة النبوية : ج ٤ ص ١٢٦ ، وابن هشام يرى أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو اول من أستخدم المنجنيق في الجزيرة العربية.

٥٢٣

رمي الحصن بالمنجنيق ، إيجاد ثغرة في الجدار واجه مشكلة كبرى ، لأن السهام والاحجار ، والنيران كانت تنصبّ على رءوس المقاتلين المسلمين كالمطر ، ولم يكن في مقدور أحد منهم الاقتراب والدنوّ من جدار الحصن ، فكان أفضل وسيلة لتحقيق هذا الهدف هو استخدام الدبابة التي كانت في جيوش العالم الكبرى في تلك العصور في صورتها البدائية.

وكانت الدبابة آنذاك تصنع من الخشب وتغطى بجلود البقر ، ويدخل تحتها جماعة من الجنود الاقوياء ثم تتحرك نحو الحصن حتى تدنو إليه ، ويقوم الجنود بعملية إيجاد ثغرة او نقب في جدار الحصن ، فاستخدم نفر من جنود الاسلام الشجعان الاشداء هذا الجهاز بالطريقة المذكورة ، بيد أن العدو قد حال دون هذا العمل إذ ألقى على الدبابة سكك الحديد المحماة بالنار فاخرب سقفها ، واضطرّ أفرادها الى الخروج منها ، فرمتهم ثقيف بالنبل فقتلت منهم رجلا واحدا ولم ينتج هذه التكتيك القتالي ، ولم يتحقق أي نجاح في هذا المجال ، فانصرف المسلمون عن استخدامه(١) .

ضغوط اقتصادية ونفسية :

إن تحقيق الانتصار لا ينحصر في مجرد استخدام الطرق والتكتيكات العسكرية ، بل للقائد الحكيم أن يستخدم ـ لاضعاف قوة العدو وكسر صموده ـ الضربات والضغوط الاقتصادية ويجبره على الاستسلام.

وقد تكون الضربة النفسية والاقتصادية اقوى مفعولا بدرجات أى إن أثرها تفوق بمراتب عديدة أثر الضربة العسكرية ، والإضرار البدني الذي يلحق بجنود العدو وأفراده.

ولقد كانت أرض الطائف أرض زراعة ، ونخيل وأعناب ، وكانت معروفة

__________________

(١) المغازي : ج ٣ ص ٩٢٨.

٥٢٤

في الحجاز بخصبها ، وكثرة محاصيلها وخيراتها ، لأن أهلها كانوا يجهدون كثيرا في تنمية نخيلهم وأعنابهم ورعايتها ، ويولون الحفاظ عليها اهتماما كبيرا ، ويعطون هذا الأمر القسط الاكبر من جهودهم.

فأعلن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لتهديد المتمردين اللاجئين إلى الحصن ، والمعتصمين به ، بأنه سيعمد إلى قطع أعناب ثقيف ، وإفناء مزارعها إذا واصل المعتصمون بالحصن مقاومتهم ولم يسلموا للمسلمين.

فلم يكترث العدو بهذا التهديد لأنه لم يك يتصور أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وهو النبي الذي عرف برحمته ورافته ـ يستخدم مثل هذه الطريقة.

وفجأة وجدت « ثقيف » أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصدر أوامره بقطع الأعناب ، واتلاف المزارع وتحريقها ، فوقع المسلمون فيها يقطعون ويحرقون.

فعجّت « ثقيف » لذلك وضجّت ، واستغاثت برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأقسمت عليه بالرحم والقرابة أن يكف عن ذلك ، فتركها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم احتراما لوشيجة القربى التي كانت بينه وبين « ثقيف ».

ان المعتصمين بحصن الطائف وان كانوا من مثيرى معركة حنين والطائف ، وتانك الغزوتان اللتان كلّفتا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الكثير من الخسائر والمتاعب غير أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل مع ذلك التماس العدو وطلبه هذا ، فابدى وللمرة الاخرى وجه الاسلام الرحيم وكشف عن إنسانيته في التعامل مع العدوّ اللدود في ميدان القتال ، وأمر أصحابه بالكف عن قطع الاعناب وتحريقها.

ثم إن مع ما نعرفه ونعهده من أخلاق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأساليبه الانسانية في مجال التعامل مع العدوّ ، يمكننا أن ندرك بسرعة أن الامر بقطع الاعناب وتحريق المزارع كان مجرد تهديد ومحاولة ضغط على العدو بحيث إذا لم تنجح هذه الطريقة معه لكفّ عنها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتما.

٥٢٥

آخر محاولة لفتح حصن الطائف :

كانت قبيلة « ثقيف » جماعة ثريّة ، وذات مال كثير ، وعبيد وإماء كثيرين ، ولكي يحصل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على معلومات دقيقة عن الاوضاع في داخل الحصن ، ويعرف بالتالي حجم امكانات العدو ومدى استعداداته من جهة ، ويوجد الاختلاف في صفوفه من جهة اخرى أمر أن يعلن عن القرار التالي : وينادى : أي عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حرّ.

ونفعت هذه الطريقة إلى حدّ ما ، فقد خرج من الحصن بطريقة ماهرة حوالي بضعة عشر رجلا من عبيد ثقيف ورقيقهم ، والتحقوا بصفوف المسلمين فعرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من خلال التحقيق معهم أنّ المعتصمين بالحصن لا ينوون الاستسلام ، وأنهم مستعدون للمقاومة حتى لو طال الحصار عاما واحدا ، فإنهم قد أعدّوا لمثل هذا الحصار الطويل الطعام الكافي ، ولن يقعوا في أزمة بسبب طول الحصار.

جيش الاسلام يعود الى المدينة :

استخدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذه الغزوة جميع الاساليب والتكتيكات العسكرية المادية والنفسيّة ضدّ العدوّ ، وقد اثبتت التجربة أن فتح الحصن يحتاج إلى مزيد من الصبر والعمل على حين لم تكن ظروف الجيش الاسلامي وامكاناته ـ يومذاك ـ لتسمح بذلك القدر من الصبر والترقب ، والانتظار والتوقف ، اكثر ممّا توقف ومكث في تلك المنطقة وذلك :

أولا : لأنه قتل في اثناء هذه المحاصرة (١٣) مسلما سبعة منهم من قريش ، وأربعة من الانصار ، ورجل واحد من قبيلة اخرى.

هذا مضافا إلى من استشهد من المسلمين في وادي « حنين » إثر هجوم العدوّ الغادر ، وانفراط صفوف الجيش الاسلامي ، والذين لم يذكر التاريخ مع

٥٢٦

الأسف أسماءهم ، وخصوصياتهم ، ولهذا كان قد دبّ نوع من التعب في نفوس جنود الإسلام لم يكن من الصالح تجاهله.

وثانيا : أن شهر شوال قد انتهى ، وبدأ شهر ذي القعدة الذي كان معدودا عند العرب من الاشهر الحرم وقد أيّد الاسلام فيما بعد هذه السنّة ، وأكّد حرمة الاشهر الحرم.

من هنا كان من الضروري ـ حفاظا على هذه السنّة ـ(١) إنهاء الحصار في أقرب وقت لكي لا تتّهم عرب ثقيف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمخالفة السنّة الصالحة وخرقها.

أضف إلى ذلك دنوّ حلول موسم الحج ، مع العلم بأن إدارة ذلك الموسم ومناسكه كانت في ذلك العام للمسلمين ، بعد أن كانت ـ قبل ذلك ـ تدار بواسطة المشركين وبرعايتهم.

ولا شك أن موسم الحج الذي كان سببا لحصول اجتماع بشريّ عظيم من سكان الجزيرة العربية كان يوفّر اكبر وافضل فرصة لتبليغ الاسلام ، وبيان حقيقة التوحيد ، وكان على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان يستغل هذه الفرصة العظيمة التي اتيحت له لأوّل مرة ، في مجال الدعوة ، ويستفيد منها اكثر قدر ممكن ويولي اهتمامه لقضايا اخرى اكثر أهميّة وخطورة من فتح حصن واقع في منطقة نائية.

مع أخذ هذه الظروف بنظر الاعتبار ترك الرسول القائدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حصار الطائف وعاد بجيشه إلى الجعرّانة التي جعلها محلا لحفظ أسرى حنين وغنائمها.

__________________

(١) ويدلّ على هذا الأمر أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ترك مكة متوجها إلى الطائف في الخامس من شهر شوال واستغرقت مدة الحصار عشرين يوما ، وصرفت بقيّة الايام ( وهي خمسة ) في المسير إلى حنين ، وفي المعركة.

وقولنا بأن الحصار طال عشرين يوما يستند إلى رواية نقلها ابن هشام ، إلاّ أن ابن سعد ذكر مدة الحصار أربعين يوما ( الطبقات الكبرى ج ٢ ص ١٥٨ ).

٥٢٧

حوادث ما بعد الحرب :

انتهت حوادث معركة « حنين » و « الطائف » وعاد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من دون تحقيق نتيجة قطعية الى « الجعرانه » لتقسيم غنائم معركة « حنين ».

والغنائم التي حصل عليها المسلمون في معركة « حنين » كانت من اكبر الغنائم التي غنموها طوال المعارك الاسلامية كلّها ، لأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم قدم « الجعرّانة » كان هناك ستة آلاف أسير و (٢٤) ألف من الإبل واكثر من (٤٠) ألف رأس غنم و (٨٥٢) كيلو غرام من الفضة يحافظ عليها في مركز الغنائم(١) وكان من الممكن أن تسدّد القيادة من هذه الغنائم قسما كبيرا من ميزانية الجيش الاسلامي.

لقد مكث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في « الجعرّانة » ثلاثة عشر يوما ، وفي هذه المدة قسّم تلك الغنائم بطريقة خاصة ملفتة للنظر وجديرة بالتأمل والدراسة.

فقد خلّى سبيل بعض الأسرى ، وتركهم لذوبهم ، وخطّط لاخضاع ( او بالاحرى إسلام ) مالك بن عوف النصري مثير معركة حنين والطائف الهارب ، كما أظهر تقديره وشكره لمواقف الاشخاص في هاتين الغزوتين وخدماتهم ، وجذب بسياسته الحكيمة افئدة أعداء الاسلام ، ورغّبها في عقيدة التوحيد الشريفة ، وأنهى نقاشا حدث بينه وبين جماعة الأنصار حول طريقة تقسيم الغنائم بخطبة جميلة.

وإليك تفصيل الكلام في المواضيع المذكورة :

١ ـ لقد دأب رسول الاسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على احترام حقوق الأفراد ، وتثمين جهودهم مهما ضؤلت ودقّت ، وعلى أن لا يبخس أحدا عمله ، فإذا أحسن

__________________

(١) الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ١٥٢.

٥٢٨

إليه أحد قابل إحسانه بما يزيد عليه أضعافا مضاعفة. وكان ذلك من أبرز صفاته وأخلاقهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقد رضع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وترعرع في قبيلة بني سعد التي هي من قبائل هوازن ، وقد ارضعته امرأة من هذه القبيلة تدعى « حليمة السعدية » ، وقد بقي في تلك القبيلة خمسة أعوام.

وقد شاركت قبيلة بني سعد في معركة حنين ضدّ الاسلام فسبيت بعض نسائهم وأطفالهم على أيدي المسلمين ، كما وقعت بعض أموالهم بأيديهم أيضا ، وقد ندمت على فعلها ندما شديدا.

وقد كانوا يعلمون أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نشأ وترعرع فيهم ، ورضع بلبن نسائهم هذا من ناحية ، ومن ناحية اخرى كانوا يعرفون أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ملء قلبه الرحمة والمروءة ومعرفة الجميل ، فاذا سنح لهم أن يذكّروه بذلك لأطلق أسراهم حتما.

فقدم أربعة عشر رجلا من رؤسائهم الذين كانوا قد أسلموا جميعا « الجعرانة » على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد أمّروا على أنفسهم شخصيتين من رجالهم أحدهما هو « زهير بن صرد » والآخر عم للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الرضاعة ، فقالوا : يا رسول الله إنّما في هذه الأسرى من يكفلك من عماتك وخالاتك ، وحواضنك ، وقد حضنّاك في حجورنا وارضعناك بثدينا ، ولقد رايتك مرضعا فما رأيت مرضعا خيرا منك ، ورأيتك فطيما فما رأيت فطيما خيرا منك ، ورأيتك شابا فما رأيت شابا خيرا منك ، وقد تكاملت فيك خلال الخير ، ونحن مع ذلك أهلك وعشيرتك فامنن علينا منّ الله عليك.

وقال زهير بن صرد : يا رسول الله إنّما في هذه الحظائر عماتك وخالاتك وحواضنك اللاتي كنّ يكفلنك ، ولو أننا ملحنا للحارث بن أبي شمر ، أو النعمان بن المنذر ، ثم نزل منا بمثل الذي نزلت به رجونا عطفه وعائدته علينا وأنت خير المكفولين.

٥٢٩

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهم :

« إن أحسن الحديث أصدقه ، وعندي من ترون من المسلمين ، فابناؤكم ونساؤكم أحبّ إليكم أم أموالكم »؟

قالوا : يا رسول الله خيّرتنا بين أحسابنا وأموالنا وما كنّا نعدل بالأحساب شيئا ، فردّ علينا أبناءنا ونساءنا.

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« أما ما لي ولبني عبد المطلب فهو لكم واسأل لكم الناس وإذا صلّيت الظهر بالناس فقولوا : إنا لنستشفع برسول الله الى المسلمين ، وبالمسلمين الى رسول الله فاني سأقول : لكم ما كان لي ولبني عبد المطّلب فهو لكم وسأطلب لكم إلى الناس ».

فلما صلّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الظهر بالناس قاموا فتكلموا بالذي أمرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالوا : إنا نستشفع برسول الله الى المسلمين وبالمسلمين إلى رسول الله.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم.

وبهذا وهب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهم نصيبه من الاسرى.

فقال المهاجرون : أمّا ما كان لنا فهو لرسول الله.

وقال الانصار : ما كان لنا فهو لرسول الله.

وهكذا وهب الانصار والمهاجرون نصيبهم من الاسرى تبعا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يتأخر عن ذلك إلاّ قليلون مثل « الاقرع بن حابس » و « عيينة بن حصن » فقد امتنعا عن أن يهبا نصيبهما ، ويطلق سراح ما عندهم من السبايا ، فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال : إن هؤلاء القوم جاءوا مسلمين وقد استأنيت بهم ، فخيّرتهم بين النساء والأبناء ، والأموال ، فلم يعدلوا بالأبناء والنساء ، فمن كانت عنده منهنّ شيء فطابت نفسه أن يردّه فليرسل ،

٥٣٠

ومن أبى منكم وتمسك بحقه فليردّ عليهم ، فله بكل انسان ست فرائض ( أي سوف أعطيه بدل الواحد ستا ) من أول ما يفيء الله به علينا(١) .

فكان لعمل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذا أثر عظيم في نفوس المسلمين حيث خلّوا سبيل جميع من كان في أيديهم من الاسرى والسبايا إلا امرأة عجوز امتنع « عيينة » من ردّها إلى ذوبها.

وهكذا أثمر عمل صالح غرست شتيلته ـ قبل ستين عاما ـ في أرض قبيلة بني سعد على يدى حليمة السعدية ، فاتت اكلها بعد مدة طويلة ، واطلق بفضل ذلك العمل الصالح سراح جميع الاسرى والسبايا من هوازن(٢) .

ثم ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا اخته من الرضاعة « الشيماء »(٣) وبسط لها رداءه ثم قال : اجلسي عليه ، ورحّب بها ، ودمعت عيناه ، وسألها عن امّه وابيه من الرضاعة ، فاخبرته بموتهما في الزمان ، ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لها :

« إن أحببت فأقيمي عندنا محبّبة مكرّمة وإن أحببت أن امتّعك وترجعي الى قومك فعلت ».

فقالت : بل تمتّعني وتردّني إلى قومي ، فمتّعها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وردّها الى قومها ، بعد أن أسلمت طوعا ورغبة ، وأعطاها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاثة أعبد وجارية(٤) .

وقد قوّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باخلائه سبيل جميع أسرى هوازن وسباياها من رغبة هوازن في الاسلام ، فاسلموا من قلوبهم ، وهكذا فقدت

__________________

(١) المغازي : ج ٣ ص ٩٤٩ ـ ٩٥٣.

(٢) الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ١٥٣ و ١٥٤ ، السيرة النبوية : ج ٢ ص ٤٩٠ ، والحادثة التاريخية هذه جسّدت مضمون قول الله تعالى : «مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ » ( النحل : ٩٧ ).

(٣) هي الشيماء بنت الحارث بن عبد العزى.

(٤) البداية والنهاية : ج ٢ ص ٣٦٣ و ٣٦٤ ، الامتاع : ج ١ ص ٤١٣.

٥٣١

« الطائف » آخر حليف من حلفائها.

٢ ـ اسلام مالك بن عوف :

في هذا الأثناء اغتنم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الفرصة ليعالج مشكلته مع « مالك بن عوف النصري » مثير حرب حنين ، عن طريق وفد بني سعد وذلك بترغيبه في الاسلام ، وعزله عن حليفه : « ثقيف ».

ولهذا سألهم عن مالك ما فعل؟ فقالوا يا رسول الله هو بالطائف مع ثقيف.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« أخبروا مالكا أنّه إن أتاني مسلما رددت عليه أهله وماله وأعطيته مائة من الابل ».

فبلّغ وفد هوازن مالكا كلام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمانه المشروط ، فقرّر مالك الذي كان يرى بامّ عينيه تعاظم أمر الاسلام ، واشتداد أزره كما رأى رحمة النبي ولطفه ، أن يخرج من الطائف ، ويلتحق بالمسلمين ، ولكنه كان يخشى أن تعرف « ثقيف » بنيته فتحبسه في الحصن ، ولهذا عمد الى خطة خاصة للفرار ، فقد أمر باعداد راحلته فهيّئت له ، وأمر بفرس له فأتي به إلى الطائف ، فركب فرسه وركّضه حتى أتى راحلته حيث أمر بها أن تحبس فركبها ، فلحق برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فادركه بالجعرانة أو بمكة ، فردّ عليه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أهله وماله ، وأعطاه مائة من الابل كما وعد من قبل ، واسلم فحسن إسلامه ، ثم استعمله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على من أسلم من قومه وقبائل « ثمالة » و « سلمة » و « فهم ».

وقد انشد « مالك بن عوف » أبياتا عند ما أسلم يصف فيها خلائق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الكريمة ، ويمدحه أجمل مديح اذ يقول :

ما إن رأيت ولا سمعت بمثله

في الناس كلّهم بمثل محمّد

أوفى وأعطى للجزيل إذ اجتدي

ومتى تشأ يخبرك عما في غد

٥٣٢

وإذا الكتيبة عرّدت أنيابها

بالسمهريّ وضرب كلّ مهنّد

فكأنّه ليث على أشباله

وسط الهباءة خادر في مرصد

وصار يقاتل بتلك القبائل ثقيفا لا يخرج لهم سرح إلاّ أغار عليه حتى ضيّق عليهم لما حصل عليه من مكانة وعزة في الاسلام ، وبعد أن أدرك قبح موقف « ثقيف »(١) .

٣ ـ تقسيم الغنائم :

كان أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يلحّون عليه أن يسرع في تقسيم غنائم الحرب ، ولكي يدلّل النبي الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حياده الكامل في تقسيم الغنائم قام إلى بعير فأخذ وبرة من سنامه فجعلها بين إصبعيه ثم رفعها ثم قال :

« أيّها الناس والله مالي في فيئكم ولا هذه الوبرة إلاّ الخمس ، والخمس مردود عليكم ، فادّوا الخياط والمخيط فإن الغلول ( أي الخيانة في بيت المال ) يكون على أهله عارا ، ونارا ، وشنارا يوم القيامة ».

ثم ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قسّم أموال بيت المال بين المسلمين ، واما الخمس الذي هو حقه الخاص به فقد وزّعه بين أشراف قريش الحديثي العهد بالاسلام يتألّفهم ، ويتألف بهم قومهم ، فأعطى من هذا المال لـ : أبي سفيان بن حرب ، وابنه معاوية ، وحكيم بن حزام ، والحارث بن الحارث ، والحارث بن هشام ، وسهيل بن عمرو ، وحويطب بن عبد العزى ، والعلاء بن جارية وصفوان بن أميّة ، وغيرهم ممّن كانوا يعادونه الى الأمس القريب من رءوس الشرك ورموز الكفر ، لكلّ واحد منهم مائة بعير(٢) .

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٤٩١ وعرّدت أي عوّجت.

(٢) راجع المحبّر : ص ٤٧٣ ، المغازي : ج ٣ ص ٩٤٤ ـ ٩٤٨ ، السيرة النبوية : ج ٣ ص ٤٩٣ ، امتاع الاسماع : ج ١ ص ٤٢٣.

٥٣٣

وقد كان لهذا العطاء السخيّ أثره الطيب والبالغ في نفوس تلك الجماعة التي شملها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم برحمته ، ولطفه ، وعنايته ، وكرمه ، واشتدت رغبتهم في الاسلام.

وهذا الفريق هم من يصطلح عليهم في الفقه الاسلامي بالمؤلفة قلوبهم ، وهم يشكّلون إحدى مصارف الزكاة بنص القرآن الكريم.

ويقول ابن سعد في الطبقات الكبرى بعد ان ذكر قصة هذا التقسيم الخاص للغنائم : وأعطى ذلك كله من الخمس وهو أثبت الاقاويل عندنا(١) .

ولقد شق هذا النوع من الاسلوب في تقسيم الغنائم وهذا النمط من البذل الذي مارسه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، شقّ على بعض المسلمين ، وبخاصة الانصار وقد جهلوا بالمصالح التي كان يراعيها ، والأهداف العليا التي كان يتوخّاها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من هذا النوع من البذل والعطاء ( وهو تخصيص حديثي العهد بالاسلام باكثر الغنائم ).

لقد كانوا يتصورون ان التعصب القبلي هو الذي دفع بالرسول القائدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أن يقسم خمس الغنيمة بين أبناء قبيلته حتى أن احدهم ( وهو ذو الخويصرة التميمي ) قال لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكل وقاحة : يا محمّد قد رأيت ما صنعت في هذا اليوم ، لم أرك عدلت!!

فغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كلامه هذا وقال :

« ويحك إذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون »؟!

فطلب عمر بن الخطاب من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يأذن له بقتله ، فلم يأذن له النبي وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« دعه فانّه سيكون له شيعة يتعمّقون في الدين ( أي يتتبّعون أقصاه ) حتى

__________________

(١) الطبقات الكبرى : ج ٣ ص ١٥٣.

٥٣٤

يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرميّة »(١) .

وقد كان هذا الرجل ـ كما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم زعيم فرقة الخوارج في عهد حكومة الإمام عليّعليه‌السلام ، فهو الذي قاد تلك الفرقة الخطرة ، غير أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يقدم على عقوبته على ما بدر منه فيما بعد لأن القصاص أو العقاب قبل الجناية يخالف قواعد الإسلام.

ولقد رفع « سعد بن عبادة » شكوى الأنصار حول كيفية تقسيم الخمس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لسعد : اجمع من كان هاهنا من الأنصار في هذه الحظيرة.

فجمع سعد الانصار في تلك الخطيرة ، فلما اجتمعوا دخل عليهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليه جلال النبوة ، وهيبة الرسالة ، فحمد الله واثنى عليه بالذي هو أهله ثم قال :

« يا معشر الأنصار ما مقالة بلغتني عنكم وجدة وجدتموها في أنفسكم؟ ألم آتكم ضلاّلا فهداكم الله وعالة فاغناكم الله ، وأعداء فألّف الله بين قلوبكم »؟

قالوا : بلى الله ورسوله أمنّ وافضل!

قال :

ألا تجيبوني يا معشر الانصار »؟

قالوا : وما ذا نجيبك يا رسول الله ولرسول الله المنّ والفضل؟

قال :

« أما والله لو شئتم قلتم فصدقتم أتيتنا مكذّبا فصدّقناك ومخذولا فنصرناك

__________________

(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٤٩٦ ، السيرة الحلبية : ج ٣ ص ١٢٢ ، وفي المغازي : ج ٣ ص ٩٤٨ أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال فيه : « دعه إنّ له أصحابا يحقّر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية يخرجون على فرقة من المسلمين ». وراجع امتاع الاسماع : ج ١ ص ٤٢٥ وجاء في السيرة الحلبية انه أصل الخوارج.

٥٣٥

وطريدا فآويناك وعائلا فآسيناك!(١) وجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في شيء من الدّنيا تألّفت به قوما ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم ، أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم؟

والذي نفس محمّد بيده لو لا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ، ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار ».

ثم ترحّم على الأنصار وعلى أبنائهم وعلى أبناء أبنائهم فقال :

« اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار ».

وقد كانت كلمات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذه من القوة والعاطفيّة بحيث أثارت مشاعر الأنصار ، فبكوا بعد سماعها بكاء شديدا حتى اخضلّت لحاهم وابتلّت بالدموع وقالوا : رضينا يا رسول الله حظّا وقسما!!!

ثم انصرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتفرّقوا(٢) .

ان هذه القصة تكشف عن عمق حكمة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعن حنكته السياسيّة البالغة ، وكيف أنه كان يعالج المشاكل باساليب مناسبة وبروح الصدق واللطف.

رسول الله يعتمر :

ثم ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرج من الجعرانة معتمرا ، بعد ان قسم الغنائم ، فلما فرغ من عمرته انصرف راجعا الى المدينة ، فقدم المدينة في اواخر شهر ذي القعدة ، أو أوائل شهر ذي الحجة.

__________________

(١) إن هذا يفيد ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما كان ينسى فضل أحد عليه وان كان هوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صاحب الفضل الاكبر على الناس اجمعين.

(٢) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٤٩٨ و ٤٩٩ ، المغازي : ج ٣ ص ٩٥٧ و ٩٥٨.

٥٣٦

٥٢

لاميّة كعب بن زهير المعروفة

« بانت سعاد »

فرغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منتصف شهر ذي القعدة ، من السنة الثامنة للهجرة من قسمة غنائم حنين في الجعرانة ، وكان موسم الحج على الأبواب ، وكانت هذه السنة هي السنة الاولى التي كان يتوجب على الحجيج العرب ، مسلمين ومشركين ، أن يقوموا بمناسك الحج تحت رعاية الحكومة الاسلامية.

وكان اشتراك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذه الشعائر يزيد الحج عظمة وجلالا ، وكان من الممكن ـ وبفضل قيادته الحكيمة ـ أن تتم في ذلك الحشد الهائل والاجتماع العظيم دعوة صحيحة وقوية وواسعة إلى الاسلام ، بينما كانت ثمة مسئوليات في المدينة تنتظر عودة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد مضى على مفارقته المدينة ما يقرب من ثلاثة أشهر ، وكانت الأعمال التي يجب أن يقوم بها هو بنفسه قد تعطّلت طوال هذه المدة.

وبعد دراسة هذه المسألة من جوانبها المختلفة رأى الرسول القائدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يكتفي بعمرة ، يغادر بعدها مكة ليصل الى المدينة في أقرب وقت ممكن.

ولكنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأى أنه لا بدّ أن يعيّن شخصا صالحا لادارة الامور السياسية والدينية في المنطقة الحديثة العهد بالفتح الاسلامي ( نعني مكة ) حتى لا تحدث في غيابه أزمة فيها ، وحتى تجري الامور على النسق الصحيح والمطلوب.

٥٣٧

من هنا استخلف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « عتّاب بن اسيد » على مكة ، وكان عتاب شابا لبيبا يتسم بالصبر والجلد ، وكان له من العمر اذ ذاك عشرون سنة ، وقد قرّر له النبي راتبا قدره درهم واحد كل يوم.

وبهذا العمل ( أي تعيين شاب حديث العهد بالاسلام والايمان في مقتبل العمر ، ولكن كفؤ لتسيير الامور في مكة ، وتفضيله على كثير من الشيوخ وكبار السنّ ) حطّم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سدّا خياليا ، ومفهوما باطلا في مجال التوظيف والتأمير.

فان جماعة من الناس لما أمّر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « عتابا » على أهل مكة قالوا : إن محمّدا لا يزال يستخفّ بناحتى ولّى علينا غلاما حدث السنّ ابن ثمانية عشر سنة ، ونحن مشايخ ذو والاسنان فاجابهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله في كتاب كتبه لعتاب :

« لا يحتجّ محتجّ منكم في مخالفته بصغر سنّه ، فليس الاكبر هو الأفضل بل الأفضل هو الاكبر وهو الاكبر في موالاتنا وموالاة أوليائنا ومعاداة أعدائنا فلذلك جعلناه الأمير عليكم والرئيس عليكم فمن أطاعه فمرحبا به ومن خالفه فلا يبعد الله غيره »(١) .

وبهذا أثبتصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عمليا أن حيازة المناصب الاجتماعية إنما تدور فقط حول معيار الأهلية والجدارة ، والكفاءة ، وأنّ صغر السنّ لا يمنع من ذلك اذا كان صاحبه يتمتع بكفاءة عالية.

ثم ان « عتّابا » قام فخطب في الناس فقال : أيّها الناس أجاع الله كبد من جاع على درهم ، فقد رزقني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم درهما كل يوم ، فليست بي حاجة إلى أحد(٢) .

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٢١ ص ١٢٢ و ١٢٣. امتاع الاسماع : ج ١ ص ٤٣٢ و ٤٣٣.

(٢) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٥٠٠.

٥٣٨

وأحسن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الاختيار أيضا عند ما عيّن « معاذ بن جبل » ليعلّم الناس القرآن ويفقههم في الدين ، فقد كان معاذ ممن عرف بالفقه ، والمعرفة باحكام القرآن بين أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما بعثه للقضاء ، الى اليمن سألهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بم تقضي إن عرض قضاء فقال : أقضى بما في كتاب الله.

قال : فان لم يكن في كتاب الله؟

قال : أقضي بما قضى به الرسول.

قال : فإن لم يكن فيما قضى به الرسول؟

قال : أجتهد رأيي ولا آلو.

فضرب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صدره ، وقال :

« الحمد الله الّذي وفّق رسول رسول الله لما يرضى رسول الله »(١) .

قصة كعب بن زهير بن أبي سلمى :

كان « زهير بن أبي سلمى » من شعراء العرب البارعين في العهد الجاهلي ، فهو صاحب إحدى المعلّقات السبع التي بقيت منصوبة في الكعبة المعظّمة حتى قبيل نزول القرآن الكريم ، وكانت تفتخر بها العرب ، وتبدأ معلّقته تلك بقوله :

أمن أمّ أوفى دمنة لم تكلّم

بحومانة الدرّاج فالمتثلّم

وقد توفي « زهير » قبل عصر الرسالة ، وخلّف ولدين هما : « بجير » ، و « كعب » وكان الأول ممّن آمن برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونصره ، وأحبّه ، بينما عادى الثاني ( كعب ) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشدّة ، وحيث أنه كان ذا قريحة شعرية موروثة قوية ، لهذا كان يهجو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قصائده

__________________

(١) الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ٣٤٧ و ٣٤٨ ، ويكتب الجزري في اسد الغابة : ( ج ٣ ص ٣٥٨ ) كان عتاب رجلا خبيرا صالحا فاضلا.

٥٣٩

وأشعاره ويؤلّب الناس ضدّ الإسلام.

ولما قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة في الرابع والعشرين من شهر ذي القعدة كان « بجير » قد شارك مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في فتح مكة ، وحصار الطائف ، وقد شاهد عن كثب كيف هدّد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالقتل بعض الشعراء الذين كانوا يهجون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويؤلّبون الناس ضدّ الإسلام ، وأهدر دماءهم.

فكتب بهذا إلى أخيه ( كعب ) ونصحه في آخر كتابه قائلا : إن كانت لك في نفسك حاجة فطر الى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فانه لا يقتل أحدا جاءه تائبا.

فاطمأنّ كعب بكلام أخيه ، وتوجّه من فوره إلى المدينة فدخل المسجد ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتهيأ لصلاة الصبح ، فصلّى مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأوّل مرّة ثم جلس إليه ، ووضع يده في يده ، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يعرفه ، فقال : يا رسول الله إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائبا مسلما فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به؟

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نعم.

قال : أنا يا رسول الله كعب بن زهير(١) .

ثم أخرج كعب قصيدته اللاميّة العصماء التي مدح فيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والتي كان قد أنشأها من قبل ، وانشدها بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المسجد ليتلافى بها ما سبق أن بدر منه من هجاء وطعن في سيد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) .

__________________

(١) روي أنه وثب على كعب ـ في تلك الحال ـ رجل من الانصار فقال : يا رسول الله دعني وعدوّ الله أن أضرب عنقه ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : دعه عنك فانه قد جاء تائبا نازعا ( عما كان عليه ) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٥٠١.

(٢) السيرة الحلبية : ج ٣ ص ٢٤٢.

٥٤٠

541

542

543