تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ٣

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي14%

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي مؤلف:
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 543

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 543 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 157427 / تحميل: 9358
الحجم الحجم الحجم
تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

وانتهت الوفود إلى دمشق لعرض آرائها على عاهل الشام ، وقد قام معاوية بضيافتهم والإحسان إليهم.

مؤتمرُ الوفود الإسلاميّة :

وعقدت وفود الأقطار الإسلاميّة مؤتمراً في البلاط الاُموي في دمشق لعرض آرائها في البيعة ليزيد ، وقد افتتح المؤتمر معاوية بالثناء على الإسلام ، ولزوم طاعة ولاة الاُمور ، ثمّ ذكر يزيد وفضله وعمله بالسّياسة ، ودعاهم لبيعته.

المؤيّدون للبيعة :

وانبرت كوكبة مِنْ أقطاب الحزب الاُموي فأيّدوا معاوية ، وحثّوه على الإسراع للبيعة ، وهم :

1 ـ الضحّاك بن قيس

2 ـ عبد الرحمن بن عثمان

3 ـ ثور بن معن السلمي

4 ـ عبد الله بن عصام

5 ـ عبد الله بن مسعدة

وكان معاوية قد عهد إليهم بالقيام بتأييده ، والردّ على المعارضين له.

٢٠١

خطابُ الأحنف بن قيس :

وانبرى إلى الخطابة زعيم العراق وسيّد تميم الأحنف بن قيس ، الذي تقول فيه ميسون اُمّ يزيد : لو لمْ يكن في العراق إلاّ هذا لكفاهم(1) . وتقدّم فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ التفت إلى معاوية قائلاً :

أصلح الله أمير المؤمنين ، إنّ الناس في منكر زمان قد سلف ، ومعروف زمان مؤتنف ، ويزيد ابن أمير المؤمنين نعم الخلف ، وقد حلبت الدهر أشطره.

يا أمير المؤمنين ، فاعرف مَنْ تسند إليه الأمر مِنْ بعدك ثمّ اعصِ أمر مَنْ يأمرك ، ولا يغررك مَنْ يُشير عليك ولا ينظر لك ، وأنت أنظر للجماعة ، وأعلم باستقامة الطاعة ، مع أنّ أهل الحجاز وأهل العراق لا يرضون بهذا ، ولا يبايعون ليزيد ما كان الحسن حيّاً.

وأثار خطاب الأحنف موجةً مِن الغضب والاستياء عند الحزب الاُموي ، فاندفع الضحّاك بن قيس مندِّداً به ، وشتم أهلَ العراق ، وقدح بالإمام الحسن (عليه السّلام) ، ودعا الوفد العراقي إلى الإخلاص لمعاوية والامتثال لما دعا إليه. ولمْ يعن به الأحنف ، فقام ثانياً فنصح معاوية ودعاه إلى الوفاء بالعهد الذي قطعه على نفسه مِنْ تسليم الأمر إلى الحسن (عليه السّلام) مِنْ بعده ؛ حسب اتفاقية الصلح التي كان من أبرز بنودها إرجاع الخلافة مِنْ بعده إلى الإمام الحسن (عليه السّلام) ، كما أنّه هدّد معاوية بإعلان الحرب إذا لمْ يفِ بذلك.

__________________

(1) تذكرة ابن حمدون / 81.

٢٠٢

فشلُ المؤتمر :

وفشلَ المؤتمر فشلاً ذريعاً بعد خطاب الزعيم الكبير الأحنف بن قيس ، ووقع نزاع حاد بين أعضاء الوفود وأعضاء الحزب الاُموي ، وانبرى يزيد بن المقفّع فهدّد المعارضين باستعمال القوّة قائلاً : أمير المؤمنين هذا ـ وأشار إلى معاوية ـ ، فإنْ هلك فهذا ـ وأشار إلى يزيد ـ ، ومَنْ أبى فهذا ـ وأشار إلى السيف ـ.

فاستحسن معاوية قوله ، وراح يقول له : اجلس فأنت سيّد الخطباء وأكرمهم.

ولمْ يعن به الأحنف بن قيس ، فانبرى إلى معاوية فدعاه إلى الإمساك عن بيعة يزيد ، وأنْ لا يُقدّمَ أحداً على الحسن والحسين (عليهما السّلام). وأعرض عنه معاوية ، وبقي مصرّاً على فكرته التي هي أبعد ما تكون عن الإسلام.

وعلى أي حالٍ ، فإنّ المؤتمر لمْ يصل إلى النتيجة التي أرادها معاوية ؛ فقد استبان له أنّ بعض الوفود الإسلاميّة لا تُقِرّه على هذه البيعة ولا ترضى به.

سفرُ معاوية ليثرب :

وقرّر معاوية السفر إلى يثرب التي هي محطّ أنظار المسلمين ، وفيها أبناء الصحابة الذين يُمثّلون الجبهة المعارضة للبيعة ؛ فقد كانوا لا يرون يزيداً نِدّاً لهم ، وإنّ أخذ البيعة له خروجٌ على إرادة الأُمّة ، وانحراف عن الشريعة الإسلاميّة التي لا تُبيح ليزيد أنْ يتولّى شؤون المسلمين ؛ لما عُرِفَ به مِن الاستهتار وتفسّخ الأخلاق.

٢٠٣

وسافر معاوية إلى يثرب في زيارة رسمية ، وتحمّل أعباء السفر لتحويل الخلافة الإسلاميّة إلى مُلْكٍ عضوض ، لا ظل فيه للحقّ والعدل.

اجتماعٌ مغلق :

وفور وصول معاوية إلى يثرب أمر بإحضار عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن جعفر ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن عمر ، وعقد معهم اجتماعاً مغلقاً ، ولمْ يُحضر معهم الحسن والحسين (عليهما السّلام) ؛ لأنّه قد عاهد الحسن (عليه السّلام) أنْ تكون الخلافة له مِنْ بعده ، فكيف يجتمع به؟ وماذا يقول له؟ وقد أمر حاجبه أنْ لا يسمح لأي أحدٍ بالدخول عليه حتّى ينتهي حديثه معهم.

كلمةُ معاوية :

وابتدأ معاوية الحديث بحمد الله والثناء عليه ، وصلّى على نبيّه ، ثمّ قال : أمّا بعد ، فقد كبر سنّي ، ووهن عظمي ، وقرب أجلي ، وأوشكت أنْ اُدعى فأُجيب ، وقد رأيت أنْ استخلف بعدي يزيد ، ورأيته لكم رضا. وأنتم عبادلة قريش وخيارهم وأبناء خيارهم ، ولمْ يمنعني أنْ أُحضِرَ حسناً وحُسيناً إلاّ أنّهما أولاد أبيهما علي ، على حُسنِ رأي فيهما ، وشدّة محبّتي لهما ، فردّوا على أمير المؤمنين خيراً رحمكم الله.

ولم يستعمل معهم الشدّة والإرهاب ؛ استجلاباً لعواطفهم ، ولمْ يخفَ عليهم ذلك ، فانبروا جميعاً إلى الإنكار عليه.

٢٠٤

كلمةُ عبد الله بن عباس :

وأوّل مَنْ كلّمه عبد الله بن عباس ، فقال بعد حمد الله ، والثناء عليه : أمّا بعد ، فإنّك قد تكلّمت فأنصتنا ، وقلت فسمعنا ، وإنّ الله جلّ ثناؤه وتقدّست أسماؤه اختار محمّداً (صلّى الله عليه وآله) لرسالته ، واختاره لوحيه ، وشرّفه على خلقه ، فأشرف الناس مَنْ تشرّف به ، وأولاهم بالأمر أخصّهم به ، وإنّما على الأُمّة التسليم لنبيّها إذا اختاره الله له ؛ فإنّه إنّما اختار محمّداً (صلّى الله عليه وآله) بعلمه ، وهو العليم الخبير ، واستغفر الله لي ولكم.

وكانت دعوة ابن عباس صريحةً في إرجاع الخلافة لأهل البيت (عليهم السّلام) ، الذين هم ألصق الناس برسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وأمسّهم به رحماً ؛ فإنّ الخلافة إنّما هي امتداد لمركز رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، فأهل بيته أحقّ بمقامه وأولى بمكانته.

كلمةُ عبد الله بن جعفر :

وانبرى عبد الله بن جعفر ، فقال بعد حمد الله والثناء عليه : أمّا بعد ، فإنّ هذه الخلافة إنْ أُخذ فيها بالقرآن فاُولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ، وإنْ أُخذ فيها بسنّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فاُولوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وإنْ أُخذ فيها بسنّة الشيخين أبي بكر وعمر فأي الناس أفضل وأكمل وأحق بهذا الأمر مِنْ آل الرسول (صلّى الله عليه وآله)؟ وأيمُ الله ، لو ولّوها بعد نبيّهم لوضعوا الأمر موضعه ؛ لحقّه وصدقه ، ولأُطيع الرحمن وعُصي الشيطان ، وما اختلف في الأُمّة سيفان ، فاتقِ الله يا معاوية ، فإنّك قد صرت راعياً ونحن رعيّة ، فانظر لرعيتك فإنّك مسؤول عنها غداً ،

٢٠٥

وأمّا ما ذكرت مِن ابنَي عمّي وتركك أنْ تحضرهم ، فوالله ما أصبت الحقّ ، ولا يجوز ذلك إلاّ بهما ، وإنّك لتعلم أنّهما معدن العلم والكرم ، فقل أو دع ، واستغفر الله لي ولكم.

وحفل هذا الخطاب بالدعوة إلى الحقّ ، والإخلاص للأُمّة ، فقد رشّح أهل البيت (عليهم السّلام) للخلافة وقيادة الأُمّة ، وحذّره مِنْ صرفها عنهم كما فعل غيره مِن الخلفاء ، فكان مِنْ جرّاء ذلك أنْ مُنِيَتِ الأُمّة بالأزمات والنّكسات ، وعانت أعنف المشاكل وأقسى الحوادث.

كلمةُ عبد الله بن الزبير :

وانطلق عبد الله بن الزبير للخطابة ، فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : أمّا بعد ، فإنّ هذه الخلافة لقريش خاصة ، نتناولها بمآثرها السنيّة وأفعالها المرضيّة ، مع شرف الآباء وكرم الأبناء ، فاتّقِ الله يا معاوية وأنصف نفسك ؛ فإنّ هذا عبد الله بن عباس ابن عمّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وهذا عبد الله بن جعفر ذي الجناحين ابن عمّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وأنا عبد الله بن الزبير ابن عمّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وعلي خلّف حسناً وحُسيناً ، وأنت تعلم مَنْ هما وما هما؟ فاتّقِ الله يا معاوية ، وأنت الحاكم بيننا وبين نفسك.

وقد رشح ابن الزبير هؤلاء النفر للخلافة ، وقد حفّزهم بذلك لمعارضة معاوية وإفساد مهمّته.

٢٠٦

كلمةُ عبد الله بن عمر :

واندفع عبد الله بن عمر ، فقال بعد حمد الله والصلاة على نبيّه : أمّا بعد ، فإنّ هذه الخلافة ليست بهرقليّة ، ولا قيصريّة ، ولا كسرويّة يتوارثها الأبناء عن الآباء ، ولو كان كذلك كنت القائم بها بعد أبي ، فوالله ما أدخلني مع الستّة مِنْ أصحاب الشورى إلاّ على أنّ الخلافة ليست شرطاً مشروطاً ، وإنّما هي في قريش خاصة لمَنْ كان لها أهلاً ؛ ممّن ارتضاه المسلمون لأنفسهم ، ممّن كان أتقى وأرضى ، فإنْ كنت تريد الفتيان مِنْ قريش فلعمري أنّ يزيد مِنْ فتيانها ، واعلم أنّه لا يُغني عنك مِن الله شيئاً.

ولمْ تعبّر كلمات العبادلة عن شعورهم الفردي ، وإنّما عبّرت تعبيراً صادقاً عن رأي الأغلبية السّاحقة مِن المسلمين الذين كرهوا خلافة يزيد ، ولمْ يرضوا به.

كلمةُ معاوية :

وثقلَ على معاوية كلامهم ، ولمْ يجد ثغرة ينفذ منها للحصول على رضاهم ، فراح يشيد بابنه فقال : قد قلت وقلتم ، وإنّه قد ذهبت الآباء وبقيت الأبناء ، فابني أحبّ إليّ مِن أبنائهم ، مع أنّ ابني إنْ قاولتموه وجد مقالاً ، وإنّما كان هذا الأمر لبني عبد مناف ؛ لأنّهم أهل رسول الله ، فلمّا مضى رسول الله ولّى الناس أبا بكر وعمر مِنْ غير معدن المُلْك والخلافة ، غير أنّهما سارا بسيرةٍ جميلةٍ ، ثمّ رجع المُلْك إلى بني عبد مناف ، فلا يزال فيهم إلى يوم القيامة ، وقد

٢٠٧

أخرجك الله يابن الزبير ، وأنت يابن عمر منه ، فأمّا ابنا عمّي هذان فليسا بخارجين مِن الرأي إنْ شاء الله(1) .

وانتهى اجتماع معاوية بالعبادلة ، وقد أخفق فيه إخفاقاً ذريعاً ؛ فقد استبان له أنّ القوم مصمّمون على رفض بيعة يزيد. وعلى إثر ذلك غادر يثرب ، ولمْ تذكر المصادر التي بأيدينا اجتماعه بسبطي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، فقد أهملت ذلك ، وأكبر الظن أنّه لمْ يجتمع بهما.

فزعُ المسلمين :

وذُعِرَ المسلمون حينما وافتهم الأنباء بتصميم معاوية على فرض ابنه خليفة عليهم ، وكان مِنْ أشدّ المسلمين خوفاً المدنيون والكوفيون ، فقد عرفوا واقع يزيد ، ووقفوا على اتجاهاته المعادية للإسلام.

يقول توماس آرنولد : كان تقرير معاوية للمبدأ الوراثي نقلة خطيرة في حياة المسلمين الذين ألِفوا البيعة والشورى ، والنُّظم الاُولى في الإسلام ، وهم بعدُ قريبون منها ؛ ولهذا أحسّوا ـ وخاصة في مكّة والمدينة ، حيث كانوا يتمسّكون بالأحاديث والسّنن النّبوية الاُولى ـ أنّ الاُمويِّين نقلوا الخلافة إلى حكم زمني متأثر بأسباب دنيوية ، مطبوع بالعظمة وحبّ الذات بدلاً مِنْ أنْ يحتفظوا بتقوى النّبي وبساطته(2) .

لقد كان إقدام معاوية على فرض ابنه يزيد حاكماً على المسلمين تحوّلاً خطيراً في حياة المسلمين الذين لمْ يألفوا مثل هذا النظام الثقيل الذي فُرِضَ عليهم بقوّة السّلاح.

__________________

(1) الإمامة والسياسة 1 / 180 ـ 183 ، جمهرة الخطب 2 / 233 ـ 236.

(2) الخلافة ـ لتوماس / 10.

٢٠٨

الجبهةُ المعارضة :

وأعلن الأحرار والمصلحون في العالم الإسلامي رفضهم القاطع لبيعة يزيد ، ولمْ يرضوا به حاكماً على المسلمين ، وفيما يلي بعضهم :

1 ـ الإمام الحسين (عليه السّلام) :

وفي طليعة المعارضين لبيعة يزيد الإمام الحُسين (عليه السّلام) ، فقد كان يحتقر يزيد ويكره طباعه الذميمة ، ووصفه بأنّه صاحب شراب وقنص ، وأنّه قد لزم طاعة الشيطان وترك طاعة الرحمن ، وأظهر الفساد ، وعطّل الحدود ، واستأثر بالفيء ، وأحلّ حرام الله وحرّم حلاله(1) . وإذا كان بهذه الضِعة ، فكيف يبايعه ويقرّه حاكماً على المسلمين؟!

ولمّا دعاه الوليد إلى بيعة يزيد قال له الإمام (عليه السّلام) : «أيّها الأمير ، إنّا أهل بيت النّبوة ، ومعدن الرسالة ، ومختلف الملائكة ، بنا فتح الله وبنا يختم ، ويزيد رجل فاسق ، شارب الخمر ، وقاتل النّفس المحترمة ، معلن بالفسق ، ومثلي لا يبايع مثله».

ورفض بيعة يزيد جميع أفراد الأُسرة النّبوية تبعاً لزعيمهم العظيم ، ولمْ يشذّوا عنه.

الحرمان الاقتصادي :

وقابل معاوية الأسرة النّبوية بحرمان اقتصادي ؛ عقوبةً لهم لامتناعهم عن بيعة يزيد ، فقد حبس عنهم العطاء سنةً كاملة(2) ، ولكنّ ذلك لمْ يثنهم عن عزمهم في شجب البيعة ورفضها.

__________________

(1) تاريخ ابن الأثير.

(2) تاريخ ابن الأثير 3 / 252 ، الإمامة والسياسة 1 / 200.

٢٠٩

2 ـ عبد الرحمن بن أبي بكر :

ومِن الذين نقموا على بيعة يزيد عبد الرحمن بن أبي بكر ، فقد وسمها بأنّها هرقلية ، كلّما مات هرقل قام مكانه هرقل آخر(1) . وأرسل إليه معاوية مئة ألف درهم ليشتري بها ضميره فأبى ، وقال : لا أبيع ديني(2) .

3 ـ عبد الله بن الزبير :

ورفض عبد الله بن الزبير بيعة يزيد ، ووصفه بقوله : يزيد الفجور ، ويزيد القرود ، ويزيد الكلاب ، ويزيد النشوات ، ويزيد الفلوات(3) . ولمّا أجبرته السّلطة المحلّية في يثرب على البيعة فرّ منها إلى مكّة.

4 ـ المنذر بن الزبير :

وكره المنذر بن الزبير بيعة يزيد وشجبها ، وأدلى بحديث له عن فجور يزيد أمام أهل المدينة ، فقال : إنّه قد أجازني بمئة ألف ، ولا يمنعني ما صنع بي أنْ أخبركم خبره. والله ، إنّه ليشرب الخمر. والله ، إنّه ليسكر حتّى يدع الصلاة(4) .

5 ـ عبد الرحمن بن سعيد :

وامتنع عبد الرحمن بن سعيد مِن البيعة ليزيد ، وقال في هجائه :

__________________

(1) الاستيعاب.

(2) الاستيعاب ، البداية والنهاية 8 / 89.

(3) أنساب الأشراف 4 / 30.

(4) الطبري 4 / 368.

٢١٠

لستَ منّا وليس خالُك منّا

يا مضيعَ الصلاةِ للشهواتِ(1)

6 ـ عابس بن سعيد :

ورفض عابس بن سعيد بيعة يزيد حينما دعاه إليها عبد الله بن عمرو بن العاص ، فقال له : أنا أعرَفُ به منك ، وقد بعتَ دينك بدنياك(2) .

7 ـ عبد الله بن حنظلة :

وكان عبد الله بن حنظلة مِن أشدّ الناقمين على البيعة ليزيد ، وكان مِن الخارجين عليه في وقعة الحرّة ، وقد خاطب أهل المدينة ، فقال لهم : فو الله ، ما خرجنا على يزيد حتّى خفنا أنْ نُرمى بالحِجارة مِن السّماء.

حياة الإمام الحُسين

إنّ رجلاً ينكح الأُمّهات والبنات ، ويشرب الخمر ، ويدع الصلاة ، والله لو لمْ يكن معي أحدٌ مِن الناس لأبليت لله فيه بلاءً حسناً(3) .

وكان يرتجز في تلك الواقعة :

بعداً لمَنْ رام الفساد وطغى

وجانب الحقّ وآيات الهدى

لا يبعد الرحمنُ إلاّ مَنْ عصى(4)

__________________

(1) الحُسين بن علي (عليه السّلام) 2 / 6.

(2) القضاة ـ للكندي / 310.

(3) طبقات ابن سعد.

(4) تاريخ الطبري 7 / 12.

٢١١

موقفُ الأُسرة الاُمويّة :

ونقمت الأُسرة الاُمويّة على معاوية في عقده البيعة ليزيد ، ولكن لمْ تكن نقمتهم عليه مشفوعة بدافع ديني أو اجتماعي ، وإنّما كانت مِنْ أجل مصالحهم الشخصية الخاصة ؛ لأنّ معاوية قلّد ابنه الخلافة وحرمهم منها ، وفيما يلي بعض الناقمين :

1 ـ سعيد بن عثمان :

وحينما عقد معاوية البيعة ليزيد أقبل سعيد بن عثمان إلى معاوية ، وقد رفع عقيرته قائلاً : علامَ جعلت ولدك يزيد وليّ عهدك؟! فوالله لأبي خير مِنْ أبيه ، وأُمّي خير مِنْ أُمّه ، وأنا خيرٌ مِنه ، وقد ولّيناك فما عزلناك ، وبنا نلت ما نلت!

فراوغ معاوية وقال له : أمّا قولك إنّ أباك خير مِنْ أبيه فقد صدقت ، لعمر الله إنّ عثمان لخير مِنّي ؛ وأمّا قولك إنّ أُمّك خير مِنْ أُمّه فحسب المرأة أنْ تكون في بيت قومِها ، وأنْ يرضاها بعلها ، ويُنجب ولدها ؛ وأمّا قولك إنّك خير مِنْ يزيد ، فوالله ما يسرّني أنّ لي بيزيد ملء الغوطة ذهباً مثلك ؛ وأمّا قولك إنّكم ولّيتموني فما عزلتموني ، فما ولّيتموني إنّما ولاّني مَنْ هو خير مِنكم عمر بن الخطاب فأقررتموني.

وما كنت بئس الوالي لكم ؛ لقد قمت بثأركم ، وقتلتُ قتلة أبيكم ، وجعلت الأمر فيكم ، وأغنيت فقيركم ، ورفعت الوضيع منكم ...

٢١٢

وكلّمه يزيد فأرضاه ، وجعله والياً على خراسان(1) .

2 ـ مروان بن الحكم :

وشجب مروان بن الحكم البيعة ليزيد وتقديمه عليه ، فقد كان شيخ الاُمويِّين وزعيمهم ، فقال له : أقم يابن أبي سفيان ، واهدأ مِنْ تأميرك الصبيان ، واعلم أنّ لك في قومك نُظراء ، وأنّ لهم على مناوئتك وزراً.

فخادعه معاوية ، وقال له : أنت نظير أمير المؤمنين بعده ، وفي كلّ شدّة عضده ، فقد ولّيتك قومك ، وأعظمنا في الخراج سهمك ، وإنّا مجيرو وفدك ، ومحسنو وفدك(2) .

وقال مروان لمعاوية : جئتم بها هرقلية ، تُبايعون لأبنائكم!(3) .

3 ـ زياد بن أبيه :

وكره زياد بن أبيه بيعة معاوية لولده ؛ وذلك لما عرف به مِن الاستهتار والخلاعة والمجون.

ويقول المؤرّخون : إنّ معاوية كتب إليه يدعوه إلى أخذ البيعة بولايته العهد ليزيد ، وإنّه ليس أولى مِن المغيرة بن شعبة. فلمّا قرأ كتابه دعا برجل مِنْ أصحابه كان يأتمنه حيث لا يأتمن أحداً غيره ، فقال له : إنّي اُريد أنْ ائتمنك على ما لم ائتمن على بطون الصحائف ؛ ائت معاوية وقل له : يا أمير المؤمنين ، إنّ كتابك ورد عليّ بكذا ، فماذا يقول

__________________

(1) وفيات الأعيان 5 / 389 ـ 390.

(2) الإمامة والسّياسة 1 / 128.

(3) الإسلام والحضارة العربية 2 / 395.

٢١٣

الناس إنْ دعوناهم إلى بيعة يزيد ، وهو يلعب بالكلاب والقرود ، ويلبس المصبغ ، ويدمن الشراب ، ويمسي على الدفوف ، ويحضرهم ـ أي الناس ـ الحُسين بن علي ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن عمر؟! ولكن تأمره أنْ يتخلّق بأخلاق هؤلاء حولاً أو حولين ، فعسانا أنْ نموه على الناس. وسار الرسول إلى معاوية فأدّى إليه رسالة زياد ، فاستشاط غضباً ، وراح يتهدّده ويقول :

ويلي على ابن عُبيد! لقد بلغني أنّ الحادي حدا له أنّ الأمير بعدي زياد. والله ، لأردّنه إلى أُمّه سُميّة وإلى أبيه عُبيد(1) .

هؤلاء بعض الناقدين لمعاوية مِن الأُسرة الاُمويّة وغيرهم في توليته لخليعه يزيد خليفة على المسلمين.

إيقاعُ الخلاف بين الاُمويِّين :

واتّبع معاوية سياسة التفريق بين الاُمويِّين حتّى يصفو الأمر لولده يزيد ؛ فقد عزل عامله على يثرب سعيد بن العاص واستعمل مكانه مروان بن الحكم ، ثمّ عزل مروان واستعمل سعيداً مكانه ، وأمره بهدم داره ومصادرة أمواله ، فأبى سعيد مِنْ تنفيذ ما أمره به معاوية فعزله وولّى مكانه مروان ، وأمره بمصادرة أموال سعيد وهدم داره ، فلمّا همّ مروان بتنفيذ ما عهد إليه أقبل إليه سعيد وأطلعه على كتاب معاوية في شأنه ، فامتنع مروان مِن القيام بما أمره معاوية.

وكتب سعيد إلى معاوية رسالة يندّد فيها بعمله ، وقد جاء فيها : العجب ممّا صنع أمير المؤمنين بنا في قرابتنا له ، أنْ يضغن بعضنا

__________________

(1) تاريخ اليعقوبي 2 / 196.

٢١٤

على بعض! فأمير المؤمنين في حلمه وصبره على ما يكره مِن الأخبثين ، وعفوه وإدخاله القطيعة بنا والشحناء ، وتوارث الأولاد ذلك!(1) .

وعلّق عمر أبو النّصر على سياسة التفريق التي تبعها معاوية مع أُسرته بقوله : إنّ سبب هذه السّياسة هو رغبة معاوية في إيقاع الخلاف بين أقاربه الذين يخشى نفوذهم على يزيد مِنْ بعده ، فكان يضرب بعضهم ببعضٍ حتّى يظلّوا بحاجة إلى عطفه وعنايته(2) .

تجميدُ البيعة :

وجمّد معاوية رسمياً البيعة ليزيد إلى أجل آخر حتّى يتمّ له إزالة الحواجز والسدود التي تعترض طريقه. ويقول المؤرّخون : إنّه بعد ما التقى بعبادلة قريش في يثرب ، واطّلع على آرائهم المعادية لما ذهب إليه ، أوقف كلّ نشاط سياسي في ذلك ، وأرجأ العمل إلى وقت آخر(3) .

اغتيالُ الشخصيات الإسلاميّة :

ورأى معاوية أنّه لا يمكن بأي حالٍ تحقيق ما يصبوا إليه مِنْ تقليد ولده الخلافة مع وجود الشخصيات الرفيعة التي تتمتّع باحترام بالغ في نفوس المسلمين ، فعزم على القيام باغتيالهم ؛ ليصفو له الجو ، فلا يبقى أمامه أي مزاحم ،

__________________

(1) تاريخ الطبري 4 / 18.

(2) السياسة عند العرب ـ عمر أبو النّصر / 98.

(3) الإمامة والسياسة 1 / 182.

٢١٥

وقد قام باغتيال الذوات التالية :

1 ـ سعد بن أبي وقاص :

ولسعد المكانة العليا في نفوس الكثيرين مِن المسلمين ، فهو أحد أعضاء الشورى ، وفاتح العراق ، وقد ثقل مركزه على معاوية فدسّ إليه سُمّاً فمات منه(1) .

2 ـ عبد الرحمن بن خالد :

وأخلص أهل الشام لعبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، وأحبّوه كثيراً ، وقد شاورهم معاوية فيمَنْ يعقد له البيعة بعد وفاته ، فقالوا له : رضينا بعبد الرحمن بن خالد ، فشقّ ذلك عليه ، وأسرّها في نفسه.

ومرض عبد الرحمن ، فأمر معاوية طبيباً يهودياً كان مكيناً عنده أنْ يأتيه للعلاج فيسقيه سقية تقتله ، فسقاه الطبيب فمات على أثر ذلك(2) .

3 ـ عبد الرحمن بن أبي بكر :

وكان عبد الرحمن بن أبي بكر مِنْ أقوى العناصر المعادية لبيعة معاوية لولده ، وقد أنكر عليه ذلك ، وبعث إليه معاوية بمئة ألف درهم فردّها عليه ، وقال : لا أبيع ديني بدنياي. ولمْ يلبث أنْ مات فجأة بمكة(3) .

وتعزو المصادر سبب وفاته إلى أنّ معاوية دسّ إليه سُمّاً فقتله.

__________________

(1) مقاتل الطالبيِّين / 29.

(2) الاستيعاب.

(3) المصدر نفسه.

٢١٦

4 ـ الإمام الحسن (عليه السّلام) :

وقام معاوية باقتراف أعظم جريمة وإثم في الإسلام ، فقد عمد إلى اغتيال سبط النّبي (صلّى الله عليه وآله) وريحانته الإمام الحسن (عليه السّلام) ، الذي عاهده بأنْ يكون الخليفة مِنْ بعده.

ولم يتحرّج الطاغية مِنْ هذه الجريمة في سبيل إنشاء دولة اُمويّة تنتقل بالوارثة إلى أبنائه وأعقابه ، وقد وصفه (الميجر اُوزبورن) بأنّه مخادع ، وذو قلب خال مِنْ كلّ شفقة ، وأنّه كان لا يتهيّب مِنْ الإقدام على أيّة جريمة مِنْ أجل أنْ يضمن مركزه ؛ فالقتل إحدى وسائله لإزالة خصومه ، وهو الذي دبّر تسميم حفيد الرسول (صلّى الله عليه وآله) ، كما تخلّص مِنْ مالك الأشتر قائد علي بنفس الطريقة(1) .

وقد استعرض الطاغية السفّاكين ليعهد إليهم القيام باغتيال ريحانة النّبي (صلّى الله عليه وآله) ، فلمْ يرَ أحداً خليقاً بارتكاب الجريمة سوى جُعيدة بنت الأشعث ؛ فإنّها مِنْ بيت قد جُبِلَ على المكر ، وطُبِعَ على الغدر والخيانة ، فأرسل إلى مروان بن الحكم سُمّاً فاتكاً كان قد جلبه مِنْ مَلكِ الروم ، وأمره بأنْ يُغري جُعيدة بالأموال وزواج ولده يزيد إذا استجابت له ، وفاوضها مروان سرّاً ففرحت ، فأخذت مِنه السُّمّ ودسّته للإمام (عليه السّلام) ، وكان صائماً في وقت ملتهب مِن شدّة الحرّ ، ولمّا وصل إلى جوفه تقطّعت أمعاؤه ، والتفت إلى الخبيثة فقال لها : «قتلتيني قتلك الله. والله لا تصيبنَّ مِنّي خَلفاً ، لقد غرّك ـ يعني معاوية ـ وسخر مِنك ، يخزيك الله ويخزيه».

وأخذ حفيد الرسول (صلّى الله عليه وآله) يعاني الآلام الموجعة مِنْ شدّة السُّمّ ،

__________________

(1) روح الإسلام / 295.

٢١٧

وقد ذبلت نضارته ، واصفرّ لونه حتّى وافاه الأجل المحتوم. وقد ذكرنا تفصيل وفاته مع ما رافقها مِن الأحداث في كتابنا (حياة الإمام الحسن (عليه السّلام».

إعلانُ البيعة رسميّاً :

وصفا الجو لمعاوية بعد اغتياله لسبط الرسول (صلّى الله عليه وآله) وريحانته ، فقد قضى على مَنْ كان يحذر منه ، وقد استتبت له الاُمور ، وخلت السّاحة مِنْ أقوى المعارضين له ، وكتب إلى جميع عمّاله أنْ يبادروا دونما أي تأخير إلى أخذ البيعة ليزيد ، ويُرغموا المسلمين على قبولها. وأسرع الولاة في أخذ البيعة مِن الناس ، ومَنْ تخلّف عنها نال أقصى العقوبات الصارمة.

مع المعارضين في يثرب :

وامتنعت يثرب مِنْ البيعة ليزيد ، وأعلن زعماؤهم وعلى رأسهم الإمام الحُسين (عليه السّلام) رفضهم القاطع للبيعة ، ورفعت السّلطة المحلّية ذلك إلى معاوية ، فرأى أنْ يسافر إلى يثرب ليتولّى بنفسه إقناع المعارضين ، فإنْ أبوا أجبرهم على ذلك. واتّجه معاوية إلى يثرب في موكب رسميّ تحوطه قوّة هائلة مِن الجيش ، ولمّا انتهى إليها استقبله أعضاء المعارضة فجفاهم وهدّدهم.

وفي اليوم الثاني أرسل إلى الإمام الحُسين (عليه السّلام) ، وإلى عبد الله بن عباس ، فلمّا مَثُلا عنده قابلهما بالتكريم والحفاوة ، وأخذ يسأل الحُسين (عليه السّلام) عن أبناء أخيه والإمامُ (عليه السّلام) يُجيبه ، ثمّ خطب معاوية فأشاد بالنّبي (صلّى الله عليه وآله) وأثنى عليه ، وعرض إلى بيعة يزيد ، ومنح ابنه الألقاب الفخمة ، والنعوت الكريمة ، ودعاهما إلى بيعته.

٢١٨

خطابُ الإمام الحُسين (عليه السّلام) :

وانبرى أبيّ الضيم فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : «أمّا بعد يا معاوية ، فلن يؤدّي المادح وإنْ أطنب في صفة الرسول (صلّى الله عليه وآله) مِنْ جميع جزءاً ، وقد فهمتُ ما لبست به الخلف بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مِنْ إيجاز الصفة ، والتنكّب عن استبلاغ النّعت ، وهيهات هيهات يا معاوية! فضح الصبح فحمة الدجى ، وبهرت الشمس أنوار السُّرج ، ولقد فضلّتَ حتّى أفرطت ، واستأثرتَ حتّى أجحفت ، ومنعتَ حتّى بخلت ، وجُرْتَ حتّى جاوزت ، ما بذلت لذي حقٍّ مِنْ اسمٍ حقّه مِنْ نصيب حتّى أخذ الشيطان حظّه الأوفر ، ونصيبه الأكمل.

وفهمتُ ما ذكرته عن يزيد مِن اكتماله ، وسياسته لأُمّة محمّد (صلّى الله عليه وآله) ؛ تريد أنْ توهم الناس في يزيد ، كأنّك تصف محجوباً ، أو تنعت غائباً ، أو تُخبر عمّا كان ممّا احتويته بعلم خاص ، وقد دلّ يزيد مِنْ نفسه على موقع رأيه ، فخذ ليزيد فيما أخذ به مِن استقرائه الكلاب المهارشة عند التحارش ، والحَمام السبق لأترابهنَّ ، والقيان ذوات المعازف ، وضروب الملاهي تجده ناصراً ، ودع عنك ما تحاول ؛ فما أغناك أنْ تلقى الله بوزر هذا الخلق بأكثر ممّا أنت لاقيه ، فوالله ما برحتَ تقدح باطلاً في جور ، وحنقاً في ظلم حتّى ملأت الأسقية ، وما بينك وبين الموت إلاّ غمضة ، فتُقدم على عمل محفوظ ، في يوم مشهود ، ولات حين مناص.

ورأيتك عرضت بنا بعد هذا الأمر ، ومنعتنا عن آبائنا تُراثاً ، ولعمر الله أورثنا الرسول (صلّى الله عليه وآله) ولادة ، وجئت لنا بها ما حججتم به القائمَ عند موت الرسول ، فأذعن للحجّة بذلك ، وردّه الإيمان إلى النّصف ، فركبتم الأعاليل ، وفعلتم الأفاعيل ، وقلتم : كان

٢١٩

ويكون ، حتّى أتاك الأمر يا معاوية مِنْ طريق كان قصدها لغيرك ، فهناك فاعتبروا يا اُولي الأبصار.

وذكرتَ قيادة الرجل القوم بعهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وتأميره له ، وقد كان ذلك ولعمرو بن العاص يومئذ فضيلة بصحبة الرسول وبيعته له ، وما صار ـ لعمر الله ـ يومئذ مبعثهم حتّى أنِفَ القوم إمرته ، وكرهوا تقديمه ، وعدّوا عليه أفعاله ، فقال (صلّى الله عليه وآله) : لا جرم يا معشر المهاجرين ، لا يعمل عليكم بعد اليوم غيري. فكيف تحتجّ بالمنسوخ مِنْ فعل الرسول في أوكد الأحكام وأولاها بالمجتمع عليه مِن الصواب؟ أم كيف صاحبت بصاحب تابعاً وحولك مَنْ لا يُؤمن في صحبته ، ولا يعتمد في دينه وقرابته ، وتتخطّاهم إلى مسرف مفتون ، تريد أنْ تُلبس الناس شبهةً يسعد بها الباقي في دنياه ، وتشقى بها في آخرتك؟! إنّ هذا لهو الخسران المبين! واستغفر الله لي ولكم».

وفنّد الإمام (عليه السّلام) في خطابه جميع شبهات معاوية ، وسدّ عليه جميع الطرق والنوافذ ، وحمّله المسؤولية الكبرى فيما أقدم عليه مِنْ إرغام المسلمين على البيعة لولده. كما عرض للخلافة وما منيت به مِن الانحراف عمّا أرادها الله مِنْ أنْ تكون في العترة الطاهرة (عليهم السّلام) ، إلاّ أنّ القوم زووها عنهم ، وحرفوها عن معدنها الأصيل.

وذُهل معاوية مِنْ خطاب الإمام (عليه السّلام) ، وضاقت عليه جميع السّبل ، فقال لابن عباس : ما هذا يابن عباس؟!

ـ لعمر الله إنّها لذرّيّة الرسول (صلّى الله عليه وآله) ، وأحد أصحاب الكساء ، ومِن البيت المطهّر ، فاله عمّا تريد ؛ فإنّ لك في الناس مقنعاً حتّى يحكم الله

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

جعفر، قال حدثنا حميد بن زياد، عن احمد بن وهيب بن حفص به(١)

____________________

(١) الطريق موثق على الاقوى على كلام في احمد بن جعفر.

قلت: تقدم كلام في نسبة الجريرى في اسحاق بن جرير بن يزيد بن جرير بن عبدالله البجلى ٣١ ١٦٨، وكذا ذكر بعض من نسب اليه مثل ابان بن تغلب، ابى سعيد البكرى الجريرى في ج ١ ص ٢٠٤ ٦ كما ذكر الشيخ في اصحاب الباقرعليه‌السلام ابراهيم الجريرى، وفى اصحاب الصادقعليه‌السلام خطاب بن سلمة البجلى الجريرى الكوفى. وذكرنا في كتابنا في (الانساب) ان نسبة الجريرى اما إلى مكان وهو اما الكوفة، موضع كانت به وقعة زمن عبيد الله بن زياد اللعين لما جاء‌ها، او محل بالبصرة، او موضع قرب مكة، ذكر ذلك كله الحموى في معجم البلدان. او ان الجريرى نسبة إلى احد الصحابة الغير المنحرفين عن آل محمدعليه‌السلام مثل جرير بن الارقط الذى روى عن النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حديث الشفاعة، او جرير بن اوس بن حارثه الطائى الذى قدم مع اخيه خريم على النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو الذى قال له معاوية: من سيدكم؟ فقال: من أعطى سائلنا، وأغضى عن جاهلنا، واعتفر زلتنا. فصدقه على ذلك معاوية قائلا له: احسنت يا جرير.

او جرير بن عبدالله الحميرى: رسول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى المدينة بوقعة اليرموك.

ولا معنى لتوصيف اصحابنا أحد رواة حديثنا الممدوحين بالجريرى بانتسابه إلى جرير البجلى المنحرف عن الامام امير المؤمنينعليه‌السلام الذى امر بهدم داره ومحو أثره. (*)

٤٢١

٢١٦ - احمد بن الفضل الخزاعى(١)

له كتاب النوادر.

____________________

(١) قال ابوعمرو الكشى في رجاله ٣٤٤ في اصحاب موسى بن جعفر و على بن موسىعليهما‌السلام : ثم احمد بن فضل الخزاعى. حمدويه قال: ذكر بعض اشياخى ان احمد بن الفضل الخزاعى واقفى.

وقال الشيخ في اصحاب الكاظم من رجاله ٣٤٤ ٢٩: احمد بن المفضل الخزاعى واقفى.

قلت روى الكلينى (في الكافى ج ٢ ٨٣، والطبع الاخير ج ٦ باب ٣ فضل البنات) عن عدة من اصحابنا، عن احمد بن محمد، عن الحسين بن موسى عن احمد بن الفضل، عن أبى عبداللهعليه‌السلام قال البنون نعيم والبنات حسنات. الحديث.

وروى ابوعمرو الكشى ٢٣٧ في عروة القتات عن محمد بن مسعود، عن احمد بن منصور، عن احمد بن الفضل الكناسى قال قال لى ابو عبداللهعليه‌السلام : اى شيى بلغنى عنكم الحديث.

وروى الكلينى ايضا في الكافى (ج ٢ ٤٢١ ١٠٧٠ والطبع الاخير ج ٥ باب النوادر من كتاب المعيشة)، عن العدة عن سهل عن على بن سليمان، عن احمد بن الفضل ابى عمرو الحذاء قال سائت حالى فكتبت إلى أبى جعفرعليه‌السلام ، فكتب إلى: ادم من قرائة (انا أرسلنا نوحا إلى قومه) الحديث، وذكر الشيخ في رجاله في اصحاب الهادىعليه‌السلام احمد بن الفضل، ٤١١ ٢٦، والاتحاد خلاف الظاهر وبلا شاهد عليه وتحقيق ذلك في الطبقات. (*)

٤٢٢

٢١٧ - احمد بن محمد بن بشر السراج(١)

اخبرنا ابن شاذان، عن العطار، عن الحميرى، عن محمد بن الحسين بن أبى الخطاب، عنه.(٢)

____________________

(١) وفى مجمع الرجال للقهپائى الاصفهانى عن النجاشى هكذا: احمد بن محمد، أبوبشر السراج.. وعن النقد، والمنهج والمنتهى وغيرها مثله، و عن الوحيد استظهار سهو الناسخ واتحاده مع احمد بن ابى بشر السراج المتقدم ج ٣ ٢٢٩ ١٧٩، وذكرنا هناك ما يرتبط بذلك. ذاك واقفى، من عمد الواقفة ورؤسائهم، رووا عنه، وروى النجاشى كتابه بطرقهم عن ابن سماعة المعاند في الوقف عنه. واما هذا فروى أعلام الامامية الاثنى عشرية، عن محمد بن الحسين الذى قال النجاشى فيه: جليل من أصحابنا عظيم القدر، كثير الوراية، ثقة، عين، حسن التصانيف، مسكون إلى روايته) عنه.

(٢) عدم ذكر كتابه اما سهو من النساخ: او اهمال من النجاشى لعدم وقوفه عليه: وانما ذكره في فهرس اسماء مصنفى الشيعة بذكر الاصحاب له فيهم، نعم ذكر الطريق اليه يشير إلى السهو في الذكر او النسخ. و الطريق صحيح. (*)

٤٢٣

٢١٨ - احمد بن المبارك

له كتاب النوادر (نوادر - خ) روى عنه احمد بن ميثم بن أبى نعيم(١)

____________________

(١) وفى الفهرست ٣٧ ١٠٤: احمد بن المبارك له كتاب. ثم رواه باسناده الموثق عن حميد، عن احمد بن ميثم عنه، وتقدمت ترجمة احمد بن الحسن بن اسماعيل بن شعيب بن ميثم التمار ص ٢٠٦ ١٧٧.

ولا يبعد اخوته لاسحاق بن المبارك الذى روى عنه صفوان بن يحيى عن ابى الحسن موسىعليه‌السلام ، ذكرناه في طبقات اصحابه، وايضا للحسن بن مبارك الذى روى عن زكريا بن آدم، وللحسين بن مبارك الذى ذكره النجاشى والشيخ بكتابه، وتقدمت ج ٢ ١٤٥ ١٢٨ ترجمته، ورواية البرقى، عنه عن ابى مريم الانصارى عن أبى جعفرعليه‌السلام . وليحيى بن المبارك الذى ذكره الشيخ في اصحاب الرضاعليه‌السلام .

بل يحتمل اخوته لعبد الجبار بن المبارك النهاوندى الذى ذكره الشيخ تارة في اصحاب الرضاعليه‌السلام ، واخرى في اصحاب الجوادعليه‌السلام وثالثة في من لم يرو عنهمعليه‌السلام مميزا برواية البرقى عنه بناء‌ا على اتحاده مع عبدالجبار بن على الذى روى بأسناده عن البرقى عنه كتابه في الفهرست ص ١٢٢ ٥٣٩ وذكر الكشى ٣٥٠ في رجاله عبدالجبار بن المبارك النهاوندى. وروى السيد ابن طاووس في الاقبال ٧٠١ في قيام ليلة النصف من شعبان عن الجزء الثانى من كتابه (التحصيل) في ترجمة احمد بن المبارك بن منصور..

وروى البرقى عن احمد بن المبارك الدينورى، عن ابى عثمان، عن درست، عن أبى عبداللهعليه‌السلام كما في باب البصل ص ٣٧٤ ٤، وفى باب الفجل من الكافى ج ٦ ٣٧١ ٢ بلا زيادة الدينورى، وكذا في باب النورة من كتاب الزى والتجمل من الكافى ج ٦ ٥٠٦ ٩ عن احمد بن محمد بن أبى نصر، عن احمد بن المبارك عن الحسين بن احمد بن المقرى عن أبى عبداللهعليه‌السلام ، وايضا باب الكحل ٤٩٤ ٩ عن البرقى، عن البزنطى، عنه، عن الحسين بن الحسن بن عاصم، عن أبيه عنهعليه‌السلام ، وفى صيد السمك ج ٦ ٢١٨ ١٦ عن يعقوب بن يزيد، عن احمد بن المبارك، عن صالح بن أعين، وكذا الشيخ في التهذيب ج ٩ ٨ ٢٧. (*)

٤٢٤

٢١٩ - احمد بن محمد بن موسى الحرث بن عون ابن عبدالله بن الحرث بن نوفل...

بن الحرث بن عبدالمطلب بن هاشم

له كتاب نوادر كبير(١) .

____________________

(١) وتأتى في ترجمة عيسى بن مهران المستعطف ٨٠٦ رواية الماتن عن شيخه ابن الجندى، عن ابن همام، عن احمد بن محمد بن النوفلى، عنه كتبه. وكذا عن الشيخ في الفهرست نحوه.

قلت: ورواية ابن همام عن احمد بن محمد النوفلى تشير إلى عدم مطعونيته هذا، على ما تقدم ذكره فيمن يروى عن الثقات في ج ١ ١٠٧، وذكره ابن داود في القسم الاول المعد لذكر الممدوحين ٤٤ ٣١. (*)

٤٢٥

٢٢٠ - احمد بن بكر بن جناح، ابوالحسين(١)

____________________

(١) وذكره الشيخ في رجاله فيمن لم يرو عنهمعليه‌السلام ٤٤٠ ٢٠ وقال يكنى أبا الحسن، روى عنه حميد بن زياد كتاب عبدالله بن بكير، رواية ابن فضال.

وقال في الكشى(٢٩١) في بكر بن محمد بن جناح: قال حمدويه عن بعض اشياخه: ان بكر بن جناح واقفى.

وروى في اصول الكافى ج ٢ ٥٦٩ ٤ باب الحرز والعوذة، عن محمد بن يحيى، عن احمد بن بكر، عن سليمان الجعفرى عن ابى الحسنعليه‌السلام دعاء‌ا فيهما.

وفى باب فضل القرآن ٦٢٣ ١٧ عن على بن ابراهيم، عن احمد بن بكر، عن صالح، عن سليمان الجعفرى عن ابى الحسنعليه‌السلام تعويذ الصبى بالمعوذتين. (*)

٤٢٦

٢٢١ - احمد بن محمد بن الحسين بن الحسن بن دول القمى(١)

له مأة كتاب: كتاب الحدائق، وهو كتاب الاعتقاد، إلى ابنه محمد بن احمد في التوحيد(٢) كتاب الحج، كتاب المعرفة، كتاب التخيير، كتاب الايضاح، كتاب السنن، كتاب التهذيب، كتاب التنبيه، كتاب العلل، كتاب الطبقات(٣) ، كتاب الوضوء، كتاب الصلاة، كتاب الجنائز، كتاب الصوم، كتاب الزكاة، كتاب المعروف، كتاب الخمس، كتاب الزيارات، كتاب الدعاء، كتاب السفر، كتاب النكاح كتاب النساء، كتاب الولدان،

____________________

(١) وذكره ابن داود في القسم الاول المعد لذكر الممدوحين.

(٢) تأليف كتاب الاعتقاد في التوحيد إلى ابنه محمد بن احمد بن محمد بن الحسين بن الحسن بن دول القمى ربما يشير إلى نباهته وموضعه في المعارف.

(٣) قد صنف جماعة من اصحابنا كتبا في طبقات الشيعة ورواة حديثهم فممن تقدم ذكره: احمد بن محمد بن خالد البرقى ج ٣ ٢٥٠، واحمد بن محمد بن عبيد الله الجوهرى ج ٣ ٣٧١، واحمد بن على بن العباس بن نوح السيرافى ج ٣ ٣٩٧، ويأتى ذكر جماعة في الابواب، ممن قد أحصينا ذكرهم في محله. (*)

٤٢٧

كتاب المتعة. كتاب الطلاق، كتاب المعاش، كتاب التجارات، كتاب الاجارات، كتاب القبالات، كتاب المعاملات، كتاب الحطام، كتاب الحدود، كتاب الديات، كتاب القضايا، كتاب الوصايا، كتاب الفرايض كتاب النذور، كتاب الكفارات، كتاب التسلى، كتاب الحياة، كتاب الخصايص، كتاب البشارات، كتاب الحقايق، كتاب الاخوان، كتاب الرياش، كتاب الدلائل، كتاب الملاهى، كتاب التجمل، كتاب الزينة، كتاب الكمال، كتاب التنافس، كتاب الصيانة، كتاب التحذير، كتاب العواصم، كتاب العزاقر، كتاب الروضة، كتاب المعجزات، كتاب الدرجات، كتاب الاغذية، كتاب الاطعمة، كتاب الذبائح، كتاب الصيد، كتاب الطبايع، كتاب الطب، كتاب الرقى، كتاب الادوية، كتاب الاشربة، كتاب خلق العرش، كتاب خصائص النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كتاب شواهد أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وفضائله، كتاب المكاسب، كتاب المناقب، كتاب المثالب، كتاب التفسير(١) ، كتاب المؤمن، كتاب الزهرات.

قال ابومحمد عبدالله بن محمد الدعلجى (الدعلى خ) رحمة الله عليه اخبرنا أبو على احمد بن على، عن احمد بن محمد بن دول القمى(٢) . وجاء وفات

____________________

(١) قد صنف جماعة كثيرة من الاقدمين من اصحاب الائمةعليه‌السلام وغيرهم من رواة الشيعة وعلمائهم كتبا في التفسير، احصيناها والمفسرون والمصنفون منهم في محله.

(٢) كان من مشايخ النجاشى يأتى له ترجمة ٦٠٧، وفيها: ابومحمد الحذا الدعلى، منسوب إلى موضع خلف باب الكوفة، يقال له الدعالجة، كان فقيها، عارفا، وعليه تعلمت المواريث، له كتاب الحج.

وروى الماتن عنه عن احمد بن على، عن اسماعيل بن على بن على بن رزين، اخى دعبل الشاعر كتابه ٧٢٦.

وفى عدول النجاشى عن كلمة: اخبرنا، حدثنا، إلى قوله: قال أبومحمد شئ، على ما تقدم في طريقته في الرواية. واما أبوعلى احمد بن على، فهو أبوعلى احمد بن على بن مهدى بن صدقة الرقى الثقة الذى وثقه ابن قولويه في عامة مشايخه في كامل الزيارات وروى عنه في الباب الحادى عشر منه خبر ١. (*)

٤٢٨

احمد بن محمد بن دول سنة خمسين وثلاثمأة.

٢٢٢ - احمد بن حمز بن اليسع بن عبدالله القمى(١)

____________________

(١) وهو احمد بن حمزة بن اليسع بن عبدالله القمى، بن سعد بن مالك بن الاحوص بن السائب، بن مالك بن عامر الاشعرى. وكان السائب هو الوافد على النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في جماعة الاشعريين ويقال: كانوا خمسين رجلا وتقدم نسبهم بتراجمهم في احمد بن محمد بن عيسى بن عبدالله الاشعرى ج ٣ ٢٨٣ ١٩٦: وفى الحسين بن محمد بن عامر الاشعرى ج ٢ ٢٤٧. وكان جده عبدالله القمى هو اول من سكن من آبائه مدينة قم. في أيام الحجاج. ذكره النجاشى، والسمعانى في الانساب بتفصيل تقدم ج ٣ ٢٨٤ وقال العلامة في الخلاصة ١٢٣ ٧ في ولده عيسى بن عبدالله بن سعد: قال على بن احمد العقيقى: انه يشبه أباه، وكان وجها عند أبى عبداللهعليه‌السلام .

وكان جده الادنى: اليسع بن عبدالله من اصحاب أبى عبداللهعليه‌السلام ، ذكرناه بمن روى عنه عنهعليه‌السلام في طبقات أصحابه. وكان محمد بن اليسع بن حمزة (بن عبدالله) القمى من اصحاب الباقرعليه‌السلام . ذكره الشيخ في أصحابه. وكانت عمومته عيسى، وعمران، ويعقوب، وبنو اخوته من اصحاب الصادقعليه‌السلام ذكرناهم بتفصيل تراجمهم ومن روى عنهم، عنهعليه‌السلام في الطبقات. (*)

٤٢٩

وروى ابوه(١) عن الرضاعليه‌السلام (٢)

____________________

(١) كان حمزة بن اليسع القمى من اصحاب الصادقعليه‌السلام ، ذكره الشيخ وذكرناه في طبقات اصحابه، وكان من اصحاب الكاظمعليه‌السلام ، ذكره البرقى في اصحابه ٤٨، والشيخ ايضا ٣٤٧ ١٥ قائلين: حمزة بن اليسع الاشعرى القمى.

(٢) قد تفرد الماتن بذكره فيمن روى عن الرضاعليه‌السلام ، ولم احضر له رواية عنه. وتأتى ترجمة سهل بن اليسع بن عبدالله الاشعرى أخيه وعم احمد ٤٩٢، كما تأتى ترجمة اخى احمد ابى طاهر بن حمزة بن اليسع القمى وانه روى عن الرضا والهادىعليهما‌السلام . ولم يذكر النجاشى من روى عنه احمد بن حمزة، نعم ذكره البرقى ص ٥٩ مع أخيه، وكذا الشيخ في اصحاب الهادىعليه‌السلام ٤٠٩ قائلا: احمد بن حمزة بن اليسع القمى ثقة. وروى في التهذيب ج ٤ ٦٦ ١٢٢ عن الحسين بن سعيد، عن عبدالله بن جعفر، وغيره، عن احمد بن حمزة قال: سألت ابا الحسن الثالثعليه‌السلام عن الرجل يخرج زكوته من بلد إلى بلد آخر و يصرفها في اخوانه فهل يجوز ذلك؟ فقال: نعم. وايضا في ج ٩ ١٤٤ ٦٠١ في الوقوف والصدقات عن محمد بن عيسى العبيدى قال: كتب احمد بن حمزة إلى أبى الحسنعليه‌السلام : مدين وقف ثم مات صاحبه وعليه دين لايفى بماله، فكتبعليه‌السلام : يباع وقفه في الدين. ورواه الصدوق في الفقيه ج ٤ ١٧٧. (*)

٤٣٠

ثقة، ثقة(١) .

____________________

(١) ووثقه الشيخ كما تقدم، والعلامة وابن داود. وفى الكشى في احمد بن اسحاق بن سهل القمى ٣٤٥، محمد بن مسعود قال حدثنى على بن محمد قال حدثنى محمد بن احمد، عن محمد بن عيسى، عن ابى محمد الرازى قال: كنت أنا وأحمد بن أبى عبدالله البرقى بالعسكر، فورد علينا رسول من الرجلعليه‌السلام : فقال لنا: الغايب العليل ثقة، وايوب بن نوح، وابراهيم بن محمد الهمدانى واحمد بن حمزة، واحمد بن اسحاق، ثقات جميعا.

وروى الشيخ في الغيبة ٢٥٨ في التوقيع الوارد في احمد بن اسحاق و وجماعة بأسناده عن احمد بن ادريس، عن احمد بن محمد بن عيسى، عن أبى محمد الزرارى قال كنت واحمد بن أبى عبدالله بالعسكر، فورد علينا رسول من قبل الرحلعليه‌السلام ، فقال: احمد بن اسحاق الاشعرى، وابراهيم بن محمد الهمدانى، واحمد بن حمزة بن اليسع ثقات.

وروى الكلينى في الكافى ج ٢ ٢٥٠، والشيخ في التهذيب ج ٩ ٢٣٣ عن أبى على الاشعرى، عن محمد بن عبدالجبار، عن على بن مهزيار، عن احمد بن حمزة قال قلت له: ان في بلدنا ربما اوصى بالمال لال محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيأتون بن فأكره ان احمله اليك حتى أستأمرك، فقال: لا تأتنى به ولا تعرض له.

وفى الكشى في عمران وعيسى ابنى عبدالله القميين بعد الخبر الثالث والرابع في مدحهما ومدح بيتهما باسناده عن عبدالله بن على عن احمد بن حمزة، قال قال: حين عرضت هذين الحديثين على احمد بن حمزة، فقال: اعرفهما، و لا احفظ من رواهما لى.

روى احمد بن حمزة عن ابى الحسن الهادىعليه‌السلام كما تقدم، وعن عمران بن عبدالله القمى كما في الكشى ٢١٣ في ترجمته، وعن ابنه المرزبان بن عمران القمى كما في ترجمته ايضا ٢١٤ وفى اختصاص المفيد في ترجمة عمران القمى ٦٩، وعن ابان بن عثمان، وعن الحسين بن مختار، وزكريا بن آدم وغيرهم، والا؟ فاق عليه وثاقته يغنى عن احصاء من روى عنه، ومن روى هو عنه ولم يذكر الماتن طريقه إلى كتابه. (*)

٤٣١

له كتاب نوادر.

٢٢٣ - احمد بن اسحق بن عبدالله بن سعد بن مالك بن الاحوص(١)

الاشعرى(٢) ، ابوعلى(٣) القمى(٤) وكان وافد القميين(٥)

____________________

(١) نسبه: تقدم في احمد بن محمد بن عيسى ج ٣ ٢٨٢ ١٩٦ من الماتن وفى احمد بن حمزة بن اليسع ٤٢٩ ٢٢٢ نسب الاحوص بن السائب منا: ذكر بن مالك بن عامر، وتراجمهم.

(٢) تقدم من الماتن في احمد بن محمد بن عيسى نسبة الاشعرى: من بنى ذخران بن عوف بن الجماهير بن الاشعر.

(٣) وكناه بابى على: الشيخ في الفهرست وغيره.

(٤) تقدم في ابن عيسى ٢٨٤ عن الماتن والشيخ: واول من سكن (قم) من آبائه: سعد بن مالك الاحوص.

وعن السمعانى تفصيل هجرة عبدالله واخوة بنى الاشعر ايام الحجاج وانتقالهم إلى البلدة الطيبة، حرم اهل البيت، قم المشرفة.

(٥) منزلته عند الشيعة: ففى فهرست الشيخ ٢٦ ٦٨: احمد بن اسحاق بن عبدالله بن سعد الاشعرى، ابوعلى، كبير القدر، وكان من خواص أبى محمدعليه‌السلام ، رآى صاحب الزمانعليه‌السلام ، وهو شيخ القميين، ووافدهم..

قلت: قد أعرض الماتن، بل الشيخ في فهرستيهما عن التطويل في توثيق احمد بن اسحاق وتبجيله وتعظيمه والاطراء عليه، استغناء‌ا، لاشتهاره بين الامامية وغيرهم وعرفانهم بجلالته وبمنزلته عند الائمةعليه‌السلام ، واكتفى ايجازا في قوله: (وافد القميين)، اذ كانت علماء قم ومحدثوهم في منزلة عظيمة من الورع والاتقان في الحديث والرواية والمعرفة بآل محمدعليه‌السلام ولا يكون رسول قوم إلى الامير او السلطان والامام، الا اوجههم، وأوثقهم، وأرفعهم شأنا، واسرعهم انتقالا، وأنصبهم اذنا، وأسبقهم خيرا وأشرفهم نبلا، فاذا اختار مشايخ القميين وأعاظمهم احمد بن اسحاق وافدا لهم على امام زمانهم صلوات الله عليه، ظهر انه كان مقدمهم، وشيخهم، وكبيرهم، واوثقهم في صفاته واحواله وأفعاله عندهم، وقد أشار إلى ذلك الشيخ فيما تقدم من كلامه، مضافا إلى ما يأتى منه توثيقه صريحا في اصحاب الهادى والعسكرىعليهما‌السلام ، وايضا توثيقه عن الكشى في رواياته، وعن سعد بن عبدالله الاشعرى وغيره. (*)

٤٣٢

٤٣٣

وروى عن أبى جعفر الثانى(١) وأبى الحسنعليهما‌السلام (٢)

____________________

(١) طبقته ومنزلته عند الائمةعليه‌السلام : قد روى عن أبى جعفر الجوادعليه‌السلام كما في المتن، وذكره البرقى في أصحابه ٥٦ قائلا: احمد بن اسحاق بن سعد بن عبدالله الاشعرى، قمى. والشيخ ايضا فيه ٣٩٨ ١٣ بلا ذكر: بن عبدالله.

(٢) وذكره في اصحابه البرقى ٥٩، قائلا: احمد بن اسحق والشيخ ٤١٠ ١٤ قائلا: احمد بن اسحاق الرازى ثقة.

وقد روى جماعة من اجلاء الطائفة ومشايخ الشيعة عن احمد بن اسحاق، عن ابى الحسن الهادىعليه‌السلام مثل سعد بن عبدالله الاشعرى، واحمد بن محمد بن عيسى، وعبد الله بن جعفر الحميرى، ذكرناهم برواياتهم عنه في طبقات اصحابه. بل قد جمع احمد بن اسحق ما سئله الرجال عن أبى الحسنعليه‌السلام في علل الصوم، في كتاب كبير يأتى ذكره في المتن. وفى مناقب ابن شهر آشوب ج ٣ ٥١٢ في معجزاتهعليه‌السلام : دخل أبوعمرو عثمان بن سعيد، واحمد بن اسحاق الاشعرى، وعلى بن جعفر الهمدانى على ابى الحسن العسكرىعليه‌السلام ، فشكا اليه احمد بن اسحاق دينا عليه، فقال يا أبا عمرو، وكان وكيلهعليه‌السلام : ادفع اليه ثلاثين الف دينار. الحديث. ورواه في البحار ج ٥٠ ١٧٣.

وله مكاتبة إلى ابى الحسن الثالثعليه‌السلام في الرؤية، رواه في اصول الكافى ج ١ ٩٧ ٤ في ابطال الرؤية، عن احمد بن ادريس عنه. وايضا في وصية درة بنت مقاتل في تركتها لهعليه‌السلام باكثر من الثلث. رواه الشيخ في التهذيب ج ٩ ١٩٢ ٧٧٢ عن احمد بن محمد عنه. وايضا في الزكاة كما في من لا يحضره الفقيه ج ٢ ١٠ باب ٥؟ أسناده عن محمد بن عبد الجبا؟.

وروى الشيخ في الغيبة ٢١٥ ٢ في اول السفراء الممدوحين أبى عمرو عثمان بن سعيد في الصحيح وايضا ٢١٨ بسند آخر صحيح، عن جماعة، عن التلعكبرى، عن أبى على محمد بن همام الاسكافى، عن الحميرى قال حدثنا احمد بن اسحاق بن سعد القمى قال دخلت على ابى الحسن على بن محمد صلوات الله عليه في يوم من الايام فقلت: يا سيدى؟ أنا أغيب وأشهد ولا يتهياء لى الوصول اليك اذا شهدت في كل وقت، فقول من نقبل وأمر من نمتثل؟ فقال لى صلوات الله عليه: هذا أبوعمرو الثقة الامين، ما قال لكم فعنى يقوله، وما اداه اليكم فعنى يؤديه. فلما مضى أبوالحسنعليه‌السلام وصلت إلى أبى محمد ابنه الحسن العسكرىعليه‌السلام ذات يوم فقلت له: مثل قولى لابيه، فقال لى: هذا ابوعمرو الثقة الامين ثقة الماضى، وثقتى في المحيا والممات، فما قال لكم فعنى يقوله، وما ادى اليكم فعنى يؤديه. ورواه الكلينى في اصول الكافى ج ١ ٣٢٩ باب تسمية من رآهعليه‌السلام باسناد صحيح عن عبدالله بن جعفر الحميرى عنه نحوه. (*)

٤٣٤

وكان خاصة أبى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .(١)

____________________

(١) وفى فهرست الشيخ: وكان من خواص أبى محمدعليه‌السلام ..

قلت: وهذا مدح فوق الوثاقة اذ لا يكون الرجل من خاصة سلطان او امير او امام الا اذا كان فطنا، مقربا، امينا، ثقة، من بطانته، وقد صرح بوثاقته الشيخ في اصحاب الهادىعليه‌السلام ٤١٠ ١٤ قال: احمد بن اسحاق الرازى ثقة.

وفى اصحاب ابى محمد العسكرىعليه‌السلام ٤٢٧ ١: احمد بن اسحاق بن سعد الاشعرى، قمى، ثقة.

وقال البرقى في أصحاب أبى محمدعليه‌السلام ٦٠: احمد بن اسحاق بن سعد، أبوعلى الاشعرى القمى.

وروى الشيخ في الغيبة ٢١٥ في السفراء الممدوحين في زمان الغيبة اولهم أبى عمرو عثمان بن سعيد في الصحيح عن جماعة مشايخه، عن أبى محمد هارون ابن موسى التلعكبرى، عن محمد بن همام، عن عبدالله بن جعفر (الحميرى) قال: حججنا في بعض السنين، بعد مضى أبى محمدعليه‌السلام فدخلت على احمد بن اسحاق، بمدينة السلام، فرأيت أبا عمرو عنده، فقلت: ان هذا الشيخ، واشرت إلى احمد بن اسحاق، وهو عندنا الثقة المرضى، حدثنا فيك. وايضا ص ٢١٨ في السفير الثانى، عنهم، عن ابى الحسن محمد بن احمد بن داود القمى، وابن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله قال حدثنا الشيخ الصدوق احمد بن اسحاق بن سعد الاشعرىرحمه‌الله وذكر الحديث. ونحوه في البحار ج ٥٠ ص ٢٢٨ عن الخرائج عن سعد في مكاتبة احمد إلى الناحية المقدسة. وايضا عنهم، عن ابن قولويه، وابى غالب الزرارى، وأبى محمد التلعكبرى كلهم عن محمد بن يعقوب الكلينىرحمه‌الله ، عن محمد بن عبدالله، ومحمد يحيى، عن عبدالله بن جعفر الحميرى قال: اجتمعت انا والشيخ أبوعمرو عند احمد بن اسحاق بن سعد الاشعرى القمى، فغمزنى احمد ان أسأله عن الخلفعليه‌السلام الحديث.

قلت: الاخبار الدالة على اجتماع السفير الاول أبى عمرو عثمان بن سعيد العظيم الشأن وكيل الامامين العسكرين والمناحية المقدسة، عند احمد بن اسحاق تشير إلى منزلته عند الائمةعليه‌السلام وذكرناها مع ما دلت على فضائله ومدحه في (اخبار الرواة). وكان احمد بن اسحاق مكرما عند أبى محمد الحسنعليه‌السلام ، على ما يظهر من الروايات: فمنها انه لما هم في نفسه أن يسأله القلم الذى كان به يكتب، مسح القلم بمنديل الدوات ساعة ثم قال: هاك با احمد. رواه الكلينى في اصول الكافى ج ١ ٥١٣ ٢٧ في الصحيح عنه.

ومنها ان احمد غمه انه لا يقدر ان ينام على يمينه نوم الانبياءعليه‌السلام ، قال فقالعليه‌السلام : يا احمد ادن منى، فدنوت منه، فقال: ادخل يدك تحت ثيابك، فادخلتها، فأخرج يده من تحت ثيابه وأدخلها تحت ثيابى.

فمسح بيده اليمنى على جانبى الايسر وبيده اليسرى على جانبى الايمن ثلاث مرات فقال احمد: فما أقدر ان انام على يسارى منذ فعل ذلك بى، وما يأخذنى نوم عليها اصلا. رواه الكلينى في اصول الكافى ج ١ ٥١٣ في الصحيح عنه.

ومنها انه كان احمد من وكلاء ابى محمدعليه‌السلام المحمود يظهر مما رواه الكلينى في اصول الكافى في باب مولد الصاحبعليه‌السلام ج ١ ٥١٧ ٤ في الصحيح عن سعد الاشعرى وغير ذلك.

وحكى القهپائى في مجمع الرجال ج ١ ٩٥ وغيره عن ربيع الشيعة: انه من الوكلاء والسفراء، والابواب المعروفين الذين لا يختلف الشيعة القائلون بامامة الحسن بن علىعليهما‌السلام فيهم.=

٤٣٥

____________________

=ومنها انه كان ايضا موضع سره ومن الاقربين الاولياء، كتبعليه‌السلام اليه بولادة امامنا الحجة المنتظر ارواحنا له الفداء، كتب بخطه: ولدلنا مولود فليكن عندك مستورا، وعن جميع الناس مكتوما، فانا لم نظهر عليه الا الاقرب لقرابته والولى لولايته، احببنا اعلامك ليسرك الله بن مثل ما سرنا به والسلام.رضي‌الله‌عنه .

رواه الصدوق في الاكمال آخر باب ٤٥ مولد القائمعليه‌السلام (٤٠٩ ١٦ وطبع تهران ٤٢ ٤٣٣ ١٦٦).

وفى آخر رواية اخرى: يا احمد بن اسحاق هذا امر من امر الله وسر من سر الله، وغيب من غيب الله، فخذ ما آتيتك، واكتمه وكن من الشاكرين تكن معنا غدا في عليين. رواه الصدوق في الاكمال (باب ٣٨ ٣٨٤ وطبع النجف: ٣٦٦) فيما اخبر به أبومحمدعليه‌السلام من أمر الغيبة.

ومما دل على ان احمد بن اسحاق كان عظيم المنزلة ثقة امينا مكرما عند أبى محمدعليه‌السلام ، عرضه الامام الحجةعليه‌السلام له ففيما رواه الصدوق في الاكمال باب ٣٨ ٣٨٤ = ٣٦٦ فيما اخبر به ابومحمدعليه‌السلام من امر الغيبة: فقلت له، يا بن رسول الله فمن الامام والخليفة بعدك؟ فنهضعليه‌السلام مسرعا، فدخل البيت، ثم خرج وعلى عاتقه غلام كان وجهه الفجر ليلة البدر من أبناء الثلث سنين، فقال يا احمد بن اسحاق لو لا كرامتك على الله عزوجل وعلى حججه ما عرضت عليك ابنى هذا، انه سمى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكنيته، الذى يملاء الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، يا احمد بن اسحاق مثله في هذه الامة من آل الخضرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومثله مثل ذى القرنين، والله ليغيبن غيبة لا ينجو من الهلكة فيها الا من ثبته الله عزوجل على على القول بامامته ووفقه فيها للدعاء بتعجيل فرجه.

فقال احمد بن اسحاق: فقلت: يا مولاى فهل من علامة يطمئن اليه قلبى؟ فنطق الغلامعليه‌السلام بلسان عربى فصيح، فقال: أنا بقية الله في أرضه، والمنتقم من أعدائه، ولا تطلب أثرا بعد عين يا احمد بن اسحاق.

قال احمد بن اسحاق: فخرجت مسرورا فرحا..

قلت: وقد اخرجنا ما ورد في تشرفه بزيارة الامام الحجةعليه‌السلام في ايام ابيهعليه‌السلام في كتابنا (اخبار الرواة)، وفى طبقات من تشرف بزيارته في ايامه، من الطبقات الكبرى في اصحابهعليه‌السلام .

وروى الشيخ في الغيبة ١٥١ ٣٠ باسناده عن أبى سعيد المراغى قال قال حدثنا احمد بن اسحاق انه سأل ابا محمدعليه‌السلام عن صاحب هذا الامر، فأشار بيدهعليه‌السلام ، اى انه حى غيظ الرقبة.

وفى البحار ج ٥٠ ٣٢٣ في مكارم اخلاق أبى محمد العسكرىعليه‌السلام عن تاريخ قم للحسن بن محمد القمى قال: رويت عن مشايخ قم ان الحسين بن الحسن بن جعفر بن محمد بن اسماعيل بن جعفر الصادقعليه‌السلام كان بقم، يشرب الخمر علانية، فقصد يوما لحاجة باب احمد بن اسحاق الاشعرى، وكان وكيلا في الاوقاف بقم، فلم يأذن له ورجع إلى بيته مهموما.

فتوجه احمد بن اسحاق إلى الحج فلما بلغ سر من رآى استأذن على ابى محمد العسكرىعليه‌السلام ، فلم يأذن له، فبكى احمد لذلك طويلا، وتضرع حتى أذن له، فلما دخل قال: يا بن رسول الله لم منعتنى الدخول عليك؟ وأنا من شيعتك ومواليك؟ قالعليه‌السلام : لانك طردت ابن عمنا عن بابك، فبكى احمد وحلف بالله انه لم يمنعه من الدخول عليه الا لان يتوب من شرب الخمر.

قال قال: صدقت، ولكن لا بد من اكرامهم واحترامهم في كل حال، وان لا تحقرهم ولا تستهين بهم لانتسابهم الينا فتكون من الخاسرين. فلما رجع احمد إلى قم أتاه أشرافهم، وكان الحسين معهم، فلما رآه احمد وثب اليه واستقبله وأكرمه وأجلسه في صدر المجلس، فاستغرب الحسين ذلك منه واستبدعه وسأله عن سببه، فذكر له ما جرى بينه وبين العسكرىعليه‌السلام في ذلك، فلما سمع ذلك ندم من افعاله القبيحة وتاب منها ورجع إلى بيته وأهرق الخمور وكسر آلاتها، وصار من الاتقياء المتورعين والصلحاء المتعبدين وكان ملازما للمساجد متعلقا فيها، حتى أدركه الموت، ودفن قريبا من مزار فاطمة رضي‌ الله‌ عنهما .=

٤٣٦

____________________

=منزلة احمد بن اسحاق عند الامام الحجة صلوات الله عليه لم يزل احمد بن اسحاق القمى الاشعرى على منزلته وكرامته عند الائمة إلى ان لبى دعوة ربه، فكان مكرما عند الناحية المقدسة ذا شأن عند الامام المنتظر عجل الله فرجه الشريف، فورد رسوله باعلام وثاقته في جماعة، وتقدم في احمد بن حمزة بن اليسع القمى ج ٣ ص ٣ ٤٣١ عن الكشى ٣٤٥، والشيخ في الغيبة ٢٥٨ مع تفاوت يسير، عن أبى محمد الزرارى قال: كنت، أنا واحمد بن عبدالله البرقى بالعسكر فورد علينا رسول من قبل الرجلعليه‌السلام ، فقال: احمد بن اسحاق الاشعرى، وابراهيم بن محمد الهمدانى، واحمد بن حمزة بن اليسع ثقات جميعا.

وقد روى الصدوق في الاكمال باب ٤٣ فيمن شاهد القائمعليه‌السلام ٤٤٢ ١٦ في الصحيح عن محمد بن أبى عبدالله الكوفى ذكر عدد من وقف على معجزاته ورآه من الوكلاء وعده منهم فال: ومن اهل قم: احمد بن اسحاق..

وقال الشيخ في الغيبة ٢٥٧ بعد ذكر السفراء: وقد كان في زمان السفراء الممدوحين اقوام ثقات، ترد عليهم التوقيعات، من قبل المنصوبين للسفارة من الاصل، منهم.. ومنهم احمد بن اسحاق، وجماعة خرج التوقيع في مدحهم. ثم ذكر خبر الرازى المتقدم. وقد خاطبهعليه‌السلام حينما دخل احمد على ابى محمدعليه‌السلام ليسئله عن الامام والخليفة من بعده، فأخبره مبتدئا ودخل البيت وخرج وعلى عاتقه الامامعليه‌السلام وهو غلام، في حديث طويل تقدم، فذكرعليه‌السلام ان اسمه وكنيته اسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكنيته وانه الذى يملاء الارض قسطا وعدلا، وجملة من خصاله وآيات الله فيه. فقال احمد بن اسحاق فقلت: يا مولاى: فهل من علامة يطمئن اليها قلبى. فنطق الغلامعليه‌السلام بلسان عربى فصيح، فقال: أنا بقية الله في ارضه، والمنتقم من أعدائه، لا تطلب أثرا بعد عين يا احمد بن اسحاق.

وورد احمد بن اسحاق مرة مع سعد بن عبدالله الاشعرى؟ من رآى وانتهيا إلى باب الامام أبى محمدعليه‌السلام واستأذنا فخرج الاذن بالدخول عليه، وكان على عاتق احمد بن اسحاق جراب قد غطاه بكساء طبرى، فيه مأة وستون صرة من الدنانير، والدراهم. على كل صرة منها ختم صاحبها، قال سعد: فما شبهت وجه مولانا أبى محمدعليه‌السلام حين عشينا نور وجهه الا ببدر قد استرخى من لياليه اربعا بعد عشر، وعلى فخذه الايمن غلام يناسب المشترى في الخلقة والمنظر... فألطف في الجواب، وأومأ الينا بالجلوس، فلما فرغ من من كتبة البياض الذى كان بيده، اخرج احمد بن اسحاق جرابه من طى كسائه فوضعه بين يديه، فنظر الهادىعليه‌السلام إلى الغلام وقال له: يا بنى فض الخاتم عن هدايا شيعتك ومواليك، فقال: يا مولاى أيجوز ان امديدا طاهرة إلى هدايا نجسة وأموال رجسة، قد شيب أحلها بأحرمها؟ فقال مولاى: يا ابن اسحاق استخرج ما في الجراب ليمز ما بين الحلال والحرام منها.

فأول صرة بدأ احمد باخراجها قال الغلام: هذه لفلان بن فلان من محلة كذا بقم يشتمل على اثنين واربعين دينارا فيها من ثمن حجيرة باعها صاحبها وكانت ارثا له عن ابيه خمسة واربعون دينارا ومن أثمان تسعة اثواب، اربعة عشر دينارا، وفيها اجرة الحواتين ثلاثة دنانير، فقال مولانا: صدقت يا بنى، دل الرجل على الحرام منها، فقالعليه‌السلام ، فتش عن دينار رازى السكة، تاريخه سنة كذا، قد انطمس من نصف احدى صفحيه نقشه، الحديث بطوله رواه الصدوق في الاكمال باب ٤٣ من شاهد القائمعليه‌السلام ج ٢ ٤٥٤ ٢١ (طبع تهران) ذكرناه في اخبار الرواة.

وروى الكلينى ما يشير إلى وكالة احمد بن اسحق للناحية المقدمة ايضا ففى مولدهعليه‌السلام ج ١ ٥١٧ ٤ عن على بن محمد، عن سعد بن عبدالله قال ان الحسن بن النضر، وأبا صدام، وجماعة تكلموا بعد مضى أبى محمدعليه‌السلام فيما في أيدى الوكلاء، وارادوا الفحص، فجاء الحسن بن النضر إلى ابى الصدام فقال: انى اريد الحج، فقال له: ابوصدام: أخره هذه السنة، فقال له الحسن بن النضر: انى افزع في المنام ولا بد من الخروج، واوصى إلى احمد بن يعلى بن حماد، واوصى للناحية بمال، وأمره ان لا يخرج شيئا الا=

٤٣٧

____________________

=من يده إلى يدهعليه‌السلام بعد ظهوره قال: فقال الحسن: لما وافيت بغداد اكتريت دارا فنزلتها، فجائنى بعض الوكلاء بثياب ودنانير وخلفها عندى، فقلت له: ما هذا؟ قال هو ما ترى، ثم جائنى آخر بمثلها، وآخر، حتى كبسوا الدار ثم جائنى احمد بن اسحاق بجميع ما كان معه، فتعجبت، وبقيت متفكرا، فوردت على رقعة الرجلعليه‌السلام : (اذا مضى من النهار كذا، وكذا فاحمل ما معك،) فرحلت وحملت ما معى وفى الطريق صعلوك يقطع الطريق في ستين رجلا، فجزت علهى، وسلمنى الله منه، فوافيت العسكر ونزلت، فوردت على رقعة ان احمل ما معك، فعبته في صنان الحمالين، فلما بلغت الدهليز، اذا فيه أسود قائم، فقال: انت الحسن بن النضر؟ قلت: نعم، قال: ادخل، فدخلت الدار ودخلت بيتا،.. واذا بيت عليه ستر، فنوديت منه: يا حسن بن النضر احمد الله على ما من به عليك ولا تشكن، فود الشيطان انك شككت الحديث.

وكان لاحمد بن اسحاق المكاتبة لصاحب الامرعليه‌السلام فمنها ما رواه الشيخ في الغيبة ١٧٤ ٢ في التوقيعات في الصحيح عن سعد بن عبدالله الاشعرى قال حدثنا الشيخ الصدوق احمد بن اسحاق بن سعد الاشعرىرحمه‌الله انه جاء‌ه بعض اصحابنا يعلمه ان جعفر بن على (هو جعفر الكذاب) كتب اليه كتابا يعرفه فيه نفسه، ويعلمه انه القيم بعد أخيه، وان عنده من علم الحلال والحرام ما يحتاج اليه، وغير ذلك من العلوم كلها.

قال احمد بن اسحاق: فما قرأت الكتاب كتبت إلى صاحب الزمانعليه‌السلام وصيرت كتاب جعفر في درجه، فخرج الجواب إلى في ذلك: (بسم الله الرحمن الرحيم. أتانى كتابك، ابقاك الله، والكتاب الذى انفذته درجه، واحاطت معرفتى بجميع ما تضمنه على اختلاف ألفاظه، وتكرر الخطأ فيه، ولو تدبرته لوقفت على بعض ما وقفت عليه هنه.. وسأبين لكم جملة تكتفون بها ان شاء الله تعالى يا هذا يرحمك الله.. فالتمس، تولى الله توفيقك من هذا الظالم ما ذكرت لك، وامتحنه، و سئله عن آية من كتاب الله يفسرها، او صلاة فريضة يبين حدودها، وما يجب فيها، لتعلم حاله ومقداره، ويظهر لك عواره ونقصانه، والله حسيبه الحديث.

قلت: وقد احصينا ما دلت من الروايات على منزلة احمد بن اسحق عند الناحية المقدسة في طبقات اصحابه، وفى اخبار الرواة.

وفاته: ففى الكشى ٣٤٤: ما روى في احمد بن اسحاق القمى، و وكان صالحا، وايوب بن نوح: قال حدثنا محمد بن على بن القاسم القمى، قال حدثنى احمد بن الحسين القمى الابى، ابوعلى، قال كتب محمد بن احمد بن الصلت القمى الابى، ابوعلى إلى الدار كتابا، وذكر فيه احمد بن اسحاق القمى وصحبته، وانه يريد الحج، واحتاج إلى ألف دينار، فان رآى سيدى ان يأمر باقراضه اياه ونسترجع فيه في البلد اذا انصرف فافعل. فوقععليه‌السلام : هى، له منا، صلة، واذا رجع فله عندنا سواها، وكان احمد لضعفه لا يطمع نفسه ان يبلغ الكوفة، وفى هذه من الدلالة.

جعفر بن معروف الكشى قال: كتب أبوعبدالله البلخى إلى، يذكر عن الحسين بن روح القمى ان احمد بن اسحاق كتب اليهعليه‌السلام ، يستأذنه في الحج فاذن له، وبعث اليه بثوب، فقال احمد بن اسحاق نعى إلى نفسه، فانصرف من الحج، فمات يحلو ان.

احمد بن اسحاق بن سعد القمى، عاش بعد وفاة ابى محمدعليه‌السلام ، وأتيت بهذا الخير ليكون اصح لصلاحه، وما ختم له، قلت: لعل الكشى اشار بما ذكر إلى ما يظهر من بعض الروايات من وفاته في ايامهعليه‌السلام .

ففى اكمال الدين(٤٦٣ ٢١ باب ٤٣ وطبع النجف ص ٤٢٥ باب ٤٧ فيمن شاهد القائم في الحديث الطويل المتقدم عن سعد بن عبدالله القمى الذى صاصب احمد بن اسحاق في التشرف بزيارة الامام أبى محمدعليه‌السلام وولده صاحب الدارعليه‌السلام .

قال سعد: فحمدنا الله تعالى على ذلك وجعلنا نختلف بعد ذلك اليوم إلى منزل مولانا أياما. فلا نرى الغلام بين يديه، فلما كان يوم الوداع دخلت أنا واحمد بن اسحاق، وكهلان من اهل بلدنا، وانتصب احمد بن اسحاق بين يديه قائما وقال: يا بن رسول الله قد دنت الرحلة، واشتد المحنة، فنحن نسأل الله تعالى ان يصلى على المصطفى جدك وعلى المرتضى ابيك وعلى سيدة النساء امك، وعلى سيدى شباب اهل الجنة عمك وأبيك، وعلى الائمة الطاهرين من بعد هما آبائك، وان يصلى عليك، وعلى ولدك،=

٤٣٨

____________________

=نرغب إلى الله ان يعلى كعبك ويكبت عدوك، ولا جعل الله هذا آخر عهدنا من لقائك.

قال فلما قال هذه الكلمات استعبر مولانا حتى استهلت دموعه وتقاطرت عبراته، ثم قال: يا ابن اسحاق لا تكلف في دعائك شططا، فانك ملاق (ملاقى خ) الله تعالى في سفرك هذا. فخر احمد مغشيا عليه، فلما أفاق قال سألتك بالله وبحرمة جدك الا شرفتنى بخرقة اجعلها كفنى، فأدخل مولانا يده تحت البساط، فأخرج ثلاثة عشر درهما، فقال: خذها ولا تنفق على نفسك غيرها، فانك لن تعدم ما سألت، وان الله تبارك وتعالى لن يضيع أجر من أحسن عملا.

قال سعد: فلما انصرفنا بعد منصرفنا من حضرة مولانا من حلوان على ثلاثة فراسخ حم احمد بن اسحاق.

وثارت به علة صعبة أيس من حياته فيها فما وردنا حلوان ونزلنا في بعض الخانات دعا احمد بن اسحق برجل من اهل بلده كان قاطنا بها، ثم قال: تفرقوا عنى هذه الليلة واتركونى وحدى فانصرفنا عنه. ورجع كل واحد منا إلى مرقده، قال سعد: فلما حان ان ينكشف الليل عن الصبح اصابتنى فكرة، ففتحت عينى فاذا بكافور الخادم خادم مولانا ابى محمدعليه‌السلام وهو يقول: احسن الله بالخير عزاكم، وجبر بالمحبوب رزيتكم، قد فرغنا من غسل صاحبكم ومن تكفينه، فقوموا لدفنه قانه (من خ) اكرمكم محلا عند سيدكم. ثم غاب عن أعيننا، فاجتمعنا على رأسه بالبكاء والعويل حتى فضينا حقه، وفرغنا من امرهرحمه‌الله .

قلت: لا خلاف بحسب الروايات وكلمات الاصحاب في وفات احمد بن اسحاق الاشعرى القمى بمدينة حلوان وهى مدينة كبيرة عامرة من طرف سواد العراق.

وفى معجم البلدان: ليس بارض العراق بعد الكوفة والبصرة وواسط، وسر من رآى اكبر منها، واكثر ثمارها التين وهى بقرب الجبل.. وفى مجمع البحرين: قيل بينه وبين بغداد خمس مراحل.

وعن تاريخ قم: قبره في حلوان المعروفة الواقعة في طريق كرمانشاهان وبغداد، وقبره قريب من شهر تلك القرية على بعد ألف قدم من جهة الجنوب، وعليه بناء، خرب، ومسجد، بناه حاكم تلك النواحى، و من ضعف همة اهل الثروة من اهل تلك البلاد، وقلة معرفتهم، لاسيما اهل كرمانشاهان والمترددين، بقى مهملا، وغير معروف، عن كل ألف شخص لا يذهب شخص لزيارته، مع انه يلزم ان يكون قبره معروفا ومزورا انتهى.

وقيل انها البلدة المعروفة في عصرنا (بل سر ذهاب كرمانشاه). كما لا خلاف في بقاء احمد بن اسحق إلى ايام الحسين بن روح السفير الثالث للناحية المفدسة، غير ما يظهر من رواية الاكمال المتقدمة من وفاته في ايام العسكرىعليه‌السلام عند منصرفه مع سعد بن عبدالله من زيارتهعليه‌السلام .

ولعله لذلك، ولاشتماله على جملة من الامور الغريبة نوقش فيه وفى لقاء سعد له، بل استشهد بجهالة بعض رواته، وكثرة الوسائط بين الصدوق وبين سعد بن عبدالله الراوى له، مع انه يروى عنه بواسطة مثل ابيه وابن الوليد وغيرهما. لكن النجاشى اختار لقاء‌ه لهعليه‌السلام ، واشار إلى من ضعفه فقال في ترجمة سعد كما يأتى: ولقى مولانا ابا محمدعليه‌السلام ، ورأيت بعض اصحابنا يضعفون لقاه لابى محمدعليه‌السلام ، ويقولون: هذه حكاية موضوعة عليه، والله أعلم.

قلت: ويمكن التوفيق بين الروايات بان يقال والله العالم: ان خبر الاكمال وان كان مخالفا لغيره بظهوره الا انه غير صريح في ذلك ولا خلاف في موته بحلوان، وفى كون هذه الزيارة واللقاء منه لابى محمدعليه‌السلام آخر زيارته ولقائه، وفى كون كلامهعليه‌السلام اخبارا بالفراق بينهما بالموت، وفى اعطاء الدراهم له، وعدم بذله ما سأله من الخرقة لكفنه عاجلا، لكن ليس نصا في مغايرة سفره الذى فيه الزيارة واللقاء، مع سفره الذى فيه الحج والموت بحلوان، ولعله لم ينصرف إلى بلده (قم) حتى مضى أبومحمدعليه‌السلام وصارت الغيبة والنيابة والسفارة، واستأذن في ايام ابى القاسم الحسين بن روح في الحج، واستقرض من وكيل الناحية لحجه، وبشره الامامعليه‌السلام بما يدل على توفيقه للحج، وعلى موته بعد انصرافه في طريقه إلى بلده بحلوان، وانما بعث له الكفن بكافور الخادم، تنجيزا لما وعده ابومحمدعليه‌السلام .=

٤٣٩

____________________

=وحينئذ يتصرف بما هو نص فيه من ساير الروايات، فيما ربما يكون خبر الاكمال ظاهرا في خلافه، مع احتمال التصحيف في بعض كلماته. هذا في تنافيه مع ساير ما ورد في احمد بن اسحاق. واما اشتماله على ما يستغربه الضعفة من الايات الباهرات، فهذا امر لا يوجب وهنه لما حقق في محله، ان لم يكن موجبا لرفعه وعلوه. واما جهالة بعض رواته فلا توجب انكارها وليس المقام لتحقيقه. واما تعدد الوسائط فيه بين الصدوق وبين سعد بن عبدالله، وانه يروى عنه بواسطة واحدة، فقد حققنا في محله سببه وانه لاغرو، في رواية من تصح عنه بلا واسطة او بواحدة، بواستطين او بوسائط.

هذا مع رواية الصدوق عن سعد باكثر من واسطة في غير المقام، كما حققناه في محله، وسيأتى انشاء الله في ترجمة سعد بن عبدالله ما ينفع المقام. (*)

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543