الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات0%

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 443

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: عبد الهادي محمد تقي الحكيم
تصنيف: الصفحات: 443
المشاهدات: 79028
تحميل: 4296

توضيحات:

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 443 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 79028 / تحميل: 4296
الحجم الحجم الحجم
الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

القسم الأوّل:‏

ها نحن الآن قد وصلْنا في حوارنا الى الصّلاة -‏ قال أبي -‏( والصلاة -‏ كما ورد في الحديث النّبوي الشريف -‏:‏عمود الدين إنْ قُبِلت قُبِل ما سِواها، وإنْ رُدّت رُدّ ما سِواها ) إنّها -‏ أضاف أبي -‏ مواعيد لقاءات محدّدة ثابتة بين الخالق ومخلوقه، رسم الله سبحانه وتعالى أوقاتها السعيدة، وطرائقها، وصورها وكيفيّاتها لعباده..

تقف خلالها بين يديه، متوجّهاً إليه بعقلك وقلبك وجوارحك، تحادثه وتناجيه، فيسكب عليك خلال تلك المناجاة صفاءً ذهنيّاً ونفسيّاً رائعاً، وشفافيّةً روحيّة تسبح خلالها بطيب المشافهة، وتنعم معها بدفء وعذوبة وولَه وسعادة ولذّة الوصال والتلاقي وطبيعي أنْ تعتريك تلك الرهبة المحبّبة وأنت تقف بين يدَي خالِقك العظيم.. الرحيم بك، الرؤوف بحالك، السميع البصير.

‏لقد كان استغراق جدّك أمير المؤمنينعليه‌السلام بعبادة ربّه وتوجّهه إليه بكلِّه فرصةً مناسبةً لاستلال النصل من جسَدِه في معركة صفّين، لانشغاله عن معاناة ألم الجسد بمناجاة ربِّه.

‏وكان إمامك زين العابدينعليه‌السلام إذا توضّأ للصلاة اصفّر لونه فيقول له أهلُه: ‏ما هذا الّذي ينتابك عند الوضوء ؟ فيقول: ‏( أتدرون بين

١٤١

يدَي مَن أُريد أنْ أقوم ).

وكان إذا قام الى الصلاة أخذته الرعّدة، فيُجيب مَن يسأله: ‏( أُريد أنْ أقوم بين يدَي ربّي وأناجيه، فلهذا تأخذني الرعّدة ) ‏

وكان إمامك الكاظمعليه‌السلام إذا قام الى الصلاة وخلا بربّه بكى واضطربت أعضاؤه، وخفق قلبُه خوفاً مِن الله عزّ وجل وخشيةً ووجَلاً منه.

‏ ولمّا أودعه الرشيد ظُلْمَة سِجنِه الرهيب تفرّغ لطاعة الله وعبادته، شاكراً ربّه على تهيئته هذه الفرصة الجميلة الحبيبة له مخاطباً ربّه قائلاً:‏( ربّ إنّي طالما كنت أسألك أنْ تفرغني لعبادتك وقد استجبت منّي فلك الحمد على ذلك ) .

‏ والصلاة -‏ أردف أبي -‏ إبراز حسّي ظاهري لحاجة داخليّة متأصّلة في النفس، هي الانتماء لله عزّ وجل والارتباط بالخالق المكوّن، المسيطر، المالك المهيمن فحين تقول: ‏( الله اكبر ) مبتدئاً صلاتك فإنّ مِثل المادّة وأنظمتها ونماذجها وأنماطها وزخارفها ستتضاءل في نفسك وربّما تضمحل لأنّك واقف بين يدي خالق الكون، المسيطر على مادّته المسخّر لها وفق مشيئته، فهو أكبر من كل شيء وبيده كل شيء.

‏ فحين تقول -‏ وأنت تقرأ سورة الحمد: ‏( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) ، فأنت تغسل نفسك وجسدك من كلِّ أثر للاستعانة بغير الله القادر الحكيم أيّاً كان.

١٤٢

بتلك النكهة المحببّة للخشوع ستستحم كلّ يوم خمس مرّات: ‏صباحاً وظهراً وعصراً ومغرباً وعشاءً.

وأنْ شئت زِدت على ذلك بما يُستحبّ لك منها.

‏* معنى هذا أنّ الصلوات واجبة ومستحبّة ؟

‏-‏ نعم، فهناك صلوات واجبة وأُخرى مُستحبّة.

‏* الصلوات الواجبة أعرفها.. إنّها الصلوات التي نؤدّيها كلّ يوم إنّها صلاة الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء.

‏-‏ ليست هذه فقط هي الصلوات الواجبة، بل هناك صلوات واجبة أُخرى غيرها وهي:‏

‏١ -‏ صلاة الآيات ( انظر حواريّة الصلاة الثانية ).

‏٢ -‏ صلاة الطواف الواجب في العمرة والحجّ ( أنظر حواريّة الحج ).

٣ -‏ الصلاة على الميّت ( أنظر حواريّة الموت ).

٤ -‏ الصلاة التي لم يصلّها الوالد [حيثُ يجب على ولده الأكبر قضاؤها عنه بعد موته] ( انظر حواريّة الصلاة الثانية ).

٥ -‏ الصلاة التي تجب بالإجارة أو بالنذر أو اليمين أو غيرهما.

وهي تختلف باختلاف الحالات.

‏غير أنّ للصلوات اليومّية مقدَّمات خَمساً هي:‏

‏أ -‏ وقت الصلاة.

‏ب -‏ القبلة.

١٤٣

ج-‏ مكان الصلاة.

‏د -‏ لباس المصلّي.

‏ه‏ -‏ الطهارة في الصلاة.

‏وقال أبي: ‏ينبغي أنْ لا تتوهّم أنّ هذه المقدّمات لا يجب توفّرها في غير الصلاة اليوميّة -‏ مِن الصلوات الواجبة والمستحبّة -‏ كلا لا تتوهّم ذلك، إذ يجب توفّر ما عدا الشرط الأوّل فيها على تفصيل ستعرفه إنْ شاء الله.

‏والآن أعود لأعرض بالتفصيل كلّ واحدةٍ واحدة مِن تلك المقدّمات الخَمس:‏

‏‏* ستبدأ إذن بوقت الصلاة.

‏-‏ نعم بأُولاهن:‏

١ -‏ وقت الصلاة : ‏لكل من الصلوات اليوميّة وقت محدّد لا يجوز تخطّيه، فوقت صلاة الصبح من طلوع الفجر الى طلوع الشمس ووقت صلاة الظهرَين ( الظهر والعصر ) مِن زوال الشمس الى غروبها، ويختصّ أوّل الوقت بصلاة الظهر وآخره بصلاة العصر بمقدار أدائهما.

‏* وكيف أعرف الزوال، ذلك الوقت الذي تبدأ به صلاة الظهرَين ؟

-‏ إنّه منتصف الوقت بين طلوع الشمس وغروبها.

‏أمّا وقت صلاة العشاءين ( المغرب العشاء ) فهو من أوّل المغرب الى منتصف الليل، ويختص أوّل الوقت بصلاة المغرب

١٤٤

وآخره بصلاة العشاء بمقدار أدائهما.

‏هذا [ولا تبدأ بصلاة المغرب إلاّ بعد أنْ تزول الحمرة المشرقيّة مِن السماء ].

‏‏* وما الحمرة المشرقية ؟

-‏ إنّها حمرة في السماء مِن جهة المشرق في الجهة المقابلة لغروب الشمس تزول بعد غروبها.

‏* وكيف أُحدّد منتصف اللّيل، ذلك الذي ينتهي به وقت صلاة العشاء ؟

-‏ إِنّه منتصف الوقت بين غروب الشمس والفجر.

‏* وإذا انتصف اللّيل وزاد ولم أُصلّ صلاتي المغرب والعشاء عامداً ؟

‏-‏ عليك [أنْ تبادر فتُصلّيهما قبل الفجر بقصد القُربة المطلقة أي مِن دون أنْ تقصد أداء الصلاة ولا قضاءها].

مع ملاحظة هامّة في كلّ صلاة وهي أنْ تتأكدّ مِن دخول وقت الصلاة قبل البِدء بها سَواء أكانت صلاة الفجر أم الظهر والعصر أم المغرب والعشاء.

٢ -‏ القبلة : ‏يجب عليك أنْ تستقبل القبلة وأنتَ تصلّي، والقبلة -‏ كما تعرف -‏ هي المكان الّذي تقع فيه الكعبة الشريفة بمكّة المكرّمة.

١٤٥

‏* وإذا لم أتمكّن مِن معرفة جهة القِبلة بعد أنْ بذلت جهدي وفقدت كلّ الحِجَج التي يمكنني أنْ أستند إليها لتعيين القبلة ؟

‏-‏ صلِّ الى الجهة التي تظنّ وجود القبلة فيها.

‏* وإِنْ لم استطع أنْ أُرجّح جهةً على أُخرى ؟

‏-‏ صلِّ الى أيّة جهة تحتمل وجود القبلة فيها.

‏ * وإذا اعتقدت أنّ جهةً ما، هي جهة القبلة وصلّيت، ثُمّ عرفت بعد الصلاة أنّني كنت على خطأ ؟

‏ -‏ إذا كان انحرافك عن القبلة ما بين اليمين والشمال صحّت صلاتك.. وإذا كان انحرافك أكثر من ذلك، أو كانت صلاتك الى الجهة المعاكسة لجهة القبلة ولم يمضِ وقت الصلاة بعد، أعِد صلاتك وأمّا إذا مضى وقت الصلاة فلا يجب عليك القضاء.

‏‏٣ -‏ مكان المصلّي [لاحظ أنْ يكون مكان صلاتك مُباحاً ذلك أنّ الصلاة، لا تصحّ في المكان المغصوب].

‏ويعدّ من المغصوب ما وجَب أنْ تدفع خُمسه ولم تدفع خمسه بيتاً كان أو فراشاً أو غيرهما وسأشرح لك بالتفصيل ما يجِب فيه الخمس في ( حواريّة الخُمس ) القادمة، غير أنّي أشير هنا فقط الى ضرورة عدم السقوط في هاوية الغَفلة والتسامح واللامبالاة تلك التي سقط فيها كثيرون ومنعوا حقّ الله عزّ وجل في أموالهم.

‏*‏‏ لنفترض أنّ الأرض كانت غير مغصوبة ولكنّها مفروشةً بفراشٍ مغصوب.

١٤٦

‏-‏ كذلك[ لا تصحّ صلاتك بها على ذلك الفراش‏].

‏-‏ أضاف أبي :

ثمّ يجب أنْ يكون مكان سجودِك طاهراً غير نجِس.

‏* تقصد بمكان السجود موضع سجود الجبهة ؟

‏-‏ نعم، طهارة مكان السجود فقط، أي التربة وأشباهها ممّا تسجد عليه.

‏* وبقيّة مكان الصلاة، موضع الرجلين مثلاً المكان الذي يشغله بقيّة الجسد في الصلاة ؟

‏-‏ لا يشترط فيه الطهارة فإذا كان نجِساً وكانت نجاسته لا تسري الى الجسد أو الملابس تجوز الصلاة فيه.

‏ثُمّ أنّه بقيت هناك موضوعات تخصّ مكان المصلّي سأحدّدها لك على شكل نقاط:‏

‏أ -‏ لا يجوز في الصلاة ولا في غيرها استدبار قبور المعصومينعليهم‌السلام إذا كان في الاستدبار إساءةً للأدب.

‏ب -‏ [لا تصحّ صلاة كل من الرجل والمرأة إذا كانا متحاذيَين متجاورَين وعلى مستوى واحد، أو كانت المرأة متقدّمة] إلاّ أنْ تفصل بين مكانها ومكانه أكثر مِن عشرة أذرع بذراع اليد أو يكون بينهما حائلٌ كالجدار مثلاً.

‏ج‏ -‏ تُستحب الصلاة في المساجد، وأفضل المساجد، المسجد الحرام ومسجد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومسجد الكوفة والمسجد

١٤٧

الأقصى كما تُستحبّ الصلاة في مشاهد الأئمّة المعصومينعليهم‌السلام .

‏د -‏ من الأفضل للمرأة أنْ تختار لصلاتها أكثر الأمكنة ستراً حتّى في بيتها.

٤ -‏لباس المصلّي ، وفيه شروط:‏

‏أ -‏ أنْ يكون طاهراً و[غير مغصوب] على أنّ شرطيّة إباحة اللباس إنّما هي للساتر للعورة فقط، وهذا يختلف حاله بين الرجل والمرأة إذ يكفي إباحة خصوص بعض الملابس الداخليّة -‏ كالشورت مثلاً -‏ للرجال، بينما لا يكفي ذلك في النساء لسعة دائرة ما تستره في الصلاة وهو جميع البدن عدا ما استثني.

‏ب -‏ أنْ لا يكون مِن أجزاء الميتة التي تحلّها الحياة، كجِلد الحيوان المذبوح بطريقة غير شرعيّة [وإنْ كان لا يكفي وحده أنْ يكون ساتراً للعورة ]‏.

‏‏* وهل تصحّ الصلاة في الحزام الجلدي المأخوذ من يد المسلم، أو المصنوع في بلاد إسلامية مثلاً وهو غير معلوم التذكية ؟

‏-‏ نعم تصحّ الصلاة فيه.

‏* والحزام الجلدي المأخوذ من يدِ الكافر. أو المصنوع في بلاد كافرة ؟

‏-‏ تصحّ الصلاة فيه [ إلاّ إذا علِمت أنّه مأخوذ من جِلد حيوان غير مذكّى].

‏* وإذا لم أتأكّد مِن أنّ هذا الحزام الجِلدي -‏ مثلاً -‏ مصنوع من جِلدٍ طبيعي أم صناعي ؟

١٤٨

‏-‏ تجوز الصلاة فيه في مطلق الأحوال.

‏ج-‏ أنْ لا يكون لباس المصلّي مصنوعاً من أجزاء السباع إذا كان بحيث يُمكن ستر العورة به [ولا غيرها ممّا لا يجوز أكل لحمها].

‏د -‏ أنْ لا يكون مِن الحرير الخالص بالنسبة للرجال، أمّا النساء فيجوز لهنّ الصلاة في الحرير الخالص.

‏ه-‏ -‏ أنْ لا يكون من الذهب الخالص أو المغشوش إذا صدَق عليه الذهب، دون المموّه بالنسبة للرجال.

‏* ولو كان خاتم يد أو حلقة زواج ؟

‏-‏ ولو كان خاتم يد أو حلقة الزواج، فإنّه لا تصحّ صلاة الرجل به، كما أنّه يحرم لبس الذهب للرجال دائماً.

‏* حتّى في غير وقت الصلاة ؟

‏-‏ دائماً. دائماً حتّى في غير وقت الصلاة.

‏* والأسنان الذهبيّة الداخليّة التي تصنع لبعض الرجال، والساعة الذهبيّة التي يحملها بعضهم في جيبه ؟

‏-‏ هذه جائزة للرجال وتصحّ صلاتهم بها.

‏* إذا كان الرجل لا يعلم أنّ خاتمه ذهبي وصلّى فيه، أو أنّه كان يعلم أنّه ذهبي ونسيَ وصلّى فيه ثُمّ علِم أو تذكّر بعد انتهاء الصلاة ؟

‏-‏ صلاته صحيحة.

‏* والنساء ؟

١٤٩

‏-‏ يجوز لهنّ لبس الذّهب دائماً وتصحّ صلاتهنّ به.

‏بقيَت في لباس المصليّ ملاحظة ذات أهمّية وهي أنّه يجب على الرجل سِتر عورته في الصلاة وهي القضيب والخصيتان والمخرج فقط.

‏ويجب على المرأة سِتر جميع جسدها في الصلاة بما في ذلك الشعر، حتّى لو كانت وحدها ولا يراها أحد عدا الوجه بالمقدار الذي لا يستره الخمار عادة مع ضربه على الجيب، والكفين الى الزّند والقدمين الى أوّل جزء من الساق.

‏‏-‏ هذه هي مقدّمات الصلاة -‏ قال أبي -‏ أمّا الصلاة نفسها فهي عمَلٌ مركّب مِن عدّة أجزاء وواجبات، وهي: ‏النيّة، وتكبيرة الإحرام، والقيام، والقراءة، والذِكْر، والركوع، والسجود، والتشهد، والتسليم، مُراعياً فيها الموالاة والترتيب كما ستعرف.

‏* ولماذا لم تبدأ بالأذان والإقامة ؟

قبل أنْ أجيبك على هذا السؤال أحبّ أنْ أنبّهك الى أنّ بعض هذه الأجزاء تسمّى ( بالأركان ) وهي: ‏النية، وتكبيرة الإحرام، والقيام، والركوع، والسجود.

‏ وقد اختصّت عن بقيّة الأجزاء الواجبة بخاصيّة بُطلان الصلاة بنقيصتها عمداً وسَهواً فاقتضت هذه التسمية وهذا الامتياز.

‏وأعود الآن الى جواب سؤالك:‏

‏الأذان والإقامة في الصلوات اليوميّة الواجبة مِن المستحبّات

١٥٠

المؤكّدة التي يحسن أنْ يأتي بهما المصلّي، ولكنّه يجوز له تركهما.

‏قال ذلك أردف أبي ناصحاً:‏

‏أتمنى أنْ لا تترك الأذان والإقامة في صلواتك الواجبة اليوميّة فتخسر ثوابهما.

‏* وإذا أردت أنْ أُؤذّن فكيف أُؤذن ؟

‏-‏ تقول:‏

‏الله أكبر -‏ أربَع مرّات.

‏أشهد أنْ لا إِله إِلاّ الله -‏ مرّتين.

‏أشهد أنَّ محمّداً رسول الله -‏ مرّتين.

‏حيَّ على الصلاة -‏ مرّتين.

‏حيَّ على الفلاح -‏ مرّتين.

‏حيَّ على خَيرِ العمل -‏ مرّتين.

‏الله أكبر -‏ مرّتين.

‏لا إِله إِلاّ الله -‏ مرتين.

‏* والإقامة ؟

‏-‏ في الإقامة تقول:‏

‏الله أكبر -‏ مرّتين.

‏أشهد أنْ لا إِله إِلاّ الله -‏ مرّتين.

‏أشهد أنّ محمّداً رسول الله -‏ مرّتين.

حيَّ على الصلاة -‏ مرّتين.

١٥١

حيَّ على الفلاح -‏ مرّتين.

‏حيَّ على خير العمل -‏ مرّتين.

‏قد قامت الصلاة -‏ مرّتين.

‏الله أكبر -‏ مرّتين.

‏لا إِله إلاّ الله -‏ مرّة واحدة.

‏* والشهادة بولاية الإمام عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنينعليه‌السلام ؟

-‏ إنّها مكمّلة للشهادة بالرسالة ومُستحبّة، ولكنّها ليست جُزءاً مِن الأذان ولا مِن الإقامة.

‏* إذن فأوّل أجزاء الصلاة هي ما أسميتها أنت بالنيّة ؟

‏-‏ نعم.

‏* وما النيّة ؟

-‏ أنْ تقصد الصلاة متعبّداً بها، أي بإضافتها الى الله تعالى إضافة تذلّليّة.

‏* أحبّ أنْ أعرف ( الإضافة التذلّليّة ) بصورةٍ واضحة.

‏‏-‏ الإضافة التذلّليّة: ‏هي العمل النفسي الذي يُقارِن الأفعال العبادّية يستشعر الإنسان به أنّه العبد الذليل أمام المولى الجليل سبحانه وتعالى.

‏* وهل للنيّة لفظٌ محدّدٌ مخصوص ؟

‏-‏ كلاّ، إنّها مِن أعمال القلب لا اللسان، ولذلك فليس لها لفظٌ محدّد ما دام محلّها القلب غير أنّك إذا لم تقصد الصلاة تقرّباً وتذلّلاً

١٥٢

الى الله بحَرَكَاتك تلك التي تؤدّيها بطلت صلاتك.

‏ثانيها: ‏تكبيرة الإحرام.

‏* وما هي تكبيرة الإحرام ؟

‏-‏ تقول: ‏الله أكبر، وأنت واقف على قدَميك مستقر في وقوفك، متوجّهاً الى القبلة.. تقولها باللغة العربيّة، موضِّحاً لدى نطقك بها صوت حرف ( الهمزة ) في كلمة ( أكبر ) وكذا سائر الحروف، والأفضل أنْ تفصل بين تكبيرة الإحرام هذه وبداية سورة الحمد بشيءٍ من الصمت قليل حتّى لا تلتصق التكبيرة بأوّل سورة الحمد.

‏* قلت لي يجب أنْ تكبِّر وأنت قائم على قدَميك، فلو كنت مريضاً مثلاً فلم أستطع القيام على قدمي ولو بالاعتماد على عصا أو جدار أو غيرهما فكيف أُصلّي ؟

-‏ صلِّ وأنت جالس، وإِنْ لم تتمكّن كذلك، صلِّ وأنت مضطجع على جانبك الأيمن أو الأيسر ووجهك الى القبلة [ويجب تقديم الجانب الأيمن على الأيسر مع الإمكان].

‏* وإنْ لم استطع ؟

-‏ صلِّ وأنت مستلقٍ على قَفاك ورجلاك الى القبلة.

‏* إذا كنت استطيع القيام حال التكبير فقط ولا استطيع الاستمرار عليه.

‏-‏ يجب عليك أنْ تكبّر واقفا وتستمر في صلاتك جالساً أو مضطجعاً كما بيّنت لك.

‏ثالثها: ‏القراءة.

١٥٣

وتأتي بعد التكبيرة حيث تقرأ سورة الحمد [وسورة كاملة أُخرى بعدها] قراءة صحيحة دون خطأ ولا تنسَ أنْ تقرأ البسملة في أوّل كلّ سورة عدا سورة التوبة كما تجده في المصحَف.

‏* وإذا لم يسعفني الوقت لقراءة السورة الثانية تلك التي أقرأها عادة بعد سورة الحمد ؟

‏-‏ اترك قراءة السورة واقرأ الحمد وحدها.. كذلك تفعل إذا كنت مريضاً لا تستطيع قراءة سورة ثانية بعد سورة الحمد، أو كنت خائفاً، أو مستعجلاً.

‏* وكيف أقرأ السورتين ؟

‏-‏ [يجب على الرجال قراءة السورتين جهراً لصلاة الصبح والمغرب والعشاء وقراءتهما بصوت خافت لصلاتي الظهر والعصر].

‏* والنساء ؟

‏-‏ لا جهر على النساء غير أنْ المرأة [يجب عليها أن تخفت في الظهرين].

‏* إذا كنت أجهل حكم الجهر والإخفات في الصلاة أو نسيت فقرأت السورتين أو بعضهما بصوتٍ خافت وأنا أُصلّي الصبح أو المغرب أو العشاء، أو قرأتهما أو بعضهما بصوتٍ عال وأنا أُصلّي الظهر أو العصر أي عكس المطلوب ؟

-‏ صلاتك صحيحة.

‏* هذا ما سأقرؤه في الركعتين الأُولى والثانية، وماذا عن الثالثة والرابعة ماذا أقرأ فيهما ؟

١٥٤

‏-‏ أنت مخيّر بين أنٍْ تقرأ في الركعتين الثالثة والرّابعة سورة الحمد وحدها، أو أنْ تقرأ التسبيحات [ بإخفات الصوت طبعاً في كِلتا الحالتين] عدا البسملة فيحقّ لك إذا كنت إماماً أو منفرداً أنْ تجهر بها.

‏* وإذا اخترت التسبيح فماذا أقول فيه ؟

‏-‏ يجزيك أنْ تقول بصوتٍ خافت: ‏سبحان الله والحمد لله ولا إِله إِلاّ الله والله أكبر مرّة واحدة أو ثلاث مرّات وهو أفضل.

‏* وهل هناك ملاحظة أُخرى في القراءة ؟

‏-‏ نعم، فعندما تنطلق في قراءتك وتدرج بها فالأفصح أنْ تُحرّك أواخر الكلمات كلٌّ حسب موقعها الإعرابي، فلا تدرج وأواخر الكلمات ساكنة وإذا وقفت على كلمة فالأفصح أنْ تُسكّن الحرف الأخير منها.

‏ثمّ يجب عليك بعد ذلك أنْ تمدّ حرف الألف مدّاً خفيفاً وأنت تقرأ كلمة ( الضاَلين ) آخر سورة الحمد لكي تتحفّظ على أداء التشديد والألف بصورة صحيحة.

‏* وبعد ذلك ؟

‏-‏ احذف همزة الوصل في قرأتك حينما تقع في وسط الكلام لا في بدايته واظهر همزة القطع بحيث تبدو على لسانك واضحة بيّنة جليّة حينما وقفت.

‏* مثّل لي لهمزة الوصل وهمزة القطع.

١٥٥

-‏ الهمزة في ( الله، الرحمن، الرّحيم، اهدنا ) مثلاً همزة وصل لا تظهر على اللسان في النطق إثناء الدرج والانطلاق والاسترسال، بينما همزة ( إيّاك، أنعمتَ ) مثلاً همزة قطع تظهر على اللسان واضحة جليّة إثناء النطق بها ثمّ..‏

‏* ثمّ ماذا ؟

‏-‏ ثُمّ إذا رغبت أنْ تقرأ سورة التوحيد بعد سورة الحمد واخترتها من بين السوَر الأُخرى فمن الأيسر لك والأسهل عليك أنْ تقف على كلمة ( أحد ) فتسكنها وأنت تقرأ الآية الكريمة: ‏( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) ، أي تتريّث قليلاً قبل أنْ تقرأ الآية اللاحقة بها( اللَّهُ الصَّمَدُ ) .

‏قال ذلك أبي وأضاف:‏

‏ومن أجل أنْ تضمن صحّة قراءتك في صلاتك أنصحك بأنْ تُصلّي أمام مَن يُحسن الصلاة ليضبط قراءتك وصلاتك، فإنْ تعسّرَ عليك ذلك فلا أقل من أنْ تُدقّق قراءتك للسورتين، ( سورة الحمد والسورة اللاحقة لها ) وفق قراءة أحد المقرئين المعروفين بصحّة النطق المهتّمين بدقّة الضبط، تقرأ مع قراءته السورتين وتتابع على هدي قراءته قراءتك، فستكتشف عندئذٍ أخطاءك -‏ إِنْ وجدت -‏ لتصحّحها.

ذلك أجدى لك مِن أنْ تستمر على قراءة خاطئة نشأت عليها منذ الصغر، حتّى إذا اكتشفت خطأك بعد حين، تكون قد صلّيت سنَوات صلاة غير صحيحة القراءة.

١٥٦

رابعها: ‏القيام، ومعناه واضح، لكن أودّ أنْ أُشير الى أنّ القيام هو الجزء الوحيد مِن أجزاءِ الصلاة والّذي يحمل صفة مزدوجة، فهو قد يكون رُكناً كالقيام حال تكبيرة الإحرام والقيام قبل الركوع الذي يُعبّر عنه بالقيام المتّصل بالركوع فتترتّب عليه خصائص وأحكام الركن، وقد يكون واجباً غير ركن كالقيام حال القراءة والتسبيح، والقيام بعد الركوع فحينئذٍ تجري عليه أحكام الواجبات غير الركنيّة.

‏ خامسها: ‏الركوع.

‏ثُم بعد قراءتك للسورتين يجب أنْ تركع.

‏* وكيف أركع ؟

‏-‏ تنحني حتّى تصل أطراف أصابعك الى رُكبتَيك، وحين يستقّر بك الرّكوع تقول:‏ ‏( سبحان ربّي العظيم وبحمدِه ) مرّة واحدة، أو تقول: ‏( سبحان الله ) ثلاثاً أو ( الله أكبّر ) ثلاثاً أو (الحمد لله) ثلاثاً، أو غيرها ممّا هو بقدرها مِن الذّكر كالتهليل ثلاثاً.

‏ثُمّ تقوم مِن ركوعك وتستقيم، حتّى إذا استقرّ بك القيام هويتَ للسجود.

‏سادسها: ‏السجود

‏ويجب في كلّ ركعة سجدتان.

‏* وكيف أسجد ؟

‏-‏ تضع جبهتك وكفّيك ورُكبتيك إبهامَي قدميك على الأرض.

١٥٧

ويشترط فيما تسجد عليه وتضع عليه جبهتك أنْ يكون مِن الأرض، أو مِن نباتها غير المأكول، ولا الملبوس.

‏* مثّل لي لما لا يجوز السجود عليه لأنّه مأكول أو ملبوس ؟

‏-‏ البقول والفواكه لا يجوز السجود عليها لأنّها مأكولة، والقطن والكتّان لا يجوز السجود عليهما لأنّهما ملبوسان.

‏* على أيِّ شيء أسجُد مثلاً ؟

‏-‏ أُسجد على التراب أو الرّمل أو الحصى أو الصخر أو الخشب أو ما لا يُؤكَل من أوراق الشجر.. أُسجد على الورق المستعمل للكتابة إذا كان مصنوعاً مِن الخشب أو القطن أو الكتان، أُسجد على التبن، وغير ما ذكرت كثيرٌ.

‏ولا تسجد على الحنطة والشعير والقطن والصوف والقير والزجاج والبلّور. وأفضل ما تسجد عليه التراب وأفضله ( التربة الحسينيّة ) على مشرّفها الصلاة والسلام.

‏* وإِنْ لم أتمكّن مِن السجود على ما يصحّ السجود عليه لعدم توفّره مثلاً، أو لخوفي من السجود عليه كحالات التقيّة ؟

‏-‏ أنْ لم يتوفّر لك ما يصحّ السجود عليه فاسجد على القير أو الزفت فإنْ لم يحصلا فعلى ما شئت.. على ثوبك أو على كفّك وإنْ كنت في حال تقيّة فاسجد على ما تقتضيه التقيّة.

‏قال ذلك أبي وأضاف:‏

ولا تنسَ أنْ يكون موضع سجودك بمستوى موضع رُكبتيك وإبهامَيك فلا يزيد ارتفاع أحدهما عن الآخر أربع أصابع مضمومة

١٥٨

[وكذلك موضع سجودك مع موضع وقوفك].

‏*‏‏ لو وضعت جبهتي وكفّي وإبهامَي قدَمي ورُكبتَي على الأرض فماذا أصنع ؟

‏-‏ قل بعد أنْ يستقرّ بك السجود: ‏( سبحان ربّي الأعلى وبحمده ) مرّةً واحدة، أو قُل: ‏(سُبحان الله ) ثلاثاً، أو ( الله أكبر ) ثلاثاً، أو ( الحمد لله ) ثلاثاً أو غيرها من الأذكار التي هي بقدرها..

‏ثمّ ارفع رأسك حتّى تجلس مطمئنّاً، فإنْ جلست مطمئنّاً مستقرّاً أعد الكرّة، فاسجد السجدة الثانية وأقرأ بها ما تختاره ممّا عرفت مِن ذكر السجود.

‏*‏‏ وإنْ لم أتمكّن مِن الانحناء التام للسجود لمرضٍ مثلاً ؟

‏-‏ حاول الاَنحناء أقصى ما تستطيع، وضع ما تسجد عليه على مرتفع ثم ضع جبهتك عليه مراعياً وضع سائر المساجد في محالها.

‏* وإنْ لم أتمكّن مِن ذلك أيضاً ؟

أُوْمئ برأسك الى موضع السجود وإنْ لم تَتمكّن فأُومئ بعينيك غمضاً له وفتحاً للرفع منه.

‏سابعها: ‏التشهّد.

‏ويجب بعد السجدة الثانية من الرّكعة الثانية في كلّ صلاة، وفي الركعة الأخيرة مِن صلاة المغرب والظهر والعصر والعشاء.

‏* وماذا أقول فيه ؟

‏-‏ قل: ‏[أشهد أنْ لا إِله إلاّ الله وحده لا شريك له، واشهد أنّ

١٥٩

محمّداً عبده ورسوله اللهم صلِّ على محمّدٍ وآل محمّدٍ] تؤدّيه بصورة صحيحه وأنت جالس مطمئن في جلوسك موالياً بين أفعالك.

‏ثامنها: ‏التسليم.

‏وهو واجبٌ في الرّكعة الأخيرة مِن كلِّ صلاة، تقوله بعد التشهدّ وأنت جالس مستقرٌّ في جلوسك.

‏* وماذا أقول فيه ؟

‏-‏ يجزي فيه أنْ تقول ( السلام عليكم ) والأفضل أنْ تضيف إليه: ‏( ورحمة الله وبركاته ) وأفضل منه أنْ تقول قبله: ‏( السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ).

‏هذه هي أجزاء الصّلاة، تؤدّيها متسلسلة كما عدّدتها وفصّلتها لك، متوالية يلي بعضها بعضاً، ويمسك بعضها بزمام بعض، دونما فواصل بين أجزائها تخلّ بهيئتها ووحدتها.

‏* لم تذكر لي القنوت رغم أنّك ترفع يديك وتقنت في صلاتك ؟

‏-‏ القنوت مستحبٌّ مرّة واحدة في الصلوات اليوميّة وغيرها [عدا صلاة الشفع] فبعد قراءتك للسورتين مِن ركعتك الثانية وقبل ركوعك أرفع يديك للقنوت إذا ما أردت أنْ تفعل المستحب.

‏* وهل له ذكر محدّد أقوله ؟

‏-‏ كلا، يمكنك أنْ تتلو فيه آيةً قرآنيّة تدعو فيها الله سُبحانه

١٦٠