الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات0%

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 443

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: عبد الهادي محمد تقي الحكيم
تصنيف: الصفحات: 443
المشاهدات: 79061
تحميل: 4297

توضيحات:

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 443 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 79061 / تحميل: 4297
الحجم الحجم الحجم
الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات

الفتاوى الميسرة العبادات - المعاملات

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

أثناء السّفر، وأنْ لا ينوي الإقامة عشرة أيّام فصاعداً في البلَد الذي سافر إليه، وأنْ لا يكون قد بقيَ متردّداً لا يدري متّى سيُسافر مِن تلك البلدة التي سافر إِليها لمدّة ثلاثين يوماً، فإنّه عندئذٍ يقصّر في صلاته مِن أوّل سفره ولا يتمّ.

‏‏* وإِذا مرّ بوطنه أو مقرّ إقامته أثناء سفرِه ذاك ونزل فيه، أو كان عازماً على الإقامة في البلَد الذي سافر إِليه عشرة أيّام فصاعداً، أو كان قد بقيَ متردّداً لا يدري متى سيعود مِن سفره ذاك مدّة ثلاثين يوماً ؟

‏-‏ عندئذ يتمّ صلاته، ويتمّ المُرَدّد بعد اليوم الثلاثين ما دام باقياً في ذلك البلد.

٥ -‏ أنْ لا يكون السفر من طبيعة عملِه كأنْ يمتهِن عمَلاً سفريّاً: ‏كالسائق، والملاّح، والرّاعي أو يتكرّر منه السفر خارجاً لأجل عمله أو لغرضٍ آخر.

‏‏* معنى هذا أنّ السائق يتمّ صلاته إثناء السفَر ؟

‏-‏ نعم، فمَن كانت مهنته السياقة الى خارج المسافة يتمّ صلاته أثناء ممارسته مهنته.

‏‏* والتاجر والطالب والموظّف إِذا كان يُقيم في بلَد ما، وجامعته أو دائرته أو مركز تجارته في بلدٍ آخر يبعد عن محلّ إقامته ٢٢ كم فأكثر وهو يُسافر كلّ يوم أو يومين ليلتحق بها ؟

‏-‏ يتمّ صلاته ولا يُقصّر.

١٨١

‏٦ -‏ أنْ لا يكون ممّن لا مقرّ له بأنْ يكون بيته معه كالسائح الّذي ليس له وطن أو أعرَض عن وطنه وهو يدخل من بلد الى بلد وليس له مقر في أيّ منها.‏

‏‏* ومتى يبدأ المسافر بالتقصير؟‏

‏-‏ يجب عليه التقصير إذا توارى عن أنظار أهل بلده لابتعاده عنهم، وعلامة ذلك غالباً أنّه لم يعد يرى أشخاص ساكنيه فإِنّه عندئذٍ يُقصِّر في صلاته.

‏‏* قلت لي: ‏إِذا مرَّ المسافر بوطنه ونزلَ فيه يتمّ صلاته، فماذا تقصد بوطنه ؟

‏-‏ أقصد بالوطن هناك:‏

أ -‏ مقرّه الأصلي الّذي ينسب إِليه ويكون مسكن أبويه ومسقط رأسه عادةً.

ب -‏ المكان الّذي اتخذه الانسان مقرّاً ومسكناً لنفسه بحيث يريد ان يبقى فيه بقية عمره.

ج-‏ -‏ المكان الّذي اتخذه مقرّاً لفترة طويلة بحيث لا يقال عنه ما دام هو فيه أنّه مسافر.

‏‏* معنى هذا :

‏١ -‏ إِذا مرَّ المسافر بوطنه ونزل فيه.

‏٢ -‏ وإِذا قصد الإقامة عشرة أيَّام متتالية أو أكثر في مكان ما قد سافر إليه.‏

‏٣ -‏ وإذا سافر لبلدٍ مّا وبقي فيه مدّة ثلاثين يوماً متردّداً لا

١٨٢

يدري متى سيعود منه الى وطنه فإنّ المسافر يتمّ صلاته ولا يقصّر ؟

‏-‏ نعم.

‏‏* وإذا سافر ولم يعترضه شيء مِن هذه النقاط الثلاثة المتقدّمة ؟

‏-‏ يُقصّر في صلاته فكلّ مسافر لمسافة تبعد (٤٤) كم فأكثر عن مدينته يُقصّر في صلاته، إلاّ إِذا مرّ بوطنه ونزَل فيه أو أقام ناوياً عشرة أيّام... أو.

‏-‏ نعم..نعم..‏

‏‏* وإذا حان وقت الصلاة وهو مُسافر ولم يصلِّ إثناء السفر، بل عاد لبلده فكيف يُصلّي في بلده ؟

‏-‏ يتمّ صلاته ؛ لأنّه حين صلّى، صلّى في بلده.

‏‏* وإذا حان وقت الصلاة وهو في بلده ولم يصلِّ، ثُمّ سافر مسافة ٤٤ كم أو أكثر.

‏-‏ يُقصّر في صلاته ؛ لأنّه حين صلّى، صلّى وهو مسافر.

‏‏* أشاهد بعض الأحيان مجموعة من الناس يصلّون الفرائض سويّة يركعون معاً ويسجدون معاً ويقومون معاً.

‏-‏ إنّهم يُصلّون صلواتهم اليوميّة المفروضة جماعةً لا فرادى.

‏‏* وكيف نُصلّي صلاتنا جماعة ؟

‏-‏ إذا اجتمع شخصان أو أكثر وكان أحدهما جامعاً لشرائط إمام الجماعة جازَ لهم أنْ يُقدّموه ليُصلّي بهم جماعة، فينالوا بذلك

١٨٣

أجراً إضافياً.

‏‏* إذن صلاة الجماعة مستحبّة ؟

‏-‏ نعم ولها ثوابٌ عظيم خاصّةً خلف الرّجل العالِم وكلّما زاد عدد أفراد الجماعة زاد فضلُها.

‏‏* وما هي شرائط إمام الجماعة تلك التي أشرت إليها في حديثك ؟

‏-‏ يُشترط في إمام الجماعة أنْ يكون بالغاً، عاقلاً غير مجنون، مؤمناً، عادلاً لا يعصي ربَّه، صحيح القراءة، ولادته شرعيّة، ذكَرَاً إذا كان المأموم ذكراً.

‏‏* وكيف نعرف أنّ هذا الرجل المؤمن، عادل حتّى نُصلّي خلفه ؟

‏-‏ يكفي فيه حسن ظاهره.

‏‏* هل يعتبر في الجماعة وإمامها شرائط أُخرى ؟

‏-‏ نعم [ يُعتبر أنْ لا يكون الإمام ممّن جرى عليه الحدّ الشرعي] وأنْ تكون صلاته عن قيام إذا كان المأموم يُصلّي عن قيام ؛ وأنْ يكون توجّهه الى الجهة التي يتوجّه إليها المأموم ؛ فلا يجوز لِمن يعتقد أنّ القبلة في جهة أنْ يأتمّ بمَن يعتقد أنّها في جهةٍ أُخرى وأنْ تكون صلاته بنظر المأموم صحيحة فلو توضّأ الإمام بماءٍ نجِس وهو لا يعلم بنجاسته والمأموم يعلم بذلك عندئذٍ لا يجوز للمأموم أنْ يأتمّ به.

١٨٤

‏‏* وكيف أصلّي صلاتي جماعة ؟

‏-‏ تختار شخصاً معيّناً جامعاً لشرائط إمام الجماعة مارّة الذِّكر، فتقف الى يمينه إنْ كُنت وحدَك متأخّراً عنه قليلاً أو تقف خلفه إِذا كنتما اثنين أو أكثر، مِن دون أنْ يفصل بينك وبينه حائلٌ كالجدار مثلاً، ومِن دون أنْ يرتفع موضع وقوفه على موضع وقوفك ارتفاعاً غير يسير، ويُشترط أنْ لا يكون الفاصل بينك وبين إمام الجماعة أو بينك وبين المصلّي الذي الى جنبك أو قدّامك المرتبط بإمام الجماعة كثيراً.

‏‏* إذن فلنقل على المصلّين أنْ لا يفصل بين أحدهم وصاحبه أكثر مِن مترٍ تقريباً.

‏-‏ [نعم تقريباً] ويكفي أنْ يرتبط المصلّي بصاحبه ولو مِن جهةٍ واحدة، يكفيه أنْ يرتبط بمصلٍّ أمامَه أو بمصلٍّ عن يمينه أو بمصلٍّ عن شماله، يكفيه أحدهم.

‏‏* وماذا بعد ذلك ؟

‏-‏ إذا كبَّر إمام الجماعة مبتدئاً صلاته كبَّر المصلّون خلفه، فإذا قرأ سورة الحمد والسورة اللاحقة لها لم يقرأ المأمومون ذلك ؛ إنّ تلاوته تجزي عن تلاوتهم فهو يتحمّل عنهم قراءتهم، فإذا ركَع ركعوا خلفه، وإذا سجد سجدوا خلفه وإذا جلس جلسوا، والأفضل لهم أنْ يتشهّدوا بعد تشهّده، وأنْ يُسلِّموا بعد تسليمه.

‏‏* وهل أتلو الذكر في ركوعي وسجودي وتشهّدي، وهل أقرأ

١٨٥

التسبيحات في الركعتين الثالثة والرابعة، أو أصمُت وأنصت له ؟

‏-‏ بل اقرأ كما كنت تقرأ وأنت تصلّي منفرداً.. اقرأ الذِّكر في الركوع والسجود والتشهّد، وردّد التسبيحات في الركعتين الثالثة والرابعة كما اعتدت، ‏فقط قراءة السورتَين يتحملّها عنك، ثُمّ إنّ عليك متابعته.

‏‏* ماذا تقصد ؟

‏-‏ عليك أنْ تُتابع إمام الجماعة في كلِّ خطوةٍ يخطوها، فإذا ركع ركعت معه، وإذا سجَد سجدت معه، وإذا رفع رأسه من السجود رفعت رأسك معه، وهكذا فلا تتقدّم عليه في أفعال الصلاة.

‏‏* ومتى ألتحق بإمام الجماعة ؟

‏-‏ التحق بإمام الجماعة وهو قائمٌ بعد تكبيره أو وهو راكع.

‏‏* إذا التحقت به وهو يتلو السورتين فلا أقرأ السورتين فإنّه يتحملّهما عنّي كما قلت لي، ولكن إذا كان راكعاً فكيف ألتحق به ؟

‏-‏ كبِّر لصلاتك، ثُمّ اركع مباشرةً حتّى إذا أنهى إمام الجماعة ركوعه وقام، قُمت معه.

‏‏* وقراءتي للسورتين ؟

‏-‏ تسقط قراءتهما عنك إذا التحقت به وهو راكع.

*‏‏ وإذا التحقت به وهو قائم يسبِّح لركعته الثالثة أو الرابعة ؟

‏-‏ كبِّر ثُمّ أقرأ السورتين بصوت خافت.

‏‏* وإذا لم يسعني الوقت لإتمامهما.

١٨٦

‏-‏ اِقرأ سورة الحمد وحدها.

‏‏* أألتحق بإمام الجماعة لأُصلّي صلاة الظهر، وإمام الجماعة يُصلّي العصر ؟

‏-‏ نعم، يحقُّ لك أنْ تلتحق بالجماعة، يحقُّ لك وإِنْ اختلفت صلاتك مع صلاة إمام الجماعة من حيث الجهر والإخفات، أو القصر والتمام أو القضاء والأداء.

‏‏* وهل للنساء جماعة كما للرجال ؟

‏-‏ نعم، فيجوز للمرأة أنْ تصلّي صلاتها جماعةً خلف رجلٍ تتوّفر فيه شروط إمام الجماعة مارّة الذِّكر، كما يجوز لها أنْ تأتمّ بالمرأة، ولكن إذا أمَّت المرأة النساء [وجَب أنْ تقف في صفّهن مِن دون أنْ تتقدّم عليهنّ] كما يفعل إمام جماعة الرجال.

أمّا إذا صلَّت النساء مع الرجال وجَب أنْ يصلين خلف الرجال، أو بصفهّم مع حائلٍ ولو كان جداراً.

‏‏* هذه هي صلاة الجماعة، غير أنّي أسمَع بصلاة تسمّى صلاة الجمعة.. فهل هي غيرها ؟

‏-‏ نعم، إنّها ركعتان كصلاة الصبح، غير أنّها تمتاز عنها بوجود خطبتين قبلها، حيثُ يقف الإمام ويتكلّم فيهما بما يُرضي الله وينفع الناس.

وأقلّ ما يجب عليه في الخطبة الأُولى أنْ يحمد الله [باللغة العربيّة] ويثني عليه ويُوصي بتقوى الله ويقرأ سورة قصيرة من

١٨٧

القرآن الكريم. ثُمّ يجلس قليلاً ليقوم مرّةً أُخرى للخطبة الثانية فيحمد الله ويثني عليه ويصلّي على محمّد وآل محمّد وعلى أئمّة المسلمينعليهم‌السلام والأفضل أنْ يستغفر للمؤمنين والمؤمنات.

‏‏* وهل هناك شروط في وجوبها ؟

-‏ نعم، يُشترط في وجوبها أنْ يدخل وقت صلاة الظهر، وأنْ يجتمع خمسة أشخاص بضمنهم إمام الجمعة وأنْ يوجد إمام لها جامع للشرائط تلك التي مرّ ذكرها في إمام الجماعة.

وإذا أُقيمت صلاة الجمعة في بلدٍ ما جامعةً للشرائط فإنْ كان مَن أقامها هو الإمام المعصوم أو مَن يُمثِّله وجَب على الرجال جميعاً المُقيمين في ذلك البلَد غير المحرَجين لمطرٍ أو بردٍ شديد أو نحوهما السالمين من المرض والعمى عدا الشيخ الكبير والمسافر حضورها من مسافة ( ١١كم ) تقريباً..‏

وإنْ كان الّذي أقامها غير الإمام وغير مَن يمثّله لم يجِب حضورها ويجوز الإتيان بصلاة الظهر.

ولو صلّى المصلّي صلاة الجمعة الجامعة للشروط اكتفى بها عن صلاة الظهر فهي تجزي عنها.

بقي أنْ أُشير لأمرين:‏

أوّلهما: ‏إنّ صلاة الجمعة واجبةٌ تخييراً، فالمكلّف مخيَّر بين الإتيان بها إذا توفّرت شروطها وبين الإتيان بصلاة الظهر والجمعة أفضل.

١٨٨

ثانيهما: ‏يعتبر أنّ لا تكون المسافة بين صلاة الجمعة وبين صلاة جمعة أُخرى أقلّ من ( ٥ و٥) كم تقريباً.

‏‏* أحببت أنْ أسألك سؤالاً أستحيي أنْ أسأله.

‏-‏ سل ما شئت فلا حياء في الدين.

‏‏* إذا لم أُصلِّ بعض الصلوات الواجبة لنومٍ، أو غفلة تارة، وبسبب التسامح واللامبالاة والجهل تارة أُخرى، أو كنت قد صلّيتها فاسدةً وقد خرج وقتها ؟

‏-‏ يجب عليك قضاؤها فإنْ كانت جهريّة كصلاة الصبح والمغرب والعشاء تقضيها جهراً، وإنْ كانت إِخفاتيّة كصلاة الظهر والعصر تقضيها بصوتٍ خافت، وإِنْ كانت قصراً تقضيها قصراً وإِنْ كانت تماماً تقضيها تماماً.

‏‏* وهل أقضي صلاة الظهر عندما يحين الزوال، وأقضي صلاة العشاء عندما يحين وقت صلاة العشاء وهكذا.

‏-‏ كلاّ بل يحقّ لك قضاء أيّة صلاة فاتتك متى شئت، ليلاً كان وقت القضاء أم نهاراً فيحقّ لك أنْ تقضي صلاة الصبح مساءً وهكذا.

‏‏* وإذا لم أعلم كم صلاةٍ فاتتني، فكم صلاة أقضي ؟

‏-‏ صلِّ ما تأكدّت مِن فواته عليك وإنّك لم تصلّه في وقته، أمّا التي تشكّ في فواتها فلا يجب عليك قضاؤها.

‏‏* اضرب لي مثلاً.

١٨٩

‏-‏ إذا تأكّدت مثلاً أنّك لم تصلِّ صلاة الصبح مُنذ شهر وجَب عليك قضاء صلاة الصبح لمدّة شهر، ولكنّك إذا شككت بأنّك مطلوب أو غير مطلوب فلا يجب عليك القضاء.

مثال آخر، إذا كنت تعلَم أنّك لم تصلِّ صلاة الصبح مدّة من الزّمن، ودار الأمر في نفسك بين احتمالين: ‏أمّا أنّك مطلوب شهراً واحداً، أو مطلوب شهراً وعشرة أيّام جاز لك حينئذٍ أنْ تصلّي الشهر وتقتصر عليه وحده دون الزائد عليه.

‏‏* وهل يجب أن نقضي ما فاتنا فوراً وبدون تأخير ؟

‏-‏ كلا، بل يجوز التأخير مِن دون تهاون أو تسامح، وأُوصيك أنْ تقضي كلّ صلاة تفوتك في نفس اليوم الذي فاتتك فيه، فإذا لم تستيقظ لصلاة الصبح مثلاً فاقض صلاة الصبح في نفس اليوم عندما تُصلّي الظهر قبلها أو بعدها لئلاّ تتراكم عليك فيصبح قضاؤها صعباً أعاذك الله مِن التهاون والتسامح في القضاء ووفّقك لأداء صلواتك في أوقاتها المحددّة لها.

‏‏* دعنا نعود الى الوراء قليلاً ففي بداية حواريّة الصلاة الأُولى ذكرت لي وأنت تعدّد الصلوات الواجبة صلاة تفوت الوالد فيجب على الولد الأكبر له قضاؤها إنْ لم يقضها الأب حتّى يموت.

‏-‏ نعم [يجب على الابن الأكبر قضاء الصلاة الفريضة] إذا فاتت الوالد لعذرٍ ولم يقضها مع تمكّنه مِن القضاء حتّى مات ولم يكن ابنه الأكبر قاصراً حين موته ولا ممنوعاً مِن اِرثه وله أنْ يستأجر

١٩٠

غيره للقضاء نيابة عنه.

‏‏* وذكرت لي صلاة الآيات.

‏-‏ تجب صلاة الآيات على كُلِّ مكلَّف عدا الحائض والنُّفساء، عند كُسوف الشمس أو خُسوف القمر ولو جزئيّاً [وعند الزلازل]، ويرجّح أنْ تصلّيها عند كلّ مخوّف سماوي كالصاعقة والصيحة والريح السوداء وغيرها، وعند كلّ مخوّفٍ أرضي كالخَسْف والهدّة فيما لو حصل الخوف فيهما -‏ السماوي والأرضي -‏ لغالِب النّاس، وتُصلّى صلاة الآيات فُرادى كما تُصلّى في الكسوفين جماعة.

‏‏* ومتى تؤدّى صلاة الآيات ؟

‏-‏ في الكسوف والخسوف مِن بدايتهما الى تمام انجلاء الشمس والقمر.

‏‏* وفي الزلازل والصاعقة وكلّ أمرٍ سماوي أو أرضي مخيف ؟

‏-‏ ليس لصلاتها وقتٍ محدّد، بل يُؤتى بها بمجرّد حصولها، إلاّ مع سعة زمان الآية، فيُؤتى بها ما لم ينقض زمانها.

‏‏* وكيف أُصلّي صلاة الآيات.

‏-‏ إنّها ركعتان في كلّ ركعة منها خمسُ ركوعات.

‏‏* وكيف ذاك ؟

‏-‏ تكبّر أوّلاً ثُمّ تقرأ سورة الفاتحة وتلحقها بسورةٍ تامّة غيرها، ثُمّ تركع فإذا رفعت رأسك مِن ركوعك تقرأ الفاتحة مرّة أُخرى

١٩١

وسورة تامّة غيرها وهكذا الى أنْ تركع الركوع الخامس.

فإذا رفعت رأسك منه هوَيت للسجود فتسجد سجدتين كما كنت تسجد دائماً في صلواتك.

ثُمّ تقوم للركعة الثانية فتفعل فيها كما فعلت في أُختها الركعة الأُولى تماماً.

ثمّ تتشهّد وتُسلّم وبذلك تختم صلاتك وبهذا يتّضح أنّها تحتوي على عشرة ركوعات ولكن ركعتين.

وهناك صورة أخرى لهذه الصلاة لا حاجة لذكرها هنا طلباً للاختصار.

‏‏* وإذا حصَل كسوف أو خسوف ولم أعلم بحصوله حتّى تمّ الانجلاء وانتهى كلُّ شيء ؟

‏-‏ إذا كان الكسوف أو الخسوف كلّياً بحيث شمل القرص كلَّه وجب عليك القضاء.‏ وإنْ لم يكن كليّاً بل كان جزئيّاً بأنْ شمل بعض القرص لا كلّه لم يجب عليك القضاء.

‏‏* والزلزلة والصاعقة ؟

‏-‏ إذا مضى الزمان المتّصل بحدوثهما ولم تُصلِّ لأي سببٍ سقطت الصلاة.

‏‏* وهل يجب عليّ أن أُصلّي صلاة الآيات عندما يحدث خسوف أو كسوف في أيِّ بقعة من بقاع الأرض ؟

‏-‏ كلاّ، بل تجب عليك الصلاة عندما يقع الخسوف أو

١٩٢

الكسوف في بلدِك وما يلحق ببلدك أو يشترك معه في الإحساس بالحدث لو وقع ولا تجب عليك الصلاة عندما يقع الحدث في مكان ما من العالم بعيد عنك.

‏‏* قلت لي إنّ الصلوات واجبة ومستحبّة، ولم تحدّثني عن الصلوات المستحبّة ؟

‏-‏ إنّها كثيرة لا يسع المجال لذكرها هنا، ولذلك فسأقتصر على بعضٍ منها فقط.

‏١ -‏ صلاة الليل: ‏والأفضل أداؤها في الثلث الأخير من الليل، وكلّما اقترب الوقت من طلوع الفجر كان أفضل، وهي ثمان ركَعَات يُسلّم المصلّي بعد كلِّ ركعتين منها مثل صلاة الصبح، فإذا انتهى مِن ذلك صلّى الشفع وهي ركعتان، ثمّ صلّى الوِتر، وهي ركعةٌ واحدة، فيكون المجموع إحدى عشرة ركعة.

‏‏* علمّني كيف أؤدّي الوتر وهي ركعة واحد ؟

‏-‏ كبِّر لها أوّلاً ثُمّ أقرأ الحمد ويُستحبّ أنْ تقرأ بعدها سورة التوحيد ثلاثاً وسورَتي الناس والفلق، ثُمّ ترفع يديك بالدعاء فتدعو بما شئت.

ويُستحبّ لك أنْ تبكي مِن خشية الله، وأنْ تستغفر لأربعين مؤمناً تذكرهم بأسمائهم، وأنْ تقول سبعين مرّة: ‏( أستغفر الله ربّي وأتوب إليه )، وسبع مرّات:‏ ( هذا مقامُ العائذ بك من النّار)، وثلاثمِئة مرّة: ‏( العفو )، فإذا فرغت فاركع ثُمّ أسجد كما كنت تركع وتسجد في

١٩٣

صلواتك اليوميّة ثُمّ تشهّد وسلِّم.

ولك أنْ تقتصر على الشفع والوتر وحدهما، بل على الوتر وحدها وخاصّة إذا ضاق بك الوقت.

‏‏* وما هو فضل صلاة الليل ؟

‏-‏ لصلاة الليل فضلٌ كبير فقد رُوي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال: ‏( قال النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في وصيّته لعليٍّعليه‌السلام : ‏وعليك بصلاة الليل، وعليك بصلاة الليل، وعليك بصلاة الليل ).

وعن النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أيضاً: ‏( صلاة ركعتين في جوف الليل أحبٌّ إليَّ من الدّنيا وما فيها ).

وعن الإمام أبي عبد اللهعليه‌السلام : ‏أنّه جاءه رجل فشكا إليه الحاجة، فأفرط في الشكاية حتّى كاد أنْ يشكو الجوع فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام :‏ ( يا هذا، أَتُصلّي بالليل ) ؟ فقال الرجل: ‏نعم فالتفت أبو عبد اللهعليه‌السلام الى صاحبه فقال: ‏( كذِب مَن زعَم أنّه يُصلّي بالليل ويجوع بالنّهار، إنّ الله عزّ وجل ضمِن بصلاةِ الليل قُوت النهار ).

‏٢ -‏ صلاة الوحشة أو صلاة ليلة الدفن: ‏ووقت أدائها الليلة الأُولى مِن الدفن في أيّة ساعة شئت منها، وهي ركعتان تقرأ في الأُولى بعد الحمد آية الكرسي [إلى قوله تعالى:‏( هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) ]، وتقرأ في الركعة الثانية بعد الحمد سورة القدر عشر مرّات وبعد التشهّد والسلام تقول: ‏( اللّهم صلِّ على محمّدٍ وآل محمّد وابعث ثوابها الى قبر فلان ) وتسمّي الميّت وهناك صورة أُخرى لهذه الصلاة راجع كتب الفقه إنْ شئت الاطّلاع عليها.

‏‏

١٩٤

‏٣ -‏ صلاة الغُفَيلة: ‏وهي ركعتان بين المغرب والعشاء تقرأ في الركعة الأُولى بعد الحمد الآية الكريمة: ‏( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ) .

وتقرأ في الركعة الثانية بعد الحمد الآية الكريمة: ‏( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) .

ثُم ترفع يديك بالدعاء فتقول: ‏( اللّهم إِنّي أسأُلك بمفاتح الغيب التي لا يعلَمُها إِلاّ أنت أنْ تُصلّي على محمّدٍ وآلِ محمّدٍ وأنْ تَفعل بي كذا وكذا ) وتذكر حاجتك ثُمّ تقول: ‏( اللهمّ أنت وليِّ نعمتي والقادِر على طلِبَتي تعلَم حاجتي فأسألك بحقِّ محمّدٍ وآله عليه وعليهم‌السلام لمّا قضيتها لي )، ثُمّ تسأل حاجتك فإِنّها تُقضى إنْ شاء الله.

‏ ٤ -‏ صلاة اليوم الأول مِن كلّ شهر: ‏وهي ركعتان تقرأ في الركعة الأولى بعد الحمد سورة التوحيد ثلاثين مرّة وتقرأ في الركعة الثانية بعد الحمد سورة القدر ثلاثين مرّة، ثُمّ تتصدّق بما تيسّر، تشتري بذلك سلامة الشهر ويستحبَّ قراءة بعض الآيات القرآنيّة المخصوصة بعدها.

‏‏

١٩٥

‏٥ -‏ صلاة الإمام عليّعليه‌السلام : ‏وهي أربع ركَعَات تُصلّيها ركعتين ركعتين كصلاة الصبح، تقرأ في كلِّ ركعة سورة الحمد مرّة وسورة التوحيد خمسين مرّة يقول الإمامعليه‌السلام :‏ ( مَن صلّي أربَع ركَعَات يَقرأ في كلِّ ركعة: ‏( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ... ) خمسين مرّة لم ينفتل وبينه وبين الله ذنب ).

‏ ٦ -‏ صلاة لتيسير الأمر العسير: ‏وهي ركعتان، قال الإمام أبو عبد اللهعليه‌السلام : ‏( إذا عسر عليك الأمر فصلِّ ركعتين تقرأ في الأولى فاتحة الكتاب و( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ.. ) ‏ و( إِنّا فتحنا.. ) الى قوله: ‏( وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا ) وفي الثانية الفاتحة و ‏( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ.. ) و( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ) .

١٩٦

( حواريّة الصّوم )

١٩٧

١٩٨

بدأ أبي حديثه عن شهر رمَضان وفي صوته بحّةٍ مرتعشة، وفي عينيه نثارة من دمعٍ متوهّج مشتعل، وفي روحه ينبوع من حنان متفجّر ؛ فاسم رمَضان يقترن عنده بكلّ المعاني العذبة الجميلة الخيّرة للصفح والسماح والبركة والرّحمة ‏والمغفرة والرّضوان.

‏ ومن أجل أنْ يثبّت قناعاته تلك ويُوثق مشاعره نقلني الى مشهد يعبق بعطر الجلال ووسامة المهابة.‏. الى حيث يقف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله محاطاً بأهل بيته وأصحابه يخطب فيهم، فيقول: ‏( أيّها الناس إنّه قد أقبَل إليكم شهر الله بالبركة والرّحمة والمغفرة، شهرٌ هو عند الله أفضل الشهور، وأيّامه أفضل الأيّام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات، هو شهرٌ دُعيتم فيه الى ضيافة الله، وجُعلتم فيه مِن أهل كرامة الله، أنفاسُكم فيه تسبيح، ونومُكم فيه عبادة،‏ وعملُكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب فاسألوا الله ربَّكم بنيّاتٍ صادقة وقلوبٍ طاهرة أنْ يوفّقكم لصيامه وتلاوة كتابه، فإِنْ الشّقيَّ مَن حُرِم غُفران الله في هذا الشهر ‏العظيم.

‏ أيّها الناس، إنّ أبواب الجنان في هذا الشهر مُفتّحة، فسَلوا ربّكم أنْ لا يُغلقها عليكم.‏ وأبواب النيران مغلقة، فسَلوا ربّكم أنْ لا يفتحها عليكم، والشياطين ‏مغلولة، فسلوا ربّكم أنْ لا يسلّطها عليكم ).

‏‏

١٩٩

‏* قرأ ذلك، ثُمّ أنعطف بي الى شقٍ من خطبة النبيّ الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله وكأنّه يُريد أنْ يُشير لي إلى ما ينبغي عليّ عمله في هذا الشهر المُبارك، فقرأ علَيَّ قولَهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ‏( أيّها الناس، مَن فطَّر مِنكم صائماً مؤمناً في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عِتق ‏رقَبَة، ومغفرة لما مضى من ذنوبه ).

‏قيل: ‏يا رسول الله، وليس كلّنا نقدر على ذلك.‏ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ‏( اِتّقوا النار ولو بشِقّ تمرة.‏. اِتقوا الله ولو بشربة من ماء.‏ فإنّ الله تعالى يهَب ذلك الأجر لِمَن عمل ‏هذا اليسير إِذا لم يقدِر على أكثر منه.‏..‏

‏يا أيّها الناس، من حَسَّن مِنكم في هذا الشهر خُلُقَه كان له جوازٌ على الصراط يوم تزلُّ فيه الأقدام، ومَن خفَّفَ في هذا الشهر عمّا ملكَت يمينه خفَّف الله عليه حسابه،‏ ومَن كفَّ فيه شرّه كفّ الله عنه غضبَه يوم يلقاه، ومَن أكرم فيه يتيماً أكرمه الله يوم يلقاه، ومَن وصَل فيه رحِمَه وصلَهُ الله برحمته يوم يلقاه، ومَن قطَع فيه رحمه قطَع الله عنه رحمته يوم يلقاه، ومَن تلا فيه آيةً من القرآن كان له مثل ‏أجرُ من ختَم القرآن في غيره من الشهور ).

‏وما أنْ انتهى بي الى هذا الموضع من خطبة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى تناول بالنقد والتجريح بعضاً مِن المظاهر السلوكيّة لصائمين يظنّون أنّ الصوم هو الامتناع عن الأكل والشرب فقط، موثّقاً تجريحه ذاك بحديثٍ للإمام عليّعليه‌السلام قال فيه: ‏( كم مِن صائمٍ ليس له مِن صيامه إلاّ الظمأ، وكم مِن قائمٍ ليس له مِن قيامه إِلاّ ‏العناء ).

‏ثُمّ أردف بحديثٍ آخر للإمام الصادقعليه‌السلام قال فيه: ‏( إذا أصبحتُ صائماً فليَصُم سمعُك وبصرُك وشعرُك وجِلدُك وجميع جوارحك )، وقالعليه‌السلام أيضاً: ‏( إنّ الصيام ليس مِن الطعام والشراب

٢٠٠