الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية - مقدمة الجزء ١

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية - مقدمة0%

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية - مقدمة مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 793

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية - مقدمة

مؤلف: الشيخ زين الدين علي بن محمد الجبعي العاملي (الشهيد الثاني)
تصنيف:

الصفحات: 793
المشاهدات: 68553
تحميل: 11489


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 793 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 68553 / تحميل: 11489
الحجم الحجم الحجم
الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية - مقدمة

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية - مقدمة الجزء 1

مؤلف:
العربية

عن العمل بما رآه الشهيد في (القبلة) إلا شخص واحد ساء‌ه هذا التغيير فانقطع عن زيارة الشهيد مع الزائرين، ولكنه بعد أيام زار (الشهيد) وبالغ في الاعتذار عما بدر منه من البادرة السيئة..

يقال: إن هذا الرجل رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في منامه وأنه دخل إلى الحضرة العلوية المشرفة وصلى بالجماعة على السمت الذي صلى عليه الشهيد منحرفا كانحرافه، فانحرف معه أناس وتخلف عنه آخرون فلما فرغ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم من الصلاة التفت إلى الجماعة وقال: كل من صلى ولم ينحرف كما انحرفت فصلاته باطلة(1) .

ونقل هذه الرؤيا وشيوعها تدل دلالة واضحة على ما لقيت (نظرية الشهيد) في (قبلة العراق) من الرواج عند الناس، ومن اعتقادهم بلزوم العمل على حسب ما أفتى به (الشهيد) ليس إلا.

السفرالى بعلبك

وبعد أن أنهى (الشهيد) زيارته للاعتاب المقدسة توجه إلى (بعلبك) حيث تنتظره النفوس المشتاقة إلى الارتشاف من مناهله العذبة، والاستفادة من علومه الجمة، ومحاضره المليئة بأنواع الكمالات النفسية، والاخلاق المرضية.

وكان وصوله إلى (بعلبك) في منتصف شهر صفر من سنة 953 ولم يحل (الشهيد) بعلبك إلا وأتاه الناس زرافات ووحدانا للسلام عليه وزيارته، وكان البشر والسرور يحيطان بوجوههم، والثناء الطيب

___________________________________

(1) روضات الجنات الطبعة الحجرية. الجزء 2. ص 293. (*)

١٨١

يتردد على ألسنتهم. ولم يدع (الشهيد) هذه الفرصة السانحة له أن تفوته فاشتغل بالتدريس والافتاء على (المذاهب السنية) ومذهب الشيعة)، وأخذ بارشاد الناس، والقيام بشؤونهم الدينية، وقضاء حوائجهم.

وطبيعي أن موقعا يتهيأ فيه مثل (الشهيد) علما ودراية وذكاء تصبح مركزا مهما لبث العلوم، وتربية العلماء والافاضل، وكذلك كان (بعلبك) أيام الشهيد مركزا علميا كبيرا يقصده الناس من أنحاء مختلفة ويأتيه العلماء من القريب والبعيد، وكان (الشهيد) مشجعا كبيرا لهذه الحركة العلمية التي حدثت في (بعلبك). كنت في خدمته في تلك الايام - ويقصد أيام وجود الشهيد في بعلبك - ولا أنسى وهو في أعلى سنام، ومرجع الانام، وملاذ الخاص والعام يفتي كل فرقة بما يوافق مذهبها، ويدرس في المذاهب كتبها وكان له في المسجد الاعظم درس مضافا إلى ماذكر، وصار أهل البلد كلهم في انقياده، وهم وراء مراده، بقلوب مخلصة في الوداد، وحسن الاقبال والاعتقاد، وقام سوق العلم بها على طبق المراد، ورجع اليه الفضلاء من أقاصي البلاد، ورقى ناموس السيادة والاصحاب في الازدياد وكانت عليهم تلك الايام مثل الاعياد(1) .

رجوعه إلى بلده

بقي (الشهيد) في بعلبك إلى سنة 955 مواصلا في أعماله التي ذكرنا

___________________________________

(1) رسالة ابن العودي المخطوطة (*)

١٨٢

جانبا منها، ولكن حنينه إلى وطنه، ومسقط رأسه، وشوقه إلى لقاء أقاربه وأصدقائه وسائر معاريفه الذين فارقهم منذ خمس سنوات، كل هذا سبب رجوعه إلى بلده وبقائه فيه، ولكن الذي يظهر مما كتبه ابن العودي في رسالته أن مجيئه هذا إلى وطنه كان بداية مالقيه (الشهيد) من الضغط الشديد، والمراقبة عليه، وإحاطته بالعيون والجواسيس.

يقول ابن العودي: وهذا التاريخ - أي تاريخ عودته إلى بلده - كان خاتمة أوقات الامان والسلامة من الحدثان.. أخبرني قدس الله لطيفه وكان في منزلي بجزين متخفيا من الاعداء.

وربما يكون السبب في هذا الضغط الشديد الاقبال الهائل الذي لقيه (الشهيد) حين وجوده ببعلبك، اذ كانت النفوس المريضة لا تروق لها أن يكون لهذا الانسان العظيم مثل هذه المكانة السامية، والسمعة الطيبة التي غطت شهرة الآخرين في (بعلبك).

ويعتقد بعض المؤرخين أن القاضي (معروف الشامي) - الذي سبق أن ذكرنا قصته مع الشهيد في إرساله تلميذه ابن العودي إليه كان له يد في هذه المراقبة والضغط والعنت التي لقيها (الشهيد) وهو الذي سعى أخيرا في قتله.

آثار الشهيد الثاني

قضى (الشهيد الثاني) شطرا طويلا من عمره في الاسفار، والحضور عند العلماء في كافة الاقطار كما رأينا طرفا من هذا فيما مضى، وكانت أوقاته مستغرقة بالفتيا، والقيام بالمهام الشرعية والاجتماعية كلما نزل بمكان

١٨٣

وكان يقضي نهاره في بلده بالتدريس، وقضاء حاجات المحتاجين، ويمضي ليلة بالاحتطاب، وحفظ الكرم كما يحدثنا به تلميذه ابن العودي.

لكن مع هذا كله جاء كثير التأليف، خصب الكتابة، مع ضبط للمواضيع ودقة في النقل، وترو في الآراء، وعمق في النظريات، ونضج في الفتاوى.. كون (الشهيد) مدرسة قائمة بذاتها لها خصائصها وميزاتها ووجهاتها الخاصة بما ألف وأنتج في عالم التصنيف. وأسفاره الكثيرة، وحضوره على أساتذة مختلفين، وقراء‌ته عند علماء المذاهب الاسلامية، ومطالعاته الطويلة في شتى الكتب من سائر أ لوان الثقافات الدارجة في ذلك العصر، وصبره الزائد على الفحص في المصادر والمراجع العلمية..

كل هذه العوامل طبعت (مؤلفت الشهيد) بطابع الموضوعية في الدراسة، والعمق في الفكرة، والوضوح في التعبير والسلاسة في صياغة الالفاظ، والانسجام في الترتيب، والاناقة في العرض وحسن السليقة في التبويب، والطرافة في التنظيم.

والذي يجلب النظر فيما كتبه الشهيد أنه لم يخصص كتاباته بطبقة خاصة من الناس، فبينما نرى أنه يكتب موضوعا علميا بحتا للعلماء المتخصصين يكتب موضوعا أخلاقيا بسيطا للسوقة، والذين ليس لديهم حظ وافر من العلم. وبينما يصنف في الفقه الاستدلالي بمستوى كبار الفقهاء يؤلف في المواضيع الاسلامية وغيرها لابسط الناس. وكان الشهيد كذلك يستوحي في بعض الاحيان من الظروف التي تكتنفه: فكتب كتابا في الغيبة، لانه يرى بعض الناس يصرفون كثيرا

١٨٤

من أوقاتهم، ويتفكهون في مجالسهم ومحاوراتهم، ويغذون نفوسهم بتناول أعراض إخوانهم من المؤمنين، ونظرائهم من المسلمين، ولا يعدونه من السيئات، ولا يحذرون معه من مؤاخذة جبار السماوات(1) .

ويكتب كتابا آخر حينما يتوفى طفل له عزيز في نفسه ثم يلخصه بعد حين، ليستفيد منه اكثر عدد ممكن من القراء(2) .

واليك ثبتا لبعض آثاره:

1 - (الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية)

وهو شرح مزجي استدلالي مختصر خطافيه (الشهيد الثاني) خطى (الشهيد الاول) في الاختصار والشمول والاستيعاب.

والتزم (الشهيد الثاني) في كتابه هذا اختصار العبارة، وقوتها وسلاستها: حسن التعبير، والاشارة في اكثر الاحيان إلى الدليل، وبعض الآراء الفقهية التي لها أهميتها، والرد على بعض آراء (الشهيد الاول) إذا كان لا يراها صوابا، وإبداء آرائه الشخصية في الموضوع إذاكان له رأي خاص فيه.

واحتل هذا الكتاب مكانة مرموقة بين الكتب الفقهية، فأقبل على درسه والاعتناء بشأنه العلماء منذ حين تأليفه، ولم يزل حتى الآن من الكتب الدراسية ذات الشأن في الجامعات الشيعية.

ويكفي في أهمية هذا الكتاب أنه أكب على شرحه، والتعليق عليه وتوضيح ما أبهم من عباراته، وكشف غوامضه جماعة كبيرة من العلماء وقد ذكر الشيخ آغابزرك الطهراني في كتابه (الذريعة) مايقرب من تسعين

___________________________________

(1) أنظر مقدمة كتاب كشف الريبة عن أحكام الغيبة.

(2) انظر كتاب مسكن الفؤاد عند فقد الاحبة والاولاد. (*)

١٨٥

حاشية وشرح(1) . وقد طبع هذا الكتاب مكررا في (ايران ومصر).

2 - (روض الجنان في شرح إرشاد الاذهان)

وهو شرح مزجي خرج منه مجلد في الطهارة والصلاة، وطبع في (إيران) مع كتاب منية المريد للشهيد أيضا سنة 1307 ه‍(2) . والذي يظهر من رسالة ابن العودي أن هذا الكتاب هو أول كتاب كتبه الشهيد في الفقه الاستدلالي، ولم يكن يظهره لاحد حتى اطلع عليه تلميذه ابن العودي في قصة طويلة ذكرها في رسالته -

3 - (مسالك الافهام في شرح شرائع الاسلام)

وهو شرح مزجي، كانت طريقته الاختصار في الشرح في أوائل هذا الكتاب، ثم أخذ في التوسع حتى أصبح كتابا ضخما في سبع مجلدات كبار(3) .

4 - (تمهيد القواعد الاصولية والعربية)

هذا الكتاب ينقسم إلى قسمين: (القسم الاول) فيه مائة قاعدة اصولية وما يتفرع عليها من الاحكام (القسم الثاني) مائة قاعدة من القواعد العربية، ويليهما فهرس مبسوط، لتسهيل استخراج المطالب من الكتاب. طبع مع الذكرى سنة 1272 في (إيران)(4) .

___________________________________

(1) انظر الذريعة الجزء 6، ص / 90 - 98. والجزء 13 ص 292 - 296.

(2) الذريعة الجزء 11. ص 275.

(3) رسالة ابن العودي المخطوطة.

(4) الذريعة الجزء 4. ص 434. (*)

١٨٦

5 - (حاشية الارشاد)

وهذه الحاشية على قطعة من عقود الارشاد فقط، وهي مشتملة على تحقيقات مهمة(1) .

6 - (حاشية على الشرائع)

وهي حاشية مختصرة في مجلدين، قال ابن العودي: خرج منها قطعة صاحلة.

7 - (التنبيهات العلية على وظائف الصلاة القلبية)

وهي رسالة صغيرة في أسرار الصلاة، ذكر فيها وظائف كل باب باعتبار ملاحظة القلب للاسرار الباطنية حسب ترتيب الواجبات الظاهرة. طبعت في (ايران) مكررا.

8 - (منية المريد في آداب المفيد والمستفيد)

كتاب صغير يذكر فيه ما يلزم على العالم والمتعلم المواظبة من الاخلاق الفاضلة، والخصال الحميدة، وما يجب على القاضي وا حين القضاء والافتاء، وقد اختصره فيما بعد في رسالة صغيرة لطيفة. طبع الاصل مكررا في (ايران، والنجف الاشرف).

9 - (مسكن الفؤاد عند فقد الاحبة والاولاد)

رسالة مختصرة يذكر فيها ما يجب على الانسان من الصبر والسلوان عندما يواجه المصائب والشدائد: من فقد الاحبة، والاقارب، واختصره وسماه ب‍: مبرد الاكباد في (ايران).

___________________________________

(1) رسالة ابن العودي المخطوطة. (*)

١٨٧

10 - (أجوبة المسائل)

وقد أجاب الشهيد على كثير من المسائل التي كانت ترد عليه من مختلف الاشخاص والبلدان، ويجيب عليها إجابات مطولة، ونلاحط في قائمة مؤلفاته ذكر كثيرمن هذه الاجوبة ك‍ (جواب المسائل الخراسانية) و (جواب المباحث النجفبة) و (جواب المسائل الهندية) و (جواب المسائل الشامية) و (أجوبة الشيخ زين الدين) و (أجوبة الشيخ أحمد) و (أجوبة على ثلاث مسائل لبعض الافاضل)(1) .

11 - (نتائج الافكار في حكم المقيمين في الاسفار)

وهذا كتاب صغير في بيان حكم المسافر إذا نوى اقامة عشرة أيام في غير بلده، وتقسيم المسألة إلى أقسامها المشهورة(2) .

12 - (شروح الالفية)

" الالفية " كتاب صغير فيه ألف واجب في الصلاة من مؤلفات (الشهيد الاول) محمد بن مكي - قدس الله سره -، وقد شرح (الشهيد الثاني) هذا الكتاب ثلاث مرات: فالشرح الكبير اسمه (المقاصد العلية في شرح الالفية) وهو شرح كبير استدلالي كتب الشهيد أيضا عليه بعض الحواشي فيما بعد.

و (الشرح الوسيط) واقتصر فيه على أهم المسائل ولم يتوسع فيه كثيرا.

و (الشرح الصغير) وهو تعليقات وشروح وحواشي فتواثية لعمل المقلدين الذين يرجعون اليه في المسائل الشرعية(3) .

___________________________________

(1) روضات الجنات الطبعة الحجرية. الجزء 2. ص 295 - 296.

(2) رسالة ابن العودي المخطوطة.

(3) الذريعة الجزء 6 / 23. (*)

١٨٨

13 - (الفوائد الملية في شرح النفلية)

" النفلية " من مؤلفات (الشهيد الاول) يذكر فيه مستحبات الصلاة وشرحه (الشهيد الثاني) شرحا مزجيا مختصرا، وبما تطرق إلى ذكر بعض الادلة(1) .

14 - (كتاب الاجازات)

جمع الشهيد في هذا الكتاب الاجازات الصادرة عن المشائخ، ولا نعلم أن هذا الكتاب يجمع بين دفتيه الاجازات التي صدرت عن مشائخ الشهيد له أم مطلق ماصدرمن اجازات المشائخ للاشخاص ولو لم تكن له.

15 - (اجازاته لتلاميذه)

أجاز شيخنا الشهيد لجماعة من تلاميذه إجازات كبيرة ومختصرة عد منها الشيخ آغابزرك: اجازته للشيخ ظهير الدين الميسي بتاريخ 957.

وللشيخ محيى الدين الميسي العاملي بتاريخ 954.

وللشيخ تاج الدين الجزائري بتاريخ 994.

وللشيخ عزالدين بن زمعة المدني بتاريخ 948.

وللشيخ حسين ابن عبدالصمد والد البهائي بتاريخ 941.

وللشيخ سلمان الجبعي العاملي بتاريخ 954.

وللسيد عطاء الله الحسيني الموسوي بتاريخ 990.

ولابن الصائغ الحسيني الموسوي بتاريخ 958.

وللشيخ محمود بن محمد اللاهجي بتاريخ 953(2) .

16 - (حقائق الايمان)

ويسمى في بعض المصادر (تحقيق الايمان والاسلام)

___________________________________

(1) روضات الجنات الطبعة الحجرية. الجزء 2. ص 290.

(2) الذريعة: الجزء 1 / ص 193 - 194. (*)

١٨٩

أو (حقيقة الايمان والاسلام): وهو بحوث مستفيضة في معنى الايمان والاسلام، ورد بعض الشبه، وفي آخره مبحث في اصول الدين مع تفصيل اكثر في الامامة طبع في (ايران) سنة 1305 في مجموعة فيها مختلف الكتب.

17 - (حاشية قواعد الاحكام)

حقق فيها المهم من المباحث، ومشى فيها مشي الحاشية المشهورة بالنجارية، برز منها مجلد لطيف إلى كتاب التجارة(1) .

18 - (منظومة في النحو)

وقد شرح هذه المنظومة الشهيد بنفسه بعد اكمال نظمه. وفي رسالة ابن العودي المخطوطة: رأيت بعضها بخطه.

19 - (الدراية وشرحها)

ألف الشهيد رسالة صغيرة في علم الدراية وسماها (بداية الدراية) ثم شرحها شرحا مزجيا اشتهرباسم (الدراية)، وطبع الاصل مع الشرح في (ايران وفي النجف الاشرف). الظاهر أن هذا الكتاب يبحث عن العقائد، إلا أن بعض المؤلفين ظن أنه بداية الدراية.

ويقول الشيخ آغابزرك: ذكرها الشيخ الحر في (أمل الآمل) بعد ذكره بداية الدراية، فيظهر منه تعددهما، ويعطى اسمه أنه في العقائد(2) .

21 - (جواهر الكلمات في صيغ العقود والايقاعات)

___________________________________

(1) روضات الجننات: الجزء 1. 294.

(2) الذريعة. الجزء 3. ص 58. (*)

١٩٠

قال الشيخ آغا بزرك بعد ذكر هذا الكتاب: قد رأيت في مكتبة السيد محمد علي هبة الدين الشهرستاني نسخة صيغ العقود للشهيد أوله (الحمد لله حمد كثيرا كما هو أهله) وهي بخط مقصود علي بن شاه محمد الدامغاني في سنة 996 ولكن ليس فيه التسمية ب‍ (جواهر الكلمات)(1) .

22 - (رسالة في عشرة علوم)

وهي الرسالة التي كتبها في القسطنطينية وقد مها إلى بعض الافاضل واستحصل على تصريح في (المدرسة النورية) ببعلبك - كما مضى سابقا.

23 - (غنية القاصدين في معرفة اصطلاحات المجدثين)

قال عنه ابن العودي: وهذا العلم لم يسبقه أحد من علمائنا إلى التصنيف فيه(2) .

24 - (منسك الحج والعمرة)

للشهيد رسالتان في احكام الحج كبيرة وصغيرة، بالاضافة إلى رسالته في نياتهما.

25 - (كتاب الرجال والنسب)

والظاهر أن هذا الكتاب خاص في الرجال، وهو غير كتاب (فوائد خلاصة الرجال). أوالذي يعبر عنه في بعض المؤلفات ب‍ (التعليقات على كتب الرجال)

26 - (كشف الربية عن أحكام الغيبة)

وهو كتاب بارع تحدث فيه عن الغيبة، ودلالة الكتاب والسنة على حرمتها، والاعذار المرخصة فيها، وكيفية تجنبها، وغير ذلك. طبع في (ايران والنجف الاشرف) مكررا.

___________________________________

(1) الذريعة. الجزء 5 ص 278.

(2) رسالة ابن العودي المخطوطة. (*)

١٩١

27 - (وجوب صلاة الجمعة)

كان الشهيد يرى عينية وجوب صلاة الجمعة فألف في هذه المسألة رسالة نقل عنها كثير من العلماء في كتبهم الاستدلالية، وهذا بالاضافة إلى رسالة له في " أعمال يوم الجمعة " ورسالة أخرى له في " آداب الجمعة "

28 - (منار القاصدين في أسرار معالم الدين)

ويبدو من اسم هذا الكتاب أنه يبحث عن أسرار الاحكام الشرعية الموضوعة على المكلفين، والعلل المسببة لوضع الواجبات والمحرمات وغيرهما.

29 - (الاقتصاد والارشاد)

واسمه المشهور " الاقتصاد في معرفة المبدأ والمعاد، وأحكام أفعال العباد، والارشاد إلى طريق الاجتهاد " وهو مرتب على قسمين: (الاول): في الاصول العقائدية. (الثاني) في الفروع والواجبات الفقهية. وقد سلك الشهيد فيه سبيل الاختصار(1) .

30 - (تفصيل ما خالف الشيخ الطوسي اجماعات نفسه)

قال في الروضات: في الحقيقة رد على مطلق الاجماعات المنقولة وإنكار على المتكلين عليها(2) .

هذه بعض (مؤلفات الشهيد) المهمة إكتفينا بذكرها عن ذكر كلها والتي تقرب من ثمانين كتابا ورسالة ولا يسعنا الآن ذكرها بكل تفاصيلها.

___________________________________

(1) الذريعة الجزء 2 ص 267.

(2) روضات الجنات. الجزء ا 1. ص 295. (*)

١٩٢

وقد أشار كل من ترجم الشهيد إلى صبره العجيب في التأليف والتصنيف والنسخ مع كثرة المراجعين له، وأسفاره المتواصلة، وجهوده الجبارة المبذولة في سبيل نشر المبدأ.. وعدوا هذا التوفيق هبة ربانية خصه الله تعالى به.

يقول صاحب الروضات بهذا الصدد بعد ذكره لكتاب مسالك الافهام: " ويقال: إنه صنف ذلك الكتاب أيضا في مدة تسعة أشهر، والله يعلم أن الكاتب الموجر نفسه لمحض الكتابة يصعب عليه مثل ذلك غالبا إلا أن التأييد من عند الله تعالى شئ آخر.

ويؤيد صحة هذه النسبة - مضافا إلى ما عرفته - ما نقله صاحب حدائق المقربين عن جماعة من العلماء أنه ألفه في زمان قليل، وما تقدم من حكاية شرح اللمعة أيضا في عدة أشهر مع كونه كتاب تصنع وتجويد وإن صاحب الامل ينقل عن بعض ثقاته أنه خلف ألفي كتاب منها مائتا كتاب كانت بخطه الشريف مؤلفاته وغيرها.

وان الشيخ أسد الله الفقيه التستري الكاظمي قد عد في مقدمات كتاب مقابيسه من جملة مشاهير كرامات هذا الشيخ الجليل كتابته بغمسة واحدة في الدواة عشرين، أو ثلاثين سطرا، بل قال: وربما قيل: أربعين أوثمانين.، "(1) .

كلمات العلماء في الشهيد: ملات شهرة شيخنا (الشهيد الثاني) الآفاق منذ أيامه الاولى حينما

___________________________________

(1) روضات الجنات الجزء 1 ص 296. (*)

١٩٣

كان يتجول في البلدان الاسلامية للحضور على الاساتذة والعلماء، والاستفادة من مجالس درسهم، ومحافل بحثهم، وأخذ نجمه يزداد إضاء‌ة وإنارة كلما ازداد في تلقي العلوم من كبار الشيوخ في حينه، وهكذا تلالا هذا النجم الوضاء حتى طبق الآفاق شهرته، وأقرله القريب والبعيد بسعة العلم والاجتهاد وهو بعد لم يتجاوز سنه الثلاثين ونتيجة لهذه الشهرة الواسعة أخذت ألسنة الثناء تحيطه بهالة من القدسية والرفعة وتمدحه بشتى العبارات، وألوان الكلمات، ومختلف الجمل.

ولنكن بضع دقائق مع بعض من كتب عن الشهيد لنرى كيف يثنون عليه الثناء العطر ويذكرونه بكل احترام وتجلة: يقول ابن العودي: " حازمن خصال الكمال محاسنها ومآثرها، وتردى من أصنافها بأنواع مفاخرها، كانت له نفس عليه تزهو بها الجوانح والضلوع وسجية سنية يفوح منها الفضل ويضوع، كان شيخ الامة وفتاها، ومبدأ الفضائل ومنتهاها.. لم يصرف لحظة من عمره إلا في اكتساب فضيلة ووزع أوقاته على ما يعود نفعه في اليوم والليلة "(1) .

وقال صاحب المقابيس: " أفضل المتأخرين، واكمل المتبحرين، نادرة الخلف، وبقية السلف مفتي طوائف الامم، والمرشد إلى التي هي أقوم، قدوة الشيعة ونور الشريعة، الذي قصرت الاكارم عن استقصاء مزاياه وفضائله السنية وحازت الاعاظم الالباء في مناقبه، وفواضله العلية، الجامع في معارج الفضل والكمال، والسعادة بين مراتب العلم والعمل، والجلالة والكرامة

___________________________________

(1) رسالة ابن العودي المخطوطة. (*)

١٩٤

والشهادة المؤيد المسدد بلطف الله الحفي والجلي.. "(1) .

وقال الشيخ الحر العاملي: أمره في الفقه والعلم والفضل، والزهد والعبادة والورع، والتحقيق والتبحر، وجلالة القدر، وعظم الشأن، وجمع الفضائل والكمالات أشهر من أن يذكر، ومحاسنه وأوصافه الحميدة أكثر من أن تحصى وتحصر ومصنفاته مشهورة. كان فقيها مجتهدا نحويا حكيما متكلما قارئا جامعا لفنون العلوم وهو أول من صنف من الامامية في دراية الحديث.(2) .

وقال الشيخ يوسف البحراني صاحب (الحدائق): كان هذا الشيخ من أعيان هذه الطائفة ورؤسائها، وأعاظم فضلائها وثقاتها، عالم عامل، محقق مدقق، زاهد مجاهد، ومحاسنه اكثر من أن تحصى، وفضائله أزيد من أن تستقصى(3) .

وقال التفريشي في رجاله: وجه من وجوه هذه الطائفة وثقاتها، كثير الحفظ، نقي الكلام له تلاميذ أجلاء، وله كتب نفيسة جيدة، قتلرحمه‌الله لاجل التشيع في (القسطنطينية)(4) .

وقال السيد الخوانساري في روضاته: إني لم ألف إلى هذا الزمان - الذي هو حدود سنة 1260 - من العلماء الاجلة من يكون بجلالة قدره، وعظم شأنه، وارتفاع مكانه

___________________________________

(1) انظر مقدمة المقابيس. ص 19(2) أمل الآمل. الجزء 1 ص 85.

(3) لؤلؤة البحرين. ص 25.

(4) نقد الرجال. ص 145. (*)

١٩٥

وجودة فهمه، ومتانة عزمه، وحسن سليقته، واستواء طريقته، ونظام تحصيله، وكثرة أساتيذه، وطرافة طبعه، ولطافة صنعه، ومعنوية كلامه وتمامية تصنيفاته وتأليفاته، بل كاد أن يكون في التخلق بأخلاق الله تعالى تاليا للمعصومم(1) .

وقال العلامة النوري في مستدركه: أفضل المتأخرين، واكمل المتبحرين، نادرة الخلف، وبقية السلف مضي طوائف الامم، والمرشد إلى التي هي أحق وأقوم، قدوة الشيعة ونور الشريعة، الجامع في معارج الفضل والكمال والسعادة بين مراتب العلم والعمل، والجلالة والكرامة والشهادة(2) .

وقال العلامة المامقاني: وكان كثير الحفظ، نقي الكلام، ووضع كتابنا وإن لم يكن لشرح تراجم العلماء بل تراجم الرجال خاصة، إلا أن أمثال هذا الشيخ نذكر شطرا من حالهم تيمنا(3) .

وقال العلامة الاميني: من أكبر حسنات الدهر، وأغزر عيالم العلم، زين الدين والملة وشيخ الفقهاء الاجلة، مشارك في علوم مبهمة: من حكمة وكلام، وفقه وأصول، وشعر وأدب، وطبيعي ورياضي، وقد كفانا مؤنة التعريف به شهرته الطائلة في ذلك كله، فقد تركته أجلى من أي تعريف، فما عسى أن يقول فيه المتشدق ببيانه، وكل ما يقوله دون أشواطه البعيدة وصيته

___________________________________

(1) روضات الجنات. الجزء 1. ص 287 - 288.

(2) مستدرك وسائل الشيعة. الجزء 3 ص 425.

(3) تنقيح المقال في أحوال الرجال. الجزء. ص. (*)

١٩٦

الطائر، فسلام الله عليه ماأسداه إلى أمته من أياديه الواجبة، ونشره فيها من علوم ناجعة(1) .

شعر الشهيد

لم يصل الينا من شعر الشهيد الشئ الكثيرحتى يمكننا من دراسته دراسة طويلة وشاملة: ولكن الابيات القليلة التي تداولها المترجمون له تدل على شاعريته الخصبة، وخياله الواسع، وتحلقه في الآفاق البعيدة المدى وقدرته الواسعة على النظم بدون أن يكلف نفسه العناء. وشعره سلس اللفظ، جميل الديباجة، حسن التعبير، جيد التنسيق بعيد عن استعمال الكلمات الوحشية الغريبة عن الذوق السليم.

وقد نظم الشعر في أغراض مختلفة، ومنها الاغراض العلمية وقد سبق أن ذكرنا أن له منظومة في النحو. والذي يبدو من شعر الشهيد القليل الموجود الآن أنه كان شاعر المناسبات، فلم يتعاطاه في كل وقت كالذين تفرغوا للشعر، وليس لهم أي عمل آخر، ذلك لان الشهيد كان مشغول البال بأمور هي أهم بكثير من قرض الشعر والتفرغ له، فلم يكن ينظم إلا حين تحرك عواطفه قضية وتثير مشاعره واقعة، فحينذاك كانت الشاعرية تطغو عليه فينظم أبيات يسيرة إلا انها في قمة النظم العربي.

واليك فيما يلي نماذج من شعره ونظمه: قال لما زار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في (المدينة المنورة) سنة 943.

___________________________________

(1) شهداء الفضيلة ص 132. (*)

١٩٧

صلاة وتسليم على أشرف الورى

ومن فضله ينبو عن الحد والحصر

ومن قدر قى السبع الطباق بنعله

وعوضه الله البراق عن المهر

وخاطبه الله العلي بحبه

شفاها ولم يحصل لعبد ولا حر

عدولي عن تعداد فضلك لائق

يكل لساني عنه في النظم والنثر

وماذايقول الناس في مدح من أنت

مدائحه الغراء في محكم الذكر

سعيت اليه عاجلا سعي عاجز

بعب‌ء ذنوبي جمة أثقلت ظهري

ولكن ريح الشوق حرك همتي

وروح الرجامع ضعف نفسي ومع فقري

ومن عادة العرب الكرام بوفدهم

إعادته بالخير والحبر والوفر

وجادوا بلا وعد مضى لنزيلهم

فكيف وقد أوعدتني الخير في مصر

فحقق رجائي سيدي في زيارتي بنيل مناي والشفاعة في حشري

ومن شعره أيضا قوله:

لقد جاء في القرآن آية حكمة

تدمر آيات الضلال ومن يجبر

وتخبر أن الاختيار بأيدينا

(فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)

وقال حينما بشر بمولود ذكر ولد له في غيبته:

وقد من مولانا الكريم بفضله

عليكم بمولود غلام من البشر

فيارب متعنا بطول بقائه

وأحيى به قلباله الوصل قد هجر

اسباب قتل الشهيد

(الدعوة الشيعية) تسربت إلى (ايران) منذ فتحت في حرب (القادسية) على يد المسلمين، وكانت هذه الدعوة تسير بخطى واسعة في أقطار (ايران) وتجد لها أرضا خصبة لاحتضان هذه الدعوة وقبولها. وازداد (انتشار التشيع في (ايران) ازديادا بالغا حينما أخذ بعض

١٩٨

(الشيعة) يلجأون إلى المدن والقرى الايرانية بسبب الضغط الشديد الذي كانوا يلاقونه من قبل الهيئة الحاكمة آنذاك، وكانت المطاردة والسجن والتعذيب والتنكيل والتشريد والقتل بطرق ستى أمورا طبيعية لرجالات (الشيعة) والداعين اليها، فوجد هؤلاء التخلي عن البلدان القريبة لمركز الخلافة خير وسيلة للتحفظ على أنفسهم، والتخلص من أيدي السفاكين الذين لا يعرفون للاسلام معنى.

وكانت (خراسان) بلاشك من الدعائم القوية للخلافة العباسية وتقويض أركان الخلافة الاموية، ولكن (خراسان) لم تكن تدعو إلى العباسيين وتعمل لحسابهم، بل سارت الدعوة هناك باسم (الرضا من آل محمد) وإزاحة أعداء (أهل البيت): وطبيعي أن لفظة (آل محمد) و (أهل البيت) كانتا تستعملان ولا تزالان في (علي وأولاده الطاهرين)عليهم‌السلام فكانت صورة الدعوة إلى ازالة سلطان بني أمية باسم هؤلاء لا غير.

ويظهر هذا جليا حينما يلاحظ (تاريخ الدعوة العباسية) وصلات (أبومسلم الخراساني) في حينه، إلا أن (أئمة الشيعة) الذين كانوا يعلمون يقينا أن هذا الامر لا يتم ابتعدوا عن الضوضاء، ورفضوا الاشتراك في هذه المعامع، والدخول في هاتيك الميادين.

إلا أن الذي لا مراء فيه هو أن النفوس الايرانية إزدادت ميلا إلى (أهل البيت)عليهم‌السلام يوما بعد يوم، وأخذت (الدعوة الشيعية) تلقى تشجيعا بالغا، واقبالا هائلا مما سبب ازدياد عدد الشيعة هناك وتمركزهم.

ووصل التشيع إلى أوج عزه في (ايران) في أيام (البويهيين) حيث كانوا يشجعون التشيع بكل امكاناتهم المادية والمعنوية، ويعنون

١٩٩

عناية شديدة بالدعوة إلى (مذهب أهل البيت)عليهم‌السلام ، وتشييد أركانه وقد لقيت مدرسة (قم والري) الفقهية الشيعية - التي ذكرناها فيما سبق - عناية كبيرة من قبل (البويهيين) خاصة حتى أن بعض كبار المؤلفين كانوا يصدرون بعض مؤلفاتهم باسم هؤلاء.

وبقي التشيع كذلك في (ايران) في القمة في أدوار التاريخ والظروف المختلفة حتى أيام (الدولة الصفوية) الملوك الذين بدورهم ينتسبون إلى (آل الرسول)صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فجند هؤلاء كل ماكان في قدرتهم، للذب عن حياض هذا المبدأ، والسعي في انتشاره في سائر الاقطار الاسلامية القريبة منهم والبعيدة.

وكان (الصفويين) مساعي كبيرة في (العراق) و (بلاد ماوراء النهر) وبقيت لهم آثار جليلة تدل على شدة اهتمامهم بالعمران من جهة، وبالغ سعيهم للدعوة إلى (مذهب الشيعة) من جهة أخرى. والسمعة الحسنة التي أحرزها هؤلاء الملوك في (العالم الاسلامي) عامة، وفي (العراق) خاصة أقضت مضجع (الخلافة العثمانية) في (القسطنطينية)، وأصبحت تتوجس منها خيفة، وتحسب لكل حزكة يقوم بها هؤلاء الملوك ألف حساب.

ففي الاقطار التي كانت تحت لواء العثمانيين ترى العيون منبثة للكشف عن كل قضية ربما تنتهي إلى قلب الحكم العثماني، وتقويض عرش الخلافة المزيفة التي كانوا يحكمون على رقاب الناس باسمها.

وطبيعي ان (الشيعة) كانوا مراقبين أكثر من كل إنسان، لما عرف التشيع بالحركات ولصمود في وجه الطغاة، وعدم الرضوخ للاوامر المخالفة لمبادئ الاسلام.

٢٠٠