الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية - مقدمة الجزء ١

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية - مقدمة0%

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية - مقدمة مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 793

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية - مقدمة

مؤلف: الشيخ زين الدين علي بن محمد الجبعي العاملي (الشهيد الثاني)
تصنيف:

الصفحات: 793
المشاهدات: 68555
تحميل: 11489


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 793 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 68555 / تحميل: 11489
الحجم الحجم الحجم
الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية - مقدمة

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية - مقدمة الجزء 1

مؤلف:
العربية

(الخامس - طهارة البدن من الحدث والخبث) (وقد سبق) بيان حكمهما مفصلا(1) .

(السادس - ترك الكلام(2) ) في أثناء الصلا ة: وهو - على ما اختاره المصنف والجماعة - ما تركب من حرفين فصاعدا، وإن لم يكن كلاما لغة، ولا اصطلاحا(3) ، وفي حكمه الحرف الواحد المفيد كالامر من الافعال

___________________________________

(1) في أحكام النجاسات ص 289، وأحكام الطهارات الثلاث من ص 317 - إلى 463.

(2) أي الكلام المعبر عنه بكلام الآدمي، احترازا عن القرآن والذكر والدعاء، فانها مباحة في أثناء الصلاة ولا تضر ما لم توجب محو صورة الصلاة.

(3) حكي عن نجم الائمة الرضي الاسترابادي رضوان الله عليه أن الكلام في اللغة موضوع لجنس ما يتكلم به. سواء أ كان حرفا واحدا كواو العطف، أم على أكثر، مهملا كان، أم مستعملا، مفيدا كان، أم غير مفيد. ولكن في العرف اللغوي ما تركب من حرفين فصاعدا. وفي اصطلاح أهل العربية ما كان مشتملا على إسناد تام خبري أو انشائي.

وعلى ما ذكره نجم الائمةرحمه‌الله فالكلام المبطل شرعا (ما اشتمل على حرفين فصاعدا) ويكون حينئذ مساويا للعرف اللغوي المذكور، ويكون أخص مطلقا من اللغوي: وهو (جنس ما يتكلم به) ويكون أعم مطلقا من مصطلح العربية: وهو (الكلام المشتمل على إسناد تام خبري). إذا لا وجه لقول الشارحرحمه‌الله : " وإن لم يكن كلاما لغة " لان الكلام المبطل على ماذكرناه أخص من اللغوي، لعدم صدق الاخص بدون الاعم.

٥٦١

المعتله الطرفين، مثل " ق " من الوقاية، و " ع " من الوعاية لاشتماله على مقصود الكلام وإن أخطأ بحذف هاء السكت(1) وحرف المد(2) لاشتماله على حرفين فصاعدا.

ويشكل بأن النصوص خالية عن هذا الاطلاق(3) ، فلا أقل من أن يرجع فيه إلى الكلام لغة، أو اصطلاحا، وحرف المد - وإن طال مده بحيث يكون بقدر أحرف لا يخرج عن كونه حرفا واحدا في نفسه فإن المد - على ما حققوه - ليس بحرف ولا حركة، وإنما هو زيادة

___________________________________

(1) لان القواعد العربية تقضي بوجوب الحاق هاء السكت بفعل الامر اذا كان على حرف واحد.

(2) لانه ربما يطول بمقدار اداء حرفين، أو أكثر، فكأنه تكلم بحرفين فصاعدا.

(3) أي الشامل لمثل المد مثلا، أو لكل حرفين من دون صدق اسم الكلام عليها، لا عرفا ولا لغة.

٥٦٢

في مط الحرف والنفس به(1) ، وذلك لا يلحقه بالكلام. والعجب أنهم جزموا بالحكم الاول مطلقا(1) ، وتوقفوا في الحرف المفهم من حيث كون المبطل الحرفين فصاعدا، مع أنه كلام لغة واصطلاحا. وفي اشتراط كون الحرفين موضوعين لمعنى وجهان(3) ، وقطع المصنف بعدم اعتباره. وتظهر الفائدة في الحرفين الحادثين من التنحنح ونحوه.

وقطع العلامة بكونهما حينئذ غير مبطلين، محتجا بأنهما ليسا من جنس الكلام، وهو حسن. واعلم أن في جعل هذه التروك من الشرائط تجوزا ظاهرا فإن الشرط يعتبر كونه متقدما على المشروط ومقارنا له، والامر هنا ليس كذلك(4) .

___________________________________

(1) أي في جرالنفس بتلك الحروف.

(2) أي جزموا بأن اللفظ المركب من حرفين مبطل للصلاة وإن لم يصدق عليه الكلام لغة واصطلاحا، لكنهم ترددوا في إبطال الحرف الواحد المشتمل على نسبة تامة مع أن ذلك كلام لغة واصطلاحا.

(3) نظرا إلى أنهم جعلوا المناط بالحرفين على الاطلاق، ونظرا إلى عدم صدق الكلام على المهملات.

(4) أي يعتبر في الشرط أن يجمع بين وصفي التقدم والمقارنة مع العلم بأن هذه التروك إنما تعتبر مقارنتها فقط، دون تقدمها على الصلاة.

٥٦٣

(و) ترك (الفعل الكثير عادة) وهو ما يخرج به فاعله عن كونه مصليا عرفا. ولا عبرة بالعدد، فقد يكون الكثير فيه(1) قليلا كحركة الاصابع، والقليل فيه كثيرا كالوثبة الفاحشة. ويعتبر فيه التوالي، فلو تفرق بحيث حصلت الكثرة في جميع الصلاة ولم يتحقق الوصف في المجتمع منها لم يضر، ومن هنا كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يحمل أمامة وهي إبنة ابنته زينب(2) ويضعها كلما سجد ثم يحملها إذا قام. ولا يقدح القليل كلبس العمامة والرداء، ومسح الجبهة وقتل الحية والعقرب وهما منصوصتان(3) .

___________________________________

(1) لان حركة الاصابع من الافعال التي يمكن صدورها بكثرة في لحظة واحدة، مع أن العرف لا يعدها فعلا كثيرا. بخلاف الوثبة التي تتحق بها الكثرة حتى مع صدورها مرة واحدة ولا سيما اذا كانت بعيدة.

(2) زينب بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان زوجها أبا العاص.

(3) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 4. ص 1269 - 1270. الباب 19. الحديث 1 - 3.

اليك نص الحديث الثالث. عن الحسين بن أبي العلاء قال: سألت أباعبداللهعليه‌السلام عن الرجل يرى الحية والعقرب وهو يصلي المكتوبة؟ قال: بقتلهما.

٥٦٤

(و) ترك (السكوت الطويل) المخرج عن كونه مصليا (عادة) ولو خرج به عن كونه قارئا بطلت القراء‌ة خاصة.

(و) ترك (البكاء) بالمد، وهو ما اشتمل منه على صوت لا مجرد خروج الدمع مع احتماله(1) لانه البكا مقصورا، والشك في كون الوارد منه في النص مقصورا أو ممدودا. وأصالة عدم المد معارض بأصالة صحة الصلاة، فيبقى الشك في عروض المبطل مقتضيا لبقاء حكم الصحة(2) . وإنما يشترك ترك البكاء (للدنيا) كذهاب مال وفقد محبوب وإن وقع على وجه قهري في وجه(3) . واحترز بها عن الآخرة، فإن البكاء لها كذ كر الجنة والنار ودرجات المقربين إلى حضرته، ودركات المبعدين عن رحمته - من أفضل الا عمال. ولو خرج منه حينئذ حرفان فكما سلف(4) .

___________________________________

(1) أي مع احتمال أن مجرد الدمع موجب لبطلان الصلاة، وذلك لصدق اسم البكاء (مقصورا) عليه، ولعل النص الوارد لذلك هو البكاء المقصور.

(2) بعد تعارض أصالة الصحة، وأصالة عدم المد وتساقطهما يبقى استصحاب الصحة سليما عن المعارض فيحكم بصحة الصلاة استنادا إلى الاصل المحرز: وهو (الاستصحاب).

(3) وهو البناء على كون المقصود هو البكاء المطلق، سواء وقع على وجه الاختيار، أو لا، وذلك لاطلاق النص.

(4) في ص 561: من أن المبطل من الكلام هو المركب من حرفين فصاعدا فتبطل، أو يجب أن يصدق عليه الكلام العرفي فلا تبطل.

٥٦٥

(و) ترك (القهقهة): وهي الضحك المشتمل على الصوت وإن لم يكن فيه ترجيع(1) ، ولا شدة، ويكفي فيها وفي البكاء مسماهما، فمن ثمة أطلق. ولو وقعت على وجه لا يمكن دفعه ففيه وجهان، واستقرب المصنف في الذكرى البطلان.

(والتطبيق) وهو: وضع إحدى الراحتين(2) على الاخرى راكعا بين ركبتيه، لما روي من النهي عنه، والمستند ضعيف والمنافاة به من حيث الفعل منتفية، فالقول بالجواز أقوى، وعليه المصنف في الذكرى.

(والتكتف(3) ) وهو: وضع إحدى اليدين على الاخرى

___________________________________

(1) الترجيع: ترديد الصوت في الحلق.

(2) الراحة: باطن الكف والتطبيق - كما ذكره الشارح - من بدع المخالفين وقد ورد النهي عن طريق (اخواننا السنة) أيضا كمافي صحيح البخاري باب (وضع الاكف على الركبتين في الركوع): حدثنا أبوالوليد قال: حدثنا شعبة عن أبي يعفور قال سمعت مصعب بن سعد يقول: صليت إلى جنب أبي فطبقت بين كفي، ثم وضعتهما بين فخذي فنهاني أبي وقال: (كنا نفعله فنهينا عنه، وأمرنا أن نضع أيدينا على الركب).

راجع صحيح البخاري. الجزء 1. ص 189 - 190 مطبوعات محمد علي صبيح وأولاده.

(3) التكتف هنا مصدر باب التفعل فهو بفتح التاء والكاف وسكون التاء معناه: شد احدى اليدين بالاخرى كما في القاموس. وفي الاصطلاح ما ذكره الشارح.

٥٦٦

بحائل وغيره فوق السرة وتحتها بالكف عليه وعلى الزند(1) ، لاطلاق النهي عن التكفير الشامل لجميع ذلك.

(إلا لتقية) فيجوز منه ما تأدت به، بل يجب، وإن كان عندهم سنة، مع ظن الضرر بتركها(2) ، لكن لا تبطل الصلاة بتركها حينئذ لو خالف، لتعلق النهي بأمر خارج()، بخلاف المخالفة في غسل الوضوء بالمسح(4) .

___________________________________

(1) أي سواء وضعت الكف على الكف، أم على الزند، فكل ذلك بدعة، واطلاق النص يشملهما.

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 4 ص 1264 - 1265. الباب 15. الاحاديث.

(2) أي ولو كان التكليف عندهم مستحبا، لكنهم ملتزمون به فلو تركها أحد اتهموه بالتشيع وأضروه.

(3) لان اللتقية أو جبت التكفير وهو عمل خارج عن أجزاء العبادة، فلو تركه المصلي لم يكن تاركا لجزء مأموربه من العبادة فلا وجه لبطلانها. نعم إنه فعل فعلا محرما خارجيا.

(4) فان المسح ببعض الرأس، وعلى الرجلين في حال التقية باطل، لان المتوضئ في حال التقية مأمور بمسح تمام الرأس، وبغسل تمام الرجلين على طريقة (اخواننا السنة).

فاذا خالف الكيفية المذكورة المأمور بها في حالة التقية وتوضأ على طريقة الامامية فقد بطل وضوؤه، حيث إن التوضؤ أمر عبادي متوقف اتيانه بداعي الامر، وبقصد القربة، فاتيانه مخالفا للتقية منهي عنه قد تعلق به النهي وهو يدل على الفساد، لتعلقه بنفس العبادة وهي امر داخل في أجزاء العبادة وحقيقتها.

٥٦٧

(والالتفات إلى ما وراء‌ه) إن كان ببدنه أجمع، وكذا بوجهه عند المصنف وإن كان الفرض بعيدا، أما إلى ما دون ذلك كاليمين واليسار، فيكره بالوجه ويبطل بالبدن عمدا من حيث الانحراف عن القبلة.

(والاكل والشرب) وإن كان قليلا كاللقمة، إما لمنافاتهما وضع الصلاة(1) ، أو لان تناول المأكول والمشروب ووضعه في الفم وازدراده(2) أفعال كثيرة، وكلاهما ضعيف، إذ لا دليل على أصل المنافاة(3) . فالاقوى اعتبار الكثرة فيهما عرفا، فيرجعان إلى الفعل الكثير وهو اختيار المصنف في كتبه الثلاثة(4) .

(إلا في الوتر لمن يريد الصوم) وهو عطشان (فيشرب) إذا لم يستدع منافيا غيره، وخاف فجأة الصبح قبل إكمال غرضه منه(5) . ولا فرق فيه(6) بين الواجب والندب.

واعلم أن هذه المذكورات أجمع إنما تنافي الصلاة مع تعمدها عند

___________________________________

(1) إذ الاكل والشرب ينافيان الاشتغال بالذكر والعبادة.

(2) الازدراد: بلع الطعام.

(3) يعني لا دليل على أن مطلق الاكل والشرب مناف للصلاة مالم يبلغا حد الكثرة.

(4) الذكرى - البيان - الدروس.

(5) يعنى يخاف أنه لو ترك النا فلة ليشرب ثم يستأنفها أن لا يكمل غرضه من النافلة فيفوته الدعاء الوارد فيها على الكيفية المعهودة.

(6) أي في الصوم.

٥٦٨

المصنف مطلقا(1) ، وبعضها إجماعا(2) ، وإنما لم يقيد هنا اكتفاء باشتراطه تركها، فإن ذلك يقتضي التكليف به المتوقف على الذكر، لان الناسي غير مكلف ابتداء(3) . نعم الفعل الكثير ربما توقف المصنف في تقييده بالعمد لانه أطلقه في البيان، ونسب التقييد في الذكرى إلى الاصحاب وفي الدروس إلى المشهور، وفي الرسالة الالفية جعله من قسم المنافي مطلقا(4) . ولا يخلوا إطلاقه هنا من دلالة على القيد، إلحاقا له بالباقي.

نعم لو استلزم الفعل الكثير ناسيا إمحاء صورة الصلاة رأسا توجه البطلان أيضا، لكن الاصحاب أطلقوا الحكم(5) .

___________________________________

(1) مطلقا بمعنى أي فرد منها.

(2) يعني أن جميعها مع التعمد مبطل عند المصنف، وبعضها اجماعي عند المصنف وغيره.

(3) أي يفهم قيد التعمد - في مبطلية هذه الاشياء - من نفس اشتراطها، حيث إن الاشتراط تكليف ولا تكليف مع النسيان.

(4) يعني أن المصنفرحمه‌الله في رسالته الالفية جعل الفعل الكثير منافيا ومبطلا للصلاة عمدا وسهوا.

أما في هذا الكتاب جعل الفعل الكثير مبطلا من عير أن ينبه على إطلاقه، أو تقييده بصورة العمد ! إلا أن ذ كره مع سائر الشروط ربما يدل على تقييده بصورة العمد، نظرا إلى وحدة السياق.

(5) أي أن الاصحاب حكموا بأن الفعل الكثير مبطل للصلاة اذا كان عن عمد، دون ما كان عن سهو، واطلقوا الحكم في كل من الشقين، من غير تقييده بصورة محو هيئة الصلاة أو عدمها.

٥٦٩

(ويشترط اتحاد الصلاتين) مطلقا(1) فتدخل الصلاة (من الكافر) مطلقا(2) وإن كان مرتدا مليا، أو فطريا (وإن وجبت عليه) كما هو قول الاكثر خلافا لابي حنيفة، حيث زعم أنه غير مكلف بالفروع فلا يعاقب على تركها. وتحقيق المسألة في الاصول.

(والتمييز) بأن تكون له قوة يمكنه بها معرفة أفعال الصلاة ليميز الشرط من الفعل، ويقصد بسببه فعل العبادة(3) (فلا تصح من المجنون، والمغمى عليه و) الصبي (غير المميز لافعالها): بحيث لا يفرق بين ما هو شرط فيها وغير شرط، وما هو واجب وغير واجب، إذا نبه عليه.

(ويمرن الصبي) على الصلاة (لست)، وفي البيان لسبع وكلاهما مروي(4) ،

___________________________________

(1) سواء أ كانت صلاة، أم غيرها.

(2) أي من أي أقسام الكفار. وكلمة (مطلقا) داخلة في المتن في الموضعين في بعض النسخ.

(3) أي حتى يتمكن - بسبب تمييزه وشعوره - من قصد العبادة.

(4) راجع (وسائل الشيعة) الجزء 3. ص 11 - 13. الباب 3. الحديث 42 5 7.

٥٧٠

ويضرب عليها لتسع(1) ، وروي لعشر(2) ، ويتخير بين نية الوجوب والندب. والمراد بالتمرين التعويد على أفعال المكلفين، ليعتادها قبل البلوغ فلا يشق عليه بعده(3) .

(الفصل الثالث - في كيفية الصلاة)

(ويستحب) قبل الشروع في الصلاة (الاذان والاقامة) وإنما جعلهما من الكيفية خلافا للمشهور من جعلهما من المقدمات نظرا إلى مقارنة الاقامة لها غالبا(4) ، لبطلانها بالكلام ونحوه(5)

___________________________________

(1) (المصدر نفسه) ص 13. الحديث 7.

(2) لم نجد نصا يدل على ضرب الطفل لعشر سنين.

نعم في (مستدرك وسائل الشيعة) المجلد 1 الباب 3 الحديث 3.

قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . " مروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا أبناء عشر سنين ".

(3) تذكير الضمير باعتبار رجوعه إلى فعل المكلفين المعلوم من قوله: أفعال المكلفين.

(4) هذا توجيه لما ذهب إليه المصنف من جعل الاذان والاقامة من كيفيات الصلاة.

وتوضيحه: أن الاقامة مقارنة للصلاة غالبا بحيث تبطل إذا فصل بينها، وبين الصلاة بكلام ونحوه فكأنها منها والجزء المتصل بها.

(5) كالفعل الكثير والسكوت الطويل.

٥٧١

بينها وبين الصلاة، وكونها أحد الجزئين فكانا كالجزء المقارن(1) كما دخلت النبة فيها، مع أنها خارجة عنها، متقدمة عليها على التحقيق.

وكيفيتهما: (بأن ينويهما) أولا، لانهما عبادة فيفتقر في الثواب عليها إلى النية، إلا ما شذ(2) .

(ويكبر أربعا في أول الاذان، ثم التشهدان) بالتوحيد والرسالة.

(ثم الحيعلات(3) الثلاث، ثم التكبير، ثم التهليل، مثنى مثنى)، فهذه ثمانية عشر فصلا.

(والاقامة مثنى) في جميع فصولها: وهي فصول الاذان إلا ما يخرجه (ويزيد بعدحي على خير العمل قد قامت الصلاة مرتين. ويهلل في آخرها مرة) واحدة، ففصولها سبعة عشر تنقص

___________________________________

(1) هذا تتميم للتوجيه المذكور، وجواب للسؤال المقدر ! تقديره نفرض أن الاقامة غالبا لاتكون مقارنة للصلاة، وتبطل بالفصل بينها وبين الصلاة، فماذا تقول في الاذان؟ فأجاب بأن الاقامة لما كانت أحد الجزئين من قولنا: (الاذان والاقامة) فاذا اعتبرت مقارنة أحد الجزئين فكان الجزء الآخر أيضا مقارنا.

(2) أي أن العبادة بصورة مطلقة يتوقف الثواب عليها على النبة إلا ما شذ من العبادات التي لا يتوقف ثوابها على النية كالاحسان والجود، إن صح اطلاق اسم العبادة على مثل ذلك.

(3) الحيعلات جمع الحيعلة وزان الدحرجة، اسم تركيبي لجمل (حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على خير العمل كما مرت الاشارة إليها في ص 572 - الهامش 3.

والبسملة اسم تركيبي أيضا من (بسم الله الرحم الرحيم).

٥٧٢

عن الاذان ثلاثة ويزيد اثنين، فهذه جملة الفصول المنقولة شرعا.

(ولا يجوز اعتقاد شرعية غير هذه) الفصول (في الاذان والاقامة كالتشهد بالولاية) لعليعليه‌السلام (وأن محمدا وآله خير البرية) أو خير البشر (وإن كان الواقع كذلك) فما كل واقع حقا يجوز إدخاله في العبادات الموظفة شرعا، المحدودة من الله تعالى فيكون إدخال ذلك فيها بدعة وتشريعا، كما لو زاد في الصلاة ركعة أو تشهدا، أو نحو ذلك من العبادات، وبالجملة فذلك من أحكام الايمان، لا من فصول الاذان.

قال الصدوق: إن إدخال ذلك فيه من وضع المفوضة: وهم طائفة من الغلاة(1) . ولو فعل هذه الزيادة، أو إحداها بنية أنها منه أثم في اعتقاده ولا يبطل الاذان بفعله، وبدون اعتقاد ذلك لا حرج.

وفي المبسوط أطلق عدم الاثم به، ومثله المصنف في البيان(2) .

___________________________________

(1) الغلاة طائفة غالت في النبي، أو أحد الائمة صلوات الله وسلامه عليه وعليهم، واعتقدت فيهم فوق مرتبتهم. والمفوضة طائفة اعتقدوا أن الخالق عزوجل فوض أمر العالم تكوينا، أو تشريعا إلى النبي، أو أحد الائمة صلوات الله وسلامه علييه وعليهم.

(2) ذهب (الشيخ) قدس سره في (المبسوط) و (المصنف) في البيان إلى عدم الاثم على فعل هذه الزيادات مطلقا، سواء قصد الجزئية، أم لا لكن قصد الجزئية مشكل، وبدونه راجح. وقد ورد في كتاب الاحتجاج عن (الامام الصادق)عليه‌السلام إذا قال أحدكم: لا إله إلا الله محمد رسول الله فليقل: علي أميرالمؤمنين. راجع (بحار الانوار). الجزء ص 112. الحديث 7.

٥٧٣

(واستحبابهما ثابت في الخمس) اليومية خاصة، دون غيرها من الصلوات وإن كانت واجبة. بل يقول المؤذن للواجب منها: الصلاة ثلاثا بنصب الاولين(1) أو رفعهما، أو بالتفريق. (أداء وقضاء، للمنفرد والجامع).

(وقيل) والقائل به المرتضى والشيخان: (يجبان في الجماعة) لا بمعنى اشتراطهما في الصحة، بل في ثواب الجماعة(2) على ما صرح به الشيخ في المبسوط، وكذا فسره به المصنف في الدروس عنهم مطلقا(3) .

___________________________________

(1) لانه يقف على الثالثة ولا يظهر إعرابها. ونصبهما على المفعولية بفعل محذوف تقديره اقيموا الصلاة أو احضروا الصلاة. ورفعهما على الفاعلية، أو الابتدائية، أو الخبرية تقديره حضرت الصلاة، قامت الصلاة، الصلاة واجبة، هذه الصلاة. رفع الاول نصب الثاني حضرت الصلاة، قامت الصلاة، أقيموا الصلاة. نصب الاول رفع الثاني اقيموا الصلاة، حضرت الصلاة، قامت الصلاة.

(2) أي أن الواجب هناليس تكليفيا ولا شرطيا بمعنى عدم صحة الجماعة بدون الاذان والاقامة، بل الوجوب بمعنى شرط حصول الثواب أي ينتفى الثواب بانتفاء الاذان والاقامة.

(3) حيث قال: وأو جبهما جماعة من غير تعيين لشخص خاص، لا بمعنى اشراطهما في الصحة، بل في الثواب.

٥٧٤

(ويتأكدان في الجهرية، وخصوصا الغداة والمغرب)، بل أوجبهما فيهما الحسن مطلقا(1) ، والمرتضى فيهما على الرجال، وأضاف إليهما الجمعة، ومثله ابن الجنيد، وأضاف الاول الاقامة مطلقا(2) ، والثاني هي على الرجال مطلقا.

(ويستحبان للنساء سرا)، ويجوزان جهرا اذا لم يسمع الاجانب من الرجال، ويعتد بأذانهن لغيرهن(3) .

(ولو نسيهما) المصلي ولم يذكر حتى افتتح الصلاة (تداركهما مالم يركع) في الاصح(4) .

وقيل: يرجع العامد دون الناسي، ويرجع أيضا للاقامة لو نسيها لاللاذان وحده(5) .

___________________________________

(1) من غير اختصاص بالرجال.

(2) أى وأضاف (الحسن بن عقيل) القول بوجوب الاقامة مطلقا من غير تقييد بالغداة، أو المغرب، أو الجمعة، ولا بالرجال.

(3) يعني اذا سمع أذان المرأة غيرها من لنساء، أو الرجال المحارم جاز لهن الاكتفاء بأذانها.

(4) لصريح رواية الحلبي عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: " إذا افنتحت الصلاة فنسيت أن تؤذن وتقيم ثم ذكرت قبل أن تركع فانصرف وأذن وأقم واستفتح الصلاة. وإن كنت قد ركعت فأتم صلاتك ".

راجع (وسائل الشيعة). الجزء 4. ص 657. الباب 29. الحديث 3.

(5) يعني اذا كان قد نسي الاقامة وحدها فيجوز له استئناف الصلاة لتدارك الاقامة. أما اذا كان ناسيا للاذان وحده فلا يشرع له ابطال الصلاة لتداركه.

والحديث الوارد في جواز تدارك الاقامة مقيد بما قبل الشروع في القراء‌ة. راجع (المصدر نفسه) الحديث 5.

٥٧٥

(ويسقطان عن الجماعة الثانية) إذا حضرت لتصلي في مكان فوجدت جماعة أخرى قد أذنت وأقامت وأتمت الصلاة (ما لم تتفرق الاولى)(1) : بأن يبقى منها ولو واحد معقبا، فلو لم يبق منها أحد كذلك(2) وإن لم تتفرق بالابدان لم يسقطا عن الثانية. وكذا يسقطان عن المنفرد بطريق أولى(3) . ولو كان السابق منفردا لم يسقطا عن الثانية مطلقا(4) .

___________________________________

(1) عدم التفرق الموجب لسقوط الاذان والاقامة عن الجماعة الثانية يصدق باشتغال أفراد الجماعة الاولى بعد بالصلاة، أو بتعقيبها بشئ من الاذكار والاوراد ولو بواحد منهم. أما اذا خرجوا عن هذه الحالة بالتفرق، أو بجلوسهم على هيئتهم الاولية، لكنهم خائضون في أحاديث وأعمال أجنبية عن الصلاة، أو ساكتون فلا يسقطان عن الجماعة الثانية.

(2) أي بأن لم يبق من الجماعة آكد حتى قيل بوجوبهما فاذا سقطا عن الجماعة الثانية بسبب الجماعة الاولى فسقوطهما عن المنفرد أولى.

(4) منفردا، أو جماعة.

٥٧٦

ويشترط اتحاد الصلاتين، أو الوقت والمكان عرفا(1) .

وفي اشتراط كونه مسجدا وجهان، وظاهر الاطلاق(2) عدم الاشتراط، وهو الذي اختاره المصنف في الذكرى.

ويظهر من فحوى الاخبار أن الحكمة في ذلك مراعاة جانب الامام السابق في عدم تصوير الثانية بصورة الجماعة ومزاياها.

___________________________________

(1) مرادهرحمه‌الله أنه يشترط في سقوط الاذان والاقامة عن الجماعة الثانية، أو المنفرد أمران: (الاول): اتحاد الصلاتين بأن تكونا ظهرين مثلا، أو اتحاد الوقت وإن تغايرتا كمغرب وعشاء باعتبار اشتراكهما في الوقت وعليه فيسقط الاذان والاقامة عن الجماعة المريدة لصلاة العشاء بسبب الجماعة التي قبلها المشتغلة بالمغرب. (الثاني): اتحادهما في المكان عرفا فلو كانت احداهما في المسجد والاخرى على سطحه، أو خارجه لم يسقطا عن الثانية ولا يخفى أن اتحاد الوقت والمكان يستفاد من الاخبار، بل هو منصرفها، بخلاف اتحاد الصلاتين، فانه لا دليل عليه.

(2) يمكن أن يراد من الاطلاق اطلاق كلام المصنفرحمه‌الله أو اطلاق بعض الاخبار وهو الموجب لعدم اشتراط المسجد في سقوط الا ذان والاقامة. وأما وجه الاشتراط فكونه موردا لكثير من الاخبار.

راجع (وسائل الشيعة) الجزء 4. ص 652 - 654. الباب 25. الاحاديث.

٥٧٧

ولا يشترط العلم بأذان الاولى وإقامتها، بل عدم العلم باهمالها لهما(1) مع احتما ل السقوط عن الثانية مطلقا(2) عملا باطلاق النص ومراعاة الحكمة(3) .

(ويسقط الاذان في عصري عرفة) لمن كان بها (والجمعة وعشاء) ليلة (المزدلفة) وهي المشعر، والحكمة فيه مع النص(4) استحباب الجمع بين الصلاتين. والاصل في الاذان الاعلام، فمن حضر الاولى صلى الثانية فكانتا كالصلاة الواحدة، وكذا يسقط في الثانية عن كل جامع(5) ولو جوازا. والاذان لصاحبة الوقت، فان جمع في وقت الاولى

___________________________________

(1) مراده أنه لايشترط العلم بالاتيان، بل عدم العلم بالاهمال.

(2) أي حتى مع العلم باهمال الاولى للاذان والاقامة يسقطان عن الثانية.

(3) حيث إن النصوص الواردة لم تقيد سقوطهما عن الثانية بمااذا كانت الاولى قد أذنت وأقامت. وأما مراعاة الحكمة فهي أن السقوط عن الثانية انما كان لاجل احترام الاولى وان أهملتهما(4) راجع (المصدر نفسه).

ص 665. الباب 3. الحديث 1.

(5) أي ويسقط الاذان عن كل من جمع بين الصلاتين اذا اذن وأقام للاولى، فان الذان يسقط عن الثانية، سواء أ كان جمعه بين الصلاتين جوازا، أم عزيمة.

٥٧٨

أذن لها وأقام ثم أقام للثانية، وإن جمع في وقت الثانية أذن أولا بنية الثانية، ثم أقام للاولى ثم للثانية(1) . وهل سقوطه في هذه المواضع رخصة فيجوز الاذان، أم عزيمة(2) فلا يشرع؟ وجهان: من أنه عبادة توقيفية(3) ، ولا نص عليه هنا بخصوصه والعموم مخصص بفعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإنه جمع بين الظهرين والعشائين لغير مانع بأذان وإقامتين، وكذا في تلك المواضع.

والظاهر أنه لمكان الجمع لا لخصوصية البقعة(4) .

___________________________________

(1) كما إذا جمع بعد الفجر بين صلاة الغداة وقضاء يومية فيؤذن ويقيم للغداة ويترك الاذان عن القضاء، سواء قدم الفريضة على القضاء أم عكس. لكن لو قدم القضاء على الاداء مثلا يؤذن بنية الفريضة ثم يقيم للقضاء، وبعدها يقيم للفريضة، ليكون الاذان السابق للصلاة الثانية التي هي صاحبة الوقت.

(2) الرخصة: جواز الترك.

والعزيمة: وجوب الترك.

(3) استدلال على كون الترك عزيمة، لان العبادة بما أنها توفيقية يجب ورود النص على كل عمل، أو ذكر يتعلق بها، وحيث لا نص على الجواز فيحرم اتيان الاذان.

(4) يعني أن تركهصلى‌الله‌عليه‌وآله للاذان في تلك المواضع كان لاجل جمعه بين الصلاتين، لا لخصوصية في نفس المكان الذي صلى فيه فعملهصلى‌الله‌عليه‌وآله يدل على لزوم الترك في مطلق الجمع.

راجع (المصدر نفسه). ص 665. الباب 36. الاحاديث.

٥٧٩

ومن(1) أنه ذكر الله تعالى فلاوجه لسقوطه أصلا، بل تخفيفا ورخصة. ويشكل بمنع كونه بجميع فصوله ذكرا، وبأن الكلام في خصوصية العبادة لا في مطلق الذكر، وقد صرح جماعة من الاصحاب منهم العلامة بتحريمه في الثلاثة الاول،(2) ، وأطلق(3) الباقون سقوطه مع مطلق الجمع.

واختلف كلام المصنفرحمه‌الله ففي الذكرى توقف في كراهته في الثلاثة استنادا إلى عدم وقوفه فيه على نص، ولا فتوى، ثم حكم بنفي الكراهة وجزم بانتفاء التحريم فيها، وببقاء الاستحباب في الجمع بغيرها مؤولا الساقط بأنه أذان الاعلام، وأن الباقي أذان الذكر والاعظام.

وفي الدروس قريب من ذلك، فإنه قال: ربما قيل بكراهته في الثلاثة، وبالغ من قال بالتحريم.

وفي البيان: الاقرب أن الاذان في الثلاثة حرام مع اعتقاد شرعيته، وتوقف في غيرها(4) ، والظاهر التحريم فيما لا إجماع على استحبابه منها، لما ذكرناه(5) .

وأما تقسيم الاذان إلى القسمين فأضعف، لانه عبادة خاصة

___________________________________

(1) دليل لعدم سقوط الاذان.

(2) وهي: عصرا عرفة والجمعة، وعشاء المزدلفة.

(3) من غير بيان أن السقوط عزيمة، أو رخصة.

(4) غير الثلاثة المذكورة.

(5) أي أن الظاهر في كل مورد حكموا بسقوط الاذان هو حرمته إلا ما ثبت استحبابه بدليل خاص. وذلك لماتقدم من أن الاذان عبادة توقيفية فلا يشرع ما لم يرد به إذن من الشارع.

٥٨٠