الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية الجزء ٤

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية0%

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 455

  • البداية
  • السابق
  • 455 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 38878 / تحميل: 5337
الحجم الحجم الحجم
الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية الجزء 4

مؤلف:
العربية

مع الاذن(1) على مضمونه. لا على الاصيل(2) ، وإنما يرجع عليه(3) الضامن الاول إن ضمن بإذنه(4) . وأما الكفالة فيصح تراميها، دون دورها(5) لان حضور المكفول الاول يبطل ما تأخر منها(6) .

(و) كذا تصح (الحواله بغير جنس الحق) الذي للمحتال على المحيل بأن يكون له عليه دراهم فيحيله على آخر بدنانير، سواء جعلنا الحواله استيفاء(7) أم اعتياضا(8) ، لان إيفاء الدين بغير جنسه جائز مع التراضي. وكذا المعاوضة على الدراهم بالدنانير.

___________________________________

(1) اي اذن المضمون عنه في المراتب المترامية.

(2) وهو المضمون عنه الاول.

(3) اي على الاصيل الذي هو المضمون عنه الاول.

(4) مرجع الضمير (الاصيل) اي كان ضمان الضامن الاول باذن الاصيل الذي هو المضمون عنه الاول.

(5) بأن يتكفل المكفول الاول الكفيل الاخير وهو لا يصح، لان بحضور المكفول الاول تبطل الكفالات اللاحقة.

(6) اي من الكفالات الواقعة بعد الكفالة الاولى.

(7) بمعنى أن المحتال قد استوفى دينه من المحيل بنفس الحوالة.

(8) وهو تعويض ما في ذمة المحيل بما في ذمة المحال عليه. ولا يخفى عدم الفرق بين المعنيين في النتيجة لانها واحدة. فلماذا فرققدس‌سره بينهما؟ وقد مر شرح (الاعتياض) اشتقاقا في كتاب الزكاة المجلد 2 ص 49 هامش رقم 5 فراجع.

١٤١

ولو انعكس فأحاله(1) بحقه على من عليه(2) مخالف صح أيضا بناء على اشتراط رضى المحال عليه، سواء جعلناها استيفاء أم اعتياضا بتقريب التقرير(3) ، ولا يعتبر التقابض في المجلس حيث تكون(4) صرفا، لان المعاوضة على هذا الوجه(5) ليست بيعا، ولو لم يعتبر رضى المحال عليه صح الاول(6) ، دون الثاني(7) ، إذ(8) لا يجب على المديون الاداء من غير جنس ما عليه، وخالف الشيخرحمه‌الله وجماعة فيهما فاشترطوا تساوى المحال به وعليه جنسا ووصفا، استنادا إلى أن الحوالة تحويل ما في ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، فإذا كان على المحيل دراهم مثلا وله على المحال دنانير كيف يصير حق المحتال على المحال عليه دراهم

___________________________________

(1) مرجع الضمير (المحتال). وفاعل احال (المحيل).

(2) وهو المحال عليه.

(3) وهو قول (الشارح): لان ايفاء الدين بغير جنسه جائز مع التراضي وكذا المعاوضة على الدراهم بالدنانير).

(4) اي (الاعتياض) بأن كانت ذمة احدهما مشغولة بالدراهم، والآخر بالدنانير، او بالعكس، والحوالة قد تكون بغير جنس الحق، أو به، وما على المحال عليه يختلف عنه.

(5) اي بطريق الحوالة.

(6) وهي الحوالة بغير جنس الحق.

(7) وهي الحوالة بجنس الحق على من عليه من غير جنس الحق فإنه لا تصح الحوالة من المحيل على المحال عليه حين كان المحال عليه مديونا من غير جنس الحق المحال به

(8) تعليل للثاني (وهو عدم صحة الحوالة بجنس الحق على من عليه من غير جنس الحق).

١٤٢

ولم يقع عقد يوجب ذلك(1) ، لانا إن جعلناها استيفاء كان المحتال بمنزلة من استوفى دينه(2) وأقرضه المحال عليه وحقه الدارهم، لا الدنانير(3) ، وإن كانت معاوضة فليست(4) على حقيقة المعاوضات(5) التى يقصد بها تحصيل ما ليس بحاصل(6) من جنس مال(7) ، أو زيادة قدر(8) ، أوصفة(9) ، وإنما هي معاوضة ارفاق، ومسامحة للحاجة، فاعتبر فيها(10) التجانس والتساوي(11) ، وجوابه(12) يظهر مما ذكرناه.

(وكذا) تصح (الحوالة بدين عليه لواحد على دين للمحيل على اثنين متكافلين) أي قد ضمن كل منهما ما في ذمة صاحبه دفعة

___________________________________

(1) اي تحويل ما في ذمة المحال عليه بالدراهم.

(2) من المحيل بنفس الحوالة.

(3) فكيف تتحول إلى الدنانير، والمفروض أن ما في ذمة المحال عليه الدراهم.

(4) اي الحوالة: كما وأن اسم كانت (الحوالة).

(5) كالبيع وامثاله.

(6) وهي المنافع.

(7) كمعاوضة الذهب بالفضة، أو بالعكس، أو النقد بالعرض.

(8) كمعاوضة الاكثر بالاقل.

(9) كمعاوضة الجيد بالردي.

(10) اي في هذه المعاوضة الارفاقية.

(11) في القدر، والصفة.

(12) اي جواب (الشيخ) يظهر مما ذكرناه: (وهو أن ايفاء الدين بغير جنسه جائز مع التراضي)، سواء كان استيفاء ام اعتياضا.

١٤٣

واحدة(1) ، أو متلاحقين مع إرادة الثانى ضمان ما في ذمة الاول في الاصل(2) ، لا مطلقا، لئلا يصير المالان في ذمة الثاني، ووجه جواز الحوالة عليهما ظاهر، لوجود المقتضي للصحة، وانتفاء المانع، إذ ليس(3) إلا كونهما متكافلين، وذلك(4) لا يصلح مانعا، ونبه بذلك على خلاف الشيخرحمه‌الله حيث منع منه(5) ، محتجا باستلزامها زيادة الارتفاق(6) ،

___________________________________

(1) بأن نطقا دفعة واحدة بأن يقول كل واحد لصاحبه: ضمنت ما في ذمتك من الدين الذي عليك لفلان.

(2) بأن ضمن الثاني ما في ذمة الضامن الاول من الدين الاصلي الذي كان عليه فقط، لا منضما إلى ما ضمنه الضامن الاول من الدين الاصلي الذي كان في ذمته من المحيل.

والمراد من المتلاحقين: أن يضمن احدهما ما في ذمة صاحبه اولا بأن يقول: ضمنت لك ما في ذمتك من الدين الذي عليك لفلان، ثم يتبعه الثاني بأن يقول: ضمنت ما في ذمتك من الدين الذي عليك لفلان. لا مع ما ضمنته عني، ولا يطلق الثاني صيغة الضمان بأن يقول: ضمنت ما في ذمتك من الدين، فإن في صورة الاطلاق يتحول ما في ذمة الاول من الدين الاصلي والدين الذي جاء من الضمان إلى ذمته كما افاده الشارح ايضا.

(3) اي ليس المانع.

(4) اي كونهما متكافلين لا يمنع عن صحة الحوالة.

(5) اي من الحوالة على اثنين متكافلين.

(6) اي الارتفاق بالمحتال في بعض صوره كما لو اراد المحتال السفر وكان حمل المبلغ معه في معرض الخطر، فإن الحوالة بالنسبة اليه ارفاق حيث إنه يتسلم المبلغ في البلد الذي اراد السفر اليه.

١٤٤

وهو(1) ممتنع في الحوالة، لوجوب موافقة الحق المحال به للمحال عليه(2) من غير زيادة ولا نقصان قدرا ووصفا. وهذا التعليل إنما يتوجه على مذهب من يجعل الضمان ضم ذمة إلى ذمة(3) ، فيتخير حينئذ(4) في مطالبة كل منهما بمجموع الحق، أما على مذهب أصحابنا من أنه ناقل للمال من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه

___________________________________

(1) الظاهر أن مرجع الضمير (الزيادة) وتذكيره باعتبار كونها مصدراً. والمراد من الامتناع هنا (عدم جواز زيادة الارتفاق) في الحوالة.

(2) اي للحق المحال عليه.

(3) كما هو رأي (أبناء السنة) واليك نص عباراتهم قال (ابن قدامة في المغني) ج 4 ص 480 باب الضمان: الضمان ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحق فيثبت في ذمتهما جميعاً، ولصاحب الحق مطالبة من شاء منهما. فاشتقاقه من (الضم).

وقال (القاضي): هو مشتق من الضميم، لان ذمة الضامن تتضمن الحق. هذا ما افاده (اخواننا السنة) في الضمان وقد عرفت معنى الضمان في كتاب الضمان عندنا: انه نقل الحق من ذمة إلى اخرى.

(4) اي حين القول بأن الضمان ضم ذمة إلى ذمة اخرى كما ذهب اليه (اخواننا السنة).

فالمعنى أن الضامن عندما يضمن الحق تشتغل ذمته بالدين ولا تبرأ ذمة المضمون عنه، بل الذمتان مشغولتان فللمضمون له الرجوع على كل منهما. وقد عرفت أن اصحابنا لا يوافقون على هذا الرأي بل يقولون: إن اشتغال ذمة المضمون عنه يتحول إلى اشتغال ذمة الضامن، وأن المضمون عنه تبرأ ذمته من الحق، فليس للمضمون له الرجوع على المضمون عنه، بل له الرجوع على الضامن فقط.

١٤٥

فلا ارتفاق، بل غايته انتقال ما على كل منهما إلى ذمة صاحبه فيبقى الامر كما كان، ومع تسليمه(1) لا يصلح للمانعية، لان مطلق الارتفاق بها(2) غير مانع إجماعا، كما لو أحاله على أملى(3) منه وأحسن وفاء.

(ولو أدى المحال عليه فطلب(4) الرجوع) بما أداه على المحيل (لانكاره(5) الدين) وزعمه أن الحوالة على البرئ بناء على جواز الحوالة عليه (وادعاه(6) المحيل، تعارض الاصل) وهو براء‌ة ذمة المحال عليه من دين المحيل (والظاهر) وهو كونه مشغول الذمة، إذ الظاهر أنه لو لا اشتغال ذمته(7) لما أحيل عليه (والاول) وهو الاصل (أرجح) من الثاني حيث يتعارضان غالبا، وإنما يتخلف في مواضع نادرة(8) (فيحلف) المحال عليه على أنه برئ من دين المحيل، (ويرجع) عليه بما غرم، (سواء كان) العقد الواقع بينهما (بلفظ الحوالة، أو الضمان) لان الحوالة على البرئ أشبه بالضمان فتصح بلفظه.

___________________________________

(1) اي مع تسليم أن الحوالة على هذا الوجه (وهو كون الحوالة على المتكافلين) تستلزم زيادة الارتفاق.

(2) مرجع الضمير (الحوالة) والباء بمعنى (في).

(3) اي اغنى منه.

(4) اي طلب المحال عليه من المحيل ما اداه للمحتال بأن قال: لست مدينا لك وقد اديت ما حولته علي.

(5) اي انكار المحال عليه. فالمصدر مضاف إلى الفاعل.

(6) اي ادعى الدين.

(7) اي ذمة المحال عليه. ولا نسلم أن الظاهر في الحوالة اشتغال ذمة المحال عليه، اذ كثير من التجار يحولون على زملائهم من غير اشتغال ذمتهم لهم.

(8) وفي تضاعيف الكتاب اشارة إلى كثير من مواردها.

١٤٦

وأيضا فهو(1) يطلق على ما يشملهما(2) بالمعنى الاعم فيصح التعبير به عنها. ويحتمل الفرق بين الصيغتين فيقبل(3) مع التعبير بالضمان، دون الحوالة عملا بالظاهر، ولو اشترطنا في الحوالة اشتغال ذمة المحال عليه بمثل الحق تعارض أصل الصحة(4) والبراء‌ة(5) فيتساقطان، ويبقى(6) مع المحال عليه أداء دين المحيل بإذنه فيرجع عليه(7) ، ولا يمنع(8)

___________________________________

(1) اي الضمان.

(2) اي يشمل الحوالة والضمان وهو التعهد بالمال، سواء كان بلفظ الضمان ام الحوالة.

(3) اي يقبل انكار الدين من الضامن بناء على صحة ضمان البرئ، دون الحوالة فإنها اذا كانت بلفظ الحوالة لا يقبل انكار المحال عليه الدين عملا بالظاهر هذا بناء على صحة الحوالة على البرئ.

(4) اي الاصل في افعال المسلم هي الصحة.

(5) اي برائة ذمة المحال عليه من الدين. فالمعنى أن أصالة الصحة تتعارض مع اصل البرائة فيتساقط الاصلان بالتعارض.

(6) اي ويبقى في صالح المحال عليه أنه أدى دين المحيل باذنه، سواء كان الاذن في عقد صحيح ام في عقد باطل.

(7) اي المحال عليه يرجع على المحيل بعد تعارض الاصلين وسقوطهما، لان دفع المحال عليه الحوالة كان باذن المحيل.

(8) دفع وهم: حاصله: أن الحوالة اذا كانت على البرئ فهي باطلة. فالاذن - الذي كان في ضمنها - يتبع الحوالة في البطلان. فكيف يحكم برجوع المحال عليه على المحيل اذا كان الاذن باطلا؟

١٤٧

وقوع الاذن في ضمن الحوالة الباطلة المقتضي بطلانها لبطلان تابعها، لاتفاقهما(1) على الاذن، وإنما اختلفا في أمر آخر(2) ، فإذا لم يثبت(3) يبقى ما اتفقا عليه من الاذن في الوفاء(4) المقتضي للرجوع، ويحتمل عدم الرجوع ترجيحا للصحة(5) المستلزمة لشغل الذمة(6) .

___________________________________

(1) جواب عن الاشكال المذكور، حاصله: أن المحيل والمحال عليه قد اتفقا على الاذن في الدفع لتصديق المحيل المحال عليه بالاذن، ولا يمنع بطلان الحوالة من صحة الاذن، كما اذا لم يقع الاذن في عقد ابدا.

(2) وهو اشتغال ذمة المحال عليه للمحيل.

(3) اي الامر الذي اختلفا فيه (وهو اشتغال الذمة).

(4) اي وفاء المحال عليه دين المحيل.

(5) اي أصالة الصحة.

(6) اي ذمة المحال عليه.

كتاب الكفالة

١٤٨

١٤٩

١٥٠

كتاب الكفالة(1)

(وهي التعهد بالنفس) أي التزام احضار المكفول متى طلبه المكفول له، وشرطها رضى الكفيل والمكفول له، دون المكفول، لوجوب الحضور عليه(2) متى طلبه صاحب الحق ولو بالدعوى، بنفسه أو وكيله، والكفيل بمنزلة الوكيل حيث يأمره به. ويفتقر إلى إيجاب وقبول(3) بين الاولين(4) صادرين على الوجه المعتبر في العقد اللازم.

(وتصح حالة(5) ومؤجلة) أما الثاني فموضع وفاق، وأما الاول فأصح القولين، لان(6) الحضور حق شرعي لا ينافيه الحلول. وقيل:

___________________________________

(1) من كفل الرجل اي ضمنه على ان يأتي به لدى الحاجة أو متى طلبه المكفول له.

ويقال: كفل المال اي ضمنه فهو من باب نصر ينصر، ويأتي ايضا من باب ضرب يضرب، ويأتي من باب حسب يحسب، ومن باب شرف يشرف. فهي اسم مصدر ومصدرها كفلا وكفولا.

(2) اي على المكفول، واللام في (لوجوب الحضور) تعليل لعدم اعتبار رضى المكفول.

(3) الايجاب من الكفيل، والقبول من المكفول له.

(4) هو الكفيل والمكفول له.

(5) المراد من الحال: احضار المكفول متى طلبه المكفول له.

والمراد من المؤجل: احضار المكفول بعد اجل معين، أما قبله فغير واجب.

(6) تعليل لصحة الكفالة حالا.

١٥١

لا تصح الا مؤجلة (إلى أجل معلوم) لا يحتمل الزيادة والنقصان كغيره(1) من الآجال المشترطة، (ويبرأ الكفيل بتسليمه(2) ) تسليما (تاما) بأن لا يكون هناك مانع من تسلمه كمتغلب، أو حبس ظالم، وكونه في مكان لا يتمكن من وضع يده عليه، لقوة المكفول، وضعف المكفول له، وفي المكان(3) المعين إن بيناه في العقد، وبلد(4) العقد مع الاطلاق، (وعند الاجل) أي بعده إن كانت مؤجلة، (أو في الحلول) متى شاء إن كانت حالة، ونحو ذلك، فإذا سلمه كذلك(5) برئ، فإن امتنع(6) سلمه إلى الحاكم وبرئ أيضا، فإن لم يمكن(7) أشهد عدلين بإحضاره إلى المكفول له، وامتناعه من قبضه، وكذا يبرأ بتسليم المكفول نفسه تاما وإن لم يكن(8) من الكفيل على الاقوى، وبتسليم غيره له كذلك(9) .

(ولو امتنع) الكفيل من تسليمه ألزمه الحاكم به فإن أبى (فللمستحق)

___________________________________

(1) اي كغير الاجل الذي في الكفالة من الآجال الاخر المشترطة في العقود.

(2) اي بتسليم المكفول.

(3) الظرف متعلق بقول المصنف: (بتسليمه): اي ويبرأ الكفيل بتسليم المكفول إلى المكفول له في المكان المعين لو عين المكان في العقد.

(4) بالجر عطفا على مدخول حرف الجار اي ويبرأ الكفيل بتسليم المكفول له في بلد العقد اذا كان العقد مطلقا ولم يعين فيه مكان خاص.

(5) اي تاما وفي الوقت المعين وفي المكان الخاص.

(6) اي المكفول له من التسلم.

(7) اي لم يمكن تسليمه إلى الحاكم، لعدم وجوده.

(8) اي التسليم.

(9) اي تسليما تاما في الوقت المعين وفي المكان الخاص.

١٥٢

طلب (حبسه) من الحاكم (حتى يحضره، أو يؤدي ما عليه) إن أمكن أداوه عنه كالدين، فلو لم يمكن كالقصاص(1) ، والزوجية(2) ، والدعوى(3) بعقوبة توجب حدا أو تعزيرا، ألزم باحضاره حتما مع الامكان وله(4) عقوبته عليه كما في كل ممتنع من أداء الحق مع قدرته عليه(5) ، فإن لم يمكنه الاحضار وكان له بدل كالدية في القتل وإن كان عمدا، ومهر(6) مثل الزوجة وجب عليه البدل.

وقيل: يتعين الزامه باحضاره إذا طلبه المستحق(7) مطلقا(8) ، لعدم انحصار الاغراض في أداء الحق. وهو قوي. ثم على تقدير كون الحق مالا وأداه الكفيل فإن كان قد أدى

___________________________________

(1) اذ لا يمكن التقاص من الكفيل، لان الجاني غيره.

(2) فيما لو كفل للزوجة الاتيان بزوجها، أو كفل للزوج احضار زوجته فإنه حينئذ لا يمكن أن يقوم الكفيل بوظائف الزوجية بدلا عن الزوج، او الزوجة.

(3) بالجر اي وكالدعوى، بأن اقام المكفول له على المكفول دعوى توجب العقوبة بالحد، أو التعزير فإنه حينئذ لا يمكن أن يقام على الكفيل الحد، ولا التعزير بل يلزم الكفيل - في أمثال هذه الموارد التي لا يمكن أن يقوم بنفسه مقام المكفول - مجرد احضار المكفول فقط مع الامكان.

(4) الظاهر ارجاع الضمير إلى (المكفول له) بأن يطلب من الحاكم احضار المكفول ومرجع الضمير في عقوبته (المكفول).

(5) اي على الاداء. ومرجع الضمير في (مع قدرته): (الممتنع).

(6) بالجر عطفا على مدخول (كاف الجارة) اي كالدية، وكمهر المثل.

(7) اي المكفول له.

(8) اي وإن كان الحق مما يمكن اداؤه.

١٥٣

بإذنه(1) رجع عليه، وكذا(2) إن أدى بغير إذنه مع كفالته بإذنه، وتعذر احضاره، والا(3) فلا رجوع. والفرق بين الكفالة والضمان في رجوع من أدى بالاذن هنا وإن كفل بغير الاذن، بخلاف الضمان(4) : أن الكفالة لم تتعلق بالمال بالذات(5) ، وحكم الكفيل بالنسبة اليه(6) حكم الاجنبى فاذا أداه بإذن المديون فله الرجوع، بخلاف الضامن(7) ، لانتقال المال إلى ذمته بالضمان، فلا ينفعه(8) بعده الاذن في الاداء، لانه كإذن البرئ

___________________________________

(1) اي المكفول. ومرجع الضمير في (عليه) ايضا المكفول.

(2) اي وكذا يرجع الكفيل على المكفول لو كانت الكفالة باذنه، ولم يكن الاداء باذنه.

(3) اي وان لم تكن الكفالة، ولا الاداء باذنه.

(4) في أنه لو كان الضمان بغير اذن المضمون عنه فلا رجوع للضامن على المضمون عنه وان اذن له بعد ذلك بالاداء.

(5) بل تعلقت اولا وبالذات بالنفس، فحينئذ لم تتعلق ذمة الكفيل بالمال ولم تشتغل به.

(6) اي إلى المال.

(7) فيما اذا ضمن بغير اذنه فهنا لا يرجع الضامن على المضمون عنه وان اذن له المضمون عنه بعد ذلك بالاداء، لانتقال المال إلى ذمة الضامن بمجرد الضمان.

(8) اي اذن المضمون عنه بعد ضمان الضامن بلا اذنه غير مفيد في رجوع الضامن عليه، لاشتغال ذمة الضامن بالدين قبل أن يأذن المضمون عنه له.

١٥٤

للمديون في أداء دينه(1) . وأما إذنه في الكفالة إذا تعذر احضاره، واستئذانه(2) في الاداء فذلك(3) من لوازم الكفالة، والاذن فيها إذن في لوازمها.

(ولو علق الكفالة) بشرط(4) متوقع، أو صفة(5) مترقبة (بطلت) الكفالة، (وكذا الضمان والحوالة) كغيرها من العقود اللازمة (نعم لو قال: إن لم أحضره إلى كذا كان علي كذا صحت الكفالة أبدا ولا يلزمه المال المشروط، ولو قال: علي كذا إن لم أحضره لزمه ما شرطه من المال إن لم يحضره(6) ) على المشهور.

___________________________________

(1) فكما أن البرئ لو قال للمديون: اد دينك. لم يكن قوله هذا موجبا لاشتغال ذمته، وليس للمديون الرجوع عليه، فكذلك المضمون عنه لو لم يأذن في بادئ الامر بالضمان، ثم اذن للضمان بعد ان ضمن الضامن بالاداء ليس للضامن الرجوع على المضمون عنه.

(2) بالرفع معطوف على فاعل (تعذر) اي وتعذر استئذانه.

(3) اي اداء الدين عن المكفول.

(4) كقدوم شخص متوقع مجيئه مثلا.

(5) كالصحة من المرض مثلا.

(6) المدة في الصيغة الاولى محدودة، بخلاف الثانية فإنها غير محدودة فيها. والفرق بين الصيغة الاولى، والثانية: أن في الاولى يبدأ الكفيل بصيغة الكفالة، وبعد أن تمت يشترط على نفسه المال ان لم يحضره، فلا يلزمه المال حيث لم يقع في متن العقد. بخلاف الثانية فإن الكفيل يبدأ بالمال في متن العقد فيلزمه المال، حيث شرطه في نفس العقد.

١٥٥

ومستند الحكمين رواية(1) داود بن الحصين(2) عن أبي العباس عن الصادقعليه‌السلام . وفي الفرق بين الصيغتين من حيث التركيب العربي نظر(3) ، ولكن المصنف والجماعة عملوا بمضمون الرواية جامدين(4) على النص مع ضعف سنده.

___________________________________

(1) الوسائل كتاب احكام الضمان - باب 10 - الحديث 2.

(2) مصغرا.

(3) وأما في التركيب الشرعي فواضح، حيث وقع الشرط في الصيغة الاولى خارج العقد، بخلاف الثانية فإن الشرط وقع في متن العقد.

(4) اي لم يتصرفوا في النص، ولم يأولوه كما تصرف (الشيخ الحر العاملي)قدس‌سره وأول الحدث في هامش كتابه (الوسائل) الطبعة الحديثة ب‍ (طهران) واليك نص ما افاده طيب الله روحه: " لا يبعد أن تكون الدراهم التي حكم بعدم لزومها هنا ما كان مغايرا ومخالفا لما في ذمة المكفول، ويكون الكفيل التزم بها عقوبة له ان لم يحضر المكفول. والتي حكم بلزومها هي التي في ذمة المكفول. وربما فهم هذا من قوله: إلا أن يبدأ بالدراهم بان تكون (اللام) للعهد في ذمة المكفول.

ووجه بعض فقهائنا بأنه اذا بدأ بالرجل كان كفالة، وكان ذكر الدراهم تأكيدا، لانه اذا لم يحضره لزمه المال وان لم يشترط، وان بدأ بالدراهم كان ضمان " انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه. وقد عرفت في التعليقة رقم 6 ص 155 ما اولناه فتصبح للحديث ثلاث تأويلات. ثم إن المراد من الدراهم التي حكم صاحب الوسائل بلزومها والمراد من قوله: (وربما فهم هذا) في الصيغة الاولى: هي الدراهم التي جعلها على نفسه عقوبة. وفي الصيغة الثانية: الدراهم التي في ذمة المكفول. والمراد من قوله (اللام للعهد): اشارة إلى الدراهم المعهودة في ذمة المكفول.

١٥٦

وربما تكلف متكلف بما لا يسمن ولا يغني من جوع، وإن أردت الوقوف على تحقيق الحال فراجع ما حررناه في ذلك بشرح الشرائع(1) وغيره.

(وتحصل الكفالة) أي حكم(2) الكفالة (باطلاق الغريم من المستحق قهراً) فيلزمه إحضاره، أو أداء ما عليه(3) إن أمكن(4) وعلى ما اخترناه(5) مع تعذر احضاره لكن هنا(6) حيث يؤخذ منه(7)

___________________________________

(1) راجع المسالك المجلد الاول (القسم الثالث) في الكفالة فإنك تجد ما افاده (الشهيد الثاني)قدس‌سره مشروحا مفصلا.

(2) وهو الزام المطلق للغريم باحضاره فإن امتنع حبس.

(3) مرجع الضمير: (المكفول) اي يؤدي ما على المكفول.

(4) اي كان ما عليه ممكن الاداء، ولا يكون من قبيل القصاص، والزوجية والدعوى مستلزمة للحد.

(5) وهو الزام الكفيل باحضار المكفول، الا اذا تعذر الاحضار فيسقط، ويؤدي عنه ما عليه في صورة تعذر الاحضار. والواو في (وعلى ما اخترناه): استينافية، لا عاطفة. وحق العبارة هكذا: " على ما اخترناه لا يؤدي الكفيل على المكفول الا مع تعذر احضاره ".

(6) اي اذا اطلق الشخص الغريم من يد المستحق الذي هو الدائن، أو غيره.

(7) اي من المطلق.

١٥٧

المال لا رجوع له(1) على الغريم إذا لم يأمره(2) بدفعه، إذ لم يحصل من الاطلاق ما يقتضي الرجوع(3) ، (فلو كان) الغريم (قاتلا) عمدا كان أم شبهه (لزمه(4) احضاره، أو الدية)، ولا يقتص منه في العمد لانه لا يجب على غير المباشر. ثم إن استمر القاتل هاربا ذهب المال على المخلص(5) وإن تمكن الولي منه(6) في العمد وجب عليه رد الدية إلى الغارم، وان لم يقتص من القاتل، لانها وجبت لمكان الحيلولة وقد زالت، وعدم القتل الآن مستند إلى اختيار المستحق(7) ، ولو كان تخليص الغريم من يد كفيله وتعذر استيفاء الحق(8) من قصاص، أو مال، وأخذ الحق من الكفيل كان له(9) الرجوع على الذي خلصه، كتخليصه(10) من يد المستحق.

___________________________________

(1) اي للمطلق على الغريم وهو المديون الذي اطلق سراحه.

(2) مرجع الضمير (المطلق). وفاعل لم يأمره (الغريم).

(3) بخلاف عقد الكفالة اذا كان باذنه فإنه مستلزم للرجوع.

(4) اي المطلق.

(5) وهو المطلق.

(6) اي من الغريم.

(7) اي عدم القتل الآن مستند إلى اختيار المستحق - وهو المكفول له - الدية، أو العفو.

(8) اي من الهارب.

(9) اي للكفيل.

(10) مرجع الضمير الغريم. فالمعنى أنه كما يرجع المستحق على المطلق الذي اطلق سراح الغريم، كذلك يرجع الكفيل على الذي خلص الغريم من يده.

١٥٨

(ولو غاب المكفول) غيبة يعرف موضعه (أنظر) الكفيل بعد مطالبة المكفول له باحضاره(1) ، (وبعد الحلول) إن كانت مؤجلة (بمقدار الذهاب) اليه (والاياب) فإن مضت ولم يحضره حبس وألزم ما تقدم(2) ، ولو يعرف موضعه لم يكلف إحضاره، لعدم إمكانه ولا شئ عليه، لانه لم يكفل المال، ولم يقصر في الاحضار.

(وينصرف الاطلاق إلى التسليم في موضع العقد)، لانه المفهوم عند الاطلاق. ويشكل لو كانا في برية، أو بلد غرية قصدهما مفارقته سريعا لكنهم لم يذكروا هنا خلافا كالسلم، والاشكال يندفع بالتعيين، (ولو عين غيره) أي غير موضع العقد (لزم) ما شرط، وحيث يعين، أو يطلق ويحضره في غير ما عين شرعا لا يجب تسلمه وإن انتفى الضرر، ولو قال الكفيل: لا حق لك على المكفول حالة الكفالة فلا يلزمني إحضاره فالقول قول المكفول له، لرجوع الدعوى إلى صحة الكفالة، وفسادها فيقدم قول مدعى الصحة، (وحلف المستحق) وهو المكفول له ولزمه إحضاره، فإن تعذر لم يثبت الحق بحلفه السابق، لانه(3) لاثبات حق يصحح الكفالة(4) ، ويكفي فيه(5) توجه الدعوى

___________________________________

(1) اذا كانت الكفالة حالة.

(2) من البدل، دون القصاص، والحد، والزوجية كما علمت.

(3) اي الحلف السابق.

(4) دون الحق الاصلي.

(5) اي في الحلف السابق.

فالمعنى: أن الحلف إنما يصحح اصل الكفالة، دون الحق المدعى. وأما نفس الحق فيحتاج إلى اقامة بينة.

١٥٩

نعم لو أقام بينة بالحق وأثبته عند الحاكم الزمه(1) به كما مر(2) ، ولا يرجع به(3) على المكفول، لاعترافه(4) ببراء‌ة ذمته، وزعمه بأنه مظلوم.

(وكذا(5) لو قال) الكفيل للمكفول له: (أبرأته(6) ) من الحق، أو أوفاكه(7) ، لاصالة(8) بقائه. ثم إن حلف المكفول له على بقاء الحق برئ(9) من دعوى الكفيل، ولزمه(10) إحضاره، فإن جاء بالمكفول فادعى(11) البراء‌ة

___________________________________

(1) مرجع الضمير (الكفيل): والفاعل في الزمه إما الحاكم، أو المستحق، والمرجع في (به) (الحق).

(2) في كتاب القضاء.

(3) مرجع الضمير (الحق). والفاعل في (ولا يرجع): (الكفيل).

(4) اي الكفيل والمرجع في (ببرائة ذمته): (المكفول) ومنشأ اعتراف الكفيل قوله للمكفول له: (لا حق لك على المكفول حالة الكفالة).

(5) اي وكذا يحلف المستحق الذي هو المكفول له.

(6) بصيغة الخطاب.

(7) فعل ماض من اوفى يوفي من باب الافعال.

فاعله المكفول: والكاف مفعوله الاول الذي هو (المستحق). والهاء مفعوله الثاني الذي هو (الحق): اي اوفاك المكفول الحق.

(8) تعليل لحلف (المستحق): اي لاصالة بقاء الحق.

(9) بصيغة المعلوم: اي برئ المكفول له - بعد الحلف - من دعوى الكفيل.

(10) مرجع الضمير (الكفيل). وفاعل (لزمه) احضاره ومرجع الضمير في احضاره (المكفول) اي لزم الكفيل احضار المكفول.

(11) اي المكفول.

١٦٠