الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية الجزء ٤

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية0%

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 455

  • البداية
  • السابق
  • 455 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 38884 / تحميل: 5338
الحجم الحجم الحجم
الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية الجزء 4

مؤلف:
العربية

عنه، ولا يكتفى بمشاهدته.

وقيل: تكفي المشاهدة. وهو ظاهر اختياره هنا(1) ، وهو مذهب الشيخ والعلامة في المختلف، لزوال معظم الغرر بالمشاهدة، وللاصل(2) ، ولقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : " المؤمنون عند شروطهم "، فإن قلنا به(3) واختلفا في قدره(4) فالقول قول العامل كما تقدم، للاصل(5) والاقوى المنع(6) .

(وليس للعامل أن يشتري ما فيه ضرر على المالك، كمن ينعتق عليه) أي على المالك(7) ، لانه تخسير محض، والغرض من هذه المعاملة الاسترباح فإن اشتراه بدون إذنه كان فضوليا مع علمه بالنسب والحكم(8) أما مع جهله بهما(9) ، أو بأحدهما ففي صحته وعتقه عن المالك، أو إلحاقه

___________________________________

(1) اي في هذا الكتاب (اللمعة) من قوله: " والقول قول العامل في قدر رأس المال " لو اختلفا فيه. وظاهر هذا الكلام أنهما اكتفيا عند العقد بالمشاهدة، ولذلك يقبل قول العامل في قدره بعد قبضه ومحاسبته عنده.

(2) اي اصل الجواز.

(3) اي بالاكتفاء بالمشاهدة.

(4) اي في قدر المال.

(5) اي اصل عدم الزيادة.

(6) اي عدم صحة الاكتفاء بالمشاهدة.

(7) بأن يشتري ابا المالك، وبما أن المال ماله فينعتق عليه قهرا.

(8) وهو الانعتاق.

(9) اي بالنسب، والحكم.

٢٢١

بالعالم(1) وجهان، مأخذهما: انصراف(2) الاذن إلى ما يمكن بيعه والاسترباح به فلا يدخل هذا فيه(3) مطلقا(4) ، ومن كون(5) الشرط بحسب الظاهر(6) ، لاستحالة توجه الخطاب إلى الغافل كما لو اشترى معيبا لا يعلم بعيبه فتلف به(7) ، (و) كذا (لا يشتري(8) من رب المال شيئا)، لان المال له، ولا يشترى مال الانسان بماله.

(ولو أذن في شراء أبيه) وغيره ممن ينعتق عليه (صح وانعتق) كما لو اشتراه بنفسه أو وكيله، وبطلت المضاربة في ثمنه، لانه بمنزلة التالف، وصار الباقي رأس المال إن كان (وللعامل الاجرة(9) ) سواء ظهر فيه ربح أم لا، أما مع عدمه(10) فظاهر إلا على الاحتمال(11)

___________________________________

(1) اي العالم بالنسب، والحكم.

(2) هذا دليل عدم الالحاق.

(3) اي لا يدخل صورة الانعتاق في الاذن المقيد حسب الظاهر بكونه مما يمكن بيعه، أو الاسترباح به.

(4) سواء كان عالما بهما، أو باحدهما، أو جاهلا.

(5) هذا دليل الالحاق.

(6) اي شرط كون الاذن فيما يمكن بيعه، أو الاسترباح به. وهذا الاشتراط اشتراط ظاهري، فلا يشمل الغافل.

(7) اي بالعيب. فلا يكون العامل ضامنا.

(8) اي لا يشتري العامل شيئا من المالك بمال المضاربة.

(9) اي اجرة المثل في هذه الصورة.

(10) اي مع عدم ظهور الربح فظاهر أن للعامل الاجرة.

(11) وهو أن العامل اقدم على معاملة جائزة من طرف المالك ومع احتمال هذا الفسخ والانفساخ فلا أجرة له.

٢٢٢

السابق فيما لو فسخ المالك بنفسه، وأما مع ظهوره(1) فلبطلان المضاربة بهذا الشراء، لعدم كونه من متعلق الاذن، لان متعلقه ما فيه ربح ولو بالمظنة وهو منفي هنا، لكونه مستعقبا للعتق فإذا صرف الثمن فيه بطلت(2) ويحتمل ثبوت الحصة إن قلنا بملكها بالظهور لتحققه(3) ولا يقدح عتقه القهري، لصدوره بإذن المالك، كما لو استرد طائفة من المال بعد ظهوره(4) وحينئذ(5) فيسري على العامل مع يسار المالك إن قلنا بالسراية في العتق القهري، او مع اختيار الشريك(6) السبب.

(ولو اشترى) العامل (أبا نفسه)، وغيره ممن ينعتق عليه (صح) إذ لا ضرر على المالك (فإن ظهر فيه ربح) حال الشراء، أو بعده (انعتق نصيبه) أي نصيب العامل، لاختياره السبب المفضي

___________________________________

(1) اي ظهور الربح.

(2) اي المضاربة.

(3) اي لتحقق الربح.

(4) اي بعد ظهور الربح.

(5) اي حين ظهور الربح.

توضيحه: أن العامل اشترى ابا المالك باذنه بجميع رأس المال وظهر الربح بمجرد الشراء بأن اشتراه مائة فزادت قيمته إلى مائة وعشرين. فإن للعامل حصة في هذا العشرين، نصفه أو ربعه. ولكن بما أن الاب ينعتق على ولده ويسري العتق إلى هذا المقدار الذي يكون في حصة العامل ايضا بقانون السريان في العتق فالعامل يرجع إلى المالك بهذا المقدار من حصته الفائتة.

(6) وهو المالك هنا.

٢٢٣

اليه كما لو اشتراه بماله، (ويسعى المعتق) وهو الاب(1) (في الباقي) وإن كان الولد موسرا، لصحيحة محمد بن أبي عمير عن الصادقعليه‌السلام (2) الحاكمة بإستسعائة من غير استفصال(3) .

وقيل: يسري على العامل مع يساره، لا ختياره السبب(4) وهو موجب لها(5) كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وحملت الرواية(6) على إعساره جمعا بين الادلة(7) . وربما فرق بين ظهور الربح حالة الشراء، وتجدده(8) فيسري في الاول(9) دون الثاني(10) ويمكن حمل الرواية عليه(11) أيضاً.

___________________________________

(1) اي أب العامل يسعى للمالك.

(2) الوسائل كتاب المضاربة باب 8 الحديث 1.

(3) بين يسار العامل واعساره.

(4) وهو شراء ابيه.

(5) اي الشراء عن اختيار موجب للسراية في العتق.

(6) الحاكمة باستسعاء الاب.

(7) اي بين الادلة القائلة بوجوب دفع الخسارة على المنعتق عليه دون المعتق. وبين هذه الرواية القائلة بوجوب الاستسعاء على الاب المعتق.

(8) اي بعد الشراء.

(9) وهو ظهور الربح حال الشراء.

(10) وهو ظهور الربح بعد الشراء.

(11) اي على الثاني وهو ظهور الربح بعد الشراء.

٢٢٤

وفي وجه ثالث بطلان البيع(1) ، لانه، مناف لمقصود القراض(2) إذ الغرض هو السعي للتجارة التي تقبل التقليب للاسترباح، والشراء المتعقب للعتق ينافيه(3) والوسط(4) قوي لولا معارضة إطلاق النص الصحيح(5) .

___________________________________

(1) اي شراء العامل أباه.

(2) اي المضاربة.

(3) اي ينافي التقليب للاسترباح.

(4) اي القول الوسط وهو الفرق بين يساره وإعساره.

فالاقول ثلاثة: استسعاء الاب. التفصيل بين يسار العامل واعساره. البطلان.

(5) المتقدم عن محمد بن ابي عمير عن الصادقعليه‌السلام ص 224 رقم 2

كتاب الوديعة

٢٢٥

٢٢٦

٢٢٧

٢٢٨

كتاب الوديعة(1)

(وهي استنابة في الحفظ) أي استنابة فيه بالذات(2) ، فلا يرد مثل الوكالة في بيع شئ، أو شرائه مع إثبات اليد عليه، فإنها تستلزم الاستنابة فيه(3) إلا أنها بالعرض، والقصد بالذات الاذن فيما وكل فيه. ثم الاستنابة إنما تكون من المودع(4) والوديعة لا تتم إلا بالمتعاقدين فلا تكون الوديعة هي الاستنابة، بل هي وقبولها، وإن اكتفينا بالقبول الفعلي. وكأن التعريف(5) ،

___________________________________

(1) اسم من أودع يودع ايداعا.

(2) لان العقد في الوديعة يتعلق بنفس الاستنابة في الحفظ، بخلاف الوكالة مثلا فإنها استنابة في البيع وتستلزم الاستنابة في الحفظ ايضا.

(3) اي في الحفظ.

(4) هذا اشكال على المصنف في تعريف الوديعة.

وحاصل الاشكال: أن الوديعة أمر يتحقق من الطرفين: ايداع المودع. وقبول المستودع.

وأما الاستنابة فهي طلب النيابة وهو أمر يتحقق من المودع فقط. فلا تصلح الاستنابة تعريفا للوديعة.

(5) هذا جواب الاشكال: وهو أن من عادة المصنف في تعريف المعاملات: أنه يصرف عقودها، وبما أن عقد الوديعة يكتفى فيه بالايجاب فقط، فلذلك تسامح واطلق الاستنابة - التي هي في الواقع ايجاب فقط - على الوديعة.

٢٢٩

لما كان لعقدها كما علم(1) من مذهب المصنف وكان المعتبر منه الايجاب تسامح في إطلاقها عليه(2) ، أو لان الاستنابة تستلزم قبولها فإنها لو تجردت عنه لم تؤثر(3) .

(وتفتقر إلى إيجاب وقبول) كغيرها من العقود، (ولا حصر في الالفاظ الدالة عليها) كما هو شأن العقود الجائزة من الطرفين، فيكفي كل لفظ دل عليها، بل التلويح والاشارة المفهمة لمعناها اختياراً.

(ويكفي في القبول الفعل)، لان الغرض منه الرضا بها. وربما كان الفعل وهو قبضها أقوى من القول، باعتبار دخولها في ضمانه، والتزامه(4) بحفظها بواسطة القبض وإن لم يحصل الايجاب فيه أولى، إلا أن فيه خروجا عن باب العقود التي لا تتم إلا بصيغة من الطرفين.

ومن ثم قيل: إنها إذن مجرد، لا عقد، وكيف كان لا تجب مقارنة القبول للايجاب قوليا كان، أو فعليا: (ولو طرحها عنده) ولم يحصل منه(5) ما يدل على الرضا، ولا قبضها، (أو أكرهه على قبضها لم تصر وديعة)، لانتفاء القبول الشرعي فيهما. وأما الايجاب فقد يحصل بالطرح بأن يضم اليه قولا، أو ما في حكمه(6)

___________________________________

(1) من عادة المصنف أنه بصدد تعريف العقود من المعاملات، دون نفسها كما مر في كتاب البيع وغيره.

(2) اي اطلاق الاستنابة على عقد الوديعة.

(3) فهو تعريف باللازم.

(4) هذا مبتداء، خبره قوله: اولى.

(5) اي من الودعي.

(6) كالاشارة.

٢٣٠

يفيده(1) ، وقد لا يحصل(2) بأن يقتصر على مجرد الطرح، وفي الثاني(3) لا تصير وديعة وإن قبل قولا أو فعلا لكن في الثاني(4) يجب عليه الحفظ لليد، لا للوديعة وفي الاول(5) تتم(6) بالقبول بهما(7) فيجب عليه الحفظ. وحيث لا يجب لعدم القبول قد يجب لامر آخر كما لو غاب المالك وتركها وخيف عليها الذهاب(8) فيجب من باب المعاونة على البر كفاية لكن لا ضمان بتركه. وأما مع الاكراه (فلا يجب حفظها) مطلقا(9) ، بل يجوز تركها وإن قبضها به(10) في حضور المالك(11) وغيبته، إلا أن يكون المكره(12) ،

___________________________________

(1) اي يفيد معنى الوديعة.

(2) اي الايجاب.

(3) وهو مجرد الطرح الذي لم يحصل به الايجاب.

(4) وهو القبول الفعلي.

(5) اي الطرح المنضم اليه ما يدل على الايجاب.

(6) اي الوديعة.

(7) اي القولي، والفعلي.

(8) اي تلف المال.

(9) سواء قبض ام لا.

(10) اي بالاكراه.

(11) الجار والمجرور متعلق بقوله: يجوز تركها.

(12) بصيغة الفاعل.

٢٣١

مضطرا إلى الايداع(1) فيجب إعانته عليه كالسابق(2) .

فقوله(3) : " فلا يجب حفظها " مطلق في الثاني(4) من حيث الوديعة، ومع عدم القبول، أو القبض في الاول(5) على ما فصل.

(ولو قبل) الوديعة قولا، أو فعلا (وجب) عليه (الحفظ) ما دام مستودعا، وكذا بعده إلى أن يؤدي إلى المالك، أو من في حكمه وبذلك(6) يظهر عدم المنافاة بين وجوب الحفظ، وعدم وجوب البقاء على الوديعة من حيث إنهما عقد جائز.

(ولا ضمان عليه) لو تلفت، أو عابت (إلا بالتعدي فيها) بأن ركب الدابة، أو لبس الثوب، أو فتح الكيس المختوم، او المشدود (أو التفريط) بأن قصر في الحفظ عادة (فلو أخذت منه(7) قهرا فلا ضمان) إن لم يكن سببا في الاخذ القهري بأن سعى بها إلى الظالم، أو أظهرها فوصل اليه خبرها مع مظنته(8) ،

___________________________________

(1) بأن أخذته السلطة الزمنية فاضطر إلى ايداع ما عنده قبل الذهاب إلى السلطة، فطرحه عند شخص ليحفظه له، أو اكرهه عليه. فهذا يجب عليه القبول والحفظ.

(2) وهو ما كان يجب عليه الحفظ من باب المعاونة على البر كفاية.

(3) اي قول المصنف.

(4) وهو صورة الاكراه.

(5) وهو صورة الطرح.

(6) اي كون الوديعة مما يجب حفظها بعد القبول. ولكنها غير واجبة البقاء فيجوز فسخها.

(7) اي من الودعي.

(8) اي مع مظنة وصول الخبر إلى الظالم واخذه.

٢٣٢

ومثله(1) ما لو أخبر(2) بها اللص فسرقها. ولا فرق(3) بين أخذ القاهر لها بيده(4) وأمره(5) له بدفعها اليه كرها، لانتفاء(6) التفريط فيهما فينحصر الرجوع(7) على الظالم فيهما(8) على الاقوى.

وقيل: يجوز له الرجوع على المستودع في الثاني(9) ، وإن استقر الضمان على الظالم(10) .

(ولو تمكن) المستودع (من الدفع) عنها بالوسائل الموجبة لسلامتها(11) (وجب ما لم يؤد إلى تحمل الضرر الكثير، كالجرح، وأخذ المال(12) ) فيجوز تسليمها حينئذ(13) وإن قدر على تحمله. والمرجع

___________________________________

(1) اي ومثل السعي بالوديعة إلى الظالم.

(2) اي الودعي.

(3) اي في عدم الضمان.

(4) اي بنفسه بمعنى أنه باشر الاخذ.

(5) اي القاهر. ومرجع الضمير في (له): (الودعي).

(6) تعليل لعدم الفرق.

(7) اي رجوع المالك.

(8) وهما: اخذ القاهر الوديعة بنفسه مباشرة، وامره للودعي بدفعها اياه.

(9) وهو امر القاهر الودعي بدفعها اياه.

(10) بأن يرجع الودعي على الظالم.

(11) كالاخفاء والتورية وغيرهما.

(12) اي اخذ مال شخص الودعي.

(13) اي يجوز للودعي تسليم الوديعة إلى الظالم حين إنجرار عدم التسليم إلى ضرر كثير وان كان الودعي قادرا على تحمل ذلك الضرر الكثير.

٢٣٣

في الكثرة والقلة إلى حال المكره(1) ، فقد تعد الكلمة اليسيرة من الاذى(2) كثيرا في حقه، لكونه جليلا(3) لا يليق بحاله ذلك. ومنهم(4) من لا يعتد بمثله، وأما أخذ المال فإن كان مال(5) المستودع لم يجب بذله مطلقا(6) ، وإن كان من الوديعة فإن لم يستوعبها وجب الدفع عنها ببعضها(7) ما أمكن، فلو ترك(8) مع القدرة على سلامة البعض فأخذ الجميع ضمن ما(9) يمكن سلامته، وان لم يمكن إلا بأخذها أجمع فلا تقصير، ولو أمكن الدفع عنها بشئ من ماله(10) لا يستوعب

___________________________________

(1) بالفتح وهو الودعي.

(2) اي السباب والفحش.

(3) اي عظيم القدر والمنزلة.

(4) اي ومن الودعي من لا يعتد بمثل هذا السباب.

(5) بالنصب خبر لكان: اي ان كان المال المأخوذ مال شخص الودعي فلا يجوز بذله في سبيل حفظ مال المودع.

(6) سواء كان المال المأخوذ من الودعي بقدر الوديعة ام انقص.

(7) مرجع الضمير: (الوديعة) كما وأنها المرجع في (عنها) اي ان كان المال المأخوذ من الودعي من نفس الوديعة، فان كان المأخوذ بعض الوديعة وجب على الودعي أن يدفع عن الوديعة باعطاء بعضها حتى يتمكن من الاحتفاظ على بقيتها.

(8) اي لو ترك الودعي اعطاء بعض مال الوديعة إلى الظالم في سلامة الوديعة مع امكان سلامتها حينئذ فأخذ الظالم الجميع ما ضمن الودعي بقدر ما كان يمكنه سلامته، لا كلها.

(9) اي المقدار الذي كان الودعي يمكنه التحفظ من الوديعة، لا جميع المال.

(10) اي من مال الودعي.

٢٣٤

قيمتها(1) جاز(2) ، ورجع(3) مع نيته.

[ وفي وجوبه نظر(4) ]، ولو أمكن حفظها عنه بالاستتار(5) منه وجب فيضمن بتركه (نعم يجب عليه اليمين لو قنع بها الظالم فيوري) بما يخرجه عن الكذب بأن يحلف أنه ما استودع من فلان ويخصه بوقت أو جنس، أو مكان، أو نحوها، مغاير لما استودع، وإنما تجب التورية عليه مع علمه(6) بها، وإلا سقطت(7) ، لانه كذب مستثنى للضرورة ترجيحا لاخف القبيحين(8) حيث تعارضا.

(وتبطل) الوديعة (بموت كل منهما): المودع والمستودع، كغيرها من العقود الجائزة، (وجنونه واغمائه) وإن قصر وقتهما (فتبقى) في يد المستودع على تقدير عروض ذلك للمودع، أو يد وارثه أو وليه، أو يده بعد صحته على تقدير عروضه له (أمانة شرعية) أي مأذونا

___________________________________

(1) اي قيمة الوديعة.

(2) اي جاز الدفع إلى الظالم بشئ من مال نفسه حتى يتخلص.

(3) اي الودعي على المالك مع نية الرجوع.

(4) بين القوسين لا يوجد في بعض النسخ المخطوطة والمطبوعة.

(5) اي استتار الودعي. ومرجع الضمير في (منه): الظالم اي لو تمكن الودعي من تحفظ الوديعة عن الظالم وجب عليه ذلك.

(6) اي مع معرفة الودعي باساليب التورية.

(7) اي التورية. اي وجوبها فيكذب حينئذ صريحا، لانه كذب جائز. فقول الشارح: " لانه كذب.. الخ " تعليل لوجوب الكذب حينئذ.

(8) وهما: قبح الكذب. وقبح الغصب مع العلم بأن قبح الكذب اهون من قبح الغصب اذا كان الغرض من الكذب حفظ مال مسلم محترم.

٢٣٥

في حفظها من قبل الشارع، لا المالك، لبطلان إذنه بذلك(1) . ومن حكم الامانة الشرعية وجوب المبادرة إلى ردها(2) وإن لم يطلبها المالك.

(ولا يقبل قول الودعي) وغيره ممن هي في يده (في ردها إلا ببينة)، بخلاف الامانة المستندة إلى المالك فإنه لا يجب ردها بدون الطلب، أو ما في حكمه كانقضاء المدة المأذون فيها، وقد يقبل قوله في ردها كالوديعة، وقد لا يقبل كما إذا قبضها لمصلحته كالعارية، والمضاربة. ومن الامانة الشرعية ما بطل من الامانة المالكية كالشركة، والمضاربة بموت، ونحوه، وما تطيره الريح إلى دار الغير من الامتعة، وما ينزع من الغاصب بطريق الحسبة(3) ، وما(4) يؤخذ من الصبي والمجنون من مال الغير وإن كان كسبا من قمار(5) كالجوز والبيض، وما يؤخذ من مالهما وديعة عند خوف تلفه بأيديهما، وما يتسلمه منهما نسيانا(6) ،

___________________________________

(1) اي بعروض هذه الامور.

(2) بخلاف الوديعة المالكية، فإنها لا يجب ردها الا مع طلب المالك.

(3) كأن يرى المسلم أن مال اخيه المسلم قد سرق وهو قادر على انقاذه من السارق فانقذه من يده حسبة لله جل شأنه، فيكون المال عنده امانة شرعية.

(4) اي يجد مالا لاحد بيد طفل، أو مجنون فيأخذه منهما تحفظا على مال ذلك الغير.

(5) اي اكتسب الطفل، أو المجنون ذلك المال من حرام كالقمار، ونحوه.

(6) بأن يأخذ المال من الطفل، أو المجنون غفلة عن أنه طفل، أو مجنون.

٢٣٦

وما يوجد فيما يشتري من الامتعة كالصندوق من مال لا يدخل في المبيع(1) واللقطة في يد الملتقط مع ظهور المالك(2) . وضابطه(3) : ما أذن في الاستيلاء عليه شرعا ولم يأذن فيه المالك.

(ولو عين) المودع (موضعا للحفظ اقتصر) المستودع (عليه(4) ) فلا يجوز نقلها إلى غيره(5) وإن كان أحفظ عملا بمقتضى التعيين، ولاختلاف الاغراض في ذلك(6) .

وقيل: يجوز إلى الاحفظ لدلالته عليه بطريق أولى. وهو ممنوع(7) وجوز آخرون التخطي إلى المساوي، وهو قياس باطل. وحينئذ(8) فيضمن بنقلها عن المعين مطلقا(9) (إلا أن يخاف تلفها فيه(10)

___________________________________

(1) بأن يجد في الصندوق ما يكون خارجا عن المبيع.

وقوله: (من مال) متعلق بقوله: (وما يوجد): اي وما يوجد من المال في الامتعة المشتراة، كما لو وجد شيئا في الصندوق فهو عنده امانة شرعية.

(2) يعني يكون اللقيط - مع ظهور المالك - امانة شرعية في يد اللاقط.

(3) اي القاعدة الكلية في الامانة الشرعية.

(4) اي على المكان المعين.

(5) ولو لم يصدر منه نهي عن مكان آخر.

(6) اي في حفظ الوديعة.

(7) لعدم الاولوية نظرا إلى اختلاف الاغراض.

(8) اي حينما نقله إلى الاحفظ أو إلى المساوي، مع فرض عدم الجواز.

(9) اي سواء كان احفظ ام مساويا.

(10) اي في المكان المعين.

٢٣٧

فينقلها(1) عنه إلى الاحفظ، أو المساوي مع الامكان(2) ، فإن تعذر(3) فالادون، (ولا ضمان) حينئذ للاذن فيه شرعا وإنما جاز المساوي هنا(4) لسقوط حكم المعين بتعذره(5) فينتقل إلى ما في حكمه(6) وهو المساوي، أو ما فوقه، ويمكن شمول كلامه(7) للادون عند الخوف وإن وجد المساوي، كما يشمل المنع(8) ،

___________________________________

(1) اي الوديعة.

(2) اي امكان النقل إلى المساوي، أو الاحفظ.

(3) اي النقل إلى المساوي، أو الاحفظ.

(4) اي في الفرض الاخير وهو الخوف من التلف.

(5) اي بتعذر المعين.

(6) اي إلى ما في حكم المعين وهو المساوي.

(7) اي يشمل كلام المصنف وهو قوله: (إلا أن يخاف تلفها فيه فينقلها عنه): (المكان الادون) ايضا اذا خيف تلف الوديعة في المكان الذي عينه المودع فيجوز نقلها منه إلى هذا المكان.

(8) اي ويشمل كلام المصنف وهو قوله: (الا أن يخاف تلفها فيه فينقلها عنه) (المكان الاعلى) في عدم جواز نقل الوديعة من المكان الذي عينه المودع لو لم يكن هناك خوف.

فالحاصل أن جواز النقل من المكان الذي عينه المودع إلى غيره (الادون والاعلى) دائر مدار الخوف وعدمه فإن صدق الخوف جاز النقل من المكان المعين إلى (المكان الادون). وان لم يصدق الخوف لم يجز النقل من المكان المعين وان كان المنقول اليه (اعلى) من المكان المعين.

ومرجع الضمير في عدمه: (الخوف). اي عند عدم الخوف من تلف الوديعة

٢٣٨

من الاعلى عند عدمه، ويشمل(1) أيضا فيهما(2) ما لو نهاه عن غير المعين وعدمه(3) .

وهو كذلك(4) .

(ويحفظ) الوديعة (بما جرت العادة به) في مكان الوديعة وزمانها، لان الشارع لم يحد لها حدا فيرجع إلى العادة (كالثوب، والنقد في الصندوق) المقفل، أو الموضوع في بيت محرز عن الغير، (والدابة في الاصطبل) المضبوط بالغلق، (والشاة في المراح) كذلك(5) أو المحفوظ بنظر المستودع. وهذه الثلاثة(6) مما جرت العادة بكونها حرزا لما ذكر(7) ،

___________________________________

(1) اي ويشمل كلام المصنف في الصورتين - وهما: صورتا جواز النقل من المعين إلى (الادون) عند الخوف: وعدم جواز النقل من المعين إلى (الاعلا) عند عدم الخوف - ما لو نهاه اي حتى لو نهاه المالك عن النقل، وعدمه: اي وعدم نهيه.

والخلاصة: أن الحكم بالجواز في الصورة الاولى، وعدمه في الصورة الثانية ثابت، سواء نهاه المالك عن النقل إلى غير المعين ام لم ينهه.

(2) اي في الصورتين: جواز النقل عند الخوف، وعدم جواز النقل عند عدمه.

(3) اي وعدم نهيه.

(4) اي هذا الشمول واقع في محله. والحكم بذلك صحيح.

(5) اي المضبوط بالغلق.

(6) الصندوق - الاصطبل - المراح.

(7) من النقد والدابة والشاة.

٢٣٩

وقد يفتقر إلى أمر آخر(1) ، أو يقوم غيرها مقامها(2) عادة. ولا فرق في وجوب الحرز على المستودع بين من يملكه(3) ، وغيره ولا بين من يعلم أنه لا حرز له وغيره (ولو استودع(4) من طفل، أو مجنون ضمن)، لانهما ليسا أهلا للاذن فيكون وضع يده على مالهما بغير إذن شرعي فيضمن، إلا أن يخاف تلفها في ايديهما فيقبضها بنية الحسبة(5) ، فالاقوى عدم الضمان، لكن يجب مراجعة الولي ما أمكن. ولا فرق(6) بين كون المال لهما، أو لغيرهما، وإن ادعيا إذنه لهما في الايداع.

___________________________________

(1) كدفن الصندوق تحت الارض او جعل حارس على الوديعة اذا كان المكان لا يسلم من السرق.

(2) اي يقوم غير هذه الثلاثة مقامها كوضع الشاة في بيت.

(3) اي لا فرق بين من يملك الحرز اي ما يحافظ عليه ولو بالسهر، وبين من لا يملكه. وكذا لا فرق بين من يعلم أن المستودع لا حرز له او لا يعلم بذلك فالواجب على المستودع في هذه الصور بتمامها محافظة الوديعة فمرجع الضماير في يملكه: (الحرز) وفي غيره: (من لا يملك الحرز) وفي له: (المستودع) وفي غيره: (من لا يعلم). والفاعل في يعلم: (المودع) اي لا فرق في جميع هذه الصور في وجوب المحافظة على المستودع.

(4) اي لو تقبل شخص مال الطفل، أو المجنون وديعة واستلمه فيكون ضامنا، لانه وضع يده على مالهما من دون اذن شرعي لعدم قابليتهما للاذن.

(5) كما علمت في الهامش رقم 3 ص 236.

(6) اي ولا فرق في الضمان في الصورة الاولى وهو (عدم خوف التلف) وعدم الضمان في الصورة الثانية وهو (خوف التلف) بين كون المال للطفل والمجنون ام لغيرهما، وان ادعيا انهما مأذونان من قبل الولي في ايداعهما. فمرجع الضمير في إذنه: (الولي).

٢٤٠