الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية الجزء ٤

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية0%

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 455

  • البداية
  • السابق
  • 455 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 38864 / تحميل: 5335
الحجم الحجم الحجم
الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية الجزء 4

مؤلف:
العربية

المعين، لا اجرة المثل كمن رد عبدي فله نصفه فرده من لا يعرفه(1) ولا بأس به(2) . وعلى هذا(3) فيصح جعله(4) صبرة مشاهدة مجهولة المقدار، وحصة من نماء شجر على عمله، وزرع كذلك(5) ونحوها. والفرق بينه، وبين الشئ والمال: مقوليتهما(6) على القليل، والكثير المفضي إلى التنازع والتجاذب فلم يصح على هذا الوجه، بخلاف ما لا يمنع من التسليم فإنه امر واحد لا يقبل الاختلاف، ومسماه لنشخصه لا يقبل(7) التعدد، وقبوله للاختلاف قيمة بالزيادة والنقصان قد قدم

___________________________________

(1) اي لا يعرف مقدار نصف العبد.

(2) اي بهذا الفرق، لان الجهالة اذا كانت بهذه المثابة لا تكون مانعة من التسليم، بخلاف ما لو قال له: (من رد عبدي فله شئ، أو مال) فإن الجهالة في هذه الصورة تمنع من تحقق الجعالة، لجهالة العوض فيها راسا.

(3) اي وعلى هذا القول من (أن الجهالة اذا كانت بهذه المثابة لا تمنع من التسليم) صح جعل العوض.

(4) اي جعل العوض.

(5) اي وحصة من الزرع مجهولة المقدار.

(6) بالرفع خبر للمبتداء وهو (والفرق).

والمعنى: أن الفرق بين صحة جعل الجعالة صبرة مجهولة المقدار، وعدم صحة جعل الشئ أو المال جعالة اطلاق المال والشئ على القليل والكثير.

(7) الجملة مرفوعة محلا خبر للمبتداء وهو (مسماه). اي ومسمى العوض - لاجل تشخصه في الخارج بقوله: كنصف العبد وغير ذلك - لا يقبل التعدد.

٤٤١

عليه العامل كيف كان. ويمكن التبرع به، فاذا قدم على العوض الخاص انتفى الغرر، لانه معين في حد ذاته.

(ويشترط في الجاعل الكمال) بالبلوغ، والعقل، (وعدم الحجر) لانه باذل المال فيعتبر رفع الحجر عنه، بخلاف العامل فإنه يستحق الجعل وان كان صبيا مميزا بغير اذن وليه، وفي غير المميز، والمجنون وجهان. من(1) وقوع العمل المبذول عليه، ومن(2) عدم القصد.

(ولو عين الجعالة لواحد ورد غيره فهو متبرع) بالعمل (لا شئ له)، للمتبرع، ولا للمعين، لعدم الفعل، (ولو شارك المعين فان قصد التبرع عليه فالجميع للمعين) لوقوع الفعل باجمع له، (وإلا) يقصد التبرع عليه بأن اطلق، أو قصد العمل لنفسه، أو التبرع على المالك (فالنصف) للمعين خاصة، لحصوله بفعلين: احدهما مجعول له، والآخر متبرع فيستحق النصف بناء على قسمة العوض على الرؤس. والاقوى بسطه على عملهما، فيستحق المعين بنسبة عمله، قصر عن النصف ام زاد. وهو خيرة المصنف في الدروس ومثله(3) ما لو عمل معه المالك.

(ولا شئ للمتبرع، وتجوز الجعالة من الاجنبي) فيلزمه المال، دون المالك إن لم يأمره به، ولو جعله من مال المالك بغير اذنه فهو فضولي، (ويجب عليه) اي على الجاعل مطلقا(4) (الجعل مع العمل

___________________________________

(1) دليل الاستحقاق العوض.

(2) دليل لعدم استحقاق العوض.

(3) اي ومثل عمل المتبرع عمل المالك مع العامل.

(4) سواء كان الجاعل هو الاجنبي ام المالك.

٤٤٢

المشروط) حيث يتعين، وإلا(1) فما ذكر بدله (وهي جائزة من طرف العامل مطلقا) قبل التلبس بالعمل وبعده، فله الرجوع متى شاء، ولا يستحق شيئا لما حصل منه من العمل قبل تمامه مطلقا(2) .

(وأما الجاعل فجائزة) من طرفه (قبل التلبس) بالعمل، (وأما بعده فجائزة بالنسبة إلى ما بقي من العمل) فاذا فسخ فيه انتفى عنه بنسبته من العوض (أما الماضي فعليه اجرته) وهذا في الحقيقة لا يخرج عن كونها جائزة من قبله مطلقا(3) فان المراد بالعقد الجائز، او الايقاع ما يصح فسخه لمن جاز من طرفه، وثبوت العوض لا ينافي جوازه كما أنها بعد تمام العمل يلزمها جميع العوض، مع أنها من العقود الجائزة، وكذا الوكالة بجعل(4) بعد تمام العمل. واستحقاق الجعل لا يخرجها عن كونها عقدا جائزا، فينبغي ان يقال: إنها جائزة مطلقا(5) لكن اذا كان الفسخ من المالك ثبت للعامل بنسبة ما سبق من العمل إلى المسمى على الاقوي.

وقيل: اجرة مثله(6) .

___________________________________

(1) اي وان لم يعين بأن قال: شئ، أو مال فيعطى للعامل ما ذكره (المصنف)رحمه‌الله من اجرة المثل بدل ما عينه الجاعل بصورة غير مشخصة كما علمت.

(2) سواء عين الجاعل جعلا ام لا.

(3) اي في جميع الصور قبل التلبس بالعمل، وبعد التلبس.

(4) كأن يقول الموكل لوكيله: انت وكيلي في بيع داري، أو شراء دار لي ولك خمسة دنانير مثلا.

(5) اي الجعالة جائزة مطلقا من الطرفين قبل التلبس وبعده.

(6) اي يثبت للعامل على الجاعل اجرة مثل ما عمل من العمل قبل الفسخ.

٤٤٣

وربما اشكل ذلك(1) فيما لو كانت على رد ضالة مثلا ثم فسخ وقد صارت بيده، فإنه لا يكاد يتحقق للفسخ معنى حينئذ، اذ لا يجوز له تركها، بل يجب تسليمها إلى المالك، أو من يقوم مقامه فلا يتحقق فائدة للفسخ حينئذ. ويمكن دفعه بأن فائدة البطلان عدم سلامة جميع العوض له على هذا التقدير، بل يستحق لما سبق بنسبته ويبقى له فيما بعد ذلك اجرة المثل على ما يعمله إلى ان يتسلمه المالك وهو حفظه عنده، اذ لا يجب عليه حينئذ رده على المالك، بل تميكنه منه ان كان قد علم بوصوله إلى يده، وان لم يعلم وجب اعلامه.

(ولو رجع) المالك فيها(2) قبل العمل، أو في اثنائه (ولم يعلم العامل رجوعه حتى اكمل العمل فله كمال الاجرة)، ولو علم في الاثناء فله بنسبة ما سلف قبل العلم وينبغي ان يراد بالعلم ما يثبت به ذلك شرعا ليشمل السماع من المالك، والشياع المفيد للعلم، وخبر العدلين، لا الواحد وان حكم به(3) في عزل الوكالة بنص خاص(4) .

(ولو اوقع المالك صيغتين) للجعالة مختلفتين في مقدار العوض(5)

___________________________________

(1) اي ثبوت اجرة المثل.

(2) اي في الجعالة.

(3) اي بالخبر الواحد.

(4) في خصوص الوكالة.

(5) بأن قال اولا: من رد عبدي فله مائة دينار عراقي، ثم قال ثانيا: من رد عبدي فله ثمانون دينارا عراقيا.

٤٤٤

أو في بعض اوصافها(1) (عمل بالاخيرة اذا سمعهما) العامل، لان الجعالة جائزة، والثانية رجوع عن الاولى، سواء زادت ام نقصت (وإلا) يسمعهما(2) (فالمعتبر ما سمع) من الاولى والاخيرة(3) ، ولو سمع الثانية بعد الشروع في العمل فله من الاولى بنسبة ما عمل إلى الجميع ومن الثانية بنسبة الباقي.

(وإنما يستحق الجعل على الرد بتسليم المردود) إلى مالكه مع الاطلاق او التصريح بالجعل على ايصاله إلى يده، (فلو جاء به إلى باب منزل المالك فهرب فلا شي ء للعامل)، لعدم اتمامه العمل الذي هو شرط الاستحقاق. ومثله(4) ما لو مات قبل وصوله إلى يده وان كان بداره، مع احتمال الاستحقاق هنا، لان المانع من قبل الله تعالى، لا من قبل العامل، ولو كان الجعل على ايصاله إلى البلد، او إلى منزل المالك استحق الجميع بالامتثال، (ولا يستحق الاجرة إلا ببذل الجاعل) اي استدعائه الرد، سواء كان مع بذل عوض ام لا (فلو رد بغيره(5) كان متبرعا) لا عوض له مطلقا(6) ، وكذا لو رد من لم يسمع الجعالة على قصد التبرع، او بقصد يغاير ما بذله المالك جنساً، أو وصفاً،

___________________________________

(1) بأن قال اولا: من بنا لي دارا من آجر فله خمسمائة دينار عراقي، ثم قال ثانيا: من بنا لي بيتا من الاسمنت فله الف دينار عراقي.

(2) اي لم يسمع الصيغتين، بل سمع واحدة منهما.

(3) اي الصيغة الاولى والثانية.

(4) اي ومثل الهرب.

(5) اي بغير بذل الجاعل واستدعائه.

(6) قصد التبرع ام لا.

٤٤٥

ولو رد بنية العوض مطلقا(1) وكان ممن يدخل في عموم الصيغة، أو اطلاقها ففي استحقاقه قولان، منشأهما: فعله(2) متعلق الجعل مطابقا لصدوره من المالك على وجه يشمله، وأنه(3) عمل محترم لم يقصد به فاعله التبرع وقد وقع باذن الجاعل فقدوجد المقتضي(4) والمانع ليس إلا عدم علمه بصدور الجعل، ومثله(5) يشك في مانعيته، لعدم الدليل عليه فيعمل المقتضي(6) عمله، ومن(7) أنه بالنسبة إلى اعتقاده متبرع، اذ لا عبرة بقصده من دون جعل المالك، وعدم سماعه(8) في قوة عدمه(9) عنده. وفصل ثالث ففرق بين من رد كذلك(10) عالما بأن العمل بدون

___________________________________

(1) اي من غير تعيين شئ.

(2) دليل لاستحقاق العوض. ومرجع الضمير في فعله: (العامل) فالمصدر اضيف إلى الفاعل، ومفعوله: متعلق الجعل اي اتيان العامل بمتعلق الجعل مطابقا لما اراده الجاعل.

(3) وجه ثان لاستحقاق العوض.

(4) اي المقتضى للاستحقاق، وهو اتيان الفعل من ناحية العامل تاما، لان فعل المسلم محترم.

(5) اي ومثل هذا النوع من المانع وهو عدم علم العامل بصدور الجعل يشك في مانعيته.

(6) وهو عمل المسلم وأنه محترم ولم يقصد به التبرع.

(7) دليل لعدم استحقاق العوض.

(8) اي عدم سماع العامل صدور الجعل من المالك.

(9) اي في قوة عدم الجعل من قبل المالك عند العامل.

(10) ان ناويا للاجر ولم يكن قصده التبرع.

٤٤٦

الجعل تبرع وان قصد العامل العوض، وبين غيره(1) ، لان الاول(2) متبرع محضا، بخلاف الثاني(3) . واستقرب المصنف الاول(4) . والتفصيل(5) متجه.

(مسائل)

(كلما لم يعين(6) جعل) إما لتركه اصلا بأن استدعى الرد واطلق، أو لذكره مبهما كما سلف(7) (فأجره المثل) لمن عمل مقتضاه سامعا للصيغة غير متبرع بالعمل، إلا أن يصرح بالاستدعاء مجانا فلا شئ وقيل: لا اجرة مع اطلاق الاستدعاء، والاول(8) اجود. نعم لو كان العمل مما لا اجرة له عادة لقلته فلا شئ للعامل كمن أمر غيره

___________________________________

(1) وهو الذي لا يعلم أن الرد من دون جعل المالك يقع تبرعا، بل كان يتخيل ثبوت العوض.

(2) وهو علم العامل بأن العمل بدون الجعل تبرع.

(3) وهو عدم علم العامل بأن العمل بدون الجعل تبرع.

(4) وهو استحقاق العامل العوض مطلقا، سواء علم أن العمل بدون الجعل تبرع ام لم يعلم بذلك.

(5) بين علم العامل بأنه لا يستحق، وبين عدم علمه بذلك.

(6) بصيغة المبني للمفعول.

(7) في قول المصنف: (كمن رد عبدي فله شئ، أو مال).

(8) وهو استحقاق الاجرة مع الاطلاق.

٤٤٧

بعمل من غير أن يذكر له اجرة(1) (إلا في رد الآبق من المصر) الذي فيه مالكه اليه (فدينار، وفي رده من غيره)، سواء كان من مصر آخر ام لا(2) (اربعة دنانير) في المشهور ومستنده ضعيف(3) . ولو قيل بثبوت اجرة المثل فيه(4) كغيره كان حسنا. والمراد بالدينار على القول به: الشرعي(5) وهو المثقال الذي كانت قيمته عشرة دراهم.

(والبعير كذا) اي كالآبق في الحكم المذكور، ولا نص عليه بخصوصه، وإنما ذكره الشيخان(6) وتبعهما عليه جماعة.

___________________________________

(1) فإن كان العمل حينئذ مما له اجرة عادة فللعامل اجرة المثل، وإن لم يكن له اجرة عادة فلا يستحق شيئا.

(2) بأن ياتي به من البر أو من القرية.

(3) والمستند رواية مسمع بن عبدالملك عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال: " ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جعل في رد الآبق دينارا اذا وجد في مصره وان وجد في غيره فاربعة دنانير ". وعمل بها اكثر الاصحاب مع ضعف عظيم في طريق الخبر لجماعة منهم (محمد ابن الحسن بن ميمون) وهو ضعيف جدا غال وضاع. ومنهم (عبدالله بن عبد الرحمن الاصم) وحاله كذلك او زيادة. ومنهم (سهل بن زياد) وحاله مشهور. انتهى نقلا عن الشهيد نفسهرحمه‌الله .

(4) اي في رد العبد الآبق.

(5) قد سبق في الجزء الثاني من طبعتنا الحديثة كتاب الزكاة ص(30) رقم(7) شرح الدينار الشرعي والصيرفي مفصلا فراجع.

(6) المراد بهما (الشيخ المفيد والشيخ الطوسي) قدس الله روحهما، والاول هو: ابوعبدالله (محمد بن محمد بن النعمان بن عبدالسلام البغدادي) طيب الله روحه ولد سنة 336. أشغل مكانة الرء‌اسة العامة للشيعة. كان رئيسا محنكا، وشيخا عظيما، أحيى الشريعة ومحى البدع، وجاهد في سبيل اعلاء كلمة الحق، اعظم جهاد. واتفق الكل على علمه وفضله ونبوغه وجلالته.

كانرحمه‌الله كثير المحاسن، جم المناقب، حديد النظر، حاضر الجواب واسع الرواية. كثير الصدقات عظيم الخشوع، كثير الصلاة والصوم، متقشف الحياة. والخلاصة أنه جمع العلم والزهد والوقار ولم يوفق احد بمثل ما وفق هذا الرجل العظيم عطر الله مرقده توفى عام 413 في بغداد وشيعه ما ينيف عن ثمانين الفا. ودفن بجوار الامامين الكاظمين عليهما افضل السلام والصلاة. وقبره هناك معروف ومشهور يزوره الخواص والعوام.

والثاني - " الشيخ الطوسي " - هو ابوجعفر (محمد بن الحسن بن علي بن الحسن) ولد بطوس (خراسان) عام 385 وهاجر إلى العراق فنزل بغداد سنة 408 وهو في الثالثة العشرين من عمره. تحققت له الزعامة الجعفرية بعد وفاة علم الهدى السيد المرتضىرحمه‌الله . واصبح علما من اعلام الشيعة وزعيما بارعا. وكانت داره في ولا يخفى أنه مناقض لما صرح الشارحرحمه‌الله في (كتاب الضمان) من عدم الفرق بين الرهن والضمان حيث قال المصنف هناك: (والمال المضمون ما جاز اخذ الرهن عليه) وقال الشارح: (وهو المال الثابت في الذمة وان كان متزلزلا).

وكذا قول الشارحرحمه‌الله : (وهذا يتم في الرهن) مناقض لما صرح به في (كتاب الرهن) من قول المصنفقدس‌سره : (وأما الحق فيشترط ثبوته في الذمة) هذا ما افاده سلطان العلماءقدس‌سره . كرخ بغداد مأوى الامة ومقصد الوفاد يأمونها لحل مشاكلهم وايضاح مسائلهم. وجعل له الخليفة العباسي (القائم بامر الله) كرسيا للكلام والافادة ولم يكن ببغداد يومذاك من يفوقه قدرا وعلما وشرفا.

ثم هاجر إلى النجف الاشرف لحادثة سيئة وقعت في بغداد احترقت على اثرها مكتبة الشيعة في الكرخ وكانت تحوي على اكثر من عشرة آلاف كتاب ثمين بين كتب فارس والعراق وما جلب من الهند والصين والروم، واكثرها بخطوط مؤلفيها فاحرقتها يد التعسف والتعصب البذئ. ولما رأى الشيخ الخطر محدقا به هاجر إلى النجف الاشرف لائذا بجوار الامام امير المؤمنين عليه الصلاة والسلام سنة 449 ومن ذلك اليوم صارت النجف الاشرف مركزا حيا لبث الثقافة الاسلامية وعاصمة للدين الاسلامي والمذهب الجعفري بالخصوص على اثر جهود هذا الشيخ الجليل.

توفيرحمه‌الله وتغمده برحمته الواسعة سنة 460 ودفن بجامعه المعروف (بجامع الطوسي شمالي الحرم الشريف).

٤٤٨

٤٤٩

ويظهر من المفيد أن به رواية، لانه قال: بذلك ثبتت السنة، وفي الحاقه على تقدير ثبوت الحكم في لآبق إشكال. ويقوى الاشكال لو قصرت قيمتهما(1) عن الدينار والاربعة. وينبغي حينئذ ان يثبت على المالك اقل الامرين من قيمته، والمقدر شرعا، ومبنى الرواية على الغالب من زيادة قيمته(2) عن ذلك كثيرا.

(ولو بذل جعلا) لمن رده واحدا كان أم اكثر (فرده جماعة استحقوه بينهم بالسوية(3) ) ولو كان العمل غير الرد من الاعمال التي يمكن وقوعها اجمع من كل واحد منهم كدخول داره مع الغرض الصحيح فلكل ما عين.

(ولو جعل لكل من الثلاثة جعلا مغايرا) للآخرين كأن جعل لاحدهما دينارا، وللآخر دينارين، وللثالث ثلاثة (فردوه فلكل ثلث ما جعل له)، ولو رده احدهم فله ما عين له اجمع، ولو رده اثنان منهم فلكل منهما نصف ما عين له، (ولو لم يسم لبعضهم) جعلا مخصوصا (فله ثلث اجرة المثل) ولكل واحد من الآخرين ثلث ما عين له ولو رده من لم يسم له وأحدهما(4) فله نصف اجرة مثله، وللآخر

___________________________________

(1) اي العبد الآبق والبعير الشارد.

(2) اي قيمة العبد والبعير عن المقدر الشرعي.

(3) اي يقسم الجعل على رؤسهم.

(4) اي رده احد الذين سمي له مع من لم يسم له.

٤٥٠

نصف ما سمي له، وهكذا، (ولو كانوا ازيد) من ثلاثة (فالبنسبة) اي لو ردوه اجمع فلكل واحد بنسبة عمله إلى المجموع من اجرة المثل، أو المسمى.

(ولو اختلفا في اصل الجعالة) بان ادعى العامل الجعل وانكره المالك وادعى التبرع (حلف المالك) لاصالة عدم الجعل، (وكذا) يحلف المالك لو اختلفا (في تعيين الآبق) مع اتفاقهما على الجعالة، بأن قال المالك: إن المردود ليس هو المجعول وادعاه العامل، لاصالة براء‌ة ذمته من المال الذي يدعي العامل استحقاقه.

(ولو اختلفا في السعي بأن قال المالك: حصل في يدك قبل الجعل) بفتح الجيم، وقال الراد: بل بعده (حلف) المالك (ايضا، للاصل) وهو براء‌ة ذمته من حق الجعالة، أو عدم تقدم الجعل على حصوله في يده، وان كان الاصل ايضا عدم تقدم وصوله إلى يده على الجعل، إلا أنه بتعارض الاصلين لا يثبت في ذمة المالك شئ(1) ومثله(2) ما لو قال المالك: حصل في يدك قبل علمك بالجعل، او من غير سعي وان كان بعد صدوره.

(وفي قدر(3) الجعل كذلك) يحلف المالك، لاصالة براء‌ته من الزائد، ولان العامل مدع للزيادة، والمالك منكر (فيثبت للعامل) بيمين المالك (اقل الامرين من اجرة المثل، ومما ادعاه)، لان الاقل ان كان الاجرة فقد انتفى ما يدعيه العامل بيمين المالك، وإن كان ما يدعيه العامل، فلاعترافه بعدم استحقاقه للزائد، وبراء‌ة ذمة المالك منه،

___________________________________

(1) لتساقط الاصلين بالتعارض.

(2) اي ومثل اختلاف الجاعل والعامل في السعي.

(3) اي لو اختلف الجاعل والعامل في مقدار الجعل.

٤٥١

والحال أنهما معترفان بأن عمله يجعل في الجملة، وأنه عمل محترم فتثبت له الاجرة ان لم ينتف بعضها(1) بانكاره، (إلا ان يزيد ما ادعاه المالك) عن اجرة المثل فتثبت الزيادة، لاعترافه باستحقاق العامل اياها، والعامل لا ينكرها.

(وقال) الشيخ نجيب الدين (ابن نمارحمه‌الله : اذا حلف المالك على نفي ما ادعاه) العامل (ثبت ما ادعاه) هو، لاصالة عدم الزائد، واتفاقهما على العقد المشخص بالعوض المعين، وانحصاره في دعواهما، فاذا حلف المالك على نفي ما ادعاه العامل ثبت مدعاه، لقضية(2) الحصر (وهو قوي كمال الاجارة) اذا اختلفا في قدره(3) .

وقيل: يتحالفان(4) ، لان كلا منهما مدع ومدعى عليه فلا ترجيح لاحدهما فيحلف كل منهما على نفي ما يدعيه الآخر ويثبت الاقل كما مر(5) والتحقيق أن اختلافهما في القدر ان كان مجردا عن التسيمه بأن قال العامل: إني استحق مائة من جهة الجعل الفلاني فانكر المالك وادعى أنه خمسون، فالقول قول المالك، لانه منكر محض والاصل براء‌ته من الزائد، كما يقدم قوله لو انكر اصل الجعل. ولا يتوجه اليمين هنا من طرف العامل اصلاً.

___________________________________

(1) اي بعض الاجرة بانكار العامل الزائد.

(2) اي لمقتضى الحصر في الدعوى فإنها محصورة في الشقين وهما: ما ادعاه المالك، وما ادعاه العامل.

(3) تقدم في الجزء الرابع من طبعتنا الحديثة في (كتاب الاجارة) ص 363.

(4) القائل (العلامة) قدس الله سره في القواعد.

(5) من المصنفرحمه‌الله قوله آنفا: (فيثبت للعامل اقل الامرين من اجرة المثل. ومما ادعاه).

٤٥٢

وان قال: جعلت لي مائة فقال المالك: بل خمسين ففيه الوجهان الماضيان(1) في الاجارة. والاقوى تقديم قول المالك ايضا(2) ، لاتفاقهما على صدور الفعل بعوض، واختلافهما في مقداره خاصة، فليس كل منهما مدعيا لما ينفيه الآخر. وان كان اختلافهما في جنس المجعول مع اختلافه بالقيمة فادعى المالك جعل شئ معين يساوي خمسين، وادعى العامل جعل غيره مما يساوي مائتين فالتحالف هنا متعين، لان كلا منهما يدعي ما ينكره الاخر، إلا أن ذلك(3) نشأ من اختلاف الجعل جنسا، او وصفا، لا من اختلافه قدرا، واذا فرض اختلاف(4) الجنس فالقول بالتحالف اولى وان تساويا قيمة.

وإنما ذكرنا اختلاف الجنس في هذا القسم، لان جماعة كالمحقق والعلامة شركوا بينه وبين الاختلاف قدرا في الحكم، وليس بواضح. ويبقى في القول بالتحالف مطلقا(5) اشكال آخر وهو فيما اذا تساوت الاجرة(6) وما يدعيه المالك، أو زاد ما يدعيه(7) عنها، فإنه لا وجه

___________________________________

(1) وهما: (القول قول المالك والقول بالتحالف).

(2) اي يقدم هنا قول المالك كما يقدم قوله لو كان اختلاف المالك والعامل في القدر مجردا عن التسمية.

(3) اي ادعاء كل منهما ما ينكره الآخر.

(4) اي اختلاف الجاعل والعامل في جنس المجعول بأن قال الجاعل: جعلت لك الحنطة عوضا. وقال العامل: بل جعلت لي ذهبا.

(5) سواء قيل بالتحالف في المتخالفين جنسا، أم قيل به في المتفقين ايضاً.

(6) اي اجرة المثل.

(7) اي المالك.

٤٥٣

لتحليف العامل بعد حلف المالك على نفي الزائد الذي يدعيه العامل، لثبوت ما حكم به من مدعى المالك زائدا عن الاجرة، أو مساويا باعترافه فتكليف العامل باليمين حينئذ لا وجه له، لاعتراف المالك به، وإنما يتوجه لو زادت اجرة المثل عما يدعيه المالك فيتوقف اثبات الزائد من الاجرة عما يدعيه على يمين المدعي وهو العامل.

" انتهى الجزء الرابع ويليه الجزء الخامس ان شاء الله تعالى " اوله كتاب الوصايا

* * *

تمت التعاليق الموضحة لهذا الجزء في ليلة الاحذ - الثامن من شهر الله الحرام سنة 1387 هج‍. في مكتبة " جامعة النجف الدينية " صانها الله عن الحدثان. فشكراً له على نعمائه. ونسأله التوفيق لاتمامه، إنّه ولي التوفيق.

السيّد محمّد كلانتر

٤٥٤

الفهرس

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية الجزء الرابع زين الدين الجبعي العاملي الشهيد الثاني ( قدس‌سره ) 1

كتاب الدين 7

(القسم الاول - القرض(2) ) 11

(القسم الثاني - دين العبد) 45

كتاب الرهن 48

(مسائل) 78

كتاب الحجر 97

كتاب الضمان 110

كتاب الحوالة 132

كتاب الكفالة 148

كتاب الصلح 169

كتاب الشركة 194

كتاب المضاربة 207

كتاب الوديعة 225

كتاب العارية 251

كتاب المزارعة 272

كتاب المساقاة 305

كتاب الاجارة 323

(مسائل) 355

كتاب الوكالة 363

كتاب الشفعة 391

كتاب السبق والرماية 417

كتاب الجعالة 435

(مسائل) 447

الفهرس 455

٤٥٥