تربية الطفل في الإسلام

تربية الطفل في الإسلام 0%

تربية الطفل في الإسلام مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
تصنيف: الأسرة والطفل
الصفحات: 114

تربية الطفل في الإسلام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: مركز الرسالة
الناشر: مركز الرسالة
تصنيف: الصفحات: 114
المشاهدات: 27153
تحميل: 4533

توضيحات:

تربية الطفل في الإسلام
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 114 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 27153 / تحميل: 4533
الحجم الحجم الحجم
تربية الطفل في الإسلام

تربية الطفل في الإسلام

مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

شاملاً لكلِّ جوانب العلم، في مجالاته المختلفة كعلوم الطبيعة والعلوم الإنسانية: كالأدب والتاريخ والفلسفة وغيرها، إضافة إلى التركيز على الجوانب الروحية والعبادية، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في تأكيده على تعليم القرآن: (... ومَن علّمه القرآن دُعي بالأبوين فكسيا حلّتين تضيء من نورهما وجوه أهل الجنة) (1) .

وتعليم القرآن يكون شاملاً لجميع جوانبه ابتداءً بتعلّم القراءة الصحيحة وفق الضوابط اللغوية، ثم التشجيع على الحفظ مع مراعاة المستوى العقلي للطفل، والتعليم على التفسير الصحيح لبعض الآيات والسور التي يحتاجها الطفل في هذه المرحلة، وخصوصاً ما يتعلّق بالجانب العقائدي والأخلاقي، والجانب الفقهي المتعلّق بالأحكام الشرعية المختلفة من العبادات والمعاملات.

وفي هذه المرحلة يجب تعليم الطفل على كيفيّة العبادات ومقدّماتها كالوضوء والصلاة، قال الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام): (... حتى يتّم له سبع سنين قيل له اغسل وجهك وكفّيك، فإذا غسلهما قيل له صلِّ، ثم يُترك حتى يتم له تسع سنين، فإذا تمّت له تسع سنين عُلّم الوضوء...) (2) .

والطفل بحاجة إلى تعلّم الحديث لتحصينه من التأثّر بالتيّارات المنحرفة، قال الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام):

(بادروا أولادكم بالحديث قبل أن يسبقكم إليه المُرجئة) (3) .

____________________

(1) الكافي 6: 49 | 1 باب بر الأولاد.

(2) مَن لا يحضره الفقيه 1: 182.

(3) الكافي 6: 47 | 5 باب تأديب الولد.

١٠١

وقال الإمام الحسن (عليه السلام) موضّحاً ما تعلّمه من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (علمّني جدّي رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ كلمات أقولهّن في قنوت الوتر... اللهّم اهدني فيمَن هديت، وعافني فيمَن عافيت، وتولّني فيمَن توليّت) (1) .

ويجب على الوالدين تعليم الطفل على كلِّ ما ينفعه في حياته، ففي الرواية التالية يعلّم أمير المؤمنين (عليه السلام) ولده الحسن على الخطابة (قال علي ابن أبي طالب (عليه السلام) للحسن: (يا بنيّ قم فأخطب حتى أسمع كلامك، قال: يا أبتاه كيف أخطب وأنا أنظر إلى وجهك استحيي منك)؟ فجمع عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) أُمّهات أولاده ثم توارى عنه حيثُ يسمع كلامه...) (2) .

ومن مصاديق التعليم تعليم الرمي والسباحة كما تقدّم، ولأهمّية التعليم شجّع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) المعلّم والصبي والوالدين على حدٍّ سواء فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (إنّ المعلّم إذا قال للصبيّ: بسم الله، كتب الله له وللصبي ولوالديه براءة من النار) (3) .

وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يشجّع على تعليم الأطفال شعر أبي طالب (عليه السلام)، فعن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) قال: (كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يعجبه أن يروي شعر أبي طالب وأن يدوّن، وقال: تعلّموه وعلمّوه أولادكم فإنّه كان على دين الله وفيه علم كثير) (4) .

____________________

(1) مختصر تاريخ دمشق 7: 5.

(2) بحار الأنوار 43: 351.

(3) مستدرك الوسائل 2: 625.

(4) مستدرك الوسائل 2: 625.

١٠٢

ثالثاً: تمرين الطفل على الطاعات

الطاعات وإن كانت سهلة ويسيرة إلاّ أنّها تحتاج إلى تمرين وتدريب ينسجم مع القدرة على الأداء، والطفل يحتاج إلى عناية خاصة في التمرين والتدريب على الطاعات؛ من أجل أن تذلّل مشقّتها عليه، وأن يحدث الأُنس بينه وبينها فتكون متفاعلة مع عواطفه وشعوره؛ لكي تتحوّل إلى عادة ثابتة في حياته اليومية، يقدم عليها بشوق واندفاع ذاتيين دون ضغط أو إكراه أو كلل أو ملل.

ويبدأ المنهج التربوي الإسلامي في وضع قواعد أساسية تتناسب مع أعمار الأطفال للتمرين على الطاعات، مع مراعاة القدرة العقلية والبدنية للأطفال، ففي التمرين على الصلاة قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبع سنين واضربوهم على تركها إذا بلغوا تسع) (1) .

وفي رواية: (مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبع سنين واضربوهم إذا كانوا أبناء تسع سنين) (2) .

والمقصود من الضرب إمّا الضرب الحقيقي في حالة تمرّد الأطفال، أو استخدام الشدّة النفسية، فإنّها وإن كان لها ضرر سلبي على الطفل ولكنّه ضرر وقتي سرعان ما ينتفي، ولا يمكن اعتباره ضرراً بالقياس إلى المصلحة الأكبر وهو التمرين على الصلاة.

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (أدّب صغار بيتك بلسانك على الصلاة والطهور، فإذا بلغوا عشر سنين فاضرب ولا تجاوز ثلاثاً) (3) .

____________________

(1) مستدرك الوسائل 2: 624.

(2) بحار الأنوار 101: 98.

(3) تنبيه الخواطر، لورّام بن أبي فراس: 390 ـ دار التعارف بدون تاريخ.

١٠٣

والأفضل أن يكون التمرين غير شاقٍ للطفل؛ لأنّه يؤدّي إلى النفور من الصلاة وخلق الحاجز النفسي بينه وبينها، فعن الإمام عليّ بن الحسين (عليه السلام): (إنّه كان يأخذ من عنده الصبيان بأن يصلّوا الظهر والعصر في وقتٍ واحد والمغرب والعشاء في وقتٍ واحد، فقيل له في ذلك، فقال (عليه السلام): (هو أخف عليهم وأجدر أن يسارعوا إليها ولا يضيّعوها ولا يناموا عنها ولا يشتغلوا)، وكان لا يأخذهم بغير الصلاة المكتوبة، ويقول: (إذا أطاقوا فلا تؤخّرونها عن المكتوبة)) (1) .

فيجب على الوالدين مراعاة الاستعداد النفسي والبدني للطفل، وعدم إرهاقه بما لا يطيق، فيبدأ معه بالصلاة الواجبة دون المستحبّة، فإذا تمرّن عليها وحدث الأُنس بينه وبينها فإنّه على غيرها أقدر إن تقدّم به العمر.

ويبدأ التمرين على الصوم من العام السابع، ويستمر بالتدريج كلّما تقدّم العمر، مع مراعاة الطاقة والقدرة البدنية والاستعداد النفسي له، قال الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): (إنّا نأمر صبياننا بالصيام إذا كانوا بني سبع سنين بما أطاقوا من صيام اليوم، فإن كان إلى نصف النهار أو أكثر من ذلك أو أقل، فإذا غلبهم العطش والغرث أفطروا حتى يتعوّدوا الصوم ويطيقوه، فمروا صبيانكم إذا كانوا أبناء تسع سنين بما أطاقوا من صيام فإذا غلبهم العطش أفطروا) (2) .

وعن سماعة قال: سألته عن الصبي متى يصوم؟ قال الإمام

____________________

(1) مستدرك الوسائل 2: 624.

(2) الكافي 4: 124 | 1 باب صوم الصبيان.

١٠٤

الصادق (عليه السلام): (إذا قوي على الصيّام) (1) .

فإذا تمرّن على الصيام في السنوات السابقة لسن التكليف فإنّه سيؤدّيه بأتم صوره ولا يجد في ذلك حرجاً.

عن معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) في كم يؤخذ الصبي بالصيام قال (عليه السلام): (ما بينه وبين خمس عشرة سنة وأربع عشرة سنة فإن هو صام قبل ذلك فدعه، ولقد صام ابني فلان قبل ذلك فتركته) (2) .

ويستحبّ تمرين الطفل على الحج، فعن أحد الإمامين الباقر أو الصادق (عليهما السلام) قال: (إذا حجّ الرجل بابنه وهو صغير فإنّه يأمره أن يلبّي ويفرض الحجَّ، فإن لم يحسن أن يلبّي لبّى عنه ويُطاف به ويصلّي عنه... يذبح عن الصغار ويصوم الكبار ويتّقى عليهم ما يتّقى على المحرم من الثياب والطّيب، فإن قتل صيداً فعلى أبيه) (3) .

وفي جواب للإمام جعفر الصادق (عليه السلام) عن سؤالٍ حول الخوف على الصبي من البرد في حالة الإحرام قال: (ائتِ بهم العرج فيحرموا منها... فإن خفت عليهم فائتِ بهم الجحفة) (4) .

وقال (عليه السلام): (انظروا مَن كان معكم من الصبيّان فقدّموه إلى الجحفة أو إلى بطن مر، ويصنع بهم ما يصنع بالمحرم، ويُطاف بهم ويُرمى عنهم، ومَن لا يجد منهم هدياً فليصم عنه وليّه).

(وكان الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) يضع

____________________

(1) الكافي 4: 125 | 3 باب صوم الصبيان.

(2) الكافي 4: 125 | 2 باب صوم الصبيان.

(3) الكافي 4: 303 | 1 باب حج الصبيان والمماليك.

(4) الكافي 4: 304 | 3 باب حج الصبيان والمماليك.

١٠٥

السكين في يد الصبي ثمَّ يقبض على يديه الرّجل فيذبح) (1) .

ويستحب تمرين الطفل على عمل الخير كالصدقة على الفقراء والمساكين، قال الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام):

(مر الصبي فليتصدّق بيده بالكسرة والقبضة والشيء وإن قلّ، فإنّ كلِّ شيء يُراد به الله وإن قلّ بعد أن تصدق النيّة فيه عظيم...) (2) .

وقال (عليه السلام): (فمره أن يتصدّق ولو بالكسرة من الخبز) (3) .

فتمرين الطفل على الصدقة من أفضل أساليب التربية على عدم الركون إلى الدنيا، والتقليل من تأثير حب المال في نفس الطفل، وهو تمرين له على التعاطف مع الفقراء والمساكين.

وتمرين الطفل في مرحلة الصبا على الطاعات والعبادات تجعله يداوم عليها في كبره، وخير شاهد على ذلك سيرة أهل البيت (عليهم السلام)، فالإمام الحسن بن علي (عليه السلام) (مشى عشرين مرّة من المدينة للحجّ على رجليه) (4) .

وطلب الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) من الجيش الأموي أن يمهلوه ليلة العاشر من المحرّم للتفرّغ للعبادة هو وأصحابه (فلمّا أمسوا قاموا الليل كلّه يصلّون ويستغفرون ويتضرّعون ويدعون) (5) .

____________________

(1) الكافي 4: 304 | 4 باب حج الصبيان والمماليك.

(2) الوسائل 9: 376 | 1 باب 4.

(3) الوسائل 9: 376 | 2 باب 4.

(4) مختصر تاريخ دمشق 7: 23.

(5) الكامل في التاريخ، لابن الأثير 4: 59 ـ دار صادر 1399 هـ.

١٠٦

ولكثرة عبادة الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) سُمّي بزين العابدين (1) .

(وكان لا يدع صلاة الليل في السفر والحضر) (2) .

وكان إذا أتاه السائل يقول: (مرحباً بمَن يحمل لي زادي إلى الآخرة) (3) .

وكان بقيّة أهل البيت (عليهم السلام) قمّة في الارتباط بالله تعالى والإخلاص في العبادة، فقد تمرّنوا عليها في مقتبل العمر، فكان بينهم وبينها أُنساً خاصّاً وشوقاً للأداء.

فيجب على الوالدين تشجيع الطفل على التمرّن على العبادات والطاعات بالأُسلوب الأنجح، بالإطراء والمديح أو بإهداء الهدايا الماديّة والمعنوية له.

رابعاً: مراقبة الطفل

يحتاج الطفل في هذه المرحلة ـ من أجل إنجاح العملية التربوية ـ أن يقوم الوالدان بمراقبة الطفل سلوكياً، وإرشاده إلى الاستقامة والصلاح، وكذلك مراقبة أفكاره وتصوّراته وعواطفه بالأُسلوب الهادئ غير المثير له، وأن يتعامل الوالدان معه كأصدقاء لمساعدته في شق طريقه في الحياة.

ومراقبة سلوكه في المجتمع أكثر ضرورة منه في البيت، فيختار له

____________________

(1) مختصر تاريخ دمشق 17: 234.

(2) صفوة الصفوة، لابن الجوزي 2: 95 ـ دار المعرفة 1405 هـ ط3.

(3) صفوة الصفوة، لابن الجوزي 2: 95 ـ دار المعرفة 1405 هـ ط3.

١٠٧

الأصدقاء الصالحين، ويمنع من مسايرة الأصدقاء غير الصالحين، وتكون العقوبة أحياناً ضرورية إنْ لم ينفع الإرشاد والتوجيه. ويجب تمرين الطفل على محاسبة نفسه، وتقبّل المحاسبة من قِبل الآخرين، إضافة إلى ترسيخ مفهوم الرقابة الإلهية في أعماقه؛ لتكون رادعاً له من الانحراف في حالة غياب المراقبة من قِبل والديه.

والمراقبة من حيثُ الأساليب والوسائل متروكة للوالدين، كلٌّ حسب وعيه وتجربته في الحياة، وهما بحاجة إلى التعاون في هذا المجال، ومراقبة الوالدة للطفل ذكراً كان أم أُنثى أكثر ضرورة لانشغال الوالد غالباً بأعماله خارج المنزل.

ومن الضروري أن يشعر الطفل بأنّه غير متروك من قِبل والديه، وأنّهما يحرصان عليه ويراقبان سلوكه، ويمكن للوالدين الاستعانة بغيرهما في المراقبة، كالاعتماد على الأقارب والأصدقاء في المجالات الحياتية للطفل التي لا يدخلها الوالدان، كالمدرسة مثلاً وبعض تجمّعات الأطفال، والتعاون في هذا المجال مثمر جداً في تربية الطفل تربية صالحة، وإنقاذه من الانحراف الذي يمكن أن يطرأ عليه في حالة الغفلة والإهمال.

خامساً: الوقاية من الانحراف الجنسي

الانحراف الجنسي من أخطر أنواع الانحرافات التي تؤدّي إلى تدمير المجتمع من جميع النواحي، المادية والصحية والعاطفية والأخلاقية، ولهذا أبدى الإسلام عناية خاصة بالوقاية منه قبل الحدوث وعلاجه بعده. وتربية الأطفال على العفّة من أهم المسؤوليات الملقاة على عاتق الوالدين، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (من حق الولد على والده أن يحسن اسمه

١٠٨

إذا وُلد، وأن يعلمّه الكتابة إذا كبر، وان يعفّ فرجه إذا أدرك) (1) .

والتربية على العفّة تستلزم الوقاية من الانحراف في مرحلة ما قبل البلوغ.

وأوّل بوادر الوقاية إبعاد الطفل عن الإثارة الجنسية، وأبعاده عن الاطلاع على صورتها، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (والذي نفسي بيده، لو أنّ رجلاً غشي امرأته وفي البيت صبي مستيقظ يراهما ويسمع كلامهما ونفسهما ما أفلح أبداً؛ إن كان غلاماً كان زانياً، أو جارية كانت زانية) (2) .

ومن أساليب الوقاية التفريق بين الصبيان أثناء النوم، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (... وفرّقوا بينهم في المضاجع إذا كانوا أبناء عشر سنين) (3) .

والتفريق بين الصبيان والنساء أكثر ضرورة، قال الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام): (يُفرّق بين الغلمان والنساء في المضاجع إذا بلغوا عشر سنين) (4) .

وقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (الصبي والصبي، والصبي والصبيّة، والصبية والصبية يفرّق بينهم في المضاجع لعشر سنين) (5) .

ونهى الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) من تقريب الجارية من غير أرحامها إذا بلغت ست سنين فقال: (إذا أتى عليها ست سنين فلا تضعها

____________________

(1) مستدرك الوسائل 2: 626.

(2) وسائل الشيعة 20: 133 | 2 باب 67.

(3) مستدرك الوسائل 2: 558.

(4) مكارم الأخلاق: 223.

(5) وسائل الشيعة 20: 231 | 1 باب 128.

١٠٩

على حجرك) (1) .

ونهى عن تقبيل الصبيّة فقال: (إذا بلغت الجارية الحرّة ست سنين فلا ينبغي لك أن تقبّلها) (2) .

والمقصود هو عدم التقبيل من قِبل الغرباء لا الأب أو الأُم أو العم أو محارمها، وقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (... والغلام لا يقبّل المرأة إذا جاز سبع سنين) (3) .

وإذا حدث الانحراف الجنسي، فيجب استخدام العقوبة للحدّ من تكرار الممارسة، سُئل الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) في غلام صغير ابن عشر سنين زنى بامرأة، قال: (يُجلد الغلام دون الحدّ) (4) .

ويجب في وقتنا المعاصر منع الصبي عن كلِّ ما يؤدّي إلى إثارته من قصص وروايات وصور، وما يُعرض من أفلام منافية للعفّة، ويجب مراقبة الصبيان في خلواتهم وفي علاقاتهم مع الآخرين، للوقاية من الانحراف الجنسي.

سادساً: ربط الطفل بالقدوة الحسنة

الطفل في الأعوام المتأخّرة من هذه المرحلة يحاول التشبّه بالأشخاص الأكثر حيوية والأشد فاعليّة في المجتمع، ويطلق علماء النفس مفهوم المحاكاة للتعبير عن التشبّه الفجائي السريع الذي ينتهي بانتهاء المؤثّر، فهو تشبّه آني، ويطلقون عبارة الاقتباس على التشبّه

____________________

(1) وسائل الشيعة 20: 229 | 1 باب 127.

(2) وسائل الشيعة 20: 230 | 2 باب 127.

(3) وسائل الشيعة 20: 230 | 4 باب 127.

(4) مكارم الأخلاق: 320.

١١٠

البطيء (1) الذي يستحكم في العقل والعاطفة ومن مصاديقه التقليد والاقتداء، والنماذج العالية من الشخصية هي المؤثّرة في التشبّه، فأهل الكرامة وأهل القدوة يكرّمهم الشعب ويبجّلهم وهم الذين (يقتدي بهم عامة الشعب) (2) .

والطفل غالباً ما يتشبّه بمَن لهم سلطان روحي ونفسي على الناس ومنهم الملوك والحكام، والفائزون والناجحون في الحياة، وكلّ مَن له تأثير على الناس كالمعلم وعالم الدين.

ويرى بعض علماء النفس الحاجة إلى تصوّر المثل الأعلى لدى كل إنسان (3) وهي حاجة ضرورية، والمثل الأعلى في رأي هؤلاء العلماء يختلف باختلاف الناس، ويتبدّل بتبدّل ظروفهم المادية والنفسية والاجتماعية، ويعتبرون المثل الأعلى متجسّداً في القيم المعنوية والأهداف المتوخّاة في الحياة.

والمثل الأعلى بهذا المفهوم ضروري جداً لكلِّ إنسان، وخصوصاً الطفل في الأعوام المتأخّرة من هذه المرحلة، ولكنّ المثل الأعلى إن لم يتحوّل من المفهوم إلى المصداق وإلى مَن تتجسّد فيه قيم هذا المثل الأعلى؛ يبقى محدوداً في حدود التصوّرات، فالطفل بحاجة إلى التشبّه والاقتداء بما هو ملموس في الواقع الموضوعي، وخير مَن يتجسّد به المثل الأعلى هو النموذج الأعلى للشخصية الإنسانية.

____________________

(1) علم الاجتماع نقولا الحدّاد: 86.

(2) علم الاجتماع: 140.

(3) علم النفس جميل صليبا: 728.

١١١

والاقتداء بالأسلاف (أكثر من الاقتداء بالطبقة العليا) (1) .

ومن هنا فالضرورة الحاكمة في الاقتداء، هي: الاقتداء بالسلف الصالح وهم الأنبياء والأئمّة من أهل البيت، والصالحين من الصحابة والتابعين، والماضين من علماء الدين، فهم قمم في الفضائل والمكارم والمواقف النبيلة، وممّا يساعد على التشبّه والاقتداء بهم تأثيرهم الروحي على مختلف طبقات الناس الذين يكنّون لهم التبجيل والتقديس.

وحياة الصالحين مليئة بجميع القيم والمكارم التي يريد الإنسان التمسّك بها. والاقتداء هو الذي يجعل الطفل إنساناً عظيماً تبعاً لمَن يقتدي بهم، وإذا فُقد الاقتداء جمدت جذوة الحياة وضعف الطموح، وانحرف عن مساره للتعلّق والاقتداء بالهامشيين من الأشخاص العاديين.

فالواجب على الوالدين توجيه أنظار الطفل وأفكاره وعواطفه ومواقفه نحو الشخصيات النموذجية، ابتداءً من آدم وانتهاءً بالعظماء المعاصرين، ولكلِّ نبيٍّ أو إمامٍ من أئمّة الهدى تاريخ حافل بجميع المكارم والقيم والمواقف السائدة في الحياة.

والقدوة الصالحة لها تأثير ومواقف مشرّفة في كلِّ زاوية من زوايا الحياة، والاقتداء بها تنعكس آثاره على جميع جوانب شخصيّة الطفل العاطفية والعقلية والسلوكية، فتندفع الشخصية للوصول إلى المقامات العالية التي وصلها الصالحون المقتدى بهم.

والحمدُ لله أولاً وآخراً

____________________

(1) علم الاجتماع: 146.

١١٢

الفهرس

الفصل الأول : المنهج التربوي العام في العلاقات الأُسَريّة 9

أولاً: الاتفاق على منهج مشترك.9

ثانياً: علاقات المودّة 11

ثالثاً: مراعاة الحقوق والواجبات..15

رابعاً: تجنّب إثارة المشاكل والخلافات..17

خامساً: التحذير من الطلاق.22

الفصل الثاني: المرحلة الأُولى: مرحلة ما قبل الاقتران ومرحلة الحمل.27

أولاً: مرحلة ما قبل الاقتران.27

ثانياً: مرحلة الحمل.34

الفصل الثالث: المرحلة الثانية: مرحلة ما بعد الولادة 43

أولاً: مراسيم الولادة: 43

ثانياً: التركيز على حليب الأُم 46

الفصل الرابع: المرحلة الثالثة: مرحلة الطفولة المبكِّرة 53

أولاً: تعليم الطفل معرفة الله تعالى.53

ثانياً: التركيز على حبّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأهل البيت (عليهم السلام) 56

ثالثاً: تربية الطفل على طاعة الوالدين.57

رابعاً: الإحسان إلى الطفل وتكريمه 60

خامساً: التوازن بين اللين والشدّة 63

سادساً: العدالة بين الأطفال.67

سابعاً: الحرّيّة في اللعب..73

ثامناً: التربية الجنسية وإبعاد الطفل عن الإثارة 79

تاسعاً: تنمية العواطف..84

عاشراً: الاهتمام بالطفل اليتيم.87

١١٣

الفصل الخامس: المرحلة الرابعة: مرحلة الصبا والفتوّة 93

أولاً: تكثيف التربية 96

ثانياً: المبادرة إلى التعليم.99

ثالثاً: تمرين الطفل على الطاعات..103

رابعاً: مراقبة الطفل.107

خامساً: الوقاية من الانحراف الجنسي.108

سادساً: ربط الطفل بالقدوة الحسنة 110

١١٤