اعلام الهداية الإمام المهدي (عجل الله فرجه)

اعلام الهداية الإمام المهدي (عجل الله فرجه)0%

اعلام الهداية الإمام المهدي (عجل الله فرجه) مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 199

اعلام الهداية الإمام المهدي (عجل الله فرجه)

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تصنيف: الصفحات: 199
المشاهدات: 115694
تحميل: 6252

توضيحات:

اعلام الهداية الإمام المهدي (عجل الله فرجه)
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 199 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 115694 / تحميل: 6252
الحجم الحجم الحجم
اعلام الهداية الإمام المهدي (عجل الله فرجه)

اعلام الهداية الإمام المهدي (عجل الله فرجه)

مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ووقوع المعجزات والكرامات المبرهنة على تمتعه بالتأييد الإلهي ونصرة الملائكة البدريين له وامتلاكه قميص يوسف وعصا موسى وحجره وخاتم سليمان ودرع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسيفه ورايته وسائر مواريث الأنبياءعليهم‌السلام وإظهاره لها(١) وإتضاح تمثيله الصادق لمنهجهم وسعيه لتحقيق أهدافهم الإلهية وإقرار العدالة السماوية. ومع اتضاح كل ذلك لا يبقى على الباطل إلاّ المنحرفون المفسدون الذين لا يُرجى منهم إلاّ الفساد والأذى والظلم الذي يجب أن تُطهر منه الدولة المهدوية، لذلك نلاحظ في سيرة الإمام الجهادية الصرامة والحزم والحدية في التعامل مع الظالمين والمنحرفين فلا يبقى على الأرض منهم ديّار ولا يسمح لهم بالنشاط الإفسادي.

على أن الأحاديث الشريفة تصرّح بأنّ المهدي المنتظر ـ عجل الله فرجه ـ يسير بسيرة أبويه رسول الله ووصيه الإمام علي ـ صلوات الله عليهما وآلهما ـ في مجاهدة المنحرفين والمبطلين فلا يبدأ القتال إلاّ بعد عرض الإيمان والدين الحق عليهم(٢) ومحاججتهم بما ألزموا به أنفسهم كما رأينا في قضية إخراجه التوراة والإنجيل وهذه قضية أخرى مهمة في سيرته الجهاديةعليه‌السلام .

ويُستفاد من الروايات الشريفة أن من سيرته الجهادية تصفية الجبهة الداخلية وهي جبهة العالم الإسلامي من التيارات المحاربة المنحرفة أولاً قبل البدء بمجاهدة القوى الأجنبية، فينهي حركة السفياني ونفوذ البترية والمتأولة الجاهلين والنواصب المضلين المعاندين(٣) ويعقد لأجل ذلك هدنة مع الروم

ـــــــــــ

(١) إثبات الهداة: ٤٣٩ ـ ٤٤٠، ٤٩٤، ٤٧٨، ٤٨٧، وراجع عقد الدرر: ١٣٥، الفصول المهمة: ٢٩٨، كفاية الأثر: ١٤٧، ابن حماد: ٩٨، القول المختصر: ٣٤، برهان المتقي: ١٥٢.

(٢) الكافي: ٨/ ٢٢٧ وعنه في إثبات الهداة: ٣/ ٤٥٠ .

(٣) الإرشاد: ٢/٣٨٤ وعنه في بحار الأنوار: ٥٢/٣٨٦ وعنه في اثبات الهداة: ٣/٥٤٤ .

١٨١

قبل ان يتوجه لمجاهدة اليهود ثم الروم وقتل الدجال وفتح الأرض كلّها. بل ويعمد قبل البدء بتصفية الجبهة الداخلية بتنظيم صفوف جيشه ويعيّن القادة العسكريين الأكفاء ويعقد لهم الألوية ويذهب بالعاهات والضعف عن أنصاره ويقوّي قلوبهم(١) ويملأها إيماناً بالحق الذي يجاهدون من أجله ويبتليهم ويمحصهم(٢) ، لكي يتحرك لانجاز مهمته الإصلاحية الكبرى بجيش عقائدي قوي ومنسجم يتحلى بالكفاءة القتالية المطلوبة والقوة المعنوية اللازمة.

سيرته المالية

يعيد المهدي الموعود ـ عجل الله فرجه ـ نظام «التسوية في العطاء»(٣) الذي كان سائداً على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم غيّر وبُدّل من بعده وأُبتدعت بدله معايير جديدة أحدثت نظام التفاضل الطبقي بالتدريج بالرغم من التزام الوصي الإمام عليعليه‌السلام إبان خلافته بنظام التسوية في العطاء وتابعه على ذلك ابنه الحسنعليه‌السلام في شهور خلافته القليلة لكنه قد غاب بالكامل بعد استشهادهما، وبدأ بنو أمية بالاستئثار بأموال المسلمين وتقييد العطاء من بيت المال بمصالحهم السياسية وتحويله من عطاء شرعي الى رشاو مقيتة يستجلبون بها الأنصار لهم على الباطل أو يشترون به سكوت البعض عن الحق.

والمهدي المنتظرعليه‌السلام يجعل بيت المال قسمة مشتركة بين المسلمين دونما تفاضل أو تمييز، فالجميع متساوون في الانتفاع من النعم الإلهية والخدمات المستثمرة من الأموال العامة، تطبيقاً لأحد أبعاد العدالة المحمدية المكلّف باقرارها. وتصرح الأحاديث الشريفة بأنه ينهي الحالة الإقطاعية

ـــــــــــ

(١) اثبات الهداة : ٧١ .

(٢) الكافي: ٨/ ١٦٧، كمال الدين: ٦٧٢.

(٣) مسند أحمد: ٣ / ٣٧، ملاحم ابن المنادي: ٤٢، ميزان الاعتدال: ٣/ ٩٧.

١٨٢

حسب النص القائل: «إذا قام قائمنا اضمحلت القطائع فلا قطائع»(١) ، والمقصود بها الأراضي الزراعية أو غيرها من الثروات والمنافع التي يعطيها الحكام للمقرّبين منهم وقد راجت هذه الظاهرة بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخاصة في عهد الخليفة الثالث وفي العصر الأموي بشكل خاص.

وتتحدث الكثير من الأحاديث عن كثرة عطائهعليه‌السلام وتعتبرها علامة مميزة له فهو: «يحثو المال حثواً»(٢) عندما يُعطي من سأله، وهذا وإن كان يشير الى كرمه وكثرة الخيرات والبركات في عصره إلاّ أنها تفصح عن نقطة مهمة أخرى في سيرته الاقتصاديةعليه‌السلام وهي سيرة إغناء الناس بما يكفيهم ويغنيهم ويجعلهم في رفاهيّة من العيش بحيث يتفرّغوا الى الطاعات والعبادة والعمل الإصلاحي الفردي والاجتماعي.

وعليه يتضح أن سيرته في المجال المالي ترتبط بمهمته الإصلاحية وإقامة المجتمع التوحيدي الخالص في تعبده لله تبارك وتعالى فالمراد منها توفير متطلبات ذلك وإزالة العقبات الصادة عنه.

الصورة العامة للدولة المهدوية في النصوص الشرعية

ونصل الآن الى خاتمة هذا الفصل فنعرض فيها على نحو الإجمال أيضاً الصورة التي ترسمها النصوص الشرعية لدولة المهدي الموعود، عجل الله فرجه .

إنّ الدولة المهدوية إنّما تأتي لتحسم عصر المعاناة الذي عاشته البشرية طويلاً وتنهي الظلم والجور الذي ملأ الأرض نتيجة لحكم الطواغيت و حاكمية

ـــــــــــ

(١) قرب الإسناد للحميري: ٣٩.

(٢) مسند أحمد: ٣ / ٨٠.

١٨٣

الأهواء والشهوات والنزعات المادية وبظهور الإمام المهدي المنتظر على مدى القرون. «يفرج الله عن الأمة فطوبى لمن أدرك زمانه»(١) . فالله تبارك وتعالى يحقق للأمة المسلمة; ولبني الانسان عامة; كل الطموحات الفطرية السليمة، ويزيل الشرك ويقيم المجتمع الموحّد العابد الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر والمسارع للخيرات السائر في منازل الكمال ومعارج النور.

وتخرج الأرض بركاتها وكذلك السماء، وما يحصل عليه الناس ليس هو الغنى المادي فحسب بل هو «الاستغناء» حيث «يملأ الله قلوب اُمة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غنىً ويسعهم عدله»(٢) أي يحرّرهم من أسر المتطلبات والحاجات المادية المعيشية المحدودة، فالمهدي المنتظر الذي يحرر المسلمين من ذل التبعية للضالّين والمنحرفين، كما صرّح به النص القائل: «وبه يخرج ذل الرق من أعناقكم»(٣) ; يحرر البشرية من ذل الحياة البهيمية والخضوع لأسر الشهوات ويفتح أمام الانسان جميع أبواب التكامل والرقي المعنوي والتكامل الروحي فيشهد عصره تطوراً فكرياً وروحياً عالياً كما يشير لذلك الإمام الباقرعليه‌السلام حيث يقول: «إذا قام قائمنا وضع الله يده على رؤوس العباد، فجمع بها عقولهم وكملت به أحلامهم»(٤) ، ومما يساعد على ذلك ـ إضافةً الى العامل المهم والرئيسي المتقدم ـ عامل ثانوي هو التطور الهائل الذي يشهده عصره خاصةً في مجال الاتصالات والذي نرى بوادره اليوم طبق القوانين العلمية أيضاً كما يشير الى ذلك الإمام الصادقعليه‌السلام بقوله: «إن قائمنا إذا قام مدَّ الله عز وجل لشيعتنا في

ـــــــــــ

(١) اثبات الهداة: ٣ / ٥٠٤.

(٢) مسند أحمد: ٣/ ٣٧.

(٣) الغيبة للطوسي: ١٨٥، ح ١٤٤ .

(٤) إثبات الهداة : ٣ / ٤٤٨، الكافي: ١ / ٢٥، كمال الدين: ٦٧٥ .

١٨٤

أسماعهم وأبصارهم حتى لا يكون بينهم وبين القائم بريد; يكلّمهم فيسمعون وينظرون إليه وهو في مكانه»(١) ، ولعل ذلك يكون بوسائل غيبية تمكّنهم منها المراتب الروحية السامية التي يصلون إليها وإن كان ذلك قد أصبح ممكناً بدرجة محدودة اليوم أيضاً عبر وسائل الاتصال الحديثة المتطورة، ولكن من المؤكد ـ استناداً للأحاديث الشريفة ـ أن الكثير من الحقائق والقضايا الغيبية تظهر في عصر الدولة المهدوية ويحظى الكثير من المؤمنين بمراتب عالية من معرفة أسرار الغيب وعلم الكتاب وتجاوز الأسباب والقوانين الطبيعية والكثير من الظواهر التي نعتبرها اليوم من المعجزات غير المألوفة(٢) .

ومع توفير الدولة المهدوية لجميع عوامل التكامل المادي والروحي يقام المجتمع الموحّد الذي يعبد الله تبارك وتعالى بإخلاص فتسود العلاقات الإيمانية المحضة وتحكمه قيم من قبيل البراءة ممن «كان بالرهن أوثق منه بأخيه المؤمن» ومثل أن «ربح المؤمن على المؤمن ربا»(٣) فحتّى العمل التجاري يكون يومئذ عبادة خالصة لله عز وجل إذ يكون بهدف خدمة عباد الله فقط.

يقول الإمام عليعليه‌السلام ضمن حديث في وصف جامع لدولة الإمام المهدي العالمية: «... يؤيده الله بملائكته ويعصم أنصاره وينصره بآياته ويظهره على أهل الأرض حتى يدينوا طوعاً وكرهاً، ويملأ الأرض عدلا وقسطاً ونوراً وبرهاناً، يدين له عرض البلاد وطولها حتى لا يبقى كافرٌ إلاّ آمن ولا طالح إلاّ صلح ويصطلح في ملكه السباع وتخرج الأرض بركاتها وتنزل السماء بركتها وتظهر له الكنوز، يملك مابين الخافقين أربعين

ـــــــــــ

(١) إثبات الهداة: ٣/ ٤٥٠ ـ ٤٥١.

(٢) راجع مثلاً كمال الدين : ٦٥٤.

(٣) مَن لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق: ٣ / ٣١٣، تهذيب الأحكام: ٧/ ١٧٨.

١٨٥

عاماً، فطوبى لمن أدرك أيامه وسمع كلامه»(١) ، أجل في ظل دولة المهدي المنتظر ـ عجل الله فرجه ـ يتضح للعالمين أن صلاح البشرية وخيرها وتكاملها المادّي والمعنوي إنما يتحقق في ظل رسالة السماء وعلى يدي أولياء الله المعصومين ـ سلام الله عليهم ـ وهذا ما يحققه الله تعالى على يد خاتمهم وخاتم الأئمة الاثني عشر الأوصياء أي المهدي الذي وعد الله به الاُمم : «ولذلك يرضى عنه ساكن الأرض وساكن السماء» كما أخبر عن ذلك جدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) .

ـــــــــــ

(١) اثبات الهداة: ٣/ ٥٢٤.

(٢) مستدرك الحاكم: ٤ / ٤٦٥، فتن ابن حماد: ٩٩.

١٨٦

الفصل الثالث:قبسات من تراث الإمام المهديعليه‌السلام

من كلامه في التوحيد ونبذ الغلوّ

«إن الله تعالى هو الذي خلق الأجسام وقسّم الارزاق، لأنه ليس بجسم ولا حالّ في جسم، ليس كمثله شيء وهو السميع العليم، وأما الأئمةعليهم‌السلام فإنهم يسألون الله تعالى فيخلق ويسألونه فيرزق إيجاباً لمسألتهم وإعظاماً لحقهم»(١) .

في علة الخلق وبعث الأنبياء وتعيين الأوصياء

يا هذا يرحمُك الله، إنَّ الله تعالى لم يخلُقِ الخلقَ عبثاً، ولا أهملَهم سُدىً، بل خلقهُمْ بقُدرتِهِ وجَعَلَ لَهم أسماعاً وأبصاراً وقُلُوباً وألباباً، ثمَّ بعثَ إليهمُ النّبيِّينَعليهم‌السلام مُبشّرينَ ومُنذرينَ، يأمُرُونُهم بطاعتهِ وينهونَهم عن معصيته، ويُعرِّفونَهُمْ ماجهلوهُ من أمرِ خالقهم ودينهم، وأنزلَ عليهم كتاباً وبَعَثَ إليهم ملائكةً، يأتينَ بينهُم وبينَ مَنْ بعثُهم إليهم بالفضلِ الّذي جعَلَهُ لَهُم عليهم، وما آتاهُم من الدَّلائلِ الظَّاهرةِ والبراهينِ الباهرةِ والآياتِ الغالبةِ، فمنهم مَنْ جعلَ النَّارَ عليهِ برداً وسلاماً، واتّخذهُ خليلاً، ومنهم مَنْ كلَّمهُ تكليماً، وجعل عصاهُ ثُعباناً مُبيناً، ومنهُم من أحيى الموتى بإذنِ الله، وأبْرأ الأكمه والأبرص بإذن اللهِ، ومنهم مَنْ علّمهُ منطق الطَّيرِ وأُوتي مِن كُلِّ شيء ثُمّ بعثَ مُحمّداً صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ رحمةً للعالَمينَ،

ـــــــــــ

(١) غيبة الطوسي: ١٧٨، احتجاج الطبرسي: ٢ / ٤٧١، إثبات الهداة: ٣/ ٧٥٧.

١٨٧

وتمّمَ به نعمَتَهُ، وخَتَمَ به أنبياءَه، وأرسلَهُ إلى النَّاسِ كافَّةً، وأظهر مِن صدقِهِ ما أظهرَ، وبيَّنَ من آياته وعَلاماتِهِ مابيَّنَ، ثُمَّ قبضهُ صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ حميداً فقيداً سعيداً، وجَعَلَ الأمرَ بعدهُ إلى أخيه وابن عمِّه ووصيِّه ووارثه عليِّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، ثُمَّ إلى الأوصياء من وُلدهِ واحداً واحداً، أحيى بهم دينه، وأتمَّ بهم نورهُ، وجعَلَ بينهم وبين إخوانهم وبني عمِّهِم والأدنَينَ فالأدنينَ من ذَوِي أرحامهم فُرقاناً بيّناً يُعرفُ به الحُجَّةُ من المحجُوج، والإمامُ من المأمُوم، بأنْ عصَمَهُم من الذُّنُوبِ، وبرَّأهُمْ من العُيُوبِ، وطهَّرهُم من الدَّنسِ، ونزَّههُمْ من اللّبسِ، وجعلهُم خزَّان علمهِ، ومُستودَعَ حكمته، وموضع سرَّه، وأيَّدهُم بالدَّلائل، ولولا ذلك لكانَ النَّاسُ على سواء، ولادَّعى أمْر الله عزَّ وجلَّ كُلُّ أحد، ولما عُرفَ الحقُّ من الباطل، ولا العالمُ من الجاهلِ(١) .

في مقام الأئمةعليهم‌السلام

«الّذي يجبُ عليكُمْ ولكُمْ أن تقُولُوا إنَّا قُدوَةُ اللهِ وأئمَّةٌ، وخلَفاءُ اللهِ في أرضِهِ واُمَناؤُهُ عَلَى خلقِه، وحُجَجُهُ في بلادِهِ، نَعرفُ الحلالَ والحرامَ ونعرفُ تأويلَ الكتابِ وفَصلَ الخطابِ»(٢) .

في انتظام نظام الإمامة وعدم خلو الأرض من الحجة

ومن رسالة له الى سفيريه العمري وابنه: «وَفَّقكُما الله لطاعتهِ، وثبَّتكما على دينهِ، وأسعدَكُما بمرضاته، انتهى إلينا ماذكرتُما أن الميثمي أخبركُما عن الُمختارِ ومناظراته من لقي، واحتجاجه بأنَّه لا خلف غيرُ جعفر بن عليَّ وتصديقه إيّاه وفهمتُ جميع ما كتبتما به ممّا قال أصحابُكما عنهُ، وأنا أعُوذُ بالله من العمى بعد الجلاء، ومَن الضّلالَةِ بعد الهُدى، ومن مُوبقات الأعمال، ومُرديات الفتن، فإنَّهُ عزَّ وجلَّ يقولُ:( أ لم * أحسبَ الناسُ أن يتركُوا

ـــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٥٣/١٩٤، معجم أحاديث الإمام المهدي: ٤/٣٨٢ .

(٢) تفسير العياشي: ١ / ١٦، معجم أحاديث الإمام المهدي: ٤/٤٦٧ .

١٨٨

أن يقُولوا آمنّا وهم لا يُفتنُونَ ) (١) كيف يتساقُطون في الفتنة، ويتردّدُون في الحيرة، ويأخُذُونَ يميناً وشمالاً، فارقُوا دينهم، أم ارتابُوا، أم عاندوا الحقَّ، أم جهلُوا ما جاءت به الرّوايات الصّادقةُ والأخبارُ الصّحيحةُ، أو علمُوا ذلك فتناسوا، ما يعلمون أن الأرضَ لا تخلو من حُجّة إمّا ظاهراً وإمّا مغُموراً.أولم يعلموا انتظام أئمتهم بعد نبيهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واحداً بعد واحد إلى أنْ أفضى الأمر بأمرِ الله عزّ وجلَّ إلى الماضي يعني الحسن بن عليعليهما‌السلام ) ـ فقام مقام آبائهعليهم‌السلام يهدي إلى الحق وإلى طريق مُستقيم، كانُوا نوراً ساطعاً، وشهاباً لامعاً، وقمراً زاهراً، ثُمَّ اختارَ اللهُ عزَّ وجلَّ له ما عندهُ فمضى على منهاج آبائهعليهم‌السلام حَذْوَ النَّعل بالنَّعلِ على عهد عهدهُ، ووصيّة أوصى بها إلى وصيٍّ سترهُ الله عزّ وجلّ بأمره إلى غاية، وأخفى مكانهُ بمشيئة للقضاء السّابقِ والقدرِ النّافذ، وفينا موضعُهُ، ولنا فضلُهُ، ولو قدْ أذنَ اللهُ عزَّ وجلَّ فيما قدْ منعهُ عنهُ وأزال عنهُ ما قد جرى به من حُكمِهِ لأراهُم الحقَّ ظاهراً بأحسنِ حلية، وأبين دلالة، وأوضح علامة، ولأبانَ عن نفسهِ وقامَ بحُجّتهِ، ولكنَّ أقدار الله عزَّ وجلَّ لا تُغالبُ وإرادتهُ لا تُردُّ وتوفيقهُ لا يُسبقُ، فليدعُوا عنهمُ اتّباعَ الهوى، وليُقيمُوا على أصلهمُ الّذي كانُوا عليهِ، ولا يبحثُوا عما سُتر عنهُم فيأثَموا، ولا يكشفُوا سترَ الله عزَّ وجلَّ فيندموا، وليعلموا أنَّ الحقَّ معنا وفينا، لا يقُولُ ذلكَ سوانَا إلاّ كذَّابٌ مُفتر، ولا يدَّعيه غيرُنا إلاّ ضالٌّ غويٌّ، فليقتصرُوا منّا على هذِهِ الجُملةِ دُونَ التَّفسيرِ، ويقنعُوا من ذلكَ بالتَّعريضِ دُونَ التَّصريحِ إن شاءَ الله(٢) .

تقوى الله والنجاة من الفتن

يقولعليه‌السلام في رسالته الثانية للشيخ المفيد وهي من الرسائل التي صدرت عنه في غيبته الكبرى: «... فلتكُنْ حرسَكَ اللهُ بعينهِ الّتي لا تنامُ أن تُقابل لذلكَ فتنةً تسبلُّ نُفُوسَ قوم حرثتْ باطلاً لاسترهاب المُبطلينَ ويبتهجُ لدمارها المُؤمنُونَ، ويحزنُ

ـــــــــــ

(١) العنكبوت (٢٩): ١ ـ ٢ .

(٢) كمال الدين: ٥١٠، بحار الأنوار: ٥٣/١٩٠، معجم أحاديث المهدي: ٤/٢٨٧ .

١٨٩

لذلكَ الُمجرمُونَ، وآيةُ حركَتِنا من هذهِ اللَّوثَة حادِثَةٌ بالحرَمِ المُعظَّم من رَجس مُنافق مُذمّم، مُستحلٍّ للدَّمِ الُمحرَّمِ، يعمدُ بكيدهِ أهل الإيمان ولا يبلُغُ بذلك غرضهُ من الظُّلمِ لهم والعُدوانِ، لأننا مِنْ ورَاءِ حفظِهمْ بالدُّعاءِ الَّذي لا يُحجبُ عن مَلِكِ الأرضِ والسَّماء، فلتطمئِنَّ بذلِكَ مِنْ أولِيائنا القُلُوبُ، ولْيَثَّقُوا بِالكفايَةِ منهُ، وإنْ راعتهُمْ بهمُ الخُطُوبُ، والعاقبةُ بجميلِ صُنعِ اللهِ سُبحانَهُ تكُون حميدةً لهُمْ ما اجتنبُوا المنْهيَّ عنهُ مِنَ الذُّنُوبِ.

ونحنُ نعهدُ إليك أيُّها الوليُّ المخلصُ المجاهدُ فينا الظَّالمين أيَّدَكَ الله بنصرهِ الّذي أيَّدَ به السَّلَفَ من أوليائِنا الصَّالحينَ، أ نَّهُ مَنِ اتَّقَى ربَّهُ من إخوانِكَ في الدِّين وأخرجَ ممّا علَيهِ إلى مُستحقِّيهِ، كانَ آمناً مِنَ الفتنةِ المُبطلَةِ، ومِحَنِها المُظلمةِ الْمُضِلَّةِ ومَنْ بَخلَ مِنهُم بما أعارهُ اللهُ منْ نعمِتهِ علَى مَنْ أمرَهُ بصلَتِهِ، فإنَّه يكُونُ خاسراً بذلِكَ لاُولاَهُ وآخرَتِهِ، ولو أنَّ أشياعَنَا وَفَّقَهُمُ الله لِطاعَتهِ علَى اجتِماع منَ القُلُوبِ فِي الوَفاءِ بِالعهدِ علَيهمْ لَمَا تأخَّرَ عنْهُمُ الُيمْنُ بلقائنا...»(١) .

رعايته للمسلمين

«... فإنا نحيط علماً بأنبائكم ولا يعزب عنا شيء من أخباركم ومَعْرفَتِنا بالذُّلِّ الَّذي أصابَكُمْ مُذْ جَنَحَ كَثيرٌ منكُمْ إلى ما كانَ السَّلَفُ الصَّالحُ عنهُ شاسِعاً، ونَبذُوا العهدَ المأخُوذَ ورَاءَ ظُهُورِهِم كأنَّهُمْ لا يَعلمُونَ.

إنَّا غيرُ مُهمِلينَ لمُراعاتكُمْ، ولا ناسينَ لِذِكرِكُمْ، ولَولا ذلك لَنَزَلَ بكُمُ الَّلأوَاءُ واصطَلَمَكُمُ الأعدَاءُ فاتَّقُوا اللهَ جَلَّ جَلالُهُ وظاهرُونا عَلَى انتياشِكُمْ مِنْ فِتْنَة قد أنافَتْ عَلَيْكُمْ يَهلِكُ فِيها مَنْ حُمَّ أَجَلُهُ ويُحْمَى عَنْها مَنْ أدرَكَ أمَلَهُ، وهِيَ أَمارَةٌ لأُزُوفِ حَرَكَتِنا ومُباثَّتِكُمْ بِأمْرِنا وَنَهْيِنا، واللهُ مُتمُّ نُورِهِ ولوْ كَرِهَ المُشرِكُونَ »(٢) .

ـــــــــــ

(١) احتجاج الطبرسي: ٢ / ٤٩٨.

(٢) احتجاج الطبرسي: ٢ / ٤٩٥ .

١٩٠

الاستعداد الدائم للظهور

فَلْيَعْمَلْ كُلُّ امْرىء مِنكُمْ بِمَا يَقرُبُ بهِ من مَحَبَّتِنا، ويَتَجَنَّبُ مايُدْنيهِ مِنْ كَراهَتِنا وسَخَطِنا فَإِنَّ أَمْرَنا بَغتَةٌ فُجاءَةٌ حِينَ لا تنْفَعُهُ تَوْبَةٌ وَلا يُنجِيهِ مِنْ عقابِنا نَدَمٌ علَى حَوبة واللهُ يُلْهِمُكُمُ الرُّشْدَ، ويَلْطُفُ لَكُمْ في التَّوفِيقِ بِرَحْمَتِهِ(١) .

نماذج من أجوبته القصيرة

ومن أجوبتهعليه‌السلام على أسئلة اسحاق بن يعقوب : «أما ماسألت عنه أرشدك الله وثبتك من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا وبني عمّنا فأعلم أنه ليس بين الله عز وجل وبين أحد قرابة، ومَن أنكرني فليس منّي وسبيله سبيل ابن نوح، أما سبيل عمّي جعفر وولده فسبيل إخوة يوسفعليه‌السلام ...

وأما أموالكم فما نقبلها إلاّ لتطهروا، فمن شاء فليصل ومَن شاء فليقطع... وأما ظهور الفرج فإنه الى الله تعالى ذكره وكذب الوقّاتون... وأما ما وصلتنا به فلا قبول عندنا إلاّ لما طاب وطهر... وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإن في ذلك فرجكم...»(٢) .

نماذج من أدعيته وزياراته

من دعائه للمؤمنين عامة: «إلهي بِحَقِّ مَنْ ناجاكَ، وَبِحقِّ مَنْ دَعاكَ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، تَفَضَّلْ عَلَى فُقَراءِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بالْغناءِ وَالثَّرْوَةِ، وَعَلَى مَرْضَى الْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالشِّفاءِ وَالصِّحَّةِ، وَعَلَى أحْياءِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِاللُّطْفِ وَالْكَرَامة، وَعَلَى أَمْوَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَعَلَى

ـــــــــــ

(١) احتجاج الطبرسي: ٢ / ٤٩٥.

(٢) كمال الدين: ٤٨٣، غيبة الطوسي: ١٧٦.

١٩١

غُرَباءِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِالرَّدِّ إِلَى أَوْطانِهِمْ سَالِمِينَ غَانِمِينَ، بِمُحَمَّد وَآلِهِ أَجْمَعِينَ»(١) .

من دعائه في قنوته: «... وأسئلُكَ باسمك الذي خلقتَ به خلقَكَ ورزقتَهم كيفَ شئتَ وكيفَ شاؤوا، يامَنْ لا يُغيّرُه الأيّام والليالي أدعُوكَ بِمَا دَعاكَ به نُوحٌ حينَ ناداكَ فأنْجَيتَهُ ومَن مَعهُ وأهلكتَ قومه، وأدعوك بِمَا دَعاكَ ابراهيمُ خَليلكَ حينَ ناداكَ فأنْجَيْتَهُ وَجعلتَ النّار عَليهِ بَرداً وَسَلاماً، وأدعوكَ بِمَا دَعاكَ بِه موسى كَليمُكَ حينَ ناداكَ فَفَلَقْتَ لَهُ البَحرَ فَأَنْجَيْتَهُ وَبَنِي إِسْرائِيلَ، وَأَغْرَقْتَ فِرْعَونَ وَقَوْمَهُ فِي الْيَمِّ، وَأَدْعوكَ بِما دَعاك بِهِ عِيسَى رُوحُكَ حِينَ نَاداكَ، فَنَجَّيْتَهُ مِنْ أَعْدائِهِ وَإلَيْكَ رَفَعْتَهُ، وَأَدْعُوكَ بِما دَعاكَ به حَبِيبُكَ وصَفِيُّكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، فَاستَجَبْتَ لَهُ وَمِنَ الأَحْزَابِ نَجَّيْتَهُ، وَعَلَى أَعْدَائِكَ نَصَرْتَهُ، وَأسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي إِذَا دُعِيتَ بِهِ أَجَبْتَ، يا مَنْ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ، يامَنْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْء عِلْماً، يا مَنْ أَحْصَى كُلَّ شَيْء عَدَداً، يا مَنْ لا تُغَيِّرُهُ الأَيَّامُ وَاللَّيالِيُّ، وَلا تَتَشابَهُ عَلَيْهِ الأَصْوَاتُ، وَلا تَخْفَى عَلَيْهِ اللُّغَاتُ، وَلا يُبْرِمُهُ إِلْحَاحُ الْمُلِحِّينَ.

أَسْئَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد خَيْرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، فَصَلِّ عَلَيْهِمْ بِأَفْضَلِ صَلَواتِكَ، وَصَلِّ عَلَى جَمِيعِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ الَّذِينَ بَلَّغوا عَنكَ الْهُدَى، وَعْقَدُوا لَكَ الْمَواثِيقَ بِالطَّاعَةِ، وَصَلِّ عَلَى عِبادِكَ الصَّالِحِينَ، يا مَنْ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ أَنْجِزْ لِي ما وَعَدْتَنِي، وَاجْمَعْ لِي أَصْحابِي، وَصَبِّرْهُمْ، وَانْصُرْنِي عَلَى أَعْدَائِكَ وَأَعْداءِ رُسولِكَ، وَلا تُخَيِّبْ دَعْوَتِي، فَإِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، أَسِيرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ، سَيِّدِي أَنْتَ الَّذِي مَنَنْتَ عَلَيَّ بِهذَا الْمَقامِ، وَتَفَضَّلْتَ بِهِ عَلَيَّ دُونَ كَثِير مِنْ خَلْقِكَ، أَسْئَلُكَ أَنْ تصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَأَنْ تُنْجِزَ لِي ما وَعَدْتَني، إِنَّكَ أَنْتَ الصَّادِقُ، وَلا تُخْلِفُ الْمِيعادَ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ»(٢) .

ـــــــــــ

(١) مهج الدعوات للسيد ابن طاووس: ٢٩٥ الصحيفة المهدية للفيض الكاشاني: ١١٢.

(٢) مهج الدعوات : ٦٨.

١٩٢

من صلواته على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، وَخَاتِمِ النَّبِيِّينَ، وَحُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الُمْنَتجَبِ فِي الْمِيثاقِ، الْمُصطَفَى فِي الظِّلالِ، الْمُطَهَّرِ مِنْ كُلِّ آفَة، الْبَريءِ مِنْ كُلِّ عَيْب، الْمُؤَمَّلِ لِلنَّجاةِ، الْمُرْتَجى لِلشَّفاعَةِ، الْمُفَوَّضِ إَِلْيهِ فِي دَينِ اللهِ...»(١) .

نماذج من زياراته: «الله أكبر الله أكبر، لا الله إلاّ الله والله أكبر، ولله الحمد، الحمدُ لله الذي هدانا لهذا، وعرّفنا أولياءَهُ وأعداءَهُ، وَوفّقَنا لزيارةِ أئمتنا ولم يجعلنا من المعاندين الناصبين ولا من الغُلاةِ المفوّضين ولا من المرتابين الْمُقصِّرِينَ، السَّلامُ عَلَى وَلِيِّ اللهِ وَابْنِ أَوْلِيائِهِ، السَّلامُ عَلَى الْمُدَّخَرِ لِكَرَامَةِ )أوْلِياءِ( اللهِ وَبَوَارِ أَعْدَائِهِ السَّلامُ عَلَى النُّورِ الَّذِي أَرادَ أَهْلُ الْكُفْرِ إِطْفاءَهُ، فَأَبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ بِكُرْهِهِمْ وَأَمَدَّهُ بِالْحَياةِ حَتَّى يُظْهرَ عَلَى يَدِهِ الْحَقَّ برَغْمِهِمْ، أَشْهَدُ أَنَّ اللهَ اصْطَفاكَ صَغيراً وَأَكْمَلَ لَكَ عُلُومَهُ كَبِيراً، وَأَنّكَ حَيٌّ لا تَمُوتُ حَتّى تبْطِلَ الْجِبْتَ وَالطَّاغُوت.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَعَلَى خُدَّامِهِ وَأَعْوَانِهِ، عَلَى غَيْبَتِهِ وَنَأْيِهِ، وَاسْتُرْهُ ستْراً عَزِيزاً وَاجْعَلْ لَهُ مَعقِلاً حِرِيزاً وَاشْدُدِ اللَّهُمَّ وَطْأَتَكَ عَلَى مُعانِدِيهِ، وَاحْرُسْ مَوَالِيهِ وَزائِريهِ. اللَّهُمَّ كَما جَعَلْتَ قَلْبِي بِذِكْرِهِ مَعْمُوراً، فَاجْعَلْ سِلاحِي بِنصْرَتِهِ مَشْهُوراً وَإِنْ حال بَيْنِي وَبَيْنَ لِقائِهِ الْمَوْتُ الَّذِي جَعَلْتَهُ عَلَى عِبادِكَ حَتْماً مَقْضِيّاً وَأَقْدَرْتَ بِهِ عَلَى خَلِيقَتِكَ رَغْماً، فَابْعَثْنِي عِنْدَ خُرُوجِهِ، ظَاهِراً مِنْ حفْرَتِي، مؤْتَزِراً كَفَنِي، حَتَّى أُجَاهِدَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فِي الصَّفِّ الَّذِي أَثْنَيْتَ عَلَى أَهِلهِ فِي كِتابِكَ، فَقُلْتَ (كَأَنَّهمْ بنْيانٌ مَرْصُوصٌ).

اللَّهُمَّ طالَ الانْتِظارُ، وَشَمُتَ بِنا الْفجَّارُ، وَصَعُبَ عَلَيْنا الانْتِصارُ، اللَّهُمَّ أَرِنا وَجْهَ وَلِيِّكَ الْمَيْمونَ، فِي حَياتِنا وَبَعْدَ الْمَنُونِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَدِينُ لَكَ بِالرَّجْعَةِ، بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِ هذِهِ الْبُقْعَةِ، أَلْغَوْثَ أَلْغَوْثَ، أَلْغَوْثَ، يَا صَاحِبَ الزَّمانِ، قَطَعْتُ فِي وُصْلَتِكَ الْخُلاَّنَ، وَهَجَرْتُ لِزيارتِكَ الأَوْطانَ، وَأَخْفَيْتُ أَمْرِي عَنْ أَهْلِ الْبُلْدانِ لِتَكُونَ شَفِيعاً عِنْدَ رَبِّكَ وَرَبِّي، وَإِلَى آبائِكَ مَوَالِيَّ فِي حُسْنِ التَّوْفِيق، وَإِسْباغِ النِّعْمَةِ عَلَيَّ، وَسَوْقِ الإِحْسانِ إِلَيَّ.

ـــــــــــ

(١) ضمن صلوات طويلة على النبي وأوصيائه عليهم‌السلام ، غيبة الطوسي: ١٦٥، الصحيفة المهدية: ٥٣.

١٩٣

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِ مُحمَّد، أَصْحابِ الْحَقِّ، وَقادَةِ الْخَلْقِ، وَاستَجِبْ مِنِّي ما دَعوْتُكَ، وَأَعْطِني مالَمْ أَنْطقْ بِهِ فِي دُعائِي، وَمِنْ صَلاحِ دِينِي وَدُنْيايَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحمَّد وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ.

ثُمَّ ادْخُلِ الصَّفَّةَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَقُلْ: اللَّهُمَّ عَبْدُكَ الزَّائرُ فِي فِناءِ وَلِيِّكَ الْمَزُور، الَّذِي فَرَضْتَ طاعَتَهُ عَلَى الْعَبِيدِ وَالأَحْرَارِ، وَأَنْقَذْتَ بِهِ أَوْلِياءَكَ مِنْ عَذابِ النَّارِ، اللَّهُمَّ اجْعَلها زيارَةً مَقْبُولَةً ذاتَ دُعاء مسْتَجاب مِنْ مُصَدِّق بَوَليِّكَ غَيْرَ مُرْتاب، اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ بِهِ وَلا بِزِيارَتِهِ، وَلا تَقْطَعْ أَثَرِي مِنْ مَشْهَدِهِ، وَزِيارَةِ أبِيهِ وَجَدِّهِ، اللَّهُمَّ اخْلُفْ عَلَيَّ نَفَقَتِي، وَانْفَعْنِي بِما رَزَقْتَني، فِي دُنْياي وَآخِرَتِي وَلإِخْوَانِيَ وَأَبَوَيَّ وَجَمِيعِ عِتْرتِي، أَسْتَوْدِعُكَ اللهَ أيُّها الإمامُ الّذي يَفوزُ بِهِ المؤمنونَ وَيَهلِكُ على يديهِ الكافِرونَ المكذِّبونَ...»(١) .

ـــــــــــ

(١) مصباح الزائر للسيد ابن طاووس: ٣٢٧، الصحيفة المهدية: ١٧٣، معجم أحاديث المهدي: ٤/٤٩١.

١٩٤

الفهرست

المقدمة ٤

الباب الأول: وفيه فصول: ١٠

الفصل الأول: الإمام المهدي المنتظر عليه‌السلام في سطور ١٠

الفصل الثاني: المهدي الموعود عليه‌السلام وغيبته في بشارات الأديان. ١٢

رسوخ الفكرة في الديانتين اليهودية والنصرانية ١٤

الإيمان بالمصلح العالمي في الفكر غير الديني. ١٦

طول عمر المصلح في الفكر الانساني. ١٧

الإيمان بالمهدي عليه‌السلام تجسيد لحاجة فطرية ١٨

موقف الفكر الانساني من غيبة المهدي عليه‌السلام.... ١٩

الفكر الديني يؤمن بظهور المصلح العالمي بعد غيبة ١٩

الاختلاف في تشخيص هوية المنقذ العالمي. ٢٠

الخلط بين البشارات وتأويلها ٢٢

المهدي الإمامي وحل الاختلاف.. ٢٣

البشارات السماوية لا تنطبق على غير المهدي الإمامي. ٢٦

البشارات وغيبة الإمام الثاني عشر ٢٧

البشارات وخصوصيات المهدي الإمامي. ٢٨

البشارات وأوصاف المهدي الإمامي. ٣٠

الاهتداء الى هوية المنقذ على ضوء البشارات.. ٣١

الاستناد الى بشارات الكتب السابقة ومشكلة التحريف.. ٣٢

الاستناد الى ما صدّقه الاسلام من البشارات.. ٣٤

تأثير البشارات في صياغة العقيدة المهدوية ٣٥

نتائج البحث.. ٣٧

الفصل الثالث: المهدي الموعود عليه‌السلام وغيبته في القرآن الكريم. ٤٠

١ ـ عدم خلو الزمان من الإمام ٤٢

١٩٥

الإمام المقصود في الآية ٤٤

الإمام المنقذ من الضلالة ٤٥

المواصفات القرآنية لإمام الهدى. ٤٦

مصداق الإمام في عصرنا الحاضر ٤٧

٢ ـ في كل زمان إمام شهيد على اُمته ٤٩

صفات الشهيد الإمام ٥١

٣ ـ لا يخلو زمان من هاد الى الله بأمره ٥٧

معنى «الهادي» في القرآن. ٥٨

الفصل الرابع: المهدي الموعود وغيبته في المتفق عليه من السُنّة ٦٢

ترابط أحاديث حجة الوداع. ٦٥

مصداق الخلفاء الاثني عشر ٦٦

دراسة الأحاديث مستقلة ٦٦

دلالة الواقع التأريخي. ٦٧

اتصال وجود الخلفاء الاثني عشر ٦٩

ائمة العترة هم المصداق الوحيد. ٧٠

أدلة التطبيق. ٧٠

الاتفاق على أن المهدي خاتم الخلفاء الاثني عشر ٧٣

معنى « الأمر » في الكتاب والسنة ٧٩

الباب الثاني: وفيه فصول: ٨٣

الفصل الأول: نشأة الإمام محمّد بن الحسن المهدي عليهما‌السلام..... ٨٣

تواتر خبر ولادته عليه‌السلام.... ٨٤

كيفية ظروف الولادة ٨٥

إخبار المسبق عن خفاء الولادة ٨٦

خفاء الولادة علامة المهدي الموعود عليه‌السلام.... ٨٨

الفصل الثاني: مراحل حياة الإمام المهدي عليه‌السلام.... ٩١

١٩٦

الفصل الثالث: الإمام المهدي في ظل أبيه عليهما‌السلام..... ٩٢

حضوره وفاة أبيه عليه‌السلام.... ٩٤

الباب الثالث: وفيه فصول: ٩٦

الفصل الأول: الغيبة الصغرى للإمام المهدي عليه‌السلام.... ٩٦

صلاته على أبيه وإعلان وجوده ٩٨

أهدافه عليه‌السلام من الصلاة على أبيه ١٠٠

غيبتا الإمام المهدي عليه‌السلام.... ١٠٢

الفصل الثاني: أسباب الغيبة الصغرى والتمهيد لها ١٠٣

تمهيد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والائمة عليهم‌السلام لغيبة الإمام المهدي عليه‌السلام.... ١٠٥

فلسفة مرحليّة الغيبة ١١١

تعقيب السلطة العباسيّة لخبر الإمام عليه‌السلام.... ١١٢

الفصل الثالث: إنجازات الإمام المهدي عليه‌السلام في الغيبة الصغرى. ١١٤

إكمال ما تحتاجه الأمة من معارف الاسلام ١١٥

تثبيت نظام النيابة ١١٦

حفظ الكيان الايماني. ١١٩

إصدار الرسائل «التوقيعات». ١٢٠

لقاء الإمام المهدي عليه‌السلام بأتباعه المؤمنين. ١٢٣

إعلان انتهاء الغيبة الصغرى. ١٢٥

الباب الرابع: وفيه فصول: ١٢٧

الفصل الأول: الغيبة الكبرى للإمام المهدي عليه‌السلام وأسبابها ١٢٧

علل الغيبة في الأحاديث الشريفة ١٢٨

١ ـ استجماع تجارب الأمم السابقة ١٣١

٢ ـ العامل الأمني. ١٣٢

٣ ـ السماح بوصول الحق للجميع لخروج ودائع الله. ١٣٣

٤ ـ التمحيص الاعدادي لجيل الظهور ١٣٣

١٩٧

٥ ـ اتضاح عجز المدارس الاخرى. ١٣٤

٦ ـ حفظ روح الرفض للظلم. ١٣٤

٧ ـ صلاح أمره وأمر المؤمنين به ١٣٥

٨ ـ عدم توفّر العدد المطلوب من الأنصار ١٣٥

الفصل الثاني: إنجازات الإمام المهدي عليه‌السلام في غيبته الكبرى. ١٣٦

رعايته للكيان الإسلامي. ١٣٦

حفظ الاسلام الصحيح وتسديد العمل الاجتهادي. ١٣٧

تسديد الفقهاء في عصر الغيبة ١٣٩

أصحاب الإمام عليه‌السلام في غيبته الكبرى. ١٤٠

الالتقاء بالمؤمنين في غيبته الكبرى. ١٤١

ترسيخ الايمان بوجوده ١٤٢

حضور موسم الحج. ١٤٢

الفصل الثالث: تكاليف عصر الغيبة الكبرى. ١٤٣

أهمية الانتظار ١٤٦

حقيقة الانتظار ١٤٨

شروط الانتظار ١٥٢

الانتظار وتوقّع الظهور الفوري. ١٥٤

الباب الخامس: وفيه فصول: ١٥٧

الفصل الأول:علائم ظهور الإمام المهدي عليه‌السلام.... ١٥٧

العلائم الحتمية وغير الحتمية ١٥٨

أبرز علائم الظهور ١٥٩

زوال علل الغيبة ١٦٠

الفصل الثاني:سيرة الإمام المهدي عليه‌السلام عند الظهور ١٦٣

خصائص الدولة المهدوية في القرآن الكريم. ١٦٤

تأريخ ظهور الإمام المهدي عليه‌السلام.... ١٦٨

١٩٨

مكان ظهوره ـ عجل الله فرجه ـ وانطلاقة ثورته ١٦٩

وقفة عند خطبتي إعلان الثورة ١٧٠

إعلان أهداف الثورة ١٧١

الاستجابة لاستنصاره ومبايعته ١٧١

خروجه الى الكوفة وتصفية الجبهة الداخلية ١٧٢

دخوله بيت المقدس ونزول عيسى عليه‌السلام.... ١٧٣

قتل الدجال وإنهاء حاكمية الحضارات المادية ١٧٤

سيرته سيرة جدّه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم..... ١٧٥

إحياء السنة وآثار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم..... ١٧٦

شدته مع نفسه ورأفته باُمته ١٧٦

سيرته القضائية ١٧٧

سيرته تجاه الأديان والمذاهب.. ١٧٨

محاربة البدع ونفي تحريف الغالين والمبطلين. ١٧٩

سيرته الادارية ١٨٠

سيرته الجهادية ١٨٠

سيرته المالية ١٨٢

الصورة العامة للدولة المهدوية في النصوص الشرعية ١٨٣

الفصل الثالث:قبسات من تراث الإمام المهدي عليه‌السلام.... ١٨٧

في مقام الأئمة عليهم‌السلام.... ١٨٨

تقوى الله والنجاة من الفتن. ١٨٩

رعايته للمسلمين. ١٩٠

الاستعداد الدائم للظهور ١٩١

١٩٩