رسالة ماجستير المدعي والمدعى عليه في الفقه الإمامي

رسالة ماجستير المدعي والمدعى عليه في الفقه الإمامي37%

رسالة ماجستير المدعي والمدعى عليه في الفقه الإمامي مؤلف:
تصنيف: رسائل وأطاريح جامعية
الصفحات: 152

رسالة ماجستير المدعي والمدعى عليه في الفقه الإمامي
  • البداية
  • السابق
  • 152 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 132057 / تحميل: 9932
الحجم الحجم الحجم
رسالة ماجستير المدعي والمدعى عليه في الفقه الإمامي

رسالة ماجستير المدعي والمدعى عليه في الفقه الإمامي

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

ومن خلال هذا يمكن أن نقول بأنّ المدّعى عليه: هو من ادّعي عليه حقّاً، أو ملكاً مطلقاً، وخالف قوله قول الشاكي، وأنكر مدّعاه، ويجبر على الخصومة إن تَرَكَ.

ونقصد بالإطلاق هنا أي: سواء كان ذلك الحقّ حقّاً ماديّاً كالدين، أو معنوياً كالنسب مثلاً، وسواء كان الملك معيناً، كأنّ يقول: هذه الدار، أو غير معيّن فيحتاج إلى وصف.

المطلب الرابع: التعريف الاصطلاحي للمدّعى عليه

ذكر الفقهاء للمدّعى عليه تعاريفاً اصطلاحية نذكر بعضاً منها:

١ - المدّعى عليه: هو من ادّعي عليه شيء في يده، أو في ذمته، فهو المدّعى عليه لغة وشرعاً(١) .

٢ - المدّعى عليه: هو الذي لا يُتْرَكُ لو تَرَكَ الخصومة، أو الذي يدّعي الظاهر أو الأصل(٢) .

٣ - المدّعى عليه: هو الذي لا يُتْرَكُ لو تَرَكَ الخصومة، وقيل: هو الذي يدّعي الأصل، أو أمراً ظاهراً(٣) .

٤ - المدّعى عليه: هو كلّ مَنْ أطلق عليه العرف المدّعى عليه، يحكم عليه بما هي وظيفته شرعاً(٤) .

٥ - المدّعى عليه: هو مَنْ يرى العرف بشأنه أنّ عليه مؤونة عدم الإثبات(٥) .

____________________

(١) المبسوط للشيخ الطوسي ٨: ٢٥٦.

(٢) قواعد الأحكام للعلامة الحلي ٣: ٤٣٦، إيضاح الفوائد لابن العلامة ٤: ٣٢٣ بتصرف.

(٣) شرائع الإسلام للمحقق الحلي ٤: ٨٩٣، كشف الرموز للفاضل الآبي ٢: ٥٠٤، المهذب البارع لابن فهد الحلي ٤: ٤٨١، مسالك الإفهام للشهيد الثاني ١٤: ٥٩ بتصرف.

(٤) مقتبس من كتاب القضاء للمحقق الآشتياني: ٣٣٦.

(٥) مقتبس من كتاب مباني تكملة المنهاج للسيد الخوئي ١: ٤٢.

٢١

المطلب الخامس: ملاحظات حول التعاريف

١ - التعريف الذي ذكره صاحب كتاب (المبسوط) فيه وهم للقاريء في أوّل وهلة، إلاّ بعد التدقيق والنظر في المراد، بعد إرجاع الضمائر إلى ما يناسبها، وهذا لا يكون إلاّ لمن له باع في ذلك، حيث يقول & بعد ما ذكر يد الغير وذمته: (فإن كان الشيء في يده … إلى آخره) فلربّما يفسّرها البعض بيد الغير وهو غير صحيح، بل المقصود يد المدّعي وفي هذه الحالة لا يسمّى مدّعياً لأنّ يده يد إمارة على الملكية، إلاّ أن يثبت العكس، فمن يثبت العكس هو المدّعي، وصاحب اليد يكون مدّعياً عليه.

٢ - التعريفين الثاني والثالث لم يعطيا تعريفاً دقيقاً لهما، وخصوصاً أنّهما عبّرا عن (المدّعى عليه) بالمنكر، وليس بالضرورة أن يكون المدّعى عليه (منكراً)، بل ربّما يكون منصفاً، فيعطي الحقّ لأهله، وذلك باعترافه، أو يكون ذا شخصيّة لا تسمح له أن يلطّخ سمعته بشيء تافه، فيعطيه للمدّعي بغية الحفاظ على شخصيته، وإن كان الحقّ له.

٣ - التعريف الذي ذكره صاحب كتاب (الجواهر) - في النقطة الرابعة من (التعريف الاصطلاحي للمدّعي) - غير واضح البيان، ولا يمكن أن نصل به إلى نتيجة لتعريف المدّعي والمنكر، وكما عبّر بعض الفقهاء بأنّها عبارة (مشوشة)(١) .

____________________

(١) راجع كتاب القضاء في الفقه الإسلامي للسيد الحائري: ٢٥٩.

٢٢

ومن خلال ما قدمناه يظهر: أنّ المدّعي والمدّعى عليه ليس لهما تعريف خاص يتميزان به عن بعضهما البعض بنظر الشارع المقدس، بل هو موكول إلى العرف، لما قدّمناه في بداية تعريفهما، حيث قلنا - في بداية المبحث تحت عنوان (مقدّمة) -: أنّه يمكن أن يكون المدّعي منكراً والمنكر مدّعياً وذلك بدفع الدّعوى من قبل المنكر وجعلها لصالحه.

والظاهر: أن العرف يرى أن المدّعي: هو الذي يتقدّم بشكوى ضد شخص معين زاعماً أنّ له حقّاً، أو ملكاً عنده، سواء كانت الشكوى عن طريق مجلس القضاء أم لا، وسواء كان متيقّناً مما يدّعي أم لا.

وأما المدّعى عليه: فهو ما قدّمت ضدّه الشكوى، سواء كان ظالماً أو مظلوماً.

المبحث الثالث: تعريف الإقرار والمُقِرّ والمُقَرّ له والمُقَرّ به

ويمكن البحث فيه عدّة مطالب، منها :

المطلب الأول: التعريف اللغوي للإقرار

الإقرار مصدر أقر، معناه: التثبت والتمكن، والإقرار: الاعتراف بالشيء، وأقر بالحقّ: اعترف به، واعترف بالشيء: أقرّ به، والاعتراف: الإقرار بالذنب.

قال تعالى في كتابه الكريم:( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (١) ، وهو اعتراف الشخص بحقّ عليه لآخر(٢) .

فالإقرار بموردنا: هو اعتراف شخص لآخر، بأنّ هنالك حقّ له، أو ملك متعلق بذمته، أو تحت يده.

____________________

(١) سورة التوبة: آية ١٠٢.

(٢) العين للخليل الفراهيدي ٥: ٢٢، معجم لغة الفقهاء لمحمد قلعجي: ٨٣، الصحاح ٢: ٧٩٠، القاموس الفقهي لأبي جيب: ٢٤٨، لسان العرب لابن منظور ٥: ٨٨ بتصرف.

٢٣

المطلب الثاني: التعريف الاصطلاحي للإقرار

عرف الإقرار جملة من فقهاء الطائفة بقولهم:(الإقرار: إخبار الإنسان مطلقاً بحقّ واجب عليه، بشرط التنجيز لا التعليق فيه)(١) .

ونقصد بالإطلاق هنا: سواء كان الإقرار عن طريق اللسان، أو الإشارة المفهمة لذلك.

ونقصد بالتنجيز: أن لا يكون مقيّداً بشرط، مثل قوله: إن قدم زيد، وما شاكل ذلك، والتعليق عكسه.

وضربوا للإقرار عدة أمثله منها: (لو قال: لي عليك كذا، فقال: نعم، أو أجل، أو بلى، أو أنا مقرّ به فهو إقرار، وكذا لو قال: أليس لي عليك كذا؟ فقال: بلى)(٢) .

____________________

(١) المبسوط للشيخ الطوسي ٢: ٣٦٩، جواهر الفقه لابن البراج: ٩١، قواعد الأحكام للعلامة الحلي ٢: ٤١١، إيضاح الفوائد لابن العلامة ٢: ٤٢٣، شرائع الإسلام للمحقق الحلي ٣: ٦٩٠، المهذب البارع لابن فهد الحلي ٤: ١٠٩، رسائل الكركي للمحقق الكركي ١: ٢٠٩، جامع المقاصد للمحقق الكركي ٩: ١٨٦، رياض المسائل للسيد علي الطباطبائي ١١: ٢٥، الوسيلة لابن حمزة الطوسي: ٢٨٣، كشف الرموز للفاضل الآبي ٢: ٣١٤، شرح اللمعة للشهيد الثاني ٦: ٣٨، جامع المدارك للسيد الخوانساري ٥: ٣٤، بتصرف.

(٢) رياض المسائل للسيد علي الطباطبائي ١١: ٢٥.

٢٤

المطلب الثالث: تعريف المُقِرِّ والمُقَرِّ له والمُقَرِّ به

أولاً: تعريف المُقِرِّ

المقر: المعترف، وهو صاحب الإقرار: أي من أقر على نفسه بحقّ لغيره عليه، أو نفى حقّه على غيره(١) .

ثانياً: تعريف المُقَرِّ له

يمكن أن نقول أنّ المقرّ له: هو الشخص الذي اعترف له المقرّ بحقّ ما، كان له عليه.

ثالثاً: تعريف المُقَرِّ به

يمكن أن يقال أنّ المقرّ به: هو ما اعترف به المقرّ للمقرّ له، مبيّناً قيمته، وأوصافه، وما إلى ذلك، مما يتّضح به، إنْ تطلب الأمر ذلك.

____________________

(١) معجم ألفاظ الفقه الجعفري للدكتور أحمد فتح الله: ٤٠٣.

٢٥

المبحث الرابع: تعريف البيّنة

ونبحث فيه مطلبين، هما:

المطلب الأول: التعريف اللغوي

البيّنة: مذكّرها بيّن. وجمعها بيّنات. وهي صفة من بان يبين. بمعنى: وضح. وبيّنة أي واضحة. وهو صفة لمحذوف: أي الدلالة البيّنة، أو العلامة.

والبيّنة: هي الحجة والبرهان. قال تعالى:( قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) (١) أي هاتوا حجّتكم وبيّنتكم.

والبيّنة: بمعنى الجلاء والوضوح. قال الشاعر:

فإنّ الحقّ مقطعه ثلاث

يمين أو نفار أو جلاء

والجلاء بكسر الجيم: البيّنة والشهود.

والبيّنة: بمعنى الانقطاع والانفصال. يقال: بان الشيء عن الشيء إذا انقطع وانفصل.

والبيّنة: بمعنى الظهور. يقال: بان الشيء بياناً، وأبان واستبان وبيّن وتبيّن إذا ظهر.

والبيّنة: الدلالة الواضحة. عقلية كانت أو حسّيّة، ومنه سمّيت شهادة الشاهدين بيّنة.

وقال الحرالي: البيّنة من القول والكون ما لا ينازعه منازع لوضوحه.

وقال بعضهم: البيّنة: الدلالة الفاصلة بين القضية الصادقة والكاذبة.

____________________

(١) سورة البقرة: آية ١١١، سورة النمل: آية ٦٤.

٢٦

وقال آخر: ما ظهر برهانه في الطبع والعلم والعقل بحيث لا مندوحة عن شهود وجوده(١) .

المطلب الثاني: التعريف الاصطلاحي

ذكر الشيخ مكارم الشيرازي في كتابه (القواعد الفقهية) بأن البيّنة: (هي شهادة عدلين، أو ما يقوم مقامهما من شهادة المرأة، في جميع الموضوعات، مما ترتب على حكم من أحكام الشرع)(٢) .

ومما تقدّم - في التعريف اللغوي والاصطلاحي للبيّنة - يظهر أن البيّنة: هي كل ما يثبت قول الخصمين أو نفيه، سواء كان شاهدان أو دليل قاطع لا يمكن معارضته عقلاً أو نقلاً، كذكر مواصفات العين المدّعاة التي لا يمكن معرفتها إلاّ من قبل صاحبها، كما هو الحال في اللقطة.

____________________

(١) لسان العرب لابن منظور ١٣: ٥١، تاج العروس للزبيدي ١: ٨٣٣٠، المغرب من ترتيب المعرب لابن المطرز ١: ٩٨، أنيس الفقهاء للقونوي ١: ٢٣٧، التعاريف للمناوي ١: ١٥٤، المطلع للبعلي الحنفي ١: ٤٠٣ بتصرف.

(٢) القواعد الفقهية للشيخ مكارم الشيرازي ٢: ٤٥.

٢٧

المبحث الخامس: تعريف اليمين

وفيه مطلبان، هما:

المطلب الأول: التعريف اللغوي

اليمين: القسم. وهو عبارة عن تأكيد الأمر، وتقويته، وتحقيقه، بذكر اسم الله تعالى، أو بصفة من صفاته.

واليمين الغموس: هي التي تغمس صاحبها في الإثم، ثم في النار، وقيل: هي التي تقتطع بها مال غيرك، وهي الكاذبة الفاجرة. وقيل: هي التي يتعمّدها صاحبها، عالماً بأنّ الأمر بخلافه، ليقتطع بها الحقوق، وهو الحلف على فعل أو ترك ماض كاذباً.

والإقتاب في اليمين: التغليظ فيها. ويقال: أرفق به ولا تقتب عليه في اليمين: أي لا تغلّظ عليه فيها. وكذلك غلَّظتُ اليمين: أي قوّيتها وأكّدتها، وعَقَّدَ اليمين: أكّدها كذلك. قال أبو زيد في قوله تعالى:( وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ ) (١) وعاقَدَت أيمانُكُم، وقد قُرئ عَقَّدت بالتشديد معناه التوكيد والتغليظ كقوله تعالى:( وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا ) (٢) ، وكذلك قوله تعالى:( لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ ) (٣) ، ويقال للقسم أيضاً: يمين، لأنهم كانوا إذا تحالفوا أو توافقوا ضرب كل امرئ منهم يمينه على يمين صاحبه، كما يفعل في بيعة السلطان، فيقال: أخذ يمينه، وأخذ صفقته، إذا فعل ذلك، ثم قيل للحلف بالله، وبكل ما يحلف به يمين، إذ كان ذلك يقع مع التصافق بالأيمان(٤) .

____________________

(١) سورة النساء: آية ٣٣.

(٢) سورة النحل: آية ٩١.

(٣) سورة المائدة: آية ٨٩.

(٤) لسان العرب لابن منظور ٦: ١٥٦، القاموس المحيط للفيروزآبادي ١: ٧٢٤ وص ١٦٠٢، تاج العروس للزبيدي ١: ٨٤٠ وص ٢١٢٦ وص ٤٠٤٥، المصباح المنير للمقري الفيومي ٢: ٤٢١ و ص ٤٥١ وص ٤٥٣، النهاية في غريب الحديث والأثر للجزري ٣: ٧٢٤، غريب الحديث لابن الجوزي ١: ٥٠ وج٢: ١٦٣، العين للخليل الفراهيدي ١: ١٤٠ وج ٤ ص ٣٨٠ وج ٨: ٣٨٧، أنيس الفقهاء للقونوي ١: ١٧٢، التعريفات للجرجاني ١: ٣٣٢، التعاريف للمناوي ١: ٧٥١، مختار الصحاح للرازي ١: ٤٨٨ بتصرف.

٢٨

المطلب الثاني: التعريف الاصطلاحي

لقد عرف صاحب كتاب (مهذب الأحكام) اليمين بقوله: (هو الحلف بالله تعالى، لترك فعل فيما مضى، أو عدم إتيان فعل فيما يأتي، ويطلق عليه القَسَم أيضاً)(١) .

وهذا التعريف غير تام لكل أقسام اليمين التي سوف نذكرها لاحقاً إنشاء الله تعالى.

ويمكن أن نستخلص من مطالعتنا على أراء الفقهاء بما كتبوه في اليمين أن نعرف اليمين بأنّه: حلف الشخص مطلقاً، على أمر ما في داخله، يرى أنّه من مصلحته فعل ذلك من أجله، سواء كان ذلك الأمر يجلب له نفعاً دنيوياً، أم نفعاً، أو ضرّاً أخروياً.

____________________

(١) مهذّب الأحكام في بيان الحلال والحرام للسيد عبد الأعلى الموسوي السبزواري٢٢:٢٤٢.

٢٩

ونقصد ب- (مطلقاً) هنا: سواء كان الحلف (بالله U ) أو بغيره، ونقصد ب- (أمر ما) سواء كان يجب عليه فعل ذلك الأمر أو لا يجب، ونقصد ب- (يجلب له نفعاً دنيوياً، أم نفعاً أو ضراً أخروياً) سواء كان الحلف كاذباً لإنقاذ نفسه، أو ماله، أو نفس أخرى أو مالها، وسواء كان ظلماً أولا.

تنبيه :

ذكرنا الحلف بغير الله تعالى - بقولنا (نقصد) - لا يعني أننا نعتقد بانعقاده، بل هو حلف باطل، ولكن ذكرنا ذلك لكي يتم التعريف به حتى عند من يعتقد بانعقاده بغير الله تعالى.

المبحث السادس: تعريف الإنكار

ونبحث فيه مطلبين، هما:

المطلب الأول: التعريف اللغوي

النكر: الدهاء، وهو نعت للأمر الشديد، والرجل الداهي، والنكرة: نقيض المعرفة، الإنكار: قلة المعرفة، والتنكير: التغير عن حال تسرك إلى حال تكرهها، والنكير: اسم للإنكار الذي يعني به التغير، ونكر الأمر بالضم: أي صعب واشتد، وأنكر الأمر: جهله، والإنكار الجحود، والمنكر من الأمر: خلاف المعروف، وقد تكرر في الحديث الإنكار والمنكر، وهو ضد المعروف، وكل ما قبّحه الشرع وحرمه وكرهه، فهو منكر، قال تعالى في كتابه الكريم:( لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً ) (١) ، والنكير: اسم الإنكار الذي معناه التغيير، قال تعالى:( فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ) (٢) والتناكر: التجاهل(٣) .

فتبين مما تقدم أن معنى الإنكار: هو ما صعب واشتدّ على الشخص تصديقه ومعرفته، لجهله فيه، وما كره انتسابه إليه، وجحوده وإنكاره له.

____________________

(١) سورة الكهف: آية ٧٤.

(٢) سورة الحج: آية ٤٤، سورة سبأ: آية ٤٥، سورة فاطر: آية ٢٦، سورة الملك: آية ١٨.

(٣) العين للخليل الفراهيدي ٥: ٣٥٥، ترتيب إصلاح المنطق لابن السكيت الأهوازي: ٦٦، الصحاح للجوهري ٢: ٨٣٧، لسان العرب لابن منظور ٥: ٢٣٢ - ٢٣٤، القاموس المحيط للفيروزآبادي ٢: ١٤٨، تاج العروس للزبيدي ٣: ٥٨٣ - ٥٨٤.

٣٠

المطلب الثاني: التعريف الإصطلاحي

يمكن استلهام التعريف الإصطلاحي للإنكار من كلمات الفقهاء، وذلك بالرجوع إلى معنى الإقرار، حيث إنّه عكسه تماماً.

ولهذا يمكن أن يقال بأنّ الإنكار: (هو نفي الإنسان مطلقاً بأن هناك حقاً واجباً عليه)(١) .

ونقصد بالإطلاق هنا: سواء كان الإنكار عن طريق اللسان، أو الإشارة المفهمة لذلك.

____________________

(١) راجع المبسوط للشيخ الطوسي ٢: ٣٦٩، جواهر الفقه لابن البرّاج: ٩١، قواعد الأحكام للعلامة الحلي ٢: ٤١١، إيضاح الفوائد لابن العلامة ٢: ٤٢٣، شرائع الإسلام للمحقق الحلي ٣: ٦٩٠، المهذب البارع لابن فهد الحلي ٤: ١٠٩، رسائل المحقق الكركي ١: ٢٠٩ وجامع المقاصد للمحقق الكركي٩: ١٨٦، رياض المسائل للسيد علي الطباطبائي ١١: ٢٥، الوسيلة لابن حمزة الطوسي: ٢٨٣، كشف الرموز للفاضل الآبي٢: ٣١٤، شرح اللمعة للشهيد الثاني ٦: ٣٨، جامع المدارك للسيد الخوانساري ٥: ٣٤، بتصرف.

٣١

المبحث السابع: تعريف النكول والسكوت

ونبحث فيه عدّة مطالب، منها:

المطلب الأول: التعريف اللغوي للنكول

نكل: بمعنى امتنع وترك، وينكل: يمتنع ويترك، ويقال: (نكل زيد) إذا أراد أن يصنع شيئاً فهابه. ونكل بفتح الكاف وكسرها حكاه ابن القطاع وغيره. قال المطرز: وذلك بأن يرجع عن شيء قاله، وعدو قاومه، أو شهادة أرادها، أو يمين تعين عليه أن يحلفها. ونكل عن اليمين: حاد وامتنع عنه، وترك الإقدام عليه(١) .

وتبين مما تقدّم أن معنى النكول: هو رجوع الشخص وندمه عما أقدم عليه سابقاً، مضمراً ذلك غير كشاف لحقيقته خارجاً.

المطلب الثاني: التعريف الاصطلاحي للنكول

يمكن أن نستنتج مما هو مضمر في طيّات عبارات الفقهاء الفقهية أنّ النكول هو عبارة عن: سكوت المدّعى عليه عن أداء اليمين، وعدم إرجاعه إلى المدّعي لكي تتبين الحقيقة.

____________________

(١) المصباح المنير للمقري الفيومي ٢: ٦٢٥، النهاية في غريب الأثر للجزري ٥: ٢٤٥، العين للخليل الفراهيدي ٥: ٣٧٢، تحرير ألفاظ التنبيه للنووي ١: ٣٣٥، المطلع للبعلي الحنبلي ١: ٢٣٨ بتصرف.

٣٢

المطلب الثالث: التعريف اللغوي للسكوت

سَكَتَ سَكْتاً وسُكُوتاً: أي صَمَتَ، وسَكَتَ الغَضَبُ: بمعنى سكن، والسكوت: معناه السكون، والانقطاع عن الكلام. يقال: سَكَتَ الرجلُ يَسْكُتُ سَكْتَاً: إذا سكن. وسَكَتَ يَسْكُتُ سُكُوتاً وسَكْتاً: إذا قطع الكلام، ورجلٌ سِكّيْتٌ: كثير السكوت صبراً عن الكلام، وأسْكَتَ عن الشيء: أعرض(١) .

ومما تقدّم يمكن أن يقال بأنّ السكوت: هو الإعراض عن الكلام، سواء كان بإرادة من الساكت أم لا.

المطلب الرابع: التعريف الاصطلاحي للسكوت

يمكن أن يستفاد من كلمات الفقهاء معنى السكوت بأنّه: إمساك آلة الكلام عن استعمالها فيه، مع التمكن من ذلك(٢) .

____________________

(١) لسان العرب لابن منظور ٢: ٤٣، المصباح المنير للمقري الفيومي ١: ٢٨١، العين للخليل الفراهيدي ٥: ٣٠٥ - ٣٠٦ بتصرف.

(٢) رسائل المرتضى للشريف المرتضى ٢: ٢٧٢ - ٢٧٣ بتصرف.

٣٣

المبحث الثامن: تعريف القرعة

ونبحث فيه مطلبين، هما :

المطلب الأول: التعريف اللغوي

القُرْعَةً والمُقارَعَةُ: المساهمة. والإقتراع: الاختيار. وتَقارَعَ القومُ واقْتَرَعُوا بمعنى واحد، والاسم: القُرْعَةُ. واقترعتُ بينهم إقراعاً هيأتهم للقُرْعَةِ على شيء. وقارَعْتُهُ فَقَرَعْتُهُ أصابتني القُرْعَةُ دونه، ومنه حديث عائشة: (أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أقرع بين نسائه فقَرَعْتُ في السفرة التي أصابني فيها ما أصابني)(١) .

ومن خلال ما تقدم يمكن تعريف القُرْعَةُ بأنّها: المساهمة والمشاركة على حيازة شيء، عن طريق اختيار، وإخراج ما يُساهَمُ ويُشارَكُ به من بين المجموع.

المطلب الثاني: التعريف الاصطلاحي

عند مراجعة الكتب الفقية في مسألة القرعة، ومتى يمكن استخدامها، وكيفيتها، وما إلى ذلك من المسائل العالقة بها، يمكن أن تُعَرَّفَ بهذا التعريف وهو:

القرعة: عبارة عن المساهمة والاشتراك في أمر مستعصٍ ليس له حل، إلاّ التسليم لما سوف يخرجه الله تعالى لمن هو له من بين المشتركين فيها، سواء كان ذلك الأمر طلب حقّ أو غيره.

____________________

(١) القاموس المحيط للفيروزآبادي ١: ٩٦٩ - ٩٧٠، تاج العروس للزبيدي ١: ٥٤٦٧، النهاية في غريب الأثر للجزري ٥: ٣٦٠، مختار الصحاح للرازي ١: ٥٦٠، المصباح المنير للمقري الفيومي ٢: ٤٩٩، المغرب في ترتيب المعرب لابن المطرز ٢: ١٧٠ بتصرف.

٣٤

الفصل الثاني: شروط المدّعي والمدّعى عليه والمدّعى به ومصبّ النزاع

وفيه عدّة مباحث، منها :

المبحث الأول: شروط المدّعي.

المبحث الثاني: شروط المدّعى عليه.

المبحث الثالث: شروط المدّعى به.

المبحث الرابع: مصبّ النّزاع بين المدّعي والمدّعى به.

المبحث الأول: شروط المدّعي

ذكر الفقهاء(١) شروطاً للمدّعي، ومنها:

١ - البلوغ، فلا تقبل الدّعوى من الصغير ولو كان مراهقاً.

٢ - العقل، فلا تسمع من المجنون ولو كان إدوارياً إذا ترافع حال جنونه.

٣ - أن يدّعي لنفسه، فلو أدّعى لأجنبي لم تقبل.

٤ - أن يدّعي لمن له ولاية الدّعوى عنه ما يصح منه تملكه، خرج بالقيد الأول من هذا الشرط المدّعي لغيره، إلاّ إذا كان وليّاً، أو وكيلاً، أو وصيّاً على ذلك الغير، أو حاكماً، أو نائباً للحاكم لمن لم يجد المذكورين الثلاثة، وبالقيد الثاني منه خروج ادّعاء المسلم لما لم يحل تملّكه كالخمر أو الخنزير ولو على ذمي.

٥ - عدم الحجر لسفه إذا كانت الدّعوى مستلزمة للتصرف المالي، نعم تقبل إذا كان السفه قبل الحجر.

وقد جمع البعض الشرطين الأوليين بشرط واحد بقولهم (كمال المدّعي) كما في الدروس للشهيد الأول، أو ب- (التكليف) كما جاء في القضاء والشهادات للشيخ الأنصاري، وكذلك كشف الرموز للفاضل الآبي(٢) .

____________________

(١) قواعد الأحكام للعلامة الحلي ٣: ٤٣٦، شرائع الإسلام للمحقق الحلي ٤: ٨٩٣، الدروس للشهيد الأول ٢: ٨٤ ، القضاء والشهادات للشيخ الأنصاري: ١٦٧، كشف الرموز للفاضل الآبي٢: ٥٠٥، تحرير الوسيلة للسيد الخميني ٢: ٤١٠.

(٢) راجع نفس المصدر أعلاه.

٣٥

المبحث الثاني: شروط المدّعى عليه

أنّ للمدّعى عليه شروطاً يجب توفرها فيه، وإلاّ تكون الدّعوى مختلة، ومنها :

١ - أن يكون معيناً. خرج بهذا الشرط الجماعة غير المعينة (غير المحصورين).

أفتى بذلك صاحب كتاب (قواعد الأحكام) بقوله: (الثاني تعلق الدّعوى بشخص معين، أو أشخاص معينين، فلو ادّعى على مجهولين لم تسمع)(١) .

٢ - جائز التصرف. فلا تصح الدّعوى على المملوك والمحجور عليه لسفه وغيره إذا كان الحجر قبل الدّعوى.

أفتى بذلك صاحب كتاب (شرائع الإسلام)(٢) في جواب المدّعى عليه بقوله: ( وأما الإقرار: فيلزم إذا كان جائز التصرف).

وكذلك صاحب كتاب (المقنعة)(٣) بقوله: (فإن أقر به، ولم يرتب بعقله واختياره، ألزمه الخروج منه إليه). أي أنه جائز التصرف ليس محجور عليه بسفه وغيره.

٣ - أن يكون ممن يصح منه مباشرة الجناية.

قال بذلك صاحب كتاب (قواعد الأحكام) بقوله: (الثالث: توجه الدّعوى إلى من تصح منه مباشرة الجناية)(٤) .

تنبيه :

لا يشترط في المدّعى عليه البلوغ والعقل.

ذكر ذلك صاحب كتاب (قواعد الأحكام) في شروط الدعوى حيث ذكر أن يكون بالغاً رشيداً حال الدعوى - أي المدّعي - ثم قال: (ولا يشترط ذلك في المدّعى عليه، بل لو ادعى على مجنون أو طفل تولي الحكومة الولي)(٥) .

____________________

(١) قواعد الأحكام للعلامة الحلي ٣: ٦١٠.

(٢) شرائع الإسلام للمحقق الحلي ٤: ٨٧٢.

(٣) المقنعة للشيخ المفيد: ٧٢٣.

(٤) قواعد الأحكام للعلامة الحلي ٣: ٦١١.

(٥) قواعد الأحكام للعلامة الحلي ٣: ٦١٠.

٣٦

المبحث الثالث: شروط المدّعى به

من أهم الشروط التي ذكرها الفقهاء(١) في المدّعى به ما يلي:

١ - أن يكون معلوماً. خرج بهذا الشرط المجهول المطلق مثل قوله لي عليه شيئاً، وأما غير المطلق فيطالب مدعيه بالوصف.

٢ - أن يكون ممن يصح تملكه.

٣- ذكر مواصفاته إن كان مثلياً، وذكر قيمته إن كان قيميّاً.

أفتى بذلك الفقهاء ومفاده: (إذا كان المدّعى به من الأثمان - كالدينار- ، افتقر إلى ذكر جنسه ونوعه وقدره، وإن كان مثلياً - كالفرش - ، ضبطت أوصافه، وإن كان قيميّاً فقيمته)(٢) .

____________________

(١) المختصر النافع للمحقق الحلي: ٢٧٦، تحرير الوسيلة للسيد الخميني ٢: ٤١٠.

(٢) راجع الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية للشهيد الثاني ٢: ٢٤١، تحرير الأحكام للعلامة الحلي ٢: ١٨٦، شرائع الإسلام للمحقق الحلي ٤: ٨٧٢.

٣٧

المبحث الرابع: مصبّ النزاع بين المدّعي والمدّعى عليه

من المعلوم أن النزاع بين المدّعي والمدّعى عليه إنما يتم على حق أو عين يدّعيه أحدهما على الآخر، سواء كانت بيده أم لا.

أما إذا كانا معترفين بالحق أو العين لأحدهما، وإنما النزاع في مخالفة الآخر لهذا الحق أو غصبه لهذه العين، فهذا أمر أخر لا يدخل في باب النزاع الذي يحمل أحكام المدّعي والمدّعى عليه، لأن معنى المدّعي في باب القضاء هو مَنْ يدّعي حقاً أو عيناً على أحد، والمدّعى عليه هو مَنْ ادُّعي عليه هذا الحق أو هذه العين، سواء أنكر أو أقر أو سكت.

أما لو ادّعى مثلاً: أن فلاناً ساكن في بيتي، ويعترف فلان أن هذا بيته، ولكن ينكر أنه ساكن فيه، وكانت دعوى المدّعي لا لأجل المطالبة بأجرة السكن لكي يرجع الأمر إلى دعوى حق عليه ينكره، بل لخروجه من الدار، فهذا ليس من باب القضاء المتعارف الذي يحكم فيه بأن البيّنة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه.

وكذلك لو ادعى أن فلاناً يريد قتلي، وأنكر فلان ذلك، فهذا ليسي من باب القضاء ليحكم فيه بالبيّنات والأيمان، وإنما هذا من باب دفع الظلم والمنكر، وحفظ الأمن.

وإذا ما قام الحاكم بهذا - بوصفه ولياً للأمر أو وكيلاً عنه، إن كانت وكالته شاملة لأمور من هذا القبيل لا بوصفه قاضياً - فليس مورده القضاء لأن معنى القضاء عرفاً لا يشمل مثل هذا المورد.

ويمكن التمييز بين ما يراد به الفصل بين الخصومات، وبين ما يراد به الأمر بالمعروف

والنهي عن المنكر بما يلي:

١ - إذا كان النزاع في تدارك حق أُهدِرَ فبابه القضاء، وما كان في إهدار حق فبابه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

٢ - إذا كان النزاع في رفع الظلم فبابه القضاء، وإذا كان في دفع الظلم فبابه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

٣ - إذا كان النزاع راجعاً إلى الماضي فبابه القضاء، وإذا كان راجعاً إلى المستقبل فبابه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ومسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غير مسألة القضاء.

وبكلام آخر أدق: أن القضاء عرفاً يعني: إدانة أحد المدّعيين أو تبرئته، وكل ما خرج عن هذا فلا تثبت به أحكام المدّعي والمدّعى عليه.

إذن فالحق في مصبّ النزاع هو معرفة عنوان المدّعي والمدّعى عليه، وعلى القاضي ملاحظة الصدق العرفي لمعرفتها(١) .

____________________

(١) راجع: القواعد الفقهية للشيخ مكارم الشيرازي ٢: ٣٥٠، القضاء في الفقه الإسلامي للسيد الحائري: ٩٣ - ٩٥.

٣٨

الفصل الثالث: شروط الدعوى وأنواعها

ويمكن البحث فيه في عدّة مباحث، منها:

المبحث الأول: أركان الدعوى وشروطها.

المبحث الثاني: أنواع الدعوى.

المبحث الأول: أركان الدعوى وشروطها

وفيه مطالب، منها:

المطلب الأول: أركان الدعوى

ولابد لكل دعوى من أركان أساسية ثلاثة لكي يتم من خلالها البت بالحكم، وهي كالآتي:

الركن الأول: المدّعي.

الركن الثاني: المدّعى عليه.

الركن الثالث: المدّعى به.

ولقد ذكرنا التعاريف الخاصة بهم وشروط كل واحد منهم في الفصول الأول والثاني فلا نعيد.

المطلب الثاني: شروط الدعوى وأدلّة مشروعيتها

ويمكن البحث فيه بعدّة نقاط، منها:

النقطة الأولى: شروط سماع الدّعوى

يشترط في سماع الدّعوى عدة أمور منها:

٣٩

١ - أن تكون الدّعوى صحيحة ولازمة للطرفين(١) .

أفتى صاحب كتاب (قواعد الأحكام)(٢) حيث قال: (يشترط في الدّعوى الصحة واللزوم، فلو ادعى هبة لم تسمع إلاّ مع دعوى الإقباض، وكذا الوقف والرهن عند مشترطه فيه ).

٢ - يجب أن يكون المدّعي جازماً بما يدعيه، فلا تصح بمجرد الشك والظن والاحتمال.

ذكر ذلك بعض فقهاء الطائفة(٣) حيث قال: (ولا بد من إيراد الدّعوى بصيغة الجزم، فلو قال: أظن أو أتوهم لم تسمع).

٣ - تسمع دعوى المدّعي على الغائب في حقوق الناس لا في حقوق الله تعالى إذا أقام على دعواه البينة.

ذكر ذلك صاحب كتاب (تحرير الوسيلة)(٤) بقوله: (مسألة ٥: لا يشترط في سماع الدّعوى حضور المدّعى عليه في بلد المدّعى، فلو ادعى على الغائب من البلد سواء كان مسافراً أو كان من بلد آخر، قريباً كان أو بعيداً تسمع، فإذا أقام البينة حكم القاضي … إلى آخره ).

وكذلك قوله في مسألة ٦: (الظاهر اختصاص جواز الحكم على الغائب بحقوق الناس فلا يجوز الحكم عليه في حقوق الله تعالى مثل الزنا … إلى آخره ).

٤ - أن يكون لها أثر لو حكم على طبقها. فلا تصح دعوى الهبة والوقف من دون إقباض.

٥ - تسمع دعوى من كان أكثرهما شهوداً إذا تنازعا على عيناً لا يد لأحدهما عليها مع يمينه.

أفتى بذلك صاحب كتاب (الخلاف)(٥) بقوله: ( مسألة ٤: إذا تنازعا عيناً لا يد لواحد منهما عليها، فأقام أحدهما شاهدين، والآخر أربعة شهود، فالظاهر من مذهب أصحابنا أنه يرجع بكثرة الشهود، ويحلف، ويحكم له بالحق).

____________________

(١) نقصد بالصحيحة في مقابل الفاسدة، ونعني بها التي استوفت كل الشروط المتوفرة في قبولها من أهلية المدّعي والمدّعى عليه للدّعوى والخصومة وأن يكون المدّعى به معلوماً ومما يصح تملكه وما إلى ذلك.

ونقصد باللزوم: أن يكون المدّعي والمدّعى عليه ملزمَين بقبول وتنفيذ الحكم الصادر تجاههما والعمل على طبقه.

(٢) قواعد الأحكام للعلامة الحلي ٣: ٤٣٦

(٣) راجع رسائل الكركي للمحقق الكركي ٢: ٢١٩، كشف الرموز للفاضل الآبي ٢: ٥٠٥، شرائع الإسلام للمحقق الحلي ٤: ٨٧١، تكملة منهاج الصالحين للسيد الخوئي: ٦، تحرير الوسيلة للسيد الخميني ٢: ٤١٢.

(٤) تحرير الوسيلة للسيد الخميني ٤: ٤١٤.

(٥) الخلاف للشيخ الطوسي ٦: ٣٣٣.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

الأعرابي: كان من حفّاظ الحديث والفقه، ظاهريّ المذهب. مات في ربيع الآخر سنة ٢٨٧ »(١) .

(٤٠)

رواية زكريا بن يحيى السجزي

قال النسائي: « أخبرني زكريا بن يحيى قال: حدثنا نصر بن علي قال: حدثنا عبدالله بن داود عن عبد الواحد بن أيمن، عن أبيه أن سعداً قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه »(٢) .

ترجمته

١ - الذهبي: « س - زكريا بن يحيى السجزي الحافظ، أبو عبد الرحمن خيّاط السنّة، عن شيبان وقتيبة، وعنه رفيقه س والطبراني، ثقة. ولد ١٩٥، ومات ٢٨٩ »(٣) .

٢ - ابن حجر: « قال النسائي: ثقة. وقال عبد الغني بن سعيد: حافظ ثقة »(٤) .

____________________

(١). طبقات الحفاظ ٢٨٠.

(٢). الخصائص: ٩٥.

(٣). الكاشف ١ / ٣٢٤.

(٤). تهذيب التهذيب ٣ / ٣٣٤.

٨١

(٤١)

رواية عبدالله بن أحمد

قال عبدالله: « حدثنا العباس بن الفضل الأسقاطي، ثنا الحسين بن علي، ثنا عمران بن أبان، حدثني مالك بن الحسين بن مالك بن الحويرث، حدثني أبي عن جدي قال: رقى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المنبر فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه »(١) .

وقال المتقي: « عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: شهدت عليّاً في الرحبة ينشدالناس: أنشد الله من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه. لمـّا قام. فشهد اثنا عشر بدريّا فقالوا: نشهد أنّا سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي أمهاتهم؟ فقلنا بلى. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه. عم ع وابن جرير خط ص »(٢) .

وقال ابن كثير: « وقال أبو يعلى وعبدالله بن أحمد في مسند أبيه: ثنا القواريري، ثنا يونس بن أرقم، ثنا يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: شهدت »(٣) .

وقال عبدالله بن أحمد في فضائل علي لأبيه: « حدثنا حجاج، قال: حدثنا حمّاد، عن علي بن زيد، عن عدي بن ثابت، عن البراء - وهو ابن عازب - قال: أقبلنا مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع، حتى كنا بغدير خم فنودي

____________________

(١). زوائد مسند أحمد بن حنبل ( هذا الحديث من زوائد عبدالله غير الموجودة في المسند ).

(٢). كنز العمال ١٣ / ١٧١.

(٣). تاريخ ابن كثير ٧ / ٣٤٧.

٨٢

فينا الصلاة جامعة، وكسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين شجرتين، وأخذ بيد علي فقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: هذا مولى من أنا مولاه، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فلقيه عمر فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة ».

وعنه أيضاً: « حدثنا علي بن الحسن قال حدثنا ابراهيم بن اسماعيل عن أبيه، عن سلمة بن كهيل، عن أبي ليلى الكندي أنه حدّثه قال: سمعت زيد بن أرقم يقول ونحن ننتظر جنازة، فسأله رجل من القوم فقال: يا أبا عامر أسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم يقول لعلي: من كنت مولاه فعلي مولاه؟ قال: نعم. قال أبو ليلى: فقلت لزيد بن أرقم: قالها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قال: نعم قالها أربع مرات ».

و عنه أيضاً: « حدثنا عبدالله بن الصقر سنة تسع وتسعين [ سبعين ] ومائتين قال: حدّثنا يعقوب بن حمدان بن كاسب قال: حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن أبيه وربيعة الجرشي أنه ذكر علياً [ علي ] عند رجل وعنده سعد بن أبي وقاص فقال له سعد: أتذكر علياً!! إن له مناقب أربعاً، لئن تكون لي واحدة منهن أحبّ إلي من كذا وكذا وذكر حمر النعم، قوله: لأعطينّ الرّاية. وقوله أنت منّي بمنزلة هارون من موسى. وقوله: من كنت مولاه فعلي مولاه. ونسي سفيان واحدة»(١) .

ترجمته

١ - عبد الغني المقدسي: « قال أبوبكر الخطيب: كان ثقة ثبتاً فهماً وقال أبو الحسين بن المنادي ما زلنا نرى أكابر شيوخنا يشهدون له بمعرفة الرّجال. وعلل الحديث والأسماء والكنى، والمواظبة على طلب الحديث في العراق وغيرها، ويذكرون عن أسلافهم الإقرار له بذلك، حتى أنّ بعضهم يسرف في تقريظه إيّاه

____________________

(١). فضائل علي - مخطوط.

٨٣

بالمعرفة وزيادة السّماع للحديث على أبيه »(١) .

٢ - ابن حجر: « وقال ابن عدي: نبل بأبيه، وله في نفسه محل في العلم، ولم يكتب عن أحد إلّا من أمره أبوه أن يكتب عنه وقال النسائي ثقة. وقال السلمي: سألت الدار قطني عن عبدالله بن أحمد وحنبل بن إسحاق، فقال: ثقتان نبيلان. وقال أبوبكر الخلال: كان عبدالله رجلاً صالحاً صادق اللهجة كثير الحياء »(٢) .

٣ - الذهبي: « وفيها توفي الحافظ: أبو عبد الرحمن عبدالله بن أحمد وكان إماماً خبيراً بالحديث وعلله، مقدّماً فيه، وكان من أروى الناس عن أبيه، وقد سمع من صغار شيوخ أبيه، وهو الذي رتّب مسند والده »(٣) .

(٤٢)

رواية علي بن محمد المصيصي

قال النسائي: « أخبرنا علي بن محمد [ بن علي ] قاضي المصيصة، قال:

حدثنا خلف قال: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق قال: حدثني سعيد بن وهب أنه قام مما يليه ستة. وقال زيد بن يثيع: وقام مما يليني ستة، فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه »(٤) .

____________________

(١). الكمال في معرفة الرجال - مخطوط. باختصار.

(٢). تهذيب التهذيب ٥ / ١٤٣.

(٣). العبر في خبر من غبر - حوادث ٢٩٠.

(٤). الخصائص ٩٦. مع اختلاف يسير في بعض الألفاظ. وفيه بدل « اسرائيل » « شعبة ».

٨٤

ترجمته

قالابن حجر: « س - علي بن محمد بن علي بن أبي المضا المصيصي، قاضيها قال النسائي: ثقة وذكره ابن حبان في الثقات. قلت: ذكره مسلمة ابن قاسم وقال: ثقة، وقال النسائي في مشيخته: نعم الشيخ كان »(١) .

(٤٣)

رواية إبراهيم بن يونس

الملقب بـ « حرمي »

قال النسائي: « أخبرنا حرمي بن يونس بن محمد الطرسوسي، قال: أخبرنا أبو غسّان قال: أخبرنا عبد السّلام، عن موسى الصغير، عن عبد الرحمن بن سابط عن سعد قال: كنت جالساً فتنقّصوا علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه فقلت: لقد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إن له خصالاً ثلاثاً، لئن يكون لي واحدة منهن أحبّ إليّ من حمر النعم، سمعته يقول: إنه منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي. وسمعته يقول: لأعطين الرّاية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله. وسمعته يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه »(٢) .

ترجمته

١ - الذهبي: « س - إبراهيم بن يونس بن محمد المؤدب، عن. أبيه وعثمان

____________________

(١). تهذيب التهذيب ٧ / ٣٨٠ ووثقه ابن حجر في تقريب التهذيب ٢ / ٤٤.

(٢). الخصائص ٤٩ - ٥٠ مع اختلاف بسيط.

٨٥

ابن عمر. وعنه: س وجماعة، ثقة »(١) .

٢ - ابن حجر: « صدوق، من الحادية عشرة »(٢) .

(٤٤)

رواية أبي بكر البزّار

« حدثنا يوسف بن موسى القطّان ومحمد بن عثمان بن كرامة - واللفظ ليوسف - قالا: نا عبيدالله بن موسى قال: نا فطر عن أبي الطفيل قال: سمعت علياً - وهو ينشد الناس في الرحبة -: أنشد لله كلّ امرئ مسلم سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم ما قال إلاّ قام، فقام ناس من الناس، فشهدوا أنا رأينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخذ بيد علي وهو يقول: ألست أولى بالمسلمين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: من كنت مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

و هذا الحديث قد روي عن علي من غير وجه. ورواه عن أبي الطفيل عن علي فطر. ورواه معروف بن خرّبوذ » ٢ / ١٣٣.

« حدثنا يوسف بن موسى قال: نا مالك بن إسماعيل قال: حدّثني جعفر الأحمر عن يزيد بن أبي زياد. وعن مسلم بن سالم قالا: نا عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت علياً ينشد الناس يقول: أُنشد امرءاً مسلماً سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم إلّا قام، فقام اثنا عشر رجلاً فقالوا: أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي ثم قال: أيها الناس ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه. اللهم

____________________

(١). الكاشف ١ / ٩٧.

(٢). تقريب التهذيب ١ / ٤٧.

٨٦

وال من والاه وعاد من عاداه » ٢ / ٢٣٥.

« حدثنا يوسف بن موسى قال: نا عبيدالله بن موسى عن فطر بن خليفة عن أبي إسحاق عن عمرو ذي مر، وعن سعيد بن وهب وعن زيد بن يثيع قالوا: سمعنا علياً يقول: نشدت الله رجلاً سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم لما قام، فقام إليه ثلاثة عشر رجلاً فشهدوا أن رسول الله قال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله فأخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وأحبّ من أحبّه وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره واخذل من خذله » ٣ / ٣٥.

قال المتقي الهندي: « عن أبي إسحاق، عن عمرو ذي مر وسعيد بن وهب وزيد بن يثيع قالوا: سمعنا عليّاً يقول: نشدت الله رجلاً سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم ما قال لمـّا قام. فقام ثلاثة عشر رجلا، فشهدوا أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال فأخذ بيد علي قال: من كنت مولاه فعلي مولاه أللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره واخذل من خذله. البزار وابن جرير والخلعي في الخلعيات. قال الهيثمي: رجال إسناده ثقاة. قال ابن حجر: ولكنّهم شيعة»(١) .

ترجمته

قال السيوطي: « البزار - الحافظ العلامة الشهير: أبوبكر أحمد بن عمرو ابن عبد الخالق البصري، صاحب المسند الكبير المعلل، رحل في آخر عمره إلى أصفهان والشام ينشر علمه. مات بالرملة سنة ٢٩٢ »(٢) .

____________________

(١). كنز العمال ١٣ / ١٥٨.

(٢). طبقات الحفاظ ٢٨٥، وله ترجمة في: تذكرة الحفاظ ٢ / ٦٥٣ والعبر ٢ / ٩٢ وتاريخ بغداد ٤ / ٣٣٤ وشذرات الذهب ٢ / ٢٠٩ والنجوم الزاهرة ٣ / ١٥٧.

٨٧

(٤٥)

رواية النسائي

علم روايته من موارد متعددة من الكتاب، حيث رواه بطرق مختلفة.

ورواه عنه جماعة من الحفاظ في كتبهم، كابن كثير في ( تاريخه ) والسيوطي في ( الجامع الصغير) كما تقدم، وفي ( الدر المنثور ) بتفسير قوله تعالى:( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) .

ترجمته

الذهبي: « وفيها توفي الإِمام، أحد الأعلام، صاحب التّصانيف، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسائي وكان رئيساً نبيلاً، حسن البزّة، كبير القدر قال ابن المظفر الحافظ: سمعتهم بمصر يصفون اجتهاد النسائي في العبادة بالليل والنهار، وقال الدار قطني: خرج حاجّاً فامتحن بدمشق وأدرك الشّهادة، فقال: احملوني إلى مكة فحمل، وتوفي بها في شعبان قال: وكان أفقه مشايخ مصر في عصره، وأعلمهم بالحديث »(١) .

وسيأتي تفصيل ترجمته فيما بعد إن شاء الله.

____________________

(١). العبر - حوادث سنة ٣٠٣.

٨٨

(٤٦)

رواية أبي العباس حسن بن سفيان

قال الحافظ ابن كثير: « وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي والحسن بن سفيان: ثنا هدبة، ثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد وأبي هارون، عن عدي بن ثابت عن البراء قال: كنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع، فلما أتينا على غدير خم كسح لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت شجرتين، ونودي في الناس الصلاة جامعة، ودعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاً وأخذ بيده فأقامه عن يمينه فقال: ألست أولى بكلّ امرئ من نفسه؟ قالوا: بلى. قال: فإنّ هذا مولى من أنا مولاه. أللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فلقيه عمر بن الخطاب فقال: هنيئاً لك أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة »(١) .

ترجمته

١ - السمعاني: « كان محدّث خراسان في عصره، وكان مقدّماً في الفقه والعلم والأدب، وله الرحلة إلى العراق والشام ومصر، تفقّه على أبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي، وكان يفتي على مذهبه وكان إليه الرحلة بخراسان من أقطار الأرض

ومات في سنة ٣٠٣، وقبره بقرية بالوز مشهور يزار، زرته »(٢) .

٢ - الذهبي: « وفيها الحافظ الكبير أبو العباس الحسن بن سفيان

____________________

(١). تاريخ ابن كثير ٥ / ٢٠٩.

(٢). الأنساب - البالوزي. وانظر: النسوي.

٨٩

وكان ثقة حجة، واسع الرحلة قال الحاكم: كان محدّث خراسان في عصره مقدماً في التثّبت والكثرة والفهم والأدب والفقه، توفي في رمضان »(١) .

٣ - السيوطي: « الحسن بن سفيان بن عامر، الحافظ الإِمام شيخ خراسان »(٢) .

(٤٧)

رواية أبي يعلى الموصلي

علم روايته من عبارة الحافظ ابن كثير السابقة، وهو المراد من « ع » في ( كنز العمال ) في ما تقدم.

وإليك نص روايته في ( المسند ):

« حدثنا القواريري، حدثنا يونس بن أرقم، حدثنا يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلي قال: شهدت علياً في الرحبة يناشد الناس: أنشد الله عن سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول في يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه. لما قام فشهد. قال عبد الرحمن: فقام اثنا عشر بدرّيا - كأنّي أنظر إلى أحدهم عليه سراويل - فقالوا: نشهد أنّا سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي أمهّاتهم؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ». ١ / ٤٢٨.

« حدثنا أبوبكر، حدثنا شريك، عن أبي يزيد الأودي، عن أبيه، قال:

____________________

(١). العبر حوادث سنة ٣٠٣.

(٢). طبقات الحفاظ: ٣٠٥.

٩٠

دخل أبو هريرة المسجد فاجتمع إليه الناس، فقام إليه شاب فقال: أنشدك بالله أسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ قال فقال: أشهد أني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » ١١ / ٣٠٧.

ترجمته

قالالذهبي: « وفيها: أبو يعلى الموصلي، أحمد بن علي بن المثنى بن يحيى التميمي الحافظ، صاحب المسند، روى عن علي بن الجعد، وغسّان بن الربيع، والكبار، وصنف التصانيف، وكان ثقة صالحاً متقناً، يحفظ حديثه، توفي وله سبع وتسعون سنة »(١) .

(٤٨)

رواية محمد بن جرير الطبري

علم روايته من عبارة المتقي في ( كنز العمال ) المتقدمة، ومن روايات أخرى مذكورة فيه، وقد عرفت سابقاً من كلمات جماعة من أعلام القوم، كياقوت الحموي، وابن كثير الدمشقي، تصنيفه مجلّداً في طرق حديث الغدير.

ترجمته

وستأتي مصادر ترجمته، وكلمات الثناء عليه فيما بعد، إنْ شاء الله، ونذكر

____________________

(١). العبر - حوادث ٣٠٧ وترجم له الذهبي في تذكرة الحفاظ ٢ / ٧٠٧ والسيوطي في طبقات الحفاظ: ٣٠٦ ووصفه بالحافظ الثقة محدث الجزيرة.

٩١

هنا كلمةاليافعي في حوادث سنة ٣١٠: « فيها - توفي ببغداد: الحبر النحرير الإِمام، أحد العلماء الأعلام، صاحب التفسير الكبير، والتاريخ الشهير، والمصنّفات العديدة، والأوصاف الحميدة، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، كان مجتهداً لا يقلّد أحداً.

قال إمام الأئمّة المعروف بابن خزيمة: ما أعلم على الأرض أعلم من محمد ابن جرير. ولقد ظلمته الحنابلة. وقال الفقيه الإِمام مفتي الأنام أبو حامد الإِسفرايني: لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصّل تفسير محمد بن جرير لم يكن كبيراً.

قلت: وناهيك بهذا الثناء العظيم، والمدح الكريم، من هذين الإِمامين النبيلين، ومولده بطبرستان سنة ٢٢٤. وكان ذا زهد وقناعة. توفي في أواخر شوال من السنة المذكورة. وكان إماماً في فنون كثيرة وكان ثقة »(١) .

(٤٩)

رواية أبي القاسم البغوي

قال الحافظ محبّ الدين الطبري: « عن رياح بن الحارث قال: جاء رهط الى علي بالرحبة، فقالوا: السلام عليك يا مولانا، قال: كيف أكون مولاكم وأنتم عرب؟ قالوا: سمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه. قال رياح: فلمـّا مضوا تبعتهم فسألت من هؤلاء؟ قالوا: نفر من الأنصار منهم [ فيهم ] أبو أيوب. خرّجه أحمد.

و عنه قال: بينما علي جالس، إذ جاء رجل فدخل وعليه أثر السّفر، فقال

____________________

(١). مرآة الجنان حوادث سنة ٣١٠.

٩٢

السّلام عليك يا مولاي قال: من هذا؟ فقال: أبو أيوب الأنصاري. قال علي: أفرجوا له. ففرجوا. فقال أبو أيوب: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه. خرّجه البغوي في معجمه »(١) .

ترجمته

قالالذهبي: « وفيها البغوي: أبو القاسم عبدالله بن محمد وكان محدثاً، حافظاً مجدّداً مصنفاً، إنتهى إليه علوّ الإِسناد في الدنيا »(٢) .

(٥٠)

رواية الحكيم الترمذي

قال العلامة ميرزا محمد بن معتمد خان البدخشاني: « أخرج الحكيم في نوادر الأصول، والطبراني بسند صحيح في الكبير، عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنهما: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطب بغدير خم، تحت شجرة، فقال: يا أيها الناس إني قد نبّأني اللّطيف الخبير أنه لم يعمّر نبي إلّا نصف عمر الذي يليه من قبله، وإني قد يوشك أن أدعى فأجيب، وإنّي مسئول وإنكم مسئولون، فما ذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلّغت وجهدت ونصحت، فجزاك الله خيراً، فقال: أليس تشهدون أن لا إله إلّا الله وأنّ محمداً عبده ورسوله، وأن جنّته حق وناره حق، وأن الموت حق، وأن البعث حق بعد الموت، وأن السّاعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور؟ قالوا: بلى نشهد

____________________

(١). الرياض النضرة ٢ / ٢٢٢ - ٢٢٣.

(٢). العبر حوادث ٣١٧ وتوجد ترجمته في: تاريخ بغداد ١٠ / ١١١ وتذكرة الحفاظ ٢ / ٧٣٧ وشذرات الذهب ٢ / ٢٧٥ وطبقات الحفاظ: ٣١٢.

٩٣

بذلك. قال: أللهم اشهد. ثم قال: يا أيها الناس إنّ الله مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

ثم قال: يا أيها الناس إني فرطكم وإنكم واردون عليّ الحوض، حوض أعرض مما بين بصرى إلى صنعاء، فيه عدد النجوم قدحان من فضة، وإني سائلكم حين تردون عليّ عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، الثقل الأكبر كتاب الله عز وجل، سبب طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم، فاستمسكوا به، لا تضلوا ولا تبدّلوا، وعترتي أهل بيتي، وإنه قد نبّأني اللّطيف الخبير أنهما لن ينقضيا حتى يردا علي الحوض »(١) .

ترجمته

المنّاوي: « الحكيم محمد بن علي الترمذي، المؤذّن الصوفي الشّافعي، صاحب التصانيف، سمع الكثير من الحديث بالعراق ونحوه، وحدّث عن قتيبة بن سعيد وغيره، وهو من القرن الثالث من طبقة البخاري، قال السلمي: نفوه من ترمذ وشهدوا عليه بالكفر بسبب تفضيله الولاية على النّبوة، وإنما مراده ولاية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

« وقال ابن عطاء الله: كان العارفان الشاذلي والمرسي يعظّمانه جدّاً جدّاً، ولكلامه عندهما الحظوة التامة، ويقولان: هو أحد الأوتاد الأربعة. وقول ابن أبي جمرة في كتاب المختارة وابن القيم في كتاب اللمحة في الردّ على ابن طلحة: إنه لم يكن من أهل الحديث وروايته كيف وقد قال الحافظ ابن النجار في تاريخه: كان إماماً من أئمة المسلمين، له المصنّفات الكبار في أصول الدين ومعاني الحديث، لقي الأئمة الكبار وأخذ عنهم، وفي شيوخه كثرة. ثم أطال في بيانه.

____________________

(١). مفتاح النجا في مناقب آل العبا - مخطوط وهو في ( نوادر الأصول: ٦٨ - ٦٩ ): « حدثنا نصر بن علي قال: حدثنا زيد بن الحسن قال: حدثنا معروف بن خرّبوذ المكي، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن حذيفة بن أسيد الغفاري

٩٤

وقال السلمي في الطبقات: له اللّسان العالي والكتب المشهورة، وقال القشيري في الرسالة: هو من كبار الشيوخ، وأطال في الثناء عليه. وقال الحافظ أبو نعيم في الحلية: له التّصانيف الكثيرة في الحديث، وهو مستقيم الطريقة تابع للأثر وقال الكلابادي في التعرّف: هو من أئمّة الصوفية. الى غير ذلك من الكلام في شأن هذا الامام، وإنما أطلت فيه دفعاً لذلك الإِفتراء، فلا تكن من أهل المراء »(١) .

(٥١)

رواية الطحاوي

قال الطّحاوي: « باب بيان مشكل ما روي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من قوله يوم غدير خم لعلي: من كنت مولاه فعلي مولاه.

حدثنا ابراهيم بن مرزوق، ثنا أبو عامر العقدي، ثنا يزيد بن كثير، عن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه عن علي: إنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حضر الشجرة بخم، فخرج آخذاً بيد علي فقال: يا أيّها الناس ألستم تشهدون أن الله ربكم؟ قالوا: بلى. قال: ألستم تشهدون أن الله ورسوله أولى بكم من أنفسكم، وأنّ الله ورسوله مولاكم؟ قالوا: بلى. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم لن تضلّوا بعدي، كتاب الله بأيديكم وأهل بيتي.

حدثنا أبو أمية، ثنا سهيل بن عامر البجلي، ثنا عيسى بن عبد الرحمن، أخبرني أبو إسحاق السبيعي ( بياض في النسخة ): سمعت عليّاً ينشد الناس في الرحبة: من سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول يوم غدير خم إلّا قام، فقام بضعة عشر رجلا فشهدوا أنّهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم غدير خم يقول: أللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه

____________________

(١). فيض القدير في شرح الجامع الصغير ١ / ١١٦.

٩٥

وعاد من عاداه، وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه، وأعن ما أعانه وانصر من نصره، واخذل من خذله.

وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت عليّاً ينشد يقول: أشهد الله كل امرئ سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول يوم غدير خم إلّا قام. فقام اثنا عشر بدريّاً. فقالوا: أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيد علي فرفعها، فقال: يا أيها الناس ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: أللهم من كنت مولاه فهذا علي مولاه، وذكر الحديث.

قال أبو جعفر: فدفع دافع هذا الحديث، وزعم أنه مستحيل، وذكر أن عليّاً لم يكن مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في خروجه إلى الحج من المدينة، الذي مرّ في طريقه بغدير خم، لأنّ غدير خم إنّما هو بالجحفة، وذكر في ذلك ما قد حدثنا أحمد بإسناده، قال: ثنا جعفر بن محمد عن أبيه قال دخلنا على جابر بن عبدالله، فذكر حديثه في حجّة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: فقدم علي من اليمن ببدن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم ذكر بقية الحديث.

قال أبو جعفر: فهذا الحديث صحيح الإِسناد، لا طعن لأحد في رواته، فيه أن ذلك القول كان من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي بغدير خم في رجوعه من حجّه إلى المدينة لا في خروجه لحجّه من المدينة »(١) .

ترجمته

١ - اليافعي: « وفيها أبو جعفر أحمد بن محمد الأزدي الطّحاوي، الفقيه الحنفي المصري، برع في الفقه والحديث، وصنّف التصانيف المفيدة، قال الشيخ أبو إسحاق: انتهت إليه رئاسة الحنفية بمصر »(٢) .

٢ - السيوطي: « الطحاوي - الإِمام العلّامة الحافظ، صاحب التصانيف البديعة، أبو جعفر وكان ثقة ثبتاً فقيهاً، لم يخلّف مثله، إنتهت إليه رياسة

____________________

(١). مشكل الآثار ٢ / ٣٠٨ - ٣٠٩.

(٢). مرآة الجنان حوادث ٣٢١.

٩٦

أصحاب أبي حنيفة. ولد سنة ٢٣٧، وله معاني الآثار »(١) .

(٥٢)

رواية ابن عبد ربّه

قال أبوعمر أحمد بن محمد بن عبد ربه: « أسلم علي وهو ابن عشر سنين، وهو أوّل من شهد أن لا إله إلّا الله وأن محمّداً رسول الله، وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وأنصر من نصره واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار. وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي »(٢) .

وروى ابن عبد ربه احتجاج المأمون على الفقهاء، المشتمل على حديث الغدير، ضمن جملةٍ من فضائل عليعليه‌السلام ، وهو خبر طويل(٣) .

ترجمته

قالابن خلكان: « أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه كان من العلماء المكثرين من المحفوظات، والاطلاع على اخبار الناس، وصنّف كتابه ( العقد )، وهو من الكتب الممتعة، وتوفي يوم الأحد ثامن عشر جمادى الأولى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة »(٤) .

____________________

(١). طبقات الحفاظ: ٣٣٧. وله ترجمة في: تذكرة الحفاظ ٣ / ٧٠٨، وفيات الأعيان ١ / ١٩، تاريخ ابن كثير ١١ / ١٧٤ الجواهر المضية في طبقات الحنفية ١ / ١٠٢ طبقات المفسرين للداودي ١ / ٧٣.

(٢). العقد الفريد ٤ / ٣١١.

(٣). المصدر نفسه ٥ / ٩٢ - ١٠٢.

(٤). وفيات الأعيان ١ / ٩٢.

٩٧

(٥٣)

رواية المحاملي

أخرج الحديث في كتاب ( الأمالي ) حيث قال:

« حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل قال: سمعت أبا الطفيل يحدّث عن أبي سريحة أو زيد بن أرقم - شعبة الشاك - قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه. قال سعيد بن جبير: وأنا سمعت مثل هذا عن ابن عباس » ٨٥.

« ثنا الحسين، حدثنا عبد الأعلى بن واصل قال: ثنا مالك بن إسماعيل عن جعفر بن زياد الأحمر، عن يزيد بن أبي زياد ومسلم بن سالم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت علياًعليه‌السلام ينشد الناس يقول: أنشد الله أمرأً مسلماً سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم ما يقول إلّا خبّر. فقام أثنا عشر بدريّاً فقالوا: أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي فرفعها وقال: أيّها الناس ألست - وانقطع على القاضي الحديث - وفي آخره قال: وال من والاه وعاد من عاداه » ١٦٢.

قال الحافظ السيوطي: « علي بن أبي طالب مولى من كنت مولاه. المحاملي في أماليه عن ابن عباس »(١) .

وقال المتقي: « علي بن أبي طالب مولى من كنت مولاه، المحاملي في أماليه عن ابن عباس»(٢) .

____________________

(١). الجامع الصغير ٢ / ٦٦.

(٢). كنز العمال ١١ / ٦٠٣.

٩٨

وقال القاري: « وفي الجامع: رواه أحمد وابن ماجة عن البراء، وأحمد عن بريدة، والترمذي والنسائي والضّياء عن زيد بن أرقم، ففي إسناد المصنّف الحديث عن زيد بن أرقم إلى أحمد والترمذي مسامحة لا تخفى، و في رواية لأحمد والنسائي والحاكم عن بريدة بلفظ: من كنت ولّيه فعليّ وليّه، و روى المحاملي في أماليه عن ابن عباس، ولفظه: علي بن أبي طالب مولى من كنت مولاه »(١) .

ترجمته

١ - السمعاني: « أبو عبدالله الحسين بن إسماعيل بن سعيد بن أبان الضبّي المحاملي، كان فاضلاً صادقاً ديّناً ثقة صدوقاً وكان يحضر مجلس إملائه عشرة آلاف رجل، وكان ولادته في خمس أو ست وثلاثين ومائتين، ومات في شهر ربيع الآخر سنة ٣٣٠ »(٢) .

٢ - اليافعي: « وفيها: الإِمام الكبير القاضي أبو عبدالله المحاملي الشهير »(٣) .

٣ - السيوطي: « المحاملي القاضي الإِمام العلّامة الحافظ، شيخ بغداد ومحدّثها، أبو عبدالله الحسين بن إسماعيل صنّف وجمع، روى عنه: دعلج والدارقطني، وكان فاضلاً ديّناً صدوقاً، و ولّي قضاء الكوفة سنتين ثم استعفى، وكان يحضر بمجلسه عشرة آلاف رجل، مات في ربيع الآخر سنة ٣٣٠ »(٤) .

(٥٤)

رواية أبي العباس ابن عقدة

لقد علم سابقاً أن لأبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي المعروف بابن عقدة، كتاباً مفرداً في طرق حديث الغدير، وقد صرّح بذلك كلّ من ابن تيمية، وابن حجر العسقلاني، والشيخاني القادري، ونور الدين السمهودي،

____________________

(١). مرقاة المفاتيح في شرح مشكاة المصابيح ٥ / ٥٦٨.

(٢). الأنساب - المحاملي.

(٣). مرآة الجنان حوادث ٣٣٠.

(٤). طبقات الحفاظ: ٣٤٣. وفيه بدل « سنتين »: ستين سنة ».

٩٩

والمناوي، ومحمد البدخشاني.

ولنذكر أحد ألفاظ روايته:

قال السمهودي: « عن أبي الطفيل: إنّ عليّاًرضي‌الله‌عنه قام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أنشد الله من شهد يوم غدير خم إلّا قام، ولا يقوم رجل يقول إني نبئت أو بلغني، إلّا رجل سمعت أذناه ووعاه قلبه، فقام سبعة عشر رجلاً منهم: خزيمة بن ثابت، وسهل بن سعد، وعدي بن حاتم، وعقبة بن عامر، وابو أيوب الأنصاري، وأبو سعيد الخدري، وأبو شريح الخزاعي، وأبو قدامة الأنصاري، وأبو ليلى، وابو الهيثم بن التّيهان، ورجال من قريش، فقال عليرضي‌الله‌عنه وعنهم: هاتوا ما سمعتم، فقالوا: نشهد أنّا أقبلنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حجة الوداع، حتى إذا كان الظهر خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأمر بشجرات فشذبن، وألقي عليهنّ ثوب، ثم نادى بالصلاة، فخرجنا فصلّينا، ثم قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيّها الناس ما أنتم قائلون؟ قالوا: قد بلّغت قال: أللهم اشهد، ثلاث مرات، قال: إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسئول وأنتم مسئولون، ثم قال: ألا إنّ دمائكم وأموالكم حرام، كحرمة يومكم هذا وحرمة شهركم هذا. أوصيكم بالنساء، أوصيكم بالجار، أوصيكم بالمماليك أوصيكم بالعدل والإحسان. ثم قال: أيّها الناس إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، نبّأني بذلك العليم الخبير. وذكر الحديث في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كنت مولاه فعلي مولاه.

فقال علي: صدقتم، وأنا علي ذلك من الشاهدين.

أخرجه ابن عقدة من طريق محمد بن كثير عن فطر وأبي الجارود، كلاهما عن أبي الطفيل »(١) .

ترجمته

تقدمت ترجمته سابقاً فلا حاجة إلى الاعادة.

____________________

(١). جواهر العقدين - مخطوط.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152