رسالة ماجستير المدعي والمدعى عليه في الفقه الإمامي

رسالة ماجستير المدعي والمدعى عليه في الفقه الإمامي0%

رسالة ماجستير المدعي والمدعى عليه في الفقه الإمامي مؤلف:
تصنيف: رسائل وأطاريح جامعية
الصفحات: 152

رسالة ماجستير المدعي والمدعى عليه في الفقه الإمامي

مؤلف: ناجي مظلوم المياحي
تصنيف:

الصفحات: 152
المشاهدات: 117965
تحميل: 7558

توضيحات:

رسالة ماجستير المدعي والمدعى عليه في الفقه الإمامي
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 152 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 117965 / تحميل: 7558
الحجم الحجم الحجم
رسالة ماجستير المدعي والمدعى عليه في الفقه الإمامي

رسالة ماجستير المدعي والمدعى عليه في الفقه الإمامي

مؤلف:
العربية

٢- لو كان بعض ورثة الميت كافراً وادّعى تقدم إسلامه على القسمة، فالقول قول الورثة مع يمينهم.

٣- لو مات الراهن واعترف المرتهن بالرهن، وادّعى الدين عليه ولا بينة، فالقول قول الوارث مع يمينه، إن ادُعي عليه العلم بذلك(١) .

أفتى بذلك فقهاء الطائفة بقولهم: (ولو ادّعى الإسلام قبل القسمة فالقول قول الورثة مع اليمين)(٢) .

٣- إذا ادّعى شخص أن الميت قد أقرّ له بدار أو غيرها قبل موته ولم يعيّن، فأنكر الوارث ذلك، كان القول قول الوارث مع يمينهم.

أفتى بذلك صاحب كتاب (المبسوط) بقوله: (وإن ادّعى داراً في يد رجل فاعترف له بدار مبهمة، ثم مات المقرّ، قيل للوارث بيّن، فإن لم يبيّن للمدّعي بيّن أنت، فإن عيّن داراً وقال هذه التي ادّعيتها، وقد أقرّ لي بها، قيل للوارث ما تقول ؟ فإن قال: صدق تسلّم، وإن قال: ليست هي، فالقول قول الوارث مع يمينه)(٣) .

____________________

(١) رياض المسائل للسيد علي الطباطبائي ١: ٥٨٨، المهذّب البارع لابن فهد الحلي ٢: ٥٠١، اللمعة الدمشقية للشهيد الأول: ١١٩ بتصرف.

(٢) قواعد الأحكام للعلامة الحلي ٣: ٣٤٥، وكذلك تحرير الأحكام ٢: ٢٠٠، إيضاح الفوائد لابن العلامة ٤: ١٧٨، كشف اللثام للفاضل الآبي ٢: ٢٧٩، بلغة الفقيه للسيد بحر العلوم ٤: ٢٢٦.

(٣) المبسوط للشيخ الطوسي ٣: ١٠٣، جواهر الفقه للقاضي ابن البرّاج: ١١٧، تذكرة الفقهاء للعلامة الحلي ٢: ١٥٢.

٦١

خامساً: دعوى ولي الدم

إن من المسائل المهمة في المجتمع هي مسألة دعوى ولي الدم بحق المقتول، ولهذه الدّعوى شروط لسماعها وكيفية إثباتها وهي كالآتي:

أ - شروط سماعها

ويمكن أن تتلخص هذه الشروط بخمسة أمور وهي:

١- يشترط في المدّعي بحق المقتول أن يكون مكلفاً حال الدّعوى، فلا تسمع دعوى الصبي ولا المجنون، بل يدّعي لهما وليهما.

ذكر ذلك فقهاء الطائفة بقولهم: (يشترط في المدّعي التكليف حالة الدّعوى لا حالة الجناية، فلا تسمع دعوى الصبي والمجنون، بل يدعي لهما وليهما)(١) .

٢ - أن يكون المدّعي مستحقاً للدّعوى، فلا تسمع من الأجنبي حال إقامتها.

أفتى بذلك صاحب كتاب (إرشاد الأذهان) حيث قال: (استحقاقه حالة الدّعوى، فلا تسمع الدّعوى من الأجنبي)(٢) .

٣ - لابد أن يجعل الدّعوى على شخص يصح منه ارتكاب الفعل، فلو أدّعى على غائب، أو جماعة لا يمكن اجتماعهم في مكان واحد على ارتكاب الفعل لم تسمع.

أورد ذلك الفقهاء بقولهم: (تعلق الدّعوى بشخص معين أو أشخاص بحيث يصح منهم مباشرة الجريمة، فلو ادّعى على غائب، لم تقبل، وكذا لو ادّعى على جماعة يتعذر اجتماعهم على قتل واحد، كأهل البلد)(٣) .

____________________

(١) إرشاد الأذهان للعلامة الحلي ٢: ٢١٣، شرائع الإسلام للمحقق الحلي ٤: ٩٩١، مسالك الإفهام للشهيد الثاني ١٥: ١٦٦، مباني تكملة المنهاج للسيد الخوئي ٢: ٨٧، وكذلك تكملة منهاج الصالحين: ٧٦ بتصرف.

(٢) إرشاد الأذهان للعلامة الحلي ٢: ٢١٣.

(٣) إرشاد الأذهان للعلامة الحلي ٢: ٢١٣، شرائع الإسلام للمحقق الحلي ٤: ٩٩١، مسالك الإفهام للشهيد الثاني ١٥: ١٦٧، مباني تكملة المنهاج للسيد الخوئي ٢: ٨٧ - ٨٨، وكذلك تكملة منهاج الصالحين: ٧٦ بتصرف.

٦٢

٤ - ذكر تفاصيل الدّعوى هل جاءت عن طريق العمد أو الخطأ، وهل مرتكب الجريمة وحده، أو مع جماعة، وهذا ما يعبرون عنه بتحرير الدّعوى.

أفتى بذلك علماء الطائفة بقولهم: (تحرير الدّعوى وذلك بتعين القاتل وصفة القتل ونوعه، ككونه عمداً أو خطأ أو شبيهاً به، وانفراد القاتل واشتراكه)(١) .

٥ - عدم التناقض في دعواه. فلو ادعى على شخص واحد، ثم ادّعى على جماعة لم تسمع منه الدّعوى الثانية، لإكذابه نفسه بالدّعوى الأولى، ولا يمكنه الرجوع إلى الأولى إلاّ إذا كان قد حلف عليها.

أما لو ادعى على شخص، ثم ادّعى على آخر وأقر له ثبت حقه عليه لا على الأول.

قال ذلك الفقهاء بقولهم: (عدم التناقض. فلو ادعى على شخص الانفراد ثم ادعى على غيره الشركة لم تسمع الثانية، لإكذابه نفسه بالدّعوى الأولى، وكذا لو ادعى على الثاني الانفراد، ولو أقر الثاني ثبت حق المدّعي، ولا يمكنه العود إلى الدّعوى الأولى إذا لم يكن قد حلف عليها)(٢) .

____________________

(١) إرشاد الأذهان للعلامة الحلي ٢: ٢١٣، شرائع الإسلام للمحقق الحلي ٤: ٩٩١، مسالك الإفهام للشهيد الثاني ١٥: ١٦٧، تحرير الوسيلة للسيد الخميني ٢: ٤١٣ بتصرف.

(٢) إرشاد الأذهان للعلامة الحلي ٢: ٢١٤، شرائع الإسلام للمحقق الحلي ٤: ٩٩٢، مسالك الإفهام للشهيد الثاني ١٥: ١٧٣، مباني تكملة المنهاج للسيد الخوئي ٢: ٨٩ - ٩٠، وكذلك تكملة منهاج الصالحين: ٧٧ بتصرف.

٦٣

ب - كيفية إثباتها

تثبت دعوى القتل بأحدى ثلاثة طرق، ذكرها فقهاء الطائفة(١) وهي:

أولاً: الإقرار: ويكفي فيه مرة واحدة من المكلف، المختار، الحر.

ثانياً: البيّنة: ويشترط فيها أربعة أمور ذكرها فقهاء الطائفة وهي:

١ - العدد: فلا يثبت القصاص إلاّ بعدلين، ويثبت ما تجب به الدية بهما وبرجل وامرأتين، وبشاهد ويمين، كالخطأ.

٢ - أن تكون شهادة البيّنة عن قطع لا احتمال، مثل: ضربه بالسيف فمات. فلو قال: اختصما ثم افترقا وهو مجروح لم يقبل.

٣ - إتحاد شهادة البيّنة: فلو اختلفا في الزمان أو المكان أو الآلة لم تثبت.

٤ - انتفاء التهمة عن البيّنة، كتواطأها على ذلك.

ثالثاً: القسامة: وهي الأيمان تقسم على جماعة يحلفونها، أو على واحد بمجموعها، وتثبت في حالة اللوث، وهو عبارة عن إمارة تغلب على الظن معها صدق المدّعي.

____________________

(١) أحكام النساء للشيخ المفيد ٥٣، الكافي لأبي الصلاح الحلبي ٤٤٢، شرائع الإسلام للمحقق الحلي ٤: ٩٩٢ - ٩٩٩، قواعد الأحكام للعلامة الحلي ٣: ٦١١ - ٦١٦، وكذلك إرشاد الأذهان ٢: ٢١٤ - ٢١٩، إيضاح الفوائد لابن العلامة ٤: ٦٠٤ - ٦١٣،= = مسالك الإفهام للشهيد الثاني ١٥: ١٧٤ - ١٩٦، جواهر الكلام للشيخ الجواهري ٤٢: ٢٠٣ - ٢٢٧، مباني تكملة المنهاج للسيد الخوئي ٢: ٩٠ - ١٠٢، وكذلك تكملة منهاج الصالحين: ٧٧ - ٧٩ بتصرف.

٦٤

الفصل الرابع: وسائل الإثبات والإنكار لقبول الدعوى وردّها

وفيه مبحثان، وهما:

المبحث الأول: حقّ الإثبات

المبحث الثاني: وسائل الإثبات

المبحث الأول: حقّ الإثبات

وفيه عدّة مطالب، منها:

المطلب الأول: قاعدة البينة على المدّعي واليمين على المدّعى

عليه (أو المنكر)

لقد اتفقت كلمة الفقهاء على هذه القاعدة حيث أفتوا أن الحكم في جميع الدعاوي هو: البينة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه(١) ، وعبّر بعضهم بالمنكر(٢) ، وهو أخص من المدّعى عليه، ولعلهم ذكروا الخاص وأُرادوا به العام.

ولكن هذه القاعدة ليست عامة كما يدّعون إلاّ إذا حملنا قولهم جميع الدعاوى على الدعاوى الخاصة بالحقوق المالية، أما الدماء فلا، لأن الروايات تفصل بين الأموال والدماء كما

سنرى ذلك من خلال مطالعتنا لها، ومنها:

____________________

(١) فقه الرضا لابن بابويه: ٢٦٠، المقنع للشيخ الصدوق: ٣٩٦، وكذلك الهداية: ٢٨٥، النهاية للشيخ الطوسي: ٤٢٩، وكذلك الخلاف ٣: ١٣١، السرائر لابن إدريس الحلي ٢: ١٦٩، جواهر الفقه لابن البراج: ١٣٠، غنية النزوع لابن زهرة الحلبي: ٢٩٢، القضاء والشهادات للشيخ الأنصاري: ١٦٧، وغيرهم.

(٢) الانتصار للشريف المرتضى: ٤٩٢، وكذلك الناصريات: ٤٣١، المبسوط للشيخ الطوسي ٨: ٢٥٦، الوسيلة لابن حمزة الطوسي: ٢١٨، شرائع الإسلام للمحقق الحلي ٤: ٨٧٧، مختلف الشيعة للعلامة الحلي ٦: ٧٤، جامع المقاصد للمحقق الكركي ٥: ٣٠٠، الحدائق الناضرة للمحقق البحراني ٢٠: ٤١٤، جواهر الكلام للشيخ الجواهري ٢١: ١٠١، وغيرهم.

٦٥

١ - عن أبي بصير، حكم في دمائكم بغير عن أبي عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: (إن الله ما حكم في أموالكم، حكم في أموالكم: أن البينة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه، وحكم في دمائكم أن البينة على مَنْ ادُعِيَ عليه واليمين على مَنْ ادعى لكيلا يبطل دم امرئ مسلم)(١) .

٢ - عن بريد بن معاوية، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن القسامة، فقال: (الحقوق كلها، البينة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه، إلاّ في الدم خاصة)(٢) الحديث.

والعلة في هذا التفصيل ما ذكرته بعض الروايات، ومنها:

أ - عن بريد بن معاوية، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن القسامة فقال: (الحقوق كلها البينة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه، إلاّ في الدم خاصة، فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بينما هو في خيبر إذ فقدت الأنصار رجلاً منهم، فوجدوه قتيلاً، فقالت الأنصار: إن فلان اليهودي قتل صاحبنا، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للطالبين: أقيموا رجلين عدلين من غيركم، أقده برمته، فإن لم تجدوا شاهدين فأقيموا قسامة خمسين رجلاً، أقده برمته، فقالوا: يا رسول الله، ما عندنا شاهدان من غيرنا، وإنا لنكره أن نقسم على ما لم نره، فوداه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من عنده، وقال: إنما حقن دماء المسلمين بالقسامة، لكي إذا رأى الفاجر الفاسق فرصة من عدوه حجزه مخافة القسامة أن يقتل به، فيكفّ عن قتله، وإلاّ حلف المدّعى عليه قسامة خمسين رجلاً، ما قتلناه ولا علمنا قاتلاً، وإلاّ أغرموا الدية إذا وجدوا قتيلاً بين أظهرهم إذا لم يقسم المدعون)(٣) .

____________________

(١) الكافي للشيخ الكليني ٧: ٣٦٢ ب القسامة ح ٦ وص ٤١٥ ب البينة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه ح٢، تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي ٦: ٢٢٩ ب ٨٩ كيفية الحكم والقضاء ح ٥، وسائل الشيعة للحر العاملي ٢٧: ٢٣٤ ب ٣ البينة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه في الأموال، وحكم دعوى القتل والجراح، وإن بينة المدّعى عليه لا تقبل مع التعارض وغيره ح٣، وج٢٩: ١٥٣ ب ٩ ثبوت القسامة في القتل مع التهمة واللوث إذا لم يكن للمدّعي بينة فيقيم خمسين قسامة أن المدّعى عليه قتله، فتثبت القصاص في العمد والدية في الخطأ، إلاّ أن يقيم المدّعى عليه خمسين قسامة فيسقط وتؤدى الدية من بيت المال ج ٤، وكذلك الفصول المهمة في أصول الأئمة ٢: ٥٠٠ ب ٩ ح ١، من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ٣: ٦٦ - ٦٧ ب الحكم في جميع الدعاوى وزاد على ذلك (إلاّ في الحدود فلا يمين فيها، وفي الدماء…) وساق الحديث إلى آخره، بحار الأنوار للعلامة المجلسي ١٠١: ٢٦٨ ك القضايا والأحكام ب١ أصناف القضاة وحال قضاة الجور والترافع إليهم ح ٢٥ وص ٢٩١ ب٨ جوامع أحكام القضاء ح٥ كما في الفقيه وزيادة.

(٢) وسائل الشيعة للحر العاملي ٢٧: ٢٣٤ ب ٣ البينة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه في الأموال، وحكم دعوى القتل والجراح، وإن بينة المدّعى عليه لا تقبل مع التعارض وغيره ح ٢.

(٣) تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي ١٠: ١٦٦ ب ١٢ البينات على القتل ح ١، الكافي للشيخ الكليني ٧: ٣٦١ ب القسامة ح٤، علل الشرائع للشيخ الصدوق ٢: ٥٤١ - ٥٤٢ ب ٣٢٨ العلة التي من أجلها جعل البينة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه في الأموال، وجعل في القسامة البينة على المدّعى عليه وعليه القسامة ح١، وسائل الشيعة للحر العاملي ٢٩: ١٥٢ ب ٩ ثبوت القسامة في القتل مع التهمة واللوث إذا لم يكن للمدّعي بينة فيقيم خمسين قسامة أن المدّعى عليه قتله، فتثبت القصاص في العمد والدية في الخطأ، إلاّ أن يقيم المدّعى عليه خمسين قسامة فيسقط وتؤدى الدية من بيت المال ح ٣، بحار الأنوار للعلامة المجلسي ١٠١: ٤٠٢ ب ٦ القسامة ح ٣.

٦٦

ب - عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن القسامة أين كان مبدؤها ؟ فقال: (كان من قبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا كان بعد فتح خيبر تخلّف رجل من الأنصار عن أصحابه، فرجعوا في طلبه فوجدوه متشحّطاً في دمه قتيلاً، فجاءت الأنصار إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالت: يا رسول الله قتلت اليهود صاحبنا، فقال: ليقسم منكم خمسون رجلاً على أنهم قتلوه، قالوا: يا رسول الله أنقسم على ما لم نره ؟ ! قال: فيقسم اليهود، قالوا: يا رسول الله مَنْ يصدّق اليهود !! فقال: أنا إذاً آدي صاحبكم، فقلت له: كيف الحكم حكم في الدّماء ما لم يحكم في شيء من حقوق الناسفيها ؟ قال: إنّ الله لتعظيمه الدّماء، لو أنّ رجلاً ادّعى على رجل عشرة آلاف درهم، أقلّ من ذلك أو أكثر لم يكن اليمين على المدّعي، وكانت اليمين على المدّعى عليه، فإذا ادّعى الرجل على القوم الدّم أنّهم قتلوا كانت اليمين على مدّعي الدّم قبل المدّعى عليهم، فعلى المدّعي أن يجيء بخمسين يحلفون أنّ فلاناً قتل فلاناً فيدفع إليهم الذي حلف عليه، فإن شاؤوا عفوا عنه، وإن شاؤوا قتلوا، وإن شاؤوا قبلوا الدّية، فإن لم يقسموا فإنّ على المدّعى عليهم أن يحلف منهم خمسون رجلاً ما قتلنا، ولا علمنا له قاتلاً، فإن فعلوا أدّى أهل القرية التي وجد فيهم ديته، وإن كان بأرض فلاة أدّيت ديته من بيت المال، فإن أمير المؤمنينعليه‌السلام كان يقول: لا يطلّ دم امرئ مسلم)(١) .

____________________

(١) من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ٤: ١٠٠ - ١٠١ ب القاسمة ح ٥١٧٩.

٦٧

المطلب الثاني: مقتضى قاعدة (البينة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه)(١)

ظاهر تفسير القاعدة لأول وهلة أن المعنى لها هو: أن المدّعى عليه لا تقبل منه إلاّ اليمين، وأما البيّنة فلا.

وهذا تفسير غير صحيح، لأن الرواية أو القاعدة دلّت على أن المدّعي هو الذي يطالب بالبيّنة، وأن المنكر هو الذي يطالب باليمين، وأما غير ذلك من التفاصيل فهو مسكوت عنه.

مضافاً إلى هذا: فإنه من غير الصحيح أن نفسّر الرواية أو القاعدة بأنها لا تعطي قيمة لبيّنة المدّعى عليه في مقابل بيّنة المدّعي.

بحيث يقال: أن الحاكم يحكم للمدّعي وفق بيّنته، وإن كانت للمدّعى عليه بيّنة.

وكذلك لو لم يقم المدّعي البيّنة، وقيل بنفوذ بيّنة المدّعى عليه، لأن الرواية أو القاعدة تردّه بأن قولهعليه‌السلام : (اليمين على المدّعى عليه) ظاهرة بأن النوبة ستصل إلى يمين المدّعى عليه إذا لم يقم المدّعي البيّنة، ولم تدل على سقوط بيّنة المدّعى عليه عن الاعتبار.

ويمكن أن يفسّر قولهعليه‌السلام : (البيّنة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه) بثلاثة تفاسير، وهي:

أولاً: أن قولهعليه‌السلام : (اليمين على المدّعى عليه) معناه رفض بيّنته، وليس عليه إلاّ اليمين، ولا يقبل منه إلاّ هو.

ويرد على هذا التفسير: أن الحديث إنما يدّل على أن المدّعى عليه ليس عليه إلاّ اليمين، وأما عدم قبول البيّنة بأي درجة من درجات القبول فهذا لا دليل عليه.

____________________

(١) مقتبس من القضاء في الفقه الإسلامي للسيد الحائري: ٥٨٥ - ٥٨٨.

٦٨

ثانياً: أن الرواية أو القاعدة دلّت على أن المدّعي هو الذي يطالب بالبيّنة، والمنكر هو الذي يطالب باليمين، أما عدم نفوذ بيّنة المنكر، فلم تدلّ عليه، وعليه نتمسّك بنفوذ البيّنة مطلقاً سواء كانت بينّة المدّعي أو المدّعى عليه، لأن الهدف منها الكشف عن الواقع عقلاً قبل مرحلة القضاء. والخلاصة: أنه لو لم يقم المدّعي البيّنة وأقامها المدّعى عليه قبلت منه، ولم تكن حاجة إلى يمينه. وأما لو أقاما البيّنة معاً تعارضتا وتساقطتا، ووصلت النوبة إلى يمين المدّعى عليه. ويرد عليه: أن قولهعليه‌السلام (اليمين على مَنْ أدُّعي عليه) دال على أن المدّعى عليه اليمين - سواء أقام البيّنة أم لا - ومعنى هذا عدم كفاية البيّنة لإثبات ما يريده، لأنه لو كفت لما احتجنا إلى يمينه. وهذا ليس معناه سقوطها عن الاعتبار نهائياً، بل هي تصلح لمعارضتها بيّنة المدّعي. نعم هي غير كافية لإثبات المطلوب كبيّنة المدّعي، لأن حجيتها ليست حجية قضائية، بل هي حجية ذاتية، وذلك لقولهعليه‌السلام (اليمين على مَنْ ادُّعي عليه) فهذا مانع من جعلها حجيّة قضائية، ولولا قولهعليه‌السلام هذا لتمت حجيّتها القضائية لارتكاز العقلاء على حجيّة البيّنة. ثالثاً: قد يقال: أن بيّنة المدّعى عليه ليست ساقطة عن الاعتبار نهائياً كما هو في التفسير الأول، ولا هي حجة قضائية كما في التفسير الثاني، بل هي حجة ذاتية ثابتة قبل القضاء، وهي غير حجة القضاء. فربما يكون الشيء حجة ذاتاً ولا يكون حجة قضاءً كما في اليد، وربما يكون العكس كما في اليمين، والرواية أو القاعدة دلّت على أن البيّنة التي هي حجة ذاتاً عند العقلاء وكاشفة عن الواقع تكون في باب القضاء على المدّعي، ومعنى هذا إمضاء الحجيّة العقلائية الذاتية للبيّنة بالحدود التي يؤمن بها العقلاء، ولا إشكال في أن البيّنة بحدّ ذاتها حجة على الواقع سواء قامت على الإثبات أو الإنكار. والنتيجة: أنه لو لم تكن للمدّعي بيّنة وقدّمها المدّعى عليه، لم تغُنِه عن اليمين، إذ لم تثبت لها حجيّة قضائية، وقد دلّت الرواية أو القاعدة على أن المدّعى عليه، عليه اليمين. أما لو كانا يمتلكان البيّنة، فالبينتان تتعارضان في مرحلة الحجيّة الذاتية، وتتساقطان. والحجيّة القضائية الخاصة بالمدّعي: هي التي تمتلك الحجيّة الذاتية العقلائية، والتي موضوعها موافق لدلالة المقام. إذن: فبعد تساقط البينتان بالتعارض، تصل النوبة إلى يمين المنكر. المطلب الثالث: أدلة إثبات قاعدة (البيّنة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه) أن هذه القاعدة قد أجمع عليها الفريقين (الخاصة والعامة) لأنها كالضروريات في الفقه، ولكن أهم ما اعتمدوا عليه في إثبات هذه القاعدة هو الروايات العامة التي تدل بعمومها على القاعدة. مضافاً إلى الأحاديث الخاصة في أبواب معينة التي يمكن أن يستفاد منها العموم عند ملاحظة مجموعها(١) . وإليك بعض الأدلة التي أثبتها فقهاء الطائفة لهذه القاعدة: ١ - رواية بريد بن معاوية المتقدم ذكرها (سألته عن القسامة)(٢) . ٢ - ما رواه جميل وهشام، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: (قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله البيّنة على مَنْ ادّعى واليمين على مَنْ ادّعي عليه)(٣) .

____________________

(١) مقتبس من القواعد الفقهية للشيخ ناصر مكارم الشيرازي ٢: ٣٣٥ - ٣٣٦.

(٢) وسائل الشيعة للحر العاملي ٢٧: ٢٣٤ ب ٣ البينة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه في الأموال، وحكم دعوى القتل والجراح، وإن بينة المدّعى عليه لا تقبل مع التعارض وغيره ح ٢.

(٣) الكافي للشيخ الكليني ٧: ٤١٥ ب البينة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه ح ١، تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي ٦: ٢٢٩ ب ٨٩ كيفية الحكم والقضاء ح ٤، وسائل الشيعة للحر العاملي ٢٧: ٢٣٣ ب ٣ البينة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه في المال، وحكم دعوى القتل والجراح، وإن بينة المدّعى عليه لا تقبل مع التعارض وغيره ح ١.

٦٩

٣ - ما روي عن [الإمام] محمد بن علي بن الحسينعليهم‌السلام قال: (قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : البيّنة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه. والصلح جائز بين المسلمين إلاّ صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً(١) .حكم في دمائكم)(٢)

٤ - رواية أبي بصير المتقدم ذكرها (إنّ الله

٥ - رواية منصور، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في حديث تعارض البيّنتين في شاة في يد رجل، قال: (قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : حقّها إنما أمر أن تطلبللمدّعي ولا أقبل من الذي في يده بيّنة، لأن الله البيّنة من المدّعي فإن كانت له بيّنة، وإلاّ فيمين الذي هو في يده، هكذا )(٣) .أمر الله

____________________

(١) وسائل الشيعة للحر العاملي ١٨: ٤٤٣ ب ٣ أن الصلح جائز بين الناس إلاّ ما أحل حراماً أو حرم حلالاً، من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ٣: ٣٢ ب الصلح ح ٣٢٦٧ مرسلاً.

(٢) الكافي للشيخ الكليني ٧: ٣٦٢ ب القسامة ح ٦ وص ٤١٥ ب البينة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه ح٢، تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي ٦: ٢٢٩ ب ٨٩ كيفية الحكم والقضاء ح ٥، وسائل الشيعة للحر العاملي ٢٧: ٢٣٤ ب ٣ البينة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه في الأموال، وحكم دعوى القتل والجراح، وإن بينة المدّعى عليه لا تقبل مع التعارض وغيره ح٣، وج٢٩: ١٥٣ ب ٩ ثبوت القسامة في القتل مع التهمة واللوث إذا لم يكن للمدّعي بينة فيقيم خمسين قسامة أن المدّعى عليه قتله، فتثبت القصاص في العمد والدية في الخطأ، إلاّ أن يقيم المدّعى عليه خمسين قسامة فيسقط وتؤدى الدية من بيت المال ج ٤، وكذلك الفصول المهمة في أصول الأئمة ٢: ٥٠٠ ب ٩ ح ١، مستدرك الوسائل للميرزا النوري ١٧: ٣٦٧ ب ٣ البينة على المدّعي واليمن على المدّعى عليه في المال، وحكم دعوى القتل والجرح، وأن بينة المدّعي لا تقبل مع التعارض، من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ٣: ٦٦ - ٦٧ ب الحكم في جميع الدعاوى وزاد على ذلك (إلاّ في الحدود فلا يمين فيها، وفي الدماء…) وساق الحديث إلى آخره، بحار الأنوار للعلامة المجلسي ١٠١: ٢٦٨ ك القضايا والأحكام ب١ أصناف القضاة وحال قضاة الجور والترافع إليهم ح ٢٥ وص ٢٩١ ب٨ جوامع أحكام القضاء ح٥ كما في الفقيه وزيادة.

(٣) الاستبصار للشيخ الطوسي ٣: ٤٣ ب ٢٢ البينتين إذا تقابلتا ح ١٤، وكذلك تهذيب الأحكام ٦: ٢٤ ب ٩٠ البينتين يتقابلان أو يترجح بعضها على بعض وحكم القرعة ح٢٥، وسائل الشيعة للحر العاملي ٢٧: ٢٣٤ ب٣ أن البينة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه في المال، وحكم دعوى القتل والجرح، وأن بينة المدّعي لا = = تقبل مع التعارض وغيره ح ٤ وص ٢٥٥ ب ١٢ حكم تعارض البينتين، وما ترجح به أحدهما، وما يحكم به عند فقد الترجيح ح ١٤.

٧٠

٦ - ما روي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : (أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: البيّنة في الأموال على المدّعي واليمين على المدّعى عليه، قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : والبيّنة في الدماء على مَنْ أنكر برائة مما ادّعي عليه، واليمين على المدّعي)(١) .

٧ - ما روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: (البيّنة على المدّعي واليمين على مَنْ أنكر)(٢) .

إلى غير ذلك من الروايات التي تثبت أهمية هذه القاعدة وحجيتها، وإن كان بعضها مختص بالأموال، ولكن المراد منه مطلق الحقوق ما عدا الدم الذي له حكم خاص كما عبر بذلك الشيخ مكارم الشيرازي بكتابه (القواعد الفقهية)(٣) .

وهناك روايات كثيرة من طرق العامة تثبت ذلك أيضاً، أعرضنا عن ذكرها لكي لا نبعد عن نطاق البحث.

____________________

(١) دعائم الإسلام للقاضي النعمان المغربي ٢: ٥٢٠ - ٥٢١ ح ١٨٥٩.

(٢) عوالي اللئالي لابن أبي جمهور الإحسائي ٢: ٢٥٨ ب الديون ح ١٠ وص ٣٤٥ ب القضاء ح ١١.

(٣) راجع القواعد الفقهية للشيخ مكارم الشيرازي ٢: ٣٣٦ - ٣٣٨.

٧١

المبحث الثاني: وسائل الإثبات

ونبحث فيه عدّة مطالب، منها :

المطلب الأول: علم القاضي

أن سبب البحث في هذا الموضوع هو ما يثار من تساءل حوله وهو:

هل أن علم القاضي حجة أم لا ؟

وقد أثار هذا التساؤل اهتمام العلماء للبحث في هذا الموضوع، فمنهم من أثبت ذلك، ومنهم من نفى، وكل له دليله الخاص به، ولسنا بصدد عرض أقوالهم لأن المقام سيطول فيه، ولكن نذكر ملخصاً لهذا البحث عسى أن يكون نافعاً.

لقد بحث علماء الطائفة في حجية علم القاضي على نحوين:

النحو الأول: حجيّة علم القاضي المعصومعليه‌السلام

لقد أثبت بعضهم ذلك بآيات وروايات، ولم نر داع للبحث فيه لأنه ليس محل ابتلاء لنا. لأن المعصومعليه‌السلام ليس ظاهراً لنا بعد، وإذا ظهر هو أعلم بتكليفه.

النحو الثاني: حجيّة علم القاضي غير المعصوم

وهذا هو محل ابتلاءنا في الوقت الحاضر، ولقد ذكر السيد كاظم الحائري في كتابه (القضاء في الفقه الإسلامي) خمسة عشر دليلاً تحت عنوان (أدلّة الحجية) نفى بعضها وأثبت البعض الآخر وفي نهاية البحث أعطى خلاصة مفادها: تمامية بعض الأدلة على نفوذ علم القاضي - خلافاً لما في الجواهر حيث يدّعى عدم تماميتها بدون الإجماع - لأن أقصى ما يمكن تحصيله هو عدم جواز الحكم بخلاف العلم(١) .

مشيراً إلى أن هذا العلم علماً حسيّاً لا حدسيّاً، حيث أن العلم الحدسي لا يجدي نفعاً.

وقد ذكر ذلك تحت عنوان (التفصيل بين العلم الحسي والحدسي) حيث يقول: (فالنتيجة إذن هي التفصيل بين العلم الحسي والعلم الحدسي، فالعلم الحسي للقاضي حجّة أولاً: بالارتكاز غير المردوع عنه، وثانياً: بإطلاقات الأمر بالقضاء بالحق والعدل، وثالثاً: بما مضى من حديث سليمان بن خالد: (كيف أقضي فيما لم أرَ ولم أشهد؟) الدالّ على جواز القضاء بما رأى وشهد، بينما العلم الحدسي للقاضي غير حجّة بالبيان الذي عرفت)(٢) .

فمن ضمن ما بيّنه على عدم حجية العلم الحدسي للقاضي هو أنه لا ارتكاز لحجيته، لكثرة الخطأ فيه، وعدم ورد نصّ على نفوذ العلم الحدسي دليل على أن المقياس في نظر الشريعة في حال عدم وجود العلم الحسي هو الحكم بالبيّنة واليمين دون العلم الحدسي(٣) .

____________________

(١) راجع كتاب القضاء في الفقه الإسلامي للسيد الحائري: ١٩٩ - ٢٣٥.

(٢) ن. م: ٢٤٣.

(٣) ن. م: ٢٤٢.

٧٢

المطلب الثاني: الإقرار

ونبحث فيه عدّة نقاط، منها:

النقطة الأولى: أركان الإقرار

يعتمد الإقرار على ثلاثة أركان أساسية وهي كالآتي:

١ - المقرّ.

٢ - المقرّ له.

٣ - المقرّ به.

ولا يكون الإقرار صحيحاً إلاّ إذا تمت أركانه الثلاثة، وقد تحدثنا عن التعاريف الخاصة بهذه الأركان وسيأتي الكلام عن شروطها في الفصل الخامس إن شاء الله تعالى.

النقطة الثانية: الفرق بين الإقرار والإعتراف

أن الإقرار: هو التكلم بالحق، اللازم على النفس، مع توطين النفس على الانقياد والإذعان. ويشهد له قوله تعالى:( وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ) (١) .

والإعتراف: هو التكلم بذلك وإن لم يكن معه توطين، أو إن الاعتراف هو ما كان باللسان، والإقرار قد يكون به، وبغيره، بل بالقرائن، كما في حق الأخرس. وينطبق على الوجهين تسمية الشهادة بالتوحيد: إقراراً، لا اعترافاً، كما لا يخفى. وأهل اللغة لم يفرقوا بينهما(٢) .

النقطة الثالثة: الصيغ المتبعة في الإقرار

للإقرار أربع صيغ يمكن أن يثبت من خلالها الحكم على المقر للمقر له، ذكرت في كتب الفقهاء(٣) وهي:

١ - الصريحة: وهي اللفظ المتضمن للإخبار عن حق واجب للمقر له على المقر، كقوله: لك عندي، أو عليّ، وما شاكل ذلك.

____________________

(١) سورة البقرة: آية ٨٤.

(٢) الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري: ٦٥.

(٣) شرائع الإسلام للمحقق الحلي ٣: ٦٩٠ - ٦٩٥، جواهر الكلام للشيخ الجواهري ٣٥: ٥ - ٧٩ بتصرف.

٧٣

٢ - المبهمة: وهي التي يحتاج من لافظها (أي المقر) تفسيراً وتوضيحاً أكثر لمعرفة مضمونها.

٣ - الإقرار المستفاد من الجواب: كأن يقول له المدّعي: لي عليك كذا، فيقول: نعم، أو رددتها وما شابه ذلك بحيث يفهم منه إرادة الإقرار.

٤ - الإقرار المستفاد من الاستثناء: كأن يقول المقرّ: لك عليّ مائة درهم إلاّ عشرة، فهو إقرار بتسعين، أو ليس له عليّ شيء سوى عشرة، فهو إقرار بالعشرة.

النقطة الرابعة: أقسام المقرّ به

قسّم الفقهاء(١) المقرّ به إلى ثلاثة أقسام وهي:

١ - أن يكون مالاً.

٢ - أن يكون نسباً.

٣ - أن يكون حقاً.

وهذه الأقسام الثلاثة لها شروط لابد من أن يبينها المقرّ أمام الحاكم لكي يتم بها الإقرار.

النقطة الخامسة: أدّلة مشروعية الإقرار

أولاً: الكتاب الكريم

ذكر القرآن الكريم عدة آيات في الإقرار، ومنها:

١ - قوله تعالى:( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ) (٢) .

وكذلك قوله تعالى:( فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ) (٣) .

يقول ابن فهد الحلي: (أي ليقر وليه بالحق غير زائد ولا ناقص)(٤) ، وكذلك الشيخ الطوسي في كتابه (المبسوط)(٥) .

٢ - قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ ) (٦) ، والشهادة على النفس هي الإقرار.

____________________

(١) قواعد الأحكام للعلامة الحلي ٢: ٤١٧، جامع المقاصد للمحقق الكركي ٩: ٢٣٦ - ٢٤٠، إيضاح الفوائد لابن العلامة ٢: ٤٣٧ - ٤٣٩ بتصرف.

(٢) سورة آل عمران: آية ٨١.

(٣) سورة البقرة: آية ٢٨٢.

(٤) المهذب البارع لابن فهد الحلي ٤: ١٠٩.

(٥) المبسوط للشيخ الطوسي ٣: ٢.

(٦) سورة النساء: آية ١٣٥.

٧٤

ثانياً: السنّة الشريفة

استدل صاحب كتاب (المبسوط)(١) بثلاث روايات في هذا المقام وهي:

١ - عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: (من أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله فإنه من يبدي لنا صفحته نقم عليه حد الله)(٢) .

٢ - قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (أغد يا أنيس على امرأة هذا فإن أقرت فارجمها)(٣) .

٣ - قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله لمعز بن مالك: (الآن أقررت أربعاً)(٤) .

ثالثاً: الإجماع

يقول ابن فهد الحلي في كتابه (المهذب البارع)(٥) ، وكذلك صاحب كتاب (المبسوط)(٦) : (لا خلاف في صحته، ولزوم الحق به، وإن اختلفوا في مسائله، كقوله: أليس لي عليك كذا ؟ فيقول: بلى) مما يدلّ على مشروعية الإقرار بالإجماع.

____________________

(١) المبسوط للشيخ الطوسي ٣: ٢ - ٣.

(٢) عوالي اللئالي لابن أبي جمهور الإحسائي ٣: ٤٤١ ب الإقرار ح١.

(٣) ن. م: ح٢.

(٤) ن. م: ح٣.

(٥) المهذب البارع لابن فهد الحلي ٤: ١١٠.

(٦) المبسوط للشيخ الطوسي ٣: ٣.

٧٥

رابعاً: العقل

أن العقل يحكم بحسن الإقرار والاعتراف بالذنب، لأنه يعدّ الاعتراف فضيلة، ويرى أن من اعترف بذنبه كمن لا ذنب عليه لما فيه من ردع للنفس، وبما أن الإقرار حسن فهو يلزم بالعمل به.

المطلب الثالث: البيّنة

ونبحث في هذا المطلب ثلاث نقاط، وهي :

النقطة الأولى: كيفية سماع البيّنة

ذكر فقهاء الطائفة أساليب وطرق لكيفية سماع البينة -، لكي يتم من خلالها إصدار الحكم النهائي - ومنها:

١ - إذا سأل المدّعي الحاكم بأن يسأل البينة، قال: مَنْ كانت عنده شهادة فليذكرها إن شاء.

ذكر ذلك فقهاء الطائفة بقولهم:(فإذا سأله المدّعي سؤالها قال: من كانت عنده شهادة فليذكر إن شاء)(١) .

٢ - أن يعرف الحاكم عدالتها، بالعلم أو التزكية.

٣ - أن تكون البينة متوافقة فيما بينها على الشهادة، وإلاّ اعتبرت لاغية.

أفتى بهاتين النقطتين فقهاء الإمامية بقولهم: (فإن سأله الحاكم - أي أن الحاكم سأل المدّعي البينة - وعرف عدالتهما - بالعلم أو التزكية - واتفقت شهادتهما ووافقت الدّعوى قال للخصم: إن كان عندك ما يقدح في شهادتهم فبيّنه عندي)(٢) .

٤ - أن تكون الشهادة موافقة للدّعوى وإلاّ بطلت.

ورد ذلك في كتب الفقهاء بقولهم: ( وكذا يبطلها - أي الحاكم يبطل شهادة البينة - لو لم توافق الدّعوى وإن اتفقت. فلو ادعى على زيد قبض مائة دينار نقداً منه فأنكر، فشهد واحد بقبض المال لكن بعضه نقد وبعضه جنس منه، وشهد الآخر بقبضه نقداً لكن من وكيله سقطت البينة)(٣) .

٥ - إذا شك الحاكم في شهادة البينة، وذلك بتواطئهم عليها، فرقهم، وسألهم واحداً بعد الآخر عن جزئيات القضية، لكي يتبيّن التوافق والاختلاف في الشهادة، ومن خلاله تظهر الحقيقة.

جاء هذا في كتب الفقهاء بقولهم: (وإن ارتاب بالشهادة - أي الحاكم - فرقهم، وسأل كل واحد عن جزئيات القضية، فيقول: في أي وقت شهدت ؟ وفي أي مكان ؟ وهل كنت وحدك ؟ وهل كنت أول من شهد ؟ فإن اختلف أقوالهم أبطلها وإلاّ حكم)(٤) .

____________________

(١) قواعد الأحكام للعلامة الحلي ٣: ٤٤٠ - ٤٤١، إيضاح الفوائد لابن العلامة ٤: ٣٣٣ - ٣٣٤، الدروس للشهيد الأول ٢: ٧٧، كشف اللثام للفاضل الهندي ٢: ٣٣٨، جواهر الكلام للشيخ الجواهري ٤٠: ١٩٢ - ١٩٣ بتصرف.

(٢) م. س بتصرف.

(٣) ن. م بتصرف.

(٤) قواعد الأحكام للعلامة الحلي ٣: ٤٤٠ - ٤٤١، إيضاح الفوائد لابن العلامة ٤: ٣٣٤ - ٣٣٥، كشف اللثام للفاضل الهندي ٢: ٣٣٨، جواهر الكلام للشيخ الجواهري ٤٠: ١٩٣ - ١٩٤.

٧٦

٦ - يُسْتَحْلَفُ المدّعى إذا أتى بشاهد واحد لثبوت حقه، - إذا كان من الحقوق المالية - وإلاّ لم يثبت.

ورد هذا في كتب الفقهاء بقولهم: (ولو أقام - المدّعي - شاهداً واحداً وحلف ثبت حقه، وإن نكل لم يثبت حقه في هذا المجلس)(١) .

ويمكن الاستدلال على فتواهم بهاتين الروايتين:

١ - عن حماد بن عيسى قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: (قال أبي: قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بشاهد ويمين)(٢) .

٢ - ما ذكره صاحب كتاب (من لا يحضره الفقيه) بقوله: قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله … - إلى أن قال: - قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : (نزل عليّ جبرئيلعليه‌السلام بالحكم بشهادة شاهد ويمين صاحب الحق)، ثم قال: وحكم به أمير المؤمنينعليه‌السلام بالعراق(٣)

وهناك روايات أخرى - غير هاتين الروايتين - تذكر فيها مسألة الدين - وهو من الحقوق المالية - تركنا ذكرها مخافة الإسهاب في البحث، فمن أراد فليراجع الكتب الفقهية مثل: الكافي ٧: ٣٨٥، والاستبصار ٣: ٣٢ - ٣٣، وتهذيب الأحكام ٦: ٢٧٥ وغيرها.

____________________

(١) قواعد الأحكام للعلامة الحلي ٣: ٤٤٠ - ٤٤١، إيضاح الفوائد لابن العلامة ٤: ٣٣٣ - ٣٣٤، الدروس للشهيد الأول ٢: ٧٧، كشف اللثام للفاضل الهندي ٢: ٣٣٨، جواهر الكلام للشيخ الجواهري ٤٠: ١٩٢ - ١٩٣ بتصرف.

(٢) الكافي للشيخ الكليني ٧: ٣٨٥ ب شهادة الواحد ويمين المدّعي ح ٢، الاستبصار للشيخ الطوسي٣: ٣٣ ب ١٨ ما يجوز فيه شهادة الواحد مع يمين المدّعي ح ٥ وكذلك تهذيب الأحكام ٦: ٢٧٥ ب ٩١ البينات ح ١٥٣، وسائل الشيعة للحر العاملي ٢٧: ٢٦٥ ب ١٤ ثبوت الدّعوى في حقوق الناس المالية خاصة بشاهد ويمين المدّعي، لا في الهلال والطلاق ونحوهما ح ٤، مستدرك الوسائل للميرزا النوري ١٧: ٣٧٩ ب ١٢ ثبوت الدّعوى في حقوق الناس المالية خاصة بشاهد ويمين المدّعي، لا في الهلال والطلاق ونحوهما ح ٤، بحار الأنوار للعلامة المجلسي ١٠١: ٢٧٨ ب ٥ الحكم بالشاهد واليمين ح ٥، قرب الإسناد للحميري القمي: ١٦ ح ٥٣، الأربعون حديثاً للشهيد الأول: ٣٦.

(٣) من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ٣: ٥٤ ب الحكم بشهادة الواحد ويمين المدّعي ح ٣٣١٨، وسائل الشيعة للحر العاملي ٢٧: ٢٦٩ ب ١٤ ثبوت الدّعوى في حقوق الناس المالية خاصة بشاهد ويمين المدّعي، لا في الهلال والطلاق ونحوهما ح١٤.

٧٧

٧ - لم يُسْتَحْلَفْ المدّعي عند إقامته عدلين إلاّ على الميت، فَيُسْتَحْلَفُ على بقاء الحق في ذمته استظهاراً.

أفتى بذلك فقهاء الطائفة بقولهم: (وإذا أقام المدّعي عدلين لم يستحلف مع البينة، إلاّ أن تكون الشهادة على ميت فيستحلف على بقاء الحق في ذمته استظهاراً)(١) .

مستدلين بذلك بالروايات التالية:

أ - عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن الرجل يقيم البينة على حقه هل عليه أن يُسْتَحْلَفَ ؟ قال: ( لا )(٢) .

ب - عن أبي العباس، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: (إذا أقام الرجل البينة على حقه فليس عليه يمين، فإن لم يقم البينة فردّ عليه الذي ادّعى عليه اليمين فإن أبى أن يحلف فلا حق له)(٣) .

ج - مضافاً إلى إجماع الطائفة على ذلك كما يعبر صاحب كتاب (جواهر الكلام) بقوله: (بلا خلاف بيننا، بل الإجماع بقسميه عليه)(٤) .

____________________

(١) قواعد الأحكام للعلامة الحلي ٣: ٤٤٠ - ٤٤١، إيضاح الفوائد لابن العلامة ٤: ٣٣٤ - ٣٣٥، كشف اللثام للفاضل الهندي ٢: ٣٣٨، جواهر الكلام للشيخ الجواهري ٤٠: ١٩٣ - ١٩٤.

(٢) الكافي للشيخ الكليني ٧: ٤١٧ ب مَنْ كانت له بينة فلا يمين عليه إذا أقامها ح ١، تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي ٦: ٢٣٠ ب ٨٩ كيفية الحكم والقضاء ح ٩ وص ٢٣١ ح ١٥ نفس الباب بطريق آخر، وسائل الشيعة = = للحر العاملي ٢٧: ٢٤٣ ب ٨ أن المدّعي إذا أقام البينة، فلا يمين عليه معها إلاّ فيما استثني ح ١، مستدرك الوسائل للميرزا النوري ١٧: ٣٧٠ ب ٧ أن المدّعي إذا أقام البينة فلا يمين عليه معها إلاّ فيما استثني ح ١.

(٣) الكافي للشيخ الكليني ٧: ٤١٧ نفس الباب ح ٢، تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي ٦: ٢٣١ نفس الباب ح١٤، وسائل الشيعة للحر العاملي ٢٧: ٢٤٣ نفس الباب ح ٢، من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ٣: ٦٣ ب الحكم برد اليمين وبطلان الحق بالنكول ح ٣٣٤٢ وفيه: (المدّعي) بدل (الرجل) وليس فيه: (على حقه).

(٤) راجع جواهر الكلام للشيخ الجواهري ٤٠: ١٩٤.

٧٨

النقطة الثانية: الحقيقة الشرعية للبيّنة

لقد ذكر القرآن الكريم (البيّنة) في كثير من الآيات المباركات، إلاّ أنه لم يذكرها في معناها الاصطلاحي الذي يذكره الفقهاء في كتب الفقه، بل ذكرها بمعناها اللغوي، المراد منه - كما يذكر الشيخ مكارم الشيرازي في كتابه (القواعد الفقهية) بأنه: (الأمر البيّن الواضح، سواء كان من المعجزات الباهرات، أو من الآيات القرآنية، والكلمات الإلهية التي نزلت على الأنبياء والرسل)(١) .

من هنا وقع الخلاف بين الفقهاء: هل أن للبيّنة حقيقة شرعية في شهادة العدلين من زمن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو من زمن [الإمامين] الصادقينصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو لم يثبت شيء من ذلك أصلاً ؟

يقول الشيخ مكارم الشيرازي في كتابه (القواعد الفقهية): (الظاهر من كلمات القوم أن البيّنة كانت حقيقة في هذا المعنى من لدن عصرهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولذا استدلوا بالحديث المشهور منهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان) على حجية قول العدلين).

____________________

(١) القواعد الفقهية للشيخ مكارم الشيرازي ٢: ٤٧.

٧٩

ثم يذكر قول بعض المحققين في هذا الصدد فيقول:

(قال بعض المحققين: تبادر هذا المعنى منها في لسان الشرع يرجع إلى انصراف المفهوم الكلي إلى بعض مصاديقه، ولذلك لم يحتمل أحد من الفقهاء قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (البيّنة على المدّعي واليمين على مَنْ أنكر) أو قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (إنما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان) أن يكون مرادهصلى‌الله‌عليه‌وآله غير هذا المعنى).

ولكنه يردّ هذا القول بقوله:

(ولكن يمكن الخدشة فيه: بأن فهم الفقهاء (رضوان الله عليهم) وتبادر هذا المعنى في أذهانهم، يمكن أن يكون مستنداً إلى ما حدث في الأزمنة المتأخرة، فلا دليل على كونها حقيقة في هذا المعنى في عصر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ومَنْ بعده).

ثم يذكر بعض أقوال العلماء في هذا الموضوع ويردها، إلى أن يقول:

(أقول: ولكن مع ذلك كله فهناك قرائن مختلفة واردة في أخبار الباب يمكن أن يستفاد من مجموعها أن البيّنة كانت حقيقة في هذا المعنى في عصر الأئمةعليهم‌السلام ، وانتقلت من معناها اللغوي العام الشامل لكل دليل إلى خصوص شهادة العدلين وإليك نماذج منها:

١ - ما ورد في ذيل رواية مسعدة بن صدقة، من قوله: (والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البيّنة)(١) .

فإن جعل الإستبانة في مقابل قيام البيّنة دليل على أن البيّنة ليست مطلق الإستبانة، والدليل الظاهر الواضح، بل خصوص شهادة العدلين.

٢ - ويدل عليه أيضاً، في رواية منصور قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : (رجل في يده شاة فجاء رجل فادعاها فأقام البيّنة العدول أنها ولدت عنده، وجاء الذي في يده بالبيّنة مثلهم عدول أنها ولدت عنده …)(٢) .

____________________

(١) بحار الأنوار للعلامة المجلسي ٢: ٢٧٣ ح١٢.

(٢) الاستبصار للشيخ الطوسي ٣: ٤٣ ب ٢٢ البينتين إذا تقابلتا ح١٤، تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي ٦: ٢٤٠ ب ٩٠ البينتين يتقابلان أو يترجح بعضها على بعض وحكم القرعة ح٢٥، وسائل الشيعة للحر العاملي ٢٧: ٢٥٥ ب ١٢ حكم تعارض البينتين، وما ترجح به إحداهما، وما يحكم به عند فقد الترجيح ح١٤.

٨٠