شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام الجزء ١

شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام0%

شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 262

شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: المحقق الحلي
تصنيف: الصفحات: 262
المشاهدات: 50195
تحميل: 6344


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 262 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 50195 / تحميل: 6344
الحجم الحجم الحجم
شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام

شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام الجزء 1

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ولو جعل للمشرك فدية عن اسراء المسلمين(71) ، لم يجب الوفاء لانه لا عوض للحر.

الثاني: يجوز لوالي الجيش(72) ، جعل الجعائل، لمن يدله على مصلحة، كالتنبيه على عورة القلعة، وطريق البلد الخفي.فإن كانت الجعالة من ماله دينا، اشترط كونها معلومة الوصف والقدر.وان كانت عينا، فلا بد أن تكون مشاهدة أو موصوفة.وان كانت من مال الغنيمة، جاز أن تكون مجهولة، كجارية وثوب.

تفريع: لو كانت الجعالة عينا(73) ، وفتح البلد على أمان، فكانت في الجملة، فان اتفق المجعول له وأربابها، على بذلها او امساكها بالعوض، جاز.وان تعاسرا، فسخت الهدنة، ويردون إلى مأمنهم.ولو كانت الجعالة جارية، فأسلمت قبل الفتح لم يكن له عوض.

الطرف الرابع: في الاسارى.وهم: ذكور واناث.فالاناث يملكن بالسبي، ولو كانت الحرب قائمة، وكذا الذراري.

ولو اشتبه الطفل بالبالغ اعتبر بالانبات، فمن لم ينبت وجهل سنه الحق بالذراري(74) .

___________________________________

(71) يعني: لو جعل الحاكم للمشركين مالا معينا مقابل ترك أسراء المسلمين، فاذا اطلقوا سراحهم، لا يجب اعطاء المال لمشركين، لان المسلمين احرار ولا عوض للحر.

(72) اي: قائد الجيش(الجعائل) جمع(جعالة) بمعنى: الجائزة(مصلحة) اي: مايصلح به أمر المسلمين، أو امر الجيش الاسلامي بالخصوص(عورة القلعة) اي: الطريق الذي يمكن منه النفوذ إلى قلعة الكفار لفتحها(البلد) اي: بلد الكفار، ليسهل فتحه(من ماله) اي: من قال قائد الجيش(الوصف) كأن يعين انها ذهب، أو فضة، أو ثوب، أو غيرذلك(والقدر) اي: مقداره،(كخمسين مثقالا من الذهب، أو عشرة اثواب(مشاهدة) اي: قد رآها الذي وضعت له الجائزة(موصوفة) اي: لم يرها لكن عرفها بالوصف.

(73)(عينا) اي: شيئا معينا، ككتاب معين كان عند الكفار(على أمان) اي: بشرط أن يأمنوا الكفار على أموالهم(فكانت) الجعالة وهي الكتاب(في الجملة) اي: في جملة الامان(المجعول له) اي الذي جعلت الجائزة له(واربابها) اي: أصحاب الجعالة وهي الكتاب(على بذلها) لصاحب الجائزة يأخذ عوضها من قائد الجيش، وجب(او) رضي صاحب الجائزة(على امساكها) اي: ابقاء الكتاب عند اصحابها(بعوض) أي: بقيمته يأخذها عوضا عن الكتاب(وان تعاسرا) اي: قال صاحب الجائزة:(اريد الكتاب ولا أرضي به بديلا، وقال اصحاب الكتاب وهم الكفار: لا نعطي الكتاب ولانريد عوضا عنه شيئا(فسخت الهدنة) وهي ترك الحرب،(ويردون) الكفار(إلى مأمنهم) اي: مكان يأمنون فيه ثم يبتدأ الحرب معهم.

(74)(بالسبي) اي: بالسيطرة عليهن يصبحن مملوكات، حتى(لو كانت الحرب قائمة) الذراري) هم الاطفال الذكور(ولو اشتبه) اي: لم يعلم انه بالغ، او طفل يعني غيربالغ،(بالانبات) اي: نبات الشعر الخشن على عانته(وجهل سنه) اي: عمره، انه بلغ السادسة عشرة من عمره أم لا.

٢٤١

والذكور البالغون يتعين عليهم القتل، ان كانت الحرب قائمة، ما لم يسلموا.

والامام مخير(75) ، ان شاء ضرب اعناقهم، وان شاء قطع ايديهم وأرجلهم من خلاف، وتركهم ينزفون حتى يموتوا.

وان اسروا بعد تقضي الحرب، لم يقتلوا.وكان الامام مخيرا، بين المن والفداء والاسترقاق(76) .ولو اسلموا بعد الاسر، لم يسقط عنهم هذا الحكم(77) .ولو عجز الاسير عن المشي، لم يجب قتله، لانه لا يدرى ما حكم الامام فيه؟ ولو بدر مسلم فقتله، كان هدرا(78) .

ويجب: ان يطعم الاسير، ويسقى، وإن اريد قتله.

ويكره: قتله صبرا، وحمل رأسه من المعركة(79) .ويجب مواراة الشهيد دون الحربي(80) .وان اشتبها يوارى من كان كميش الذكر(81) .وحكم الطفل المسبي حكم ابويه.فإن اسلما، او اسلم احدهما، تبعه الولد.ولو سبي منفردا، قيل: يتبع السابي في الاسلام(82) .

تفريع: إذا أسر الزوج، لم ينفسخ النكاح.ولو استرق انفسخ، لتجدد الملك(83) .

___________________________________

(75) في كيفية قتلهم(من خلاف) اي اليد اليمنى، والرجل اليسرى،(ينزفون) اي: تسيل دماء‌هم حتى يموتوا.

(76)(المن) هو أن يجعل المنة عليهم ويعتقهم(والفداء) هو أن يأخذ منهم(فدية) مالا مقابل ض اعتقاهم(والاسترقاق) اي.جعلهم عبيدا يوزعونهم على المقاتلين من المسلمين.

(77) وهو التخيير بين المن، والفداء، والاسترقاق.

(78)(عن المشي) لمرض، أو ألم، أو كبر سن، أو نحو ذلك(ماحكم الامام فيه) هل تركه، أو قتله أو الانفاق عليه الخ(ولو بدر) اي: عجل(هدرا) قال في شرح اللمعة:(فلا قصاص، ولا دية، ولا كفارة، وإن اثم).

(79) في الجواهر:(والمراد بالقتل صبرا أن يقيد يداه ورجلاه مثلا حال قتله، فإذا أريد عدم الكراهة أطلقه وقتله)(وحمل رأسه من المعركة) أي: يقطع رأس الكافر في ساحة الحرب، ويحمل.

(80)(مواراه) اي الدفن(دون الحربي) فلا يجوز دفنه.

(81)(كميش) أي: صغير، ولعله كناية عن الختان، لان أغلب الكفار لا يختنون، غير اليهود.

(82)(تبعة الولد) ذكر كان أو أثنى، فكان مسلما، وجرى عليه أحكام الاسلام، من الطهارة، والدفن في مقابر المسليمن، وغير ذلك(يتبع السابي) اي: يعتبر مسلما، وإن كان أبواه غير مسليمن.

(83)(لم ينفسخ) لانه يمكن قتله، أو المن أو الفداء، وفي هذه الصور لا ينفسخ نكاحه مع زوجته(استرق) اي: صار رقا، بأن لم يقتله الامام، ولا فداه بمال، ولا أطلقه بالمن(لتجدد الملك) اي: لان حدوث الملك يوجب فسخ النكاح، لا انتقال الملك من مالك إلى مالك.

٢٤٢

ولو كان الاسير طفلا أو امرأة، انفسخ النكاح لتحقق الرق بالسبي.وكذا لو أسر الزوجان(84) .ولو كان الزوجان مملوكين لم ينفسخ، لانه لم يحدث رق.

ولو قيل: بتخير الغانم في الفسخ، كان حسنا(85) .ولو سبيت امرأة، فصولح اهلها على اطلاق اسير في يد اهل الشرك فاطلع، لم يجب اعادة المرأة(86) .ولو اعتقت بعوض جاز، ما لم يكن قد استولدها مسلم(87) .

ويلحق بهذا الطرف مسألتان:

الاولى: إذا اسلم الحربي في دار الحرب، حقن دمه، وعصم ماله مما ينقل(88) ، كالذهب والفضة والامتعة، دون ما لا ينقل كالارضين والعقار(89) ، فإنها للمسلمين، ولحق به ولده الاصاغر، ولو كان فيهم حمل.

ولو سبيت أم الحمل، كانت رقا دون ولدها منه.وكذا لو كانت الحربية حاملا من مسلم بوطء مباح(90) .

ولو أعتق مسلم عبدا ذميا بالنذر، فلحق بدار الحرب، فأسره المسلمون، جاز استرقاته، وقيل: لا، لتعلق ولاء المسلم به(91) .ولو كان المعتق ذميا، استرق اجماعا.

الثانية: اذا اسلم عبد الحربى في دار الحرب قبل مولاه، ملك نفسه، بشرط أن يخرج قبله.

ولو خرج بعده كان على رقه(92) .

ومنهم من لم يشترط خروجه، والاول اصح.

___________________________________

(84)(طفلا) اي: كان الزوج طفلا لان السبي يجعلهما رقا، وحدوث الرقية يفسخ النكاح(لو أسر الزوجان) لان أسر الزوجة يفسخ نكاحها.

(85)(مملوكين) لمالك في بلاد الكفر(لم(يحدث رق) بل انتقل الملك من مالك إلى مالك وذلك لا يوجب انفساخ النكاح بنفسه(الغانم) وهو المسلم الذي غنمها.

(86) يعني: لو اسر المسلمون امرأة من الكفار، واسر الكفار شخصا من المسلمين، وتصالح المسلمون والكفار على أن يطلق كل منهما الاسير الذي عنده، فأطلق الكفار المسلم عندهم، لا يجب على المسلمين إطلاق المرأة الكافرة الاسيرة عندهم، لان المصالحة باطلة، لحرمة احد الطرفين وهو اسر المسلم.

(87)(ولو اعتقت) اي: اطلقت الكافرة الاسيرة مقابل(عوض) مالي، بأن دفع الكفار مالا مقابل استرجاعها(قد استولدها مسلم) اي: قد وطأها مسلم وصار عندها منه ولد فأنها تصير حينئذ(أم ولد) ولا يجوز ارجاعها.

(88)(حقن) حفظ(عصم) احترم، فلا يجوز قتله، ولا نهب أمواله.

(89)(العقار) بالفتح، وجمعه(عقارات) هو ماله الثابت كالدار والبستان والمزرعة ونحو ذلك.

(90) كالوطء بشبهة، أو بنكاح متعة اذا كانت كتابية، أو مطلقا في الكتابية على قول.

(91)(ولاء) يعني: الاولوية، فالمولى المعتق ولى به من غيره.وهذا قول الشيخ الطوسي(قده).

(92)(ملك نفسه اي صار حرا،(بشرط ان يخرج) إلى بلد الاسلام(ولو خرج) اي: أسلم العبد أولا، ثم أسلم المولى، لكن هاجر المولى إلى بلد الاسلام قبل العبد،(كان) العبد(على رقه) اي: عبدا لذلك المولى.

٢٤٣

الطرف الخامس : في احكام الغنيمة والنظر في: الاقسام، واحكام الارضين المفتوحة، وكيفية القسمة.

أما الاول: فالغنيمة: هي الفائدة المكتسبة، سواء اكتسبت برأس مال أرباح التجارات، أو بغيره كما يستفاد من دار الحرب.

والنظر ههنا يتعلق بالقسم الاخير(93) .

وهي اقسام ثلاثة:

الاول: ما ينقل: كالذهب، والفضة، والامتعة.وما لا ينقل: كالارض، والعقار.وما هو سبي، كالنساء، والاطفال.

والاول ينقسم: إلى ما يصح تملكه للمسلم: وذلك يدخل في الغنيمة.وهذا القسم يختص به الغانمون، بعد الخمس والجعائل(94) .ولا يجوز لهم التصرف في شئ منه، الا بعد القسمة والاختصاص.

وقيل: يجوز لهم تناول ما لابد منه، كعلف الدابة، وأكل الطعام(95) .وإلى ما لا يصح تملكه: كالخمر والخنزير، ولا يدخل في الغنيمة، بل ينبغي اتلافه إن امكن كالخنزير(96) ويجوز اتلافه وابقاؤه للتخليل كالخمر.

فروع

الاول: إذا باع احد الغانمين عانما شيئا، أو وهبه، لم يصح.ويمكن ان يقال يصح في قدر حصته.ويكون الثاني احق باليد على قول.ولو خرج هذا إلى دار الحرب، أعاده إلى المغنم، لا إلى دافعه.ولو كان القابض من غير الغانمين، لم تقر يده عليه(97) .

___________________________________

(93) في شرح اللمعة:(والمراد هنا ما أخذته الفئة المجاهدة على سبيل الغلبة لا(باختلاس وسرقة).

(94)(بعد) اخراج(الخمس) منها، واخراج(الجعائل) منها، والجعائل يعني: الجوائز التي وعد قائد الجيش بعض الافراد بها.

(95)(والاختصاص) اي: اختصاص كل منهم بحضته(وأكل الطعام) فاذا كان في الغنيمة طعام جاز للمسلمين الاكل منه قبل القسمة - على هذا القول -.

(96) اذا لم يمكن الانتفاع به في التسميد ونحوه.

(97)(لم يصح) اي: البيع والهبة، لانه ملك مشاع لجميع المجاهدين، فقبل التقسيم لا يحق التصرف في شئ منه(في قدر حصته) فلو كان المجاهدون ألفا، وكانت الغنيمة ألف دينار، وأراد الامام تقسيمها بالسوية.

صح البيع والهبة بمقدار دينار لا اكثر(ويكون الثاني) وهو الذي اشترى، أو أهدي إليه(أحق باليد) لان البائع رفع اليد عن هذا المقدار من حصته وجعله للمشتري(خرجهذا) اي: القابض، وهو المشترى(المغنم) اي: إلى الغنيمة(دافعه) لانه قطع الدافع يد نفسه عنه بالبيع والهبة(لم تقر) لعدم شركته في الغنيمة

٢٤٤

الثاني : الاشياء المباحة في الاصل، كالصيود والاشجار، لا يختص بها احد.ويجوز تملكها لكل مسلم.ولو كان عليه أثر ملك، وهو في دار الحرب، كان غنيمة بناء على الظاهر كالطير المقصوص(98) والاشجار المقطوعة.

الثالث : لو وجد شئ في دار الحرب، يحتمل ان يكون للمسلمين ولاهل الحرب، كالخمية والسلاح، فحكمه حكم اللقطة، وقيل: يعرف سنة ثم يلحق بالغنيمة، وهو تحكم(99) .

الرابع: اذا كان في الغنيمة من ينعتق على بعض الغانمين، قيل: ينعتق نصيبه، ولا يجب ان يشتري حصص الباقين، وقيل: لا ينعتق الا يجعله الامام في حصته، أو حصة جماعة هو أحدهم، ثم يرضى هو، فيلزمه شراء حصص الباقين ان كان موسرا(100) .وأما ما لا ينقل: فهو للمسلمين قاطبة، وفيه الخمس.والامام مخير بين إفراز خمسه لاربابه، وبين ابقائه واخراج الخمس من ارتفاعه.

وأما النساء والذراري: فمن جملة الغنائم، ويختص بهم الغانمون(102) .وفيهم الخمس لمستحقه.

الثاني: في أحكام الارضين: كل ارض فتحت عنوة(103) وكانت محياة، فهي للمسلمين

___________________________________

(98)(كالصيود) اي: الحيوانات التي تصاد(المقصوص) اي: مقصوص الجناح.

(99)(دار الحرب) اي: المعركة التي وقع القتال فيها(حكم اللقطة) فيعرق سنة ثم، يتملكه الواجد، أو يتصدق به عن صاحبه، أو يدعه عنده أمانة شرعية(وهو تحكم) اي الالحاق بالغنيمة قول بلا دليل.

(100) اذا ملك شخص عموديه(الآباء والاولاد) أو النساء من محارمه كالاخت والعمة، والخالة، وبنات الاخ وبنات الاخت، انعتقوا عليه(نصيبه) اي: نصيب المجاهد حصص الباقين) فلو كان في الغنيمة أبوه، وقيمته ألف دينار، وحصة المجاهد(الابن) تسمعائة دينار، لا يجب عليه وضع المئة الباقية على الحصص بقية المجاهدين(ثم يرضي هو) اي: المجاهد بهذه الحصة، فإن لم يرض بهذه الحصة لم ينعتق(ان كان موسرا) اي: غنيا قادرا على شراء حصة البقية، وإن لم يكن غنيا قادار على ذلك لم يجب عليه شئ.

(101) كالاراضي، والدور والبساتين(قاطبة) ولا تختص بالمجاهدين(افراد خمسة) اي: افرازه وعزله عن الاربعة الاخماس الباقية(لا ربابه) وهم الامام، وفقراء السادة(من ارتفاعه) اي: من منافعه.

(102) الذين جاهدوا وغنموا(لمستحقه) وهو الامام وفقراء السادة.

(103) اي: بالقوة والحرب، لا بالمصالحة والسلم،(وكانت محياة) وقت الحرب بالزرع، أو البناء، أو السكن(في الجملة) اي: في جملة المسلمين، ولا اختصاص للغانمين بها(والنظر فيها إلى الامام) عني: الامام هوالمتولي لها المتصرف فيها بمصالحها، فيؤجرها، ويحدد اجرتها، ويضارب عليها، ونحو ذلك.

٢٤٥

قاطبة، والغانمون في الجملة.والنظر فيها إلى الامام، ولا يملكها المتصرف على الخصوص.ولا يصح بيعها، ولا هبتها، ولا وقفها.ويصرف الامام حاصلها في المصالح، مثل سد الثغور(104) ، ومعونة الغزاة، وبناء القناطر.

وما كانت مواتا(105) وقت الفتح فهو للامام خاصة، ولايجوز احياؤه الا بإذنه ان كان موجودا.ولو تصرف فيها من غير اذنه، كان على المتصرف طسقها.ويملكها المحيي، عند عدمه، من غيراذن.وكل أرض فتحت صلحا(106) ، فهي لاربابها وعليهم ما صالحهم الامام.وهذه تملك على الخصوص، ويصح بيعها، والتصرف فيها بجميع انواع التصرف.

ولو باعها المالك من مسلم صح، وانتقل ماعليها إلى ذمة البائع(107) .هذا اذا صولحوا على ان الارض لهم، امالو صولحوا، على ان الارض للمسلمين، ولهم السكنى، وعلى اعناقهم الجزية، كان حكمها حكم الارض المفتوحة عنوة، عامرها للمسلمين ومواتها للامام.ولو اسلم الذمي، سقط ما ضرب على أرضه(108) ، وملكها على الخصوص.

وكل ارض اسلم اهلها عليها فهي لهم على الخصوص، وليس عليهم شئ فيها، سوى الزكاة اذا حصلت شرائطها.

___________________________________

(104) الثغور: هي الثلم والثقب المعنوية كحدود البلاد الاسلامية مع بلاد الكفار، التي يتمكن الكفار من التسلل نها ودخول بلاد الاسلام غيلة وخلسة، أو المادية كمجرى السيول التى تهدم البيوت، ونحو ذلك(الغزاة) يعني: المجاهدين، فيهئ لهم عدة القتال، ويدربهم على الضرب ونحو ذلك(القناطر) جمع قنطرة وهي الجسر على النهر.

(105) جمع(ميتة) أي: صحراء قاحلة غير مزروعة، ولا مبنية، ولا مسكونة(احياؤه) بالزرع أو البناء أو فتح القنوات واجرء الانهر والسكنى ونحو ذلك(موجودا) اي: غير غائب(طلسقها) اي: اجرتها(عند عدمه) اي: في حال غيبته كهذه الازمنة.

(106) لو تؤخذ بالحرب، بل تمت سيطرة المسلمين عليها بالمصالحة مع الكفار على أن يبقي الارض للكفار، ويدفع الكفار سنويا أو شهريا شيئا معينا للحكومة الاسلامية مقابل نشرها العدل بينهم والحكم عليهم ومراقبة مصالحهم.

(107) اي: ما وضع على الارض يجب على الكفار اداؤه، لا على المسلم(ولهم الكسنى) اي: للكفار حق السكنى فيها فقط، أما عين الارض فللمسلمين.

(108) اي: ما كان على ارضه من المال(وكل ارض أسلم) أي: كان أهلها كفارا فأسلموا بدون حرب، وفي المسالك، وقد عد من لك المدينة المشرفة والبحرين وأطراف اليمن.

٢٤٦

خاتمة

كل أرض ترك أهلها عمارتها، كان للامام تقبيلها(109) ممن يقوم بها، وعليه طسقها لاربابها.وكل أرض موات، سبق اليها سابق فأحياها، كان أحق بها.وان كان لها مالك معروف، فعليه طسقها.وإذا استأجر مسلم دارا من حربي، ثم فتحت تلك الارض، لم تبطل الاجارة وان ملكها المسلمون(110) .

الثالث: في قسمة الغنيمة يجب أن يبدأ: بما شرطه الامام، كالجعائل(111) والسلب، إذا شرط للقاتل، ولو لم يشرط لم يختص به.ثم بمايحتاج اليه من النفقة، مدة بقائها حتى تقسم، كأجرة الحافظ(112) والراعي والناقل.

وبما يرضخه للنساء أو العبيد والكفار إن قاتلوا بإذن الامام فإنه لا سهم للثلاثة ثم يخرج الخمس وقيل بل يخرج الخمس مقدما عملا بالآية(113) والاول أشبه ثم تقسم أربعة أخماس بين المقاتلة ومن حضر القتال ولو لم يقاتل حتى الطفل ولو ولد بعد الحيازة وقبل القسمة وكذا من اتصل بالمقاتلة من المدد(114) ولو بعد الحيازة وقبل القسمة.

ثم يعطي

___________________________________

(109) اي: اعطاؤها(طسقها) أي: اجرتها(لاربابها) اي: لاصحاب الارض، فيكون دور الامام دور الولي.

(110) وأنما يدفع الاجرة للامام إن كانت حال الفتح، وتكون الاجرة لعامة المسلمين أن كانت معمورة وقد فتحت بالحرب والقوة، وهكذا.

(111) كما جعل الامام الف دينار جائزة لمن قتل الكافر الفلاني، أو جعل له جائزة عشرة عبيد لمن فتح الحصن الفلاني، ونحو ذلك، فيعطي أولا الجعائل لمن جعل لهم(والسلب) أي: ما على المقتول من الثياب والسلاح ونحوهما(اذا شرط للقاتل) يعني: اذا قال الامام عموما من قتل كافرا فله سلبه، أو قال خصوصا: من قتل الكافر الفلاني فله سلبه(لم يختص به) اي: ليس للقاتل بل لعامة المسلمين.

(112) اي: الذي يحرس الغنائم(والراعي) الذي يرعى الابل والبقر والغنم الموجودة في الغنائم(والناقل) يعني: اجرة الاشخاص الذين يحملون الغنيمة من مكان إلى آخر حسب ما يرى الامام) المصلحة(يرضخه) اي: يعطيه، والرضخ يقال للعطية التي ي أقل من الحصة الواحدة للمجاهد(ان قاتلوا بأذن الامام) اما اذا لم يأذن الامام لهم بالقتال قاتلوا تبرعا فلا رضخ لهم.

(113) لان الآية ذكرت الخمس عن كل الغنيمة وهي قوله تعالى(واعلموا انما غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) الآية.

(114) اي:(جا؟ يعيين) المجاهدين لكنه وصل بعد تمام الحرب وقبل قسمة الغنائم(والحيازة) هي جمع الغنائم.

٢٤٧

الراجل(115) سهما، والفارس سهمين، وقيل: ثلاثة، والاول أظهر.ومن كان له فرسان فصاعدا، أسهم لفرسين دون ما زاد.

وكذا الحكم لو قاتلوا في السفن وان استغنوا عن الخيل.

ولايسهم: للابل والبغال والحمير، وإنما يسهم للخيل وان لم تكن عرابا.

ولا يسهم من الخيل: للقحم والرازح والضرع لعدم الانتفاع بها في الحرب، وقيل: يسهم مراعاة للاسم(117) ، وهو حسن.

ولا يسهم: للمغصوب اذا كان صاحبه غائبا، ولو كان صاحبه حاضرا، كان لصاحبه سهمه.ويسهم للمستأجر والمستعار(116) .ويكون السهم للمقاتل.والاعتبار بكونه فارسا، عند حيازة الغنيمة، لا بدخوله المعركة.(118) والجيش يشارك السرية(119) في غنيمتها اذا صدرت عنه.وكذا لو خرج منه سريتان أما لو خرج جيشان من البلد إلى جهتين، لم يشرك احدهما الآخر.وكذا لو خرجت السرية من جملة عسكر البلد، لم يشركها العسكر لانه ليس بمجاهد.

ويكره: تأخير قسمة الغنيمة في دار الحرب، الا لعذر(120) .

وكذا يكره: اقامة الحدود فيها.

___________________________________

(115) هو الذي يحارب على الارض وليس له مركوب(والفارس) المحارب راكبا على الفرس، لانه اقدر في القتال(اسهم لفرسين) اي: اعطي ثلاثة اسهم، سهم له،، وسهمان لفرسين(وكذا الحكم) يعني يعطى لمن كان معه فرس واحد سهمان: ولمن كان معه فرسان او اكثرمن فرسين ثلاثة اسهم، حتى وإن لم يحتاجوا إلى الفرس حال الحرب.

(116) البغل: هو المتولد بين حمار وفرس، وكذا لا يسهم للبقر والفيل وغيرهما.

كما في الجواهر وغيره(القحم) كفلس هو الكبير الهرم(والرازح) هو الضعيف الذي لا يقوى بصاحبه على القتال(الضرع) كفرس هو الصغير الذي لا يصلح للركوب.

(117) لانه يسمى فرسا(للمغصوب) اي: للفرس: الذي غصبه شخص وجاء به إلى الحرب) للمستأجر والمستعار) اي: لفرس الذي استأجره شخص أو استعاره وجاء به إلى الحرب.

(118) فلو دخل الحرب ومعه فرس فقتل فرسه، أو نهب، أو فر وضل قبل الحيازة فلا يعطي لفرسه شئ.

(119)(السرية) هي الجماعة التي تتقدم الجيش للاطلاع على الاسراء ونحو ذلك(اذا صدرت) السرية(عنه) عن الجيش بأن خرج الجيش، وفي وسط الطريق انفصلت السرية عنه وتقدمت عليه مثلا.

(120) كخوف المشركين لو اشتغل المسلمون بجمع الغنائم وتقسيمها(اقامة الحدود فيها) على المسلمين اذا فعلوا ما يستوجب الحد كالزنا، والسرقة، واللواط والقذف، وشرب الخمر ونحو ذلك.

٢٤٨

مسائل اربع:

الاولى: المرصد(121) للجهاد، لا يملك رزقه من بيت المال، الا بقبضه.فإن حل وقت العطاء ثم مات، كان لوارثه المطالبة به، وفيه تردد.

الثانية: قيل: ليس للاعراب(122) من الغنيمة شئ، وان قاتلوا مع المهاجرين، بل يرضخ لهم.ونعني بهم من اظهر الاسلام ولم يضفه، وصولح على اعفائه عن المهاجرة، وترك النصيب.

الثالثة: لا يستحق احد سلبا(123) ولا نفلا، في بداية ولا رجعة، الا ان يشترط له الامام.

الرابعة: الحربي(124) لا يملك مال المسلم بالاستغنام.

ولو غنم المشركون اموال المسلمين وذراريهم ثم ارتجعوها، فالاحرار لا سبيل عليهم.اما الاموال والعبيد فلاربابها قبل القسمة.ولو عرفت بعد القسمة، فلاربابها القيمة من بيت المال.وفي رواية تعاد على اربابها بالقيمة(125) .

والوجه اعادتها على المالك.ويرجع الغانم بقيمتها على الامام، مع تفرق الغانمين.

___________________________________

(121) وهو الذي وقف نفسه للجهاد ولا يشتغل بعمل أو كسب لذلك، وهؤلاء يعطون مرتبا سنويا، أو شهريا، أو أسبوعيا يعتاشون به(وفيه تردد) لانه لم يملكه حتى يكون لوارثه المطالبة.

(122) في المسالك، المراد بالاعراب هنا من كان من أهل البادية وقد اظهر الشهادتين على وجه حكم بإسلامه ظاهرا ولا يعرف من معنى الاسلام ومقاصده وأحكامه سوى الشهادتين(بل يرضخ لهم) اي يعطى لهم شئ أقل من حصة واحدة(ولم يضفه) أي: لا يعرفه(من المهاجرة) من البادية.

إلى المدينة للتعلم والتفقه(وترك النصيب) اي: مقابل ترك الهجرة صولح على ترك لحصة من الغنيمة.

(123) السلب كغرس ما على الكافر من اللباس والحلى والسلاح وغيرها(والنفل) ما يشترطه الامام مقابل عمل خاص من الدلالة على عورة الكفار، او الطريق، أو هدم حائط أو غير ذلك(في بداية) وهي السرية التي تبعث أولا(ولا رجعة) وهي السرية التي تبعث بعد رجوع السرية الاولى.

(124) ليس معنى هذا ان غير الحربي يملك(ثم ارتجعوها) اي: أخذها المسلمون من المشركين بحرب أو غيرها(لا بيل عليهم) حتى ولو عرفوا بعد التقسيم(قبل القسمة) اي: قبل تقسيم الغنائم على المسليمن المجاهدين لو عرف أن الاسير الفلاني المعين كان عبدا لزيد المسلم لم يقسم هذا لعبد مع الغنائم بل يعطى لزيد، أو علم ان الفرس المعين أو السيف المعين كان ملكا لزيد أعطى.

أما لو عرف ذلك بعد التقسيم واعطاء الامام ذاك العبد أو السيف أو الفرس لبعض المسليمن، فلا يسترد منه، وإنما يعطى الامام قيمتها لاصحابها من بيت المال.

(125) يعني: يأخذا صاحبها ويعطي قيمتها للمسلم الذي قسم عليه(مع تفرق الغانمين) قال في الجواهر: وإلا أعاد الامام لقسمة أو رجع على كل واحد منهم بما يخصه.

٢٤٩

الركن الثالث

في احكام اهل الذمة

والنظر في أمور.

الاول: من تؤخذ منه الجزية؟ تؤخذ ممن يقر على دينه، وهم اليهود، والنصارى، ومن لهم شبهة كتاب(126) وهم المجوس.ولا يقبل من غيرهم الا الاسلام.

والفرق الثلاث، اذا التزموا شرائط الذمة أقروا، سواء كانوا عربا أو عجما(127) .ولو ادعى أهل حرب، انهم منهم، وبذلوا الجزية، لم يكلفوا البينة واقروا.ولو ثبت خلافها، انتقض العهد.ولا تؤخذ الجزية من: الصبيان، والمجانين، والنساء.

وهل تسقط عن الهم؟ قيل: نعم، وهو المروي، وقيل: لا، وقيل: تسقط عن المملوك، وتؤخذ ممن عدا هؤلاء، ولو كانوا رهبانا أو مقعدين.وتجب على الفقير، وينظر بها حتى يوسر(128) .ولو ضرب عليهم جزية، فاشترطوها على النساء(129) ، لم يصح الصلح.ولو قتل الرجال قبل عقد الجزية، فسأل النساء اقرارهن(130) ببذل الجزية، قيل: يصح، وقيل: لا، وهو الاصح.ولو كان بعد عقد الجزية، كان الاستصحاب حسنا.ولو اعتق العبد الذمي، منع من الاقامة في دار الاسلام، الا بقبول الجزية(131) .

والمجنون المطبق، لا جزية عليه.فإن كان يفيق وقتا، قيل: يعمل بالاغلب.

ولو افاق

___________________________________

(126) فقد ورد في الحديث الشريف(سنوابهم سنة أهل الكتاب) وفي حديث آخر(كان لهم نبي فقتلوه وكتاب فأحرقوه) وفي آخر ايضا(ان نبيهم أتاهم بالكتاب في اثني عشر الف جلد ثور.).

(127) لان المقياس كونهم أهل كتاب، لا كونهم عربا(انهم منهم) اي: من أهل الكتاب لم يعلم هل هم مشركون ويكذبون في هذا الادعاء ليقروا على ما هم عليه، أم يصدقون(انتقض العهد) وبطلت الذمة، والجزية وقوتلوا حتى يسلموا أو يقتلوا كما هو معروف.

(128) هو الشيخ الكبير(رهبانا) هم المنصرفون إلى العبادة الذين لا يكتسبون ولا يعملون(مقعدين) يعني: الشلل ونحوه(حتى يوسر) اي: يصير غنيا، فيؤخذ منه المجموع مرة واحدة.

(129) يعني: لو جعل الامام علي الرجال الجزية، ولكن الكفار هم شرطوا أن تدفع النساء الجزية لم يصح هذا الصلح، لانه من الشرط المحرم للحلال.

(130) يعني: ابقائهن على الكفر(كان الاستصحاب حسنا) وهو استصحاب العقد الذي وقع من الرجال واثبات الجزية على النساء، وذلك فيما لو قتل الرجال بنزاع بينهم، أو خروج على شروط الذمة، أو نحو ذلك.

(131) اي: قبوله اعطاء الجزية للحكومة الاسلامية(المطبق) وهو الدائم الجنون(يعمل بالاغلب) فإن كان يفيق سبعة اشهر ويجن خمسة اشهر كانت الجزية عليه، وإن كان بالعكس لم تكن عليه جزية.

(صار حربيا) فيخرج من بلاد الاسلام ويحارب إن لم يسلم.

٢٥٠

حولا، وجبت عليه ولو جن بعد ذلك.وكل من بلغ من صبيانهم يؤمر بالاسلام، أو بذل الجزية.فإن امتنع، صار حربيا.

الثاني: في كمية الجزية ولا حدلها، بل تقديرها إلى الامام بحسب الاصلح.وما قرره عليعليه‌السلام ، محمول على اقتضاء المصلحة في تلك الحال.ومع انتفاء ما يقتضي التقدير، يكون الاولى اطراحه(133) تحقيقا للصغار.

ويجوز وضعها على الرؤوس، أو على الارض.ولا يجمع بينهما، وقيل: بجوازه ابتداء، وهو الاشبه.

ويجوز ان يشترط عليهم، مضافا إلى الجزية، ضيافة مارة العساكر(134) ويحتاج ان تكون الضيافة معلومة، ولو اقتصرعلى الشرط، وجب ان يكون زائدا عن أقل مراتب الجزية.وإذا اسلم قبل الحول، او بعده قبل الاداء، سقطت الجزية، على الاظهر.ولو مات بعد الحول، لم تسقط، وأخذ من تركته كالدين.

الثالث: في شرائط الذمة وهي ستة: الاول: قبول الجزية(135) .

الثاني: ان لا يفعلوا ما ينافي الامان.مثل العزم على حرب المسلمين، او إمداد المشركين.ويخرجون عن الذمة بمخالفة هذين الشرطين.

___________________________________

(132) من وضع ثمانية واربعين درهما على الغني واربعة وعشرين درهما على المتوسط واثنى عشر درهما على الفقير ن مجوس المدائن كما في رواية الشيخ الطوسي في كتاب(التهذيب) عن مصعب بن عمير.

(133) اي: اطراح التقدير والتعيين، فلا يعين مقدار الجزية، وإنما رأس كل سنة يقول لهم ادفعوا كذا(تحقيقا للصغار) لانه وع تصغير وتذليل لهم لقوله تعالى(حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون).

(على الرؤوس) بأن يقول: عن كل شخص درهم(أو على الارض) بأن يقول مثلا: عن كل ألف متر عشرة دراهم(يجوز ابتداء‌ا) اي: لو في بدء الامر وضع على الرؤوس والاراضي صح، وأما لو جعل أولا على أحدهما، فلا يضيف اليه الآخر بعد ذلك.

(134) اي: العساكر الاسلامية التي تمر على مناطق أهل الذمة(معلومة) مثلا يقول: كل سنة ثلاث مرات، كل مرة ألف رجل، وكل مرة ثلاثة أيام، وتعطون لهم اللحم المشوي والخبز وكذا(أقل مراتب الجزية) قال في المسالك: للتأسي بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم فإنه شرط الضيافة زيادة على الدينار الذي رتبه على كل نفس.

(135) اي: قبول اعطاء الجزية(عين المشركين) اي: جاسوسهم.

٢٥١

الثالث: ان لا يؤذوا المسلمين.

كالزنا: بنسائهم، وللواط بصبيانهم، والسرقه لاموالهم، وإيواء عين المشركين، والتجسس لهم.فإن فعلوا شيئا من ذلك، وكان تركه مشترطا في الهدنة، كان نقضا.وان لم يكن مشترطا، كانوا على عهدهم، وفعل بهم ما يقتضيه جنايتهم من حد أو تعزير.ولو سبوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قتل الساب.ولو نالوه بما دونه عزروا(136) ، اذا لم يكن شرط عليهم الكف.

الرابع: ان لا يتظاهروا بالمناكير.كشرب الخمر، والزنا، وأكل لحم الخنزير، ونكاح المحرمات(137) .ولو تظاهروا بذلك نقض العهد، وقيل: لا ينقض، بل يفعل بهم ما يوجبه شرع الاسلام، من حد او تعزير.

الخامس: ان لا يحدثوا كنيسة(138) .ولا يضربوا ناقوسا، ولا يطيلوا بناء، ويعزرون لو خالفوا.ولو كان تركه، مشترطا في العهد، انتقض.

السادس: أن يجري عليهم أحكام المسلمين(139) .

وهاهنا مسائل:

الاولى: اذا خرقوا الذمة في دار الاسلام، كان للامام ردهم إلى مأمنهم، وهل له قتلهم واسترقاقهم ومفاداتهم(140) ؟ قيل: نعم، وفيه تردد.

الثانية: إذا أسلم بعد خرق الذمة، قبل الحكم فيه، سقط الجميع(141) ، عدا القود

___________________________________

(136) يعني: ذكروا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بها دون السب، كما لو رسموا صورة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله تسبب الاهانة(عزروا) أي: ضربوا ضربا أقل من الحد بمقدار يراه الحاكم صلاحا(اذا لم يكن شرط عليهم الكف) مطلقا، ولو كان قد شرط ذلك فيكون مخلا بشروط الذمة، ويستوجب خروج الفاعل عن الذمة وصيروته حربيا يوجب اخراجه إلى بلاد الحرب.

(137) كنكاح الاخت، والام، وبنتات الاخت والاخ، وإن كان جائزا في شريعتهم مثل المجوس الذي يجوز عندهم ذلك.

(138) اي: لا يبنوا كنيسة جديدة(ولا يطيلوا بناء‌ا) بجعله اعلى من بيوت المسلمين المجاورة له(انتقض) عهد الذمة وصار ربيا.

(139) بأن يخضعوا لاحكام المسليمن عليهم داخل البلاد الاسلامية من اداء حق، أو ترك محرم ونحوذلك.

(140) اي: أخذ الفدية منهم وإطلاقهم(وفيه تردد) لانهم دخلوا بلاد الاسلام آمنين فيكون استرقاقهم شبيها بالغدر.

(141) الاخراج من بلاد الاسلام، والقتل، والاسترقاق والفدية كلها(عدا القود) يعني القصاص لوكان قتل أو جرح شخصا(والحد) لو كان فعل ما يستوجب الحد كالزنا واللواط ونحو ذلك.

٢٥٢

والحد، واستعادة ما أخذ.ولو أسلم بعد الاسترقاق أو المفاداة، لم يرتفع ذلك عنه.

الثالثة: إذا مات الامام، وقد ضرب لما قرره من الجزية أمدا معينا، أو اشترط الدوام، وجب على القائم مقامه بعده، إمضاء ذلك.

وان اطلق الاول(142) ، كان للثاني تغييره بحسب مايراه صلاحا ويكره ان يبدأ المسلم الذي بالسلام.ويستحب ان يضطر إلى اضيق الطرق.

الرابع: في حكم الابنية والنظر في: البيع والكنائس(143) ، والمساكن، والمساجد.لايجوز استئناف البيع والكنائس في بلاد الاسلام.ولو استجدت وجب ازالتها، سواء كان البلد مما استجده المسلمون، او فتح عنوة، او صلحا على أن تكون الارض للمسليمن.ولا بأس بما كان قبل الفتح، وربما استجدوه في ارض فتحت صلحا، على أن تكون الارض لهم.

واذا انهدمت كنيسة، مما لهم استدامتها، وجاز إعادتها.

وقيل: لا، إذا كانت في ارض المسلمين، واما اذا كانت في ارضهم فلا بأس.

وأما المساكن: فكل ما يستجده الذمي، لا يجوز أن يعلو به على المسلمين من مجاوريه(144) .ويجوز مساواته، على الاشبه.ويقر ما ابتاعه من مسلم عل علوه كيف كان.ولو انهدم لم يجز أن يعلو به على المسلم، ويقتصر على المساواة فما دون.

واما المساجد: فلا يجوز أن يدخلوا المسجد الحرام إجماعا، ولا غيره من المساجد عندنا.ولو أذن لهم لم يصح الاذن، لا استيطانا، ولا اجتيازا، ولا امتيازا(145) .

(ولا يجوز لهم استيطان الحجاز على قول مشهور، وقيل: المراد به مكة والمدينة، وفي الاجتياز به والامتيار منه، تردد.من أجازه، حده بثلاثة أيام.

ولا جزيرة العرب، وقيل: المراد بها مكة والمدينة واليمن ومخاليفها(146) ، وقيل: هي من عدن إلى ريف عبادان طولا، ومن تهامة وما والاها إلى اطراف الاشام عرضا.

___________________________________

(142) اي: الامام الذي عين الجزية، جعلها مطلقا، بأن لم يعين ولكن اخذ سنة دينارا عن كل شخص(ويكره) وعن بعض الفقهاء كالعلامة التحريم، حتى تحريم جواب السلام بلفظة السلام(ويستحب) قال في المسالك:(لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام فاذا لقيتم احدهم في طريق فأضطروه إلى أضيقة) هذا ولكن لايخفى تقيد هذا الحكم اللا اقتضائي بكل الاحكام الاقتضائية الواجبة والمحرمة والتي منها الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.

والتفصيل في المفصلات.

(143)(بيع) جمع بيعة، كحيل وحيلة، وقيم وقيمة معابد اليهود، و(كنائس) جمع كنيسة هي معابد النصارى.

(144) يعني: ان يجعل بناء‌ه اعلى من بناء المسليمن المجاورين.

(145) اي: لجبل الميرة وهي الطعام.

(146) جمع مخلاف، هي القرى التي في اطراف بلدة وتابعة لها.

٢٥٣

الخامس: في المهادنة وهي: المعاقدة على ترك الحرب مدة معينة.وهي جائزة اذا تضمنت مصلحة للمسلمين، إما لقلتهم عن المقاومة، أو لما يحصل به الاستظهار(147) ، أو لرجاء الدخول في الاسلام مع التربص.(ومتى ارتفع ذلك، وكان في المسليمن قوة على الخصم، لم يجز.ويجوز الهدنة أربعة أشهر.ولا يجوز أكثر من سنة، على قول مشهور.

وهل يجوز أكثر من.

أربعة أشهر؟ قيل: لا، لقوله تعلى:( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) (148) ، وقيل: معم، لقوله تعالى:( وان جنحوا للسلم فاجنح لها ) ، والوجه مراعاة الاصلح.ولا تصح إلى مدة مجهولة، ولا مطلقا، الا ان يشترط الامام لنفسه الخيار في النقض متى شاء.ولو وقعت الهدنة، على ما لا يجوز فعله، لم يجب الوفاء، مثل التظاهر بالمناكير، وإعادة من يهاجر من النساء، فلو هاجرت، وتحقق إسلامها، لم تعد.لكن عاد على زوجها(149) ، ماسلم إليها من مهر خاصة، إذا كان مباحا.ولو كان محرما لم يعد، ولا قيمته.

تفريعان:

الاول: اذا قدمت مسلمة فارتدت، لم ترد: لانها بحكم المسلمة(150) .

الثاني: لو قدم زوجها، وطالب المهر، فماتت بعد المطالبة، دفع اليه مهرها.ولو ماتت قبل المطالبة لم يدفع اليه، وفيه تردد.ولو قدمت فطلقها بائنا لن يكن له المطالبة.ولو أسلم في العدة الرجعية، كان أحق بها(151) .

___________________________________

(147) اي: لرجاء حصول ذلك بجمع القوة وإعداد العدة(الدخول في الاسلام) ا ي: دخول الكفار لما يشاهدونه من انسانية المسليمن وحسن معاملتهم لهم.

(148) فهو امر بالقتال دائما، خرج منه اربعة اشهر للمهادنة، وبقي الباقي تحت عموم وجوب القتال(مدة مجهولة) كأن يقول: حتى يصطلح الروس والامر يكان مثلا(ولا مطلقا) بأن يقولون بيننا الهدنة، ولا يعينوا أمدها(في النقض) أي: نقض الهدنة.

(149) يعني: وقعت الهدنة على أن يشرب الكفار الخمر، ويزنوا، ويتظاهروا علنا بالمحرمات،(واعادة) النساء المسلمات اللاتي فررن من بلاد الكفر، إلى بلاد الكفر، فأنها حرام(لكن يعاد على زوجها) يعني: لو كان زوجها اعطاها مهرا مباحا كالذهب والفضة ونحوهما اعيد عليه، ولو كان اعطها مهر حراما كالخمر والخنزير فلا يعاد المهر ولا قيمته.

(150) ولذا تجلس تستاب حتى تتوب.

(151) يعني: يكون زوجا لها من دون عقد جديد(أمن عله الفتنة) اي: لم يخش من ايذاء الكفار له، او ارجاعه إلى الكفر لبساطته

٢٥٤

أما إعادة الرجال، فمن أمن عليه الفتنة بكثرة العشيرة، وما مائل ذلك من أسباب القوة، جاز اعادته، والا منعوا منه.

ولو شرط في الهدنة إعادة الرجال مطلقا، قيل: يبطل الصلح، لانه كما يتناول من يؤمن افتتانه، يتناول من لا يؤمن.

وكل من وجب رده،، لايجب حمله، وإنما يخلى بينه وبينهم.

ولا يتولى الهدنة على العموم(152) ، ولا لاهل البلد والصقع، والا الامام أو من يقوم مقامه.

ومن لواحق هذا الطرف مسائل:

الاولى: كل ذمي انتقل عن دينه إلى دين لا يقر اهله عليه(153) ، لا يقبل منه، الا الاسلام أو القتل.

اما لو انتقل إلى دين يقر أهله كاليهودي ينقل إلى النصرانية أو المجوسية، قيل: يقبل، لان الكفر ملة واحدة، وقيل: لا، لقوله تعالى:(ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه) وان عاد إلى دينه(154) ، قيل: يقبل، وقيل: لا، وهو، هو الاشبه.ولو أصر فقتل، هل يملك اطفاله؟ قيل: لا، استصحابا لحالتهم الاولى.

الثانية: إذا فعل أهل الذمة ماهو سائغ في شرعهم، وليس بسائغ في الاسلام(155) ، يتعرضوا.وان تجاهروا به، عمل بهم ما تقتضيه الجنابة، بموجب شرع الاسلام.وان فعلوا ماليس بسائغ في شرعهم، كالزنا واللواط، فالحكم فيه كما في المسلم.وان شاء الحاكم، دفعه إلى أهل نحلته، ليقيموا الحد فيه، بمقتضي شرعهم.

الثالثة: إذا اشترى الكافر مصحفا لم يصح البيع(156) ، وقيل يصح ويرفع يده، والاول أنسب باعظام الكتاب العزيز.

ومثل ذلك كتب احاديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

___________________________________

(152) اي: لعامة، الكفار، أو لعامة النصارى، أو لعامة اليهود، وهكذا(والصقع) اي: الناحية(أو من يقوم مقامه) من وكيله ونائبه الخاص في حضوره، أو النائب العام في غيبته وهو الفقيه الجامع للشرائط(153) كما لو صار مشركا، أو وثنيا، أو من عباد البقر مثلا.

(154) فيما لا يقبل الانتقال اليه، كالشرك بالاجماع، أو إلى دين كتابي آخر على القول به(هل يملك أطفاله) باعتبارهم أولاد محارب(لحالتهم الاولى) وهي كونهم أولاد كتابى.

(155) كالمجوسي يتزوج أمه أو اخته، والنصراني يشرب الخمر(بموجب شرع الاسلام) فيضرب ثمانين جلدة على شرب الخمر مثلا.

(156) يعني: لو باع المسلم قرآنا للكافر بطل عقد البيع، ولا ينتقل القرآن إلى ملك الكافر(ورفع يده) اي: يؤخذ منه(انسب) ال الشهيد الثاني قدس‌سره (1) في المسالك:(وإنما قال انسب لعدم وقوفه على دليل صحيح صريح في بطلان العقد وغاية ما فيه التحريم، وهولا يقتضى الفساد مطلقا في العقود)

٢٥٥

وقيل يجوز على كراهية، وهو الاشبه.

الرابعة: لو أوصى الذمي ببناء كنيسة أو بيعة(157) ، لم يجز، لانها معصية.وكذا لو أوصى بضرف شئ في كتابة التوراة والانجيل، لانها محرفة.ولو أوصى للراهب والقسيس جاز، كما تجوز الصدقة عليهم.

الخامسة: يكره للمسلم أجرة رم(158) الكنائس والبيع، من بناء ونجارة وغير ذلك.(158) اي: ترميم وإصلاح البناء، أي: يؤجر نفسه لذلك.

الركن الرابع

في: قتال اهل البغي(159)

يجب قتال من خرج إلى: إمام عادل، إذا ندب اليه الامام عموما أو خصوصا.او من نصبه الامام، والتأخر عنه كبيرة.وإذا قام به من فيه غناء(160) ، سقط عن الباقين، ما لم يستنهضه الامام على التعيين.والفرار في حربهم، كالفرار في حرب المشركين.وتجب مصابرتهم حتى يفيؤوا أو يقتلوا.ومن كان من اهل البغي، لهم فئة يرجع اليها(161) ، جاز الاجهاز على جريحهم واتباع مدبرهم، وقتل اسيرهم.ومن لم يكن له فئة، فالقصد بمحاربتهم تفريق كلمتهم، فلا يتبع لهم مدبر، ولا يجهز على جريحهم، ولا يقتل لهم مأسور.

مسائل:

___________________________________

(157) يعني: في ارض الاسلام، أو في ارضهم ورجع الامر الينا كما يفهم من اطلاق الجواهر وغيره(لانها محرفة) فهي كذب على الله تعالى.

(158) اي: ترميم و إصلاح البناء، أي: يؤجر نفسه لذلك.

(159) أي: أهل الظلم، وهم أهل المسلمون الذين خرجوا على الامام المعصوم كمعاوية وأصحابه، وأهل الجمل، و أهل النهروان، الذين خرجوا على امير المؤمنين علي صلوات الله عليه(ندب اليه) اي: دعا إلى جهاد أهل البغي(عموما) كما لو خطب الامام مثلا وقال: ايها المسلمون هبوا واخرجوا إلى قتال معاوية واصحابه(أو خصوصا) كما لو قال الامام مثلا لزيد اخرج معنا إلى الجهاد.

(160) اي: كفاية في دفع الاعداء(كالفرار) حرام مغلظ شديد) مصابرتهم) اي: الاستمرار في الجهاد(حتى يفيئوا) اي: رجعوا إلى طاعة الامام، أو إلى طاعة من نصبه الامام.

(161) يعني: جماعة قائمة ضد الامام عليه‌السلام، كأهل الجمل، وأهل صفين(الاجهاز) اي: قتل(مدبرهم) اي: الذي فرمنهم يعقب حتى يقتل(لم يكن له فئة) كالخوارج(مأسور) اي: أسير.

٢٥٦

الاولى: لا يجوز سبي ذراري البغاة، ولا تملك نسائهم، إجماعا(162) .

الثانية: لا يجوز تملك شئ من اموالهم التي لم يحوها العسكر(163) ، سواء كانت مما ينقل كالثياب والآلات، او لا ينقل كالعقارات، لتحقق الاسلام المقتضي لحقن الدم والمال.

وهل يؤخذ ما حواه العسكر مم ينقل ويحول؟ قيل: لا، لما ذكرناه من العلة، وقيل: نعم، عملا بسيرة عليعليه‌السلام ، وهو الاظهر.

الثالثة: ما حواه العسكر للمقاتلة خاصة(164) ، يقسم للراجل سهم، وللفارس سهمان، ولذي الفرسين او الافراس ثلاثة.

خاتمة: من منع الزكاة، لا مستحلا(165) ، فليس بمرتد.ويجوز قتاله حتى يدفعها، ومن سب الامام العادل، وجب قتله.

وإذا قاتل الذمي مع أهل البغي، خرق الذمة.وللامام أن يستعين بأهل الذمة في قتال اهل البغي.

ولواتلف الباغي على العادل(166) ، مالا أو نفسا، في حال الحرب، ضمنه، ومن اتى منهم بما يوجب حدا، واعتصم بدار الحرب، فمع الظفر يقام عليه الحد.

___________________________________

(162) لان هذه الذراري والنساء بحكم الاسلام، ولم يظهر أي عداء للامام أو خروج عليه حتى يتغير الحكمم.

(163) اي: ليست في ساحة الحرب(ما حواه العسكر) اي: ما كان من الاموال في ساحة الحرب(بسيرة علي عليه‌السلام) في شرح اللمعة:(فإنه قسمها أولا بين المقاتلين ثم أمر بردها ولولا جوازه لما فعله أولا).

(164) اي: للمجاهدين، لا لعامة المسليمن، بناء‌ا على جواز أصل الاخذ وفيه خلاف كبير يؤخذ تفصيله من المطولات.

(165) يعني: لا ينكر أصل وجوبها(الامام العادل) اي: المعصوم، وكذا فاطمة الزهراء عليها‌السلام للعمة) مع أهل البغي) اي: في صفوفهم ضد الامام(ان يستعين) يعني: يطلب من أهل الذمة اعانته على قتال البغي.

(166) قال في المسالك: المراد بالعادل هنا من كان تابعا للامام، وإن كان ذميا(بما يوجب حدا) كالزنا، وشرب الخمر، والسرقة، وغيرها.

٢٥٧

كتاب الامر بالمعروف والنهى عن المنكر

المعروف: هو كل فعل حسن، اختص بوصف زائد على حسنه، إذا عرف فاعله ذلك، أو دل عليه(1) .

والمنكر: كل فعل قبيح، عرف فاعله قبحه، أو دل عليه.والامر بالمعروف، والنهي عن المنكر، واجبان اجماعا.

ووجوبهما على الكفاية(2) ، يسقط بقيام من فيه كفاية، وقيل: بل على الاعيان(3) ، وهو الاشبه(4) .

والمعروف ينقسم إلى: الواجب والندب.فالامر بالواجب واجب، وبالمندوب مندوب.

والمنكر: لا ينقسم(5) .فالنهي عنه كله واجب.

ولا يجب النهى عن المنكر(6) ، ما لم تكمل شروطا أربعة:

الاول: أن يعلمه منكرا، ليأمن الغلط في الانكار(7) .

الثاني: ان يجوز تأثير انكاره.فلو غلب على ظنه، أو علم أنه لا يؤثر، لم يجب.

الثالث: وان يكون الفاعل له مصرا على الاستمرار.فلو لاح منه إمارة الامتناع أو أقلع

___________________________________

(1)(اختص) كالواجب، والمستحب، اللذين يختصان مضافا إلى أصل جواز الحسن بوصف الوجوب الزائد، ووصف الندب الزائد(اذا عرف) اجتهادا(أو دل عليه تقليدا.

(2) فيجب على الجميع حتى يقوم به من فيه الكفاية، فإذا قام سقط عن الباقين، واذا لم يقم اثم الجميع، ولعل هذه الايام يجب على الجميع تولي الامر بالمعروف، والنهي عن المنكر كل بحسب قدرته وحاله لعدم وجود من فيه الكفاية، بل ولا عشرها، ولا معشار عشرها كما لا يخفى على من لاحظ الظلم والفساد والمعاصي التي ملات التي الاقطار كلها.

(3) اي: واجب عيني ما دام المعروف غير معمول به، ومادام المنكر قائما.

(4) لاصالة العينية في الاوامر والنواهي الا ما ثبت فيه خلافها.

(5) في الجواهر:(لان المكروه ليس منكرا).

(6) ولايجب ايضا الامر بالمعروف الواجب.

(7) فلا ينهي عما ليس بمنكر، ولا يأمر بما ليس بمعروف.

٢٥٨

عنه(8) ، وسقط الانكار.

الرابع: الا يكون في الانكار مفسدة.فلو ظن توجه الضرر(9) اليه أو إلى ماله، أو إلى احد من المسلمين، سقط الوجوب.

ومراتب الانكار ثلاث:

بالقلب، وهو يجب وجوبا مطلقا.

وباللسان.

وباليد(10) .

ويجب دفع المنكر بالقلب أولا.كما اذا عرف ان فاعله ينزجر باظهار(الكراه).وكذا إن عرف أن ذلك لا يكفي، وعرف الاكتفاء بضرب من الاعراض والهجر، وجب واقتصر عليه(11) .ولو عرف ان ذلك لا يرفعه، انتقل إلى الانكار باللسان، مرتبا للايسر من القول فالايسر(12) .ولو لم يرتفع الا باليد، مثل الضرب وما شابهه(13) ، جاز.

ولو افتقر إلى الجراح(14) أو القتل، هل يجب؟ قيل: نعم، وقيل: لا، إلا بإذن الامام، وهو الاظهر.

ولا يجوز: لاحد اقامة الحدود، إلا للامام، مع وجوده. أو من نصبه لاقامتها. ومع عدمه، يجوز للمولى، اقامة الحد على مملوكه(15) .

وهل يقيم الرجل الحد على ولده وزوجته؟ فيه تردد. ولو ولي وال من قبل الجائر، وكان قادرا على اقامة الحدود، هل له اقامتها؟ قيل: نعم،

___________________________________

(8)(إمارة الامتناع) أي: علامة تركه للمنكر في المستقبل(او اقلع عنه) فعلا.

(9) اي:(الضرر) المعتد به، وهو يختلف باختلاف الاشخاص، والموارد.

(10)(بالقلب) بأن يفرح قلبا للمعروف، ويتأثر قلبا للمنكر(مطلقا) يعني: سواء اجتمعت الشرائط الثلاثة، غير الشرط الاول أم لا، وسواء أمر بالمعروف، ونهى عن المنكر أم لا، وسواء أثر في كلامه أم لا، لان الحب القلبي للمعروف، والتأثر القلبي للمنكر من شروط الايمان(باللسان) وهو الامر والنهي(وباليد) وهو الضرب، والجرح، و القتل.

(11) الهجر) اي: ترك صحبته(واقتصر عليه) وهو لا يجوز التعدي إلى اللسان واليد.

(12) فلو كان الكلام الطيب مؤثرا لم يجز الكلام الخشن، ولو كان الخشن مؤثرا لم يجز الصياح، وهكذا.

(13) في الجواهر:(كترك الاذن، والحبس) وكذا أخذ يده، أو دفعه.

(14) وكذا الكسر، والقطع، ونحوهما.

(15) في المسالك:(وشرطه العلم بمقادير الحدود، لئلا يتجاوز حده، ومشاهده الموجب، وإقرار المملوك الكامل به).

٢٥٩

بعد أن يعتقد انه يفعل ذلك بإذن الامام الحق(16) ، وقيل لا، وهو أحوط.ولو اضطره السلطان إلى اقامة الحدود، جاز حينئذ اجابته، ما لم يكن قتلا ظلما، فإنه لا تقية في الدماء(17) .

وقيل: يجوز للفقهاء العارفين(18) اقامة الحدود، في حال غيبة الامام، كما لهم الحكم بين الناس، مع الامن من ضرر سلطان الوقت.ويجب على الناس مساعدتهم على ذلك.

ولا يجوز: ان يتعرض لاقامة الحدود، ولا للحكم بين الناس، الا عارف بالاحكام، مطلع على مآخذها(19) ، عارف بكيفية ايقاعها على الوجوه الشرعية.

ومع اتصاف المتعرض للحكم بذلك، يجوز الترافع اليه، ويجب على الخصم اجابة خصمه، اذا دعاه للتحاكم عنده.

ولو امتنع وآثر(20) المضي إلى قضاة الجور، كان مرتكبا للمنكر.

ولو نصب الجائر قاضيا، مكرها له، جاز الدخول معه دفعا لضرره، لكن عليه اعتماد الحق والعمل به ما استطاع(21) .

وان اضطر إلى العمل بمذاهب أهل الخلاف جاز، إذا لم يمكن التخلص من ذلك، مالم يكن قتلا لغير مستحق، وعليه تتبع الحق ما أمكن.

___________________________________

(16) يعني: يجب ان يعتبر نفسه مأذونا من قبل لامام العادل، دون الامام الجائز.

(17)(قتلا) اي: اذا امر السلطان الظالم شخصا بقتل شخص آخر ظلما لم يجز له قتله لان التقية يجوز معها فعل المحرمات إلا القتل.

(18) اي: فقهاء الشيعة، لان كلمة(العارف) منصرفة إليهم في عرف الروايات(كما لهم) اي: كما يجوز للفقهاء الشيعة.

(19) وهو المجتهد.

(20) اي: قدم الخصم قضاة الجور، ولم يرض بقاضي الشيعة.

(21)(جاز) للقاضي المتدين(الدخول معه) مع الجائز) دفعا لضرر الظالم(لكن) يجب(عليه) على القاضي(اعتماد الحق) اي: يستند إلى الحكم بالحق، ولا يجوز له الحكم بغير ما انزل الله.

٢٦٠