شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام الجزء ٤

شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام0%

شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 333

شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام

مؤلف: المحقق الحلي
تصنيف:

الصفحات: 333
المشاهدات: 48864
تحميل: 5153


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 333 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 48864 / تحميل: 5153
الحجم الحجم الحجم
شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام

شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام الجزء 4

مؤلف:
العربية

ولو شوي الطحال مع اللحم، ولم يكن مثقوبا(28) ، لم يحرم اللحم.وكذا لو كان اللحم فوقه، أما لوكان مثقوبا، وكان اللحم تحته، حرم.

الثالث: الاعيان النجسة كالعذرات النجسة(29) .وكذا كل طعام: مزج بالخمر، أو النبيذ أو المسكر، او الفقاع، وإن قل.

او وقعت فيه نجاسة وهو مائع كالبول.أو باشره الكفار، وإن كانوا أهل ذمة، على الاصح(30) .

الرابع: الطين فلا يحل شئ منه، عدا تربة الحسينعليه‌السلام (31) ، فانه يجوز للاستشفاء ولا يتجاوز قدر الحمصة، وفي الارمني رواية بالجواز، وهي حسنة لما فيها من المنفعة للمضطر اليها.

الخامس: السموم القاتلة قليلها وكثيرها.

أما ما لايقتل القليل منها، كالافيون والسقمونيا في تناول القيراط والقيراطين إلى ربع الدينار، في جملة حوائج المسهل، فهذا لا بأس به لغلبة الظن بالسلامة.

ولا يجوز التخطي إلى موضع المخاطرة منه، كالمثقال من السقمونيا، والكثير من شحم الحنظل او الشوكران(32) ، فانه لا يجوز لما يتضمن من ثقل المزاج وإفساده.

القسم الخامس في المائعات:

والمحرم منها خمسة.

الاول: الخمر وكل مسكر كالنبيذ، والبتع والفضيخ، والنقيع، والمزر(33) والفقاع، قليله وكثيره.

ويحرم: العصير(34) إذا غلى سواء غلى من قبل نفسه أو بالنار، ولايحل حتى يذهب

___________________________________

(28) اي: لم يكن الطحال مثقوبا(لم يحرم اللحم) لان الطحال في غشاء فلا يسيل منه على اللحم شئ.

(29) وهي عذرة الانسان، وكل حيوان حرام اللحم اذا كان له دم دافق عند الذبح.

(30) ومقابل الاصح قول بطهارة أهل الكتاب اذا لم تكن عليهم نجاسة عرضية كالخمر والبول ونحوهما.

(31) وفي قول تراب قبور النبي والبتول وكل الائمة عليهم الصلاة والسلام(وفي الارض) قال الشهيد: " طين معروف يجلب من أرمينية يضرب لونه إلى الصفرة، ينسحق بسهولة: يقطع الدم عن النزيف ويمسك المعدة عن الاسهال.

(32) نبت يستعمل للدواء وله سمية كثيرة قاتل(ثقل المزاج وافساده) لعل المراد به البالغين المنتهين إلى الموت الذي هو حرام بالاجماع.

(33) هذه اقسام من النبيذ المكسر، والنبيذ هو ان ينبذ في الماء شئ من الحنطة، او الشعير، او التمر، او التفاح، او غير ذلك من الثمار، ويبقى مدة حتى يتحمض ويصير مسكرا(والفقاع) في الحديث الشريف:(هو خمر استصغره الناس) والناس يعني العامة لان الفقاع عندهم مباح.

(34) اي: عصير العنب - لاكل عصير(مزج بها) اي: بهذه الانواع المحرمة فالمزوج ايضا يكون حراما.

٢١

ثلثاه، أو ينقلب خلا.وما مزج بها، أو باحدهما.أو ما وقعت فيه من المائعات.

الثاني: الدم المسفوح(35) نجس، فلا يحل تناوله.وما ليس بمسفوح، كدم الضفادع والقراد، وإن لم يكن نجسا، فهو حرام لاستخبائه.

وما لا يدفعه الحيوان المذبوح، ويستخلف في اللحم(36) ، طاهر ليس بنجس ولا حرام.

ولو وقع قليل من دم، كالاوقية(37) فما دون، في قدر وهي تغلي على النار، قيل: حل مرقها إذا ذهب الدم بالغليان، ومن الاصحاب من منع الرواية وهو حسن.أما ماهو جامد كاللحم والتوابل(38) ، فلا بأس به إذا غسل.

الثالث: كل ما حصل فيه شئ من النجاسات كالدم او البول أو العذرة، فإن كان مائعا(39) حرم وإن كثر، ولا طريق إلى تطهيره، وإن كان له حالة جمود، فوقعت النجاسة فيه جامدا، كالدبس الجامد، والسمن، والعسل، ألقيت النجاسة وكشط ما يكتنفها، والباقي حل.

ولو كان المائع دهنا، جاز الاستصباح به تحت السماء، ولا يجوز تحت الاظلة.وهل ذلك لنجاسة دخانه الاقرب؟ لا بل هو تعبد.

ودواخن(40) الاعيان النجسة عندنا طاهرة، وكذا كل ما احالته النار فصيرته رمادا أو دخانا، على تردد.

ويجوز بيع الادهان النجسة، ويحل ثمنها، لكن يجب إعلام المشتري بنجاستها.وكذا

___________________________________

(35) الخارج عن العروق الذي طبيعته ان يقفز عند خروجه(القراد) قمل كبير يتكون من بدن البعير ونحوه(حرام لاستخبائه) اي: حرام شربه لانه خبيث، وكل خبيث حرام لقوله تعالى من وصف رسول الاسلام(صلى الله عليه وآله) " يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ".

(36) اي: بعد ذبح الحيوان كالغنم، الدم الذي لا يخرج عن نحره بل يبقى في ثنايا اللحم او حول الكبد والكلى والقلب، والدم الموجود في القلب ويقال " المهجة ".

(37) الاوقية تساوي تقريبا اربعين غراما، قال في مجمع البحرين " والاوقية عند الاطباء تزن عشرة مثاقيل وخمسة أسباع درهم "(ذهب الدم) اي: استحال وانتشر(منع الرواية) الدالة على حل المرق لضعف سندها - كما قيل - والعمدة اعراض المشهور عنها وإلا فسند واحد من الروايتين صحيح جامع كما صرح به الجواهر وغيره.

(38) والتوابل يعني المقليات والمشويات كالباذنجان، والفلافل ونحوهما.

(39) كالدهن المائع، والشربت، واللبن، ونحوها(وكشط) اي: أخذ(الاظلة) اي: السقوف(تعبد) اي: حكم شرعي خاص امرنا به ونحن لانا عبيد يجب علينا الاطاعة.

(40) جمع دخان.

٢٢

ما يموت فيه حيوان له نفس سائلة(41) .أما ما لا نفس له كالذباب والخنافس، فلا ينجس بموته، ولا ينجس ما يقع فيه.

والكفار أنجاس ينجس المائع بمباشرتهم له، سواء كانوا اهل الحرب أو أهل الذمة، على أشهر الروايتين.

وكذا لا يجوز إستعمال أوانيهم التي استعملوها في المائعات.

وروي إذا أراد مواكلة المجوسي، أمره بغسل يده وهي شاذة.

ولو وقعت ميتة لها نفس، في قدر، نجس ما فيها، وأريق المائع وغسل الجامد(42) وأكل.

ولو عجن بالماء النجس عجين، لم يطهر بالنار، إذا خبز على الاشهر.

الرابع: الاعيان النجسة كالبول مما لايؤكل لحمه(43) ، نجسا كان الحيوان كالكلب والخنزير أو طاهرا كالاسد والنمر.

وهل يحرم مما يؤكل؟ قيل: نعم، إلا أبوال الابل، فإنه يجوز الاستسقاء بها، وقيل: يحل الجميع لمكان طهارته، والاشبه التحريم لمكان استخباثها.

الخامس: ألبان الحيوان المحرم كلبن اللبوة(44) والذئبة والهرة.

ويكره: لبن ما كان لحمه مكروها، كلبن الاتن، مائعه وجامده، وليس بمحرم.

القسم السادس في اللواحق:

وفيه مسائل:

الاول: لا يجوز استعمال شعر الخنزير إختيارا، فان اضطر استعمل ما لا دسم فيه، وغسل يده.

ويجوز الاستسقاء بجلد الميتة(45) ، وإن كان نجسا.ولا يصلي من مائها، وترك الاستسقاء افضل.

___________________________________

(41) اي: دمه دافق عند الذبح، فإن ميتته نجسة(ما لا نفس له) اي: دم دافق له.

(42) لو كان في المرق لحم، او شلغم، او بطاطا او سفرجل، او نحوها غسل وجاز اكله لان ظاهره كما تنجس كذلك يطهر بالماء.

(43) اي: من كل حيوان لحمه حرام(مما يؤكل) كبول البقر، والغنم، والغزال، والحمار، والفرس، وغيرها(استخبائها) اي: حرمة ابوالها لانها خبيثة وكل خبيث حرام.

(44) انثى الاسد.

(الاتن) جمع أتان انثى الحمار.

(45) بأن يجعل جلد الميتة دلوا(ولايصلي من مائها) اي: لايجوز التوضوء به لنجاسته.

٢٣

الثانية: إذا وجد لحم ولا يدري، أذكي هو أم ميت؟ قيل: يطرح في النار، فان انقبض فهو ذكي، وإن انبسط فهو ميت(46) .

الثالثة: لا يجوز أن يأكل الانسان من مال غيره الا بإذنه.

وقد رخص مع عدم الاذن في التناول من بيوت من تضمنته الآية(47) إذا لم يعلم منه الكراهية، ولا يحمل منه.

وكذا ما يمر به الانسان من النخل.وكذا الزرع والشجر على تردد.

الرابعة: من تناول خمرا، أو شيئا نجسا، فبصاقه طاهر، مالم يكن متلونا بالنجاسة.وكذا لو اكتحل بدواء نجس، فدمعه طاهر، ما لم يتلون بالنجاسة.ولو جهل تلونه، فهو على أصل الطهارة(48) .

الخامسة: الذمي اذا باع خمرا أو خنزيرا، ثم اسلم ولم يقبض الثمن، فله قبضه.

السادسة: تطهر الخمر اذا انقلبت خلا، سواء كان انقلابها بعلاج(49) ، أو من قبل نفسها، وسواء كان ما يعالج به عينا باقية أو مستهلكة وإن كان يكره العلاج، ولا كراهية فيما ينقلب من قبل نفسه.

ولو ألقي في الخمر خل حتى تستهلكة، لم تحل ولم تطهر(50) .

وكذا لو ألقي في الخل خمر فاستهلكه الخل، وقيل: يحل اذا ترك حتى تصير الخمر خلا، ولا وجه له.

السابعة: أواني الخمر من الخشب والقرع(51) والخزف غير المغضور لا يجوز استعماله لاستبعاد تخلصه، والاقرب الجواز بعد ازالة عين النجاسة وغسلها ثلاثا.

___________________________________

(46) وكأن المصنف لتردده لم يرد ولم يثبت هذا القول.

(47) وهي في سورة النور آية(61)( ولاعلى انفسكم ان تأكلوا من بيوتكم او بيوت آبائكم او بيوت امهاتكم او بيوت اخوانكم أو بيوت اخواتكم او بيوت أعمامكم او بيوت عماتكم، او بيوت اخوالكم او بيوت خالاتكم، او ما ملكتم مفاتحه او صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا ) (الكراهية) اي: يكره الاكل من بيته(ولا يحمل منه) اي لا يخرج من دورهم شيئا بل يأكل هناك فقط(وكذا مايمر) فإنه يجوز الاكل له بدون أن يحمل معه ويسمى(حق المارة).

(48) اي: قاعدة(كل شئ لك طاهر حتى تعلم انه قذر).

(49) اي: يعمل شئ او إلقاء شئ فيه.

(50) لصيرورة الخل نجسا كلما لاقى منه شيئ الخمر.

(51) القرع هو اليقطين الكبير يفرغ داخله، ويجعل انية للدهن، والخل، وغيرهما(المنضود) ما اذا لطخ داخله بالقار، او الشمع ونحوهما مما يمنع نفوذ الخمر فيها، فينجس ظاهرها، ويطهر كما ينجس(تخلصها) من الخمر النافذ في اجوافها بمجرد وصول الماء اليها.

٢٤

الثامنة: لا يحرم شئ من الربوبات(52) والاشربة، وإن شم منه رائحة المسكر، كرب الرمان والتفاح، لانه لايسكر كثيره.

التاسعة يكره: أكل ما باشره الجنب والحائض، إذا كانا غير مأمونين(53) .وكذا يكره: اكل ما يعالجه، من لا يتوقى النجاسات، وان يسقي الدواب شيئا من المسكرات.

ويكره الاسلاف في العصير، وأن يستأمن على طبخه من يستحل شربه، قبل أن يذهب ثلثاه، إذا كان مسلما، وقيل: لا يجوز مطلقا، والاول أشبه، ويكره: الاستشفاء بمياه الجبال(54) الحارة.

ومن اللواحق النظر في حال الاضطرار وكل ما قلناه بالمنع من تناوله، فالبحث(55) فيه مع الاختيار.

ومع الضرورة يسوغ التناول، لقوله تعالى:( فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه ) (56) وقوله:( فمن اضطر في مخمصة متجانف لاثم ) (57) وقوله:( وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم اليه ) (58) .

فليكن النظر في المضطر، وكيفية الاستباحة.

أما المضطر فهو الذي يخاف التلف، ولو لم يتناول.وكذا لو خاف المرض بالترك.وكذا لو خشي الضعف، المؤدي إلى التخلف عن الرفقة، مع ظهور امارة العطب(59) ، أو ضعف الركوب المؤدي إلى خوف التلف، فحينئذ يحل له تناول ما يزيل تلك الضرورة.

ولا يختص ذلك نوعا من المحرمات، الا ما سنذكره.

ولا يترخص الباغي، وهو

___________________________________

(52) الرب هوجعل عصير فاكهة على النار او في الشمس او غيرهما حتى يثخن.

(53) اي: لا يباليان بالطهارة والنجاسة(يعالجه) اي: يعمله(الاستسلاف) اي: بيده سلفا بأن يأخذ الثمن حالا ويسلم العصير في وقت بعد ذلك(ليستأمن) اي: يسلم العصير ليطبخه من يحل عنده شرب العصير المغلي من المسلمين(لا يجوز مطلقا) اي: حرام ولو كان مسلما(اشبه لحمل فعل المسلم على الصحة مطلقا.

(54) العيون في الجبال التي يخرج منها ماء حار، ففي الحديث انه من قيح جهنم.

(55) اي: الحرمة.

(56) البقرة / 174(باغ) اي: الخارج على إمام زمانه مثل اهل النهروان، والجمل، وصفين الخارجين على أميرالمؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام وكأهل الكوفة الخارجين على الامام الحسينعليه‌السلام وغيرهم(عاد) هو قاطع الطريق على الناس وسيأتي قريبا تفسيرها عن المصنفقدس‌سره .

(57) المائدة / 4(مخمصة) اي: مجاعة(متجانف) اي: مائل إلى الحرام متعمد له.

(58) الانعام / 120(في المضطر) يعني: من هو المضطر وما هو حدود الاضطرار.

(59) اي الهلاك، يعني: يخشى الهلاك لو ضعف وتأخر عن الناس، كما لو كان ليل وكانت صحراء وكان وحده فلا يأمن كيد بعض السباع وهو لا يستطيع الدفاع عن نفسه.

٢٥

الخارج عن الامام، وقبل: الذي يستحل الميتة(60) ولا العادي وهو: قاطع الطريق، وقيل: الذي يعدو شبعه.

واما كيفية الاستباحة فالمأذون فيه حفظ الرمق(61) ، والتجاوز حرام، لان القصد حفظ النفس وهل يجب التناول للحفظ؟ قيل: نعم، وهو الحق.فلو أراد التنزه والحال حالة خوف التلف، لم يجز.

ولو اضطر إلى طعام الغير، وليس له الثمن، وجب على صاحبه بذله، لان في الامتناع إعانة على قتل المسلم.

وهل له المطالبه بالثمن؟ قيل: لا، لان بذله واجب، فلا يلزم له العوض.

وإن كان الثمن موجودا(62) ، وطلب ثمن مثله، وجب دفع الثمن. ولا يجب على صاحب الطعام بذله، ولو امتنع من بذل العوض، لان الضرورة المبيحة لا قتسارة مجانا، زالت بالتمكن من البذل.وإن طلب زيادة عن الثمن، قال الشيخ: لا تجب الزيادة. ولوقيل: تجب، كان حسنا، لارتفاع الضرورة بالتمكن.

ولو امتنع صاحب الطعام والحال هذه، جاز له قتاله، دفعا لضرورة العطب.

ولو واطأه فاشتراه بأزيد من الثمن، كراهية لاراقة الدماء، قال الشيخ: لا يلزمه إلا ثمن المثل، لان الزيادة لم يبذلها إختيارا، وفيه إشكال، لان الضرورة المبيحة للاكراه ترتفع بامكان الاختيار.

ولو وجد ميتة وطعام الغير، فإن بذل له الغير طعامه بغير عوض أو بعوض هو قادر عليه، لم يحل الميتة.

ولو كان صاحب الطعام غائبا، أو حاضرا ولم يبذل، وقوي صاحبه على دفعه عن طعامه، أكل الميتة.

وإن كان صاحب الطعام، ضعيفا لا يمنع، أكل الطعام وضمنه، ولم تحل الميتة، وفيه تردد(63) .

___________________________________

(60) اي: يرى ان اكل الميتة حلال(ويعدو شبعه) اي: يأكل اكثر من الشبع، اذ الاضطرار يجوز للانسان الاكل بقدر يرفع الاضطرار لااكثر.

(61) اي: حفظ البنية عن الموت والهلاك(والتجاوز) اي: الاكل والشرب اكثر من حفظ الرمق(التنزه) اي: ترك التناول.

(62) عند المضطر(لو امتنع) المضطر(لافتقاره) اي: تحصيله(زيادة عن الثمن) كما لو كان ثمن الطعام دينارا فطلب دينارين.

(63) لاحتمال حلية الميتة في هذه الحال، لان الميتة وطعام الغير بغير رضا كلاهما محرمان في الاصل، جائز ان للضرورة.

٢٦

وإذا لم يجد المضطر، إلا آدميا ميتا، حل له إمساك الرمق من لحمه(64) .ولو كان حيا، محقون الدم، لم يحل ولو كان مباح الدم، حل له منه ما يحل من الميتة.

ولو لم يجد المضطر، ما يمسك رمقه سوى نفسه، قيل: يأكل من المواضع اللحمة(65) كالفخذ، وليس شيئا، إذفيه دفع الضرر بالضرر.

ولا كذلك جواز قطع الاكلة، لان الجواز هناك إنما هو لقطع السراية الحاصلة، وهنا إحداث سراية.لو اضطر إلى خمر وبول، تناول البول(66) . ولو لم يجد الا الخمر، قال الشيخ في المسبوط: لا يجوز دفع الضرورة بها، وفي النهاية: يجوز وهو أشبه.ولا يجوز التداوي بها(67) ، ولا بشئ من الانبذة ولا بشئ من الادوية معها شئ من المسكر، أكلا ولا شربا. ويجوز عند الضرورة أن يتداوى بها للعين.

خاتمة في الاداب : يستحب غسل اليدين قبل الطعام وبعده. ومسح اليد بالمنديل(68) . والتسمية عند الشروع. والحمد عند الفراغ. وأن يسمي على كل لون على إنفراده(69) ، ولو قال: بسم الله على أوله وآخره أجرأ.

ويستحب الاكل: باليمين مع الاختيار.

وان يبدأ صاحب الطعام(70) .

وأن يكون آخر من يمتنع وان يبدأ في غسل اليد بمن على يمينه، ثم يدور عليهم إلى الاخير.

وأن يجمع غسالة الايدي في اناء واحد. وأن يستلقي الآكل بعد الاكل.

ويجعل رجله اليمنى على رجله اليسرى. ويكره: الاكل متكئا.

والتملي(71) من المأكل، وربما كان الافراط حراما لما يتضمن

___________________________________

(64) بأن يأكل كل من لحمه بقدر حفظ الرمق وعدم الهلاك(محقون الدم) اي: لايجوز قتله كالمسلم، والكافر الذمي والمعاهد، أما مهدور الدم فكالكافر المحارب.

(65) اي: الكثير اللحم(بالضرر) لان الاكل من الفخذ ضرر وقد يمكن ان يسري هذا الاكل فيؤدي إلى هلاكه(قطع الاكلة) اي: قطع العضو الذي اصيب بالجذام.

(66) اذ البول أخف من الخمر، اذ لم يدل دليل على حرمة البول حتى في الضرورة، ودل في الخمر.

(67) اي: بالخمر(الا نبذة) جمع نبيذ، يعني المسكرات(للعين) بأن يقطر منها في العين.

(68) بعد الطعام، وأما قبل الطعام اذا غسل يده فلا يمسحه بالمنديل.

(69) فعند أكل الخبز يسمى، وعند الارز يسمى، وعند اكل اللحم يسمي، اكل كل فاكهة يسمي وهكذا(أجزأ) يعني لا يحتاج إلى تسميته على كل لون.

(70) أي: يبدأ بالاكل قبل الضيف(يمتنع) اي: يكف عن الاكل(وان يبدأ) صاحب المنزل(يستلقي) اي: ينام على ظهره(رجله اليمنى) اي: قدمه اليمنى على ركبته اليسرى - كما عن بعضهم -.

(71) اي: إملاء البطن بالاكل، بل يستحب ان يجعل بطنه ثلاثة ثلث للطعام وثلث للشرب وثلث للتنفس(الافراط) اي كثرة الاكل (من الاضرار) البالغ الكثير المؤدي إلى الموت او تلف بعض الاعضاء او القوى.

٢٧

من الاضرار.

ويكره: الاكل على الشبع. والاكل باليسار.

ويحرم: الكل على مائدة، يشرب عليها شئ من المسكرات(72) ، والفقاع.

___________________________________

(72) خمرا كان او غيرها(والفقاع) لانه شرعا نوع من الخمر وان لم يسمه البعض خمرا.

٢٨

كتاب الغصب

والنظر في السبب والحكم واللواحق

أما الاول(1) فالغصب:

هو الاستقلال باثبات اليد، على مال الغير عدوانا.

ولا يكفي رفع يد المالك، ما لم يثبت الغاصب يده، فلو منع غيره، من إمساك دابته المرسلة فتلفت، لم يضمن.

وكذا لو منعه من القعود على بساطه، أو منعه من بيع متاعه، فنقصت قيمته السوقية، أو تلفت عينه.

أما لو قعد على بساط غيره، أوركب دابته، ضمن.ويصح(2) غصب العقار، ويضمنه الغاصب.ويتحقق غصبه، بإثبات اليد عليه مستقلا، دون إذن المالك.وكذا لو أسكن غيره.

فلو سكن الدار، مع مالكها قهرا، لم يضمن الاصل.

وقال الشيخ: يضمن النصف، وفيه تردد، منشأه عدم الاستقلال من دون المالك(3) .

ولو كان الساكن ضعيفا عن مقاومة المالك، لم يضمن.

ولو كان المالك غائبا ضمن، وكذا لو مد بمقود(4) دابة فقادها، ضمن.

ولا يضمن لو كان صاحبها راكبا لها.وغصب الامة الحامل غصب لولدها، لثبوت يده عليهما.وكذا يضمن حمل الامة. المبتاعة(5) بالبيع الفاسد.

___________________________________

كتاب الغصب.

(1) اي: سبب الغصب(الاستقلال) اي: الاستيلاء بغير إذن المالك(عدوانا) يعني: بغير حق، فالتقاص او نحوه ليس بغصب.

(2) اي: يقع لا انه يجوز(العقار) الاراضي والبيوت والبساتين ونحوها(اسكن غيره) اي: غصب الدار زيد واسكن فيها عمروا، فزيد يكون غاصبا ايضا، والمقصود انه لايشترط في تحقق الغصب ان يكون المتصرف هو الغاصب نفسه.

(3) اي: لم يكن الغاصب وحده مستقلا في الاستيلاء على الدار(مقاومة المالك) بحيث كان يمكن للمالك اخراجه متى شاء(لم يضمن) اي: لو تلف والحال هذه فلا ضامنا.

(4) الحبل الذي يقاد به الدابة.

(5) اي المشتراة بالبيع الفاسد، اذ البيع حيث يكون ضمان لو كان صحيحا يكون ضمان ايضا لو كان فاسدا الا أن الفرق ان ضمان البيع الصحيح بالثمن المسمى في العقد، وضمان الفاسد بثمن المثل، او اقل الثمنين من المثل او المسمى.

٢٩

ولو تعاقبت الايدي الغاصبة على المغصوب(6) ، تخير المالك في إلزام أيهم شاء، أو إلزام الجميع بدلا واحدا.

والحر لا يضمن بالغصب(7) ، ولو كان صغيرا.

ولو أصابه حرق أو غرق أو موت في يد غاصب، من غير تسبيبه، لم يضمنه.

وقال في كتاب(الجراح)(8) يضمنه الغاصب، إذا كان صغيرا، وتلف بسبب كلدغ الحية والعقرب ووقوع الحائط.

ولو استخدم الحر، لزمه الاجرة.ولو حبس صانعا، لم يضمن أجرته، مالم ينتفع به، لان منافعه(9) في قبضته.

ولو استأجره في عمل، فاعتقله ولم يستعمله(10) ، فيه تردد.والاقرب أن الاجرة لا تستقر لمثل ما قلناه.

ولا كذلك لو استأجر دابة، فحبسها بقدر الانتفاع.ولا يضمن الخمر، إذا غصبت من مسلم(11) ، ولو غصبها الكافر. وتضمن إذا غصبت من ذمي، مستترا، ولو غصبها المسلم.وكذا الخنزير.

ويضمن الخمر، بالقيمة عند المستحل(12) ، لا بالمثل، ولو كان المتلف ذميا على ذمي، وفي هذا تردد.

وهنا اسباب اخر يجب معها الضمان: الاول: مباشرة الاتلاف سواء كان المتلف عينا، كقتل الحيوان المملوك، وتخريق

___________________________________

(6) فلو غصب عمرو كتاب زيد، وباعه إلى محمد ومحمد إلى علي وعلي إلى حسن وحسن إلى حسين وهكذا جاز لزيد أن يطالب كل واحد دون الاخرين بالكتاب، وجاز له ان يطالب جميعهم معا بالكتاب.

(7) يعني: لو غصب زيد عمروا وحبسه مثلا شهرا كاملا فلايضمن الغاصب المنافع التي فاتت من عمرو المغصوب قالوا: لان الحر ليس ثمنا وعمله كذلك.

(8) كتاب الجراح من المبسوط للشيخ الطوسي، وعلل بان الغاصب قربه من سبب الاتلاف بحيث لا يمكنه الاحتراز منه(ولو استخدم) اي: اجبر الحر على عمل كالخياطة والكتابة والبناء او غيرهما.

(9) اي: منافع الحر في قبضة الحر، فالغاصب لم يستفد من تلك المنافع شيئا حتى يضمن.

(10) مثلا قال للحر استأجرتك لبناء داري هذا اليوم فقيل وجاء فحبسه ولم يدعه يبني ولا أطلقه ليذهب حيث يريد(لمثل ماقناه) من أن الحر غير مضمون منافعه غير المستوفاة(دابة) لان منافع الدابة مضمونة مطلقا.

(11) لانها لاقيمة لها(مستترا) أي: حال كونه مستترا بالخمر، لان من شرائط الذمة الاستتار بالمحرمات، وفي الجواهر:(أما المتظاهر فلا ضمان ولو كان الغاصب كافرا قولا واحدا).

(12) يعني: إذا غصبت الخمر من ذمي مستتر بها لايدفع له المثل - وان كان المثلى يضمن بالمثل مع وجود المثل ثم اذا لم يوجد الممثل ينتقل إلى القيمة - بل القيمة رأسا(وفي هذا تردد) لاحتمال ان يجب على الذمي لذمي آخر اعطاء مثل الخمر، لانها حلال في شريعتهم، ويجوز شرعا عندنا الحكم لهم بما في شريعتهم.

٣٠

الثوب.أو منفعة، كسكنى الدار، وركوب الدابة، وإن لم يكن هناك غصب(13) .

الثاني: التسبيب :

وهو كل فعل يحصل التلف بسببه، كحفر البئر في غير الملك(14) .وكطرح المعاثر في المسالك.

لكن إذا اجتمع السبب والمباشر، قدم المباشر في الضمان على ذي السبب، كمن حفر بئرا في ملك غيره عدوانا، فدفع غيره فيها انسانا، فضمان ما يجنيه الدفع على الدافع.

ولا يضمن المكره المال، وإن باشر الاتلاف(15) ، والضمان على من أكرهه، لان المباشرة ضعفت مع الاكراه، فكان ذو السبب هنا أقوى.

ولو أرسل في ملكه ماء، فأغرق مال غيره، أو أجج نارا فيه فأحرق، لم يضمن ما لم يتجاوز قدر حاجته(16) إختيار مع علمه، أو غلبة ظنه ان ذلك موجب للتعدي إلى الاضرار.

ويتفرع على السبب فروع:

الاول: لو ألقى صبيا في مسبعة(17) ، أو حيوانا يضعف عن الفرار ضمن لو قتله السبع.

الثاني: لو غصب شاة، فمات ولدها جوعا(18) ، ففي الضمان تردد.وكذا لو حبس مالك الماشية عن حراستها فاتفق تلفها.وكذا التردد لو غصب دابة، فتبعها الولد.

___________________________________

(13) امثلته: قتل خروفا بظن انه له، خرق الثوب بظن ان صاحبه اذن له في ذلك، سكن الدار بظن انها داره، ركب الدابة بظن أنها وقف عام فتبين الخلاف في كلها.

(14) فسقط فيه شخص فمات او جرح(المعاثر) اي: ما يوجب العثرة او الزلة او السقوط للناس كالحجر في وسط الطريق، او قشور الفواكة في وسط الطريق مما يكون سببا لتعثر شخص بها.

(15) كما لو اكره الظالم زيدا أن يسقط عمرا في بئر، فالضمان على الظالم لاعلى زيد.

(16) اي: لم يرسل ماء اكثر من قدر حاجته، ولا اشعل نارا اكثر من حاجته(مع علمه) اي: حتى مع علمه بأن هذا الماء يغرق او النار تحرق، هذا ظاهر المصنف كما فسره به الجواهر لكنه محل اشكال من بعض.

(17) اي: محل السباع(او حيوانا) اي: القى حيوانا في مسبعه.

(18) اي: فلم يعلفها(مالك) اي: حبس شخص مالك الماشية، والماشية يعني البقر والابل والغنم(فتبعها الولد) اي: ولد الدابة تبع امه بنفسه من دون ان يغصب الولد قال في المسالك: لامنشأ للتردد في هذه الثلاثة(من) عدم الاستقلال باثبات اليد على الولد والماشية فلا يتحقق الغصب فينتفي الضمان(ومن) انه سبب في الاتلاف اذ لولاه لم يحصل التلف والضمان ليس بمحض في الغصب كما مر فإن مباشرة الاتلاف ومسبباته من جملة مقتضياته وان لم يكن غصبا).

٣١

الثالث: لو فك القيد عن الدابة فشردت، أوعن العبد المجنون فابق، ضمن لانه فعل يقصد به الاتلاف.

وكذا لو فتح قفصا عن طائر فطار، مبادرا أوبعد مكث(19) .

ولا كذا لو فتح بابا على مال فسرق، أو ازال قيدا عن عبد عاقل فأبق، لان التلف بالمباشرة لا بالسبب، وكذا لو دل السارق.ولو أزال وكاء(20) الظرف، فسال ما فيه، ضمن اذا لم يكن يحبسه إلا الوكاء.وكذا لو سال منه ما ألان الارض تحته(21) ، فاندفع مافيه، ضمن لان فعله سبب مستقل بالاتلاف.

أما لو فتح رأس الظرف، فقلبته الريح او ذاب بالشمس، ففي الضمان تردد ولعل الاشبه أنه لا يضمن، لان الريح والشمس كالمباشر، فيبطل حكم السبب.

ومن الاسباب: القبض بالعقد الفاسد(22) .

والقبض بالسوم، فان القابض يضمن.

وكذا استيفاء المنفعة بالاجارة الفاسدة، سبب لضمان اجرة المثل.

النظر الثاني في الحكم:

يجب رد المغصوب ما دام باقيا ولو تعسر، كالخشبة(23) تستدخل في البناء او اللوح في السفينة، ولا يلزم المالك اخذ القيمة.وكذا لومزجه مزجا يشق تميزه، كمزج الحنطة بالشعير، أو الدخن بالذرة، وكلف تميزه واعادته.

ولو خاط ثوبه بخيوط مغصوبة، فان امكن نزعها، الزم ذلك، وضمن ما يحدث من نقص(24) .

ولو خشى تلفها بانتزاعها لضعفها ضمن القيمة.

وكذا لوخاط بها جرح حيوان له حرمة لم ينتزع إلا مع الامن عليه، تلفا وشينا وضمنها

___________________________________

(19)(مبادرا) اي: طار بمجرد فتح القفص(بعد مكث) اي: بعد فترة(لو دل السراق) اي: اخبرهم أن في المكان الفلاني مالا فإنه فعل حراما لكنه لايضمن المال.

(20) الوكاء: الحبل الذي يشد به القربة والكيس وغيرهما.

(21) كما لو كان سمن موضوعا في قربة مفتوحة، فحفر الارض تحت القربة فمالت وسال السمن.

(22) كأنه يضمنه لو تلف لقاعدة(مايضمن بصحيحه يضمن بفاسده)(بالسوم) اي: قبضه للشراء قبل عقد البيع(بالاجارة الفاسدة) كمن استأجر دارا مجهولة، او ثمن مجهول فإن الاجارة فاسدة فإذا استفاد من الدار كان عليه اجرة المثل.

(23) اي: الخشبة المغصوبة تجعل في اساس او وسط البناء، فيجب ردها ولو استلزم خراب البناء وكذا في السفينة(ولا يلزم المالك) فلو قالوا للمالك نعطيك قيمة الخشبة فله الحق ان لايقبل ويطلب عين خشبته(الدخن)، بالفارسية ارزن(الذرة) بالفارسية زرت، لان حياتهما متشابهة ومتقاربة الحجم.

(24) نقص في الخيوط، كما لو استلزم تقطعا قليلا فيها(تلفها) اي: تقطعا كثيرا بحيث لا يستفاد منها(له حرمة) مثل له بعضهم بغير المأكول الذي اذا ذبح لاجل اخراج الخيوط لا يستفاد من لحمه، او المأكول الذي ليس للغاصب، وأما اذا كان للغاصب فيجب عليه ذبحه واخراج الخيوط منه(تلفا وشينا) اي: موتا واذية.

٣٢

ولو حدث في المغصوب عيب، مثل تسويس(25) التمر أو تخريق الثوب رده مع الارش.

ولو كان العيب غير مستقر كعفن الحنطة، قال الشيخ: يضمن قيمة المغصوب.

ولو قيل: برد العين مع أرش العيب الحاصل، ثم كلما ازداد عيبا دفع أرش الزيادة، كان حسنا.

ولو كان بحاله(26) رده، ولا يضمن تفاوت القيمة السوقية.

فإن تلف المغصوب، ضمنه الغاصب بمثله إن كان مثليا، وهو ما يتساوى قيمة اجزائه(27) .

فإن تعذر المثل، ضمن قيمته يوم الاقباض، لا يوم الاعواز(28) .

ولو أعوز، فحكم الحاكم بالقيمة، فزادت أو نقصت(29) ، لم يلزم ما حكم به الحاكم، وحكم بالقيمة وقت تسليمها، لان الثابت في الذمة ليس الا المثل.

وان لم يكن مثليا، ضمن قيمته يوم غصبه، وهو اختيار الاكثر وقال في المسبوط والخلاف: يضمن أعلى القيم، من حين الغصب إلى حين التلف(30) ، وهو حسن.

ولا عبرة بزيادة القيمة ولا بنقصانها بعد ذلك على تردد.

___________________________________

(25) اي: حدوث الدود او نحوه في التمر(غير مستقر) بل في ازدياد حتى يتلف(كعفن الحنطة) لان الحنطة اذا تعفنت لا تصلح بل تفسد شيئا فشيئا.

(26) يعني: لو كان المغصوب لم يتغير ولكن تغيرت قيمته السوقية، كالذهب غصبه حيث كانت قيمته ألف دينار ورده حي كانت قيمته مئة دينار.

(27) هذا تعريف للمثلي ومعنى ذلك: ان تكون نسبة قيمة الجزء إلى قيمة الكل كنسبة نفس الجزء إلى نفس الكل، مثلا: الحنطة مثلية، لان قيمة كيس منها اذا كانت دينارا، تكون قيمة نصف كيسها نصف دينار، وقيمة ربع كيسها ربع دينار، وقيمة ثلث كيسها ثلث دينار وقيمة عشر كيسها عشر دينار وهكذا(بخلاف) الكتاب فإنه قيمي لامثلي، لان قيمة كتاب اذا كان دينارا، فليس قيمة نصف ذاك الكتاب نصف دينار، وقيمة ربع ذاك الكتاب ربع دينار، فلا تتساوى قيمة الجزء مع نفس الجزء.

(28) يوم(الاقباض) اي: اعطاء قيمة المغصوب إلى المالك(الاعواز) اي: تعذر وجود المثل، مثلا لو غصب زيد كيس حنطة من عمرو اول شعبان، وقد تعذر وجود الحنطة في نصف شعبان، وأراد اعطاء القيمة لعمرو آخر شعبان، سمى اول شعبان يوم الغصب، ونصف شعبان يوم الاعواز، وآخر شعبان يوم الاقباض.

فيجب على زيد اعطاء قيمة كيس حنطة في آخر شعبان، سواء كانت قيمته آخر شعبان اكثر أو أقل من قيمته نصف شعبان.

(29) اي: زادت القيمة او نقصت بعد حكم الحاكم وقيل الاقباض(لان الثابت) يعني: مادام لم يدفع الغاصب القيمة ففي ذمته مثل الحنطة لا قيمتها، وانها ينتقل إلى القيمة عند اعطاء القيمة، فيجب مراعاة قيمة ذاك الوقت.

(30) مثلا: لو غصب خروفا اول الشهر وذبحه ثالث الشهر، وكانت قيمته اول الشهر عشرة وثاني الشهر خمسة عشر، وثالث الشهر عشرين، ضمن العشرين، او صارت قيمته ثاني الشهر ثمانية وثالث الشهر خمسة ضمن عشرة، او كانت قيمته ثاني الشهر خمسة عشر ثالث الشهر ثلاثة عشر ضمن خمسة عشر وهكذا(بعد ذلك) اي: بعد الثلث وقيل دفع القيمة، لان القيمة استقرت في الذمة فلا تزيد ولا تنقص.

٣٣

والذهب والفضة يضمنان بمثلهما(31) ، وقال الشيخ: يضمنان بنقد البلد كمالو اتلف ما لا مثل له.

ولو تعذر المثل، فإن كان نقد البلد مخالفا للمضمون في الجنس، ضمنه بالنقد.

وإن كان من جنسه، اتفق المضمون والنقد وزنا، صح، وإن كان احدهما أكثر(32) ، قوم بغير جنسه ليسلم من الربا.

ولا تظنن أن الربا يختص بالبيع، بل هو ثابت في كل معاوضة على ربوبيين(33) ، متفقي الجنس.

ولو كان في المغصوب صنعة، لها قيمة غالبا(34) ، كان على الغاصب مثل الاصل وقيمة الصنعة.

وإن زاد عن الاصل، ربويا كان أوغير ربوي، لان للصنعة قيمة تظهر لو ازيلت عدوانا، ولو من غير غصب وان كانت الصنعة محرمة، لم يضمن.

ولو كان المغصوب دابة، فجنى عليها الغاصب أو غيره، أو عابت من قبل الله سبحانه، ردها مع أرش النقصان(35) .

وتتساوى بهيمة القاضي وغيره في الارش، ولا تقدير في قيمة شئ من أعضاء الدابة، بل يرجع إلى الارش السوقي.

وروي: في عين الدابة(36) ربع قيمتها.

وحكى الشيخ في المبسوط والخلاف عن الاصحاب، في عين الدابة نصف قيمتها، وفي العينين كمال قيمتها.

وكذا كل ما في البدن منه أثنان، والرجوع إلى الارش السوقي أشبه.

ولو غصب عبدا أو أمة فقتله، او قتله قاتل، ضمن قيمته، ما لم تتجاوز قيمته دية

___________________________________

(31) فإنهما مثليان، لان نسبه اجزاء قيمتها إلى الكل نسبة واحدة، فلو كانت قيمة الذهب اربعة دنانير فنصف مثقال منه ديناران، وربعه دينار واحد، وهكذا الفضة(ولو تعذر المثل) كما لو اتلف مثقال ذهب لشخص ثم لم يكن ذهب ليعطيه(في الجنس) كهذه الازمان التي نقد البلاد فيها غالبا اوراق مالية.

(32) كما لو اتلف مثقال ذهب قيمته اربعة دنانير ونقد البلد ذهب مسكوك اقل من مثقاله اربعة دنانير، فلو اعطاه ما يعادل اربعة دنانير كان ذهبه اقل فيلزم الربا، وان اعطاه بوزن المتلف كانت قيمته اربعة دنانير ولايجب عليه إلا دفع قيمته لا اكثر(بغير جنسه) اي: اعطى من غير الذهب من الفضة او العروض او غيرها بما يعادل اربعة دنانير.

(33) مما يكون بيعهم بالكيل او الوزن، مع زيادة أحدهما على الآخر.

(34) كما لو كان ذهبا مصاغا بحيث كان عين الذهب فيه قيمتها اربعة دنانير ودينار آخر لصياغته، وجب عليه - على رأي المصنف دفع خمسة دنانير، او ما يعادل الخمسة دنانير من الذهب وان كان ذهبا اكثر من المغصوب(ولو من غير غصب) يعني: الازالة لم تكن بغصب بل بمباشرة الاتلاف، او التسبيب(محرمة) كما لو كان الذهب آنية(لم يضمن) قيمة صياغة الآنية فلو اتلف آنية ذهب وكانت قيمة ذهبها عشرين دينارا وقيمة صياغة آنية ثلاثين والمجموع خمسون ضمن العشرين فقط.

(35) اي: قيمة النقصان، فلو انكسرت رجلها، وكانت قيمتها صحيحة مئة وقيمتها مكسورة الرجل ثمانين ضمن عشرين(بهيمة القاضي) فليس وصف كونها بهيمة القاضي موجبا لزيادة ارشها وان كانت الرغبة فيها اكثر.

(36) اي: عين واحدة(اثنان) كالرجل، واليد، والبضعة، والكتف، والاذن ونحوها ففي واحدتها نصف القيمة، وفي كليهما القيمة كاملة.

٣٤

الحر(37) ، ولو تجاوزت لم يضمن الزيادة ولو قيل: يضمن الزائد بسبب الغصب، كان حسنا.

ولا يضمن القاتل غير الغاصب سوى قيمته مالم يتجاوز عن دية الحر.ولو تجاوزت عن دية الحر، ردت اليه.

فإن زاد الارش عن الجناية، طولب الغاصب بالزيادة دون الجاني.اما لو مات في يده(38) ، ضمن قيمته، ولو تجاوزت دية الحر.ولو جنى الغاصب عليه، بما دون النفس، فان كانت تمثيلا، قال الشيخ: عتق وعليه قيمته، وفيه تردد ينشأ من الاقتصار بالعتق في التمثيل على مباشرة المولى.وكل جناية ديتها مقدرة في الحر(39) ، فهي مقدرة في المملوك بحساب قيمته.وما ليست بمقدرة في الحر، ففيها الحكومة.

ولو قيل: يلزم الغاصب أكثر الامرين، من المقدر والارش، كان حسنا.

أما لو استغرقت ديته قيمته، قال الشيخ: كان المالك مخيرا، بين تسليمه واخذ القيمة وبين إمساكه ولا شئ له، تسوية بين الغاصب في الجناية وغيره(40) ، وفيه تردد.

ولو زادت قيمة المملوك بالجناية، كالخصاء(41) أو قطع الاصبع الزائدة رده مع دية الجناية، لانها مقدرة.

___________________________________

(37) دية الحر الف دينار ذهب، او عشرة الاف درهم فضة، او ألف غنم، او مئة بعير، او مئتا بقرة، او مئتا حلة،(ولا يضمن القاتل) كمن قتل خطأ او نحوه(ردت اليه) اي: إلى الحر(وان زاد الارش عن الجناية) كما لو قلع عينيه وقطع يده - على قول بتمام القيمة في العينين ونصفها في يد واحدة - فالمجموع قيمة ونصف(طولب الغاصب) يعني: لو كان غاصبا اخذت منه تمام القيمة ونصفها معا، والا اخذ النقص القيمي الحاصل بسبب ذلك.

(38) اي: مات العبد او الامة في يد الغاصب(ولو تجاوزت) يعني: حتى ولو كانت قيمته اكثر من دية الحر(بما دون النفس) اي: بجناية لم يمت منها(تمثيلا) كقطع انفه، او صلم اذنه ونحوهما(على مباشرة المولى) يعني: إذا كان المثل هو المولى عتق وإلا فلا يعتق بتمثيل غير المولى.

(39) فكما أن في يد الحر نصف ديته كذلك في يد العبد نصف قيمته، فإن كانت قيمته ثمانين ففي يده اربعين، وكما أن في اصبع واحدة من الحر عشر ديته كذلك في اصبع العبد عشر قيمته، فالثمانين عشرها ثمانية، وهكذا(بمقدرة في الحر) كقلع اصغره، او كسر يده، او نحوهما(والارش) مقدار نقص قيمته في العبد او الامة، فلو قلع عيني العبد فإن نقص قيمته اكثر من النصف فعليه نقص القيمة، وان نقص أقل من النصف فعليه نصف القيمة.

(40) فإن غير الغاصب او جنى جناية مستوعبة للقيمة كان على مالك العبد او الامة ذلك لكي لايجتمع بين العوض والمعوض كما كما قالوا(وفيه تردد) لاحتمال ان يؤخذ الغاصب باشق الاحوال فتؤخذ منه الارش المستوعب للقيمة ولايدفع له العبد.

(41) وهو قطع البيضتين، لانه يؤمن معه من حمل المرأة بدخوله عليها، وكان بعض الملوك سابقا يرغب في مثل هذا العبد اكثر لانه كان يرسله في حرمه ولايخشى الفضيحة أن تجاوز على الحرم، كما انه يقوى بالخصاء ايضا فيكون اقدر في محل الاثقال ونحوه(لانها مقدرة ففي قطع البيضتين تمام القيمة، وفي الاصبع الزائدة ثلث قيمة الاصبع الصحيحة.

٣٥

والبحث في المدبر(42) والمكاتب المشروط وام الولد كالبحث في القن.

وإذا تعذر تسليم المغصوب(43) ، دفع الغاصب البدل، ويملكه المغصوب منه، ولا يملك الغاصب العين المغصوبة.

ولو عادت، كان لكل منهما الرجوع، وعلى الغاصب الاجرة، إن كان مما له اجرة في العادة، من حين الغصب إلى حين دفع البدل.

وقيل: إلى حين إعاده المغصوب، والاول أشبه.

ولو غصب شيئين، ينقص قيمة كل واحد منهما إذا انفرد عن صاحبه، كالخفين فتلف أحدهما يضمن التالف بقيمته مجتمعا(44) ، ورد الباقي وما نقص عن قيمته بالانفراد.وكذا لوشق ثوبا نصفين، فنقصت قيمة كل واحد منهما بالشق، ثم تلف احدهما.

اما لو اخذ فردامن خفين يساويان عشرة، فتلف في يده وبقي الاخر في يد المالك، ناقصا عن قيمته بسبب الانفراد، رد قيمته التالف لوكان منضما إلى صاحبه(45) .وفي ضمان ما نقص عن قيمة الاخر تردد.

ولا يملك العين المغصوبة بتغيرها واخراجها عن الاسم والمنفعة، سواء كان ذلك بفعل الغاصب او فعل غيره، كالحنطة تطحن والكتان يغزل وينسج.

ولو غصب مأكولا فأطعمه المالك، أو شاة فاسدعاه(46) ذبحها مع جهل المالك، ضمن الغاصب.

وإن أطعمه غيره، قيل: يغرم أيهما شاء لكن إن أغرم الغاصب لم يرجع إلى الاكل، وان اغرم الآكل رجع الآكل على الغاصب لغروره، وقيل: بل يضمن

___________________________________

(42) هو العبد او الامة الذي قال له المولى(انت حر بعد وفاتي)(المكاتب المشروط) هو الذي قرر معه المولى ان يدفع للمولى تمام قيمة نفسه ثم بعد دفع التمام يتحرر، بحيث لو دفع اكثر القيمة وبقي الاقل لايتحرر ربعه وهكذا -(وام الولد) وهي التي وطأها المولى فحملت منه حيث انها تتحرر بعد وفاة المولى من نصيب ولدها(كالبحث في القن) يعني حكم هؤلاء الثلاثة حكم العبد الخالص في الارش والقيمة والجناية عليه.

(43) كما لو سقط المغصوب في البحر(ويملكه) اي: يملك البدل(ولو عادت) كما لو خرجت العين من البحر اتفاقا(كان لكل منهما) فللغاصب استرجاع البدل، وللمالك استرجاع المغصوب(الاجرة) كما لو كان المغصوب ابريقا وكانت اجرته كل يوم درهما، واستمر خمسة أيام - إلى حين دفع البدل والى حين اخراجه من البحر على الخلاف - فعلى الغاصب خمسة دراهم.

(44) مثلا قيمة الخفين معا دينار، فكل واحدة نصف دينار اذا كانتا معا، وقيمة كل واحدة وحدها بدون الآخر ربع دينار، فيجب عليه - لو غصبهما وتلف واحدة - ان يعطي للمالك نصف دينار عن الفردة التالفة، وربع دينار مع الفردة الاخرى وهذا المبلغ قيمة نقص الثانية بتلف الاولى.

(45) في مثالنا الالف نصف دينار(ما نقص) وهو ربع دينار في مثالنا الانف(تردد) وجه التردد احتمال الضمان لان بسببه حصل هذا النقص، واحتمال عدم الضمان لانه لم يغصب سوى فردة واحدة وليس عليه مالم يغصبه.

(46) اي: طلب من المالك ان يذبحها(لغروره) اي: لكون الاكل جاهدا بالغصب، لقاعدة(المغرور يرجع إلى من غره)(بمظانة) اي: في محل.

٣٦

الغاصب من رأس، ولا ضمان على الآكل، لان فعل المباشر ضعيف عن التضمين بمظانة الاغترار، وكان السبب أقوى.ولو غصب فحلا، فأنزاه على الانثى، كان الولد لصاحب الانثى وان كانت للغاصب(47) .

ولو نقص الفحل بالضراب، ضمن الغاصب النقص وعليه اجرة الضراب.

وقال الشيخ في المبسوط: لا يضمن الاجرة، والاول أشبه لانها عندنا ليست محرمة.

ولو غصب ماله أجرة، وبقي في يده حتى نقص، كالثوب يخلق والدابة تهزل، لزمه الاجرة والارش ولم يتداخلا، سواء كان النقصان بسبب الاستعمال أو لم يكن(48) .

ولو أغلى الزيت فنقص ضمن النقصان.

ولو أغلى عصيرا فنقص وزنه، قال الشيخ: لا يلزمه ضمان النقيصة لانها نقيصة الرطوبة التي لا قيمة لها، بخلاف الاولى وفي الفرق تردد.

النظر الثالث في اللواحق:

وهي نوعان

النوع الاول: في لواحق الاحكام:

وهي مسائل:

الاولى: إذا زادت قيمة المغصوب بفعل الغاصب، فإن كانت أثرا(49) كتعليم الصنعة وخياطة الثوب ونسج الغزل وطحن الطعام، رده ولا شئ له.ولو نقصت قيمته بشئ من ذلك، ضمن الارش.وإن كان عينا(50) ، كان له اخذها واعادة المغصوب وارشه لو نقص.ولو صبغ الثوب كان له ازالة الصبغ، بشرط ضمان الارش إن نقص الثوب.

ولصاحب الثوب ازالته

___________________________________

(47) يعني: حتى وان كانت الانثى للغاصب(ولو نقص) اي: اصابه ضعف او هزال او غيرهما(الضراب) اي: الجماع(لانها) اي: اجرة الضراب(عندنا) نحن الشيعة.

(48) بل كان بسبب البقاء مدة، او بهبوب الرياح وحرارة الشمس وقلة الاكل في الدابة او تمرضها او غير ذلك(فنقص) وزنه، اونقصت قيمته(بخلاف الاولى) يعني الزيت.

(49) اي لا عينا(كتعليم الصنعة) للعبد او الامة اللذين غصبهما(من ذلك) كتعليمه السباب القبيحة والعادات السيئة مما تنقص قيمته، او اذا نقصت قيمة الطعام بالطحن وهكذا(الارش) اي: الفرق بين القيمة التامة والقيمة الناقصة.

(50) كالارض غصبها وغرس فيها غرسا(لو نقص) كما لو نقصت قيمة الارض لاجل الغرس فيها.

٣٧

أيضا، لانه في ملكه بغير حق.ولو أراد احدهما ما لصاحبه بقيمته(51) ، لم يجب على احدهما إجابة الآخر.وكذا لو وهب احدهما لصاحبه لم يجب على الموهوب له القبول.ثم يشتركان، فان لم ينقص قيمة مالهما فالحاصل لهما وإن زادت فكذلك(52) .ولو زادت قيمة احدهما كانت الزيادة لصاحبها.

وإن نقصت قيمة الثوب بالصبغ، لزم الغاصب الارش، ولا يلزم المالك ما ينقص من قيمة الصبغ(53) ولو بيع مصبوغا بنقصان عن قيمة الصبغ(54) ، لم يستحق الغاصب شيئا، الا بعد توفية المغصوب منه قيمة ثوبه على الكمال.

ولو بيع مصبوغا بنقصان عن قيمة الثوب، لزم الغاصب إتمام قيمته.

الثانية: إذا غصب دهنا كالزيت أو السمن، فخلطه بمثله، فهما شريكان.

وإن خلطه بأدون أو أجود، قيل: يضمن المثل، لتعذر تسليم العين، وقيل: يكون شريكا في فضل الجودة، ويضمن المثل في فضل الرداء‌ة، الا ان يرضى المالك باخذ العين.

اما لو خلطه بغير جنسه(55) لكان مستهلكا، وضمن المثل.

الثالثة: فوائد المغصوب مضمونة بالغصب، وهي مملوكة للمغصوب منه، وإن تجددت في يد الغاصب، أعيانا كانت كاللبن والشعير والوبر والثمر، أو منافع كسكنى الدار وركوب الدابة.وكذا منفعة كل ماله اجرة بالعادة.

ولو سمنت الدابة في يد الغاصب او تعلم المملوك صنعة أو علما فزادت قيمته، ضمن الغاصب تلك الزيادة، فلو هزلت أو نسي الصنعة، أو ما علمه، فنقصت القيمة لذلك، ضمن الارض وان رد العين(56) .

وإن تلف، ضمن قيمة الاصل والزيادة.

فرعان:

الاول: لو زادت القيمة لزيادة صفة ثم زالت الصفة، ثم عادت الصفة والقيمة، لم

___________________________________

(51) كما لو قال صاحب الارض لصاحب الغرس بعين الغرس، او بالعكس(القول) كما لو وهب صاحب الغرس غرسه لصاحب الارض لم يجب عليه قبول الهبة، بل كان له الحق في ان يلزمه بنزع غرسه وعليه ارش الارض لسبب هذا النزع.

(52) اي: الزيادة لهما ايضا، كما لو زادت قيمة الارض بسبب وجود الزرع فيها، وزادت قيمة الزرع بسبب وجوده في هذه الارض - مثلا: كانت تلك ارضا متبركا بها -(53) لان مالك الثوب لم يكن السبب في هذا النقص حتى يضمنه.

(54) كما لو كانت قيمة الثوب وحده عشرة، وقيمة الصبغ وحده خمسة، فبيع الثوب مع الصبغ باثني عشر، فالثلاثة خسارة على صاحب الصبغ(عن قيمة الثوب) كما لو بيع - في المثال - بثمانية.

(55) كما لو خلط الدهن بالشيرج.

(56) يعني: حتى وان رد العين.

٣٨

يضمن قيمة الزيادة التالفة، لانها انجبرت بالثانية.ولو نقصت الثانية عن قيمة الاولى، ضمن التفاوت.

أما لو تجددت صفة غيرها، مثل ان سمنت فزادت قيمتها، ردها وما نقص بفوات الاولى.

الثاني: لا يضمن من الزيادة المتصلة ما لم تزد بها القيمة، كالسمن المفرط إذا زال، والقيمة على حالها أو زائدة(57) .

المسألة الرابعة: لا يملك المشتري ما يقبضه بالبيع الفاسد، ويضمنه.

ما يتجدد من منافعه، وما يزداد من قيمته، لزيادة صفة فيه فإن تلفت في يده، ضمن العين باعلى القيم، من حين قبضه إلى حين تلفه إن لم يكن مثليا(58) .

ولو اشترى من غاصب، ضمن العين والمنافع، ولا يرجع على الغاصب إن كان عالما(59) وللمالك الرجوع على أيهما شاء على الغاصب، رجع الغاصب على المشتري وإن رجع على المشتري، لم يرجع على الغاصب لاستقرار التلف في يده(60) .

وإن كان المشتري جاهلا بالغصب، رجع على البائع بما دفع من الثمن، وللمالك المطالبة بالدرك(61) ، إما مثلا او قيمة، ولا يرجع المشتري بذلك على الغاصب، لانه قبض ذلك مضمونا.ولو طالب الغاصب بذلك، رجع الغاصب على المشتري.

ولو طالب المشتري لم يرجع على الغاصب وما يغترمه المشترى، مما لم يحصل له في مقابلته نفع، كالنفقة والعمارة(62) ، فله الرجوع به على البائع.

ولو اولدها المشتري كان حرا، وغرم قيمة الولد(63) ، ويرجع بها على البائع وقيل: في هذه: له

___________________________________

(57) اي: او كانت القيمة بالهزال زائدة عن القيمة وقت تلك السمنة.

(58) كالسكر والحنطة، والارز ونحوها من المثليات والا ضمن مثلها.

(59) يعني: لو اشترى كتابا مغصوبا وهو يعلم بأنه مغصوب، فجاء المالك واخذ الكتاب منه، فليس له ان يرجع إلى الغاصب ويأخذ ثمن الكتاب منه، لانه سلط الغاصب على ماله مجانا.

(60) اي: في يد المشتري(بما دفع من الثمن) للمالك، سواء كان مساويا او اقل اواكثر من الثمن الذي دفعه للبائع الغاصب، فلو اشترى الخروف المغصوب - جاهلا بالغصب بدينار واكله ثم جاء المالك الواقعي للخروف واخذ منه نصف دينار، او دينارا، او دينارين أخذ ذلك من الغاصب البائع.

(61) الدرك بدل التلف، يعني: لو كان المغصوب قد تلف عند المشتري او نقص فللمالك مطالبته ببدل التالف وبدل النقص وان كان المشتري جاهلا بالغصب، وليس للمشتري الرجوع على الغاصب بازيد مما دفعه إلى الغاصب، لا بشيئين: ما دفعه، والدرك، لان المشتري حصل في مقابل ذلك شيئا بعد المغصوب الذي تلف عنده او نقص عنده(رجع الغاصب على المشتري) لان الغاصب ليس عليه ان يخسر ماربحه المشتري او اتلفه.

(62) كنفقة العبد او الدابة.وعمارة البيت والبستان والارض ونحوهما.

(63) اي: اعطى قيمة الولد للمالك، وقيمة الولد الحر هو ان يعتبر قنا ويقوم(في هذه) وهي مسألة لاستيلاد(وفيه احتمال آخر) وهو كما في المسالك: الحاق الاستيلاد بما حصل المشتري في مقابلة نفع لان حرية الولد نفع للمشتري.

) 64)وما حصل المشتري في مقابلته نفعا فيه قولان كما سيأتي عند رقم.

٣٩

مطالبة ايهما شاء.لكن لو طالب المشتري، رجع على البائع. ولو طالب البائع، لم يرجع على المشتري، وفيه احتمال آخر.اما ما حصل للمشترى في مقابلته نفع، كسكنى الدار وثمرة الشجرة والصوف واللبن، فقد قيل: يضمنه الغاصب لا غير، لانه سبب الاتلاف.

ومباشرة المشترى مع الغرور ضعيفة، فيكون السبب أقوى كما لو غصب طعاما وأطعمه المالك.

وقيل: له(64) إلزام أيهما شاء، اما الغاصب فلمكان الحيلولة، واما المشتري فلمباشرة الاتلاف.

فإن رجع على الغاصب، رجع على المشتري، لاستقرار التلف في يده.وإن رجع على المشتري، لم يرجع على الغاصب والاول أشبه.

الخامسة: لو غصب مملوكة فوطأها فإن كانا(65) جاهلين بالتحريم لزمه مهر امثالها للشبهة.

وقيل: عشر قيمتها إن كانت بكرا ونصف العشر إن كانت ثيبا. وربما قصر بعض الاصحاب هذا الحكم، على الوطء بعقد الشبهة.فلو افتضها(66) باصبعه، لزمه دية البكارة ولو وطأها مع ذلك، لزمه الامران، وعليه اجرة مثلها(67) ، من حين غصبها إلى حين عودها ولو احبلها، لحق به الولد، وعليه قيمته يوم سقط حيا، وارش ما ينقص من الامة بالولادة.

ولو سقط ميتا، قال الشيخ: " لم يضمنه لعدم العلم بحياته(68) ، وفيه إشكال ينشأ من تضمين الاجنبي.

وفرق الشيخ: بين وقوعه بالجناية، وبين وقوعه بغير جناية(69) .

ولو ضربها أجنبي فسقط، ضمن الضارب للغاصب دية جنين حر(70) ، وضمن

___________________________________

(64) اي: للمالك(الحيلولة) لان الغاصب حال بين المالك وملكه بالغصب(والاول أشبه) وهو ضمان الغاصب لاغير مطلقا.

(65) الغاصب والامة.

(66) اي: ادخل اصبعه في فرجها وخرق بكارتها باصبعه، والمقصود بالاصبع ليس خصوصها بل مطلق ازالة البكارة بغير الوطء(دية البكارة) وهي اما عشر قيمتها، او التفاوت بين قيمتها باكرة او ثيبة، او اكثر الامرين - على الخلاف -(لزمه الامران) دية البكارة، مع مهر امثالها، او العشر ونصف العشر، فإن عدت باكرة فالعشر، وان عدت ثيبا بالاقتصاص بغير الوطء فنصف العشر.

(67) اي: مثل هذه الامة كل يوم كم تكون اجرتها؟ وكم يوما كانت مغصوبة؟(لحق به) بالغاصب الواطئ(ما ينقص من الامة بالولادة) لانها تصنفت، او تنزف دما كثيرا وتمرض او تجرح بالولادة فتقل قيمتها.

(68) يعني: لانه لايعلم هل كان حيا ومات، او كان ميتا(تضمين الاجنبي) يعني: لو جنى اجنبي عليها فسقط ميتا هنا ايضا لايعلم حياته، فكيف يقال بضمان الاجنبي الجاني، فكذلك هنا.

(69) فإن وقع الولد ميتا بدون جناية على امه لم يضمن الغاصب قيمة الولد، وان جنى الغاصب عليها بضرب او غيره فسقط الولد ميتا ضمن قيمته(فسقط) اي: ميتا.

(70) وهي: إن كان قد نفخ فيه الروح فالف دينار - دية كاملة - وقبله فمئة بعد كمال الخلق وقبل نفخ الروح - وثمانون اذا كان عظاما، وستون اذا كان مضغة، واربعون إذا كان علقة، وعشرون اذا كان بعد نطفة، وفيها اقوال اخرى يأتي تفاصيلها في كتاب الديات، في النظر الرابع في اللواحق وهي اربعة، الاول دية الجنين فراجع هناك.

ودية جنين امه عشر قيمة امه على المشهور كما سيأتي في كتاب الديات في نفس الموضع ايضا.

٤٠