الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين

الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين0%

الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين مؤلف:
الناشر: المؤلف
تصنيف: الإمام علي بن الحسين عليه السلام
الصفحات: 413

الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد زهير الأعرجي
الناشر: المؤلف
تصنيف: الصفحات: 413
المشاهدات: 226336
تحميل: 11526

توضيحات:

الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 413 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 226336 / تحميل: 11526
الحجم الحجم الحجم
الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين

الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين

مؤلف:
الناشر: المؤلف
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الناصح فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى انبه الحسن الفاضل فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمد المستحفظ من آل محمد )(١)

الثاني : الروايات التي وردت في إمامة علي بن الحسينعليه‌السلام خاصة ، وقد ذكرنا قسماً منها في الفصل الأول ولكن الإستدلال يحتم علينا ذكرها هنا أيضاً ، وهي :

١ ـ عن الزهري قال : ( كنا عند جابر فدخل عليه علي بن الحسينعليه‌السلام ، فقال : كنت عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدخل عليه الحسين بن عليعليه‌السلام فضمّه إلى صدره وقبلّه وأقعهده إلى جنبه ثم قال : يولد لإبني هذا ابن يقال له علي ، إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ من بطنان العرش : ليقم سيد العابدين فيقوم هو )(٢)

٢ ـ عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : ( ان الحسين بن عليعليه‌السلام لما حضره الذي حضره دعا ابنته الكبرى فاطمة بنت الحسينعليه‌السلام فدفع إليها كتاباً ملفوفاً ووصية ظاهرةً وكان علي بن الحسين مبطوناً(٣) معهم لا يرون إلا ما ألّم به ، فدفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسينعليه‌السلام ثم صار والله ذلك الكتاب إلينا يا زياد ! قال : قلت : ما في ذلك الكتاب جعلني الله فداك ؟ قال : فيه والله ما يحتاج إليه ولد آدم منذ

ــــــــــــــــ

(١) الغيبة للطوسي ص ١٠٥ ، ومختصر البصائر ص ٣٩ ط النجف .

(٢) كفاية الطالب للكنجي ص ٤٤٨ .

(٣) المبطون : عليل البطن .

١٤١

خلق الله آدم إلى أن تفنى الدنيا والله إن فيه الحدود حتى أن فيه أرش الخدش ((١) .

٣ ـ عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : ( ان الحسين صلوات الله عليه لما صار إلى العراق استودع أم سلمة رضي الله عنها الكتب والوصية ، فلما رجع علي بن الحسينعليه‌السلام دفعتها إليه )(٢)

٤ ـ روى المجلسي بإسناده عن محمد بن مسلم قال : ( سألت الصادق جعفر بن محمدعليه‌السلام عن خاتم الحسين بن عليعليه‌السلام إلى من صار ، وذكرت له اني سمعت أنه أخذ من اصبعه فيما أخذ قالعليه‌السلام : ليس كما قالوا ، ان الحسين أوصى إلى ابنه علي بن الحسينعليه‌السلام وجعل خاتمه في اصبعه وفوّض إليه أمره كما فعله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأمير المؤمنينعليه‌السلام ، وفعله أمير المؤمنين بالحسينعليه‌السلام ، وفعله الحسن بالحسينعليه‌السلام ، ثم صار ذلك الخاتم إلى أبي بعد أبيه ، ومنه صار إلي فهو عندي وإني لألبسه كل جمعة وأصلي فيه ) قال محمد بن مسلم : فدخلت إليه يوم الجمعة وهو يصلي فلما فرغ من الصلاة مدّ إلي يده ، فرأيت في إصبعه خاتماً نقشه لا إله إلاّ الله عدّة للقاء الله فقال : هذا خاتم جدي أبي عبد الله الحسين بن علي )(٣)

ــــــــــــــــ

(١) الكافي ـ باب الإشارة والنص على علي بن الحسينعليه‌السلام ج ١ ص ٢٤١ .

(٢) المصدر السابق ج ١ ص ٢٤٢ .

(٣) بحار الأنوار ج ٤٦ ص ١٧ .

١٤٢

صفات الأئمةعليه‌السلام

وكان الإمام زين العابدينعليه‌السلام ينبّه الأمة ويرشدها إلى فكرة الإمامة وصفات الإمامعليه‌السلام

١ ـ قالعليه‌السلام بخصوص وصف أئمة أهل البيتعليه‌السلام : ( نحن أئمة المسلمين ، وحجج الله على العالمين ، وسادة المؤمنين ، وقادة الغرّ المحجلين ، وموالي المؤمنين ، ونحن أمان أهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء ، وبنا السماء أن تقع على الأرض إلا بأذنه ، وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها ، ولم تخل الأرض منذ خلق الأرض من حجة لله مشهور أو غائب مستور ، ولا تخلو الأرض إلى أن تقوم الساعة من حجة لله فيها ، ولو لا ذلك لم يعبد الله ) فقيل له : كيف ينتفع الناس بالغائب المستور ؟ فقالعليه‌السلام : ( كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب )(١)

٢ ـ وبخصوص الدعاء لهمعليه‌السلام ، قال : ( ربّ صلّ على أطايب أهل بيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذين اخترتهم لأمرك ، وجعلتهم خزنة علمك ، وحفظة دينك ، وخلفاءك في أرضك ، وحججك على عبادك ، وطهرتهم من الرجس والدنس تطهيراً بإرادتك ، وجعلتهم الوسيلة إليك ، والمسلك إلى جنتك ربّ صلّ على محمدٍ وآله صلاةً تجزل لهم بها من تحفك

ــــــــــــــــ

(١) أمالي الصدوق ص ١١٢ .

١٤٣

وكرامتك ، وتكمل لهم الأشياء من عطاياك ونوافلك(١) ، وتوّفر عليهم الحظّ من عوائدك وفوائدك ربّ صلّ عليه وعليهم صلاةً لا أمد في أولها ، ولا غاية لأمدها ، ولا نهاية لآخرها ربّ صلّ عليهم زنة عرشك وما دونه ، وملء سمواتك وما فوقهنّ ، وعدد أراضيك وما تحتهنّ وما بينهنّ ، صلاةً تقربهم منك زلفى ، وتكون لك ولهم رضى ، ومتصلة بنظائرهن أبداً )(٢)

٣ ـ ( نحن خلفاء الأرض ، ونحن أولى الناس بالله ، ونحن المخصوصون في كتاب الله ، ونحن أولى الناس بالله ، ونحن الذين شرع الله لنا دينه ، فقال : (( شَرَعَ لَكُم مِنَ الدّينِ مَا وَصّى‏ بِهِ نُوحاً وَالّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى‏ وَعِيسَى‏ أَنْ أَقِيمُوا الدّينَ وَلَا تَتَفَرّقُوا فِيهِ ) ...)(٣) فقد علمنا ، وبلّغنا واستودعنا علمهم ، ونحن ورثة الأنبياء ، ونحن ذرية أولي العلم ، أن أقيموا الدين بآل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا تتفرقوا فيه )(٤)

٤ ـ وبخصوص وجوب طاعة الإمام : ( اللهم إنك أيدت دينك في كل أوان بإمام أقمته علماً لعبادك ، ومناراً في بلادك(٥) ، بعد أن وصلت

ــــــــــــــــ

(١) الناقلة : العطية الفاضلة .

(٢) الصحيفة السجادية الدعاء السابع والأربعون ص ٢٠٨ .

(٣) سورة الشورى : الآية ١٣ .

(٤) ناسخ التواريخ ج ٢ ص ٤٩ .

(٥) المتار : موضع يوضع عليه المصباح ليلاً ليراه المار بالطريق فيعرف موضعه منه .

١٤٤

حبله بحبلك ، وجعلته الذريعة إلى رضوانك ، وافترضت طاعته ، وحذّرت معصيته ، وأمرت بامتثال أوامره ، والانتهاء عند نهيه ، وألاّ يتقدمه متقدمٌ ، ولا يتأخر عنه متأخرٌ ، فهو عصمة اللائذين ، وكهف المؤمنين ، وعروة المستمسكين ، وبهاء العالمين .

اللهم فأوزع لوليّك(١) شكر ما أنعمت به عليه ، وأوزعنا مثله فيه ، وآته من لدنك سلطاناً نصيراً ، وافتح له فتحاً يسيراً ، وأعنه بركنك الأعزّ ، وأشدد أزره ، وقوّ عضده ، وراعه بعينك ، واحمه بحفظك ، وانصره بملائكتك ، وأمدده بجندك الأغلب ، وأقم به كتابك ، وحدودك وشرائعك ، وسنن رسولك صلواتك اللهم عليه وآله ، وأحي به ما أماته الظالمون من معالم دينك وأجل به صدأ الجور عن طريقتك ، وأبن به الضراء من سبيلك ، وأزل به الناكبين عن صراطك ، وامحق به بغاة قصدك عوجاً ، وألن جانبه لأوليائك ، وابسط يده على أعدائك ، وهب لنا رأفته ورحمته وتعطفه وتحننه ، واجعلنا له سامعين مطيعين ، وفي رضاه ساعين ، وإلى نصرته والمدافعة

ــــــــــــــــ

(١) وهو كناية عن الإمام المهدي (عج) كما في شرح الصحيفة وقال مصنف ) مكيال المكارم ) أن المراد بالولي في ألسنتهم ودعواتهم عليهم السلام هو الإمام صاحب العصر والزمان المهدي عجل الله فرجه .

١٤٥

عنه مكنفين وإليك وإلى رسولك صلواتك اللهم عليه وآله بذلك متقربين )(١)

الأفضلية

تقتضي الإمامة المطلقة ان يكون الإمام المعصوم أفضل الناس في زمانه وأكملهم من ناحية الفضائل الإنسانية والكمالات ذلك أن الإمامة الحقة رئاسة ربانية ، ويقبح عقلاً جعلها لمن هو مفضول فكيف يكون المفضول قائداً للفاضل ؟ لا يمكن ذلك وقد قال تعالى : (( أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقّ أَحَقّ أَن يُتّبَعَ أَمْ مَن لاَ يَهِدّي إِلّا أَن يُهْدَى‏ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (٢) (، و( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنّمَا يَتَذَكّرُ أُولُوا الْأَلْبَابِ ) (٣) .

وغاية الإمامة هي سوق العالم إلى الكمال المطلق والصلاح الدائم وتحصيل سعادة الدارين .

والإمام زين العابدينعليه‌السلام كان يجمع صفات الفضائل البشرية والكمالات ، فقد كانعليه‌السلام معصوماً ، أعلم الناس في زمانه بشريعة المصطفى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأحرص الناس على هدايتهم ،

ــــــــــــــــ

(١) الصحيفة السجادية : الدعاء السابع والأربعون ص ٢٠٩ .

(٢) سورة يونس : الآية ٣٥ .

(٣) سورة الزمر : الآية ٩ .

١٤٦

وأحفظهم على رعاية شؤون الأمة ، وأرقبهم لحقوق الرعية ، وأعرفهم بالسياسة الشرعية .

يقول الشيخ المفيد ( ت ٤١٣ هـ ) : كان الإمام علي بن الحسين أفضل خلق الله بعد أبيه علماً وعملاً فهو أولى بأبيه وأحق بمقامه من بعده بالفضل والنسب والأولى بالإمام الماضي أحقّ بمقامه من غيره(١)

ولو أخذنا بقول سعيد بن المسيب ، من علماء المدينة المعاصر للإمامعليه‌السلام ( ، دليلاً على أفضلية الإمام السجادعليه‌السلام كفى قال : ( ما رأيت أفضل من علي بن الحسين ، وما رأيته قط إلاّ مقت نفسي )(٣) ، و( ما رأيت أورع منه )(٤)

والزهري ، وهو فقيه بني أمية على الحجاز والشام ، يقول : ( لم أدرك في أهل البيت رجلاً كان أفضل من علي بن الحسين )(٥)

وزيد بن أسلم ، من مفسري القرآن ، يقول : ( ما رأيت مثل علي بن الحسين فهماً حافظاً )(٦)

ــــــــــــــــ

(١) الإرشاد للشيخ المفيد .

(٢) توقف العلماء المتأخرين في قدحه أو مدحه كما سيأتي في محله .

(٣) تأريخ اليعقوبي ج ٣ ص ٤٦ .

(٤) العبر في خير من غبر ج ١ ص ١١١ .

(٥) شذرات الذهب ج ١ ص ١٠٥ .

(٦) طبقات الفقهاء ج ٢ ص ٣٤ .

١٤٧

ويشير الذهبي إلى انهعليه‌السلام كان : ( أهلاً للإمامة العظمى لشرفه وسؤدده وعلمه وتألهه وكمال عقله )(١) ويشير اليعقوبي إلى انهعليه‌السلام كان : ( أفضل الناس وأشدهم عبادة )(٢) .

وهذه النعاذج تكفي للتدليل على أفضليتهعليه‌السلام في العلم والورع والتقوى في زمانه والأفضل ـ بموجب نظرية الإمامة ـ ينبغي أن يكون قائداً وإماماً للمفضول .

وقد وصفه علي بن عيسى بن أبي الفتح الأربلي ( ت ٦٩٣ هـ ) وصفاً جامعاً مانعاً رائعاً ، فقال : ( مناقب الإمام علي بن الحسين تكثر النجوم عدداً ، ويجري واصفها إلى حيث لا مدى ، وتلوح في سماء المناقب كالنجوم لمن بها اهتدى ، وكيف لا وهو يفوق العالمين إذا عدا علياً وفاطمة والحسن والحسين ومحمداً ، وهذا تقديم لسجعٍ في الطبع فلا تكن متردداً ، ومتى أعطيت الفكر حقه وجدت ما شئت فخاراً وسؤدداً ، فإنه الإمام الرباني ، والهيكل النوراني ، بدل الأبدال ، وزاهد الزهاد ، وقطب الأقطاب ، وعابد العباد ، ونور مشكاة الرسالة ، ونقطة دايرة الإمامة ، وابن الخيرتين ، والكريم الطرفين ، قرار القلب ، وقرة العين علي بن الحسين ، وما أدراك ما علي بن الحسين ؟!! الأواه الأواب ، العامل بالسنّة والكتاب ،

ــــــــــــــــ

(١) سير أعلام النبلاء ج ٤ ص ٢٤٠ .

(٢) تاريخ اليعقوبي ج ٣ ص ٤٦ .

١٤٨

الناطق بالصواب ، ملازم المحراب ، المؤثر على نفسه المرتفع في درجات المعارف ، فيومه يفوق على أمسه ، المتفرد بمعارفه ، الذي فضّل على الخلائق بتليده وطارفه ، وحكم في الشرف فتسنم ذروته ، وخطر في مطارفه وأعجز بما حواه من طيب المولد ، وكريم المحتد ، وذكاء الأرومة ، وطهارة الجرثومة ، عجز عنه لسان واصفه ، وتفرد في خلواته بمناجاته ، فتعجبت الملائكة من مواقفه ، وأجرى مواضعه خوف ربه ، فأربى على هامي الصوب وواكفه(١)

فانظر أيّدك الله في أخباره ، والمح بعين الاعتبار عجائب آثاره ، وفكّر في زهده وتعبده وخشوعه ، وتهجده ودؤوبة في صلاته ، وأدعيته في أوقات مناجاته ، واستمراره على ملازمة عبادته ، وإيثاره وصدقاته ، وعطاياه وصلاته ، وتوسلاته التي تدلّ على فصاحته وبلاغته على خشوعه لربه ، وضراعته ووقوفه موقف العصاة مع شدة طاعته واعترافه بالذنوب على براءة ساحته ، وبكائه ونحيبه ، وخفوق قلبه من خشية الله ، ووجيبه وانتصابه وقد أرخى الليل سدوله ، وجرّ على الأرض ذيوله ، مناجياً ربه تقدست أسماؤه ، مخاطباً له تعالى ، ملازماً بابه عزّ وجلّ ، مصوّراً نفسه بين يديه ، معرضاً عن كل شيء ، مقبلاً عليه ، قد انسلخ من الدنيا الدنية ، وتعرّى من الجثة البشرية ، فجسمه ساجد في الثرى وروحه متعلقة بالملأ الأعلى ، يتململ إذا

ــــــــــــــــ

(١) الصوب : المطر والواكف : المطر الذي يسيل قليلاً قليلاً .

١٤٩

مرت به آية من آيات الوعيد حتى كأنه المقصود بها ، وهو عنها بعيد ، تجد أموراً عجيبة وأحوالاً غريبة ، ونفساً من الله سبحانه قريبة ، وتعلم يقيناً لاشك فيه ولا ارتياب ، وتعرف معرفة من قد كشف له الحجاب ، وفتحت له الأبواب ، ان هذه الثمرة من تلك الشجرة ، كما ان الواحد جزء من العشرة ، وان هذه النطفة العذبة من ذلك المعين الكريم ، وان هذا الحديث من ذلك القديم ، وان هذه الدرة من ذلك البحر الزاخر ، وان هذا النجم من ذلك القمر الباهر ، وان هذا الفرع النابت من ذلك الأصل الثابت ، وان هذه النتيجة من هذه المقدمة ، وان خليفة محمد وعلي والحسن والحسين وفاطمة المكرمة المعظمة هذا أصله الطاهر )(١)

وكانت له من صفات الكمال ما يمكن استقراؤها من صحائف التأريخ ، عبر الوريقات القادمة .

الأفضلية في العلم

تميّز الإمام زين العابدينعليه‌السلام بذهنٍ متقدٍ ، وعلمٍ جمّ ، وقدرة عقلية إلهامية أكثر منها إكتسابية وقد ألمحنا سابقاً إلى ان من شروط الإمامة : العلم اللدني ، أي العلم المفاض من قبل الله تبارك

ــــــــــــــــ

(١) كشف الغمة في معرفة أحوال الأئمةعليه‌السلام ـ الأربلي ترجمة علي بن الحسينعليه‌السلام .

١٥٠

وتعالى على الإمامعليه‌السلام وقد أشار الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام إلى ذلك فقال : ( اعطاه الله علمه واستودعه سره وأحيى به مناهج سبله وفرائضه وحدوده ، فقام بالعدل عند تحير أهل الجهل )(١)

ولذلك اشتهر بين الناس في زمانه أنهعليه‌السلام كان أوسع الناس علماً وكان عنده من العلماء والرواة الذين رووا عنه من العلوم ما لا يحصى(٢) ومن أجل إدراك شخصيته العلمية ، لابد من عرض نماذج له في التفسير والحديث والفقه والكلام .

أ ـ القرآن الكريم :

وكان من حبه وشغفه بالقرآن الكريم أنه قال : (لو مات ما بين المشرق والمغرب لما استوحشت بعد ان يكون القرآن معي )(٣)

ولم يقتصر انشغاله بالقرآن على حفظه وتفسيره والتدبر في معانيه ، بل كانعليه‌السلام من أحسن الناس صوتأً في تلاوته ، وكان السقائون الذين يمرون ببابه يقفون لاستماع صوته(٤) ولا عجب ، وهو العارف بالقرآن الكريم ، ان يدعو الناس إلى التدبر في معانيه ، فيقول : ( آيات

ــــــــــــــــ

(١) غيبة النعماني ص ١٢٠ .

(٢) خلاصة تهذيب الكمال ص ٢٣ أقول : أحصى علماء الرجال من رواته وتلامذته أكثر من مائة وسبعين راوياً والذين فقدت اسماؤهم أكثر .

(٣) بحار الأنوار ج ٤٦ ص ١٠٧ .

(٤) أصول الكافي ج ٢ ص ٦١٦ .

١٥١

القرآن خزائن كلما فتحت خزانةً ينبغي لك أن تنظر ما فيها ) وكان اهتمامهعليه‌السلام بالقرآن منصّباً على أمرين الأول : التأكيد على أهمية القرآن الكريم للمسلمين والثاني : تفسير آيات الكتاب المجيد وشرحها .

أولاً : أهمية القرآن :

تنبع أهمية القرآن الكريم من كونه كلام الله المجيد ، الذي يخاطب فيه المولى عزّ وجلّ عقل المسلم وضميره وروحه فهو مصباح هداية ، ووسيلة لمنازل الشرف في الآخرة ، وسبباً لحظّ الذنوب ، وشفيه يرتضيه الله تبارك وتعالى لغفران زلات المذنبين وعلى ضوء ذلك ، كان الإمام زين العابدينعليه‌السلام حريصاً على تبيين أهمية القرآن في حياة الإنسان ، عن طريق الدعاء والمناجاة ، أو الإرشاد والموعظة :

١ ـ يقولعليه‌السلام في فضل القرآن : ( اللهم صلّ على محمد وآله ، واجبر بالقرآن خلّتنا من عدم الاملاق(١) ، وسق إلينا به رغد العيش ، ، وخصب سعة الأرزاق ، وجّنبنا به الضرائب(٢) المذمومة ، ومداني الاخلاق(٣) ، واعصمنا به من هوّة الكفر ، ودواعي النفاق ،

ــــــــــــــــ

(١) الاملاق : الفقر .

(٢) الضرائب : جمع ضريبة بمعنى الطبيعة .

(٣) مداني الأخلاق : الأخلاق الدنيئة .

١٥٢

حتى يكون لنا في القيامة إلى رضوانك وجنانك قائداً ، ولنا في الدنيا عن سخطك وتعدّي حدودك ذائداً ، ولما عندك بتحليل حلاله وتحريم حرامه شاهداً .

اللهم صلّ على محمدٍ وآله ، وهوّن بالقرآن عند الموت على أنفسنا كرب السياق(١) وجهد الأنين ، وترادف الحشارج(٢) إذا بلغت النفوس التراقي(٣) وقيل من راق ، وتجلّى ملك الموت ليقبضها من حجب الغيوب ، ورماها عن قوس المنايا بأسهم وحشة الفراق ، وداف لها من ذعاف الموت(٤) كأساً مسمومة المذاق ، ودنا منّا إلى الآخرة رحيلٌ وانطلاقٌ ، وصارت الأعمال قلائد في الأعناق ، وكانت القبور هي المأوى إلى ميقات يوم التلاق .

اللهم صلّ على محمد وآله ، وبارك لنا في حلول دار البلى ، وطول المقامه بين أطباق الثرى ، واجعل القبور بعد فراق الدنيا خير منازلنا ، وافسح لنا برحمتك في ضيق ملاحدنا ، ولا تفضحنا في حاضري القيامة بموبقات آثامنا ، وارحم بالقرآن في موقف العرض عليك ذل مقامنا ، وثبّت به عند اضطراب جسر جهنم يوم المجاز

ــــــــــــــــ

(١) كرب السياق : حالة المحتضر عند الموت .

(٢) الحشارج : جمع حشرجة ، وهي الغرغرة عند الموت .

(٣) الترافي : جمع ترقوة وهي العظم المحيط بالرقية .

(٤) زعاف الموت : خالصه .

١٥٣

عليها زلل أقدامنا ، ونور به قبل البعث سدف قبورنا(١) ، ونجّنا به من كل كرب يوم القيامة ، وشدائد أهوال يوم الطامة ، وبيّض وجوهنا يوم تسودّ وجوه الظلمة في يوم الحسرة والندامة ، واجعل لنا في صدور المؤمنين ودّاً ، ولا تجعل الحياة علينا نكداً )(٢) .

٢ ـ ويقولعليه‌السلام في كون القرآن وسيلة إلى الشرف المنازل : ( اللهم صلّ على محمدٍ وآله ، واجعلنا ممن يعتصم بحبله ، ويأوي من المتشابهات إلى حرز معقله ، ويسكن في ظلّ جناحه ، ويهتدي بضوء صاحبه ، ويقتدي بتبلّج أسفاره ، ويستصبح بمصباحه ، ولا يلتمس الهدى في غيره اللهم وكما نصبت به محمداً علماً للدلالة عليك ، وأنهجت بآله سبل الرضا إليك ، فصلّ على محمدٍ وآله ، واجعل القرآن وسيلةً لنا إلى أشرف منازل الكرامة ، وسلّماً نعرج فيه إلى محلٌ السلامة ، وسبباً نجزى به النجاة في عرصة القيامة ، وذريعةً نقدم بها على نعيم دار المقامة .

اللهم صلّ على محمد وآله ، واحطط بالقرآن عنا ثقل الأوزار ، وهب لنا حسن شمائل الأبرار ، واقف بنا آثار الذين قاموا لك اناء الليل وأطراف النهار ، حتى تطهّرنا من كل دنسٍ بتطهيره ، وتقفوا بنا آثار الذين استضاؤوا بنوره ، ولم يلههم الأمل عن العمل ،

ــــــــــــــــ

(١) سدف قبورنا : ظلمة قبورنا .

(٢) الصحيفة السجادية ـ الدعاء الثاني والأربعون ص ١٧٤ .

١٥٤

فيقطعهم بخدع غروره اللهم صلّ على محمدٍ وآله ، واجعل القرآن لنا في ظلم الليالي مؤنساً ، ومن نزغات الشيطان(١) وخطرات الوساوس حارساً ولأقدامنا عن نقلها إلى المعاصي حابساً ، ولألسنتنا عن الخوض في الباطل من غير آفةٍ مخرساً ، ولجوارحنا عن اقتراف الآثام زاجراً ، ولما طوت الغفلة عنا من تصفّح الاعتبار ناشراً ، حتى توصل إلى قلوبنا فهم عجائبه ، وزواجر أمثاله التي ضعفت الجبال الرواسي على صلابتها عن احتماله .

اللهم صلّ على محمدٍ وآله ، وادم بالقرآن صلاح ظاهرنا ، واحجب به خطرات الوساوس عن صحة ضمائرنا ، واغسل به درن قلوبنا ، وعلائق أوزارنا ، واجمع به منتشر أمورنا ، وأرو به في موقف العرض عليك ظمأ هواجرنا ، واكسنا به حلل الأمان يوم الفزع الأكبر في نشورنا )(٢)

٣ ـ وفي دعائه بعد ختم القرآن يقولعليه‌السلام : ( اللّهم فإذا أفدتنا المعونة على تلاوته ، وسهلّت جواسي ألسنتنا(٣) بحسن عبادته ، فاجعلنا ممن يرعاه حقّ رعايته ، ويدين لك باعتقاد التسليم لمحكم آياته ، ويفزع إلى الإقرار بمتشابهه ، وموضحات بيناته اللّهم إنك أنزلته على نبيك

ــــــــــــــــ

(١) نزغات الشيطان : جمع نزغة ، وهي الوسوسة .

(٢) الصحيفة السجادية ـ الدعاء الثاني والأربعون ص ١٧٣ .

(٣) جواسي : جمع جاسية وهي الغليظة والمراد غلاظ الألسنة .

١٥٥

محمدٍصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مجملاً ، وألهمته علم عجائبه مكمّلاً ، وورثتنا علمه مفسّراً ، وفضلّتنا على من جهل علمه ، وقوّيتنا عليه لترفعنا فوق من لم يطقّ حمله .

اللّهم فكما جعلت قلوبنا له حملةً ، وعرّفتنا برحمتك شرفه وفضله ، فصلّ على محمدٍ الخطيب به ، وعلى آله الخزّان له ، واجعلنا ممن يعترف بأنه من عندك حتى لا يعارضنا الشكّ في تصديقه ، ولا يختلجنا الزيغ عن قصد طريقه )(١)

٤ ـ الحال المرتحل : قيل لهعليه‌السلام أي الأعمال أفضل ؟ قالعليه‌السلام : ( الحال المرتحل ) فقيل له : وما ذاك ؟ قالعليه‌السلام : ( هو فتح القرآن وختمه فانه كلما جاء بأوله أرتحل بآخره ولقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أعطاه الله القرآ، فرأى ان رجلاً أعطي أفضل مما أعطاه الله فقد صغّر عظيماً وعظّم صغيراً )(٢)

ثانياً : تفسير القرآن :

ولم يقتصر إهتمام الإمام السجادعليه‌السلام بالقرآن الكريم بحفظه أو تلاوته فحسب ، بل تعدى إلى فهم شامل لمعاني الكتاب السماوي ذلك لأن في آيات القرآن : المحكم والمتشابه ، والظاهر والباطن ،

ــــــــــــــــ

(١) الصحيفة السجادية ص ١٧٢ .

(٢) الكافي على هامش مرآة العقول ج ٢ ص ٥٣٠ .

١٥٦

والمطلق والمقيد ، والناسخ والمنسوخ ولا يمكن ان يتجرأ أحدٌ على تفسير القرآن الكريم دون أساس علمي شرعي يخوّلة بذلك وهو القائلعليه‌السلام : ( نحن خلفاء الأرض ، ونحن أولى الناس بالله ، ونحن المخصوصون في كتاب الله ) ، ( ونحن ورثة الأنبياء ، ونحن ذرية أولي العلم ) ، ( فقد علمنا وبلغنا واستودعنا علمهم )(١) فلا ريب أن نأخذ بعلمهعليه‌السلام في تفسير كتاب الله المجيد :

١ ـ في تفسير الآية الكريمة :( الّذِى جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً ) (٢) ، قالعليه‌السلام : ( إنه سبحانه وتعالى جعل الأرض ملائمة لطباعكم ، موافقة لأجسادكم ، ولم يجعلها شديدة الحمأ(٣) والحرارة فتحرقكم ، ولا شديدة البرودة فتجمدكم ، ولا شديدة الريح فتصدع هاماتكم ، ولا شديدة النتن فتعطبكم(٤) ، ولا شديدة اللين كالماء فتغرقكم ، ولا شديدة الصلابة فتمتنع عليكم في دوركم وابنيتكم وقبور موتاكم ، ولكنه عزّ وجلّ جعل فيها من المتانة ما تنتفعون به ، وتتماسكون وتتماسك عليها أبدانكم وبنيانكم ، وجعل فيها ما تنقاد به لدوركم وقبوركم وكثير من منافعكم ، فلذلك جعل الأرض فراشاً لكم .

ــــــــــــــــ

(١) ناسخ التواريخ ج ٢ ص ٤٩ .

(٢) سورة البقرة : الآية ٢٢ .

(٣) الحمأ : شدة حرارة الشمس .

(٤) تعطبكم : تهللكم .

١٥٧

ثم قال عزّ وجلّ : ( والسّماء بناءً ) أي سقفاً من فوقكم ، محفوظاً يدير فيها شمسها وقمرها ونجومها لمنافعكم .

ثم قال عزّ وجلّ : ( وأنزل من السّماء ماءً ) يعني المطر ينزله من علٍ ليبلغ قلل جبالكم وتلالكم وهضابكم وأوهادكم(١) ، ثم فرّقه رذاذاً ووابلاً وهطلاً(٢) لتنشفه أرضوكم ، ولم يجعل ذلك المطر نازلاً عليكم قطعة واحدة فيفسد أرضكم وأشجاركم وزروعكم و ثماركم .

ثم قال عزّ وجلّ : ( فأخرج به من الثّمرات رزقاً لكم ) يعني مما يخرجه من الأرض رزقاً لكم ( فلا تجعلوا لله أنداداً ) أي أشباهاً وأمثالاً من الأصنام التي لا تعقل ولا تسمع ولا تبصر ولا تقدر على شيء ( وأنتم تعلمون ) أنها لا تقدر على شيء من هذه النعم الجليلة التي انعمها علكيم ربكم تبارك وتعالى )(٣)

٢ ـ في تفسير قوله تعالى : (( وَرَتّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ) )(٤) قالعليه‌السلام : ( بيّنه ـ أي القرآن في تلاوته ـ تبييناً ، ولا تنثره نثر البقل ، ولا تهذه هذي الشعر قفوا عند عجائبه لتحركوا به القلوب ، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة)

ــــــــــــــــ

(١) الهضاب : الأرض المرتفعة الأوهاد : الأرض المنخفضة .

(٢) الرذاذ : المطر الضعيف الوابل : المطر الشديد الهطل : المطر الضعيف الدائم .

(٣) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ١ ص ١٣٧ ـ ١٣٨ .

(٤) سورة المزمل : الآية ٤ .

١٥٨

٣ ـ في تفسير قوله تعالى : (( وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِي‏ءَ بِالنّبِيّينَ وَالشّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) ((١) : ( إذا كان يوم القيامة بعث الله الناس من حفرهم عزلاً ، جرداً مرداً ، في صعيد واحد يسوقهم النور ، وتجمعهم الظلمة ، حتى يقفوا على عتبة المحشر ، فيزدحمون دونها ، ويمنعون من المضي ، فتشتد أنفاسهم ، ويكثر عرقهم ، وتضيق بهم أمورهم ، ويشتد ضجيجهم ، وترتفع أصواتهم ، وهو أول هول من أهوال القيامة .

فينادي منادٍ اسمعوا منادي الجبار فيسمع آخرهم كما يسمع أولهم ، فتخشع قلوبهم ، وتضطرب فرائصهم ، ويرفعون رؤوسهم الى ناحية الصوت مهطعين إلى الداعي ، ويقول الكافرون : هذا يوم عسير فيأتي النداء من قبل الجبار : أنا الله لا إله إلا أنا ، أنا الحكم الذي لا يجور ، أحكم اليوم بينكم بعدلي وقسطي ، لا يظلم اليوم عندي أحد ، آخذ للضعيف من القوي ، ولصاحب المظلمة بالقصاص من الحسنات والسيئات ، وأثيب على الهبات ، ولا يجوز هذه العقبة ظالم ولا أحد عنده مظلمة يهبها لصاحبها ، إلا وأثيبه عليها ، وآخذ له بها عند الحساب ، واطلبوا مظالمكم عند من ظلمكم بها في الدنيا ، وأنا شاهدكم وكفى بي شهيداً )(٢)

ــــــــــــــــ

(١) سورة الزمر : الآية ٦٩ .

(٢) تفسير البرهان ج ٢ ص ٩٥ .

١٥٩

٤ ـ في تفسير قوله تعالى : )( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الْصّدَقَاتِ وَأَنّ اللّهَ هُوَ التّوّابُ الرّحِيمُ ) )(١) : (اني ضامن عن ربي تعالى أن الصدقة لا تقع في يد العبد حتى تقع في يد الرب تعالى ) وكانعليه‌السلام يقول : ( ليس من شيء إلا و كل به ملك ، إلا الصدقة فإنها تقع في يد الله تعالى )(٢)

٥ ـ في تفسير قوله تعالى :( قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلّا الْمَوَدّةَ فِي الْقُرْبَى )(٣) قالعليه‌السلام : ( هي قرابتنا أهل البيت )(٤)

أقول : ان الأجر المطلوب في آية المودة لم يكن من سنخ المال فالأنبياء أرقى وأجلّ من أن يطلبوا مالاً أو يأخذوا جعلاً على تبليغ رسالة السماء وقد صارح أنبياء اللهعليه‌السلام بنفي الأجرة على التبليغ ، ففي الحكاية عن هود وصالح وشعيب ويسوف عليهم السلام(٥) : (( وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلّا عَلَى‏ رَبّ الْعَالَمِينَ ) )(٦) وعن نوح ع (:( فَمَا سَأَلْتُكُم مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلّا

ــــــــــــــــ

(١) سورة التوبة : الآية ١٠٤ .

(٢) تفسير البرهان ج ١ ص ٤٤١ ، وتفسير الصافي ص ٢٢٣ .

(٣) سورة الشورى : الآية ٢٣ .

(٤) أحكام القرآن للحصاص ج ٣ ص ٤٧٥ .

(٥) سورة الشعراء : الآية ١٠٩ ، ١٤٥ ، ١٦٤ ، ١٨٠ ومعنى مشابه في سورة يوسف : الآية ١٠٤ .

(٦) سورة الشعراء : الآية ١٠٩ .

١٦٠