الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين

الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين9%

الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين مؤلف:
الناشر: المؤلف
تصنيف: الإمام علي بن الحسين عليه السلام
الصفحات: 413

الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين
  • البداية
  • السابق
  • 413 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 250566 / تحميل: 14283
الحجم الحجم الحجم
الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين

الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) زين العابدين

مؤلف:
الناشر: المؤلف
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

أن جعل في الدين مجالا لبحث العقل بما أودع فيه من المتشابه ، إذ بحثه يستلزم النظر فى الأدلة الكونية ، والبراهين العقلية ، ووجوه الدلالة ليصل إلى فهمه ويهتدى إلى تأويله.

(3) إن الأنبياء بعثوا إلى الناس كافة وفيهم العالم والجاهل والذكي والبليد ، وكان من المعاني الحكم الدقيقة التي لا يمكن التعبير عنها بعبارة تكشف عن حقيتها ، فجعل فهم هذا من حظ الخاصة ، وأمر العامة بتفويض الأمر فيه إلى الله ، والوقوف عند فهم المحكم ، ليكون لكلّ نصيبه على قدر استعداده ، فإطلاق كلمة الله وروح من الله على عيسى يفهم منه الخاصة ما لا يفهمه العامة ، ومن ثم فتن النصارى بمثل هذا التعبير إذ لم يقفوا عند حد المحكم وهو التنزيه واستحالة أن يكون لله أم أو ولد بمثل ما دل عليه قوله :إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ ».

( وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ ) أي وما يعقل ذلك ويفقه حكمته إلا ذوو البصائر المستنيرة ، والعقول الراجحة التي امتازت بالتدبر والتفكر في جميع الآيات المحكمة التي هى الأصول ، حتى إذا عرض لهم المتشابه بعد ذلك سهل عليهم أن يتذكروها ويردّوا المتشابه إليها ، ويقولوا في المتشابه الذي هو نبأ عالم الغيب : إن قياس الغائب على الشاهد قياس مع الفارق لا ينبغى للعقلاء أن يعتبروه.

ثم ذكر ما يدعون به ليهبهم الثبات على فهم المتشابه فقال :

( رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ) أي إن أولئك الراسخين في العلم مع اعترافهم بالإيمان بالمتشابه يطلبون إلى الله أن يحفظهم من الزيغ بعد الهداية ، ويهبهم الثبات على معرفة الحقيقة والاستقامة على الطريقة فهم يعرفون ضعف البشر ، وكونهم عرضة للتقلب والنسيان والذهول ، فيخافون أن يقعوا فى الخطأ ، والخطأ قرين الخطر.

وقد روى عن عائشة رضى الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يدعو «يا مقلّب القلوب ثبت قلبى على دينك» قلت : يا رسول الله

١٠١

ما أكثر ما تدعو بهذا الدعاء فقال : «ليس من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرّحمن ، إن شاء أن يقيمه أقامه ، وإن شاء أن يزيغه أزاغه».

( رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ ) أي ربنا إنك تجمع الناس للجزاء في يوم لا شك فيه وإنا موقنون به ، لأنك أخبرت به وقولك الحق ، ووعدت وأوعدت بالجزاء فيه ، وأنت لا تخلف وعدك.

وقد جاءوا بهذا الدعاء بعد الإيمان بالمتشابه ، ليستشعروا أنفسهم الخوف من تسرّب الزيغ الذي يسلبهم الرحمة في ذلك اليوم ، وهذا الخوف هو مبعث الحذر والتوقي منه.

( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (10) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ (11) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ (12) قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (13) )

تفسير المفردات

تغنى : أي تنفع ، وقود (بفتح الواو) أي حطب ونحوه ، والدأب : العادة ؛ من دأب على العمل إذا جدّ فيه وتعب ، ثم غلب في العادة ، والمهاد : الفراش ، يقال مهدّ الرجل المهاد إذا بسطه ، والآية : العلامة على صدق ما يقول الرسول.

١٠٢

المعنى الجملي

بعد أن بين سبحانه الدين الحق وقرر التوحيد ، وذكر الكتب الناطقة به ، وألمع إلى شأن القرآن الكريم وإيمان العلماء الراسخين به ـ شرع يذكر حال أهل الكفر والجحود ، ويبين أسباب اغترارهم بالباطل واستغنائهم عن الحق أو اشتغالهم عنه ، ومن أهم ذلك الأموال والأولاد ، وأرشد إلى أنها لا تغنى عنهم شيئا في ذلك اليوم الذي يجمع الله فيه الناس ليحاسبهم على ما عملوا ، والكافرون في أشد الحاجة إلى مثل هذه العظة ، لأن الجحود إنما يقع لغرور الناس بأنفسهم وأموالهم ، فيتوهمون الاستغناء عن الحق ، ويتبعون الهوى.

وقد ضرب الله مثلا لهؤلاء الكافرين الذين استغنوا بما أوتوا في الدنيا عن الحق ، فعارضوه وناصبوا أهله العداء حتى ظفروا بهم مثل آل فرعون ومن قبله ممن كذبوا الرسل ؛ فقد أهلكهم الله ونصر موسى على آل فرعون ، ونصر الرسل ومن آمن معهم على أممهم لصلاحهم وإصلاحهم ، فالله لا يحابى ولا يظلم وهو شديد العقاب.

الإيضاح

( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ ) أي إن الذين جحدوا ما قد عرفوه من نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم سواء كانوا من بنى إسرائيل أم من كفار العرب ـ لن تنجيهم أموالهم التي يبذلونها في جلب المنافع ودفع المضار ، ولا أولادهم الذين يتناصرون بهم في مهامّ أمورهم ويعوّلون عليهم فى الخطوب النازلة من عذاب الله شيئا ، وقد كانوا يقولون نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين ، فردّ الله عليهم بقوله : «وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً » وسيكونون يوم القيامة حطبا لجهنم التي تسعر بهم.

١٠٣

ثم ضرب لهم مثلا لينبههم إلى ما حلّ بمن قبلهم من الأمم التي كانت أقوى منهم جندا وأكثر عددا لعلهم يتعظون فقال :

( كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ ) أي إن صنيع هؤلاء في تكذيبهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وكفرهم بشريعته ، كدأب آل فرعون مع موسى عليه السلام ، ودأب من قبلهم من الأمم ، كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم ، فأهلكهم ونصر الرسل ومن آمن معهم ، ولم يجدوا من بأس الله محيصا ولا مهربا ، إذ عقابه أثر طبيعي لاجتراح الذنوب وارتكاب الموبقات.

ثم تهددهم وتوعدهم بالعقاب في الدنيا قبل الآخرة فقال :

( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ ) المراد بالكافرين هنا اليهود لما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما أن يهود المدينة لما شاهدوا غلب رسول الله صلى الله عليه وسلم للمشركين يوم بدر قالوا والله إنه النبي الأمى الذي بشرنا به موسى ، وفي التوراة نعته وهمّوا باتباعه ، فقال بعضهم : لا تعجلوا حتى تنظروا إلى وقعة أخرى ، فلما كان يوم أحد شكّوا ، وقد كان بينهم وبين رسول الله عهد إلى مدة فنقضوه ، وانطلق كعب بن الأشرف في ستين راكبا إلى أهل مكة فأجمعوا أمرهم على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت.

وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أصاب قريشا ببدر ورجع إلى المدينة جمع اليهود في سوق بنى قينقاع فحذرهم أن ينزل بهم ما نزل بقريش ، فقالوا له : لا يغرنّك أنك لقيت قوما أغمارا لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة ، لئن قاتلتنا لعلمت أنّا نحن الناس فنزلت.

أي قل لأولئك اليهود إنكم ستغلبون في الدنيا وسينفذ فيكم وعيدي ، وتساقون فى الآخرة إلى جهنم سوقا ، وبئس المهاد ما مهدتموه لأنفسكم.

وقد صدق الله وعده فقتل المسلمون بنى قريظة الخائنين ، وأجلوا بنى النّضير المنافقين ، وفتحوا خيبر وضربوا الجزية على من عداهم.

١٠٤

ثم حذرهم وأنذرهم بألا يغتروا بكثرة العدد والعدد فلهم مما يشاهدون عبرة فقال :

( قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا ، فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ) أي قل لأولئك اليهود الذين غرتهم أموالهم واعتروا بأولادهم وأنصارهم : لا تغرنكم كثرة العدد ، ولا المال والولد ، فليس هذا سبيل النصر والغلب ، فالحوادث التي تجرى في الكون أعظم دليل على تفنيد ما تدّعون.

انظروا إلى الفئتين اللتين التقتا يوم بدر ، فئة قليلة من المؤمنين تقاتل في سبيل الله كتب لها الفوز والغلب على الفئة الكثيرة من المشركين.

وفي هذا عبرة أيّما عبرة لذوى البصائر السليمة التي استعملت العقول فيما خلقت لأجله من التأمل في الأمور والاستفادة منها ، لا لمثل من نعتهم الله بقوله : «لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها ، وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها ، وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ ».

ووجه العبرة في هذا أن هناك قوة فوق جميع القوى قد تؤيد الفئة القليلة فتغلب الفئة الكثيرة بإذنه تعالى ، وقوله( تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ ) ترشد إلى السر في هذا الفوز ، لأنه متى كان القتال في هذا السبيل أي لحماية الحق والدفاع عن الدين وأهله ، فإن النفس تقبل عليه بكل ما أوتيت من قوة ، وما أمكنها من تدبير واستعداد ، علما منها بأن وراء قوتها معونة الله وتأييده ، يرشد إلى هذا قوله تعالى : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ » فها أنت ذا ترى أن الله أمر المؤمنين بالثبات وبكثرة ذكره لشدّ العزائم والنهوض بالهمم ، وبالطاعة لرسوله ، وكان هو القائد في تلك الواقعة ـ واقعة بدر ـ وطاعة القائد من أهم أسباب الظفر والنجاح في ميدان القتال.

وقد امتثل المؤمنون ما أوصاهم به ربهم بقدر طاقتهم ، فوجد لديهم الاستعداد والعزيمة الصادقة ، فقاتلوا ثابتين واثقين بنصر الله ، فنصرهم وفاء بوعده «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ ».

١٠٥

وغزوات الرسول وأصحابه تفسر ما ورد في هذه الآيات ، ولما خالفوا ما أمروا به غزوة أحد نزل بهم ما نزل ، وفي هذا أكبر عبرة لمن تذكر واعتبر.

وقد روى أرباب السير أن جيش المسلمين كان ثلاثمائة وثلاثة وعشرين رجلا ، سبعة وسبعون منهم من المهاجرين ، ومائتان وستة وثلاثون من الأنصار ، وصاحب راية المهاجرين على بن أبي طالب ، وصاحب راية الأنصار سعد بن عبادة ، وكان في العسكر تسعون بعيرا وفرسان أحدهما للمقداد بن عمرو ، والآخر لمرثد بن أبي مرثد ، وكان معهم ست دروع وثمانية سيوف ، وجميع من قتل منهم يومئذ أربعة عشر رجلا ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار.

وأن جيش المشركين كان تسعمائة وخمسين مقاتلا ، رأسهم عقبة بن ربيعة ، وفيهم أبو سفيان وأبو جهل ، وكان في معسكرهم من الخيل مائة فرس وسبعمائة بعير ، ومن الأسلحة ما لا يحصى عدّا.

ومعنى قوله( يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ) أن المشركين رأوا المسلمين مثلى عدد المشركين أي قريبا من ألفين ـ وكانوا نحو ثلاثمائة ـ أراهم الله إياهم مع قلتهم أضعافهم ليهابوهم ويجبنوا عن قتالهم ، وكان ذلك مددا لهم من الله كما أمدهم الله بالملائكة ، بعد ما قللهم في أعينهم حتى اجترءوا عليهم وتوجهوا إليهم كما جاء في خطاب أهل بدر «وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ».

ومعنى قوله (رأى العين) أنها رؤية مكشوفة لا لبس معها ولا خفاء كسائر المرئيات والمشاهدات.

( وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ ) أي والله يقوّى بمعونته من يشاء كما أيد أهل بدر بتكثيرهم في عين العدو.

( إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ ) أي إن في هذا النصر مع قلة عددهم وكثرة عدوهم عظة لمن عقل وتدبر فعرف الحق وثلج قلبه ببرد اليقين.

١٠٦

( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14) )

تفسير المفردات

الشهوات : واحدة شهوة وهى رغبة النفس في الحصول ، والمراد بها المشتهيات كما يقال هذا الطعام شهوة فلان أي ما يشتهيه ، والأنعام واحدها نعم وهى الإبل والبقر والغنم ولا تطلق النعم إلا على الإبل خاصة ، والمسوّمة : هى التي ترعى في الأودية والقيعان ، والحرث : الزرع والنبات.

المعنى الجملي

بعد أن بين سبحانه قبل هذا اشتغال الكافرين بالأموال والأولاد وإعراضهم عن الحق وانهماكهم في اللذات ، ذكر هنا وجه غرورهم بذلك تحذيرا لهم من جعلها مطية لشهواتهم ، وتذكيرا لهم بأنه لا ينبغى أن تجعل هى غاية الحياة ، فتشغلهم عن أعمال الآخرة التي جعلت الدنيا مزرعتها ، والوسيلة لكسب السعادة فيها.

الإيضاح

( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ ) معنى تزيين حب الشهوات للناس ، أن حبها مستحسن لديهم لا يرون فيه قبحا ولا غضاضة ، ومن ثم لا يكادون يرجعون عنه ، وهذا أقصى مراتب الحب ، وصاحبه قلما يفطن لقبحه أو ضرره إن كان قبيحا أو ضارّا ، ولا يحب أن يرجع عنه وإن تأذى به ، وقد يحب الإنسان شيئا وهو يراه شيئا لا زينا ، وضارّا لا نافعا ، ويود لذلك لو لم يحبه كما يحب بعض الناس شرب الدخان على تأذيهم منه ، ومن أحب شيئا ولم يزيّن له يوشك أن يرجع عنه يوما ما ، ومن زين له حبه فلا يكاد يرجع عنه.

١٠٧

المعنى ـ إن الله فطر الناس على حب هذه الشهوات المبينة بعد كما قال : «إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً » وقال : «كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ».

وقد يسند التزيين إلى الشيطان بالوسوسة في قبيح الأعمال كما قال تعالى : «وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ ».

ثم فصل هذه المشتهيات الستة التي ملأت قلوب الناس حبا فقال :

( مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ) .

(فأولها) النساء وهن موضع الرغبة ومطمح الأنظار ، وإليهن تسكن النفوس كما قال تعالى «وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً » وعليهن ينفق أكثر ما يكسب الرجال بكدّهم وجدّهم ، فهم القوامون عليهن لقوتهم وقدرتهم على حمايتهن ، فإسرافهم في حبهنّ له الأثر العظيم فى شئون الأمة وفي إضاعة الحقوق أو حفظها.

وقدم حب النساء على حب الأولاد مع أن حبهنّ قد يزول وحب الأولاد لا يزول لأن حب الولد لا يعظم فيه الغلوّ والإسراف كحب المرأة ، فكم من رجل جنى حبه للمرأة على أولاده ، فكثير ممن تزوجوا بما فوق الواحدة وأفرطوا في حب واحدة وملّوا أخرى أهملوا تربية أولاد المبغوضة وحرموهم سعة الرزق وقد وسعوه على أولاد المحبوبة ، وكم من غنىّ عزيز يعيش أولاده عيشة الذل والفقر ، وليس لهذا من سبب إلا حب والدهم لغير أمهم ، فهو يفعل ذلك للتقرب وابتغاء الزلفى إليها.

(وثانيها) البنون والمراد بهم الأولاد مطلقا كما قال تعالى : «أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ » وفي الحديث «الولد مجبنة مبخلة».

والعلة في حب الزوجة وحب الولد واحدة وهى تسلسل النسل وبقاء النوع ، وهى حكمة مطردة في غير الإنسان من الحيوانات الأخرى.

١٠٨

وحب البنين أقوى من حب البنات لأسباب كثيرة منها :

(1) أنهم عمود النسب الذي به تتصل سلسلة النسل ، وبه يبقى ما يحرص عليه الإنسان من بقاء الذكر وحسن الأحدوثة بين الناس.

(2) أمل الوالد في كفالتهم له حين الحاجة إليه لضعف أو كبر.

(3) أنه يرجى بهم من الشرف ما لا يرجى من الإناث كنبوغ في علم أو عمل أو رياسة أو قيادة جيش للدفاع عن الوطن وحفظ كيان الأمة.

(4) الشعور بأن الأنثى حين الكبر تنفصل من عشيرتها وتتصل بعشيرة أخرى.

(وثالثها) القناطير المقنطرة من الذهب والفضة ، والعرب تريد بالقنطار المال الكثير والمقنطرة مأخوذة منه على سبيل التوكيد ، وقد جرت عادتهم بأن يصفوا الشيء بما يشتق منه مبالغة كما قالوا ألوف مؤلفة وظل ظليل ، وقيل المقنطرة المضروبة من دنانير ودراهم ، وقيل هى المنضدة في وضعها.

وهذا التعبير يشعر بالكثرة التي تكون مظنة الافتتان ، والتي تشغل القلب للتمتع بها ، وتستغرق في تدبيرها الوقت الكثير حتى لا يبقى بعد ذلك منفذ للشعور بالحاجة إلى نصرة الحق والاستعداد لأعمال الآخرة.

ومن ثم كان الأغنياء في كل الأمم لدى بعثة الرسل أول الكافرين بهم المستكبرين عن تلبية دعوتهم ، وإن أجابوها وآمنوا فهم أقل الناس عملا وأكثرهم بعدا عن هدى الدين ، انظر إلى قوله تعالى : «سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا فَاسْتَغْفِرْ لَنا ».

وحب المال مما أودع في غرائز البشر واختلط بلحمهم ودمهم ، وسر هذا أنه وسيلة إلى جلب الرغائب ، وسبيل إلى نيل اللذات والشهوات ، ورغبات الإنسان غير محدودة ، ولذاته لا عدّ لها ولا حصر ، وكلما حصل على لذة طلب المزيد منها ، وما وصل إلى غاية فى جمع المال إلا تاقت نفسه إلى ما فوقها ، حتى لقد يبلغ به النهم في جمعه أن ينسى أن

١٠٩

المال وسيلة لا مقصد فيفتنّ في الوصول إليه الفنون المختلفة ، والطرق التي تعنّ له ، ولا يبالى أمن حلال كسب أم من حرام؟

روى البخاري ومسلم عن ابن عباس قوله صلى الله عليه وسلم «لو كان لابن آدم واديان من ذهب لتمنى أن يكون لهما ثالث ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب».

ولقد أعمت فتنة المال كثيرا من الناس فشغلتهم عن حقوق الله وحقوق الأمة والوطن ، بل عن حقوق من يعاملهم ، بل عن حقوق بيوتهم وعيالهم ، بل عن أنفسهم ، ومنهم من يقصر في النفقة على نفسه وعياله بالقدر الذي يزرى بمروءته ، فيظهر بمظهر المسترذل بين الناس في مأكله ومشربه وملبسه ، ومنهم من يثلم شرفه ويفتح ثغرة للطاعنين والقائلين فيه بالحق وبالباطل لأجل المال. ومن ثم قالوا : المال ميّال.

(ورابعها) الخيل المسوّمة التي ترعى في الأودية ، يقال سام الدابة : رعاها ، وأسامها : أخرجها إلى المرعى ، كما قال تعالى : «وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ ».

وقال ابن جرير : المسوّمة : المعلّمة من السّومة وهى العلامة. قال النابغة :

بسمر كالقداح مسوّمات

عليها معشر أشباه جنّ

وكل من الخيل الراعية التي تقتنى للتجارة ، والمعلمة المطهّمة التي يقتنيها العظماء والأغنياء ـ من المتاع الذي يتنافس فيه الناس ويتفاخرون ، حتى لقد يتغالى بعضهم فى ذلك إلى حد هو أشبه بالجنون.

(وخامسها) الأنعام وهى مال أهل البادية ومنها تكون ثروتهم ومعايشهم ومرافقهم ، وبها تفاخرهم وتكاثرهم ، وقد امتنّ الله بها على عباده بقوله : «وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ. وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ. وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ. وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ ».

١١٠

(وسادسها) الحرث وعليه قوام حياة الإنسان والحيوان في البدو والحضر ، والحاجة إليه أشد من الحاجة إلى الأنواع السالفة ، والانتفاع به أتمّ منها لكنه أخر عنها ، لأنه لما عمّ الارتفاق به كانت زينته في القلوب أقل ، وقلما يكون الانتفاع به صادّا عن الاستعداد لأعمال الآخرة أو مانعا من نصرة الحق.

وهناك ما هو أعم نفعا وأعظم فائدة في الحياة وهو الضوء والهواء ، فلا يستغنى عنهما حىّ من الأحياء ، ومع ذلك قلما يلتفت الإنسان إليهما ولا يفكر في غبطته بهما.

( ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ) المتاع ما يتمتع به ، والمآب المرجع من آب يئوب إذا رجع ، أي هذا الذي ذكر من الأصناف الستة المتقدمة هو ما يتمتع به الناس قليلا في هذه الحياة الفانية ، ويجعلونه وسيلة في معايشهم ، وسببا لقضاء شهواتهم وقد زيّن لهم حبها في عاجل دنياهم ، والله عنده حسن المآب في الحياة الآخرة التي تكون بعد موتهم وبعثهم فلا ينبغى لهم أن يجعلوا كل همهم في هذا المتاع القريب العاجل بحيث يشغلهم عن الاستعداد لخير الآجل.

فعلى المؤمن ألا يفتن بهذه الشهوات ويجعلها أكبر همه ، والشغل الشاغل له عن آخرته ، فإذا استمتع بها بالقصد والاعتدال ووقف عند حدود الله سعد في الدارين ووفق لخير الحياتين كما قال : «رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ ».

( قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (15) الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا

١١١

وَقِنا عَذابَ النَّارِ (16) الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ (17))

تفسير المفردات

النبأ والإنباء لم يردا في القرآن إلا لما له شأن عظيم كما قاله أبو البقاء في الكليات ، والتقوى : هى الإخبات إلى الله والإعراض عما سواه ، والمطهرة : الخالية من الشوائب الجسمية والنفسية والرضوان (بضم الراء وكسرها) الرضا ، والصبر : حبس النفس عند كل مكروه يشقّ عليها احتماله ، والصدق يكون في القول والعمل والوصف ؛ يقال فلان صادق في قوله ، وصادق في عمله ، وصادق في حبه ، والقانتين : أي المداومين على الطاعة والعبادة ، والمستغفرين بالأسحار : أي المصلّين وقت السحر.

المعنى الجملي

بعد أن بين سبحانه زخارف الدنيا وزينتها ، وذكر ما عنده من حسن المآب إجمالا ـ أمر رسوله بتفصيل ذلك المجمل للناس مبالغة في الترغيب والحث على فعل الخيرات.

الإيضاح

( قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ ) أي قل لقومك وغيرهم : أأخبركم بخير من جميع ما تقدم ذكره من النساء والبنين إلى آخره ، وجىء بالكلام على صورة الاستفهام لتوجيه النفوس إلى الجواب وتشويقها إليه.

وقوله خير يشعر بأن تلك الشهوات خير في ذاتها ، ولا شك في ذلك إذ هى من أجلّ النعم التي أنعم الله بها على الناس ، وإنما يعرض الشر فيها كما يعرض في سائر نعم الله على عباده كالحواس والعقول وغيرها ، فما مثل المسرف في حب النساء حتى

١١٢

يعطى امرأته حق غيرها ، أو يهمل لأجلها تربية ولده إلا مثل من يستعمل عقله فى استنباط الحيل ليبتز حقوق الناس ويؤذيهم ، فسلوك الناس في الانتفاع بالنعم لا يدل على أنها هى في ذاتها شر ولا كون حبها شرا مع القصد والاعتدال والوقوف عند حدود الشريعة.

ثم أجاب عن هذا الاستفهام على طريق قولك هل أدلك على تاجر عظيم في السوق يصدق في المعاملة ، ويرخص السعر ويفى بالوعد؟ هو فلان فقال :

( لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ ) أي للذين أخبتوا إلى ربهم وأنابوا إليه نوعان من الجزاء.

أحدهما جسمانى وهو الجنات وما فيها من النعيم والخيرات ، والأزواج المبرأة من العيوب التي في نساء الدنيا خلقا وخلقا.

وثانيهما روحاني عقلى وهو رضوان الله الذي لا يشوبه سخط ولا يعقبه غضب ، وهو أعظم اللذات كلها في الآخرة عند المتقين.

وفي الآية إيماء إلى أن أهل الجنة مراتب وطبقات كما نرى ذلك في الدنيا.

فمنهم من لا يفقه لرضوان الله معنى ولا يكون ذلك باعثا له على فعل الخير وترك الشر ، وإنما يفقه اللذات الحسية التي جرّ بها في الدنيا ، ففى مثلها يرغب.

ومنهم من ارتقى إدراكه ، وعظم قربه من ربه ، فيتمنى رضاه ويجعله الغاية القصوى والسعادة التي ليس وراءها سعادة.

وجاء في معنى هذه الآية قوله تعالى : «وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ » وقوله : «اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ (الزراع)نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً ، وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٌ ، وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ ».

١١٣

( وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ ) أي إنه تعالى هو البصير بعباده ، الخبير بقرارة نفوسهم ودخائل أحوالهم ، العليم بسرهم ونجواهم ، فلا تخفى عليه خافية من أمرهم ، وهو المجازى كل نفس بما كسبت من خير أو شر.

وقد ختم سبحانه هذه الآية بتلك الجملة ليحاسب الإنسان نفسه على التقوى ، فليس كل من ادعاها لنفسه أو تحرك بها لسانه يعدّ متقيا ، وإنما المتقى من يعلم منه ربه التقوى.

ثم وصف المتقين الذين تتأثر قلوبهم بثمرات إيمانهم ، فتفيض ألسنتهم بالاعتراف بهذا الإيمان حين الدعاء والابتهال فقال :

( الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ ) أي إن الذين اتقوا معاصى الله وتضرعوا إليه خاشعين يقولون مبتهلين متبتلين : ربنا إننا آمنا بما أنزلته على رسلك إيمانا يقينيا راسخا في القلب مهيمنا على العقل له السلطان على أعمالنا البدنية التي لا تتحول عن طاعتك إلا لنسيان أو جهالة كغلبة انفعال يعرض ثم لا يلبث أن يزول ، ثم تقفو التوبة إثره لتمحوه كما أرشدت إلى ذلك بقولك : «إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ » وقولك «وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى » فاستر اللهم ذنوبنا بعفوك عنها وترك العقوبة عليها ، وادفع عنا عذاب النار إنك أنت الغفور الرّحيم.

وقد خصوا هذا العذاب بالمسألة ، لأن من زحزح يومئذ عن النار فقد فاز بالنجاة وحسن المآب.

والخلاصة ـ إن مرادهم بالإيمان الذي أقروا به ـ هو الإيمان الصحيح الذي تصدر عنه آثاره من ترك المعاصي وفعل الصالحات ، إذ الإيمان اعتقاد وقول وعمل كما أجمع على ذلك السلف ، ويرشد إليه العقل والعلم بطبيعة البشر.

١١٤

ثم ذكر من أوصافهم ما امتازوا به من غيرهم ، وبه استحقوا المثوبة عند ربهم فقال :

( الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ ) أي إن المتقين جمعوا هذه الصفات التي لكل منها درجة في الفضل وشرف ورفعة وبها نالوا هذا الوعد وهى :

(1) الصبر وأكمل أنواعه : الصبر على أداء الطاعات وترك المحرمات ، فإذا هبت أعاصير الشهوات وجمحت بالنفس إلى ارتكاب المعاصي فلا سبيل لردعها إلا بالصبر ، فهو الذي يثبّت الإيمان ويقف بها عند الحدود المشروعة ، وهو الحافظ لشرف الإنسان فى الدنيا عند المكاره ، ولحقوق الناس أن تغتالها أيدى المطامع.

وهو كالشرط في كل ما يذكر بعده من الصدق والقنوت والاستغفار بالأسحار.

(2) الصدق وهو منتهى الكمال ، وحسبك في بيان فضيلته قوله تعالى : «وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ، لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ ».

(3) القنوت وهو المداومة على الطاعة والإخبات إلى الله مع الخشوع والخضوع وهو لبّ العبادة وروحها ، وبدونه تكون العبادة بلا روح وشجرة بلا ثمرة.

(4) الإنفاق للمال في جميع السبل التي حث عليها الدين ، سواء أكانت النفقة واجبة أم مستحبة ، فالإنفاق في أعمال البر جميعا مما حث عليه الشارع وندب إليه.

(5) الاستغفار بالأسحار : أي التهجد في آخر الليل وهو الوقت الذي يطيب فيه النوم ويشقّ القيام ، وتكون النفس فيه أصفى ، والقلب أفرغ من الشواغل.

والاستغفار المطلوب ما يقرن بالتوبة النصوح ، والعمل وفق حدود الدين ، ولا يكفى الاستغفار باللسان مع الإدمان على فعل المنكر ، فإن المستغفر من الذنب وهو مصرّ عليه كالمستهزئ بربه ، ولا يغتر بمثل هذا الاستغفار إلا جاهل بدينه ، أو غرّ في معاملته لربه ، ومن ثم أثر عن بعض الصوفية قوله : إن استغفارنا يحتاج إلى استغفار.

١١٥

( شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (19) فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (20) )

تفسير المفردات

يقال شهد الشيء وشاهذه إذا حضره كما قال : «ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ » وقال «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ » والشهادة بالشيء الإخبار به عن علم إما بالمشاهدة الحسية ، وإما بالمشاهدة المعنوية وهى الحجة والبرهان ، وأولو العلم هم أهل البرهان القادرون على الإقناع ، وهم يوجدون في هذه الأمة وفي جميع الأمم السالفة ، بالقسط : أي بالعدل في الدين والشريعة وفي الكون والطبيعة. والدين له في اللغة عدة معان : منها الجزاء ، والطاعة والخضوع ، ومجموعة التكاليف التي بها يدين العباد لله ـ وما يكلف به العباد يسمى شرعا باعتبار وضعه وبيانه للناس ، ودينا باعتبار الخضوع وطاعة الشارع ، وملة باعتبار أنها أملّت وكتبت ـ والإسلام يأتي بمعنى الخضوع والاستسلام ، وبمعنى الأداء تقول أسلمت الشيء إلى فلان إذا أديته إليه ، وبمعنى الدخول في السلم أي الصلح والسلامة ، وتسمية الدين الحق إسلاما يناسب كل هذه المعاني وأولها أوفقها بالتسمية ، يرشد إلى ذلك قوله تعالى : «وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ

١١٦

أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً » وحاجوك : جادلوك ، وأسلمت : أي أخلصت ، والأميون مشركو العرب واحدهم أمي نسبوا إلى الأم لجهلهم كأنهم على الفطرة ، البلاغ : أي التبليغ للناس.

المعنى الجملي

بعد أن بين سبحانه جزاء المتقين ، وشرح أوصافهم التي استحقوا بها هذا الجزاء ـ ذكر هنا أصول الإيمان وأسسه.

الإيضاح

( شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ ) أي بيّن سبحانه وحدانيته بنصب الدلائل التكوينية في الآفاق والأنفس ، وإنزال الآيات التشريعية الناطقة بذلك ، والملائكة أخبروا الرسل بهذا وشهدوا شهادة مؤيدة بعلم ضرورى وهو عند الأنبياء أقوى من جميع اليقينيات ، وأولو العلم أخبروا بذلك وبيّنوه وشهدوا به شهادة مقرونة بالدلائل والحجج ، لأن العالم بالشيء لا تعوزه الحجة عليه.

وقوله بالقسط أي بالعدل في الاعتقاد ، فالتوحيد هو الوسط بين إنكار الإله والشرك به ، والعدل في العبادات والآداب والأعمال ، فعدل بين القوى الروحية والبدنية ، فأمر بشكره في الصلاة وغيرها لترقية الروح وتزكية النفس ، وأباح كثيرا من الطيبات لحفظ البدن وتربيته ، ونهى عن الغلوّ في الدين والإسراف في حب الدنيا وبالعدل في الأحكام في نحو قوله : «إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ » وقوله «وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ».

كما جعل سنن الخليقة قائمة على أساس العدل ، فمن نظر في هذه السنن ونظمها الدقيقة تجلى له عدل الله فيها على أتم ما يكون وأوضحه.

١١٧

فقيامه تعالى بالقسط في كل هذا برهان على صدق شهادته تعالى ، فإن وحدة النظام في هذا العالم تدل على وحدة واضعه.

ثم أكد كونه منفردا بالألوهية وقائما بالعدل بقوله :

( لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) فإن العزة إشارة إلى كمال القدرة ، والحكمة إيماء إلى كمال العلم ، والقدرة لا تتم إلا بالتفرد والاستقلال ، والعدالة لا تكمل إلا بالاطلاع على المصالح والأحوال ، ومن كان كذلك فلا يغلبه أحد على ما قام به من سنن القسط ، ولا يخرج من الخليقة شىء عن حكمته البالغة.

ثم ذكر الدستور العام الذي عليه المعوّل في كل دين فقال :

( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ ) أي إن جميع الملل والشرائع التي جاء بها الأنبياء روحها الإسلام والانقياد والخضوع ، وإن اختلفت في بعض التكاليف وصور الأعمال ، وبه كان الأنبياء يوصون. فالمسلم الحقيقي من كان خالصا من شوائب الشرك ، مخلصا فى أعماله مع الإيمان من أىّ ملة كان ، وفي أي زمان وجد ، وهذا هو المراد بقوله عز اسمه «وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ».

ذاك أن الله شرع الدين لأمرين :

(1) تصفية الأرواح وتخليص العقول من شوائب الاعتقاد بسلطة غيبية للمخلوقات بها تستطيع التصرف في الكائنات لتسلم من الخضوع والعبودية لمن هم من أمثالها.

(2) إصلاح القلوب بحسن العمل وإخلاص النية لله وللناس.

وأما العبادات فإنما شرعت لتربية هذا الروح الخلقي ليسهل على صاحبه القيام بسائر التكاليف الدينية.

أخرج ابن جرير عن قتادة قال : الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله والإقرار بما جاء من عند الله ، وهو دين الله تعالى الذي شرع لنفسه وبعث به رسله ، ودلّ عليه أولياءه لا يقبل غيره ، ولا يجزى إلا به.

١١٨

وخطب على كرم الله وجهه قال : الإسلام هو التسليم ، والتسليم هو اليقين ، واليقين هو التصديق ، والتصديق هو الإقرار ، والإقرار هو الأداء ، والأداء هو العمل ، ثم قال : إن المؤمن أخذ دينه عن ربه ، ولم يأخذه عن رأيه ، إن المؤمن يعرف إيمانه في عمله ، والكافر يعرف كفره بإنكاره ، أيها الناس دينكم دينكم ، فإن السيئة فيه خير من الحسنة في غيره ، إن السيئة فيه تغفر ، وإن الحسنة في غيره لا تقبل.

( وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ ) أي وما خرج أهل الكتاب من الإسلام الذي جاء به أنبياؤهم على نحو ما فصلناه آنفا ، وصاروا مذاهب وشيعا يقتتلون في الدين ـ والدين واحد لا مجال فيه للاختلاف والاقتتال إلا بسبب البغي وتجاوز الحدود من الرؤساء ، ولو لا بغيهم ونصرهم مذهبا على مذهب وتضليلهم من خالفهم بتفسيرهم نصوص الدين بالرأى والهوى وتأويل بعضه أو تحريفه لما حدث هذا الاختلاف.

والتاريخ شهيد بأن الملوك والأحبار هم الذين جعلوا الدين المسيحي مذاهب ينقض بعضها بعضا ، وجعلوا أهله شيعا يفتك بعضهم ببعض. فآريوس وأتباعه الذين دعوا إلى التوحيد بعد فشوّ الشرك ، قد حكم عليهم المجمع الذي ألفه الملك قسطنطين سنة 325 م بالإلحاد وإحراق كتبهم وتحريم اقتنائها ، ولما انتشرت تعاليمه فيما بعد حكم تيودوسيوس الثاني بإبادة الآريوسية بقانون رومانى صدر سنة 628 م ، وبقيت مذاهب التثليث تتطاحن ويغالب بعضها بعضا.

والعبرة من هذا القصص أن نبتعد عن الخلاف في الدين والتفرق فيه إلى شيع ومذاهب كما فعل من قبلنا ، ولكن وا أسفا وقعنا فيما وقع فيه السالفون ، وتفرقنا طرائق قددا ، وأصابنا من الخذلان والذل بسبب هذا التفرق ما لا نزال نئنّ منه ، ونرجو أن يشملنا الله بعفوه ورحمته ، ويمدنا بروح من عنده ؛ فيسعى أهل الإيمان الصادق في نبذ الاختلاف والشقاق ، والعودة إلى الوحدة والاتفاق ، حتى يعود

١١٩

المسلمون إلى سيرتهم الأولى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين ، ومن تبعهم بإحسان.

( وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ ) أي ومن يكفر بآيات الله الدالة على وجوب الاعتصام بالدين ووحدته وحرمة الاختلاف والتفرق فيه ، ويترك الإذعان لها ـ فالله يجازيه ويعاقبه على ما اجترح من السيئات ، والله سريع الحساب.

والمراد بآيات الله هنا هى آياته التكوينية في الأنفس والآفاق ، ويدخل في ترك الإذعان لها صرفها عن وجهها لتوافق مذاهب أهل الزيغ والإلحاد وآياته التشريعية التي أنزلها على رسله.

( فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ ) أي فإن جادلك أهل الكتاب أو غيرهم ـ وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو اليهود في المدينة إلى ترك ما أحدثوه فى دينهم وتعودوه من التحريف والتأويل والرجوع إلى حقيقة الدين وإسلام الوجه لله والإخلاص له ـ بعد أن أقمت لهم البراهين والبينات ، وجئتهم بالحق ـ فقل لهم : أقبلت بعبادتي على ربى مخلصا له ، معرضا عما سواه ، أنا ومن اتبعنى من المؤمنين.

والخلاصة ـ إنه لا فائدة من الجدل مع مثل هؤلاء لأنه لا يكون إلا فيما فيه خفاء أما وقد قامت الأدلة ، وبطلت شبهات الضالين فهو مكابرة وعناد ، ولا يستحق منك إلا الإعراض وعدم إضاعة الوقت سدى.

( وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ؟ ) أي وقل لليهود والنصارى ومشركى العرب ـ وخص هؤلاء بالذكر مع أن البعثة عامة ، لأنهم هم الذين خوطبوا أولا بالدعوة ـ أأسلمتم كما أسلمت بعد أن وضحت لكم الحجة ، وجاءكم من البينات ما يوجبه ويقتضيه ، أم تصرّون على كفركم وعدم ترككم للعناد؟

ومثل هذا مثل من يلخص مسألة لسائل ، ولا يدع طريقا من طرق البيان إلا سلكه ، ثم يقول له : أفهمتها؟

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

عَلَى اللّهِ ) (١) ، وفي الحكاية عن النبي محمد (ص : (( قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلّا عَلَى اللّهِ ) )(٢) ، وقوله : (( قُل لاَأَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلّا ذِكْرَى‏ لِلْعَالَمِينَ ) )(٣) . وطلب المال لا تتحمله طباع الناس : (( أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِن مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ ) (٤) ،  ( أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَرَاجُ رَبّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرّازِقِينَ ) (٥) .

ولكن المقصود من المودة في القربى هو موالاة آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو من سنخ الدعوة الإلهية وهذا المطلب يليق بمقام النبوة ، والدعوة إليه والتعريف به ويكون طلب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الأمة مودة آله الأقربين وهم أئمة الهدى الاثنا عشرعليه‌السلام وفاطمة الزهراءعليه‌السلام ، تحنناً منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليهم لأنه يعود في النهاية على نفعهم ومصلحتهم .

٦ ـ في تفسير قوله تعالى : (( وَالّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقّ مَعْلُومٌ * لِلسّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) (٦) ، قال)ع) : ( الحق المعلوم الشيء الذي يخرجه من ماله

ــــــــــــــــ

(١) سورة يونس : الآية ٧٢ .

(٢) سورة سبأ : الآية ٤٧ .

(٣) سورة الأنعام : الآية ٩٠ .

(٤) سورة القلم : الآية ٤٦ .

(٥) سورة المؤمنون : الآية ٧٢ .

(٦) سورة المعارج : الآية ٢٤ ـ ٢٥ .

١٦١

ليس من الزكاة والصدقة المفروضتين يصل به رحماً ، ويقوي به ضعيفاً ويحمل له كلّ(١) ، أو يصل أخاً في الله ، أو لنائبة تنويه ) (

أقول : السائل هو الفقير الذي يسأل ، والمحروم : الفقير الذي يتعفف ولا يسأل وسياق الآيات القرآنية الواردة في الزكاة تؤيد هذه الرواية فان للزكاة موارد مسماة لمستحقيها في آية الصدقة : (( إِنّمَا الصّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللّهِ ) )(٣) ، والآية ليست مختصة بالسائل والمحروم .

٧ ـ في تفسير قوله تعالى :( فَاصْفَحِ الصّفْحَ الْجَمِيلَ ) )(٤) : هو العفو من غير عتاب )(٥)

٨ ـ في تفسير قوله تعالى : (( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ لَعَلّكُمْ تَتّقُونَ ) )(٦) : ولكم ) يا أمة محمد ( في القصاص حياةٌ ) لأن من همّ بالقتل فعرف أنه يقتصّ منه ، فكفّ لذلك من القتل ، كان حياة للذي همّ بقتله ، وحياة لهذا الجاني الذي أراد أن يقتل ، وحياة لغيرهما

ــــــــــــــــ

(١) الكلّ ( بالفتح ) : الثقل ، والعيال .

(٢) وسائل الشيعة ج ٦ ص ٦٩ .

(٣) سورة التوبة : الآية ٦٠ .

(٤) سورة الحجر : الآية ٨٥ .

(٥) وسائل الشيعة ج ٥ ص ٥١٩ .

(٦) سورة البقرة : الآية ١٧٩ .

١٦٢

من الناس : إذا علموا أن القصاص واجب ، ولا يجسرون على القتل مخافة القصاص ( يا أولي الألباب ) اولي العقول( لعلّكم تتّقون ) (١)

٩ ـ في قوله تعالى :( وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى‏ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) (٢) ، قالعليه‌السلام : ( البرزخ هو القبر والله ان القبر لروضة من رياض الجنة أو حفرة من النار )(٣)

١٠ ـ في قوله تعالى :( الله الصّمد ) (٤) : ( الصمد الذي لا شريك له ، ولا يؤوده حفظ شيء ، ولا يعزب عنه شيء ، ولا يعزب عنه شيء ، والذي لا جوف له والذي لا يأكل ولا يشرب ، والذي لا ينام ، والذي لم يزل ولا يزال )(٥)

١١ ـ قيل لعلي بن الحسينعليه‌السلام : يا ابن رسول الله كيف يعاتب الله هؤلاء الأخلاف [ عرب قريش ] على قبائح أسلافهم وهو سبحانه يقول :( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) (٦)  فقال )ع) : ( ان القرآن نزل بلغة العرب ، فهو يخاطب أهل اللسان بلغتهم فإنك ترى الرجل التميمي يقول : أغرنا على قوم كذا وإنما غار عليهم أسلافه .

ــــــــــــــــ

(١) الإحتجاج للطبرسي ص ٣١٩ .

(٢) سورة المؤمنون : الآية ١٠٠

(٣) الخصال للصدوق ج ١ ص ٥٩ .

(٤) سورة الإخلاص : الآية ٢ .

(٥) الوافي ج ١ ص ٨١ .

(٦) سورة الأنعام : الآية ١٦٤ .

١٦٣

ويقول العربي : نحن فعلنا ببني فلان كذا ، ونحن سبينا آل فلان ، ونحن خربنا البلد الكذائي ، ولا يريد أنهم باشروا ذلك بأنفسهم ، وإنما يريد هؤلاء بالإفتخار أن قومهم فعلوا كذا وهكذا قول الله عزّ وجلّ في هذه الآيات انما هو توبيخ لإسلافهم وتوبيخ عذل لهؤلاء الموجودين لأن هؤلاء الأخلاف رضوا بفعل أسلافهم ومصوبون لهم ، فجاز أن يقول أنتم فعلتم كذا ، أي انكم رضيتم بقبيح أفعالهم )(١)

ب ـ الحديث الشريف :

وكان غاية العلم في القرون الهجرية الأولى هو نقل الرواية الصحيحة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باسانيدها الصحيحة في وقت كثر فيه الكذب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكان زين العابدينعليه‌السلام يروي الحديث النبوي مسنداً عن أبيه الحسينعليه‌السلام عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكان نقل الحديث النبوي الصحيح له قيمة عظمى في حفظ الدين ، لأن السنّة النبوية الشريفة تعدّ المصدر الثاني للشريعة بعد القرآن الكريم فحفظ القرآن الكريم بالوعد الإلهي : (( إِنّا نَحْنُ نَزّلْنَا الذّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) )(٢) ، وحفظت السنّة النبوية بأئمة أهل البيتعليه‌السلام وتقانيهم في صيانتها عن التحريف .

ــــــــــــــــ

(١) الاحتجاج للطبرسي ص ١٧٠ .

(٢) سورة الحجر : الآية ٩ .

١٦٤

فكان الدرس العلمي للإمام زين العابدينعليه‌السلام ينعقد في مسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمدينة ، يطرح فيها أحاديث شريفة يرفعها إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بسند متصل صحيح وكان يذكر أقوال أمير المؤمنينعليه‌السلام بسند صحيح ومن المسلّم به عند الطائفة أن أمير المؤمنين عليعليه‌السلام كان لا يقول شيئاً إلا واقتبسه أو نقله عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبالنتيجة فان درس الإمام زين العابدينعليه‌السلام كان علماً نابعاً من منابع الإسلام الأصيلة .

أولاً : ما رواه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

وهذه روايات رواها الإمامعليه‌السلام بسند صحيح متصل برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

١ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( والذي نفسي بيده ما جمع شيء إلى شيء أفضل من حلم إلى علم )(١) .

٢ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وعن حبنا أهل البيت )(٢) .

ــــــــــــــــ

(١) الخصال ص ٥ .

(٢) الخصال ص ٢٣١ .

١٦٥

٣ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( ما يوضع في ميزان امريء يوم القيامة أفضل من حسن الخلق )(١)

٤ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في آخر خطبته : ( طوبى لمن طاب خلقه ، وطهرت سجيته ، وصلحت سريرته ، وحسنت علانيته ، وأنفق الفضل من ماله ، وأمسك الفضل من قوله ، وأنصف الناس من نفسه )(٢)

٥ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( من أحب السبل إلى الله عزّ وجلّ جرعتان : جرعة غيظ تردها بحلم ، وجرعة مصيبة تردها بصبر )(٣)

٦ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( ان الله عزّ وجلّ خلق العقل من نور مخزون مكنون ، في سابق علمه الذي لم يطلع عليه نبي مرسل ، ولا ملك مقرب ، فجعل العلم نفسه ، والفهم روحه ، والزهد رأسه ، والحياء عينه ، والحكمة لسانه ، والرأفة همه ، والرحمة قلبه ، ثم حشاه وقواه بعشرة أشياء : باليقين ، والإيمان ، والصدق ، والسكينة ، والإخلاص ، والرفق ، والعطية ، والقنوع ، والتسليم ، والشكر ثم قال له عزّ وجلّ : أدبر فأدبر ثم قال له : أقبل فأقبل ثم قال له : تكلم ، فقال : الحمد لله الذي ليس له سند ولا ند ، ولا شبيه ولا كفو ، ولا عديل ولا مثيل ، كلّ شيءٍ لعظمته خاضع ذليل فقال الله تبارك

ــــــــــــــــ

(١) أصول الكافي ج ٢ ص ٩٩ .

(٢) أصول الكافي ج ٢ ص ١٥٦ .

(٣) أصول الكافي ج ٢ ص ٩٩ .

١٦٦

وتعالى : وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً أحسن منك ، ولا أطوع لي منك ، ولا أرفع منك ، ولا أشرف منك ، ولا أعزّ منك بك أواحد ، وبك أعطي ، وبك أوحد ، وبك أعبد ، وبك ادعى ، وبك أرتجى ، وبك أبتغى ، وبك أخاف ، وبك أحذر ، وبك الثواب وبك العقاب )(١)

٧ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعينه )(٢)

٨ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( انتظار الفرج عبادة ، وأن من رضي بالقليل من الرزق رضي الله منه القليل من العمل )(٣)

٩ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا يتوارث أهل ملتين ، ولا يرث مسلم كافراً ، ولا كافر مسلماً )(٤) وقرأعليه‌السلام : ( )(٥)

١٠ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( ستة لعنهم الله وكل نبي مجاب : الزائد في كتاب الله ، والمكذب بقدر الله ، والتارك لسنتي ، والمستحل من

ــــــــــــــــ

(١) الخصال ص ٣٩٦ ـ ٣٩٧ .

(٢) المعرفة والتاريخ ج ١ ص ٣٦٠ .

(٣) الفصول المهمة لابن الصباغ ص ١٨٨ .

(٤) الجامع المختصر لابن الساعي ج ٩ ص ٨٧ .

(٥) سورة الأنفال : الآية ٧٣ .

١٦٧

عترتي ما حرم الله ، والمتسلط بالجبروت ليذلّ من أعزه الله ، ويعزّ من أذله الله ، والمستأثر بفيء المسلمين المستحل له )(١)

١١ ـ حدثني أبي أن جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ( أعبد الناس من أقام الفرائض ، وأسخى الناس من أدى الزكاة ، وأزهد الناس من اجتنب المحارم ، وأتقى الناس من قال بالحق في ما له وعليه ، وأعدل الناس من رضى للناس بما يرضى لنفسه ، وكره لهم ما كره لنفسه ، وأكيس الناس من كان أشد ذكراً للموت ، وأغبط الناس من كان تحت التراب قد أمن العقاب ويرجو الثواب ، وأعقل الناس من يتعظ بتغير الدنيا من حال إلى حال ، وأعظم الناس في الدنيا خطراً من لم يجعل للدنيا خطراً ، وأعلم الناس من جمع علم الناس إلى علمه ، وأشجع الناس من غلب هواه ، وأكثر الناس قيمة أكثرهم علماً ، وأقل الناس لذة الحسود ، وأقل الناس راحة البخيل ، وأبخل الناس من بخل بما افترض الله عليه ، وأولى الناس بالحق أعلمهم ، وأقلّ الناس حرمة الفاسق ، وأقلّ الناس وفاءً الملوك ، وأقلّ الناس صديقاً الملوك ، وأفقر الناس الطمّاع ، وأغنى الناس من لم يكن للحرص أسيراً ، وأفضل الناس إيماناً أحسنهم خلقاً ، وأكثر الناس(٢) أتقاهم ، وأعظم الناس حذراً من ترك ما لا يعنيه ، وأورع الناس من ترك المراء وإن كان محقاً ، وأقل

ــــــــــــــــ

(١) الخصال ص ٣٠٨ .

(٢) كلمة ساقطة في المتن ، ولعلها وأكثر الناس إيماناً أتقاهم .

١٦٨

الناس مروءة من كان كاذباً ، وأشقى الناس الملوك ، وأمقت الناس المتكبر ، وأشد الناس اجتهاداً من ترك الذنوب ، وأحلم الناس من فرّ من جهال الناس ، وأسعد الناس من حالف كرام الناس ، وأعقل الناس أشدهم مداراة للناس ، وأولى الناس بالتهمة من جالس أهل التهمة ، وأعتى الناس من قتل غير قاتله أو ضرب غير ضاربه ، وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة ، وأحق الناس بالذنب السفيه ، وأذلّ الناس من أهان الناس ، وأحزم الناس أكظمهم للغيظ ، وأصلح الناس أصلحهم للناس ، وخير الناس من انتفع به الناس )(١)

١٢ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( ما زلت أنا ومن كان قبلي من النبيين مبتلين بمن يؤذينا ، ولو كان المؤمن على رأس جبل لقيض الله عزّ وجلّ من يؤذيه ليؤجره على ذلك )(٢)

١٣ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( رأس العقل بعد الإيمان بالله عزّ وجلّ التحبب إلى الناس )(٣)

١٤ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إن أحب الأعمال إلى الله تعالى إدخال السرور على المؤمن )(٤)

ــــــــــــــــ

(١) الغايات لأبن بابويه القمي .

(٢) وسائل الشيعة ج ٥ ص ٤٨٦ .

(٣) الخصال ص ١٧ .

(٤) مصادقة الأخوان للشيخ الصدوق .

١٦٩

١٥ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( كفى بالمرء عيباً أن يبصر من الناس ما يعمى عليه من نفسه ، وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه )(١)

١٦ ـ أتى رجل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له : ما بقي من الشر شيء إلا عملته ، فهل من توبة ؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( هل بقي من والديك أحد ؟ ) قال : نعم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( فبره ، فلعله أن يغفر لك ) فولى الرجل فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لو كانت أمه ((٢) .

١٧ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إن المؤمن ليشبع من الطعام فيحمد الله فيعطيه الله من الأجر ما يعطي الصائم القائم ، إن الله يحب الشاكرين )(٣)

١٨ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( الإيمان أقرار باللسان ، ومعرفة باللقلب ، وعمل بالأركان )(٤)

١٩ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( الإيمان قولٌ وعمل )(٥)

٢٠ ـ روىعليه‌السلام بسنده عن آبائهعليه‌السلام أن المسلمين قالوا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لو أكرهت يا رسول الله من قدرت عليه من الناس على الإسلام لكثر عددنا وقوينا على عدونا ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( ما

ــــــــــــــــ

(١) أصول الكافي ج ٢ ص ٤٦ .

(٢) الدعوات للقطب الراوندي ص ٤٧ .

(٣) ربيع الأبرار ج ٤ ص ٣٢٨ .

(٤) الخصال ص ١٦٥ .

(٥) الخصال ص ٥٣ .

١٧٠

كنت لألقى الله عزّ وجلّ ببدعة لم يحدث إلي فيها شيء ، وما أنا من المتكلفين ) فأنزل الله تبارك وتعالى يا محمد : (( وَلَوْ شَاءَ رَبّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلّهُمْ جَميعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النّاسَ حَتّى‏ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) ((١) ... )(٢) .

٢١ ـ قالعليه‌السلام : حدثني أبي سيد شباب أهل الجنة الحسينعليه‌السلام ، قال : حدثني أبي علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال : سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ( قال الله عزّ وجلّ : إني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدوني ، فمن جاء منكم بشهادة أن لا إله إلا الله باخلاص باخلاص دخل في حصني ، ومن دخل في حصني أمن من عذابي )(٣)

٢٢ ـ قال رسول اللهر : ( حبي وحب أهل بيتي نافع في سبعة مواطن أهوالهن عظيمة : عند الوفاة ، وفي القبر ، وعند النشور ، وعند الكتاب ، وعند الحساب ، وعند الميزان ، وعند الصراط )(٤)

٢٣ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( قال الله عزّ وجلّ : علي بن أبي طالب حجتي على خلقي ، ونوري في بلادي ، وأميني على علمي ) .

٢٤ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( خلقت أنا و علي من نور واحد )(٥)

ــــــــــــــــ

(١) سورة يونس : الآية ٩٩ .

(٢) التوحيد للصدوق ص ٣٤٢ .

(٣) التوحيد ص ٢٥ .

(٤) الخصال ص ٣٣٠ .

(٥) الخصال ص ٣١ .

١٧١

٢٥ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( يا علي أول ما يسأل عنه العبد بعد موته شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، وأنك ولي المؤمنين بما جعله الله وجعلته لك ، فمن أقر بذلك وكان يعتقده صار إلى النعيم الذي لا زوال له ) .

٢٦ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( هبط عليّ جبرئيل فقال : إن الله يقرئك السلام ويقول : حرمت النار على صلب أنزلك ، وبطن حملك ، وحجر كفلك )(١) والصلب الذي أنزله هو عبدالله ، والبطن التي حملته هي آمنة بنت وهب ، والحجر الذي كفله هو أبو طالب وفاطمة بنت أسد .

٢٧ ـ دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على نفر من أهله ، فقال : ( ألا أحدثكم بما يكون خيراً من الدنيا والآخرة لكم ، وإذا كربتم أو غممتم دعوتم الله عزّ وجلّ ففرج عنكم قالوا : بلى يا رسول الله قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قولوا : ( الله ، الله ، الله ، ربنا لا نشرك به شيئاً ثم ادعوا ما بدا لكم )(٢)

٢٨ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخاطب أمير المؤمنين عليعليه‌السلام : ( الجنة تشتاق إليك ، وإلى عمار ، وإلى سلمان ، وأبي ذر ، والمقداد )(٣)

ــــــــــــــــ

(١) التعظيم والمنّة ص ٣٢ .

(٢) دعوات القطب الراوندي ص ٢٠ .

(٣) الخصال ص ٢٧٥ .

١٧٢

٢٩ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( علي بن أبي طالب خليفة الله وخليفتي ، وحجة الله وحجتي ، وصفي الله وصفيي ، وحبيب الله وحبيبي ، وخليل الله وخليلي ، وسيف الله وسيفي ، وهو أخي وصاحبي ووزيري ، محبّه محبّي ، ومبغضه مبغضي ، ووليه وليي ، وعدوه عدوي ، وزوجته ابنتي ، وولده ولدي ، وحربه حربي ، وقوله قولي ، وأمره أمري ، وهو سيد الوصيين ، وخير أمتي )(١)

٣٠ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأصحابه : ( أن الله قد فرض عليكم طاعتي ، ونهاكم عن معصيته ، وهو وصيي ، ووارثي ، وهو مني وأنا منه ، حبه إيمان وبغضه كفر ((٢) .

ثانياً : ما رواه عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام

وهذه روايات رواها الإمامعليه‌السلام بسند صحيح عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ولاشك ان علي بن أبي طالبعليه‌السلام كان يستلهم علمه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيرجع الأمر الى نفس المنبع الالهي .

١ ـ قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( إن الله تبارك وتعالى أخفى أربعة في أربعة : أخفى رضاه في طاعته ، فلا تستصغرن شيئاً من طاعته فربما

ــــــــــــــــ

(١) روضات الحنات ج ٦ ص ١٨٣ ـ ١٨٤ .

(٢) ينابيع المودة القندوزي باب ٤١ .

١٧٣

وافق رضاه وأنت لا تعلم وأخفى سخطه في معصيته ، فلا تستصغرن شيئاً من معصيته فربما وافق سخطه وأنت لا تعلم وأخفى إجابته في دعوته ، فلا تستصغرن شيئاً من دعائه فرمبا وافق إجابته وأنت لا تعلم وأخفى وليه في عباده فلا تستصغرن عبداً من عبيد الله فربما يكون وليه وأنت لا تعلم )(١)

٢ ـ قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( الأعمال على ثلاثة أحوال : فرائض ، وفضائل ، ومعاصٍ فأما الفرائض فبأمر الله ، وبرضى الله ، وبقضاء الله وتقديره ومشيئته وعلمه عزّ وجلّ [ وأما الفضائل ](٢) ، وأما المعاصي فليست بأمر الله ، ولكن بقضاء الله ، وتقدير الله وبمشيئته وعلمه ، ثم يعاقب عليها )(٣)

٣ ـ قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( إنما الدهر ثلاثة أيام أنت في ما بينهن : مضى أمس بما فيه فلا يرجع أبداً ، فإن كنت عملت فيه خيراً لم تحزن لذهابه ، وفرحت بما استقبلته منه ، وإن كنت قد فرطت فيه فحسرتك شديدة لذهابه ، وفرحت بما استقبلته منه ، وإن كنت قد فرطت فيه فحسرتك شديدة لذهابه ، وتفريطك فيه وأنت في يومك الذي أصبحت فيه من غد في غرة ، ولا تدري لعلك لا تبلغه ، وأن بلغته لعل حظك فيه في

ــــــــــــــــ

(١) الخصال ص ١٩١ .

(٢) محذوقة في متن الرواية .

(٣) الخصال ص ١٥٦ .

١٧٤

التفريط مثل حظك في الأمس الماضي عنك ، فيوم من الثلاثة قد مضى أنت فيه مفرط .

ويوم تنتظره لست منه على يقين من ترك التفريط ، وإنما هو يومك الذي أصبحت فيه ، وقد ينبغي لك إن عقلت وفكرت في ما فرطت في الأمس الماضي مما فاتك فيه من حسنات ألا تكون اكتسبتها ، ومن سيئات ألا تكون ابتعدت عنها .

وأنت مع هذا مع استقبال غدٍ على غير ثقة من أن تبلغه وعلى غير يقين من اكتساب حسنة أو مرتدع عن سيئة محبطة ، فأنت في يومك الذي تستقبل على مثل يومك الذي استدبرت فاعمل عمل رجل ليس يأمل من الأيام إلا يومه الذي أصبح فيه وليلته ، فاعمل أو دع ، والله المعين على ذلك )(١)

٤ ـ قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( اللهم منّ عليّ بالتوكل عليك ، والتفويض إليك ، والرضا بقدرك ، والتسليم لأمرك ، حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ، ولا تأخير ما عجلّت يا رب العالمين ) (

٥ ـ قال أمير المؤمنين في قصة تروى : ( من اعتدل يوماه فهو مغبون ، ومن كثرت همومّه في الدنيا كثرت حسرته عند فراقها ، ومن كان غده شراً من يومه فمحروم ، ومن لم يبال بما يرى في آخرته إذا

ــــــــــــــــ

(١) أصول الكافي ج ٢ ص ٤٥٣ .

(٢) أصول الكافي ج ٢ ص ٤٥٣ .

١٧٥

سلمت له دنياه فهو هالك ، ومن لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى ، ومن كان في نقص فالموت خير له إن الدنيا حقيرة ولها أهل ، وإن الآخرة لها أهل ، طلقت أنفسهم عن مناصرة أهل الدنيا ، لا يتنافسون في الدنيا ، ولا يفرحون بغضارتها ، ولا يحزنون لبؤسها من خاف البيات قلّ نومه ، وما أسرع الليالي والأيام في عمر العبد ، فأخزن كلامك ، وعدّ أيامك ، ولا تقل إلا بخير ، إرض للناس ما ترضى لنفسك ، وأت إلى الناس ما تحب أن يؤتى إليك )(١) .

٦ ـ سأل زيد بن صوحان الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام :

أيّ سلطان أغلب وأقوى ؟ فأجاب الإمامعليه‌السلام : ( الهوى ( .

أي ذلّ أذلّ ؟ فأجابعليه‌السلام : ( الحرص على الدنيا ( .

أي فقر أشد ؟ فأجابعليه‌السلام : ( الكفر بعد الإيمان ( .

أي دعوة أضلّ ؟ فأجابعليه‌السلام : ( الداعي بما لا يكون ( .

أي عمل أفضل ؟ فأجابعليه‌السلام : ( التقوى ( .

أي عمل أنجح ؟ فأجابعليه‌السلام : ( طلب ما عند الله ( .

أي صاحب أشر ؟ فأجابعليه‌السلام : ( المزين لك معصية الله ( .

أي الخلق أشقى ؟ فأجابعليه‌السلام : ( من باع دينه بدنيا غيره ( .

أي الخلق أقوى ؟ فأجابعليه‌السلام : ( الحكيم ( .

ــــــــــــــــ

(١) أمالي الطوسي ص ٢٧٧ .

١٧٦

أي الخلق أشح ؟ فأجابعليه‌السلام : ( من أخذ من غير حلّه ، فجعله في غير حقه ( .

أي الناس أكيس ؟ فأجابعليه‌السلام : ( من أبصر رشده من غيّه ( .

من أحلم الناس ؟ فأجابعليه‌السلام : ( الذي لا يغضب ( .

أي الناس أثبت رأياً ؟ فأجابعليه‌السلام : ( من لم يغيره الناس من نفسه ، ولم تغيره الدنيا بشقوتها ( .

أي الناس أحمق ؟ فأجابعليه‌السلام : ( المغتر بالدنيا ، وهو يرى ما فيها من تقلب أحوالها ( .

أي الناس أشد حسرة ؟ فأجابعليه‌السلام : ( الذي حرم الدنيا والآخرة ، ذلك هو الخسران المبين ( .

أي الخلق أعمى ؟ فأجابعليه‌السلام : ( الذي عمل لغير الله تعالى ، ويطلب بعمله الثواب من عند الله ( .

أي القنوع أفضل ؟ فأجابعليه‌السلام : ( القانع بما أعطاه ( .

أي المصائب أشد ؟ فأجابعليه‌السلام : ( المصيبة بالدين ( .

أي الأعمال أحب إلى الله ؟ فأجابعليه‌السلام : ( انتظار الفرج ( .

أي الناس خير عند الله ؟ فأجابعليه‌السلام : ( أخوفهم له ، واعملهم بالتقوى ، وأزهدهم في الدنيا ( .

أي الكلام أفضل عند الله ؟ فأجابعليه‌السلام : ( كثرة ذكره ، والتضرع [ له ] ، ودعاؤه ( .

١٧٧

أي القول أصدق ؟ فأجابعليه‌السلام : ( شهادة أن لا إله إلا الله ( .

أي الأعمال أعظم عند الله ؟ فأجابعليه‌السلام : ( التسليم والورع ( .

أي الناس أكرم ؟ فأجابعليه‌السلام : ( من صدق في المواطن )(١)

٧ ـ قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( إن الله عزّ وجلّ خلق خلقاً ، وضيّق الدنيا عليهم نظراً لهم ، فزهدهم فيها وفي حطامها ، فرغبوا في دار السلام الذي دعاهم أليه ، وصبروا على ضيق المعيشة ، وصبروا على المكروه ، واشتاقوا إلى ما عند الله من الكرامة وبذلوا أنفسهم ابتغاء رضوان الله ، وكان خاتمة أعمالهم الشهادة ولقوا الله وهو عنهم راض ، وعلموا أن الموت سبيل لمن مضى وبقي ، فتزودوا لآخرتهم غير الذهب والفضة ، ولبسوا الخشن ، وصبروا على أدنى القوت ، وقدموا الفضل ، وأحبوا في الله ، وابغضوا في الله عزّ وجلّ ، أولئك المصابيح وأهل النعيم في الآخرة )(٢)

٨ ـ قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( أيها الناس أتدرون من يتبع الرجل بعد موته ؟ ) فسكتوا فقالعليه‌السلام : ( يتبعه الولد يتركه فيدعو له بعد موته ويستغفر له وتتبعه الصدقة يوقفها في حياته فيتبعه أجرها بعد موته وتتبعه السنّة الصالحة يعمل بها بعدة فيتبعه أجرها ، وأجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيء ( .

ــــــــــــــــ

(١) أمالي الطوسي ص ٢٧٧ .

(٢) المصدر السابق .

١٧٨

٩ ـ وهذه خطبة رواها الإمام زين العابدينعليه‌السلام وهي من خطب الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام

( إن الحمد لله ، أحمده وأستعينه وأستهديه ، وأعوذ بالله من الضلالة ، من يهد الله فلا مضلّ له ، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ، انتجبه لأمره ، واختصه بالنبوة ، أكرم خلقه ، وأحبهم إليه ، فبلّغ رسالة ربه ، ونصح لأمته ، وأدى الذي عليه .

أوصيكم بتقوى الله ، فإن تقوى الله خير ما تواصى به عباد الله ، وأقربه لرضوان الله ، وخيره في عواقب الأمور عند الله ، وبتقوى الله أمرتم ، وللاحسان والطاعة خلقتم فاحذروا من الله ما حذّركم من نفسه ، فإنه حذّر بأساً شديداً .

واخشوا الله خشية ليست بتعذير ، واعملوا في غير رياء ولا سمعة ، فإن من عمل لغير الله ، وكله الله إلى ما عمل له ومن عمل لله مخلصاً تولى الله أجره واشفقوا من عذاب الله فإنه لم يخلقكم عبثاً ، ولم يترك شيئاً من أمركم سدى ، قد سمى آثاركم ، وعلم أعمالكم ، وكتب آجالكم فلا تغروا بالدنيا فإنها غرارة بأهلها ، مغرورون من اغتروا بها ، وإلى فناء ما هي وإن الآخرة هي دار الحيوان لو كانوا

١٧٩

يعلمون ، اسأل الله منازل الشهداء ، ومرافقة الأنبياء ، ومعيشة السعداء ، فإنما نحن له وبه )(١)

١٠ ـ قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( النوم على أربعة أوجه : الأنبياء تنام على أقفيتها مستلقية ، وأعينها لا تنام ، متوقعة وحي الله تعالى والمؤمن ينام على يمينه مستقبل القبلة والملوك وأبناؤها تنام على شمائلها ليستمرؤا ما يأكلون وإبليس وإخوانه وكل مجنون وذو عاهة ينام على وجهه منبطحاً )(٢)

أقول : نقل المحدث النوري أحاديث عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمةعليه‌السلام تذكر النوم مستقبل القبلة كهيئة الميت عند وضعه في القبر ، واضعاً يده اليمنى تحت خده الأيمن(٣)

ج ـ فقه العبادات :

والناس زمن الإمام زين العابدينعليه‌السلام كانت بحاجة إلى معرفة أحكام عباداتها وعقائدها ، بسبب كثرة الإدعاءات ونسبة الأحاديث المزورة إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فتصدى الإمام السجادعليه‌السلام لشرحها وتفصيلها ولو أخذنا حديث الصوم الذي قالهعليه‌السلام لجماعة

ــــــــــــــــ

(١) وقعة صفين ص ١٣ .

(٢) الخصال للصدوق ج ١ ص ١٢٥ .

(٣) دار السلام للنوري ج ٢ ص ٣٣ .

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413