سلسلة المتون الفقهية

سلسلة المتون الفقهية0%

سلسلة المتون الفقهية مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 202

سلسلة المتون الفقهية

مؤلف: محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (الشيخ الصدوق)
تصنيف:

الصفحات: 202
المشاهدات: 63367
تحميل: 4756

توضيحات:

سلسلة المتون الفقهية
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 202 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 63367 / تحميل: 4756
الحجم الحجم الحجم
سلسلة المتون الفقهية

سلسلة المتون الفقهية

مؤلف:
العربية

لم يكن فرض لها مهرا فلا مهر لها وعليها العدة ولها الميراث، وفي حديث آخر إن لم يكن دخل بها وقد فرض لها مهرا فلها نصفه ولها الميراث وعليها العدة وهو الذي اعتمده وافتى به.

وعدة الامة إذا توفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا، وروى شهران وخمسة أيام، وعدة الامة المطلقة التي لا تحيض شهر ونصف.

والعبد إذا كانت تحته أمة وطلقها تطليقة ثم اعتقا جميعا كانت معه على تطليقة واحدة، ولا بأس أن تحج المتوفى عنها زوجها وتنقلب إلى أهلها إن شاء‌ت.

والحبلى المطلقة ينفق عليها حتى تضع حملها، وهى أحق بولدها أن ترضعه بما تقبله امرأة اخرى، إن الله يقول: " لا تضار والدة بولدها ".

وسئل الصادق عليه السلام عن قوله تعالى " لاتضار والدة بولدها ولا مولود له بولده " فقال: كانت المرأة ترفع يدها على زوجها إذا أراد مجامعتها، فتقول: لا ادعك إني أخاف أن أحبل فأقتل ولدي، ويقول الرجل: لا اجامعك إني أخاف أن تعلقى فأقتل ولدي فنهى الله أن يضار الرجل المرأة والمرأة الرجل، وقوله: " وعلى الوارث مثل ذلك " فانه نهى أن يضار بالصبي وهو أن يضار امه في رضاعه، وليس لها أن تأخذ في رضاعه فوق حولين كاملين، فإن أرادا فصالا عن تراض منهما كان حسنا، والفصال الفطام(١) .

ولا يضار الرجل المرأة إذا طلقها ليضيق عليها حتى تنتقل قبل أن تنقضى عدتها، فان الله قد نهى عن ذلك فقال: " ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن"

باب المكاسب والتجارات

أوصاني والدي علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (ره)، فقال في وصيته(٢) : اتق الله يا بني وأجمل في الطلب واحفظ في المكتسب، واعلم أن الرزق رزقان:

____________________

(١) الفطام: قصل الولد عن الرضاع، وقد يقال لزمن الفطم.

(٢) الظاهر ان وصيته هذه هى بعينها رسالته اليه التى يحكى كثيرا عنها في كتبه، وانا لا نقدر ان نعين على القطع آخر كلام والده هنا، وفيما يأتى في هذا الباب، والمظنون ان قوله: " واعلم ان الكاد على عياله من حلال كالمجاهد في سبيل الله " هو آخر كلامه.

١٢١

فرزق تطلبه ورزق يطلبك، فأما الذى تطلبه فاطلبه من حلال، فانك اكلته حلالا إن طلبته من وجهه، وإلا أكلته حراما وهو رزقك لابد لك من أكله واعلم أن الكاد على عياله من حلال كالمجاهد في سبيل الله.

ولا بأس بكسب الماشطة إذا لم تشارط وقبلت ما تعطى، ولا تصل شعر المرأة بشعر امرأة غيرها، وأما شعر المعز فلا بأس بأن يوصل بشعر المراة، ولا بأس بكسب النائحة إذا قالت صدقا.

واعلم أن كسب المغنية حرام، وأجر الزانية وثمن الكلب الذي ليس بكلب صيد سحت.

واعلم أن الرشا في الحكم هو الكفر بالله العظيم.

وإذا اتجرت فاجتنب خمسة أشياء: اليمين، والكذب، وكتمان العيب، والمدح إذا بعت، والذم إذا اشتريت وقال الصادق عليه السلام: من لزم التجارة استغنى عن الناس وقال: لاتترك التجارة فان تركها مذهبة للعقل، وأوسع على عيالك، وإياك أن يكونوا هم السعاة عليك.

وقال والدي (ره) في وصيته إلى: " استعمل يا بني في تجارتك مكارم الاخلاق والافعال للدين والدنيا" فلو ان رجلا اعطته امرأته مالا وقالت: اصنع به ما شئت، فاراد الرجل ان يشترى جارية يطأها لما جاز له لانها ارادت مسرته فليس له ان يعمل (يفعل ل) ما اساء‌ها وإذا سألك رجل شراء ثوب فلا تعطه من عندك فانه خيانة، ولو كان الذي عندك اجود مما تجده عند غيرك.

واياك واعمال السلطان فلا تدخل فيها، فان دخلت فيها فاحسن إلى كل أحد ولا ترد أحدا من حاجته ما تهيأ لك، فقد روى عن الرضا عليه السلام أنه قال: إن لله مع السلطان اولياء يدفع بهم عن اوليائه، وسئل أبوعبدالله عليه السلام عن رجل مسلم يحب آل محمد وهو في ديوان هؤلاء فيقتل تحت رايتهم فقال: يبعثه الله على نيته، وإذا قال الرجل لرجل: إعمل لي حاجة عند السلطان ولك كذا وكذا فلا بأس بذلك، ولا بأس بشراء الطعام والثياب من السلطان.

واعلم ان البيعين(١) بالخيار ما لم يفترقا فاذا افترقا فلا خيار لهما، وصاحب

____________________

(١) في المستدرك نقلا عن المقنع (البايعان).

١٢٢

الحيوان بالخيار ثلاثة أيام للمشتري.

ولا بأس أن يشترى الرجل النخل والثمار ثم يبيعه قبل أن يقبضه، ولا يجوز بيع النخل إذا حمل حتى يزهو وهو: ان يحمر ويصفر، ولا يجوز أن يشتري النخل قبل أن يطلع ثمره بسنة مخافة الآفة حتى يستبين ولا بأس أن يشتريه سنتين أو ثلاث سنين أو أربعة أو أكثر من ذلك وعلة ذلك إنه إن لم يحمل في هذه السنة حمل في قابل، وان اشتريته سنة واحدة فلا تشتره حتى يبلغ.

ولا يجوز أن تشترى الطعام ثم تبيعه قبل أن تكتاله، وما لم يكن فيه كيل ولا وزن فلا بأس ان تبيعه قبل أن تقبضه، وروى لا بأس أن يشترى الرجل الطعام ثم يبيعه قبل أن يقبضه ويوكل المشترى بقبضه.

وسئل أبوعبدالله عليه السلام عن رجل ابتاع من رجل طعاما بدراهم فاخذ نصفها وترك نصفها، ثم جاء‌ه بعد ذلك وقد ارتفع.

الطعام أو نقص، فقال: ان كان يوم ابتاعه ساعره ان له كذا وكذا فانما له سعره، وإن كان اخذ نصفه وترك نصفه ولم يسعرا سعرا فانما له سعر يومه، وان اشترى رجل طعاما فتغير سعره قبل أن يقبضه فان له السعر الذى اشتراه به.

وسئل أبو عبدالله عليه السلام عن الرجل يبضعه الرجل ثلاثين درهما في ثوب، وآخر بعشرين درهما في ثوب، فبعث بالثوبين فلم يعرف هذا ثوبه ولا هذا ثوبه، فقال: يباع الثوبان جميعا فيعطى صاحب الثلاثين ثلاثة أخماس الثمن ويعطى صاحب العشرين خمسى الثمن، قيل: فان قال صاحب العشرين لصاحب الثلاثين اختر ايهما شئت، قال: قد انصفه.

واعلم ان من ترك دارا أو عقارا أو ارضا في يد غيره، فلم يتكلم ولم يطلب ولم يخاصم في ذلك عشر سنين فلا حق له(١) .

____________________

(١) ظاهر المختلف ان الصدوق منفرد به حيث لم يحكه الا عنه، واحتج له بخبر يونس عن العبد الصالح عليه السلام، وفيه (ومن ترك مطالبة حق له عشر سنين فلا حق له) وعن يونس عن رجل عن أبيعبد الله عليه السلام قال من أخذت منه ارض ثم مكث ثلاث سنين لا يطلبها لا يحل له بعد ثلاث سنين ان يطلبها.

ثم قال: وفى السند قول، فان في طريق الاولى سهل بن زياد، والاخرى مرسلة) وقال في الوسائل: (لعل هذا مخصوص بما اذا خربت الارض بعد ما احياها،

١٢٣

واذا اعطيت رجلا مالا فجحدك عليك وحلف، ثم أتاك بالمال بعد مدة وبما ربح فيه وندم على ما كان منه، فخذ منه رأس مالك ونصف الربح ورد عليه نصف الربح، فانه تائب.

وقال النبى صلى الله عليه وآله: من حلف بالله فليصدق، ومن حلف له فليرض ومن لم يرض فليس من الله وليس لك ان تأخذ ممن حلفته شيئا، وإن جحد رجل حقك ثم وقع له عندك مال فلا تأخذ منه إلا حقك ومقدار ما حبسه عندك وتقول: اللهم إنى لم اخذ ما اخذت منه خيانة وظلما، ولكنى اخذته مكان حقى، فان استحلفك على ما اخذت فجائز لك ان تحلف إذا قلت: هذه الكلمة.

ولا تطالب أحدا في الحرم ولا بمكة بحقك ولا تسلم عليه فتفزعه، إلا أن تكون اعطيته حقك في الحرم فلا بأس أن تطالب به في الحرم، فان اتاك رجل بحقك من غير أن تطالبه، فان كنت موسرا فتصدق به، وإن كنت محتاجا فخذه لنفسك.

وان اشتريت نخلا لتقطعه للجذوع(١) فغبت وتركت النخل كهيئته لم تقطعه ثم قدمت وقد حمل النخل فالحمل لك، الا أن يكون صاحب النخل يسقيه ويقوم عليه فان (وإن ل) اتى رجل ارض رجل فزرعها بغير اذنه، فلما بلغ الزرع جاء صاحب الارض، فقال: زرعت بغير اذنى فزرعك لى وعلى ما انفقت، فللزارع زرعه ولصاحب الارض كراء أرضه.

فان استقرضت من رجل دراهم ثم سقطت تلك الدراهم وتغيرت ولا يباع بها شئ، فلصاحب الدراهم الدراهم التى تجوز بين الناس. وإذا كان لك على رجل حق فوهبته له فليس لك ان ترجع فيه.

وإذا مررت ببساتين فلا بأس ان تأكل من ثمارها ولا تحمل معك منها شيئا ولا بأس للرجل ان يأكل ويأخذ من مال ولده بغير اذنه، وليس للولد ان يأخذ من مال

____________________

ولعل الحق المذكور في آخر الاول مخصوص بحق الارض التى غرس فيها شجر، ثم ترك حتى تلف وخربت، فانه لا يخرب عادة في الغالب الا في عشر سنين أو نحوها، ثم قال: ولا يخفى ان المعارضات لهما كثيرة، ويحتمل الحمل على التقية. (١) بالضم جمع جذع بالكسر وهو ساق النخلة.

١٢٤

والده إلا باذنه(١) ، ولا بأس أن تأكل من بيت اخيك وابيك وصديقك ما تخشى عليه الفساد من يومه بغير أذنه، مثل البقول والفواكه والبطيخ وإذا ارادت الام ان تأخذ من مال ولدها فليس لها، إلا ان تقومه على نفسها لترده عليه وللمرء‌ة أن تنفق من بيت زوجها بغير اذنه (المأدوم) دون غيره.

ولا بأس ان يشترى الرجل طعاما فلا يبيعه يلتمس به الفضل اذا كان بالمصر طعام غيره، واذ لم يكن بالمصر طعام غيره فليس له امساكه وعليه بيعه، وهو محتكر. ولا بأس بالسلف في كل شئ من حيوان أو طعام أو غير ذلك.

باب الربا

اعلم ان الربا رباء ان: ربا يؤكل وهو هديتك إلى الرجل تريد الثواب افضل منها، وهو قول الله تعالى: (وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله)(٣) وربا لا يؤكل، وهو ان يدفع الرجل إلى الرجل عشرة دراهم على ان يرد عليه اكثر منها، وهو قول الله عزوجل (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربو ان كنتم مؤمنين، فأن لم تفعلوا فاذنوا بحرب من الله ورسوله، وإن تبتم فلكم رؤس أموالكم)(٤) يعنى ان يرد آكل الربا على صاحبه الفضل الذى اخذه عن رأس ماله، وروى حتى اللحم الذى على بدنه عليه ان يضعه فاذا وفق للتوبة أدمن دخول الحمام لينقص لحمه عن بدنه.

واعلم انه لا ربا إلا فيما يكال أو يوزن، فلو ان رجلا باع بعيرا ببعيرين، أو بقرة ببقرتين، أو ثوبا بثوبين أو أشباه ذلك مما لم يكن فيه كيل ولا وزن لم يكن بذلك بأس، ولا بأس بالسمن والزيت اثنين بواحد يدا بيد.

وإذا قال الرجل لصاحبه: عاوضنى بفرسك وفرسى وازيدك فلا يصلح ولا يجوز ذلك، ولكنه يقول: أعطنى فرسك بكذا

____________________

(١) حكى في المختلف عين هذا الكلام عن رسالة والده أيضا، كما حكى عنه: حكم حق المارة وأخذ الام من مال ولدها، مثل ما هنا.

(٢) يقال: (ادم الخبز) اى خلطه بالادام، فالخبز (مأدوم وأديم). والادام: ما يجعل مع الخبز فيطيبه.

(٣)؟

١٢٥

وكذا واعطيك فرسى بكذا وكذا(١) وليس بين الوالد وولده ربا، ولا بين الزوج والمرأة، ولا بين المولى والعبد ولا بين المسلم والذمى، قد انتظمت لك امر الربا كله.

باب الدين

قال والدى على بن الحسين رحمه الله في وصيته إلى: اعلم يا بنى انه من استدان دينا ونوى قضاه فهو في امان الله حتى يقضيه، وان لم ينو قضاه فهو سارق، واتق الله يا بنى وأد إلى من له عليك، وارفق بمن لك عليه حتى تأخذه منه في عفاف وإذا مات الرجل وله دين على رجل، فان اخذه وارثه منه فهو له، وان لم يعطه فهو للميت في الاخرة وزكاة الدين على من استقرض، واذا كان للرجل على رجل مال فضمنه رجل عند موته وقبل الذى له الحق ضمانه فقد برئ الميت منه، ولزم الضامن رده عليه.

فان (وإن ل) مات رجل ولك عليه دين، فجعلته في حل منه كان لك بكل درهم عشرة، وان لم تحله كان لك بكل درهم درهم.

وإن كان على الرجل دين ولم يكن له مال وكان لابنه مال، فلا بأس أن يأخذ من مال ابنه فيقضى دينه.

وإن كان لك على رجل مال وكان معسرا، وانفق ما اخذه منه في طاعة الله فنظرة إلى ميسرة، وهو أن يبلغ خبره الامام فيقضى دينه، وان كان انفق ما اخذه منك في معصية الله فطالبه بحقك، فليس هو من أهل هذه الآية التى قال الله عزوجل: (فنظرة إلى ميسرة(٢) ).

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله اياكم والدين: فانه شين للدين، وهو هم بالليل وذل بالنهار.

واعلم ان من كان عليه دين فنوى قضاه، كان معه ملكان حافظان من الله عزوجل يعينان على أدائه، فان قصرت نيته قصر من المعونة بقدر ما قصر من نيته وإذا كان لك على رجل مال فلا زكاة عليك حتى يقبضه ويحول عليه الحول في

____________________

(١) قد افتى بهذا في الفقيه أيضا، وهو موافق لخبر ابن مسكان، وقد حمله الشيخ على الاحتياط والافضل، وهذا الكلام يظاهره لايوافق قوله قبيل ذلك: واعلم انه لا رباء الا فيما يكال أو يوزن.

(٢) البقرة - ٢٨٠.

١٢٦

يدك إلا أن تأخذ منفعته في التجارة، فان كان كذلك فعليك زكاته

باب الكفالات

اعلم ان الكفالات (لة ل) خسارة وندامة وغرامة، واعلم انها أعلكت القرون الاولى(١) ، وإذا كان لرجل على صاحبه حق فضمنته بالنفس فعليك تسليمه، وعلى الامام ان يحبسك حتى تسلمه، وان ضمنته بالمال فعليك بالمال،

باب اللقطة

وإذا وجدت لقطة فلا تمسها ولا تأخذها، فلو ان الناس تركوا ما يجدونه لجاء صاحبه فأخذه، وإن وجدت في الحرم لقطة فعرفها سنة، فان ظهر صاحبها وإلا تصدقت بها، وإن وجدتها في غير الحرم فعرفها سنة، فان جاء صاحبها وإلا فهى كسبيل مالك، وإن كانت دون درهم فهى لك.

وان وجدت في الحرم دينارا مطلسا(٢) فهو لك لا تعرفه، وإن وجدت لقطة في دار وكانت عامرة فهى لاهلها، وإن كانت خرابا فهى لك(٣) ، وإن وجدت شاة في فلاة فخذها، فانها لك أو لاخيك أو للذئب وإن وجدت بعيرا(٤) في فلاة فلا تأخذه ودعه، فان بطنه وعاء‌ه وكرشه سقاء‌ه وخفه حذاء‌ه، وإن وجدت طعاما في مفازة فقومه على نفسك لصاحبه ثم كله، فان جاء صاحبه فرد عليه القيمة، وإن وجدت في جوف بقرة أو شاة أو بعير شيئا فعرفها صاحبها

____________________

(١) في خبر حفص بن البخترى عن أبيعبد الله عليه السلام: قال: ان قوما اذنبوا ذنوبا كثيرة، فاشفقوا منها وخافوا خوفا شديدا، فجاء آخرون فقالوا ذنوبكم علينا، فانزل الله عزوجل عليهم العذاب، ثم قال تبارك وتعالى: خافونى واجترأتم على.

(٢) المطلس (كمفلس): الذى ذهب نقشه وخفى. وحكى في المختلف هذا الحكم بهذا اللفظ عن أبيه، وقال: المشهور التحريم، وذكر ان مستنده معارضة بالاحاديث.

(٣) في الفقيه (قال الصادق عليه السلام: افضل ما يستعمله الانسان في اللقطة اذا وجدها أن لا يأخذها ولا يتعرض لها) ثم ساق الكلام مثل ما هنا إلى هذا الحد.وحكى في المختلف هذا اللفظ عن أبيه كما حكى عنه غالب هذه الاحكام نحوا من ذلك.

(٤) البعير من الابل بمنزلة الانسان، يقال للجمل والناقة، قاله الجوهرى. والكرش (كحبر و كتف): ما للبعير بمنزلة المعدة للانسان.

١٢٧

الذى اشتريتها منه، فان عرفها وإلا فهى كسبيل مالك(١) .

واللقطة إذا وجدها الغنى والفقير فهى بمنزلة واحدة، فان وجدت لقطة(٢) فهى حرة لاتسترق ولا تباع، فان ولدت من الزنا فهو مملوك، اعنى ولدها إن شئت بعته والا أمسكته.

باب ما هو اللقطة

سأل حفص بن غياث النخعى القاضى أبا عبدالله عليه السلام عن رجل من المسلمين أودعه رجل من اللصوص دراهم أو متاعا، واللص مسلم، هل يرده عليه؟ لا يرده عليه، فان امكنه ان يرده على أصحابه فعل، وإلا كان في يديه بمنزلة اللقطة يصيبها فيعرفها حولا، فاذا أصاب صاحبها وإلا تصدق بها، فان جاء صاحبها بعد ذلك خير بين الاجر والغرم، فان اختار الاجر فله الاجر، وان اختار الغرم غرم له وكان الاجر له.

باب الرهن والوديعة والعارية وغير ذلك

اذا رهن رجل عندك رهنا على أن يخرجه إلى أجل فلم يخرجه فليس لك أن تبيعه، فان الرهن رهن إلى يوم القيامة، فان اشترط أنه إن لم يحمل في يوم كذا وكذا فبعه فلا بأس أن تبيعه اذا جاء الاجل ولم يحمل، وإن كان فيه فضل فبعه وأمسك ما فضل حتى يجئ صاحبه فرد عليه، وإن كان فيه نقصان فعلى الله الاجر.

فان رهن رجل عند رجل دارا فاحترقت وانهدمت، فان ماله في تربة الارض.

فان رهن عنده مملوكا فاجذم، أو رهن عنده متاعا فلم ينشر المتاع ولم يحركه

____________________

(١) قد تكرر هذا اللفظ في الاخبار، واستفاد منه ابن ادريس الملكية، وانكر عليه العلامة في المختلف اشد الانكار لاجل التشبيه، وعليه فالمراد منه انه يعامل معها معاملة ماله حتى يجئ صاحبها وقد صرح به في بعض الاخبار، ففى صحيحة محمد بن مسلم عن أبيجعفر عليه السلام فان جاء طالبها والا فاجعلها في عرض مالك يجرى عليها مايجرى على مالك.

وفى خبر آخر يعرفها سنة ثم هى كساير ماله. (٢) اللقيط واللقيطة: المولود الذى ينبذ.

١٢٨

ولم يتعاهده فانفسد(١) ، فان ذلك لم ينقص من ماله شيئا.

فان رهن عنده رهنا فضاع أو أصابه شئ رجع بماله عليه، فان هلك بعضه وبقى بعضه فان حقه فيما بقى، فان ضيعه المرتهن من غير أن ضاع فان عليه أن يرد على الراهن الفاضل إن كان فيه، وإن كان ساوى مقدار حقه وضيعه فليس عليه شئ، وإن كان الرهن أقل من ماله أدى الراهن اليه فضل ماله.

فان اختلف رجلان في الرهن، فقال أحدهما: رهنته بألف درهم، وقال الآخر: بمأة درهم فانه يسأل صاحبه الالف البينة، فان لم يكن له بينة حلف صاحب المأة وإن قال أحدهما: هو رهن وقال الآخر: هو وديعة عندك فانه يسأل صاحب الوديعة ببينة، فان لم تكن له بينة حلف صاحب الرهن.

وإن رهن رجل عند رجل دارا لها غلة فالغلة لصاحب الدار(٢) ، وإن رهن أرضا فقال الراهن ازرعها لنفسك فليزرعها وله ما حل منها كما أحله له، لانه يزرعها بماله ويعمرها.

وسئل أبوالحسن عليه السلام عن رجل هلك أخوه وترك صندوقا فيه رهون، وبعضها عليه اسم صاحبها وبكم هو رهن، وبعضها لا يدرى لمن هو ولا بكم هو رهن، ما ترى في هذا الذى لا يعرف صاحبه؟ فقال: هو كما له.

فان رهن رجل أرضا فيها ثمر، فان ثمرها من حساب ماله وله حساب ما عمل فيها وأنفق عليها، واذا استوفى ماله فليدفع الارض إلى صاحبها. واعلم انه متى ما رهن رجل عند رجل رهنا فضاع من غير أن يضيعه فهو

____________________

(١) في المختلف نقلا عن المقنع (فلم يتعهده ففسد)، ولكن في المستدرك مثل ما هنا.

قال في المختلف بعد نقل هذا الكلام: (والاقرب ان على المرتهن الضمان، لانه يترك نشر الثوب المفتقر إلى نشره يكون مفرطا، والمفرط ضامن فيتقاصان). (٢) كذا هنا وفى المستدرك، وحكى في المختلف هذا الكلام عن المقنع هكذا.

(اذا كان الرهن دارا لها غلة فالغلة لصاحب الدار، فان سكنها المرتهن لم يمكنه غلتها لصاحبها. الا ان يكون استأجرها منه، فان اجرها فيجب عليه أن يحسب كراها من رأس ماله) ثم قال: ينبغى التقييد بالسكنى باذن الراهن، والظاهر ان مراده ذلك اذ الظاهر صحة التصرف الصادر من المسلم.

١٢٩

من مال الراهن ويرتجع المرتهن عليه بماله.

ولليس على مستعير عارية ضمان إلا أن يشترط، إلا الذهب والفضة لانهما مضمونان شرط أم لم يشترط.

وصاحب الوديعة والرهن مؤتمنان.

فان أعطى رجل رجلا مالا مضاربة.

ونهاه من أن يخرج من البلاد فخرج به، فانه يضمن المال إن هلك والربح بينهما.

وكان أمير المؤمنين عليه السلام يضمن القصار والصايغ، وكل من أخذ شيئا ليصلحه فأفسده، وكان أبوجعفر عليه السلام يتفضل على القصار والصائغ إذا كان مأمونا.

باب المزارعة والاجارة، وشراء اراضى اهل الذمة وبيعها، وبيع الكلاء والزرع وشرب الماء.

سئل الصادق عليه السلام عن رجل يزرع أرض رجل فيشترط عليه ثلثا للبذر وثلثا للارض وثلثا للبقر، فقال: لا ينبغى أن يسمى بذرا ولا بقرا، ولكن يقول لصاحب الارض: ازرع في أرضك ولك منها كذا وكذا: نصف أو ثلث أو ما كان من شرط، ولا يسمى بذرا ولا بقرا، فانه يحرم الكلام فيها.

وسئل عن مزارعة المسلم المشترك، ويكون من عند المسلم البذر والبقرة، ويكون الارض والماء والخراج على والعمل على العلج(١) ، قال: لا بأس.

ولا بأس أن يستأجر الرجل الارض بخمس ما يخرج منها أو بدون ذلك أو بأكثر مما يخرج منها من الطعام، والخراج على العلج.

ولا بأس بأن يستأجر الارض بدراهم، وتزارع الناس على الثلث أو الربع أو أقل أو أكثر اذا كنت لا تأخذ الرجل إلا بما اخرجت أرضك، وروى الحلبى عن أبى عبدالله عيه السلام أنه قال: لا تستأجر الارض بالحنطة ثم تزرعها حنطة.

ولا بأس أن يبيع العصير والتمر ممن يجعله خمرا، ولا بأس ببيع الخشب ممن يتخذه برابط(٢) ولا يجوز بيعه ممن يتخذه صلبانا.

فان استأجر الرجل من صاحبه أرضا، وقال: اجرنيها بكذا وكذا، إن زرعتها

____________________

(١) العلج الرجل القوى الضخم، ويقال لكفار العجم، واريد به هنا أهل الرساتيق.

(٢) بربط، من آلات اللهو.

١٣٠

أو لم ازرعها اعطيك ذلك، فلم يزرعها الرجل، فان له أن يأخذه بماله، فان شاء ترك، وإن شاء لم يترك.

وإذا أعطى رجل أرضه رجلا وهى خربة، فقال: اعمرها وهى لك ثلاث سنين أو أربع سنين أو خمس سنين أو ما شاء فلا بأس به.

وسئل أبوعبدالله عليه السلام عن رجل استأجر أرضا من أرض الخراج بدراهم مسماة أو بطعام مسمى، فيواجرها جريبا جريبا، وقطعة قطعة بشئ معلوم، فيكون له فضل فيما استأجر من السلطان، ولا ينفق شيئا، أو يواجر تلك الارض قطعا على أن يعطيهم البذر والنفقة فيكون له في ذلك فضل عيل اجارته وله تربة الارض أله ذلك أو ليس له، فقال: اذا استأجرت أرضا فانفقت فيها شيئا أو رهنت فلا بأس بما ذكرت(١) .

ولابأس أن يستكرى الرجل الارض بمأة دينار فيكرى نصفها بخمسة وتسعين دينار ويعمر بقيتها.

وقال الصادق عليه السلام: لا بأس أن يستأجر الرجل الارض ثم يواجرها بأكثر مما استأجرها، إن هذا ليس كالحانوت، إن فضل الحانوت والاجير حرام.

ولو أن رجلا استأجر دارا بعشرة دراهم، فسكن ثلثيها واجر ثلثها بعشرة دراهم لم يكن به بأس، ولكن لا يواجرها بأكثر مما تقبلها به.

وسئل أبوعبدالله عليه السلام عن شراء القصيل(٢) يشتريه الرجل فلا يقصله، ويبدو له في تركه حتى يخرج سنبله شعيرا أو حنطة، وقد اشتراه من أصله.

وعلى أربابه خراج(٣) فقال: إن كان اشترط حين اشتراه إن شاء قطعه قصيلا، وإن شاء تركه كما هو حتى

____________________

(١) اخرجه المشايخ الثلاثة في كتبهم، وفيها (او رممت فيها) بدل او رهنت، وهو الصحيح وقوله: ولا بأس ان يستكرى الخ ليس في غير الفقيه، وعده في الوسائل من تتمة الحديث، وظاهر الوافى انه ليس منها، وهو الاظهر.

وقوله وله تربة الارض: اى شئ منها، وفى غير الفقيه: وله تربة الارض او ليست له: وهو نسخة هنا، اى اما ان يبقى لنفسه منها شيئا او لا يبقى، كذا فسر النسختين في الوافى.

(٢) القصيل: الشعير يجز اخضر لعلف الدواب، والمراد هنا ما يعم الحنطة، وهو من بمعنى القطع.

(٣) في الفقيه: (وما كان على اربابه من خراج فهو على العلج) وقريب منه ما في من الكتب الاربعة.

١٣١

يكون سنبلا وإلا فلا ينبغى له أن يتركه حتى يكون سنبلا ولا يجوز أن يشترى زرع الحنطة والشعير قبل أن يسنبل وهو حشيش، إلا أن يشتريه للقصيل تعلفه الدواب. ولا بأس ببيع الماء. وليس بشراء أراضى اليهود.

والنصارى بأس يؤدى عنها ما كانوا يؤدون عنها من الخراج.

وقد قال النبى صلى الله عليه وآله: من غرس شجرا بيده(١) أو حفر واديا لم يسبقه اليه أحد، ومن أحى أرضا ميتا فهى قضاء من الله كرمه.

باب القضاء والاحكام

إياك والقضاء فاجتنبه، فان القضاء أشد المنازل من الدين، ولا يفى به إلا نبى أو وصى نبى.

وقال أمير المؤمنين عليه السلام لشريح: ياشريح قد جلست مجلسا ما جلسه إلا نبى أو وصى نبى أو شقى.

واعلم أن القضاة أربعة: قاض قضى بالباطل وهو يعلم أنه باطل فهو في النار وقاض قضى بالباطل وهو لا يعلم أنه باطل فهو في النار، وقاض قضى بالحق وهو لا يعلم أنه حق فهو في النار، وقاض قضى بالحق وهو يعلم أنه حق فهو في الجنة.

واعلم أن من جلس للقضاء فان أصاب الحق في الحكم فبالحرى أن يسلم، وإن اخطأ أخطأ طريق الجنة.

واعلم(٢) أن الحكم في الدعاوى كلها أن البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه، فان نكل عن اليمين لزمه الحق، فان رد المدعى عليه اليمين على المدعى إذا لم يكن للمدعى شاهدان فلم يحلف فلا حق له، إلا في الحدود فلا يمين فيها، وفى الدم فان البينة على المدعى عليه واليمين على المدعى، لئلا يبطل دم امرء مسلم.

واعلم أنه أيما رجل كان بينه وبين امرء مسلم أخ له مماراة في حق، فدعاه إلى رجل من إخوانه ليحكم بينه وبينه، فأبى إلا أن يرافعه إلى هؤلاء، كان بمنزلة الذين قال الله عزوجل: (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما انزل اليك وما

____________________

(١) في الفقيه: (شجرا بديا) وفى الكافى: (من غرس شجرا أو حفر واديا بديا لم يسبقه اليه أحد) والبدى: البديع. وفيهما: (ورسوله) مكان (وكرمه).

(٢) قد نسب هذا الكلام إلى قوله: (دم امرء مسلم) في الفقيه إلى أبيه في رسالته اليه، ويظهر من ملاحظة مواضع مختلفة من المختلف، ان غالب ما في هذا الباب موافق لكلام والده، كما ان اكثره موافق لكتاب فقه الرضا عليه السلام، فلاحظ باب القضاء منه.

١٣٢

انزل من قبلك، يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت، وقد امروا أن يكفروا به(١) .

فان ابتليت بالقضاء فسو بين الناس بالاشارة والنظر في المجلس.

واعلم انه لايجوز شهادة الولد على الوالد، ويجوز شهادة الوالد على ولده وعلى ولده، وتجوز شهادة الاعمى اذا أثبت، وشهادة العبد اذا كان عدلا لا بأس بها لغير سيده ولا يجوز شهادة المفترى حتى يتوب من فريته، وتوبته أن يقف في الموضع الذى قال فيه: ما قال فيكذب نفسه، ولا تجوز شهادة شارب الخمر ولا مقامر، ولا من يلعب بالشطرنح والنرد، ولا أجير لصاحبه، ولا تابع لمتبوع، ولا تجوز شهادة على شهادة في الحدود، ولا تجوز شهادة الرجل لشريكه إلا فيما لا يعود نفعه عليه.

وقضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل استودع رجلا دينارين، واستودعه آخر دينارا فضاع دينار منها: ان لصاحب الدينارين دينارا، ويقتسمان في الدينار الباقى فيجعل بينهما نصفين.

واذا كان بين رجلين درهمان فيقول أحدهما: الدرهمان لى، ويقول الآخر: بينى وبينك، فان الذى يقول: بينى وبينك قد أقر أن أحد الدرهمين ليس له وانه لصاحبه، وأما الآخر فبينهما نصفان.

واذا شهد رجل على شهادة رجل فان شهادته تقبل وهو نصف شهادة فان شهد رجلان على شهادة رجل فقد ثبت شهادة رجل واحد، وإن كان الذى شهد عليه معه في مصره.

واذا حضر فشهد أحدهما على شهادة الآخر وأنكر صاحبه أن يكون أشهده على شهادته، فانه يقبل قول أعدلهما.

واذا ادعى رجل على رجل عقارا أو حيوانا أو غيره وأقام شاهدين، وأقام الذى في يده شاهدين واستوى الشهود في العدالة، فالحكم فيه أن يخرج الشئ من يدى مالكه إلى المدعى، لان البينة عليه، وإن لم يكن الشئ في يدى أحد وادعى فيه الخصمان جميعا، فكل من أقام البينة فهو أحق به، فان أقام البينة فهو أحق به، فان قام كل واحد منهما البينة

____________________

(١) النساء - ٦٠

١٣٣

فان أحق المدعيين من عدل شاهداه، وإن استوى الشهود في العدالة فأكثرهم شهودا يحلف بالله ويدفع اليه الشئ كذلك ذكره والدى (ره) في رسالته إلى.

واذا وجد كيس بين جماعة فقالوا كلهم: ليس هو لنا وقال واحد منهم: هو لى فهو له.

واذا كان لرجلين مملوكان مفوض اليهما يشتريان بأموالهم وكان بينهما كلام، فجاء هذا إلى مولى هذا وهذا إلى مولى هذا فاشترى كل واحد منهما الآخر فأخذ هذا بتلابيب،(١) هذا وهذا بتلابيب هذا، فقال كل واحد منهما لصاحبه: أنت عبدى قد اشتريتك، فانه يحكم بينهما من حيث افترقا فتذرع الطريق، فأيهما كان أقرب فهو الذى سبق الذى هو أبعد، وان كانا سواء فهما رد على مواليهما لانهما جاء‌ا سواء وافترقا سواء، إلا أن يكون أحدهما سبق الآخر فالسابق هو له، إن شاء باع وإن شاء أمسك وليس له أن يضر به.

واذا اشترى رجلان جارية فواقعاها جميعا فأتت بولد فانه يقرع بينهما، فمن أصابته القرعة ألحق به الولد ويغرم نصف قيمة الجارية لصاحبه، وعلى كل واحد منهما نصف الحد.

وإن كانوا ثلاثة نفر فواقعوا جارية على الانفراد، بعد اشتراها الاول وواقعها، والثانى اشتراها وواقعها، والثالث اشتراها وواقعها، كل ذلك في طهر واحد فأتت بولد، فان الحق أن يلحق الولد بالرجل الذى عند الجارية ليصير إلى قول رسول الله صلى الله عليه وآله الولد للفراش وللعاهر الحجر، قال والدى (ره) في رسالته إلى: هذا ما لا يخرج في النظر وليس فيه إلا التسليم.

وسئل أبوعبدالله عليه السلام عن رجل قبل رجلا حفر بئر عشر قامات بعشرة دراهم فحفر قامة ثم عجر، فقال له: من خمسة وخمسين جزء‌ا جزء من عشرة دراهم.

واذا اشترى رجل جارية فجاء رجل فاستحقها وقد ولدت من المشترى، ردت الجارية وكان له ولدها بقيمته.

____________________

(١) جمع تلبيب وهو الطوق.

١٣٤

ولا بأس بشهادة النساء في النكاح والدين وفى كل ما لا يتهيأ للرجال أن ينظروا اليه، ولا بأس بشهادة النساء في الحدود اذا شهد امرء‌تان وثلاثة رجال، ولا تقبل شهادتين اذا كن أربع نسوة ورجلان (رجلين)، ولا تجوز شهادتهن في رؤية الهلال ولا في الطلاق.

واذا شهد أربعة شهود على رجل بالزنا ولم يعدلوا ضربوا بواحد المفترى، واذا شهد ثلاثة عدول وقالوا: الآن يأتى الرابع ضربوا حد المفترى.

وقال والدى (ره) في رسالته إلى: اذا شهد أربعة شهود عدول على رجل بالزنا فرجم، أو شهد رجلان على رجل بقتل رجل أو بسرقة رجل، فرجم الذى شهدوا عليه بالزنا وقطع الذى شهدوا عليه بالسرقة، ثم رجعا عن شهادتهما، ثم قالا: غلطنا في هذا الذى شهدنا عليه فأتيا برجل آخر فقالا: هذا الذى قتل أو هذا الذى سرق، الزما دية المقتول الذى قتل ودية اليد التى قطعت بشهادتهما، ولم تقبل شهادتهما بعد ذلك ورد بما الزم من شهدا عليه، وعقوبتهما في الآخرة النار استحقاها من قبل أن تزول أقدامهما.

باب الشفعة

اعلم أنه لا شفعة الا لشريك غير مقاسم، ولا شفعة في سفينة ولا طريق ولا حمام ولا نهر ولا رحى ولا ثوب ولا شئ مقسوم، وهى في كل شئ واجبة(١) من حيوان وأرض ورقيق وعقار.

فاذا كان الشئ بين شريكين فباع أحدهما، فالشريك أحق به من الغريب، وإن كان الشركاء أكثر من اثنين فلا شفعة لواحد منهم(٢) . وإذا

____________________

(١) في المختلف نقلا عن المقنع: (وهى واجبة في كل شئ عدا ذلك من حيوان الخ) وكان هذا هو الصحيح. وقد حكى فيه نحوا مما هنا عن أبيه، ولكنه لم يذكر (السفينة).

(٢) في المختلف نقلا عن المقنع: (وان كان الشركاء أكثر من اثنين فلا شفعة لواحد منهم، و روى ان الشفعة على عدد الرجال، وروى انها يجب لاكثر من اثنين) وقال في الفقيه بعد قول الصادق عليه السلام: (فان زاد على اثنين فلا شفعة لاحد منهم): يعنى في ذلك الشفعة في الحيوان وحده، واما في غير الحيوان فالشفعة واجبة للشركاء وان كانوا أكثر من اثنين، وتصديق ذلك ما رواه أحمد بن محمد بن أبى نصر عن عبدالله بن سنان. وذكر الحديث.

١٣٥

كانت دار فيها دور وطريق أربابها في عرصة واحدة، فباع أحدهم دارا منها من رجل فطلب صاحب الدار الاخرى الشفعة، فان له عليه الشفعة اذا لم يتهيأ له أن يحول باب الدار التى اشتراها إلى موضع آخر، فان حول بابها فلا شفعة لا حد عليه.

واعلم أن الشفعة لا تجب إلا لشريك غير مقاسم، وروى اذا ارفت(١) الآرفة وعرفت الحدود فلا شفعة.

ووصى اليتيم بمنزلة أبيه يأخذ له، بالشفعة، وللغائب شفعة.

باب الايمان والنذر والكفارات

اليمين على وجهين:(٢) أحدهما أن يحلف الرجل على شئ ولا يلزمه أن يفعل فيحلف أنه يفعل ذلك الشئ أو يحلف على ما يلزمه أن يفعل الكفارة اذا لم يفعله، (والاخرى) على ثلاثة أوجه: (فمنها) ما يوجر الرجل عليه اذا حلف كاذبا (ومنها) ما لا كفارة عليه ولا أجر له، (ومنها) ما لا كفارة عليه فيها والعقوبة فيها دخول النار: فأما التى يوجر الرجل عليها اذا حلف كاذبا ولم تلزمه الكفارة فهو أن يحلف الرجل في خلاص امرء مسلم أو خلاص ماله، وأما التى لا كفارة عليه ولا أجر له، فهو أن يحلف الرجل على شئ ثم يجد ما هو خير من اليمين فيترك اليمنى ويرجع إلى الذى هو خير، وأما التى عقوبتها دخول النار فهو اذا حلف الرجل على مال امرء مسلم أو على حقه ظلما، فهذه يمين غموس(٣) يوجب النار ولا كفارة عليه في الدنيا.

ولا يجوز إطعام الصغير في كفارة اليمين ولكن صغيرين بكبير، فان لم تجد في الكفارة إلا رجلا أو رجلين فكرر عليهم حتى يستكمل.

فان قال الرجل: (إن كلم ذا قرابة له فعليه المشى إلى بيت الله، وكل ما يملكه في سبيل الله، وهو برئ من دين محمد صلى الله عليه وآله) فانه يصوم ثلاثة أيام ويتصدق على

____________________

(١) يقال: ارفت على الارض تأريفا (بالراء المهملة): جعلت لها حدودا وقسمتها.

والارفة (كغرفة): الحد.

(٢) أرسل في الفقيه هذا الكلام إلى قوله: (ولا كفارة عليه في الدنيا) عن الصادق عليه السلام، وعقبه بعد سطرين بقوله: (والنذر على وجهين) وساق مثل ما هنا إلى آخر الباب باختلاف يسير.

(٣) اليمين الغموس اى: الكاذبة التى يتعمدها صاحبها.

١٣٦

عشرة مساكين، فان حلفت امرأة وقالت: (كل ما املك فهو للمساكين صدقة، وعلى المشى إلى بيت الله ان تزوجت) فعليها اذا تزوجت بان تتصدق بثلث مالها.

وإن لم تتزوج فليس عليها شئ.

واعلم انه لا يمين في قطيعة رحم، ولا نذر في معصية، ولا يمين لولد مع والده، ولا للمرأة مع زوجها، ولا للمملوك مع مولاه.

واعلم ان كفارة المينى اطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد، أو كسوتهم لكل رجل ثوبان، أو تحرير رقبة، وهو بالخيار اى الثلاث فعل جاز، وان لم يقدر على واحدة منها صام ثلاثة أيام متواليات.

وانوالنذر على وجهين أحدهما أن يقول : يقول الرجل: (إن كان كذا وكذا، صمت أو صليت أو حججت أو فعلت شيئا من الخير) فهو بالخيار إن ساء فعل وإن شاء لم يفعل، فان قال: (إن كان كذا وكذا فلله عليه كذا وكذا) فهذا نذر واجب لا يسعه تركه وعليه الوفاء به فان خالف لزمته الكفارة صيام شهرين متتابعين، وروى كفارة يمين(١) .

فان نذر رجل ان يصوم كل سبت أو أحد أو ساير الايام فليس له أن يتركه إلا من علة، وليس عليه صومه في سفر ولا مرض إلا أن يكون نوى ذلك، فان افطر من غير علة تصدق مكان كل يوم على عشرة مساكين.

فان نذر أن يصوم يوما بعينه ما دام حيا، فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر أو أضحى أو أيام التشريق أو سافر أو مرض، فقد وضع الله عنه الصيام في هذه الايام كلها، ويصوم يوما بدل يوم.

وإن نذر رجل نذرا ولم يسمى شيئا فهو بالخيار، إن شاء تصدق بشئ وإن شاء صلى ركعتين وإن شاء صام يوما.

واذا نذر يتصدق بمال كثير ولم يسمى مبلغه، فإن الكثير ثمانون دينارا (درهما) لقول الله عزوجل: ((لقد نصركم الله في مواطن كثيرة) وكانت ثمانين موطنا.

فان صام رجل يوما أو شهرا لم يسمه في النذر فافطر فلا كفارة عليه، إنما

____________________

(١) في الفقيه: (وكفارة النذر كفارة اليمين) مكان قوله هنا: (صيام شهرين متتابعين، وروى كفارة يمين).

١٣٧

عليه أن يصوم مكانه يوما أو شهرا على حسب ما نذر.

فان نذر ان يصوم يوما معروفا أو شهرا معروفا، فعليه أن يصوم ذلك اليوم أو ذلك الشهر، فان لم يصمه او صامه فافطر فعليه الكفارة، وان نذر رجل ان يصوم يوما فوقع ذلك اليوم على اهله، فعليه أن يصوم يوما بدل يوم ويعتق رقبة مؤمنة.

واعلم ان الاعمى لا يجزى في الرقبة، ويجزى الاقطع والاشل والاعور، ولا يجوز(١) المقعد، ويجزى في الظهار صبى ممن ولد في الاسلام.

فان حلف رجل غريمه أن لا يخرج من البلد إلا بعلمه فلا يجوز له أن يخرج حتى يعلمه، فان خشى أن لا يدعه أن يخرج ويقع عليه وعلى عياله ضرر، فليخرج ولا شئ عليه.

وإذا ادعى عليك مالا ولم يكن عليه بينة، فأراد المدعي أن يحلفك، فان بلغ مقدار ثلاثين درهما فاعطه ولا تحلف، وإن كان أكثر من ثلاثين درهما فاحلف ولا تعطه.

باب الصيد والذبائح

وإذا أردت أن ترسل كلبا على صيد فسم الله فان أدركته حيا فأذبحه أنت، وإن أدركته وقد قتله كلبك فكل منه وإن أكل بعضه، فان الله تعالى يقول: " فكلوا مما أمسكن عليكم "(٢) وروى كل ما أكل الكلب وإن أكل ثلثيه، كل ما أكل الكلب ولو لم يبق منه إلا بضعة واحدة، وإذا لم يكن معك حديدة تذبحه بها فدع الكلب يقتله ثم كل منه.

وإن أرسلت كلبك إلى صيد وشاركه كلب آخر، فلا تأكل منه إلا أن تدرك ذبحه، ولا تأكل مما صيد بباز أو صقر أو فهد أو عقاب أو غير ذلك، إلا ما أدركت ذكاته إلا الكلب المعلم، ولا بأس بأكل ما قتله إذا كنت قد سميت عليه.

____________________

(١) في الفقيه: (ولا يجزى المقعد ويجوز في الظهار الخ).

(٢) المائدة - ٤

١٣٨

وإذا رميت سهمك وسميت وأدركته وقد مات، فكله إذا كان في السهم زج(١) حديد وإن وجدته من الغد وكان سهمك فيه، فلا بأس بأكله إذا علمت أن سهمك قتله، فان رميته وهو على جبل فسقط ومات فلا تأكله.

وإن رميته فأصابه سهمك ووقع في الماء فمات، فكله إذا كان رأسه خارجا من الماء، وإن كان رأسه في الماء فلا تأكله، ولا تأكل ماصيد بالحجر والبندق(٢) .

وإن ذبحت فاستقبل بذبيحتك القبلة ولا تنخعها حتى تموت، ولا تأكل من ذبيحة لم تذبح من مذبحها، وإن امتنع عليك بعير وأنت تريد نحره أو بقرة أو شاة أو غير ذلك، فضربتها بالسيف وسميت فلا بأس بأكله.

وإذا ذبحت فسبقت الحديدة فأبانت الرأس فكله إذا خرج الدم.

والشاة إذا طرفت عينها أو ركضت برجلها أو حركت ذنبها فهي ذكية، وإن ذبحت شاة ولم تتحرك وخرج منها دم كثير غليظ (عبيط) فلا تأكل إلا أن يتحرك شئ منها كما ذكرناه.

ولا تأكل من فريسة(٣) السبع ولا الموقوذة ولا المنخنقة ولا المتردية ولا النطيحة إلا أن تذبحها وتذكيها.

وإذا ذبحت ذبيحة في بطنها ولد، فان كان تاما فكله فان ذكاته ذكاة امه، وإن لم يكن تاما فلا تأكله، وروى إذا أشعر أو أوبر فذكاته ذكاة امه.

وإذا ذبحت البقرة من المنحر فلا تأكلها، فان البقر تذبح ولا تنحر، وما نحر فليس بذكي.

____________________

(١) الزج (كمد): الحديدة التى في السهم ونحوه.

(٢) البندق (كقنفذ) كل ما يرمى به من رصاص كروى وما سواء.

(٣) الفريسة والفريس: القتيل.

والالفاظ الاربعة الاخرى مدكورة في القرآن، وتفسيرها على ما في خبر عبدالعظيم بن عبد الله الحسنى المروى في الفقيه والتهذيب عن أبى جعفر محمد بن على الرضا عليه السلام عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال: المنخنقة: التى انخنقت باخناقها حتى تموت.

والموقوذة: التى مرضت ووقذها المرض حتى لم يكن بها حركة.

والمتردية: التى تتردى من مكان مرتفع إلى اسفل، أو تتردى من جبل أو في بثر فتموت.

والنطيحة: التى تنطحها بهيمة اخرى فتموت.

قال في الوافى: وفي رواية (في تفسير الموقوذة) كانوا يشدون ارجلها ويضربونها حتى تموت.

١٣٩

ولا تأكل ذبيحة من ليس على دينك في الاسلام، ولا تأكل(١) ذبيحة اليهودي والنصراني أو المجوسي، إلا إذا سمعتهم يذكرون اسم الله عليها، فاذا ذكروا اسم الله فلا بأس بأكلها، فان الله يقول: "ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه " ويقول: " فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين" ولا بأس بذبيحة لنساء إذا ذكرت الله، وسئل أبوعبدالله عليه السلام عن ذبائح النصارى، فقال: لا بأس بها، فقيل: فانهم يذكرون عليها المسيح، فقال: إنما أرادوا بالمسيح الله.

وقد نهي في خبر عن أكل ذبيحة المجوسي ولا بأس بأكل ذبيحة المرأة والغلام إذا كان قد صلى وبلغ خمسة أشبار، وإذا كن نساء ليس معهن رجل فلتذبح أعلمهن ولتذكر اسم الله عليه.

وسئل أبوجعفر عليه السلام عن سباع الطير والوحش حتى ذكر له القنافذ(٢) والوطواط والحمير والبغال والخيل فقال: ليس الحرام إلا ما حرم الله في كتابه(٣) ، وقد نهى

____________________

(١) حكى في المختلف هذا الكلام عن المقنع هكذا: (ولا تأكل ذبيحة اليهود والنصارى والمجوس، الا ان تسمعهم يذكرون اسم الله عزوجل عليها، فاذا ذكروا اسم الله عزوجل عليها فلا بأس باكلها، فان الله عزوجل يقول: (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ان كنتم بآياته مؤمنين) ولا بأس بذبيحة نسائهم إذا ذكروا اسم الله عزوجل، وقد سئل أبوعبدالله عليه السلام الخ) وقد خلط في هذا الكلام بين الايتين، والصحيح، في المتن.

والآية الاولى: الانعام - ١٢١، والثانية: الانعام - ١١٨ وفي المختلف: (المشهور عند علمائنا تحريم ذبائح الكفار مطلقا، سواء كانوا اهل ملة كاليهود والنصارى والمجوس، اولا كعباد الاوثان والنيران وغيرهما) واختار نفسه الجواز عند الضرورة، واخبار المسألة متعارضة اى تعارض ! وقد صنف المفيد رحمه الله فيها رسالة، وهى بعد مخطوطة لم تطبع ونسخة منها امانة عندنا في جملة رسائله رضى الله عنه.

(٢) جمع قنقذ (كسنبل): دوبية ذات ريش حاد في اعلاء، يقى به نفسه اذ يجتمع مستديرا تحته. والوطواط: الخفاش.

(٣) قال في التهذيب: (المعنى فيه انه ليس الحرام المغلظ الشديد الخطر الا ما ذكره الله في القرآن، وان كان فيما عداء محرمات كثيرة، الا انها دونه في التغليظ) ثم استدل على هذا التأويل باخبار، واحتمل في الوسائل اختصاص الجواب بالخيل والبغال والحمير، كما احتمل في خصوص السباع التقية، قال: (وقد حمل بعض علمائنا حكم السباع على جواز الذكاة، واستعمال الجلود في غير الصلاة، بخلاف ما هو محرم في القرآن كالخنزير).

والكلام في مثل هذا الخبر والآية المذكورة طويل، راجع (آيات الاحكام للجزائرى) ص ٣٣٦.

والآية: الانعام ١٤٥.

١٤٠