سلسلة المتون الفقهية

سلسلة المتون الفقهية0%

سلسلة المتون الفقهية مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 202

سلسلة المتون الفقهية

مؤلف: محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (الشيخ الصدوق)
تصنيف:

الصفحات: 202
المشاهدات: 63373
تحميل: 4756

توضيحات:

سلسلة المتون الفقهية
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 202 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 63373 / تحميل: 4756
الحجم الحجم الحجم
سلسلة المتون الفقهية

سلسلة المتون الفقهية

مؤلف:
العربية

صيام شهرين متتابعين، أو اطعام ستين مسكينا، لكل مسكين مد من طعام وعليه قضاء ذلك اليوم وأنى له بمثله، فان لم يقدر على ذلك تصدق بما يطيق، وروي أن رجلا من الانصار أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال هلكت وأهلكت، فقال: وما أهلكك فقال: اتيت إمرء‌تى في شهر رمضان وأنا صائم، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: أعتق رقبة فقال لا اجد فقال صم شهرين متتابعين، قال: لا اطيق، قال: تصدق على خمسين (خ ل ستين) مسكينا، قال: لا اجد، فقال: فاتى النبي صلى الله عليه وآله بغدق في مكئل فيه خمسة عشر صاعا من تمر، فقال له النبي صلى الله عليه وآله خذ هذا وتصدق به، فقال الرجل، والذي بعثك بالحق نبيا ما بين لابتيها(١) أهل بيت أحوج إليه منا، قال فخذه وكله وأطعم عيالك فإنه كفارة لك.

٦ - باب من جامع أو افطر ناسيا في شهر رمضان او غيره

إذا نسي الصائم في شهر رمضان أو غيره فأكل او شرب فان ذلك رزق رزقه الله عزوجل فليتم صومه ولا قضاء عليه، وكان إذا جامع في شهر رمضان ناسيا كان بمنزلة من أكل وشرب في شهر رمضان ناسيا وليس عليه شئ.

٧ - باب من يضعف عن الصيام

إذا لم يتهيأ للشيخ أو الشاب أو كمرئة الحامل أن يصوم من العطش والجوع، أو تخاف المرأة أن يضر بولدها فعليهم جميعا الافطار، ويتصدق كل واحد عن كل يوم بمد من طعام، وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل:( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) قال: الشيخ الكبير والذي يأخذه العطش وعن قوله:( فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ) (٢) قال: من مرض أو عطش، والذي يضعف عن الصوم إذا لم يقدر على ما يتصدق به فليس عليه شئ.

٨ - باب الوقت الذى يؤخذ الصبى فيه بالصوم

إعلم ان الغلام يؤخذ بالصيام إذا بلغ تسع سنين على قدر ما يطيقه، فان أطاق إلى الظهر او بعده صام إلى ذلك الوقت، فإذا غلب عليه الجوع والعطش افطر، وإذا صام ثلثة ايام ولاء اخذ بصوم الشهر كله، وروي أن الغلام يؤخذ بالصوم ما بين

____________________

(١) اى لابتى المدينة، واللابة هى الارض ذات حجارة نخرة سود كانت احرقت بالنار.

(٢) المجادله / ٤

٦١

أربع عشر سنة إلى خمسة عشرة سنة إلى ستة عشر سنة إلا أن يقوى قبل ذلك، وروي عن أبى عبدالله عليه السلام أنه قال: على الصبي إذا احتلم الصيام وعلى المرئة إذا حاضت الصيام والخمار(١) إلا أن تكون مملوكة، فإنه ليس عليها خمار إلا ان تحب أن تختمر، وعليها الصيام.

٩ - باب تقصير المسافر في الصوم

إذا سافرت في شهر رمضان فأفطر على حد ما بنيت لك، الحد الذي يجب فيه التقصير في الصوم والصلوة في باب المسافر واعلم أن كل من وجب عليه التقصير في الصلوة في السفر فعليه الافطار، وكل من وجب عليه التمام في الصلوة فعليه الصيام، متى اتم صام ومتى قصر افطر.

والذي يلزمه التمام في الصلوة والصوم في السفر المكاري، والكرى(٢) و الاشتقان وهو البريد والراعى والملاح لانه عملهم وصاحب الصيد إذا صيده بطرا او اشرا، فعليه التمام في الصلوة والافطار في الصوم، وإذا كان صيده مما يعودبه على عياله فعليه التقصير في الصوم والصلوة، وإذا أصبح المسافر في بلده ثم خرج فإن شاء صام وإن شاء افطر، وإذا طلع الفجر وهو خارج لم يدخل فهو بالخيار إن شاء صام وإن شاء افطر وإن سافر قبل الزوال فليفطر، وان خرج بعد الزوال فليتم وروي إن خرج بعد الزوال فليفطر وليقض ذلك اليوم، وإذا أفطر المسافر فلا بأس ان يأتي اهله او جاريته ان شاء، وقد روي فيه نهى.

وقال أبوالحسن عليه السلام ليس من البر الصوم في السفر، فإن صام الرجل و هو مسافر، فإن كان بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن ذلك فعليه القضاء.

وان لم يكن بلغه فلا شئ عليه، وسئل أبوعبدالله عليه السلام عن الرجل يخرج يشيع اخاه مسيرة يومين أو ثلثة، فقال، إن كان في شهر رمضان فليفطر قلت: أيهما أفضل يصوم أو يشيعه

____________________

(١) الخمار وزان كتاب: ما يستر به المرئة رأسها. والاختمار التستر به.

(٢) الكرى كغنى المكترى، والمكارى وفي الوافى: الكثير المشى قال: وكانه اريد به الذى يكرى نفسه المشى. والاشتقان على ما في الفقيه ايضا البريد وبه فسر في بعض الاخبار، و عن السرائر هو الامين الذى يبعثه السلطان على حفاظ البيادر. والملاح: النوتى وهو من يأخذ ملح البحر على السفينة.

٦٢

قال: يشيعه ان الله قد وضع الصوم عنه إذا شيعه، وسئل عن رجل اتى سوقا يتسوق به (خ ل بها) وهى من منزله على سبع فراسخ، فإن هو أتاها على الدابة أتاها في بعض يوم، وإن ركب السفن لم يأتها في يوم، قال: يتم الراكب الذي يرجع من يومه صوما، و يفطر صاحب السفن.

وإذا اردت سفر او اردت أن تقدم من صوم السنة شيئا، فصم ثلثة ايام للشهر الذى تريد الخروج فيه، فلا تصومن في السفر شيئا من فرض ولا سنة ولا تطوع، إلا الصوم الذي ذكرته في أول الباب من صوم كفارة صيد المحرم وصوم كفارة الاحلال من الاحرام ان كان به أذى من رأسه وصوم ثلثة أيام لطلب حاجة عند قبر النبي صلى الله عليه واله وسلم وهو يوم الاربعاء والخميس والجمعة، وصوم الاعتكاف في المسجد الحرام او في مسجد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أو مسجد الكوفه او مسجد مداين.

١٠ - باب قضاء شهر رمضان

وإذا أردت قضاء شهر رمضان فإن شئت قضيته متتابعا وإن شئت قضيته متفرقا، وقد روي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: تصوم ثلثة ايام ثم تفطر، فاذا قضيت صوم شهر رمضان كنت بالخيار في الافطار إلى زوال الشمس، فان أفطرت بعد الزوال فعليك الكفارة مثل ما على من افطر يوما من شهر رمضان، وقد روي أن عليه إذا افطر بعد الزوال اطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد من الطعام، فان لم يقدر عليه صام يوما بدل يوم وصام ثلثة ايام كفارة لما فعل، فاذا(١) اصبح الرحل وليس من نيته ان يصوم ثم بدا له فله ان يصوم، وسئل الصادق عليه السلام عن الصائم للتطوع تعرض له الحاجة فقال هو بالخيار ما بينه وبين العصر وان مكث حتى العصر ثم بداله ان يصوم ولم يكن نوى ذلك فله ان يصوم ذلك اليوم إن شاء.

وإذا مات رجل وعليه صيام شهر رمضان فعلى وليه ان يقضى عنه، وكذلك من فاته في السفر او المرض، إلا أن يكون مات في مرضه من قبل أن يصح فلا قضاء عليه إذا كان كذلك، وإذا كان للميت وليان فعلى أكبرهما من الرجال ان يقضى

____________________

(١) خ ل وإذا.

٦٣

عنه، وإن لم يكن له ولى من الرجال قضى عنه وليه من النساء.

وإذا مرض الرجل وفاته صوم شهر رمضان كله ولم يصمه إلى ان دخل عليه شهر رمضان من قابل، فعليه أن يصوم هذا الذي دخله ويتصدق عن الاول لكل يوم بمد من طعام، وليس عليه القضاء إلا أن يكون صح فيمابين شهري رمضان، فإن كان كذلك ولم يصم فعليه ان يتصدق عن الاول لكل يوم بمد من طعام ويصوم الثانى فاذا صام الثاني قضى الاول بعده، وان فاته شهر رمضان حتى يدخل الشهر الثالث من مرض، فعليه أن يصوم الذي دخله ويتصدق عن الاول لكل يوم بمد من طعام و يقضى الثاني.

وإذا طهرت المرئة من حيضها وقد بقي عليها بقية يوم صامت ذلك المقدار تاديبا وعليها القضاء، وإذا وجب على الرجل صوم شهرين متتابعين فصام شهرا ولم يصم من الشهر الثانى شيئا، فعليه أن يعيد صومه ولم يجزه الشهر الاول إلا أن يكون افطر لمرض فله ان يبنى على ما صام فان الله حسبه، فان صام شهرا و صام من الشهر الثاني اياما ثم أفطر فعليه ان يبنى علي ما صام.

١١ - باب الرجل يتطوع بالصيام وعليه شئ من شهر رمضان

إعلم أنه لا يجوز ان يتطوع الرجل و عليه شئ من الفرض، كذلك وجدته في كل الاحاديث.

١٢ - باب الرجل يسلم وقد مضى بعض شهر رمضان

سئل الصادق عليه السلام عن رجل اسلم في النصف من شهر رمضان ما عليه من صيامه؟ قال: ليس عليه إلا ما اسلم فيه، وليس عليه ان يقضى ما قد مضى منه.

١٣ - باب فضل السحور

روى عن أمير المؤمنين عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال ان الله وملائكته يصلون على المستغفرين و المتسحرين بالاسحار، فليتسحر احدكم ولو بشربة من ماء، و افضل السحور السويق و التمر ومطلق كل (خ ل لك) الطعام والشراب إلى ان يستيقن

٦٤

طلوع الفجر، وقال النبي صلى الله عليه وآله تعاونوا بأكل السحر على صيام النهار وبالنوم عند القيلولة على قيام الليل.

١٤ - باب الوقت الذى يجوز فيه الافطار

إعلم أنه لا يحل لك الافطار إلا إذا بدت لك ثلاثة أنجم وهي تطلع مع غروب الشمس.

١٥ - باب فضل الصوم

عليك بصيام أول يوم من رجب فانه اليوم الذي ركب فيه نوح في السفينة فأمر من معه من الجن والانس أن يصوموا ذلك اليوم، وقال أبو جعفر عليه السلام من صام منكم ذلك اليوم تباعدت عنه النار مسيرة سنة ومن(١) صام سبعة أيام اغلقت عليه أبواب النيران السبعة، ومن صام ثمانية أيام فتحت له أبواب الجنان الثمانية، ومن صام عشرة أيام اعطى ما يسئل، ومن صام خمسة عشر يوما(٢) قيل له استأنف العمل فقد غفر لك، ومن زاد زاده الله، ومن صام يوما(٣) من عشر ذي الحجة كتب الله له صوم ثمانين شهرا.

ومن صام التسع كتب الله له صوم الدهر، ومن صام يوم سبعة وعشرين من رجب كان كفارة(٤) ستين شهرا.

وروي نوم الصائم عبادة ونفسه تسبيح، وفي خمسة(٥) وعشرين من رجب بعث الله محمدا صلى الله عليه واله وسلم، فمن صام ذلك اليوم كان كفارة مأتي سنة، وفي تسع وعشرين من ذي القعدة انزل الله الكعبة وهي أول رحمة نزلت، فمن صام ذلك اليوم كان كفارة تسعين(٦) سنة وفي أول يوم من ذي الحجة ولد إبراهيم خليل الرحمن، فمن صام ذلك اليوم كان كفارة ستين سنة، وفي تسع من ذي الحجة انزلت توبة داود عليه السلام فمن

____________________

(١) خ ل وان وكذا في قوله ومن صام ثمانية.

(٢) خ ل خمسة وعشرين، وهو الموافق لما رواء في التهذيب باسناده عن كثير النوا عن ابى جعفر عليه السلام، والظاهر ان هذا عين ذلك الخبر.

(٣) خ ل: اول يوم وهو موافق لما رواء في الفقيه مرسلا عن موسى بن جعفر عليه السلام.

(٤) خ ل كان كصيام ستين شهرا وهو الموافق لعدة اخبار.

(٥) (٦) خ ل سبعين وهو الوافق لما رواه في الفقيه مرسلا.

٦٥

صام ذلك اليوم كان كفارة تسعين سنة وفي أول يوم من المحرم دعا زكريا ربه فمن صام ذلك اليوم استجاب الله له كما استجاب من زكريا عليه السلام، وفي عشر من المحرم وهو يوم عاشورا أنزل الله توبة آدم، وفيه استوت سفينة نوح على الجودي، وفيه عبر موسى البحر، وفيه ولد عيسى بن مريم عليه السلام، وفيه أخرج الله يونس من بطن الحوت وفيه أخرج الله يوسف من بطن الجب، وفيه تاب الله على قوم يونس، وفيه قتل داود جالوت، فمن صام ذلك اليوم غفر له ذنوب سبعين سنة وغفر له مكاتم عمله.(١)

١٦ - باب الاعتكاف

إعلم أنه لا يجوز الاعتكاف إلا في خمسة مساجد: في المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه واله وسلم، ومسجد الكوفة، ومسجد مداين، ومسجد البصرة، والعلة في ذلك أنه لا يعتكف إلا في مسجد جامع جمع فيه إمام عدل، وقد جمع النبي صلى الله عليه واله وسلم بمكة والمدينة، وأمير المؤمنين عليه السلام في هذه المساجد، ولا يكون الاعتكاف إلا بصيام، وللمعتكف أن يخرج إلى الجمعة وإلى الحاجة وإلى قضاء الحاجة، وقد روي لا اعتكاف إلا في مسجد يصلى فيه الجمعة بامام وخطبة، وإن مرض المعتكف فله أن يرجع إلى أهله وليس عليه قضاء وروي أن اعتكاف العشر من شهر رمضان يعدل حجتين وعمرتين.

١٧ - باب الفطرة

ادفع زكاة الفطرة(٢) عن نفسك وعن كل من تعول من صغير وكبير وحر وعبد ذكر وانثى، صاعا من تمر أو صاعا من زبيب أو صاعا من بر أو صاعا من شعير، وأفضل ذلك التمر، ولا بأس أن تدفع قيمته ذهبا أو ورقا، ولا بأس بأن تدفع عن نفسك وعن من تعول إلى واحد، ولا يجوز أن تدفع ما يلزم واحد إلى نفسين، وإن كان لك

____________________

(١) اى اعماله المكتومة.

(٢) قوله: ادفع زكاة الفطرة إلى قوله واحد إلى نفسين اورده في (الهداية) بعين العيارة ناسيا له إلى الصادق عليه السلام وكذلك ما ذكر في وقت اخراج الفطرة كما ذكر هذا الاخير في الفقيه ناقلا اياه من رسالة والده رضى الله عنه

٦٦

مملوك مسلم أو ذمي فادفع عنه الفطرة، فان ولد لك مولود يوم الفطرة قبل الزوال فادفع عنه الفطرة، وإن ولد بعد الزوال فلا فطرة عليه، وكذلك إذا أسلم الرجل قبل الزوال أو بعده فعلى هذا.

ولا بأس باخراج الفطرة في أول يوم من شهر رمضان إلى آخره، وهي زكاة إلى أن تصلى العيد، فاذا أخرجتها بعد الصلاة فهي صدقة، وأفضل وقتها آخر يوم من شهر رمضان.

وروي أنه يجزي عن كل رأس نصف صاع من حنطة أو شعير وليس على المحتاج صدقة الفطرة.

وقال: أبوعبدالله عليه السلام: من لم يجد الحنطة والشعير تخرج عنه(١) القمح والسلت والعدس والذرة نصف صاع من ذلك كله، ولم أرو في التمر والزبيب أقل من صاع، وليس على من يأخذ الزكاة صدقة الفطرة، فان اخرج الرجل فطرته وعزلها حتى يجد لها أهلا فعطبت، فان أخرجها من ضمانه فقد برئ، وإلا فهو ضامن لها حتى يؤديها إلى أربابها.

وكتب محمد بن القاسم بن الفضيل إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام يسأله عن الوصي يزكي زكاة الفطرة من اليتامى إذا كان لهم مال؟ فكتب عليه السلام: لا زكاة على يتيم.

١٨ - باب الحج

إعلم أن الحج على ثلاثة أوجه: قارن، ومفرد للحج، ومتمتع بالعمرة إلى الحج، وليس لاهل مكة وحاضريها إلا القران والافراد، وليس لهم التمتع إلى الحج لان الله عزوجل يقول:( فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (٢) ثم قال:( ذَٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) وحد حاضري المسجد الحرام أهل مكة وحواليها على ثمانية وأربعين ميلا، ومن كان خارجا عن هذا الحد فلا يحج إلا متمتعا بالعمرة إلى الحج، فلا يقبل الله غيره.

فاذا أردت الخروج إلى الحج فاجمع أهلك، وصل ركعتين، ومجد الله كثيرا،

____________________

(١) خ ل يجزى عنه وفي الفقيه اجزء عنه والقمح بالفتح البر كما هو المعروف والمذكور في كتب اللغة الا ان المراد هنا ضرب منه. والسلت بالضم ضرب من الشعير لا قشر له او الحامض منه.

(٢) البقرة / ١٩٦

٦٧

وصل على النبي صل الله عليه واله وسلم وقل:( اللهم إني أستودعك اليوم ونفسى ومالي وأهلي وولدي وجيراني وأهل حزانتي الشاهد منا والغائب وجميع ما أنعمت به على، اللهم اجعلنا في كنفك ومنعك وعزك وعياذك، عز جارك وجل ثناء‌ك وامتنع عائذك ولا إله غيرك، توكلت على الحي الذي لا يموت، والحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا، الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا ) فاذا خرجت من منزلك فقل:( بسم الله الرحمن الرحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر (١) وكأبة المنقلب وسوء المنظر في الاهل والمال والولد، اللهم إني أسألك في سفري هذا السرور والعمل بما يرضيك عني، اللهم اقطع عني بعده ومشقته واصحبني فيه واخلفني في أهلي بخير ) .

فاذا استويت على راحلتك واستوى بك محملك، فقل: " الحمد لله الذي هدانا للاسلام، وعلمنا القرآن ومن علينا بمحمد صلى الله عليه واله وسلم سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون والحمد لله رب العالمين، اللهم أنت الحامل على الظهر والمستعان على الامر(٢) وإذا بلغت أحد المواقيت وقتها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فانه وقت لاهل الطائف قرن المنازل، ولاهل اليمن يلملم، ولاهل الشام المهيعة وهي الجحفة، ولاهل المدينة

____________________

(١) وعثاء السفر: تعبه ومشقته. وكابة المنقلب: الرجوع من السفر بالغم والحزن والانكسار.

(٢) وزاد في الفقيه: (وأنت الصاحب في السفر والخليفة في الاهل والمال والولد الهم أنت عضدى وناصرى) فاذا مضت بك راحلتك فقل في طريقك وذكر دعاء‌ا لم يذكره هنا: ثم ان ما تقدم من الدعاء وما يأتى من الدعاء والتلبية مذكور في آخر الحج من الفقيه في باب سياق مناسك الحج.

(٣) قرن المنازل بفتح الفاف وسكون الراء: قرية عند الطائف او اسم الوادى.

ويلملم ويقال الملم ويرمرم: جبل على مرحلتين من مكة.

والمهيعة وزان مشربة: المكان الواسع وهى ادنى إلى مكة من ذى الحليفة، وعن القاموس انها كانت قرية جامعة على اثنين وثمانين ميلا من مكة وذو الحليفة على سنة اميال من المدينة.

والجحفة بتقديم الجيم كانت مدينة فخربت سميت بها لاجحاف السيل بها.

والمسلح اما بالحاء المهملة بمعنى الموضع العالى او مكان اخذ السلاح، واما بالمعجمة كما هو المشهور بمعنى موضع نزع الثياب اى للاحرام.

والغمرة: منهل بطريق مكة و هو فصل ما بين تهامة نجد ناله في القاموس، وقد ورد حدود ذلك في الخبار على الاختلاف.

٦٨

ذا الحليفة وهي مسجد الشجرة، ولاهل العراق العقيق، وأول العقيق المسلخ ووسطه غمرة وآخره ذات عرق، ولا تؤخر الاحرام إلى آخرت وقت إلا من علة، وأوله أفضل، وإذا بلغت، فاغتسل والبس ثوبي إحرامك، ولا تقنع رأسك بعد الغسل، ولا تأكل طعاما فيه الطيب.

ولا بأس بان تحرم في أى وقت بلغت الميقات، فان أحرمت في دبر الفريضة فهو أفضل، فان لم يكن وقت المكتوبة، صليت ركعتي الاحرام وقرء‌ت في الاولى: الحمد وقل هو الله أحد، وفي الثانية: الحمد وقل يا أيها الكافرون، وإن كان في وقت صلاة مكتوبة، فصل ركعتي الاحرام قبل الفريضة ثم صل الفريضة، وأحرم في دبرها ليكون أفضل.

فاذا فرغت من صلاتك فاحمد الله واثن عليه وصل على النبي صلى الله عليه واله وسلم، وقل:( اللهم إنى أسألك أن تجعلني ممن استجاب لك وآمن بوعدك واتبع امرك، وإنى عبدك وفي قبضتك لا اوقى إلا ما أوقيت ولا آخذ إلا ما أعطيت، اللهم إني اريد ما أمرت به من التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك صلواتك عليه وآله، فان عرض لي عارض فحبسني فحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت على، اللهم إن لم تكن حجة فعمرة، أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي وعظامي ومخي وعصبي من النساء والثياب والطيب، أبتغي بذلك وجهك الكريم والدار الآخرة ) ويجزيك أن تقول: هذه مرة واحدة حين تحرم.

ثم قم فامض هنية فاذا استوت بك الارض راكبا كنت أم ماشيا، فقل:( لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك ) هذه الاربع مفروضات، ثم تقول: " لبيك ذا المعارج، لبيك لبيك تبدء والمعاد إليك، لبيك لبيك داعيا إلى دار السلام، لبيك لبيك غفار الذنوب، لبيك لبيك مرهوبا ومرغوبا إليك، لبيك لبيك أنت الغني ونحن الفقراء إليك لبيك لبيك ذا الجلال والاكرام، لبيك لبيك إله الخلق، لبيك لبيك ذا النعماء والفضل الحسن الجميل لبيك لبيك كشاف الكرب العظام، لبيك لبيك عبدك ابن عبديك، لبيك لبيك يا كريم، لبيك لبيك اتقرب إليك بمحمد وآل محمد صلى الله عليه واله وسلم، لبيك بحجة وعمرة

٦٩

معا، لبيك لبيك فهذه متعة عمرة إلى الحج(١) ، لبيك لبيك تمامها وبلاغها عليك، لبيك " تقول: هذه في دبر كل صلاة مكتوبة أو نافلة، وحين ينهض بك بعيرك، او علوت شرفا، أو هبطت واديا، أو لقيت راكبا، او استيقظت من منامك، أو ركبت او نزلت، وبالاسحار، وإن تركت بعض التلبية فلا يضرك غير أنها أفضل، وأكثر من ذي المعارج ولا بأس أن تدهن حين تريد أن تحرم بدهن الحنا والبنفسج وسليخة(٢) البان، وبأى دهن شئت، إذا لم يكن فيه مسك او عنبر أو زعفران او ورس، قبل أن تغتسل للاحرام، ولا تجمر ثوبا لاحرامك.

والسنة في الاحرام تقليم الاظفار وأخذ الشارب وحلق العانة وإذا اغتسل الرجل بالمدينة لاحرامه ولبس ثوبين، ثم نام قبل أن يحرم فعليه إعادة الغسل، وروي ليس علية إعادة الغسل، وإن لبست ثوبا من قبل أن تلبي فانزعه من فوق وأعد الغسل ولا شئ عليك، وإن لبسته بعد ما لبيت فانزعه من أسفل وعليك دم شاة، وان كنت جاهلا فلا شئ عليك، ولا بأس أن تمسح رأسك بمنديل إذا اغتسلت للاحرام واعلم أن غسل ليلتك يجزيك ليومك، وغسل يومك يجزيك لليلتك، ولا بأس للرجل أن يغتسل بكرة ويحرم عشية.

واتق في إحرامك(٣) الكذب واليمين الكاذبة والصادقة وهو الجدال، واتق الصيد والجدال وقول الرجل: لا والله وبلى والله فان جادلت مرة أو مرتين وأنت صادق فلا شئ، عليك وإن جادلت ثلاثا وأنت صادق فعليك دم بقرة، فان جادلت مرة كاذبا فعليك دم شاة، فان جادلت

____________________

(١) في الفقيه: فهذه عمرة متعة إلى الحج لبيك لبيك اهل التلبية لبيك لبيك تلبية تمامها وبلاغها عليك لبيك.

ثم ان معنى لبيك: البا بابك بعد الباب واقامة بعد اقامة، وقيل: اجابة بعد اجابة ونصبه إلى المصدرية وتثنيته للتوكيد.

(٢) هى: دهن ثمر البان قبل ان يريب اى يطيب.

والبان: شجر معتدل القوام لين يؤخد من حبه دهن طيب.

(٣) هذا الكلام إلى قوله: وليس عليك الحج من قابل ذكره في الفقيه ناسيا اياه إلى رسالة ابيه اليه، وفيه وهو الجدال والجدال قول الرجل: لا والله وبلى والله.

٧٠

مرتين كاذبا فعليك دم بقرة، فان جادلت ثلاث مراة كاذبا فعليك بدنة، والفسوق الكذب فاستغفر الله منه، والرفث الجماع.

فان جامعت وأنت محرم في الفرج فعليك بدنة والحج من قابل، ويجب أن تقرق بينك وبين أهلك حتى تقضيا المناسك ثم تجتمعا، فان أخذتما على طريق غير الذي كنتما أخذتما فيه عام أول لم يفرق بينكما، وعلى المرئة إذا جامعها الرجل بدنة، فان أكرهها لزمته بدنتان ولم يلزم المرئة شئ، فان كان جماعك دون الفرج فعليك بدنة وليس عليك الحج من قابل، وإن وقعت على أهلك بعد ما تعقد الاحرام وقبل ان تلبي فليس عليك شئ واغتسل النبي صلى الله عليه واله وسلم بذي الحليفة للاحرام وصلى ثم قال: هاتوا ما عندكم من لحوم الصيد، فاتي بحجلتين فأكلهما قبل أن يحرم، وإن كان معك ام ولد لك فأحرمت قبل أن تحرم فان لك أن تنقض إحرامها وتواقعها إن أحببت.

ووضع عن النساء أربعا: الاجهار بالتلبية، والسعى بين الصفا والمروة، ودخول الكعبة، واستلام الحجر الاسود.

ولا بأس أن تلبي وأنت غير طهر وعلى كل حال، ولا بأس أن تحرم في ثوب له علم، وكل ثوب يصلى فيه فلا بأس أن تحرم فيه، فان كان عندك ثوبا مصبوغا بالزعفران وأحببت أن تحرم فيه، فاغسله حتى تذهب ريحه ويضرب إلى البياض ثم احرم فيه، ولا بأس أن تحرم في ثوب مصبوغ ممشق،(١) وإذا اصاب ثوبك جنابة وأنت محرم فلا تلبسه حتى تغسله وإحرامك تام، ولابأس أن تحرم في خميصة(٢) سداها من أبريسم ولحمتها من خز، إنما يكره الخالص منها، ولا بأس ان تلبس الطيلسان المزرور وأنت محرم، وإنما كره أمير المؤمنين عليه السلام ذلك مخافة أن يزره الجاهل عليه، وأما الفقيه فلا بأس أن يلبسه، فان اضطررت إلى لبس القباء وأنت محرم ولم تجد ثوبا غيره، فالبسه

____________________

(١) الممشق: المصبوغ بالمشق وهو الطين الاحمر ويقال له: المغرة بسكون المعجمة وفتحها.

(٢) ثوب اسود مربع له علمان.

٧١

مقلوبا ولا تدخل يديك في يد القباء، وإن لبست في إحرامك ثوبا لا يصلح لبسه فارمه وأعد غسلك، وإن لبست قميصا فشقه وأخرجه من تحت قدميك، ولا بأس أن يلبس المحرم الجوربين والخفين إذا اضطر إليهما، ويكره أن ينام المحرم على الفراش الاصفر والمرفقة(١) ، ولا بأس أو يلبس المحرم السلاح إذا خاف، ولا يجوز أن يحرم في الملحم(٢) ولا بأس للمحرم أن يلبس مع ثوبيه ما شاء من طيلسان او كساء حتى يستد في(٣) ، ولا بأس ان تحرم في ثوب فيه حرير.

والمرأة تلبس ما شاء‌ت من الثياب غير الحربر والقفازين(٤) ويكره النقاب ولا بأس أن تسدل الثوب على وجهها إلى طرف الانف قدر ما تبصر، ولا تلبس المحرمة الحلي ولا الثياب المصبغة الاصبغا لا يردع(٥) ، وإن مربها رجل استترت منه بثوبها، ولا تستر بيدها من الشمس، ولا بأس أن تلبس الخز والفر، ولا بأس أن تلبس المرئة القميس وتزر عليها والديباج وتلبس المسك والخلخالين ولا تتلثم، ولا بأس أن تحرم في الذهب والفضة، ولا بأس ان تسدل الثوب على وجها من أعلاه إلى النحر إذا كانت راكبة، وتلبس السراويل وهي محرمة لانها تريد بذلك الستر ولا يجوز للمرئة ان تتنقب لان إحرام المرئة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه وإياك أن تمس شيئا من الطيب وأنت محرم ولا من الدهن واتق الطيب، وامسك على انفك من الريح الطيبة ولا تمسك عليه من الريح المنتنة، فانه لا ينبغي للمحرم أن يتلذذ بريح طيبة، واتق الطيب في زادك فمن ابتلى بشئ من ذلك فليعد الغسل وليتصدق بصدقة بقدر ما صنع، وإنما يحرم عليك من الطيب

____________________

(١) المرفقة: المخدة.

(٢) الملحم: جنس من الثياب سداء ابريسم لحمته غير ابريسم.

(٣) اى يتسخن.

(٤) القفاز كرمان والقفازان: لباس الكف نظير الجوربين للرجلين.

(٥) يقال: به ردع من زعفران او دم اى لطخ وأثر فالمراد هنا ما لا يبقى اثره والمسك بالتحريك: السوار من قرون الاوعال، وقيل: من جلود دابة بحرية.

٧٢

أربعة أشياء المسك، والعنبر، والزعفران، والورس(١) ، غير انه يكره للمحرم الادهان الطيبة إلا للمضطر إلى الزيت، ولا بأس أن يتداوى به وإن اكلت زعفرانا متعمدا وأنت محرم او طعاما فيه طيب فعليك دم.

وإن كنت ناسيا فاستغفر الله وتب إليه ولا شئ عليك، وكل من أكل طعاما لا ينبغى له أكله وهو محرم ساهيا أو ناسيا فلا شئ عليه، ومن فعله متعمدا فعليه دم كما ذكرناه، ولا بأس أن تشم الاذخر(٢) والفيصوم، والخزامى، و.. وأنت محرم، وإن أكلت خبيصا فيه زعفران حتى شبعت منه وأنت محرم.

فاذا فرغت من مناسكك وأردت الخروج من مكة فابتع بدرهم تمرا فيكون كفارة لذلك ولما دخل عليك في احرامك مما لا تعلم.

ابن جابر أنه عرضت له ريح في وجهة من عله أصابته وهو محرم، فقال لابي عبدالله إن الطبيب يعالجني ووصف لي سعوطا فيه مسك، قال: استعط به.

ولا تنظر في المرآة وأنت محرم فانه من الزينة، ولا بأس يكتحل المحرم إذا كان رمدا بكحل ليس فيه طيب، ولا بأس أن يكتحل بصير(٣) ليس فيه زعفران ولا ورس، وروي أنه لا بأس للمرأة المحرمة أن يكتحل بالكحل كله الاكحل أسود لزينة، ولا بأس أن يحتجم المحرم إذا خاف على نفسه ولا يعلق.

قفاه، وإذا جرحت بالمحرم جروح فلا بأس ان يتداوى بدواء فيه زعفران ذلك ريح الادوية غالبة على الزعفران، وإذا كانت ريح الزعفران غالبة على الدواء فلا يجوزان

____________________

(١) الورس بالفتح: نبات كالسمسم اصفر يزرع بالين ويصبغ به، وقبل الرائحة و هو المناسب هنا.

(٢) الاذخر بكسر الالف والخاء وسكون الذال: نبات طيب الرائحة والقيصوم: نبات طيب الرائحة يتداوى به ذهبى الزهر يقال له بالفارسية: بوى مادران.

والخزامى كحبارى: خيرى البر زهره اطيب الازهار نفحة يتمثل به في الطيب.

والشيخ بكسر الشين المعجمة: ما يقال له بالفارسيه: درمنه تركى.

(٣) الصبر ككتف، ولا يسكن بائه الا نادرا: عصارة شجر مر.

٧٣

يتداوى به، ولابأس أن يعصر المحرم الدمل ويربط عليه الخرقة، وكذلك إذا كانت به شجة أو كانت في جسده قروح فلا بأس أن يداويها ويعصبها بخرقة، وإذا أذى المحرم ضرسه فلا بأس أن يقلعه.

ولا يجوز للمحرم أن يركب في القبة إلا أن يكون مريضا، وأما النساء فلا بأس أن تستظل المرئة وهي محرمة، ولا بأس أن يضرب على المحرم الظلال، ويتصدق بمد لكل يوم، ولا بأس أن تضرب القبة على النساء والصبيان وهم محرمون، ولا يرتمس المحرم في الماء ولا الصائم، ولا بأس أن يظلل المحرم على محمله إذا كانت به علة أوخاف المطر، فاذا اصابه حر الشمس وتأذى به فلا بأس أن يستتر بطرف رأسه ما لم يصب برأسه، وروى ان لا يتغطي المحرم من البرد والحر، ولا بأس ان يمشي تحت ظل المحمل، ولا بأس أن يضع ذراعيه على وجهه من حر الشمس، وإذا غطى المحرم رأسه ساهيا أو ناسيا فليلق القناع وليلب وليس عليه شئ، ولا بأس أن ينام المحرم على وجهه وهو على راحلته، ولا بأس أن يمسح وجهه من الوضوء متعمدا، وسئل أبوجعفر عليه السلام ما الفرق بين الفسطاس وبين ظل المحمل؟ فقال: لا ينبغي أن تستظل في ظل المحمل، والفرق بينهما أن المرئة تطمث في شهر رمضان فتقضي الصيام ولا تقضي الصلاة، فقال: صدقت جعلت فداك.

قال مصنف هذا الكتاب معناه أن السنة لا تقاس.

ولا بأس للمحرم ان يلبس الهميان(١) فيشد على بطنه المنطقة التي فيها نفقته ولا بأس أن يشد العمامة على بطنه ولا يرفعها إلى صدره، ولا بأس أن يضع المحرم عصام القربة على رأسه إذا استقى(٢) ، ولا يجوز للمحرم أن يعقد إزارة في عنقه، وإذا قلم المحرم أظفاره فعليه في كل إصبع مدهن طعام، فان هو قلم عشرتها فعليه دم شاة، فان قلم أظفار يديه ورجليه جميعا في مجلس واحد فعليه دم شاة،

____________________

(١) الهميان بكسر وزان فعيال او فعلان: كيس يجعل فيه النفقة ويشد على الوسط قيل: انه معرب.

(٢) خ ل استسقى، وكذلك هو في الخبر الذى رواه في الفقيه.

٧٤

وإن كان فعله في مجلسين فعليه دمان وإن كان جاهلا أو ناسيا أو ساهيا فلا شئ عليه، وسئل أبوعبدالله عليه السلام عن المحرم تطول أظفاره أو ينكسر مضها فيؤذيه ذلك، قال: لا يقص منها شيئا إن استطاع، وان كانت تؤذيه فليقصها وليطعم مكان كل ظفر قبضة من طعام.

وإذا نتف الرجل ابطه بعد الاحرام فعليه دم.

ومر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم على كعب ابن عجزة الانصارى(١) والقمل يتناسر (ثرظ) من رأسه وهو محرم، فقال له أيؤذيك هو امك قال: نعم، فانزلت هذه الآية( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ (٢) ) فامره رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أن يحلق رأسه وجعل عليه الصيام ثلاثة أيام، والصدقة على ستة مساكين لكل مسكين مدان، والنسك شاة، وكل شئ في القرآن بلفظ أو فصاحبه بالخيار.

فاذا عبث المحرم بلحيته فسقط منها شعرة أو ثنتان فعليه أن يتصدق بكف أو بكفين من طعام، وإذا حككت رأسك فحكه حكا رقيقا ولا تحك بالاظفار ولكن باطراف الاصابع، والمحرم تلقى عنه الدواب كلها الا القملة فانها من جسده، وان احب أن يحول قملة من مكان إلى مكان فلا يضر، وسئل الصادق عليه السلام يجوز للمحرم أن يحك رأسه أو يغتسل بالماء؟ فقال: يحك رأسه ما لم يتعمد قتل دابة، ولا بأس بأن تغتسل بالماء ويصب على رأسه ما لم يكن ملبدا(٣) ، فان كان ملبدا فلا يفيض على رأسه الماء إلا من احتلام، وسأل ابن سنان أبا عبدالله عليه السلام فقال: إني وجدت على قرادا وحلمة(٤) أطرحهما عني وأنا محرم؟ فقال: نعم وصفارا لهما انهما رقيا في غير مرقاهما، ولا بأس ان يدخل المحرم الحمام ولكن لا يتدلك.

وليس للمحرم أن يتزوج ولا يزوج محلا، فان زوج أو تزوج،

____________________

(١) في القاموس عجرة بالضم: ابوقبيلة وولد كعب الصحابى.

(٢) البقرة / ١٩٦.

(٣) التلبيد: ان يجعل المحرم في رأسه شيئا من صمغ ليتلبد شعره لئلا يشعث.

(٤) الفراد كغراب: دويبة تلصق بجسم البعير.

والحلمة بالتحريك الصغيرة من القردان او العظيم منها، وهى من البعير بمنزلة القملة من الانسان، ولهذا قال عليه السلام: انهما رقيا في غير مرقاهما اى انهما للبعير لا للانسان ففعلا ما ليس لهما حين وقعا على الانسان.

٧٥

فتزويجه باطل، فان ملك رجل بضع امرأة وهو محرم قبل أن يحل فعليه ان يخلى سبيلها وليس نكاحه بشئ، فاذا أحل خطبها ان شاء فان شاؤا (شاء ظ) أهلها زوجوه وإن شاؤا لم يزوجوه، فاذا تزوج المحرم مرأة فرق بينهما ولها المهر إن كان دخل بها.

وإن وقع رجل على امرئة وكانا محرمين، فان كانا جاهلين فليس عليهما شئ وإن كانا عالمين فعلى كل واحد منهما بدنة، وإن استكرهها فعليه بدنتان وليس عليها شئ، وسأل ابن مسلم أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل يحمل امرئة ويمسها فأمنى أو أمذى، فقال، إذا حملها أو مسها بشهوة فأمنى أو لم يمن أو أمذي أو لم يمذ فعليه دم شاة يهريقة، وإن حملها أو مسها بغير شهوة فليس عليه شئ أمنى أو لم يمن، وسأله أبوبصير عن رجل واقع امرئة وهو محرم، قال: عليه جزور كوماء(١) ، فقال: لا يقدر فقال: ينبغي لاصحابه أن يجمعوا له ولا يفسدوا عليه حجه، وإن نظر محرم إلى غير أهله فأنزل فعليه جزور او بقرة، وإن لم يقدر فشاة، وإن نظر المحرم إلى المرأة نظر شهوة فليس عليه شئ، فان لمسها فعليه دم شاة، فان قبلها فعليه بدنة، وإن أتى المحرم أهله ناسيا فلا شئ عليه وانما هو بمنزلة من أكل في شهر رمضان وهو ناس وسأل أبوبصير أبا عبدالله عليه السلام عن رجل محرم نظر إلى ساق امرئة أو إلى فرجها فأمنى، فقال: إن كان موسرا فعليه بدنة، وإن كان وسطا فعليه بقرة، وإن كان فقيرا فعليه شاة وقال: إني لم اجعل عليه هذا لانه أمنى ولكن جعلته عليه لانه نظر إلى ما لا يحل له، ومن واقع امرئة دون المزدلفة وقبل أن يأتي المزدلفة فعليه الحج من قابل.

والقارن إذا احصر وقد اشترط وقال: حلني حيث جستني، فلا يبعث بهديه ولا يستمتع من قابل ولكن يدخل في مثل ما خرج منه، ولا يحل حتى يبلغ الهدى محله، وإذا بلغ الهدى محله أحل وانصرف إلى محله وعليه الحج من قابل، والمحصور والمضطر ينحران بدنتهما في المكان الذي يضطران فيه، وقد فعل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ذلك يوم الحديبية حين رد المشركون بدنه وأبوا أن يذبحوها مبلغ

____________________

(١) الجزور: ما يجزر اى ينحر من النوق او الغنم، والكوماء بالمد: الناقة العظيمة السنام.

٧٦

النحر، فامر بها فنحرت مكانه، وقال أبوعبدالله عليه السلام المحصور غير المصدود.

وقال المحصور هو المريض والمصدود هو الذي يرده المشركون كما رد والرسول صلى الله عليه واله وسلم وأصحابه ليس من مرض والمصدود يحل له النساء والمحصور لا يحل له، وسأل سماعة أبا عبدالله عليه السلام عن رجل احصر في الحج، قال، فليبعث بهديه إذا كان مع أصحابه ومحله أن يبلغ الهدى محله ومحله منى يوم النحر إذا كان في حج، وان كان في عمرة نحر بمكة وإنما عليه ان يعدهم لذلك يوما، فاذا كان ذلك اليوم فقدو في، فان اختلفوا في الميعاد لم يضره انشاء الله وإذا احرمت فاتق قتل الدواب كلها إلا الافعى والعقرب والفارة، فاما الفارة فانها توهي(١) السقا وتضرم على اهل البيت، وأما العقرب فان نبي الله صلى الله عليه واله وسلم مديده إلى جحر فلسعته العقرب، فقال: لعنك الله لا تذرين برا ولا فاجرا، والحية إذا ارادتك فاقتلها فان لم تردك فلا تردها، والكب العقور(٢) والسبع إذا ارادك فاقتلهما وان لم يريداك فلا تؤذهما، والاسود العذر فاقتله على كل حال، وارم الغراب رميا والحدأة على ظهر بعيرك، والذئب إذا أراد قتلك فاقتله، ومتى عرض لك سبع فامتنع منع فان ابا فاقتله ان استطعت، وإن عرضت لك لصوص امتنعت منهم ولا بأس ان يذبح المحرم الابل والبقر والغنم كل ما لم يصف من الطير، ولا تذبح الصيد في الحرم وان صيد في الحل، فان اصاب المحرم نعامة او حمار وحش فعلية بدنة، فان لم يقدر عليها اطعم ستين مسكينا، فان لم يقدر على ما يتصدق به فليصم ثمانية عشر يوما، وان اصاب بقرة فعليه بقرة، وان لم يقدر فليصم (فليطعم ظ) ثلثين مسكينا، فان لم يقدر فليصم تسعة إيام وان أصاب ظبيا فعليه شاة وان لم يقدر فعليه اطعام عشرة

____________________

(١) اى يجعلها واهيا متهيئا للخرق، والمراد هنا الخرق.

وتضرم اى تحرق البيت على اهله قال في الوافى: وذلك لانها تحرج الفتيلة من السراج فترميها فيصير ذلك سبب احتراق البيت.

(٢) اى الذى يعقر الانسان ويجرحه والاسود: العظم من الحيات، والغدر بفتح العين المعجمة وكسر الدال المهملة: الذى لا وفاء له.

والحدأة بكسر الاول وقد يفتح وتحريك الباقى: طائر من الجوارح يصيد الجرذ، والجرذ ضرب من الفار.

٧٧

مساكين، فان لم يقدر فعليه صيام ثلثة ايام، فان رمى محرم ظبيا فاصاب يده فعرج منها، فان كان مشى عليها ورعى فليس عليه شئ، وان كان ذهب على وجهه لا يدرى ما صنع فعليه فداء‌ه، لانه لا يدرى ما صنع لعله هلك، وان تعمد ذلك فعليه فداؤه واثمه وفي الثعلب وفي الارنب دم شاة.

وإذا وجبت على الرجل بدنة في كفارة ولم يجدها فعليه سبع شياة، فان لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة او في منزله.

وإذا قتل المحرم نعامة فعليه بدنة، فان لم يجد فاطعام ستين مسكينا فان كانت قيمة البدنة اكثر من اطعام ستين مسكينا لم يزد على اطعام ستين مسكينا، وان قتل حمامة من حمامات الحرم خارجا من الحرم فعليه شاة، فان قتلها في الحرم وهى حلال فعليه ثمنها، وان قتل فرخا من فراخ الحرم فعليه حمل قد فطم، وان اصاب قطاة فعليه حمل قد فطم من اللبن ورعى من الشجر، وإذا اصاب المحرم بيض نعام ذبح عن كل بيضة شاة بقدر عدد البيض، فان لم يجد شاة فعليه صيام ثلثة ايام، فان لم يقدر فاطعام عشرة مساكين وإذا وطى بيض نعام ففدغها(١) وهو محرم فعليه ان يرسل الفحل من الابل على قدر عدد البيض، فما لقح وسلم حتى ينتج كان النتاج هديا بالغ الكعبة، فان وطى بيض قطاة فشدخه فعليه أن يرسل الفحل من الغنم في مثل عدد البيض كما يرسل الفحل في غدة البيض من الابل، وما وطئت او وطأه بعيرك وأنت محرم فعليك فداؤه واعلم أنه ليس عليك فداء شئ اتيته وأنت جاهل به وأنت محرم في حجك ولا في عمرتك، الا الصيد فان فيه الفداء بجهالة كان او تعمد فان اصبته وأنت حلال في المحرم فعليك الفداء مضاعفا، وان قتلت طيرا وأنت محرم في غير الحرم فعليك دم شاة، وليس عليك قيمته لانه ليس في الحرم.

وإن اشترى رجل لرجل بيضا فاكله المحرم، فعلى المحل الجزاء قيمة البيض لكل بيضة درهم، وعلى المحرم لكل بيضة شاة، وفي الحمامة درهم إذا اصابها المحل

____________________

(١) الفدغ بالفاء والدال المهملة والغين المعجمة: كسر الشئ المجوف كالشدخ.

٧٨

وفي الفرخ نصف درهم، وفي البيضة ربع درهم.

وإن اصاب محل صيدا فأتى به رجلا محرما فلا يجوز أن يأكل منه، وإذا اضطربه المحرم إلى صيد وميتة فانه يأكل الصيد ويفدى، وإذا قتل المحرم الصيد فعليه جزاؤه ويتصدق بالصيد على مسكين، فان عاد فقتل صيدا آخر لم يكن عليه جزاؤه وينتقم الله منه في الآخرة، وهو قول الله عزوجل:( وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّـهُ مِنْهُ ) (١) .

ولا بأس ان يصيد المحرم السمك ويأكل طريه ومالحه ويتزوده، وان قتل جرادة فعليه تمرة، وتمرة خير من جرادة، فان كان كثيرا فعليه دم شاة، ومر أبوجعفر عليه السلام على اناس ياكلون جرادا وهم محرمون، فقال: سبحان الله وانتم محرمون قالوا إنما هو صيد البحر، فقال لهم: ارمسوه في الماء إذا.

فان قتل غطاية فعليه ان يتصدق بكف من طعام.

فان قتل زنبورا خطاء فلا شئ عليه، وان كان عمدا فعليه أن يتصدق بكف من طعام وإن اصاب المحرم صيدا خارجا من الحرم فذبحه ثم أدخله الحرم مذبوحا واهدى إلى رجل محل، فلا بأس أن يأكل انما الفداء على الذي اصابه، وسئل الصادق عليه السلام عن المحرم يصيب الصيد فيفديه يطعمه أو يطرحه؟ قال: إذا يكون عليه فداء آخر قيل: فاى شئ يصنع به؟ قال: يدفنه.

وكل من وجب عليه فداء شئ أصابه وهو محرم، فان كان حاجا نحر هديه الذي يجب عليه بمنى، وإن كان متعمرا نحره بمكة قبال الكعبة، فان قتل محرم فرخا في غير الحرم، فعليه حمل، وليس عليه قيمة لانه ليس في الحرم، ويذبح الفداء انشاء في منزله بمكة وإن شاء بالحرورة بين الصفا والمروة قريب من موضع النخاسين وهو معروف.

فاذا بلغت الحرم فاغتسل من بئر ميمون أو من فخ، وان اغتسلت بمكة فلا بأس

____________________

(١) المائدة: ٩٥

٧٩

فاذا نظرت إلى بيوت مكة فاقطع التلبية، وحدها عقبة المدنيين أو بحذاها، ومن اخذ على طريق المدينة قطع التلبية إذا نظر إلى عربش مكة وهي عقبة ذى طوى، وعليك بالتكبير والتهليل والتمجيد والتسبيح والصلاة على النبي صلى الله عليه واله وسلم.

فاذا أردت ان تدخل المسجد فادخل من باب بني شيبة بالسكينة والوقار وأنت خاف، فانه من دخل بخشوع غفر له، وقل وانت على باب المسجد:( السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، بسم الله وبالله ومن الله وما شاء الله، والسلام على انبياء الله ورسله، والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، والسلام على إبراهيم، والحمد لله رب العالمين ) .

فاذا دخلت المسجد فانظر إلى الكعبة وقل: " الحمد لله الذى عظمك وشرفك وكرمك وجعلك مثابة(١) للناس وامنا مباركا وهدى للعالمين " ثم ارفع يديك وقل:( اللهم إني اسألك في مقامي هذا في أول مناسكي ان تقبل توبتي وتتجاوز عن خطيئتى وتضع عني وزري، الحمد لله الذي بلغني بيته الحرام، اللهم إني أشهد ان هذا بيتك الحرام الذي جعلته مثابة للناس وامنا مباركا وهدى للعالمين ) .

ثم انظر إلى الحجر الاسود(٢) وارفع يديك، وأحمد الله واثن عليه وصل على النبي وآله واسئله أن يتقبله منك، ثم استلم الحجر وقبله، فان لم تقدر عليه فامسحه بيدك اليمنى وقبلها، وان لم تقدر فاشر إليه بيدك وقل:( اللهم امانتي اديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافات، آمنت بالله وكفرت بالجبت والطاغوت واللات والعزى وعبادة الشياطين وعبادة الاوثان وعبادة كل ند يدعى من ون الله ) فان لم تستطع

____________________

(١) المثابة: المكان الذى يرجع اليه الناس.

(٢) وفى الفقيه ثم انظر إلى الحجر الاسود واستقبله بوجهك وقل.

وذكر ما يشتمل على التهليل والتحميد وغيرهما ثم قال: ثم استسلم الحجر الاسود وقبله في كل شوط، فان لم تقدر عليه فافتح به واحتم به، فان لم تقدر عليه فامسحه بيدك اليمنى، إلى آخر ما ذكره هنا من الدعاء ثم ذكر كيفية الطواف وما يقال عند باب البيت ولم يذكره هنا

٨٠