مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة الجزء ٤

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة12%

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 477

الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 477 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 260822 / تحميل: 8934
الحجم الحجم الحجم
مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة الجزء ٤

مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

حسبي الله، وأبو الحسن الثاني: ما شاء الله لا قوة إلّا بالله.

وقال الحسين بن خالد: ومدّ يده إليّ وقال: خاتمي خاتم أبي أيضاً.

[ ٦٠ ٣٨ ] ٦ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) قال: كان على خاتم علي بن الحسين: خزي وشقي قاتل الحسين بن علي.

محمّد بن علي بن الحسين في( عيون الأخبار) (١) مرسلاً، مثله.

[ ٦٠ ٣٩ ] ٧ - وبأسانيد تقدّمت في إسباغ الوضوء عن الرضا عن آبائه( عليهم‌السلام ) قال: كان نقش(٢) خاتم محمّد بن علي:

ظنّي بالله حسن

وبالنبي المؤتمن

وبالوصي ذي المنن

وبالحسين والحسن

[ ٦٠ ٤٠ ] ٨ - وفي( الخصال ): عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أبي عبد الله الرازي، عن علي بن سليمان، عن عبد الله بن عبيد الله الهاشمي، عن إبراهيم بن أبي البلاد(٣) ، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: كان لرسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) خاتمان أحدهما عليه مكتوب: لا إله إلا الله، محمّد رسول الله، والآخر: صدق الله.

[ ٦٠ ٤١ ] ٩ - وفي( المجالس) و( عيون الأخبار) عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمّد بن علي الكوفي، عن

____________________

٦ - الكافي ٦: ٤٧٣ / ٦.

(١) عيون أخبار الرضا ( عليه‌السلام ) ٢: ٥٦ / ٢٠٦.

٧ - عيون أخبار الرضا( عليه‌السلام ) ٢: ٢٧ / ١٥.

(٢) في نسخة: على( هامش المخطوط ).

٨ - الخصال: ٦١ / ٨٥.

(٣) في المصدر زيادة: عن أبيه.

٩ - أمالي الصدوق: ٣٦٩ / ٥ وعيون أخبار الرضا( عليه‌السلام ) ٢: ٥٤ / ٢٠٦.

١٠١

الحسن بن أبي العقب(١) الصيرفي، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: كان نقش خاتم آدم: لا إله إلا الله، محمد رسول الله - إلى أن قال - فنقش نوح في خاتمه: لا إله إلا الله ألف مرة، يا رب أصلحني - إلى أن قال - وأهبط الله على إبراهيم خاتماً فيه ستّة أحرف: لا إله إلا الله، محمّد رسول الله، لا حول ولا قوّة إ ‎ لاّ بالله، فوّضت أمري إلى الله، أسندت ظهري إلى الله، حسبي الله، فأوحى الله جلّ جلاله إليه: تختّم بهذا الخاتم فإني أجعل النار عليك برداً وسلاماً، قال: وكان نقش خاتم موسى( عليه‌السلام ) حرفين اشتقهما من التوراة: اصبر تؤجر، أصدق تنج، قال: وكان نقش خاتم سليمان( عليه‌السلام ) : حرفين اشتقهما سبحان من ألجم الجنّ بكلماته، وكان نقش خاتم عيسى:( عليه‌السلام ) حرفين اشتقهما من الإنجيل: طوبى لعبد ذكر الله من أجله، وويل لعبد نسي الله من أجله، وكان نقش خاتم محمّد (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : لا إله إلا ألله، محمّد رسول الله، وكان نقش خاتم أمير المؤمنين: الملك لله، وكان نقش خاتم الحسن: العزّة لله، وكان نقش خاتم الحسين: إن الله بالغ أمره، وكان علي بن الحسين يتختّم بخاتم أبيه، وكان محمّد بن علي يتختمّ بخاتم الحسين بن علي، وكان نقش خاتم جعفر بن محمّد( عليه‌السلام ) : الله وليّي وعصمتي من خلقه، وكان نقش خاتم أبي الحسن موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) : حسبي الله.

قال الحسين بن خالد: وبسط أبو الحسن الرضا( عليه‌السلام ) كفّه وخاتم أبيه في إصبعه حتّى أراني النقش.

[ ٦٠ ٤٢ ] ١٠ - وفي( ثواب الأعمال) عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن عمرو (٢) بن علي، عن عمّه محمّد بن عمر، يرفعه إلى أبي

____________________

(١) في نسخة: عقبة( هامش المخطوط) وكذلك في الأمالي.

١٠ - ثواب الأعمال: ٢١٤.

(٢) في المصدر: عمر.

١٠٢

عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من كتب على خاتمه: ما شاءالله، لا قوّة إلّا بالله، أستغفر الله، أمن من الفقر المدقع.

أقول: وتقدّم ما يدل على ذلك(١) .

٦٣ - باب جواز تحلية النساء والصبيان قبل البلوغ بالذهب والفضّة

[ ٦٠ ٤٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن محمّد بن إسماعيل(٢) ، عن أبي الصباح قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن الذهب يحلّى به الصبيان ؟ فقال: كان علي( عليه‌السلام ) يحلّي ولده ونساءه بالذهب والفضّة.

[ ٦٠ ٤٤ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء وأحمد بن محمد بن أبي نصر جميعاً، عن داود بن سرحان قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن الذهب يحلّى به الصبيان ؟ فقال: إن(٣) كان أبي ليحلّي ولده ونساءه الذهب والفضّة، فلا بأس به.

[ ٦٠ ٤٥ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم،

____________________

(١) تقدم في الباب ١٧ من أبواب أحكام الخلوة، وفي الحديث ٥ من الباب ٤٦ وفي الحديث ٢ من الباب ٤٧، وفي الحديث ٨ من الباب ٥٣ والباب ٥٦، ٦٠ من هذه الأبواب، ويأتي ما يدل عليه في الحديث ١ من الباب ٤٥ من أبواب آداب السفر.

الباب ٦٣

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٧٥ / ١.

(٢) في المصدر زيادة: عن علي بن النعمان.

٢ - الكافي ٦: ٤٧٥ / ٢.

(٣) في نسخة: أنه( هامش المخطوط ).

٣ - الكافي ٦: ٤٧٥ / ٣.

١٠٣

عن العلاء، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن حلية النساء بالذهب والفضة ؟ فقال: لا بأس.

[ ٦٠ ٤٦ ] ٤ - وعن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبان، عن محمّد مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: لم يزل(١) النساء يلبسن الحليّ.

وعن محمّد بن يحيى، عن عبد الله بن محمّد، عن أبان، مثله(٢) .

[ ٦٠ ٤٧ ] ٥ - محمّد بن إدريس في آخر( السرائر) نقلاً من رواية جعفر بن محمّد بن قولويه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الرجل يحلّي أهله بالذهب ؟ قال: نعم، النساء والجواري، فأمّا الغلمان فلا.

أقول: هذا محمول على الكراهة، أو على ما بعد البلوغ لما مرّ(٣) ، وقد تقدّم ما يدلّ على ذلك(٤) .

٦٤ - باب جواز تحلية السيف والمصحف بالذهب والفضّة

[ ٦٠ ٤٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي

____________________

٤ - الكافي ٦: ٤٧٥ / ٨.

(١) في المصدر: تزل.

(٢) الكافي ٦: ٤٧٥ / ذيل حديث ٨.

٥ - مستطرفات السرائر: ١٤٤ / ١١.

(٣) مرّ في الحديث ١ و ٢ من نفس الباب.

(٤) تقدم ما يدل على ذلك في الباب ٣٠ من أبواب لباس المصلي.

الباب ٦٤

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٧٥ / ٥.

١٠٤

عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: ليس بتحلية السيف بأس بالذهب والفضة.

[ ٦٠ ٤٩ ] ٢ - وعنه، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: كان نعل سيف رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) وقائمته فضّة، و(١) بين ذلك حلق من فضّة، ولبست درع رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) وكنت أصحبها(٢) وفيها ثلاث حلقات من فضّة من بين يديها، وثنتان من خلفها.

[ ٦٠ ٥٠ ] ٣ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: ليس بتحلية المصاحف والسيوف بالذهب والفضّة بأس.

[ ٦٠ ٥١ ] ٤ - وعن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمد، عن الوشاء، عن المثنّى، عن حاتم بن إسماعيل، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) انّ حلية سيف رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) كانت فضة كلها قائمه(٣) وقباعه(٤) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في النجاسات(٥) ، ويأتي ما يدلّ على حكم المصحف في التجارة(٦) .

____________________

٢ - الكافي ٦: ٤٧٥ / ٤.

(١) في المصدر: وكان.

(٢) في المصدر: أسحبها.

٣ - الكافي ‎ ٦: ٤٧٥ / ٧.

٤ - الكافي ٦: ٤٧٥ / ٦.

(٣) في المصدر: قائمته.

(٤) قبيعة السيف: ما على مقبضه من فضة أو حديد.( مجمع البحرين ٤: ٣٧٦ ).

(٥) تقدم ما يدل على ذلك في الحديث ٢ و ٣ و ٨ من الباب ٦٧ من أبواب النجاسات.

(٦) ياتي في الباب ٣٢ من أبواب ما يكتسب به، والباب ١٥ من أبواب الصرف.

١٠٥

٦٥ - باب كراهة القناع للرجل بالليل والنهار

[ ٦٠ ٥٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعاً، عن ابن محبوب، عن( العباس عن الوليد بن صبيح) (١) قال: سألني شهاب ابن عبد ربه أن أستأذن له على أبي عبد الله( عليه‌السلام ) فأعلمت بذلك أبا عبد الله( عليه‌السلام ) فقال: قل له: يأتينا إذا شاء، فأدخلته عليه ليلاً وشهاب مقنع الرأس فطرحت له وسادة فجلس عليها فقال له أبو عبد الله( عليه‌السلام ) : ألق قناعك يا شهاب، فإنّ القناع ريبة بالليل مذلّة بالنهار.

[ ٦٠ ٥٣ ] ٢ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإسناد ): عن محمد بن عيسى، والحسن بن ظريف، وعلي بن إسماعيل كلّهم عن حمّاد بن عيسى قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: قال أبي: قال علي( عليه‌السلام ) : التقنّع(٢) بالليل ريبة.

[ ٦٠ ٥٤ ] ٣ - الحسن الطبرسي في( مكارم الأخلاق ): عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن علي( عليهم‌السلام ) قال: التقنّع ريبة بالليل ومذلّة بالنهار.

[ ٦٠ ٥٥ ] ٤ - وعن عبد الله بن وضاح قال: رأيت أبا الحسن موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) وهو جالس في مؤخّر الكعبة وتقنّع وأخرج أُذنيه من قناعه.

____________________

الباب ٦٥

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٧٨ / ١.

(١) في المصدر: العباس بن الوليد بن صبيح.

٢ - قرب الأسناد: ١٠.

(٢) في المصدر: التقنيع.

٣ - مكارم الأخلاق: ١١٧.

٤ - مكارم الأخلاق: ١١٦.

١٠٦

أقول: هذا محمول على الجواز ونفي التحريم.

٦٦ - باب استحباب طيّ الثياب

[ ٦٠ ٥٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) أنّه قال: دخلت عليه يوماً فألقى إليّ ثياباً وقال: يا وليد، ردّها على مطاويها، الحديث.

[ ٦٠ ٥٧ ] ٢ - وعنه، عن محمّد بن عيسى، عن عبيدالله بن عبد الله الدهقان، عن درست بن أبي منصور، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) أنّه كان يقول: طيّ الثياب راحتها، وهو أبقى لها.

[ ٦٠ ٥٨ ] ٣ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن بكر، عن زكريا المؤمن، عمّن حدثه، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: اطووا ثيابكم بالليل، فإنّها إذا كانت منشورة لبسها الشياطين بالليل.

٦٧ - باب استحباب التسمية عند خلع الثياب

[ ٦٠ ٥٩ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين في( العلل) عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن رجل، عن علي بن أسباط، عن عمّه يعقوب بن سالم، رفع الحديث إلى علي بن أبي طالب( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ) : إذا خلع أحدكم ثيابه

____________________

الباب ٦٦

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٨: ٢٤٢ / ٣٠٤.

٢ - الكافي ٦: ٤٧٨ / ٣.

٣ - الكافي ٦: ٤٨٠ / ١١.

الباب ٦٧

فيه حديث واحد

١ - علل الشرائع: ٥٨٢ / ٢٣، وأورده بتمامه في الحديث ٣ من الباب ١٠ من أبواب المساكن

١٠٧

فليسمِّ لئلّا يلبسها الجنّ فإنّه إذا لم يسمّ عليها لبسها الجنّ حتّى يصبح.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك عموماً(١) .

٦٨ - باب استحباب لبس السراويل من قعود، وكراهة لبسها من قيام ومستقبل القبلة، ومستقبل انسان، ومسح اليد والوجه بالذيل، والجلوس على عتبة الباب، والشق بين الغنم، واستحباب لبس القميص قبل السراويل

[ ٦٠ ٦٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي علي الأشعري، عن بعض أصحابه، عن محمّد بن خالد الطيالسي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من لبس السراويل من قعود وقي وجع الخاصرة.

[ ٦٠ ٦١ ] ٢ - محمّد بن علي بن الحسين في( الخصال ): عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن يحيى، وأحمد بن إدريس جميعاً، عن محمد بن أحمد بن يحيى، بإسناده يرفعه إلى أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: اغتمّ أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) يوماً فقال: من أين أتيت ؟ فما أعلم أني جلست على عتبة الباب، ولا شققت بين غنم، ولا لبست سراويلي من قيام، ولا مسحت يدي ووجهي بذيلي.

[ ٦٠ ٦٢ ] ٣ - الحسن بن الفضل الطبرسي في( مكارم الأخلاق) عن الصادق،

____________________

(١) يأتي في الحديث ١ و ٨ من الباب ١٩ من أبواب أحكام المساكن، وفي الحديث ٨ من الباب ١١، وفي الحديث ٤ من الباب ٢١ من أبواب القراءة في الصلاة، وفي الباب ١٧ من أبواب الذكر، وفي البابين ٥٦ و ٥٧ من أبواب آداب المائدة، تقدم ما يدل علىٰ ذلك في الحديث ١٢ من الباب ٢٦ من أبواب الوضوء، وبعمومه كل أحاديث الباب المذكور.

الباب ٦٨

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٦: ٤٧٩ / ٧.

٢ - الخصال ٢٢٥ / ٥٩.

٣ - مكارم الأخلاق: ١٠١.

١٠٨

عن علي( عليهما‌السلام ) قال: قال: لبس الأنبياء القميص قبل السراويل.

[ ٦٠ ٦٣ ] ٤ - قال: وفي رواية: لا تلبسه من قيام ولا مستقبل القبلة ولا إلى الإنسان.

[ ٦٠ ٦٤ ] ٥ - محمّد بن إدريس في آخر( السرائر) نقلاً من كتاب( الجامع) لأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عنهم( عليهم‌السلام ) قال: من لبس سراويله من قيام لم تقض له حاجة ثلاثة أيام.

[ ٦٠ ٦٥ ] ٦ - وقد تقدّم حديث إسماعيل بن الفضل قال: رأيت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) توضّأ للصلاة ثم مسح وجهه بأسفل قميصه، ثمّ قال: يا إسماعيل، افعل هكذا، فإنّي هكذا أفعل.

أقول: هذا محمول على الجواز، فلا ينافي الكراهة، لما تقدّم هنا(١) وفي الوضوء(٢) .

٦٩ - باب كراهة لبس النعل من قيام للرجل

[ ٦٠ ٦٦ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن الحسن بن علي الكوفي، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن عبد الله بن ميمون القدّاح، عن جعفر، عن أبيه - في حديث - قال: نهى النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) أن يتنعّل الرجل وهو قائم.

____________________

٤ - مكارم الأخلاق: ١٠١.

٥ - مستطرفات السرائر: ٦٤ / ٤٥.

٦ - تقدم في الحديث ٣ من الباب ٤٥ من أبواب الوضوء.

(١) تقدم في الحديث ٢ من نفس الباب.

(٢) تقدم في الحديث ٢ من الباب ٤٥ من أبواب الوضوء.

الباب ٦٩

فيه ٤ أحاديث

١ - التهذيب ٣: ٢٥٥ / ٧٠٩، وأورده بتمامه في الحديث ١ من الباب ٢٤ من أبواب المساجد.

١٠٩

[ ٦٠ ٦٧ ] ٢ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن حمّاد بن عمرو وأنس بن محمّد، عن أبيه جميعاً، عن الصادق، عن آبائه( عليهم‌السلام ) - في وصيّة النبي لعلي( عليه‌السلام ) - قال: وكره أن يتنعّل الرجل وهو قائم.

[ ٦٠ ٦٨ ] ٣ - وبإسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق، عن آبائه( عليهم‌السلام ) - في حديث المناهي - قال: نهى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) أن يتنعّل الرجل(١) وهو قائم.

[ ٦٠ ٦٩ ] ٤ - وبإسناده عن سليمان بن جعفر البصري، عن عبد الله بن الحسين بن زيد بن علي، عن الصادق، عن آبائه( عليهم‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : إنّ الله كره لكم أيّتها الأُمّة أربعاً وعشرين خصلة، ونهاكم عنها - إلى أن قال - وكره أن يتنعّل الرجل وهو قائم.

ورواه في( المجالس) كما يأتي (٢) ، وكذا الذي قبله.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) .

٧٠ - باب عدم جواز مسح الإنسان يده بثوب من لم يكسه

[ ٦٠ ٧٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد،

____________________

٢ - الفقيه ٤: ٢٥٤ / ٢٥٨، وأورده في الحديث ١٨ من الباب ٤٩ من أبواب جهاد النفس.

٣ - الفقيه ٤: ٣ / ١، وأمالي الصدوق: ٣٤٥ / ١، وأورده في الحديث ٦ من الباب ٤٤ من هذه الأبواب.

(١) ليس في المصدر.

٤ - الفقيه ٣: ٣٦٣ / ١٧٢٧، وأورده ببعض قطعاته في الحديث ١١ من الباب ١٥ من أبواب أحكام الخلوة.

(٢) يأتي في الحديث ١٧ من الباب ٤٩ من أبواب جهاد النفس.

(٣) تقدم في الحديث ٦ من الباب ٤٤ من هذه الأبواب.

الباب ٧٠

فيه حديثان

١ - الكافي ٦: ٤٧٩ / ١٠.

١١٠

عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن مسمع، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : لا يمسح أحدكم بثوب من لم يكسه.

[ ٦٠ ٧١ ] ٢ - محمّد بن علي بن الحسين في( عقاب الأعمال) بسند تقدّم في عيادة المريض (١) عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال: ألا لا تحقرنّ شيئاً ‎ً وإن صغر في أعينكم، فإنّه لا صغيرة بصغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة بكبيرة مع الاستغفار، ألا وإنّ الله سائلكم عن أعمالكم حتّى عن مس أحدكم ثوب أخيه بين إصبعيه.

أقول: ويأتي ما يدلّ على تحريم الغصب والتصرف في مال الغير بغير إذنه(٢) .

٧١ - باب استحباب سعة الجربان في ثوب

[ ٦٠ ٧٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن منصور بن العباس، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن عمرو بن إبراهيم، عن خلف بن حمّاد، عن علي القمّي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سعة الجربان(٣) ، ونبات الشعر في الأنف أمان من الجذام، ثمّ قال: أما سمعت قول الشاعر: ولا ترى قميصي إلّا واسع الجيب واليد.

____________________

٢ - عقاب الأعمال: ٣٤٦.

(١) تقدم في الحديث ٩ من الباب ١٠ من أبواب الاحتضار.

(٢) يأتي في الباب ٢ من أبواب مكان المصلي، والأبواب ١ و ٥ و ٨ من أبواب الغصب.

الباب ٧١

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٦: ٤٧٩ / ٨.

(٣) جربان القميص: جيبه وهو فتحته التي تكون بين الثديين، أنظر( لسان العرب ١: ٢٦١ ).

١١١

٧٢ - باب كراهة لبس صاحب الأهل الخشن من الثياب وانقطاعه عن الدنيا

[ ٦٠ ٧٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد وغيرهما، بأسانيد مختلفة، في احتجاج أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) على عاصم بن زياد حين لبس العباء وترك الملاء، وشكاه أخوه الربيع بن زياد إلى أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) ، أنّه قد غمّ أهله وأحزن ولده بذلك، فقال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : عليّ بعاصم بن زياد، فجيء به، فلمّا رآه عبس في وجهه، فقال له: أما استحييت من أهلك ؟ أما رحمت ولدك ؟ أترى الله أحلّ لك الطيّبات وهو يكره أخذك منها ؟ أنت أهون على الله من ذلك، أوليس الله يقول:( وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ *فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الأَكْمَامِ ) (١) ؟‍‍! أوليس يقول:( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ *بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ - إلى قوله -يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ ) (٢) فبالله، لابتذال نعم الله بالفعال أحبّ إليه من ابتذالها بالمقال، وقد قال الله عزّ وجلّ:( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) (٣) ، فقال عاصم: يا أمير المؤمنين، فعلام اقتصرت في مطعمك على الجشوبة وفي ملبسك على الخشونة ؟ فقال: ويحك، إنّ الله عزّ وجلّ فرض على أئمّة العدل أن يقدّروا أنفسهم بضعفة الناس، كيلا يتبيّغ بالفقير فقره.

فألقى عاصم العباء ولبس الملاء.

____________________

الباب ٧٢

فيه حديث واحد

١ - الكافي ١: ٣٣٩ / ٣.

(١) الرحمن ٥٥: ١٠ و ١١.

(٢) الرحمن ٥٥: ١٩ - ٢٢.

(٣) الضحىٰ ٩٣: ١١.

١١٢

وراوه الطبرسي في( مجمع البيان) مرسلاً (١) ، وكذا الرضي في( نهج البلاغة )، نحوه(٢) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) .

٧٣ - باب استحباب التبرّع بكسوة المؤمن، فقيراً كان أو غنياً، ووجوبه مع ضرورته

[ ٦٠ ٧٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن صفوان، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : من كسا أحداً من فقراء المسلمين ثوباً من عري، أو أعانه بشيء ممّا( يقويه على) (٤) معيشته، وكّل الله عزّ وجلّ به سبعين ألف ملك من الملائكة يستغفرون لكلّ ذنب عمله إلى أن ينفخ في الصور.

وعنه، عن أحمد بن محمّد، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن علي، عن عبد الله بن جعفر بن إبراهيم، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، نحوه(٥) .

[ ٦٠ ٧٥ ] ٢ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين( عليه‌السلام )

____________________

(١) مجمع البيان ٥: ٨٨.

(٢) نهج البلاغة ٢: ٢٠٤.

(٣) تقدم ما يدل على ذلك في الباب ١ و ٢ و ٤ و ٧ و ١٩ من هذه الأبواب، وتقدم ما ظاهره المنافاة، في الحديث ٣ من الباب ٢٩ من هذه الأبواب.

الباب ٧٣

فيه ٨ أحاديث

١ - الكافي ٢: ١٦٤ / ٣.

(٤) في المصدر: يقوته من.

(٥) الكافي ٢: ١٦٣ / ٢.

٢ - الكافي ٢: ١٦٤ / ٤.

١١٣

قال: من كسا مؤمناً كساه الله من الثياب الخضر.

[ ٦٠ ٧٦ ] ٣ - قال الكليني: وقال في حديث آخر: لا يزال في ضمان الله ما دام عليه سلك.

[ ٦٠ ٧٧ ] ٤ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) أنّه كان يقول: من كسا مؤمناً ثوباً من عري كساه الله من استبرق الجنّة، ومن كسا مؤمناً ثوباً من غنى لم يزل في ستر من الله ما بقي من الثوب خرقة.

[ ٦٠ ٧٨ ] ٥ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل بن درّاج، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من كسا أخاه كسوة شتاء أو صيف كان حقّاً على الله أن يكسوه من ثياب الجنّة، وأن يهوّن عليه من سكرات الموت، وأن يوسّع عليه في قبره، وأن يلقى الملائكة إذا خرج من قبره بالبشرى، وهو قول الله عزّ وجلّ في كتابه:( وَتَتَلَقَّاهُمُ المَلائِكَةُ هَٰذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ) (١) .

[ ٦٠ ٧٩ ] ٦ - محمّد بن علي بن الحسين في( ثواب الأعمال) عن أبيه، عن سعد، عن أبن البرقي، عن أبيه، عن حمّاد، عن إبراهيم بن عمر، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين( عليه‌السلام ) قال: من أطعم مؤمناً من جوع أطعمه الله من ثمار الجنّة، ومن سقى مؤمناً من ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم، ومن كسا مؤمناً كساه الله من الثياب الخضر.

____________________

٣ - الكافي ٢: ١٦٤ / ذيل حديث ٤.

٤ - الكافي ٢: ١٦٤ / ٥.

٥ - الكافي ٢: ١٦٣ / ١.

(١) الأنبياء ٢١: ١٠٣.

٦ - ثواب الأعمال: ١٦٤ / ٢.

١١٤

[ ٦٠ ٨٠ ] ٧ - وفي( عقاب الأعمال) عن أبيه، عن محمّد بن أبي القاسم، عن محمّد بن علي، عن محمّد بن سنان، عن فرات بن أحنف قال: قال علي بن الحسين( عليه‌السلام ) : من كان عنده فضل ثوب( وقدر أن يخصّ به مؤمناً يحتاج) (١) إليه فلم يدفعه إليه أكبّه الله في النار على منخريه.

وراوه البرقي في( المحاسن) عن محمّد بن علي (٢) .

أقول: هذا محمول على حال الضرورة وخوف الفقير من الهلاك، فتجب كسوته، ويحرم منعه.

[ ٦٠ ٨١ ] ٨ - وفي كتاب( الإخوان) بسنده عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من كسا أخاه كسوة شتاء أو صيف كان حقّاً على الله أن يكسوه من ثياب الجنّة.

وذكر الحديث السابق، وزاد: ومن أكرم أخاه يريد بذلك الأخلاق الحسنة كتب الله له من كسوة الجنّة عدد ما في الدنيا من أوّلها إلى آخرها، ولم يثبته من أهل الرياء، وأثبته من أهل الكرم.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٣) .

____________________

٧ - عقاب الأعمال: ٢٩٨ / ١.

(١) في نسخة: فيعلم ان بحضرته مؤمناً محتاجاً( هامش المخطوط ).

(٢) المحاسن: ٩٨ / ٦٣.

٨ - مصادقة الأخوان: ٧٨.

(٣) يأتي في الأحاديث ٥ و ٧ و ٨ و ١١ و ٢٤ من الباب ١٢٢ من أبواب أحكام العشرة وفي الحديث ٥ و ٧ و ١٠ من الباب ٢٢ من أبواب فعل المعروف، وتقدم ما يدل علىٰ ذلك في الحديث ٥ الباب ٢٩ من هذه الأبواب.

١١٥

١١٦

أبواب مكان المصلي

١ - باب جواز الصلاة في كلّ مكان بشرط أن يكون مملوكاً أو مأذوناً فيه

[ ٦٠ ٨٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن محمّد بن مروان جميعاً، عن أبان بن عثمان، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: إنّ الله أعطى محمّداً( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) شرائع نوح وإبراهيم وموسى وعيسى - إلى أن قال - وجعل له الأرض مسجداً وطهوراً.

ورواه أحمد بن محمّد بن خالد البرقي في( المحاسن )، مثله(١) .

[ ٦٠ ٨٣ ] ٢ - محمّد بن علي بن الحسين قال: قال النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : أُعطيت خمساً لم يعطها أحد قبلي: جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، ونصرت بالرعب، وأُحلّ لي المغنم، وأُعطيت جوامع الكلم، وأُعطيت الشفاعة.

ورواه في( المجالس ): عن محمّد بن الحسن، عن ابن أبان، عن

____________________

أبواب مكان المصلي

الباب ١

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٢: ١٤ / ١، وأورده في الحديث ١ الباب ٧ من أبواب التيمم.

(١) المحاسن: ٢٨٧ / ٤٣١.

٢ - الفقيه ١: ١٥٥ / ٧٢٤، وأورده في الحديث ٢ الباب ٧ من أبواب التيمم.

١١٧

الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن إسماعيل الجعفي، عن الباقر( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ، وذكر مثله(١) .

[ ٦٠ ٨٤ ] ٣ - أحمد بن محمّد البرقي في( المحاسن ): عن النوفلي بإسناده قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : الأرض كلّها مسجد إلّا الحمّام والقبر.

[ ٦٠ ٨٥ ] ٤ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن العبّاس، عن صفوان، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان مولى طربال، عن عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: الأرض كلّها مسجد إلّا بئر غائط، أو مقبرة،( أو حمّام) (٢) .

أقول: الاستثناء هنا على وجه الكراهة، لما يأتي إن شاء الله(٣) .

[ ٦٠ ٨٦ ] ٥ - جعفر بن الحسن بن سعيد المحقّق الحلي في( المعتبر) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : جعلت لي الأرض مسجداً، وترابها طهوراً، أينما أدركتني الصلاة صلّيت.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في التيمّم وغيره(٤) ، ويأتي ما يدلّ عليه وعلى اشتراط كونه مملوكاً أو مأذوناً فيه(٥) .

____________________

(١) أمالي الصدوق: ١٧٩ / ٦.

٣ - المحاسن: ٣٦٥ / ١١٠.

٤ - التهذيب ٣: ٢٥٩ / ٧٢٨، والاستبصار ١: ٤٤١ / ١٦٩٩، أورده أيضاً في الحديث ٢ من الباب ٣١ من هذه الأبواب.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) يأتي في الحديث ١ و ٣ و ٤ و ٥ من الباب ٢٥، والحديث ١ من الباب ٣١، والحديث ١ و ٢ من الباب ٣٤ من هذه الأبواب.

٥ - المعتبر: ١٥٨.

(٤) تقدم ما يدل على ذلك في الباب ٧ من أبواب التيمم.

(٥) يأتي ما يدل عليه في الباب ٣ من هذه الأبواب، وفيها دلالة عامة فلاحظ، وأيضاً يدل عليه ما يأتي في الحديث ٢ من الباب ٢ من هذه الأبواب.

١١٨

٢ - باب حكم الصلاة في المكان المغصوب والثوب المغصوب

[ ٦٠ ٨٧ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين قال: قال الصادق( عليه‌السلام ) : لو أنّ الناس أخذوا ما أمرهم الله به فأنفقوه فيما نهاهم عنه ما قبله منهم، ولو أخذوا ما نهاهم الله عنه فأنفقوه فيما أمرهم الله به ما قبله منهم، حتى يأخذوه من حقّ، وينفقوه في حقّ.

وراوه الكليني عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، مثله(١) .

[ ٦٠ ٨٨ ] ٢ - الحسن بن علي بن شعبة في( تحف العقول) عن ‎ أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) ، في وصيّته لكميل، قال: يا كميل، انظر في ما تصلّي ؟ وعلى ما تصلّي ؟ إن لم يكن من وجهه وحلّه فلا قبول.

وراوه الطبري في( بشارة المصطفى ): عن إبراهيم بن الحسن البصري، عن محمّد بن الحسن بن عتبة، عن محمّد بن الحسين بن أحمد، عن محمّد بن وهبان الدبيلي، عن علي بن أحمد العسكري، عن أحمد بن المفضّل، عن راشد بن علي القرشي، عن عبد الله بن حفص المدني، عن محمّد بن إسحاق، عن سعيد بن زيد بن أرطاة، عن كميل بن زياد(٢) .

أقول: ويأتي ما يدلّ على تحريم الغصب، وعدم جواز التصرّف في المغصوب(٣) .

____________________

الباب ٢

فيه حديثان

١ - الفقيه ٢: ٣١ / ١٢١.

(١) الكافي ٤: ٣٢ / ٤.

٢ - تحف العقول: ١٧٤.

(٢) بشارة المصطفى: ٢٨.

(٣) يأتي ما يدل على تحريم الغصب في الباب ١ و ٥ و ٨ من أبواب الغصب.

١١٩

٣ - باب حكم ما لو طابت نفس المالك بالصلاة في ثوبه، أو على فراشه، أو في أرضه

[ ٦٠ ٨٩ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن زرعة، عن سماعة، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) - في حديث - أنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال:(١) من كانت عنده أمانة فليؤدّها إلى من ائتمنه عليها، فإنّه لا يحلّ دم امرئ مسلم ولا ماله إلّا بطيبة نفسه.

محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أسامة زيد الشحّام، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، مثله(٢) .

[ ٦٠ ٩٠ ] ٢ - وعن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن ابن فضّال، عن عمر بن أبان، عن سعيد بن الحسن قال: قال أبو جعفر( عليه‌السلام ) : أيجيء أحدكم إلى أخيه فيدخل يده في كيسه فيأخذ حاجته فلا يدفعه ؟ قلت: ما أعرف ذلك فينا، فقال أبو جعفر( عليه‌السلام ) : فلا شيء إذاً، قلت: فالهلاك إذاً ؟ فقال: ‎ إنّ القوم لم يعطوا أحلامهم بعد.

[ ٦٠ ٩١ ] ٣ - الحسن بن علي بن شعبة في( تحف العقول) عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ، أنّه قال في خطبة الوداع: أيّها الناس، إنّما المؤمنون إخوة، ولا يحلّ لمؤمن مال أخيه إلّا عن طيب نفسٍ منه.

[ ٦٠ ٩٢ ] ٤ - محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد في( الاختصاص ): عن أبان بن

____________________

الباب ٣

فيه ٤ أحاديث

١ - الفقيه ٤: ٦٦ / ١٩٥.

(١) في المصدر زيادة ألا.

(٢) الكافي ٧: ٢٧٣ / ١٢.

٢ - الكافي ٢: ١٣٩ / ١٣، أورده أيضاً في الحديث ٥ من الباب ٢٧ من أبواب الصدقة.

٣ - تحف العقول: ٣٤.

٤ - الاختصاص: ٢٤.

١٢٠

قال: فقام إليه شمر بن ذي الجوشن فقال: أتقبل هذا منه، وقد نزل بأرضك إلى جنبك؟! والله، لئن رحلَ من بلدك ولم يضع يده في يدك ليكوننّ أولى بالقوّة والعزّ، ولتكوننّ أَولى بالضعف والعجز، فلا تعطه هذه المنزلة فإنّها من الوهن، ولكنْ لينزل على حكمك هو وأصحابه، فإنْ عاقبتَ فأنت وليُّ العقوبة، وإنْ غفرتَ كان ذلك لك، والله، لقد بلغني أنّ حسيناً وعمر بن سعد يجلسان بين العسكرين فيتحدّثان عامّة الليل.

فقال له ابن زياد: نِعمَ ما رأيتَ، الرأي رأيك)(١) .

ويواصل الطبري رواية ذلك الحدث، عن أبي مخنف، عن سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم قال: (ثمّ إنّ عبيد الله بن زياد دعا شمر بن ذي الجوشن، فقال له: اُخرج بهذا الكتاب إلى عمر بن سعد، فليعرض على الحسين وأصحابه النزول على حُكمي، فإنْ فعلوا فليبعث بهم إليَّ سلَماً، وإنْ هم أبَوا فليقاتلهم، فإنْ فعل فاسمع له وأطع، وإنْ هو أبى فقاتلهم فأنت أمير النّاس، وَثِبْ عليه فاضرب عُنقه وابعث إليَّ برأسه)(٢) .

وكان كتاب ابن زياد لعمر بن سعد: (أمّا بعدُ، فإنّي لم أبعثك إلى حسين لتكفّ عنه، ولا لتطاوله، ولا لتُمنّيه السلام والبقاء، ولا لتقعد له عندي شافعاً، اُنظر فإنْ نزل حسين وأصحابه على الحكم واستسلموا فابعث بهم إليَّ سلماً، وإنْ أبوا فازحف إليهم حتّى تقتلهم وتمثّل بهم فإنّهم لذلك مستحقّون، فإنْ قُتل حسينٌ فأَوْطِئ الخيلَ صدره وظهره، فإنّه عاقٌ مشاقّ قاطع ظلوم! ولستُ أرى في هذا أن يضرَّ بعد الموت شيئاً، ولكنْ عليَّ قول: لو قد قتلته فعلت هذا به، فإنْ أنت مضيتَ

____________________

(١) و (٢) تاريخ الطبري، ٣: ٣١٣ - ٣١٤؛ وانظر: أنساب الأشراف، ٣: ٣٩٠ - ٣٩١، والكامل في التاريخ، ٣: ٢٨٤ .

١٢١

لأمرِنا فيه، جزيناك جزاء السامع المطيع، وإنْ أبيتَ فاعتزِل عملنا وجُندنا، وخَلِّ بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر فإنّا قد أمرناه بأمرنا، والسلام)(١) .

ابن زياد يكتب أماناً لأبي الفضل العباس وإخوتهعليهم‌السلام !

يروي الطبري، عن أبي مخنف، عن الحارث بن حصيرة، عن عبد الله بن شريك العامري قال: (لمّا قَبض شمر بن ذي الجوشن الكتاب، قام هو وعبد الله بن أبي المحل، وكانت عمّته أمّ البنين ابنة حزام عند عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، فولدت له العبّاس، وعبد الله، وجعفراً، وعثمان، فقال عبد الله بن أبي المحلّ بن حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب: أصلحَ الله الأمير، إنّ بني أُختنا مع الحسين، فإنْ رأيتَ أنْ تكتب لهم أماناً فعلتُ، قال: نعم، ونعمة عين، فأمرَ

____________________

(١) تاريخ الطبري، ٤: ٣١٤، وانظر: الكامل في التاريخ، ٣: ٢٨٤، والإرشاد: ٢٥٦، وأنساب الأشراف، ٣: ٣٩١، وفيه: (.. وإنْ قتلتَ حسيناً فأوطِئ الخيل صدره وظهره لنَذْرٍ نذرته وقول قُلتُه،.. وخلِّ بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر وأمر الناس، فإنّا قد أمرناه فيك بأمرنا، والسلام).

وانظر: الأخبار الطوال: ٢٥٥ بتفاوت، وانظر: الفتوح، ٥: ١٦٦ بتفاوت، وفيه: (.. يا بن سعد، ما هذه الفترة والمطاولة؟.. وإنْ أبيتَ ذلك فاقطع حبلنا وجُندنا، وسلِّم ذلك إلى شمر بن ذي الجوشن؛ فإنّه أحزم منك أمراً، وأمضى منك عزيمة، والسلام)، وعنه: مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي، ١: ٣٤٨ وفيه أيضاً: (وقال غيره: إنّ عبيد الله بن زياد دعا حويزة بن يزيد التميمي وقال: إذا وصلتَ بكتابي إلى عمر بن سعد فإنْ قام من ساعته لمحاربة الحسين فذاك، وإنْ لم يقم فخذه وقيّده، واندُب شهر بن حوشب ليكون أميراً على الناس، فوصلَ الكتاب، وكان في الكتاب: إنّي لم أبعثك يا بن سعد لمنادمة الحسين، فإذا أتاك كتابي فَخيّر الحسين بين أن يأتي إليَّ وبين أن تقاتله، فقام عمر بن سعد من ساعته وأخبر الحسين بذلك، فقال له الحسينعليه‌السلام :(أَخّرني إلى غدٍ...)، ثمّ قال عمر بن سعد للرسول: اشهد لي عند الأمير أنّي امتثلتُ أمره).

١٢٢

كاتبه فكتب لهم أماناً، فبعث به عبد الله بن أبي المحل مع مولى له يُقال له: كُزمان، فلمّا قدِم عليهم دعاهم فقال: هذا أمانٌ بعث به خالكم!

فقال له الفتية:أَقرِئ خالنا السلام، وقل له: أنْ لا حاجة لنا في أمانكم، أمان الله خيرٌ من أمان ابن سميّة) (١) .

____________________

(١) تاريخ الطبري، ٤: ٣١٤ - ٣١٥؛ وانظر: الكامل في التاريخ، ٣: ٢٨٤؛ وفي الفتوح: ٥، ١٦٦ - ١٦٧: (وطوى الكتاب، وأراد أن يسلّمه إلى رجل يُقال له عبد الله بن أبي المحل بن حزام العامري، فقال: أصلح الله الأمير، إنّ عليَّ بن أبي طالب قد كان عندنا هاهنا بالكوفة، فخطبَ إلينا فزوّجناه بنتاً يقال لها (أمّ البنين بنت حزام)، فولَدت له عبد الله، وجعفراً، والعبّاس، فهم بنو أختنا، وهم مع الحسين أخيهم، فإن رسمتَ لنا أن نكتب إليهم كتاباً بأمانٍ منك عليهم متفضّلاً؟! فقال عبيد الله بن زياد: نعم، وكرامة لكم! اُكتبوا إليهم بما أحببتم ولهم عندي الأمان!

قال: فكتب عبد الله بن أبي المحل بن حزام إلى عبد الله، والعباس، وجعفر، بني عليّرضي‌الله‌عنهم بالأمان من عبيد الله بن زياد، ودفع الكتاب إلى غلام له يُقال له (عرفان)، فقال: سِرْ بهذا الكتاب إلى بني أختي بني عليّ بن أبي طالب - رحمة الله عليهم - فإنّهم في عسكر الحسينرضي‌الله‌عنه ، فادفع إليهم هذا الكتاب، وانظر ماذا يردّون عليك؟

قال: فلمّا ورد كتاب عبد الله بن أبي المحل على بني عليّ ونظروا فيه، أقبلوا به إلى الحسين فقرأه وقال له: لا حاجة لنا في أمانك، فإنّ أمان الله خير من أمان ابن مرجانة.

قال: فرجع الغلام إلى الكوفة فخبّر عبد الله بن أبي المحل بما كان من جواب القوم.

قال: فعلمَ عبد الله بن أبي المحل أنّ القوم مقتولون). وعنه مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي، ١: ٣٤٨ - ٣٤٩ بتفاوت.

ويؤخذ على هذا الخبر:

أوّلاً: أنّ الإمام أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام قد تزوّج أم البنينعليها‌السلام قبل مجيئه الكوفة بسنين.

وثانياً: أنّ للإمام عليّعليه‌السلام من أمّ البنينعليها‌السلام ولَداً رابعاً هو عثمان، لم يُذكر في هذا الخبر.

١٢٣

وقائعُ اليوم التاسع من المحرّم الحرام

ويواصل الطبري رواية قصة كربلاء قائلاً: (فأقبلَ شمر بن ذي الجوشن بكتاب عبيد الله بن زياد إلى عمر بن سعد، فلمّا قدِم به عليه فقرأه قال له عمر: ما لك؟! ويلك، لا قرّب الله دارك، وقبّح الله ما قدمتَ به عليَّ! والله، إنّي لأظنّك أنت ثنيته أن يقبل ما كتبتُ به إليه، أفسدتَ علينا أمراً كُنّا رجونا أن يصلح، لا يستسلمُ واللهِ حسينٌ، إنّ نفساً أبيّة لبَيْنَ جنبيه.

فقال له شمر: أخبِرني ما أنت صانع؟! أتمضي لأمر أميرك وتقتل عدوّه؟! وإلاّ فخلِّ بيني وبين الجند والعسكر.

قال: لا، ولا كرامة لك، وأنا أتولّى ذلك، فدونك(١) فكن أنت على الرجّالة)(٢) .

شمر بن ذي الجوشن يبذل الأمان للعبّاس وإخوتهعليهم‌السلام

(وجاء شمر حتّى وقف على أصحاب الحسينعليه‌السلام فقال: أين بنو أُختنا؟

____________________

(١) عبارة: (فدونك فكن أنت على الرجّالة) من الإرشاد: ٢٥٧، بدلاً ممّا في تاريخ الطبري، ٣: ٣١٥ فإنّ عبارته الأخيرة (قال: فدونك وكن أنت على الرجّالة) أي: أنّ شمراً يأمر ابن سعد، وهذا مستبعد؛ لأنّ المأمور لا يأمر الآمر.

(٢) تاريخ الطبري، ٣: ٣١٥ وانظر: الكامل في التاريخ، ٣: ٢٨٤، والإرشاد: ٢٥٦ - ٢٥٧، وأنساب الأشراف، ٣: ٣٩١ وفيه: (فلمّا أوصل شمر الكتاب إليه قال عمر: يا أبرص، ويلك لا قرّب الله دارك، ولا سهّل محلّتك، وقبّحك وقبّح ما قدِمت له، والله إنّي لأظنّك ثنيته عن قبول ما كتبتُ به إليه.

فقال شمر: أتمضي لأمر الأمير، وإلاّ فخلّ بيني وبين العسكر وأمْر النّاس؟!

فقال عمر: لا، ولا كرامة، ولكنّي أتولّى الأمر.

قال: فدونك!).

١٢٤

فخرجَ إليه العبّاس، وجعفر، وعبد الله، وعثمان، بنو عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، فقالوا له:ما تريد؟

فقال: أنتم يا بني أُختي آمنون!

فقال له الفتية:لعنك الله ولعن أمانك، أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له؟!) (١) .

جيشُ الضلال يزحف على معسكر الحقّ والهدى!

ثمّ إنّ عمر بن سعد لعنه الله - وقد آثر العمى على الهدى، والدنيا الفانية على الآخرة، وانقاد مستسلماً لهواه فيها - نفر بجيشه لقتال الإمامعليه‌السلام (فنهضَ إليه عشيّة(٢) الخميس لتسع مضين من المحرّم)(٣) .

____________________

(١) الإرشاد: ٢٥٧، وانظر: تاريخ الطبري، ٤: ٣١٥، والكامل في التاريخ، ٣: ٢٨٤ وفيه: (لعنكَ الله ولعن أمانك، لئن كنت خالنا أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له؟!)، وأنساب الأشراف، ٣: ٣٩١، والفتوح، ٥: ١٦٨ - ١٦٩ وفيه: (... فقال الحسين لإخوته:(أجيبوه وإن كان فاسقاً؛ فإنّه من أخوالكم، فنادوه فقالوا: ما شأنك وما تريد؟

فقال: يا بني أُختي، أنتم آمنون، فلا تقتلوا أنفسكم مع أخيكم الحسين، والزموا طاعة أمير المؤمنين يزيد بن معاوية، فقال له العبّاس بن عليّرضي‌الله‌عنه : تبّاً لك يا شمر ولعنك الله ولعنَ ما جئت به من أمانك هذا يا عدوّ الله، أتأمرنا أن ندخل في طاعة اللعناء، ونترك نصرة أخينا الحسين..).

وعنه مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي، ١: ٣٤٩ وفيه: (.. يا عدوّ الله، أتأمرنا أن نترك أخانا الحسين بن فاطمة وندخل في طاعة اللعناء وأولاد اللعناء؟! فرجع شمر إلى عسكره مغيظاً)، وانظر أيضاً: تذكرة الخواص: ٢٢٤.

(٢) العشيّة: يقع العشيّ على ما بين زوال الشمس إلى وقت غروبها، كلّ ذلك عشيٌّ، فإذا غابت الشمس فهو العِشاء. (لسان العرب، ١٥: ٦٠).

(٣) تاريخ الطبري، ٤: ٣١٥، والأخبار الطوال: ٢٥٦، والكامل في التاريخ، ٣: ٢٨٤، والإرشاد: ٢٥٧، =

١٢٥

ويقول المؤرخون أيضاً: (ثمّ إنّ عمر بن سعد نادى: يا خيل الله اركبي وابشري، فرَكِب في النّاس، ثمّ زحف نحوهم بعد صلاة العصر، وحسين جالس أمام بيته محتبياً بسيفه، إذ خفق برأسه على ركبتيه.

وسَمَعت أُخته زينب الصيحة، فدنت من أخيها فقالت:يا أخي، أمَا تسمع الأصوات قد اقتربت؟

قال: فرفع الحسين رأسه فقال:(إنّي رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في المنام فقال لي: إنّك تروح إلينا (١) .

قال: لطمت أخته وجهها وقالت:يا ويلتا .

فقال:ليس لكِ الويل يا أخيّتي، اسكُتي رحمكِ الرحمان) (٢) .

وقال العبّاس بن عليّ:يا أخي، أتاك القوم.

قال: فنهض ثمّ قال:يا عبّاس، اركب بنفسي أنت يا أخي، حتّى تلقاهم فتقول لهم: ما لكم، وما بدا لكم، وتسألهم عمّا جاء بهم؟

فأتاهم العبّاس، فاستقبلهم في نحو من عشرين فارساً، فيهم زهير بن القين وحبيب بن مظاهر، فقال لهم العبّاس:ما بدا لكم وما تريدون؟

قالوا: جاء أمرُ الأمير بأن نعرض عليكم أن تنزلوا على حُكمه أو ننازلكم.

____________________

= وفي أنساب الأشراف، ٣: ٣٩١: (ونهض بالنّاس عشيّة الجمعة).

(١) في الفتوح، ٥: ١٧٥ - ١٧٦: (... وقال:(يا أُختاه، إنّي رأيت جدّي في المنام، وأبي عليّاً، وفاطمة أمّي، وأخي الحسن عليهم‌السلام فقالوا: يا حسين، إنّك رائح إلينا عن قريب، وقد والله يا أختاه دنا الأمر في ذلك لا شكّ) )، وعنه مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي، ١: ٣٥٣ بتفاوت يسير.

(٢) في الإرشاد: ٢٥٧:(ليس لكِ الويل يا أخيّة، اسكتي رحمكِ الله) ، وفي الفتوح، ٥: ١٧٦: (فلطمت زينب وجهها وصاحت: واخيبتاه! فقال الحسين:(مهلاً، اسكتي ولا تصيحي فتشمت بنا الأعداء) ، وانظر: مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي، ١: ٣٥٣.

١٢٦

قال: فلا تعجلوا حتّى أرجع إلى أبي عبد الله فأعرِض عليه ما ذكرتم.

قال: فوقفوا، ثمّ قالوا: اِلْقَهْ فأعلِمه ذلك، ثمّ اِلْقَنا بما يقول.

قال: فانصرف العبّاس راجعاً يركض إلى الحسين يخبره بالخبر، ووقف أصحابه يخاطبون القوم.

فقال حبيب بن مظاهر لزهير بن القين: كَلِّم القومَ إنْ شئتَ، وإنْ شئتَ كلَّمتهم.

فقال له زهير: أنت بدأت بهذا، فكنْ أنت الذي تكلّمهم.

فقال لهم حبيب بن مظاهر: أمَا والله، لبئس القوم عند الله غداً قومٌ يقدمون عليه، قد قتلوا ذريّة نبيّهعليه‌السلام ، وعترته وأهل بيتهعليهم‌السلام ، وعُبّاد أهل هذا المصر المجتهدين بالأسحار والذاكرين الله كثيراً.

فقال له عزرة بن قيس: إنّك لتزكّي نفسك ما استطعت.

فقال له زهير: يا عزرة، إنّ الله قد زكّاها وهداها، فاتّقِ الله يا عزرة فإنّي لك من الناصحين، أُنشدك الله يا عزرة أن تكون ممّن يُعين الضُلاّلَ على قتل النفوس الزكيّة.

قال: يا زهير، ما كنتَ عندنا من شيعة أهل هذا البيت، إنّما كنت عثمانياً؟!(١)

قال: أفلستَ تستدلّ بموقفي هذا أنّي منهم؟! أمَا والله ما كتبتُ إليه كتاباً قطّ، ولا أرسلت إليه رسولاً قطّ، ولا وعدته نصرتي قطّ، ولكنّ الطريق جمع بيني وبينه، فلمّا رأيته ذكرتُ به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومكانه منه، وعرفتُ ما يقدِم عليه من عدوّه وحزبكم، فرأيتُ أن أنصرهُ وأن أكون في حزبه، وأن أجعل نفسي دون نفسه حفظاً

____________________

(١) مرَّ بنا في وقائع الطريق بين مكّة وكربلاء في ترجمة زهير بن القين (رض)، مناقشة وافية لمسألة هذه العثمانية المزعومة التي أُلصقت بزهير (رض)، تحت عنوان (هل كان زهير بن القين عثمانياً؟!) فراجعها.

١٢٧

لِما ضيّعتم من حقّ الله وحقّ الرسولعليه‌السلام .

قال: وأقبلَ العبّاس بن عليّ يركض حتّى انتهى إليهم.

فقال:يا هؤلاء، إنّ أبا عبد الله يسألكم أن تنصرفوا هذه العشيّة حتّى ينظر في هذا الأمر، فإنّ هذا أمرٌ لم يجرِ بينكم وبينه فيه منطقٌ، فإذا أصبحنا التقينا إنْ شاء الله، فإمّا رضيناه فأتينا بالأمر الذي تسألونه وتسومونه، أو كرهنا فرددناه.

وإنّما أراد بذلك أن يردَّهم عنه تلك العشيّة حتّى يأمر بأمره ويوصي أهله(١) .

فلمّا أتاهم العبّاس بن عليّ بذلك قال عمر بن سعد: ما ترى يا شمر؟

قال: ما ترى أنت؟ أنت الأمير والرأي رأيك.

قال: قد أردتُ ألاّ أكون!(٢)

ثمّ أقبل على الناس فقال: ماذا ترون؟

فقال عمرو بن الحجّاج بن سلمة الزبيدي: سبحان الله! والله، لو كانوا من الديلم ثمّ سألوك هذه المنزلة لكان ينبغي لك أن تجيبهم إليها(٣) .

وقال قيس بن الأشعث: أجبهم إلى ما سألوك، فلعمري ليصبُحنّك بالقتال غدوة.

فقال: والله، لو أعلم أن يفعلوا ما أخّرتهم العشيّة.

____________________

(١) هذا التعليل من الراوي، والسبب لا ينحصر في هذا كما ظنَّ، بل هناك ما هو أهمّ، فانظر في الإشارة الآتية.

(٢) في الفتوح، ٥: ١٧٨: (فقال عمر: إنّني أحببتُ أن لا أكون أميراً! قال: ثمَّ إنّي أُكرهتُ)، وفي مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي، ١: ٣٥٤: (إنّي أحببت أن لا أكون أميراً! فلم أُترَك وأُكرهت).

(٣) في الفتوح، ٥: ١٧٨ - ١٧٩: (فقال رجل من أصحابه يُقال له عمرو بن الحجّاج: سبحان الله العظيم! لو كانوا من الترك والديلم وسألوا هذه المنزلة لقد كان حقّاً علينا أن نجيبهم إلى ذلك، وكيف وهم آل الرسول محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهله؟! فقال عمر بن سعد: إنّا قد أجّلناهم في يومنا هذا..).

١٢٨

قال: وكان العبّاس بن عليّ حين أتى حسيناً بما عرض عليه عمر بن سعد قال:(ارجع إليهم، فإن استطعتَ أن تؤخّرهم إلى غدوة وتدفعهم عنّا العشيّة؛ لعلّنا نصلّي لربّنا الليلة وندعوه ونستغفره، فهو يعلم أنّي قد كنتُ أُحبّ الصلاة له، وتلاوة كتابه، وكثرة الدعاء والاستغفار) (١) .

ويروي الطبري، عن أبي مخنف، عن الحارث بن حصيرة، عن عبد الله بن شريك العامري، عن الإمام السجّادعليه‌السلام قال:(أتانا رسول من قِبَل عمر بن سعد، فقام مثل حيث يُسمع الصوت فقال: إنّا قد أجّلناكم إلى غدِ، فإنْ استسلمتم سرّحنا بكم إلى أميرنا عبيد الله بن زياد، وإنْ أبَيتم فلسنا بتاركيكم) (٢) .

أمّا ابن أعثم الكوفي فيروي قائلاً: (... فقال عمر بن سعد: إنّا قد أجّلناهم في يومنا هذا، قال: فنادى رجل من أصحاب عمر: يا شيعة الحسين بن عليّ، قد أجّلناكم يومكم هذا إلى غد، فإنْ استسلمتم ونزلتم على حُكم الأمير وجّهنا بكم إليه، وإنْ أبَيتم ناجزناكم.

قال: فانصرف الفريقان بعضهم من بعض)(٣) .

إشارة

ماذا لو حصلت فاجعة عاشوراء في الليل؟

مرَّ بنا قول الراوي - في رواية الطبري - في تعليله لطلب الإمامعليه‌السلام من عمر

____________________

(١) تاريخ الطبري، ٤: ٣١٥ - ٣١٧، وانظر: الكامل في التاريخ، ٣: ٢٨٤، وانظر: أنساب الأشراف، ٣: ٣٩٢ - ٣٩٣، والإرشاد: ٢٥٧ - ٢٥٨، وانظر: الفتوح، ٥: ١٧٥ - ١٧٩ وعنه مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي، ١: ٢٥٣ - ٢٥٤ بتفاوت وإضافات.

(٢) تاريخ الطبري، ٤: ٣١٧، وفي الإرشاد: ٢٥٨:(ومضى العبّاس إلى القوم، ورجع من عندهم ومعه رسول من قِبل عمر بن سعد (لعنه الله) يقول...) .

(٣) الفتوح، ٥: ١٧٩، وانظر مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي، ١: ٣٥٤ - ٣٥٥ بتفاوت.

١٢٩

بن سعد أن يؤجّلهم إلى صباح يوم العاشر: (وإنّما أراد بذلك أن يردَّهم عنه تلك العشيّة حتّى يأمر بأمره ويوصي أهله)(١) .

كما مرَّ بنا أيضاً قول الإمام الحسينعليه‌السلام نفسه لأخيه أبي الفضل العبّاسعليه‌السلام :(ارجع إليهم، فإنْ استطعتَ أن تؤخّرهم إلى غدوة وتدفعهم عنّا العشيّة، لعلّنا نصلّي لربّنا الليلة وندعوه ونستغفره، فهو يعلم أنّي قد كنتُ أُحبّ الصلاة له، وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والاستغفار).

ولعلّ ما ظنّه الراوي - في رواية الطبري - كان صحيحاً، في أنّهعليه‌السلام أراد المهلة إلى الصباح حتّى يأمر - مَن ينجو من أهله - بأوامره ويوصيهم بوصاياه، وهذا لا ينافي ما ورد في الأثر أنّهعليه‌السلام ترك وصاياه وأماناته عند أمّ سلمة (رض)(٢) ، حتّى تسلّمها إلى الإمام السجّادعليه‌السلام بعد عودته، كما لا ينافي كون الإمام السجّادعليه‌السلام والعقيلة زينبعليها‌السلام وسواهما من أهله، كانوا معه منذ بدء رحلة الركب من المدينة حتّى كربلاء.

لكنّ هذا سببٌ من جملة أسباب متعددة كانت الدافع لطلب الإمامعليه‌السلام المهلة حتّى الصباح، ولم يكن السبب الوحيد الذي انحصرت به القضيّة كما عبّر الراوي عن ذلك بأداة الحصر (إنّما).

وصحيح تماماً أنّ الإمام الحسينعليه‌السلام كان يُحبّذ أن يقضي الليلة الأخيرة من عمره الشريف - خصوصاً وأنّها ليلة جمعة - في صلاة، وكثرة دعاء واستغفار وتلاوة القرآن.

____________________

(١) وكذلك قال البلاذري في أنساب الأشراف، ٣: ٣٩٢: (وإنّما أراد أن يوصي أهله ويتقدّم إليهم فيما يريد).

(٢) راجع: كتاب الغَيبة للشيخ الطوسي، ١٩٥، حديث ١٠٩، وكتاب الصراط المستقيم: ١٦١ (النصّ على زين العابدينعليه‌السلام ).

١٣٠

نعم، لكنّ هذا أيضاً - مع أهميّته البالغة - كان من جملة الأسباب.

(إنّ الإمام الحسينعليه‌السلام كان قد تعامل في العمق مع كلّ قضيّة في مسار النهضة المقدّسة بمنطق (الشهيد الفاتح)، وخاطبها بلغة الشهادة التي هي عين الفتح، وإنْ كان في نفس الوقت قد تعاطى مع ظواهر القضايا بمنطق الحجج الظاهرة، ولا منافاة بين المنطقين بل هما في طول بعضهما البعض...

فحيث إنْ لم يبايععليه‌السلام يُقتل، فقد سعىعليه‌السلام ألاّ يُقتل في ظروف زمانية ومكانية وبكيفيّة يختارها ويخطّط لها ويُعدّها العدوّ، وسعىعليه‌السلام بمنطق (الشهيد الفاتح) أن يتحقّق مصرعه الذي لابدّ منه على أرض يختارها هو(١) ، لا يتمكّن العدوّ فيها أن يُعتّم على مصرعه فتختنق الأهداف المرجوّة من وراء هذا المصرع، الذي سيهزّ الأعماق في وجدان الأمّة ويحرّكها بالاتجاه الذي أراد الحسينعليه‌السلام .

كما سعىعليه‌السلام أن تجري وقائع المأساة في وضح النهار لا في ظلمة الليل؛ ليرى جريان وقائعها أكبر عدد من الشهود، فلا يتمكّن العدوّ من أن يعتّم على هذه الوقائع الفجيعة ويغطّي عليها، وهذا هو الهدف المنشود من وراء العامل الإعلامي والتبليغي في طلب الإمامعليه‌السلام عصر تاسوعاء أن يُمهلوه إلى صبيحة عاشوراء)(٢) .

نعم، فهذا السبب وإن كما من جملة حسابات التخطيط الحربي، خصوصاً بالنسبة إلى قوّة محاصرة في بقعة محدودة ضيّقة؛ إلاّ أنّه سبب أوّل وأساس في حسابات التخطيط الإعلامي والتبليغي، خصوصاً بالنسبة إلى إمام مفترض الطاعة مظلوم مع مجموعة من الأنصار الربانيين، يريد أن يكشف للأمّة - وللعالم أجمع - عن حقّانيته وأحقيته ومظلوميته، وعن وحشيّة أعدائه وعدم مراعاتهم لأيّ معنى والتزام أخلاقي ودينيّ.

____________________

(١) وهذا ما يفسّر إصرار الإمامعليه‌السلام على التوجّه إلى العراق (أرض المصرع المختار).

(٢) راجع: الجزء الأوّل (الإمام الحسينعليه‌السلام في المدينة المنوّرة): ١٥٥ - ١٥٦.

١٣١

فكان لابدّ من النهار،( وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحى ) (١) ، حتّى يشهد النّاس التفاصيل الكبيرة والصغيرة من الفاجعة والمأساة، ويسمعوا كلّ البلاغات والنداءات والاحتجاجات الإلهية عن لسان الإمامعليه‌السلام وأنصاره الكرام، ثمّ لينظروا كيف لا تستجيب الوهدة لنداء الذروة، ويروا في واضحة النهار كيف تفترس أسنّة الرذيلة النواهش وسيوفها البواتر هيكل الفضيلة الطاهر، وكيف تُهشّم حوافر خيولها العمياء أضلاع الصدر القدسيّ الذي في طيّه سرُّ الإله مصون، وكيف تُباد عصبة الأبرار، وتُحزُّ الرؤوس، ويُقتل الصغار، وكيف تنحرُ سهام الضلالة الحاقد حتى الطفل الرضيع، وكيف تُحرق الخيام، وتُسلبُ النساء، وينتهب الرحل،.. إلى ما سوى ذلك من تفاصيل مأساوية فجيعة، شوهدت في رابعة النهار، فرواها المشاهدون، وتناقلها الناس والتاريخ.

لقد كان النهار عاملاً مهمّاً من عوامل نجاح حفظ حقيقة فاجعة الطفّ كما هي وبكلّ تفاصيلها، إذ لو كانت قد حصلت الواقعة في ليل؛ لغطّت ظلمته على جلّ تفاصيلها المفجعة وبطولاتها المشرقة، ولمَا رأى مَن حَضرها إلاّ نزراً قليلاً من وقائعها، ثمّ لمَا بلغنا منها إلاّ حكاية مبهمة وجيزة لا تحمل في طيّاتها من الفعل والتأثير إلاّ شيئاً يسيراً.

وقائع ليلة عاشوراء

يروي الطبري، عن أبي مخنف، عن الحارث بن حصيرة، عن عبد الله بن

____________________

(١) سورة طه، الآية ٥٩، والآية عن لسان موسىعليه‌السلام ينما حدّد موعد المواجهة مع السحرة أن يكون يوم الزينة، وأن يُحشر الناس ضحى؛ وذلك ليرى الجميع بوضوح كيف تلقف عصاه ما يأفك السحرة، وليتناقل الناس مشهد هزيمة فرعون في هذه المواجهة.

١٣٢

شريك العامري، عن الإمام السجّادعليه‌السلام قال:(جمعَ الحسين أصحابه بعدما رجع عمر بن سعد، وذلك عند قرب المساء، فدنوت منه لأسمع وأنا مريض، فسمعتُ أبي وهو يقول لأصحابه: أُثني على الله تبارك وتعالى أحسن الثناء، وأحمده على السرّاء والضرّاء، اللّهمّ إنّي أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوّة، وعلّمتنا القرآن، وفقّهتنا في الدين، وجعلت لنا أسماعاً وأبصاراً وأفئدة، ولم تجعلنا من المشركين.

أمّا بعدُ، فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيتٍ أبَرَّ ولا أَوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله عنّي جميعاً خيراً، ألا وإنّي أظنّ يومنا من هؤلاء الأعداء غداً، ألا وإنّي قد أذنتُ لكم، فانطلقوا جميعاً في حلّ، ليس عليكم منّي ذِمام، هذا الليل غشيكم فاتخذوه جَملاً) (١) .

____________________

(١) تاريخ الطبري، ٤: ٣١٧، والإرشاد: ٢٥٨، والكامل في التاريخ، ٣: ٢٨٥، وفي أنساب الأشراف، ٣: ٣٩٣:(وعرضَ الحسين على أهله ومَن معه أن يتفرّقوا ويجعلوا الليل جَملاً، وقال: إنّما يطلبونني وقد وجدوني، وما كانت كُتب مَن كَتب إليَّ فيما أظنّ إلاّ مكيدة لي وتقرّباً إلى ابن معاوية بي...) .

ولا يخفى على المتأمّل أنّ العبارة الأخيرة لو كانت قد صدرت عن الإمامعليه‌السلام حقّاً، فإنّ مراده بها المنافقون أمثال: حجّار بن أبجر، وشبث بن ربعي، وعزرة بن قيس، وأمثالهم؛ ذلك لأنّ هناك مَن قد كتب إليه صادقاً مخلصاً، ومن هؤلاء جملة من أنصاره، أمّا أكثر مَن كتب إليه من أهل الكوفة فإنّ قلوبهم كانت مع الإمامعليه‌السلام ، لكنّ الوهن والشلل النفسي استحوذ عليهم حتّى صارت سيوفهم عليه.

ونقلها الخوارزمي في المقتل، ١: ٣٤٩ - ٣٥٠ عن الفتوح لابن أعثم، ٥: ١٦٩ - ١٧٠، وفيه:(وجَمع الحسين عليه‌السلام أصحابه بين يديه، ثمّ حمد الله وأثنى عليه وقال: اللّهمّ لك الحمدُ على ما علّمتنا من القرآن، وفقّهتنا في الدين، وأكرمتنا به من قرابة رسولك محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ..

أمّا بعد، فإنّي لا أعلم أصحاباً أصلح منكم، ولا أعلم أهل بيت أبَرَّ ولا أوصل ولا أفضل من أهل بيتي، فجزاكم الله ميعاً عنّي خيراً، إنّ هؤلاء القوم ما يطلبون أحداً غيري، ولو قد أصابوني وقدروا على قتلي لمَا طلبوكم أبداً، وهذا الليل قد غشيكم فقوموا واتخذوه جَملاً، وليأخذ كلُّ رجل منكم بيد رجل =

١٣٣

وفي رواية بعدها للطبري أيضاً أنّهعليه‌السلام قال:(هذا الليل قد غشيَكم فاتخذوه جَملاً، ثمّ ليأخذ كلُّ رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي، ثمّ تفرّقوا في سوادكم ومدائنكم حتّى يفرّج الله، فإنّ القوم إنّما يطلبونني، ولو قد أصابوني لَهو عن طلب غيري).

فقال له إخوته، وأبناؤه، وبنو أخيه، وابنا عبد الله بن جعفر: لِمَ نفعل؟! لنبقى بعدك؟ لا أرانا الله ذلك أبداً.

بدأهم بهذا القول العبّاس بن عليّ، ثمّ إنّهم تكلّموا بهذا ونحوه.

فقال الحسينعليه‌السلام :(يا بني عقيل، حَسبكم من القتل بمسلم، اذهبوا قد أذنتُ لكم).

قالوا: فما يقول النّاس؟! يقولون: إنّا تركنا شيخنا وسيّدنا وبني عمومتنا خير الأعمام، ولم نرمِ معهم بسهم، ولم نطعن معهم برمح، ولم نضرب معهم بسيف، ولا ندري ما صنعوا؟ لا والله لا نفعل، ولكن تفديك أنفسنا وأموالنا وأهلونا، ونقاتل معك حتّى نرد موردك، فقبّح الله العيش بعدك)(١) .

____________________

=من إخوتي، وتفرّقوا في سواد هذا الليل، وذروني وهؤلاء القوم) . وقد اخترنا متن الخوارزمي على متن الفتوح نفسه؛ لأنّه خالٍ من الاضطراب.

(١) تاريخ الطبري، ٤: ٣١٧ - ٣١٨؛ وانظر: الكامل في التاريخ، ٣: ٢٨٥ بتفاوت يسير، والإرشاد: ٢٥٨ - ٢٥٩ بتفاوت يسير، أمّا في أمالي الصدوق: ١٣٣، المجلس ٣٠، حديث رقم ١ فقد ورد الخبر هكذا: (.. فقام الحسينعليه‌السلام في أصحابه خطيباً فقال:(اللّهمّ إنّي لا أعرف أهل بيت أبرَّ ولا أزكى ولا أطهر من أهل بيتي، ولا أصحاباً هم خير من أصحابي، وقد نزل بي ما ترون، وأنتم في حِلّ من بيعتي، ليست لي في أعناقكم بيعة، ولا لي عليكم ذمّة، وهذا الليل قد غشيَكم فاتخذوه جَملاً، وتفرّقوا في سواده فإنّ القوم إنّما يطلبوني، ولو ظفروا بي لذَهِلوا عن طلب غيري) .

فقام إليه عبد الله بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب فقال: يا بن رسول الله، ماذا يقول لنا الناس إنْ نحن خذلنا شيخنا وكبيرنا وسيّدنا، وابن سيّد الأعمام، وابن نبيّنا سيّد الأنبياء، لم نضرب معه بسيف، ولم نقاتل معه برمح، لا والله أو نرد موردك ونجعل أنفسنا دون نفسك، ودماءنا دون دمك، =

١٣٤

(قال فقام إليه مسلم بن عوسجة الأسديّ فقال: أنحنُ نخلّي عنك ولمّا نُعذر إلى الله في أداء حقّك؟ أمَا والله، حتّى أكسِر في صدورهم رمحي، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي، ولا أفارقك، ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة دونك حتّى أموت معك.

وقال سعد بن عبد الله الحنفي(١) : والله، لا نخلّيك حتّى يعلم الله أنّا قد حفظنا غيبة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيك، والله، لو علمتُ أنّي أُقتل ثمّ أُحيا ثمّ أُحرق حيّاً ثمّ أُذَرُّ، يُفعل ذلك بي سبعين مرّة، ما فارقتك حتّى ألقى حِمامي دونك، فكيف لا أفعل ذلك وإنّما هي قتلة واحدة ثمَّ هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً.

وقال زهير بن القين: والله، لوددتُ أنّي قُتلتُ ثمّ نُشرتُ ثمّ قُتلتُ حتّى أُقتل كذا ألف قتلة، وأنّ الله يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتية من أهل بيتك.

قال: وتكلّم جماعة بكلام يشبه بعضه بعضاً في وجه واحد فقالوا: والله، لا نفارقك ولكن أنفسنا لك الفداء، نقيك بنحورنا وجباهنا وأيدينا، فإذا نحنُ قُتلنا كنّا وَفينَا وقضينا ما علينا)(٢) .

وفي مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي: (ثُمّ تكلّم بُرير بن خضير الهمداني، وكان من الزهّاد الذين يصومون النهار ويقومون الليل، فقال: يا بن رسول الله،

____________________

= فإذا نحن فعلنا ذلك فقد قضينا ما علينا وخرجنا ممّا لزِمَنا...).

(١) وفي بعض المصادر: سعيد بدلاً من سعد، وهو المشهور (راجع: أنساب الأشراف، ٣: ٣٩٣).

(٢) تاريخ الطبري، ٤: ٣١٧ - ٣١٨ وانظر: الكامل في التاريخ، ٣: ٢٨٥، والإرشاد: ٢٥٨ - ٢٥٩، وانظر: أمالي الصدوق: ١٣٣، المجلس ٣٠، رقم ١، وأنساب الأشراف، ٣٣٩٣ وانظر: الفتوح، ٥: ١٧٠ - ١٧١، ومقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي، ١: ٢٥٠ - ٢٥١.

١٣٥

إئذن لي أن آتي هذا الفاسق عمر بن سعد فأعظه لعلّه يتّعظ ويرتدع عمّا هو عليه.

فقال الحسين:(ذاك إليك يا بُرير).

فذهب إليه حتّى دخل على خيمته، فجلس ولم يسلّم، فغضب عمر وقال: يا أخا همدان ما منع من السلام عليَّ؟! ألستُ مسلماً أعرف الله ورسوله، وأشهد بشهادة الحقّ؟

فقال له برير: لو كنتَ عرفت الله ورسوله كما تقول؛ لمَا خرجت إلى عترة رسول الله تريد قتلهم، وبعدُ فهذا الفرات يلوح بصفاته، ويلج كأنّه بطون الحيّات، تشرب منه كلاب السواد وخنازيرها، وهذا الحسين بن عليّ وإخوته ونساؤه وأهل بيته يموتون عطشاً، وقد حِلْتَ بينهم وبين ماء الفرات أن يشربوه، وتزعم أنّك تعرف الله ورسوله؟!

فأطرقَ عمر بن سعد ساعة إلى الأرض، ثمّ رفع رأسه وقال: والله، يا بُرير إنّي لأعلم يقيناً أنَّ كُلَّ مَن قاتلهم وغصبهم حقّهم هو في النار لا محالة، ولكن يا بُرير، أفتشير عليَّ أن أترك ولاية الريّ فتكون لغيري؟ فو الله ما أجد نفسي تجيبني لذلك، ثمّ قال:

دعـاني عـبيد الله من دون قومه

إلـى خـطّة فـيها خرجتُ لِحَيني

فـو الله مـا أدري وإنّـي لـحائر

أُفـكّر فـي أمـري على خطَرَينِ

أأتـركُ مُـلك الريّ والريّ مُنيتي

أم أرجـع مـأثوماً بـقتْل حـسينِ

وفـي قـتله النّار التي ليس دونها

حجابٌ، ومُلك الريّ قرّة عينِي(١)

____________________

(١) ونُسب إليه (لعنه الله) أيضاً هذه الأبيات:

حسينُ ابن عمّي والحوادث جمّة

لعمري، ولي في الريّ قُرّةُ عينِ

لـعلّ إلـه الـعرش يغفر زلّتي

ولـو كـنتُ فـيها أظلم الثقَلينِ

=

١٣٦

فرجع برير إلى الحسين وقال: يا بن رسول الله، إنّ عمر بن سعد قد رضي لقتلك بمُلك الريّ)(١) .

وفي رواية أخرى عن الإمام السجّادعليه‌السلام

روى السيّد هاشم البحراني مرسلاً عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعتُ عليَّ بن الحسين زين العابدينعليهما‌السلام يقول:(لمّا كان اليوم الذي استشهد فيه أبي، جمع أهله وأصحابه في ليلة ذلك اليوم فقال لهم:

يا أهلي وشيعتي، اتّخِذوا هذا الليل جَملاً لكم، وانجُوا بأنفسكم، فليس المطلوب غيري، ولو قتلوني ما فكّروا فيكم، فانجوا رحمكم الله، وأنتم في حِلّ وسعة من بيعتي وعهدي الذي عاهدتموني.

فقال إخوته وأهله وأنصاره بلسان واحد: والله، يا سيّدنا يا أبا عبد الله، لا خذلناك أبداً، والله لا قال النّاس: تركوا إمامهم وكبيرهم وسيّدهم وحده حتّى قُتل، ونبْلوا بيننا وبين الله عُذراً ولا نخلّيك أو نُقتل دونك.

____________________

=

ألا إنّـما الـدنيا لَـبرُّ مُـعَجَّلٌ

ومـا عـاقل بـاع الوجود بديْنِ

يـقـولون إنّ الله خـالق جـنّة

ونـارٍ وتـعذيب وغـلّ يـدينِ

فـإنْ صـدقوا فيما يقولون إنّني

أتـوب إلى الرحمان من سنتينِ

وإنْ كـذبوا فُـزْنا بريِّ عظيمة

ومُـلك عـظيمٍ دائـم الحجلينِ

وإنّـي سأختار التي ليس دونها

حـجابٌ وتـعذيب وغـلّ يَدينِ

(راجع: نَفَس المهموم: ٢١٨).

(١) مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي، ١: ٣٥١ - ٣٥٢، وانظر الفتوح، ٥: ١٧١ - ١٧٣ وفيه: (يا بن بنت رسول الله، إنّ عمر بن سعد قد رضي أن يقتلك بملك الريّ)، وانظر: كشف الغمّة، ٢: ٢٢٦، والفصول المهمّة لابن الصبّاغ: ٢٠٢، ومطالب السؤل: ٧٦.

١٣٧

فقالعليه‌السلام لهم: يا قوم، إنّي غداً أُقتل وتُقتلون كلّكم معي، ولا يبقى منكم واحد.

فقالوا: الحمد لله الذي أكرمنا بنصرك وشرّفنا بالقتل معك، أوَ لا ترضى أن نكون معك في درجتك يا بن رسول الله؟

فقالعليه‌السلام : جزاكم الله خيراً، ودعا لهم بخير، فأصبحَ وقُتل وقُتلوا معه أجمعون(١) .

فقال له القاسم بن الحسنعليهما‌السلام : وأنا فيمن يُقتل؟

فأشفقَ عليه فقال له: يا بُنيّ كيف الموت عندك؟

قال: يا عمّ، أحلى من العسل.

فقالعليه‌السلام : إي والله، فداك عمّك، إنّك لأحد مَن يُقتل من الرجال معي بعد أن تبلو ببلاءٍ عظيم، وابني عبد الله.

فقال: يا عمّ، ويصلون إلى النساء حتّى يُقتل عبد الله وهو رضيع؟!

فقالعليه‌السلام : فداك عمّك، يُقتل عبد الله إذ جفّت روحي عطشاً، وصرتُ إلى خِيَمنا فطلبتُ ماءً ولبناً فلا أجد قطّ، فأقول: ناولوني ابني لأشرب مِن فيه، فيأتوني به فيضعونه على يدي، فأحملهُ لأُدنيه مِن فيَّ فيرميه فاسق بسهم فينحره وهو يُناغي، فيفيض دمه في فيّ، فأرفعهُ إلى السماء وأقول: اللّهمّ صبراً واحتساباً فيك، فتعجلني الأسنّة فيهم والنار تسعر في الخندق الذي في ظهر الخيم، فأكرّ عليهم في أمرِّ أوقات في الدنيا، فيكون ما يريد الله.

____________________

(١) يُلاحظ على هذه الرواية ما ورد فيها من قولهعليه‌السلام :(إنّي غداً أُقتل وتُقتلون كلّكم معي، ولا يبقى منكم واحد) ، وقول الإمام السجّادعليه‌السلام :(فأصبح وقُتل وقُتلوا معه أجمعون) ؛ ذلك لأنّ المشهور خلاف هذا، فهناك بعض من أنصار الحسينعليه‌السلام كانوا قد اشتركوا في حرب يوم عاشوراء ولم يُستشهدوا، مثل: الحسن المثنّى، وسوار بن منعم النهمي، والموقّع بن ثمامة الأسدي.

اللّهمّ إلاّ أن يكون أمثال هؤلاء لم يحضروا هذه المخاطبة تلكم الساعة، أو أنَّ الخطاب أُريد الجميع به على نحو التغليب!

١٣٨

فبكى وبكينا، وارتفع البكاء والصراخ من ذراري رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الخيام.

ويسأل زهير بن القين وحبيب بن مظاهر عنّي، فيقولون: يا سيّدنا، فسيّدنا عليّ - فيشيرون إليَّ - ماذا يكون حاله؟

فيقول مستعبراً: ما كان الله ليقطع نسلي من الدنيا، فكيف يصِلون وهو أبو ثمانية أئمّة؟)(١) .

وفي رواية أخرى...

جاء في التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكريّعليه‌السلام :(ولمّا امتُحن الحسين عليه‌السلام ومَن معه بالعسكر الذين قتلوه وحملوا رأسه، قال لعسكره: أنتم في حِلّ من بيعتي فالحقوا بعشائركم ومواليكم، وقال لأهل بيته: قد جعلتكم في حِلّ من مفارقتي، فإنّكم لا تُطيقونهم لتضاعف أعدادهم وقواهم، وما المقصود غيري، فدعوني والقوم؛ فإنّ الله عزّ وجلّ يعينني ولا يخلّيني من حُسن نظره كعادته في أسلافنا الطيّبين.

فأمّا عسكرهُ ففارقوه (٢) ، وأمّا أهله الأدنون من أقربائه فأبَوا وقالوا: لا نفارقك ويحزننا

____________________

(١) مدينة المعاجز، ٤: ٢١٤ حديث رقم ٢٩٥، وعنه نَفَس المهموم: ٢٣٠ - ٢٣١ وقال المرحوم الشيخ القمي: (روى الحسين بن حمدان الحضيني (الخصيبي) بإسناده عن أبي حمزة الثمالي، والسيد البحراني مرسلاً عنه...).

(٢) إذا كان المراد بـ(فأمّا عسكره ففارقوه) مَن استأجرهم الإمامعليه‌السلام من الجمّالين وغيرهم فلا بأس به، وإن كان المراد به مَن التحقوا به، فإذا كانت هذه المخاطبة في الطريق قبل منزل زبالة أو فيه، فنعم لقد تفرّق عنه الكثير ذات اليمين وذات الشمال، خصوصاً بعد وصول خبر مقتل مسلم، وهاني، وعبد الله بن يقطر (رض)، حيث لم يبقَ معه إلاّ صفوة الفداء والتضحية، وأمّا إذا كان المراد به مَن التحقوا به والمخاطبة ليلة عاشوراء، فإنّ الثابت الصحيح أنّه لم يتخلّ عن =

١٣٩

ما يحزنك، ويصيبنا ما يصيبك، وإنّا أقرب ما نكون إلى الله إذا كُنّا معك .

فقال لهم: فإن كنتم قد وطّنتم أنفسكم على ما وطّنت نفسي عليه، فاعلموا أنّ الله يهب المنازل الشريفة لعباده باحتمال المكاره، وأنّ الله وإنْ كان خصّني مع مَن مضى من أهلي الذين أنا آخرهم بقاءً في الدنيا من الكرامات بما يسهل عليَّ معها احتمال المكروهات، فإنّ لكم شطر ذلك من كرامات الله تعالى، واعلموا أنّ الدنيا حُلوها ومُرّها حُلم، والانتباه في الآخرة، والفائز مَن فاز فيها، والشقيّ مَن شقي فيها...) (١) .

الحضرمي: أكَلَتني السباع حيّاً إنْ فارقتك

وروى السيّد ابن طاووس (ره) أنّه: (وقيل لمحمّد بن بشير الحضرمي في تلك الحال: قد أُسِرَ ابنك بثغر الريّ، قال: عند الله أحتسبه ونفسي، ما كنتُ أُحبُّ أن يؤسر وأن أبقى بعده.

فسمع الحسينعليه‌السلام قوله فقال:(رحمك الله، أنت في حِلٍّ من بيعتي، فاعمل في فكاك ابنك.

فقال:أكلتني السباع حيّاً إنْ فارقتك.

قال:فاعطِ ابنك هذه الأثواب البرود يستعين بها في فداء أخيه، فأعطاه خمسة أثواب قيمتها ألف دينار) (٢) .

____________________

= الإمامعليه‌السلام أحد من أصحابه.

(١) تفسير الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام : ٢١٨، وانظر: البحار، ١١: ١٤٩، رقم ٢٥.

(٢) اللهوف: ٣٤٠ - ٤١، ورواه ابن عساكر أيضاً في تاريخه (ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام ، تحقيق المحمودي: ٢٢١، حديث رقم ٢٠٢، وقال المحمودي في الحاشية: رواه ابن سعد في الحديث =

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477