مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة الجزء ٤

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة12%

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 477

الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 477 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 260541 / تحميل: 8929
الحجم الحجم الحجم
مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة الجزء ٤

مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

الإصباح في الشام :

وفي بيان ما جرى عليهعليه‌السلام وعلى بقية العترة من مصاعب في الشام ، وقد قيل له كيف أصبحت ، فقالعليه‌السلام : ( كيف حال من اصبح وقد قتل أبوه ، وقلّ ناصره ، وينظر الى حرم من حوله أسارى ، قد فقدوا الستر والغطاء ، وقد أعدموا الكافل والحمى فما تراني إلا أسيراً ذليلاً قد عدمت الناصر والكفيل ، قد كسيت أنا وأهل بيتي ثياب الأسى ، وقد حرمت علينا جديد العرى فإن تسأل فها أنا كما ترى ، قد شمتت فينا الأعداء ، ونترقب الموت صباحاً ومساءً ) ثم قالعليه‌السلام : ( قد أصبحت العرب تفتخر على العجم لأن محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منهم ، وأصبحت قريش تفتخر على سائر الناس لأن محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منهم ، ونحن أهل بيته أصبحنا مقتولين مظلومين ، قد حلّت بنا الرزايا ، نساق سبايا ، ونجلب هدايا ، كأن حسبنا من أسقط الحسب ، ونسبنا من أرذل النسب كأن لم نكن على هام المجد رقينا ، وعلى بساطٍ جليلٍ سعينا ، وأصبح الملك ليزيد لعنه الله وجنوده ، وأصبحت بنو المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أدنى عبيده )(١)

تنصل يزيد من مسؤولية قتل الحسينعليه‌السلام

وعندما واجه السجادعليه‌السلام يزيد بتلك البلاغة والشجاعة ، أدرك يزيد انه خسر معركة القلوب بعد ان تغلب ظاهراً في معركة الأجساد فحاول تدارك ذلك عبر أمرين :

الأول : إلقاء مسؤولية قتل الحسينعليه‌السلام على عبيدالله بن زياد والي الكوفة والتنصل منها شخصياً فقال موجهاً خطابه للسجادعليه‌السلام : ( لعن الله ابن مرجانة أما والله لو أني صاحبه ما سألني خصلة أبداً إلا أعطيته إياها ، ولدفعت الحتف عنه بكل ما استطعت ، ولو بهلاك بعض ولدي ولكن قضى الله ما رأيت يا بني كاتبني بكل حاجة تكون لك وانه سيكون في قومك أمور فلا تدخل معهم في شيء )(٢) فسكت زين العابدينعليه‌السلام ولم يجبه بشيء .

الثاني : تطييب خاطر السجادعليه‌السلام مكراً وخداعاً عبر الإلحاح عليه إن كان له حاجة فقال الإمامعليه‌السلام في نهاية المطاف : ( أريد منك أن تريني وجه أبي وأن تعيد على النساء ما أخذ منهن ، ففيها مواريث الآباء والأمهات وإذا كنت تريد قتلي ، فأرسل مع العيال من يؤدي بهن الى المدينة ).

ــــــــــــــــ

(١) ناسخ التواريخ ـ من أحوالهعليه‌السلام ج ٢ ص ٤٤ .

(٢) الكامل في التاريخ ج ٤ ص ٨٧ ـ ٨٨ .

٦١

وتلك المطالب الثلاثة ، تدخل ضمن منهج الإدانة الذي استخدمه الإمام زين العابدينعليه‌السلام في تعرية حكم بني امية :

١ ـ فالطلب برؤية أبيه الحسينعليه‌السلام هي إدانة واضحة لقاتليه فكيف يسمح الضمير الإسلامي لهؤلاء الفجار بقتل ابن بنت نبيهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهم لا زالوا يقرون بالإسلام ديناً وبمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نبياً ؟ فهنا توجيه ضمني من السجادعليه‌السلام بانحراف النظام الأموي الظالم عن مبادئ الإسلام .

٢ ـ والطلب بإعادة ما أخذ من نساء آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهباً وسلباً ، هو إدانة ثانية لطريقتهم الوحشية بالتعامل مع ذرية الأنبياءعليه‌السلام ومواريثهم خصوصاً وان ما سلب من النساء كان من خصوصيات فاطمة الزهراءعليه‌السلام بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كمغزلها ومقنعتها وقلادتها وقميصها .

٣ ـ والطلب بإرسال مع من يؤدي بالنساء الى المدينة ، على افتراض قتل السجادعليه‌السلام صبراً ، فيه إدانة ثالثة للنظام السلياسي الأموي ، فكيف يقبل الضمير الإسلامي قتل مريض ألّمت به علّته ؟ ولو كان الأمر لهم لقتلوهعليه‌السلام ولكنهم كانوا دائماً يخشون لوم العرب على فعلتهم .

٦٢

وإذا كان زين العابدينعليه‌السلام يطالب بحق مهضوم ، فان يزيد أجابة بنفش درجة الظلم التي وضعها منهاجاً لحكمه ، فقال : ( أما وجه أبيك فلن تراه وأما ما أخذ منكم فيردّ إليكم وأما النسوة فلا يردهن غيرك ، وقد عفوت عن قتلك )(١) وهو بذلك قرر ثلاث حقائق :

١ ـ إمضاء قتل الحسينعليه‌السلام كسياسة معلنة للدولة الأموية وبذلك فلا ندم ولا اعتذار في ذلك من قبل يزيد .

٢ ـ الإقرار بعدم صحة سلب سبايا آل البيتعليه‌السلام وهو إقرار رسمي أموي بعدم صحة السبي لآل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لكنه كان قراراً شكلياً لم يترتب عليه أثر رجعي بمعاقبة المجرمين الذين ارتكبوه .

٣ ـ العفو عن قتل السجادعليه‌السلام وهو لم ينم عن تبدل في أخلاقية الخليفة الطاغية ، بل ان الظروف الإجتماعية التي خلقها مقتل الحسينعليه‌السلام وخطبة السجاد وزينبعليه‌السلام هما اللذان أثنيا يزيد عن قتلهعليه‌السلام .

وروي ان رأس الحسينعليه‌السلام أعيد لاحقاً فدفن بكربلاء مع جسده الشريفعليه‌السلام ، وكان عمل الطائفة على هذا المعنى .

ــــــــــــــــ

(١) اللهوف ص ٨٥ .

٦٣

إلى المدينة ( صفر / ربيع أول سنة ٦١ هـ)

وعهد يزيد إلى النعمان بن بشير بمصاحبة ركب آل البيتعليه‌السلام ، وأمر بإخراجهم ليلاً خوفاً من الفتنة ، واضطراب الوضع وكان اختيار النعمان بن بشير لمصاحبة الركب له دلالات :

١ ـ انه سبق وإن كان والياً على الكوفة من قبل بني أمية قبل عبيد الله بن زياد فهو يعرف خلفيات الوضع السياسي والاجتماعي لواقعة الطف .

٢ ـ انه كان والياً مسالماً آثر عدم محاربة الحسينعليه‌السلام ، وأتهم على أثرها بالضعف ولذلك استبدل من قبل يزيد بن معاوية ، وبعبيد الله بن زياد .

وعندما سار الركب ، طلب السجادعليه‌السلام من المكلف على حراسته ان يعرج إلى كربلاء ليجددوا العهد مع الحسينعليه‌السلام وأهل بيته وأصحابه من الشهداء وكان ذلك في العشرين من صفر سنة ٦١ هـ ، أي بعد مضي أربعين يوماً من أحداث العاشر من محرم من نفس السنة .

وكان جابر بن عبدالله الأنصاري ، وهو من أواخر من بقي على قيد الحياة من صحابة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قد شدّ الرحال لزيارة الحسينعليه‌السلام فورد كربلاء في وقت مقارب لوصول السبايا ونترك

٦٤

الوصف لكتاب ( اللهوف في قتلى الطفوف ) ، فيقول عن ركب بني هاشمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( أنهم لما وصلوا الى كربلاء وجدوا جابر بن عبدالله وجماعة من بني هاشم ورجالاً من آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أقبلوا لزيارة قبور الحسينعليه‌السلام والشهداء من أهله وأصحابه فتلاقوا بالبكاء وأقاموا المأتم ، وأجتمع إليهم من كان في جوار كربلاء من القبائل النازلة على الفرات )(١) وكان مما قاله السجادعليه‌السلام لجابر : (يا جابر ، ها هنا والله قتلت رجالنا ، وذبحت أطفالنا ، وسبيت نساؤنا ، وحرقت خيامنا ) .

وبعد أيام مضى الركب يسير حثيثاً الى المدينة ولما وصل الى أطرافها ، أمر زين العابدينعليه‌السلام بشير بن خزيم بدخول المدينة ونعي الحسينعليه‌السلام فدخل بشير مسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو ينادي :

يا أهل يثرب لا مقام لكم بها

قتل الحسين فأدمعي مدرار

الجسم منه بكربلاء مضرّج

والرأس منه على القناة يدار

في مدينة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

وكانت تلك مقدمة مناسبة لدخولهعليه‌السلام إلى المدينة الباكية على فدح المصاب فقام خطيباً بالناس :

ــــــــــــــــ

(١) اللهوف ص ٨٦ .

٦٥

(الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، بارئ الخلائق أجمعين ، الذي بعد فارتفع في السماوات العلى ، وقرب فشهد النجوى ، نحمده على عظائم الأمور ، وفجائع الدهور ، وألم الفجائع ، ومضاضة اللواذع ، وجليل اللرزء ، وعظيم المصائب الفاظعة ، الكاظة ، الفادحة ، الجائحة .

أيها القوم ، إن الله تعالى وله الحمد ابتلانا بمصائب جليلة ، وثلمة في الإسلام عظيمة ، قتل أبو عبدالله الحسينعليه‌السلام وعترته ، وسبيت نساؤه وصبيته ، وداروا برأسه في البلدان من فوق عالي السنان ، وهذه الرزية ما مثلها رزية .

أيها الناس ، فأي رجالات منكم يسرّون بعد قتله ، أم أيّ فؤاد لا يحزن من أجله ، أم أية عين منكم تحبس دمعها ، أو تضن عن انهمالها ، فلقد بكت السبع الشداد لقتله ، وبكت البحار بأمواجها ، والسماوات بأركانها ، والأرض بأرجائها ، والأشجار بأغصانها ، والحيتان في لجج البحار ، والملائكة المقرّبون ، وأهل السماوات أجمعون ؟!

أيها الناس ، أي قلب لا ينصدع لقتله ، أم أي فؤاد لا يحنّ إليه ، أم أي سمعٍ يسمع بهذه الثلمة التي ثلمت في الإسلام ولا يصمّ ؟!

أيها الناس ، أصبحنا مشردين ، مطرودين ، مذودين ، شاسعين عن الأمصار ، كأننا أولاد ترك وكابل من غير جرم أجرمناه ، ولا مكروه ارتكبناه ، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ، إن هذا إلا اختلاق والله لو أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تقدم إليهم في قتالنا كما تقدم إليهم في الوصية بنا لما زادوا على ما فعلوا بنا فإنا لله وإنا إليه راجعون من مصيبة ما أعظمها وأفجعها ، وأكظمها وأفظعها ، وأمرّها وأفدحها ، فعنده نحتسب ما أصابنا ، فانه عزيز ذو انتقام ) .

المدينة بعد مقتل الحسينعليه‌السلام :

وصف ابن طاووس ( ـ ٦٦٤ هـ ) وضع المدينة بعد مقتل الإمام الحسينعليه‌السلام ، فقال : ان زين العابدينعليه‌السلام رحل إلى المدينة بأهله وعياله ونظر إلى منازل قومه ورجاله فوجد تلك المنازل تنوح بلسان أحوالها ، وتبوح باعلال الدموع وإرسالها ، لفقد حماتها ، وتندب عليهم ندب الثواكل ، وتسأل عنهم أهل المناهل ، وتهيج أحزانه على مصارع قتلاه ، وتنادي لأجلهم واثكلاه ، وتقول يا قوم أعذروني على النياحة والوليل ، وساعدوني على المصاب الجليل ، فإن القوم الذين أندب لفراقهم وأحن إلى كرم أخلاقهم كانوا سمار ليلي ونهاري ، وأنوار ظلمي وأسحاري ، وأطناب شرفي وإفتخاري ، وأسباب قوتي وإنتصاري ، والخلف من شموسي وأقماري .

٦٦

كم ليلة شردوا باكرامهم وحشتي ، وشيدوا بأنعامهم حرمتي ، وأسمعوني مناجات أسحارهم ، وأمتعوني بإبداع أسرارهم ، وكم يوم عمروا آمالي بمحافلهم ، وعروا طبعي بفضائلهم ، وأورقوا عودي بماء عهودهم ، وأذهبوا نحوسي بماء سعودهم .

وكم غرسوالي من المناقب ، وحرسوا محلي من النوائب ، وكم أصبحت بها أشرف على المنازل والقصور ، وأميس في ثوب الجذل والسرور وكم اعتاشوا في شعابي من أموات الدهور وكم إنتاشوا على أعتابي من رفات المحذور .

فأقصدني فيهم منهم الحمام ، وحسدني عليهم حكم الأيام ، فأصبحوا غرباء بين الأعداء وغرضاً لسهام الإعتداء وأصبحت المكارم تقطع بقطع أناملهم ، والمناقب تشكو لفقد شمائلهم ، والمحاسن تزول بزوال أعضائهم ، والأحكام تنوح لوحشة أرجائهم .

فيا لله من ورع أريق دمه في تلك الحورب ، وكمال نكس علمه بتلك الخطوب ولئن عدمت مساعدة أهل العقول ، وخذلني عند المصائب جهل العقول ، فإن لي مسعداً من السنن الدارسة والأعلام الطامسة ، فإنها تندب كندبي ، وتجد مثل وجدي وكربي .

فلو سمعتم كيف ينوح عليهم لسان حال الصوات ، ويحن إليهم إنسان الخلوات ، وتشتاقهم طوية المكارم ، وترتاح إليهم أندية الأكارم ، وتبكيهم محاريب المساجد ، وتناديهم مآريب الفوائد ، لشجاكم سماع تلك الواعية النازلة ، وعرفتم تقصيركم في هذه المصيبة الشاملة بل لو رأيتم وحدتي وانكساري ، وخلو مجالسي وآثاري ، لرأيتم ما يوجع قلب الصبور ، ويهيج أحزان الصدور لقد شمت بي من كان يحسدني من الديار ، وظفرت بي أكف الأخطار فيا شوقاه إلى منزل سكنوه ، ومنهل أقاموا عنده واستوطنوه ليتني كنت إنساناً أفديهم حز السيوف ، وأدفع عنهم حر الحتوف ، وأشفي غيظي من السنان ، وأرد عنهم سهام العدوان ...

٦٧

ولقد أحسن ابن قتيبة (رض) وقد بكى على المنازل المشار إليها فقال(١) :

مررت على أبيات آل محمد

فلم أر أمثالها يوم حلت

لا يبعد الله الديار وأهلها

وإن أصبحت منهم بزعمي تخلت

ألا إن قتلى الطف من آل هاشم

أذلت رقاب المسلمين فذلت

وكانوا غياثاً ثم أضحوا رزية

لقد عظمت تلك الرزايا وجلت

ألأم تر أن الشمس أضحت مريضة

لفقد حسين والبلاد إقشعرت

ــــــــــــــــ

(١) اللهوف ص ١١٨ ـ ١٢١ .

٦٨

مواريث الإمامة

واستلم الإمام زين العابدينعليه‌السلام بعد دخوله المدينة ، مواريث الإمامة تقول المصادر التاريخية : ان الحسينعليه‌السلام لما سار إلى العراق استودع مواريث النبوة والإمامة التي تسلمها من أخيه الحسنعليه‌السلام ، عند أم سلمة ( أم المؤمنين ) وأمرها ان تدفعها الى ولده زين العابدينعليه‌السلام فلما رجع السجادعليه‌السلام إلى المدينة بعد واقعة كربلاء ، تسلم الوديعة من أم سلمة ( رضوان الله عليها )(١)

وفي حديث الإمام الصادقعليه‌السلام ان علياً بن الحسينعليه‌السلام لما انتهى إليه الأمر ، فتح الخاتم الرابع من الوصية المنزلة على جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقرأ فيها : ( يا علي اطرق واصمت )(٢)

فقامعليه‌السلام بما أمر من السكوت والاعتزال ، واختلى عن الاختلاط بالناس حتى ضرب له بيتاً من الشعر خارج المدينة(٣) ، تفرغاً فيه للعبادة والابتهال لله عز وجل ، وحفظاً لدماء شيعته لكنه استثمرعليه‌السلام الدعاء في تلك الفترة الحرجة من أجل تعريف الناس بخالقهم سبحانه ، وإرشادهم إلى طرق الإتصال به وبدينهم .

ــــــــــــــــ

(١) أصول الكافي باب النص على السجاد ج ١ ص ٣٠٤ .

(٢) الغيبة للنعماني ص ٢٤ وأمالي الشيخ الطوسي ص ٢٨٢ .

(٣) فرحة الغري لابن طاووس ص ٣٣ طبعة النجف .

٦٩

وكانعليه‌السلام دائم الاتصال بعمته زينب الكبرى ، فكانتعليه‌السلام تتلقى منه الأحكام الإلهية وتفيضها على الشيعة ستراً على زين العابدين من عادية اعدائه(١)

ويروى ان الإمام الحسينعليه‌السلام كان مديناً لجماعة بمبلغ سبعين ألف دينار ، فأهتمّ السجادعليه‌السلام بذلك حتى قيل أنه أمتنع عن الطعام و الشراب حتى جمع المبلغ ودفعه إلى دائنيه ، وفاءً منهعليه‌السلام لتفريغ ذمة أبيهعليه‌السلام (٢)

روايات أخر :

وذكرت روايات أخرى بمعان وألفاظ مختلفة ، منها :

أ ـ سئل الإمام الصادقعليه‌السلام عن خاتم الحسين بن عليعليه‌السلام إلى من صار ؟ وذكر له أنه أخذ من إصبعه فيما أخذ قالعليه‌السلام : ( ليس كما قالوا إن الحسينعليه‌السلام أوصى إلى ابنه علي بن الحسينعليه‌السلام ، وجعل خاتمه في أصبعه ، وفوّض إليه أمره ، كما فعله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأمير المؤمنينعليه‌السلام ، وفعله أمير المؤمنين بالحسنعليه‌السلام ، وفعله الحسن بالحسينعليه‌السلام ، ثم صار ذلك الخاتم إلى أبيعليه‌السلام بعد أبيه ، ومنه صار إليّ ، فهو عندي وإني لألبسه كل جمعة وأصلي فيه ) .

ــــــــــــــــ

(١) إكمال الدين للصدوق ص ٢٧٥ والغيبة للطوسي ص ١٤٨ .

(٢) سر السلسلة العلوية ص ٣٢ .

٧٠

قال محمد بن مسلم : فدخلت عليه يوم الجمعة وهو يصلي ، فلما فرغ من الصلاة مدّ إلي يده ، فرأيت في إصبعه خاتماً نقشه : لا إله إلا الله عدّة للقاء الله فقال : هذا خاتم جدي أبي عبدالله الحسين بن عليعليه‌السلام (١)

ب ـ قال الإمام الباقرعليه‌السلام : إن الحسينعليه‌السلام لما حضره الذي حضره ، دعا ابنته الكبرى فاطمة ، فدفع إليها كتاباً ملفوفاً ووصية ظاهرة ووصية باطنة ، وكان علي بن الحسينعليه‌السلام مريضاً فلما تم شفاؤه دفعت فاطمة الكتاب الى أخيها علي بن الحسينعليه‌السلام ، ثم صار الكتاب إلينا فقلت : فما في ذلك الكتاب ؟ فقال : ( فيه والله جميع ما يحتاج إليه ولد آدم إلى أن تفنى الدنيا )(٢) وإذا صحت هذه الرواية سنداً ، فان الحفاظ على ذلك الكتاب في تلك الظروف الحرجة من أسر وترحل ، كان من أعظم كرامات أهل البيتعليه‌السلام .

وفي المدينة لم يكن حال الناس بأفضل من حال أهل الكوفة أو أهل الشام ومن أهل المدينة من يقف كإبراهيم بن طلحة بن عبيد الله ، فيخاطب السجادعليه‌السلام على صيغة الاستفهام ، متشمتاً : من الغالب ؟ فيجيبه زين العابدينعليه‌السلام : ( إذا دخل وقت الصلاة فإذّن

ــــــــــــــــ

(١) أمالي الصدوق ص ١٤٤ .

(٢) بصائر الدرجات ج ٣ باب ١٣ .

٧١

وأقم ، تعرف الغالب )(١) وظاهر مراد السجادعليه‌السلام ان آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باقون منصورون ما بقي الدهر وبقيت الصلاة وبقي الإسلام وما كان خروج الإمام الحسينعليه‌السلام إلاّ لنصرة الدين وإحيائه ، في حين أمات بنو أمية شعائر الإسلام وعلى رأسها إقامة الصلاة واستبدلوها بعادات جاهلية كالفجور والفسوق والغناء وشرب الخمر .

السجاد الحزينعليه‌السلام

لا ينكر أحد من المؤرخين حزن السجادعليه‌السلام على مقتل أبيه الحسينعليه‌السلام وأهل بيته وأصحابه الذين ذبحوا عطشى على رمضاء كربلاء ، فكانت تخنقه العبرة عندما يتذكر مصرع أبيهعليه‌السلام وأهل بيته .

وهذا هو الذي دفع بعض العلماء المتقدمين إلى القول : روي عن مولانا زين العابدينعليه‌السلام ، وهو ذو الحلم الذي لا يبلغه الوصف ، انه كان كثير البكاء لتلك البلوى وعظيم البث والشكوى(٢)

ــــــــــــــــ

(١) أمالي الشيخ الطوسي ص ٦٦ .

(٢) اللهوف لابن طاووس .

٧٢

وقد روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام قوله : إن زين العابدينعليه‌السلام بكى على أبيه أربعين سنة صائماً نهاره وقائماً ليله فإذا حضر الإفطار وجاء غلامه بطعامه وشرابه فيضعه بين يديه فيقول : كل يا مولاي فيقول : قتل ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جائعاً ، قتل ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عطشاناً ، فلا يزال يكرر ذلك ويبكي حتى يبتل طعامه من دموعه ثم يمزج شرابه بدموعه فلم يزل كذلك حتى لحق بالله عز وجل(١)

أقول : وربما كان ذكر أربعين سنة في لفظ الرواية من قبيل المبالغة اللفظية من قبل الراوي ، لأنهعليه‌السلام عاش بعد مقتل أبيه الحسينعليه‌السلام أربع وثلاثين سنة فقط .

ويروى أيضاً : أنه برز يوماً الى الصحراء فاتبعه أحد غلمانه فوجده قد سجد على حجارة خشنة باكياً شاهقاً وهو يقول لألف مرة : ( لا إله إلا الله حقاً حقاً لا إله إلا الله تعبداً ورقاً لا إله إلا الله إيماناً وتصديقاً وصدقاً ) .

ثم رفع رأسه من سجوده بينما غمرت الدموع لحيثه ووجهه فقيل له : يا سيدي أما آن لحزنك أن ينقضي ولبكائك أن يقلّ ؟ فقالعليه‌السلام : ( ويحك إن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، كان نبياً ابن نبي له أثنى عشر أبناً فغيّب الله واحداً منهم فشاب رأسه من

ــــــــــــــــ

(١) اللهوف ص ١٢١ ـ ١٢٢ .

٧٣

الحزن واحدودب ظهره من الغم وذهب بصره من البكاء وابنه حي في دار الدنيا وأنا رأيت وأخي وسبعة عشر من أهل بيتي صرعى مقتولين ، فكيف ينقضي حزني ويقل بكائي )(١)

إلا ان بكاءه لم يكن ليمنعه من مواصله عمله الشرعي التكليفي في إمامة الأمة وإرشادها إلى طريق الخير والصلاح واصبح البكاء ـ من دون قصد ـ من وسائل التوعية الدينية .

واشتهرعليه‌السلام بوصف ( السجاد ) لكثرة سجوده لله حينما يرى تواتر نعمه وآلائه عليه فكانعليه‌السلام لا يذكر نعمة لله إلا سجد ، ولا يقرأ آية فيها سجدة إلا سجد ، ولا يدفع الله عنه سوءً إلا سجد ، ولا يفرغ من صلاة مفروضة إلا سجد ، ولا يوفق لإصلاح بين اثنين إلا سجد(٢)

وكأنك ترى أثر السجود في مواضع سجودهعليه‌السلام ولم يشتهر عن انسان غيره أن سجوده لله عزوجل قد أثر على جسده ، كما اشتهر عنهعليه‌السلام وكان يلقب أيضاً بذي الثفنات وهي آثار ناتئة تبرز في مواضع السجود ، وكان مشهوراً بوجودها على جبهته ولا شك ان السجود يقرّب العبد من مولاه ، والمخلوق من خالقه ،

ــــــــــــــــ

(١) الخصال للصدوق ص ٢٧٢ ح ١٥ .

(٢) في رواية للامام الباقرعليه‌السلام يصف أبيه السجادعليه‌السلام : معاني الأخبار للصدوق ص ٢٤ .

٧٤

وقد قال تعالى : ( واسجُد واقترب )(١) وهكذا زين العابدينعليه‌السلام قريباً من مولاه العظيم سبحانه وتعالى .

والمشهور في روايات الطريفين ان السجادعليه‌السلام كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة واذا افترضنا ان الركعة الواحدة تستغرق دقيقة واحدة ، فان اداء ألف ركعة يستغرق ألف دقيقة ، وهو ما يساوي سبعة عشر ساعة تقريباً في اليوم الواحد وهذا الوقت يستوعب كل كل يوم المرء وليله خصوصاً إذا ما علمنا بان على المكلّف تأدية واجباته العبادة الأخرى والقيام بما تمليه عليه وظيفته من حقوق الزوجية والأبوة والجيرة والقرابة وعيادة المرضى ، ودعوة عينيه للاسترخاء لمقدار من النوم .

وعبادتهعليه‌السلام كانت لا تنفك عن تلاوة القرآن ، وكان أحسن الناس صوتاً بالقرآن الكريم(٢) ، وكان يرشد الأمة بتفسير القرآن(٣) وكانعليه‌السلام يردد : ( عليك بالقرآن ، فإنّ الله خلق الجنّة بيده لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وجعل ملاطها المسك وترابها الزعفران وحصاها اللؤلؤ ، وجعل درجاتها على قدر آيات القرآن ،

ــــــــــــــــ

 (١) سورة العلق : الآية ١٩ .

(٢) بحار الأنوار ج ٤٦ ص ١٠٧ .

(٣) الاحتجاج ص ٣١٢ ـ ٣١٩ .

٧٥

وكان والي المدينة عثمان بن محمد بن أبي سفيان قد أرسل وفداً من وجهائها إلى يزيد الخليفة الأموي ، فيهم : عبدالله بن حنظلة ، وعبدالله بن أبي عمرو ، والمنذر بن الزبير وغيرهم وكان الهدف من ذلك هو تثبيت ميولهم نحو الخلافة الأموية عبر النيل من هدايا السلطان ، إلاّ انهم رجعوا ـ على الرغم من كل ما أغدق عليهم من جوائز وهدايا ـ وهم ناقمون على يزيد لما شاهدوا من استهتاره وفسقه ومجونه وقالوا : قدمنا من عند رجل ليس له دين ، يشرب الخمر ، ويضرب بالطنابير ، وتعزف عنده القيان ، ويلعب بالكلاب ، ويسمر عنده الحراب(١)

قال عبدالله بن حنظلة : ( والله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء إنه رجل ينكح الأمهات والبنات ، ويشرب الخمر ، ويدع الصلاة والله لو لم يكن معي أحد من الناس لأبليت فيه بلاءً حسناً )(٢) ) ويقول المنذر بن الزبير : ( ان يزيد قد أجازني بمائة ألف ، ولا يمنعني ما صنع بي ، أن أخبركم خبره ، والله إنه ليشرب الخمر ، والله أنه ليسكر حتى يدع الصلاة )(٣)

والغريب في ذلك ان قتل الحسينعليه‌السلام بتلك الفظاعة والوحشية لم يكن ليحرك عواطفهم ، ولكن رحلة واحدة إلى الشام أطلعتهم على فجور يزيد وفسقه ! فخلعوا بيعته بعد رجوعهم وولّوا عليهم عبدالله بن حنظلة ، وعبدالله بن مطيع ، وطردوا عامل يزيد على المدينة .

ــــــــــــــــ

(١) تأريخ الطبري ج ٥ ص ٤٨٠ والحراب : اللصوص .

(٢) طبقات ابن سعد .

(٣) تأريخ الطبري ج ٤ ص ٣٦٨ .

٧٦

فبعث يزيد جيشاً قوياً في العدّة والعدد بقيادة مسلم بن عقبة المري ، فالتقى الفريقان في ( الحرة ) واقتتلا في حرب طاحنة وقتل عبدالهل بن حنظلة مع أولاده ، وانتصر جيش الشام على جيش المدينة ، بعد ان قتل من أبناء الأنصار والمهاجرين والوجوه ما لا يحصى .

ويمكننا إدراك صورة الواقعة من خلال الأمور التالية :

١ ـ لم يشارك الإمام السجادعليه‌السلام في معركة الحرة ، ولم يمل إلى طرف عبدالله بن حنظلة أو عبدالله بن مطيع ومع ان عدداً من رجال بني هاشم قد قتل في هذه الحرب ، إلاّ ان الموقف العلني للإمام زين العابدينعليه‌السلام كان عدم المشاركة بالسيف في هذه المرحلة فقد كان له وسائل أخرى أمضى من السيف في مواجهة حكم بني أمية الظالم .

٢ ـ عندما طرد أهل المدينة والي يزيد ، هرب مروان وبنو أمية الى الشام ، وتركو عيالهم في المدينة فالتمس مروان بن الحكم رفيقه عبد الله بن عمر لرعاية عياله إلاّ ان عبدالله بن عمر أبى عليه ولم يوافق فكلم الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام فوافق على ذلك ، وبقيت عيال مروان بن الحكم في رعاية السجادعليه‌السلام حتى انتهاء المعركة وهذا في غاية الخلق الديني ، لأن مروان كان عدواً صريحاً لأهل البيتعليه‌السلام وهو الذي هدد الحسينعليه‌السلام عندما دعي لمبايعة يزيد بن معاوية في رجب سنة ٦٠ هـ .

٣ ـ أرسل يزيد تعليمات بل أوامر واضحة إلى ( مسلم بن عقبة ) للقضاء على ثورة المدينة : ( أدع القوم ثلاثاً فإن أجابوك وإلاّ فقاتلهم ، فإذا ظهرت عليهم فأبحها [ أي المدينة ] ثلاثاً [ أي ثلاثة أيام ] فما فيها من مال أو دابّة أو سلاح أو طعام فهو للجند )(١) وأمره أن يجهز على جريحهم ويقتل مدبرهم(٢)

دافع الناس عن مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واستشهد أغلب المدافعين عنها بمن فيهم عبدالله بن حنظلة وعدد من صحابة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأباح مسلم بن عقبة ، الذي يقول فيه السلف مسرف بن عقبة ، المدينة ثلاثة أيام كما أمره يزيد وقتل خلقاً من أشرافها وقرّاتها ، وانتهب أموالاً كثيرة منها وجاءته امرأة فقالت : أنا مولاتك وابني في الأسارى ، فقال : عجّلوه لها ، فضرب عنقه ، وقال :

أعطوها رأسه ، ووقعوا على النساء حتى قيل إنه حبلت ألف امرأة في تلك الأيام من غير زوج .

ــــــــــــــــ

 (١) تأريخ الطبري ج ٥ ص ٤٨٤ .

(٢) التنبيه والاشراف ص ٢٦٣ طبعة مصر .

٧٧

قال المدائني ، عن هشام بن حسان : ولدت ألف امرأة من أهل المدينة بعد واقعة الحرّة من غير زوج وروي عن الزهري أنه قال : كان القتلى يوم الحرّة سبعمائة من وجوه الناس من المهاجرين والأنصار ، ووجوه الموالي ممن لا أعرف من حرّ وعبدٍ وغيرهم عشرة آلاف(١)

ثم نصب لمسلم بن عقبة كرسيّ ، وجيء بالاسارى من أهل المدينة فكان يطلب من كل واحد منهم أن يبايع ويقول : إنّني عبد مملوك ليزيد بن معاوية يتحكّم فيّ وفي دمي وفي مالي وفي أهلي ما يشاء(٢)

ومن كان يمتنع ولم يبايع بالعبودية ليزيد وكان يصرّ على القول بأنّه عبدّ لله سبحانه وتعالى ، كان مصيره القتل(٣)

وجيء له بيزيد بن عبد الله ـ وجدّته أمّ سلمة زوج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ مع محمد بن حذيفة العدوي ، فطلب إليهما أن يبايعها ،

ــــــــــــــــ

(١) البداية والنهاية ج ٨ ص ٢٢٠ .

(٢) تأريخ الطبري ج ٥ ص ٤٩٣ و٤٩٥ .

(٣) الكامل في التأريخ ج ٤ ص ١١٨ ، ومروج الذهب ج ٣ ص ٧٠ .

٧٨

فقالا : نحن نبايع على كتاب الله وسنّة نبيّه ، فقال مسلم : لا والله لا أقيلكم هذا أبداً ، فقدمهما فضرب أعناقهما(١)

٤ ـ عندما بلغهعليه‌السلام توجه جيش يزيد إلى المدينة ، لاذ السجادعليه‌السلام بقبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يدعو هذا الدعاء : ( رب كم من نعمة أنعمت بها عليّ ، قلّ لك عندها شكري وكم بلية ابتليتني بها قلّ لك عندها صبري فيا من قل عند نعمه شكري فلم يحرمني ، وقلّ عند بلائه صبري فلم يخذلني يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبداً ويا ذا النعماء التي لا تحصى ابداً صلي على محمد وآله ، وادفع عني شره ، فاني ادرأ بك في نحره ، واستعيذ بك من شره )(٢)

فجاؤا بهعليه‌السلام الى مسلم بن عقبة وكان سباباً بذيئاً يعشق سفك الدماء لكنه لما رآه ، أخذته هيبة السجادعليه‌السلام وأرتعد وقام له وأقعده إلى جانبه ، ثم قال له : سلني حوائجك ، فلم يسأله في أحدٍ ممن قدم إلى السيف إلا شفعه فيه ، ثم انصرف عنه .

وكان السجادعليه‌السلام يحرك شفتيه ، في محضر مسلم بن عقبة ، بهذا الدعاء : اللهم ربّ السموات السبع وما أظللن ، والأرضين السبع وما أقللن(٣) ، ربّ العرش العظيم ، رب محمدٍ وآله الطاهرين ،

ــــــــــــــــ

(١) تأريخ الطبري ج٥ ص ٤٩٢ .

(٢) الإرشاد للمفيد .

(٣) وما أقللن : أي وما حملن .

٧٩

أعوذ بك من شرّه ، وادرأ بك في نحره ، أسألك ان تؤتيني خيره ، وتكفيني شره (١) .

وعندما خرج السجادعليه‌السلام منه ، انبرت حاشية مسلم بن عقبة تسأله : رأيناك تسب زين العابدين وسلفه ، فلما أتي به إليك رفعت منزلته فقال : ما كان لرأيٍ مني ، لقد ملئ قلبي منه رعباً(٢)

٥ ـ وكان مسلم بن عقبة قد تجاوز التسعين من عمره وقت إباحته المدينة ، فكان قريباً من حتفه ، وقد هلك بعيد واقعة الحرّة وقبل أن يصل إلى مكة المكرمة لمهاجمتها والقضاء على ثورتها بقيادة عبدالله بن الزبير وعندما لقى مسلم بن عقبة حتفه في الطريق ، تسلّم الحصين بن نمير قيادة الجيش الأموي ، ففرض حصاراً على مكة وضرب الكعبة بالمنجنيق وأحرقها(٣)

وفي الوقت الذي كانت فيه مكة تحت الحصار ، مات يزيد بن معاوية في ربيع الأول سنة ٦٤ هـ ، وهو في سن الثامنة والثلاثين من عمره بعد ان قضى ثلاث سنوات وبضعة أشهر في الحكم .

ــــــــــــــــ

(١) الصحيفة السجادية الخامسة ص ٨٠ دعاء ٢٧ في إستدفاع شر الأعداء .

(٢) مروج الذهب ج ٢ ص ٩٦ .

(٣) تأريخ الطبري ج ٥ ص ٤٩٨ .

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

وفي بعض المقاتل أنّهعليه‌السلام قال:(لله درّك يا حبيب، لقد كنتَ فاضلاً تختم القرآن في ليلة واحدة) (١) .

وورد السلام عليه في زيارة الناحية المقدّسة:(السلام على حبيب بن مظاهر الأسدي) (٢) .

٤) - مسلم بن عوسجة الأسدي - الصحابي - (رض)

(هو مسلم بن عوسجة بن سعد بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة، أبو حجَل الأسدي السعدي، كان رجلاً شريفاً سريّاً عابداً متنسّكاً.

قال ابن سعد في طبقاته (٣) : وكان صحابياً ممّن رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وروى عنه الشعبي، وكان فارساً شجاعاً، له ذكر في المغازي والفتوح الإسلامية.

وقال أهل السيَر: إنّه ممّن كاتب الحسينعليه‌السلام من الكوفة ووفى له، وممّن أخذَ البيعة له عند مجيء مسلم بن عقيل إلى الكوفة)(٤) .

وكان مسلم بن عوسجة (رض) أحد القادة الأربعة الذين عقد لهم مسلم بن عقيلعليه‌السلام على الأرباع في الكوفة، أثناء هجومه على قصر الإمارة، فعقدَ لابن عوسجة (رض) على ربع مذحج وأسد(٥) .

____________________

(١) معالي السبطين، ١: ٣٧٦، وانظر: ينابيع المودّة: ٤١٥.

(٢) البحار، ٤٥: ٧١.

(٣) لم نعثر على ذكره في الطبقات الكبرى، وأورده الجزري في أُسد الغابة، ٤: ٢٦٤ باسم مسلم أبو عوسجة، وابن حجر في الإصابة ٦: ٩٦، رقم ٧٩٧٨، وقال النمازي: (مسلم بن عوسجة الأسدي من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ..) (مستدركات علم رجال الحديث، ٧: ٤١٤، رقم ١٤٩١٥).

(٤) إبصار العين: ١٠٧ - ١٠٨.

(٥) راجع: مقاتل الطالبيين: ٦٦.

١٦١

وقد احتال عبيد الله بن زياد لمعرفة مكان مسلم بن عقيلعليه‌السلام بحيلة اختراق حركة الثوّار من داخلها، (فبعث مَعقلاً مولاه وأعطاه ثلاثة آلاف درهم، وأمرهُ أن يستدلّ بها على مسلم، فدخل الجامع وأتى إلى مسلم بن عوسجة فرآه يصلّي إلى زاوية، فانتَظَره حتى انفتل من صلاته، فسلّم عليه ثمّ قال: يا عبد الله، إنّي امرؤ من أهل الشام مولى لذي الكلاع، وقد منّ الله عليَّ بحبّ هذا البيت وحبّ مَن أحبّهم! فهذه ثلاثة آلاف درهم أردتُ بها لقاء رجل منهم بلغني أنّه قدِم الكوفة، يبايع لابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلم يدلّني أحد عليه، فإنّي لجالس آنفاً في المسجد إذ سمعت نفراً يقولون: هذا رجل له علم بأهل هذا البيت، فأتيتك لتقبض هذا المال، وتدلّني على صاحبك فأبايعه! وإنْ شئت أخذت البيعة له قبل لقائه.

فقال له مسلم بن عوسجة:أحمدُ الله على لقائك إياي فقد سرّني ذلك لتنال ما تُحبّ، ولينصر الله بك أهل بيت نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولقد ساءتني معرفتك إيّاي بهذا الأمر من قبْل أن ينمى مخافة هذا الطاغية وسطوته، ثمّ إنّه أخذ بيعته قبل أن يبرح وحلّفه بالأيمان المغلّظة ليناصحنّ وليكتمنّ، فأعطاه ما رضي، ثمّ قال له:اختلف إليَّ أيّاماً حتّى أطلب لك الإذن، فاختلفَ إليه ثمّ أُذن له فدخل، ودلّ عبيد الله على موضعه..)(١) .

قالوا: ثمّ إنّ مسلم بن عوسجة بعد أن قُبض على مسلم وهاني وقُتلا اختفى مدّة، ثمّ فرّ بأهله إلى الحسين فوافاه بكربلا، وفداه بنفسه)(٢) .

____________________

(١) راجع: إبصار العين: ١٠٨ - ١٠٩؛ وانظر: الأخبار الطوال: ٢٣٥ - ٢٣٦ والإرشاد: ١٨٩، وتاريخ الطبري، ٤: ٢٧٠؛ والكامل في التاريخ، ٣: ٣٩٠؛ وقد مضت مناقشة ما يمكن أن يُثار من تشكيك حول لياقة مسلم بن عوسجة (رض) وفطنته ومستوى حذره، في (إشارة) ي ذيل رواية هذه الواقعة، فراجعها في الفصل الثاني (حركة أحداث الكوفة أيّام مسلم بن بن عقيلعليه‌السلام ): ص٩٣ - ٩٦.

(٢) إبصار العين: ١٠٩.

١٦٢

وكان مسلم بن عوسجة (رض) قد قاتل يوم عاشوراء قتالاً شديداً لم يُسمع بمثله، فكان يحمل على القوم وسيفه مصلت بيمينه فيقول:

إنْ تسألوا عنّي فإنّي ذو لبد

وإنّ بيتي في ذُرىْ بني أسد

فمَن بغاني حائدٌ عن الرشد

وكافرٌ بدين جبّار صمد (١)

ولما صُرع (رض) مشى إليه الحسينعليه‌السلام فإذا به رمق، فقال له الحسينعليه‌السلام :(رحمكَ الله يا مسلم ( فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) )، ثمّ دنا منه، فقال له حبيب بن مظاهر (رض) - ما ذكرناه في ترجمته - فقال له مسلم (رض):(بلى، أوصيك بهذا رحمك الله - وأومأ بيديه إلى الحسينعليه‌السلام -أن تموت دونه) (٢) .

ولمّا فاضت روحه الطاهرة صاحت جارية له: (وا سيّداه! يا بن عوسجتاه! فتباشرَ أصحاب عمر بذلك، فقال لهم شبث بن ربعي: ثكلتكم أمهاتكم! إنّما تقتلون أنفسكم بأيديكم، وتذلّون أنفسكم لغيركم، أتفرحون أن يُقتل مثل مسلم بن عوسجة؟! أمَا والذي أسلمتُ له، لَرُبَّ موقفٍ له قد رأيته في المسلمين كريم، لقد رأيتهُ يوم سَلَق آذربايجان قتل ستّة من المشركين قبل أن تتامّ خيول المسلمين، أفيُقتل منكم مثله وتفرحون؟!)(٣) .

وقد ورد السلام عليه في زيارة الناحية المقدّسة مع ثناء عاطر:(السلام على مسلم بن عوسجة الأسدي، القائل للحسين وقد أذِن له في الانصراف: أنحن نُخلّي عنك؟! وبمَ نعتذر عند الله من أداء حقّك؟ لا والله، حتّى أكسِر في صدورهم رُمحي هذا، وأضربهم

____________________

(١) راجع: إبصار العين: ١١٠.

(٢) راجع: إبصار العين: ١٠٤ و ١١٠، وتاريخ الطبري، ٤: ٣٣٢ - ٣٣٣.

(٣) إبصار العين: ١١٠ - ١١١، وانظر: تاريخ الطبري، ٤: ٣٣٣.

١٦٣

بسيفي ما ثبتَ قائمه في يدي، ولا أُفارقك، ولو لم يكن معي سلاحٌ أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة، ولم أُفارقك حتّى أموت معك .

وكُنت أوّل مَن شرى نفسه، وأوّل شهيد شهد لله وقضى نحبه، ففزتَ وربّ الكعبة، شكر الله استقدامك ومواساتك إمامك، إذ مشى إليك وأنت صريع، فقال: يرحمك الله يا مسلم بن عوسجة، وقرأ: ( فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) .

لعن الله المشتركين في قتلك: عبد الله الضبابي، وعبد الله بن خُشكارة البجلي، ومسلم بن عبد الله الضبابي) (١) .

٥) - مسلم أو أسلم بن كثير الأعرج الأزدي - الصحابي - (رض)

قال المحقّق السماوي (ره): (مسلم بن كثير الأعرج الأزدي - أزد شنؤة - الكوفي: كان تابعياً كوفياً صحبَ أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وأُصيبت رجْله في بعض حروبه.

قال أهل السيَر: إنّه خرج إلى الحسينعليه‌السلام من الكوفة، فوافاه لدى نزوله في كربلاء.وقال السروي: إنّه قُتل في الحملة الأولى)(٢) .

وقال النمازي: (مسلم بن كثير الأعرج: من أصحاب الرسول وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما، وتشرّف بشهادة الطفّ في الحملة الأولى)(٣) .

وقال الزنجاني: (وقال العسقلاني في (الإصابة): هو أسلم بن كثير بن قليب الصدفي الأزدي الكوفي، له إدراك مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذَكره ابن يونس، وقال: شهد فتح مصر في زمان عمر بن الخطّاب)(٤) .

____________________

(١) البحار، ٤٥: ٦٩ - ٧٠.

(٢) إبصار العين: ١٨٥.

(٣) مستدركات علم رجال الحديث، ٧: ٤١٥، الرقم ١٤٩١٩.

(٤) وسيلة الدارين في أنصار الحسينعليه‌السلام : ١٠٦.

١٦٤

وقد ورد السلام عليه في زيارة الناحية المقدّسة:(السلام على أسلم بن كثير الأزدي الأعرج) (١) .

٦) - رافع بن عبد الله مولى مسلم بن كثير (رض)

قال المحقق السماوي (ره): (كان رافع خرج إلى الحسينعليه‌السلام مع مولاه مسلم المذكور قبله، وحضرَ القتال فقُتل)(٢) .

وقال الزنجاني: (رافع بن عبد الله الأزدي الكوفي: وهو مولى مسلم بن كثير الذي قُتل في الحملة الأولى بعد أن قَتل من عساكر ابن سعد، وقُتل رافع مبارزة بعد صلاة الظهر في حومة الحرب بَعدما قَتل من القوم جماعة كثيرة وجَرح آخرين، ثمّ اشتركا في قتله كثير بن شهاب التميمي، ومخضر بن أوس الضبيبي على قول الذخيرة(٣) )(٤) .

٧) - القاسم بن حبيب بن أبي بشر الأزدي (رض)

قال المحقق السماوي (ره): (كان القاسم فارساً من الشيعة الكوفيين، خرج مع ابن سعد، فلمّا صار في كربلاء مالَ إلى الحسينعليه‌السلام أيّام المهادنة، وما زال معه حتّى قُتل بين يديه في الحملة الأولى)(٥) .

وقد ورد السلام عليه في زيارة الناحية المقدّسة:(السلام على قاسم بن حبيب الأزديّ) (٦) .

____________________

(١) البحار: ٤٥: ٧٢.

(٢) إبصار العين: ١٨٥.

(٣) يعني كتاب ذخيرة الدارين للحائري.

(٤) وسيلة الدارين: ١٣٦.

(٥) إبصار العين: ١٨٦.

(٦) البحار، ٤٥: ٧٣.

١٦٥

٨) - زهير بن سليم الأزدي (رض)

قال المحقق السماوي (ره): (كان زهير ممّن جاء إلى الحسينعليه‌السلام في الليلة العاشرة عندما رأى تصميم القوم على قتاله، فانضمّ إلى أصحابه، وقُتل في الحملة الأولى)(١) .

وقال الزنجاني: (قال العسقلاني في الإصابة: هو زهير بن سليم بن عمرو الأزدي، وقال صاحب الحدائق: كان زهير بن سليم من الذين جاءوا إلى الحسين في الليلة العاشرة عندما رأى تصميم القوم على قتاله، فانضمّ إلى أصحابه الأزديين الذين كانوا مع الحسين، وقال أبو مخنف: فلمّا شبّ القتال وحمل أهل الكوفة على عسكر الحسينعليه‌السلام تقدّم زهير بن سليم أمام الحسين، وقاتلَ قتال المشتاقين حتّى قُتل في الحملة الأولى)(٢) .

وقد ورد السلام عليه في زيارة الناحية المقدّسة:(السلام على زهير بن سليم الأزدي) (٣) .

٩) - النعمان بن عمرو الأزدي الراسبي (رض)

١٠) - الحُلاس بن عمر الأزدي الراسبي (رض)

قال المحقق السماوي (ره): (كان النعمان والحُلاس ابنا عمرو الراسبيان من أهل الكوفة، وكانا من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وكان الحُلاس على شرطته بالكوفة.

____________________

(١) إبصار العين: ١٨٦.

(٢) وسيلة الدارين: ١٣٩، رقم ٥٣، وكذلك أوردَ النمازي اسمه: زهير بن سليم بن عمرو الأزدي. (راجع: مستدركات علم رجال الحديث، ٣: ٤٤٠، رقم ٥٨١٣).

(٣) البحار، ٤٥: ٧٢.

١٦٦

قال صاحب الحدائق: خرجا مع عمر بن سعد، فلمّا ردّ ابن سعد الشروط جاءا إلى الحسين ليلاً فيمن جاء، وما زالا معه حتّى قُتلا بين يديه.

وقال السروي: قُتلا في الحملة الأولى)(١) .

ونقل الزنجاني في (وسيلة الدارين) أنّهما انضمّا إلى الإمامعليه‌السلام ليلة الثامن من المحرّم، وما زالا معه إلى يوم العاشر، فلمّا شبّ القتال تقدّم الحُلاس أمام الحسينعليه‌السلام إلى الجهاد فقُتل في الحملة الأولى، مع مَن قُتل من أصحاب الحسين، وقُتل أخوه النعمان أيضاً مبارزة فيما بين الحملة الأولى والظهر في حومة الحرب بعدما عقروا فرسه)(٢) .

١١) - جابر بن الحجّاج مولى عامر بن نهشل التيمي (رض)

قال المحقّق السماوي (رض): (كان جابر فارساً شجاعاً، قال صاحب الحدائق: حضر مع الحسينعليه‌السلام في كربلا وقُتل بين يديه، وكان قَتله قبل الظهر في الحملة الأولى)(٣) .

ونقل الزنجانيّ يقول: (قال المامقاني في رجاله: إنّه من قبيلة تيم، وكان شجاعاً وذا فكر، قال الذهبي في التجريد: هو جابر بن الحجّاج بن عبد الله بن رئاب بن النعمان بن سنان بن عبيد بن عدي، مولى عامر بن نهشل التيمي، من بني تيم الله بن ثعلبة، وقال صاحب الحدائق: كان جابر فارساً شجاعاً كوفياً ممّن تابع مسلماً، فلمّا تخاذل النّاس عن مسلم بن عقيل وقُبض عليه اختفى جابر عند قومه، فلمّا سمعَ بمجيء الحسين إلى كربلاء خرج من الكوفة مع عمر بن سعد، حتّى إذا كان

____________________

(١) إبصار العين: ١٨٧.

(٢) راجع: وسيلة الدارين: ٢٠٠، رقم ١٦٠.

(٣) إبصار العين: ١٩٣.

١٦٧

له فرصة أيّام المهادنة جاء إلى الحسين وسلّم عليه، فبقيَ عنده إلى يوم الطف، فلمّا شبّ القتال تقدّم بين يدي الحسين وقاتل حتى قُتل رضوان الله عليه)(١) .

١٢) - مسعود بن الحجّاج التيمي - تيم الله بن ثعلبة - (رض)

١٣) - عبد الرحمان بن مسعود بن الحجّاج التيمي (رض)

قال المحقّق السماوي (ره): (كان مسعود وابنه من الشيعة المعروفين، ولمسعود ذكر في المغازي والحروب، وكانا شجاعين مشهورين، خرجا مع ابن سعد حتّى إذا كانت لهما فرصة أيّام المهادنة جاءا إلى الحسينعليه‌السلام يُسلّمان عليه فبقيا عنده، وقُتلا في الحملة الأولى كما ذكره السروي)(٢) .

وقد ورد السلام عليهما في زيارة الناحية المقدّسة:(السلام على مسعود بن الحجّاج وابنه) (٣) .

١٤) - عمر بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة الضبعي التميمي - الصحابي - (رض)

نقل الزنجاني يقول: (قال المحقّق الأسترآبادي في رجاله: عمرو بن ضبعة الضبعي من أصحاب الحسينعليه‌السلام قُتل معه بالطف، وقال العسقلاني في الإصابة: هو عمرو بن ضبعة بن قيس بن ثعلبة الضبعي التميمي، له ذكر في المغازي والحروب، وكان فارساً شجاعاً له إدراك، قال أبو مخنف: حدّثني فضيل بن خديج الكندي أنّ عمرو بن ضبعة بن قيس كان ممّن خرج مع عمر بن سعد إلى حرب الحسين، فلمّا ردّوا الشروط على الحسينعليه‌السلام مالَ إليه، ثمّ دخل في أنصار

____________________

(١) وسيلة الدارين: ١١١، رقم ١٧.

(٢) إبصار العين: ١٩٣ - ١٩٤.

(٣) البحار، ٤٥: ٧٢ و ١٠١: ٢٧٣.

١٦٨

الحسينعليه‌السلام فيمن دخل، وقاتل بين يديه حتّى قُتل في الحملة الأولى مع مَن قُتل رضوان الله عيه)(١) .

وقد ورد السلام عليه في زيارة الناحية المقدّسة:(السلام على عمرو بن ضبيعة الضبعي) (٢) .

١٥) - أُميّة بن سعد الطائي (رض)

قال المحقق السماوي (ره): (كان أميّة من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام تابعياً نازلاً في الكوفة، سمعَ بقدوم الحسينعليه‌السلام إلى كربلاء فخرجَ إليه أيّام المهادنة، وقُتل بين يديه، قال صاحب الحدائق: قُتل في أوّل الحرب، يعني في الحملة الأولى)(٣) .

ونقل الزنجاني يقول: (قال العسقلاني في الإصابة: هو أميّة بن سعد بن زيد الطائي، قال علماء السيَر والتراجم: كان أميّة بن سعد فارساً شجاعاً تابعيّاً من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام نازلاً في الكوفة، له ذكر في المغازي والحروب، خصوصاً يوم صفّين، فلمّا سمع بقدوم الحسين إلى كربلاء خرج من الكوفة مع مَن خرجَ أيّام المهادنة، حتّى جاء إلى الحسينعليه‌السلام ليلة الثامن من المحرّم...)(٤) .

١٦) - الضرغامة بن مالك التغلبي (رض)

قال المحقّق السماوي (ره): (كان كاسمه ضرغاماً، وكان من الشيعة، وممّن بايع مسلماً، فلمّا خُذل خرج فيمن خرج مع ابن سعد، ومالَ إلى الحسينعليه‌السلام

____________________

(١) وسيلة الدارين: ١٧٧، رقم ١١٢، وانظر: إبصار العين: ١٩٤.

(٢) البحار، ١٠١، ٢٧٣ و ٤٥: ٧٢.

(٣) إبصار العين: ١٩٨.

(٤) إبصار العين: ١٩٨.

١٦٩

فقاتل معه، وقُتل بين يديه مبارزة بعد صلاة الظهر،رضي‌الله‌عنه )(١) .

(وقال أبو مخنف: ثمّ برز ضرغامة بن مالك وهو يرتجز ويقول:

إلـيكم مـن مـالك ضرغام

ضَرب فتىً يحمي عن الكرام

يـرجو ثـواب الله بـالتمام

سـبحانه مـن مـالك علاّم

ثمّ حمل على القوم فقاتل قتال الرجل الباسل، وصبرَ على الخطب الهائل، حتّى قتل ستين فارساً سوى مَن جرح، ثمّ قُتل رضوان الله عليه)(٢) .

وورد السلام عليه في زيارة الناحية المقدّسة:(السلام على ضرغامة بن مالك) (٣) .

١٧) - كنانة بن عتيق التغلبي - الصحابي - (رض)

نقل الزنجانيّ يقول: (قال أبو علي في رجاله: كنانة بن عتيق التغلبي من أصحاب الحسينعليه‌السلام قُتل معه بكربلاء، وقال العسقلاني في الإصابة: هو كنانة بن عتيق بن معاوية بن الصامت بن قيس التغلبي الكوفي، شهد أُحداً هو وأبوه عتيق - بالتاء المثنّاة ثمّ القاف - فارس رسول اللهعليه‌السلام ، وقد ذكره ابن مندة في تاريخه.وقال العلاّمة في الخلاصة: كنانة بن عتيق بن معاوية بن الصامت، فارس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقال علماء السيَر وأرباب المقاتل: كان كنانة بن عتيق بطلاً من أبطال الكوفة، وعابداً من عُبّادها، وقارئاً من قُرّائها، جاء إلى الحسينعليه‌السلام من الطفّ أيام المهادنة، وجاهدَ بين يديه حتّى قُتل.وقال صاحب الحدائق عن أحمد بن محمد

____________________

(١) إبصار العين: ٩٩.

(٢) وسيلة الدارين: ١٥٧، رقم ٧٨.

(٣) البحار، ٤٥: ٧١ و ١٠١: ٢٧٣.

١٧٠

السروي قال: وقُتل كنانة بن عتيق في الحملة الأولى مع مَن قُتل. وقال غيره: قُتل مبارزة فيما بين الحملة الأولى والظُهر...)(١) .

وقد ورد السلام عليه في زيارة الناحية المقدّسة:(السلام على كنانة بن عتيق) (٢) .

١٨) - قاسط بن زهير بن الحرث التغلبي (رض)

١٩) - كردوس بن زهير بن الحرث التغلبي (رض)

٢٠) - مقسط بن زهير بن الحرث التغلبي (رض)

قال المحقّق السماوي (ره): (كان هؤلاء الثلاثة من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام ومن المجاهدين بين يديه في حروبه، صحبوه أوّلاً، ثمّ صحبوا الحسنعليه‌السلام ، ثمّ بقوا في الكوفة، ولهم ذكر في الحروب، ولاسيّما صِفّين، ولمّا وردَ الحسينعليه‌السلام كربلا خرجوا إليه، فجاؤه ليلاً، وقُتلا بين يديه..)(٣) .

ونقل الزنجاني يقول: (قال أبو عليّ في رجاله: قاسط بن عبد الله بن زهير بن الحارث التغلبي من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وقال نصر بن مزاحم المنقري الكوفي في كتاب صفّين: إنّ عليّاًعليه‌السلام لما عقدَ الألوية للقبائل فأعطاها قوماً بأعيانهم جعلهم رؤساءهم وأمراءهم، وجعلَ على قريش وأسد وكنانة عبد الله بن عبّاس بن عبد المطلّب، وعلى كندة حُجر بن عديّ الكندي، وعلى بكر البصرة حصين بن المنذر، وعلى تميم البصرة الأحنف بن قيس وقاسط بن عبد الله بن زهير بن

____________________

(١) وسيلة الدارين: ١٨٤ - ١٨٥، رقم ١٣٢، وانظر: إبصار العين: ١٩٩.

(٢) البحار، ٤٥: ٧١ و ١٠١: ٢٧٣.

(٣) إبصار العين: ٢٠٠.

١٧١

الحرث التغلبي، وعلى حنظلة البصرة أَعيَن بن ضبيع، وكردوس بن عبد الله بن زهير التغلبي(١) ...)(٢) .

وقد ورد السلام في زيارة الناحية المقدّسة على قاسط وأخيه كردوس فقط ولم يُذكر مقسط فيها:(السلام على قاسط وكردوس ابني زهير التغلبيين) (٣) .

٢١) - رجل من بني أسد (رض)

روى ابن عساكر، عن العريان بن الهيثم قال: (كان أبي يتبدّى فينزل قريباً من الموضع الذي كان فيه معركة الحسين، فكنّا لا نبدو إلاّ وجدنا رجُلاً من بني أسد هناك.

فقال له أبي: أراك ملازماً هذا المكان؟

قال: بلغني أنّ حسيناً يُقتل هاهنا، فأنا أخرج إلى هذا المكان لعليّ أُصادفه فأُقتل معه.

قال ابن الهيثم: فلمّا قُتل الحسين قال أبي: انطلقوا بنا ننظر هل الأسديُّ فيمن قُتل مع الحسين؟

فأتينا المعركة وطوّفنا فإذا الأسديُّ مقتول)(٤) .

____________________

(١) عثرنا على مثل هذه الرواية (بتفاوت غير يسير) في كتاب وقعة صفّين لنصر بن مزاحم المنقري، ولكنّنا لم نعثر على اسمي قاسط وكردوس فيها (راجع وقعة صفين: ٢٠٤ - ٢٠٦)، فلعلّ الزنجاني قد نقلها من مصدر آخر، والله العالم.

(٢) وسيلة الدارين: ١٨٣ - ١٨٤، رقم ١٣٠ ولاحظ رقم ١٣٣.

(٣) البحار، ١٠١: ٢٧٣، وفيه: (السلام على قاسط وكرش ابنَي زهير التغلبيين)، وكرش اشتباه من النسّاخ بيّن، كما أنّ في البحار، ٤٥: ٧١ (ابنَي ظهير التغلبيين)، وهذا تصحيف ظاهر لكلمة زهير ناشئ من أنّ الظاء تلفظ كما الزاء.

(٤) تاريخ ابن عساكر، ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام ، تحقيق المحمودي: ٣١٠ - ٣١١، رقم ٢٦٩، =

١٧٢

٢٢) - حنظلة بن أسعد الشبامي (رض)

قال المحقّق السماوي (ره): (هو حنظلة بن أسعد بن شبام بن عبد الله(١) بن أسعد بن حاشد بن همدان، الهمداني الشبامي، وبنو شبام بطن من همدان.

كان حنظلة بن أسعد الشبامي وجهاً من وجوه الشيعة، ذا لسان وفصاحة، شجاعاً قارئاً، وكان له ولد يُدعى عليّاً، له ذِكر في التاريخ.

قال أبو مخنف: جاء حنظلة إلى الحسينعليه‌السلام عندما ورد الطفّ، وكان الحسينعليه‌السلام يُرسله إلى عمر بن سعد بالمكاتبة أيّام الهدنة، فلمّا كان اليوم العاشر جاء إلى الحسينعليه‌السلام يطلب منه الإذن، فتقدّم بين يديه وأخذ يُنادي:

( يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الأَحْزَابِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) (٢) ، يا قوم لا تقتلوا حسيناً( فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى ) (٣) .

فقال الحسينعليه‌السلام :(يا بن أسعد، إنّه قد استوجبوا العذاب حين ردّوا عليك ما دعوتهم

____________________

= ويُلاحظ هنا: أنّنا لا نعلم أحداً من شهداء الطفّ من بني أسد مَن تنطبق عليه هذه القصّة! كما أنّ الظاهر من هذه الرواية - على فرض صحتها -: أنّ العريان بن الهيثم وأباه كانا قريبين من ساحة الطفّ بحيث تسنّى لهما التطواف بين أجساد القتلى، أو كانا في جملة مَن كان في جيش عمر بن سعد؛ وإلاّ لمَا تيسّر لهما ذلك فيما نعلم.

(١) قال ياقوت الحموي في معجم البلدان، ٣: ٣١٨ في تعريف (شبام): (منهم حنظلة بن عبد الله الشبامي قُتل مع الحسينعليه‌السلام .

(٢) سورة غافر، الآية: ٣٠ و ٣٣.

(٣) سورة طه: الآية: ٦١.

١٧٣

إليه من الحقّ، ونهضوا إليك ليستبيحوك وأصحابك، فكيف بهم الآن وقد قتلوا إخوانك الصالحين!؟

قال: صدقتَ، جعلتُ فداك، أفلا نروح إلى ربّنا ونلحق بإخواننا؟

قال:رُحْ إلى خيرٍ من الدنيا وما فيها، إلى مُلك لا يبلى.

فقال حنظلة: السلام عليك يا أبا عبد الله، صلّى الله عليك وعلى أهل بيتك، وعرّف بينك وبيننا في جنّته.

فقال الحسينعليه‌السلام :آمين آمين).

ثمّ تقدّم إلى القوم مصلتاً سيفه يضرب فيهم قُدُماً، حتّى تعطّفوا عليه فقتلوه في حومة الحرب رضوان الله عليه)(١) .

ونقل الزنجاني يقول: (وقال أبو مخنف: حدّثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم قال: جاء حنظلة بن أسعد الشبامي إلى الحسين عند نزوله كربلاء، وكان الحسين يُرسله إلى عمر بن سعد للمكالمة أيّام المهادنة، فلمّا صار يوم العاشر ورأى أصحاب الحسين قد أُصيبوا كلّهم، ولم يبقَ معه غير سويد بن عمرو بن المطاع الخثعمي، وبشر بن عمرو الحضرمي، جاء حنظلة فوقف بين يدي الحسين يقيه السهام والرماح والسيوف بوجهه ونحره، ويطلب منه الإذن، وأخذ ينادي...)(٢) .

وقد ورد السلام عليه في زيارة الناحية المقدّسة:(السلام على حنظلة بن أسعد الشبامي) (٣) .

____________________

(١) إبصار العين: ١٣٠ - ١٣١.

(٢) وسيلة الدارين، ١٣٤ - ١٣٥، رقم ٤٠.

(٣) البحار، ٤٥: ٧٣ و ١٠١: ٢٧٣.

١٧٤

٢٣) - سيف بن الحرث بن سريع بن جابر الهمداني الجابري (رض)

٢٤) - مالك بن عبد الله بن سريع بن جابر الهمداني الجابري (رض)

قال المحقّق السماوي (ره): (وبنو جابر بطن من همدان، كان سيف ومالك الجابريّان ابني عمّ وأخوين لأمّ، جاءا إلى الحسينعليه‌السلام ومعهما شبيب مولاهما فدخلا في عسكره وانضمّا إليه.

قالوا: فلمّا رأيا الحسينعليه‌السلام في اليوم العاشر بتلك الحال، جاءا إليه وهما يبكيان، فقال لهما الحسينعليه‌السلام :(أي ابنَي أخويَّ ما يبكيكما؟ فو الله إنّي لأرجو أن تكونا بعد ساعة قريرَي العين.

فقالا: جَعَلنا الله فداك، لا والله ما على أنفسنا نبكي، ولكن نبكي عليك، نراك قد أُحيط بك ولا نقدر على أن نمنعك بأكثر من أنفسنا.

فقال الحسينعليه‌السلام :جزاكما الله يا ابنَي أخويَّ عن وجْدكما من ذلك ومواساتكما إيّاي أحسن جزاء المتقين .

قال أبو مخنف: فهما في ذلك إذ تقدّم حنظلة بن أسعد يعظ القوم، فوعظ وقاتل فقُتل - كما تقدّم - فاستقدما يتسابقان إلى القوم ويلتفتان إلى الحسينعليه‌السلام فيقولان: السلام عليك يا بن رسول الله.

ويقول الحسينعليه‌السلام :وعليكما السلام ورحمة الله وبركاته) .

ثمّ جعلا يقاتلان جميعاً، وإنّ أحدهما ليحمي ظهر صاحبه(١) حتّى قُتلا)(٢) .

____________________

(١) وفي وسيلة الدارين: ١٥٤، رقم ٧٢ و ٧٣: (وإنّ أحدهما ليحمي ظهر صاحبه؛ لأنّ القوم قريب من المخيم، وهما يسمعان العويل والبكاء من النساء والأطفال، فقاتلا حتى قُتلا في مكان واحد رضوان الله عليهما).

(٢) إبصار العين: ١٣٢ - ١٣٣.

١٧٥

وقد ورد السلام عليهما في زيارة الناحية المقدّسة:(السلام على شبيب بن الحارث بن سريع، السلام على مالك بن عبد الله بن سريع) (١) .

٢٥) - شبيب مولى الحرث بن سريع الهمداني الجابري (رض)

قال المحقّق السماوي: (كان شبيب بطلاً شجاعاً جاء مع سيف ومالك ابنَي سريع، قال ابن شهرآشوب: قُتل في الحملة الأولى التي قُتل فيها جملة من أصحاب الحسين، وذلك قبل الظُهر في اليوم العاشر)(٢) .

ونقل الزنجاني تحت عنوان (شبيب بن عبد الله مولى الحرث بن سريع الكوفي) يقول: (... قال العسقلاني في الإصابة: هو شبيب بن عبد الله بن مشكل بن حي بن جَديه (بفتح الجيم وسكون الدال بعدها ياء تحتانية)، مولى الحرث بن سريع الهمداني الجابري، وبنو جابر بطن من همدان، وقال ابن الكلبي(٣) : شبيب بن عبد الله كان صحابياً أدركَ صحبة رسول الله، وشهد مع عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام مشاهده كلّها وعداده من الكوفيين، وكان شبيب هذا بطلاً شجاعاً جاء مع سيف بن الحارث ومالك بن عبد الله بن سريع...)(٤) .

وقد ورد السلام في زيارة الناحية المقدّسة على مَن اسمه شبيب في موضعين،الأوّل: (السلام على شبيب بن عبد الله النهشلي) (٥) ، وهذا من شهداء الطفّ

____________________

(١) البحار، ١٠١: ٢٧٣.

(٢) إبصار العين: ١٣٣.

(٣) في الإصابة، ٢: ١٦٠، رقم ٣٩٦٠: (شبيب بن عبد الله بن شكل بن حي بن جَدْية - بفتح الجيم وسكون الدال بعدها تحتانية، المذحجي - له إدراك وشهد مع عليّ مشاهده... ذكر ذلك ابن الكلبي)، لكن ما هو الدليل على أنّ هذا هو شبيب مولى الحرث بن سريع؟

(٤) وسيلة الدارين: ١٥٥، رقم ٧٥.

(٥) وهذا هو: شبيب بن عبد الله النهشلي البصري (رض) وهو من شهداء الطفّ أيضاً، لكنّه غير =

١٧٦

أيضاً ولكنّه غير المقصود،والثاني: (السلام على شبيب بن الحارث بن سريع) ، والظاهر أنّ شبيب هنا تصحيف لسيف(١) .

٢٦) - عمّار بن أبي سلامة الدالاني - الصحابي - (رض)

قال المحقق السماوي (ره): (هو عمّار بن أبي سلامة بن عبد الله بن عمران بن رأس بن دالان، أبو سلامة الدالاني، وبنو دالان بطن من همدان.

كان أبو سلامة عمّار صحابياً له رؤية كما ذكره الكلبي وابن حجر(٢) ، وقال أبو جعفر الطبري: وكان من أصحاب عليّعليه‌السلام ومن المجاهدين بين يديه في حروبه الثلاث، وهو الذي سأل أمير المؤمنينعليه‌السلام عندما سار من ذي قار إلى البصرة فقال: يا أمير المؤمنين، إذا قدمتَ عليهم فماذا تصنع؟

فقال:(أدعوهم إلى الله وطاعته، فإنْ أبوا قاتلتهم) .

فقال أبو سلامة: إذاً لن يغلبوا داعي الله - في كلام له -.

وقال ابن حجر في الإصابة: إنّه أتى إلى الحسينعليه‌السلام في الطفّ وقُتل معه(٣) ، وذكر صاحب الحدائق، والسروي: أنّه قُتل في الحملة الأولى حيث قُتل جملة من أصحاب الحسينعليه‌السلام )(٤) .

وروى البلاذري قائلاً: (وهَمّ عمّار بن أبي سلامة الدالاني أن يفتك بعبيد الله

____________________

= شبيب مولى الحرث بن سريع، وله ترجمة خاصة به فراجعها في وسيلة الدارين، ١٥٥، رقم ٧٦.

(١) راجع: البحار، ١٠١: ٢٧٣.

(٢) و (٣) في الإصابة، ٣: ١١٢، رقم ٦٤٦٣: (عمّار بن أبي سلامة بن عبد الله بن عمران بن رأس بن دالان، الهمداني ثمّ الدالاني - له إدراك، وكان قد شهد مع عليّ مشاهده، وقُتل مع الحسين بن عليّ بالطفّ، ذكرهُ ابن الكلبي).

(٤) إبصار العين: ١٣٣ - ١٣٤؛ وانظر: وسيلة الدارين: ١٧٢، رقم ١٠٦.

١٧٧

بن زياد في عسكره بالنُخيلة، فلم يمكنه ذلك، فلطفَ حتّى لحقَ بالحسين فقُتل معه)(١) .

وفي طريقه إلى كربلاء كان عمّار (رض) قد اصطدم بمسلحة كبيرة من مسالح ابن زياد التي حاصرت الطريق إلى كربلاء، ينقل المحقّق السيّد المقرّم (ره) عن كتاب الإكليل للهمداني قائلاً: (وجعلَ عبيد الله بن زياد زجر بن قيس الجعفي على مسلحة في خمسمئة فارس، وأمَرَه أن يُقيم بجسر الصراة، يمنع مَن يخرج من الكوفة يريد الحسينعليه‌السلام ، فمرَّ به عمار بن أبي سلامة بن عبد الله بن عرار الدالاني، فقال له زجر: قد عرفتُ حيث تريد، فارجع.

فحملَ عليه وعلى أصحابه فهزمهم ومضى، وليس أحد منهم يطمع في الدنوّ منه، فوصل كربلاء، ولحقَ بالحسينعليه‌السلام حتّى قُتل معه، وكان قد شهد المشاهد مع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام )(٢) .

وقد ورد السلام عليه في زيارة الناحية المقدّسة:(السلام على عمّار بن أبي سلامة الهمداني) (٣) .

٢٧) - حبشي بن قيس النهمي (رض)

قال المحقّق السماوي (ره): (هو حبشي بن قيس بن سلمة بن طريف بن أبان بن سلمة بن حارثة، الهمدانيّ النهمي، وبنو نَهْم بطن من همدان.

كان سلمة صحابياً ذكره جماعة من أهل الطبقات، وابنه قيس له إدراك ورؤية،

____________________

(١) أنساب الأشراف، ٣: ٣٨٨.

(٢) مقتل الحسينعليه‌السلام للمقرّم: ١٩٩؛ ويلاحظ التفاوت في الاسم وأسماء بعض الأجداد مع ما ضبطه المحقّق السماوي (ره).

(٣) البحار، ٤٥: ٧٣ و ١٠١: ٢٧٣.

١٧٨

وابن قيس حبشيٌّ ممّن حضر الطفّ وجاء إلى الحسين فيمن جاء أيّام الهدنة، قال ابن حجر: وقُتل مع الحسينعليه‌السلام (١) )(٢) .

٢٨) - زياد بن عريب الهمداني الصائدي، أبو عمرة (رض)

قال المحقّق السماوي (ره): (هو زياد بن عريب بن حنظلة بن دارم بن عبد الله بن كعب الصائد بن شرحبيل بن... بن همدان، أبو عمرة الهمداني، كان عريب صحابياً ذكره جملة من أهل الطبقات، وأبو عمرة ولده هذا له إدراك، وكان شجاعاً ناسكاً معروفاً بالعبادة، قال صاحب الإصابة: إنّه حضر وقُتل مع الحسينعليه‌السلام .

وروى الشيخ (ابن نما) عن مهران الكاهلي مولى لهم - أي مولى لبني كاهل - قال: شهدتُ كربلا مع الحسينعليه‌السلام فرأيت رجلاً يُقاتل قتالاً شديداً، لا يَحمل على قوم إلاّ كشفهم، ثمّ يرجع إلى الحسينعليه‌السلام فيقول له:

أَبشرْ هُديتَ الرشد يا بن أحمدا

في جنّة الفردوس تعلو صعّدا

فقلت: مَن هذا؟ قالوا: أبو عمرة الحنظلي.

فاعترضه عامر بن نهشل أحد بني اللات بن ثعلبة فقتله واحتزَّ رأسه، قال: وكان متهجّداً)(٣) .

____________________

(١) في الإصابة، ٢: ١٠٤ - ١٠٥، رقم ٣٦٤٤ (سلمة بن طريف بن أبان بن سلمة بن حارثة بن فهم الفهمي - لأبيه صحبة، وله رؤية، وقُتل ولده حبشة بن قيس بن سلمة بن طريف مع الحسين بن عليّ يوم الطف).

(٢) إبصار العين: ١٣٤، وانظر: وسيلة الدارين: ١٤٥ الرقم ٥٥ وفيه أيضاً (كان أبوه عريب صحابياً ذكره جماعة في الطبقات والتراجم: كعزّ الدين الجزري في أُسد الغابة، وابن عبد البرّ في =

١٧٩

٢٩) - سوار بن منعم بن حابس بن أبي عمير بن نَهْم الهمداني النهمي (رض)

قال المحقّق السماوي (ره): (كان سوار ممّن أتى إلى الحسينعليه‌السلام أيّام الهدنة، وقاتلَ في الحملة الأولى فجُرح وصُرع، قال في الحدائق الوردية: قاتل سوار حتّى إذا صُرع أُتي به أسيراً إلى عمر بن سعد فأراد قتله، فشفع فيه قومه، وبقي عندهم جريحاً حتّى توفّي على رأس ستّة أشهر.

وقال بعض المؤرّخين: إنّه بقي أسيراً حتّى توفي، وإنّما كانت شفاعة قومه للدفع عن قتله، ويشهد له ما ذُكر في القائميات من قولهعليه‌السلام :(السلام على الجريح المأسور سوار بن أبي عمير النهمي) (١) ، على أنّه يمكن حمْل العبارة على أسره في أوّل الأمر)(٢) .

٣٠) - عمرو بن عبد الله الجندعي (رض)

قال المحقّق السماوي (ره): (وبنو جندع بطن من همدان، كان عمرو الجندعي ممّن أتى إلى الحسينعليه‌السلام أيّام المهادنة في الطفّ، وبقي معه.

قال في الحدائق: إنّه قاتل مع الحسينعليه‌السلام فوقعَ صريعاً مرتثّاً بالجراحات، قد وقعت ضربة على رأسه بلغت منه، فاحتمله قومه، وبقيَ مريضاً من الضربة صريع فراش سنة كاملة، ثمّ توفّي على رأس السنة،رضي‌الله‌عنه ، ويشهد له ما ذُكر في

____________________

= الاستيعاب، والعسقلاني في الإصابة كما ذكرنا، وذكر المامقاني أنّه كان من أهل التقوى، وكان يسهر الليل إلى الصبح وكان حاضراً في كربلاء...).

وقال المامقاني في تنقيح المقال، ١: ٤٥٦: (حضر الطّف وقاتل قتالاً شديداً حتّى استشهد بين يدي الحسينعليه‌السلام ..).

(١) راجع: البحار: ١٠١: ٢٧٣ و ٤٥: ٧٣.

(٢) إبصار العين: ٣٥ - ١٣٦، وانظر وسيلة الدارين: ١٥٣، رقم ٧٠.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477