مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة الجزء ٤

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة0%

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 477

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ عزت الله المولائي والشيخ نجم الدين الطبسي
الناشر: سپهر أنديشه
تصنيف: الصفحات: 477
المشاهدات: 231116
تحميل: 7062

توضيحات:

الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 477 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 231116 / تحميل: 7062
الحجم الحجم الحجم
مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة الجزء 4

مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

القائميات من قولهعليه‌السلام :(السلام على الجريح المرتثّ عمرو الجندعي (١) ) (٢) .

٣١) - عمرو بن قرظة الأنصاري (رض)

قال المحقّق السماوي (ره): (هو عمرو بن قرظة بن كعب بن عمرو بن عائذ بن زيد مناة بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج، الأنصاري الخزرجي الكوفي.

كان قرظة من الصحابة الرواة، وكان من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام نزل الكوفة، وحاربَ مع أمير المؤمنينعليه‌السلام في حروبه، وولاّه فارس، وتوفي سنة إحدى وخمسين، وهو أوّل مَن نيح عليه بالكوفة، وخلّف أولاداً أشهرهم عمرو، وعليّ.

أمّا عمرو، فجاء إلى أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام أيّام المهادنة في نزوله بكربلا قبل الممانعة، وكان الحسينعليه‌السلام يُرسله إلى عمر بن سعد في المكالمة التي دارت بينهما، قبل إرسال شمر بن ذي الجوشن فيأتيه بالجواب، حتّى كان القطع بينهما بوصول شمر.

فلمّا كان اليوم العاشر من المحرّم استأذن الحسينعليه‌السلام في القتال، ثمّ برز وهو يقول:

قـد عَـلمتْ كتائبُ الأنصار

أنّـي سـأحمي حوزة الذمار

ضرب غلام غير نكسٍ، شار

دون حـسين مهجتي وداري

قال الشيخ ابن نما: عرّض بقوله: (دون حسين مهجتي وداري) بعمر بن سعد؛ فإنّه لمّا قال له الحسينعليه‌السلام :(صِر معي، قال: أخاف على داري!

____________________

(١) ورد السلام عليه في زيارة الناحية المقدّسة بعد السلام على سوار بن أبي عمير هكذا:(السلام على المرتثّ معه عمرو بن عبد الله الجُندعي) . (راجع: البحار، ١٠١: ٢٧٣).

(٢) إبصار العين: ١٣٦ - ١٣٧، وانظر: وسيلة الدارين: ١٧٨، رقم ١١٣.

١٨١

فقال الحسينعليه‌السلام له:أنا أعوّضك عنها.

قال: أخاف على مالي.

فقال له:أنا أُعوّضك عنه من مالي بالحجاز ، فتكرّه! انتهى كلامه(١) .

ثُمّ إنّه قاتلَ ساعة ورجع للحسينعليه‌السلام فوقف دونه ليقيه من العدوّ، قال الشيخ ابن نما: فجعل يتلقّى السهام بجبهته وصدره فلم يصل إلى الحسينعليه‌السلام سوء حتّى أُثخن بالجراح، فالتفت إلى الحسينعليه‌السلام فقال: أوَفيتُ يا بن رسول الله؟ قال:(نعم، أنت أمامي في الجنّة، فاقرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله السلام وأعلِمهُ أنّي في الأثر) ، فخرَّ قتيلاً رضوان الله عليه(٢) .

وأمّا عليٌّ، فخرج مع عمر بن سعد، فلمّا قُتل أخوه عمرو برز من الصفّ ونادى: يا حسين، يا كذّاب أغررتَ أخي وقتلته؟ فقال له الحسينعليه‌السلام :(إنّي لم أغرَّ أخاك ولكن هداه الله وأضلّك) ، فقال عليٌّ: قَتلني الله إنْ لم أقتلك أو أموت دونك، ثمّ حملَ على الحسينعليه‌السلام ، فاعترضهُ نافع بن هلال فطعنه حتّى صرعه، فحملَ أصحابه عليه واستنقذوه، فَدُوِيَ بعد فبَرئ، ولعليٍّ هذا دون أخيه الشهيد ترجمة في كتب القوم ورواية عنه ومدح فيه)(٣) .

وقد ورد السلام على عمرو بن قرظة في زيارة الناحية المقدّسة:(السلام على عمرو بن قرظة الأنصاري) (٤) .

____________________

(١) راجع: مثير الأحزان: ٦١.

(٢) راجع: مثير الأحزان: ٦١، واللهوف: ٤٦ - ٤٧.

(٣) إبصار العين: ١٥٥ - ١٥٦، وانظر: وسيلة الدارين: ١٧٦ - ١٧٤، رقم ١٠٨ وفيه: (... وقال صاحب الحدائق: أمّا عمرو فجاء إلى الحسينعليه‌السلام يوم السادس من المحرّم أيّام المهادنة، في نزول الحسينعليه‌السلام بكربلاء قبل الممانعة...).

(٤) راجع: البحار: ١٠١: ٢٧٢ و ٤٥: ٧١.

١٨٢

٣٢) - عبد الله بن بشر الخثعمي (رض)

قال المحقّق السماوي (ره): (هو عبد الله بن بشر بن ربيعة بن عمرو بن منارة بن قُمَيْر بن عامر بن رائسة بن مالك بن واهب بن جليحة بن كلب بن ربيعة بن عفرس بن خلف بن أقبل بن أنمار، الأنماريّ الخثعمي.

كان عبد الله بن بشر الخثعمي من مشاهير الكماة، الحماة للحقائق، وله ولأبيه ذكر في المغازي والحروب.

قال ابن الكلبي: بشر بن ربيعة الخثعمي هو صاحب الخطّة بالكوفة التي يُقال لها (جبانة بشر)، وهو القائل يوم القادسية:

أنَختُ بباب القادسية ناقتي

وسعد بن وقّاص عَلَيَّ أمير

وكان وَلده عبد الله ممّن خرج مع عسكر ابن سعد، ثمّ صار إلى الحسينعليه‌السلام فيمن صار إليه أيّام المهادنة، قال صاحب الحدائق وغيره: إنّ عبد الله بن بشر قُتل في الحملة الأولى قبل الظهر)(١) .

٣٣) - الحارث بن امرئ القيس الكندي (رض)

نقل الزنجاني يقول: (قال في الإصابة: هو حارث بن امرئ القيس بن عابس بن المنذر بن امرئ القيس بن عمرو بن معاوية الأكرمين الكندي... قال صاحب الحدائق: كان الحارث ممّن خرج مع عسكر عمر بن سعد حتّى أتى كربلاء، فلمّا ردّوا الشروط على الحسين مالَ إلى الحسين، وجاء إليه فسلّم وانضمّ إلى أصحابه الكنديين - وهم أربعة أشخاص كما ذكرنا بعضهم - وما زال مع الحسينعليه‌السلام ، فلمّا شبّ القتال تقدّم أمام الحسين مع مَن تقدّم، وقُتل في الحملة الأولى رضوان الله عليه)(٢) .

____________________

(١) إبصار العين: ١٧٠.

(٢) وسيلة الدارين: ١١٦ - ١١٧، رقم ٢٦.

١٨٣

(كان الحارث من الشجعان العُبّاد، وله ذكر في المغازي..)(١) .

٣٤) - بشر بن عمرو بن الأُحدوث الحضرمي الكندي (رض)

مرّت بنا ترجمته (رض) في وقائع ليلة عاشوراء، فراجعها هناك تحت عنوان(الحضرمي: أكلَتَني السباع حيّاً إنْ فارقتك) مع الإشارة المرتبطة بهذا العنوان.

وقد ورد السلام عليه في زيارة الناحية المقدّسة:(السلام على بشر بن عمر الحضرمي، شكر الله لك قولك للحسين وقد أذِن لك في الانصراف: أكلتني إذاً السباع حيّاً إذا فارقتك، وأسأل عنك الركبان؟! وأخذُلك مع قلّة الأعوان؟! لا يكون هذا أبداً) (٢) .

٣٥) - عبد الله بن عروة بن حرّاق الغفاري (رض)

٣٦) - عبد الرحمان بن عروة بن حرّاق الغفاري (رض)

قال المحقّق السماوي (ره): (كان عبد الله وعبد الرحمان الغفاريان من أشراف الكوفة ومن شجعانهم وذوي الموالاة منهم، وكان جدّهما حرّاق من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام وممّن حارب معه في حروبه الثلاث.

وجاء عبد الله وعبد الرحمان إلى الحسينعليه‌السلام بالطفّ.

وقال أبو مخنف: لمّا رأى أصحاب الحسين أنّهم قد كُثروا، وأنّهم لا يقدرون على أن يمنعوا الحسين ولا أنفسهم، تنافسوا في أن يُقتلوا بين يديه، فجاءه عبد الله وعبد الرحمان ابنا عروة الغفاريّان فقالا: يا أبا عبد الله السلام عليك، حازنا العدوّ إليك فأحببنا أنْ نُقتل بين يديك، نمنعك وندفع عنك، فقال:(مرحباً بكما، اُدنوا منّي) .

____________________

(١) إبصار العين: ١٧٣.

(٢) البحار، ١٠١: ٢٧٢.

١٨٤

فدنوا منه، فجعلا يقاتلان قريباً منه، وإنّ أحدهما ليرتجز ويتمّ له الآخر، فيقولان:

قـد عَـلمتْ حـقّاً بنو غفار

وخَـندف بـعد بـني نِـزار

لـنضربنّ مـعشر الـفجّار

بـكلّ عـضْب صـارم بتّار

يا قوم ذُودوا عن بني الأطهار

بـالمشرفيّ والـقَنا الـخطّار

فلم يزالا يُقاتلان حتّى قُتلا.

وقال السرويّ: إنّ عبد الله قُتل في الحملة الأولى، وعبد الرحمان قُتل مبارزة، وقال غيره: إنّهما قُتلا مبارزة، وهو الظاهر من المراجعة)(١) .

وقد ورد السلام عليهما في زيارة الناحية المقدّسة:(السلام على عبد الله وعبد الرحمان ابنَي عروة بن حرّاق الغفاريين) (٢) .

٣٧) - عبد الله بن عمير الكلبي (رض)

قال المحقّق السماوي (ره): (هو عبد الله بن عمير بن عبّاس بن عبد قيس بن عُلَيْم بن جناب، الكلبي العُلَيمي، أبو وهب.

كان عبد الله بن عمير بطلاً شجاعاً شريفاً، نزل الكوفة واتّخذ عند بئر الجعد من همدان داراً، فنزلها ومعه زوجته أمُّ وهب بنت عبد من بني النمر بن قاسط.

قال أبو مخنف: فرأى القوم بالنُخيلة يُعرَضون ليسرّحوا إلى الحسينعليه‌السلام ، فسأل عنهم، فقيل له: يُسرّحون إلى الحسين بن فاطمة بنت رسول الله.

فقال: والله، لقد كنتُ على جهاد أهل الشر حريصاً، وإنّي لأرجو ألاّ يكون

____________________

(١) إبصار العين: ١٧٥ - ١٧٦.

(٢) البحار، ١٠١: ٢٧٣

١٨٥

جهاد هؤلاء الذين يغزون ابن بنت نبيّهم أيسر ثواباً عند الله من ثوابه إيّاي في جهاد المشركين.

فدخل إلى امرأته فأخبرها بما سمع، وأعلمها بما يُريد، فقالت له:أصبتَ أصاب الله بك أرشد أمورك، افعل وأخرجني معك.

قال: فخرج بها ليلاً حتّى أتى حُسيناً فأقام معه.

فلمّا دنا عمر بن سعد ورمى بسهم فارتمى الناس، خرج يسار مولى زياد، وسالم مولى عبيد الله، فقالا: مَن يبارز؟ ليخرج إلينا بعضكم.

فوثبَ حبيب وبُرير، فقال لهما الحسين:(اجلِسا ).

فقام عبد الله بن عمير فقال: أبا عبد الله، رحمك الله ائذن لي لأخرج إليهما، فرأى الحسين رجلاً آدم، طوالاً، شديد الساعدين، بعيد ما بين المنكبين.

فقال الحسين:(إنّي لأحسبه للأقران قتّالاً، اُخرجْ إنْ شئت).

فخرج إليهما، فقالا له: مَن أنت؟ فانتسب لهما فقالا: لا نعرفك، ليخرج إلينا زهيرٌ، أو حبيب، أو برير.

ويسارُ مُستنتل أمام سالم، فقال له عبد الله: يا بن الزانية، وبك رغبة عن مبارزة أحدٍ من الناس؟! أَوَ يخرج إليك أحدٌ من الناس إلاّ وهو خير منك!.

ثمَّ شدّ عليه فضربه بسيفه حتّى برد، فإنّه لمشتغل يضرب بسيفه إذ شدّ عليه سالم، فصاح به أصحابه: قد رهقك العبد، فلم يأبه له حتّى غشيه فبدره بضربة فاتّقاها عبد الله بيده اليسرى فأطار أصابع كفّه اليسرى، ثمَّ مالَ عليه فضربه حتّى قتله، وأقبلَ إلى الحسينعليه‌السلام يرتجز أمامه وقد قتلهما جميعاً فيقول:

إنْ تُنكروني فأنا ابن كلب

حسبي ببيتي في عُلَيْمٍ حسبي

١٨٦

إنّي امرؤٌ ذو مِرّة وعصبِ

ولستُ بالخوّار عند النكب

إنّي زعيمٌ لكِ أمَّ وهبِ

بالطعن فيهم مُقدماً والضرب

قال: فأخذت أمُّ وهب امرأته عموداً، ثمَّ أقبلت نحو زوجها تقول: فداك أبي وأمّي، قاتِل دون الطيبين ذريّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأقبلَ إليها يردّها نحو النساء، فأخذت تجاذب ثوبه وتقول: إنّي لن أدعك دون أن أموت معك، (وإنّ يمينه سدكت على السيف، ويساره مقطوعة أصابعها فلا يستطيع ردّ امرأته)، فجاء إليها الحسينعليه‌السلام وقال:(جُزيتم من أهل بيتٍ خيراً، ارجعي رحمكِ الله إلى النساء فاجلسي معهنّ؛ فإنّه ليس على النساء قتال) ، فانصرفت إليهنّ.. وقاتلَ الكلبي وكان في الميسرة قتال ذي لبدٍ، وقتلَ من القوم رجالاً، فحمل عليه هاني بن ثُبيت الحضرمي، وبكير بن حيّ التيمي - من تيم الله بن ثعلبة - فقتلاه،... وانجلت الغبرة فخرجت امرأة الكلبي تمشي إلى زوجها حتّى جلست عند رأسه تمسح التراب عنه وتقول:هنيئاً لك الجنّة، أسأل الله الذي رزقك الجنّة أن يصحبني معك .

فقال شمر لغلامه رستم: اضرب رأسها بالعمود.

فضربَ رأسها فشدخهُ فماتت مكانها)(١) .

وقد ورد السلام عليه في زيارة الناحية المقدّسة:(السلام على عبد الله بن عمير الكلبي) (٢) .

٣٨) - سالم بن عمرو ومولى بني المدينة الكلبي (رض)

قال المحقّق السماوي (ره): (كان سالم مولى لبني المدينة، وهم بطن من

____________________

(١) إبصار العين: ١٧٩ - ١٨١، وانظر: وسيلة الدارين: ١٦٨ - ١٧٠، رقم ٩٨.

(٢) البحار، ١٠١: ٢٧٢.

١٨٧

كلب، كوفيّاً من الشيعة، خرج إلى الحسينعليه‌السلام أيّام الهادنة، فانضمّ إلى أصحابه.

قال في الحدائق: وما زال معه حتّى قُتل.

وقال السرويّ: قُتل في أوّل حملة مع مَن قُتل من أصحاب الحسينعليه‌السلام وله في القائميات ذكر وسلام)(١) .

نقل الزنجاني قائلاً: (وقال في الذخيرة ص٢٤٢: وقال أهل السيَر: كان سالم فارساً شجاعاً خرج مع مسلم بن عقيل أوّلاً، ولمّا تخاذل الناس عن مسلم قبض عليه كثير بن شهاب التميمي مع جماعة من الشيعة، فأراد تسليمه إلى عبيد الله بن زياد مع أصحابه الذين كانوا معه، فأفلتَ واختفى عند قومه، فلمّا سمعَ نزول الحسين بن علي إلى كربلاء خرج إليه أيّام المهادنة، فانضمّ إلى أصحابه الذين كانوا مع الحسين من الكلبيين...)(٢) .

وقد ورد السلام عليه في زيارة الناحية المقدّسة:(السلام على سالم مولى بني المدينة الكلبي) (٣) .

____________________

(١) إبصار العين: ١٨٢ - ١٨٣.

(٢) وسيلة الدارين: ١٤٥ - ١٤٦، رقم ٥٦.

(٣) البحار، ١٠١: ٢٧٣.

١٨٨

الفصل الثالث

كربلاء يوم العاشر من المحرّم سنة ٦١ هـ ق

١٨٩

١٩٠

الفصل الثالث

استطلاعٌ ميداني

أنصارُ الإمام الحسينعليه‌السلام

قبل الحديث حول أنصار الإمام الحسينعليه‌السلام في: عددهم، وأسمائهم، وأنسابهم وكلّ ما يتعلق بهم، لابدّ من الحديث - ولو على نحو الإشارة - في علوّ منزلتهم، وسموّ مقامهم، وخصوصية تلك المنزلة وذلك المقام.

وحيث يعجز البيان، وتقصر قدرة العارف البليغ عن بلوغ الغاية في وصف هذه النخبة المصطفاة التي اختارها الله تبارك وتعالى لتكون رمز الإنسانية (لنصرة الحقّ)، على مرّ الدهور وإلى قيام الساعة، كان لابدَّ من الرجوع في وصف هؤلاء الأنصار الكرام إلى سادة البيان ومعدن العلم والحكمة، أهل البيتعليهم‌السلام ، إذ هم خير وأقدر مَن يستطيع القيام بمهمّة تعريف البشرية بهذه الكوكبة الفذّة الفريدة من أنصار الحقّ، ولعلّ أوّل وأَولى وصف لهم بلغَ الغاية في تعريفهم هو: ما وصفهم به الإمام الحسينعليه‌السلام نفسه، حين جمعَ أصحابه عند قرب مساء ليلة عاشوراء ليلقي إليهم بإحدى كلماته الخالدة - يقول الإمام زين العابدين عليّ بن الحسينعليه‌السلام في نقله تفاصيل هذه الواقعة -:

(فدنوتُ لأسمع ما يقول لهم، وأنا إذْ ذاك مريض، فسمعتُ أبي يقول لأصحابه:

أُثني على الله أحسن الثناء، وأحمدهُ على السرّاء والضرّاء، اَللهمّ إنّي أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوّة، وعلّمتنا القرآن، وفقّهتنا في الدين، وجعلتَ لنا

١٩١

أسماعاً وأبصاراً وأفئدة، فاجعلنا من الشاكرين .

أمّا بعدُ، إنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبرَّ ولا أوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله عنّي خيراً...) (١) .

وهذا القول على إطلاقه(لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبرَّ ولا أوصل من أهل بيتي) صادر عن الإمام المعصوم الذي وهبه الله علم ما كان وما يكون إلى قيام الساعة(٢) ، فمفاد هذا النصّ الشريف إذاً هو: أنّ أنصار الإمام الحسينعليه‌السلام من أهل بيته وصحبه الكرام، على مرتبة من الشرف والسموّ ورفعة المقام بحيث لم يسبقهم إليها سابق، ولا يلحق بهم لاحق.

ويؤكّد هذا المفاد ما ورد عن الإمام الباقرعليه‌السلام فيما رواه عن أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام ، حيث قال:

(خرج عليّ يسير بالنّاس، حتّى إذا كان بكربلاء على ميلَين أو ميل تقدّم بين أيديهم حتّى طاف بمكان يُقال لها المقذفان، فقال: قُتل فيه مئتا نبيّ ومئتا سبط كلّهم شهداء، ومناخ رِكاب ومصارع عشّاق شهداء، لا يسبقهم مَن

____________________

(١) راجع: الإرشاد، ٢: ٩١، وتاريخ الطبري، ٣: ٣١٥، والكامل في التاريخ، ٤: ٥٧.

(٢) روى الكليني (ره) في حديث صحيح: عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن ضريس الكناسي قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول - وعنده أُناس من أصحابه -:(عجبتُ من قوم يتولّونا ويجعلونا أئمّة، ويصفون أنّ طاعتنا مفترضة عليهم كطاعة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمَّ يكسرون حجّتهم ويخصمون أنفسهم بضعف قلوبهم، فينقصونا حقّنا، ويُعيبون ذلك على مَن أعطاه الله برهان حقّ معرفتنا والتسليم لأمرنا، أترونَ أنّ الله تبارك وتعالى افترض طاعة أوليائه على عباده، ثمَّ يُخفي عنهم أخبار السماوات والأرض، ويقطع عنهم موادّ العلم فيما يرد عليهم ممّا فيه قوام دينهم؟...) (الكافي: ١: ٢٦١ - ٢٦٢ حديث رقم ٤ / دار الأضواء - بيروت).

١٩٢

كان قبلهم، ولا يلحقهم مَن بعدهم) (١) .

فشهداء الطفّ إذاً أعلى مقاماً وأشرف رتبة حتّى من شهداء بدر(٢) .

____________________

(١) بحار الأنوار، ٤١: ٢٩٥، باب ١١٤، حديث رقم ١٨.

(٢) وإن كانت بعض الروايات قد ألحقت شهداء بدر بشهداء كربلاء في رتبتهم، كما روى الطبراني بسنده المتّصل إلى شيبان بن مخرم - وكان عثمانيّاً - حيث قال: إنّي لمعَ عليّ (رض) إذ أتى كربلاء فقال: (يُقتل في هذا الموضع شهداء ليس مثلهم شهداء إلاّ شهداء بدر) (المعجم الكبير، ٣: ١١١ رقم ٢٨٢٦).

ويُتحفّظ على هذه الرواية من جهتين - على الأقلّ - الأولى: أنّه يُستبعد من رجل عثمانيّ الميل والهوى مثل شيبان بن مخرم - بما لهذا المصطلح السياسي من دلالة فكرية وعملية آنذاك - أن يشترك مع عليّعليه‌السلام في صِفّين ضدّ معاوية.

والثانية: أنّ في سند هذه الرواية (كما في المصدر): أبو عوانة يرويها عن عطاء بن السائب، وقال عبّاس الدوري في عطاء (وعباس الدوري: هو أبو الفضل عبّاس بن محمّد بن حاتم بن واقد الدوري ثمّ البغدادي، وصفهُ الذهبي بقوله: الإمام الحافظ الثقة الناقد.. أحد الإثبات المصنّفين / راجع: سير أعلام النبلاء: ١٢: ٥٢٢ رقم ١٩٩): عطاء بن السائب اختلط فمَن سمعَ منه قديماً، فهو صحيح، وما سمعَ منه جرير وذووه ليس من صحيح حديث عطاء، وقد سمع أبو عوانة من عطاء في الصحّة وفي الاختلاط جميعاً ولا يحتجّ حديثه).

(وقال عنه ابن عدي: وعطاء اختلط في آخر عمره.. ومَن سمع منه بعد الاختلاط فأحاديثه فيها بعض النُكرة).

(وقال العجلي عنه: فأمّا مَن سمع منه بآخره فهو مضطرب الحديث.. عطاء بآخره كان يتلقّن إذا لقّنوه في الحديث؛ لأنّه كان غير صالح الكتاب.

(وقال أبو حاتم: كان محلّه الصدق قبل أن يختلط، صالح مستقيم، ثمّ بآخرة تغيّر حفظه، وفي حديثه تخاليط كثيرة).

(راجع: تهذيب الكمال، ٢٠: ٨٦ رقم ٣٩٣٤، وسير أعلام النبلاء، ٦: ١١٠ رقم ٣٠، والجرح والتعديل، ٦: ٣٣٠ رقم ١٨٣٩).

١٩٣

ولسمّو منزلتهم كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد حفر لهم قبورهم، فقد ورد في الحديث الشريف الذي رواه شيخ الطائفة بسنده عن غياث بن إبراهيم، عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال:

(أصبَحَت يوماً أمّ سلمة تبكي، فقيل لها: ممّ بكاؤك؟ قالت: لقد قُتل ابني الحسين الليلة (١) ،وذلك أنّني ما رأيتُ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منذ مضى إلاّ الليلة، فرأيته شاحباً كئيباً، فقالت: قلت: ما لي أراك يا رسول الله شاحباً كئيباً؟ قال: ما زلتُ الليلة أحفر القبور للحسين وأصحابه عليه‌السلام ) (٢) .

ومن خصائص شهداء الطفّعليهم‌السلام : أنّهم كُشف لهم الغطاء فرأوا جزاء ثباتهم وشجاعتهم وإصرارهم على التضحية مع ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حيث رأوا منازلهم في الجنّة - وذلك بعد سلسلة الامتحانات التي امتحنهم الإمامعليه‌السلام بها - فكانوا أهلاً لهذا الكشف المبين وأحقَّ به، فقد روي عن جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: قلت له: أخبِرني عن أصحاب الحسينعليه‌السلام وإقدامهم على الموت، فقالعليه‌السلام :

(إنّهم كُشف لهم الغطاء حتّى رأوا منازلهم من الجنّة، فكان الرجل منهم يقدِم على القتل ليبادر إلى حوراء يعانقها وإلى مكانه من الجنّة) (٣) .

____________________

(١) لعلّ مرادها (رض) من قولها: (لقد قُتل ابني الحسين الليلة): هو أنّها عَلمت بمقتلهعليه‌السلام ليلة الرؤيا، وإلاّ فإنَّ الثابت المشهور هو أنّه قُتل يوم العاشر من المحرّم سنة ٦١ هـ. ق بعد الظهر.

(٢) أمالي الطوسي: ٩٠ المجلس الثالث، حديث رقم ٤٩، وأمالي المفيد: ٣١٩ المجلس الثامن والثلاثون، حديث رقم ٦.

(٣) علل الشرايع: ١: ٢٢٩ باب ١٦٣ حديث رقم ١، أمّا الرواية التي رواها الشيخ الصدوق (ره) في كتابه (معاني الأخبار)، في الصفحة ٢٨٨ تحت رقم ٢ في باب (معنى الموت): عن محمّد بن القاسم المفسّر الجرجاني، عن أحمد بن الحسن الحسيني، عن الحسن بن عليّ الناصر، عن أبيه، =

١٩٤

____________________

= عن محمّد بن عليّعليه‌السلام عن أبيه الرضاعليه‌السلام ، عن أبيه موسى بن جعفرعليه‌السلام ، عن أبيه جعفر بن محمّدعليه‌السلام ، عن أبيه محمد بن عليّعليه‌السلام ، عن أبيه علي بن الحسينعليه‌السلام قال:(لمّا اشتدّ الأمر بالحسين بن علي بن أبي طالب عليهما‌السلام نظر إليه مَن كان معه، فإذا هو بخلافهم؛ لأنّهم كلّما اشتدّ الأمر تغيّرت ألوانهم وارتعدت فرائصهم ووجبت قلوبهم، وكان الحسين عليه‌السلام وبعض مَن معه من خصائصهم: تشرق ألوانهم، وتهدأ جوارحهم، وتسكن نفوسهم.

فقال بعضهم لبعض: اُنظروا لا يبالي بالموت، فقال لهم الحسين عليه‌السلام : صبراً بني الكرام، فما الموت إلاّ قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضرّاء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائمة، فأيّكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر؟! وما هو لأعدائكم إلاّ كمَن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب، إنّ أبي حدّثني عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنَّ الدنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر، والموت جسر هؤلاء إلى جنّاتهم، وجسر هؤلاء إلى جحيمهم، ما كَذبتُ ولا كُذبت) .

فهذه الرواية فضلاً عن احتمال ضعفها - (بمحمّد بن القاسم المفسّر الأسترابادي الجرجاني الذي اختلف فيه الرجاليّون، وقد ضعّفه ابن الغضائري، وكذلك العلاّمة، وقال فيه السيّد الخوئي: مجهول الحال، راجع: معجم رجال الحديث: ١٧: ١٥٥: رقم ١١٥٨٦) - فإنّ اضطراب متنها يوحي ابتداءً أنّ بعض أنصار الحسينعليه‌السلام ، كانوا كلّما اشتد الأمر تغيّرت ألوانهم، وارتعدت فرائصهم، ووجبت قلوبهم! وهذا أمر صريح المخالفة لِما أطبقت عليه الروايات الكثيرة وأجمع عليه المؤرّخون، في أنَّ جميع أنصارهعليه‌السلام بلغوا حدّ الإعجاز فرداً فرداً في الثبات والشجاعة والإقدام والشوق إلى لقاء الله ورسوله، والعارف بالسيرة الخاصة لكلّ واحدٍ من هؤلاء الأنصار الأفذاذ، يقطع بعدم صحّة ما يوحي به ظاهر متن هذه الرواية من إساءة لبعض أنصار الحسينعليه‌السلام .

والرواية - على فرض صحّتها - لابدّ من تأويل عباراتها الغامضة مثل:(نظر إليه مَن كان معه)، و(فقال بعضهم لبعض: انظروا لا يبالي بالموت) ، بأنّ هؤلاء كانوا بعض مَن كان في جملة الركب الحسينيّ من خدم وموالٍ، ممّن لم يكن من عزمهم الاشتراك في هذه الحرب؛ ذلك لأنّ الركب الحسيني لم يقتصر من حيث الرجال على أنصار الإمام، بل كان فيه غيرهم أيضاً من الخدم والموالي - أو بعض الأُجرَاء كما توحي به بعض الروايات - ولا يبعد أن يكون في هؤلاء مَن

١٩٥

ولقد أُشير إلى ذلك في زيارة الناحية المقدّسة:(أشهدُ لقد كشفَ الله لكم الغطاء، ومهّد لكم الوطاء، وأجزلَ لكم العطاء..) (١) .

وقد اعترفَ الأعداء أنفسهم بشجاعة وعجيب ثبات أنصار الإمامعليه‌السلام ، فهذا عمرو بن الحجّاج الزبيدي لعنه الله، وهو من قادة الجيش الأمويّ في كربلاء يوم عاشوراء، يخاطب جيش الضلالة قائلاً: (يا حمقى، أتدرون مَن تقاتلون؟ إنّما تقاتلون نقاوة فرسان أهل المصر، وقوماً مستقتلين مستميتين، فلا يبرزنّ لهم منكم أحد...)(٢) .

ويستغيث عروة (عزرة) بن قيس وهو قائد خيل جيش الضلال بأميره عمر بن سعد قائلاً: (أمَا ترى ما تلقى خيلي منذ اليوم من هذه العدّة اليسيرة...)(٣) .

(وقيل لرجل شهد يوم الطفّ مع عمر بن سعد: ويحكَ، أقتلتم ذرّية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟! فقال: عضضتُ بالجندل!(٤) أنّك لو شهدتَ ما شهدنا لفعلتَ ما فعلنا، ثارت علينا عصابة أيديها في مقابض سيوفها، كالأسود الضارية، تُحطم الفرسان يميناً وشمالاً، وتُلقي أنفسها على الموت، لا تقبل الأمان، ولا ترغب في المال،

____________________

= يرهب الحرب إلى هذه الدرجة، ولا يتنافى هذا مع كون خطاب الإمامعليه‌السلام :(صبراً بني الكرام، فما الموت إلاّ قنطرة...) موجّهاً إلى الأنصارعليه‌السلام أنفسهم؛ ذلك لأنّ تشجيع الشجاع وحثّ التقيّ على التقوى لا ينافي تحقق الشجاعة في الشجاع والتقوى في التقي.

(١) البحار: ٤٥: ٧٣.

(٢) أنساب الأشراف: ٣: ٤٠٠ / دار الفكر - بيروت، وراجع، الإرشاد: ٢: ١٠٣، وفي نقل الشيخ القرشي عن أناب الأشراف المخطوط: (فلا يبرزنّ لهم منكم أحدٌ إلاّ قتلوه...). (راجع: حياة الإمام الحسين بن عليعليه‌السلام : ٣: ٢١٠).

(٣) الإرشاد: ٢: ١٠٤.

(٤) الجندل: الحجر الشديد القويّ.

١٩٦

ولا يحول حائل بينها وبين الورود على حياض المنيّة أو الاستيلاء على المِلك، لو كففنا عنها رويداً لأتت على نفوس العسكر بحذافيرها، فما كنّا فاعلين لا أُمَّ لك؟!)(١) .

عددُ أصحاب الإمام الحسينعليه‌السلام يوم الطف

في البدء لابدّ أن نُذكّر بالفرق بين قولنا: أنصار الإمام الحسينعليه‌السلام عامّة، وبين قولنا: أنصار الإمام الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء، وكذلك بين قولنا: (شهداء النهضة الحسينية) وبين قولنا: (شهداء الطفّ)؛ ذلك لأنّ أنصار الإمام الحسينعليه‌السلام عامّة، أوسع مراداً من أنصاره يوم عاشوراء، إذ في عامّة أنصاره مَن قُتل في البصرة أو في الكوفة، أو سُجن في محابس ابن زياد لعنه الله وأباه، وفيهم مَن لم يُدرك نصرة الإمامعليه‌السلام كالطرماح مثلاً.

وكذلك فإنّ (شهداء النهضة الحسينية) أوسع مراداً أيضاً من (شهداء الطفّ)؛ لأنّ في العنوان الأوّل مَن استُشهد في البصرة: كسليمان بن رزين (رض) رسول الإمامعليه‌السلام إلى أشرافها، ومنهم مَن استشهد في الكوفة: كمسلم بن عقيلعليه‌السلام ، وعبد الله بن يقطر (رض)، وقيس بن مسهّر الصيداوي (رض)، وهاني بن عروة (رض)، وغيرهم.

كذلك يحسن التذكير هنا أيضاً: بأنّ (أنصار الإمامعليه‌السلام يوم الطفّ) أوسع مراداً من (شهداء الطفّ)؛ ذلك لأنّ بعضاً من أنصارهعليه‌السلام الذين جاهدوا بين يديه يوم عاشوراء لم يستشهدوا يوم الطفّ: كالحسن المثنى (رض) وغيره.

____________________

(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ٣: ٣٠٧ / دار إحياء التراث العربي - بيروت.

١٩٧

أمّا عدد أنصار الإمام عليه‌السلام يوم الطفّ، فقد اختلف فيه المؤرّخون اختلافاً شديداً، ووقعَ في حساب هذا العدد المبارك خلط بين عدد الأنصار وعدد القتلى منهم؛ ذلك لأنّ بعضاً من المؤرّخين استنتج عدد الأنصار من مجموع عدد الرؤوس الشريفة التي حملتها القبائل إلى ابن زياد مثلاً.

وهنا نعرض بعض هذه الأرقام المتفاوتة مشيرين إلى مصادرها في الحاشية: (٧٠) شخصاً(١) ، (٧٢) شخصاً(٢) ، (٨٢) شخصاً (٣) ، (٨٧) شخصاً(٤) ، (١٠٠) شخص(٥) ، (١٤٥) شخصاً(٦) ، (٥٠٠) فارس و(١٠٠) راجل(٧) ، وورد في بعض المصادر أنّ عددهم كان (٦٠)(٨) ، أو (٦١)(٩) ، غير أنّ أشهر عدد لأنصار الإمامعليه‌السلام يوم الطف هو: اثنان وسبعون.

الهاشميون من أنصار الإمام الحسينعليه‌السلام في كربلاء

اختلفت المصادر التاريخية اختلافاً شديداً في عدد رجال(١٠) بني هاشم الذين

____________________

(١) راجع: مختصر تاريخ دول الإسلام للذهبي: ١: ٣١، وتاريخ الخميس: ٢: ٢٢٧.

(٢) راجع: الإرشاد: ٢: ٩٥، والأخبار الطوال: ٢٥٦، وتاريخ ابن الوردي: ١: ١٦٤، والمنتظم: ٥: ٣٣٨.

(٣) راجع: مناقب آل أبي طالب: ٤: ٩٨، ونور الأبصار: ٢٥٩، ومرآة الجنان: ١: ١٣٣.

(٤) راجع: تاريخ مختصر الدول لابن العنبري: ١١٠.

(٥) راجع: حياة الإمام الحسين بن عليعليه‌السلام : ٣: ١٢٦ عن تهذيب التهذيب (مخطوط): ١: ١٥٦.

(٦) راجع: تذكرة الخواص: ١٤٥، ومثير الأحزان: ٥٤، واللهوف: ٤٣.

(٧) راجع: مروج الذهب: ٣: ٧٠ / دار المعرفة - بيروت.

(٨) راجع: حياة الحيوان للدميري، ١: ٧٣.

(٩) راجع: إثبات الوصيّة: ١٤١.

(١٠) لا يخفى أنّ من بني هاشم مَن قد حضر كربلاء مع الإمامعليه‌السلام وهو في عمر الطفولة: كالإمام =

١٩٨

حضروا كربلاء مع الإمام الحسينعليه‌السلام ، والظاهر أنّ منشأ هذا الاختلاف هو: اختلاف هذه المصادر في عدد مَن قُتل مِن بني هاشم مع الإمام الحسينعليه‌السلام في كربلاء.

بل لقد اختلفت هذه المصادر في عدد الناجين منهم من القتل وفي أسماء بعضهم(١) .

ولذا فمن الصعب الوصول بدقّة تامّة وعلى نحو اليقين إلى عدد مَن حضر من بني هاشم في كربلاء مع الإمام الحسينعليه‌السلام ، لكنّ إضافة عدد الناجين منهم إلى عدد مَن قُتل منهم - عدا الإمامعليه‌السلام - يوصلنا إلى عدد تقريبيّ ظنّيّ لهؤلاء الأنصار

____________________

= محمّد بن عليّ الباقرعليهما‌السلام ، وعبد الله بن الحسينعليهما‌السلام (الرضيع)، وغيرهما، ولذا تحرّزنا بكلمة (رجال) في حساب عدد الأنصار من بني هاشم.

(١) روى الفضيل بن الزبير الكوفي الأسدي (وهو من أصحاب الإمامين الباقر والصادقعليهما‌السلام )، في كتابه (تسمية مَن قُتل مع الحسينعليه‌السلام ) أنّ الناجين كانوا ثلاثة وهم: الإمام زين العابدينعليه‌السلام ، والحسن المثنّىعليه‌السلام ، ومحمّد بن عمرو بن الحسنعليه‌السلام وكان غلاماً مراهقاً. (راجع: كتاب تسمية مَن قُتل مع الحسينعليه‌السلام ، المطبوع في مجلّة تراثنا، العدد الثاني، السنة الأولى - خريف سنة ١٤٠٦ هـ. ق / مؤسسة آل البيتعليهم‌السلام - قم).

وروى ابن سعد في طبقاته: أنّه لم يفلت من أهل بيت الحسين بن عليّ الذين معه إلاّ خمسة نفر: علي بن حسين الأصغر، وهو أبو بقيّة ولد الحسين بن على اليوم، وكان مريضاً فكان مع النساء، وحسن بن حسن بن علي، وله بقية، وعمرو بن حسن بن عليّ، ولا بقيّة له، والقاسم بن عبد الله بن جعفر، ومحمّد بن عقيل الأصغر..) (راجع: ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام ومقتله من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبير لابن سعد، تحقيق السيد عبد العزيز الطباطبائي / مؤسسة آل البيتعليهم‌السلام / ص٧٧ - ٧٨ - وراجع: سير أعلام النبلاء للذهبي ٣: ٣٠٣ نقلاً عن طبقا ابن سعد / مؤسسة الرسالة).

وذكر ذلك أيضاً الشيخ باقر شريف القرشي، لكنّه ذكر (عمر بن الحسن) بدل (عمرو بن الحسن)، وأضافَ إليهم سادساً وهو (زيد بن الحسن)، ونسبَ ذلك إلى مقاتل الطالبيين ص١١٩. (راجع: حياة الإمام الحسين بن عليعليهم‌السلام ٣: ٣١٣ - ٣١٤).

١٩٩

الهاشميينعليهم‌السلام ، يختلف باختلاف عدد الناجين الذي يكون الحساب على أساسه، ويتفاوت أيضاً بتفاوت عدد القتلى المعتمد والمضاف إليه.

إنّ أقلّ عدد لشهداء الطفّ من الأنصار الهاشميين ذكرته المصادر التاريخية هو:أحد عشر (١) ، اللّهمّ إلاّ ما ذكرهُ ابن أبي حاتم في كتابه(السيرة النبوية) أنّ شهداء بني هاشم كانوا تسعة أشخاص(٢) .

وإنّ أشهر عدد لِمن قُتل منهم هو سبعة عشر(٣) ، وإنّ أكبر الأعداد المذكورة

____________________

(١) راجع: تاريخ الإسلام للذهبي، حوادث سنة ٦١، ص٢١، ومرآة الزمان لليافعي، ١: ١٣١.

(٢) السيرة النبوية: ٥٥٨.

(٣) بل لعلّه الأصحّ، فقد وردت في ذلك روايات عن أهل البيتعليهم‌السلام ، منها ما ورد عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال:(... ذاك دم يَطلب الله به ما أُصيب من وِلد فاطمة، ولا يصابون بمثل الحسين، ولقد قُتل في سبعة عشر من أهل بيته، نصحوا لله وصبروا في جنب الله فجزاهم الله أحسن جزاء الصابرين..) (بشارة المصطفى: ٤٢٦، رقم ٢).

وراجع بصدد العدد سبعة عشر: الإرشاد: ٢٧٩، المطبعة الحيدرية - النجف، والدرّ النظيم: ٣٧٨، والإصابة، ١: ١٧، وتاريخ العلماء ووفياتهم ١: ١٧٢، وتاريخ خليفة: ١٤٦، ومرآة الزمان، ٣: ١١٣، والبداية والنهاية ٨: ١٩١، والمعجم الكبير للطبراني ٣: ١٠٤ رقم ٢٨٠٥، وخطط المقريزي ٢: ٢٨٦ / طبعة دار إحياء العلوم - مصر، وبشارة المصطفى: ٤٢٦، وتهذيب التهذيب ٢: ٣٢٣ / طبعة دار الفكر - بيروت / ١٤١٥ هـ. ق، وانظر: إبصار العين: ٤٩ - ٧٧ و٨٩ - ٩٢ فقد ترجم السماوي (ره) في مجموع هذه الصفحات لسبعة عشر شهيداً من بني هاشم من الأنصار في كربلاء، وانظر: في متن زيارة الناحية المقدّسة فقد ورد فيها السلام على سبعة عشر شهيداً منهمعليهم‌السلام (البحار: ٤٥: ٦٥ - ٦٩).

وهنا ملاحظتان مهمّتان:

١ - أدخَلَت بعض كتب التاريخ وكتب التراجم في جملة أنصارهعليه‌السلام حتّى مَن قُتل من الأطفال: كعبد الله بن الحسين (الرضيع)عليه‌السلام ، ومَن كان غلاماً - لم يُعرف هل بلغ سنَّ التكليف أم لا؟ - =

٢٠٠