مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة الجزء ٤

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة16%

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 477

الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 477 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 260851 / تحميل: 8935
الحجم الحجم الحجم
مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة

مع الركب الحسيني من المدينة الى المدينة الجزء ٤

مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

ونزل الناس، فقال علي( عليه‌السلام ) : أيّها الناس، إنّ هذه أرض ملعونة، قد عُذّبت في الدهر ثلاث مرّات، وفي خبر آخر مرّتين، وهي تتوقّع الثالثة، وهي إحدى المؤتفكات(١) ، وهي أوّل أرض عبد فيها وثن، وأنّه لا يحلّ لنبي ولا لوصي نبي أن يصلّي فيها، فمن أراد أن يصلّي فليصلّ، ثمّ ذكر حديث ردّ الشمس، وأنّ جويرية لم يصلّ في أرض بابل حتى ردّت الشمس فصلّى مع علي( عليه‌السلام ) .

[ ٦٢ ٧٤ ] ٣ - وفي( العلل) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن أحمد بن عبد الله القزويني، عن الحسين بن المختار القلانسي، عن أبي بصير، عن عبد الواحد بن المختار الأنصاري، عن أُم المقدام الثقفيّة قالت: قال لي جويرية بن مسهر: قطعنا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب( عليه‌السلام ) جسر الفرات(٢) في وقت العصر، فقال: إنّ هذه أرض معذّبة، لا ينبغي لنبي ولا وصي نبي أن يصلّي فيها، فمن أراد منكم أن يصلّي(٣) فليصلّ، ثمّ ذكر نحوه.

ورواه الصفّار في( بصائر الدرجات) عن أحمد بن محمّد، مثله (٤) .

وروى الذي قبله عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن عبد الله بن بحر، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن ابن أبي المقدام(٥) ، عن جويرية بن مسهر، مثله.

____________________

(١) الإِفك: أشدّ الكذب وأبلغه، وفي الخبر أيضاً « البصرة إحدىٰ المؤتفكات ».( مجمع البحرين ٥: ٢٥٤ ).

٣ - علل الشرائع: ٣٥٢ / ٤ الباب ٦١.

(٢) في المصدر: الصراة.

(٣) في المصدر زيادة: فيها.

(٤) بصائر الدرجات: ٢٣٩ / ٤، فيه: الصراط بدل الفرات.

(٥) في المصدر: أبي المقدام.

١٨١

[ ٦٢ ٧٥ ] ٤ - محمّد بن الحسن، عن المفيد، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد، عن صالح السكوني، عن محمّد بن أبي عمير قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : أُصلّي على الشاذكونة(١) وقد أصابها الجنابة ؟ قال: لا بأس.

أقول: وقد تقدّم ما يدلّ على باقي الأحكام في القبلة(٢) ، وفي النجاسات(٣) ، ويأتي ما يدلّ على بعضها هنا(٤) ، وفي أحاديث القيام(٥) .

٣٩ - باب جواز الصلاة على كدس الحنطة ونحوه مع التمكّن من أفعال الصلاة على كراهيّة، وحكم علوّ المسجد عن الموقف

[ ٦٢ ٧٦ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن علي الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن عمر بن حنظلة قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : يكون الكدس من الطعام مطيّناً مثل السطح ؟ قال: صلّ عليه.

[ ٦٢ ٧٧ ] ٢ - وبأسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن أحمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن حسين بن عثمان، عن ابن مسكان، عن محمّد بن مضارب، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن

____________________

٤ - التهذيب ١: ٢٧٤ / ٨٠٦، والاستبصار ١: ٣٩٣ / ١٥٠٠.

(١) الشاذَكونة، بفتح الذال: ثياب غلاظ مُضَرَّبَة تعمل باليمن.( القاموس المحيط ٤: ٢٣٩ ).

(٢) تقدم في الباب ١٣ و ١٤ و ١٥ و ١٧ و ١٩ من أبواب القبلة.

(٣) تقدم في الباب ٣٠ من أبواب النجاسات.

(٤) يأتي في الحديث ١ و ٢ من الباب ٤٣ من هذه الأبواب.

(٥) يأتي في الباب ١٤ من أبواب القيام.

الباب ٣٩

فيه حديثان

١ - التهذيب ٢: ٣٠٩ / ١٢٥٣، الاستبصار ١: ٤٠٠ / ١٥٢٨.

٢ - التهذيب ٢: ٣٠٩ / ١٢٥٢، الاستبصار ١: ٤٠٠ / ١٥٢٩.

١٨٢

كدس(١) حنطة مطيّن، أُصلّي فوقه ؟ فقال: لا تصلّ فوقه، قلت: فإنّه مثل السطح مستوٍ ؟ فقال: لا تصلّ عليه.

قال الشيخ: الوجه في هذا الخبر ضرب من الكراهة دون الحظر.

أقول: ويأتي ما يدلّ على بقيّة المقصود في السجود(٢) .

٤٠ - باب جواز الصلاة على الفراش، والقتّ، والتبن، والحنطة، ونحوها، مع تمكّن الجبهة لا مع عدمه، على كراهيّة مع عدم الضروة

[ ٦٢ ٧٨ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن علي بن جعفر، أنّه سأل أخاه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) عن الرجل يكون في السفينة، هل يجوز له أن يضع الحصير على المتاع، أو القت، والتبن، والحنطة، والشعير، وغير ذلك، ثمّ يصلّي عليه ؟ قال: لا بأس.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن أخيه الحسين، عن أبيه علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن الماضي( عليه‌السلام ) ، وذكر مثله(٣) .

[ ٦٢ ٧٩ ] ٢ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإِسناد ): عن عبد الله بن الحسن، عن جدّه علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته

____________________

(١) الكُدس بالضم: الحب المحصود المجموع.( هامش المخطوط) عن القاموس الحيط ٢: ٢٤٥.

(٢) يأتي ما يدل على بقيّة المقصود في الباب ١٠ و ١١ من أبواب السجود.

الباب ٤٠

فيه ٨ أحاديث

١ - الفقيه ١: ٢٩٢ / ١٣٣٠.

(٣) التهذيب ٣: ٢٩٦ / ٨٩٦.

٢ - قرب الاسناد: ٨٦.

١٨٣

عن الرجل هل يجزيه أن يضع الحصير أو البوريا على الفراش وغيره من المتاع ثمّ يصلّي عليه ؟ قال: إن كان يضطرّ إلى ذلك فلا بأس.

[ ٦٢ ٨٠ ] ٣ - وبالإِسناد قال: وسألته عن الرجل هل يجزيه أن يقوم إلى الصلاة على فراشه فيضع على الفراش مروّحة أو عوداً ثم يسجد عليه ؟ قال: إن كان مريضاً فليضع مروحة(١) ، وأمّا العود فلا يصلح.

[ ٦٢ ٨١ ] ٤ - وبالإِسناد قال: وسألته عن الرجل هل يصلح له أن يقوم في الصلاة على القتّ والتبن والشعير وأشباهه ويضع مروّحة ويسجد عليها ؟ قال: لايصلح له إلّا أن يكون مضطراً.

[ ٦٢ ٨٢ ] ٥ - وبالإسناد قال: وسألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلّي على البيدر مطيّن عليه ؟ قال: لا يصلح.

[ ٦٢ ٨٣ ] ٦ - وبالإِسناده قال: وسألته عن الرجل يكون في السفينة، هل يصلح له أن يضع الحصير فوق المتاع أو القتّ أو التبن أو الحنطة أو الشعير وأشباهه ثمّ يصلّي ؟ قال: لا بأس.

[ ٦٢ ٨٤ ] ٧ - أحمد بن أبي عبد الله في( المحاسن ): عن محمّد بن علي، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: سألت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن صاحب لنا يكون على سطحه الحنطة والشعير فيطأون يصلون عليه قال: فغضب وقال: لولا إنّي أرى أنّه من أصحابنا للعنته.

____________________

٣ - قرب الأسناد: ٨٦.

(١) المروحة بالكسر: آلة يتروّح بها يقال تروّحت بالمروحة كأنّه من الطيب لأنّ الريح تلين به، وتطيب بعد أن لم تكن كذلك، والجمع المراوح.( مجمع البحرين ٢: ٣٦٣ ).

٤ - قرب الأسناد: ٨٦.

٥ - قرب الأسناد: ٩٧.

٦ - قرب الأسناد: ٩٨.

٧ - المحاسن: ٥٨٨ / ٨٨، أورده وما بعده في الحديث ٣ من الباب ٧٩ من أبواب آداب المائدة.

١٨٤

[ ٦٢ ٨٥ ] ٨ - وعن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن( أبي عيينة) (١) عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، مثله وزاد فيه: أما يستطيع أن يتّخذ لنفسه مصلّى يصلّي فيه، الحديث.

أقول: هذا محمول على السجود عليه بالجبهة، أو على الكراهيّة، أو على الاستخفاف وقصد الاهانة لما مرّ(٢) .

٤١ - باب كراهة استقبال المصلّي السيف

[ ٦٢ ٨٦ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين في( العلل) عن أبيه، عن سعد، عن محمّد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، عن آبائه، عن أمير المؤمنين( عليهم‌السلام ) قال: لا تخرجوا بالسيوف إلى الحرم، ولا يصلّ أحدكم وبين يديه سيف، فانّ القبلة أمن.

ورواه في( الخصال) باسناده الآتي عن علي( عليه‌السلام ) (٣) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على كراهة استقبال الحديد(٤) .

____________________

٨ - المحاسن: ٥٨٨ / ٨٨.

(١) كذا وفي المصدر: عيينه.

(٢) مَرّ في الحديث ٢ من الباب ٣٩ من هذه الأبواب.

الباب ٤١

فيه حديث واحد

١ - علل الشرائع: ٣٥٣ / ١ الباب ٦٣، أخرجه عن الخصال أيضاً في الحديث ٦ من الباب ٣٠ من هذه الأبواب، وعنهما أيضاً في الحديث ٣ من الباب ٢٥ من أبواب مقدمات الطواف.

(٣) الخصال: ٦١٦ يأتي الأسناد في الفائدة الأولى من الخاتمة برمز( ر ).

(٤) تقدم ما يدل على ذلك في الباب ٥٧ من أبواب لباس المصلّي، وفي الباب ٣٠ من هذه الأبواب، ويأتي ما يدل عليه في الباب ١٣ من أبواب المساجد.

١٨٥

٤٢ - باب استحباب تفريق الصلاة في أماكن متعددة

[ ٦٢ ٨٧ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد الله( عليه‌السلام ) ( الامام إذا انصرف) (١) فلا يصلّي في مقامه ركعتين حتّى ينحرف عن مقامه ذلك.

وبإسناده عن محمّد بن مسعود، عن محمّد بن نصير، عن محمّد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، مثله، إلّا أنّه ترك لفظ ركعتين(٢) .

[ ٦٢ ٨٨ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن الحسين، عن الحكم بن مسكين، عن عبد الله بن علي الزراد قال: سأل أبو كهمس أبا عبد الله( عليه‌السلام ) فقال: يصلّي الرجل نوافله في موضع أو يفرّقها ؟ قال: لا، بل ها هنا وها هنا(٣) فانّها تشهد له يوم القيامة.

ورواه الكليني، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين(٤) .

ورواه الصدوق في( العلل) عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، مثله (٥) .

قال الصدوق: يعني أن بقاع الأرض تشهد له.

____________________

الباب ٤٢

فيه ٩ أحاديث

١ - التهذيب ٢: ٣٢١ / ١٣١٤.

(١) في المصادر الثلاثة: إذا انصرف الامام.

(٢) التهذيب ٢: ٣٨٢ / ١٥٩٥ و ٣: ٢٨٤ / ٨٤٤.

٢ - التهذيب ٢: ٣٣٥ / ١٣٨١.

(٣) في هامش الاصل عن الكافي: يفرقها ها هنا.

(٤) الكافي ٣: ٤٥٥ / ١٨.

(٥) علل الشرائع: ٣٤٣ / ١ الباب ٤٦.

١٨٦

[ ٦٢ ٨٩ ] ٣ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب قال: سمعت أبا الحسن الأوّل(١) ( عليه‌السلام ) يقول: إذا مات المؤمن بكت عليه الملائكة، وبقاع الأرض التي كان يعبد الله عليها، وأبواب السماء التي كان يصعد أعماله فيها، الحديث.

ورواه الحميري في( قرب الإِسناد ): عن أحمد بن محمّد، ومحمّد بن الحسين، عن الحسن بن محبوب(٢) .

ورواه الصدوق في( العلل ): عن محمّد بن الحسن، عن الصفار، عن العباس بن معروف، عن الحسن بن محبوب، مثله(٣) .

[ ٦٢ ٩٠ ] ٤ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن علي بن أبي حمزة قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) ، وذكر مثله.

[ ٦٢ ٩١ ] ٥ - محمّد بن علي بن الحسين قال: قال( عليه‌السلام ) : إذا مات المؤمن بكت عليه بقاع الأرض التي كان يعبد الله عزّ وجلّ فيها، والباب الذي كان يصعد منه عمله وموضع سجوده.

[ ٦٢ ٩٢ ] ٦ - وبإسناده عن الحسن بن محبوب، عن أبي محمّد الوابشي، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: ما من مؤمن يموت في أرض غربة يغيب فيها

____________________

٣ - الكافي ٣: ٢٥٤ / ١٣.

(١) في هامش الاصل: في العلل( موسى) بدل( الاول ).

(٢) قرب الاسناد: ١٢٤.

(٣) علل الشرائع: ٤٦٢ / ٢ الباب ٢٢٢.

٤ - الكافي ١: ٣٠ / ٣، وأورده بتمامه في الحديث ١ و ٢ من الباب ٨٨ من أبواب الدفن.

٥ - الفقيه ١: ٨٤ / ٣٨٤.

٦ - الفقيه ٢: ١٩٦ / ٨٨٩، أخرجه بتمامه عنه وعن ثواب الأعمال والمحاسن في الحديث ٣ من الباب ٢ من أبواب آداب السفر.

١٨٧

بواكيه إلّا بكته بقاع الأرض التي كان يعبد الله عليها(١) ، وبكته أبواب السماء التي كان يصعد فيها عمله، الحديث.

[ ٦٢ ٩٣ ] ٧ - وفي( المجالس ): عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن مرازم بن حكيم، عن الصادق( عليه‌السلام ) - في حديث - أنّه قال: صلّوا من المساجد في بقاع مختلفة فإنّ كلّ بقعة تشهد للمصلّي عليها يوم القيامة.

[ ٦٢ ٩٤ ] ٨ - وقد تقدّم في حديث حمران، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) أنّ علي بن الحسين( عليهما‌السلام ) كان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة كما كان يفعل أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) ، كان له خمسمائة نخلة وكان يصلّي عند كلّ نخلة ركعتين.

[ ٦٢ ٩٥ ] ٩ - محمّد بن الحسن في( المجالس والأخبار) باسناده الآتي (٢) عن أبي ذرّ، عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) في وصيته له: يا أباذر، ما من رجل يجعل جبهته في بقعة من بقاع الأرض إلّا شهدت له بها يوم القيامة، وما من منزل ينزله قوم إلّا وأصبح ذلك المنزل يصلّي عليهم أو يلعنهم، يا أبا ذر، ما من صباح ولا رواح إلّا وبقاع الأرض ينادي بعضها بعضاً يا جارة، هل مرّ بك اليوم ذاكر لله أو عبد وضع جبهته عليك ساجداً لله تعالى ؟ فمن قائلة: لا، ومن قائلة: نعم، فإذا قالت: نعم، اهتزّت وانشرحت وترى أنّ لها الفضل على جارتها.

____________________

(١) في المصدر زيادة: وبكته أثوابه.

٧ - أمالي الصدوق: ٢٩٤ / ٨، تقدم صدره في الحديث ٢ من الباب ١٠ من أبواب الوضوء.

٨ - تقدم في الحديث ٦ من الباب ٣٠ من أبواب أعداد الفرائض.

٩ - أمالي الطوسي ٢: ١٤٧.

(٢) يأتي في الفائدة الثانية من الخاتمة برقم (٤٩).

١٨٨

٤٣ - باب جواز الصلاة في بيت الحجام ولو في غير الضرورة وعلى حصير أو مصلّى يجامع عليه، وكراهة استقبال المرأة المواجهة في الصلاة

[ ٦٢ ٩٦ ] ١ - عبد الله بن جعفر الحميري في( قرب الإِسناد ): عن عبد الله بن الحسن، عن جدّه علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته عن الصلاة في بيت الحجّام(١) من غير ضرورة، قال: لا بأس إذا كان المكان الذي صلّى فيه نظيفاً.

[ ٦٢ ٩٧ ] ٢ - وبالإِسناد قال: وسألته عن الرجل يجامع على الحصير أو المصلّى، هل تصلح الصلاة عليه ؟ قال: إذا لم يصبه شيء فلا بأس، وإن أصابه شيء فاغسله وصلّ.

[ ٦٢ ٩٨ ] ٣ - وبالإِسناد قال: سألته عن الرجل يكون في صلاته، هل يصلح أن تكون امرأة مقبلة بوجهها عليه في القبلة قاعدة أو قائمة ؟ قال: يدرؤها عنه فان لم يفعل لم يقطع ذلك صلاته.

[ ٦٢ ٩٩ ] ٤ - أحمد بن محمّد البرقي في( المحاسن ): عن إدريس بن الحسن، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من تأمّل خلق(٢) امرأة( في الصلاة) (٣) فلا صلاة له.

____________________

الباب ٤٣

فيه ٤ أحاديث

١ - قرب الاسناد: ٩١.

(١) في المصدر: الحمّام.

٢ - قرب الاسناد: ٩١.

٣ - قرب الاسناد: ٩٤.

٤ - المحاسن: ٨٢ / ١٣.

(٢) في المصدر: خلف.

(٣) ليس في المصدر.

١٨٩

أقول: وتقدّم ما يدل على بعض المقصود في أحاديث وضع الساتر قدّام المصلّي وغير ذلك(١) .

٤٤ - باب جواز تقدّم المصلّي عن مكانه مع الحاجة ورجوعه القهقرى وكراهة تأخّره ووجوب الكفّ عن القراءة حال المشي إلّا مع الضرورة

[ ٦٣ ٠٠ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن محمّد بن أحمد، عن العمركي، عن علي بن جعفر قال: سألت موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) عن القيام خلف الإِمام في الصفّ ما حدّه ؟ قال: إقامة(٢) ما استطعت فإذا قعدت فضاق المكان فتقدّم أو تأخّر فلا بأس.

[ ٦٣ ٠١ ] ٢ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي، عن محمّد بن مسلم قال: قلت له: الرجل يتأخّر وهو في الصلاة ؟ قال: لا، قلت: فيتقدّم ؟ قال: نعم، ما شاء(٣) إلى القبلة.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن إسماعيل، مثله(٤) .

[ ٦٣ ٠٢ ] ٣ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني،

____________________

(١) تقدم ما يدل على بعض المقصود في الباب ٤ و ١١ و ١٢ من هذه الأبواب.

الباب ٤٤

فيه ٨ أحاديث

١ - التهذيب ٣: ٢٧٥ / ٧٩٩ ومسائل علي بن جعفر: ١٧٠ / ٢٨٧، أورده أيضاً في الحديث ١ من الباب ٧٠ من أبواب الجماعة.

(٢) في البحار: قم.

٢ - الكافي ٣: ١٨٥ / ٢، وأورده في الحديث ٥ من الباب ٤٦ من أبواب الجماعة.

(٣) في التهذيب: ماشياً.( هامش المخطوط ).

(٤) التهذيب ٣: ٢٧٢ / ٧٨٧.

٣ - الكافي ٣: ٣١٦ / ٢٤، وأورده في الحديث ١ من الباب ٣٤ من أبواب القراءة.

١٩٠

عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) أنه قال في الرجل يصلّي في موضع ثمّ يريد أن يتقدّم، قال: يكفّ عن القراءة في مشيه حتّى يتقدّم إلى المواضع الذي يريد ثمّ يقرأ.

ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم، مثله(١) .

[ ٦٣ ٠٣ ] ٤ - محمّد بن علي بن الحسين قال: رأى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) نخامة في المسجد فمشى إليها بعرجون(٢) من عراجين ابن طاب(٣) فحكّها ثم رجع القهقرى فبنى على صلاته.

[ ٦٣ ٠٤ ] ٥ - قال: وقال الصادق( عليه‌السلام ) : وهذا يفتح من الصلاة أبواباً كثيرة.

[ ٦٣ ٠٥ ] ٦ - محمّد بن إدريس في آخر( السرائر) نقلاً من نوادر أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن علي يعني ابن رئاب، عن الحلبي أنّه سأل أبا عبد الله( عليه‌السلام ) عن الرجل يخطو أمامه في الصلاة خطوة أو خطوتين أو ثلاثا ؟ قال: نعم لا بأس.

____________________

(١) التهذيب ٢: ٢٩٠ / ١١٦٥.

٤ - الفقيه ١: ١٨٠ / ٨٤٩، وأورده في الحديث ١ من الباب ٣٦ من أبواب القواطع.

(٢) العرجون: هو العذق الذي يعوج وتقطع منه الشماريخ فيبقىٰ علىٰ النخل يابساً، قال الأزهري: العرجون:، أصفر عريض شبه الله به الهلال لما عاد دقيقاً فقال سبحانه:( وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ) .( لسان العرب ١٣: ٢٨٤ ).

(٣) قال ابن الأثير: ابن طاب: نوع من أنواع تمر المدينة منسوب الى ابن طاب - رجل من أهلها - يقال: عذق ابن طاب ورطب ابن طاب وتمر ابن طاب.( النهاية ٣: ١٤٩ )، هذا وقد صنف آية الله السيد مهدي القزويني( قده) رسالة « نزهة الالباب في حديث ابن طاب ».

وتم نشر هذه الرسالة في العدد الثاني من نشرة( تراثنا) من السنة الأولىٰ.

٥ - الفقيه ١: ١٨٠ / ٨٥٠، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٣٦ من أبواب القواطع.

٦ - مستطرفات السرائر: ٢٨ / ١٣، وأورده بتمامه في الحديث ١ من الباب ٣٠ من أبواب القواطع.

١٩١

[ ٦٣ ٠٦ ] ٧ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإِسناد ): عن عبد الله بن الحسن، عن جدّه علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) قال: سألته عن رجل يقعد في المسجد ورجليه(١) خارجة منه، أو انتقل(٢) من المسجد وهو في صلاته(٣) ؟ قال: لا بأس.

[ ٦٣ ٠٧ ] ٨ - وعنه، عن علي بن جعفر قال: سألته عن رجل يكون في الصلاة، هل يصلح له أن يقدّم رجلاً ويؤخّر أُخرى من غير مرض ولا علّة ؟ قال: لا بأس.

ورواه علي بن جعفر في كتابه(٤) وكذا الذي قبله وكذا الأوّل.

أقول ويأتي ما يدلّ على ذلك في قواطع الصلاة وفي الجماعة(٥) ، ويأتي ما يدلّ على استثناء الضرورة من عدم جواز القراءة حال المشي في القيام، إن شاء الله(٦) .

____________________

٧ - قرب الاسناد: ٩٥ باختلاف ومسائل علي بن جعفر: ١٥٣ / ٢٠٧.

(١) في نسخة: رجله ‎( هامش المخطوط ).

(٢) في المصدر: أو أسفل.

(٣) في المصدر زيادة: أيصلح له.

٨ - قرب الاسناد: ٩٤.

(٤) مسائل علي بن جعفر: ١٦٤ / ٢٦٢.

(٥) يأتي ما يدل على ذلك في الحديث ٤ من الباب ١٩ من قواطع الصلوة والباب ٤٦ من الجماعة.

(٦) يأتي في الباب ٣٤ من أبواب القراءة.

١٩٢

أبواب احكام المساجد

١ - باب تأكّد استحباب الصلاة في المسجد واتيانه حتّى مساجد العامة

[ ٦٣ ٠٨ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه قال: قلت لأبي عبد الله( عليه‌السلام ) : إنّي لأكره الصلاة في مساجدهم فقال: لا تكره - إلى أن قال: - فأدّ فيها الفريضة والنوافل واقض ما فاتك.

ورواه الكليني كما يأتي(١) .

[ ٦٣ ٠٩ ] ٢ - الحسن بن محمّد الطوسي في أماليه، عن أبيه، عن المفيد، عن ابن قولويه، عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن شريف بن سابق، عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: يا فضل، لا يأتي المسجد من كل قبيلة إلّا وافدها، ومن كلّ أهل بيت إلّا نجيبها، يا فضل، لا يرجع صاحب المسجد بأقلّ من إحدى ثلاث خصال: إما دعاء يدعو به يدخله الله به

____________________

أبواب أحكام المساجد

الباب ١

فيه حديثان

١ - التهذيب ٣: ٢٥٨ / ٧٢٣.

(١) يأتي في ذيل الحديث ١ من الباب ٢١ من هذه الأبواب.

٢ - أمالي الشيخ الطوسي ١: ٤٥ تقدم صدره في الحديث ٧ من الباب ٢ من أبواب الدفن، وفي الحديث ٦ من الباب ١٣ من أبواب مكان المصلي، ويأتي في الحديث ٢ من الباب ١٣٢ من أبواب العشرة.

١٩٣

الجنّة، وإمّا دعاء يدعو به فيصرف الله به عنه بلاء الدنيا، وإمّا أخ يستفيده في الله، الحديث.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك في أحاديث كثيرة جدّاً(١) .

٢ - باب كراهة تأخّر جيران المسجد عنه وصلاتهم الفرائض في غيره لغير علة كالمطر، واستحباب ترك مؤاكلة من لا يحضر المسجد وترك مشاربته ومشاورته ومناكحته ومجاورته

[ ٦٣ ١٠ ] ١ - محمّد بن الحسن قال: قال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : لا صلاة لجار المسجد إلّا في مسجده.

قال: الشيخ: إنّما أراد لا صلاة فاضلة كاملة دون أن يكون المراد رفع جوازها.

[ ٦٣ ١١ ] ٢ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن النضر، عن ابن سنان يعني عبد الله، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: سمعته يقول: إن أُناساً كانوا على عهد رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) أبطأوا عن الصلاة في المسجد، فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : ليوشك قوم يدعون الصلاة في المسجد أن نأمر بحطب فيوضع على أبوابهم فتوقد عليهم نار فتحرق عليهم بيوتهم.

[ ٦٣ ١٢ ] ٣ - وبإسناده عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن علي( عليه‌السلام ) قال: لا صلاة

____________________

(١) يأتي في الأبواب ٢ و ٣ و ٤ و ٥ و ٧ و ٢١ و ٣٣ و ٦٤ من هذه الأبواب، وفي الباب ١ من أبواب العشرة.

الباب ٢

فيه ١٠ أحاديث

١ - التهذيب ١: ٩٢ / ٢٤٤.

٢ - التهذيب ٣: ٢٥ / ٨٧، أورده في الحديث ١٠ من الباب ٢ من أبواب الجماعة.

٣ - التهذيب ٣: ٢٦١ / ٧٣٥.

١٩٤

لمن لم يشهد الصلوات المكتوبات من جيران المسجد إذا كان فارغاً صحيحاً.

[ ٦٣ ١٣ ] ٤ - محمّد بن علي بن الحسين قال: قال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : إذا ابتلّت النعال فالصلاة في الرحال.

[ ٦٣ ١٤ ] ٥ - عبد الله بن جعفر في( قرب الإسناد ): عن السندي بن محمّد، عن أبي البختري، عن جعفر، عن أبيه: أنّ علياً( عليه‌السلام ) كان يقول: ليس لجار المسجد صلاة إذا لم يشهد المكتوبة في المسجد إذا كان فارغاً صحيحاً.

[ ٦٣ ١٥ ] ٦ - أحمد بن محمّد البرقي في( المحاسن ): عن جعفر بن محمد الأشعري، عن ابن القدّاح، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: اشترط رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) على جيران المسجد شهود الصلاة وقال: لينتهينّ أقوام لا يشهدون الصلاة أو لآمرنّ مؤذّناً يؤذّن ثمّ يقيم، ثمّ لآمرنّ رجلاً من أهل بيتي وهو علي بن أبي طالب فليحرقنّ على أقوام بيوتهم بحزم الحطب لأنّهم(١) لا يأتون الصلاة.

ورواه الصدوق في( عقاب الأعمال ): عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن ميمون القداح(٢) .

ورواه في( الأمالي ): عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم، مثله(٣) .

[ ٦٣ ١٦ ] ٧ - محمّد بن الحسن في( المجالس والأخبار) بإسناده الآتي عن رزيق

____________________

٤ - الفقيه ١: ٢٤٦ / ١٠٩٩، أخرجه عنه وعن التهذيب في الحديث ٥ من الباب ٢ من أبواب الجماعة.

٥ - قرب الاسناد: ٦٨.

٦ - المحاسن: ٨٤ / ٢٠.

(١) في هامش الاصل( لانهم) من الامالي.

(٢) عقاب الأعمال: ٢٧٦ / ٢.

(٣) أمالي الصدوق: ٣٩٢ / ١٤.

٧ - أمالي الشيخ الطوسي ٢ / ٣٠٧، ويأتي في الفائدة الثانية من الخاتمة برقم (٥١).

١٩٥

قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: رفع إلى أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) بالكوفة أنّ قوماً ‎ً من جيران المسجد لا يشهدون الصلاة جماعة في المسجد، فقال( عليه‌السلام ) : ليحضرنّ معنا صلاتنا جماعة، أو ليتحوّلنّ عنّا ولا يجاورونا ولا نجاورهم.

[ ٦٣ ١٧ ] ٨ - وعن رزيق، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: شكت المساجد إلى الله تعالى الذين لا يشهدونها من جيرانها، فأوحى الله إليها وعزّتي وجلالي لاقبلت لهم صلاة واحدة، ولا أظهرت لهم في الناس عدالة، ولا نالتهم رحمتي، ولا جاوروني في جنّتي.

[ ٦٣ ١٨ ] ٩ - وعنه، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) أنّ أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) بلغه أنّ قوماً ‎ً لا يحضرون الصلاة في المسجد، فخطب فقال: إنّ قوماً ‎ً لا يحضرون الصلاة معنا في مساجدنا فلا يؤاكلونا ولا يشاربونا ولا يشاورونا ولا يناكحونا ولا يأخذوا من فيئنا شيئاً، أو يحضروا معنا صلاتنا جماعة، وإنّي لأوشك أن آمر لهم بنار تشعل في دورهم فأحرقها عليهم أو ينتهون، قال: فامتنع المسلمون عن مؤاكلتهم ومشاربتهم ومناكحتهم حتى حضروا الجماعة مع المسلمين.

[ ٦٣ ١٩ ] ١٠ - وعن رزيق قال: سمعت أبا عبد الله( عليه‌السلام ) يقول: من صلّى في بيته جماعة رغبة عن المسجد فلا صلاة له ولا لمن صلّى معه إلّا من علّة تمنع من المسجد.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

____________________

٨ - أمالي الشيخ الطوسي ٢: ٣٠٧.

٩ - أمالي الشيخ الطوسي ٢: ٣٠٨.

١٠ - أمالي الشيخ الطوسي ٢: ٣٠٧.

(١) تقدم في الباب ١ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الحديث ٥ من الباب ٣٣ من هذه الأبواب، وفي الباب ٢ من أبواب الجماعة.

١٩٦

٣ - باب استحباب الاختلاف إلى المسجد وملازمته وقصده على طهارة والجلوس فيه سيّما لانتظار الصلاة

[ ٦٣ ٢٠ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن سعد الإِسكاف، عن زياد بن عيسى، عن أبي الجارود، عن الأصبغ،عن علي بن أبي طالب( عليه‌السلام ) قال: كان يقول: من اختلف إلى المسجد أصاب إحدى الثمان: أخاً مستفاداً في الله، أو علماً مستطرفاً، أو آية محكمة، أو يسمع(١) كلمة تدلّه على هدى، أو رحمة منتظرة، أو كلمة تردّه عن ردى، أو يترك ذنباً خشية أو حياءً.

ورواه الصدوق مرسلاً، نحوه(٢) .

ورواه في( ثواب الأعمال والخصال) عن أبيه، عن سعد، عن يعقوب بن يزيد (٣) .

وفي( المجالس ): عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن يعقوب بن يزيد، نحوه، إلّا أنّه ترك قوله: عن زياد بن عيسى، عن أبي الجارود(٤) .

ورواه البرقي في( المحاسن ): عن الحسن بن الحسين، عن يزيد بن هارون، عن العلاء بن راشد، عن سعد بن طريف، عن عمير بن المأمون، عن الحسين بن علي، عن جدّه رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ، نحوه(٥) .

____________________

الباب ٣

فيه ٦ أحاديث

١ - التهذيب ٣: ٢٤٨ / ٦٨١، النهاية: ١٠٧.

(١) في هامش الاصل عن نسخة: سمع.

(٢) الفقيه ١: ١٥٣ / ٧١٤.

(٣) ثواب الأعمال: ٤٦، والخصال: ٤٠٩ / ١٠.

(٤) أمالي الصدوق: ٣١٨.

(٥) المحاسن: ٤٨ / ٦٦. وفيه عمير المأمون.

١٩٧

ورواه الحميري في( قرب الإِسناد ): عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر، عن أبيه، عن الحسن بن علي، نحوه(١) .

[ ٦٣ ٢١ ] ٢ - وبإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن ‎ إبرهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه قال: قال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : من كان القرآن حديثه، والمسجد بيته بنى الله له بيتاً في الجنّة.

ورواه الصدوق في( ثواب الأعمال ): عن حمزة بن محمّد العلوي، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه(٢) .

ورواه في( المجالس ): عن جعفر بن علي، عن جدّه الحسن بن علي، عن جدّه عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم السكوني(٣) .

ورواه الشيخ( في النهاية) عن السكوني (٤) ، والذي قبله عن ابن أبي عمير، مثله.

[ ٦٣ ٢٢ ] ٣ - محمّد بن علي بن الحسين قال: روي أنّ الله تبارك وتعالى ليريد عذاب أهل الأرض جميعاً حتّى لا يحاشي منهم أحداً، فإذا نظر إلى الشيب ناقلي أقدامهم إلى الصلوات، والولدان يتعلّمون القرآن (رحمهم‌الله )(٥) فأخّر ذلك عنهم.

وفي( ثواب الأعمال) عن أبيه، عن محمّد بن أحمد بن هشام، عن محمّد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ،

____________________

(١) قرب الاسناد: ٣٣.

٢ - التهذيب ٣: ٢٥٥ / ٧٠٧.

(٢) ثواب الأعمال: ٤٧ / ١.

(٣) أمالي الشيخ الصدوق: ٤٠٥ / ١٦.

(٤) النهاية: ١٠٨.

٣ - الفقيه ١: ١٥٥ / ٧٢٣.

(٥ ‎ ) لفظة الجلالة في نسخة( هامش المخطوط ).

١٩٨

مثله(١) وزاد بعد أحداً: إذا عملوا بالمعاصي واجترحوا السيئات.

[ ٦٣ ٢٣ ] ٤ - وفي( الخصال ): عن الخليل بن أحمد، عن ابن منيع، عن مصعب، عن مالك، عن أبي عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي سعيد الخدري، أو عن أبي هريرة، عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال: سبعة يظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلا ظلّه: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله عزّ وجلّ، ورجل قلبه متعلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه، ورجلان كانا في طاعة الله عزّ وجلّ فاجتمعا على ذلك وتفرّقا، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات حسب وجمال فقال: إنّي أخاف الله، ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما يتصدّق بيمينه.

وعن المظفر بن جعفر العلوي، عن جعفر بن محمّد بن مسعود العياشي، عن أبيه، عن الحسن بن اشكيب، عن محمّد بن علي، عن أبي جميلة، عن أبي بكر الحضرمي، عن سلمة بن كهيل، عن ابن عباس، عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) ، نحوه(٢) .

[ ٦٣ ٢٤ ] ٥ - وفي( المقنع) قال: روي أنّ في التوراة مكتوباً: إنّ بيوتي في الأرض المساجد، فطوبى لمن تطهّر في بيته ثمّ زارني في بيتي، وحقّ على المزور أن يكرم الزائر.

[ ٦٣ ٢٥ ] ٦ - الحسن بن محمّد الديلمي في( الإِرشاد) عن علي( عليه‌السلام ) قال: الجلسة في الجامع خير لي من الجلسة في الجنّة، لأنّ الجنّة فيها رضى نفسي والجامع فيه رضى ربّي.

____________________

(١) ثواب الأعمال: ٤٧ / ٣، ٦١ / ١.

٤ - الخصال: ٣٤٢ / ٧ أخرج قطعة منه عن المجمع في الحديث ١١ من الباب ١٣ من أبواب الصدقة.

(٢) الخصال: ٣٤٣ / ٨.

٥ - المقنع: ٢٧.

٦ - ارشاد القلوب: ٢١٨.

١٩٩

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) ، وتقدّم ما يدلّ على استحباب الجلوس في المسجد لانتظار الصلاة في المواقيت(٣) ، وفي إسباغ الوضوء(٤) ، وما يدلّ على استحباب قصد المسجد على طهارة في الوضوء(٥) .

٤ - باب استحباب المشي إلى المساجد

[ ٦٣ ٢٦ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن يعلى بن حمزة، عن الحجّال، عن علي بن الحكم، عن رجل، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) قال: من مشى إلى المسجد لم يضع رجلاً على رطب ولا يابس إلّا سبّحت له الأرض إلى الأرضين السابعة.

محمّد بن علي بن الحسين قال: قال الصادق( عليه‌السلام ) ، وذكر الحديث(٦) .

وفي( ثواب الأعمال ): عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن يعلى بن حمزة، عن الحجّال، عن علي بن الحكم، عن محمّد بن مروان، عن أبي عبد الله( عليه‌السلام ) ، مثله(٧) .

[ ٦٣ ٢٧ ] ٢ - وعن أبيه، عن سعد، عن أيوب بن نوح، عن الربيع بن

____________________

(١) تقدم في الباب ١ و ٢ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الباب ٤ و ٣٩ و ٦٨ من هذه الأبواب.

(٣) تقدم في الباب ٢ من أبواب المواقيت.

(٤) تقدم في الأحاديث ١ و ٣ و ٧ من الباب ٥٤ من أبواب الوضوء.

(٥) تقدم في الباب ١٠ من أبواب الوضوء.

الباب ٤

فيه ٣ أحاديث

١ - التهذيب ٣: ٢٥٥ / ٧٠٦.

(٦) الفقيه ١: ١٥٢ / ٧٠٢.

(٧) ثواب الأعمال: ٤٦.

٢ - ثواب الأعمال: ٢١٢ / ١.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

خطابُ زهير بن القين (رض)

لم تحدّد المصادر التاريخية الأساسية التي روت خطاب زهير بن القين (رض) قبل بدء القتال موقع هذا الخطاب بدقة، أي هل كان قبل خطاب الإمامعليه‌السلام أم بعده، أم كان في أثنائه، وهل كان قبل خطاب برير (رض) أم بعده؟

يروي الطبري عن كثير بن عبد الله الشعبي أنّه قال: (لمّا زحفنا قِبَل الحسين خرج إلينا زهير بن القين على فرس له ذنب، شاكٍ في السلاح، فقال: يا أهل الكوفة، نذارِ لكم من عذاب الله نذار، إنّ حقّاً على المسلم نصيحة أخيه المسلم، ونحن حتّى الآن إخوة، وعلى دين واحدة وملّة واحدة، ما لم يقع بيننا وبينكم السيف، وأنتم للنصيحة منّا أهلٌ فإذا وقع السيف انقطعت العصمة وكنّا أمّة وأنتم أمّة.

إنّ الله قد ابتلانا وإيّاكم بذريّة نبيّه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ لينظر ما نحن وأنتم عاملون، إنّا ندعوكم إلى نصرهم وخذلان الطاغية عبيد الله بن زياد؛ فإنّكم لا تُدركون منهما إلاّ بسوء عُمُر سلطانهما كلّه! ليُسملان أعينكم ويُقطّعان أيديكم وأرجلكم، ويمثّلان بكم، ويرفعانكم على جذوع النخل، ويقتلان أماثلكم وقُرّاءكم، أمثال: حُجر بن عدي وأصحابه، وهانئ بن عروة وأشباهه.

قال: فسبّوه وأثنوا على عبيد الله بن زياد ودعوا له، وقالوا: والله، لا نبرح حتّى نقتل صاحبك ومَن معه، أو نبعث به وبأصحابه إلى الأمير عبيد الله سِلماً.

فقال لهم: عبادَ الله، إنّ وِلْدَ فاطمة رضوان الله عليها أحقّ بالودّ والنصر من ابن سميّة، فإنْ لم تنصروهم فأُعيذكم بالله أن تقتلوهم، فخلّوا بين هذا الرجل وبين ابن عمّه يزيد بن معاوية، فلعمري إنّ يزيد ليرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين.

قال: فرماه شمر بن ذي الجوشن بسهم وقال: اُسكتْ، أَسكتَ الله نامتك!

٢٦١

أبرمْتنا بكثرة كلامك.

فقال له زهير: يا بن البوّال على عقِبَيه، ما إيّاك أُخاطب إنّما أنت بهيمة، والله ما أظنّك تُحكم من كتاب الله آيتين، فأبشر بالخزي يوم القيامة والعذاب الأليم.

فقال له شمر: إنّ الله قاتلك وصاحبك عن ساعة.

قال: أفبالموت تخوّفني؟ فو الله للَمَوت معه أحبّ إليَّ من الخُلد معكم.

قال: ثمّ أقبلَ على النّاس رافعاً صوته فقال: عبادَ الله، لا يغرّنكم من دينكم هذا الجلَف الجافي وأشباهه، فو الله لا تنال شفاعة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله قوماً أهرقوا دماء ذرّيته وأهل بيته، وقتلوا مَن نصرهم وذبَّ عن حريمهم.

قال: فناداه رجل فقال له: إنّ أبا عبد الله يقول لك:(أقبِل، فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء، لقد نصحت لهؤلاء وأبلغت لو نفع النُصح والإبلاغ) (١) .

الحرّ بن يزيد الرياحي.. والموقف الخالد

قال الشيخ المفيد (ره): (فلمّا رأى الحرّ بن يزيد أنّ القوم قد صمّموا على قتال الحسينعليه‌السلام ، قال لعمر بن سعد:أَيْ عُمر، أمُقاتلٌ أنت هذا الرجل؟!

قال: إي والله، قتالاً أيسره أن تسقط الرؤوس وتطيح الأيدي.

قال:أفما لكم فيما عرضهُ عليكم رضا؟!

____________________

(١) تاريخ الطبري: ٣: ٣٢٠، وانظر: الكامل في التاريخ: ٣: ٢٨٨ باختصار، وكذلك أنساب الأشراف: ٣: ٣٩٧.

٢٦٢

قال عمر: أمَا لو كان الأمرُ إليَّ لفعلتُ! ولكنّ أميرك قد أبى.

فأقبل الحرُّ حتى وقف من الناس موقفاً، ومعه رجل من قومه يُقال له قُرّة بن قيس، فقال: يا قُرّة هل سقيتَ فرسك اليوم؟

قال: لا.

قال: فما تريد أن تسقيه؟

قال قُرّة: فظننتُ والله أنّه يُريد أن يتنحّى فلا يشهد القتال، ويكره أن أراه حين يصنع ذلك، فقلت له: لمْ أسقِه، وأنا منطلق فأسقيه.

فاعتزل ذلك المكان الذي كان فيه، فو الله لو أنّه أطلعني على الذي يُريد لخرجت معه إلى الحسين بن عليّعليه‌السلام (١) .

فأخذ يدنو من الحسين قليلاً قليلاً، فقال له المهاجر بن أوس: ما تريد يا بن يزيد، أتريد أن تحمل؟

فلم يجبه وأخذهُ مثل الأفكل - وهي الرعدة - فقال له المهاجر: إنّ أمرك لمريب، والله، ما رأيتُ منك في موقف قطُّ مثلَ هذا، ولو قيل لي: مَن أشجع أهل الكوفة ما عَدوتك، فما هذا الذي أرى منك؟

____________________

(١) كان الحرّ (رض) يعلم أنّ قرّة بن قيس لعنه الله ليس ممّن يتأسّى بالأحرار لنصرة الحق وأهله، بل هو من المشلولين نفسيّاً الذين يكذبون حتّى على أنفسهم، والأقوى أنّ الحرّ (رض) خشي من قُرَّة - لو أطلعه على نيّته وعزمه - أن يُفشي أمره ويمنعه من تحقيق غايته؛ ولذا كتمَ عليه نيّته وعزمه.

والدليل على كذب قُرّة بن قيس: نفسُ بقائه في جيش ابن سعد حتّى بعد التحاق الحرّ (رض) بالإمامعليه‌السلام ، بل لقد أصرّ قُرّة هذا على مناصرة وحماية أهل الضلال حتّى بعد تزعزع كيانهم، فقد بعثهُ مسعود بن عمرو الأزدي على رأس مئة من الأزد لحماية ابن زياد حتّى القدوم به إلى الشام، بعد أن طرده أهل البصرة منها (راجع: الإمام الحسينعليه‌السلام في مكّة المكرّمة: ٣٤).

٢٦٣

فقال له الحرّ:إنّي والله أُخيِّر نفسي بين الجنّة والنار، فو الله لا أختار على الجنّة شيئاً ولو قُطِّعتُ وحُرّقت.

ثمّ ضربَ فرسه فلَحِق بالحسينعليه‌السلام فقال له: جُعلت فداك يا بن رسول الله، أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع، وسايرتك في الطريق، وجعجعتُ بك في هذا المكان، وما ظننتُ أنّ القوم يردّون عليك ما عرضتهُ عليهم، ولا يبلغون منك هذه المنزلة، والله، لو علمتُ أنّهم ينتهون بك إلى ما أرى ما ركبت منك الذي ركبت، وإنّي تائب إلى الله ممّا صنعتُ، فترى لي من ذلك توبة؟(١)

فقال له الحسينعليه‌السلام :(نعم، يتوب الله عليك، فانزِل (٢) .

قال: أنا لك فارساً خير منّي راجلاً، أُقاتلهم على فرَسي ساعة، وإلى النزول ما يصير آخر أمري.

فقال له الحسينعليه‌السلام :فاصنع يرحمك الله ما بدا لك).

فاستقدمَ أمام الحسينعليه‌السلام (٣) ثمّ قال:

____________________

(١) في تاريخ الطبري: ٣: ٣٢٠: (... والله الذي لا إله إلاّ هو، ما ظننتُ أنّ القوم يردّون عليك ما عرضت عليهم أبداً، ولا يبلغون منك هذه المنزلة، فقلت في نفسي: لا أبالي أن أطيع القوم في بعض أمرهم ولا يرون أنّي خرجت من طاعتهم، وأمّا هم فسيقبلون من حسين هذه الخصال التي يعرض عليهم، ووالله لو ظننتُ أنّهم لا يقبلونها منك ما ركبتها منك، وإنّي قد جئتك تائباً ممّا كان منّي إلى ربّي، ومواسياً لك بنفسي حتى أموت بين يديك، أفترى ذلك لي توبة؟).

(٢) في تاريخ الطبري: ٣: ٣٢٠:(.. نعم، يتوب الله عليك ويغفر لك، ما اسمك؟ قال: أنا الحرُّ بن يزيد، قال:أنت الحرّ كما سمّتك أُمّك، أنت الحرُّ في الدنيا والآخرة، انزِل...) .

(٣) في المصدر (الإرشاد: ٢: ١٠٠): (فاستقدم أمام الحسينعليه‌السلام ، ثمّ أنشأ رجل من أصحاب الحسينعليه‌السلام يقول:

لنعِم الحرُّ حرُّ بني رياحِ

وحُرٌّ عند مختلف الرماحِ

=

٢٦٤

يا أهل الكوفة، لأُمِّكم الهَبَلُ والعَبَرُ، أدَعوتم هذا العبد الصالح حتّى إذا أتاكم أسلمتموه؟ وزعمتم أنّكم قاتِلوا أنفسكم دونه ثمّ عدوتم عليه لتقتلوه؟! أمسكتم بنفسه، وأخذتم بكظمه، وأحطتم به من كلّ جانب لتمنعوه التوجّه في بلاد الله العريضة(١) ، فصار كالأسير في أيديكم لا يملك لنفسه نفعاً ولا يدفع عنها ضرّاً، وحلأتموه ونساءَه وصبيته وأهله عن ماء الفرات الجاري يشربه اليهود والنصارى والمجوس، وتمرغ فيه خنازير السواد وكلابه! وهاهم قد صرعهم العطش! بئس ما خلفتم محمّداً في ذرّيته، لا سقاكم الله يوم الظمأ الأكبر(٢) .

فحمل عليه رجال يرمونه بالنبْل، فأقبلَ حتّى وقف أمام الحسينعليه‌السلام )(٣) .

هل التحق ثلاثون رجلاً بالإمامعليه‌السلام يوم عاشوراء؟

يقول ابن عبد ربّه الأندلسي: (وكان مع عمر بن سعد ثلاثون رجلاً من أهل الكوفة فقالوا: يعرض عليكم ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاث خصال فلا تقبلون منها شيئاً؟! فتحوّلوا مع الحسين فقاتلوا معه)(٤) .

____________________

=

ونِعمَ الحرُّ إذْ نادى حسينٌ

وجاد بنفسه عند الصباحِ

ولكنّ الطبري لم يورد هذه الأبيات داخل سياق التحاق الحرّ (رض) بالإمامعليه‌السلام ، كما أنّ المشهور أنّ هذه الأبيات قيلت بعد مصرعه (رض).

(١) في تاريخ الطبري: ٣: ٣٢٠: (.. فمنعتموه التوجّه في بلاد الله العريضة حتّى يأمن ويأمن أهل بيته، وأصبح في أيديكم كالأسير..).

(٢) وكذلك في تاريخ الطبري: (.. لا سقاكم الله يوم الظمأ إنّ لم تتوبوا وتنزعوا عمّا أنتم عليه من يومكم هذا في ساعتكم هذه، فحملت عليه رجّالة لهم ترميه بالنبل...).

(٣) الإرشاد: ٢: ٩٩ - ١٠١.

(٤) العقد الفريد: ٥: ١٢٨، وانظر: تهذيب ابن عساكر: ٤: ٣٣٨، والإمامة والسياسة: ٢: ٦، وسير أعلام =

٢٦٥

إشارة:

إنّ المتأمّل في متون المصادر التاريخية(١) - التي ذكرت قضيّة تحوّل والتحاق ثلاثين رجلاً من جيش ابن سعد بالإمامعليه‌السلام - يجد أنّ هذه المتون لا تُشخّص ساعة وزمان التحاقهم بالتحديد، لكنّ ظاهر هذه المتون يوحي بأنّ هذا الالتحاق كان قد حصلَ يوم عاشوراء.

ولذا فإنّ بعض المؤرّخين المتأخرين - أخذاً بهذا الظاهر - ذكرَ قضيّة هذا الالتحاق بعد ذكره التحاق الحرّ (رض) بالإمامعليه‌السلام (٢) ، بل ذهب آخر إلى القول: (ولا شكّ في أنّ موقف الحرّ بن يزيد كان له أعمق الأثر في نفوس الكثيرين من جيش ابن زياد،... ولذلك لم يلبث أن انحاز إلى الحرّ بن يزيد في انتصاره للحسين جماعة من أعيان الكوفة وفرسانها يُقدّر عددهم بثلاثين فارساً)(٣) ، فهذا الكاتب يصرّح بأنّ التحاق هؤلاء الثلاثين كان نتيجة التأثّر بالتحاق الحرّ (رض) بالإمامعليه‌السلام صبيحة عاشوراء.

ولنا هنا ملاحظات في هذا الصدد:

١ - ليس هناك دليل تاريخي يفيد أنّ التحاق هؤلاء الثلاثين (رض) كان بعد التحاق الحرّ (رض) أو كان نتيجة له.

٢ - هناك مصادر تاريخية أخرى تروي أنّ عملية التحوّل والالتحاق

____________________

= النبلاء: ٣: ٣١١، وتاريخ الخميس: ٢: ٢٩٨، وذخائر العقبى: ١٤٩، والمحن، ١٣٣، وانظر: حياة الإمام الحسين بن عليعليهما‌السلام / ٣: ١٩٨ عن تهذيب التهذيب: ١: ١٥٢، وفي ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام ومقتله من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبير لابن سعد تحقيق السيد عبد العزيز الطباطبائي (ره)، ص٦٩ (وأتاهم من الجيش عشرون رجلاً).

(١) التي ذكرناها في الحاشية.

(٢) راجع: حياة الإمام الحسين بن عليّعليهما‌السلام : ٣: ١٩٨.

(٣) سيّد شباب أهل الجنّة: ٢٧٧.

٢٦٦

بالإمامعليه‌السلام من قِبل مجموعة من جيش ابن سعد كانت قد تمّت ليلة العاشر، فهذا السيّد ابن طاووس (ره) يروي قائلاً: (وبات الحسينعليه‌السلام وأصحابه تلك الليلة ولهم دويٌّ كدويّ النحل، ما بين راكع وساجد وقائم وقاعد، فعبَر عليهم في تلك الليلة من عسكر عمر بن سعد اثنان وثلاثون رجلاً..)(١) .

٣ - إنّ هذه الخصال أو الشروط التي تتحدّث مصادر تاريخية أنّ الإمامعليه‌السلام عرضها على ابن سعد ورُدَّت عليه(٢) - على فرض أنّها عُرضت يوم عاشوراء أيضاً - كانت قد عُرضت أيضاً قبل يوم عاشوراء، وبالتحديد بعد إحكام الحصار على معسكر الإمامعليه‌السلام ، أي في اليوم السابع أو الثامن، وقد وردت هذه الخصال المزعومة في رسالة ابن سعد إلى ابن زياد(٣) ، ولا شكّ أنّ أمر هذه الرسالة ومحتواها - على فرض صحّة خبرها - كان قد انتشر في صفوف جيش ابن سعد؛ لأهميتها البالغة.

٤ - تذكر كتب التراجم والتواريخ أسماء مجموعة من الأنصار قد تحوّلوا إلى معسكر الإمامعليه‌السلام في سواد ليلة عاشوراء - بعد ردّ الجيش الأموي ما عرضه الإمامعليه‌السلام - ومن هؤلاء الأنصار (رض) على سبيل المثال لا الحصر: جوين بن مالك بن قيس بن ثعلبة التميمي (رض)، وزهير بن سليم الأزدي (رض)، والنعمان بن عمرو الأزدي الراسبي (رض)، وأخوه الحُلاس (رض)(٤) .

بل تذكر كتب التراجم والتاريخ: أنّ بعض هؤلاء الأنصار (رض) كان قد تحوّل

____________________

(١) اللهوف: ٤١.

(٢) راجع: تاريخ الطبري: ٣: ٣١٢، وقد تمَّ إثبات أنّ هذه الخصال الثلاث أو الشروط المزعومة هي أُكذوبة افتراها عمر بن سعد في رسالته إلى ابن زياد.

(٣) راجع: تاريخ الطبري، ٣: ٣١٢.

(٤) راجع: إبصار العين، ١٩٤ و ١٨٦ و ١٨٧.

٢٦٧

إلى معسكر الإمامعليه‌السلام - بعد ردّ ما عرضهُ الإمامعليه‌السلام - دون أن تُشخّص أنّ هذا التحوّل كان ليلة عاشوراء، ممّا يفيد أنّ هذا الالتحاق ربّما كان قبل ليلة عاشوراء، ومن هؤلاء على سبيل المثال: عمرو بن ضبيعة الضبعي (رض)(١) ، والحارث بن امرئ القيس الكندي (رض)(٢) .

إذاً فالصحيح: أنّ تحوّل والتحاق مجموعة من رجال جيش ابن سعد إلى معسكر الإمامعليه‌السلام قد بدأ ليلة العاشر - أو قبل ذلك على احتمال - ثمّ استمرت عمليّة التحوّل هذه حتى يوم عاشوراء، إلى أن تمّ في يوم عاشوراء عدد الرجال الذين تحوّلوا إلى معسكر الإمام الحسينعليه‌السلام ثلاثين أو يزيدون، وهذا ما ذهب إليه أيضاً المحقّق السماوي (ره) في تلخيصه لمجريات وقائع نهضة الإمامعليه‌السلام ، حيث يقول: (.. فقطعَ - أي عمر بن سعد - المراسلات بينه وبين الحسين، وضيّق عليه ومنع عليه ورود الماء، وطلب منه إحدى الحالتين النزول أو المنازلة، فجعلَ يتسلّل إلى الحسين من أصحاب عمر بن سعد في ظلام الليل الواحد أو الاثنان، حتى بلغوا في اليوم العاشر زهاء ثلاثين ممّن هداهم الله إلى السعادة ووفّقهم إلى الشهادة)(٣) .

____________________

(١) راجع: إبصار العين: ١٩٤، ووسيلة الدارين: ١٧٧ رقم ١١٢.

(٢) راجع: وسيلة الدارين: ١١٦ - ١١٧ رقم ٢٦.

(٣) إبصار العين: ٣٠ - ٣١.

٢٦٨

بدايةُ الحرب - الحملة الأولى

عُمَر بن سعد: اشهدوا أنّي أوّلُ مَن رمى

قال الشيخ المفيد (ره): (ونادى عمر بن سعد: يا ذويد(١) ، أَدْنِ رايتك، فأدناها، ثمّ وضع سهمه في كبد قوسه، ثمّ رمى، وقال: اشهدوا أنّي أوّل مَن رمى، ثمّ ارتمى النّاس وتبارزوا...)(٢) .

وروى الخوارزمي قائلاً: (وزحفَ عمر بن سعد، فنادى غلامه دريداً: قدِّمْ رايتك يا دريد، ثمَّ وضع سهمه في كبد قوسه، ثمّ رمى به وقال: اشهدوا لي عند الأمير أنّي أوّل مَن رمى، فرمى أصحابه كلّهم بأجمعهم في أثره رشقة واحدة، فما بقيَ من أصحاب الحسين أحدٌ إلاّ أصابه من رميتهم سهم)(٣) .

الإمامعليه‌السلام يأذن لأنصاره (رض) بالقتال

وقال السيد ابن طاووس (ره): (فتقدّم عمر بن سعد فرمى نحو عسكر الحسينعليه‌السلام بسهم، وقال: اشهدوا لي عند الأمير أنّي أوّل مَن رمى، وأقبلت السهام من القوم كأنّها القطَْر، فقالعليه‌السلام لأصحابه:(قوموا رحمكم الله إلى الموت الذي لابدّ منه، فإنّ هذه السهام رُسل القوم إليكم) ، فاقتتلوا ساعة من النهار حملة وحملة، حتّى قُتل من أصحاب الحسينعليه‌السلام جماعة.

____________________

(١) مرَّ في نفس كتاب الإرشاد: ٢: ٩٦ أنّ اسم هذا الغلام دريد.

(٢) الإرشاد: ٢: ١٠١، وانظر: تاريخ الطبري: ٣: ٣٢١، والكامل في التاريخ: ٣: ٢٨٩، وإعلام الورى: ٢: ٤٦١، والدرّ النظيم: ٥٥٤، وقال الدينوري في الأخبار الطوال: ٢٥٦: (ونادى عمر بن سعد مولاه زيداً أن قدِّم الراية، فتقدّم بها، وشبّت الحرب).

(٣) مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي، ٢: ١١، وتسلية المجالس: ٢: ٢٧٨.

٢٦٩

قال: فعندها ضرب الحسينعليه‌السلام بيده إلى لحيته، وجعل يقول:

(اشتدّ غضب الله تعالى على اليهود إذ جعلوا له ولداً، واشتدّ غضب الله تعالى على النصارى إذ جعلوه ثالث ثلاثة، واشتدّ غضبه على المجوس إذ عبدوا الشمس والقمر دونه، واشتدّ غضبه على قوم اتّفقت كلمتهم على قتل ابن بنت نبيّهم، أمَا والله، لا أُجيبهم إلى شيء ممّا يريدون حتّى ألقى الله تعالى وأنا مُخضّب بدمي) (١) .

وقال الخوارزمي: (قال أبو مخنف: فلمّا رموهم هذه الرمية قلّ أصحاب الحسينعليه‌السلام ، فبقيَ في هؤلاء القوم الذين يُذكرون في المبارزة، وقد قُتل منهم ما يُنيف على خمسين رجلاً...)(٢) .

النصرُ يرفرف على رأس الحسينعليه‌السلام

روى الشيخ الكليني (ره) عن الإمام الباقرعليه‌السلام قال:(أنزلَ الله تعالى النصر على الحسين عليه‌السلام حتى كان ما بين السماء والأرض، ثمّ خُيِّر: النصر أو لقاء الله، فاختار

____________________

(١) اللهوف: ١٥٨ وفي مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي، ٢: ١١ - ١٢: (.. فعندها ضرب الحسينعليه‌السلام بيده إلى لحيته، فقال:(هذه رُسل القوم - يعني السهام - ثمّ قال:اشتدّ غضب الله على اليهود والنصارى إذ جعلوا له ولداً، واشتدّ غضب الله على المجوس إذ عبدت الشمس والقمر والنار من دونه، واشتدّ غضب الله على قوم اتفقت آراؤهم على قتل ابن بنت نبيّهم، والله، لا أجيبهم إلى شيء ممّا يريدونه أبداً حتّى ألقى الله وأنا مخضّب بدمي، ثمّ صاحعليه‌السلام :أمَا من مغيثٍ يُغيثنا لوجه الله تعالى؟ أمَا من ذابّ يذبّ عن حُرَم رسول الله؟).

(٢) مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي: ٢: ١١، وتسلية المجالس: ٢: ٢٧٨، وانظر: مثير الأحزان: ٥٦، ومقتل الحسينعليه‌السلام للمقرّم: ٢٣٧.

٢٧٠

لقاء الله) (١) .

وينقلها السيّد ابن طاووس (ره) عن معالم الدين للنرسي هكذا: (لمّا التقى الحسينعليه‌السلام وعمر بن سعد لعنه الله وقامت الحرب، أُنزل النصر حتّى رفرف على رأس الحسينعليه‌السلام ، ثمَّ خُيِّر بين النصر على أعدائه وبين لقاء الله تعالى، فاختار لقاء الله تعالى)(٢) .

المبارزةُ التي وقعت قبل الحملة الأولى

عبد الله بن عمير الكلبي (رض)... والموقف البطولي

لمّا أدنى عمر بن سعد رايته ورمى بالسهم معلناً بداية الحرب ارتمى الناس (فلمّا ارتموا خرج يسار مولى زياد بن أبي سفيان، وسالم مولى عبيد الله بن زياد، فقالا: مَن يُبارز؟ ليخرج إلينا بعضكم.

قال: فوثب حبيب بن مظاهر، وبرير بن خضير، فقال لهما الحسين:(اجلسا.

فقام عبد الله بن عمير الكلبي فقال: أبا عبد الله، رحمك الله، ائذن لي فلأَخرج إليهما.

فرأى حسين رجلاً آدم طويلاً، شديد الساعدين، بعيد ما بين المنكبين، فقال حسين:إنّي لأحسبهُ للأقران قتّالاً، اُخرج إنْ شئت) .

____________________

(١) الكافي: ١: ٢٦٠ باب (أنّ الأئمةعليهم‌السلام يعلمون متى يموتون، وأنّه لا يموتون إلاّ باختيار منهم)، حديث رقم ٨.

(٢) اللهوف: وقد مرَّ في الجزء الأوّل (الإمام الحسينعليه‌السلام في المدينة المنوّرة) كيف نفهم أحد أبعاد هذه الرواية في ضوء (منطق الشهيد الفاتح) - فضلاً عن بُعدها العرفاني - فراجع ذلك في مضانّه من الجزء الأوّل: ص١٦٥ - ١٦٦.

٢٧١

قال: فخرج إليهما، فقالا له: مَن أنت؟

فانتسبَ لهما، فقالا: لا نعرفك، ليخرج إلينا زهير بن القين، أو حبيب بن مظاهر، أو برير بن خضير.

ويسار مستنتل أمام سالم، فقال له الكلبي: يا بن الزانية، وبك رغبة عن مبارزة أحد من الناس؟ ويخرج إليك أحد من الناس إلاّ وهو خيرٌ منك؟ ثمّ شدَّ عليه فضربه بسيفه حتى برد، فإنّه لمشتغل به يضربه بسيفه إذ شدَّ عليه سالم، فصاح به أصحابه: قد رهقك العبد، فلم يأبه له حتى غشيه فبدرهُ الضربة، فاتّقاه الكلبي بيده اليسرى، فأطار أصابع كفّه اليسرى، ثمّ مالَ عليه الكلبيّ فضربه حتّى قتله، وأقبلَ الكلبيّ مرتجزاً وهو يقول وقد قتلهما جميعاً:

إنْ تُـنكروني فأنا ابن كلب

حسبي ببيتي في عُلَيْمٍ حسبي

إنّـي امرؤٌ ذو مِرَّةٍ وعصبِ

ولـستُ بالخوّار عند النّكبِ

إنّـي زعـيمٌ لـكِ أُمَّ وهبِ

بالطعن فيه مُقدماً والضربِ

ضرب غُلامٍ مؤمنٍ بالربِّ

فأخذت أمّ وهب امرأته عموداً، ثمَّ أقبلت نحو زوجها تقول له: فداك أبي وأمّي، قاتِل دون الطيبين ذرّية محمّد.

فأقبل إليها يردّها نحو النساء، فأخذت تجاذب ثوبه(١) ، ثمّ قالت: إنّي لن أدعك دون أن أموت معك، فناداها حسينٌ فقال:

(جُزيتم من أهل بيت خيراً، ارجعي رحمك الله إلى النساء فاجلسي معهنّ، فإنّه ليس على النساء قتال) ، فانصرفت إليهنّ)(٢) .

____________________

(١) وإنّ يمينه سدكت على السيف، ويساره مقطوعة أصابعها، فلا يستطيع ردّ امرأته. (راجع: إبصار العين: ١٨٠).

(٢) تاريخ الطبري: ٣: ٣٢٣، وانظر: الإرشاد: ٢: ١٠١.

٢٧٢

بعضُ تفاصيل الحملة الأولى

يظهر من المتون التاريخية أنّ الحملة الأولى كان قد شنّها جيش عمر بن سعد على جيش الإمامعليه‌السلام ، عقيب المبارزة التي قَتل فيها عبد الله بن عمير الكلبي (رض) كُلاًّ من يسار مولى زياد بن أبيه، وسالم مولى عبيد الله بن زياد، يروي الطبري بداية الحملة الأولى فيقول: (وحملَ عمرو بن الحجّاج(١) وهو على ميمنة الناس في الميمنة(٢) ، فلمّا أن دنا من حسين جثوا على الرُكَبِ وأشرعوا الرماح نحوهم، فلم تَقدم خيلهم على الرماح، فذهبت الخيل لترجع، فرشقوهم بالنبل فصرعوا منهم رجالاً وجرحوا منهم آخرين..)(٣) .

وروى الطبري عمّن سمع عمرو بن الحجّاج حين دنا من أصحاب الحسينعليه‌السلام أنّه كان يقول: (يا أهل الكوفة، الزموا طاعتكم وجماعتكم، ولا ترتابوا في قتل مَن مرَقَ من الدين وخالف الإمام!

فقال له الحسين:(يا عمرو بن الحجّاج، أعَليَّ تُحرّض الناس؟ أنحن مَرَقنا

____________________

(١) مرّت بنا ترجمة موجزة لعمرو بن الحجّاج لعنه الله في الجزء الثاني من هذه الدراسة (مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة) في ص٣٤٣ منه، ونضيف إليها هنا ما يتعلّق بنهاية هذا الظالم الآثم: يقول الدينوري:

(وهرب عمرو بن الحجّاج وكان من رؤساء قتلة الحسين يريد البصرة، فخافَ الشماتة، فعدلَ إلى سراف فقال له أهل الماء: ارحل عنّا، فإنّا لا نأمن المختار، فارتحلَ عنهم، فتلاوموا وقالوا: قد أسأنا، فركبت جماعة منهم في طلبه ليردّوه، فلمّا رآهم من بعيد ظنّ أنّهم من أصحاب المختار، فسلكَ الرّمل في مكان يُدعى (البُيَيْضَة) وذلك في حمّارة القيظ، هي فيما بين بلاد كلب وبلاد طي، فقال فيها فقتلهُ ومَن معه العطش). (الأخبار الطوال: ٣٠٣).

(٢) أي في ميمنة جيش عمر بن سعد، والظاهر أنّ الأصل أن تهجم الميمنة على ميسرة الجيش المقابل؛ لأنّها تكون المقابلة لها.

(٣) تاريخ الطبري، ٣: ٣٢٣، وانظر: الإرشاد: ٢: ١٠٢.

٢٧٣

وأنتم ثبتُّم عليه؟ أمَا والله، لتعلمُنَّ لو قد قُبضت أرواحكم ومِتُّمُ على أعمالكم أيّنا مرَق من الدين، ومَن هو أَولى بصَليِ النّار؟!...).

ثمَّ إنَّ عمرو بن الحجّاج حملَ على الحسين في ميمنة عمر بن سعد من نحو الفرات فاضطربوا ساعة، فصُرع مسلم بن عوسجة الأسدي، أوّل أصحاب الحسين، ثمّ انصرف عمرو بن الحجّاج وأصحابه، وارتفعت الغبرة فإذا هم به صريع، فمشى إليه الحسين فإذا به رمق، فقال:(رحمك ربّك يا مسلم بن عوسجة ( فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) ).

ودنا منه حبيب بن مظاهر فقال:عزَّ عليَّ مصرعك يا مسلم، أبشِر بالجنّة.

فقال له مسلم قولاً ضعيفاً:بشّرك الله بخير.

فقال له حبيب: لولا أنّي أعلم في أثرك لاحقٌ بك من ساعتي هذه لأحببتُ أن توصيني بكلّ ما أهمَّك، حتى أحفظك في كلّ ذلك بما أنت أهل له في القرابة والدين.

قال: بل أنا أوصيك بهذا رحمك الله - وأهوى بيده إلى الحسين - أن تموت دونه.

قال: أفعلُ وربّ الكعبة.

قال: فما كان بأسرع من أن مات بأيديهم.

وصاحت جارية له فقالت: يا بن عوسجتاه! يا سيّداه!

فتنادى أصحاب عمرو بن الحجّاج: قتلنا مسلم بن عوسجة!

فقال شبث لبعض مَن حوله مِن أصحابه: ثكلتكم أمّهاتكم، إنّما تقتلون أنفسكم بأيديكم، وتذلّلون أنفسكم لغيركم، تفرحون أن يُقتل مثل مسلم بن

٢٧٤

عوسجة؟! أمَا والذي أسلمتُ له، لرُبَّ موقف له قد رأيته في المسلمين كريم، لقد رأيته يوم سَلق آذربيجان قتلَ ستّة من المشركين قبل أن تتامّ خيول المسلمين، أفيُقتل منكم مثله وتفرحون؟!

قال: وكان الذي قتل مسلم بن عوسجة: مسلم بن عبد الله الضبّابي، وعبد الرحمان بن أبي خُشكارة البجلي...)(١) .

زيارة الناحية المقدّسة تؤيّد أنّ مسلم بن عوسجة (رض) أوّل شهداء الحملة الأولى، أي أوّل شهداء الطفّ رضوان الله تعالى عليهم، فقد ورد فيها السلام على مسلم بن عوسجة هكذا:

(السلام على مسلم بن عوسجة الأسديّ، القائل للحسين وقد أذِن له في الانصراف: أنحن نخلّي عنك؟ وبمَ نعتذر عند الله من أداء حقّك؟ لا والله، حتى أكسِر في صدورهم رمحي هذا، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي، ولا أُفارقك، ولو لم يكن معي سلاح أُقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة، ولم

____________________

(١) تاريخ الطبري: ٣: ٣٢٦، وانظر: الإرشاد: ٢: ١٠٣ - ١٠٤، والمنتظم لابن الجوزي: ٥: ٣٣٩، والبداية والنهاية لابن كثير: ٨: ١٨٢، وجواهر المطالب للباعوني: ٢: ٢٨٦، وأمّا ما ورد في مناقب ابن شهرآشوب: ٤: ١٠١ ((ثمّ برزَ مسلم بن عوسجة مرتجزاً:

إنْ تـسألوا عنّي فإنّي ذو لبد

من فرع قوم في ذرى بني أسد

فـمَن بـغانا حائدٌ عن الرشد

وكـافر بـدين جـبّار صمد

وفي اللهوف: ١٦١: (ثمّ خرجَ مسلم بن عوسجة فبالغَ في قتال الأعداء، وصبر على أهوال البلاء حتى سقط إلى الأرض وبه رمق، فمشى إليه الحسينعليه‌السلام ...).

فلا دلالة فيه على أنَّ مسلماً (رض) قُتل مبارزة بعد الحملة الأولى، بل إنّ (ثُمّ) الموجودة في بعض كتب التواريخ والمقاتل لا تدلّ على ترتيب وقائع الأحداث فعلاً، ولعلّ المتأمّل في سياقات كتاب اللهوف خاصة يرى هذه الحقيقة واضحة.

٢٧٥

أُفارقك حتى أموت معك، وكُنت أوّل مَن شرى نفسه، وأوّل شهيد شهد لله وقضى نحبه، ففزتَ وربّ الكعبة، شكر الله استقدامك ومواساتك إمامك، إذ مشى إليك وأنت صريع فقال: يرحمك الله يا مسلم بن عوسجة، وقرأ: ( فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) ، لعنَ الله المشتركين في قتلك: عبد الله الضبّابي، وعبد الله بن خُشكارةَ البجلي، ومسلم بن عبد الله الضبّابي) (١) .

شمر بن ذي الجوشن.. يواصل الحملة في الميسرة

ونعود إلى رواية الطبري - التي ذكرت مصرع مسلم بن عوسجة (رض) في حملة عمرو بن الحجّاج في ميمنة جيش ابن سعد - فنقرأ فيها أيضاً: (وحملَ شمر بن ذي الجوشن في الميسرة على أهل الميسرة، فثبتوا له فطاعنوه وأصحابه..)(٢) .

ثمّ صارت الحملة من كلّ جانب

وتقول نفس رواية الطبري: (وحُمِلَ على حسين وأصحابه من كلّ جانب)(٣) .

____________________

(١) البحار: ٤٥: ٦٩ - ٧٠.

(٢) و (٣) تاريخ الطبري: ٣: ٣٢٤ - ٣٢٥، وهذا أيضاً ما استفاده المحقّق السماوي (ره) من جملة روايات الطبري في تاريخه، فقد قال في كتابه إبصار العين: ٣٥: (وأمر عمر بن سعد الناس بالحرب، فتقدّم سالم ويسار فوقعت مبارزات، ثمّ صاح الشمر بالناس وعمرو بن الحجّاج بأنّ هؤلاء قوم مستميتون فلا يبارزنّهم أحد، فأحاطوا بهم من كلّ جانب وتعطّفوا عليهم، وحمل الشمر على الميسرة، وعمرو على الميمنة، فثبتوا لهم وجثوا على الرُكب حتى ردّوهم، وبانت القلّة في أصحاب الحسينعليه‌السلام بهذه الحملة التي تسمّى الحملة الأولى، فإنّ الخيل لم يبقَ منها إلاّ =

٢٧٦

فقُتل الشهيد الثاني عبد الله بن عمير الكلبي (رض)

وتتابع رواية الطبري وصف تفاصيل هذه الحملة فتقول: (فقُتِل الكلبيّ وقد قَتَل رجلين بعد الرجلين الأوّلَيْن، وقاتل قتالاً شديداً، فحمل عليه هانئ بن ثُبَبيت الحضرمي، وبُكَير بن حيّ التيمي من تيم الله بن ثعلبة فقتلاه، وكان القتيل الثاني من أصحاب الحسين)(١) .

خيلُ الإمامعليه‌السلام تحمل على الأعداء

تواصل رواية الطبري وصف تفاصيل الحملة الأولى فتقول: (وقاتلهم أصحاب الحسين قتالاً شديداً، وأخذت خيلهم تحمل - وإنّما هم اثنان وثلاثون فارساً - وأخذت لا تحمل على جانب من خيل أهل الكوفة إلاّ كشفتهُ، فلمّا رأى ذلك عزرة بن قيس هو على خيل أهل الكوفة - أنّ خيله تنكشف من كلّ جانب - بعث إلى عمر بن سعد عبد الرحمان بن حصن، فقال: أمَا ترى ما تلقى خيلي مذ اليوم من هذه العدّة اليسيرة؟ ابعث إليهم الرجال والرماة...)(٢) .

____________________

= القليل، وذهب من الرجال ما يناهز الخمسين رجلاً)، وراجع أيضاً كتاب إبصار العين: ١٨١.

(١) تاريخ الطبري: ٣: ٣٢٥.

(٢) تاريخ الطبري: ٣: ٣٢٥، وتذكر نفس هذه الرواية أنّ عمر بن سعد لمّا أراد أن يبعث الرجال والرماة قال لشبث بن ربعي: (ألا تَقدم إليهم؟ فقال: سبحان الله! أتعمد إلى شيخ مصر وأهل مصر عامّة تبعثه في الرماة؟ لم تجد مَن تندب لهذا ويجزي عنك غيري؟!

قال: وما زالوا يرون من شبث الكراهة لقتاله.

وقال أبو زهير العبسي: فأنا سمعته - يعني شبث بن ربعي - في إمارة مصعب يقول: لا يعطي الله أهل هذا المصر خيراً أبداً ولا يسدّدهم لرشد، ألا تعجبون أنّا قاتلنا مع عليّ بن أبي طالب ومع ابنه من بعده آل أبي سفيان خمس سنين، ثمّ عَدَونا على ابنه - وهو خير أهل الأرض - نقاتله =

٢٧٧

مشهدٌ كريم من مشاهد بطولة الحرّ (رض)

روى الطبري، عن أبي مخنف، عن النضر بن صالح العبسي: أنّ الحرّ بن يزيد الرياحي (رض) لمّا لحق بالإمام الحسينعليه‌السلام ، قال رجل من بني تميم من بني شقرة، وهم بنو الحارث بن تميم، يُقال له يزيد بن سفيان: أمَا والله، لو أنّي رأيتُ الحرّ بن يزيد حين خرج لأتبعتهُ السِنان!

... فبينا النّاس يتجاولون ويقتتلون، والحرّ بن يزيد يحمل على القوم مقدماً ويتمثّل قول عنترة:

ما زِلتُ أرميهم بثغرة نحره

ولبانه حتّى تسربل بالدّمِ

.. وإنّ فرسه لمضروب على أُذنيه وحاجبه، وإنّ دماءه لتسيل.. فقال الحصين بن تميم(١) - وكان على شرطة عبيد الله، فبعثه إلى الحسين، وكان مع عمر بن سعد، فولاّه عمر مع الشرطة المجفّفة(٢) - ليزيد بن سفيان: هذا الحرّ بن يزيد الذي كنت تتمنّى، قال: نعم، فخرجَ إليه، فقال له: هل لك يا حرّ بن يزيد في المبارزة؟ قال: نعم، قد شئتُ، فبرز له.

قال (الراوي): فأنا سمعتُ الحصين بن تميم يقول: والله، لبرز له، فكأنّما كانت نفسه في يده، فما لبثَ الحرّ حين خرج إليه أن قتله)(٣) .

____________________

= مع آل معاوية وابن سميّة الزانيّة! ضلال يا لكَ من ضلال).

(١) يُذكر في بعض المصادر باسم (الحصين بن نمير)، راجع مثلاً: الكامل في التاريخ: ٣: ٢٩١.

(٢) أي ولاّه قيادة المجففّة مع قيادته الشرطة، والمجفّفة جماعة من الجيش يحملون دروعاً أو متاريس كبيرة، تقيهم وتقي الرماة معهم نبال ورماح الأعداء.

(٣) تاريخ الطبري: ٣: ٣٢٤.

٢٧٨

مقتلُ مجموعة عمرو بن خالد الصيداوي (رض)

قال الطبري: (فأمّا الصيداوي عمرو بن خالد، وجابر(١) بن الحارث السلماني، وسعد مولى عمرو بن خالد، ومجمّع بن عبد الله العائذي(٢) ، فإنّهم قاتلوا في أوّل القتال، فشدّوا مُقدمين بأسيافهم على الناس، فلمّا وغلو عطفَ عليهم الناس فأخذوا يحوزونهم، وقطعوه من أصحابهم غير بعيد، فحملَ عليهم العبّاس بن عليّ فاستنقذهم، فجاءوا قد جُرّحوا، فلمّا دنا منهم عدوّهم شدّوا بأسيافهم، فقاتلوا في أوّل الأمر حتّى قُتلوا في مكان واحد)(٣) .

رُماة ابن سعد يعقرون خيل الإمامعليه‌السلام

وتواصل رواية الطبري خبر هذه الحملة فتقول: (ودعا عمر بن سعد الحصين بن تميم، فبعث معه المجفّفة(٤) وخمسمئة من المرامية، فأقبلوا حتّى إذا دنَوا من الحسين وأصحابه رشقوهم بالنبل، فلم يلبثوا أن عقروا خيولهم، وصاروا رجًّالة كلّهم)(٥) .

____________________

(١) هو جنادة بن الحرث المذحجي المرادي السلماني الكوفي على ضبط المحقّق السماوي (ره) في إبصار العين: ١٤٤، وكذلك في رجال الشيخ الطوسي: ٩٩ رقم ٩٨٦، وغيرهم، ولعلّ (جابر) من تصحيف النسّاخ.

(٢) وابنه عائذ بن مجمع بن عبد الله، فقد كان معهم أيضاً (راجع: إبصار العين: ١٤٦).

(٣) تاريخ الطبري، ٣: ٣٣٠، وقال المحقّق السماوي (ره): (قال أهل السيَر: وكانوا أربعة نفر، وهم: عمرو بن خالد، وجنادة، ومجمع، وابنه، وواضح مولى الحرث، وسعد مولى عمرو بن خالد، فكأنّما لم يعدّوا المولَيَين واضحاً وسعداً..). (إبصار العين: ١٤٦ - ١٤٧).

(٤) المجفّفة: جماعة (فِرقة) من الجيش يحملون دروعاً ومتاريس كبيرة تقيهم وتقي الرماة منهم نبال ورماح الأعداء.

(٥) تاريخ الطبري: ٣: ٣٢٤.

٢٧٩

ويروي الطبري أيضاً: أنّ أيّوب بن مشرح الخيواني كان يقول: (أنا والله عقرتُ بالحرّ بن يزيد فرَسه، حَشأته سهماً فما لبث أن أرعد الفرس واضطرب وكبَا، فوثبَ عنه الحرّ كأنّه ليث، والسيف في يده وهو يقول:

إن تعقِروا بي فأنا ابن الحُرّ

أشجع من ذي لَبَدٍ هِزَبْرِ

فما رأيتُ أحداً قطُّ يفري فريه)(١) .

اشتدادُ القتال حتّى منتصف النهار

ويروي الطبري أيضاً فيقول: (وقاتلوهم حتى انتصف النهار أشدّ قتالٍ خلَقه الله، وأخذوا لا يقدرون على أن يأتوهم إلاّ من وجه واحد؛ لاجتماع أبنيتهم وتقارب بعضها من بعض، قال: فلمّا رأى ذلك عمر بن سعد أرسل رجالاً يقوّضونها عن أيمَانهم وعن شمائلهم؛ ليحيطوا بهم.

قال: فأخذ الثلاثة والأربعة من أصحاب الحسين يتخلّلون البيوت فيشدّون على الرجل وهو يقوِّض وينتهب، فيقتلونه ويرمونه من قريب ويعقرونه، فأمرَ بها عمر بن سعد عند ذلك فقال: احرقوها بالنّار ولا تدخلوا بيتاً ولا تقوّضوه، فجاءوا بالنار فأخذوا يُحرقون.

فقال حسينٌ:

(دَعوهم فليُحرقوها؛ فإنّهم لو قد حرَقوها لم يستطيعوا أن يجوزوا إليكم منها).

وكان ذلك كذلك وأخذوا لا يقاتلونهم إلاّ من وجه واحد)(٢) .

____________________

(١) نفس المصدر: ٣: ٣٢٤.

(٢) تاريخ الطبري: ٣: ٣٢٥.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477