مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة الجزء ٥

مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة0%

مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 228

مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد جعفر الطبسي
الناشر: سپهر أنديشه
تصنيف: الصفحات: 228
المشاهدات: 115867
تحميل: 6474

توضيحات:

الجزء 5
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 228 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 115867 / تحميل: 6474
الحجم الحجم الحجم
مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة

مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة الجزء 5

مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الأزد، أنّه آثر التأسّي بعبد الله بن عفيفرضي‌الله‌عنه الأزدي، ذي القلب البصير والنفس العزيزة الأبيّة، الذي انتفض بوجه الطاغية ابن زياد صارخاً بكلمة الحقّ، التي صُعق ابن زياد لها ولجرأة صاحبها، فنزل عن المنبر مخذولاً مدحوراً، ودخل قصره حائراً فيما يمكن أن يواجه به هذا الثائر الفرد، الذي كان أمّة في انتفاضته!

ابن زياد يُطالب ابن سعد بكتاب الأمر بقتْل الإمامعليه‌السلام !

قال ابن الأثير الجزري: (ثمّ إنّ ابن زياد قال لعمر بن سعد - بعد عوده من قتل الحسين -: يا عمر، ائتني بالكتاب الذي كتبته إليك في قتل الحسين!

قال: مضيت لأمرك وضاع الكتاب!

قال: لتجئني به.

قال: ضاع!

قال: لتجئني به!

قال: تُرك - والله - يُقرأ على عجائز قريش بالمدينة اعتذاراً إليهنّ!

أما والله، لقد نصحتك في الحسين نصيحة لو نصحتها أبي سعد بن أبي وقّاص، لكنت قد أدّيت حقّه!

فقال عثمان بن زياد أخو عبيد الله: صدق والله، لوددتُ أنّه ليس من بني زياد رجل إلاّ وفي أنفِه خُزامة إلى يوم القيامة، وأنّ الحسين لم يُقتل!

فما أنكر ذلك عبيد الله بن زياد!)(١) .

____________________

(١) الكامل في التاريخ: ٣: ٣٠٣، وانظر: مُثير الأحزان: ١١٠، والمنتظم لابن الجوزي: ٥: ٩٨، والبحار: ٤٥: ١١٠.

١٦١

وخرج عمر بن سعد من مجلس ابن زياد، وهو يتجرّع كأس الندامة ولا يكاد يسيغه، وهو يقول: (ما رجع أحد إلى أهله بشرّ ممّا رجعت به! أطعت الفاجر الظالم ابن زياد، وعصيت الحكم العدل، وقطعت القرابة الشريفة!)(١) .

المختار يتصدّى لابن زياد في المسجد الأعظم!

ينقل الخوارزمي عن محمّد بن إسحاق(٢) صاحب السيرة: (أنّ عبيد الله لما قتل ابن عفيف الأنصاري،(٣) وجاءت الجمعة الثانية، صعد المنبر وبيده عمود من حديد، فخطب الناس وقال في آخر خطبته: الحمد لله الذي أعزّ يزيد وجيشه بالعِزّ والنصر! وأذلَّ الحسين وجيشه بالقتل!

فقام إليه سيّد من سادات الكوفة، وهو المختار بن أبي عبيد، فقال له: كذبت يا عدوّ الله وعدوّ رسوله! بل الحمد لله الذي أعزّ الحسين وجيشه بالجنّة والمغفرة، وأذلّك وأذلّ يزيد وجيشه بالنار والخزي!

فحذفه ابن زياد بعموده الحديد الذي كان في يده فكسر جبينه، وقال للجلاوزة: خذوه! فأخذوه.

____________________

(١) أنساب الأشراف: ٣: ٤١٤ - ٤١٥، وتذكرة الخواص: ٢٣٣.

(٢) هو محمّد بن إسحاق بن محمّد بن عبد الرحمان بن عبد الله بن المسيّب بن أبي السائب بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، القرشيّ المخزوميّ المسيّبي، أبو عبد الله المدني، نزيل بغداد.

قال محمد بن سعد: كان ثقة، ومن الناس مَن تكلّم فيه، وكان خرج من المدينة قديماً فأتى الكوفة والجزيرة والريّ وبغداد، فأقام بها حتى مات في سنة إحدى وخمسين ومئة. (راجع: تهذيب الكمال: ٢٤: ٤٠٠ و ٤٢٦، والطبقات الكبرى: ٧: ٣٢١).

(٣) الظاهر أنّ المراد به هو عبد الله بن عفيف الأزديرضي‌الله‌عنه المتقدّم ذكره.

١٦٢

فقال أهل الكوفة: أيّها الأمير، هذا هو المختار! وقد عرفت حسَبه ونسَبه، وختْنه عمر بن سعد، وختنه الآخر عبد الله بن عمر!

فأوجس في نفسه خيفة، فحبس المختار ولم يتجرّأ على قتله، فكتب المختار إلى عبد الله كتاباً شرح فيه القصّة، فكتب ابن عمر إلى يزيد: أمّا بعد، أفما رضيت بأن قتلت أهل نبيّك حتّى ولّيت على المسلمين مَن يسبُّ أهل بيت نبيِّنا ويقع فيهم على المنبر؟! عبَر عليه ابن عفيف فقتله! ثمّ عبَر عليه المختار فشجّه وقيّده وحبسه!

فإذا أنت قرأت كتابي هذا، فاكتب إلى ابن زياد بإطلاق المختار، وإلاّ فو الله، لأرمينّ عبيد الله بجيش لا طاقة له به، والسلام.

فلما قرأ يزيد الكتاب غضب من ذلك، وكتب إلى ابن زياد: أمّا بعد، فقد ولّيتك العراق ولم أولّك على أن تسبّ آل النبيّ على المنابر وتقع فيهم، فإذا قرأت كتابي هذا فأطلق المختار من حبسك مُكرّماً، وإيّاك أن تعود إلى ما فعلت، وإلاّ فو الذي نفسي بيده، بعثت إليك مَن يأخذ منك الذي فيه عيناك!

فلما ورد الكتاب على ابن زياد أخرج المختار من حبسه، ودعا بمشايخ الكوفة وسلّمه إليهم سالماً، فخرج المختار من الكوفة هارباً نحو الحجاز ...)(١) .

لكنّ المرحوم السيّد المقرّم ينقل عن كتاب (الأعلاق النفيسة) لابن رسته: أنّه (لما أحضر ابن زياد السبايا في مجلسه أمر بإحضار المختار وكان محبوساً عنده من يوم قُتِل مسلم بن عقيل، فلما رأى المختار هيئة مُنكرة زفر زفرة شديدة، وجرى بينه وبين ابن زياد كلام أغلظ فيه المختار، فغضب ابن زياد وأرجعه إلى

____________________

(١) مقتل الحسينعليه‌السلام / للخوارزمي: ٢: ٢٠٥ - ٢٠٦ رقم ٤.

١٦٣

الحبس، ويُقال: ضربه بالسوط على عينه فذهبت!)(١) .

وينقل صاحب كتاب (معالي السبطين) هذه الصورة:

(وفي بعض الكُتب: ثمّ إنّ ابن زياد استخرج المختار من الحبس، وكان محبوساً؛ لأنّه لما قتل مسلماً وهانياً وبعث برأسيهما إلى يزيد، كتب يزيد كتاباً إلى ابن زياد يشكره في ذلك، وكتب أنّه بلغني أنّ حسيناً توجّه إلى العراق، فضع المناظر والمسالح، واقتُلْ واحبِسْ على الظنّة والتُّهمة، فلما وصل الكتاب إلى ابن زياد قَتل مَن قَتل، وحبس جماعة من الشيعة منهم المختار، فبقي في السجن حتى جيء برأس الحسينعليه‌السلام ، ووُضِع بين يديه فغطّاه بمنديل، واستخرج المختار من الحبس، وجعل يستهزئ عليه (كذا)!

فقال المختار: ويلك! أتستهزئ عليّ، وقد قرّب الله فَرَجي؟!

فقال ابن زياد: من أين يأتيك الفَرَج يا مختار؟!

قال: بلغني أنّ سيّدي ومولاي الحسين قد توجّه نحو العراق، فلابدّ أن يكون خلاصي على يده!

قال اللعين: خاب ظنّك ورجاؤك يا مختار! إنّا قتلنا الحسين!

قال: صَهْ! فضَّ الله فاك! ومَن يقدر على قتل سيّدي ومولاي الحسين؟!

قال له: يا مختار، انظر! هذا رأس الحسين!

فرفع المنديل، وإذا بالرأس بين يديه في طشت من الذهب، فلما نظر المختار إلى الرأس الشريف جعل يلطم على رأسه ويُنادي: وا سيّداه! وا مظلوماه!)(٢) .

____________________

(١) مقتل الحسينعليه‌السلام / للمقرّم: ٣٢٩ عن الأعلاق النفيسة لابن رسته: ٢٢٤.

(٢) معالي السبطين: ٢: ٦٥.

١٦٤

إشارة:

يبدو من مجموع روايات حبس المختار (ره) أنّه كان قد حُبس مرّتين:الأُولى: حين حُبس مع ميثم التمّاررضي‌الله‌عنه ، في أوائل أيّام ولاية ابن زياد على الكوفة، ثمّ أُخرِج بشفاعة عبد الله بن عمر له عند يزيد.والثانية: حين حُبِس مع عبد الله بن الحارث بن نوفل، في ختام حركة مسلم بن عقيلعليهما‌السلام في الكوفة (وكان المختار عند خروج مسلم في قرية له تُدعى (خطوانيّة)، فجاء بمواليه يحمل راية خضراء، ويحمل عبد الله بن الحارث راية حمراء، وركز المختار رايته على باب عمرو بن حريث وقال: أردت أن أمنع عمرواً!

ووضح لهما قتل مسلمعليه‌السلام وهانيرضي‌الله‌عنه ، وأُشير عليهما بالدخول تحت راية الأمان عند عمرو بن حريث ففعلا، وشهد لهما ابن حريث باجتنابهما ابن عقيل، فأمر ابن زياد بحبسهما بعد أن شتم المختار واستعرض وجهه بالقضيب فشتر عينه، وبقيا في السجن إلى أن قُتل الحسينعليه‌السلام (١) .

لكنّ السيّد المقرّم (ره) يستفيد من رواية الخوارزمي الماضية، أنّ عبد الله بن عمر كان قد تشفّع في المختار مرَّتين، وأطلقه من الحبس في كلّ منهما، حيث يقول: (وبعد قتل ابن عفيف، كان المختار بن أبي عبيد الثقفي مُطلق السراح بشفاعة عبد الله بن عمر بن الخطاب عند يزيد، فإنّه زوج أُخته صفيّة بنت أبي عبيد الثقفي، ولكنّ ابن زياد أجّله في الكوفة ثلاثاً، ولما خطب ابن زياد بعد قتل ابن عفيف، ونال من أمير المؤمنينعليه‌السلام ثار المختار في وجهه وشتمه وقال: كذبت يا عدوّ الله وعدوّ رسوله! بل الحمد لله الذي أعزّ الحسين وجيشه بالجنّة والمغفرة، وأذلّك وأذلّ يزيد وجيشه بالنار والخزي.

____________________

(١) مقتل الحسينعليه‌السلام / للمقرّم: ١٥٧ - ١٥٨.

١٦٥

فحدفه ابن زياد بعمود حديد، فكسر جبهته وأمر به إلى السجن، ولكنّ النّاس عرّفوه بأنّ عمر بن سعد صهره على أخته، وصهره الآخر عبد الله بن عمر، وذكروا ارتفاع نسَبه فعدل عن قتله، وأبقاه في السجن، ثمّ تشفّع فيه ثانياً عبد الله بن عمر عند يزيد، فكتب إلى عبيد الله بن زياد بإطلاقه ...)(١) .

مقتل ولَدَي مسلم بن عقيلعليهما‌السلام :

روى الشيخ الصدوق (ره) بسند إلى حمران بن أعين (ره)، عن أبي محمّد شيخ لأهل الكوفة، قال: (لما قُتل الحسين بن عليّعليه‌السلام أُسر من عسكره غلامان صغيران، فأُتي بهما عبيد الله بن زياد، فدعا سجّاناً له فقال: خُذْ هذين الغلامين إليك، فمِن طيِّبِ الطعام فلا تُطعهما! ومِن البارد فلا تسقهما، وضيّق عليهما سجنهما!

وكان الغلامان يصومان النهار، فإذا جنّهما الليل أُتيا بقُرصَين من شعير، وكوز من ماء القراح! فلما طال بالغلامين المكْث حتّى صارا في السنة! قال أحدهما لصاحبه: يا أخي، قد طال بنا مكثنا، ويوشك أن تفنى أعمارنا وتبلى أبداننا! فإذا جاء الشيخ فأعلمه مكاننا وتقرّب إليه بمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلّه يوسِّع علينا في طعامنا ويزيدنا في شرابنا!

فلما جنّهما الليل، أقبل الشيخ إليهما بقرصين من شعير وكوز من ماء القراح.

فقال له الغلام الصغير: يا شيخ، أتعرف محمّداً؟!

قال: فكيف لا أعرف محمّداً، وهو نبيي؟!

____________________

(١) مقتل الحسينعليه‌السلام / للمقرّم: ٣٣٠.

١٦٦

قال: أفتعرف جعفر بن أبي طالب؟!

قال: وكيف لا أعرف جعفراً، وقد أنبت الله له جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء؟!

قال: أفتعرف عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ؟!

قال: وكيف لا أعرف عليّاً، وهو ابن عمّ نبيي وأخو نبيّي؟!

قال له: يا شيخ، فنحن من عترة نبيّك محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونحن من وِلْد مسلم بن عقيل بن أبي طالب، بيدك أُسارى، نسألك مِن طيّب الطعام فلا تُطعمنا، ومِن بارد الشراب فلا تسقِنا، وقد ضيّقت علينا سجننا!!

فانكبّ الشيخ على أقدامهما يُقبّلهما ويقول: نفسي لنفسكما الفداء! ووجهي لوجهكما الوقاء! يا عترة نبيّ الله المصطفى! هذا باب السجن بين يديكما مفتوح! فخُذا في أيّ طريق شئتما!

فلما جنّهما الليل أتاهما بقرصين من شعير وكوز من ماء القراح! ووقفهما على الطريق، وقال لهما: سيرا يا حبيبيَّ الليل، واكمنا النهار، حتّى يجعل الله عزّ وجل لكما من أمركما فرجاً ومخرجاً!

ففعل الغلامان ذلك، فلما جنّهما الليل انتهيا إلى عجوز على باب، فقالا لها: يا عجوز، إنّا غلامان صغيران غريبان، حدَثان غير خبيرين بالطريق، وهذا الليل قد جنّنا، أضيفينا سواد ليلتنا هذه، فإذا أصبحنا لزمنا الطريق!

فقالت لهما: فمَن أنتما يا حبيبيّ؟ فقد شممت الروائح كلّها فما شممت رائحة أطيب من رائحتكما!

فقالا لها: يا عجوز، نحن من عترة نبيّك محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، هربنا من سجن عبيد الله بن زياد من القتل!

١٦٧

قالت: يا حبيبيّ، إنّ لي ختْناً قد شهد الواقعة مع عبيد الله بن زياد، أتخوّف أن يُصيبكما هاهنا فيقتلكما!

قالا: سواد ليلتنا هذه، فإذا أصبحنا لزمنا الطريق.

فقالت: سآتيكما بطعام.

ثمّ أتتهما بطعام، فأكلا وشربا، ولما ولِجا الفراش قال الصغير للكبير: يا أخي، إنَّا نرجوا أن نكون قد أمنّا ليلتنا هذه، فتعال حتّى أعانقك وتُعانقني، وأشمّ رائحتك وتشمّ رائحتي، قبل أن يُفرّق الموت بيننا!

ففعل الغلامان ذلك واعتنقا وناما، فلما كان في بعض الليل أقبل ختْن العجوز الفاسق، حتّى قرع الباب خفيفاً، فقالت العجوز: مَن هذا؟

قال: أنا فلان!

قالت: ما الذي أطرقك هذه الساعة، وليس هذا لك بوقت؟!

قال: ويحك! افتحي الباب قبل أن يطير عقلي وتنشقَّ مرارتي في جوفي جهد البلاء الذي قد نزل بي!

قالت: ويحك! ما الذي نزل بك؟!

قال: هرب غلامان صغيران من عسكر عبيد الله بن زياد، فنادى الأمير في معسكره: مَن جاء برأس واحدٍ منهما فله ألف درهم! ومَن جاء برأسيهما فله ألفا درهم! فقد أتعبت وتعبت ولم يصل في يدي شيء!

فقالت العجوز: يا ختني! احذر أن يكون محمّد خصمك في القيامة!

قال: ويحك! إنّ الدنيا مُحرص عليها!

فقالت: وما تصنع بالدنيا وليست معها آخرة؟!

قال: إنّي لأراك تُحامين عنهما، كأنّ عندك من طلب الأمير شيء؟! قومي فإنّ

١٦٨

الأمير يدعوك!

قالت: ما يصنع الأمير بي، وإنّما أنا عجوز في هذه البرّيّة؟!

قال: إنّما لي الطلب! افتحي لي الباب حتى أريح واستريح، فإذا أصبحت فكّرت في أيّ الطريق آخذ في طلبهما.

ففتحت له الباب، وأتته بطعام وشراب، فأكل وشرب، فلما كان في بعض الليل سمع غطيط الغلامين في جوف الليل، فأقبل يهيج كما البعير الهائج، ويخور كما يخور الثور، ويلمس بكفّه جدار البيت حتى وقعت يده على جنب الغلام الصغير!

فقال له: مَن هذا؟

قال: أمّا أنا فصاحب المنزل، فمَن أنتما؟!

فأقبل الصغير يُحرّك الكبير ويقول: قم يا حبيبي، فقد والله وقعنا فيما كنّا نحاذره!

قال لهما: مَن أنتما؟!

قالا له: يا شيخ، إن نحن صدقناك فلنا الأمان؟

قال: نعم!

قالا: أمان الله وأمان رسوله، وذمّة الله وذمّة رسول الله؟

قال: نعم!

قالا: ومحمّد بن عبد الله على ذلك من الشاهدين؟

قال: نعم!

قالا: والله، على ما نقول وكيل وشهيد؟

قال: نعم!

١٦٩

قالا له: يا شيخ، فنحن من عترة نبيّك محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، هربنا من سجن عبيد الله بن زياد من القتل!

فقال لهما: من الموت هربتما، وإلى الموت وقعتما! الحمّد لله الذي أظفرني بكما!

فقام إلى الغلامين فشدّ أكتافهما، فبات الغلامان ليلتهما مُكتَّفَين، فلما انفجر عمود الصبح دعا غلاماً له أسود يُقال له: فليح، فقال: خُذْ هذين الغلامين فانطلق بهما إلى شاطئ الفرات واضرب أعناقهما، وائتني برؤسهما لأنطلق بهما إلى عبيد الله بن زياد وآخذ جائزة ألفي درهم.

فحمل الغلام السيف، فمضى بهما ومشى أمام الغلامين، فما مضى إلاّ غير بعيد حتّى قال أحد الغلامين: يا أسود، ما أشبه سوادك بسواد بلال مؤذّن رسول الله!!

قال: إنّ مولاي قد أمرني بقتلكما، فمَن أنتما؟

قالا له: يا أسود، نحن من عترة نبيّك محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، هربنا من سجن عبيد الله بن زياد من القتل، أضافتنا عجوزكم هذه، ويُريد مولاك قتلنا!

فانكبّ الأسود على أقدامهما يُقبّلهما ويقول: نفسي لنفسكما الفداء، ووجهي لوجهكما الوقاء! يا عترة نبيّ الله المصطفى! والله، لا يكون محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله خصمي في القيامة.

ثمّ عدا فرمى السيف من يديه ناحية، وطرح نفسه في الفرات وعبَر إلى الجانب الآخر، فصاح به مولاه: يا غلام، عصيتني؟!

فقال: يا مولاي، إنّما أطعتك ما دمت لا تعصي الله، فإذا عصيت الله فأنا منك بريء في الدنيا والآخرة!

١٧٠

فدعا ابنه فقال: يا بُني، إنّما أجمع الدنيا حلالها وحرامها لك! والدنيا مُحرص عليها، فخُذ هذين الغلامين إليك، فانطلق بهما إلى شاطئ الفرات فاضرب أعناقهما، وائتني برؤوسهما لأنطلق بهما إلى عبيد الله بن زياد وآخذ جائزة ألفي درهم.

فأخذ الغلام السيف، ومشى أمام الغلامين، فما مضى (فما مضيا) غير بعيد حتّى قال أحد الغلامين: يا شاب، ما أخوفني على شبابك هذا من نار جهنّم!

فقال: يا حبيبيَّ، فمَن أنتما؟

قالا: من عترة نبيّك محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله يُريد والدك قتلنا!

فانكبّ الغلام على أقدامهما يُقبِّلهما ويقول لهما مقالة الأسود، ورمى بالسيف ناحية، وطرح نفسه في الفرات وعبَر! فصاح به أبوه: يا بنيّ، عصيتني؟!

قال: لإن أُطيع الله وأعصيك أحبّ إليّ من أن أعصي الله وأُطيعك.

قال الشيخ: لا يلي قتلكما أحدٌ غيري! وأخذ السيف ومشى أمامها، فلما صار إلى شاطئ الفرات سلّ السيف من جفنه، فلما نظر الغلامان إلى السيف مسلولاً اغرورقت أعينهما، وقالا له: يا شيخ، انطلق بنا إلى السوق واستمتع بأثماننا، ولا ترد أن يكون محمّد خصمك في القيامة غداً!

فقال: لا! ولكن أقتلكما وأذهب برأسيكما إلى عبيد الله بن زياد، وأخذ جائزة ألفين!

فقالا له: يا شيخ، أما تحفظ قرابتنا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟!

فقال: ما لكما من رسول الله قرابة!!

قالا: يا شيخ، فائت بنا إلى عبيد الله بن زياد حتى يحكم فينا بأمره!

قال: ما بي إلى ذلك سبيل، إلاّ التقرُّب إليه بدمكما!

١٧١

قالا له: يا شيخ، أما ترحم صِغَر سِنّنا؟!

قال: ما جعل الله لكما في قلبي من الرحمة شيئاً!

قالا: يا شيخ، إن كان ولابدّ فدعنا نُصلّي ركعات!

قال: فصلّيا ما شئتما إن نفعتكما الصلاة!

فصلّى الغلامان أربع ركعات، ثمّ رفعا طرفيهما إلى السماء فناديا: يا حيّ، يا حكيم، يا أحكم الحاكمين، أحكم بيننا وبينه بالحقّ!

فقام إلى الأكبر فضرب عنقه! وأخذ برأسه ووضعه في المِخلاة! وأقبل الغلام الصغير يتمرّغ في دم أخيه وهو يقول: حتّى ألقى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا مُختضب بدم أخي!

فقال: لا عليك، سوف ألحقك بأخيك!

ثمّ قام إلى الغلام الصغير فضرب عنقه! وأخذ رأسه ووضعه في المِخلاة! ورمى ببَدَنَيهما في الماء وهما يقطران دماً!

ومرّ حتّى أتى بهما عبيد الله بن زياد، وهو قاعد على كرسيّ له، وبيده قضيب خيزران، فوضع الرأسين بين يديه، فلما نظر إليهما قام ثمّ قعد ثلاثاً، ثمّ قال: الويل لك! أين ظفرت بهما!

قال: أضافتهما عجوز لنا!

قال: فما عرفت حقّ الضيافة؟!

قال: لا!

قال: فأيّ شيء قالا لك؟

قال: قالا: يا شيخ، اذهب بنا إلى السوق فبعنا فانتفع بأثماننا، فلا ترد أن يكون محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله خصمك في القيامة!

قال: فأيّ شيء قلت لهما؟!

١٧٢

قال: قلت: لا! ولكن أقتلكما وانطلق برأسيكما إلى عبيد الله بن زياد، وآخذ ألفَي درهم.

قال: فأيّ شيء قالا لك؟

قال: قالا: ائت بنا إلى عبيد الله بن زياد حتّى يحكم فينا بأمره!

قال: فأيّ شيء قلت؟!

قال: قلت: ليس لي إلى ذلك سبيل إلاّ التقرّب إليه بدمكما!

قال: أفلا جئتني بهما حيَّين فكنت أُضاعف لك الجائزة وأجعلها أربعة آلاف درهم؟!

قال: ما رأيت إلى ذلك سبيلاً إلاّ التقرّب إليك بدمهما!

قال: فأيّ شيء قالا لك أيضاً؟

قال: قالا: يا شيخ، احفظ قرابتنا من رسول الله!

قال: فأيّ شيء قلت لهما؟!

قال: قلت: ما لكما من رسول الله قرابة!

قال: ويلك! فأيّ شيء قالا لك أيضاً؟

قال: قالا: يا شيخ! ارحم صغر سنّنا!

قال: فما رحمتهما؟!

قال: قلت: ما جعل الله لكما من الرحمة في قلبي شيئاً!

قال: ويلك! فأيّ شيء قالا لك أيضاً؟

قال: قالا: دعنا نُصلّي ركعات. فقلت: فصلّيا ما شئتما إن نفعتكما الصلاة! فصلّى الغلامان أربع ركعات.

قال: فأيّ شيء قالا في آخر صلاتهما؟

١٧٣

قال: رفعا طرفيهما إلى السماء وقالا: يا حيّ، يا حكيم، يا أحكم الحاكمين، أحكم بيننا وبينه بالحقّ!

قال عبيد الله بن زياد: فإنّ أحكم الحاكمين قد حكم بينكم وبين الفاسق!

قال: فانتدب له رجل من أهل الشام فقال: أنا له!

قال: فانطلِقْ به إلى الموضع الذي قتل فيه الغلامين، فاضرب عنقه، ولا تترك أن يختلط دمه بدمهما، وعجّل برأسه! ففعل الرجل ذلك، وجاء برأسه فنصبه على قناة، فجعل الصبيان يرمونه بالنبْل والحجارة وهم يقولون: هذا قاتل ذرّية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله !)(١) .

____________________

(١) أمالي الشيخ الصدوق: ٧٦ - ٨١، المجلس التاسع عشر، حديث رقم ٢ / وروى الخوارزمي في (مقتل الحسينعليه‌السلام : ٢: ٥٤ - ٥٨ حديث رقم ٢٧) قصّة هذين الغلامينعليهما‌السلام بتفاوت، وبسند متّصل إلى محمّد بن يحيى الذهلي، ولكنّه ذكر أنّ أحد هذين الغلامين اسمه إبراهيم، والآخر اسمه محمّد، وأنّهما ابنان لجعفر الطيّارعليه‌السلام ، وهذا خلاف الحقيقة التاريخية؛ لأنّ جعفر بن أبي طالبعليهما‌السلام كان قد استُشهد في موقعة مؤتة في سنة ثمان من الهجرة، فبين يوم مؤتة وبين سنة مقتل الحسينعليه‌السلام اثنتان وخمسون سنة! نعم، يُحتمل أن يُقال: إنّهما من أحفاد جعفرعليه‌السلام ، لكنّ أحداً - غير ما أورده الخوارزمي - لم يقل بذلك. فالأقوى - وهو المشهور - ما أورده الشيخ الصدوق (ره) من أنّ هذين الغلامينعليهما‌السلام من أولاد مسلم بن عقيلعليهما‌السلام .

وحادثة قتلهما - في ضوء رواية الصدوق (ره) - كانت قد وقعت بعد سنة من اعتقالهما، وقد أوردناها في هذا الفصل؛ لأنّها من جملة ما وقع من أحداث لبقيّة الركب الحسينيّ في الكوفة، في أيّام الطاغية عبيد الله بن زياد لعنه الله.

١٧٤

المقصد الثاني

الفصل الثاني

مع الركب الحسينيّ من الكوفة إلى الشام

١٧٥

١٧٦

الفصل الثاني

« مع الركب الحسينيّ من الكوفة إلى الشام »

مدّة بقاء الركب الحسينيّ في الكوفة:

يُستفاد من بعض النصوص، أنّ بقيّة الركب الحسينيّ لم يَطُل بقاؤهم في الكوفة إلاّ يومين أو يوماً وبعض يوم!، كما في نصّ سبط ابن الجوزي؛ حيث يقول: (ثمّ إنّ ابن زياد حطّ الرؤوس في اليوم الثاني وجهّزها والسبايا إلى الشام، إلى يزيد بن معاوية)(١) ، وهذه المدّة هي أقلّ مدّة ممكنة.

لكنّ نصوصاً أُخرى، تُفيد أنّهم بقوا في الكوفة المدّة التي يستغرقها ذهاب وإياب البريد بين الكوفة ودمشق، كما في نصّ ابن الأثير الجزري؛ حيث يقول: (إنّ آل الحسين لما وصلوا إلى الكوفة حبسهم ابن زياد، وأرسل إلى يزيد بالخبر، فبينما هم في الحبس، إذ سقط عليهم حجر فيه كتاب مربوط، وفيه: إنّ البريد سار بأمركم إلى يزيد، فيصل يوم كذا ويعود يوم كذا، فإن سمعتم التكبير فأيقنوا بالقتل! وإن لم تسمعوا تكبيراً فهو الأمان.

فلما كان قبل قدوم البريد بيومين أو ثلاثة إذا حجَر قد أُلقي، وفيه كتاب يقول: أوصوا واعهدوا فقد قارب وصول البريد)(٢) .

____________________

(١) تذكرة الخواص: ٢٣٤.

(٢) الكامل في التاريخ: ٣: ٢٩٨، وانظر: تاريخ الطبري: ٣: ٣٣٩.

١٧٧

والظاهر أنّ البريد آنذاك كان على نوعين: (بريد الطير)، و(بريد الخَيل)، وبريد الطير أسرع من بريد الخيل، وبريد الخيل أسرع كثيراً من رحلة مسافر أو أكثر يجدّون السير على نفس مسافة البريد؛ ذلك لأنّ الخيل في البريد - وهي من أجود الخيل وأسرعها - تقطع مسافة جزئية من مسافة البريد، ثمّ تسلّم البريد إلى غيرها لتقطع مسافة جزئية أُخرى بعدها، وهكذا حتّى تتمّ مسافة البريد كلّها، فلا تُعاني أفراس البريد ولا فرسانها من تعب ولا نصَب، ويتمّ إيصال البريد بأسرع وقت مُمكن!

فإذا علمنا - في ضوء بعض النصوص(١) - أنّ عميرة الذي أرسله عبد الله بن عمر إلى يزيد، ومعه كتاب يشفع فيه لإطلاق سراح المختار من سجن ابن زياد، توجّه إلى الكوفة من الشام حاملاً كتاب يزيد إلى ابن زياد بإطلاق سراح المختار، وقد قطع المسافة بين الشام والكوفة بأحد عشر يوماً! أمكننا القول: بأنّ (بريد الخيل) يقطع هذه المسافة - بين دمشق والكوفة - في ستّة أيّام مثلاً.

وإذا علمنا - في ضوء نصوص أُخرى(٢) - أنّ هناك طريقاً مستقيماً بين الشام والعراق يمكن أن يقطعه المسافر في العادة خلال مدّة أسبوع، وكان عرب عقيل يسلكون هذا الطريق، كما كان عرب صليب يذهبون من حوران للنجف في نحو ثمانية أيّام، أمكننا أن نقبل بأنّ البريد آنذاك يمكن أن يقطع المسافة بين الكوفة ودمشق في سبعة أيّام أو أقلّ.

وإذا افترضنا أنّ ابن زياد كتب إلى يزيد بخبر انتهاء وقعة الطفّ مباشرة بعد

____________________

(١) مُثير الأحزان: ٧٤.

(٢) راجع: أعيان الشيعة: القسم الأول من الجزء الرابع، وعنه كتاب: التحقيق حول زيارة الأربعين: ١٩٣.

١٧٨

انتهائها، وأنّ البريد تحرّك برسالته إلى يزيد في ليلة الحادي عشر، أو في اليوم الحادي عشر، فإنّه يُمكننا أن نحتمل - على فرض أنّ مدّة البريد أسبوع - أنّ البريد وصل إلى دمشق حوالي اليوم السابع عشر من المحرّم.

وإذا افترضنا أيضاً أنّه تحرّك من دمشق إلى الكوفة بجواب يزيد في نفس اليوم، فإنّ من المحتمل أيضاً أنّه يصلها حوالي اليوم الرابع والعشرين من المحرّم.

وإذا قلنا: إنّ الركب الحسينيّ تحرّك من الكوفة إلى الشام في نفس اليوم الرابع والعشرين من المحرّم، فإنّ مدّة بقائهم في الكوفة - وهي تبدأ من اليوم الثاني عشر - تكون حوالي اثني عشر يوماً على احتمال قويّ، والله العالم.

كيف حُمل بقيّة أهل البيتعليهم‌السلام إلى يزيد؟!

فيما رواه الطبري قوله: (ثمّ إنّ عبيد الله أمر بنساء الحسين وصبيانه فجُهّزن، وأمر بعليّ بن الحسين فغلّ بغلّ إلى عنقه! ثم سرّح بهم مع مُحفز بن ثعلبة العائذي - عائذة قريش - ومع شمر بن ذي الجوشن، فانطلقا بهم حتّى قدموا على يزيد، فلم يكن عليّ بن الحسين يُكلّم أحداً منهما في الطريق كلمة حتّى بلغوا ...)(١) .

وقال السيد ابن طاووس (ره): (وأمّا يزيد بن معاوية، فإنّه لما وصل كتاب ابن زياد ووقف عليه أعاد الجواب إليه، يأمره فيه بحمْل رأس الحسينعليه‌السلام إليه ورؤوس مَن قُتل معه، وبحمْل أثقاله ونسائه وعياله، فاستدعى ابن زياد بمخفر بن ثعلبة العائذي، فسلّم إليه الرؤوس والأُسارى والنساء، فسار بهم مخفر إلى الشام، كما يُسار بسبايا الكفّار، يتصفّح وجوههنّ أهل الأقطار!)(٢) .

____________________

(١) تاريخ الطبري: ٣: ٣٣٨.

(٢) اللهوف: ٢٠٨.

١٧٩

ويقول السيّد ابن طاووس (ره) في كتابه (إقبال الأعمال): (رأيت في كتاب المصابيح، بإسناده إلى جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال:

(قال لي أبي، محمّد بن عليّ: سألت أبي عليّ بن الحسين عن حمْل يزيد له، فقال: حملني على بعير يطلع بغير وطاء! ورأس الحسين عليه‌السلام على علَم! ونسوتنا خلْفي على بِغال أكفّ، والفارطة خلفنا وحولنا بالرماح، إن دمعت من أحدنا عين قُرع رأسه بالرمح! حتى إذا دخلنا دمشق صاح صائح: يا أهل الشام، هؤلاء سبايا أهل البيت الملعون!) (١) .

ويقول ابن الصبّاغ المالكي - في كتابه الفصول المهمّة -: (وقد جعل ابن زياد الغلّ في يديه - أي الإمام السجّادعليه‌السلام - وفي عنقه، ولم يزالوا سايرين بهم على تلك الحالة إلى أن وصلوا الشام)(٢) .

وفيما يرويه لنا الصحابيّ سهل بن سعد(٣) ، عن لقائه بالركب الحسينيّ في

____________________

(١) إقبال الأعمال: ٨٩ / الجزء ٣، وعنه البحار: ٤٥: ١٥٤ باب ٣٩ حديث رقم ٢.

(٢) الفصول المهمّة: ١٩٣.

(٣) قال الذهبي: سهل بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة، الإمام، الفاضل، المعمّر، بقيّة أصحاب رسول الله، أبو العباس الخزرجي، الأنصاري الساعدي.

وكان أبوه من الصحابة الذين توّفوا في حياة النبي. وهو آخر مَن مات بالمدينة من الصحابة. وكان من أبناء المئة. ذكر عدد كبير وفاته في سنة إحدى وتسعين. روى أصحاب الكُتب الستّة. (راجع: سير أعلام النبلاء: ٣: ٤٢٢ رقم ٧٢).

وذكر المزّي في تهذيب الكمال: ١٢: ١٨٩ يقول: (وذكر الواقدي وغيره: أنّ الحجّاج أرسل إلى سهل بن سعد يريد إذلاله في سنة أربع وسبعين، فقال: ما منعك من نصر أمير المؤمنين عثمان؟ قال: قد فعلت. قال: كذبت. ثمّ أمر به فختم في عنقه ختْم!). =

١٨٠