مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة الجزء ٦

مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة0%

مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 460

مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد أمين الأميني
الناشر: سپهر أنديشه
تصنيف: الصفحات: 460
المشاهدات: 208182
تحميل: 6654

توضيحات:

الجزء 6
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 208182 / تحميل: 6654
الحجم الحجم الحجم
مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة

مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة الجزء 6

مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الفصل الثالث

إلى مدينة الرسول

٣٤١

٣٤٢

الفصل الثالث

إلى مدينة الرسول

المدينة قبل وصول خبر مقتل الإمام الحسينعليه‌السلام :

كانت المدينة المنوّرة تترقّب سماع خبر أعظم حادثة وأكبر كارثة وأفضع فاجعة في العالم... كيف لا، وهو خبر قتل مَن قال جدّه سيّد الكائنات في حقّه:( حسين منّي وأنا من حسين ) (١) .

إنّ بعض أقرباء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه كانوا يعلمون بمصير الحسينعليه‌السلام إجمالاً، وذلك عبر ما سمعوه عن صاحب الرسالةصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مباشرةً أو بالواسطة، فإنّهم - وإن فاتهم الفوز العظيم أو قصّروا في سبيل نصرة ابن بنت نبيّهمعليه‌السلام - ولكنّ ذلك لم يمنعهم أن يعيشوا في حالة من الخوف والقلق، وترقُّب الأحداث!

لقد قامت زوجة الرسول الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله أُمّ سلمة - التي حصلت على شرف العلم والمعرفة وأصبحت موضع سرّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله - بدورها العظيم تجاه هذه المأساة، إذ استودعها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله تربة من تراب كربلاء قبل مقتل الحسينعليه‌السلام بسنوات عديدة، ولقد احتفظت بها، وصار احمرارها علامة تحقُّق المأساة، وهي التي روت أحاديث كثيرة في هذا الشأن، كما سترى.

____________________

(١) تهذيب التهذيب ٢/ ٢٩٩ و...

٣٤٣

وروى ابن عبّاس - بدوره - عدّة روايات حول هذا الموضوع، واتّخذ مواقف جيّدة، ولا نريد بذلك توجيه عدم حضوره في كربلاء.

وثَمّة بعض القصائد والأشعار التي ربّما نُسبت إلى الجنّ، وإنّها وإن كانت بموضع من الإمكان بل الوقوع، فإنّ مصيبة قتل الحسينعليه‌السلام شملت الكون بكامله والخلائق بأجمعها، والموجودات كلّها، إلاّ أنّ هناك احتمالاً آخر، وهو صدورها من بعض الناس الموالين لأبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ومحبّي أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو أنّ بعضها كذلك، ولا ضير بأن نجمع حصول كلا الأمرين وتحقّقهما، أي صدور بعضها من الجنّ وبعضها من شيعة الإمام من الإنس.

كما رويت بعض المنامات والرؤى الصادقة، من أمثال أُمّ سلمة وابن عبّاس وغيرهما، تناقلها الناس، وأثّرت في أوساط المجتمع الذي تهيّأ لسماع خبر الفاجعة.

ولا ننسى أنّ الآيات السماوية والأرضية الكثيرة، التي حصلت في مناطق عديدة بعد مقتل الإمام الحسينعليه‌السلام خلقت الجوّ المناسب لذلك.

وإليك - أيّها القارئ الكريم - بعض النصوص التي تُعالج هذا الموضوع، وتُبيّن ما جرى في هذه الفترة من الزمان.

دور أُمِّ سلمة:

* أُمُّ سلمة تعلم بمصير الإمامعليه‌السلام :

فقد روى الطبراني، بإسناده عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ، عن أُمّ سلمة قالت:( قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يُقتَل حسين بن علي (رضي الله عنه) على رأس ستّين من

٣٤٤

مهاجرتي ) (١) .

* أُمُّ سلمة ترى تربة الحسينعليه‌السلام :

روى الطبراني، بإسناده عن عتبة بن عبد الله بن زمعة، عن أُمّ سلمة:

( أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اضطجع ذات يوم، فاستيقظ وهو خاثر النفس، وفي يده تربة حمراء يُقلّبها، فقلت: ما هذه التربة يا رسول الله؟

فقال:( أخبرني جبريل عليه‌السلام أنّ هذا - الحسينعليه‌السلام -يُقتل بأرض العراق، فقلت لجبريل عليه‌السلام : أرني تربة الأرض التي يُقتل بها. فهذه تربتها ) (٢) .

وروى الحاكم بإسناده عن عبد الله بن وهب بن زمعة قال:

أخبرتني أُمّ سلمة (رضي الله عنها): أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اضطجع ذات ليلة للنوم، فاستيقظ وهو حائر، ثمّ اضطجع فرقد، ثمّ استيقظ وهو حائر دون ما رأيت به المرّة الأُولى، ثمّ اضطجع فاستيقظ وفي يده تربة حمراء يُقبّلها، فقلت: ما هذه التربة يا رسول الله؟

قال:( أخبرني جبريل عليه الصلاة والسلام أنّ هذا - الحسين -يُقتل بأرض العراق فقلت لجبريل: أرني تربة الأرض التي يُقتل بها. فهذه تربتها ).

ثمّ قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه(٣) .

____________________

(١) المعجم الكبير ٣/ ١١٠ ح٢٨٠٧.

(٢) المعجم الكبير ٣/ ١١٦ ح٢٨٢١، اُنظر كنز العمّال ١٣/ ٦٥٧ ح٣٧٦٦٧.

(٣) المستدرك على الصحيحين ٤/ ٣٩٨، عنه إحقاق الحقّ ١١/ ٣٣٩؛ سير أعلام النبلاء ٣/ ٢٨٩؛ ذخائر العُقبى ١٥٧.

٣٤٥

وروى الطبراني، بإسناده عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن أُمّ سلمة قالت:

( كان رسول الله (صلَّى الله عليه وسلِّم)، جالساً ذات يوم في بيتي فقال:( لا يدخل عليَّ أحد ) . فانتظرت فدخل الحسين (رضي الله عنه)، فسمعت نشيج رسول الله (صلَّى الله عليه وسلِّم) يبكي، فاطّلعتُ، فإذا حسين في حجره والنبيّ (صلَّى الله عليه وسلِّم) يمسح جبينه وهو يبكي، فقلت: والله، ما علمت حين دخل!

فقال:( إنّ جبرئيل عليه‌السلام كان معنا في البيت، فقال: تُحبّه؟ قلت: أمّا من الدُّنيا فنعم، قال: إنّ أُمّتك ستقتل هذا بأرض يُقال لها: كربلاء ) . فتناول جبريلعليه‌السلام من تربتها فأراها النبيّ (صلَّى الله عليه وسلِّم)، فلما أُحيط بحسين حين قُتل قال:( ما اسم هذه الأرض؟ ) .

قالوا: كربلاء.

قال:( صدق الله ورسوله، أرض كربٍ وبلاء ) (١) .

وروي بإسناده عن صالح بن أريد، عن أُمّ سلمة (رضي الله عنها) قالت:

( قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( اجلسي بالباب ولا يلِجنَّ عليَّ أحد ) . فقمت بالباب إذ جاء الحسين (رضي الله عنه)، فذهبت أتناوله، فسبقني الغلام، فدخل على جدّه، فقلت: يا نبيّ الله، جعلني الله فداك، أمرتني أن لا يلج عليك أحد، وإنّ ابنك جاء، فذهبت أتناوله فسبقني، فلما طال ذلك تطلّعت من الباب، فوجدتك تُقلِّب بكفّيك شيئاً ودموعك تسيل، والصبي على بطنك، قال:( نعم، أتاني جبريل، فأخبرني أنّ أُمّتي يقتلونه، وأتاني بالتربة التي يُقتل عليها، فهي التي أُقلِّب بكفّي ) (٢) .

____________________

(١) المعجم الكبير ٣/ ١١٥، ح٢٨١٩.

(٢) المعجم الكبير ٣/ ١١٥، ح٢٨٢٠.

٣٤٦

مُلاحظتان:

١ - إنّ أُمّ سلمة ليست الوحيدة في نقل أخبار إتيان جبرئيل بتربة الحسينعليه‌السلام إلى جدّه الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل هناك روايات عديدة عن غيرها، مثل عائشة، وزينب بنت جحش حول هذا الموضوع الهامّ(١) التي لا مجال لذكرها الآن.

٢ - إنّها لم تكن الوحيدة التي رأت تربة الحسينعليه‌السلام قبل مقتله، بل هناك أشخاص رأوها، وعلى رأسهم أبوه الإمام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، نذكر بعضهم:

أ) الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام :

روى الطبراني، بإسناده عن عبد الله بن نجي، عن أبيه أنّه سافر مع عليّ (رضيّ الله عنه)، فلما حاذى نينوى قال:( صبراً أبا عبد الله! صبراً بشط الفرات! ) .

قلت: وما ذاك؟

قال:( دخلتُ على رسول الله (صلَّى الله عليه وسلِّم) ذات يوم وعيناه تفيضان، فقلت: هل أغضبك أحد يا رسول الله؟ ما لي أرى عينيك مُفيضتين؟ قال: قام من عندي جبريل عليه‌السلام ، فأخبرني أنّ أُمّتي تقتل الحسين ابني.

ثمّ قال: هل لك أن أُريك من تربته؟

قلت: نعم، فمدّ يده فقبض قبضة، فلما رأيتها لم أملك عينيّ أن فاضتا ) (٢) .

ب) أبو بكر وعمر وحذيفة وعمّار وأبو ذرّ:

روى الطبراني، بإسناده عن عائشة قالت:

____________________

(١) المعجم الكبير ٣/ ١١٣ ح٢٨١٥؛ مجمع الزوائد ٩/ ١٨٨ و١٨٩ و١٩٢.

(٢) المعجم الكبير ٣/ ١١١ ح٢٨١١. وروي في مُسند أحمد ١/ ٨٥؛ مجمع الزوائد ٩/ ١٨٧ وقال: ( ورجاله ثقات ولم ينفرد نجيّ بهذا )؛ تهذيب الكمال ٦/ ٤٠٧؛ سير أعلام النبلاء ٣/ ٢٨٨؛ مقتل الخوارزمي ١/ ١٧٠ وغيرهم.

٣٤٧

( دخل الحسين بن علي (رضي الله عنه) على رسول الله (صلَّى الله عليه وسلِّم) وهو يوحى إليه، فنزا على رسول الله (صلَّى الله عليه وسلِّم) وهو مُنكبٌّ، ولعب على ظهره، فقال جبريل لرسول الله (صلَّى الله عليه وسلِّم):( أتُحبّه يا محمّد؟ ) .

قال:( يا جبريل، وما لي لا أُحبُّ ابني؟! ) .

قال:( فإنّ أُمّتك ستقتله من بعدك ) . فمدّ جبريلعليه‌السلام يده، فأتاه بتربة بيضاء، فقال:( في هذه الأرض يُقتَل ابنك هذا - يا محمّد - واسمها الطفّ ) . فلما ذهب جبريلعليه‌السلام من عند رسول الله (صلَّى الله عليه وسلِّم) خرج رسول الله (صلَّى الله عليه وسلِّم) والتربة في يده يبكي، فقالوا: ما يُبكيك يا رسول الله؟

فقال:( أخبرني جبريل أنّ ابني الحسين يُقتل بعدي بأرض الطفّ، وجاءني بهذه التربة، وأخبرني أنّ فيها مضجعه ) (١) .

* تربة الحسينعليه‌السلام عند أُمّ سلمة:

روى الطبراني، بإسناده عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال:

(استأذن مَلَك القطر ربّه عزّ وجلّ أن يزور النبيّ (صلَّى الله عليه وسلِّم)، فأذِن له، فجاءه وهو في بيت أُمّ سلمة، فقال:( يا أُمّ سلمة، احفظي علينا الباب، لا يدخل علينا أحد ). فبينما هم على الباب إذ جاء الحسين، ففتح الباب، فجعل يتقفَّز على ظهر النبيّ (صلَّى الله عليه وسلِّم)، والنبيّ (صلَّى الله عليه وسلِّم)

____________________

(١) المعجم الكبير ٣/ ١١٣ ح٢٨١٤.

٣٤٨

يلثمه ويُقبّله، فقال له الملَك:( تُحبُّه يا محمّد؟ ).

قال:( نعم ).

[ قال: ]( أما أنّ أُمّتك ستقتله، وإن شئت أن أُريك من تربة المكان الذي يُقتل فيها ) .

قال: فقبض من المكان الذي يُقتل فيه، فأتاه بسهلة حمراء، فأخذته أُمّ سلمة، فجعلته في ثوبها.

قال ثابت: كنّا نقول: إنّها كربلاء )(١) .

وروى الطبراني، بإسناده عن شقيق بن سلمة، عن أُمّ سلمة قالت:

( كان الحسن والحسين ( رضي الله عنهما ) يلعبان بين يدي النبيّ (صلَّى الله عليه وسلِّم) في بيتي، فنزل جبريلعليه‌السلام فقال:( يا محمّد، إنّ أُمّتك تقتل ابنك هذا من بعدك فأومأ بيده إلى الحسين، فبكى رسول الله (صلَّى الله عليه وسلِّم) وضمّه إلى صدره، ثمّ قال رسول الله (صلَّى الله عليه وسلِّم):( وديعةً عندك هذه التربة )، فشمَّها رسول الله (صلَّى الله عليه وسلِّم) وقال:( ويحَ كرب وبلاء! ) .

قالت: وقال رسول الله (صلَّى الله عليه وسلِّم):( يا أُمّ سلمة، إذا تحوّلت هذه التربة دماً فاعلمي أنّ ابني قد قُتِل ) .

قال: فجعلتها أُمّ سلمة في قارورة، ثمّ جعلت تنظر إليها كلّ يوم وتقول: إنّ يوماً تُحوَّلين دماً ليوم عظيم )(٢) .

____________________

(١) المعجم الكبير ٣/ ١١٢، ح٢٨١٣. وروي نحوه في مُسند الإمام أحمد بن حنبل ٣/ ٢٤٢؛ دلائل النبوّة ٦/ ٤٦٩؛ الخصائص الكبرى ٢/ ١٢٥ - عن البيهقي وأبي نعيم؛ ذخائر العُقبى: ١٤٦، ثمّ قال: خرجه البغوي في مُعجمه وخرجه أبو حاتم في صحيحه؛ الصواعق المحرقة: ٢٩٢ - عن البغوي وأبي حاتم وأحمد؛ تهذيب الكمال ٦/ ٤٠٨؛ مجمع الزوائد ٩/ ١٨٧ و١٩٠؛ كنز العمّال ١٣/ ٦٥٧، ح٣٧٦٦٩ وغيرهم.

(٢) المعجم الكبير ٣/ ١١٤ ح٢٨١٧. وأخرجه: كفاية الطالب: ٤٢٦؛ تهذيب الكمال: ٦/ ٤٨٠؛ مجمع

٣٤٩

وقال الشيخ المفيد: وروي بإسناد آخر عن أُمّ سلمة - رضي الله عنها - أنّها قالت:

( خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من عندنا ذات ليلة، فغاب عنّا طويلاً، ثمّ جاءنا وهو أشعث أغبر ويده مضمومة، فقلت: يا رسول الله، ما لي أراك شَعثاً مُغبرّاً؟!

فقال:( أُسري بي في هذا الوقت إلى موضع من العراق يُقال له: كربلاء. فأُريت فيه مصرع الحسين ابني وجماعة من ولْدي وأهل بيتي، فلم أزل ألقط دماءهم، فها هي في يدي ) . وبسطها إليّ فقال:( خُذْيها واحتفظي بها ) . فأخذتها فإذا هي شبه تراب أحمر، فوضعته في قارورة، وسددتُ رأسها واحتفظتُ به، فلما خرج الحسينعليه‌السلام من مكّة مُتوجِّهاً نحو العراق، كنت أُخْرِج تلك القارورة في كلّ يوم وليلة فأشمّها وأنظر إليها، ثمّ أبكي لمصابه، فلما كان في اليوم العاشر من المحرّم - وهو اليوم الذي قُتل فيهعليه‌السلام - أخرجتها في أوّل النهار وهي بحالها، ثمّ عدت إليها آخر النهار فإذا هي دم عبيط، فصمت في بيتي وبكيت، وكظمت غيظي مخافة أن يسمع أعداؤهم بالمدينة، فيُسرعوا بالشماتة، فلم أزل حافظةً للوقت حتّى جاء الناعي ينعاه، فحقّق ما رأيت )(١) .

____________________

الزوائد ٩/ ١٨٩؛ تهذيب التهذيب ٢/ ٣٤٦؛ الصواعق المحرقة: ٢٩٢؛ ذخائر العُقبى: ١٤٦ وقال: خرّجه الملاّ في سيرته؛ الخصائص الكبرى ٢/ ١٢٥؛ طرح الترتيب ١/ ٤١ - على ما في إحقاق الحقّ ١١/ ٣٤٧.

(١) الإرشاد ٢/ ١٣٠، عنه بحار الأنوار ٤٤/ ٢٣٩، ح٣١. وروي في إعلام الورى: ٢١٧؛ روضة الواعظين ١/ ١٩٣، وذكر مضمونه: الصواعق المحرقة: ٢٩٢؛ نظم درر السمطين: ٢١٥.

٣٥٠

وقال ابن الأثير:

( وروي أنّ النبي (صلَّى الله عليه وسلِّم) أعطى أُمّ سلمة تراباً من تربة الحسين حمله إليه جبرائيل، فقال النبيّ (صلَّى الله عليه وسلِّم) لأُمّ سلمة:( إذا صار هذا التراب دماً فقد قُتِل الحسين ) . فحفظتْ أُمّ سلمة ذلك التراب في قارورة عندها، فلما قُتِل الحسين صار التراب دماً، فأعلمت الناس بقتله أيضاً )(١) .

وقال الطبري:

( إنّ أُمّ سلمة أخرجت يوم قتل الحسين بكربلاء وهي بالمدينة قارورة فيها دم، فقالت: قُتِل - والله - الحسين.

فقيل: من أين علمتِ؟!

قالت: دفع إليّ رسول الله من تربته وقال لي:( إذا صار هذا دماً فاعلمي أنّ ابني قد قُتِل ) ، فكان كما قالت )(٢) .

وذكر الخوارزمي: ( أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أخذ تلك القبضة - من تربة الحسينعليه‌السلام - التي أتاه بها الملَك، فجعل يشمّها ويبكي ويقول في بكائه:( اللّهمَّ، لا تُبارك في قاتل ولدي، وأصْلِه نار جهنّم ) .

ثمّ دفع تلك القبضة إلى أُمّ سلمة، وأخبرها بقتل الحسين بشاطئ الفرات، وقال:( يا أُمّ سلمة، خُذْي هذه التربة إليك، فإنّها إذا تغيّرت وتحوّلت دماً عبيطاً فعند ذلك يُقتل ولدي الحسين ) )(٣) .

بل المستفاد من بعض النصوص، أنّ أُمّ سلمة كانت تحمل قارورتين من تراب الحسينعليه‌السلام ، إحداهما سلّمها إليها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والأُخرى تسلّمتها من

____________________

(١) الكامل في التاريخ ٤/ ٩٣.

(٢) دلائل الإمامة: ١٨٠.

(٣) مقتل الخوارزمي ١/ ١٦٢. ورواه السيّد محمّد بن أبي طالب (تسلية المجالس ٢/ ١١٢).

٣٥١

يدي الحسينعليه‌السلام .

لقد روى الفقيه المحدّث القطب الراوندي، أنّ الإمام الحسينعليه‌السلام لما أراد العراق ( قالت له أُمّ سلمة: لا تخرج إلى العراق؛ فقد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول:( يُقتَل ابني الحسين بـ [ أرض ] العراق ) ، وعندي تربة دفعها إليّ في قارورة.

فقال:( والله، إنّي مقتول كذلك، وإن لم أخرج إلى العراق يقتلونني أيضاً، وإن أحببتِ أن أُريك مضجعي ومصرع أصحابي ) .

ثمّ مسح بيده على وجهها، ففسح الله في بصرها حتّى أراها ذلك كلّه، وأخذ تربة فأعطاها من تلك التربة أيضاً في قارورة أُخرى، وقالعليه‌السلام :( فإذا فاضتا دماً فاعلمي أنّي قد قُتْلِت ) .

فقالت أُمّ سلمة: فلما كان يوم عاشوراء، نظرت إلى القارورتين بعد الظهر، فإذا هما قد فاضتا دماً.

فصاحت، ولم يُقلَب في ذلك اليوم حجر ولا مَدَر إلاّ وجِد تحته دم عبيط )(١) .

ويظهر من رواية الفقيه ابن حمزة، عن الباقرعليه‌السلام مُرسلاً - بعد ذكر ما يقرب من نقل الخرائج في المضمون -:( أنّها خلطت التربة التي أعطاها الإمام الحسين عليه‌السلام مع التربة التي كانت عندها ) (٢) .

* ما سمعته أُمّ سلمة ليلةَ قُتِل الحسينعليه‌السلام !

روى الخوارزمي، بإسناده عن عبد الرحمان بن محمّد بن أبي سلمة يذكر عن

____________________

(١) الخرائج والجرائح ١/ ٢٥٣ ح٧، عنه بحار الأنوار ٤٥/ ٨٩ ح٢٧؛ العوالم ١٧/ ١٥٧، ح٧.

(٢) الثاقب في المناقب: ٣٣١، فصل ٥، ح٢٧٢ ونحوه في الهداية: ٢٠٢ وعيون المعجزات: ٦٩ بتفاوت.

٣٥٢

أبيه عن جدّه، عن أُمّ سلمة قالت:

( جاء جبرئيلعليه‌السلام إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال:( إنّ أُمّتك تقتله - يعني الحسين -بعدك ).

ثمّ قال له:( ألا أُريك من تربة مقتله؟ ) .

قال:( نعم ) . فجاء بحُصيّات، فجعلهنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في قارورة، فلما كانت ليلة قَتْل الحسين - قالت أُمّ سلمة - سمعت قائلاً يقول:

أيّها القاتلون جَهْلاً حسيناً

أبْشِرُوا بالعذاب والتنكيل

قد لُعنتم على لسان ابن داود

وموسى وصاحب الإنجيل

 ( قال: ) فبكيت وفتحت القارورة، فإذا قد حدث فيها دم )(١) .

* ما رأته أُمّ سلمة في منامها!

روى الترمذي، بإسناده عن سلمى قالت: ( دخلتُ على أُمّ سلمة وهي تبكي، فقلت: ما يبكيك؟

قالت: رأيت رسول الله (صلَّى الله عليه وسلِّم) - تعني في المنام - وعلى رأسه ولحيته التراب، فقلت: ما لكَ يا رسول الله؟

قال:شهدت قَتْلَ الحسين آنفاً )(٢) .

____________________

(١) مقتل الخوارزمي ٢/ ٩٤، عنه إحقاق الحقّ ١١/ ٣٤٧. ورواه: نظم درر السمطين: ٢١٧، وفيه: (فإذا الحُصيّات قد جرت دماً)، والصواعق المحرقة: ٢٩٢ وغيرهم.

(٢) الجامع الصحيح، سُنن الترمذي ٥/ ٦٥٧، باب ٣١ مناقب الحسن والحسين، ح٣٧٧١. ورواه: المعجم الكبير ٢٣/ ٣٧٣ ح٨٨٢؛ المستدرك ٤/ ١٩؛ تاريخ دمشق، ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام : ٣٨٨، ح٣٢٨؛ كفاية الطالب: ٤٣٣؛ أُسد الغابة ١/ ٢٢؛ الخصائص الكبرى ٢/ ١٢٦؛ البداية والنهاية ٨/ ٢٠٢؛ سير أعلام النبلاء ٣/ ٣١٦؛ تاريخ الإسلام: ١٧؛ الصواعق المحرقة: ٢٩٤؛ تهذيب التهذيب ٢/ ٣٠٧، تلخيص المستدرك ٤/ ١٩؛ تهذيب الكمال ٢/ ٤٣٩ واُنظر: مصابيح السنّة: ٢٠٧؛ مقتل الخوارزمي ٢/ ٩٦؛ أسماء الرجال (للذهبي) ٢/ ١٤١؛ جامع الأصول (لابن الأثير) ١٠/ ٢٤؛ المختار في مناقب الأخبار: ٢٢؛ ذخائر العُقبى: ١٤٨؛ نظم درر السمطين: ٢١٧؛ تهذيب التهذيب ٢/ ٣٥٣ - على ما في إحقاق الحقّ ١١/ ٣٥٥.

٣٥٣

وزاد الباعوني - بعد ذكره خبر سلمى -: ثمّ قالت: ( فعلوها؟ ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً! ).

ثمّ استيقظتْ مغشيّاً عليها )(١) .

وقال الخوارزمي بعد ذكره الخبر: ( وجاء في المراسيل، أنّ سلمى المدنيّة قالت: رفع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أُمّ سلمة قارورة فيها رمل من الطف، وقال لها:( إذا تحوّل هذا دماً عبيطاً فعند ذلك يُقتَل الحسين ) .

قالت سلمى: فارتفعت واعية من حجرة أُمّ سلمة، فكنت أوّل مَن أتاها، فقلت لها: ما دهاك يا أُمّ المؤمنين؟

قالت: رأيت رسول الله في المنام والتراب على رأسه، فقلت: ما لكَ؟

قال:وثب الناس على ابني فقتلوه، وقد شهدته قتيلاً الساعة. فاقشعرّ جلدي وانتبهت، وقمت إلى القارورة، فوجدتها تفور دماً.

قالت سلمى: ورأيتها موضوعة بين يديها )(٢) .

روى الشيخ الصدوق (رحمه الله)، بإسناده عن أبي البختري وهب بن وهب، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام عن أُمّ سلمة (رضي الله عنها):( أنّها أصبحت يوماً تبكي، فقيل لها: ما لكِ؟!

قالت: لقد قُتل ابني الحسين عليه‌السلام ، وما رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منذ مات إلاّ الليلة، فقلت: بأبي أنت وأُمّي، ما لي أراك شاحباً؟

فقال: لم أزل منذ الليلة أحفر قبر الحسين وقبور أصحابه ) (٣) .

وذكر الشيخ الطوسي، بإسناده عن عبد الله بن عبّاس، قال: ( بينا أنا راقد في منزلي، إذ سمعت صُراخاً عظيماً عالياً من بيت أُمّ سلمة زوج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فخرجت يتوجّه بي قائدي إلى منزلها، وأقبل أهل المدينة إليها - الرجال والنساء - فلما انتهيت إليها قلت: يا أُمّ المؤمنين، ما بالك تصرخين وتغوثين؟!

فلم تُجبني، وأقبلت على

____________________

(١) جواهر المطالب ٢/ ٢٩٨.

(٢) مقتل الخوارزمي ٢/ ٩٦؛ بحار الأنوار ٤٥/ ٢٣٢.

(٣) أمالي الصدوق: ٢٠٢، المجلس ٢٩، ح٢١٧. ورواه الشيخ المفيد في أماليه ص٣١٩، المجلس ٣٨، ح٦، كذا: أمالي الطوسي: ٩٠، المجلس ٣، ح١٤٠؛ وروضة الواعظين: ١٧٠.

٣٥٤

النسوة الهاشميّات وقالت: يا بنات عبد المطّلب، اسعدنني وابكين معي، فقد واللَّه قُتل سيّدكنّ وسيّد شباب أهل الجنّة، قد واللَّه قُتل سبط رسول اللَّه وريحانته الحسين، فقيل: يا أُمّ المؤمنين، ومن أين علمت ذلك؟ قالت: رأيت رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله في المنام الساعة شعثاً مذعوراً، فسألته عن شأنه ذلك، فقال: قتل ابني الحسين وأهل بيته اليوم، فدفنتهم، والساعة فرغت من دفنهم، قالت: فقمت حتّى دخلت البيت، وأنا لا أكاد أن أعقل، فنظرت فإذا بتربة الحسين التي أتى‌ بها جبرئيل من كربلاء، فقال: إذا صارت هذه التربة دماً فقد قُتل ابنك، وأعطانيها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال:اجعلي هذه التربة في زجاجة - أو قال: في قارورة-ولتكن عندك، فإذا صارت دماً عبيطاً فقد قُتل الحسين ، فرأيت القارورة الآن، وقد صارت دماً عبيطاً تفور، قال: وأخذت أُمّ سلمة من ذلك الدم، فلطّخت به وجهها، وجعلت ذلك اليوم مأتماً ومناحة على الحسين عليه السلام، فجاءت الركبان بخبره وأنّه قد قُتل في ذلك اليوم.

قال عمرو بن ثابت: قال أبي: فدخلت على أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام منزله، فسألته عن هذا الحديث، وذكرت له رواية سعيد بن جبير هذا الحديث عن عبداللَّه بن عبّاس، فقال أبو جعفر عليه السلام:حدّثنيه عمر بن أبي سلمة عن أُمّه امّ سلمة .

قال ابن عبّاس- في رواية سعيد بن جبير عنه قال-: فلمّا كانت الليلة رأيت رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله في منامي أغبر أشعث، فذكرت له ذلك وسألته عن شأنه، فقال لي:

ألم تعلمي أنّي فرغت من دفن الحسين وأصحابه .

قال عمرو بن أبي المقدام: فحدّثني سدير عن أبي جعفر عليه السلام أنّ جبرئيل جاء إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالتربة التي يُقتل عليها الحسين عليه السلام، قال أبو جعفر: فهي عندنا»(١)

____________________

(١) أمالي الطوسي: ٣١٥، مجلس ١١، ح ٦٤٠. ورواه ابن شهر آشوب عن أحمد في المسند عن أنس =

٣٥٥

وروى الفقيه ابن حمزة عن الإمام الباقر عليه السلام:

«فلمّا كانت تلك الليلة التي صبيحتها قُتل الحسين بن عليّ صلوات اللَّه عليهما فيها، أتاها (أُمّ سلمة) رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله في المنام أشعث باكياً مغبرّاً، فقالت: يارسول اللَّه، مالي أراك باكياً مغبرّاً أشعث؟ فقال:دفنت ابني الحسين عليه السلام وأصحابه الساعة .

فانتبهت أُمّ سلمة رضي اللَّه عنها، فصرخت بأعلى صوتها، فقالت: وا ابناه، فاجتمع أهل المدينة، وقالوا لها: ما الذي دهاك؟

فقالت: قُتل ابني الحسين بن علي صلوات اللَّه عليهما، فقالوا لها:

وما علمك [بذلك‌]؟ قالت: أتاني في المنام رسول اللَّه صلوات اللَّه عليه باكياً أشعث أغبر، فأخبرني أنّه دفن الحسين وأصحابه الساعة، فقالوا: أضغاث أحلام، فقالت: مكانكم، فإنّ عندي تربة الحسين عليه السلام، فأخرجت لهم القارورة فإذا هي دم عبيط» «١».

أُمّ سلمة تسمع نوح الجنّ‌

روى الشيخ الصدوق بإسناده عن أُمّ سلمة- زوجة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله - قالت:

ما سمعت نوح الجنّ منذ قُبض النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلّاالليلة، ولا أراني إلّاوقد أصبت بابني.

قالت: وجاءت الجنّية منهم:

____________________

= والغزالي في « كيمياء السعادة » وابن بطة في « الإنابة » من خمسة عشر طريقاً وابن حبيش التميمي ( المناقب ٤/٥٥، عنه العوالم ١٧/٥٠٧ ح ١؛ بحار الأنوار ٤٥/٢٢٧، ح٢٢).

(١) الثاقب في المناقب: ٣٣٠، ح ٢٧٢. وروى نحوه أبو عبد الله الحسين بن حمدان الخصيبي ( الهداية الكبرى: ٢٠٣)، وغيره، اُنظر: إثبات الوصيّة: ٢٦٢؛ عيون المعجزات:٦٩؛ الصراط المستقيم ٢/١٧٩، ح ٧؛ مدينة المعاجز ٣/٤٨٩ ح ١٠٠٣؛ معالم الزلفى: ٩١.

٣٥٦

ألا يا عين فانهملي بجهد

فمن يبكي على الشهداء بعدي‌

على‌ رهط تقودهم المنايا

إلى متجبّر في ملك عبد(١)

صراخ أُمّ سلمة وضجّة المدينة

لقد ذكرنا عن ابن عبّاس أنّ أهل المدينة- رجالًا ونساءً- توجّهوا نحو بيت أُمّ سلمة، بعدما سمعوا صراخها وبكاءها.

وممّا يؤيّد ذلك ما أورده اليعقوبي في تاريخه، قال: «وكان أوّل صارخة صرخت في المدينة أُمّ سلمة زوج النبي، كان دفع إليها قارورة فيها تربة، وقال لها:

إنّ جبريل أعلمني أنّ أُمّتي تقتل الحسين ، وأعطاني هذه التربة، وقال لي: إذا صارت دماً عبيطاً فاعلمي أنّ الحسين قد قُتل، وكانت عندها، فلمّا حضر ذلك الوقت جعلت تنظر إلى القارورة في كلّ ساعة، فلمّا رأتها قد صارت دماً صاحت واحسيناه! وا ابن رسول اللَّه! وتصارخت النساء من كلّ ناحية، حتّى ارتفعت المدينة بالرجّة التي ما سُمع بمثلها قطّ»(٢) .

____________________

(١) أمالي الصدوق: ٢٠٢، مجلس ٢٩، ح ٢١٨. انظر: إحقاق الحقّ ١١/٥٧٣؛ شرح الأخبار ٣/١٦٧ ح ١١٠٧ وفيه: « ألا يا عين جودي لي ومن »؛ مقتل الخوارزمي ٢/٩٥) وفيه: « فاحتفلي على رهط سرت بهم »؛ مثير الأحزان: ١٠٨ وفيه: « فاحتملي في الملك »؛ ترجمة الإمام الحسين من تاريخ دمشق: ٣٩٣ – ٣٩٧؛ تذكرة الخواص: ٢٦٩ وفيه: « فاختلفي في ثوب عبد »؛ كفاية الطالب: ٤٤٢ وفيه: « فاحتفلي »؛ ذخائر العقبى: ١٥٠ – بعضه – وقال: « خرّجه الملّا في سيرته »؛ الخصائص الكبرى ٢/١٢٧ وفيه: « فاحتفلي »؛ مجمع الزوائد ٩/١٩٩ وفيه: « فاحتفلي »؛ تهذيب الكمال ٦/٤٤١ وفيه: «فاحتفلي بجهد متخيّر »، وغيرهم: معجم الطبراني: ٢٨٦٩؛ آكام المرجان: ١٤٧- على ما في إحقاق الحقّ ١١/٥٧٣ وفيه: « فاحتفلي متحيّر ».

(٢) تاريخ اليعقوبي ٢/٢٤٥.

٣٥٧

خلاصة الكلام‌

إنّ أُمّ سلمة- بما حازت من موقع انتمائها لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله، وبما نالت من موضع ائتمانها من قبل رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، وبما فازت من معرفتها بآل بيت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، وبما قامت برسالتها تجاه آل اللَّه ...- أخذت دورها المحوري في فترة عدم حضور آل بيت المصطفى صلى الله عليه و آله بالمدينة، وأثّرت تأثيراً بالغاً، بحيث ضجّت المدينة بصراخها ورجفت بأنينها، سلام اللَّه ورضوانه عليها، ولعلّ عدم إجابتها لسؤال ابن عبّاس- في ما رواه الشيخ الطوسي- عتاب منها عليه في عدم نصرته سبط الرسول عليه السلام، واللَّه العالم.

دور ابن عبّاس‌

علمه بمصير سيّد الشهداء عليه السلام‌

كان ابن عبّاس من الذين يعلمون بمصير الإمام عليه السلام، فمن الطبيعي أن يكون ممّن يترقّب خبر استشهاده عليه السلام.

أخرج الحاكم عن ابن عبّاس قال: «ما كنّا نشكّ وأهل البيت متوافرون أنّ الحسين يُقتل بالطف»(١) .

رؤيا ابن عبّاس وإخباره بعض الناس‌

روى أحمد بإسناده عن ابن عبّاس قال: «رأيت النبيّ صلى الله عليه و سلم فيما يرى النائم بنصف النهار، وهو قائم أشعث أغبر، بيده قارورة فيها دم، فقلت: بأبي أنت وأُمّي يارسول اللَّه، ما هذا؟ قال:هذا دم الحسين وأصحابه لم أزل ألتقطه منذ اليوم ، فأحصينا ذلك اليوم، فوجدوه قُتل في ذلك اليوم»(٢) .

____________________

(١) مستدرك الحاكم ٣: ١٧٩، عنه الخصائص الكبرى ٢/١٢٦.

(٢) مسند أحمد بن حنبل ١/٢٨٣. وروى في: المعجم الكبير ٣/١١٦، ح ٢٨٢٢؛ عبرات المصطفين ٢

٣٥٨

وروى ابن عساكر بإسناده عن عليّ بن زيد بن جدعان قال: «استيقظ ابن عبّاس من نومه، فاسترجع وقال: قُتل حسين واللَّه، فقال له أصحابه: كلّا، قال:

رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم ومعه زجاجة من دم، فقال:ألا تعلم ما صنعتْ أُمّتي من بعدي؟ قتلوا ابني الحسين وهذا دمه ودم أصحابه أرفعها إلى اللَّه عزّوجلّ ، قال: فكتب ذلك اليوم الذي قال فيه، وتلك الساعة، فما لبثوا إلّا أربعة وعشرين يوماً حتّى جاءهم الخبر بالمدينة أنّه قُتل ذلك اليوم، وتلك الساعة» «١».

وقال الزرندي: وفي رواية أنّ ابن عبّاس كان في قايلة له، فانتبه من قايلته وهو يسترجع، ففزع أهله فقالوا: ما شأنك؟ ما لكَ؟ قال: رأيت النبيّ صلى الله عليه و آله وهو يتناول من الأرض شيئاً، فقلت: بأبي وأُمّي يارسول اللَّه صلى الله عليه و آله ماهذا الذي تصنع؟

____________________

= /١٢٣؛ شرح الأخبار ٣/١٦٨، ح ١١١٠؛ الاستيعاب ١/٣٨١؛ تاريخ بغداد ١/١٤٢؛ المستدرك على الصحيحين ٤/٣٩٨؛ مناقب عليّ بن أبي طالب: ٧٨، ح ١١٦ وفيه: « رأيت رسول الله ص وأنا قائل ..»؛ مقتل الخوارزمي ٢/٩٤؛ ترجمة الإمام الحسين ع من تاريخ دمشق: ٣٨٥، ح ٣٢٥؛ دلائل النبوّة ٦/٤٧١؛ الردّ على المتعصّب العنيد: ٥٢؛ أسد الغابة ١/٢٢؛ اعلام الورى: ٢١٨؛ تذكرة الخواص: ٢٦٨؛ تاريخ الخلفاء: ١٦٦؛ الخصائص الكبرى: ١٢٦؛ نظم درر السمطين: ٢١٧؛ سير أعلام النبلاء ٣/٣١٥؛ تاريخ الإسلام: ١٧؛ تلخيص المستدرك ٤/٣٩٨؛ ذخائر العقبى: ١٥٨؛ الإصابة ١/٣٣٥؛ الصواعق المحرقة: ٢٩٤؛ تهذيب التهذيب ٢/٣٠٦؛ جواهر المطالب ٢/٢٩٧؛ البداية والنهاية ٨/٢٠٢ وقال: « تفرّد به أحمد وإسناده قويّ »؛ مجمع الزوائد ٩/١٩٤ وقال: « رجال أحمد رجال الصحيح »؛ تهذيب الكمال ٦/٤٣٩؛ بحار الأنوار ٤٥/٢٣١؛ عوالم ١٧/٥١٠، باب ٤، ح ١؛ إحقاق الحقّ – الملحقات – ١١/٣٦٩، وغيرهم: اُنظر: مشكاة المصابيح: ٥٧٢، الفضائل للقطيعي ٢/٧٨٠ – على ما في عبرات المصطفين ٢/١٢٥.

(١) تاريخ مدينة دمشق ١٤/٢٣٧ (ط دار الفكر دمشق)؛ مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر ٧/١٥٢. وروى في كشف الغمّة ٢/٥٦؛ كفاية الطالب: ٤٢٨؛ البداية والنهاية ٨/٢٠٢؛ جواهر المطالب ٢/٢٩٨ بتفاوت يسير، عن ابن أبي الدُّنيا، وغيرهم: إحقاق الحقّ ١١/٣٧٠؛ الدرّ النظيم (مخطوط) عن السمعاني في أماليه والنظري في الفضائل العلويّة: ١٧٥ – على ما في عبرات المصطفين ٢/١٢٧.

٣٥٩

قال: دم الحسين أرفعه إلى السماء(١) .

وكيفما كان فقد أيقن ابن عبّاس بالمأساة، وأخبر الناس بقتل الحسين عليه السلام، وهذا ما صرّح به ابن الأثير في قوله: قال ابن عبّاس: «رأيت النبيّ صلى الله عليه و سلم الليلة التي قُتل فيها الحسين وبيده قارورة، وهو يجمع فيها دماً، فقلت: يارسول اللَّه ما هذا؟ قال:

هذه دماء الحسين وأصحابه أرفعها إلى اللَّه تعالى، فأصبح ابن عبّاس فأعلَمَ الناس بقتل الحسين، وقصّ رؤياه، فوُجد قد قُتل في ذلك اليوم»(٢) .

ولقد ذكر ابن شهرآشوب فيما رواه خصوصيّات لابدّ من ذكرها، قال: «إنّ ابن عبّاس: رأى النبيّ صلى الله عليه و سلم في منامه بعد [ما] قتل الحسين عليه السلام وهو مغبرّ الوجه حافي القدمين باكي العينين، وقد ضمّ حجز قميصه إلى نفسه، وهو يقرأ هذه الآية:( وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ) (٣)

وقال: «إنّي مضيت إلى كربلاء والتقطت دم الحسين من الأرض، هو ذا في حجري، وأنا ماضٍ أُخاصمهم بين يديّ ربّي »(٤) .

ما سمعه أهل المدينة

روى الشيخ الجليل ابن قولويه بإسناده عن عمرو بن عكرمة قال: أصبحنا ليلة قتل الحسين عليه السلام بالمدينة، فإذا مولى لنا يقول: سمعنا البارحة منادياً ينادي ويقول:

أيّها القاتلون جهلًا حسينا

أبشروا بالعذاب والتنكيل‌

____________________

(١) نظم درر السمطين: ٢١٨.

(٢) الكامل في التاريخ ٤/٩٣.

(٣) إبراهيم: ٤٢.

(٤) المناقب ٤/٨٤؛ ونحوه في تسلية المجالس ٢/٤٤١.

٣٦٠