مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة الجزء ٦

مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة0%

مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 460

مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد أمين الأميني
الناشر: سپهر أنديشه
تصنيف: الصفحات: 460
المشاهدات: 208265
تحميل: 6656

توضيحات:

الجزء 6
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 460 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 208265 / تحميل: 6656
الحجم الحجم الحجم
مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة

مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة الجزء 6

مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

[يرشف ثناياه]، فنكتوا على فمه وثناياه بالقضيب! تذكّروا - والله - أحقاد يوم بدرٍ وما كان فيه، وأين هذا من مطمع الشيطان وغاية أمله، بتبكيت آذان الأنعام؟!

هذا مع قرب العهد وسماع كلام ربّ الأرباب:( ... قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى... ) (١) ، ستروا عقائدهم في عصره مخافة السيف، فلما صار الأمر إليهم كشفوا قناع البغي والحيف( ... سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حِكِيمٌ عَلِيمٌ ) (٢) .

الكيا الهراسي (٤٥٠ - ٥٠٤):

وَصَفَه بقوله: ( هو اللاّعب بالنرد، والمتصيّد بالفهد، والتارك للصلوات، والمدمن للخمر، والقاتل لأهل بيت النبيّ ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) )(١) .

التفتازاني:

في شرح العقائد النسفية: ( والحقّ أنّ رضى يزيد بقتل الحسين، واستبشاره بذلك، وإهانته أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ممّا تواتر معناه، وإن كان تفصيله آحاداً... )(٤) .

الذهبي:

قال الذهبي في شأنه: ( كان ناصبيّاً فظّاً، يتناول المسكر، ويفعل المنكر، افتتح دولته بقتل الحسين، وختمها بوقعة الحرّة... )(٥) .

الأجهوري:

قال في ضمن كلماته: ( أطلق بعض العلماء جواز لعن يزيد بعينه؛ لأنّه أمر بقتل الحسين )(٦) .

الشبراوي:

قال: ( وقد ذكر بعض الثقات: ولا يشكّ عاقل أنّ يزيد بن معاوية هو القاتل للحسين (رضي الله عنه)؛ لأنّه الذي ندب عبيد الله بن زياد لقتل الحسين )(٧) .

____________________

(١) الشورى: ٢٣.

(٢) الأنعام: ١٣٩.

(٣) جواهر المطالب ٢/ ٣٠١.

(٤ و٥) شذرات الذهب ١/ ٦٨.

(٦) الإتحاف بحبّ الأشراف: ٦٢.

(٧) الإتحاف: ٦٦.

٦١

لماذا تنصّل من مسؤولية قتل الإمامعليه‌السلام ؟!

عندما نتصفّح تاريخ مأساة كربلاء، نجد هناك كلمات صدرت من يزيد تُثير الغرابة، وهي جديرة بالتأمّل، من ذلك:

( ويلي على ابن مرجانة!! فعل الله به كذا! أما والله، لو كانت بينه وبينه رحم ما فعل هذا )(١) .

و( لعن الله ابن مرجانة! لقد وجده بعيد الرحم منه )(٢) .

( وما علمت بخروج أبي عبد الله حين خرج، ولا بقتله حين قتله )(٣) .

( أحرزت أنفسكم عبيد أهل العراق، وما علمت بخروج أبي عبد الله ولا بقتله )(٤) .

( لعن الله ابن مرجانة! أما والله، لو أنّي صاحبه ما سألني خصلة أبداً إلاّ أُعطيتها إيّاه! ولدفعت الحتف عنه بكلّ ما استطعت ولو بهلاك بعض ولْدي، ولكنَّ الله قضى ما رأيت! )(٥) .

( كنت أرضى من طاعتهم بدون قتل الحسين، لعن الله ابن سميّة! أما إنّي لو كنت صاحبه لعفوت عنه )(٦) .

(... لكنّ عبيد الله بن زياد لم يعلم رأيي في ذلك، فعجّل عليه بالقتل فقتله )(٧) .

( أما والله، يا حسين، لو أنا صاحبك ما قتلتك )(٨) .

( لو كان بينك وبين ابن مرجانة قرابة لأعطاك ما سألت)(٩) .

( لعن الله ابن مرجانة، فوالله، ما أمرته بقتل أبيك! ولو كنت

____________________

(١) أنساب الأشراف ٣/ ٤٢٤.

(٢) المصدر ٣/ ٤١٩.

(٣) الإمامة والسياسة ٢/ ٨.

(٤) العقد الفريد ٥/ ١٣١.

(٥) مقتل الخوارزمي ٢/ ٧٤؛ روضة الواعظين ١/ ١٩٢؛ بحار الأنوار ٤٥/ ١٣١ و١٤٦.

(٦) تجارب الأُمم ٢/ ٧٤.

(٧) مقتل الخوارزمي ٢/ ٨٠؛ بحار الأنوار ٤٥/ ٣٢٦.

(٨) تاريخ الطبري ٤/ ٣٥٢.

(٩) مُثير الأحزان: ٩٩.

٦٢

متولّياً لقتاله ما قتلته )(١) ...

إنّ ما نجده من قبيل ذلك يرجع إلى ثلاثة أُمور:

الأوّل: كذبه؛ فإنّ الرجل الذي يلهو ويفسق جهراً ويكفر بالربّ عياناً، ليس بغريب عنه أن يكذب، كيف يدّعي الجهل ويجعل المسؤولية على عاتق واليه عبيد الله بن زياد، وهو المسبّب الأعلى لتلك الفاجعة العظمى؟!

أليس هو الذي كتب إلى واليه وليد، يأمره بقتل الحسين إذا لم يُبايع؟!

أليس هو الذي أمر باغتيال الإمام في موسم الحجّ؟!

أليس هو الذي أرسل الكُتب إلى عبيد الله وأمره بقتال الحسينعليه‌السلام وقتله؟!

إنّ كلّ هذه الأدلّة القويّة والشواهد القويمة تدلّ على مدى كذب الرجل.

الثاني: انقلاب الأوضاع وخوفه على زوال ملكه؛ والدليل على ذلك، أنّه فرِح بقتل الحسين في بادئ الأمر، لكنّه بعد ذلك - وحينما رأى بوادر الفتنة والمشاكل العديدة في مُلكه وفي قلب عاصمته وحتّى في بيته - التجأ إلى إبراز الندم، وقد صرّح بذلك المؤرّخون:

قال ابن الأثير: ( قيل: ولما وصل رأس الحسين إلى يزيد حسنت حال ابن زياد عنده، وزاده، ووصله، وسرّه ما فعل، ثمّ لم يلبث إلاّ يسيراً، حتّى بلغه بُغض الناس له ولعنهم وسبّهم، فندم على قتل الحسين )(٢) .

ونقل نحوه الذهبي، عن محمّد بن جرير، بإسناده عن يونس بن حبيب قال: ( لما قتل عبيدُ الله الحسين وأهله، بعث برؤوسهم إلى يزيد، فسُرَّ بقتلهم أوّلاً، ثمّ لم يلبث حتّى ندم على قتلهم )(٣) .

____________________

(١) بحار الأنوار ٤٥/ ١٦٢.

(٢) الكامل في التاريخ ٤: ٨٧.

(٣) سير أعلام النبلاء ٣/ ٣٧.

٦٣

وقال الشيخ محمّد الصبّان: ( ثمّ ندم لما مقته المسلمون على ذلك، وأبغضه العالم، وفي هذه القصّة تصديق لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( إنّ أهل بيتي سيلقون بعدي في أُمّتي قتلاً وتشريداً، وإنّ أشرَّ قومنا لنا بُغضاً بنو أُميّة وبنو مخزوم )، رواه الحاكم )(١) .

وثَمَّ شواهد مُتقنة، سنوافيك بها في مبحث (انقلاب المعادلة وخوف الفتنة).

الثالث: لا نستبعد أنّ هناك أيادي مُرتزقة دسّوا بعض ذلك في كُتب التاريخ والسير؛ لأجل أن يُطهّروا يزيد ويُبرّئوه عن بعض ما فعل - مع أنّه لا يطهر ولو بإلقائه في ماء البحر - ويشوّهوا الأمر بعد ذلك! ويفتحوا المجال لمثل ابن تيمية وأذنابه، ولكن دون ذلك خرط القَتاد.

يزيد في مرآة الحديث:

روى ابن حجر، عن أبي يعلى، بسنده عن أبي عبيدة، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( لا يزال أمر أُمّتي قائماً بالقسط، حتّى يكون أوّل مَن يثلمه رجل من بني أُميّة، يُقال له: يزيد ).

وقال: وأخرج الروياني في مسنده عن أبي الدرداء قال: سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول:( أوّل مَن يُبدّل سُنّتي رجل من بني أُميّة، يُقال له: يزيد ) (٢) .

وروي عن الإمام الحسينعليه‌السلام أنّه قال لأخيه محمّد بن الحنفيّة:( يا أخي، والله، لو لم يكن في الدُّنيا ملجأ ولا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية، فقد قال جدّي صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللَّهمَّ لا تبارك في يزيد ) (٣) .

____________________

(١) إسعاف الراغبين: ١٨٨.

(٢) الصواعق المحرقة: ٢٣١؛ تسلية المجالس ٢/ ١٤٧.

(٣) تسلية المجالس ٢/ ١٥٨.

٦٤

يزيد في كلمات الإمام الحسينعليه‌السلام :

كتبعليه‌السلام إلى معاوية:

(... اتّق الله يا معاوية، واعلم أنّ لله كتاباً لا يُغادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصاها، واعلم أنّ الله ليس بناسٍ لك قتلك بالظنّة وأخذك بالتُّهمة، وإمارتك صبيّاً يشرب الشراب ويلعب بالكلاب... ) (١) .

وفي كتابه إلى معاوية أيضاً:

( ثمّ ولّيت ابنك، وهو غلام يشرب الشراب ويلهو بالكلاب، فَخُنْت أمانتك وأخربت رعيّتك، ولم تؤدّ نصيحة ربّك، فيكف تولِّي على أُمّة محمّد مَن يشرب المسكر، وشارب المسكر من الفاسقين، وشارب المسكر من الأشرار، وليس شارب المسكر بأمين على درهم فكيف على الأُمّة؟! ) (٢) .

وقالعليه‌السلام لمعاوية:

( وفهمت ما ذكرته عن يزيد، من اكتماله وسياسته لأُمّة محمّد، تُريد أن توهِم الناس في يزيد، كأنّك تصف محجوباً، أو تنعت غائباً، أو تُخبر عمّا كان ممّا احتويته بعلم خاص، وقد دلّ يزيد من نفسه على موقع رأيه، فخُذْ

____________________

(١) الإمامة والسياسة ١/ ١٨٠؛ الغدير ١٠/ ١٦١؛ موسوعة كلمات الإمام الحسينعليه‌السلام : ٢٥٤؛ رجال الكشّي ٥١/ ح٩٨؛ معادن الحِكمة ١/ ٥٨٢؛ العوالم ١٧/ ٩٢ ح٦.

(٢) دعائم الإسلام ٢/ ١٣٣ ح٤٦٨؛ موسوعة كلمات الإمام الحسينعليه‌السلام : ٢٥٨ ح٢٣١.

٦٥

ليزيد فيما أخذ به، من استقرائه الكلاب المهارشة عند التحارش، والحمام السبق لأترابهن، والقينات ذوات المعازف وضروب الملاهي، تجده ناصراً، ودعْ عنك ما تُحاول... ) (١) .

وقالعليه‌السلام له أيضاً:

( مَن خير لأُمّة محمّد؟! يزيد الخمور الفجور! ) (٢) .

وقالعليه‌السلام لعبد الله بن الزبير:

(... انظر أبا بكر ( أتظنّ (٣) ) أنّي أُبايع ليزيد، ويزيد رجل فاسق مُعلن الفسق، يشرب الخمر، ويلعب بالكلاب والفهود، ويُبغض بقيّة آل الرسول؟! لا والله، لا يكون ذلك أبداً ) (٤) .

وقال لوليد بن عتبة:

(... ويزيد رجل فاسق، شارب الخمر، قاتل النفس المحرّمة، مُعلن بالفسق، ومثلي لا يُبايع لمثله... ) (٥) .

____________________

(١) الإمامة والسياسة ١/ ١٨٦؛ تاريخ اليعقوبي ٢/ ٢٢٨؛ أعيان الشيعة ١/ ٥٨٣؛ الغدير ١٠/ ٢٤٨؛ موسوعة كلمات الإمام الحسين: ٢٦٢ ح٢٣٤.

(٢) الفتوح ٣/ ٣٤٣؛ موسوعة كلمات الإمام الحسينعليه‌السلام : ٢٦٥ ح٢٣٦.

(٣) كذا في تسلية المجالس، وهو الأنسب.

(٤) الفتوح ٥/ ١١؛ مقتل الخوارزمي ١/ ١٨٢؛ موسوعة كلمات الإمام الحسينعليه‌السلام : ٢٧٨ ح٢٤٤.

(٥) الفتوح ٥/ ١٤؛ مقتل الخوارزمي ١/ ١٨٤؛ مُثير الأحزان: ٢٤؛ بحار الأنوار ٤٤/ ٣٢٥؛ موسوعة كلمات الإمام الحسينعليه‌السلام : ٢٨٣ ح٢٥١؛ تسلية المجالس ٢/ ١٥٢.

٦٦

وقال لمروان بن الحكم:

(... إنّا لله وإنّا إليه راجعون! وعلى الإسلام السلام؛ إذ قد بُليت الأُمّة براعٍ مثل يزيد.. ويحَك! أتأمرني ببيعة يزيد، وهو رجل فاسق؟! لقد قلت شططا... لا ألومك على قولك؛ لأنّك اللعين الذي لعنك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنت في صلب أبيك الحَكم بن أبي العاص، فإنّ مَن لعنه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يمكن له ولا منه إلاّ أن يدعو إلى بيعة يزيد! ) (١) .

وقالعليه‌السلام :

( سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول:( الخلافة مُحرَّمة على آل أبي سفيان وعلى الطلقاء أبناء الطلقاء، فإذا رأيتم معاوية على منبري فابقروا بطنه.

فوالله، لقد رآه أهل المدينة على منبر جدّي فلم يفعلوا ما أُمروا به، فابتلاهم الله بابنه يزيد، زاده الله في النار عذاباً ) (٢) .

وقالعليه‌السلام لعبد الله بن عمر:

( أبا عبد الرحمان، أنا أُبايع يزيد وأدخل في صلحه؛ وقد قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فيه وفي أبيه ما قال؟! ) (٣) .

____________________

(١ و٢) الفتوح ٥/ ١٧؛ مقتل الخوارزمي ١/ ١٨٤؛ موسوعة كلمات الإمام الحسينعليه‌السلام : ٢٨٤ ح٢٥٢؛ ونحوه في تسلية المجالس ٢/ ١٥٣ وفيه:(... فإنّه لا يُنكَر منه أن يدعو إلى بيعة يزيد... ) .

(٣) الفتوح ٥/ ٢٦؛ مقتل الخوارزمي ١/ ١٩؛ مُثير الأحزان: ٤١؛ موسوعة كلمات الإمام الحسينعليه‌السلام : ٣٠٦؛ ونحوه في تسلية المجالس ٢/ ١٦٥.

٦٧

يزيد في نظر الصحابة والتابعين وبعض كبار القوم:

لقد جرت على لسان بعض الصحابة والتابعين والكبار من الناس كلمات حول يزيد بن معاوية عليه اللعنة - الذي وصفته زينب الكبرى (سلام الله عليها): بكونه عدوَّ الله وابن عدوّ الله(١) - نذكر بعضها:

أبو هريرة:

قال الشبراوي: ( وروى ابن أبي شيبة وغيره، عن أبي هريرة أنّه قال: ( اللّهمّ، لا تُدركني سنة ستّين! ولا إمرة الصبيان! ). وكانت ولاية يزيد فيها. انتهى )(٢) .

ابن عبّاس:

قال الخوارزمي: ( وذكر أبو الحسن السلامي البيهقي في تاريخه، عن ابن عبّاس أنّه قال: سبب زوال الدولة عن يزيد بن معاوية - والله - قتله الحسينعليه‌السلام )(٣) .

عتبة بن مسعود:

حينما علم عتبة بن مسعود بإرادة ابن عبّاس لبيعة يزيد خوفاً، اعترضه بهذا الكلام - كما نقله ابن قتيبة - وقال:( أتُبايع ليزيد، وهو يشرب الخمر، ويلهو بالقيان، ويستهتر بالفواحش؟! )(٤) .

ابن الزبير:

وفي تاريخ خليفة، بإسناده عن بقيّة بن عبد الرحمان، عن أبيه قال: ( لما بلغ يزيد بن معاوية أنّ أهل مكّة أرادوا ابن الزبير على البيعة فأبى، أرسل النعمان بن بشير الأنصاري، وهمام بن قبيصة النميري إلى ابن الزبير، يدعوانه إلى البيعة ليزيد، على أن يجعل له ولاية الحجاز وما شاء وما أحبّ لأهل بيته من

____________________

(١) بلاغات النساء: ٢١.

(٢) الإتحاف بحُبّ الأشراف: ٦٥.

(٣) مقتل الخوارزمي ٢/ ٢١٠ طبع الخاقاني.

(٤) الإمامة والسياسة ١/ ٢٠٣.

٦٨

الولاية، فقدما على ابن الزبير، فعرضا عليه ما أمرهما به يزيد، فقال ابن الزبير: أتأمراني ببيعة رجل يشرب الخمر، ويدع الصلاة، ويتبع الصيد...؟! )(١) .

وجاء في تذكرة الخواص: ( ذكر الواقدي، وهشام، وابن إسحاق وغيرهم، قالوا: لما قُتل الحسينعليه‌السلام بعث عبد الله بن الزبير إلى عبد الله بن العبّاس ليُبايعه وقال: أنا أولى من يزيد الفاسق الفاجر... )(٢) .

وفي البدء والتاريخ: ( وأمّا عبد الله بن الزبير، فامتنع بمكّة، ولاذ بالكعبة، ودعا الناس إلى الشورى، وجعل يلعن يزيد، وسمّاه الفاسق المتكبّر... )(٣) .

وفي البداية والنهاية: ( أنّ ابن الزبير لما بلغه مقتل الحسين شرع يخطب الناس، ويُعظِّم قتل الحسين وأصحابه جدّاً، ويعيب على أهل الكوفة وأهل العراق ما صنعوه من خذلانهم الحسين، ويترحّم على الحسين، ويلعن مَن قتله ويقول: ( أما والله، لقد قتلوه، طويلاً بالليل قيامه، كثيراً في النهار صيامه! أما والله، ما كان يستبدل بالقرآن الغناء والملاهي، ولا بالبكاء من خشية الله اللغو والحداء، ولا بالصيام شرب المدام، وأكل الحرام، ولا بالجلوس في حلق الذِّكْر طلب الصيد - يعرِّض في ذلك بيزيد بن معاوية - فسوف يلقون غيّاً )، ويؤلّب الناس على بني أُميّة، ويحثّهم على مُخالفته وخلع يزيد )(٤) .

سعيد بن المسيّب:

قال اليعقوبي: ( وكان سعيد بن المسيب يُسمِّي سنيَّ يزيد بن معاوية بالشؤم، في السنة الأُولى قُتل الحسين بن علي وأهل بيت رسول

____________________

(١) تاريخ خليفة بن خياط: ١٥٦.

(٢) تذكرة الخواص: ٢٧٥.

(٣) البدء والتاريخ ٦/ ١٣.

(٤) البداية والنهاية ٨/ ٢١٣.

٦٩

الله، والثانية استُبيح حرم رسول الله وانتُهكت حُرمة المدينة، والثالثة سُفكت الدماء في حرم الله وحُرقت الكعبة )(١) .

عبد الله بن عفيف:

حينما قال عبيد الله بن زياد في خُطبته: ( الحمد لله الذي أظهر الحقّ وأهله! ونصر أمير المؤمنين يزيد وحزبه! وقتل الكذّاب ابن الكذّاب حسين بن عليّ وشيعته! ). وثب إليه عبد الله بن عفيف الأزدي - وكان شيخاً كبيراً ضريراً قد ذهب بصره، قد ذهبت إحدى عينيه بصفّين والأُخرى يوم الجمل - قام فقال: ( يا بن مرجانة، إنّ الكذّاب ابن الكذّاب لأنت وأبوك، والذي ولاّك وأبوه... )(٢) .

وقال السيّد محمّد بن أبي طالب: ( إنّه قال له ابن زياد: يا عدوّ نفسه، ما تقول في عثمان؟

فقال: يا بن مرجانة، ويا بن سميّة الزانية! ما أنت وعثمان أساء أم أحسن، أصلح أم أفسد، والله تعالى وليّ خلقه، يقضي بينهم وبين عثمان بالعدل؟! ولكن سلني عنك وعن أبيك، وعن يزيد وأبيه )(٣) .

عبد الله بن حنظلة:

قال ابن الجوزي: وكان ابن حنظلة يقول: ( يا قوم، والله، ما خرجنا على يزيد حتّى خفنا أن نُرمى بالحجارة من السماء، إنّ الرجل ينكح الأُمّهات والبنات والأخوات، ويشرب الخمر ويدع الصلاة، والله، لو لم يكن معي أحد من الناس لأبليت لله في بلاءً حسناً )(٤) .

عبد الله بن مُطيع:

روى الذهبي عنه أنّه قال في شأن يزيد: ( إنّه يشرب الخمر، ويترك الصلاة، ويتعدّى حكم الله )(٥) .

____________________

(١) تاريخ اليعقوبي ٢/ ٢٥٣.

(٢) جواهر المطالب ٢/ ٢٩٢؛ تاريخ الإسلام ١/ ٤٠٠؛ الردّ على المتعصّب العنيد: ٢٤.

(٣) تسلية المجالس ٢/ ٣٧٠.

(٤) الصواعق المحرقة: ٢٣٢. وروى نحوه السيوطي عنه (تاريخ الخلفاء: ٢٠٩).

(٥) سير أعلام النبلاء ٤/ ٤٠.

٧٠

عبد الله بن عمرو بن حفص المخزومي:

قال ابن الجوزي: ( قال أبو الحسن المدائني - وكان من الثقات -: أتى أهل المدينة المنبر، فخلعوا يزيد، فقال عبد الله ابن عمرو بن حفص المخزومي: قد خلعت يزيد، كما خلعت عمامتي - ونزعها من رأسه - وإنّي لأقول هذا، وقد وصلني وأحسن جائزتي، ولكنّ عدوّ الله سكّيرٌ )(١) .

عمرو بن حفص بن المغيرة - أبو زوجة يزيد -:

قال البيهقي: ( ولما كان من أمر الحسينعليه‌السلام ما كان، قَدِم عمرو بن حفص بن المغيرة، وكان تزوّج يزيد بن معاوية ابنته وأعطاه مالاً كثيراً، فلما قدم المدينة جاءه محمّد بن عمرو بن حزم، وعبيد الله بن حنظلة، وعبد الله بن مُطيع بن الأسود، وناس من وجوه أهل المدينة قالوا: ننشدك الله ربّ هذا البيت، وربّ صاحب هذا القبر، إلاّ أخبرتنا عن يزيد، فقال: إنّه ليشرب الخمر، ويُنادم القردة، ويفعل كذا، ويصنع كذا.

فقالوا: والله، ما لنا بأهل الشام من طاقة، ولكن ما يحِلّ لنا أن نُبايع رجلاً على هذه الحال... )(٢) .

وفد المدينة:

قال ابن الجوزي: ( لما دخلت سنة اثنتين وستّين، ولّى يزيد عثمان بن محمّد ابن أبي سفيان المدينة، فبعث إلى يزيد وفداً من المدينة، فلما رجع الوفد أظهروا شتم يزيد وقالوا: قدمنا من عند رجل ليس له دين، يشرب الخمر، ويعزف بالطنابير، ويلعب بالكلاب، وإنّا نُشهدكم أنّا قد خلعناه )(٣) .

معاوية بن يزيد بن معاوية:

قال في دائرة المعارف: ( قام بالأمر بعده ابنه معاوية بن يزيد بن معاوية، لكنّه خلع نفسه بعد أربعين يوماً؛ حبّاً بعليّ؛ وكرهاً لقتل

____________________

(١) الردّ على المتعصّب العنيد: ٥٤.

(٢) المحاسن والمساوئ: ٦٣.

(٣) الردّ على المتعصّب العنيد: ٥٣. وروى نحوه سبطه في التذكرة (تذكرة الخواص: ٢٨٨).

٧١

الحسن والحسين ولأخذ جدّه الخلافة من بني هاشم )(١) .

وقال ابن حجر: ( إنّه لما وُلِّيَ صعد المنبر فقال: إنّ هذه الخلافة حبل الله، وإنّ جدّي معاوية نازع الأمر أهله، ومَن هو أحقّ به منه، عليّ بن أبي طالب، وركب بكم ما تعلمون، حتّى أتته منيّته، فصار في قبره رهيناً بذنوبه، ثمّ قلّد أبي الأمر، وكان غير أهل له، ونازع ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقَصِف عمرُه، وانبتر عقبُه، وصار في قبره رهيناً بذنوبه )(٢) .

عمر بن عبد العزيز:

روى ابن الحجر أنّه قال نوفل بن أبي عقرب: ( كنت عند عمر بن عبد العزيز، فذكر رجلٌ يزيد بن معاوية فقال: (قال أمير المؤمنين يزيد ). فقال عمر: ( تقول: أمير المؤمنين يزيد؟! ). وأمر به فضُرب عشرين سوطاً )(٣) .

يزيد في أقوال العلماء:

ذكرنا في مطاوي المباحث السابقة أقوالاً لكبار العلماء والمؤرِّخين والمفسِّرين - حول هذه الجرثومة الفاسدة الطاغية - ما يُناسب بعض زوايا حياته السوداء، ونذكر هنا بعض ما يكون أعمّ وأشمل منها:

١ - الإمام ابن حنبل:

روى ابن الجوزي، بإسناده عن مهنّا بن يحيى قال: ( سألت أحمد عن يزيد بن معاوية، فقال: هو الذي فعل بالمدينة ما فعل.

قلت: وما فعل بها؟

قال: نهبها.

قلت: فنذكر عنه الحديث؟

قال: لا يُذكَر عنه الحديث ولا [ كرامة ]، لا ينبغي لأحد أن يكتب عنه حديثاً.

قال: ومَن كان معه حين فعل ما

____________________

(١) دائرة المعارف ٤/ ٤٢٠.

(٢) الصواعق المحرقة: ٣٣٦؛ تاريخ اليعقوبي ٢/ ٢٥٤.

(٣) الصواعق المحرقة: ٢٣٢؛ انظر تهذيب التهذيب ١١/ ٣١٥ رقم ٨١٠٠.

٧٢

فعل؟ قال: أهل الشام )(١) .

وقال ابن الجوزي في المنتظم: ( وقد أسند يزيد بن معاوية الحديث، فروى عن أبيه، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإسنادنا إليه متّصل! غير أنّ الإمام أحمد سُئل: أيُروى عن يزيد الحديث؟

فقال: ( لا، ولا كرامة )؛ فلذلك امتنعنا أن نُسند عنه )(٢) .

٢ - مُجاهد:

ذكر سبط ابن الجوزي، عن ابن أبي الدُّنيا قال: ( قال مجاهد: فوالله، لم يبقَ في الناس أحد إلاّ مَن سبّه وعابه وتركه ( أي يزيد بن معاوية ) )(٣) .

٣ - الكيا الهراسي:

وحكى عن ذيل تاريخ نيسابور أنّه قد سُئِلَ عن يزيد بن معاوية، فقدح فيه وشطح وقال: ( لو مُددت ببياض لمددت العنان في مخازي هذا الرجل، فأمّا قول السلف، فلأحمد، ومالك، وأبي حنيفة قولان: تلويح، وتصريح، ولنا قول واحد التصريح، وكيف لا، وهو اللاعب بالنرد! والمتصيّد بالفهود، ومُدمن الخمر، وهو القائل:

أقول لصحب ضمَّ الكأس شملهم

وداعـي صبابات الهوى يترنَّم

خـذوا بـنصيب من نعيمٍ ولذَّة

فـكلٌّ وإن طال المدى يتصرّم

ولا تتركوا يوم السرور إلى غدٍ

فـرُبَّ غـدٍ يأتي بما ليس يُعلَم(٤)

٤ - ابن الجوزي:

قال: ( ليس العجب من فعل عمر بن سعد وعبيد الله بن زياد، وإنّما العجب من خذلان يزيد وضربه بالقضيب على ثنيَّة الحسين، وإعادته إلى المدينة... لبلوغ الغرض الفاسد، أفيجوز أن يفعل هذا بالخوارج؟! أوليس في

____________________

(١) الردّ على المتعصّب العنيد: ١٣. ورواه سبطه عنه في تذكرة الخواص: ٢٨٧.

(٢) المنتظم ٥/ ٣٢٢. وقد ذكرنا رأي أحمد بن حنبل حول لعن يزيد، فراجع.

(٣) تذكرة الخواص: ٢٦٢.

(٤) على ما في هامش جواهر المطالب ٢/ ٣٠١.

٧٣

الشرع أنّهم يُصلّى عليهم ويدفنون؟! وأمّا قوله: (لي أن أسبيهم ). فأمر لا يقع لفاعله ومُعتقده إلاّ اللعنة، ولو أنّه احترم الرأس حين وصوله وصلّى عليه، ولم يتركه في طست، ولم يضربه بقضيب، ما الذي كان يضرّه، وقد حصل مقصوده من القتل؟! ولكنْ أحقاد جاهلية؛ ودليلها ما تقدّم من إنشاده: ليت أشياخي ببدرٍ شهدوا )(١) .

وقال: ( واعلم أنّه ما رضي ببيعة يزيد أحد ممّن يُعوّل عليه، حتّى العَوام أنكروا ذلك، غير أنّهم سكتوا خوفاً على أنفسهم.. وأجمع العلماء على أنّه لا يجوز التنصيص على إمام بالتشهّي، وأنّه لابدّ من صفات، وصفات الإمام وشروط الإمامة جَمَعَها الحسينعليه‌السلام ، لا يُقاربه فيها أحد من أهل زمانه.. وإذا ثبت أنّ الصحابة كانوا يطلبون الأفضل ويرونه الأحقّ، أفيشكّ أحد أنّ الحسين أحقّ بالخلافة من يزيد؟! لا، بل مَن هو دون الحسين في المنزلة، كعبد الرحمان بن أبي بكر، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عبّاس، وما في هؤلاء إلاّ مَن له صحبة ونَسَب، ونجدة وكفاية، وورع وعلم وافر لا يُقاربهم يزيد، فبأيّ وجه يستحقّ التقديم؟! وما رضي ببيعة يزيد عالم ولا جاهل، ولو قيل لأجهل الناس: أيّهما أصلح، الحسين أو يزيد؟ لقال: الحسين.

فبان بما ذكرنا، أنّ ولاية يزيد كانت قهراً، وإنّما سكت الناس خوفاً، ومن جملة مَن خرج ولم يُبايع ابن عمر! فلما خاف على نفسه بايع... )(٢) .

٥ - ابن أبي الحديد ردّاً على بعض:

( وكذا القول في الحديث الآخر، وهو قوله: ( القرن الذي أنا فيه خير... ثمّ الذي يليه) وممّا يدلّ على بطلانه، أنّ القرن الذي جاء بعده بخمسين سنة شرّ قرون الدُّنيا، وهو أحد القرون التي ذكرها في

____________________

(١) الردّ على المتعصّب العنيد: ٥٢، ونحوه بتفاوت في تذكرة الخواص: ٢٩٠.

(٢) الردّ على المتعصّب العنيد: ٦٨ - ٧٠.

٧٤

النصّ، وكان ذلك القرن هو القرن الذي قُتل فيه الحسين، وأُوقِع بالمدينة وحوصرت مكّة، ونُقضت الكعبة، وشربت خلفاؤه القائمون مقامه والمنتصبون أنفسهم في منصب النبوّة الخمور، وارتكبوا الفجور، كما جرى ليزيد بن معاوية، وليزيد بن عاتكة، وللوليد بن يزيد.. وإذا تأمّلت كتب التواريخ وجدت الخمسين الثانية شرّاً كلّها لا خير فيها، فكيف يصحّ هذا الخبر؟! )(١) .

٦ - سيّد الحفّاظ شهردار بن شيرويه الديلمي:

قال الخوارزمي: (وأخبرني سيّد الحفّاظ - ثمّ ذكر إسناد الخبر إلى عبد الله بن بدر الخطمي - عن النبيّ(صلَّى الله عليه وسلَّم) يقول:( مَن أحبّ أن يُبارَك في أجله وأن يُمتَّع بما خوّله الله تعالى، فليَخلفني في أهلي خلافة حسنة، ومَن لم يَخلفني فيهم بُتك عمره وورد عليَّ يوم القيامة مسودّاً وجهه ) قال: فكان كما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ فإنّ يزيد بن معاوية لم يخلفه في أهله خلافة حسنة فبُتك عمره، وما بقي بعد الحسينعليه‌السلام إلاّ قليلاً، وكذلك عبيد الله بن زياد لعنهما الله )(٢) .

٧ - مجد الأئمّة:

روى الخوارزمي بإسناده: (عن عبد الله بن عمر: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال:( مَن ذبح عصفوراً بغير حقّه سأله الله عنه يوم القيامة ).

وفي رواية أُخرى:( مَن ذبح عصفوراً بغير حقّ ضجّ إلى الله تعالى يوم القيامة منه، فقال: يا ربّ، إنّ هذا ذبحني عبثاً ولم يذبحني منفعة ) ، ثمّ قال: قال مجد الأئمّة: هذا لمن ذبح عصفوراً بغير حقّ، فكيف لمن قتل مؤمناً؟! فكيف لمن قتل ريحانة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو الحسينعليه‌السلام ؟! )(٣) .

____________________

(١) شرح نهج البلاغة ٢٠/ ٢٩.

(٢) مقتل الخوارزمي ٢/ ٨٥.

(٣) المصدر ٢/ ٥٢.

٧٥

٨ - ابن تيمية:

حُكي عن ابن تيميّة أنّه حكم بضلالته، حيث قال ما معناه: ( ومن الناس مَن يرى يزيد رجلاً صالحاً وإمامَ عدلٍ، وهذا قول بعض الضلاّل... )(١) .

٩ - صاحب الميزان:

قال صاحب شذرات الذهب: ( وقال فيه (يزيد) في الميزان: إنّه مقدوحٌ في عدالته، ليس بأهل أن يُروى عنه )(٢) .

١١ - ابن حجر:

قال الشبراوي: (قال العلاّمة ابن حجر في شرح الهمزية: إنّ يزيد قد بلغ من قبايح الفسق والانحلال عن التقوى مبلغاً لا يُستكثَر عليه صدور تلك القبائح منه )(٣) .

١٢ - الجوهري:

ذكر العلاّمة المحمودي، أنّه أنشد في ناصبي أحمق:

رأيت فتىً أشقراً أزرقـاً

قلـيل الدمـاغ كثير الفضول

يُفضّل من حمقه دائـماً

يزيد ابن هند على ابن البتول(٤)

١٣ - ابن حزم:

قال في شذرات الذهب: ( وعدّ ابن حزم خروم الإسلام أربعة: قتل عثمان، وقتل الحسين، ويوم الحرّة، وقتل ابن الزبير )(٥) .

١٤ - العلاّمة الحجّة الأميني:

ولنختم المقال بما ذكره العلاّمة الحجّة البحّاثة الشيخ الأميني:

(... نعم، تمّت تلك البيعة المشومة مع فقدان أيّ جدارة وحنكة في يزيد،

____________________

(١) على ما ذكره المحمودي في هامش الردّ على المتعصّب العنيد: ٣٠ عن ما حكى عن ابن تيميّة في كتاب الفتاوى ٤/ ٤٨١.

(٢) شذرات الذهب ١/ ٦٨.

(٣) الإتحاف بحُبّ الأشراف: ٦٨.

(٤) (هامش) الردّ على المتعصّب العنيد: ١٢.

(٥) شذرات الذهب ١/ ٦٨.

٧٦

تؤهّله لتسنّم عرش الخلافة، على ما تردّى به من ملابس الخزي وشية العار من معاقرة الخمور، ومُباشرة الفجور، ومُنادمة القيان ذوات المعازف، ومُحارشة الكلاب، إلى ما لا يتناهى من مظاهر الخزاية، وقد عرفته الناس بذلك كلّه منذ أولياته، وعرّفه به أُناس آخرون... )(١) .

موته:

قال ابن قتيبة الدينوري: ( كانت ولاية يزيد ثلاث سنين وشهوراً، وهلك بحوارين من عمل دمشق، سنة أربع وستّين وهو ابن ثمان وثلاثين سنة )(٢) .

وروى الذهبي، عن محمّد بن أحمد بن مسمع قال: ( سكر يزيد، فقام يرقص فسقط على رأسه، فانشقّ وبدا دماغه )(٣) .

وفيه يقول الشاعر:

يا أيُّها القبر بحوارينا

ضممت شرّ الناس أجمعينا(٤)

* * *

روي عن عمر بن عبد العزيز أنّه قال: ( رأيت فيما يرى النائم أنّ القيامة قد قامت - إلى أن قال -: ثمّ مررت على وادٍ من نار، فإذا رجل فيه، كلّما أراد أن يخرج قُمِع بمقامع من حديد فهوى، فقلت: مَنْ هذا؟ قيل: يزيد بن معاوية )(٥) .

____________________

(١) الغدير ١٠/ ٢٥٥.

(٢) المعارف: ١٩٨.

(٣) سير أعلام النبلاء ٤/ ٣٦.

(٤) البدء والتاريخ ٦/ ١٦.

(٥) مقتل الخوارزمي ٢/ ٨٦.

٧٧

٧٨

الفصل الأوّل

دور أهل البيت في الشام

٧٩

٨٠