الإمام علي (عليه السلام) وتنمية ثقافة أهل الكوفة

الإمام علي (عليه السلام) وتنمية ثقافة أهل الكوفة20%

الإمام علي (عليه السلام) وتنمية ثقافة أهل الكوفة مؤلف:
الناشر: المركز العالمي للدراسات الإسلامية
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 183

الإمام علي (عليه السلام) وتنمية ثقافة أهل الكوفة
  • البداية
  • السابق
  • 183 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 99596 / تحميل: 7446
الحجم الحجم الحجم
الإمام علي (عليه السلام) وتنمية ثقافة أهل الكوفة

الإمام علي (عليه السلام) وتنمية ثقافة أهل الكوفة

مؤلف:
الناشر: المركز العالمي للدراسات الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

اشترى للقراض وقع الشراء له ، ووجب الثمن عليه ، وإذا تلفت بعد الشراء فقد وقع الشراء للقراض ، ومَلَكه ربّ المال ، وإذا تلف الثمن كان الثمن على مالكه يسلّم إليه ألفاً أُخرى ليدفعها ، فإن هلكت أيضاً سلّم إليه أُخرى ، وعلى هذا.

واختلفوا في رأس مال القراض.

منهم مَنْ قال : إنّ الألفين الأوّلة والثانية تكونان رأس المال.

ومنهم مَنْ قال : الثانية خاصّةً ، والاولى انفسخ القراض فيها(١) .

وقال ابن سريج : إنّ الشراء يقع للعامل ، سواء تلفت الألف قبل الشراء أو بعده ، وحمل كلام الشافعي على عمومه(٢) .

وإنّما كان كذلك ؛ لأنّها إذا تلفت قبل الشراء فقد انفسخ القراض ، فإن اشترى قبل تلفها فقد صحّ الشراء للقراض ، إلّا أنّ إذنه تناول الشراء بها أو بعدها في الثمن ، فإذا تعذّر ذلك ، فقد حصل الشراء على غير الوجه الذي أذن ، فيصير الشراء للعامل.

قال : وهذا مثل أن يعقد الحجّ عن غيره ، فيصحّ الإحرام عنه ، فإذا أفسده الأجير ، صار عنه ؛ لأنّه خالف في الإذن ، كذا هنا.

لا يقال : لو وكّل وكيلاً ودفع إليه ألفاً ليشتري له سلعةً فاشتراها وقبل أن يدفع الثمن هلك في يده ، أليس يكون الشراء للموكّل والألف عليه؟

لأنّا نقول : قال ابن سريج : في ذلك وجهان :

____________________

(١) راجع : بحر المذهب ٩ : ٢٣٠ ، وحلية العلماء ٥ : ٣٤٢ ، والعزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٩.

(٢) بحر المذهب ٩ : ٢٣٠ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٨.

١٢١

أحدهما : إنّه يلزم الوكيل ، كمسألتنا.

والثاني : إنّه يلزم الموكّل(١) .

والفرق بينهما : إنّه أذن العاملَ في التصرّف في ألفٍ واحدة على أنّه لا يزيد عليها ؛ لأنّ إذنه تناول المال ، ولا يلزمه أن يزيد على ذلك ، وفي الوكالة تعلّق إذنه بشراء العبد وقد اشتراه له ، فكان ثمنه عليه.

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢٣٠ - ٢٣١.

١٢٢

١٢٣

الفصل الرابع : في التنازع‌

مسألة ٢٧٧ : لو ادّعى العامل التلفَ ، صُدّق باليمين وعدم البيّنة ، سواء ادّعاه قبل دورانه في التجارة أو بعدها(١) ؛ لأنّه أمين في المال ، كالمستودع.

والأصل فيه : إنّه يتصرّف في مال غيره بإذنه ، فكان أميناً ، كالوكيل.

ولما رواه الحلبي - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام قال : « صاحب الوديعة والبضاعة مؤتمنان »(٢) .

وفي الصحيح عن محمّد بن مسلم أنّه سأل الباقرَعليه‌السلام عن الرجل يستبضع المال فيهلك أو يسرق أعلى صاحبه ضمان؟ قال : « ليس عليه غُرْمٌ بعد أن يكون الرجل أميناً »(٣) .

وبه قال الشافعي(٤) ، وفرّق بين العامل وبين المستعير حيث ذهب إلى أنّ المستعير ضامن(٥) : بأنّ المستعير قبضه لمنفعة نفسه خاصّةً بغير استحقاقٍ ، وهنا معظم المنفعة لربّ المال.

وفرّق أيضاً بين العامل وبين الأجير المشترك ، فإنّه عنده - على أحد القولين - ضامن ؛ لأنّ المنفعة تعجّلت له ، فكان قبضه للمال لمنفعةٍ حصلت‌

____________________

(١) الظاهر : « بعده ».

(٢) الكافي ٥ : ٢٣٨ / ١ ، الفقيه ٣ : ١٩٣ / ٨٧٨ ، التهذيب ٧ : ١٧٩ / ٧٩٠.

(٣) الكافي ٥ : ٢٣٨ - ٢٣٩ / ٤ ، التهذيب ٧ : ١٨٤ / ٨١٢.

(٤) مختصر المزني : ١٢٢ ، الحاوي الكبير ٧ : ٣٢٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٦ ، بحر المذهب ٩ : ٢٠٤ ، الوسيط ٤ : ١٣٠ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٤٠١ ، البيان ٧ : ٢٠٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٢.

(٥) راجع : ج ١٦ - من هذا الكتاب - ص ٢٧٣ ، الهامش (٤)

١٢٤

له ، وهنا لم تحصل له بالقبض منفعة معجّلة ، فافترقا(١) .

إذا عرفت هذا ، فإنّ قوله مقبول في التلف ، سواء ادّعى التلف بسببٍ ظاهر أو خفيّ أو لم يذكر سبباً ، وسواء أمكنه إقامة البيّنة على السبب أو لا.

وللشافعي تفصيل(٢) تقدّم مثله في الوديعة(٣) .

مسألة ٢٧٨ : لو اختلف المالك والعامل في ردّ المال ، فادّعاه العامل وأنكره المالك ، فالأقوى : تقديم قول المالك - وهو قول أحمد ، وأحد وجهي الشافعيّة(٤) - لأنّه قبض المال لنفع نفسه ، فلم يقبل قوله في ردّه إلى المالك ، كالمستعير ، ولأنّ صاحب المال منكر والعامل مدّعٍ ، فيُقدَّم قول المنكر مع اليمين إذا لم تكن هناك بيّنة.

والوجه الثاني لأصحاب الشافعي : إنّه يُقدَّم قول العامل مع اليمين ؛ لأنّه أمين ، ولأنّ معظم النفع لربّ المال ، والعامل كالمستودع(٥) .

ونمنع أنّه أمين في المتنازع ، ولا ينفع في غيره.

والفرق بينه وبين المستودع ظاهر ؛ فإنّ المستودع لا نفع له في الوديعة البتّة.

ونمنع أنّ معظم النفع لربّ المال. سلّمنا ، لكنّ العامل لم يقبضه إلّا لنفع نفسه ، ولم يأخذه لنفع ربّ المال.

____________________

(١) راجع : البيان ٧ : ٢٠٤.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٤٠١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٢.

(٣) راجع : ج ١٦ - من هذا الكتاب - ص ٢١٢ ، المسألة ٦٢.

(٤ و ٥) الحاوي الكبير ٧ : ٣٢٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٦ ، بحر المذهب ٩ : ٢٠٤ ، الوسيط ٤ : ١٣٠ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٤ ، البيان ٧ : ٢٠٣ - ٢٠٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٢.

١٢٥

مسألة ٢٧٩ : لو اختلفا في الربح ، فالقول قول العامل مع يمينه وعدم البيّنة - سواء اختلفا في أصله وحصوله بأن ادّعى المالك الربحَ وأنكر العامل وقال : ما ربحتُ شيئاً ، أو في مقداره بأن ادّعى المالك أنّه ربح ألفاً وادّعى العامل أنّه ربح مائة - لأنّه أمين.

وكذا لو قال : كنتُ ربحتُ كذا ثمّ خسرتُ وذهب الربح ، وادّعى المالك بقاءه في يده ، قُدّم قول العامل مع اليمين ؛ لأنّه أمين ، كما لو ادّعى المستودع التلفَ ، وكما لو ادّعاه العامل في أصل المال فكذا في ربحه ، ولأنّه أمين يُقبل قوله في التلف فيُقبل في الخسارة ، كالوكيل ، وبه قال الشافعي وغيره(١) .

وأمّا لو قال العامل : ربحتُ ألفاً ، ثمّ قال : غلطتُ في الحساب ، وإنّما الربح مائة ، أو تبيّنتُ أنّه لا ربح هنا ، أو قال : كذبتُ في الإخبار بالربح خوفاً من انتزاع المال من يدي فأخبرتُ بذلك ، لم يُقبل رجوعه ؛ لأنّه أقرّ بحقٍّ عليه ثمّ رجع عنه ، فلم يُقبل ، كسائر الأقارير ، وبه قال الشافعي(٢) .

وقال مالك : إن كان بين يديه موسم يتوقّع فيه ربح ، قُبِل قوله : كذبتُ ليترك المال في يدي فأربح في الموسم ، بخلاف ما إذا قال : خسرتُ بعد الربح الذي أخبرتُ عنه ، فإنّه لا يُقبل ، كما لو ادّعى عليه وديعة ، فقال له : ما أودعتَ عندي شيئاً ، ثمّ قامت البيّنة بالإيداع ، فادّعى التلف ، لم يُقبل قوله ، أمّا لو قال : ما تستحقّ علَيَّ شيئاً ، ثمّ قامت البيّنة بالإيداع ، فادّعى‌

____________________

(١) الوسيط ٤ : ١٣١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٤٠١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٢ ، المغني ٥ : ١٩٤ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٦.

(٢) مختصر المزني : ١٢٣ ، الحاوي الكبير ٧ : ٣٥٣ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٤ ، الوسيط ٤ : ١٣١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٤٠٠ ، البيان ٧ : ٢٠٧ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٢.

١٢٦

التلف ، كان القولُ قولَه مع يمينه ؛ لأنّه ليس فيه تكذيب لقوله الأوّل ، كذا هنا(١) .

هذا إذا كانت دعوى الخسران في موضعٍ يُحتمل بأن عرض في الأسواق كساد ، ولو لم يُحتمل لم يُقبل.

مسألة ٢٨٠ : إذا اشترى العامل سلعةً فظهر فيها ربح ثمّ اختلفا ، فقال صاحب المال : اشتريتَه للقراض ، وقال العامل : اشتريتُه لنفسي ، قُدّم قول العامل مع اليمين ، وكذا لو ظهر خسران فاختلفا ، فادّعى صاحب المال أنّه اشتراه لنفسه ، وادّعى العامل أنّه اشتراه للقراض ، قُدّم قول العامل مع اليمين ؛ لأنّ الاختلاف هنا في نيّة العامل ، وهو أبصر بما نواه ، ولا يطّلع على ذلك من البشر أحد سواه ، وإنّما يكون مال القراض بقصده ونيّته - وهو أحد قولَي الشافعي(٢) - ولأنّ في المسألة الأُولى المال في يد العامل ، فإذا ادّعى ملكه فالقول قوله.

وقد ذكر الشافعي في الوكيل والموكّل إذا اختلفا في بيع شي‌ءٍ أو شراء شي‌ءٍ ، فقال الموكّل : ما بعتَه ، أو قال : ما اشتريتَه ، وقال الوكيل : بعتُ أو اشتريتُ ، قولين(٣) .

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢٢٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٤٠٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٦.

(٢) مختصر المزني : ١٢٣ ، الحاوي الكبير ٧ : ٣٤٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٦ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٣ ، الوسيط ٤ : ١٣١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٤٠٠ ، البيان ٧ : ٢٠٥ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٢.

(٣) الحاوي الكبير ٦ : ٥٢١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٦٤ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٣ ، الوسيط ٣ : ٣١٠ ، حلية العلماء ٥ : ١٥٧ ، البيان ٦ : ٤١٥ ، و ٧ : ٢٠٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٢٦٤ - ٢٦٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٦٨.

١٢٧

واختلف أصحابه.

فمنهم مَنْ قال هنا أيضاً : قولان ، يعني في المسألة الثانية التي ظهر فيها الخسران :

أحدهما : القول قول ربّ المال ؛ لأنّ الأصل أنّه ما اشتراه لمال القراض ، والأصل عدم وقوعه للقراض ، كأحد القولين فيما إذا قال الوكيل : بعتُ ما أمرتني ببيعه ، أو اشتريتُ ما أمرتني بشرائه ، فقال الموكّل : لم تفعل.

والثاني : القول قول الوكيل ؛ لأنّه أعلم بما نواه.

ومنهم مَنْ قال هنا : القول قول العامل قولاً واحداً ، بخلاف مسألة الوكالة.

والفرق بينهما : إنّ الموكّل والوكيل اختلفا في أصل البيع والشراء ، وهنا اتّفقا على أنّه اشتراه ، وإنّما اختلفا في صفة الشراء ، فكان القولُ قولَ مَنْ باشر الشراء(١) .

ولو أقام المالك بيّنةً في الصورة الثانية ، ففي الحكم بها للشافعيّة وجهان ، أحدهما : المنع ؛ لأنّه قد يشتري لنفسه بمال القراض متعدّياً ، فيبطل البيع ، ولا يكون للقراض(٢) .

مسألة ٢٨١ : لو اختلفا في قدر حصّة العامل من الربح ، فقال المالك : شرطتُ(٣) لك الثلث ، وقال العامل : بل النصف ، فالقول قول المالك مع‌

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢٢٣ ، البيان ٧ : ٢٠٦.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٣٤٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٦ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٣ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٦ ، البيان ٧ : ٢٠٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٢.

(٣) في الطبعة الحجريّة : « اشترطتُ ».

١٢٨

يمينه وعدم البيّنة ، عند علمائنا - وبه قال الثوري وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي وابن المنذر وأحمد في إحدى الروايتين(١) - لأنّ المالك منكر لما ادّعاه العامل من زيادة السدس ، والقول قول المنكر مع اليمين.

وقال الشافعي : يتحالفان ؛ لأنّهما اختلفا في عوض العقد وصفته ، فأشبه اختلاف المتبايعين في قدر الثمن ، وكالإجارة ، فإذا حلفا فسخ العقد ، واختصّ الربح والخسران بالمالك ، وللعامل أُجرة المثل عن عمله ، كما لو كان القراض فاسداً - وفيه وجه : إنّها إن كانت أكثر من نصف الربح فليس له إلّا قدر النصف ؛ لأنّه لا يدّعي أكثر منه(٢) - ولو حلف أحدهما ونكل الآخَر حُكم للحالف بما ادّعاه(٣) .

وعن أحمد رواية ثانية : إنّ العامل إذا ادّعى أُجرة المثل وزيادة يتغابن الناس بمثلها فالقول قوله ، وإن ادّعى أكثر فالقول قوله فيما وافق أُجرة المثل(٤) .

____________________

(١) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ٤٣ ، الحاوي الكبير ٧ : ٣٥٠ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٨ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٤ ، المغني ٥ : ١٩٣ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٥ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٦٤ / ١٧٣٨ ، المبسوط - للسرخسي - ٢٢ : ٨٩ ، بدائع الصنائع ٦ : ١٠٩ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٩٤ / ٣٤٨٣ ، فتاوى قاضيخان - بهامش الفتاوى الهنديّة - ٣ : ١٦٥ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢١٤.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٢ - ٢٢٣.

(٣) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ٤٤ ، الحاوي الكبير ٧ : ٣٥٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٦ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٧ - ٢٢٨ ، الوجيز ١ : ٢٢٦ ، الوسيط ٤ : ١٣٠ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٤٠٠ ، البيان ٧ : ٢٠٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٢ ، المغني ٥ : ١٩٣ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٥ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٦٤ / ١٧٣٨ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٩٤ / ٣٤٨٥.

(٤) المغني ٥ : ١٩٣ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٥.

١٢٩

والمعتمد ما قلناه ؛ لأنّ المالك منكر ، ولأنّه اختلاف في فعله ، وهو أبصر به وأعرف ، ولأنّ الأصل تبعيّة الربح للمال ، فالقول قول مَنْ يدّعيه ، وعلى مَنْ يدّعي خلافَه البيّنةُ.

مسألة ٢٨٢ : لو اختلفا في قدر رأس المال ، فقال المالك : دفعتُ إليك ألفين هي رأس المال ، وقال العامل : بل دفعتَ إلَيَّ ألفاً واحدة هي رأس المال ، قُدّم قول العامل مع اليمين.

قال ابن المنذر : أجمع كلّ مَنْ يُحفظ عنه من أهل العلم أنّ القول قول العامل في قدر رأس المال ، كذلك قال الثوري وإسحاق وأصحاب الرأي(١) .

لأنّ المالك يدّعي عليه قبضاً وهو ينكره ، والقول قول المنكر ، والأصل عدم القبض إلّا فيما يُقرّ به ، ولأنّ المال في يد العامل وهو يدّعيه لنفسه ربحاً ، وربّ المال يدّعيه لنفسه ، فالقول قول صاحب اليد.

ولا فرق عندنا بين أن يختلفا وهناك ربح أو لم يكن ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(٢) .

ولهم وجهٌ آخَر : إنّ الأمر كذلك إن لم يكن هناك ربح ، وإن كان تحالفا ؛ لأنّ قدر الربح يتفاوت به ، فأشبه الاختلاف في القدر المشروط من‌

____________________

(١) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ٤٣ ، المغني ٥ : ١٩٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٤ - ١٧٥ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٩٤ - ٥٩٥ / ٣٤٨٦ ، فتاوى قاضيخان - بهامش الفتاوى الهنديّة - ٣ : ١٦٥ ، بدائع الصنائع ٦ : ١٠٩ ، المبسوط - للسرخسي - ٢٢ : ٩١ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢١٤.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٦ ، الوسيط ٤ : ١٣٠ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٤ و ٣٥٥ ، البيان ٧ : ٢٠٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٣.

١٣٠

الربح(١) .

والحكم في الأصل ممنوع على ما تقدّم ، مع أنّ الفرق ظاهر ؛ فإنّ الاختلاف في القدر المشروط من الربح اختلاف في كيفيّة العقد ، والاختلاف هنا اختلاف في القبض ، فيُصدَّق فيه النافي ، كما لو اختلف المتبايعان في قبض الثمن ، فإنّ المصدَّق البائع.

مسألة ٢٨٣ : لو كان العامل اثنين وشرط المالك لهما نصفَ الربح بينهما بالسويّة وله النصف ، وتصرّفا واتّجرا فنضّ المال ثلاثة آلاف ، ثمّ اختلفوا فقال ربّ المال : إنّ رأس المال ألفان ، فصدّقه أحد العاملين وكذّبه الآخَر وقال : بل دفعتَ إلينا ألفاً واحدة ، لزم الـمُقرّ ما أقرّ به ، ثمّ يحلف المنكر ؛ لما بيّنّا من تقديم قول العامل في قدر رأس المال ، ويُقضى للمنكر بموجب قوله ، فالربح بزعم المنكر ألفان وقد استحقّ بيمينه منهما خمسمائة ، فتُسلّم إليه ، ويأخذ المالك من الباقي ألفين عن رأس المال ؛ لاتّفاق المالك والـمُقرّ عليه ، تبقى خمسمائة تُقسَّم بين المالك والمصدِّق أثلاثاً ؛ لاتّفاقهم على أنّ ما يأخذه المالك مِثْلا ما يأخذه كلّ واحدٍ من العاملين ، وما أخذه المنكر كالتالف منهما ، فيأخذ المالك ثلثي خمسمائة والمصدِّق ثلثها ؛ لأنّ نصيب ربّ المال من الربح نصفه ، ونصيب المصدِّق الربع ، فيقسّم بينهما على ثلاثة أسهم ، وما أخذه الحالف كالتالف ، والتالف في المضاربة يُحسب من الربح.

ولو كان الحاصل ألفين لا غير ، فادّعاها المالك رأسَ المال ، فصدّقه أحدهما وكذّبه الآخَر وادّعى أنّ رأس المال ألف والألف الأُخرى ربح ،

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٦ ، الوسيط ٤ : ١٣٠ - ١٣١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥٥ ، البيان ٧ : ٢٠٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٢٣.

١٣١

صُدّق المكذِّب بيمينه ، فإذا حلف أخذ ربعها مائتين وخمسين الزائدة على ما أقرّ به ، والباقي يأخذه المالك.

مسألة ٢٨٤ : لو اختلفا في جنس مال القراض ، فادّعى المالك أنّ رأس المال كان دنانير ، وقال العامل : بل دراهم ، فالقول قول العامل مع يمينه ؛ لما تقدّم من أنّه أمين.

ولو اختلفا في أصل القراض ، مثل : أن يدفع إلى رجلٍ مالاً يتّجر به ، فربح ، فقال المالك : إنّ المال الذي في يدك كان قراضاً والربح بيننا ، وقال التاجر : بل كان قرضاً علَيَّ ، ربحه كلّه لي ، فالقول قول المالك مع يمينه ؛ لأنّه ملكه ، والأصل تبعيّة الربح له ، فمدّعي خلافه يفتقر الى البيّنة ، ولأنّه ملكه فالقول قوله في صفة خروجه عن يده ، فإذا حلف قُسّم الربح بينهما.

وقال بعض العامّة : يتحالفان ، ويكون للعامل أكثر الأمرين ممّا شُرط له أو أُجرة مثله ؛ لأنّه إن كان الأكثر نصيبه من الربح ، فربّ المال يعترف له به ، وهو يدّعي كلّه ، وإن كان أُجرة مثله أكثر ، فالقول قوله مع يمينه في عمله ، كما أنّ القول قول ربّ المال في ماله ، فإذا حلف قُبِل قوله في أنّه ما عمل بهذا الشرط ، وإنّما عمل لعوضٍ لم يسلم له ، فتكون له أُجرة المثل(١) .

ولو أقام كلٌّ منهما بيّنةً بدعواه ، فالأقوى : إنّه يُحكم ببيّنة العامل ؛ لأنّ القول قول المالك ، فتكون البيّنة بيّنة العامل.

وقال أحمد : إنّهما يتعارضان ، ويُقسّم الربح بينهما نصفين(٢) .

ولو قال ربّ المال : كان بضاعةً فالربح كلّه لي ، وقال العامل : كان قراضاً ، فالأقرب : إنّهما يتحالفان ، ويكون للعامل أقلّ الأمرين من نصيبه‌

____________________

(١) المغني ٥ : ١٩٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٧.

(٢) المغني ٥ : ١٩٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٧ - ١٧٨.

١٣٢

من الربح أو أُجرة مثله ؛ لأنّه لا يدّعي أكثر من نصيبه من الربح ، فلا يستحقّ زيادةً عليه وإن كان الأقلّ أُجرة مثله ، فلم يثبت كونه قراضاً ، فيكون له أُجرة عمله.

ويحتمل أن يكون القول قولَ العامل ؛ لأنّ عمله له ، فيكون القولُ قولَه فيه.

ولو قال المالك : كان بضاعةً ، وقال العامل : كان قرضاً علَيَّ ، حلف كلٌّ منهما على إنكار ما ادّعاه خصمه ، وكان للعامل أُجرة عمله لا غير.

ولو خسر المال أو تلف ، فقال المالك : كان قرضاً ، وقال العامل : كان قراضاً أو بضاعةً ، فالقول قول المالك.

وكذا لو كان هناك ربح فادّعى العامل القراضَ والمالك الغصبَ ، فإنّه يُقدّم قول المالك مع يمينه.

* * *

١٣٣

الفصل الخامس : في التفاسخ واللواحق‌

مسألة ٢٨٥ : قد بيّنّا أنّ القراض من العقود الجائزة من الطرفين ، كالوكالة والشركة ، بل هو عينهما ؛ فإنّه وكالة في الابتداء ، ثمّ قد يصير شركةً في الأثناء ، فلكلّ واحدٍ من المالك والعامل فسخه والخروج منه متى شاء ، ولا يحتاج فيه إلى حضور الآخَر ورضاه ؛ لأنّ العامل يشتري ويبيع لربّ المال بإذنه ، فكان له فسخه ، كالوكالة ، وبه قال الشافعي(١) .

وقال أبو حنيفة : يعتبر الحضور كما ذكر في خيار الشرط(٢) .

والحكم في الأصل ممنوع.

إذا ثبت هذا ، فإن فسخا العقد أو أحدهما ، فإن كان قبل العمل عاد المالك في رأس المال ، ولم يكن للعامل أن يشتري بعده.

وإن كان قد عمل ، فإن كان المال ناضّاً ولا ربح فيه أخذه المالك أيضاً ، وكان للعامل أُجرة عمله إلى ذلك الوقت ، وإن كان فيه ربح أخذ رأس ماله وحصّته من الربح ، وأخذ العامل حصّته منه.

وإن لم يكن المال ناضّاً ، فإن كان دَيْناً بأن باع نسيئةً بإذن المالك ، فإن كان في المال ربح كان على العامل جبايته ، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(٣) .

____________________

(١) البيان ٧ : ١٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٨.

(٢) بدائع الصنائع ٦ : ٧٧ و ١٠٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٠.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٨ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٣٥ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٠٩ ، المغني ٥ : ١٨٠ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٢.

١٣٤

وإن لم يكن هناك ربح ، قال الشيخرحمه‌الله : يجب على العامل جبايته أيضاً(١) ، وبه قال الشافعي ؛ لأنّ المضاربة تقتضي ردّ رأس المال على صفته ، والديون لا تجري مجرى المال الناضّ ، فيجب(٢) عليه أن ينضّه إذا أمكنه ، كما لو كانت عروضاً فإنّه يجب عليه بيعها(٣) .

والأصل فيه : إنّ الدَّيْن ملك ناقص ، والذي أخذه كان ملكاً تامّاً ، فليردّ كما أخذ.

وقال أبو حنيفة : إن كان في المال ربح كان عليه أن يجبيه ، وإن لم يكن فيه ربح لم يجب عليه أن يقتضيه ؛ لأنّه إذا لم يكن فيه ربح لم يكن له غرض في العمل ، فصار(٤) كالوكيل(٥) .

والفرق : إنّ الوكيل لا يلزمه بيع العروض ، والعامل يلزمه.

مسألة ٢٨٦ : لو فسخ المالك القراض والحاصل دراهم مكسّرة وكان رأس المال صحاحا ، فإن قدر على إبدالها بالصحاح وزناً أبدلها ، وإلّا باعها بغير جنسها من النقد ، واشترى بها الصحاح.

ويجوز أن يبيعها بعرضٍ ويشتري به الصحاح ؛ لأنّه سعي في إنضاض المال ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة ، والثاني : لا يجوز ؛ لأنّه قد‌

____________________

(١) الخلاف ٣ : ٤٦٣ - ٤٦٤ ، المسألة ١٠ من كتاب القراض.

(٢) في الطبعة الحجريّة : « فوجب ».

(٣) بحر المذهب ٩ : ٢٠٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٩ ، البيان ٧ : ١٩٨ و ١٩٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٨ ، المغني ٥ : ١٨٠ - ١٨١ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٢.

(٤) في النُّسَخ الخطّيّة : « فكان » بدل « فصار ».

(٥) الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٣٥ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٠٩ ، بحر المذهب ٩ : ٢٠٨ ، البيان ٧ : ١٩٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٠ ، المغني ٥ : ١٨٠ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧٢.

١٣٥

يتعوّق عليه بيع العرض(١) .

ولو كان رأس المال دنانير والحاصل دراهم ، أو بالعكس ، أو كان رأس المال أحد النقدين والحاصل متاع ، فإن لم يكن هناك ربح فعلى العامل بيعه إن طلبه المالك.

وللعامل أيضاً بيعه وإن كره المالك - وبه قال الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق(٢) - لأنّ حقّ العامل في الربح لا يظهر إلّا بالبيع.

ولا يجب على المالك الصبر وتأخير البيع إلى موسم رواج المتاع - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّ حقّ المالك معجَّل.

وقال مالك : للعامل أن يؤخّر البيع إلى الموسم(٤) .

ولو طلب المالك أن يأخذه بقيمته ، جاز ، وما يبقى بعد ذلك بينهما يتقاسمانه.

وإن لم يطلب ذلك ، وطلب أن يباع بجنس رأس المال ، لزم ذلك ، ويباع منه بقدر رأس المال ، ولا يُجبر العامل على بيع الباقي.

ولو قال العامل : قد تركتُ حقّي منه فخُذْه على صفته ولا تكلّفني البيع ، فالأقرب : إنّه لا يُجبر المالك على القبول ؛ لأنّ له طلب ردّ المال كما أخذه ، وفي الإنضاض مشقّة ومئونة ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة ، والثاني :

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٨.

(٢) المغني ٥ : ١٧٩ - ١٨٠ ، الشرح الكبير ٥ : ١٧١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٨ - ٢١٩.

(٣) بحر المذهب ٩ : ٢٠٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٩.

(٤) بحر المذهب ٩ : ٢٠٨ - ٢٠٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٩٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٠.

١٣٦

إنّه يجب على المالك القبول(١) .

وقد اختلفت الشافعيّة في مأخذ الوجهين هنا وفي كيفيّة خروجهما.

فقال بعضهم : إنّ هذا مبنيّ على الخلاف في أنّه متى يملك العامل الربحَ؟ إن قلنا بالظهور ، لم يلزم المالك قبول ملكه ، ولم يسقط به طلب البيع ، وإن قلنا بالقسمة ، أُجيب ؛ لأنّه لم يبق له توقّع فائدةٍ ، فلا معنى لتكليفه تحمّل مشقّةٍ(٢) .

وقال بعضهم : بل هُما مفرَّعان أوّلاً على أنّ حقّ العامل هل يسقط بالترك والإسقاط؟ وهو مبنيّ على أنّ الربح متى يملك؟ إن قلنا بالظهور ، لم يسقط كسائر المملوكات ، وإن قلنا بالقسمة ، سقط على أصحّ الوجهين ؛ لأنّه مَلَك أن يملك ، فكان له العفو والإسقاط كالشفعة ، فإن قلنا : لا يسقط حقّه بالترك ، لم يسقط بتركه المطالبة بالبيع ، وإذا قلنا : يسقط ، ففيه خلاف - سيأتي - في أنّه هل يُكلّف البيع إذا لم يكن في المال ربح؟(٣) .

ولو قال المالك : لا تبع ونقتسم العروض بتقويم عَدْلين ، أو قال : أُعطيك نصيبك من الربح ناضّاً ، فالأقوى : إنّ للعامل الامتناع ؛ لأنّه قد يجد زبوناً(٤) يشتريه بأكثر من قيمته.

وللشافعيّة وجهان بناهما قومٌ منهم على أنّ الربح متى يملك؟ إن قلنا بالظهور ، فله البيع ، وإن قلنا بالقسمة ، فلا ؛ لوصوله إلى حقّه بما يقوله المالك(٥) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٩.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٠ - ٤١.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤١.

(٤) راجع : ج ١٤ - من هذا الكتاب - ص ١٦١ ، الهامش (٥)

(٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤١ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٩.

١٣٧

وقطع بعضهم على الثاني ، وقال : إذا غرس المستعير في أرض العارية ، كان للمعير أن يتملّكه بالقيمة ؛ لأنّ الضرر مندفع عنه بأخذ القيمة ، فهنا أولى(١) .

والأصل ممنوع.

ثمّ اختلفوا ، فالذي قطع به محقّقوهم أنّ الذي يلزمه بيعه وإنضاضه قدر رأس المال خاصّةً ، أمّا الزائد فحكمه حكم عرضٍ آخَر يشترك فيه اثنان ، لا يكلّف واحد منهما بيعه ؛ لأنّه في الحقيقة مشترك بين المالك والعامل ، ولا يلزم الشريك أن ينضّ مال شريكه ، ولأنّ الواجب عليه أن ينضّ رأس المال ليردّ عليه رأس ماله على صفته ، ولا يوجد هذا المعنى في الربح.

وإذا باع بطلب المالك أو بدونه ، باع بنقد البلد إن كان من جنس رأس المال ، ولو لم يكن من جنسه باعه بما يرى من المصلحة إمّا برأس المال أو بنقد البلد ، فإن اقتضت بيعه بنقد البلد باعه به ، وحصل به رأس المال(٢) .

مسألة ٢٨٧ : لو لم يكن في المال ربح ، ففي وجوب البيع على العامل وإنضاض المال لو كلّفه المالك إشكال ينشأ : من أنّ غرض البيع أن يظهر الربح ليصل العامل إلى حقّه منه ، فإذا لم يكن ربح وارتفع العقد لم يحسن تكليفه تعباً بلا فائدة ، ومن أنّ العامل في عهدة أن يردّ المال كما أخذه ؛ لئلّا يلزم المالك في ردّه إلى ما كان مئونة وكلفة.

وللشافعيّة وجهان(٣) كهذين.

____________________

(١ - ٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤١ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٩.

١٣٨

وهل للعامل البيع لو رضي المالك بإمساك المتاع؟ إشكال ينشأ : من أنّه قد يجد زبوناً يشتريه بزيادةٍ ، فيحصل له ربحٌ ما ، ومن أنّ المالك قد كفاه مئونة البيع ، وهو شغل لا فائدة فيه.

وللشافعيّة وجهان(١) .

والثاني عندي أقوى ؛ لأنّ المضارب إنّما يستحقّ الربح إلى حين الفسخ ، وحصول راغبٍ يزيد إنّما حصل بعد فسخ العقد ، فلا يستحقّها العامل.

وقال بعضهم : إنّ العامل ليس له البيع بما يساويه بعد الفسخ قطعاً ، وله أن يبيع بأكثر ممّا يساويه عند الظفر بزبونٍ(٢) .

وتردّد بعضهم في ذلك ؛ لأنّ هذه الزيادة ليست ربحاً في الحقيقة ، وإنّما هو رزق يساق إلى مالك العروض(٣) .

وعلى القول بأنّه ليس للعامل البيع إذا أراد المالك إمساك العروض أو اتّفقا على أخذ المالك العروض ثمّ ظهر ربح بارتفاع السوق ، فهل للعامل نصيبٌ فيه ؛ لحصوله بكسبه ، أو لا ؛ لظهوره بعد الفسخ؟ الأقوى : الثاني ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة(٤) .

مسألة ٢٨٨ : يرتفع القراض بقول المالك : « فسختُ القراض » و « رفعتُه » و « أبطلتُه » وما أدّى هذا المعنى ، وبقوله للعامل : « لا تتصرّف بعد هذا » أو « قد أزلتُ يدك عنه » أو « أبطلتُ حكمك فيه » وباسترجاع المال من العامل لقصد رفع القراض.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٩.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٩.

١٣٩

ولو باع المالك ما اشتراه العامل للقراض ، فإن قصد بذلك إعانة العامل لم يرتفع ، وإن قصد رفع حكم العامل فيه ارتفع ، كما أنّ الموكّل لو باع ما وكّل في بيعه ، فإنّ الوكيل ينعزل ، كذا العامل هنا ؛ لأنّه في الحقيقة وكيلٌ خاصّ ، ولو لم يقصد شيئاً منهما احتُمل حمله على الأوّل وعلى الثاني.

وللشافعيّة وجهان(١) .

ولو حبس العامل ومنعه من التصرّف ، أو قال : لا قراض بيننا ، فالأقرب : الانعزال.

مسألة ٢٨٩ : القراض من العقود الجائزة يبطل بموت المالك أو العامل أو جنون أحدهما أو إغمائه أو الحجر عليه للسفه ؛ لأنّه متصرّف في مال غيره بإذنه ، فهو كالوكيل.

ولا فرق بين ما قبل التصرّف وبعده.

فإذا مات المالك ، فإن كان المال ناضّاً لا ربح فيه أخذه الوارث ، وإن كان فيه ربح اقتسماه.

وتُقدَّم حصّة العامل على جميع الغرماء ، ولم يأخذوا شيئاً من نصيبه ؛ لأنّه يملك الربح بالظهور ، فكان شريكاً للمالك ، وليس لربّ المال شي‌ء من نصيبه ، فهو كالشريك ، ولأنّ حقّه متعلّق بعين المال دون الذمّة ، فكان مقدَّماً ، كحقّ الجناية ، ولأنّه متعلّق بالمال قبل الموت ، فكان أسبق ، كحقّ الرهن.

وإن كان المال عرضاً ، فالمطالبة بالبيع والتنضيض كما في حالة‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٤٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٢١٩.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

إنّ تعريف النّاس بحقوقهم من قِبل مَن هو قائم على تولّي أمورهم، يؤثّر إيجاباً في أن يلتفت النّاس إلى حقوقهم وحقوق الآخرين، ويصبحون على بيّنة في علاقاتهم وارتباطاتهم على اختلافها.

( وَلا تُرَوِّعَنَّ مُسْلِماً وَلا تَجْتَازَنَّ عَلَيْهِ كَارِهاً، وَلا تَأْخُذَنَّ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِي مَالِهِ، فَإِذَا قَدِمْتَ عَلَى الْحَيِّ فَانْزِلْ بِمَائِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُخَالِطَ أَبْيَاتَهُمْ، ثُمَّ امْضِ إِلَيْهِمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ حَتَّى تَقُومَ بَيْنَهُمْ فَتُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ، وَلا تُخْدِجْ بِالتَّحِيَّةِ لَهُمْ، ثُمَّ تَقُولَ عِبَادَ اللَّهِ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ وَلِيُّ اللَّهِ وَخَلِيفَتُهُ؛ لآخُذَ مِنْكُمْ حَقَّ اللَّهِ فِي أَمْوَالِكُمْ فَهَلْ لِلَّهِ فِي أَمْوَالِكُمْ مِنْ حَقٍّ فَتُؤَدُّوهُ إِلَى وَلِيِّهِ؟ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ لا فَلا تُرَاجِعْهُ، وَإِنْ أَنْعَمَ لَكَ مُنْعِمٌ فَانْطَلِقْ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُخِيفَهُ أَوْ تُوعِدَهُ أَوْ تَعْسِفَهُ أَوْ تُرْهِقَهُ ) ،(١) هذا الرّفق واللّين واحترام حقوق النّاس هو طبيعة متأصّلة في ذات أمير المؤمنين؛ لذا فهو يوصي عمّاله على الصّدقات بمراعاة ذلك.

د. حق الحيوان: أوصى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) مَن استعمله على الصّدقات في رعاية حقوق الحيوانات، في طريقة أَخذها وقَودها وإطعامها وإمهالها، فطلب من أُمناء العمّال:

( أَلاّ يَحُولَ بَيْنَ نَاقَةٍ وَبَيْنَ فَصِيلِهَا، وَلا يَمْصُرَ لَبَنَهَا فَيَضُرَّ [ فَيُضِرَّ ] ذَلِكَ بِوَلَدِهَا، وَلا يَجْهَدَنَّهَا رُكُوباً، وَلْيَعْدِلْ بَيْنَ صَوَاحِبَاتِهَا فِي ذَلِكَ وَبَيْنَهَا، وَلْيُرَفِّهْ عَلَى اللاّغِبِ، وَ لْيَسْتَأْنِ بِالنَّقِبِ وَالظَّالِعِ، وَلْيُورِدْهَا مَا تَمُرُّ بِهِ

____________________

(١) نهج البلاغة: الكتاب: ٢٥.

١٦١

مِنَ الْغُدُرِ، وَلا يَعْدِلْ بِهَا عَنْ نَبْتِ الأَرْضِ إِلَى جَوَادِّ الطُّرُقِ، وَلْيُرَوِّحْهَا فِي السَّاعَاتِ، وَلْيُمْهِلْهَا عِنْدَ النِّطَافِ وَالأَعْشَابِ ) (١) .

إنّ توسيع الحقوق إلى غير النّاس يحمل معنىً أخلاقي كبير، وهو أن يكون الإنسان بمنتهى الألفة والرّحمة مع كلّ الأشياء الّتي من حوله.

٢. تنضيج الإيمان والتقوى

عمل الإمام على إدخال النّاس في الطّريق العملي الّذي يحدث في النّفس ثورةً معنويةً.

( واستشعروا التّقوى شعاراً باطناً، واذكروا الله ذكراً خالصاً، تحيوا به أفضل الحياة، وتسلكوا به طريق النّجاة، انظروا في الدّنيا نظر الزّاهد المفارق لها، فإنّها تزيل الثاوي (٢) السّاكن، وتفجع المترف الآمن ) (٣) .

يسلك الإمام ( عليه السلام ) طريق آخر لإحداث التّنضيج المعنوي للإنسان.

( فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ تَقِيَّةَ ذِي لُبٍّ، شَغَلَ التَّفَكُّرُ قَلْبَهُ وَأَنْصَبَ الْخَوْفُ بَدَنَهُ، وَأَسْهَرَ التَّهَجُّدُ غِرَارَ نَوْمِهِ وَأَظْمَأَ الرَّجَاءُ هَوَاجِرَ يَوْمِهِ، وَ ظَلَفَ الزُّهْدُ شَهَوَاتِهِ وَأَوْجَفَ الذِّكْرُ بِلِسَانِهِ، وَ قَدَّمَ الْخَوْفَ لأَمَانِهِ وَ

____________________

(١) نفس المصدر.

(٢) أي المقيم.

(٣) نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة: ١/٥٣.

١٦٢

تَنَكَّبَ الْمَخَالِجَ عَنْ وَضَحِ السَّبِيلِ، وَسَلَكَ أَقْصَدَ الْمَسَالِكِ إِلَى النَّهْجِ الْمَطْلُوبِ ) (١) .

( إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَعَلَ الذِّكْرَ جِلاءً لِلْقُلُوبِ، تَسْمَعُ بِهِ بَعْدَ الْوَقْرَةِ، وَتُبْصِرُ بِهِ بَعْدَ الْعَشْوَةِ، وَتَنْقَادُ بِهِ بَعْدَ الْمُعَانَدَةِ ) (٢) .

أثّرت هذه الطّرق العملّية وغيرها من التّعليمات العلوية في بعض الأصحاب مثل أُويس القرنيّ - الذي يعد من زهّاد الكوفة -(٣) ، وأبو أيّوب الأنصاري، وهمّام بن شريح، وعدد آخر ممّن آمن به ( عليه السلام ).

همّام بن شريح كان عابداً وأراد الاستزادة وحظاً أوفر ممّا حظي به من التقوى، فتوجه إلى مولى الموحّدين وسيّد المتقين؛ ليصف له المتقين وليعرف ما قصر عنه شوقه، فتثاقل ( عليه السلام ) عن جوابه ثمّ قال:يا همّام، اتقِ الله وأَحسن فـ ( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ) فلم يقنع همّام بهذا القول حتى عزم عليه(٤) .

شرع أمير المؤمنين بوصف المتقين وصفاً دقيقاً ضاق شوق همّام به، وانحسر وعاؤه عنه، وتقطّعت أنفاسه فيه، فصُعق ميتاً.

خطبة المتقين حافلة بالأوصاف العذبة، الّتي ينهل من معينها المؤمنين إلى يوم الناس هذا، فضلاً عن يومها المشهود.

____________________

(١) نهج البلاغة: الخطبة: ٨٣.

(٢) نفس المصدر: الخطبة: ٢٢٢.

(٣) البيان والتبيين: ٣/١٩٣.

(٤) نهج البلاغة: الخطبة: ١٩٣.

١٦٣

٣. تفعيل الرّقابة والنقد

الرقابة لها دور في رصد العيوب الّتي تقع من قِبل شخص معيّن أو مجموعة من النّاس.

إنّ رصد الأخطاء ونقدها يساعدان على عدم تكرارها أو التقليل من حصولها.

تنقسم الرّقابة إلى نوعين:

أ. رقابة ذاتية: هذه الرقابة مركزها الضمير الإنساني، والذي يقوم بوعظ الإنسان نحو الأفعال الحسنة أو يزجره عن الأفعال السيئة( وَاعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ لَمْ يُعَنْ عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ مِنْهَا وَاعِظٌ وَزَاجِرٌ، لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ غَيْرِهَا لا زَاجِرٌ وَلا وَاعِظٌ ) (١) .

( مَن نظر في عيبِ نفسه، اشتغل عن عيبِ غيرهِ ) (٢) هذه الرقابة أهم من أختها الرقابة الأخرى.

ب. رقابة خارجية: هذه الرقابة قِوامها أفراد المجتمع، حيث يقومون بدور الرّقيب والمتابع للأخطاء الّتي تصدر من قِبل الولاة أو العمّال أو العناصر الّتي لها دور في المجتمع.

ذكر الإمام هذه الرّقابة آملاً تفعيلها وتشجيع النّاس عليها( ثمّ ليكن آثرهم عندكَ أقولَهم بمُرّ الحقّ لك ) (٣) .

____________________

(١) نفس المصدر: ٩٠/١٥٤.

(٢) نفس المصدر: الحكمة: ٣٤٩.

(٣) نفس المصدر: الكتاب: ٥٣.

١٦٤

كما حثّ ( عليه السلام ) الناس على تفعيل الرقابة والنقد؛ لأنّ بها قِوام حياة المجتمع وحيويته( ولا تتحفّظوا بما يتحفّظ به عند أهل البادرة، ولا تخالطوني بالمصانعة، ولا تظنّوا بي استثقالاً في حقٍّ قيل لي والتماس إعظامٍ لنفسي، فإنّه مَن استثقل الحقّ أن يقال له أو العدل أن يُعرض عليه، كان العمل بهما أثقل عليه، فلا تكفّوا عن مقالةٍ بحقٍ ) (١) .

مارس أمير المؤمنين ( عليه السلام ) النقد لبعض الناس ممّن.

( تَسَمَّى عَالِماً وَ لَيْسَ بِهِ فَاقْتَبَسَ جَهَائِلَ مِنْ جُهَّالٍ وَأَضَالِيلَ مِنْ ضُلاّلٍ، وَنَصَبَ لِلنَّاسِ أَشْرَاكاً مِنْ حَبَائِلِ غُرُورٍ وَقَوْلِ زُورٍ، قَدْ حَمَلَ الْكِتَابَ عَلَى آرَائِهِ وَعَطَفَ الْحَقَّ عَلَى أَهْوَائِهِ، يُؤْمِنُ النَّاسَ مِنَ الْعَظَائِمِ وَيُهَوِّنُ كَبِيرَ الْجَرَائِمِ، يَقُولُ أَقِفُ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ وَفِيهَا وَقَعَ، وَيَقُولُ أَعْتَزِلُ الْبِدَعَ وَبَيْنَهَا اضْطَجَعَ، فَالصُّورَةُ صُورَةُ إِنْسَانٍ وَالْقَلْبُ قَلْبُ حَيَوَانٍ ) (٢) .

في هذا النقد يُلاحظ بعد الاطّلاع على حقيقة أولئك المتشبّهين بأهل العلم، وهو ما يشير إلى دور الرّقابة في رصد ومتابعة التصّرفات المختلفة.

يُلاحظ أيضاً تصعيد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) من شدّة النّقد لهم( فالصّورة صورة إنسانٍ والقلب قلب حيوانٍ ) ؛ لأنّهم يُعتبرون عناصر هدم في المجتمع.

تقييماً لِما تقدّم نعرف أنّ الإمام( عليه السلام ) قام بتفعيل الرقّابة والنقد وإحياء دورهما بين النّاس؛ لأنّ في ذلك إنعاشاً للحق والعدل.

____________________

(١) نفس المصدر: الخطبة: ٢١٦.

(٢) نفس المصدر: الخطبة: ٨٧.

١٦٥

٤. إيجاد الجرأة والشجاعة

غرس الإمام بذور الحقّ في صدور قومٍ مؤمنين، فأنبتت الجرأة والشجاعة، فهو القائل:( والله، لو تظاهرت العرب على قتالي لَما ولّيت عنها ) (١) هذا الكلام يكشف مدى الثّبات والشّجاعة التي يمتلكها أمير المؤمنين ( عليه السلام ).

إنّ هذه القوّة نواتها الإيمان الرّاسخ؛ لأنّ الشجاعة يغلبها الجمع إذا فقدت الأساس الذّي يستند عليه وهو الإيمان.

من أجل ذلك أصدر الإمام توصيته لابنه محمد بن الحنفية أن يولي عنصر الإيمان بالله وبنصره كامل اعتماده( أَعِرِ اللَّهَ جُمْجُمَتَكَ، تِدْ فِي الأَرْضِ قَدَمَكَ، ارْمِ بِبَصَرِكَ أَقْصَى الْقَوْمِ، وَغُضَّ بَصَرَكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ ) (٢) .

هذه المفاهيم العلوية في إيجاد الشجاعة أينعت ثمراتها على مواقف النّاس عند صدورها، أو بعد خلافته ( عليه السلام )، فيروى أنّ سودة بنت عمارة الهمدانيّة دخلت على معاوية بعد موت علي ( عليه السلام )، فجعل يؤنّبها على تحريضها عليه أيّام صفّين وآل أمره إلى أن قال: ما حاجتك؟

قالت: إنّ الله سائلك عن أمرنا وما أفترض عليك من حقّنا، ولا يزال يقدم علينا من قبلك مَن يسمو بمكانك ويبطش بقوّة

____________________

(١) المصدر: الكتاب: ٤٥.

(٢) نفس المصدر: الخطبة: ١١.

١٦٦

سلطانك، فيحصدنا حصيد السُنبل، ويدوسنا دوس الحرمل، يسومنا الخسف ويذيقنا الحتف، هذا بسر بن أرطأة قَدِم علينا فقتل رجالنا وأخذ أموالنا، ولولا الطاعة لكان فينا عزّ ومنعةٌ، فإن عزلته شكرناك، وإلاّ كفّرناك.

فقال معاوية: إياي تهدّدين بقومك يا سودة؟ لقد هممت أن أحملك على قتب(١) أشوش(٢) فأردّك إليه فينفذ فيك حكمه، فأطرقت سودة ساعة ثمّ قالت:

صلّى الإله على روحٍ تضمّنها

قبرٌ فأصبح فيه العدلُ مدفوناً

قد حالف الحقّ لا يبغي به بدلاً

فصار بالحقّ والإيمان مقروناً

فقال معاوية: مَن هذا يا سودة؟ قالت: والله هو أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب ( عليه السلام )(٣) .

أيضاً حديث الزرقاء بنت عدي الهمدانية يشهد بالشجاعة لها وبموالاتها لأمير المؤمنين ( عليه السلام )، بعد أن أتى بها معاوية من الكوفة إلى الشّام، قام بعملية استجواب لها.

أتدرين فيماذا بعثت إليك؟

قالت زرقاء: وأنّى لي بعلم الغيب! فقال معاوية: أَلستِ الراكبة الجمل الأحمر، الواقفة بين الصفين في يوم كذا وكذا تحرضّين على

____________________

(١) رحل صغير يُشد على البعير.

(٢) كثير الحركة.

(٣) الفتوح: ٣/٨٩، كشف الغمة في معرفة الأئمة: ١/١٧٤، جواهر المطالب: ٢/٢٥١.

١٦٧

الحرب وتقولين كيت وكيت؟ قالت بلى، قد كان ذاك.

قال معاوية: فما الذي حملك على ذلك؟ قالت حسبك يا أمير المؤمنين! فقد مات الرأس وبقي الذَنَب ولن يعود ما ذهب، والدهور عجب ولا يعتب مَن عتب، ومَن تفكّر أبصر والزمان ذو غِير، والأمر يحدث بعده الأمر.

فقال معاوية: لله أنتِ يا زرقاء، فهل تحفظين كلامك بصفين؟ فقالت: لا والله ما أحفظه، وإنّما كان ذلك تحريضاً نطق به اللسان، فقال معاوية: لكنّي والله أحفظه عليك حتى ما يشذّ عليّ منه شيء، والله يا زرقاء! لقد شاركت علياً في كلّ دم سفكه بصفين، فقالت الزرقاء: أحسن الله بشارتك، وأدام سلامتك فمثلك بشّر بخير.

فقال معاوية: أَوَ يسرّك ذلك يا زرقاء؟

فقالت: نعم والله سرّني وأنّى لي بتصديق ذلك! ثمّ قال: والله يا زرقاء! إنّ وفاءكم لعليّ بعد موته لأعجب من محبّتكم له في حياته(١) .

فهذا عدي بن حاتم الطائي يرد على استجواب معاوية بمنتهى الجُرأة والشجاعة، فيسأله معاوية.

أبا طريف! ما الّذي أبقى لك الدّهر من ذكر علي بن أبي طالب؟ فقال عدي: وهل يتركني الدّهر أن لا أذكره! قال: فما الذي بقي في قلبك من حبّه؟ قال عدي: كلّه وإذا ذكر ازداد، فقال معاوية: ما أريد

____________________

(١) الفتوح: ٣/١٤٤، العقد الفريد: ١/٣٣٧.

١٦٨

بذلك إلاّ إخلاق(١) ذِكره، فقال عدي: قلوبنا ليست بيدك يا معاوية:

فضحك معاوية ثمّ قال يا معشر طي! إنّكم مازلتم تشرفّون الحاجّ ولا تعظّمون الحرم، فقال عدي: إنّا كنا نفعل ذلك ونحن لا نعرف حلالاً ولا ننكر حراماً، فلمّا جاء الله عزّ وجل بالإسلام، غلبناك وأباك على الحلال والحرام، وكنّا للبيت أشدّ تعظيماً له(٢) .

ممّا تقدم يتّضح أنّ الإمام خلّف في نفوس الناس المحبّة له والشجاعة في مواجهة أعدائه.

٥. تنمية روح التّضحية والشّهادة

لا ينكر أحد من الناس شجاعة الإمام ( عليه السلام ) وحبّه للقتال في سبيل الله، والحصول على وسام الشهادة وكرامتها، وهو القائل( والله لابن أبي طالبٍ آنس بالموت من الطّفل بثدي أمّه ) (٣) .

فما هذا الشوق الذي يدفع بعلي ( عليه السلام ) إلى أن يأنس بالموت؟ وأي تأثير عميق تتركه هذه الكلمات على النّاس عندما يرون قائدهم يتقدم ويهتف بهذا الشوق نحو الشهادة؟

أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أثبت حقيقة صدقه بهذا الأنس والشوق إلى الشهادة، فعندما ضربه ابن ملجم المرادي، صدعت كلمات شوقه وانفجرت ينابيع

____________________

(١) إنهاء وإفساد.

(٢) نفس المصدر: ٣/١٣٤.

(٣) نهج البلاغة: الخطبة: ٥.

١٦٩

شغفه( فزتُ وربّ الكعبة ) (١) .

كان الإمام ( عليه السلام ) قد عمل على تنمية روح التضحية، ومحاربة روح الخذلان والخمود، وخطبة الجهاد مفعمة بالحماس والإقدام نحو التضحية.

( فَإِنَّ الْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، فَتَحَهُ اللَّهُ لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِهِ، وَهُوَ لِبَاسُ التَّقْوَى وَدِرْعُ اللَّهِ الْحَصِينَةُ وَجُنَّتُهُ الْوَثِيقَةُ، فَمَنْ تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْهُ أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ الذُّلِّ، وَشَمِلَهُ الْبَلاءُ وَدُيِّثَ بِالصَّغَارِ وَالْقَمَاءَةِ، وَضُرِبَ عَلَى قَلْبِهِ بِالإِسْهَابِ، وَأُدِيلَ الْحَقُّ مِنْهُ بِتَضْيِيعِ الْجِهَادِ ) (٢) .

بعد أن أنهى الإمام خطبته، بدا واضحاً تأثيرها في إيقاد روح التضحية؛ حيث قام إليه رجلٌ من الأزد يقال له: حبيب بن عفيف آخذاً بيد ابن أخٍ له يقال له: عبد الرحمن بن عبد الله بن عفيف، فأقبل يمشي حتى استقبل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بباب السّدّة ثمّ جثا على ركبتيه وقال: يا أمير المؤمنين! ها أنا ذا لا أملك إلاّ نفسي وأخي، فمرنا بأمرك، فو الله لننفّذَنّ له، ولو حال دون ذلك شوك الهراس وجمر الغضا حتى ننفّذ أمرك أو نموت دونه، فدعا لهما بخير وقال لهما:أين تبلغان ممّا نريد؟ (٣) .

____________________

(١) أنساب الأشراف: ٣/٢٥٠.

(٢) نهج البلاغة: الخطبة: ٢٧.

(٣) الغارات: ٢/٤٧٧.

١٧٠

إنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يريد أن يحيي النّفوس من خلال تنمية حبّ الجهاد والشهادة؛ لأنّ ذلك يترك أثراً إيجابياً، وهو خدمة الإسلام والدّفاع عن الحقّ ووجوده بين النّاس.

فسلامٌ على عليّ ( عليه السلام ) يوم وُلد ويوم استشهد ويوم يُبعث حيّاً.

والحمد لله ربّ العالمين

١٧١

١٧٢

المصادر

١. القرآن الكريم.

٢. إرشاد القلوب: أبو الحسن محمد الديلمي من أعلام القرن الثامن الهجري، تحقيق هاشم الميلاني، دار الأسوة، ط١-١٤١٧هـ.

٣. الأخبار الطوال: أبو حنيفة الدينوري ت ٢٨٢هـ، تقديم وتوثيق عصام الحاج علي، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، ط١-١٤٢١هـ.

٤. أساس البلاغة: جار الله أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري، ت ٥٣٨هـ، تحقيق عبد الرحيم محمود، دار المعرفة، بيروت - لبنان.

٥. الاختصاص: أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي الملقّب بالشيخ المفيد، ت ٤١٣هـ، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ( قم ).

٦. الإصابة في تمييز الصحابة: الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، ت ٨٥٢هـ، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود، والشيخ علي محمد معوّض، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، ط١-١٤١٥هـ.

٧. أنساب الأشراف: الإمام أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري، ت ٢٧٩ هـ، تحقيق الدكتور سهيل زكّار، والدكتور رياض زركلي، دار الفكر، بيروت - لبنان، ط١-١٤١٧هـ.

١٧٣

٨. الأصول من الكافي: أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرّازي، ت٣٢٩هـ، تحقيق علي أكبر غفاري، دار الكتب الإسلامية، ط٣- ١٣٨٨ هـ.

٩. الإمامة والسياسة: أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدّينوري، ت ٢٧٦هـ، تحقيق علي شيري، الشريف الرضي، قم - إيران، ط١ - ١٤١٣هـ.

١٠. الأمثال والحِكم المستخرجة من نهج البلاغة: الشيخ محمد الغروي، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ( قم ) سنة الطبع ١٤٠٧هـ.

١١. الأمالي: أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الملقّب بالشيخ الصدوق، ت٤١٣هـ، ترجمة آية الله كَمَره اى، المكتبة الإسلامية، ط ٤ - ١٣٦٢هـ ش.

١٢. الأمالي: أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي الملقّب بالشيخ المفيد، ت٤١٣هـ، الحسين استاد ولي، وعلي أكبر غفاري، جماعة المدرسين ( قم )، سنة الطبع ١٤٠٣هـ.

١٣. الأمالي: أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي، ت ٤٦٠هـ، تحقيق قسم الدراسات الإسلامية، مؤسسة البعثة، دار الثقافة ( قم )، ط ١ - ١٤١٤هـ.

١٤. بحار الأنوار: العلاّمة محمد باقر المجلسي، ت ١١١ هـ، دار الكتب الإسلامية، ط ٢ - ١٣٦٣ هـ ش.

١٥. البداية والنهاية: أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي، ت ٧٧٤هـ، تحقيق مكتب التراث، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت - لبنان.

١٦. البلدان وفتوحها وأحكامها: الإمام أحمد بن يحيى بن جابر

١٧٤

البلاذري، ت ٢٧٩هـ، تحقيق الدكتور سهيل زكّار، دار الفكر، بيروت - لبنان، ط ١- ١٤١٢هـ.

١٧. البيان والتبيين: أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، بيروت - لبنان.

١٨. تحف العقول عن آل الرسول ( صلّى الله عليه وآله ): أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحرّاني، من أعلام القرن الرابع الهجري، تعليق علي أكبر غفّاري، مؤسسة النشر التابعة لجماعة المدرسين ( قم )، ط ٢ - ١٤٠٤هـ.

١٩. تاريخ أبي مخنف: لوط بن يحيى بن سعيد الغامدي الأزدي الكوفي، ت ١٥٧هـ، تحقيق كامل سلمان الجبوري، دار المحجّة البيضاء، بيروت - لبنان، ط ١ - ١٤١٩ هـ.

٢٠. تاريخ الطبري: أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، ت ٣١٠هـ، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، ط ٢ - ١٤٩٠هـ.

٢١. تاريخ ابن خلدون: عبد الرّحمن بن خلدون، ت ٨٠٨هـ، تحقيق الدكتور سهيل زكّار، دار الفكر، بيروت - لبنان، ط ٣ - ١٤١٧هـ.

٢٢. تاريخ الخلفاء: جلال الدين السيوطي، ت ٩١١هـ، تحقيق إبراهيم صالح، دار صادر، بيروت - لبنان، ط ١ - ١٤١٧ هـ.

٢٣. تفسير القمي: أبو الحسن علي بن إبراهيم القمي، من أعلام القرنين ٣ - ٤ هـ، تعليق طيب الموسوي الجزائري، كتاب فروشي علاّمة ( قم ).

٢٤. تهذيب الأحكام: أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، ت ٤٦٠هـ، تحقق حسن الموسوي الخرسان، دار صعب - دار التعارف للمطبوعات، بيروت - لبنان، سنة الطبع ١٤٠١هـ.

١٧٥

٢٥. تاريخ سياسي إسلام: رسول جعفريان، دفتر نشر الهادي، قم - إيران، چاپ دوم - ١٣٧٨هـ ش.

٢٦. تاريخ الحضارة الإسلامية في العصور الوسطى: الدكتور عبد المنعم ماجد، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، ط ٢ - ١٩٧٢م.

٢٧. جواهر المطالب في مناقب الإمام علي بن أبي طالب: شمس الدين أبي البركات محمد بن أحمد الدمشقي الباعوني الشافعي، ت ٨٧١، تحقيق الشيخ محمد باقر المحمودي، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية، ط ١ - ١٤١٦هـ.

٢٨. دعائم الإسلام: القاضي أبو حنيفة بن محمد التميمي المغربي، ت ٣٦٣هـ، تحقيق الدكتور عارف تامر، دار الأضواء، بيروت - لبنان، ط ١ - ١٤١٦هـ.

٢٩. دول الإسلام: الحافظ شمس الدين أبو عبد الله الذّهبي، ت ٧٤٦، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت - لبنان، سَنة الطبع ١٤٠٥هـ.

٣٠. سفينة البحار: الشيخ عباس القمي، دار الأسوة، ط ٢ - ١٤١٦هـ.

٣١. شرح نهج البلاغة: أبو حامد هبة الله بن محمد بن محمد الحسين ابن أبي الحديد المدائني، ت ٦٥٦، تحقيق محمد أبو الفضل، دار إحياء الكتب العربية، ط ١ - ١٣٧٨ هـ.

٣٢. شرح نهج البلاغة: كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني، ت ٦٧٩هـ. مؤسسة فقه الشيعة، بيروت - لبنان.

٣٣. العقد الفريد: أحمد بن عبد ربّه الأندلسي، ت ٣٢٨هـ، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، ط ٢ - ١٤١٦هـ.

٣٤. الغارات: أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي الكوفي، ت ٢٨٣هـ، تحقيق السيد مير جلال الدين الحسيني، سلسلة انتشارات انجمن آثار ملي.

١٧٦

٣٥. الفتوح: أبو محمد أحمد بن أعثم الكوفي، ت ٣١٤ هـ، دار الندوة الجديدة، بيروت - لبنان.

٣٦. القاموس المحيط: مجد الدّين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي، ت ٨١٧ هـ، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، ط ١ - ١٤١٢هـ.

٣٧. كتاب سليم بن قيس الهلالي: ت ٧٦هـ، تحقيق الشيخ محمد باقر الأنصاري الزنجاني الخوئيني، دفتر نشر الهادي، إيران، ط ١ - ١٤١٥هـ.

٣٨. الكامل في التاريخ: عز الدّين أبو الحسن علي بن أبي الشيباني المعروف بابن الأثير، ت ٦٣٠هـ، مؤسسة التاريخ العربي، بيروت - لبنان، ط ١ - ١٤٠٨ هـ.

٣٩. كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين ( عليه السلام ): العلاّمة جمال الدين الحسن بن يوسف بن علي بن المطّهر الحلي، ت ٧٢٦هـ، تحقيق علي آل كوثر، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية، ط ١ - ١٤١٣هـ.

٤٠. كنز العمال: العلاّمة علاء الدين المتقي بن حسام الدين الهندي، مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان، ط ١ - ١٤٠٩ هـ.

٤١. كشف الغمة في معرفة الأئمة: العلاّمة أبو الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الإربلي، كتاب فروشي الإسلامية، ط ٢ - ١٣٦٤ هـ. ش.

٤٢. گفت وگوي فرهنگ وتمدن ها؛ محمد على مهيمن، نشر ثالث، تهران - إيران، چاپ أَوّل - ١٣٧٩ هـ ش.

٤٣. لسان العرب: العلاّمة ابن منظور الأفريقي، ت ٧١١هـ، تنسيق وتعليق علي شيري، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، ط ١ - ١٤٠٨ هـ.

٤٤. مجمع البيان في تفسير القرآن: الشيخ أبو علي الفضل بن الحسن

١٧٧

الطبرسي، من أعلام القرن السادس الهجري، تحقيق هاشم الرسول المحلاّتي، والسيد فضل الله اليزدي، الطباطبائي، دار المعرفة، بيروت - لبنان، ط ١ - ١٤٠٦ هـ.

٤٥. المدخل إلى تاريخ الحضارة: الدكتور جورج حدّاد، مكتبة السائح طرابلس.

٤٦. مجلة التوحيد: العدد ١٠٥ سنة ١٤٢١هـ.

٤٧. معجم مفردات ألفاظ القرآن: أبو القاسم الحسين بن محمد بن المفضّل المعروف بالرّاغب الأصفهاني، ت ٥٠٣هـ، ضبط وتصحيح إبراهيم شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، ط ١ - ١٤١٨ هـ.

٤٨. معجم مقاييس اللغة: أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا، ت ٣٩٥ هـ، تحقيق عبد السلام محمد هارون، مكتب الإعلام الإسلامي، سنة الطبع ١٤٠٤هـ.

٤٩. المعجم الوسيط: الدكتور إبراهيم أنيس، والدكتور عبد الحليم منتصر، وعطيّة الصّوالحي، ومحمد خلف الله أحمد، دار احياء التراث العربي، بيروت - لبنان، ط ٢.

٥٠. معجم البلدان: الشيخ شهاب الدين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي، ت ٦٢٦هـ، ومحمد خلف الله أحمد، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان.

٥١. مقوّمات الحضارة الإنسانية في الإسلام: حسن رمضان فحلة، دار الهدى، الجزائر، ط ١. ١٤١٠هـ.

٥٢. موسوعة الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ): محمدي الري شهري،

١٧٨

بمساعدة محمد كاظم الطباطبائي، ومحمود الطباطبائي، دار الحديث، إيران - قم، ط ١ - ١٤٢١ هـ.

٥٣. مروج الذهب ومعادن الجوهر: أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي، ت ٣٤٦ هـ، دار الهجرة، قم - إيران، ط ٢ - ١٤٠٤ هـ.

٥٤. المعيار والموازنة: أبو جعفر الإسكافي محمد بن عبد الله المعتزلي، ت ٢٤٠ هـ، تحقيق الشيخ محمد باقر المحمودي، ط ١ - سنة ١٤٠٢.

٥٥. مفاتيح الجنان: الشيخ عباس القمي، تعريب سيد محمد رضا النوري، مكتبة الفيروز آبادي، ط ٥ - ١٤١٢ هـ.

٥٦. مناقب آل أبي طالب: أبو جعفر محمد بن عليّ شهر آشوب السّروي المازندراني، تحقيق الدكتور يوسف البقاعي، دار الأضواء، بيروت - لبنان، ط ٢ - ١٤١٢ هـ.

٥٧. مناقب الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام )، الحافظ محمد بن سليمان الكوفي القاضي، من أعلام القرن الثالث الهجري، تحقيق الشيخ محمد باقر المحمودي، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية ( قم )، ط ١ - ١٤١٢ هـ.

٥٨. نهج البلاغة: الإمام علي ( عليه السلام )، ترجمة محمد دشتي، نسيم حيات، ط ٢ - ١٣٧٩ هـ ش.

٥٩. نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة: الشيخ محمد باقر المحمودي، مطبعة النعمان، النجف الأشرف، ط ١ - ١٣٨٥ هـ.

٦٠. وقعة صفّين: نصر بن مزاحم المنقري، ت ٢١٢ هـ، تحقيق عبد السلام محمد هارون، المؤسسة العربية الحديثة، القاهرة - مصر، ط ٢ - ١٣٨٢هـ.

١٧٩

الفهرس

فهرس الموضوعات.. ٥

المقدمة المركز ١١

المقدمة ١٣

تعريف الثقافة ١٥

الثقافة لغةً ١٥

الثقافة اصطلاحاً ١٦

الفصل الأَوّل: التكوين الثقافي للكوفة ١٩

١. ثقافة قبلية ١٩

٢. ثقافة دخيلة ٢٢

٣. ثقافة إسلامية ٢٧

الفصل الثاني: الإمام علي ( عليه السلام ) والمراحل الثقافية ٣١

١. التوجيه ٣١

٢. التأهيل. ٣٣

٣. التنمية ٣٤

الفصل الثالث: الإمام علي ( عليه السلام ) والمجالات الثقافية ٣٧

أوّلاً: في الحرب.. ٣٧

ثانياً: في المسجد. ٤٢

ثالثاً: في المحافل العامة ٤٤

رابعاً: في الكتب والوصايا ٤٦

خامساً: المناسبات المتنوّعة ٤٧

الفصل الرابع: الإمام علي ( عليه السلام ) والأهداف الثقافية ٤٩

١. الاتقاء ٤٩

٢. الإرساء ٥١

٣. الارتقاء ٥٢

١٨٠

181

182

183