منهاج الصالحين (المعاملات) الجزء ٢

منهاج الصالحين (المعاملات)0%

منهاج الصالحين (المعاملات) مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية

منهاج الصالحين (المعاملات)

مؤلف: السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي
تصنيف:

المشاهدات: 60397
تحميل: 5078


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 48 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 60397 / تحميل: 5078
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين (المعاملات)

منهاج الصالحين (المعاملات) الجزء 2

مؤلف:
العربية

كتاب الإجارة

وفيه فصول:

وهي المعاوضة على المنفعة عملا كانت أو غيره، فالأول مثل إجارة الخياط للخياطة، والثاني مثل إجارة الدار.

(مسألة ٣٧١): لا بد فيها من الايجاب والقبول، فالايجاب مثل قول الخياط آجرتك نفسي، وقول صاحب الدار: أجرتك داري، والقبول مثل قول المستأجر قبلت، ويجوز وقوع الايجاب. من المستأجر، مثل: استأجرتك لتخيط ثوبي واستأجرت دارك، فيقول المؤجر: قبلت وتجري فيها المعاطاة أيضا.

(مسألة ٣٧٢): يشترط في المتعاقدين أن لا يكون أحدهما محجورا عن التصرف لصغر أو سفه أو تفليس أورق، كما يشترط أن لا يكون أحدهما مكرها على التصرف إلا أن يكون الاكراه بحق. يشترط في كل من العوضين أمور:

الأول: أن يكون معلوما بحيث لا يلزم الغرر على الأحوط، الأحوط، فالأجرة إذا كانت من المكيل أو الموزون أو المعدود لا بد من معرفتها بالكيل أو الوزن أو العد، وما يعرف منها بالمشاهدة لا بد من مشاهدته أو وصفه على نحو ترتفع الجهالة.

(مسألة ٣٧٣): لا يعتبر العلم بمقدار المنفعة فيما لا غرر مع الجهل به كما في إجارة السيارة مثلا إلى مكة أو غيرها من البلاد المعروفة فإن المنفعة حينئذ أمر عادي متعارف ولا بأس بالجهل بمقدارها ولا بمقدار زمان السير. وفي غير ذلك لا بد من العلم بالمقدار وهو إما بتقدير المدة مثل سكنى الدار سنة أو شهرا، أو المسافة مثل ركوب الدابة فرسخا أو فرسخين، وإما بتقدير موضوعها مثل خياطة الثوب المعلوم طوله وعرضه ورقته وغلظته ولا بد من تعيين الزمان في الأولين، فإذا استأجر الدار للسكنى سنة والدابة للركوب فرسخا من دون تعيين الزمان بطلت الإجارة إلا أن تكون قرينة على التعيين كالاطلاق الذي هو قرينة على التعجيل.

(مسألة ٣٧٤): الظاهر عدم اعتبار تعيين الزمان في الإجارة على مثل الخياطة غير المتقوم ماليته بالزمان فيجب الاتيان به متى طالب المستأجر.

الثاني: أن يكون مقدورا على تسليمه فلا تصح إجارة العبد الآبق، وإن ضمت إليه ضميمة على الأقوى.

الثالث: أن تكون العين المستأجرة ذات منفعة فلا تصح إجارة الأرض التي لا ماء لها للزراعة.

الرابع: أن تكون العين مما يمكن الانتفاع بها مع بقائها فلا تصح إجارة الخبز للأكل.

الخامس: أن تكون المنفعة محللة فلا تصح إجارة المساكن لاحراز المحرمات، ولا إجارة الجارية للغناء.

السادس: تمكن المستأجر من الانتفاع بالعين المستأجرة فلا تصح إجارة الحائض لكنس المسجد.

(مسألة ٣٧٥): إذا آجر مال غيره توقفت صحة الإجارة على إجازة المالك وإذا آجر مال نفسه وكان محجورا عليه لسفه أو رق توقفت صحتها على إجازة الولي وإذا كان مكرها توقفت على الرضا لا بداعي الاكراه.

(مسألة ٣٧٦): إذا آجر السفيه نفسه لعمل فالأظهر الصحة والأحوط الاستيذان من الولي.

(مسألة ٣٧٧): إذا استأجر دابة للحمل فلا بد من تعيين الحمل، وإذا استأجر دابة للركوب فلا بد من تعيين الراكب، وإذا استأجر دابة لحرث جريب من الأرض فلا بد من تعيين الأرض. نعم إذا كان اختلاف الراكب أو الحمل أو الأرض لا يوجب اختلافا في المالية لم يجب التعيين.

(مسألة ٣٧٨): إذا قال آجرتك الدار شهرا أو شهرين بطلت الإجارة، وإذا قال: آجرتك كل شهر بدرهم صح في الشهر الأول وبطل في غيره وكذا إذا قال آجرتك شهرا بدرهم فإن زدت فبحسابه، هذا إذا كان بعنوان الإجارة، أما إذا كان بعنوان الجعالة بأن يجعل المنفعة لمن يعطي درهما أو كان من قبيل الإباحة بالعوض بأن يبيح المنفعة لمن يعطيه درهما فلا بأس.

(مسألة ٣٧٩): إذا قال: إن خطت هذا الثوب بدرز فلك درهم وإن خطته بدرزين فلك درهمان، فإن قصد الجعالة كما هو الظاهر صح وإن قصد الإجارة بطل، وكذا إن قال: إن خطته هذا اليوم فلك درهم وإن خطته غدا فلك نصف درهم. والفرق بين الإجارة والجعالة أن في الإجارة تشتغل ذمة العامل بالعمل للمستأجر حين العقد وكذا تشتغل ذمة المستأجر بالعوض ولأجل ذلك صارت عقدا وليس ذلك في الجعالة فإن اشتغال ذمة المالك بالعوض يكون بعد عمل العامل من دون اشتغال لذمة العامل بالعمل أبدا. ولأجل ذلك صارت إيقاعا.

(مسألة ٣٨٠): إذا استأجره على عمل مقيد بقيد خاص من زمان أو مكان أو آلة أو وصف فجاء به على خلاف القيد لم يستحق شيئا على عمله فإن لم

يمكن العمل ثانيا تخير المستأجر بين فسخ الإجارة وبين مطالبة الأجير بأجرة المثل للعمل المستأجر عليه فإن طالبه بها لزمه إعطاؤه أجرة المثل وإن أمكن العمل ثانيا وجب الاتيان به على النهج الذي وقعت عليه الإجارة.

(مسألة ٣٨١): إذا استأجره على عمل بشرط، بأن كان إنشاء الشرط في ضمن عقد الإجارة كما إذا استأجره على خياطة ثوبه واشترط عليه قراءة سورة من القرآن فخاط الثوب ولم يقرأ السورة كان له فسخ الإجارة وعليه حينئذ أجرة المثل وله إمضاؤه ودفع الأجرة المسماة والفرق بين القيد والشرط أن متعلق الإجارة في موارد التقييد حصة خاصة مغايرة لسائر الحصص وأما في موارد الاشتراط فمتعلق الإجارة هو طبيعي العمل لكن الالتزام العقدي معلق على الالتزام بما جعل شرطا.

(مسألة ٣٨٢): إذا استأجر دابة إلى " كربلاء " مثلا بدرهم واشترط على نفسه أنه إن أوصله المؤجر نهارا أعطاه درهمين صح.

(مسألة ٣٨٣): لو استأجر دابة مثلا إلى مسافة بدرهمين واشترط على المؤجر أن يعطيه درهما واحدا إن لم يوصله نهارا صح ذلك.

(مسألة ٣٨٤): إذا استأجر دابة على أن يوصله المؤجر نهارا بدرهمين أو ليلا بدرهم بحيث تكون الإجارة على أحد الأمرين مرددا بينهما فالإجارة باطلة.

(مسألة ٣٨٥): إذا استأجره على أن يوصله إلى " كربلاء " وكان من نيته زيارة ليلة النصف من شعبان ولكن لم يذكر ذلك في العقد ولم تكن قرينة على التعيين استحق الأجرة وإن لم يوصله ليلة النصف من شعبان.

فصل

وفيه مسائل تتعلق بلزوم الإجارة

(مسألة ٣٨٦): الإجارة من العقود اللازمة لا يجوز فسخها إلا بالتراضي بينهما أو يكون للفاسخ الخيار والأظهر أن الإجارة المعاطاتية أيضا لازمة.

(مسألة ٣٨٧): إذا باع المالك العين المستأجرة قبل تمام مدة الإجارة لم تنفسخ الإجارة بل تنتقل العين إلى المشتري مسلوبة المنفعة مدة الإجارة وإذا كان المشتري جاهلا بالإجارة أو معتقدا قلة المدة فتبين زيادتها كان له فسخ البيع وليس له المطالبة بالأرش، وإذا فسخت الإجارة رجعت المنفعة إلى البائع.

(مسألة ٣٨٨): لا فرق فيما ذكرناه من عدم انفساخ الإجارة بالبيع بين أن يكون البيع على المستأجر وغيره.

(مسألة ٣٨٩): إذا باع المالك العين على شخص وآجرها وكيله مدة معينة على شخص آخر واقترن البيع والإجارة زمانا بطلت الإجارة وصح البيع مسلوب المنفعة مدة الإجارة ويثبت الخيار حينئذ للمشتري.

(مسألة ٣٩٠): لا تبطل الإجارة بموت المؤجر ولا بموت المستأجر حتى فيما إذا استأجر دارا على أن يسكنها بنفسه فمات.

(مسألة ٣٩١): إذا آجر نفسه للعمل بنفسه فمات قبل مضي زمان يتمكن فيه من العمل بطلت الإجارة.

(مسألة ٣٩٢): إذا آجر البطن السابق من الموقوف عليهم العين الموقوفة فانقرضوا قبل انتهاء مدة الإجارة بطلت وإذا آجرها البطن السابق ولاية منه على العين لمصلحة البطون جميعها لم تبطل بانقراضه.

(مسألة ٣٩٣): إذا آجر نفسه للعمل بلا قيد المباشرة فإنها لا تبطل بموته إذا كان متمكنا منه ولو بالتسبيب ويجب حينئذ أداء العمل من تركته كسائر الديون.

(مسألة ٣٩٤): إذا آجر الولي مال الصبي في مدة تزيد على زمان بلوغه صح وإذا آجر الولي الصبي كذلك ففي صحتها في الزيادة إشكال حتى إذا قضت ضرورة الصبي بذلك.

(مسألة ٣٩٥): إذا آجرت المرأة نفسها للخدمة مدة معينة فتزوجت في أثنائها لم تبطل الإجارة وإن كانت الخدمة منافية لحق الزوج.

(مسألة ٣٩٦): إذا آجرت نفسها بعد التزويج توقفت صحة الإجارة على إجازة الزوج فيما ينافي حقه ونفذت الإجارة فيما لا ينافي حقه.

(مسألة ٣٩٧): إذا آجر عبده أو أمته للخدمة ثم أعتقه قبل انتهاء مدة الإجارة لم تبطل الإجارة وتكون نفقته في كسبه إن أمكن له الاكتساب لنفسه في غير زمان الخدمة وإن لم يمكن فهي على المسلمين كفاية.

(مسألة ٣٩٨): إذا وجد المستأجر في العين المستأجرة عيبا فإن كان عالما به حين العقد فلا أثر له وإن كان جاهلا به فإن كان موجبا لفوات بعض المنفعة كخراب بعض بيوت الدار قسطت الأجرة ورجع على المالك بما يقابل المنفعة الفائتة وله فسخ العقد من أصله هذا إذا لم يكن الخراب قابلا للانتفاع أصلا ولو بغير السكنى وإلا لم يكن له إلا خيار العيب وإن كان العيب موجبا لعيب في المنفعة مثل عرج الدابة كان له الخيار في الفسخ وليس له مطالبة الأرش، وإن لم يوجب العيب شيئا من ذلك لكن يوجب نقص الأجرة كان له الخيار أيضا، وإن لم يوجب ذلك أيضا فلا خيار، هذا إذا كانت العين شخصية أما إذا كان كليا وكان المقبوض معيبا كان له المطالبة بالصحيح ولا خيار في الفسخ، وإذا تعذر الصحيح كان له الخيار في أصل العقد.

(مسألة ٣٩٩): إذا وجد المؤجر عيبا في الأجرة وكان جاهلا به كان له الفسخ وليس له المطالبة بالأرش وإذا كانت الأجرة كليا فقبض فردا معيبا منها فليس له فسخ العقد بل له المطالبة بالصحيح فإن تعذر كان له الفسخ.

(مسألة ٤٠٠): يجري في الإجارة خيار الغبن وخيار الشرط - حتى للأجنبي - وخيار العيب، وخيار تخلف الشرط وتبعض الصفقة، وتعذر التسليم والتفليس والتدليس والشركة، وخيار شرط رد العوض نظير شرط رد الثمن ولا يجري فيها خيار المجلس، ولا خيار الحيوان.

(مسألة ٤٠١): إذا حصل الفسخ في عقد الايجار ابتداء المدة فلا إشكال وإذا حصل أثناء المدة فالأقوى كونه موجبا لانفساخ العقد في جميع المدة فيرجع المستأجر بتمام المسمى ويكون للمؤجر أجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى.

فصل

وفيه مسائل في أحكام التسليم في الإجارة

إذا وقع عقد الإجارة ملك المستأجر المنفعة في إجارة الأعيان والعمل في الإجارة على الأعمال بنفس العقد، وكذا المؤجر والأجير يملكان الأجرة بنفس العقد لكن ليس للمستأجر المطالبة بالمنفعة والعمل إلا في حال تسليم الأجرة وليس للأجير والمؤجر المطالبة بالأجرة إلا في حال تسليم المنفعة ويجب على كل منهما تسليم ما عليه تسليمه إلا إذا كان الآخر ممتنعا عنه وتسليم المنفعة يكون بتسليم العمل فيما لا يتعلق بالعين باتمامه وفيما يتعلق بالعين يكون بتسليم العين بمعنى التخلية بينها وبين المالك مع اتمام العمل فيها وليس للأجير المطالبة بالأجرة قبل إتمام العمل إلا إذا كان قد اشترط تقديم الأجرة صريحا أو كانت العادة جارية على ذلك، وكذا ليس للمستأجر المطالبة بالعين المستأجرة أو العمل المستأجر عليه مع تأجيل الأجرة إلا إذا كان قد شرط ذلك وإن كان لأجل جريان العادة عليه، وإذا امتنع المؤجر من تسليم العين المستأجرة مع بذل المستأجر الأجرة جاز للمستأجر اجباره على تسليم العين كما جاز له الفسخ وأخذ الأجرة إذا كان قد دفعها وله ابقاء الإجارة والمطالبة بقيمة المنفعة الفائتة وكذا إذا دفع المؤجر العين ثم أخذها من المستأجر بلا فصل أو في أثناء المدة ومع الفسخ في الأثناء يرجع بتمام الأجرة وعليه أجرة المثل لما مضى وكذا الحكم فيما إذا امتنع المستأجر من تسليم الأجرة مع بذل المؤجر للعين المستأجرة.

(مسألة ٤٠٢): إذا كان العمل المستأجر عليه في العين التي هي بيد الأجير، فتلفت العين، بعد تمام العمل قبل دفعها إلى مستأجر من غير تفريط استحق الأجير المطالبة بالأجرة فإذا كان أجيرا على خياطة ثوب فتلف بعد الخياطة وقبل دفعه إلى المستأجر استحق الأجير مطالبة الأجرة فإذا كان الثوب مضمونا على الأجير استحق عليه المالك قيمة الثوب مخيطا وإلا لم يستحق عليه شيئا.

(مسألة ٤٠٣): يجوز للأجير بعد اتمام العمل حبس العين إلى أن يستوفي الأجرة وإذا حبسها لذلك فتلفت من غير تفريط لم يضمن.

(مسألة ٤٠٤): إذا تلفت العين المستأجرة قبل انتهاء المدة بطلت الإجارة فإن كان التلف قبل القبض أو بعده بلا فصل لم يستحق المالك على المستأجر شيئا وإن كان بعد القبض بمدة كان للمستأجر الخيار في فسخ الايجار فإن فسخ رجع على المؤجر بتمام الأجرة المسماة وعليه للمؤجر أجرة المثل بالنسبة إلى المدة الماضية وإن لم يفسخ قسطت الأجرة على النسبة وكان للمالك حصة من الأجرة على نسبة المدة، هذا إذا تلفت العين بتمامها وأما إذا تلف بعضها ولم يمكن الانتفاع به تبطل الإجارة بنسبته من أول الأمر أو في أثناء المدة ويثبت الخيار للمستأجر حينئذ أيضا.

(مسألة ٤٠٥): إذا قبض المستأجر العين المستأجرة ولم يستوف منفعتها حتى انقضت مدة الإجارة كما إذا استأجر دابة أو سفينة للركوب أو حمل المتاع فلم يركبها ولم يحمل متاع عليها أو استأجر دارا وقبضها ولم يسكنها حتى مضت المدة استقرت عليه الأجرة، وكذا إذا بذل المؤجر العين المستأجرة فامتنع المستأجر من قبضها واستيفاء المنفعة منها حتى انقضت مدة الإجارة، وكذا الحكم في الإجارة على الأعمال فإنه إذا بذل الأجير نفسه للعمل وامتنع المستأجر من استيفائه كما إذا استأجر شخصا لخياطة ثوبه في وقت معين فهيأ الأجير نفسه للعمل فلم يدفع المستأجر إليه الثوب حتى مضى الوقت فإنه يستحق الأجرة سواء اشتغل الأجير في ذلك الوقت بشغل لنفسه أو غيره أم لم يشتغل، كما لا فرق على الأقوى في الإجارة الواقعة على العين بين أن تكون العين شخصية مثل أن يؤجره الدابة فيبذلها المؤجر للمستأجر فلا يركبها حتى يمضي الوقت وأن تكون كلية كما إذا آجرة دابة كلية فسلم فردا منها إليه أو بذله له حتى انقضت المدة فإنه يستحق تمام الأجرة على المستأجر، كما لا فرق في الإجارة الواقعة على الكلي بين تعيين الوقت وعدمه إذا كان قد قبض فردا من الكلي بعنوان الجري على الإجارة فإن الأجرة تستقر على المستأجر في جميع ذلك وإن لم يستوف المنفعة هذا إذا كان عدم الاستيفاء باختياره، أما إذا كان لعذر فإن كان عاما مثل نزول المطر المانع من السفر على الدابة أو في السفينة حتى انقضت المدة بطلت الإجارة وليس على المستأجر شئ من الأجرة، وإن كان العذر خاصا بالمستأجر كما إذا مرض فلم يتمكن من السفر فلا إشكال في الصحة فيما لم تشترط فيه المباشرة بل الأقوى الصحة فيما إذا اشترطت مباشرته في الاستيفاء أيضا إلا إذا كان العذر على نحو يوجب بطلان الإجارة إذا كان حاصلا قبل العقد فإذا استأجره لقلع ضرسه فبرئ من الألم وكان القلع حينئذ محرما بطلت الإجارة.

(مسألة ٤٠٦): إذا لم يستوف المستأجر المنفعة في بعض المدة جرت الأقسام المذكورة بعينها وجرت عليه أحكامها.

(مسألة ٤٠٧): إذا غصب العين المستأجرة غاصب فتعذر استيفاء المنفعة فإن كان الغصب قبل القبض تخير المستأجر بين الفسخ فيرجع على المؤجر بالأجرة إن كان قد دفعها إليه والرجوع على الغاصب بأجرة المثل وإن كان الغصب بعد القبض تعين الثاني وكذلك إذا منعه الظالم من الانتفاع بالعين المستأجرة من دون غصب العين فيرجع عليه بالمقدار الذي فوته عليه من المنفعة.

(مسألة ٤٠٨): إتلاف المستأجر للعين المستأجرة بمنزلة قبضها واستيفاء منفعتها فتلزمه الأجرة.

(مسألة ٤٠٩): إذا أتلفها المؤجر تخير المستأجر بين الفسخ والرجوع عليه بالأجرة وبين الرجوع عليه بقيمة المنفعة.

(مسألة ٤١٠): إذا أتلفها الأجنبي فإن كان بعد القبض رجع المستأجر عليه بالقيمة وإن كان قبل القبض تخير بين الفسخ والرجوع إلى المؤجر بالأجرة وبين الامضاء والرجوع إلى المتلف بالقيمة.

(مسألة ٤١١): إذا انهدم بعض الدار التي استأجرها فبادر المؤجر إلى تجديدها فالأقوى أنه إن كانت الفترة غير معتد بها فلا فسخ ولا انفساخ وإن كانت معتدا بها رجع المستأجر بما يقابلها من الأجرة وكان له الفسخ في الجميع لتبعض الصفقة، فإذا فسخ رجع بتمام الأجرة وعليه أجرة المثل لما قبل الانهدام. وإذا انهدم تمام الدار فالظاهر انفساخ العقد.

(مسألة ٤١٢): المواضع التي تبطل فيها الإجارة وتثبت للمالك أجرة المثل لا فرق بين أن يكون المالك عالما بالبطلان وجاهلا به.

(مسألة ٤١٣): تجوز إجارة الحصة المشاعة من العين لكن لا يجوز تسليمها إلى المستأجر إلا بإذن الشريك إذا كانت العين مشتركة.

(مسألة ٤١٤): يجوز أن يستأجر اثنان دارا أو دابة فيكونان مشتركين في المنفعة فيقتسمانها بينهما كالشريكين في ملك العين.

(مسألة ٤١٥): يجور أن يستأجر شخصين لعمل شئ معين كحمل متاع أو غيره أو بناء جدار أو هدمه أو غير ذلك فيشتركان في الأجرة وعليهما معا القيام بالعمل الذي استؤجرا عليه.

(مسألة ٤١٦): لا يشترط اتصال مدة الإجارة بالعقد على الأقوى فيجوز أن يؤجر داره سنة مثلا متأخرة عن العقد بسنة أو أقل أو أكثر ولا بد من تعيين مبدأ المدة، وإذا كانت المدة محدودة وأطلقت الإجارة ولم يذكر البدء انصرف إلى الاتصال.

(مسألة ٤١٧): إذا آجرة دابة كلية ودفع فردا منها فتلف كان على المؤجر دفع فرد آخر.

فصل

وفيه مسائل في أحكام التلف

(مسألة ٤١٨): العين المستأجرة أمانة في يد المستأجر لا يضمنها إذا تلفت أو تعيبت إلا بالتعدي أو التفريط، وإذا اشترط المؤجر ضمانها بمعنى أداء قيمتها أو أرش عيبها صح، وأما بمعنى اشتغال الذمة بمثلها أو قيمتها فالظاهر عدم صحة اشتراطه كما أن الظاهر أنه لا ضمان في الإجارة الباطلة إذا تلفت العين أو تعيبت.

(مسألة ٤١٩): العين التي للمستأجر بيد الأجير الذي آجر نفسه على عمل فيها كالثوب الذي أخذه ليخيطه لا يضمن تلفه أو نقصه إلا بالتعدي أو التفريط.

(مسألة ٤٢٠): إذا اشترط المستأجر ضمان العين على الأجير بمعنى أداء قيمتها أو أرش عيبها صح الشرط.

(مسألة ٤٢١): إذا تلف محل العمل في الإجارة أو أتلفه الأجنبي قبل العمل أو في الأثناء قبل مضي زمان يمكن فيه إتمام العمل بطلت الإجارة ورجعت الأجرة كلا أو بعضها إلى المستأجر.

(مسألة ٤٢٢): إذا أتلفه المستأجر كان إتلافه بمنزلة قبضه فيستحق الأجير عليه تمام الأجرة.

(مسألة ٤٢٣): إذا أتلفه الأجير كان المستأجر مخيرا بين فسخ العقد وإمضائه فإن أمضى جاز له مطالبة الأجير بقيمة العمل الفائت.

(مسألة ٤٢٤): المدار في القيمة على زمان الضمان.

(مسألة ٤٢٥): كل من آجر نفسه لعمل في مال غيره إذا أفسد ذلك المال ضمن كالحجام إذا جنى في حجامته. والختان في ختانه، وهكذا الخياط والنجار والحداد إذا أفسدوا. هذا إذا تجاوز الحد المأذون فيه أما إذا لم يتجاوز ففي الضمان إشكال وإن كان الأظهر العدم، وكذا الطبيب المباشر للعلاج بنفسه إذا أفسد فهو ضامن، وأما إذا كان واصفا فالأظهر عدم الضمان.

(مسألة ٤٢٦): إذا تبرأ الطبيب من الضمان وقبل المريض أو وليه بذلك ولم يقصر في الاجتهاد فإنه يبرأ من الضمان بالتلف وإن كان مباشرا للعلاج.

(مسألة ٤٢٧): إذا عثر الحمال فسقط ما كان على رأسه أو ظهره فانكسر ضمنه مع التفريط في مشيه ولا يضمنه مع عدمه وكذلك إذا عثر فوقع ما على رأسه على إناء غيره فكسره.

(مسألة ٤٢٨): إذا قال للخياط: إن كان هذا القماش يكفيني قميصا فاقطعه فقطعه فلم يكفه ضمن، وأما إذا قال له: هل يكفيني قميصا فقال: نعم، فقال: إقطعه، فقطعه فلم يكفه فالظاهر أنه لا ضمان إذا كان الخياط مخطئا في اعتقاده.

(مسألة ٤٢٩): إذا آجر عبده لعمل فأفسده فالأقوى كون الضمان في كسبه فإن لم يف فعلى ذمة العبد يتبع به بعد العتق إذا لم يكن جناية على نفس أو طرف وإلا تعلق برقبته وللمولى فداؤه بأقل الأمرين من الأرش والقيمة إن كانت خطأ، وإن كانت عمدا تخير ولي المجني عليه بين قتله واسترقاقه على تفصيل يأتي في محله.

(مسألة ٤٣٠): إذا آجر دابته لحمل متاع فعثرت فتلف أو نقص فلا ضمان على صاحبها إلا إذا كان هو السبب بنخس أو ضرب وإذا كان غيره السبب كان هو الضامن.

(مسألة ٤٣١): إذا استأجر سفينة أو دابة لحمل متاع فنقص أو سرق لم يضمن صاحبها ولو شرط عليه أداء قيمة التالف أو أرش النقص صح الشرط ولزم العمل به.

(مسألة ٤٣٢): إذا حمل الدابة المستأجرة أكثر من المقدار المقرر بينهما بالشرط أو لأجل التعارف فتلفت أو تعيبت ضمن ذلك وعليه أجرة المثل للزيادة مضافة إلى الأجرة المسماة، وكذا إذا استأجرها لنقل المتاع مسافة معينة فزاد على ذلك.

(مسألة ٤٣٣): إذا استأجر دابة لحمل المتاع مسافة معينة فركبها أو بالعكس لزمته الأجرة المسماة وأجرة المثل للمنفعة المستوفاة، وكذا الحكم في أمثاله مما كانت فيه المنفعة المستوفاة مضادة للمنفعة المقصودة بالإجارة بلا فرق بين الإجارة الواقعة على الأعيان كالدار والدابة، والإجارة الواقعة على الأعمال كما إذا استأجره لكتابة فاستعمله في الخياطة.

(مسألة ٤٣٤): إذا استأجر العامل للخياطة فاشتغل العامل بالكتابة للمستأجر عمدا أو خطأ لم يستحق على المستأجر شيئا.

(مسألة ٤٣٥): إذا آجر دابة لحمل متاع زيد فحملها المالك متاع عمرو لم يستحق أجرة لا على زيد ولا على عمرو.

(مسألة ٤٣٦): إذا استأجر دابة معينة من زيد للركوب إلى مكان معين فركب غيرها عمدا أو خطأ لزمته الأجرة المسماة للأولى وأجرة المثل للثانية وإذا اشتبه فركب دابة عمرو لزمته أجرة المثل لها مضافة إلى الأجرة المسماة لدابة زيد.

(مسألة ٤٣٧): إذا استأجر سفينة لحمل الخل المعين مسافة معينة فحملها خمرا مع الخل المعين استحق المالك عليه الأجرة المسماة وأجرة المثل لحمل الخمر لو فرض أنه كان حلالا.

(مسألة ٤٣٨): يجوز لمن استأجر دابة للركوب أو الحمل أن يضربها أو يكبحها باللجام على النحو المتعارف إلا مع منع المالك، وإذا تعدى عن المتعارف أو مع منع المالك ضمن نقصها أو تلفها وفي صورة الجواز لا ضمان للنقص على الأقوى.

(مسألة ٤٣٩): صاحب الحمام لا يضمن الثياب أو نحوها لو سرقت إلا إذا جعلت عنده وديعة وقد تعدى أو فرط.

(مسألة ٤٤٠): إذا استؤجر لحفظ متاع فسرق لم يضمن إلا مع التقصير في الحفظ والظاهر أن غلبة النوم لا تعد من التقصير، نعم إذا اشترط عليه أداء القيمة إذا سرق المتاع وجب الوفاء به. ولم يستحق أجرة في الصورتين.

(مسألة ٤٤١): إنما يجب تسليم العين المستأجرة إلى المستأجر إذا توقف استيفاء المنفعة على تسليمها كما في إجارة آلات النساجة والنجارة والخياطة أو كان المستأجر قد اشترط ذلك وإلا لم يجب، فمن استأجر سفينة للركوب لم يجب على المؤجر تسليمها إليه.

(مسألة ٤٤٢): يكفي في صحة الإجارة ملك المؤجر المنفعة وإن لم يكن مالكا للعين، فمن استأجر دارا جاز له أن يؤجرها من غيره وإن لم يكن مالكا لنفس الدار، فإذا توقف استيفاء المنفعة على تسليمها وجب على المؤجر الثاني تسليمها إلى المستأجر منه وإن لم يأذن له المالك، وإذا لم يتوقف استيفاء المنفعة على التسليم كالسفينة والسيارة لم يجب على المؤجر الأول تسليمها إلى الثاني إلا إذا اشترط عليه ذلك. ولا يجوز للمؤجر الثاني تسليمها إلى المستأجر منه وإن اشترط عليه بل الشرط يكون فاسدا، نعم إذا أذن له المالك فلا بأس كما أنه في الصورة السابقة التي يجب فيها تسليم المؤجر الثاني إلى المستأجر منه لا يجوز التسليم إلا إذا كان المستأجر منه أمينا فإذا لم يكن أمينا وسلمها إليه كان ضامنا، هذا إذا كانت الإجارة مطلقة، أما إذا كانت مقيدة كما إذا استأجر دابة لركوب نفسه فلا تصح إجارتها من غيره فإذا آجرها من غيره بطلت الإجارة فإذا ركبها المستأجر الثاني وكان عالما بالفساد كان آثما ويضمن للمالك أجرة المثل للمنفعة المستوفاة وللمؤجر بأجرة المثل للمنفعة الفائتة. ولكنه مع الجهل وعلم المؤجر بالحال يرجع إلى المؤجر بما غرمه للمالك.

(مسألة ٤٤٣): إذا آجر الدابة للركوب واشترط على المستأجر استيفاء المنفعة بنفسه أو أن لا يؤجرها من غيره فآجرها قيل: بطلت الإجارة، فإذا استوفى المستأجر منه المنفعة كان ضامنا له أجرة المثل لا للمالك ولكن الأظهر صحة الإجارة وثبوت الخيار للمالك في فسخ عقده ومطالبة المستأجر منه بأجرة المثل.

حكم السرقفلية

(مسألة ٤٤٤): إذا استأجر الدكان مثلا مدة فانتهت المدة وجب عليه إرجاعه إلى المالك ولا يجوز له إيجاره من ثالث إلا بإذن المالك كما لا يجوز له أخذ مال من ثالث ليمكنه من الدكان المسمى في عرفنا (سرقفلية) إذا لم يشترط له ذلك إلا إذا رضي المالك به. وإذا مات المستأجر والحال هذه لم يجز لوارثه أخذ (السرقفلية) إلا إذا رضي المالك به فإذا أخذها برضا المالك لم يجب إخراج ثلث للميت إذا كان قد أوصى إلا إذا كان رضا المالك مشروطا بإخراج الثلث.

(مسألة ٤٤٥): إذا اشترط المستأجر على المالك في عقد الإجارة أو عقد آخر لازم أن يأخذ (السرقفلية) جاز له أخذها فإذا مات كان ذلك موروثا لوارثه ووجب إخراج ثلثه إذا كان أوصى به، وإذا كان للمستأجر حق في أخذ (السرقفلية) من غيره وإن لم يرض المالك به كان ذلك من أرباح التجارة وجب إخراج خمسه بقيمته وربما زادت القيمة وربما نقصت وربما ساوت ما دفعه.

(مسألة ٤٤٦): يجوز للمستأجر مع عدم اشتراط المباشرة وما بمعناها أن يؤجر العين المستأجرة بأقل مما استأجرها به وبالمساوي، وكذا بالأكثر منه إذا أحدث فيها حدثا أو كانت الأجرة من غير جنس الأجرة السابقة بل يجوز أيضا مع عدم الشرطين المذكورين عدا البيت والدار والدكان والأجير فلا يجوز إجارتها بالأكثر حينئذ، والأحوط إلحاق السفينة بها بل الأحوط إلحاق الرحى والأرض أيضا وإن كان الأقوى فيهما الجواز على كراهة.

(مسألة ٤٤٧): لا يجز أن يؤجر بعض أحد هذه الأربعة بل السفينة أيضا على الأحوط بأكثر من الأجرة كما إذا استأجر دارا بعشرة دراهم فسكن بعضها وآجر البعض الآخر بأكثر من عشرة دراهم إلا أن يحدث فيها حدثا، وأما إذا آجره بأقل من العشرة فلا إشكال والأقوى الجواز بالعشرة أيضا.

إجارة الأجير على عمل

(مسألة ٤٤٨): إذا استؤجر على عمل من غير اشتراط المباشرة ولا مع الانصراف إليها يجوز أن يستأجر غيره لذلك العمل بتلك الأجرة أو الأكثر ولا يجوز بالأقل إلا إذا أتى ببعض العمل ولو قليلا كما إذا تقبل خياطة ثوب بدرهمين ففصله أو خاط منه شيئا ولو قليلا فإنه يجوز أن يستأجر غيره على خياطته بدرهم بل لا يبعد الاكتفاء في جواز الاستيجار بالأقل بشراء الخيوط والإبرة.

(مسألة ٤٤٩): في الموارد التي يتوقف العمل المستأجر عليه على تسليم العين إلى الأجير إذا جاز للأجير أن يستأجر غيره على العمل الذي استؤجر عليه جاز له أن يسلم العين إلى الأجير الثاني نظير ما تقدم في تسليم العين المستأجرة إلى المستأجر الثاني.

(مسألة ٤٥٠): إذا استؤجر للعمل بنفسه مباشرة ففعله غيره قبل مضي زمان يتمكن فيه الأجير من العمل بطلت الإجارة ولم يستحق العامل ولا الأجير الأجرة، وكذلك إذا استؤجر على عمل في ذمته لا بقيد المباشرة ففعله غيره لا بقصد التبرع عنه وأما إذا فعله بقصد التبرع عنه كان أداء للعمل المستأجر عليه واستحق الأجير الأجرة.

أقسام إجارة الأجير وأحكامها

(مسألة ٤٥١): إجارة الأجير على قسمين:

(الأول): أن تكون الإجارة واقعة على منفعته الخارجية من دون اشتغال ذمته بشئ نظير إجارة الدابة والدار ونحوهما من الأعيان المملوكة.

(الثاني): أن تكون الإجارة واقعة على عمل في الذمة فيكون العمل المستأجر عليه في ذمته كسائر الديون، فإن كانت على النحو الأول فقد تكون الإجارة على جميع منافعه في مدة معينة، وحينئذ لا يجوز له في تلك المدة العمل لنفسه ولا لغيره لا تبرعا ولا بإجارة، ولا بجعالة نعم لا بأس ببعض الأعمال التي تنصرف عنها الإجارة ولا تشملها ولا تكون منافية لما شملته كما إنه إذا كان مورد الإجارة أو منصرفها الاشتغال بالنهار مثلا فلا مانع من الاشتغال ببعض الأعمال في الليل له أو لغيره تبرعا أو بإجارة أو جعالة إلا إذا أدى إلى ضعفه في النهار عن القيام بما استؤجر عليه، فإذا عمل في المدة المضروبة في الإجارة بعض الأعمال المشمولة لها فإن كان العمل لنفسه تخير المستأجر بين فسخ الإجارة واسترجاع تمام الأجرة وبين إمضاء الإجارة ومطالبته بقيمة العمل الذي عمله لنفسه وكذا إذا عمل لغيره تبرعا، نعم يحتمل أن له أيضا حينئذ مطالبة غيره بقيمة العمل الذي استوفاه فيتخير بين أمور ثلاثة ولا يخلو من وجه، وأما إذا عمل لغيره بعنوان الإجارة أو الجعالة فله الخيار بين الأمرين المذكورين أولا وبين إمضاء الإجارة أو الجعالة وأخذ الأجرة أو الجعل المسمى فيها ويحتمل قريبا أن له مطالبة غيره على ما عرفت فيتخير بين أمور أربعة ثم إذا اختار المستأجر فسخ الإجارة الأولى في جميع الصور المذكورة ورجع بالأجرة المسماة فيها وكان قد عمل الأجير بعض العمل للمستأجر كان له عليه أجرة المثل. هذا إذا كانت الإجارة واقعة على جميع منافعه، أما إذا كانت على خصوص عمل بعينه كالخياطة فليس له أن يعمل ذلك العمل لنفسه ولا لغيره لا تبرعا ولا بإجارة ولا بجعالة فإذا خالف وعمل لنفسه تخير المستأجر بين الأمرين السابقين، وإن عمل لغيره تبرعا تخير بين الأمور الثلاثة وإن عمل لغيره بإجارة أو جعالة تخير بين الأمور الأربعة كما في الصورة السابقة وفي هذه الصورة لا مانع من أن يعمل لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة غير ذلك العمل إذا لم يكن منافيا له، فإذا آجر نفسه في يوم معين للصوم عن زيد جاز له أن يخيط لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة وله الأجر أو الجعل المسمى، أما إذا كان منافيا له كما إذا آجر نفسه للخياطة فاشتغل بالكتابة تخير المستأجر بين فسخ الإجارة والمطالبة بقيمة العمل المستأجر عليه الذي فوته على المستأجر، وإذا كانت الإجارة على النحو الثاني الذي يكون العمل المستأجر عليه في الذمة، فتارة تؤخذ المباشرة قيدا على نحو وحدة المطلوب، وتارة على نحو تعدد المطلوب، فإن كان على النحو الأول جاز له كل عمل لا ينافي الوفاء بالإجارة ولا يجوز له ما ينافيه سواء أكان من نوع العمل المستأجر عليه أم من غيره، وإذا عمل ما ينافيه تخير المستأجر بين فسخ الإجارة والمطالبة بقيمة العمل الفائت المستأجر عليه، وإذا آجر نفسه لما ينافيه توقفت صحة الإجارة الثانية على إجازة المستأجر الأول بمعنى رفع يده عن حقه. فإن لم يجز بطلت واستحق الأجير على من عمل له أجرة المثل، كما إن المستأجر الأول يتخير كما تقدم بين فسخ الإجارة الأولى والمطالبة بقيمة العمل الفائت وإن أجاز صحت الإجارة الثانية واستحقق الأجير على كل من المستأجر الأول والثاني الأجرة المسماة في الإجارتين وبرئت ذمته من العمل الذي استؤجر عليه أولا، وإن كانت الإجارة على نحو تعدد المطلوب فالحكم كذلك، نعم لا يسقط العمل المستأجر عليه عن ذمة الأجير بمجرد الإجازة الواقعة على ما ينافيه بل يسقط شرط المباشرة ويجب على الأجير العمل للمستأجر الأول لا بنحو المباشرة والعمل للمستأجر الثاني بنحو المباشرة. لكن فرض تعدد المطلوب في الذميات لا يخلو من شبهة. فصل وفيه مسائل متفرقة

(مسألة ٤٥٢): لا تجوز إجارة الأرض للزرع بما يحصل منها كحنطة أو شعير مقدارا معينا كما لا تجوز إجارتها بالحصة من زرعها مشاعة ربعا أو نصفا وتجوز إجارتها بالحنطة أو الشعير في الذمة ولو كان من جنس ما يزرع فيها، فضلا عن إجارتها بغير الحنطة والشعير من الحبوب وإن كان الأحوط تركه.

(مسألة ٤٥٣): تجوز إجارة حصة مشاعة من أرض معينة كما تجوز إجارة حصة منها على نحو الكلي في المعين.

(مسألة ٤٥٤): لا تجوز إجارة الأرض مدة طويلة لتوقف مسجدا ولا تترتب آثار المسجد عليها، نعم تجوز إجارتها لتعمل مصلى يصلي فيه أو يتعبد فيه أو نحو ذلك من أنواع الانتفاع ولا تترتب عليها أحكام المسجد.

(مسألة ٤٥٥): يجوز استيجار الشجرة لفائدة الاستظلال ونحوه كربط الدواب ونشر الثياب، ويجوز استيجار البستان الفائدة التنزه.

(مسألة ٤٥٦): يجوز استيجار الانسان للاحتطاب والاحتشاش والاستقاء ونحوها، فإن كانت الإجارة واقعة على المنفعة الخاصة وحدها أو مع غيرها ملك المستأجر العين المحازة وإن قصد الأجير نفسه أو شخصا آخر غير المستأجر، وإن كانت واقعة على العمل في الذمة فإن قصد الأجير تطبيق العمل المملوك عليه على فعله الخاص بأن كان في مقام الوفاء بعقد الإجارة ملك المستأجر المحاز أيضا وإن لم يقصد ذلك بل قصد الحيازة لنفسه أو غيره فيما يجوز الحيازة له كان المحاز ملكا لمن قصد الحيازة له وكان للمستأجر الفسخ والرجوع بالأجرة المسماة، والامضاء والرجوع بقيمة العمل المملوك له بالإجارة الذي فوته عليه.

(مسألة ٤٥٧): يجوز استيجار المرأة للارضاع بل للرضاع أيضا بمعنى ارتضاع اللبن وإن لم يكن بفعل منها أصلا مدة معينة، ولا بد من معرفة الصبي الذي استؤجرت لارضاعه ولو بالوصف على نحو يرتفع الغرر كما لا بد من معرفة المرضعة كذلك كما لا بد أيضا من معرفة مكان الرضاع وزمانه إذا كانت تختلف المالية باختلافهما.

(مسألة ٤٥٨): لا بأس باستيجار الشاة والمرأة مدة معينة للانتفاع بلبنها الذي يتكون فيها بعد الايجار وكذلك استيجار الشجرة للثمرة والبئر للاستقاء وفي جواز استيجارها للمنافع الموجودة فيها فعلا من اللبن والثمر والماء إشكال بل المنع أظهر.

(مسألة ٤٥٩): تجوز الإجارة لكنس المسجد، والمشهد، ونحوهما وإشعال سراجهما ونحو ذلك.

(مسألة ٤٦٠): لا تجوز الإجارة عن الحي في العبادات الواجبة إلا في الحج عن المستطيع العاجز عن المباشرة وتجوز في المستحبات ولكن في جوازها فيها على الاطلاق حتى في مثل الصلاة والصيام إشكالا ولا بأس بها في فرض الاتيان بها رجاء.

(مسألة ٤٦١): تجوز الإجارة عن الميت في الواجبات والمستحبات وتجوز أيضا الإجارة على أن يعمل الأجير عن نفسه ويهدي ثواب عمله إلى غيره.

(مسألة ٤٦٢): إذا أمر غيره بإتيان عمل فعمله المأمور فإن قصد المأمور التبرع لم يستحق أجرة وإن كان من قصد الآمر دفع الأجرة، وإن قصد الأجرة استحقها، وإن كان من قصد الآمر التبرع إن أن تكون قرينة على قصد المجانية كما إذا جرت العادة على فعله مجانا أو كان المأمور ممن ليس من شأنه فعله بأجرة أو نحو ذلك مما يوجب ظهور الطلب في المجانية.

(مسألة ٤٦٣): إذا استأجره على الكتابة أو الخياطة فمع إطلاق الإجارة يكون المداد والخيوط على الأجير، وكذا الحكم في جميع الأعمال المتوقفة على بذل عين فإنها لا يجب بذلها على المستأجر إلا أن يشترط كونها عليه أو تقوم القرينة على ذلك.

(مسألة ٤٦٤): يجوز استيجار الشخص للقيام بكل ما يراد منه مما يكون مقدورا له ويتعارف قيامه به والأقوى أن نفقته حينئذ على نفسه لا على المستأجر إلا مع الشرط أو قيام القرينة ولو كانت هي العادة.

(مسألة ٤٦٥): يجوز أن يستعمل العامل ويأمره بالعمل من دون تعيين أجرة ولكنه مكروه، ويكون عليه أجرة المثل لاستيفاء عمل العامل وليس من باب الإجارة.

(مسألة ٤٦٦): إذا استأجر أرضا مدة معينة فغرس فيها أو زرع ما يبقى بعد انقضاء تلك المدة فإذا انقضت المدة جاز للمالك أن يأمره بقلعه وكذا إذا استأجرها لخصوص الزرع أو الغرس وليس له الابقاء بدون رضا المالك وإن بذل الأجرة، كما أنه ليس له المطالبة بالأرش إذا نقص بالقلع، وكذلك إذا غرس ما لا يبقى فاتفق بقاؤه لبعض الطوارئ على الأظهر.

(مسألة ٤٦٧): خراج الأرض المستأجرة - إذا كانت خراجية - على المالك نعم إذا شرط أن تكون على المستأجر صح على الأقوى.

أخذ الأجرة على العبادات

(مسألة ٤٦٨): لا بأس بأخذ الأجرة على ذكر مصيبة سيد الشهداء (عليه السلام) وفضائل أهل البيت عليهم السلام والخطب المشتملة على المواعظ ونحو ذلك مما له فائدة عقلائية دينية أو دنيوية.

(مسألة ٤٦٩): يجوز الاستئجار للنيابة عن الأحياء والأموات في العبادات التي تشرع فيها النيابة دون ما لا تشرع فيه كالواجبات العبادية مثل الصلاة والصيام عن الأحياء، وتجوز عن الأموات. ولا تجوز الإجارة على تعليم الحلال والحرام وتعليم الواجبات مثل الصلاة والصيام وغيرهما مما هو محل الابتلاء على الأحوط وجوبا، بل إذا لم يكن محل الابتلاء فلا يخلو عن إشكال أيضا. ولا يجوز أخذ الأجرة على تغسيل الأموات وتكفينهم ودفنهم. نعم الظاهر أنه لا بأس بأخذ الأجرة على حفر القبر على نحو خاص من طوله وعرضه وعمقه. أما أخذ الأجرة على مسمى حفر القبر اللازم فلا يجوز ولا تصح الإجارة عليه.

(مسألة ٤٧٠): إذا بقيت أصول الزرع في الأرض المستأجرة للزراعة فنبتت فإن أعرض المالك عنها فهي لمن سبق إليها بلا فرق بين مالك الأرض وغيره، نعم لا يجوز الدخول في الأرض إلا بإذنه. وإن لم يعرض عنها فهي له.

(مسألة ٤٧١): إذا استأجر شخصا لذبح حيوان فذبحه على غير الوجه الشرعي فصار حراما ضمن، وكذا لو تبرع بلا إجارة فذبحه كذلك.

(مسألة ٤٧٢): إذا استأجر شخصا لخياطة ثوب معين مثلا لا بقيد المباشرة جاز لغيره التبرع عنه فيه وحينئذ يستحق الأجير الأجرة المسماة لا العامل وإذا خاطه غيره لا بقصد النيابة عنه بطلت الإجارة إذا لم يمض زمان يتمكن فيه الأجير من الخياطة وإلا ثبت الخيار لكل منهما. هذا فيما إذا لم تكن الخياطة من غير الأجير بأمر من المستأجر أو بإجارته ثانية وإلا فالظاهر أن الأجير يستحق الأجرة لأن التفويت حينئذ مستند إلى المستأجر نفسه كما إذا كان هو الخائط. وأما الخائط فيستحق على المالك أجرة المثل إن خاط بأمره، وأما إذا كان قد استأجره ثانية للخياطة فقيل أن الإجارة الثانية باطلة ويكون للخائط أجرة المثل ولكن الأظهر صحتها واستحقاق الأجير الأجرة المسماة. وإن خاط بغير أمره ولا إجازته لم يستحق عليه شيئا وإن اعتقد أن المالك أمره بذلك.

(مسألة ٤٧٣): إذا استأجره ليوصل متاعه إلى بلد كذا في مدة معينة فسافر بالمتاع وفي أثناء الطريق حصل مانع عن الوصول بطلت الإجارة فإن كان المستأجر عليه نفس إيصال المتاع لم يستحق شيئا، وإن كان مجموع السفر وإيصال المتاع على نحو تعدد المطلوب استحق من الأجرة بنسبة ما حصل من قطع المسافة إلى مجموع المستأجر عليه، أما إذا كان على نحو وحدة المطلوب فالأظهر عدم استحقاقه شيئا.

حكم الفسخ في الإجارة

(مسألة ٤٧٤): إذا كان للأجير الخيار في الفسخ لغبن أو تخلف شرط أو وجود عيب أو غيرها فإن فسخ قبل الشروع في العمل فلا شئ له، وإن كان بعد تمام العمل كان له أجرة المثل وإن كان في أثنائه استحق بمقدار ما أتى به من أجرة المثل إلا إذا كان مجموع العمل ملحوظا بنحو وحدة المطلوب كما إذا استأجره على الصلاة أو الصيام فإنه لو فسخ في الأثناء لم يكن له شئ، وكذا إذا كان الخيار للمستأجر ويحتمل بعيدا أنه إذا كان المستأجر عليه هو المجموع على نحو وحدة المطلوب ففسخ المستأجر في الأثناء كما إذا استأجره على الصلاة ففسخ في أثنائها أن يستحق الأجير بمقدار ما عمل من أجرة المثل.

(مسألة ٤٧٥): إذا استأجر عينا مدة معينة ثم اشتراها في أثناء المدة فالإجارة باقية على صحتها وإذا باعها في أثناء المدة ففي تبعية المنفعة للعين وجهان أقواهما ذلك.

(مسألة ٤٧٦): تجوز إجارة الأرض مدة معينة بتعميرها دارا أو تعميرها بستانا بكري الأنهار، وتنقية الآبار، وغرس الأشجار، ونحو ذلك ولا بد من تعيين مقدار التعمير كما وكيفا.

(مسألة ٤٧٧): تجوز الإجارة على الطبابة ومعالجة المرضى سواء أكانت بمجرد وصف العلاج أم بالمباشرة كجبر الكسير وتضميد القروح والجروح ونحو ذلك.

(مسألة ٤٧٨): تجوز المقاطعة على العلاج بقيد البرء إذا كانت العادة تقتضي ذلك كما في سائر موارد الإجارة على الأعمال الموقوفة على مقدمات غير اختيارية للأجير وكانت توجد عادة عند إرادة العمل.

(مسألة ٤٧٩): إذا أسقط المستأجر حقه من العين المستأجرة لم يسقط وبقيت المنفعة على ملكه.

(مسألة ٤٨٠): لا يجوز في الاستيجار للحج البلدي أن يستأجر شخصا من بلد الميت إلى (النجف) مثلا وآخر من (النجف) إلى (المدينة) وثالثا من المدينة إلى (مكة) بل لا بد من أن يستأجر من يسافر من البلد بقصد الحج إلى أن يحج.

(مسألة ٤٨١): إذا استؤجر للصلاة عن الميت فنقص بعض الأجزاء أو الشرائط غير الركنية سهوا، فإن كانت الإجارة على الصلاة الصحيحة كما هو الظاهر عند الاطلاق استحق تمام الأجرة وكذا إذا كانت على نفس الأعمال المخصوصة وكان النقص على النحو المتعارف وإن كان على خلاف المتعارف نقص من الأجرة بمقداره.

(مسألة ٤٨٢): إذا استؤجر لختم القرآن الشريف فالأحوط الترتيب بين السور والظاهر لزوم الترتيب بين آيات السور وكلماتها وإذا قرأ بعض الكلمات غلطا والتفت إلى ذلك بعد الفراغ من السورة أو الختم، فإن كان بالمقدار المتعارف لم ينقص من الأجرة شئ، وإن كان بالمقدار غير المتعارف ففي إمكان تداركه بقراءة ذلك المقدار صحيحا إشكال، والأحوط للأجير أن يقرأ السورة من مكان الغلط إلى آخرها.

(مسألة ٤٨٣): إذا استؤجر للصلاة عن (زيد) فاشتبه وصلى عن (عمرو) فإن كان على نحو الخطأ في التطبيق بأن كان مقصوده الصلاة عمن استؤجر للصلاة عنه فأخطأ في اعتقاده أنه عمرو، صح عن زيد واستحق الأجرة، وإن كان على نحو آخر لم يستحق الأجرة ولم يصح عن زيد.

(مسألة ٤٨٤): الموارد التي يجوز فيها استيجار البالغ للنيابة في العبادات المستحبة يجوز فيها أيضا استيجار الصبي والله سبحانه العالم.