حياة الإمام الرضا (عليه السلام) الجزء ١

حياة الإمام الرضا (عليه السلام)0%

حياة الإمام الرضا (عليه السلام) مؤلف:
الناشر: انتشارات سعيد بن جبير
تصنيف: الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام
الصفحات: 363

حياة الإمام الرضا (عليه السلام)

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: باقر شريف القرشي
الناشر: انتشارات سعيد بن جبير
تصنيف: الصفحات: 363
المشاهدات: 139905
تحميل: 6655


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 363 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 139905 / تحميل: 6655
الحجم الحجم الحجم
حياة الإمام الرضا (عليه السلام)

حياة الإمام الرضا (عليه السلام) الجزء 1

مؤلف:
الناشر: انتشارات سعيد بن جبير
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

( القول: قولك، ولا إله إلاّ الله... ).

والتفت الإمام إلى رأس الجالوت، فقال له: ( اقبل عليّ، أسألك بالعشر الآيات التي أُنزلت على موسى بن عمران، هل تجد في التوراة مكتوباً نبأ محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمّته إذا جاءت الأمّة الأخيرة أتباع راكب البعير، يسبّحون الرب جداً، جداً، تسبيحاً جديداً في الكنايس الجدد - أراد بها المساجد - فليفزع بنو إسرائيل إليهم، والى ملكهم، لتطمئن قلوبهم، فإنّ ما بأيديهم سيوفاً ينتقمون بها من الأمم الكافرة في أقطار الأرض، هكذا هو مكتوب في التوراة... ).

وبهر الجالوت، وراح يقول: ( نعم إنّا لنجد ذلك كذلك... ).

والتفت الإمامعليه‌السلام إلى الجاثليق فقال له: ( كيف علمك بكتاب شعيا؟... ).

( اعرفه حرفاً، حرفاً... ).

وخاطب الإمام الجاثليق ورأس الجالوت فقال لهما: ( أتعرفان هذا من كلامه: يا قوم إنّي رأيت صورة راكب الحمار، لابساً جلابيب النور، ورأيت راكب البعير ضوءه ضوء القمر... ).

وطفقا قائلين: ( قد قال ذلك شعيا... ).

والتفت الإمام إلى الجاثليق فقال له: ( أتعرف قول عيسى: إنّي ذاهب إلى ربّكم وربي، و( البارقليطا ) جاء هو الذي يشهد لي بالحق كما شهدت له، وهو الذي يفسّر لكم كل شيء، وهو الذي بيده فضائح الأمم، وهو الذي يكسر عمود الكفر... ).

وبهر الجاثليق، وقال: ( ما ذكرت شيئاً من الإنجيل إلاّ ونحن مقرّون به... ).

وراح الإمام يقرره أنّ ما ذكره ثابت في الإنجيل قائلاً: ( أتجد هذا في الإنجيل ثابتاً؟... ).

( نعم... ).

( يا جاثليق: ألا تخبرني عن الإنجيل الأول حين افتقدتموه عند من وجدتموه؟

١٤١

ومَن وضع لكم هذا الإنجيل؟... ).

وأخذ الجاثليق يتخبط خبط عشواء قائلاً: ( ما افتقدنا الإنجيل إلاّ يوماً واحداً، حتى وجدناه غضاً طرياً، فأخرجه إلينا يوحنا ومتّى... ).

فرد عليه الإمام قائلاً: ( ما أقل معرفتك بسنن الإنجيل وعلمائه، فإن كان كما تزعم فلم اختلفتم في الإنجيل؟ وإنّما الاختلاف في هذا الإنجيل الذي في أيديكم اليوم، فإن كان على العهد الأول لم تختلفوا فيه، ولكنّي مفيدك علم ذلك، اعلم أنّه لمّا افتقد الإنجيل الأول اجتمعت النصارى إلى علمائهم، فقالوا لهم: قتل عيسى بن مريم، وافتقدنا الإنجيل، وأنتم العلماء فما عندكم؟ فقال لهم الوقا ومرقانوس ويوحنا ومتّى إنّ الإنجيل في صدورنا نخرجه إليكم سفراً في كل أحد، فلا تحزنوا عليه، ولا تخلوا الكنائس فإنّا سنتلوه عليكم في كل أحد سفراً سفراً حتى نجمعه كله.

وأضاف الإمام قائلاً: إنّ الوقا، ومرقانوس، ويوحنا ومتّى وضعوا لكم هذا الإنجيل، بعدما افتقدتم الإنجيل الأول، وإنّما كان هؤلاء الأربعة تلاميذ الأولين أعلمت ذلك؟... ).

وراح الجاثليق يبدي إكباره للإمام، ويعترف له أنّه لا علم له بذلك قائلاً: ( أمّا قبل هذا فلم اعلمه، وقد علمته الآن، وقد بان لي من فضل علمك بالإنجيل، وقد سمعت أشياء كما علمتها، شهد قلبي أنّها حق، واستزدت كثيراً من الفهم... ).

والتفت الإمامعليه‌السلام إلى المأمون، وإلى مَن حضر من أهل بيته وغيرهم، فطلب منهم أن يشهدوا عليه،

فقالوا: شهدنا، ووجّه كلامه صوب الجاثليق فقال له: ( بحق الابن وأمّه، هل تعلم أنّ ( متّى ) قال في نسبة عيسى إنّه المسيح بن داود بن إبراهيم بن إسحاق بن يعقوب بن يهود، بن خضرون؟ وقال: ( مرقانوس ) في نسبة عيسى إنّه كلمة الله أحلّها في الجسد الآدمي فصارت إنساناً!! وقال - ( الوقا ): إنّ عيسى بن مريم وأمّه كانا إنسانين من لحم ودم فدخل فيهما

١٤٢

روح القدس؟ ثم إنّك تقول: في شهادة عيسى على نفسه، حقّاً أقول لكم: إنّه لا يصعد إلى السماء إلاّ مَن نزل منها، إلاّ راكب البعير خاتم الأنبياء، فإنّه يصعد إلى السماء وينزل فما تقول في هذا القول؟ )

واعترف الجاثليق بما قالوه في المسيح، وما قاله السيد المسيح في نفسه، فقال: ( هذا قول عيسى لا ننكره... ).

فقال له الإمام: ( فما تقول في شهادة الوقا ومرقانوس ومتّى على عيسى وما نسبوا إليه؟... ).

وراح الجاثليق يزكّي السيد المسيح، ويكذب ما نسبوه له قائلاً: ( كذبوا على عيسى... ).

والتفت الإمامعليه‌السلام إلى مَن حضر في مجلسه من القادة والعلماء قائلاً: ( يا قوم أليس قد زكّاهم، وشهد أنّهم علماء الإنجيل وقولهم حق؟... ).

وبان الانكسار على الجاثليق وراح يلتمس من الإمام أن لا يسأله فقال: ( يا عالم المسلمين أحب أن تعفيني من أمر هؤلاء ).

فأعفاه الإمام، ثم قال له: ( سلني عمّا بدا لك... ).

وبهر الجاثليق من علوم الإمام التي هي امتداد ذاتي لعلوم جدّه سيد الكائنات محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقال بخضوع وإكبار للإمام: ( ليسألك غيري، فو الله ما ظننت أنّ في علماء المسلمين مثلك... ).

وأطرق الجاثليق برأسه إلى الأرض، وعجّ المجلس بالتهليل والتكبير، واستبان للمأمون وغيره أنّ الإمامعليه‌السلام نفحة قدسية من نفحات الملّة، فقد وهبه لهذه الأمّة كما وهب آباءه، ومنحهم من العلوم التي لا حد لها.

مناظرته مع رأس الجالوت:

وكان رأس الجالوت، يمثل الطائفة اليهودية في ذلك المجلس الذي أعدّه المأمون لامتحان الإمام، فقال له الإمام: ( تسألني أو أسألك؟... ).

( بل أسألك، ولست أقبل منك حجّة إلاّ من التوراة أو من الإنجيل أو من

١٤٣

زبور داود، أو ما في صحف إبراهيم وموسى... ).

فأجابه الإمام بالموافقة على هذا الشرط قائلاً: ( لا تقبل منّي حجّة إلاّ بما نطق به التوراة على لسان موسى بن عمران، والإنجيل على لسان عيسى بن مريم، والزبور على لسان داودعليهم‌السلام ... ).

س 1 - ( من أين تثبت نبوّة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟... ).

ج 1 - ( شهد بنبوّته موسى بن عمران، وعيسى بن مريم، وداود خليفة الله في الأرض... ).

وطلب رأس الجالوت إثبات ذلك قائلاً: ( أثبت قول موسى بن عمران... ).

فقال الإمام: ( تعلم يا يهودي أنّ موسى أوصى بني إسرائيل، فقال لهم: إنّه سيأتيكم نبي فيه(1) فصدقوا، ومنه فاسمعوا فهل تعلم أن لبني إسرائيل أخوة غير ولد إسماعيل؟ إن كنت تعرف قرابة إسرائيل من إسماعيل، والنسب الذي بينهما من قبل إبراهيم ).

واعترف رأس الجالوت بذلك قائلاً: ( هذا قول موسى: لا ندفعه... ).

وألزمه الإمام بالحجّة والبرهان قائلاً: ( هل جاءكم من إخوة بني إسرائيل غير محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟... ).

( لا... ).

وانبرى الإمام قائلاً: ( أليس هذا قد صحّ عندكم؟... ).

( نعم، ولكنّي أحب أن تصحّحه لي من التوراة؟... ).

وتلا الإمام عليه قطعة من التوراة قائلاً: ( هل تنكرون التوراة تقول لكم: جاء النور من قبل طور سيناء وأضاء للناس من جبل ساعير، واستعلن علينا من جبل فاران... ).

وأقرّ رأس الجالوت بهذه الكلمات، إلاّ أنّه طلب من الإمام تفسيرها، فقالعليه‌السلام له:

____________________

(1) هكذا في النسخ المخطوطة والمطبوعة، والصواب فيه بالباء والمعنى إن أدركتم صحبته وفيه، أي اقصدوه واسمعوا ما يقوله.

١٤٤

( أنا أخبرك بها، أمّا قوله: جاء النور من قبل طور سيناء فذلك وحي الله تبارك وتعالى الذي أنزله على موسى على جبل طور سيناء، وأمّا قوله: وأضاء للناس في جبل ساعير فهو الجبل الذي أوحى الله عزّ وجل إلى عيسى بن مريم وهو عليه، وأمّا قوله: واستعلن علينا من جبل فاران فذاك جبل من جبال مكة، وبينه وبينها يومان؟ أو يوم... ).

قال شعيا النبي: فيما تقول أنت وأصحابك في التوراة رأيت راكبين أضاء لهما الأرض أحدهما على حمار، والآخر على جمل، فمَن راكب الحمار، ومَن راكب الجمل؟...

ولم يعرف رأس الجالوت ذلك رغم أنّه موجود في التوراة فطلب من الإمام إيضاح ذلك له، فقالعليه‌السلام : ( أمّا راكب الحمار فعيسى، وأمّا راكب الجمل فمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أتنكر هذا في التوراة؟... ).

ووجّه الإمام إليه السؤال التالي: ( هل تعرف حبقوق النبي؟... ).

( نعم إنّي به لعارف... ).

وأخذ الإمامعليه‌السلام يقرأ ما أثر عنه قائلاً: ( فإنّه قال: - وكتابكم ينطق به - جاء الله تعالى بالبيان من جبل فاران وامتلأت السماوات من تسبيح أحمد وأمته، يحمل خيله في البحر، كما يحمل في البر يأتينا بكتاب جديد - يعني القرآن الكريم - بعد خراب بيت المقدس، أتعرف هذا وتؤمن به؟... ).

واعترف رأس الجالوت بذلك، والتفت إليه الإمام فأقام عليه حجة أخرى، وهي ما جاء في الزبور، من التبشير بالرسول الأعظم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله قائلاً: ( فقد قال داود في زبوره - وأنت تقرأه - اللهم ابعث مقيم السنة بعد الفترة، فهل تعرف نبيا أقام السنة بعد الفترة غير محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟... ).

وأخذ رأس الجالوت يراوغ، وينكر الحق قائلاً: ( هذا قول داود نعرفه ولا ننكره، ولكنّه عنى بذلك عيسى، وأمامه هي

١٤٥

الفترة... ).

فرد عليه الإمام قائلاً: ( جهلت أنّ عيسى موافقاً لسنة التوراة حتى رفعه الله إليه، وفي الإنجيل مكتوب إنّ ابن البرة - أي عيسى - ذاهب، والبارقليطا جاء من بعده، وهو الذي يحفظ الآصار، ويفسّر لكم كل شيء، ويشهد لي كما شهدت له، أنا جئتكم بالأمثال، وهو يأتيكم بالتأويل، أتؤمن بهذا في الإنجيل؟... ).

وطفق رأس الجالوت يقول: ( نعم لا أنكره... ).

ووجّه الإمام إليه السؤال التالي: ( أسألك عن نبيّك موسى بن عمران؟... ).

( سل... ).

( ما الحجّة على أنّ موسى تثبتت نبوته؟... )

وأخذ رأس الجالوت يستدل على نبوّة موسى قائلاً: ( إنّه جاء بما لم يجئ به أحد من الأنبياء قبله... ).

( مثل ماذا؟... ).

( مثل فلق البحر، وقلبه العصا حيّة تسعى، وضربه الحجر فانفجرت منه العيون، وإخراجه يده بيضاء للناظرين، وعلاماته لا يقدر الخلق على مثلها... ).

وصدق الإمام مقالته قائلاً: ( صدقت في أنها حجة على نبوته... إنّه جاء بما لم يقدر الخلق عل مثله، أفليس كل مَن أدعى أنّه نبي، وجاء بما لم يقدر الخلق على مثله وجب عليكم تصديقه؟... ).

وأنكر اليهودي مقالة الإمام قائلاً: ( لا، لأنّ موسى لم يكن له نظير لمكانه من ربّه، وقربه منه، ولا يجب علينا الإقرار بنبوة مَن ادعاها، حتى يأتي من الأعلام بمثل ما جاء به... ).

ونقض الإمام كلام اليهودي قائلاً: ( فكيف أقررتم بالأنبياء الذين كانوا قبل موسى، ولم يفلقوا البحر، ولم يفجروا من الحجر اثني عشرة عيناً، ولم يخرجوا أيديهم مثل إخراج موسى يده بيضاء، ولم يقلبوا العصا حيّة تسعى... ).

وأجاب اليهودي:

١٤٦

( قد خبرتك أنّه متى جاءوا على نبوّتهم من الآيات بما لا يقدر الخلق على مثله، ولو جاءوا بمثل ما جاء به موسى أو كانوا على ما جاء به موسى وجب تصديقهم... ).

وردّ الإمامعليه‌السلام حجّته قائلاً: ( يا رأس الجالوت فما يمنعك من الإقرار بعيسى بن مريم وكان يحيي الموتى، ويبرئ الأكمه والأبرص، ويخلق من الطين كهيئة الطير ثم ينفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله... ).

وراوغ اليهودي فقال: ( يقال: إنّه فعل ذلك، ولم نشهده... ).

ورد الإمام عليه ببالغ الحجّة قائلاً: ( أرأيت ما جاء به موسى من الآيات شاهدته؟ أليس إنّما جاءت الأخبار من ثقات أصحاب موسى أنّه فعل ذلك... ).

( بلى... ).

وألزمه الإمام بالحجة القاطعة قائلاً: ( كذلك أيضاً أتتك الأخبار المتواترة بما فعل عيسى بن مريم، فكيف صدقتم بموسى، ولم تصدقوا بعيسى؟... ).

ووجم رأس الجالوت، فقد سدّ عليه الإمام كل نافذة، وأقام عليه الحجة البالغة، وبان عليه العجز، وأضاف الإمامعليه‌السلام يقول: ( وكذلك أمر محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وما جاء به، وأمر كل نبي بعثه الله، ومن آياته أنه كان يتيما فقيراً، راعياً أجيراً، ولم يتعلّم، ولم يختلف إلى معلّم، ثم جاء بالقرآن الذي فيه قصص الأنبياءعليهم‌السلام وأخبارهم حرفاً، حرفاً، وأخبار مَن مضى، ومَن بقي إلى يوم القيامة، ثم كان يخبرهم بأسرارهم، وما يعملون في بيوتهم، وجاء بآيات كثيرة... ).

وقطع رأس الجالوت على الإمام كلامه قائلاً: ( لم يصح عندنا خبر عيسى، ولا خبر محمد، ولا يجوز أن نقر لهما بما لا يصح... ).

وفنّد الإمامعليه‌السلام كلام اليهودي قائلاً: ( فالشاهد الذي يشهد لعيسى ومحمد شاهد زور؟... ).

وأخرس رأس الجالوت، ووجم، وهو كظيم، وراح يفتش في حقيقة مغالطاته

١٤٧

شبهة يتمسك بها فلم يجد، وسيلة يتمسّك بها لدعم أباطيله.

مناظرته مع الهربذ الأكبر:

وبعدما فشلت رؤساء المذاهب والأديان في امتحان الإمام، وبان عليها العجز، ولم يبق إلاّ الهربذ الأكبر المرجع الأعلى للمجوس، فالتفت إليه الإمامعليه‌السلام فقال له: ( اخبرني عن زردشت الذي تزعم أنّه نبي، ما حجّتك على نبوّته؟... ).

فقال الهربذ: ( إنّه أتى بما لم يأتنا به أحد قبله، ولم نشهده ولكنّ الأخبار من أسلافنا وردت علينا بأنّه أحلّ بنا ما لم يحلّه لنا غيره، فاتبعناه... ).

وانبرى الإمام فقال له: ( أفليس إنّما أتتكم الأخبار فاتبعتموه؟... ).

( بلى... ).

وراح الإمام يقيم عليه الحجّة التي لا مجال لإنكارها قائلاً: ( فكذلك سائر الأمم السالفة اتتهم الأخبار بما أتى به النبيون وأتى به موسى وعيسى ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فما عذركم في ترك الإقرار بهم، إذ كنتم إنّما أقررتم بزردشت من قبل الأخبار الواردة بأنه جاء بما لم يجئ به غيره... ).

واستولت عليه الحيرة والذهول وحار في الجواب، فانقطع عن الكلام، والتفت سليل النبوة إلى مَن حضر من رؤساء الأديان، فقال لهم: ( يا قوم إن كان فيكم أحد يخالف الإسلام، وأراد أن يسأل فليسأل غير محتشم )(1) .

مناظرته مع الإمام في طليعة هذا البحث:

لقد أفحمت هذه المناظرات القوى المعادية للإسلام، وأثبتت بوضوح مدى الطاقات الهائلة من العلوم التي منحها الله للإمام، والتي دلّلت على صحة ما تذهب إليه الشيعة من أنّ أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام قد منحهم الله ثروات علمية، وأنّهم أعلم هذه الأمّة لا في المجالات التشريعية، وإنّما في جميع أنحاء العلوم. وقد عجّت أندية خراسان بهذه المناظرات التي تغلّب الإمام فيها على مَن

____________________

(1) الاحتجاج 2 / 199 - 212 عيون أخبار الرضا 2 / 154 - 168.

١٤٨

ناظرهم، وفي نفس الوقت ألهبت مشاعر المأمون وعواطفه بالحقد والعداء للإمامعليه‌السلام ، فقد باء بالفشل لما كان يرومه من تعجيز الإمام؛ ليتخذ من ذلك وسيلة للتشهير به، وعزله عن ولاية العهد، وأخذ يسعى جاهداً للتخلّص من الإمام فرأى أن لا وسيلة له إلاّ باغتياله، ودسّ السمّ إليه؛ وسنوضح ذلك بمزيد من التفصيل في البحوث الآتية.

مناظرته مع زنديق:

وخفّ زنديق متمرّس في الزندقة والإلحاد إلى الإمام الرضاعليه‌السلام وكان في مجلسه جماعة، والتفت الإمام إليه قائلاً: ( أرأيت إن كان القول قولكم - من إنكار الله تعالى - وليس هو كما تقولون: ألسنا وإيّاكم شرعاً سواء، ولا يضرنا ما صلّينا، وصمنا وزكينا، وأقررنا؟... ).

فسكت الزنديق، أمام هذه الحجّة الدامغة، فإنّه لو كان الأمر كما يذهب إليه الزنادقة من إنكار الله تعالى، فما الذي يضر الموحّدين من صلاتهم وصومهم، وأضاف الإمام بعد ذلك قائلاً: ( وإن لم يكن القول قولكم، وهو كما نقول: ألستم قد هلكتم، ونجونا... ).

وأراد الإمام أنّه إذا انكشف الأمر لهم من وجود الخالق العظيم المدبر لهذه الأكوان، فقد هلك الملحدون، وباؤوا بالخزي والعذاب الأليم، وفاز المؤمنون والمتقون.

وقدم الزنديق إلى الإمامعليه‌السلام الأسئلة التالية:

س 1 - رحمك الله، أوجدني كيف هو - يعني الله - وأين هو؟... ).

ج 1 - ( إنّ الذي ذهبت إليه غلط، وهو أين الأين، وكان، ولا أين، وهو كيف الكيف، وكان، ولا كيف ولا يعرف بكيفوفته، ولا بأينونته، ولا يدرك بحاسة، ولا يقاس بشيء... ).

إنّ الله تعالى نور السماوات والأرض، ويستحيل ان يتصف بالأين والكيف وغيرهما من صفات الممكن الذي مثاله إلى العدم، فهو سبحانه لا يدرك بحاسة، ولا يقاس بشيء.

س 2 - ( إذن إنّه لا شيء إذا لم يدرك بحاسة من الحواس ).

ج 2 - ( ويلك لمّا عجزت حواسك عن إدراكه، أنكرت ربوبيته، ونحن إذا عجزت حواسنا عن إدراكه أيقنّا أنّه ربّنا، وأنّه شيء بخلاف الأشياء... ).

١٤٩

إنّ إدراك الحواس محدود كمّاً وكيفاً، كما أنّها لا تدرك الأشياء الكثيرة من الممكنات، فهي لا تدرك - مثلاً - حقيقة الروح، فكيف تدرك واجب الوجود تعالى وتقدّس؟

س 3 - ( أخبرني متى كان؟... ).

ج 3 - ( أخبرني متى لم يكن، فأخبرك متى كان؟... ).

لقد سخر الإمامعليه‌السلام من سؤاله، فالله تعالى حقيقة مشرقة يبصره كل أحد بآثاره، وعظيم صنعه، وبدائع مخلوقاته ففي كل مرحلة من الوجود، هو موجود، ويستحيل إن يقال إنّه متى كان.

س 4 - ( ما الدليل عليه؟... ).

ج 4 - ( إنّي لمّا نظرت إلى جسدي، فلم يمكني فيه زيادة ولا نقصان في العرض، والطول، ودفع المكاره عنه، وجر المنفعة إليه، علمت أنّ لهذا البنيان بانياً، فأقررت به، مع ما أرى من دوران الفلك بقدرته، وإنشاء السحاب، وتصريف الرياح، ومجرى الشمس والقمر، والنجوم، وغير ذلك من الآيات العجيبات المتقنات علمت أنّ لهذا مقدّراً ومنشئاً... ).

إنّ كل ذرّة في هذا الكون تدلل على وجود الخالق العظيم المكون لها. إنّ الإنسان إذا نظر إلى نفسه، والى ما فيه من الأجهزة والخلايا العجيبة، فإنه يؤمن بالله تعالى، وفي الحديث من عرف نفسه فقد عرف ربّه، لقد خلق الله تعالى الإنسان في أحسن تقويم، فلا يمكن الزيادة أو النقصان في أعضائه ومن المعلوم أنّ خلق الإنسان بهذه الدقة المذهلة يدل على وجود الله، فان الأثر يدل على المؤثر والمعلول يدل على وجود علته - كما يقول المنطقيون -.

ومن آيات الله تعالى دوران الفلك، وإنشاء السحاب، وتصريف الرياح ومجرى الشمس والقمر، قال تعالى:( لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) فسبحان الله ما أكثر آياته التي تدلّل عليه.

س 5 - ( لم لا تدركه حاسة البصر؟... ).

ج 5 - ( للفرق بينه وبين خلقه الذين تدركهم حاسّة الإبصار، منهم ومن غيرهم، ثم هو أجل من أن يدركه بصر، أو يحيط به وهم، أو يضبطه عقل... ).

إنّ حاسّة البصر وغيرها من حواس الإنسان محدودة فكيف تدرك الخالق

١٥٠

العظيم، أو تبصره، وتنظر إليه إنّما تدرك وتبصر بعض الممكنات.

س 6 - ( حدّه - أي الله تعالى - لي؟... ).

ج 6 - ( لا حدّ... ). إنّ الحد أنّما هو للمكنات، وأمّا واجب الوجود فإنّه يستحيل عليه الحد.

س 7 - ( لم - أي لماذا لا يُحد -؟... ).

ج 7 - لأنّ كل متناه محدود متناه، وإذا احتمل التحديد احتمل الزيادة، وإذا احتمل الزيادة احتمل النقصان فهو غير محدود، ولا متزايد، ولا متناقص ولا متجزي، ولا متوهم... ).

لقد أقام الإمامعليه‌السلام البرهان على استحالة تحديد الواجب العظيم، فإنّ التحديد - كما ذكرنا - إنّما هو من شؤون الممكنات.

س 8 - أخبرني عن قولكم: إنّه لطيف، وسميع، وبصير، وعليم، وحكيم أيكون السميع لا بالأذن، والبصير لا بالعين، واللطيف لا بعمل اليدين، والحكيم لا بالصنعة؟

ج 8 - إنّ اللطيف منّا - أي من المخلوقات - على حد إيجاد الصنعة، أو ما رأيت أنّ الرجل اتخذ شيئاً فيلطف في اتخاذه؟

فيقال: ما ألطف فلاناً، فكيف لا يقال للخالق الجليل ( لطيف ) إذ خلق خلقاً لطيفاً وجليلاً، وركب في الحيوان منه أرواحها وخلق كل جنس مبايناً من جنسه في الصورة، ولا يشبه بعضه بعضاً، فكل به لطف من الخالق اللطيف الخبير في تركيب صورته. ثم نظرنا إلى الأشجار، وحملها أطايبها المأكولة منها وغير المأكولة، فقلنا عند ذلك: إنّ خالقنا لطيف لا كلطف خلقه، وقلنا: إنّه سميع لأنّه لا يخفى عليه أصوات خلقه ما بين العرش إلى الثرى من الذرّة إلى ما هو أكبر منها في برّها وبحرها، ولا يشتبه عليه لغاتها فقلنا: إنّه سميع لا بأذن، وقلنا: إنّه بصير لا ببصر؛ لأنّه يرى أثر الذرّة السحماء(1) في الليلة الظلماء على الصخرة السوداء، ويرى دبيب النمل في الليلة الدجية، ويرى مضارها ومنافعها ومفاسدها، وفراخها ونسلها، فقلنا عند ذلك: إنّه بصير لا كبصر خلقه(2) .

____________________

(1) السحماء: السوداء.

(2) هناك زيادة على هذه الرواية جاءت في الاحتجاج ولا يخالجنا شك في أنّها منحولة وليست من كلام الإمام؛ وذلك لعدم الدقّة في التعبير وإعراض الشيخ الصدوق عنها.

١٥١

مناظرته مع علي بن محمد بن الجهم:

ومن مناظرات الإمام مع أهل المقالات والأديان هذه المناظرة التي جرت بينه وبين علي بن محمد بن الجهم، فقد سأل الإمامعليه‌السلام قائلاً: ( يا بن رسول الله أتقول بعصمة الأنبياء؟.. ).

( نعم )

وأخذ يشكل على الإمام بهذه الآيات قائلاً:

( ما تقول(1) : في قول الله عزّ وجل:( وعصى آدم ربّه فغوى ) (2)

وقوله عزّ وجل:( وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظنّ أن لن نقدر عليه ) (3)

وفي قوله عزّ وجل في يوسف:( ولقد همّت به وهمّ بها ) (4)، وفي قوله عزّ وجل في داود:( وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاه ) (5) وقوله تعالى في نبيّه محمد (صلى الله عليه وآله):( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ) (6) .

وزجره الإمام من التمسّك بظواهر هذه الآيات، وهو لا يعلم تفسيرها وتأويلها، وأخذ يتلو عليه تفسيرها قائلاً: ( ويحك يا علي، اتق الله، ولا تنسب إلى أنبياء الله الفواحش ولا تتأوّل كتاب الله برأيك، فإنّ الله عزّ وجل قد قال:( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) (7) .

وأخذ الإمام في تفسير هذه الآيات قائلاً: ( أمّا قوله عزّ وجل في آدم:( وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ) فإنّ الله عزّ وجل خلق آدم حجّة في أرضه، وخليفة في بلاده، لم يخلقه للجنة، وكانت المعصية من آدم في الجنة لا في الأرض، وعصمته تجب أن تكون في الأرض ليتم مقادير أمر الله فلمّا أهبط إلى الأرض وجعل حجة وخليفة عصم بقوله عزّ وجل:( إنّ الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ) (8) .

____________________

(1) في رواية (فما تعمل).

(2) سورة طه / آية 121.

(3) سورة الأنبياء / آية 87.

(4) سورة يوسف / آية 24.

(5) سورة ص / آية 24.

(6) سورة الأحزاب / آية 37.

(7) سورة آل عمران / آية 7.

(8) سورة آل عمران / آية 3.

١٥٢

وأمّا قوله عزّ وجل:( وذا النون إذ ذهب مغاضباً وظنّ أن لن نقدر عليه ) إنّما ظن بمعنى استيقن أنّ الله لن يضيق عليه رزقه، ألا تسمع قول الله عزّ وجل:( وأمّا إذا ما ابتلاه ربّه فقدر عليه رزقه ) (1) أي ضيّق عليه رزقه ولو ظن أنّ الله لا يقدر عليه فقد كفر. وأمّا قوله عزّ وجل في يوسف:( ولقد همّت به وهمّ بها ) فإنّها همّت بالمعصية، وهم يوسف بقتلها إن أجبرته لعظم ما تداخله، فصرف الله عنه قتلها والفاحشة، وهو قوله عزّ وجل:( كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ) يعنى القتل والزنا. والتفت الإمام إلى علي بن الجهم فقال له: ( فما يقول من قبلكم فيه؟... ).

وأخذ علي بن الجهم يتلو على الإمام ما أثر عنهم في تفسير الآية قائلاً: ( يقولون: إنّ داودعليه‌السلام كان في محرابه يصلّي، فتصوّر له إبليس على صورة طير، أحسن ما يكون من الطيور، فقطع داود صلاته، وقام ليأخذ الطير، فخرج الطير إلى الدار، ثم خرج الطير إلى السطح، فصعد في طلبه، فسقط الطير في دار أوريا بن حنان، فاطلع داود في أثر الطير، فإذا بامرأة أوريا تغتسل، فلما نظر إليها هواها، وكان قد خرج أوريا في بعض غزواته، فكتب إلى صاحبه أن قدم أوريا إلى التابوت، فقدم، فظفر أوريا بالمشركين، فصعب ذلك على داود، فكتب إليه ثانية أن قدمه أمام التابوت، فقدم فقتل أوريا، فتزوج داود بامرأته... ).

وفي هذه الرواية نسبة الفحشاء والمنكر إلى نبي من أنبياء الله تعالى، مضافاً إلى ما احتوته من الخرافة، من ملاحقة داود إلى الطير، وقد تأثر الإمامعليه‌السلام منها، وقال: ( إنّا لله وإنا إليه راجعون، لقد نسبتم من أنبياء الله إلى التهاون بصلاته، حتى خرج في أثر الطير، ثم بالفاحشة، ثم بالقتل... ).

وانبرى ابن الجهم يطلب من الإمام إيضاح الأمر منه قائلاً: ( يا بن رسول الله، فما كانت خطيئته؟... ).

وأجابه الإمام بما هو الواقع من قصة داود قائلاً: ( إنّ داود ظنّ أن ما خلق الله عزّ وجل خلقاً هو أعلم منه، فبعث الله، عزّ

____________________

(1) سورة الفجر / آية 16.

١٥٣

وجل، إليه ملكين، فتسوّر المحراب، فقالا: (خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق، ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط. إنّ هذا أخي له تسع وتسعون نعجة، ولي نعجة واحدة، فقال: اكفلنيها وعزني في الخطاب ) فعجل داود على المدعى عليه، فقال: ( لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ) ولم يسأل المدّعي البينة على ذلك، ولم يقبل على المدعى عليه فيقول له: ما تقول؟ فكان هذا خطيئة رسم الحكم، لا ما ذهبتم إليه، ألا تسمع الله عزّ وجل يقول:( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الهوى ) . وطلب ابن الجهم من الإمام أن يوضح له قصة داود مع أوريا قائلاً: ( يا بن رسول الله فما قصّته مع أوريا؟... ).

وأخذ الإمامعليه‌السلام يشرح له قصته قائلاً: ( إنّ المرأة في أيام داود كانت إذا مات بعلها لا تتزوج بعده أبداً، وأول مَن أباح الله له أن يتزوج بامرأة قتل بعلها كان داودعليه‌السلام فتزوج بامرأة أوريا لمّا قتل، وانقضت عدتها، فذلك الذي شق على الناس من قتل أوريا.

وأمّا محمد (صلى الله عليه وآله) وقول الله عزّ وجل:( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ) فإنّ الله عزّ وجل عرّف نبيه أسماء أزواجه في دار الدنيا، وأسماء أزواجه في دار الآخرة، وأنهنّ أمّهات المؤمنين، وإحداهن مَن سمّي له زينب بنت جحش، وهي يومئذ تحت زيد بن حارثة فأخفى اسمها في نفسه ولم يبده لكيلا يقول أحد المنافقين: إنّه قال في امرأة في بيت رجل إنّها إحدى أزواجه من أمهات المؤمنين، وخشي قول المنافقين، فقال الله عزّ وجل: ( وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ) يعني في نفسك، وأنّ الله عزّ وجل ما تولّى تزويج أحد من خلقه إلاّ تزويج حوا من آدم وزينب من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقوله:( فلمّا قضى زيد منها وطراً زوّجناكها ) (1) وفاطمة من عليعليه‌السلام ... ).

ولمّا سمع ذلك علي بن الجهم بكى، وقال: يا بن رسول الله أنا تائب إلى الله عزّ وجل من أن أنطق في أنبياء الله بعد يومي هذا إلاّ بما ذكرته )(2) .

____________________

(1) سورة الأحزاب / آية 37.

(2) عيون أخبار الرضا 1 / 192 - 195.

١٥٤

هذه بعض مناظراته مع كبار الفلاسفة والعلماء من مختلف الأديان، وقد أثبتت تفوقه عليهم، وإقرارهم له بالفضل، واعترافهم بالعجز عن مجاراته، فقد كان سلام الله عليه يملك طاقات هائلة من العلوم لا تحد.

مسائل المأمون وجواب الإمام:

وعرض المأمون على الإمام الرضاعليه‌السلام كوكبة من المسائل وأكبر الظن أنّه أراد امتحانه بها فأجابه الإمام عنها، وفيما يلي ذلك:

س 1 - ( يا بن رسول الله أليس قولك إنّ الأنبياء معصومون؟... ).

( بلى... ).

ما معنى قول الله عزّ وجل: ( فعصى آدم ربّه فغوى؟... ).

ج 1 - ( إنّ الله تبارك وتعالى قال لآدم:( اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ ) وأشار لهما إلى شجرة الحنطة( فتكونا من الظالمين ) ولم يقل لهما: لا تأكلا من هذه الشجرة، ولا ممّا كان من جنسها، فلم يقربا تلك الشجرة ولم يأكلا منها، وإنّما أكلا من غيرها، ولمّا أن وسوس الشيطان لهما، وقال:( مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ ) وإنّما ينهاكما أن تقربا غيرها، ولم ينهكما عن الأكل منها( إِلاّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ) ولم يكن آدم وحوا شاهدا قبل ذلك من يحلف بالله كاذباً، ( فدلاهما بغروره ) فأكلا منها ثقة بيمينه بالله، وكان ذلك من آدم قبل النبوة، ولم يكن ذلك بذنب كبير أستحق به دخول النار، وإنّما كان من الصغائر الموهوبة التي تجوز على الأنبياء قبل نزول الوحي عليهم، فلمّا اجتباه الله تعالى وجعله نبياً كان معصوماً، لا يذنب صغيرة ولا كبيرة، قال الله عزّ وجل:( وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى ) (1) وقال عزّ وجل( إنّ الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ) (2) .

س 2 - ما معنى قول الله عزّ وجل:( فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فيما آتاهما ) (3) .

ج 2 - ( إنّ حواء ولدت لآدم خمس مائة بطن ذكراً وأنثى وأنّ آدم وحواء عاهدا

____________________

(1) سورة طه / آية 121 - 122.

(2) سورة آل عمران / آية 34.

(3) سورة الأعراف آية 19.

١٥٥

الله عزّ وجل ودعواه وقالا:( لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً ) من النسل خلقاً سوياً، بريئاً من الزمانة(1) والعاهة، وكان ما آتاهما صنفين: صنفاً ذكراناً، وصنفاً إناثاً، فجعل الصنفين لله تعالى ذكره، شركاء فيما آتاهما، ولم يشكراه كشكر أبويهما له عزّ وجل، قال الله تبارك وتعالى:( فتعالى الله عمّا يشركون ) (2) .

س 3 - ( أشهد أنّك ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أخبرني عن قول الله عزّ وجل في حق إبراهيم:( فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي ) (3) ... ).

ج 3 - إنّ إبراهيمعليه‌السلام وقع إلى ثلاثة أصناف: صنف يعبد الزهرة، وصنف يعبد القمر، وصنف يعبد الشمس، وذلك حين خرج من السرب(4) الذي خفي فيه، فلمّا جن عليه الليل، فرأى الزهرة، قال: هذا ربي، على الإنكار والاستخبار ( فلمّا أفل ) الكواكب، ( قال: لا أحب الآفلين ) لأنّ الأفول من صفات المحدث لا من صفات القدم، ( فلمّا رأى القمر بازغاً قال: هذا ربي ) على الإنكار والاستخبار ( فلمّا أفل قال: لئن لم يهدني ربّي لأكونن من القوم الضالين )، يقول: لو لم يهدني ربي لكنت من القوم الضالين، فلمّا أصبح ورأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر، من الزهرة والقمر على الإنكار والاستخبار لا على الإخبار والإقرار، فلمّا أفلت قال للأصناف الثلاثة من عبدة الزهرة والقمر والشمس( يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) وإنّما أراد إبراهيم بما قال: أن يبين لهم بطلان دينهم، ويثبت عندهم أنّ العبادة لا لـمَن كان بصفة الزهرة والقمر والشمس، وإنّما تحق العبادة لخالقها وخالق السماوات والأرض، وكل ما احتج به على قومه ممّا ألهمه الله تعالى وآتاه، كما قال عزّ وجل:( وتلك حجّتنا آتيناها على قومه )

س 4 - ( لله درّك يا بن رسول الله اخبرني عن قول إبراهيم:

____________________

(1) الزمانة: المرض.

(2) سورة الأعراف / آية 190.

(3) سورة الأنعام / آية 76.

(4) السرب: الكهف، والبيت تحت الأرض.

١٥٦

( ربّ أرني كيف تحيي الموتى قال: أولم تؤمن؟ قال: بلى، ولكن ليطمئن قلبي )(1) .

ج 4 - إنّ الله تبارك وتعالى كان أوحى إلى إبراهيمعليه‌السلام إني متخذ من عبادي خليلاً، إن سألني إحياء الموتى أجبته، فوقع في نفس إبراهيم انه ذلك الخليل، فقال: ربّ أرني كيف تحيي الموتى، قال أولم تؤمن؟ قال: بلى، ولكن ليطمئن قلبي ) - على الخلّة - قال: ( فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءاً ثم ادعهن يأتينك سعياً واعلم أنّ الله عزيز حكيم ) فأخذ إبراهيم نسراً وطاووساً وبطاً وديكاً فقطعهن وخلطهن ثم جعل على كل جبل من الجبال التي حوله، وكانت عشرة منهن جزء وجعل مناقيرهن بين أصابعه، ثم دعاهن بأسمائهن ووضع عنده حبا وماء فتطايرت تلك الأجزاء بعضها إلى بعض حتى استوت الأبدان، وجاء كل بدن حتى انضم إلى رقبته ورأسه فخلى إبراهيمعليه‌السلام عن مناقيرهن فطرن، ثم وقعن فشربن من ذلك الماء والتقطن من ذلك الحب وقلن: يا نبي الله أحييتنا أحياك الله، فقال إبراهيم: بل الله يحيى ويميت وهو على كل شيءٍ قدير.

س 5 - بارك الله فيك يا أبا الحسن، اخبرني عن قول الله عزّ وجل:( فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ) (2) .

ج 5 - إنّ موسى دخل مدينة من مدائن فرعون على حين غفلة من أهلها، وذلك بين المغرب والعشاء( فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ) . فقضى موسى على العدو، وبحكم الله تعالى ذكر،( فوكزه ) فمات( قال هذا من عمل الشيطان ) يعني الاقتتال الذي كان وقع بين الرجلين، لا ما فعله موسى من قتله إنّه يعني الشيطان( عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ ) .

س 6 - ما معنى قول موسى:( ربّ إنّي ظلمت نفسي فاغفر لي ) .

ج 6 - يعني: إنّي وضعت نفسي غير موضعها بدخولي هذه المدينة،( فاغفر لي ) أي استرني من أعدائك لئلاّ يظفروا بي فيقتلوني،( فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) قال موسى:( ربّ بما أنعمت عليّ ) من القوّة حتى قتلت رجلاً بوكزة( فلن أكون

____________________

(1) سورة البقرة / آية 26.

(2) سورة القصص / آية 15.

١٥٧

ظهيراً للمجرمين ) بل أجاهد في سبيلك بهذه القوة حتى ترضى ( فأصبح ) موسى في المدينة ( خائفا يترقب فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه ) على آخر( قال له موسى إنّك لغوي مبين ) قاتلت رجلاً بالأمس، وتقاتل هذا اليوم لأوذينك وأراد أن يبطش به ( فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما )( قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلاّ أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ ) .

س 7 - جزاك الله عن أنبيائه خيرا يا أبا الحسن، ما معنى قول موسى لفرعون:( فعلتها إذاً وأنا من الضآلين ) (1) .

ج 7 - إنّ فرعون قال لموسى لما أتاه:( وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين ) بي، قال موسى: ( فعلتها إذا وأنا من الضالين عن الطريق بوقوعي إلى مدينة من مدائنك ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي رب حكماً وجعلني من المرسلين ).

وقد قال الله عزّ وجل لنبيه محمد (ص):( ألم يجدك يتيماً فآوى ) (2) يقول: ألم يجدك وحيداً فآوى إليك الناس( ووجدك ضالاً ) يعني عند قومك ( فهدى ) أي هداهم إلى معرفتك( ووجدك عائلاً فأغنى ) يقول: أغناك بأن جعل دعاءك مستجاباً.

س 8 - بارك الله فيك يا بن رسول الله، ما معنى قول الله عزّ وجل:( وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي ) كيف يجوز أن يكون كليم الله موسى بن عمرانعليه‌السلام لا يعلم أن الله تبارك وتعالى ذكره، لا يجوز عليه الرؤية حتى يسأله هذا السؤال؟.

ج 8 - إنّ كليم الله موسى بن عمران علم أنّ الله تعالى أعز(3) أن يرى بالأبصار، ولكنّه لمّا كلّمه الله عزّ وجل وقرّبه نجيّاً رجع إلى قومه فأخبرهم أنّ الله عزّ وجل كلّمه وقرّبه وناجاه فقالوا:( لن نؤمن لك ) حتى نستمع كلامه كما سمعت وكان القوم سبعمائة ألف رجل فاختار منهم سبعين رجلاً لميقات ربّهم فخرج بهم

____________________

(1) سورة الشعراء / آية 20.

(2) سورة الضحى / آية 6.

(3) في نسخة: إنّ الله تعالى منزّه أن يرى بالأبصار.

١٥٨

إلى طور سيناء فأقامهم في سفح الجبل وصعد موسى إلى الطور، وسأل الله تعالى أن يكلمه ويسمعهم كلامه فكلمه الله تعالى ذكره، وسمعوا كلامه، من فوق وأسفل، ويمين، وشمال، ووراء وأمام، لان الله عزّ وجل أحدثه في الشجرة، وجعله منبعثا منها حتى سمعوه من جميع الوجوه، فقالوا:( لن نؤمن لك ) بأن هذا الذي سمعناه كلام:( حتى نرى الله جهرة ) فلما قالوا: هذا القول العظيم، واستكبروا وعتوا بعث الله عزّ وجل عليهم صاعقة فأخذتهم بظلمهم، فماتوا، فقال موسى: يا رب ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم، وقالوا: إنك ذهبت بهم فقتلتهم، لأنك لم تكن صادقا فيما ادعيت من مناجاة الله عزّ وجل إياك، فأحياهم الله وبعثهم معه، فقالوا إنك لو سألت الله أن يريك تنظر إليه لأجابك، وكنت تخبرنا كيف هو فنعرفه حق معرفته، فقال موسى: ( يا قوم إنّ الله لا يرى بالأبصار، ولا كيفية له، وإنّما يعرف بآياته، ويعلم بإعلامه )، فقالوا:( لن نؤمن لك ) حتى تسأله فقال موسى: يا رب إنّك قد سمعت مقالة بني إسرائيل، وأنت أعلم بصلاحهم، فأوحى الله جل جلاله يا موسى سلني ما سألوك فلن أؤاخذك بجهلهم، فعند ذلك قال موسى:( رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ ) - وهو يهوي -( فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ ) بآية من آياته( جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ مُوسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ ) يقول: رجعت إلى معرفتي بك عن جهل قومي ( وأنا أول المؤمنين منهم بأنّك لا ترى ).

وطفق المأمون يبدي إعجابه بمواهب الإمام، وسعة معارفه، وعلومه قائلاً: ( لله درك يا أبا الحسن ).

س 9 - اخبرني عن قول الله عزّ وجل:( ولقد همّت به وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربّه ) (1) .

ج 9 - لقد همت به، ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها كما همت به لكنه كان معصوما، والمعصوم لا يهم بذنب، ولا يأتيه، ولقد حدثني أبي عن أبيه الصادق أنه قال: همت بأن تفعل، وهم بأن لا يفعل.

س 10 - لله درك يا أبا الحسن!! اخبرني عن قول الله عزّ وجل( وذا النون إذ

____________________

(1) سورة يوسف / آية 24.

١٥٩

ذهب مغاضباً فظنّ أن لن نقدر عليه ) (1) .

ج 10 - ذلك يونس بن متى ذهب مغاضباً لقومه فظن بمعنى استيقن ( أن لن نقدر عليه رزقه ) أين لن نضيّق عليه رزقه، ومنه قوله عزّ وجل( وأمّا إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه ) (2) أو ضيق وقد ( فنادى في الظلمات ) أي ظلمة البحر، ظلمة بطن الحوت( أَنْ لا إِلَهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) بتركي مثل هذه العبادة التي قد فرغتني لها في بطن الحوت، فاستجاب الله له، وقال عزّ وجل:( فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) (3) .

ج 11 - لله درّك يا أبا الحسن! اخبرني عن قول الله عزّ وجل:( حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا ) (4) .

ج 11 - يقول الله عزّ وجل: ( حتى إذا استيأس الرسل ) من قومهم، وظن قومهم أنّ الرسل قد كذبوا جاء الرسل نصرنا.

س 12 - لله درّك يا أبا الحسن!! اخبرني عن قول الله عزّ وجل:( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) (5) ؟

ج 12 - لم يكن أحد عند مشركي أهل مكة أعظم ذنباً من رسول الله (ص) لأنّهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاث مائة وستين صنماً فلمّا جاءهم (صلى الله عليه وآله) بالدعوة إلى كلمة الإخلاص كبر ذلك عليهم، وعظم، وقالوا:( أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ * وَانْطَلَقَ الْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ * مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلاّ اخْتِلاقٌ ) (6).

فلمّا فتح الله عزّ وجل على نبيه مكة قال له: يا محمد:( إِنّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ) . عند مشركي أهل مكة بدعائك

____________________

(1) سورة الأنبياء / آية 87.

(2) سورة الفجر / آية 16.

(3) سورة الصافات / آية 143 - 144.

(4) سورة يوسف / آية 110.

(5) سورة الفتح / آية 2.

(6) سورة ص / آية 5 - 7.

١٦٠