منهاج الصالحين - العبادات الجزء ١

منهاج الصالحين - العبادات0%

منهاج الصالحين - العبادات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 458

منهاج الصالحين - العبادات

مؤلف: السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 458
المشاهدات: 165669
تحميل: 4556


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 458 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 165669 / تحميل: 4556
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين - العبادات

منهاج الصالحين - العبادات الجزء 1

مؤلف:
العربية

عشرين حجة، وحجة خير من بيت مملوء ذهباً يتصدق منه حتّى يفنى».

ويحزّ في النفس ما نراه اليوم من التسامح والتهاون من كثير من أهل هذه الاُمّة بهذه الفريضة العظيمة والاستخفاف بها فـ (إنا لله وإنا إليه راجعون)، ونرجوا أن يكون ما قدّمناه رادعاً عن ذلك ومحفِّزاً للاهتمام بهذه الفريضة، (فإن الذكرى تنفع المؤمنين). ومنه سبحانه وتعالى نستمدّ العون والتوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

مقدمة

الصلاة الواجبة في هذا الزمان بالاصل خمس: الصلاة اليومية، وصلاة الجمعة، وصلاة الايات، وصلاة الاموات، وصلاة الطواف.

والباقي صلوات مستحبة، وإن كانت قد تجب بالعرض لنذر أو إجارة أو نحوهم.

أما صلاة الطواف فالكلام فيها موكول لكتاب الحج، وصلاة الاموات تقدم الكلام فيها عند الكلام في أحكام الاموات تبعاً للكلام في تغسيل الميت من كتاب الطهارة، فلم يبق إلا الصلاة اليومية، وصلاة الجمعة، وصلاة الايات، والصلوات المستحبة.

فيقع الكلام فيها ضمن مقاصد:

١٦١

المقصد الأول

في الصلاة اليومية

وفيه مباحث..

المبحث الأول

في أعداده

يجب في اليوم والليلة خمس صلوات: الصبح والظهر - وهي الصلاة الوسطى - والعصر والمغرب والعشاء.

أما الصبح فركعتان، وأما المغرب فثلاث ركعات، وأما الباقي فأربع ركعات.

(مسألة ١): تقصر الرباعية - وهي الظهر والعصر والعشاء - فتكون ركعتين في السفر والخوف. على ما يأتي تفصيله في محله إن شاء الله تعالى.

(مسألة ٢): يتخيّر المكلف في الحضر في عصر الغيبة وعدم بسط يد الإمام (عليه السلام) بين إقامة الظهر في يوم الجمعة أربع ركعات وإقامة الجمعة بشروطها المقررة.

(مسألة ٣): الصلوات المستحبة وإن كانت كثيرة ويأتي الكلام في بعضها إن شاء الله تعالى، إلا أن المناسب هنا التعرّض للنوافل الرواتب التي هي ملحقة بالصلاة اليومية، وهي ثماني ركعات للظهر قبله، وثمان للعصر بينها وبين الظهر، وأربع للمغرب بعده، وركعتان من جلوس تعدّان بركعة للعشاء بعدها وتسمى الوتيرة. وثماني ركعات صلاة الليل، وركعتا الشفع بعده،

١٦٢

وركعة الوتر بعده. وركعتان نافلة الفجر قبل الفريضة، وفي يوم الجمعة يزاد في نافلة النهار قبل الزوال أربع ركعات أو ست ركعات وهو الافضل.

(مسألة ٤): النوافل المذكورة ركعتان ركعتان، لكل ركعتين تشهّد وتسليم، عدا الوتر، فإنها ركعة واحدة بتشهّد وتسليم، وتفصل عن الشفع بتشهّد وتسليم. وأما بقية الصلوات المستحبة فهي ركعتان ركعتان بتشهّد وتسليم، إلا ما استُثني فينبَّه عليه عند التعرّض له.

(مسألة ٥): الوتيرة وإن كانت مشروعة في الاصل ركعتين من جلوس إلا أنّه يشرع الإتيان بها من قيام، بل هو أفضل.

(مسألة ٦): يجوز الاقتصار على بعض النوافل المذكورة، كما يجوز الاقتصار في نافلة العصر على أربع ركعات، وفي نافلة المغرب على ركعتين، وفي صلاة الليل على الشفع والوتر، وعلى الوتر خاصة.

(مسألة ٧): تسقط نافلة الظهرين في السفر عند قصر الفريضة، والظاهر عدم سقوط الوتيرة، وهي الركعتان بعد العشاء.

(مسألة ٨): يجوز الإتيان بالنوافل الرواتب وغير الرواتب حال الجلوس اختيار. لكن يستحب عدّ كل ركعتين بركعة، وعليه فيكرّر الوتر مرّتين، كما يكرر غيرها من النوافل.

(مسألة ٩): يجوز الإتيان بالنوافل حال المشي والركوب اختيار. ويومئ في الحالين للركوع والسجود. والأحوط وجوباً أن يكون الايماء للسجود أخفض.

١٦٣

المبحث الثاني

في أوقات الفرائض اليومية ونوافله

وقت الظهرين من الزوال إلى المغرب. إلا أنه يجب تقديم الظهر على العصر. ووقت المغرب والعشاء للمختار من المغرب إلى نصف الليل، إلا أنه يجب تقديم المغرب على العشاء. وأما المضطر - لنوم أو نسيان أو غيرهما - فيجب عليه الإتيان بالمغرب والعشاء قبل الفجر، بل هو الأحوط وجوباً للمرأة إذا طهرت من الحيض والنفاس بعد نصف الليل. لكن ينوى بهما حينئذٍ الامر الفعلي المردد بين الاداء والقضاء. بل ذلك هو الأحوط وجوباً في حق العامد في تأخيرهما عن نصف الليل، فإنه وإن كان آثماً بالتأخير إلا أنه يبادر إليهما قبل الفجر بنيّة الامر الفعلي المردّد بين الاداء والقضاء. ووقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس.

(مسألة ١٠): الفجر الصادق هو البياض المعترض في جانب المشرق الذي يتزايد وضوحاً وجلاءً حتّى تطلع الحمرة ثم الشمس. وقبله الفجر الكاذب، وهو البياض المستطيل في الاُفق صاعداً إلى السماء كالعمود، وهو يتناقص ويضعف حتّى ينمحي قبل ظهور الفجر الصادق.

(مسألة ١١): الزوال منتصف ما بين طلوع الشمس وغروبه، الذي تميل فيه الشمس إلى جانب المغرب بعد منتهى ارتفاعه. ويعرف بزيادته ظلِّ شاخص معتدل بعد نقصانه، أو بحدوث ظله بعد انعدامه.

(مسألة ١٢): نصف الليل منتصف ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر الصادق. وهو يكون قبل الثانية عشرة على التوقيت الزوالي بما يتراوح بين

١٦٤

أربعين دقيقة وخمسين دقيقة تقريب، حسب اختلاف الفصول.

(مسألة ١٣): المغرب عبارة عن غروب الشمس وسقوط قرصها وغيابه في الاُفق. ومع الشك فيه لابدّ من اليقين به. ويكفي في معرفته ذهاب الحمرة المشرقية، وهي الحمرة التي تظهر في جانب المشرق عند مغيب الشمس. بل يكفي تغير الحمرة وذهاب الصفرة. وأما مع اليقين به فلا يجب الانتظار، بل يستحب الانتظار قليلاً بما يقارب ذهاب الحمرة.

(مسألة ١٤): يجوز الجمع بين الظهر والعصر في وقتهما المتقدم وبين المغرب والعشاء في وقتهما المتقدم في السفر والحضر، من غير مطر ولا ضرر، تأسياً بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على ما رواه الفريقان شيعة أهل البيت (عليهم السلام) وغيرهم. نعم ربما يكون الافضل الإتيان بكل منهما في وقت فضيلته، على ما يأتي إن شاء الله تعالى.

(مسألة ١٥): من قدّم العصر على الظهر عامداً بطلت صلاته، ولو قدّمها ناسياً فإن ذكَر في الاثناء عدل بنيّته إلى الظهر وأتمّها ظهراً ثم جاء بالعصر، وإن ذكر بعد الفراغ فالأحوط وجوباً أن يجعل ما أتى به ظهر، ثم يأتي بأربع ركعات بنيّة ما في الذمة مردّدة بين الظهر والعصر. ولا فرق في ذلك بين الإتيان بالعصر عند الزوال والإتيان بها بعده بمقدار أداء الظهر. وإن كان الأحوط استحباباً في الصورة الاُولى عدم الاعتداد بها والإتيان بالفريضتين معاً برجاء المطلوبية.

(مسألة ١٦): من قدّم العشاء على المغرب عمداً بطلت صلاته، ومن قدمها سهواً فإن ذكَر في الاثناء قبل القيام للرابعة عدل بنيّته إلى المغرب وأتمّها ثم جاء بالعشاء، وإن ذكر بعد القيام للرابعة بطلت. وإن ذكر بعد الفراغ صحت، ووجب عليه الإتيان بالمغرب لا غير.

(مسألة ١٧): لا يجوز العدول من السابقة إلى اللاحقة، فإذا صلّى الظهر مثل، وفي الاثناء التفت إلى أنه كان قد صلاّها ليس له العدول إلى العصر، بل

١٦٥

تبطل تلك الصلاة ويجب عليه استئناف العصر. وكذا المغرب والعشاء. نعم تقدم في المسألتين السابقتين جواز العدول من اللاحقة إلى السابقة.

(مسألة ١٨): من أخر صلاة الظهرين حتّى خاف مغيب الشمس قبل الإتيان بهما معاً قدم العصر، ثم إن علم أو احتمل بقاء شيء من الوقت ولو بمقدار ركعة وجبت المبادرة إلى الظهر بنيّة الامر بها من دون تعيين الاداء ولا القضاء، وإن علم بخروج الوقت لم تجب المبادرة للظهر. وكذا الحال لو أخر صلاة المغرب والعشاء حتّى خاف فوت الوقت - وهو النصف الأول من الليل - لو صلاّهما مع.

(مسألة ١٩): وقت فضيلة فريضة الظهر من الزوال إلى بلوغ ظل الإنسان قدمين (سُبعَي الشاخص تقريب). وكلما عجّل بها كان أفضل ما لم ينشغل بالنافلة، فإذا لم يكمل النافلة حتّى يبلغ الظل سُبعَي الشاخص تركها وبادر لفريضة الظهر. وإذا لم يصلّ الظهر حتّى بلغ مثل الشاخص بادر إليها وكره له تأخيره.

(مسألة ٢٠): وقت فضيلة فريضة العصر من بلوغ ظل الإنسان قدمين (سُبعَي الشاخص تقريب) إلى بلوغه أربعة أقدام (أربعة أسباع الشاخص تقريب). وكلّما عجّل بها في ضمن الوقت المذكور كان أفضل ما لم ينشغل بالنافلة، فإذا لم يكمل النافلة حتّى بلغ الظل أربعة أقدام (أربعة أسباع الشاخص تقريب) تركها وبادر لفريضة العصر. وإذا لم يصلّ العصر حتّى بلغ الظل مِثلَي الشاخص بادر لها وكره له تأخيره. والحكم في هذه المسألة وما قبلها غير خال عن الاشكال، وكذا الحال في كثير من أوقات الفضيلة للفرائض وأوقات النوافل، فالأولى العمل على ذلك برجاء المطلوبية مراعاة للاحتمالات البعيدة. ويهوّن الامر أنّه على الاستحباب.

١٦٦

(مسألة ٢١): وقت فضيلة فريضة المغرب من المغرب - بالمعنى المتقدم في المسألة (١٣) - إلى ذهاب الشفق وهو الحمرة المغربية، ويمتدّ في السفر إلى ثلث الليل. وكلّما عجّل بها في ضمن الوقت المذكور كان أفضل.

(مسألة ٢٢): وقت فضيلة فريضة العشاء من ذهاب الشفق إلى ثلث الليل، وكلّما عجل بها في ضمن الوقت المذكور كان أفضل.

(مسألة ٢٣): وقت فضيلة فريضة الصبح من الفجر إلى أن يجلّل الصبح السماء، بحيث يطبق ضياؤه على جوانبه. والغلَس بها في أول الفجر أفضل. وقد ورد أن من صلاها مع طلوع الفجر اُثبتت له مرتين فتثبتها ملائكة الليل وتثبتها ملائكة النهار.

(مسألة ٢٤): من المستحبات المؤكدة التعجيل بالصلاة في أول وقته. وقد ورد في بعض الاخبار أن من تعاهدها في أوقاتها الفضيلية المتقدمة لم يعد من الغافلين، وأن ملك الموت يلقنه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وينحّي عنه إبليس.

وقد ورد في النصوص الكثيرة النهي عن تأخيرها عمداً عن أوقات الفضيلة، ويظهر من النصوص أنه هو المراد بتضييع الصلاة والاستخفاف بها الذي سبق الردع عنه. وعن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: «إن الصلاة إذا ارتفعت في أول وقتها رجعت إلى صاحبها وهي بيضاء مشرقة تقول: حفظتني حفظك الله، وإذا ارتفعت في غير وقتها بغير حدودها رجعت إلى صاحبها وهي سوداء مظلمة تقول: ضيّعتني ضيّعك الله». فالامل بالمؤمنين الاهتمام بذلك والالتزام به حتّى يتعوّدوا عليه فيخفّ عليهم.

(مسألة ٢٥): وقت نافلة الظهر من الزوال إلى أن يبلغ الظل الحادث قدمين (سُبعَي الشاخص تقريب). ووقت نافلة العصر من أول وقتها إلى أن يبلغ

١٦٧

الظل أربعة أقدام (أربعة أسباع الشاخص تقريب).

(مسألة ٢٦): وقت نافلة المغرب بعد الفراغ منها إلى نصف الليل، غايته أنه بعد ذهاب الحمرة المغربية يستحب تقديم فريضة العشاء عليه. وأما نافلة العشاء فالأولى الإتيان بها قبل نصف الليل، وإن أخّرها بعده أتى بها بنيّة الامر المردد بين الاداء والقضاء.

(مسألة ٢٧): وقت نافلة الليل من منتصف الليل إلى الفجر الصادق، وأفضله قرب الفجر، وربما يكون الافضل من ذلك التفريق، بأن يصلي عند نصف الليل أربع ركعات، ثم يفصل مدة - بنوم أو غيره - ثم يصلي أربعة ركعات، ثم يصلي الشفع والوتر قرب الفجر.

(مسألة ٢٨): من قام آخر الليل وخاف أن يفجأه الفجر استحب له التعجيل بصلاة الليل وتخفيفها ولو بقراءة الفاتحة وحده، وإن ضاق الوقت عن ذلك اقتصر على ركعتي الشفع وركعة الوتر.

(مسألة ٢٩): من صلى من صلاة الليل أربع ركعات ثم طلع الفجر كان له إكمال صلاة الليل ولو بعد الفجر. والافضل الاقتصار على الشفع والوتر، وقضاء الركعات الاربع الباقية من نافلة الليل بعد صلاة الفجر.

(مسألة ٣٠): يبدأ وقت نافلة الفجر من السدس الاخير من الليل ويستمر حتى تطلع الحمرة المشرقية، فإذا طلعت الحمرة المشرقية بعد الفجر ولم يصلّها كان الأولى تأخيرها عن فريضة الفجر. ويجوز دسّها في صلاة الليل قبل ذلك، نعم إن نام بعدها واستحفيظ قبل الفجر استحب له إعادته.

(مسألة ٣١): يجوز تقديم نافلتي الظهرين على الزوال يوم الجمعة. كما يجوز في بقية الايام أيضاً إذا علم أنه يشغله عنهما شاغل. بل يجوز من غير شاغل، إلا أن أداءهما في وقتهما أفضل.

(مسألة ٣٢): يجوز تقديم صلاة الليل على نصف الليل للمسافر

١٦٨

والمريض، ولمن يخشى أن يغلبه النوم فلا يقوم بعد نصف الليل، ولمن يصعب عليه القيام نصف الليل، بل مطلق، وإن كان مرجوح. وقضاؤها في النهار أفضل من تقديمه.

(مسألة ٣٣): لا يجوز تقديم الفريضة على الوقت، بل تبطل حينئذٍ. نعم لو دخل الوقت قبل الفراغ من الصلاة صحت الصلاة بشرط أن يكون قد دخل في الصلاة اعتماداً على حجة شرعية أو باعتقاد دخول الوقت ولو كان اعتقاداً بدويّاً راجعاً للذهول والغفلة عمّا يوجب الشك فيه.

(مسألة ٣٤): لو دخل في الصلاة وهو شاك في دخول الوقت فلا تصح صلاته إلا إذا انكشف دخول الوقت قبل الصلاة، ولا يكفي دخوله في الاثناء.

(مسألة ٣٥): يثبت الوقت باُمور:

الأول: العلم، ولو حصل من إخبار ثقة عارف باعتقاد المكلف.

الثاني: قيام البينة، بأن يشهد عادلان بدخول الوقت إذا كان خبرهما مستنداً إلى الحس، فإنه يجوز الاعتماد على خبرهما حينئذٍ وإن احتمل بعيداً خطؤهم. نعم إذا استند خبرهما إلى الحدس والتخمين فلا يجوز الاعتماد عليه إلا إذا أوجب اليقين.

الثالث: أذان العارف الثقة، الذي ينحصر خطؤه بالغفلة، دون التسامح أو قلّة المعرفة.

(مسألة ٣٦): إذا بلغ الصبي في أثناء الوقت فإن كان قد صلّى اجتزأ بصلاته، وإن كان في أثناء الصلاة أتمّ صلاته واجتزأ به. وإن لم يكن صلّى وجبت عليه الصلاة إذا وسعها الوقت، بل الأحوط وجوباً المبادرة إليها إذا بقي من الوقت مقدار أداء ركعة.

(مسألة ٣٧): يجوز الإتيان بالنافلة في وقت الفريضة، نعم مع تضيّق وقت الفريضة تجب المبادرة له. وكذلك يجوز الإتيان بالنافلة لمن عليه قضاء فريضة.

١٦٩

المبحث الثالث

في القبلة

وهي الكعبة الشريفة، وما حاذاها من تُخوم الارض إلى عنان السماء.

ويجب استقبالها في الصلاة الواجبة مع الامكان، وكذا في توابعها كصلاة الاحتياط وقضاء الاجزاء المنسية، بل في سجود السهو على الأحوط وجوب. وكذا النوافل إذا صلّيت على الارض حال الاستقرار. أما إذا صلّيت حال المشي أو الركوب أو في السفينة، فلا يجب فيها الاستقبال.

(مسألة ٣٨): إذا علم المكلَّف حين إرادة الصلاة باتجاه القبلة الحقيقية وجب عليه التوجه له، ولا يجوز له الانحراف عنها حتى في العراق وما كان في سمته من البلاد على الأحوط وجوب. ومع الجهل باتجاه القبلة الحقيقية يجزئه التوجه لجهتها العرفية التي لا يخلّ بها الفارق القليل فيتخير بين جميع نقاطها التي يحتمل وقوع القبلة الحقيقية فيه، ولا يجب معه تكلُّف تحصيل العلم بالقبلة الحقيقية ولا المداقّة في ذلك. فمثلاً لو علم ببناء مسجد أو مكان على القبلة الحقيقيه لم يجب عليه الصلاة فيه، بل يجزئه الصلاة في مكان آخر متوجهاً لجهة القبلة العرفية.

(مسألة ٣٩): يجزئ الرجوع في معرفة القبلة إلى البيّنة إذا ابتنت شهادتها على الحس أو الحدس القريب من الحس وهي حينئذٍ مقدَّمة على كل طريق، ولا تسقط عن الحجية إلا مع العلم أو الاطمئنان بخطئه.

(مسألة ٤٠): يجزئ العمل على قبلة بلد المسلمين التي يصلون ويذبحون

١٧٠

إليها وعليها بنيت مساجدهم ومحاريبهم وقبورهم. ولا يضر فيها الاختلاف اليسير الذي لا يخل بالجهة العرفية، بل يتخير بين نقاط تلك الجهة المتحصلة من المجموع. نعم إذا ظن بخطئها وخروجها حتّى عن الجهة العرفية لم يجز العمل عليه.

(مسألة ٤١): مع تعذّر العلم بالقبلة وفقدِ الطرق المتقدمة يجب على المكلف بذل الجهد والوسع في معرفتها بسؤال من يتيسر سؤاله والنظر في الامارات الظنية وغير ذلك، ويعمل على ما تحصل له منها وإن كان ظن. ويجزئه في عمله حينئذٍ الظن بالجهة العرفية التي لا يضرّ فيها الاختلاف اليسير.

(مسألة ٤٢): إذا تعذّر على المكلف معرفة القبلة أو الظن بها أجزأته صلاة واحدة لايّ جهة يحتمل كونها القبلة، فإن انكشف بعد الفراغ أو في الاثناء انها ليست إلى القبلة فالأحوط وجوباً جريان التفصيل الاتي في المسألتين (٤٤)و (٤٥).

(مسألة ٤٣): يستحب لمن تعذر عليه معرفة القبلة أو الظن بها أن لا يجتزئ بصلاة واحدة - وإن تقدم في المسألة السابقة أنها تجزئه - بل يحتاط بالصلاة إلى الجهات الاربع - بأن يكون بين كل صلاتين ربع دائرة عرفاً - إذا احتمل وقوع القبلة في كل منه، وإن علم أو ظن بعدم وقوعها في بعضها سقط الاحتياط فيها وأجزأه الصلاة للباقي. كما أنه لو صلّى لبعض الجهات فإن كشف وقوع القبلة في ضمنها صحت صلاته ولم يحتج إلى الصلاة لبقية الجهات.

(مسألة ٤٤): من صلّى إلى جهة وهو يرى أنها القبلة أو قامت حجة له على ذلك وبعد الفراغ تبيّن أنها ليست إلى القبلة، فإن كانت القبلة أمامه فيما بين يمينه ويساره صحت صلاته ولا إعادة عليه، وإن كان انحرافه أكثر من ذلك بحيث تتجاوز ما بين اليمين واليسار إلى الخلف، فإن تبيّن ذلك في الوقت أعاد الصلاة، وإن كان بعد الوقت مضت صلاته ولا قضاء عليه حتّى لو كان مستدبراً للقبلة.

١٧١

(مسألة ٤٥): من صلّى إلى جهة يرى أنها القبلة أو قامت حجة له على ذلك وتبين له في الاثناء أنها ليست إلى القبلة، فإن كانت القبلة أمامه فيما بين يمينه ويساره انحرف إليها وأتم صلاته، وإن كان انحرافه أكثر من ذلك بطلت صلاته ووجب استئنافها إلى القبلة.

المبحث الرابع

في لباس المصلي

وفيه فصول..

الفصل الأول

فيما يجب ستره في الصلاة

يجب على الرجل حال الصلاة ستر العورة، وهي القضيب والاُنثيان والدبر. وعلى المرأة ستر جميع جسده، ولا يجب عليها ستر الوجه والكفين والقدمين، من دون فرق بين وجود الناظر وعدمه حتى مع الظلمة المانعة من النظر. وقد تقدم في أحكام الخلوة تحديد الستر وبيان الضابط فيه.

(مسألة ٤٦): يلحق بالصلاة في وجوب الستر قضاء الاجزاء المنسية، بل سجود السهو على الأحوط وجوب.

(مسألة ٤٧): المراد بالوجه في المرأة طولاً من قصاص الشعر إلى تحت الحنك المسامت للرقبة، وعرضاً ما بين الاُذنين. ويجب عليها ستر الشعر حتّى المنسدل على الأحوط وجوب، وكذا العنق.

(مسألة ٤٨): يسقط وجوب ستر الرأس والرقبة عن الامَة التي لم يتحرّر شيء منه. وكذا عن الصبية، والمراد بها هنا على الاظهر من لم تحِضْ لصغره،

١٧٢

وإن كان الأحوط استحباباً الاقتصار على غير المكلَّفة.

(مسألة ٤٩): لا يجب ستر العورة والبدن من جهة الاسفل بسراويل ونحوه. نعم إذا كان المصلي واقفاً على شباك أو طرف سطح فالأحوط وجوباً التستر بحيث لو كان تحته أحد لم يره.

(مسألة ٥٠): إذا أخلّ بالستر جهلاً أو نسياناً ولم يلتفت إلا بعد الفراغ صحت صلاته. وأمّا لو التفت في الاثناء فإن كان حين الالتفات مستوراً صحت صلاته ولا يبطلها الاخلال به قبل الالتفات، وإن لم يكن حين الالتفات مستوراً فبادر إلى الستر ففي صحة صلاته إشكال، فالأحوط وجوباً الاعادة. وله قطعُ الصلاة بفعل المبطل حين الالتفات والاستئناف.

١٧٣

وتقدم حكم انحصار الساتر بالنجس.

الثاني: الاباحة، فلا تجوز الصلاة في المغصوب إذا كان يتحرك بحركات الصلاة الواجبة، كالهوي للركوع والسجود والقيام منهم، بحيث تكون الافعال اللازمة في الصلاة تصرفاً فيه. نعم منشأ شرطية الاباحة هو امتناع التقرب مع الحرمة، وذلك يختص بما إذا كان المكلف ملتفتاً حين الصلاة لحرمة التصرف في المغصوب الذي عليه. على ما تقدم نظيره عند الكلام في نية الوضوء، وتقدم كثير من الفروع المتعلّقة بذلك فاللازم مراجعته.

(مسألة ٥١): لا فرق في مانعية المغصوب، بين كونه ساتراً لما يجب ستره في الصلاة وغيره كالجورب للرجل. بل تعمّ المانعية المحمولَ الذي يتحرّك بحركات المصلي.

الثالث: أن لا يكون من الميتة النجسة، وأما الميتة الطاهرة فالأحوط وجوباً الاجتناب عما كان له جلد ينتفع به منه. ولا بأس بغيره كميتة البق والقمل ونحوهم. كما لا بأس بما لا تحله الحياة من أجزاء الميتة. وقد تقدم في النجاسات بيان ذلك، وبيان حكم الشك في تذكية الحيوان.

(مسألة ٥٢): الأحوط وجوباً الاجتناب عن حمل الميتة في الصلاة وإن لم تكن ملبوسة.

(مسألة ٥٣): إذا صلّى في الميتة جاهلاً ولم يعلم حتّى فرغ من صلاته صحت صلاته، وإن صلّى فيها ناسياً فإن كانت طاهرة صحت صلاته، وإن كانت نجسة فالأحوط وجوباً الاعادة لو ذكر في الوقت والقضاء لو ذكر بعد الوقت.

(مسألة ٥٤): ما يشك في كونه من جلد الحيوان لا بأس به، مثل ما يشتبه في هذا الزمان فلا يعلم كونه من مادة النايلون وكونه من الجلد الذي تحرم الصلاة به.

الرابع: أن لا يكون من أجزاء ما لا يحل أكل لحمه من ذي النفس السائلة،

١٧٤

وأما من غير ذي النفس السائلة فالأحوط وجوباً المنع إذا كان له لحم، دون مثل البق والبرغوث والنحل والخنافس مما لا لحم له.

(مسألة ٥٥): لا فرق في المنع بين الملبوس والمحمول مما تتم به الصلاة وغيره. بل حتّى مثل الشعرات القليلة الواقعة على الثوب على الأحوط وجوب.

(مسألة ٥٦): يستثنى من غير مأكول اللحم الإنسان، فإنه يجوز الصلاة في أجزائه وفضلاته الطاهرة.

(مسألة ٥٧): يستثنى من أجزاء ما لا يؤكل لحمه وَبَر الخزّ وجلده، وهو دابة تعيش في الماء، وتخرج إلى البرّ له وَبَر ينسج منه الثياب. لكن في تعيينه إشكال، لان المعروف بالخزّ الان ربّما يكون حيواناً بري. وهناك مستثنيات اُخر قيل به، ولا يخلو استثناؤها عن إشكال، فالأحوط وجوباً الاجتناب عن الكل.

(مسألة ٥٨): اذا صلّى في غير المأكول جاهلاً به صحت صلاته، وكذا لو صلّى به ناسياً له أو جاهلاً بمانعيته.

(مسألة ٥٩): إذا شكّ في أن شيئاً ما من أجزاء الحيوان صحت الصلاة به، وكذا لو علم بكونه من أجزاء حيوان مردّد بين الحلال والحرام كالماعز والثعلب.

الخامس: أن لا يكون من الذهب الملبوس وإن لم يكن ساتر، كالخاتم، ولا بأس بالمحمول المستور. وأما الظاهر الذي يتزين به فالأحوط وجوباً مانعيته. وهذا كله للرجال، وأما للنساء فلا بأس بذلك كله.

(مسألة ٦٠): يحرم على الرجال التزين بالذهب حتّى في غير الصلاة، ولو بغير اللبس، كتعليق الاوسمة من الذهب. نعم إذا لم يكن بنفسه زينة للرجل عرف، بل زينة لما يحمله فلا بأس به، كتحلية السيف والقلم به وإن ظهَر. بل تصح الصلاة به حينئذٍ، وأظهر من ذلك المحمول المستور. نعم الاحوط وجوباً عدم لبسه من دون تزين به، كلبسه في موضع مستور.

(مسألة ٦١): لا بأس بالمطلي بالذهب إذا كان الطلاء من سنخ اللون

١٧٥

عرفاً ولم يكن له جرم معتدّ به.

(مسألة ٦٢): لا بأس بشدّ الاسنان بالذهب إذا لم يصدق عليه التزيّن عرف. أما لو صدق عليه التزيّن فالأحوط وجوباً الترك، إلا مع الحاجة لذلك وانحصار الامر به.

(مسألة ٦٣): لا بأس بإلباس الاسنان الداخلية الذهَبَ، وأما الظاهرة فالأحوط وجوباً ترك إلباسها الذهب، إلا لدفع الضرر مع الانحصار، نظير ما تقدم في المسألة السابقة.

(مسألة ٦٤): إذا صلّى بالذهب جاهلاً بوجوده أو ناسياً له صحت صلاته، وكذا لو صلّى جاهلاً بكونه مبطلاً للصلاة.

السادس: أن لا يكون من الحرير الخالص للرجال، وأما للنساء فلا بأس به.

(مسألة ٦٥): يحرم لبس الحرير الخالص للرجال حتّى في غير الصلاة.

(مسألة ٦٦): لا بأس بلبس الحرير للرجال في الحرب، وتصح الصلاة به حينئذٍ. وكذا مع الاضطرار على ما يأتي في المسألة (٧٧) من الفصل الثالث.

(مسألة ٦٧): الأحوط وجوباً عدم الصلاة فيما لا تتم به الصلاة من الحرير المحض، كالقلنسوة والجورب.

(مسألة ٦٨): لا بأس بكفّ الثوب بالحرير المحض وإن زاد على أربع أصابع، والمراد به ما يجعل في أطراف الثوب، وكذا السفائف والازرار ونحوها من توابع الثياب مما تُزيَّن به أو تُشَدّ فيه. وكذا إذا كان الثوب محشواً بالحرير.

(مسألة ٦٩): لا بأس بحمل الحرير وافتراشه والتغطي والتعصب به وشدّ الجروح وغير ذلك مما لا يعدّ لبساً له.

(مسألة ٧٠): الأحوط وجوباً عدم لبس الثوب الذي يكون بعضه حريراً محضاً بحيث يكون البعض المذكور بعضاً من الملبوس عرفاً - كأكمامه وبطانته

١٧٦

وصدره ونحوه - لا تابعاً له.

(مسألة ٧١): لا بأس بلبس ما يصنع من الحرير الممزوج بغيره، وإن كان الحرير أكثر ما لم يكن الخليط مستهلكاً عرف، بحيث يصدق على النسيج أنه حرير خالص.

(مسألة ٧٢): إذا شكّ في كون اللباس حريراً جاز لبسه والصلاة فيه، وكذا إذا تردد بين الحرير الخالص وغيره.

(مسألة ٧٣): إذا صلّى في الحرير جهلاً به أو بحرمته ومانعيّته أو نسياناً لهما صحت صلاته.

(مسألة ٧٤): يجوز إلباس الصبيان الحرير أو الذهب. لكن لا تصح صلاتهم فيهم.

الفصل الثالث

في تعذر الساتر الشرعي

تقدم في أول الفصل الثاني أن الأحوط وجوباً في الساتر الصلاتي أن يكون من سنخ الثياب واللباس. وحينئذٍ إن تعذر ذلك فإن وجد المصلي ما يتستر به كالحشيش وورق الشجر والقرطاس ونحوها تستّر به وأتمّ صلاته. وإن تعذر عليه ذلك أيضاً وأمكنه التستّر بالطين والوحل ونحوهما وجب أيضاً وأتمّ صلاته. وإن تعذر عليه ذلك وأمكنه النزول في حفيرة ضيّقة يتمُّ بها ركوعه وسجوده وجب عليه ذلك. وإن كان الأحوط وجوباً أن يستر عورته بيديه، رجلاً كان أو امرأة. ويلحق بالحفيرة نحوها كالبناء الضيّق والتنّور ونحوهم، وإن كان الأحوط وجوباً تقديم الحفيرة مع الامكان.

(مسألة ٧٥): من لم يجد ساتراً حتّى ما تقدم، فإن رآه أحد صلّى جالساً ويومئ للركوع والسجود، وإن لم يره أحد صلّى من قيام ويومئ للركوع

١٧٧

والسجود أيض. لكنه يجلس للتشهد والتسليم. ويستر قبُله بيديه ويتعمّد أن لا ينفرج ليستر الدبر بالاليتين.

(مسألة ٧٦): إذا اضطر إلى لبس الساتر الفاقد للشروط السابقة لبرد أو غيره صحت صلاته فيه.

(مسألة ٧٧): إذا انحصر الساتر بالفاقد للشروط السابقة ولم يكن مضطراً إلى لبسه - لبرد أو نحوه - ففي المغصوب والحرير والذهب يجب الصلاة عارياً بالكيفية المتقدمة في المسألة (٧٥)، وفي غير المأكول الأحوط وجوباً الجمع بين الصلاة به والصلاة عاري. وكذا الحال في النجس، على ما تقدم في أحكام النجاسات.

(مسألة ٧٨): لا يجوز البدار للصلاة عارياً في أول الوقت أو مع الساتر الفاقد للشرائط، إلا مع اليأس عن وجدان الساتر الواجد للشرائط في تمام الوقت، ولو صلَّى مع اليأس ثم اتفق وجدان الساتر الواجد للشرائط قبل خروج الوقت وجب إعادة الصلاة به.

(مسألة ٧٩): ذكر العلماء (رضوان الله عليهم) أنه يكره الصلاة في الثوب الاسود حتّى للنساء عدا الخفّ والعمامة والكساء ومنه العباءة. وفي السروال وحده للرجل وإن كان صفيقاً - كثيف النسج - لا يحكي ما تحته، بل يجعل على منكبيه شيئ، وفي ثوب واحد للمرأة وإن كان ساتر. وكذا يكره الصلاة في العمامة من دون تحنك. وفي خاتم أو ثوب عليهما صورة ذي روح، وفي لباس الكفار وأعداء الدين، وفي الثوب الوسخ وفي الثوب الضيق وغير ذلك.

(مسألة ٨٠): ذكر العلماء (رضوان الله عليهم) أنه يستحب الصلاة في أنظف الثياب، وأن تكون بيضاء، وأن تكون قطناً أو كتان، مع التطيب ولبس السراويل والخاتم من العقيق والعمامة للرجل، وستر القدمين للمرأة، والرداء لإمام الجماعة وغير ذلك.

١٧٨

المبحث الخامس

في مكان المصلي

لما كانت الصلاة من العبادات التي يشترط فيها نيّة التقرّب لله تعالى فلا تصح إذا وقعت في المكان والفضاء المغصوبين إذا كان المصلي ملتفتاً للحرمة وكانت نيّته للصلاة تبتني على نية المكث المحرَّم بقدره، من دون فرق بين أن تكون حركات المصلي تصرفاً محرماً فيهما كما في صلاة المختار، وأن لا تكون كذلك كما في صلاة الايماء من دون قيام وقعود وركوع وسجود، نعم إذا لم تبتنِ نيّته للصلاة على نيّة المكث المحرّم بقدرها ولم تشتمل الصلاة على حركات تستلزم التصرف المحرّم صحت الصلاة، كما في صلاة العابر في الارض المغصوبة إيماءً. وقد تقدم في الوضوء كثير من الفروع المتعلقة بذلك تنفع في المقام، فاللازم مراجعته.

(مسألة ٨١): إذا دخل المكان الغصبي جهلاً ثم التفت، فمع سعة وقت الصلاة لا يجوز التشاغل بالصلاة، بل يجب قطعها والمبادرة بالخروج إذا لم يحرز رضا المالك بالصلاة حينئذٍ. ومع ضيق الوقت تجب الصلاة حال الخروج مع الايماء للركوع والسجود.

وكذا الحال لو دخله عمداً عصياناً ثم تاب، فإنه يصلي بالايماء مع ضيق الوقت. بل وكذا الحال إذا لم يَتُب، لان الخروج حينئذٍ وإن كان عصياناً محرماً إلا أن الصلاة حال الخروج بالايماء لا تكون تصرفاً في المكان المغصوب عرف.

(مسألة ٨٢): المحبوس في المكان المغصوب له أن يصلي فيه صلاة المختار

١٧٩

إذا لم توجب تصرفاً مضراً بالمكان.

(مسألة ٨٣): من سبق إلى مكان في المسجد أو المشهد أو غيرهما من الاماكن العامة فهو أحق به، وتحرم مزاحمته فيه، ولو قهره شخص ونحّاه وأخذ مكانه كان آثماً ما دام الأول غير معرض عن المكان، ووجب عليه تمكين الأول منه. لكن لو صلّى الغاصب فيه لم تبطل صلاته إلا إذا كان استمراره في غصبه من أجل الصلاة مع الالتفات للحرمة. كما أنه إذا أعرض الأول عنه بعد غصبه منه - ولو لتجنب المشاكسة والاهتمام بقضاء وطرِه في مكان آخر - حلّ المكث فيه للغاصب وغيره.

(مسألة ٨٤): لابدّ في سبق الشخص للمكان الموجب لاحقّيته به من جلوسه فيه وإشغاله فيما هو معدٌّ له من عبادة أو نحوه، ولا يكفي وضعه شيئاً فيه كسجادة وسبحة، فَمن اكتفى بذلك جاز لغيره إشغال المكان. نعم يحرم عليه التصرف في ذلك الشيء الموضوع فيه. فاذا أمكنه الانتفاع بالمكان - بصلاة أو غيرها - من دون تصرف في ذلك الشيء، الموضوع فيه جاز له وصح عمله.

بل إذا كان حجز المكان بالشيء الموضوع فيه موجباً لتعطيله عرفاً لطول المدّة ووجود من يحتاج لاشغاله فيه سقطت حرمة ذلك الشيء الموضوع فيه وجاز إشغال المكان وإن أوجب التصرف في الشيء الموضوع فيه، غاية الامر أنه يلزم الاقتصار في التصرف فيه على مقدار الضرورة والحاجة التي يقتضيها الانتفاع بالمكان.

(مسألة ٨٥): إذا سبق شخص لمكان من الاماكن العامة وأشغله فيما هو مُعَدّ له وصار أحق به، ثم قام عنه، فإن قام معرِضاً عنه سقط حقه فيه، وإن قام ناوياً للعود إليه فإن ترك فيه شيئاً لتحجيره بقي حقّه فيه، فإن أشغله غيره في غيابه لم يحلّ له منع الأول منه إذا عاد إليه.

١٨٠