منهاج الصالحين - العبادات الجزء ١

منهاج الصالحين - العبادات0%

منهاج الصالحين - العبادات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 458

منهاج الصالحين - العبادات

مؤلف: السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 458
المشاهدات: 164547
تحميل: 4423


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 458 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 164547 / تحميل: 4423
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين - العبادات

منهاج الصالحين - العبادات الجزء 1

مؤلف:
العربية

وأما إذا لم يترك فيه شيئاً لتحجيره ففي ارتفاع حقه إشكال، خصوصاً إذا قام لحاجة كالوضوء ونحوه. فالأحوط وجوباً التراضي بينه وبين من يريد إشغال المكان.

(مسألة ٨٦): يحرم اشغال الطريق بالصلاة وغيرها إذا أضر بالمارة. لكن الظاهر عدم بطلان الصلاة بذلك، إلا أن يكون المكث في الطريق من أجل الصلاة مع الالتفات للحرمة.

(مسألة ٨٧): لا بأس بصلاة الرجل والمرأة في مكان واحد، متقدمة عليه ومحاذية له ومتأخرة عنه. نعم يكره ذلك، بل الأحوط استحباباً تركه، إلا أن يتقدم الرجل ولو بصدره، بحيث إذا سجدا يحاذي رأسها ركبتيه، أو يكون بينهما حائل - كجدار ونحوه - وإن كان قصيراً لا يمنع من المشاهدة، أو يكون بينهما مسافة عشرة أذرع بذراع اليد - تقارب خمسة أمتار - ودون ذلك أن يكون بينهما ما لا يتخطى - ويقارب المتر والربع - ودون ذلك أن يكون بينهما قدر عظم الذراع، ودون ذلك أن يكون بينهما شبر.

(مسألة ٨٨): لا فرق بين المحارم وغيرهم والزوج والزوجة وغيرهم، والبالغ وغيره. نعم لابدّ من صحة صلاة كل منهم.

(مسألة ٨٩): لا يجوز لمن يصلي عند قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقبور الائمة (عليهم السلام)الصلاة أمام القبر الشريف، بحيث يكون القبر خلفه. بل تكون الصلاة خلف القبر وعن يمينه وشماله. ولا بأس بالتقدم من الجانبين عن سمت القبر الشريف، بحيث لا يصدق عرفاً أن القبر خلف المصلي.

(مسألة ٩٠): يختص المنع عن الصلاة أمام القبر بالصلاة في البنية التي فيه

١٨١

القبر الشريف دون ما خرج عنها من الاروقة المتصلة به.

(مسألة ٩١): لو تقدم المصلي على قبر المعصومين (عليهم السلام) جهلاً بموضع القبر أو بالحرمة أو غفلةً فالظاهر صحة الصلاة.

(مسألة ٩٢): الأحوط وجوباً إلحاق قبر الصديقة الزهراء (عليه السلام) بقبور النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والائمة (عليهم السلام) في الحكم المذكور لو تيسر العلم بموضعه. بخلاف قبور غير الائمة (عليهم السلام) مهما ارتفع مقامهم، حتّى الانبياء الاخرين (عليهم السلام) فإنه يجوز التقدم عليها بالمعنى المذكور، إلا أن يستلزم التوهين وسوء الادب، فيحرم وتبطل الصلاة مع الالتفات لذلك.

(مسألة ٩٣): تجوز الصلاة في جوف الكعبة وسطحه. نعم يكره ذلك في صلاة الفريضة، بل الأحوط استحباباً تركه مع الاختيار.

(مسألة ٩٤): يجب في مسجد الجبهة - مضافاً إلى الطهارة، كما تقدم في فصل أحكام النجاسة - أن يكون من الارض أو ما أنبتت غير المأكول والملبوس. والسجود على الارض أفضل، وأفضلها طين قبر الحسين (عليه السلام) فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه كان قد أعدّ منه لصلاته وأنه قال: «إن السجود على تربة أبي عبد الله (عليه السلام) تخرق الحجب السبع». وقال: «السجود على طين قبر الحسين (عليه السلام) ينور إلى الارضين السبعة».

(مسألة ٩٥): لا تجب مماسة بقية المساجد للارض، أو ما انبتت. نعم الافضل مماسة الكفين الارض. بل ربما عم ذلك جميع المساجد.

(مسألة ٩٦): لا يجوز السجود على المعادن إذا لم يصدق عليها الارض كالقير، وقد تقدم في التيمم ما ينفع في المقام.

(مسألة ٩٧): يجوز السجود على الارض المطبوخة كالجص والاجر والخزف والاسمنت ونحوه.

(مسألة ٩٨): المراد بالمأكول والملبوس ما من شأنه أن يؤكل أو يلبس وإن احتاج إلى إعداد من طبخ أو غزل أو نحوهم، والمدار فيه على تعارف

١٨٢

أكل الإنسان ولبسه له بحسب طبعه، ولا عبرة بالحالات الاستثنائية من مرض ومجاعة ونحوهم. نعم إذا كان عدم أكله أو لبسه في الحال المتعارف لندرته وقلّة وجوده فيدخر للضرورات ونحوها كان من المأكول أو الملبوس الذي لا يجوز السجود عليه.

(مسألة ٩٩): الأحوط وجوباً عدم السجود على غير المأكول مما يستخلص منه مادة تؤكل أو تشرب كالبُنّ والشاي. نعم يجوز السجود على التبغ ونحو مما لا يؤكل وان استعمل للتدخين او نحوه.

(مسألة ١٠٠): المدار في الاكل واللبس على عامة الناس، ولا عبرة بالنادر. نعم إذا كان عدم أكل العامة له أو عدم لبسهم لعدم واجديّتهِم له مع أكلهم أو لبسهم له لو وجدوه كان من المأكول أو الملبوس الذي لا يجوز السجود عليه.

(مسألة ١٠١): الأحوط وجوباً عدم السجود على ما يؤكل أو يلبس إذا كان في قشرِه غيرِ الصالح للاكل واللبس كالجوز واللوز وجوزة القطن ونحوه. نعم يجوز السجود على القشر بعد إخراج لُبّه. هذا فيما ينفصل قشره عنه، وأما ما يتصل به كالبطيخ فالظاهر عدم جواز السجود عليه قبل فصل قشره، بل الأحوط وجوباً عدم السجود على قشره حتّى بعد انفصاله عنه.

(مسألة ١٠٢): لا يجوز السجود على المأكول والملبوس حتّى إذا لم يصلح للاكل واللبس بسبب تعفّن أو طبخ أو تمزق أو نحو ذلك، كالثياب المستعملة تعالج وتكبس فتكون محفظة أو نحوه.

(مسألة ١٠٣): لا بأس بالسجود على النوى الذي لا لبّ له أو الذي له لبّ لا يتعارف أكله وان كانت الثمرة ذات النوى مأكولة، وكذا ورق الشجر - الذي يؤكل ثمره - وكذا خشبه وأغصانه ونحو ذلك مما لا يؤكل منه.

١٨٣

(مسألة ١٠٤): يجوز السجود على الخشب وإن صنع منه الاحذية الملبوسة أو دخل في صنعه. وكذا لو اتخذ منه الحلي الملبوس أو كان قُراباً أو مقبضاً للسيف الملبوس.

(مسألة ١٠٥): لا يجوز السجود على رمادِ ما يصح السجود عليه، وكذا الفحم على الأحوط وجوب.

(مسألة ١٠٦): يجوز السجود على القرطاس المتخذ مما يصح السجود عليه كالبَردي، دون ما يتّخذ مما لا يصح السجود عليه كالقطن والكتان. ولو شكّ في حاله لا يجوز السجود عليه.

(مسألة ١٠٧): يجوز - على كراهة - السجود على ما هو مكتوب - من القرطاس وغيره مما يجوز السجود عليه - اذا كانت الكتابة من سنخ اللون. أما اذا كان لها جرم حائل بين بشرة الجبهة وما يصح السجود عليه فلا يجوز السجود إلا ان تكون الفراغات بين الكتابة بمقدار يتحقق به أدنى الواجب من السجود على ما يصح السجود عليه.

(مسألة ١٠٨): يجوز مع التقية السجود على ما لا يصح السجود عليه اختيار. وقد تقدم في الوضوء بعض الفروع المتعلقة بالتقيّة التي تنفع في المقام فراجع.

(مسألة ١٠٩): إذا تعذّر السجود على ما يصح السجود عليه لغير تقية سجَد على ثوبه، والأحوط وجوباً تقديم الثوب من القطن أو الكتان مع تيسُّرهم، فإن لم يتيسّر الثوب سجد على ظهرِ كفّه. والمراد بالتعذر مجرد عدم تيسر السجود على ما يصح السجود عليه في الوقت والمكان الذي يريد المكلف الصلاة فيه - كالمسجد ونحوه - لبرد أو حَرّ أو نحوهم، ولا يعتبر التعذُّر التام، فلا يجب تبديل المكان ولا تأخير الصلاة ولا غير ذلك مما يمكن معه القدرة على ما يصح السجود عليه. نعم الأحوط وجوباً عدم الاكتفاء بفقد ما يصح السجود عليه

١٨٤

إذا أمكن تحصيله بتأخير الصلاة أو تبديله المكان.

(مسألة ١١٠): لو تعذر السجود حتّى على ظهر الكف جاز السجود على كل شيء، والأحوط وجوباً تقديم النبات. والمراد بالتعذر هنا التعذر الحقيقي الذي لا يرتفع بتبديل المكان، ولا بتأخير الصلاة.

(مسألة ١١١): إذا فقَد في أثناء الصلاة ما يصح السجود عليه ففي سعة الوقت يقطع الصلاة، وفي ضيقها ينتقل إلى البدل المتقدم.

(مسألة ١١٢): إذا سجد على ما لا يصح السجود عليه كفى جرّه إلى ما يصح السجود عليه ولا يجب رفعه، بل الأحوط وجوباً عدم الرفع. ولو تعذّر تحصيله بالجرّ فالأحوط وجوباً استئناف الصلاة بعد فعل المبطل أو بعد إتمامه.

(مسألة ١١٣): إذا سجد على ما لا يصح السجود عليه جهلاً به أو بوجوبه أو سهواً ولم يلتفت إلا بعد الفراغ من السجود صحت صلاته.

(مسألة ١١٤): لابدّ من تمكن الجبهة مما يسجد عليه بحيث تثبت وتستقر عليه، ولا يكفي مجرد المماسة من دون استقرار، فلا يجوز السجود على التراب الرخو ولا على الطين غير المتماسك، وكذا إذا كان ما يصح السجود عليه موضوعاً على المكان غير المستقر، كالقطن المندوف. نعم إذا أمكن تحصيل الاستقرار بعد وضع الجبهة بزيادة الاعتماد صح السجود.

(مسألة ١١٥): إذا لصق بجبهته حين السجود شيء من الطين أو التراب وجب إزالته للسجدة الثانية إذا كان مستوعباً للجبهة.

(مسألة ١١٦): إذا لم يجد إلا الطين الذي لا تستمكن الجبهة عليه فالأحوط وجوباً السجود عليه والاكتفاء بمماسّته. نعم إذا كانت الارض مع ذلك موحِلة بحيث يتلطّخ بدنه وثيابه كان له أن يقوم فيصلي ويركع ركوعاً تام، ثم سجد بالايماء قائم، ثم تشهّد وسلّم قائماً أيض. والأحوط وجوب

١٨٥

الاقتصار في ذلك على ما إذا تعذرت الصلاة التامة في تمام الوقت.

(مسألة ١١٧): يشترط في مكان المصلي أن يكون بحيث يستقر فيه المصلي ويتحقق له الطمأنينه المعتبرة في الصلاة فلا تصح في المكان المضطرب والمُهتَزّ، كما في الكثير من صور الصلاة على الدابة وفي السفينة والسيارة والقطار والطائرة. ولا يضر مجرد سير هذه الاُمور إذا لم يكن لها اهتزاز معتدّ به وتحققت بها الصلاة التامة بالركوع والسجود والاستقبال وغيره.

نعم مع الضرورة - ولو لضيق الوقت - تصح الصلاة فيها بالميسور، وحينئذٍ ينحرف إلى القبلة كلّما انحرفت، وإن تعذر الاستقبال في بعضها أو في جميعها سقط. والأحوط استحباباً اختيار الاقرب للقبلة فالاقرب. وكذا الحال في الماشي وغيره من المعذورين. هذا كله في الفريضة وأما في النافلة فيجوز الإتيان بها ماشياً وراكباً اختيار، كما سبق عند الكلام في أعداد الفرائض والنوافل.

(مسألة ١١٨): يستحب إيقاع الصلاة في المسجد، بل في بعض النصوص أن الصلاة في المسجد فرادى أفضل من الصلاة في غيره جماعة. وأفضل المساجد المسجد الحرام. وفي بعض النصوص: أن الصلاة فيه تعدل ألف ألف صلاة في غيره من المساجد، ثم مسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والصلاة فيه تعدل عشرة آلاف صلاة في غيره من المساجد، ثم مسجد الكوفة والصلاة فيه تعدل ألف صلاة في غيره من المساجد، ثم المسجد الاقصى والصلاة فيه تعدل ألف صلاة، وفي بعض النصوص مفاضلة بينهم، ثم مسجد الجامع وهو المسجد الاعظم في البلد - والصلاة فيه بمائة صلاة، ثم مسجد القبيلة والصلاة فيه بخمس وعشرين صلاة، ثم مسجد السوق والصلاة فيه باثنتي عشرة صلاة.

(مسألة ١١٩): صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد. وأفضل البيوت المخدع، وهو البيت الصغير الذي يكون داخل بيته.

١٨٦

(مسألة ١٢٠): تستحب الصلاة في مشاهد الائمة(عليهم السلام)، وقد ورد أن الصلاة عند علي (عليه السلام) بمائتي ألف صلاة.

(مسألة ١٢١): يكره تعطيل المساجد، ففي الخبر ثلاثة يشكون إلى الله تعالى: مسجد خراب لا يصلي فيه أحد، وعالم بين جهّال، ومصحف معلّق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه. ويكره الخروج من المسجد بعد الاذان حتّى يصلى فيه - وفي الخبر أنه من علامات النفاق - إلا أن يريد الرجوع إليه. وكذا يكره لجار المسجد أن يصلي في غيره لغير علّة كالمطر، وفي الخبر: «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد».

(مسألة ١٢٢): يستحب التردد إلى المساجد، ففي الخبر: من مشى إلى مسجد من مساجد الله فله بكل خطوة خطاها حتّى يرجع إلى منزله عشر حسنات ومحي عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات. ويستحب الجلوس في المسجد لانتظار الصلاة. وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أن ترهّب اُمتي القعود في المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة.

(مسألة ١٢٣): يستحب للمصلي أن يجعل بين يديه حائلاً من عود أو حبل أو قلنسوة أو كومة تراب أو نحوها حتّى مثل الخط في التراب.

(مسألة ١٢٤): قد ذكروا أنه يُكره الصلاة في الحمّام والمزبلة والمجزرة والمواضع المعدّة للتخلي وفي بيت فيه مسكر وفي مبارِك الابل ومرابِط الخيل والبغال والحمير والبقر والغنم، بل في كل مكان قذر، وتكره الصلاة أيضاً في الطريق إذا لم يضر المارة، وإلا كان محرّماً - كما تقدم - وتكره أيضاً في مجاري المياه، وفي الارض السبخة وبيت النار كالمطبخ، وعلى القبر وفي المقبرة أو أمامه قبر، وبين قبرين إلا مع الحائل أو بعد عشرة أذرع بذراع اليد.

(مسألة ١٢٥): يكره ان يكون امام المصلي نار مضرمة - ولو سراجاً - او تمثال او صورة لذي روح أو مصحف أو كتاب مفتوحان، او إنسان مواجه له وغير ذلك.

١٨٧

المقصد الثاني

في كيفية الصلاة

وفيه مباحث:

المبحث الأول

في الأذان والاقامة

وفيه فصول..

الفصل الأول

يستحب الاذان والاقامة في الفرائض اليومية أداءً كانت أو قضاءً، في الحضر والسفر، والصحة والمرض، سواءً كانت الصلاة فرادى أم جماعة، وسواءً كان المصلي ذكراً أم أُنثى. ويتأكد استحبابهما للرجال ولا سيما في الادائية، خصوصاً المغرب والصبح، وأشدّهما تأكداً الاقامة. ولا يشرع الاذان والاقامة للنوافل ولا للفرائض غير اليومية كصلاة الايات.

(مسألة ١٢٦): للمرأة أن تجتزئ عن الاذان بالتكبير والشهادتين مرةً مرةً، بل بالشهادتين فقط، كما تجتزئ عن الاقامة بالتكبير وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله. بل لو سمعت الاذان اجتزأت بالشهادتين.

(مسألة ١٢٧): لا يشرع الاذان للعصر إذا جُمعت مع الظهر في عرفة يومه، وللعشاء إذا جُمعت مع المغرب في المزدلفة ليلة العيد. كما لا يجوز الاذان للصلاة الثانية للمسلوس إذا جَمع بين صلاتين بوضوء واحد، وإذا أذّن أعاد

١٨٨

الوضوء للثانية. وكذا المستحاضة الكثيرة التي تجمع بين صلاتين بغسل واحد على الأحوط وجوب، فإذا أذّنت أعادت الغسل للثانية. بل كل من جمع بين صلاتين أدائيتين يجزئه لهما أذان واحد في أوّلهم، بل لعله لا يشرع الاذان لما بعدها حينئذٍ. وكذا من جمع بين صلاتين قضائيتين أو أكثر.

(مسألة ١٢٨): يتحقق الجمع بين الصلاة بعدم الفصل بينهما بزمان طويل، ولا ينافيه التعقيب القليل. نعم ينافيه التنفل بين الفريضيتين ولو بركعتين على الأحوط وجوب.

(مسألة ١٢٩): يسقط الاذان والاقامة معاً في موارد:

الأول: من دخل في جماعة قد اُذّن لها واُقيم، إماماً كان أو مأموم. والظاهر عدم مشروعيته.

الثاني: من دخل المسجد قبل تفرق الجماعة سواء صلّى منفرداً أم جماعة إماماً أو مأموماً بشروط:

أحدها: وحدة المكان عرفاً ولو كان واسعاً على الأحوط وجوب، فلا يسقطان مع تعدّده لفصل المسجد بعضه عن بعض ببناء أو ستر،أو لكون إحداهما في أرض المسجد والاُخرى على سطحه.

ثانيها: أن تكون الجماعة السابقة بأذان وإقامة. بل الظاهر الاجتزاء بما إذا سقط الاذان والاقامة عنهم لاجتزائهم بأذانِ غيرهم وإقامته. نعم إذا لم يؤذّنوا ويقيموا من دون أن يسقطا عنهم لم يسقط الاذان والاقامة عمّن بعدهم.

ثالثها: أن تكون الصلاتان أدائيّتين مشتركتين في الوقت على الأحوط وجوب، ففي غير ذلك يؤتى بهما برجاء المطلوبية.

١٨٩

رابعها: أن تكون الجماعة الاُولى صحيحة، هذا والظاهر أن سقوط الاذان والاقامة مع اجتماع الشروط عزيمة - بمعنى أنّهما غير مشروعين - لا رخصة. كما أن الظاهر عموم السقوط لغير المسجد مع وحدة المكان عرف. نعم لا بأس بالإتيان بهما فيه برجاء المطلوبية.

الثالث: من سمع أذان غيره وإقامته للصلاة، فإنه يجزئه ذلك عن أن يؤذّن أو يقيم، ولو سمع أحدَهما أو بعضاً منهما أتمّ ما بقي بشرط مراعاة الترتيب، ولا فرق في المؤذّن والمقيم بين الإمام والمأموم والمنفرد، وكذا لا فرق في السامع بين الإمام والمنفرد، وأما المأموم فيشكل اكتفاؤه بسماع أذان غيره وإقامته في دخوله في الجماعة التي لم يؤذن لها ولم يجزئها أذان آخر.

والخلاصة: سماع الإمام يكفي عن الاذان للجماعة، أما سماع المأمومين أو بعضهم فلا يكفي له. كما أنه يشكل مشروعية أذان بعضهم لنفسه بعد انعقاد الجماعة لدخوله فيها إذا لم يكن قد اُذّن لها ولا أجزأها أذان آخر.

(مسألة ١٣٠): يستحب حكاية الاذان لمن سمعه، كما يستحب الاذان في اُذن المولود اليمنى والاقامة في اليسرى.

الفصل الثاني

فصول الاذان ثمانية عشر: الله أكبر أربع مرات، ثم أشهد أن لا إله إلا الله، ثم أشهد أن محمداً رسول الله، ثم حيّ على الصلاة، ثم حيّ على الفلاح، ثم حيّ على خير العمل، ثم الله أكبر، ثم لا إله إلا الله، كلّ منها مرّتان.

وفصول الاقامة سبعة عشر، وهي كالاذان إلا أن التكبير في أولها مرتان والتهليل في آخرها مرة، ويزاد فيها قبل التكبير في آخرها: قد قامت الصلاة مرتين.

١٩٠

(مسألة ١٣١): تستحب الصلاة على النبي وعلى آله (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) عند ذكر اسمه الشريف في الاذان وغيره، وعند سماع اسمه (صلى الله عليه وآله وسلم).

(مسألة ١٣٢): ورد في بعض الاخبار أن من أجزاء الاذان الشهادة لعلي (عليه السلام) بالولاية وبإمرة المؤمنين، بل عن بعض كتب الجمهور المخطوطة أن أبا ذر (رضي الله تعالى عنه) قد أذَّن بالولاية له (عليه السلام) فشكاه الناس لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأقرَّه على ما فعل.

إلا انه حيث لم تتم عندنا حجية الاخبار المذكورة فلا مجال للإتيان بها بنية انها من أجزاء الاذان. نعم قد يحسن الإتيان بها لا بنية ذلك، بل برجاء كونها من أجزاء الاذان المستحبة، أو كونها مستحبة في نفسها لقوله (عليه السلام) في خبر الاحتجاج: «إذا قال احدكم: لا إله إلا الله محمد رسول الله فليقل: علي أمير المؤمنين»، ولانها شهادة بحق جعله الله تعالى من الفرائض الخمس التي بني عليها الإسلام، بل هو أهمه.

وهي بعد شهادة اذن الله سبحانه بها في بدء الخلق مع الشهادتين الأوليين، رفعاً لشأنها وتثبيتاً لمضمونه، فقد روى ثقة الإسلام الكليني بسنده عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «إنا أول أهل بيت نوَّه الله بأسمائن. انه لما خلق السماوات والارض أمر منادياً فنادى: أشهد ان لا اله إلا الله - ثلاثاً - أشهد ان محمداً رسول الله - ثلاثاً - أشهد أن علياً أمير المؤمنين حقاً - ثلاثاً - ».

ولا بدع مع كل ذلك أن يؤتى بها في الاذان والاقامة تأكيداً لها وتثبيتاً لمضمونها لا بنية الجزئية منهم، كما فعل المسلمون في عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم قتلوا (عيهلة) الاسود العنسي الكذاب لعنه الله تعالى، فقد قال مؤذنهم - إمعاناً في الحط لدعوته وإعلاناً بخمود نارها -: «أشهد أن محمداً رسول الله وان عيهلة كذاب» ولم ينكر عليهم احد بأنهم قد أدخلوا في الاذان ما ليس منه.

١٩١

وانما تركوا ذلك ولم يستمروا عليه لعدم الحاجة له بعد ان ماتت دعوة العنسي بقتله. أما شهادتنا هذه فلا زال المسلمون في حاجة للاعلان بها بعد ان تجاهلها البعض، بل لا زالوا مصرين على انكارها مجدين في اطفاء نوره، ويأبى الله تعالى إلا ان يتم نوره ويعلي كلمته. وعلى ذلك جرى اتباع أهل البيت (عليهم السلام) على مرِّ العصور وتعاقب الدهور حتى صار شعاراً لهم ورمزاً للايمان، من دون ان يدعي أحد منهم أنها من أجزاء الاذان أو الاقامة الواجبة، فالتزامهم بها كالتزامهم بالصلاة على النبي وعلى آله (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) عند ذكر اسمه الشريف راجح من دون أن يكون جزءً من الاذان ولا الاقامة.

(مسألة ١٣٣): يجزئ في السفر والعجلة الإتيان بكل فصل من الاذان والاقامة مرة مرة.

(مسألة ١٣٤): يشترط في الاذان والاقامة اُمور:

الأول: النية، فيؤتى بالفصول المتقدمة بعنوان أنها أذان أو إقامة، ولا يكفي التلفّظ بها من دون قصد العنوان المذكور. ولابدّ فيهما من قصد القربة. والأحوط وجوباً تعيين الصلاة التي يراد الاذان والاقامة له.

الثاني والثالث: العقل والايمان، دون البلوغ، فيجزئ أذان وإقامة غير البالغ إذا كان مميز.

الرابع: الذكورة على الأحوط وجوب، فلا يجزئ أذان المرأة وإقامتها للرجال، نعم يجزئان للنساء.

الخامس: الترتيب، بتقديم الاذان على الاقامة، وكذا الترتيب بين فصولهما على النحو المتقدم. وإذا خالف الترتيب بين الفصول أعاد على ما يحصل به الترتيب، إلا أن تفوت الموالاة، فيعيد من الأول.

١٩٢

السادس: الموالاة بين فصول كل من الاذان والاقامة، فلا يصح كل منهما مع الفصل الطويل الماحي للصورة عرفاً على الأحوط وجوب. وكذا بين الاذان والاقامة بالنحو الذي لا ينافيه الفصل بما يأتي. وكذا بين الاقامة والصلاة.

السابع: العربية، فلا يجزئ ترجمتها بغير العربية، كما لا يجزئ الملحون.

الثامن: دخول الوقت، حتى للمنفرد في الفجر على الأحوط وجوب.

التاسع: القيام والاستقبال والطهارة في الاقامة دون الاذان، بل غاية الامر أنها مستحبة فيه.

(مسألة ١٣٥): يستحب فيهما التسكين في فصولهم. مع التأنّي في الاذان والاسراع في الاقامة. كما يستحب في الاذان الافصاحُ بالالف والهاء الواقعتين في آخر بعض فصوله، ورفعُ الصوت فيه، ووضع الاصبعين في الاُذُن، وغير ذلك.

(مسألة ١٣٦): يكره الكلام في أثناء الاذان والاقامة، وتشتدّ الكراهة في الاقامة، بل يستحب إعادتها حينئذٍ، وأشدّ ذلك بعد قول: قد قامت الصلاة.

(مسألة ١٣٧): يستحب الفصل بين الاذان والاقامة بصلاة ركعتين أو بسجدة، أو بجلوس أو بكلام، إلا في الفجر فيكره الكلام. ويستحب أن يقول في السجود: «لا إله إلا أنت ربي سجدت لك خاضعاً خاشع» أو: «سجدت لك خاضعاً خاشعاً ذليل».

الفصل الثالث

من نسي الاذان والاقامة حتّى دخل في الصلاة استُحب له قطعُها لتداركهم، ولا سيّما إذا ذكر ذلك قبل أن يركع، وخصوصاً إذا ذكره قبل أن يقر. وكذا إذا نسي الاقامة وحدها وذكر قبل القراءة. بل الظاهر جواز القطع في غير ذلك لتدارك الاذان أو الاقامة، سواء ترك الاذان وحده أم الاقامة وحده.

١٩٣

بل لو تعمّد تركَهما أو ترك أحدهما ثم بدا له التدارك جاز له القطع أيض.

(مسألة ١٣٨): يجري الحكم المذكور في من ترك بعض فصولهم، فله القطع لتدارك ما ترك وما بعده محافظةً على الترتيب، إلا مع الاخلال بالموالاة فيستأنف من الأول.

تتميم: فيه إيقاظ وتذكير

قال الله تعالى: (قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون)، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والائمة (عليهم السلام) كما ورد في أخبار كثيرة - أنه لا يحسب للعبد من صلاته إلا ما يُقبل عليه منه، وأنه لا يقدمنَّ أحدكم على الصلاة متكاسل، ولا ناعس، ولا يفكرنَّ في نفسه، ويقبل بقلبه على ربه ولا يشغله بأمر الدني، وأن الصلاة وفادة على الله تعالى، وأن العبد قائم فيها بين يدي الله تعالى. فينبغي أن يكون قائماً مقام العبد الذليل الراغب الراهب الخائف الراجي المستكين المتضرع، وأن يصلي صلاة مودع يرى أن لا يعود إليها أبد.

وكان الإمام زين العابدين (عليه السلام) إذا قام في الصلاة كأنه ساق شجرة لا يتحرك منه إلا ما حرّكت الريح منه، وكان الإمامان الباقر والصادق (عليهم السلام) إذا قاما إلى الصلاة تغيرت ألوانهما مرّةً حمرةً ومرّةً صفرةً وكأنّهما يناجيان شيئاً يريانِه.

وينبغي أن يكون صادقاً في قوله: (إيّاك نعبد وإيّاك نستعين) فلا يكون عابداً لهواه ولا مستعيناً بغير مولاه. وكذا ينبغي إذا أراد الصلاة أو غيرها من الطاعات أن يستغفر الله تعالى ويندم على ما فرّط في جنب الله، ليكون معدوداً في عداد المتقين الذين قال الله تعالى في حقهم: (إنَّما يتقبَّل الله من المتَّقين).

وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه اُنيب، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

١٩٤

المبحث الثاني

في أفعال الصلاة

ويجب فيها: النية، وتكبيرة الاحرام، والقيام، والقراءة، والذكر، والركوع، والسجود، والتشهد، والتسليم، والترتيب، والموالاة.

فهنا فصول..

الفصل الأول

في النيّة

الصلاة من العبادات التي تجب فيها النية، ولابد فيها من الإتيان بالافعال بقصد كونها صلاة قربة إلى الله تعالى، على نحو ما تقدّم في الوضوء، وقد تقدم هناك أنّه لابدّ من عدم وقوع العبادة بوجه محرَّم، وتقدم كثير من الفروع المتعلقة بالنيّة الجارية في المقام.

(مسألة ١٣٩): لابدّ من تعيين الصلاة التي يريد الإتيان بها ويمتثل أمره، فإذا كان عليه صلوات متعددة ونوى الإتيان بصلاة منها مردّدة بين الفريضة والنافلة أو بين الادائيّة والقضائية أو بين القضائيّتين بطلت صلاته. نعم يكفي تعيينها إجمال، كما لو نوى الصلاة الواجبة عليه فعلاً وكان الواجب عليه صلاةً واحدةً لا يعرف نوعها صحت صلاته، وكذا لو نوى ما وجب عليه أوّلاً - مثلاً - فيماإذا كان الواجب عليه متعدد.

(مسألة ١٤٠): لا يشترط نيّة القضاء والاداء مع وحدة الصلاة الواجبة

١٩٥

عليه، فلو علم انشغال ذمته بصلاة ظهر مثلاً وترددت بين أن تكون أدائية وقضائية كفى نيّة الظهر الذي انشغلت بها ذمته. بل لو نوى الصلاة الخاصة بتخيل أنها أدائية فبانت قضائية مثلاً أو بالعكس صحت صلاته. فمن أفاق من نومه وتخيّل عدم طلوع الشمس فصلّى صُبح ذلك اليوم بتخيل أنها أدائية صحّت صلاته حتّى لو كانت الشمس طالعةً في الواقع، وكذا لو تخيّل طلوعها فصلى صُبح ذلك اليوم بتخيل أنها قضائية صحت صلاته حتّى لو لم تكن طالعة في الواقع.

(مسألة ١٤١): لا يشترط نية الوجوب ولا الاستحباب مع وحدة الصلاة ذات، فمن علم مشروعية صلاة ولم يعلم أنها واجبة أو مستحبة أجزأه الإتيان بها بنية القربة والمشروعية من دون حاجة إلى قصد الوجوب أو الاستحباب ولو إجمال، بل لو نواها على خلاف واقعها خطأ صحت، كما لو أعاد صلاته جماعة بنية الاستحباب لتخيل صحة صلاته الاُولى فإنها تصح حتى لو انكشف وجوبها لبطلان صلاته الأولى.

(مسألة ١٤٢): إذا أتى بالصلاة فنوى قطعها ثم رجع عن ذلك قبل أن يأتي بشيء من الاجزاء صحت صلاته. أما لو أتى بشيء من الاجزاء مع النيّة المذكورة فلا يجتزئ به، كما لو نوى قبل القراءة قطْعَ الصلاة بعد إكمال القراءة، فقرأ بهذه النية ثم عدل من نية القطع لم يجتزئ بقراءته حينئذٍ، بل يشكل صحة صلاته حتّى لو تدارك القراءة. فالأحوط وجوباً الاستئناف بعد فعل القاطع للصلاة التي بيده أو بعد إكماله.

(مسألة ١٤٣): لا يجب في الصلاه البناء على عدم قطعه، بل تصحّ مع التردد في قطعه، فلو صلّى في مكان يحتمل تعذر إكمال صلاته فيه واضطراره لقطعها فصادف عدم حصول القاطع حتّى أتمها صحت صلاته.

(مسألة ١٤٤): إذا شرع في الصلاة بنيَّةِ صلاة معينة ثم تردّد فيما نواه

١٩٦

أو تخيل أنه نوى صلاة اُخرى فمضى في صلاته بنيّة إتمام ما دخل فيه صحّت ووقعت على ما نواه عند الشروع فيه.

(مسألة ١٤٥): لا يجوز العدول من صلاة إلى اُخرى بحيث تقع للثانية إلا في موارد:

الأول: من دخل في العصر ثم ذكر أنّه لم يصل الظهر أو دخل في العشاء ثم ذكر أنّه لم يصل المغرب، فإن عليه العدول إلى السابقة محافظةً على الترتيب الواجب مع بقاء محل العدول، وإلا فلا مجال للعدول كما لو ذكر أنه لم يصلّ المغرب بعد القيام للرابعة من العشاء فإنها تبطل، كما تقدم في المواقيت.

الثاني: إذا كانت الصلاتان قضائيتين مترتبتين، كالظهر والعصر والمغرب والعشاء، على نحو ما تقدم في الادائيتين.

الثالث: ما إذا دخل في الحاضرة فذكر أنّ عليه فائتة، فإن له العدول للفائتة مع سعة وقت الحاضرة وبقاء محل العدول، وإلا تعيّن إكمال الصلاة على ما نواه.

الرابع: ما إذا قرأ في صلاة الجمعة سورة التوحيد والتفت بعد الفراغ منه، فإنه يستحب أن يجعلها نافلة ويتمها ثم يصلي الجمعة بالجمعة والمنافقين.

الخامس: إذا دخل في الفريضة منفرداً ثم أقيمت الجماعة استحب له العدول بنيته للنافلة وإتمامها ركعتين ليدخل في الجماعة. ولو علم بعدم إدراك الجماعة إذا أتمها نافلة جاز له قطعه، بل يجوز له قطعها حتّى مع عدم خوف الفوت.

(مسألة ١٤٦): إذا عدل في غير مورد العدول، فإن لم يأت بشيء من الاجزاء جاز له الرجوع إلى ما نواه أولاً ويتمّ صلاته. وإن فعل شيئاً قبل الرجوع فكما لا يقع لما عدل إليه، كذلك الأحوط وجوباً عدم وقوعه لما عدل منه ونواه أول، بل يتخيّر بين إبطالها بفعل المبطل وإتمامها برجاء وقوعها عما نواه أولاً من دون أن يعتدّ به.

١٩٧

(مسألة ١٤٧): إذا شكّ في أثناء الصلاة أنه نواها ظهراً أو عصراً مثل، فإن كان لم يصلّ الظهر قبل ذلك نواها ظهراً واجتزأ به. وكذا لو شكّ في أنه صلّى الظهر. وإن كان قد صلّى الظهر بطلت، والأحوط استحباباً عدم الدخول في غيرها إلا بعد إبطالها بفعل أحد المبطلات.

(مسألة ١٤٨): إذا قام لصلاة ثم شكّ بعد الدخول في الصلاة أنه نوى ما قام له أو نوى غيرها لم يبنِ على أنه نوى ما قام له، بل يتعيّن عليه قطع ما بيده بفعل مبطل، أو إتمامه على ما نواه من دون أن يجتزئ به عن صلاة خاصة، إلا أن يتذكر بعد ذلك ما نواه فيجتزئ بها له.

(مسألة ١٤٩): إذا كان في أثناء الصلاة ناوياً لصلاة معينة ثم شكّ في أنه هل نوى تلك الصلاة من أول الامر أو نوى غيرها لم يجتزئ بها لصلاة خاصة، ويجري عليه حكم المسألة السابقة.

الفصل الثاني

في تكبيرة الإحرام

وبها يكون الدخول في الصلاة. وهي ركن تبطل الصلاة بنقصها عمداً أو سهو، كما تبطل بزيادتها عمد، فإذا جاء بها ثانية بطلت الصلاة فيحتاج إلى ثالثة، فإن جاء بالرابعة بطلت أيضاً واحتاج إلى خامسة، وهكذا تبطل بالشفع وتصح بالوتر إذا قصد بكل منها الافتتاح. والظاهر عدم البطلان بزيادتها سهو، كما لو نسي أنه افتتح الصلاة بالتكبير فكبّر للافتتاح. وإن كان الأحوط استحباباً الاستئناف بعد فعل المبطل.

وصورتها: «اللهُ أَكبر» ويجب أن تكون على النهج العربي، فلا يجزئ

١٩٨

الملحون، كما لا يجزئ مرادفها بالعربية ولا ترجمتها بغير العربية، ولا تغيير صورتها بإضافة شيء إليه، بل الأحوط وجوباً عدم وصلها بما قبلها بحذف همزة (الله) ولا بما بعدهابضم راء (أكبر) للدرج.

(مسألة ١٥٠): الجاهل بها يجب عليه التعلم ولو بتلقين غيره لها عند الصلاة، فإن عجز عنها - تامة على ما سبق - اجتزأ بالممكن منه، فإن عجز جاء بمرادفها بالعربية، فإن عجز فبترجمته.

(مسألة ١٥١): الاخرس يأتي بها على قدر الامكان، فإن لم يقدر على شيء منها اكتفى بتحريك لسانه وإشارته بإصبعه مع القصد للمعنى ولو إجمال، بأن يعلم المعنى ويقصده على إجماله حين تحريك اللسان والاشارة بالاصبع من دون استحضار له بخصوصياته، وكذا الحال في قراءته للقرآن وتشهده وذكره ودعائه.

(مسألة ١٥٢): لابدّ في تكبيرة الاحرام من ظهور الصوت ولو خفيفاً بحيث لا يُسمِع إلا نفسَه لو لم يكن مانع، ولا يكفي ما دون ذلك، فضلاً عما إذا لم يكن له صوت أصل، بل كان بمجرّد تحريك اللسان والشفتين. كما لابد من عدم علوّ الصوت المفرط المعدود عرفاً من الصياح.

وهكذا الحال في جميع ما يعتبر في الصلاة من قراءة أو ذكر أو غيرهم. نعم لا بأس بارتفاع الصوت المفرط في القراءة والاذكار المأتي بها لا بنيّة الجزئية من الصلاة، كما يقع من المنبّهين في صلاة الجماعة.

(مسألة ١٥٣): الأولى تفخيم اللام من لفظ الجلالة والباء والراء من «أكبر».

(مسألة ١٥٤): يجب القيام التام حال تكبيرة الاحرام فاذا تركه عمداً أو سهواً بطلت.

(مسألة ١٥٥): لا يكفي القيام حال المشي فلو جاء بتكبيرة الاحرام ماشياً عمداً بطلت، ولو كان ذلك سهواً فالأحوط وجوباً الاستئناف بعد إتمام الصلاة

١٩٩

أو بعد فعل المبطل.

(مسألة ١٥٦): الأحوط وجوباً الطمأنينة حال تكبيرة الاحرام بحيث يصدق عرفاً أنه مستقر حينها غير مضطرب، ولا يجب المداقّة في ذلك. ولو أخلّ بالطمأنينة عمداً لم يجتزئ بالتكبيرة، وإن كان الأحوط وجوباً فعل المبطل قبل إعادته. أما لو أخل بالطمأنينة سهواً فلا تبطل التكبيرة. كما أنه لو عجز عن الطمأنينة لمرض أو ارتجاجِ مكان لا يقدر على غيره سقطت.

(مسألة ١٥٧): لو شكّ في تكبيرة الاحرام قبل الإتيان بما بعدها وجب الإتيان به، وإن كان ذلك بعد الدخول فيما بعدها - كالقراءة بل الاستعاذة بل دعاء التوجه الاتي في المسألة (١٥٩) - بنى على أنه أتى به.

(مسألة ١٥٨): يجزئ في تكبيرة الافتتاح واحدة، والافضل ثلاث تكبيرات، وأفضل منها خمس، وأفضل منها سبع. ويتحقق الدخول في الصلاة بالاُولى، والزائد عليها مكمّل لفضيلته. ويستحب للإمام في صلاة الجماعة الجهر بواحدة والاسرار بالباقي.

(مسألة ١٥٩): يجوز الإتيان بالتكبيرات ولاءً من غير دعاء. والافضل أن يكبر ثلاثاً ثم يقول: «اللهم أنت الملك الحق لا إله إلا أنت سبحانك إنّي ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي إنّه لا يغفر الذنوب إلا أنت»، ثم يكبر تكبيرتين ثم يقول: «لبيك وسعديك والخير في يديك والشر ليس إليك، والمَهدي من هديت، لا ملجأ منك إلا إليك سبحانك وحنانيك وتباركت وتعاليت سبحانك رب البيت»، ثم يكبر التكبيرتين الاخيرتين ويقول: «وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إنّ صلاتي ونُسُكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك اُمرت وأنا من المسلمين» وهو دعاء التوجه. وإذا اجتزأ بتكبيرة واحدة استُحب له في دعاء

٢٠٠