منهاج الصالحين - العبادات الجزء ١

منهاج الصالحين - العبادات0%

منهاج الصالحين - العبادات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 458

منهاج الصالحين - العبادات

مؤلف: السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 458
المشاهدات: 164447
تحميل: 4418


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 458 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 164447 / تحميل: 4418
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين - العبادات

منهاج الصالحين - العبادات الجزء 1

مؤلف:
العربية

من طعام أو اشباعه.

(مسألة ٤٨): كفارة إفطار قضاء شهر رمضان بعد الزوال إطعام عشرة مساكين لكل منهم مُدّ، فإن عجز عن ذلك صام ثلاثة أيام متتابعة.

(مسألة ٤٩): كفارة إفطار الصوم المنذور المعيّن كفارة الحنث بالنذر، وهي: عتق رقبة مؤمنة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن عجز عن ذلك صام ثلاثة أيام متتابعة.

(مسألة ٥٠): المُدّ يساوي ثمانمائة وسبعين غراماً تقريب، وإذا دفع تسعمائة غرام كان احتياطاً وافي.

(مسألة ٥١): يجب على من أفسد صومه في نهار شهر رمضان الامساك عن المفطرات في بقية النهار، وإذا استعمل المفطر متعمّداً عصى وأثم، لكنه لا تجب عليه الكفارة لذلك، إلا في الجماع فإنه إذا كرّره في نهار شهر رمضان فالأحوط وجوباً الكفارة لكل مرة. كما أنه اذا كان فساد الصوم بالاخلال بالنية فاستعمال المفطر بعده موجب للكفارة اذا كان المفطر مما فيه الكفارة.

(مسألة ٥٢): إذا عجز عن خصال الكفارة الثلاث كفاه الاستغفار، والافضل الأحوط استحباباً أن يضم إليه الصدقة بما يطيق، وإذا استغفر بدلاً عن الكفارة ثم قدر على الكفارة لم يجب دفعه، إلا إذا كانت فترة العجز قصيرة غير معتدّ بها عرف، وان كان الأحوط استحباباً التكفير بعد التمكن مطلق.

(مسألة ٥٣): يجب في الافطار على الحرام كفارة الجمع بين الخصال الثلاث المتقدمة، فمن أفطر على شرب الخمر في نهار شهر رمضان مثلاً وجب عليه عتق رقبة وصوم شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكين.

(مسألة ٥٤): إذا أكره الصائم زوجته الصائمة على الجماع في نهار شهر رمضان كان عليه كفارتان وتعزيران - خمسون سوطاً - فيتحمل كفارتها

٣٤١

والتعزير عنه، ولا فرق في ذلك بين الزوجة الدائمة والمنقطعة، بل الأحوط وجوباً عموم الحكم للامة.

(مسألة ٥٥): إذا كان الزوج مفطراً لعذر فأكره زوجته الصائمة على الجماع لم يتحمل عنها الكفارة وإن كان آثماً بذلك.

(مسألة ٥٦): إذا أفطر عمداً ثم سافر قبل الزوال لم تسقط عنه الكفارة.

(مسألة ٥٧): إذا علم من نفسه أنه قد أفسد صومه وتردد بين ما يجب فيه القضاء والكفارة وما يجب فيه القضاء فقط لم تجب عليه الكفارة.

(مسألة ٥٨): إذا علم أنه أفطر أياماً وجهل عددها اقتصر في الكفارة على القدر المعلوم، فإذا تردّد مثلاً بين عشرة أيام أو عشرين يوماً اقتصر على العشرة فقط. وإذا علم أنه أفطر عمداً وتردد بين أن يكون قد أفطر بالمحلَّل فتجب عليه إحدى الخصال، وبين أن يكون قد أفطر بالمحرَّم فيجب عليه الجمع بين الخصال، جاز له الاكتفاء بإحدى الخصال.

(مسألة ٥٩): إذا علم أنه أفطر في يوم صوم، وتردّد صومه بين أن يكون من شهر رمضان، أو من قضاء شهر رمضان، فإن كان قد أفطر قبل الزوال لم يجب عليه شيء، وإن كان قد أفطر بعد الزوال كفاه إطعام ستين مسكيناً بنيّة ما في الذمة.

(مسألة ٦٠): يجوز التبرع بالكفارة عن الميت، ولا فرق بين أن يكون التكفير بالصوم وأن يكون بغيره. أما الحي فيجوز التبرع عنه بالكفارة إذا كان التكفير بغير الصوم، ولا يجوز التبرع عنه إذا كان التكفير بالصوم.

(مسألة ٦١): تجب المبادرة إلى أداء الكفارة، فإنها بمنزلة التوبة عن المعصية.

(مسألة ٦٢): إطعام الفقير في الكفارة يكون بأمرين:

الأول: إشباعه ولا يشترط فيه مقدار معيّن.

٣٤٢

الثاني: إعطاؤه مُدّ، ويكفي فيه جميع أنواع الطعام، من دون فرق بين التمر، والحنطة، والدقيق، والرز، والماش، وغيره. نعم الأحوط وجوباً في كفارة اليمين وما اُلحق به الاقتصار على الحنطة ودقيقها وخبزه، إذا كان التكفير بالاعطاء، وأما إذا كان بالاشباع فيكفي جميع أنواع الطعام.

(مسألة ٦٣): يجب في كفارة الافطار توزيعها على ستين مسكين، وكذا في سائر الكفارات فإنه لابد من مراعاة العدد، ولا يجزئ إشباع مسكين واحد مرتين أو أكثر، ولا تسليمه مدّين أو أكثر عن كفارة واحدة. نعم إذا تعذر إكمال العدد أجزأ التكرار على فقير واحد، لكن مع التفريق على أيام متعددة.

(مسألة ٦٤): إذا تعددت الكفارة في ذمة المكلف جاز تكرارها على الفقير الواحد بعدده، فإذا كان عليه عشرة كفارات لافطار عشرة أيام مثلاً أجزأه إعطاء ستين مسكيناً لكل مسكين عشرة أمداد.

(مسألة ٦٥): إذا كان للفقير عيال جاز إعطاؤهم وعدّ كلّ واحد منهم واحداً من الستين وإذا كان وكيلاً عنهم أو وليّاً عليهم جاز تسليمه بعددهم، لكن الطعام يكون ملكاً لهم بعد قبضه فلا يجوز له التصرف فيه إلا بإذنهم إذا كانوا كبار، وأما الصغار فيجب صرف حصصهم في مصالحهم.

(مسألة ٦٦): إذا كانت الزوجة فقيرة فإن بذل الزوج لها نفقتها لم يجز أخذها من الكفارة، سواء كان الزوج غنياً أم فقير، وكذا الحكم إذا لم يبذل لها نفقتها ولكنها كانت قادرة على أخذها منه من دون محذور شرعي أو عرفي أو حرج، إلا أن تحتاج إلى نفقة غير لازمة على الزوج فيجوز أخذها من الكفارة، كما يجوز لها ذلك إذا تعذر عليها أخذ نفقتها منه، أو لزم منه محذور أو حرج.

(مسألة ٦٧): إذا ملك الفقير الطعام برئت ذمة المكفِّر، ولا تتوقف براءة

٣٤٣

ذمته على أكله للطعام، وعلى ذلك يجوز للفقير بعد أن تملك الطعام أن يبيعه على المكفِّر وغيره.

(مسألة ٦٨): إذا كان التكفير بالاعطاء والتمليك أجزأ إعطاء المُدّ من الطعام للصغير، أما إذا كان التكفير بالاشباع فلابد من أن يزيد الصغير بقدر فرق ما بين أكلِه وأكلِ الكبير، فإن لم يتيسر ضبط ذلك قام صغيران مقام كبير واحد. ولابدّ من مراجعة ولي الصغير في الحالين.

تتميم: يجب القضاء دون الكفارة في موارد:

الأول: ما مرّ من النوم الثاني وما بعده للجنب حتى يطلع الفجر.

الثاني: إذا أفسد صومه بالاخلال بالنية من دون استعمال المفطرّ أو بالكذب على الله تعالى والنبي والائمة (عليهم السلام)، أو بالاحتقان بالمائع، أو تعمّد القيء، على ما تقدم.

الثالث: إذا نسي غسل الجنابة يوماً أو أيام، على الأحوط وجوب.

الرابع: من استعمل المفطّر في شهر رمضان من دون مراعاة وفحص عن الفجر ثم تبيّن له أنه كان بعد طلوع الفجر، سواءً اعتقد عدم طلوعه أوشك في ذلك. أما إذا كان استعماله للمفطر بعد المراعاة بأن نظر بنفسه إلى الفجر فلم يره، فإنه لا قضاء عليه ولا كفارة. هذا في شهر رمضان، وأما في غيره من الصوم الواجب والمندوب، فيبطل الصوم مطلقاً إذا تبيّن وقوع المفطر بعد الفجر، من دون فرق بين صورة المراعاة وغيره.

ويستثنى من ذلك كلّه استعمال المفطر في أوائل طلوع الفجر بالمقدار اللازم عند الاستمرار بالاكل حتى يؤذّن المؤذن العارف بالفجر، فإنه لا يضر بالصوم مطلق.

٣٤٤

(مسألة ٦٩): إذا علم بعدم رؤية الفجر مع المراعاة، لحجب الاُفق بالسحب، أو لغلبة نور القمر أو الكهرباء، أو نحو ذلك فالظاهر عدم وجوب القضاء لو صادف طلوع الفجر حين استعمال المفطر في شهر رمضان.

(مسألة ٧٠): إذا شك في طلوع الفجر جاز له استعمال المفطر من دون مراعاة، ويبني مع ذلك على صحة الصوم في شهر رمضان وغيره. لكن إذا تبين طلوع الفجر لم يعتد بالصوم ووجب عليه القضاء، كما سبق.

(مسألة ٧١): إذا شك في دخول الليل أو ظن به من دون حجة على دخوله - مع التفاته لاحتمال عدم دخوله - لم يجز له الافطار، وإذا أفطر كما آثماً وعليه القضاء والكفارة، إلا إذا تبيّن أنّه كان بعد دخول الليل فإنه يصح صومه ولا قضاء عليه. أما إذا اعتقد دخول الليل - ولو غفلة لغيم أو غيره - أو قامت الحجة على ذلك فأفطر، ثم تبيّن أنه لم يدخل بعدُ، فيصح صومه ولا قضاء عليه ولا كفارة. من دون فرق في ذلك بين صوم شهر رمضان وغيره.

الخامس: إدخال الماء إلى الفم بمضمضة أو غيرها إذا سبق الماء ودخل إلى جوفه، فإنه يجب عليه القضاء دون الكفارة، إلا إذا كانت المضمضة لوضوء الفريضة فإنه لا قضاء. وأما إذا كان الوضوء لنافلة فيجب القضاء، وأما إذا كان إدخال الماء لغرض معتد به غير الوضوء - كقطع الدم - فالامر لا يخلو عن إشكال والأحوط وجوباً القضاء.

(مسألة ٧٢): إذا ادخل الصائم الماء لفمه بمضمضة او غيرها ثم نسي الصوم فابتلعه لم يبطل صومه.

(مسألة ٧٣): لا فرق في جميع ما تقدم في الامر الخامس بين صوم شهر رمضان وغيره.

السادس: سبق المني بملاعبة ونحوها مما يثير الشهوة إذا كان واثقاً بعدم خروج المني بذلك، فإنه يجب عليه القضاء دون الكفارة، كما تقدم.

٣٤٥

الفصل الخامس

في شروط صحة الصوم

يشترط في صحة الصوم اُمور:

الأول: الإسلام، بل الايمان، فلا يصح الصوم من الكافر والجاحد لولاية أهل البيت(عليه السلام)، وإذا أسلم الكافر في أثناء النهار لم يصح صومه حتى في غير شهر رمضان، وكذا الحكم في الجاحد للولاية.

الثاني: العقل، فلا يصح الصوم من المجنون، وإذا ارتفع جنونه فجدد النية قبل الزوال فالأحوط وجوباً عدم صحة صومه، حتى في غير شهر رمضان.

الثالث: الخلوّ من الحيض والنفاس في تمام النهار، فلا يصح الصوم من المرأة إذا فاجأها الحيض أو النفاس في النهار، وهكذا إذا طهرت منهما في أثناء النهار.

(مسألة ٧٤): الأحوط وجوباً عدم الاعتداد بالصوم مع طروء السكر أو الاغماء حتى مع نيّة الصوم قبلهم.

الرابع: عدم السفر سفراً يجب فيه قصر الصلاة، ويستثنى من ذلك موردان:

أحدهما: صوم ثلاثة أيام في الحج من العشرة أيام التي تجب على المتمتع بالحج إذا لم يجد الهدي، على ما يذكر مفصلاً في كتاب الحج.

ثانيهما: صوم النذر المشروط إيقاعه في السفر أو المنوي تعميمه للسفر والحضر، فإنه يجب الوفاء به في السفر، ولو كان حين النذر حاضر.

(مسألة ٧٥): يجب على من أفاض من عرفات في الحج قبل الغروب أن يكفّر ببدنة - وهي البعير - فإن لم يجد صام ثمانية عشر يوم، وقيل: له إيقاعها في السفر، ولكنه لا يخلو عن إشكال، والأحوط وجوباً عدم إيقاعه في السفر.

٣٤٦

(مسألة ٧٦): الاقوى عدم مشروعية الصوم المندوب في السفر، إلا صوم الاربعاء والخميس والجمعة في ضمن عمل خاص لقضاء الحاجة في المدينة المنورة.

(مسألة ٧٧): إذا لم يعلم بحرمة الصوم في السفر فصام صح صومه. وإن علم في الاثناء بطل صومه. ولا يلحق الناسي بالجاهل، فإنه لا يصح منه الصوم في السفر مطلقاً على الأحوط وجوب.

(مسألة ٧٨): يصح الصوم من المسافر إذا كان حكمه التمام في الصلاة كناوي الاقامة والمسافر سفر معصية ونحوهم.

الخامس: عدم المرض الذي يضرّ به الصوم، فلا يصح الصوم من المريض الذي يضرّ به الصوم، سواء أكان الضرر بشدة المرض أم طول فترة علاجه، كل ذلك بالمقدار المعتدّ به عرف، كما أنه لا يصح الصوم من الصحيح إذا كان موجباً لحدوثِ مرض له. أما المريض الذي لا يضرّ الصوم بمرضه فيصح منه الصوم ويجب عليه.

(مسألة ٧٩): الضعف المؤقت ليس مرضاً ولا مسوّغاً للافطار وإن كان شديد، إلا أن يكون تحمّله حرجياً فيجوز به الافطار. نعم إذا لزم استحكام الضعف المعتدّ به بحيث لا يزول بمضي أيام الصوم أو يحتاج إلى علاج طويل فهو نوع من المرض المسوّغ للافطار.

(مسألة ٨٠): إذا لم يطق المكلف الصوم إلا بترك العمل اللازم لمعاشه، فإن أمكن تهيئة المعاش بدونه باستيهاب أو دين أو غيرهما من دون حرج لزم ووجب الصوم، وإلا جاز الافطار. نعم إذا لم يستلزم من الصوم مع العمل إلا العطش الذي لايُتحمّل عادةً وجب الصوم، وكان له شرب الماء بحيث يرفع ضرورته ولا يرتوي، ويصح صومه فلا يجب عليه القضاء.

(مسألة ٨١): إذا اعتقد المكلف أن الصوم لا يضر به فصام فتبين كونه مضراً صحّ صومه، أما إذا صام مع اعتقاد الضرر أو خوفه فإن صادف تحقق الضرر

٣٤٧

بطل صومه، وإن صادف عدم تحققه وأمكنه قصد القربة - لعدم كون الضرر المحتمل بمرتبة يحرم الوقوع فيها أو للجهل بحرمة الصيام حينئذٍ - صح صومه.

(مسألة ٨٢): قول الطبيب العارف غير المتهم حجةٌ يصح الاعتماد عليه في إثبات الضرر وإن لم يحصل من قوله الخوف، إلا مع العلم أو الاطمئنان بخطئه، وأما إذا أخبر بعدم الضرر فمع عدم حصول الخوف بالضرر لاإشكال في وجوب الصوم، وأما مع حصول الخوف بالضرر فالظاهر جواز الافطار، إلا أن يكون الخوف غير عقلائي فلا اعتبار به حينئذٍ.

(مسألة ٨٣): إذا برئ المريض من مرضه قبل الزوال، فإن لم يستعمل المفطر ولم يكن عاصياً بإمساكه فالأحوط وجوباً له تجديد النية ثم القضاء. نعم إذا انكشف بامساكه أنّه لم يكن يضره الصوم في بعض النهار صح صومه ولم يحتج إلى القضاء.

(مسألة ٨٤): يصح الصوم من الصبي، كغيره من العبادات. ويستحب تمرينه عليه ولو بتبعيض الصوم حسب طاقته.

(مسألة ٨٥): لا يصح الصوم المندوب ممن عليه قضاء شهر رمضان عن نفسه، بخلاف ما إذا كان مستأجراً عن غيره في القضاء أو كان عليه غير قضاء شهر رمضان من أقسام الصوم الواجب، كصوم الكفارة والنذر فإنه يصح منه الصوم المندوب.

(مسألة ٨٦): يجوز لمن عليه قضاء شهر رمضان أن يكون أجيراً عن غيره في الصوم المندوب والواجب، وله أداؤهما حينئذٍ، نعم يشكل أن يؤدي عن غيره الصوم المندوب أو الواجب من دون عقد اجارة حتى مع الجعالة.

(مسألة ٨٧): يشترط في وجوب صوم شهر رمضان البلوغ، والعقل، والحضر، وعدم المرض، والخلو من الحيض والنفاس. ويلحق بصوم شهر رمضان في ذلك قضاؤه والصوم المنذور. أما صوم الاستئجار فلا يشترط

٣٤٨

في وجوبه غير البلوغ والعقل، وعلى هذا فإذا آجر المكلف نفسه لصوم شعبان مثلاً لم يجز له السفر، ولا إيقاع نفسه في المرض، ولا إيقاع المرأة نفسها في الحيض والنفاس بالوجه الخارج عن المتعارف. أما صوم شهر رمضان وما اُلحق به فلا يمنع من ذلك كله.

(مسألة ٨٨): إذا صام الصبي تطوّعاً ثم بلغ في أثناء النهار لم يجب عليه الاتمام وإن كان هو الأحوط استحباب.

(مسألة ٨٩): إذا سافر الصائم بعد الزوال بقي على صومه، وكذا إذا بدا له بعد الفجر أن يسافر. أما إذا نوى السفر من الليل وسافر قبل الزوال فلا يصح منه الصوم.

(مسألة ٩٠): إذا دخل المسافر بلده قبل الزوال ولم يكن قد استعمل المفطر وجب عليه تجديد نيّة الصوم ويصح منه، وكذا إذا نوى الاقامة قبل الزوال في سفره. وأما إذا دخل بلده أونوى الاقامة في سفره بعد الزوال، أو كان قد استعمل المفطّر قبل الدخول لبلده أو قبل نيّة الاقامة فلا يصح منه الصوم، وإن كان الأحوط استحباباً له الامساك إلى الغروب.

(مسألة ٩١): لا يجوز لمن عزم على السفر أن يفطر في بلده، بل لا يجوز له الافطار إلا بعد الوصول لحدّ الترخص، وإذا أفطر قبل ذلك عالماً بالحرمة وجبت عليه الكفارة.

(مسألة ٩٢): المدار في كون السفر قبل الزوال أو بعده على الخروج من البلد، لا الخروج من حدّ الترخص. فمن نوى السفر من الليل إذا خرج من بلده قبل الزوال أفطر، وإن كان خروجه من حدّ الترخص بعد الزوال.

(مسألة ٩٣): يجوز السفر في شهر رمضان، ولو للفرار من الصوم، ولكنه مكروه وترتفع الكراهة في السفر لحج، أو عمرة، أو غزو في سبيل الله، أو في سبيل

٣٤٩

مال يخاف تلفه، أو أخ يخاف هلاكه، أو أخ يريد توديعه، أو كل حاجة لابدّ منه. كما تخفّ الكراهة في السفر بعد مضي ثلاث وعشرين ليلة من شهر رمضان.

(مسألة ٩٤): يجوز السفر لمن عليه قضاء شهر رمضان، أو صوم منذور وإن تضيق وقتهم، كما أن من كان مسافراً لا يجب عليه نيّة الاقامة أو العود إلى بلده من أجل تحقيق الصوم المذكور، نعم في بقية أقسام الصوم لا يجوز السفر إذا كان مفوّتاً للصوم، كما يجب على المسافر نيّة الاقامة إذا توقف عليها تحقيق الصوم.

(مسألة ٩٥): يجوز للمسافر في شهر رمضان الجماع، والتملّي من الطعام والشراب في النهار على كراهة في الجميع، بل الأحوط استحباباً ترك ذلك، ولاسيّما الجماع.

الفصل السادس

في من يرخَّص في الافطار

وردت الرخصة في الافطار لاشخاص:

الأول والثاني: الشيخ والشيخة إذا كان الصوم حرجاً أو متعذراً عليهم، وعليهما الفدية عن كل يوم بمدّ، ولا قضاء عليهم. نعم يشرع لهما الصوم مع القدرة وعدم الضرر، بل هو أفضل.

الثالث: ذو العطاش، ويجري عليه حكم الشيخ والشيخة، والمراد به من به داء العطش. أما من يعطش اتفاقاً من دون مرض فلا يشرع له الافطار، بل يشرب بقدر ضرورته ويبقى على الصوم، كما تقدم في المسألة (٤٣) في الفصل الثالث.

الرابع: الحامل المقرب إذا كان الصوم مجهداً لها - بسبب طبيعة الحمل - من دون أن يضرّ بها أو بحمله، فإنه يسوغ لها الافطار وعليها الفدية

٣٥٠

عن كل يوم بمُدّ مع القضاء، فإن فرّطت في القضاء في أثناء السنة وجبت عليها فدية اُخرى. على ما يأتي تفصيله في الفصل الثامن في أحكام القضاء.

(مسألة ٩٦): إذا أضر الصوم بالحامل أو بحملها وجب عليها الافطار والقضاء في أثناء السنة من دون فدية، فإن لم تقضِ في السنة وجبت عليها الفدية، من غير فرق بين الحامل المقرب وغيره.

الخامس: المرضعة إذا أضر الصوم بلبنها بحيث يقلّ جد، أو ينقطع ولا يعود بعد - كما هو الغالب - فإنه يجوز لها الافطار، وتجب عليها الفدية والقضاء، فإن لم تقض حتى جاء رمضان الاخر وجبت عليها فدية اُخرى، على ما يأتي في الفصل الثامن في أحكام القضاء. هذا كله إذا حل لها الصوم، لعدم لزوم محذور من قلة اللبن، أما إذا حرم عليها الصوم فليس عليها إلا القضاء، ولا تجب عليها الفدية إلا إذا لم تقض، وذلك إذا لم يمكن أن يستغني عنها رضيعها وتعذّر عليها الجمع بين الرضاع والصوم، إما لانه يضرّ به، أو لانه يضرّ بلبنها مؤقتاً فيضرّ برضيعه.

(مسألة ٩٧): لا يجزئ الاشباع عن المدّ في الفدية في المقام وغيره، بل يختص الاشباع بالكفارة.

(مسألة ٩٨): الفدية هي التصدق عن كل يوم بمد على الفقير، والافضل مدّان، وأن يكونا من الحنطة.

٣٥١

الفصل السابع

في ثبوت الهلال

يثبت الهلال باُمور:

الأول: العلم الحاصل من الرؤية، أو التواتر، أو الشياع، أو مضي ثلاثين يوماً من الشهر الماضي، فيثبت هلال شهر رمضان بمضي ثلاثين يوماً من شهر شعبان، ويثبت هلال شوال بمضي ثلاثين يوماً من شهر رمضان.

الثاني: شهادة العدلين برؤيتهما له، إذا لم يكن هناك ما يوجب الريب في صدقهما ويكون أمارة عرفاً على خطئهم.

الثالث: رؤيته قبل الزوال، فإنه لو حصل - ولو نادراً - يبني على أن الهلال لليلة الماضية وأن يوم رؤيته أول الشهر.

(مسألة ٩٩): لا يشترط في ثبوت الهلال بشهادة العدلين أن يشهدا عند الحاكم الشرعي، بل كل من علم بشهادتهما يجوز له الاعتماد عليهم.

(مسألة ١٠٠): وجود الهلال في بلد يوجب دخول الشهر فيه وفي جميع البلدان الغربية بالاضافة إليه، بل وكذا في البلاد الشرقية بالاضافة إليه، إذا كان البلد الذي ظهر فيه الهلال من بلدان العالم القديم - وهو القارات الثلاث آسي، أفريقي، اُوربا - دون بلاد الامريكيتين، فإن ظهور الهلال فيها لا يوجب ثبوت الشهر في بلدان العالم القديم. نعم وجود الهلال في بعض بلدانها يكفي في دخول الشهر في بقية بلدانه.

(مسألة ١٠١): لا يثبت الهلال بشهادة النساء، ولا بشهادة العدل الواحد

٣٥٢

ولو انضمّ إليها اليمين، ولا بقول المنجمين، ولا بشهادة العدلين إذا لم يشهدا بالرؤية بل استندت شهادتهما إلى الحدس، كما لا يثبت بتطوّق الهلال، ولا بغيبوبته بعد الشفق أنّه لليلة ثانية، ولا بغير ذلك.

الفصل الثامن

في أحكام قضاء شهر رمضان

وبقية أحكام الصوم

(مسألة ١٠٢): لا يجب قضاء ما فات من الصيام في زمن الصب، أو في حال الجنون أو الاغماء، أو الكفر الاصلي، ويجب قضاء ما فات من الصيام لحيض، أو نفاس، أو نوم، أو سكر، أو مرض أو غير ذلك. والأحوط وجوباً قضاء ما فات الكافر المرتد حال ارتداده.

(مسألة ١٠٣): المخالف إذا استبصر فإن كان قد صام على طبق مذهبه أو مذهب غيره مع تأتّي قصد القربة منه ولو تقصير، فلا يجب عليه إعادته. نعم إذا لم يصم قبل استبصاره وجب عليه القضاء.

(مسألة ١٠٤): إذا شك في أنه هل صام يوماً من شهر رمضان أو أكثر، أو لم يصم بنى على انّه قد صام. نعم إذا رجع شكه إلى احتمال كونه مسافراً أو مريض، وكان مسبوقاً بالسفر أو المرض فالأحوط وجوباً قضاء ما يشك في أدائه. بخلاف ما إذا لم يكن مسبوقاً بالسفر أو المرض، فإنه يبني على أنه قد صام ولا يجب القضاء. وهكذا إذا علم أنّه قد فاته الصيام وشكّ في عدد الايام الفائتة فإنه يبني على الاقل، إلا إذا رجع شكه إلى الشك في السفر أو المرض فيأتي التفصيل المتقدم.

٣٥٣

(مسألة ١٠٥): لا يجوز تأخير قضاء شهر رمضان عن شهر رمضان اللاحق، وإذا أخّره مع القدرة عليه أثم ووجبت عليه الفدية ويبقى في ذمته، لكن يكون موسّعاً إلى آخر العمر.

(مسألة ١٠٦): إذا كان عليه أيام من شهر رمضان معيّن لا يجب الترتيب بينها في القضاء، ولا التعيين، بل لو عيّن لم يتعين، وكذا إذا كان عليه أيام من أشهر متعددة.

(مسألة ١٠٧): إذا كان عليه قضاء شهر رمضان من سنته - التي تجب المبادرة إليها - وقضاء شهر رمضان من سنة سابقة - لا تجب المبادرة إليها - لم يقع عن خصوص أحدهما إلا بقصده وتعيين الصوم له. ومع عدم التعيين يصح الصوم، وتبرأ ذمته بالمقدار الذي أتى به، من دون أن يتعين لاحدهم، وحينئذٍ لا تفرغ ذمته من كل من الشهرين - السابق واللاحق - إلا بالإتيان بما يستوعبهما مع.

(مسألة ١٠٨): إذا وجبت المبادرة لاحد الصومين دون الاخر، فصام الذي لا تجب المبادرة إليه دون الذي تجب المبادرة اليه صح صومه وأثم بتأخيره لما تجب المبادرة له.

(مسألة ١٠٩): لا ترتيب بين صوم القضاء وغيره من أقسام الصوم الواجب كالكفارة والنذر، فله تقديم أيهما شاء.

(مسألة ١١٠): إذا لم يصم المكلف لمرض، أو حيض، أو نفاس، ومات في أثناء السنة قبل أن يتمكن من القضاء لم يجب القضاء عنه.

(مسألة ١١١): من فاته شهر رمضان لعذر واستمر به العذر إلى شهر رمضان الثاني، فله صورتان:

الاُولى: أن يفطر للعذر الاضطراري كالمرض، والحيض، والنفاس، والسفر الذي يضطر إليه - ويستمر معذوراً بعذر اضطراري أيضاً - وحكمها سقوط القضاء ووجوب الفدية بدله، نعم يستحب القضاء بعد ذلك. ولا فرق

٣٥٤

في الحكم المذكور بين استمرار عذر واحد كالمرض، وتعاقب أعذار متعددة. إذ المدار على تعذّر القضاء في أثناء السنة.

الثانية: أن يفطر للعذر الاختياري كالسفر الاختياري، وكالحامل المقرِب والمرضعة القليلة اللبن إذا لم يضرّ بهما الصوم ولا بولدهما - حيث يجوز لهما الافطار ولا يجب، كما تقدم - وحكمها بقاء وجوب الصوم في السنين اللاحقة على الأحوط وجوباً ووجوب الفدية. وكذا الحال إذا افطر لعذر اضطراري واستمر به العذر الاختياري او تخلل في أثناء السنة.

(مسألة ١١٢): من تمكن من القضاء في أثناء السنة ولم يقضِ تهاوناً ولو بتخيّل استمرار القدرة عليه فعجز حتى دخل شهر رمضان الثاني، ثبت القضاء في ذمته، ووجبت عليه الفدية - بمُدّ من طعام لكل يوم - لتركه المبادرة إلى القضاء في أثناء السنة. ولا فرق في ذلك بين أن يكون وجوب القضاء بسبب الافطار عصيان، أو لعذر من سفر وغيره. وعلى هذا فمن تعمّد الافطار سنين متعددة وجب عليه القضاء وكفارة الافطار والفدية لتركه القضاء في أثناء السنة.

(مسألة ١١٣): إذا أخر قضاء شهر رمضان واحد سنين متعددة لم يجب عليه إلا فدية واحدة للسنة الاُولى.

(مسألة ١١٤): يجوز للمكلف في قضاء شهر رمضان الافطار قبل الزوال مع سعة وقت القضاء، ويحرم مع ضيق الوقت، لكن لا كفارة فيه. أما الافطار بعد الزوال فلا يجوز له مطلقاً حتى مع سعة وقت القضاء، وقد تقدم أن فيه الكفارة.

(مسألة ١١٥): يحرم الافطار بعد الزوال في كل صوم وجب بعنوان كونه صوم، كصوم عشرة أيام بدل الهدي، وصوم الكفارة المرتّبة، لكن لا تجب فيه الكفارة. كما أنه يجوز فيه الافطار قبل الزوال. أما الصوم المنذور الموسع والاجارة ونحوهما مما وجب بعنوان آخر غير الصوم فيجوز فيه الافطار متى

٣٥٥

شاء. وكذا الحال في صوم الكفارة المخيّرة والصوم المندوب.

(مسألة ١١٦): يجوز إعطاء فدية أيام متعددة من شهر واحد، ومن شهور متعددة إلى فقير واحد.

(مسألة ١١٧): تجب فدية شهر رمضان على الشخص نفسه، ولا يتحمّلها عنه المعيل به، ولا من وجبت نفقته عليه، فلا يتحملها الزوج عن زوجته ولا الاب عن ولده.

(مسألة ١١٨): لا تجزئ القيمة في الفدية، بل لابدّ من إعطاء الطعام إلى الفقير، وكذا الحكم في الكفارات، نعم تفترق الكفارات في الاجتزاء فيها بالاشباع، ولا يجزئ ذلك في الفدية.

(مسألة ١١٩): إذا انشغلت ذمة الرجل بصوم فمات قبل الإتيان به وجب على وليه قضاؤه عنه، سواء فاته تسامحاً أم لعذر يجب معه القضاء، نعم لابدّ من كون الميت عازماً قبل موته على القضاء وإن لم يقضِ تسويف. أما إذا كان متمرّداً غير عازم عليه فالظاهر عدم وجوب القضاء عنه. كما لا يجب القضاء عن المرأة.

(مسألة ١٢٠): إذا فاته ما لا يجب قضاؤه لم يجب على وليّه القضاء.

(مسألة ١٢١): المراد بالولي هو الوارث الذكَر، من دون فرق بين طبقات الميراث. ولا يجب القضاء على الاناث، وقد تقدم في قضاء الصلاة بعض الفروع المتعلقة بذلك فإنهما من باب واحد.

(مسألة ١٢٢): القاضي عن غيره لا يلحقه حكم القضاء عن نفسه، فيجوز له الافطار متى شاء، إلا أن يكون القضاء واجباً عليه ويتضيق وقته، فيحرم عليه الافطار حينئذٍ قبل الزوال وبعده، لكن لا كفارة فيه.

٣٥٦

(مسألة ١٢٣): يجب التتابع في صوم الشهرين من كفارة الجمع وكفارة التخيير، ويكفي في حصوله صوم الشهر الأول ويوم من الشهر الثاني من دون فصل، ثم له بعد ذلك إتمام الشهر الثاني مع تخلل الافطار. ويستثنى من ذلك كفارة القتل في الحرم أو في الشهر الحرام، فإنه يجب فيها صوم شهرين من الاشهر الحرم متتابعين تتابعاً تامّاً من دون فصل في الافطار. حتى في يوم عيد الاضحى، ويستثنى من ذلك حرمة صوم العيد.

(مسألة ١٢٤): إذا شرع في الصوم الذي يجب فيه التتابع ثم اضطر للافطار لعذر طارئ، لم يضرّ ذلك في التتابع، فإذا ارتفع العذر رجع إلى الصوم حتى يتمّ له العدد المعتبر من دون حاجة لاعادة ما أتى به قبل طروء العذر، ولا فرق في العذر بين مالا يكون بفعله كالحيض، وما يكون بفعله كالسفر المضطرّ إليه، نعم في غير الحيض لابدّ من كون العذر مانعاً من الصوم عرف، لا مانعاً من التتابع من دون أن يمنع من أصل الصوم، كما لو ابتلي بمرض لا يتمكن معه من الاستمرار في الصوم أكثر من عشرة أيام، أو كان قد نذر أن يصوم كل خميس أو نحوهم. فإن الظاهر تعذّر التكفير بالصوم حينئذٍ.

(مسألة ١٢٥): إذا نذر صوم شهرين متتابعين لزم التتابع التام، إلا أن يكون قصد الناذر التتابع الشرعي فيجزئ ما تقدم من التتابع في شهر ويوم ثم جواز التفريق اختيار. نعم مع إطلاق النذر لا يضرّ بالتتابع الافطار عن عذر فيمضي في صومه بعد ارتفاع العذر حتى يتم الشهرين، إلا أن ينص الناذر على عدم الاجتزاء بذلك بحيث يرجع نذره إلى نذر استئناف الصوم بعد ارتفاع العذر.

(مسألة ١٢٦): إذا نذر صوم شهر متتابعاً أجزأه أن يصوم خمسة عشر يوماً متتابع، ثم يفرّق الباقي إن شاء. ولا يضرّ بتتابع الخمسة عشر يوماً الفصلُ بعذر قاهر.

(مسألة ١٢٧): إذا وجب عليه صوم متتابع لا يجوز له أن يبدأ به في وقت

٣٥٧

يعلم بفصل التتابع بالعيد أو أيام التشريق لمن كان في منى، وكذا الحكم مع الشك في ذلك، بل هو الأحوط وجوباً مع الغفلة عن ذلك، فإذا صام غفلةً واتفق تخلّل العيد لزمه الاستئناف على الأحوط وجوب. ويستثنى من ذلك صوم ثلاثة أيام بدل الهدي إذا شرع فيها يوم التروية وعرفة، فإن الأحوط وجوباً أن يأتي باليوم الثالث بعد العيد، أو بعد أيام التشريق لمن كان بمنى، أما إذا شرع يوم عرفة فيجب عليه الاستئناف بعد العيد وأيام التشريق.

(مسألة ١٢٨): إذا نذر أن يصوم شهراً أو أياماً معدودة، فلا يجب فيها التتابع إلا إذا اشترط ذلك صريح، أو كان النذر منصرفاً إليه.

(مسألة ١٢٩): إذا نذر صوماً متتابعاً ففاته، فالظاهر عدم وجوب التتابع في قضائه، وإن كان هو الأحوط استحباب. وأظهر من ذلك ما إذا لم يؤخذ التتابع قيداً في المنذور، بل كان لازماً له خارجاً كما لو نذر صوم شهر معين كصوم شهر رجب فلا يجب التتابع في قضائه.

(مسألة ١٣٠): الصوم من المستحبات المؤكدة، وقد تقدم في أول الكتاب بيان فضله، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «من صام يوماً تطوّعاً ابتغاء ثواب الله وجبت له المغفرة». ويستحب في كل وقت عدا الايام التي يأتي حرمة صومه. والمؤكد منه صوم ثلاثة أيام من كل شهر، والافضل في كيفيتها صوم أول خميس من الشهر وآخر خميس منه وأول أربعاء من العشر وسط الشهر، وصوم يوم الغدير فإنه يعدل مائة حجة ومائة عمرة مبرورات متقبلات، ويتأكد أيضاً صوم يوم المولد النبوي الشريف - وهو اليوم السابع عشر من شهر ربيع الأول - ويوم مبعثه (صلى الله عليه وآله وسلم) - وهو اليوم السابع والعشرون من شهر رجب - ويوم دحو الارض - وهو الخامس والعشرون من ذي القعدة - ويوم عرفة لمن لا يضعفه الصوم عن الدعاء مع عدم الشك في الهلال، ويوم

٣٥٨

المباهلة - وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة - وتمام شهر رجب، وتمام شعبان، وبعض كل منهما على اختلاف الايام في الفضل، ويوم النيروز، وأول يوم من محرّم، وثالثه، وسابعه، وكل خميس وكل جمعة إذا لم يصادفا عيد.

(مسألة ١٣١): يكره الصوم في موارد:

الأول: صوم يوم عرفة لمن يخاف أن يضعفه عن الدعاء، أو كان الهلال مشكوكاً بحيث يحتمل كونه عيد.

الثاني: صوم الضيف نافلة بدون إذن مضيّفه.

الثالث: صوم الولد نافلة بدون إذن والده.

(مسألة ١٣٢): يحرم صوم العيدين وأيام التشريق لمن كان بمنى، ولو بعض النهار على الأحوط وجوب. ويستثنى من ذلك من وجب عليه صوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم، وهو من قَتل في الاشهر الحرُم، أو في الحرَم، فإنه يجب فيه التتابع التام وإن استلزم صوم الايام المذكورة. ويحرم أيضاً صوم يوم الشك على أنه من شهر رمضان. وصوم نذر المعصية بأن ينذر الصوم شكراً على فعل حرام، أو ترك واجب، أما إذا نذر الصوم ليكون تثبيطاً له عن الحرام وزاجراً له عن المعصية فلا بأس به، بل يجب الوفاء به حينئذٍ، ويحرم صوم الوصال، وهو صوم الليل والنهار، ولا بأس بتأخير الافطار في الليلة إلى اليوم الثاني إذا لم يكن عن نيّة الصوم، والأحوط استحباباً اجتنابه.

(مسألة ١٣٣): الأحوط استحباباً للزوجة أن لا تصوم إلا باذن الزوج إذا لم يناف حقه، وأما إذا نافى حقه فلا يجوز لها الصوم.

ونسأله تعالى التوفيق والسداد، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

والحمد لله رب العالمين

٣٥٩

خاتمة

في الاعتكاف

وهو التعبد لله تعالى باللبث في المسجد والمكث فيه. والأحوط استحباباً أن يكون بقصد عبادة اُخرى من صلاة أو قراءة أو ذِكر أو دعاء.

والكلام فيه يكون في ضمن فصول:

الفصل الأول

في شروطه

يشترط في الاعتكاف - مضافاً إلى الايمان والعقل - اُمور:

الأول: النية، وهي قصد المكث في المسجد وعدم الخروج منه إلا لحاجة بما أنه عبادة خاصة، وأن يكون ذلك قربة لله تعالى، كسائر العبادات على النحو المعتبر فيه. وآخر وقتها عند طلوع الفجر. ويشكل تقديمها في الليل إذا نوى أنه سيكون معتكفاً عند طلوع الفجر، بل الأحوط وجوباً حينئذٍ تجديد النية. نعم إذا نوى في الليل الاعتكاف المشروع على إجماله من أثناء الليل أو عند الفجر أجزأه ذلك ولا يضرّه الغفلة أو النوم حين طلوع الفجر.

(مسألة ١٣٤): لا يجوز العدول من اعتكاف لاخر اتفقا في الوجوب أو الندب أو اختلف، سواء كانا معاً عن نفسه أم عن غيره أم مختلفين.

الثاني: الصوم، فلا يصح بدونه، ويترتب على ذلك أنه لا يصح في زمان

٣٦٠