منهاج الصالحين - العبادات الجزء ١

منهاج الصالحين - العبادات0%

منهاج الصالحين - العبادات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 458

منهاج الصالحين - العبادات

مؤلف: السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 458
المشاهدات: 166408
تحميل: 4607


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 458 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 166408 / تحميل: 4607
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين - العبادات

منهاج الصالحين - العبادات الجزء 1

مؤلف:
العربية

(مسألة ١١٨): لا يجوز للهاشمي أن يأخذ فطرة غير الهاشمي وإن كانت مستحبة، كفطرة الفقير.

(مسألة ١١٩): المعيار في الهاشمي الذي يجوز للهاشمي أخذ فطرته على المعيل دون العيال، فإذا كان المعيل هاشميّاً والعيال غير هاشمي جاز للهاشمي أخذُ فطرته، وإن كان الأحوط استحباباً الترك.

(مسألة ١٢٠): يجوز للمالك دفعها بنفسه وبوكيله، ومنه الدفع للحاكم الشرعي ليصرفها في مصارفه، نظير ما تقدم في زكاة المال.

(مسألة ١٢١): الأحوط وجوباً أن لا يدفع للفقير أقل من صاع. ويجوز أن يدفع له صاعاً وكسر، بأن يقسّم ثلاثة أصوع على رجلين مثل.

(مسألة ١٢٢): يستحب تقديم الارحام والجيران. وينبغي الترجيح بالعلم والدين والفضل، نظير ما تقدم في زكاة المال التي تشاركها الفطرة في بقية الاحكام المتقدمة.

والحمد لله رب العالمين

٤٠١

كتاب الخمس

وهو حق فرضه الله تعالى له ولرسوله الامين (صلى الله عليه وآله وسلم) ولاله الطاهرين (عليهم السلام)، ولبني هاشم عشيرته الاقربين، عوضاً عما منعهم منه من صدقات الناس وأوساخهم، كرامةً لهم، ورفعاً لشأنهم، وتشريفاً لمقامهم، وحفظاً لحق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيهم.

فعلى المؤمنين أعزهم الله تعالى الاهتمام بأداء هذا الحق، كي لا يعدّوا في عداد الظالمين لاهله المعتدين عليهم، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «إن أشد ما فيه الناس يوم القيامة إذا قام صاحب الخمس فقال:يارب خمسي». وبذلك طهارة المؤمنين، وحلّ أموالهم، ونماء أرزاقهم، فعنه (عليه السلام) أنه قال: «إني لاخذ من أحدكم الدرهم وإني لمن اكثر أهل المدينة مال، ما اُريد بذلك إلا أن تطهرو».

وعن الإمام الكاظم (عليه السلام) أنه قال: «والله لقد يسّر الله على المؤمنين أرزاقهم بخمسة دراهم جعلوا لربهم واحداً وأكلوا أربعة أحلاء، ثم قال: هذا من حديثنا صعب مستصعب لا يعمل به ولا يصبر عليه إلا ممتحن قلبه للايمان».

وعن الإمام الرضا (عليه السلام) في كتاب كتبه في أمر الخمس «..فلا تزووه عن، ولا تحرموا أنفسكم دعاءنا ما قدرتم عليه، فإن إخراجه مفتاح رزقكم وتمحيص ذنوبكم وما تمهدون لانفسكم ليوم فاقتكم، والمسلم من يفيء لله بما عهد إليه، وليس المسلم من أجاب باللسان وخالف بالقلب».

٤٠٢

مقدمة

المعيار في ثبوت الخمس الملك والاستفادة الشخصية، فلا يثبت في الاموال العامّة ولا في الاموال غير المملوكة من المباحات الاصلية أو المتعينة للجهات العامة أو الخاصة من دون أن تملك. وإنما يثبت في الاموال المملوكة لاشخاص بأعيانهم، من دون فرق بين الملكية الاختيارية كحيازة المباحات والهبة، والقهرية كبعض صور الميراث والوقف والوصية. كما لا يعتبر التكليف في من يجب في ماله الخمس، فيثبت الخمس في مال الطفل والمجنون، ويتولى إخراجه الولي.

وحيث ظهر ذلك، فالبحث في المقام في فصلين..

الفصل الأول

فيما يجب فيه الخمس

وهو اُمور:

الأول: الغنائم المنقولة المأخوذة بالحرب من الكفار الذين يحلّ قتالهم إذا كان بإذن الإمام. أما إذا لم يكن بإذنه، فإن كان الإمام مبسوط اليد ولم يكن القتال واجباً فالغنيمة كلها للإمام، وإن لم يكن الإمام مبسوط اليد - ولو لغيبته - فيجب في الغنيمة الخمس لا غير. وكذا إذا وجب القتال على المسلمين من دون إذنه، كما في القتال دفاعاً عند تعذّر استئذانه، فإنه لا يجب في الغنيمة - حينئذٍ - إلا الخمس.

(مسألة ١): ما يؤخذ من الكافر الحربي من غير قتال لا يجب فيه الخمس،

٤٠٣

إلا أن يزيد على مؤنة السنة، على النحو الاتي في الامر السابع مما يجب فيه الخمس.

الثاني: المعدن، كالذهب والفضة والرصاص والحديد والنحاس والالمنيوم وغيرها من الفلزات. ومنه أو يلحق به النفط والكبريت والملح ونحوها مما يخرج من الارض ويباينها عرف. وأما مثل العقيق والفيروزج والياقوت ونحوها من الاحجار الكريمة فإلحاقها به لا يخلو عن إشكال، وإن كان هو الأحوط وجوب. نعم لا يلحق به الجص والنورة وحجر الرحى وطين الغَسل ونحوها مما كان له خصوصية ينتفع بها ويرغب فيها من دون أن يخرج عن اسم الارض، بل يملكها آخذها من دون خمس إلا أن تزيد على مؤنة السنة.

(مسألة ٢): يشترط في ثبوت الخمس في المعدن بلوغ ما يخرج منه من موضع واحد بعد استثناء مؤنة الاخراج قيمة عشرين مثقالاً من الذهب، وهي تقارب: خمسة وثمانين غرام.

(مسألة ٣): إذا اُخرج المعدن من محل واحد على دفعات كفى في ثبوت الخمس بلوغ المجموع النصاب، إذا صدق على المجموع عرفاً أنه إخراج واحد لتقارب الدفعات. أما مع بُعد الفاصل بين الدفعات بحيث يصدق تعدد الاخراج فيلزم في وجوب الخمس في كل إخراج بلوغه النصاب، ولا يكفي بلوغ المجموع النصاب.

(مسألة ٤): المعدن تابع للارض التي هو فيه، فإن كانت مملوكة كان لمالكه، ولا يجوز لغيره إخراجه إلا بإذنه أو إذن وليه، وإذا أخرجه بغير إذنه لم يملكه، بل يكون لمالك الارض. وعليه خمسه إذا صار تحت يده.

(مسألة ٥): إذا اشترك جماعة في إخراج المعدن كفى بلوغ مجموع ما خرج منه النصابَ، وإن كانت حصة كل منهم لا تبلغه.

٤٠٤

الثالث: الكنز، وهو المال المدفون في الارض، إذا بَعُد عهده بحيث ينقطع عن مالكه ووراثه عرفاً لتقادم العهد، فإنه يكون لواجده وعليه فيه الخمس.

(مسألة ٦): لابدّ في وجوب الخمس من أن يكون المال المدفون من النقدين المسكوكين للمعاملة - كالدراهم والدنانير القديمة - دون غيرهما من الذهب والفضة، فضلاً عن غير الذهب والفضة من المجوهرات والاثار القديمة وغيره، فإنه يجوز لواجدها تملكها بلا خمس إلا أن تزيد على مؤنة السنة.

نعم إذا علم بكونه لمسلم طال العهدبه فالأحوط وجوباً الجمع بين إجراء حكم مجهول المالك عليه وحكم ميراث من لا وارث له. وكذا إذا كان في أرض الإسلام وعلم بدفنه فيها بعد صيرورتها أرض الإسلام.

(مسألة ٧): المال القديم إذا كان مكشوفاً أو مخفيّاً في غير الارض - من جدار أو سقف أو غيرهما - يملكه واجده من دون خمس، سواءً كان من النقدين أم من غيرهم. إلا أن يعلم بكونه لمسلم أو يكون في أرض الإسلام ويعلم كون جعله فيها بعد صيرورتها أرض الإسلام فيجري عليه ماتقدم في المسألة السابقة.

(مسألة ٨): لابدّ في وجوب الخمس في الكنز من بلوغ نصاب الزكاة، بأن يكون عشرين ديناراً فما زاد أو مائتي درهم فما زاد، ولا يكفي الملفّق منهما إذا بلغ مجموعه قيمة أحد النصابين.

(مسألة ٩): لا يفرق في حكم الكنز المتقدم بين أن يكون في أرض الإسلام وغيره، عليه أثر الإسلام أو ل، يُعلم بملك المسلم أو الذمي له أو بملك غيرهما له أو يُجهل حال مالكه.

(مسألة ١٠): المال المدفون في الارض إن قرب عهده، بحيث يحتمل وجود صاحبه أو وارثه إن كان في دار أو نحوها من الامكنة المحجوبة عُرّف أهل المكان به إن احتمل ملكيّتهم له، فإن عرَفوه كان لهم، وإن لم يعرفوه فإن

٤٠٥

احتمل العثور على صاحبه بالفحص والتعريف فالأحوط وجوباً ذلك، وكذا إذا علم بعدم ملكيتهم له أو كان في أرض مكشوفة. أما مع اليأس عن معرفة صاحبه - قبل الفحص أو بعده - فيجب التصدق به عنه.

(مسألة ١١): إذا اشترى دابة فوجد في جوفها مالاً وجب تعريف بائعها به إن احتمل كونه له، ومثله الواهب لو كانت موهوبة، ولو قرب عهد البائع أو الواهب وعرف من سبقهما واحتمل ملكه له فالأحوط وجوباً تعريفه أيض، ومع عدم معرفتهم به فهو لواجده. وكذا الحال فيما يوجد في جوف السمكة إن كانت مدجَّنة عند المالك السابق، بحيث يتعارف ابتلاعها ما يقع في حوضه من ماله، وإن كانت مصطادة من البحر أو النهر فلا يعرَّف المالك السابق بالمال الموجود فيه، بل يتملّكه واجده. ولا يجب الخمس في الجميع إلا أن يفضل عن المؤنة، على التفصيل الاتي في الامر السا بع مما يجب فيه الخمس.

الرابع: ما اُخرج بالغوص أو بآلة من البحر أو النهر من الجوهر ونحوه، بل الأحوط وجوباً العموم فيه لما يخرج من البحر بنفسه فيطفو على وجهه، أو يلقيه على الساحل. وأما مثل السمك وغيره من الحيوان فهو خارج عن هذا القسم وإن اُخذ بالغوص.

(مسألة ١٢): يختص هذا القسم بما يكون في البحر من المباحات الاصلية التي يتعارف اكتسابها بمهنة الغوص المعهودة، دون مثل ماغرق في البحر واستخرج بالغوص أو بالالة عند ترك صاحبه له فإنه لمستخرِجه من دون خمس، إلا أن يفضل عن مؤنة السنة، على مايأتي في الامر السابع مما يجب فيه الخمس.

(مسألة ١٣): ما يوجد من الجواهر ونحوها في جوف السمك ونحوه من الحيوانات البحرية المأخوذة بالغوص أو بالالة لا يدخل في هذا القسم، إلا أن

٤٠٦

يتعارف اكتسابه من طريق أخذ الحيوان الذي هو في جوفه، بحيث يكون عرفاً داخلاً في مهنة الغوص.

(مسألة ١٤): يشترط في وجوب الخمس في هذا القسم بلوغه - بعد استثناء مؤنة الاخراج - النصاب، وهو قيمة دينار، ويجري هنا ما تقدم في المعدن من حكم الدفعة والدفعات والانفراد والاشتراك.

(مسألة ١٥): يجب الخمس في العنبر وإن اُخذ من وجه الماء. والأحوط وجوباً عدم اعتبار النصاب فيه وإن اُخذ بغوص أو بآلة.

الخامس: الارض التي اشتراها الذمي من المسلم، إذا لم تكن واجدة لعنوان زائد من دارأو خان أو بستان أو نحوه، بل مطلقاً على الأحوط وجوب. كما أن الأحوط وجوباً العموم لغير الشراء من أسباب انتقال الملك.

(مسألة ١٦): لا يسقط هذا الخمس بإسلام المشتري، فيجب عليه أداؤه لو لم يؤدّه حال كفره. وكذا لا يسقط ببيع الارض على المسلم، فيكون البيع فضولياً في مقدار الخمس.نعم إذا كان المشتري مؤمناً حلّ له الخمس من الارض وملكه بالشراء.

السادس: المال المختلط بالحرام إذا لم يتميز الحرام منه عن الحلال ولم يعرف صاحبه، فإن إخراج الخمس منه يحلله. ومصرف الخمس في هذا القسم هو مصرف سائر أقسام الخمس.

(مسألة ١٧): المراد بالمال المختلط بالحرام هو أعيان الاموال التي يكتسب الإنسان بعضها بوجه حلال وبعضها بوجه حرام - كالسرقة والمعاملات الباطلة - ثم يختلط ولا يتميز أحد القسمين عن الاخر. وليس منه الاعيان التي يشتريها الإنسان بمعاملة صحيحة ويدفع ثمنها من مال مشتبه قد كسب بعضه من حلال وبعضه من حرام، بل الاعيان المذكورة كلها حلال ويكون المكلف

٤٠٧

مشغول الذمة بالاثمان التي دفع بدلها مالاً محرم.

(مسألة ١٨): إذا تميز الحرام لم يشرع الخمس، بل لابدّ من التصدق بالحرام بعد اليأس من الوصول لصاحبه، كما هو الحال في سائر الاموال المجهولة المالك.

(مسألة ١٩): الظاهر أن التصدق بمجهول المالك لا يتوقف على استئذان الحاكم الشرعي وإن كان هو الأحوط استحباب.

(مسألة ٢٠): لابدّ من كون المتصدَّق عليه في المقام فقير، كما هو الحال في جميع موارد الصدقة.

(مسألة ٢١): لا فرق في محلّلية الخمس للمال المختلط بالحرام بين العلم بكون الحرام أكثر من الخمس والعلم بكونه أقل من الخمس، والجهل بالامرين. نعم مع العلم بنسبة الحرام للحلال يمكن الرجوع للحاكم الشرعي والمصالحة معه من أجل القسمة وتمييز الحرام من الحلال ثم التصدق بالحرام عن صاحبه الذي هو حكم مجهول المالك، ولا يحتاج مع ذلك للخمس.

(مسألة ٢٢): إذا علم المالك تفصيلاً وجبت مراجعة والمصالحة معه لتعيين حقه وأدائه له، وإذا علم إجمالاً بين عدد محصور فالأحوط وجوباً مراجعة الجميع والصلح معهم، ومع التشاحّ ولزوم الضرر المعتد به من إرضاء الكل فالظاهر رجوع القرعة، والأحوط وجوباً الرجوع للحاكم الشرعي في إجرائه.

(مسألة ٢٣): إذا كان في ذمته مال للغير وقد يئس من معرفة صاحبه أو الوصول إليه وجب عليه نية الوفاء لو قدر عليه. قيل: ويجب عليه التصدق بمقدار المال المذكور، وهو المعروف في عصورنا بردّ المظالم. لكن الظاهر عدم وجوب ذلك عليه، بل لا يجزئ في فراغ الذمة من المال، نعم لابأس في التصدق المذكور

٤٠٨

بإذن الحاكم الشرعي برجاء فراغ الذمة به، مع نية الوفاء لو قدر على المالك.

(مسألة ٢٤): إذا كان المال الحرام المختلط بالحلال غير مملوك لشخص خاص، بل متعيناً لجهة معينة معلومة - كالحقوق الشرعية ونماء الوقف المعلوم المصرف - لم يشرع الخمس، بل يجب مراجعة وليّ المال المذكور والتصالح معه لتخليص المال من الحرام المذكور. بل لو تردد المال بين جهتين أو أكثر وجب الاحتياط مع عدم لزوم الضرر منه، ومع لزوم الضرر فالأحوط وجوباً مراجعة أولياء الجهات المذكورة لحل المشكلة بينهم بالتصالح أو الاحتياط.

(مسألة ٢٥): يحرم التصرف بالمال المختلط بالحرام قبل إخراج الخمس، فإن فعل وصادف أن أتلف الحرام انتقل للذمة وجرى عليه ما تقدم في المسألة (٢٢).

السابع: ما يفضل عن مؤنة سنته له ولعياله من فوائد الصناعات والزراعات والتجارات والاجارات وحيازة المباحات، بل جميع الفوائد حتى مثل الهبة والمال الموصى به ونماء الوقف والمهر وعوض الخلع والميراث الذي لا يحتسَب لبُعد المورِّث عن الوارث سبباً أو نسب، بخلاف الميراث المحتسَب لقرب المورِّث، فإنه لا خمس فيه. نعم اذا حصل عند الوارث نماء او منفعة مقابلة بعوض ثبت الخمس في النماء والعوض المذكورين.

(مسألة ٢٦): لابدّ في صدق الفائدة على المال من كونه مملوكاً للانسان، فإذا كان مباحاً له من دون أن يكون مملوكاً له فلا خمس فيه، كبعض صور نماء الوقف، ومثل سهم الإمام الذي كثيراً ما يدفعه الولي للشخص ليصرفه في حوائجه من دون أن يملّكه إياه. نعم لو ملّكه إياه - بمعاوضة أو مجاناً - وجب فيه الخمس كما يجب في سائر الحقوق الشرعية، كسهم السادة والزكاة والكفارات ونحوها إذا ملكها الفقير.

(مسألة ٢٧): لا يكفي في صدق الفائدة التملك القانوني، بل لابدّ فيه من

٤٠٩

التملك الشرعي بتحقق سببه، فالاراضي المباحة المملَّكة من قبل الدولة بعوض أو مجاناً لا تكون من الفوائد التي يجب فيها الخمس إلا أن تملك شرعاً بالاحياء، وكذا المباحات الاصلية كالحصى والحجر والجص ونحوها فإنها لا تكون من الفوائد التي يجب فيها الخمس إلا أن تملك شرعاً بالحيازة، وحينئذٍ تكون من ارباح سنة التملك بالحيازة او الاحياء، لا من ارباح سنة التملك القانوني.

(مسألة ٢٨): لا فرق في الفوائد التي يجب فيها الخمس بين الاعيان الخارجية والذمية - كالديون على الغير - والمنافع المملوكة بإجارة ونحوه، والحقوق المجعولة بمعاوضة مالية، كحق السرقفلية، إذا كان بذل المال في مقابل حق في العين المستأجرة للدافع على المالك يقتضي أولويته باستئجارها من غيره، وأما إذا كان هدية من الدافع مقدمة للاستئجار من دون أن يستحق في قباله شيئاً فلا يُعدّ مال. نعم يكون بذل المال من مقدمات تحصيل الربح التي تستثنى من الربح، كما يأتي إن شاء الله تعالى.

(مسألة ٢٩): إذا باع ثمرة بستانه سنين متعددة كان الثمن من أرباح سنة البيع ووجب الخمس فيما يفضل منه عن المؤنة، وكذا إذا آجر داره سنين، فإن الاُجرة تكون من أرباح سنة الاجارة، أما إذا آجر نفسه على عمل مدة طويلة أو قصيرة، فإن الاُجرة وان كانت من أرباح سنة الاجارة، إلا أنه إذا مضت السنة ولم يؤدّ بعض العمل أو لم يؤدّه بتمامه كان العمل الذي بقي في ذمته مستثنى بقيمته المتعارفة من أرباحه كالدين. فإذا آجر نفسه لصلاة عشر سنين فصلى سنة واحدة ثم انتهت السنة، كان قيمة التسع سنين كسائر الديون مستثناة من مجموع ربحه، ولا يجب الخمس إلا في الباقي من ربحه بعد استثنائه. ولا تستثنى بالاجرة المسماة التي وقع العقد عليه، بل بقيمتها المتعارفة التي قد تزيد وقد تنقص.

٤١٠

(مسألة ٣٠): الاموال التي اُدي خمسها أو التي لم يتعلق بها الخمس - كالميراث الذي يحتسب - إذا زادت زيادة متصلة متحدة معها عرفاً لم تعدّ تلك الزيادة من الفوائد فلا يجب فيها الخمس، كما إذا نمت الشجرة أو سمنت الدابة أو كبرت. ولو بيعت العين مع الزيادة المذكورة لم يجب الخمس في الثمن أيض.

(مسألة ٣١): الاموال التي اُدّي خمسها أو التي لم يتعلق بها الخمس إذا زادت زيادةً مباينة لها عرفاً وجب الخمس في الزيادة، كالولد والصوف واللبن من الحيوان، وكالثمر من الشجر. بل الظاهر عموم ذلك لما إذا لم ينفصل إذا كان له وجود معتدّ به عرفاً مقدّراً بالمال، كالصوف إذا حان جزّه، والثمر إذا كان صالحاً للقطف.

(مسألة ٣٢): الاموال التي اُدّي خمسها أو التي لم يتعلق بها الخمس إذا ارتفعت قيمتها السوقية لم يجب الخمس في زيادة السعر، من دون فرق بين ما اتُّخذ للتجارة وما اتُّخذ للادخار وما اتخذ للانتفاع والمؤنة وإن بقي معطلاً ولم يصرف في المؤنة. نعم إذا بيعت وكانت قد مُلِكت بالشراء كان الربح الحاصل بارتفاع السعر من فوائد سنة البيع ويجب فيه الخمس. أما لو مُلِكت بغير الشراء كالهدية والميراث - فلا يجب شيء ببيعها وإن ارتفع سعره.

(مسألة ٣٣): الاموال التي تعلق بها الخمس ولم يؤدّ خمسها إذا زادت زيادة متصلة أو منفصلة يجب الخمس في الزيادة تبعاً له. وكذا إذا ارتفعت قيمتها السوقية فإذا اُريد دفع الخمس لزم إخراج خمس المجموع - من الاصل والزيادة - من العين، أو بقيمته حين إخراج الخمس.

(مسألة ٣٤): إذا نقص الخمس بسبب نزول القيمة السوقية لم يضمنه المالك وإن فرّط في عدم بيع العين حين ارتفاع سعرها أو في دفع الخمس عند رأس السنة، فإذا كان ربْحه متاعاً قيمته ألف دينار مثلاً فلم يبعه ولم يدفع خمسه

٤١١

عامداً عاصياً حتى صار سعره خمسمائة دينار لم يجب عليه إلا خمسه فيدفعه من العين أو بقيمته وهي مائة دينار، ولا يجب عليه - مع ذلك - ضمان خمس فرق السعر، وهو ما يعادل مائة دينار اُخرى.

(مسألة ٣٥): إذا اشترى أو استبدل متاعاً بمال قد تعلق به الخمس ولم يؤدّه بعد حلول رأس السنة فلذلك صورتان:

الأولى: أن يكون الشراء بعين المال المذكور، وحنيئذ لا ينفذ الشراء في مقدار الخمس إلا بتنفيذ الحاكم الشرعي، فإذا نفّذه انتقل الخمس للمتاع، فيجب إخراج خمسه من العين، أو بقيمته حين دفع الخمس، ولم يجب دفع خمس الثمن الذي دفعه، فإذا أبدل سيارة قد تعلّق بها الخمس بسيارة اُخرى، فأجاز الحاكم الشرعي وجب أداء خمس السيارة الثانية - ولو بقيمته حين أداء الخمس - لا أداء خمس السيارة الاُولى. هذا إذا لم يكن المشتري مؤمن، أما إذا كان مؤمناً فينفذ البيع بلا حاجة إلى إمضاء الحاكم الشرعي وينتقل خمس الثمن للذمة ولا يجب خمس المثمن، ففي المثال المتقدم يجب خمس السيارة الاُولى دون الثانية.

الثانية: ان يكون الشراء بالذمة والوفاء بالمال الذي تعلق به الخمس، كما هو الغالب. وحينئذٍ ينتقل خمس الثمن المدفوع للذمة ولم يجب الخمس في المثمن مطلق، سواء كان المشتري مؤمناً أم غير مؤمن، ولم يتعلق الخمس بالمتاع الذي اشتراه. نعم إذا باع المتاع المذكور بربح كان الربح من فوائد سنة البيع، ووجب فيه الخمس إذا زاد عن مؤنة تلك السنة، فإذا اشترى سيارة - شخصية أو لعمله أو للتجارة - ودفع مائة ألف دينار قد تعلق بها الخمس وفاءً لثمنها وجب دفع عشرين ألف دينار خمساً عمّا دفعه من الثمن، ولا يجب دفع خمس السيارة، إلا أن يبيعها بربح، فيجب دفع خمس الربح إذا زاد عن مؤنة سنة البيع.

(مسألة ٣٦): المراد من مؤنة السنة التي يجب الخمس في الزائد عليها كل

٤١٢

ما يتكلّف صاحب الربح صرفه لغرض عقلائي من سدّ حاجة له ولعياله - من مطعم أو ملبس أو مسكن أو علاج أو نحوها - أو تحقيق رغبة أو قيام بحق شرعي أو عرفي أو مواساة الغير والاحسان إليه - إبتداءً أو رداً للجميل - إلى غير ذلك مما يعدّ من نفقاته عرف.

(مسألة ٣٧): من جملة المؤن المصارف المستحبة - من حج أو زيارة أو صدقة أو غير ذلك - مهما كثرت وعظمت، سواءً تعارف قيام صاحب الربح بها وكانت مناسبة لشأنه أم ل.

(مسألة ٣٨): لا يشترط في المؤنة الرجحان، بل تعمّ المباحات والمكروهات، بل المحرّمات، فإن مرجوحيتها أو حرمتها لا تنافي استثناء ماينفق فيها من الربح.

(مسألة ٣٩): المعيار في المؤنة على فعلية الصرف لا إلى الحاجة إليه، فمن احتاج للانفاق فلم ينفق - اقتصاد، أو تقتير، أو لتبرّع الغير عنه بالانفاق - لم يستثنِ مقدار الحاجة من الربح، ومن لم يحتج للانفاق في مورد فأنفق كانت نفقته مستثناةً من الربح. نعم لابدّ من كون الانفاق من الشخص لغرض عقلائي، بحيث يكون الانفاق في شؤونه، فلا يستثنى المال الذي يتلفه من دون أن يصرفه في شؤونه، إلا أن يكون الاتلاف تبعاً للانفاق في المؤنة عرف، كما لو صنع الطعام الكثير لعياله أو لضيوفه فتلف منه مقدار لكثرته من دون أن يصرف في حاجة، فإنه يستثنى أيض.

(مسألة ٤٠): لا فرق في المؤنة بين ما ينتفع به بإتلاف عينه - كالاكل والشرب والدواء - وما ينتفع به مع بقاء عينه - كدار السكن والثياب والاثاث - كالثلاجة والغسالة وأجهزة التبريد وغيرها - حتى السيارة الشخصية التي هي من شؤون حياة الإنسان الخاصة، دون مثل سيارة العمل، كما يأتي.

٤١٣

(مسألة ٤١): من جملة المؤن ما يتزين به الشخص أو يتزين به عياله من الحلي كالقلادة والسوار والخاتم ونحوه.

(مسألة ٤٢): ليس من المؤن المستثناة رأس مال التجارة، ولا آلات العمل الذي يتكسّب به، كالمعمل وسيارة النقل وديكور المحل وأجهزته، وكذا الحيوانات التي يعمل عليها أو ينقل عليها وغير ذلك، فإنها من جملة الارباح التي يجب الخمس فيه، سواء احتاج إليها لتحصيل مؤنة سنته أم زادت عن ذلك وكان الغرض منها زيادة الربح.

(مسألة ٤٣): من جملة المؤن المستثناة مصارف الحج والعمرة الواجبين في سنة الربح أو من سنين سابقة. لكن لو لم يحج - ولو عصياناً - لم تستثن مقدار المصارف المذكورة. وكذا الحال في جميع ما وجب بنذر ونحوه من زيارة أو غيرها مما يقتضي صرف المال من دون أن يكون مالاً بنفسه.

(مسألة ٤٤): إذا وجب عليه بنذر أو غيره إنفاق مال في وجه خاص، فإن قام بذلك كان من المؤنة واستثني من الربح، وإن لم يقم بذلك فالأحوط وجوباً عدم استثناء مقداره في النذر والشرط، بل هو الاظهر في اليمين والعهد.

(مسألة ٤٥): أداء الدين من المؤن المستثناة سواء كانت الاستدانة في سنة الربح أم قبله. وإذا لم يؤدّ الدين كان مستثنى أيضاً إذا كان ديناً لمؤنة السنة، كما لو استدان لشراء طعام لعياله فتقوتوا به في سنتهم. وكذا إذا كان الدين نفسه معدوداً من المؤنة، كما لو ضمن في تلك السنة دينَ مؤمن مُعسر مثلاً بلا إذنه وكذا إذا كان الدين من اجل التجارة، على ما يأتي في المسألة اللاحقة. وأما في غير ذلك فلا يستثنى مع عدم أدائه، كما لو كان مديناً من سنين سابقة لمؤنة تلك السنين أو لغيره، فإن الديون المذكورة لا تستثنى من الربح إذا لم يؤدّه.

(مسألة ٤٦): إذا استدان رأس مال وعمل به استثنى الدين مما عنده مهم

٤١٤

تعاقبت السنوات، إلا أن يصاب بخسارة في بعض السنين فلا يستثني مقدار الخسارة في السنين اللاحقة، مثلاً: إذا استدان عشرة آلاف وبقيت في ذمته سنين كثيرة يعمل بها فإن لم ينقص ما عنده عن عشرة آلاف استثنى عشرة آلاف وكان الربح هو الزائد عليها لا غير. وإن نقص ما عنده في بعض السنين فبلغ خمسة آلاف ثم ارتفع في السنين اللاحقة إلى عشرة آلاف مثلاً استثنى خمسة آلاف لا غير وكانت الخمسة الالاف الاخرى ديناً غير مستثنى مما يصير عنده، نعم لو وفاها كان وفاؤها من مؤنة سنة الوفاء، كما تقدم في المسألة السابقة.

(مسألة ٤٧): إذا كان حصول الربح، موقوفاً على صرف مال كان ذلك المال مستثنى من الربح كاُجرة المحل والحارس والحمّال وصيانة البضاعة من التلف ومصانعات السلطان المتعلقة بالمال وغير ذلك، فمن كان عنده مال مخمّس في أول السنة كعشرة آلاف دينار مثلاً فأنفقه كله في مقدمات التجارة وتحصيل الربح لم يجب الخمس في الربح الحاصل بعد ذلك إلا أن يزيد على المال المذكور، فإذا نقص الربح في السنة الاُولى عن المال المذكور، كما لو كان الحاصل خمسة آلاف دينار في المثال السابق فإن عُدّ النقص خسارةً بعد ملاحظة الوضع الطبيعي في اكتساب المال كان رأس المال المخمس هو الناقص - وهو خمسة آلاف - ويجب الخمس في الزائد عليه في السنة الثانية، فإذا حصل له في السنة الثانية خمسة عشر ألف دينار كان ربحه منها عشرة آلاف دينار ووجب خمسه، وهو ألفان.

وإن لم يعدّ النقص خسارة لان من شأن المقدمات المذكورة تأخّر ربحها - كما قد يكثر ذلك في الزراعة - فلا يجب الخمس في السنة الثانية إلا بعد استثناء تمام المال المصروف، فلو حصل له خمسة عشر ألف دينار كان ربحه منها خمسة آلاف لا غير وجب خمسها وهو ألف دينار فقط.

(مسألة ٤٨): إذا كان حصول الربح مستتبعاً لخسارة مال كان مستثنى

٤١٥

من الربح، كضرائب السلطان، فتستثنى من الربح وإن لم يبادر لدفعها إذا لم يمكن التخلص منه. ومن ذلك ما إذا وجب عليه شرعاً - بنذر أو يمين أو شرط أو غيرها - إنفاق مال على تقدير حصول الربح، كما لو نذر أن يتصدق ببعض ربحه أو أن يتصدق بمقدار من المال إن ربح في معاملة خاصة أو نحو ذلك. نعم إذا لم يجب شرعاً القيام بذلك - كما في الوعد المجرد أو النذر واليمين غير الشرعيين - فلا يستثنى إلا أن يبادر إلى القيام به في أثناء السنة، حيث يكون من المؤن المصروفة التي تقدم استثناؤها في المسألة السادسة والثلاثين.

(مسألة ٤٩): المراد من المؤنة المستثناة هي مؤنة السنة. ومبدأ السنة هو حصول أول ربح للانسان مهما كان سببه. ولا يختلف مبدأ السنة باختلاف المكاسب والارباح، بل للانسان سنة واحدة سواء ربح فيها أم ل، اتحد مكسبه أم تعدد، اتحد نوعه أم تعدد. وعلى المبدأ المذكور تتعاقب السنين.

(مسألة ٥٠): المعيار في السنة على السنة القمرية العربية. نعم إذا ضاق على شخص الجري عليها لعدم مناسبته لوضعه أمكن مراجعة الحاكم الشرعي والمصالحة معه لنقلها للسنة الشمسية.

(مسألة ٥١): إذا كان رأس السنة غير مناسب لوضع الشخص أمكن الرجوع للحاكم الشرعي والمصالحة معه لتبديله.

(مسألة ٥٢): إذا جهل الشخص مبدأ سنته بالمعنى المتقدم أمكن الرجوع للحاكم الشرعي والمصالحة معه لتعيين مبدأ السنة.

(مسألة ٥٣): يجب على المكلّف أن ينظر في مبدأ سنته إلى ما زاد عن مؤنته من الاعيان التي ينتفع بها بإتلاف عينها - كالمطعوم والمشروب والدواء وغيرها - فتكون من جملة أرباحه التي تخمّس. وكذا الاعيان التي ينتفع بها مع بقاء عينها إذا لم يستعملها وينتفع بها انتفاع المؤنة، كالثياب غير المخيطة

٤١٦

و المخيطة غير الملبوسة، والكتب التي لم ينتفع به، وجميع الاثاث والمتاع الذي لم يستعمله بالوجه المناسب له. وأما إذا استعمله مدة معتدّاً بها بحيث يعدّ مستغلاًّ له عرف، فإنه يكون من المؤنة المستثناة ولا يجب الخمس فيه.

(مسألة ٥٤): المؤنة التي ينتفع بها مع بقاء عينها - كالحلي والثياب - إذا استعملها الشخص مدة معتدّاً بها ثم استغنى عنها لم يجب فيها الخمس، كالحلي التي تتركها المرأة بعد ما يتقدم بها السن. نعم إذا كان قد اشتراه فإذا باعه بربح كان الربح من جملة أرباح سنة البيع التي يجب فيها الخمس بعد استثناء مؤنة السنة، وأما إذا لم يكن قد اشتراه - بل كان هدية أو ميراثاً مثلاً - فلا خمس فيه وإن باعه بأكثر من قيمته حين ملكه بعد ارتفاع سعره.

(مسألة ٥٥): إذا مات صاحب الربح في أثناء السنة فالمستثنى من الربح هو المؤنة إلى حين الموت، لامؤنة تمام السنة.

(مسألة ٥٦): لا يشترط في استثناء مؤنة السنة من ربحها الانفاق على المؤنة المذكورة من ذلك الربح، بل إذا أنفق عليها من الدين أو من مال آخر كان له استثناء مقدار ما أنفق فيها من الربح.

(مسألة ٥٧): إذا ادّخر من أرباح سنين متعددة مالاً للمؤنة ولم ينفقه عليها إلا في سنين لاحقة كان عليه خمس ذلك المال المدّخر، كما لو ادخر من ربح سنين متعددة مالاً لزواج أو شراء دار أو أثاث أو غيره، فإنه يجب عليه خمس المال الذي يدخره من ربح كل سنة لا ينفقه في مؤنته. وكذا إذا شرع في إعداد المؤنة تدريجاً ولم يستغلها إلا في سنة لاحقة. فإذا اشترى مثلاً في سنة أرضاً للدار بنى الطابق الأول منها في الثانية، والطابق الثاني في السنة الثالثة ولم يسكن الدار إلا في السنة الرابعة كان عليه في السنين الثلاث الاُول خمس الدار فيدفع في السنة الأولى خمس الارض، وفي الثانية خمس الطابق الأول، وفي الثالثة خمس

٤١٧

الطابق الثاني، لانه لم ينتفع بها ولم تكن من مؤنته في تلك السنين.

وهذا بخلاف ما لو استدان للمؤنة واستغلها ثم وفّى دينه من أرباح السنين اللاحقة، كما لو استدان في سنة واشترى داراً وسكنها أو تزوج، ثم وفى دينه في السنين اللاحقة فإنه لاخمس عليه لا في سنة الشراء أو الزواج، لعدم وفاء ربحه لمؤنته، ولا في السنين اللاحقة لصرف أرباحها في وفاء الدين الذي تقدم أنه من المؤن.

وكذا لو أنفق ربح سنته في بناء دار ناقصة وسكنها في نفس السنة، ثم استمرّ في بنائها تدريجاً في السنين اللاحقة وانتفع في كل سنة بما يُحدثه فيها من أرباحه، حتى أكمله، فإنه لا يجب عليه خمس شيء من هذه الارباح، لصرفها في مؤنة سنة تحصيله.

(مسألة ٥٨): لا فرق في استثناء مؤنة السنة من ربحها بين أن تكون سابقة على حصول الربح وأن تكون لاحقة له، فمن لا يظهر ربحه إلا في آخر السنة يستثني مؤنة تمام السنة منه.

(مسألة ٥٩): الظاهر جبر ربح السنة للخسران الحاصل فيه. سواء كانا في أبعاض معاملة واحدة، كما لو اشترى بضاعة فباع بعضها بربح وآخر بخسارة. أم في أفراد نوع واحد من المعاملات، كما لو اتجر تجارتين فربح في إحداهما وخسر في الاُخرى. أم في نوعين، كما لو ربح في الزراعة وخسر في التجارة.

(مسألة ٦٠): الظاهر جبر الربح للتلف الحاصل فيه أو في رأس المال، كما لو ربح في تجارته وسرق بعض بضاعته أو نقوده. بل الظاهر جبر الربح للخسارة الخارجة عن المكسب، كما لو ربح في تجارته واحترق بعض أثاث بيته أو هدمت داره، وإن كان الأحوط استحباباً في ذلك عدم الجبر.

(مسألة ٦١): يترتب على المسائل الثلاث السابقة أن الربح الذي يخمّس في

٤١٨

آخر السنة هو الزائد على الموجود عند صاحبه في آخر السنة السابقة بعد إخراج تمام مؤنة سنة الربح وخسارتها والتلف الحاصل فيه.

(مسألة ٦٢): إذا بقي المال المخمس او الذي لا خمس فيه بعينه او بقي بعضه للسنة الثانية فلا أثر لارتفاع قيمته أو هبوطها في الربح والخسارة. مثلاً: إذا كان عنده في أول السنة من المال المخمس او الذي لا خمس فيه ما يعادل مائة الف دينار نصفها عين او بضاعة ونصفها نقد، فبقي النصف الأول بحاله إلى السنة الثانية واتجر بالنصف الثاني فإن ربح النصف الثاني وجب الخمس في ربحه حتى لو هبطت قيمة النصف الأول ولا تجبر خسارته بالربح. وان لم يربح النصف الثاني فلا خمس حتى لو زادت قيمة النصف الأول.

(مسألة ٦٣): إذا كان الشخص لا يحاسب نفسه سنين عديدة ولا يخرج خمسه فإذا أراد أداء الحق لزم عليه أداء الخمس في اُمور:

الأول: المال الموجود عنده مما فَضل على مؤنته من نقود أو عقار أو آلات العمل والنقد التابع له، وغير ذلك مما يملكه.

الثاني: كل خسارة أو تلف حصل له بالمقدار الزائد على ربح سنة حصوله، كما لو كان ربحه في سنته عشرة آلاف وخسر في تلك السنة من ماله الموجود عنده عشرين الف، فإنه يجب عليه تخميس عشرة آلاف. إلا أن تكون خسارة أو تلفاً في مال لا يجب فيه الخمس - وهو الميراث الذي يحتسب والمؤنة - أو في مال مخمّس، أو كانت الخسارة في ذمته لا من مال موجود عنده.

الثالث: ما أنفقه على مؤنته من أرباح سنين سابقة لم تخمّس، كما لو مضت عليه مدة لا يربح فيها أو ينقص ربحه عن مؤنته فكان ينفق من المال الذي اكتسبه في السنين السابقة ولم يؤدّ خمسه، إلا أن يكون ذلك المال الذي أنفقه لاخمس فيه - وهو الميراث الذي يحتسب - أو كان قد أخرج خمسه.

٤١٩

(مسألة ٦٤): إذا كان الشخص لا يخمس مدة من الزمان، ثم أراد التخميس و كان عنده دار أو أثاث قد كسبه في ايامه السابقة واستغله، فلذلك صور:

الأولى: أن يكون قد حصل له بشراء او غيره وبقي عنده مدة طويلة لم يستغله ولم ينتفع به حتى مضى رأس السنة التي حصل له فيها ذلك الشيء، وحينئذٍ يجب عليه خمس ذلك الشيء بعينه، ولو اراد ان يدفع القيمة كان عليه قيمته حين دفع الخمس، وإن كان الشيء قد نقص بسبب الاستعمال كان عليه تدارك النقص وضمانه. بل الظاهر ان عليه خمس اُجرة الانتفاع به تلك المدة.

الثانية: أن يكون قد استعمله رأساً إلا أنه كان قد اشتراه في الذمة ودفع ثمنه من مال مخزون عنده قد تعلق به الخمس، وحينئذٍ يجب عليه دفع خمس ذلك المال الذي اشتراه به، ولا يجب الخمس في نفس الشيء الذي استغله واستعمله.

الثالثة: أن يكون قد استغله رأساً إلا انه كان قد اشتراه من ربح سنة الشراء، او اقترض ثمنه في ذمته ثم وفاه تدريجاً من ارباح لاحقة. وحينئذٍ لا خمس عليه في ذلك الشيء بنفسه ولا في ثمنه.

(مسألة ٦٥): إذا اشترى عقاراً مثلاً ليس من المؤنة بدين، استثنى الدين في آخر السنة من العقار، فلا يجب الخمس في العقار إلا في المقدار الزائد على الدين، فإذا بقي العقار للسنة الثانية وقد برئت ذمته من بعض الدين أو جميعه فيها وجب الخمس فيما يقابل المقدار الذي برئت ذمته منه من الدين، وهكذا حتى يتم تخميس العقار بتمامه. وهكذا كل دَين له مال مقابل عند المدين، فإن الدين يستثنى من ذلك المال ولا يجب الخمس في ذلك المال مهما تعاقبت السنوات إلا بالمقدار الذي يزيد على الدين ولا يقابل به.

٤٢٠