منهاج الصالحين - العبادات الجزء ١

منهاج الصالحين - العبادات0%

منهاج الصالحين - العبادات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 458

منهاج الصالحين - العبادات

مؤلف: السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 458
المشاهدات: 165568
تحميل: 4545


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 458 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 165568 / تحميل: 4545
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين - العبادات

منهاج الصالحين - العبادات الجزء 1

مؤلف:
العربية

الفصل الثالث

في شروط الوضوء

يشترط في الوضوء اُمور:

الأول: إطلاق الماء، وقد تقدم توضيحه في أول كتاب الطهارة.

الثاني: طهارة الماء.

(مسألة ٩٤): إذا كان العضو الوضوئي نجساً فإن كان الماء قليلاً غير معتصم لم يمكن غسل ذلك العضو به للوضوء إلا بعد تطهيره من النجاسة، لانه ينجس الماء القليل بصبه عليه، فلا يصلح لان يتوضأ به، وإن كان الماء معتصماً - لكونه كُراً أو له مادة - أمكن تطهير العضو من النجاسة والوضوءُ به دفعة واحدة، فلو وضع العضو النجس تحت ماء الاسالة مثلاً ونوى الوضوء بذلك طهُر العضو وتحقق الوضوء، نعم الأحوط استحباباً تطهيره أول، ثم غسله للوضوء بعد ذلك.

الثالث: عدم استعمال الماء في رفع الحدث الاكبر، على تفصيل تقدم في الفصل الثالث من مقصد الماء وأحكامه.

الرابع: النية، وهي تتقوم بأمرين:

أحدهما: قصد الوضوء بالغسل والمسح، فلو غسل الاعضاء أو مسحها من دون أن ينوي الوضوء لم يتحقق الوضوء.

(مسألة ٩٥): يكفي نية الوضوء إجمال، فلو أراد شخص أن يتعلم

٤١

الصلاة مثلاً فرأى رجلاً يتوضأ ويصلي ففعَل مثله ناوياً متابعته فيما فعل صح منه الوضوء وإن لم ينوِ الوضوء بعنوانه لجهله به، لان نية المتابعة ترجع إلى نية الوضوء إجمال.

ثانيهما: قصد التقرب لله تعالى بالوضوء، بحيث يكون الداعي للوضوء هو التقرب. ولازم ذلك عدم وقوعه بوجه محرَّم إذا التفت المكلف إلى ذلك، لتعذر التقرب بالمحرم. هذا ولوقوع الوضوء بالوجه المحرم صور:

الاُولى: أن يكون الوضوء استعمالاً لاناء الذهب أو الفضة، لما يأتي في مبحث الاواني من حرمة استعمال الاناء المتخذ منهم.

الثانية: أن يلزم من الوضوء التصرف في المغصوب، إما لكون الماء أو إنائه مغصوب، أو لكون المكان أوالفضاء الذي يقع فيه الوضوء مغصوب، أو لانه يلزم جريان الماء في مكان أو طشت مغصوب أو لكون ثوب المتوضئ مغصوباً بحيث يلزم من الوضوء تحركه والتصرف فيه أو غير ذلك من صور لزوم التصرف بالمغصوب من الوضوء.

الثالثة: أن يلزم من الوضوء الوقوع في ضرر يحرم إيقاع النفس فيه. وكذا لو وجب حفظ الماء لخوف عطش مضر بنفس محترمة يجب المحافظة عليه، إلى غير ذلك من صور وقوع الوضوء بوجه محرَّم، فإن الوضوء يبطل لامتناع قصد التقرب بما هو محرَّم.

نعم، لو غفل عن حرمة التصرف اللازم من الوضوء - ولو للتقصير في الفحص عن الحكم الشرعي - وتحقق منه قصد التقرب صح الوضوء. وهذا جار في جميع العبادات التي يعتبر فيها قصد التقرب، كما يأتي الاشارة إليه عند التعرض لكل منها إن شاء الله تعالى.

(مسألة ٩٦): إذا كان قصد الوضوء مستلزماً للعزم على فعل الحرام

٤٢

امتنع التقرب به وبطل، كما لو توضأ في مكان مباح يلزم من إكمال الوضوء فيه الخروج من طريق مغصوب يحرم العبور فيه فشرع في الوضوء ملتفتاً لذلك. وهذا يجري في جميع العبادات أيض.

(مسألة ٩٧): المراد من التصرف في المغصوب كل تصرف مناف لحق الغير ممن هو محترم شرع، وله صور:

الاُولى: أن يكون الغير مالكاً للعين التي يقع التصرف فيها ولو بأن يكون شريكاً فيه.

الثانية: أن يكون الغير مالكاً لمنفعته، كما لو كان مستأجراً للدار التي يقع التصرف فيه.

الثالثة: أن يتعلق له حق فيها يكون التصرف منافياً له، كالعين المرهونة للغير حيث لا يجوز التصرف فيها بدون رضاه، وكتركة الميت المدين التي يتعلق بها حق الدائنين، وكذا تركة الميت التي تعلقت بها وصيته، حيث لا يجوز التصرف فيها قبل إنفاذ الوصية إلا بإذن الوصي. وكالمال المتعلَّق للخمس والزكاة، حيث لا يجوز التصرف فيه إلا على تفصيل مذكور في كتابي الزكاة والخمس. ومنه التصرف في الاوقاف على خلاف مقتضى وقفيته، إلى غير ذلك مما يمنع من سلطنة المكلف على التصرف.

(مسألة ٩٨): إذا كان التصرف منافياً لحق الغير لم يحل التصرف إلا بإذنه - الصريح أو المعلوم من ظاهر حاله - أو العلم من حاله أنه لو عَلِم بالتصرف لرضي به. هذا إذا كان مستقلاً بالتصرف أما إذا كان قاصراً لصغر أو جنون أو غيرهما فاللازم مراجعة وليّه الشرعي.

(مسألة ٩٩): لو شك في إذن صاحب الحق أو رضاه لم يحلّ له التصرف، وكذا إذا شك المكلف في دخوله في الموقوف عليهم، على ما تقدم في المسألة(٤١)

٤٣

من فصل أحكام التخلي.

(مسألة ١٠٠): يجوز الوضوء والصلاة وغيرهما تحت السقف المغصوب والخيمة المغصوبة إذا لم يكن الفضاء الذي تحتها مغصوب، فمن غصب خيمة ونصبها في الصحراء مثلاً فعَل محرّم، ولكن يصح وضوؤه وصلاته تحته. نعم إذا نصب شخص خيمة في الصحراء صار له أولوية التصرف في المكان الذي تشغله وإن لم يملكه، فلا يجوز لغيره الانتفاع بالمكان والتصرف فيه بالوضوء وغيره بغير إذنه ورضاه.

(مسألة ١٠١): إذا توضأ وضوءاً يستلزم التصرف في المغصوب ملتفتاً لحرمة عمله بطل وضوؤه، ولا ينفع في صحته إرضاء المالك بعد ذلك وتحليله من تبعة التصرف.

(مسألة ١٠٢): يجوز التصرف - بمثل الوضوء والصلاة - في الاراضي المكشوفة المعرَّضة لمرور عامة الناس. وكذا يجوز استعمال المياه المكشوفة المعرَّضة لاستعمال عامة الناس وإن لم يحرز رضا المالك في الجميع.

(مسألة ١٠٣): إذا كان ماء المسجد - مثلاً - وقفاً على المصلين فيه حرم الوضوء منه بدون نية الصلاة فيه، ولو توضأ منه بدون نية الصلاة في المسجد بطل وضوؤه مع التفاته لحرمة ذلك، ولا ينفع في تصحيحه أن يصلي في ذلك المسجد، ولو توضأ بنية الصلاة في ذلك المسجد صح وضوؤه، ولو بدا له بعد الفراغ من الوضوء أن لا يصلي فيه لم يجب عليه الصلاة فيه ولم يبطل وضوؤه. وكذا لو توضأ غفلة عن وقفيته بالنحو المذكور أو غفلة عن حرمة الوضوء في هذا الحال فإنه يصح وضوؤه ولا يجب عليه الصلاة في ذلك المسجد لو علم بالحال بعد الوضوء.

(مسألة ١٠٤): إذا اعتقد المكلف حرمة التصرف بالماء أو في المكان

٤٤

فتوضأ به بطل وضوؤه، وليس له الاجتزاء به حتَّى لو ظهر له بعد ذلك عدم حرمة التصرف، لعدم كونه مغصوب، أو لرضا المالك بالتصرف، وكذا الحال لو شك في الحرمة ولم يكن له مسوِّغ شرعي للعمل، كما لو شك في رضا المالك بالتصرف، فإن وضوءه يبطل حتَّى لو انكشف بعد ذلك رضا المالك بتصرفه.

(مسألة ١٠٥): لابد من الخلوص في النية، فلو قصد الرياء وحده أو مع التقرب لله تعالى بطل العمل. والمراد بالرياء المحرم أو المبطل هو أن يعمل المكلف من أجل أن يراه الناس متديّن، وترتفع منزلته الدينية عندهم. نعم إذا كان الغرض من ذلك دفع شرهم وإضرارهم به واعتدائهم عليه ظلماً فلا بأس به.

(مسألة ١٠٦): إذا أتى بالعمل بنيّة القربة خالصةً من دون رياء، ثم خطر في باله أن ذلك يرفعه عند الناس لم يضر ذلك في صحة العمل بعد أن لم يكن عمله من أجل ذلك، بل قد يكون ذلك من وساوس الشيطان ليصدّه عن العمل، فليتعوّذ بالله تعالى منه وليستمر في عمله.

(مسألة ١٠٧): لا يضر في التقرب نية الضمائم الراجحة شرعاً كإرضاء الوالدين بالعمل واستجلاب دعائهما أو دعاء المؤمنين، وتعليم الجاهلين، بل ذلك يؤكد التقرب. كما لا يضر أيضاً نية الضمائم المباحة كالتبرد.

(مسألة ١٠٨): لا يعتبر نية الوجوب ولا الندب ولا نية رفع الحدث أو استباحة الصلاة أو غيره.

(مسألة ١٠٩): لا يجب في النية التلفظ بمؤداه، بل موقعها النفس. كما أنها لا تحتاج إلى تكلف واستحضار، بل يكفي حصولها بمقتضى طبع المكلف وارتكازه، بحيث لو سئل لاجاب بأني اُريد الوضوء قربة لله تعالى. وكذا الحال في سائر العبادات.

الخامس من شروط الوضوء: مباشرة المتوضئ للغسل والمسح. فلو

٤٥

وضأه غيره بطل.إلا مع تعذّر المباشرة عليه، فيجتزئ بذلك. والذي يتولي النية حينئذٍٍ هو المتوضئ لا الموضّئ. وإن كان الأحوط استحباباً ضم نية الموضئ إليه أيض. كما أنه لابد من تسبيب المتوضئ لفعل الغير بأن يطلبه منه، أو تمكينه من أن يوضئه، ليتسنّى له قصد الوضوء وتقربه به.

(مسألة ١١٠): كيفية توضئة الغير للعاجز عن المباشرة: أن يغسل وجهه ويديه كيف اتفق ثم يأخذ المباشر يد العاجز فيمسح بها وجهه ويديه، فإن تعذر ذلك جفف المباشر يده ثم أخذ بها الماء من يد العاجز بعد غسلها فمسح بها رأس العاجز ورجليه. فإن تعذر عليه أخذ الماء من يد العاجز مسح المباشر رأس العاجز ورجليه بماء يده المتبقّي فيها بعد غسله لوجه العاجز ويديه. والأحوط وجوباً في هذه الصورة الاخيرة ضم التيمم.

السادس: الموالاة، وهي التتابع بين أجزاء الوضوء، بمعنى عدم الفصل بنحو يلزم جفاف تمام السابق قبل البدء باللاحق، فلو جفّ لقلة الماء أو لحرارة الهواء أو نحوهما من دون فصل عرفي لم يضر. ولا يضر المشي والكلام ونحوهما في الاثناء مع عدم الجفاف.

(مسألة ١١١): الأحوط وجوباً عدم الاكتفاء ببقاء الرطوبة فيما خرج عن الحد من اللحية أو غيره. وكذا بقاء الرطوبة في الباطن الذي لا يجب غسله وإن دخل في الحد كباطن اللحية.

(مسألة ١١٢): لو استأنف الوضوء قبل فوات الموالاة صح الوضوء المستأنف. وكذا لو استأنفه احتياطاً لاحتمال فوت الموالاة. ولا يجب حينئذٍٍ تجفيف الاعضاء قبل استئناف الوضوء.

(مسألة ١١٣): لو شك في فوت الموالاة لاحتمال الجفاف بنى على عدمه، واجتزأ بإتمام وضوئه.

٤٦

السابع: الترتيب بين الاعضاء، فيغسل الوجه أولاً ثم اليد اليمنى ثم اليد اليسرى ثم يمسح الرأس ثم الرجلين. والأحوط وجوباً تقديم مسح اليمنى على مسح اليسرى. وكذا يلزم الترتيب في كل عضو مغسول بالبدء بالاعلى فالاعلى، على ما تقدم في فصل أجزاء الوضوء.

(مسألة ١١٤): لو أخل بالترتيب فمع عدم فوت الموالاة يكتفي بإعادة ما قدّمه على ما يحصل معه الترتيب وإلا استأنف الوضوء، مثلاً لو غسَل وجهه وغسَل اليد اليسرى فإن بقي بلل على وجهه كفاه غسل اليد اليمنى ثم يعيد غسْل اليسرى ويتم وضوءه، وإن جفّ وجهه استأنف الوضوء.

(مسألة ١١٥): لو أخلّ بالترتيب في نفس العضو - كما لو غسل الكف قبل أن يغسل الذراع - جرى فيه ما سبق، فمع عدم فوت الموالاة يتم غسل العضو على الترتيب المتقدم من غسل الأعلى فالأعلى ثم يتم وضوءه، ولا يكتفي بتدارك خصوص الجزء الذي أخل به على الأحوط وجوب. ومع فوت الموالاة يستأنف الوضوء. وكذا الحال لو أخل ببعض العضو، كما لو غسل الكف ولم يغسل الذراع.

٤٧

الفصل الرابع

في الجبائر

وهي في الاصل ما يجبر به العظم عند الكسر من الاخشاب أو العظام التي تشد على موضع الكسر، والمراد بها هنا كل ما يشد على البدن لكسر أو خلع أو جرح أو غيرها من موارد الحاجة للعلاج. إذا عرفت هذا فنقول:

من كان على بعض أعضاء وضوئه جبيرة فإن أمكنه ولم يضرّه الوضوء

الاختياري - بأجزائه وشرائطه السابقة - وجب، كما لو أمكن نزع الجبيرة أو إجراء الماء تحتها بنحو يحصل الغسل تدريج. ولو تعذّر ذلك لكن أمكن إيصال الماء لِما تحت الجبيرة - ولو بغمسها في الماء حتَّى ينفذ للجلد - وجب أيضاً وأجزأه وإن لم يحصل به الترتيب المعتبر في الغسل. بل يكفي ذلك في مواضع المسح - كالرجلين - وإن لم يتحقق به المسح الواجب حال الاختيار. أما مع تعذّر إيصال الماء للبشرة فيكفي المسح على الجبيرة.

(مسألة ١١٦): لا فرق في التعذّر المسوِّغ للمسح على الجبيرة بين أن يكون لتعذّر حلّ الجبيرة لكونه مضراً بالكسر أو الجرح من دون أن يضرّ به الماء، وأن يكون لاضرار الماء بالكسر أو الجرح. وأما إذا كان لتعذّر إزالة النجاسة، فإن كان منشؤه الاضرار بالجرح فالظاهر جريان الحكم المذكور فيه، فيجزئ المسح على الجبائر، وإن كان منشؤه ضيق الوقت أو عدم الماء أو نحو ذلك مما لا يرجع للجرح فالظاهر الانتقال للتيمم وعدم الاجتزاء بالوضوء الجبيري الذي تقدم.

(مسألة ١١٧): لو أمكن مسح البشَرة بالماء من دون أن يحقق الغَسل المعتبر فالأحوط وجوباً الجمع بينه وبين المسح على الجبيرة إما بالجمع بينهما في وضوء واحد، أو بتكرار الوضوء. بل لو أمكن نزع الجبيرة حال الوضوء وبقي الجرح مكشوفاً اجتزأ بمسح البشَرة ولم يجب وضع الجبيرة والمسح عليه.

(مسألة ١١٨): لو تعذر المسح على الجبيرة في موارد وجوبه فالأحوط وجوباً الجمع بين الوضوء الناقص بغسل الجبيرة أو إجراء الماء عليها والتيمم. ولا يجزئ غسل الجبيرة عن مسحه.

(مسألة ١١٩): لابد من استيعاب الجبيرة بالمسح عرف، ولا تجب المداقة في ذلك، فلا يجب استيعاب مواضع الخِلال - أي الفواصل - التي تكون بين الخيوط ونحوه.

٤٨

(مسألة ١٢٠): الجرح المكشوف يكفي غسل ما حوله، ولا يجب وضع شيء عليه ومسحه. نعم إذا كان في موضع المسح فإن أمكن مسحه وجب، وإلا فالأحوط وجوباً وضع شيء عليه ومسحه.

(مسألة ١٢١): إذا كان بعض الاطراف الصحيح تحت الجبيرة، فإن كان وضع الجبيرة لستر الجرح أو نحوه من دون أن يحتاج الجرح ذلك بطبعه لَزم نزع الجبيرة وغسل الموضع الصحيح، وجرى على موضع الجرح حكم الجرح المكشوف.

وإن كان وضع الجبيرة مما يقتضيه طبيعة الجرح، فإن كانت الجبيرة ساترة للصحيح بالمقدار المتعارف لم يجب نزع الجبيرة واجزأ مسحها بدلاً عن غسل ما تحته.

وإن كانت ساترة لاكثر من المتعارف لزم نزعها وغسل ما تحتها من المقدار الصحيح، ومع تعذر النزع أجزأه المسح عليها إن كان كِبرُ الجبيرة مما تقتضيه طبيعة الجرح، أما لو كان لفقد الجبيرة الصغيرة أو نحوه من دون أن يحتاجه الجرح بطبعه فالأحوط وجوباً ضم التيمم.

(مسألة ١٢٢): إذا كانت الجبيرة نجسة لم يجزئ المسح عليه، فإن أمكن تطهيرها أو تبديلها بجبيرة طاهرة أو نزعها وإجراء حكم الجرح المكشوف المتقدم وجب، وإلا فالأحوط وجوباً الجمع بين الوضوء الناقص - بعدم المسح على الجبيرة - والتيمم. وإن أمكن وضع شيء طاهر عليها والمسح عليه فإن عُدّ ذلك بعد وضعه من أجزاء الجبيرة عرفاً أجزأ المسح عليه ولحقه حكم تبديل الجبيرة، وإن عُدّ أمراً خارجاً عنها زائداً عليها لم يجزئ المسح عليه ولحقه حكم تعذّر المسح على الجبيرة من الجمع بين الوضوء الناقص والتيمم.

(مسألة ١٢٣): لا فرق في جريان حكم الجبيرة المتقدم بين الجبيرة

٤٩

الصغيرة وغيرها حتَّى المستوعبة للعضو الوضوئي، بل المستوعبة لتمام الاعضاء. وأما الجرح المكشوف الكبير جداً فيشكل الاكتفاء بغسل ماعدا موضعه، بل الأحوط وجوباً ضم التيمم إليه.

(مسألة ١٢٤): لا فرق في جريان حكم الجبيرة بين أن تكون على العضو المغسول وأن تكون على العضو الممسوح. نعم إذا لم تكن مستوعبة للعضو الممسوح تعين المسح على البشرة في غير موضع الجبيرة، كما لو كانت على أحد أصابع الرجل، فإنه يتعين المسح على غيره من الاصابع لما تقدم من أنه يكفي المسح عرض.

(مسألة ١٢٥): إذا استوعبت الجبيرة العضو الماسح مسَح ببلّته، وإلا مسَح بالبشرة، إلا أن يكون الظاهر من البشرة قليلاً لا يكفي في المسح، فيتمّم المسح بالجبيرة.

(مسألة ١٢٦): لا فرق في جريان حكم الجبيرة وحكم الجرح المكشوف بين أن يكون المانع من استعمال الماء كسراً وجرحاً وورماً وغيرها مما يعود لنقص في البدن، فمع وضع شيء عليه من جبيرة أو عصابة يمسح عليه، ومع عدمه يغسل ما حوله، على ما سبق تفصيله.

نعم لو كان استعمال الماء للطهارة مضراً بما لا يجب غسله كباطن الانف والعين يتعين التيمم، ولا يجزئ الوضوء الناقص. وكذا يتعين التيمم لو كان استعمال الماء موجباً لحدوث خلل في البدن من دون أن يكون موجوداً بالفعل، كبعض الامراض الجلدية التي يخشى من ظهورها باستعمال الماء.

(مسألة ١٢٧): اللطوخ والدهون المطلي بها العضو للتداوي إن أمكن المسح عليها وجب، وإلا فالأحوط وجوباً الجمع بين غسل ما حولها والتيمم.

٥٠

هذا إذا كانت مكشوفة، أما إذا كانت عليها جبيرة فيلحقها ما تقدم من وجوب المسح عليه.

(مسألة ١٢٨): الحاجب اللاصق اتفاقاً من دون أن يحتاج إليه للعلاج الأحوط وجوباً الجمع بين المسح عليه والتيمم.

(مسألة ١٢٩): لا يجب تخفيف الجبيرة، إلا أن يكون الزائد خارجاً عن الجبيرة عرف، كما يجوز إضافة شيء اليها إذا عدّ بعد إضافته إليها جزءً منها عرف.

(مسألة ١٣٠): ما دام خوف الضرر باقياً يجري حكم الجبيرة، ومع زواله يجب رفعه. فلو تعذّر رفعها لامر خارج من ضيقِ وقت أو فقدِ من يُحسِن إزالتها أو نحو ذلك فالأحوط وجوباً الجمع بين المسح عليها والتيمم، نظير ما تقدم في المسألة (١٢٨).

(مسألة ١٣١): إذا خاف الضرر فعمل بحكم الجبيرة ثم تبين عدمه، فإن انكشف عدم الجرح أو الكسر أو نحوهما مما هو موضوع الجبيرة انكشف بطلان الوضوء الجبيري ولزم إعادته وإعادة الصلاة الواقعة به، سواء كان الانكشاف في الوقت أم بعد خروجه. وإن كان موضوع الجبيرة موجوداً - بأن كان هناك كسر أو جرح - وانكشف عدم الضرر من استعمال الماء فالظاهر عدم وجوب التدارك، نعم يجب إعادة الوضوء للصلوات الاتية.

(مسألة ١٣٢): إذا كان موضع من أعضاء الوضوء نجساً وتعذّر تطهيره من دون أن يضرّ به الماء سقط الوضوء ووجب التيمم. وكذا جميع موارد تعذّر الوضوء من غير جهة وجود الحاجب أو خوف الضرر على الموضع الذي يصيبه الماء.

(مسألة ١٣٣): لا فرق بين جريان حكم الجبيرة بين الوضوء والغسل والتيمم.

٥١

(مسألة ١٣٤): لا يجوز إيقاع الطهارة الجبيرية - ونحوها من الطهارة

الناقصة، كالطهارة في الجرح المكشوف - في سعة الوقت إلا مراعاةً باستمرار العذر في تمام الوقت، فإن ارتفع العذر في سعة الوقت انكشف بطلان الطهارة، وبطلان العمل المترتب عليها من صلاة أو نحوه، وإن استمر العذر إلى آخر الوقت انكشف صحة الطهارة وصحة العمل. وحينئذٍ لو ارتفع العذر بعد الوقت لم تبطل الطهارة من وضوء أو غسل، فلا يجب الاستئناف. وإن كان هو الأحوط استحباب، خصوصاً في الوضوء والتيمم.

(مسألة ١٣٥): فإذا كان استعمال الماء مضراً في الواقع إلا أن المكلَّف غفل عن ذلك ولم يخف الضرر فاستعمل الماء من دون جبيرة وأتى بالطهارة التامة صحت طهارته.

وإن خاف الضرر وتعمد الإتيان بالطهارة التامة، فإن لم يكن الضرر بحدّ يحرم إيقاع النفس فيه صحت طهارته أيض، وكذا إذا كان بحدّ يحرم إيقاع النفس فيه إلا أنّه غفل عن احتمال الحرمة. وأما إذا التفت لاحتمال الحرمة حينئذٍ فإن كان إيصال الماء لما لا يضره الماء وغسله بنحو يستلزم وصوله لما يضره الماء بطلت طهارته، لعدم تأتّي قصدِ القربة منه مع التفاته لترتب الحرام على فعله، وإن لم يكن كذلك بل كان وصول الماء لما يحرم وصوله إليه بحركة مستقلة صحت طهارته.

ويجري هذا التفصيل فيما لو خاف الضرر وتبين عدمه في الواقع بعد الإتيان بالطهارة التامة.

(مسألة ١٣٦): في كل مورد يشك المكلف في أن وظيفته الطهارة الجبيرية ونحوها أو التيمم يتعيّن عليه الجمع بينهما حتَّى يتضح له الحال بالسؤال ونحوه.

٥٢

الفصل الخامس

في سَلَسِ البول والبَطَن

والمراد بالأول عدم استمساك البول، وبالثاني عدم استمساك الغائط، وبحكمه عدم استمساك الريح.

(مسألة ١٣٧): ذوا السلس والبَطن إن كان لهما فترة مضبوطة تسهل معرفتها تسَعُ الوضوءَ والصلاةَ التامة وجب عليهما انتظارها وإيقاع الصلاة بطهارة تامة فيه. وكذا الحال في كل مستمر الحدث.

(مسألة ١٣٨): يكفي في الحكم السابق سعة الفترة لادنى الصلاة الاختيارية الواجبة، بل يكفي سعتها لصلاة المستعجل كالفاقدة للسورة.وأما لو كانت تسع الصلاة الاضطرارية دون الاختيارية كالصلاة بالايماء، أو الصلاة بالتيمم فالأحوط وجوباً الجمع بينها وبين الوظيفة الاتية.

(مسألة ١٣٩): ذو السلس إذا لم تكن له فترة مضبوطة تسع الطهارة والصلاة التامة يجمع بين الظهرين بأذان وإقامتين بوضوء واحد، وكذا بين العشائين، ويتوضأ لكل صلاة غيرها إذا كانت مضيقة، حتَّى لو كانت مستحبة.

(مسألة ١٤٠): إذا فرّق ذو السلس في الفرض السابق بين الظهرين أو العشائين أعاد الوضوء للصلاة الثانية.

(مسألة ١٤١): ذو البَطن إن لم تكن له فترة مضبوطة تسع الطهارة والصلاة التامة إذا فاجأه الحدث في أثناء الصلاة توضأ وبنى على ما مضى من صلاته. والأحوط وجوباً تجنُّب منافيات الصلاة من الكلام والقهقهة والبكاء.

٥٣

نعم لا بأس بترك الاستقبال وترك الستر - للمرأة - بالمقدار الذي يقتضيه الوضوء، وكذا الفعل الكثير الذي تقتضيه تهيئة مقدمات الوضوء القريبة أما البعيدة كاستقاء الماء - فالأحوط وجوباً قدحه، فلابد من تجنب ذلك بتهيئة المقدمات المذكورة قبل الصلاة.

(مسألة ١٤٢): إذا لم تكن لذي البَطن فترة تسع الطهارة وبعض الصلاة كان عليه الوضوء لكل صلاة.

(مسألة ١٤٣): صلاة الاحتياط وقضاء الاجزاء المنسيّة تابعة لصلاتها في الاحكام السابقة، فمع الاكتفاء بوضوء واحد لصلاة أو صلاتين يكتفى بذلك الوضوء لصلاة الاحتياط وقضاء الاجزاء المنسية، ولا يحتاج لتجديد الوضوء له، ومع تكرار الوضوء للصلاة الواحدة لابد من الوضوء إذا وقع الحدث لها أو في أثنائه.

(مسألة ١٤٤): يجب على من به السلس والبَطن التحفظ من تعدي النجاسة للبدن والثوب مهما أمكن فيعلق الرجل كيساً فيه قطن للبول، وتستثفر المرأة، كما يستثفران للغائط، على نحو ما يأتي في الاستحاضة. والأحوط وجوباً التطهير لكل صلاة. نعم في مورد الجمع بين الصلاتين بوضوء واحد يكفي التطهير لكل صلاتين.

(مسألة ١٤٥): بقية أفراد مستمر الحدث - مثل من يفجؤه النوم - إذا لم تكن له فترة تسع الصلاة التامة اكتفى بالصلاة الاضطرارية مع الطهارة ولو بتيمم، فإن تعذّر ذلك فالأحوط وجوباً الوضوء لكل صلاة. نعم لو كانت له فترة تسَع الصلاة - وإن كانت اضطرارية بطهارة ولو بتيمم - لكنه لم يصلّ فيها للجهل بها أو تفريطاً فالأحوط وجوباً الجمع بين الوضوء لكل صلاة أداءً والقضاء بعد ذلك.

٥٤

الفصل السادس

في غايات الوضوء

الوضوء لا يطلب لنفسه، بل لترتب الطهارة ورفع الحدث عليه، فكل ما يشترط فيه الطهارة المذكورة يشترط فيه الوضوء، ويترتب على ذلك مسائل:

(مسألة ١٤٦): لابدّ من الوضوء في صحة الصلاة الواجبة والمندوبة، وكذا صلاة الاحتياط وقضاء الاجزاء المنسية. بل هو الأحوط وجوباً في سجود السهو.

(مسألة ١٤٧): لا يشترط الوضوء في صحة الصلاة على الميت، وإن كان الافضل إيقاعها عن وضوء.

(مسألة ١٤٨): يشترط الوضوء في الطواف الواجب، وهو ما كان جزءً من حج أو عمرة. ولا يشترط في غيره حتَّى لو وجب بنذر أو نحوه. نعم الافضل إيقاعه عن وضوء. وإنما يشترط في صلاته لا غير.

(مسألة ١٤٩): يحرم على المُحدِث غير المتوضئ مسُّ كتابة المصحف الشريف وأبعاضه. بل الأحوط وجوباً عدم مسّه لما يكتب من القرآن في غير المصحف، ككتب التفسير والحديث وغيره. نعم لا بأس بمسّ ما يكتب في الدراهم والدنانير، حتَّى الورقية المتعارفة في عصورن.

(مسألة ١٥٠): إنما يحرم على المحدِث مسّ رسم الحرف القرآني في المصحف ونحوه، دون رسم الحركات الاعرابيّة والمدّ والتشديد ونحوها مما لا يكون رسماً للحرف، بل لكيفيّة النطق به.

(مسألة ١٥١): الأحوط وجوباً أن لا يمسّ المحدِث غير المتوضئ لفظ الجلالة وسائر أسماء الله تعالى وصفاته. ولا يلحق به أسماء الانبياء والائمة وسيدة النساء صلوات الله عليهم أجمعين.

٥٥

(مسألة ١٥٢): لا فرق في الكتابة بين أنواع الخط العربي. بل الأحوط وجوباً العموم للخطوط غير العربية إذا رُسم بها القرآن على عربيته، وكذا إذا رُسم بها لفظ الجلالة أو أسماؤه تعالى.

(مسألة ١٥٣): لا يحرم على المحدث مسّ ترجمة القرآن، وأما أسماؤه تعالى بغير اللغة العربية فالأحوط وجوباً عدم مسّه.

(مسألة ١٥٤): لا فرق بين الكتابة بالحبر والتطريز والحَفْر وغيره. ويتحقق المسّ في الحفر بمسّ القعر، بل الأحوط وجوباً فيه العموم لمسّ الحواشي، وكذا الحال في مسّ الكتابة بنحو التخريم، فيتجنب مسّ حواشيه.

(مسألة ١٥٥): الأحوط وجوباً عدم المسّ حتَّى بما لا تحله الحياة، كالظفر. نعم لا بأس في المسّ بالشعر.

(مسألة ١٥٦): لابد في صدق القرآن من قصد الكاتب - ولو إجمالا - الحكايةَ عنه ورسْمَه، فلو كتب ما يطابقه لفظاً لا بنيّة رسمهِ والحكايةِ عنه لم يحرم مسّه، من دون فرق بين الالفاظ المشتركة والمختصة.

(مسألة ١٥٧): الظاهر أن الصور الفوتوغرافية لكتابة القرآن وأسمائه تعالى بحكم القرآن وبحكم أسمائه تعالى في المسّ.

(مسألة ١٥٨): الظاهر جواز كتابة القرآن الكريم ونحوه على بدن المحدِث، ولا يجب على المحدث حينئذٍٍ المبادرة للوضوء أو الغسل.

(مسألة ١٥٩): لا يجب منع المحدث غير المكلف من مسّ القرآن ونحوه، بل يجوز التسبيب لمسّه، وكذا الحال في الجاهل بالحرمة جهلاً معذِّر.

٥٦

(مسألة ١٦٠): ذكر العلماء (رضوان الله عليهم) أنه يستحب الوضوء لغير الطواف من أفعال الحج، ولطلب الحاجة، ولحمل المصحف الشريف، ولتلاوة القرآن، ولدخول المساجد، ولتغسيل الجنُب للميت، ولجماع مغسِّل الميت قبل أن يغتسل، وللنوم، ولسجود الشكر، وللكون على الطهارة، ولتجديد الطهارة من دون حدث، ولغير ذلك.

(مسألة ١٦١): يكفي في التقرب المعتبر في الوضوء الإتيان به من أجل بعض ما سبق، سواء توقفت صحته عليه - كالصلاة - أم توقف كماله عليه - كصلاة الميت وقراءة القرآن - أم توقف جوازه عليه - كمسّ المصحف - أم توقف رفع كراهته عليه، كجماع مغسِّل الميت قبل أن يغتسل. بل يكفي فيه الإتيان به برجاء المطلوبية لغاية يحتمل مشروعيته له، كما هو الحال في بعض المستحبات المذكورة في كلماتهم، على ما ذكرناه في أواخر مباحث الاجتهاد والتقليد.

(مسألة ١٦٢): إذا توضأ لغاية - كالصلاة - ثم تبيّن أنه قد أتى بها صح وضوؤه.

(مسألة ١٦٣): إذا توضأ لغاية - كقراءة القرآن - ثم لم يأتِ بها صح وضوؤه.

(مسألة ١٦٤): إذا توضأ للتجديد ثم تبيّن أنه كان محدثاً صح وضوؤه وكان رافعاً للحدث.

(مسألة ١٦٥): يصح الوضوء لغاية - كالصلاة - قبل دخول وقته.

٥٧

الفصل السابع

في آداب الوضوء وسننه

(مسألة ١٦٦): لا إشكال في كفاية الغسلة الواحدة لكل عضو من أعضاء الوضوء، كما لا إشكال في مشروعية الثانية. بل قيل باستحبابه، لكنه لم يثبت. وأما الثالثة فالظاهر أنها بدعة. بل يبطل الوضوء بها إذا تحقق المسح بمائه. كما لو غسل اليسرى ثلاث. وأما تعدُد الغرفات للغسلة الواحدة فلا بأس به، وليس لها عدد خاص.

(مسألة ١٦٧): سنن الوضوء على ما تضمنته النصوص الشريفة أو ذكره العلماء (رضوان الله عليهم) اُمور:

منها: السواك، وهو دلك الاسنان. بل هو مستحب حتَّى لغير الوضوء. والافضل أن يكون بعود الاراك وليفه وعود الزيتون، ثم مطلق قضبان الشجر، وأدناه أن يدلكها بأصبعه.

ومنها: وضع الاناء الذي يتوضأ منه على اليمين، وكذا الاغتراف باليمين حتَّى لغسله. فيصبه في اليسرى ثم يغسل اليمنى به.

ومنها: التسمية حين وضع اليد في الماء حين الاستنجاء مقدمةً للوضوء، وقبل وضع اليد في الماء للوضوء، وبعد الشروع في غسل الوجه. ويحسن تداركها في الاثناء لوتركها في أوّل الوضوء.

ومنها: الدعاء بالمأثور، وقد وردت أدعية كثيرة، ففي النص الصحيح: «إذا وضعت يدك في الماء فقل: بسم الله وبالله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين».

وفي حديث وضوء أمير المؤمنين (عليه السلام):«فأتاه محمّد بالماء فأكفأه فصبه

٥٨

بيده اليسرى على يده اليمنى ثم قال: بسم الله وبالله والحمد لله الذي جعل الماء طهوراً ولم يجعله نجس.

قال: ثم استنجى فقال: اللهم حصّن فرجي واعفّه واستر عورتي وحرّمني على النار.

قال: ثم تمضمض فقال: اللهم لقّني حجتي يوم ألقاك، وأطلِق لساني بذكراك. ثم استنشق فقال: اللهم لا تحرّم عليَّ ريح الجنة واجعلني ممن يشم ريحها وطيبه.

قال: ثم غسل وجهه فقال: اللهم بيّض وجهي يوم تسودّ فيه الوجوه ولا تسوّد وجهي يوم تبيضّ فيه الوجوه.

ثم غسل يده اليمنى فقال: اللهم اعطني كتابي بيميني والخلد في الجنان بيساري وحاسبني حساباً يسير.

ثم غسل يده اليسرى فقال: اللهم لا تعطني كتابي بشمالي، ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي، وأعوذ بك من مقطّعات النيران.

ثم مسح رأسه فقال: اللهم غشِّني برحمتك وبركاتك وعفوك.

ثم مسح رجليه فقال: اللهم ثبّتني على الصراط يوم تزلّ فيه الاقدام واجعل سعيي فيما يرضيك عني».

وفي الخبر الصحيح: «فإذا فرغت فقل: الحمد لله رب العالمين».

وهناك صور اُخر وأدعية اُخر يضيق المقام عن ذكره.

ومنها: المضمضة والاستنشاق، وتثليثهم، وتقديم المضمضة.

ومنها: بدء الرجل في غسل اليدين بظاهر الذراعين، وبدء المرأة بباطنهم.

ومنها: إسباغ الوضوء بتكثير الماء لكل عضو غرفتان، أو غرفة وافية، بحيث يستولي الماء على العضو المغسول ويفيض عليه، وعدم الاكتفاء بأقل

٥٩

المجزئ الحاصل بوصول الماء للبشرة وإن قل.

ومنها: الوضوء بمُد وهو ثمانمائة وسبعون غراماً تقريب. والظاهر أن المقدار المذكور إنما يستحب مع الإتيان بآداب الوضوء.

ومنها: فتح العينين عند غسل الوجه وإشرابهما الماء. إلى غير ذلك.

(مسألة ١٦٨): يكره في الوضوء اُمور:

منها: الاستعانة بالغير في صب الماء لوضوء الصلاة. بل يستحب عدم الاستعانة بالغير حتى في مقدمات الوضوء البعيدة، كاستقاء الماء وتسخينه.

ومنها: الوضوء في المسجد من حدث البول والغائط، وكذا غيرهما من الاحداث إذا وقع في غير المسجد. ويأتي الكلام في حكم المعتكف في محله إن شاء الله تعالى.

ومنها: الوضوء من الاناء المفضَّض أو المذهَّب أو المنقوش بالصور. وكذا الوضوء فيه. وأما الوضوء من إناء الذهب والفضة فيحرم، كما سبق في مبحث النية، ويأتي في آخر كتاب الطهارة.

ومنها: الوضوء بالماء المسخن بالشمس، بل مطلق الغسل به، بل مطلق الاستعمال له.

ومنها: الوضوء من الماء القليل الذي يدخل المحدث بالنوم أو البول أو الغائط أو الجنابة يدَه فيه.وترتفع الكراهة، في الأول بغَسلها مرة، وكذا في الثاني وإن كان الافضل فيه مرتين، وفي الثالث بالغَسل مرتين، وفي الرابع بالغَسل ثلاث.

ومنها: الوضوء بالماء الاجن، وبجميع المياه التي يكره استعماله، كماء البئر قبل النزح والاسآر المكروهة.. إلى غير ذلك.

(مسألة ١٦٩): يكره صب الماء المستعمل في الوضوء في الكنيف، وهو مجرى المرافق الصحية.

٦٠