منهاج الصالحين - العبادات الجزء ١

منهاج الصالحين - العبادات0%

منهاج الصالحين - العبادات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 458

منهاج الصالحين - العبادات

مؤلف: السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 458
المشاهدات: 165831
تحميل: 4563


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 458 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 165831 / تحميل: 4563
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين - العبادات

منهاج الصالحين - العبادات الجزء 1

مؤلف:
العربية

(مسألة ٦٦): إذا انتهت سنة الربح فلم يدفع الخمس ودفعه من أرباح السنة الاتية، فإن كان ربح السنة الاُولى باقياً لم يكن وفاء الخمس من مؤن سنة الوفاء، بل يجب خمس المقدار الذي وفى به الخمس كبقية ربح تلك السنة، وإن كان تالفاً كان وفاء الخمس من مؤن سنة الوفاء فلا يجب الخمس في مقداره.

(مسألة ٦٧): إذا انتهت السنة وكان بعض أرباحها ديناً حالاًّ في ذمة الناس ثبت في ذمة المدين خمس ما في ذمته فيجب عليه أداؤه بأداء الدين لصاحبه، ولا يجوز لصاحب الدين الاذن في تأخير الوفاء، إلا أن يبادر إلى أداء خمس الدين بنفسه او يراجع الحاكم الشرعي. ولو اذن من دون مراجعته فإن كان المدين مؤمناً حلّ له التأخير وتحمّل الدائن تبعة تأخير الدين.

(مسألة ٦٨): يتعلق الخمس بالربح بمجرد ظهوره إذا كان أكثر من مؤنة السنة، ويجوز للمالك تأخير دفعه إلى آخر السنة حتى لو علم بزيادته عن المؤنة.

(مسألة ٦٩): يجوز للمالك تعجيل دفع الخمس بعد ثبوته قبل انتهاء السنة. نعم لا يكفي في ذلك العلم بحصول الربح بما يزيد على المؤنة في مجموع السنة ولو في أواخرها بعد دفع الخمس، بل لابدّ من حصوله قبل دفع الخمس، إذ مع عدم حصوله لا خمس حتى يدفع فمثلاً إذا كان الشخص لا يربح إلا في آخر السنة لم يكن له دفع الخمس في اوله. وإذا كان يربح في كل شهر عشرة آلاف دينار لم يكن له أن يدفع في أول السنة خمس مجموع ربحه، وهو مائة وعشرون الف دينار، بل لا يدفع إلا خمس ما حصل له من الربح. فإن احتاج إلى تعجيل الدفع قبل العلم بحصول الربح يتعين عليه الدفع بعنوان القرض ثم وفاء القرض من الخمس بعد ظهور الربح.

(مسألة ٧٠): يجب المبادرة لأداء الخمس بعد انتهاء سنة الربح إذا كانت العين تحت يده، ولا يجوز تأخيره إلا بإذن الحاكم الشرعي.

٤٢١

(مسألة ٧١): لا يجوز التصرف في العين التي تعلق بها الخمس بعد انتهاء سنة الربح، من دون فرق بين التصرف الخارجي بالاكل واللبس ونحوهما والتصرف الاعتباري بالبيع والشراء والاجارة ونحوه، والأحوط وجوباً العموم في ذلك للتصرف بالبيع والشراء ونحوهما من أجل تصفية المال ودفع الخمس، فلابدّ من استئذان الحاكم الشرعي في ذلك، وقد أذنت في ذلك إذناً عامّاً لكل من يريد به المبادرة للأداء.

(مسألة ٧٢): يتعلق الخمس بالعين ويتخيّر المالك بين دفع العين ودفع القيمة من النقود، ولا يجوز دفعه من الاعيان الاُخرى إلا باذن الحاكم الشرعي. نعم في غنائم الحرب تكون الولاية في التعيين للإمام، وفي الارض التي يشتريها الذمي لا يبعد إلزام الذمي بدفع القيمة إذا لم يكن خمس العين صالحاً للانتفاع. بل يحتمل ذلك مطلق. والامر سهل لعدم الابتلاء بذلك في عصورنا هذه.

(مسألة ٧٣): إذا تصرف المالك في المال الذي تعلق به الخمس قبل إخراج الخمس بالبيع أو الشراء أو الهبة أو الابراء أو الاجارة أو اُذن بالتصرف فيه لم ينفذ تصرفه ولا إذنه بدون إذن الحاكم الشرعي، فلا يجوز للغير ترتيب الاثر على ذلك، إلا إذا كان مؤمناً فإنه يجوز له ترتيب الاثر على ذلك لان الائمة عليهم أفضل الصلاة والسلام قد أباحوا لشيعتهم ذلك، فينتقل خمس العين لذمة صاحب الحق إن أخذ المؤمن العين، كما ينتقل خمس منفعتها لذمة صاحب الحق إن تصرف المؤمن في المنفعة بإذنه. بل يكفي أخذ المؤمن للعين بوجه شرعي ولو من دون تصرف من صاحب المال، كما في موارد المقاصّة واستيفاء الدين عند امتناع المدين من أدائه ونحوه، وكذا في ميراث المال إذا لم يكن المورَث بانياً على أداء الخمس، وأما إذا كان بانياً على أدائه وقد غلبه الموت فالأحوط وجوباً عدم سقوط الخمس عن العين خصوصاً إذا أوصى به، فيلزم إخراجه حينئذٍ.

٤٢٢

(مسألة ٧٤): إذا حل رأس السنة وحاسب الشخص نفسه وعين مقدار الخمس ولم يدفعه، فلذلك صورتان:

الأولى: أن يعين مقدار الخمس من النقد بمصالحة مع الحاكم الشرعي على ان تنشغل به ذمته وتخلص الاعيان الخارجية التي عنده من الخمس. وحينئذٍ يثبت في ذمته المقدار الذي عين بالمصالحة. سواءً بقيت الاعيان الخارجية عنده ام لم تبق، بل تلفت أو أخرجها عن ملكه بعوض او مجاناً وسواءً بقي سعرها على حاله ام تغير.

الثانية: ان يعين مقدار الخمس من النقد بنظره مع بقائه في الاعيان الخارجية التي عنده من دون مصالحة مع الحاكم الشرعي. وحينئذٍ ان ارتفعت قيمة الاعيان التي فيها الخمس قبل دفعه ارتفع مقدار الخمس، وإن نقصت قيمتها نقص مقدار الخمس، ولا يضمن النقص حتى لو كان مفرطاً في تأخير الخمس. نعم إذا اخرج الاعيان الذي عنده والتي فيها الخمس عن ملكه بعوض او مجاناً قبل نزول قيمتها فإن الخمس بقيمته الأولى ينتقل لذمته ولا ينقص بنزول القيمة بعد ذلك. أما اذا طرأ التلف او نحوه - كسرقة او ضياع - على الاعيان المذكورة، فإن كان غير مفرط في تأخير الخمس ولا في التلف نقص من الخمس بنسبة التالف للباقي، فإن تلف النصف مثلاً نقص من الخمس النصف، وان تلف الربع نقص من الخمس الربع وهكذ، وإن كان مفرطاً في تأخير الخمس او في التلف ضمن الخمس بتمامه.

٤٢٣

الفصل الثاني

في مستحق الخمس

يقسم الخمس بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نصفين: نصف لإمام المسلمين، وهو في عصرنا المنتظر قائم آل محمد صاحب الزمان عجل الله فرجه وجعل أرواحنا فداه، وهو الذي يطلق عليه سهم الإمام. ونصف لبني هاشم زادهم الله شرف، وهو الذي يطلق عليه سهم السادة.

(مسألة ٧٥): المراد من بني هاشم من انتسب لهاشم بالاب، من دون فرق بين بطونهم. نعم الأولى تقديم العلوي، بل الفاطمي.

(مسألة ٧٦): يشترط في بني هاشم الايمان والفقر بالنحو المتقدم تفصيله في الزكاة. نعم في ابن السبيل يكفي الفقر في بلد التسليم إذا لم يتمكن من الاستدانة بالنحو الذي يقدر معه على الوفاء من ماله والذي لا يلزم منه الاهانة والحرج عليه. والأحوط وجوباً أن لا يكون عاصياً بسفره.

(مسألة ٧٧): لا يعطى الفقير أكثر مما يتمّ له به مؤنة سنته، وأما ابن السبيل فلا يدفع له أكثر مما يوصله لبلده، إلا أن يحتاج للاستمرار في سفره فيدفع له ما يسدّ حاجته فيه.

(مسألة ٧٨): لا يصدّق من ادعى النسب، إلا بالبيّنة أو الشياع الموجب للاطمئنان، وقد تقدم في الزكاة ما ينفع في المقام.

(مسألة ٧٩): لا يجوز للشخص إعطاء سهم السادة الذي في ماله لمن تجب نفقته عليه، إلا إذا كانت عليه نفقة غير لازمة عليه، على التفصيل المتقدم في الزكاة.

(مسألة ٨٠): لابدّ في دفع نصف الحق لبني هاشم من تمليكهم له بقبض

٤٢٤

المستحق أو وليه، ولا يكفي بذله لهم أو صرفه عليهم من دون تمليك.

(مسألة ٨١): لا يشرع اشتراط مصرف خاص على من يملك الحق من بني هاشم، فلا يجوز مثلاً أن يدفع له على أن يتزوج به او ينفقه في شراء الطعام او الداوء أو نحو ذلك، وإن أمكن أن يكون شيء من ذلك هو الداعي لدفع الخمس له دون أن يلزم بالاقتصار في صرف المال عليه. نعم يمكن أن يدفع له المال أمانة على أن لا يتملكه إلا إذا كان ينفقه في وجه خاص. لكن لا تبرأ ذمة دافع الحق ولا يتعين المال من السهم المذكور بدفعه له، بل يتوقف على تملكه بعد ذلك من أجل صرفه في الوجه المذكور.

(مسألة ٨٢): لا يستقلّ من عليه الحق في توزيع نصف الخمس على مستحقيه من بني هاشم، بل لابدّ من استئذانه الحاكم الشرعي في ذلك، وقد أذنتُ لمن عليه الحق في دفع الحق المذكور لهم، وينبغي له ملاحظة المرجحات الشرعية.

(مسألة ٨٣): لا يجوز صرف النصف الراجع للإمام في عصر غيبته إلا في مورد يحرز رضاه بصرفه فيه، للعلم باهتمامه صلوات الله عليه به بمقتضى منصبه الرفيع وولايته العامة ورعايته للدين وأبوته على المؤمنين وكفالته لهم، ونحن نُحرز ذلك في موردين:

الأول: خدمة الدين الحنيف برفع دعائمه وإقامة شعائره والحفاظ على حرماته، ودفع عادية المعتدين عليه وردّ كيد الظالمين عنه وترويج الشرع الشريف ونشر أحكامه، ومن أهم مصاديق ذلك خدمةُ أهل العلم المخلصين الصحيحين المهتمين بأداء وظيفتهم الذين يصرفون أوقاتهم في تحصيل العلوم الدينية وتحقيق حقائقه، والباذلين أنفسهم في تعليم الجاهلين وإرشاد الضالين ونصح المؤمنين ووعظهم وإصلاح ذات بينهم، ونحو ذلك مما يرجع إلى تقوية دينهم وتكميل نفوسهم وتقريبهم من ربهم، فإنهم من أحسن مصارف هذا الحق ولهم أن يأخذوا منه ما يكفيهم ويحفظ لهم عزتهم وكرامتهم ويستغنون

٤٢٥

به عن غيرهم، ليتفرّغوا لاداء واجبهم، والقيام بوظيفتهم، بعيداً عن التوسع والجمع والسرف والترف.

وأما من تزيّى بزيّهم وانتسب لهم من دون أن يؤدي خدمة أو يقوم بواجب فلا يستحق من هذا الحق شيئ، ولو أخذ منه كان سارق، وأولى بذلك من اتخذ من زيّه ونسبته لهم سُلّماً للدنيا المحرّمة لا يهمه من أين أتته وأي طريق يركبه إليه، فصار أداةً للشيطان وسبباً لطمس الحقائق وتضليل الغافلين وتحريف أحكام الشرع المبين. أعاذنا الله تعالى من ذلك وكفانا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا وأعاننا على أنفسنا بما يعين به الصالحين على أنفسهم. وهو حسبنا ونعم الوكيل.

الثاني: دفع ضرورات المؤمنين المتديّنين ومدّ يد العون إليهم، وإغاثة لهفتهم وتنفيس كربتهم، فإنهم عيال صاحب هذا الحق صلوات الله عليه اللازمون له الذين يجب عليه نفقتهم وكشف ضرّهم والذين يحزنه حزنهم ويؤلمه ألمهم، لانه الاب الرؤوف والوالد العطوف، ففي تفريج كربتهم وإغاثة لهفتهم تفريج لكربته وأداء لوظيفته في غيبته وتحقيق لرغبته في محنته.

واللازم وراء هذين المصرفين شدة الاهتمام بإحراز رضاه (عليه السلام) وبذل الوسع في ذلك بملاحظة المرجِّحات والأولويات، بعيداً عن الاغراض الشخصية والمغانم الفردية، فإن الحق حقّه والمال ماله، وكل من قدّم مصلحته على مصلحة الحق خائن له صلوات الله عليه ولمنصبه الرفيع مهما كان مقام ذلك الشخص وإن خدعته نفسه بالاماني الكاذبة والاوهام الباطلة.

(مسألة ٨٤): لا يجوز للمالك الاستقلال في التصرف بنصف الخمس الراجع للإمام وصرفه في مصارفه المتقدمة، بل لابدّ من الرجوع للحاكم الشرعي المستوعب للجهات العامة والخاصة والعارف بجهات الصرف، الذي يتيسر له القيام بها ولو بالاستعانة بأهل المعرفة والامانة، فيكون صرف

٤٢٦

الحق المذكور برأي كلّ من المالك والحاكم، إما بإيكال أحدهما الامر للاخر أو إعمال نظرهما معاً في كيفية الصرف، فاللازم على المالك الرجوع لمن هو الاوثق في نفسه في الامانة والمعرفة وحسن التصرف وبُعد النظر بَعد التثبت وبذل الجهد، والحذر ثم الحذر من المؤثرات الخارجة عن مقتضى الوظيفة الشرعية، فإن هذا الحق أمانة بيده وبيد الحاكم الشرعي المذكور وبيد كل من تقع يده عليه، فاللازم على الكل تحرّي الاقرب فالاقرب من رضاه صلوات الله عليه، لتؤدى الامانة فيه على أفضل الوجوه وأحوطه، مع صدق النية والاخلاص في أداء الواجب والبُعد عن الرغبات الشخصية والمغانم الفردية ومحاباة الاخرين.

فلعلّ الله سبحانه وتعالى إذا علم ذلك من القائمين به سدّدهم في عملهم ووفقهم في مسعاهم وأجرى الخير على أيديهم وبارك لهم في أمرهم، وإن أخطؤوا مع ذلك قَبِل منهم وعفى عنهم، لان نية المرء خير من عمله ولا يكلّف الله نفساً إلا وسعه، وإلا خذَلهم في أمرهم وأوكلهم إلى أنفسهم، يتورّطون في الشبهات ويرتطمون بالمحرمات، فإن صادف أن ترتب النفع على عملهم لم يكونوا مشكورين ولا مأجورين، وإن ضاع الحق بتصرّفهم وصرف في غير مورده كانوا محاسَبين على تفريطهم، مؤاخذين بخيانتهم يوم لا يغني مولى عن مولى شيئاً ولا هم يُنصرون، وهذا هو الواجب في جميع موارد أداء الوظائف الشرعية والقيام به، لان المُطالِب بها عالِم بالسرائر ومطّلع على الضمائر قد أوضح معالم الحق واستكمل الحجة على الخلق.

(مسألة ٨٥): إذا أذن الحاكم الشرعي في أخذ الحق لشخص يعلم من نفسه أنه ليس أهلاً له - إما دفعاً لشرّه أو ضرره، أو لخطئه في تشخيص حاله بعد استكمال الفحص حسب طاقته - لم يحلّ المال لذلك الشخص، لان الحاكم الشرعي وإن كان معذوراً قد أدى وظيفته حسب طاقته واجتهاده إلا أنه لا يحلّل حراماً ولا يحرّم حلال، ولا يغيّر حقّاً ولا باطل، فالمال المدفوع كالرشوة

٤٢٧

التي يدفعها صاحبها عند الضرورة دفعاً للشر، يحلّ له دفعها ويحرم على آخذِها أخذها وأكله، أو كالمال المأخوذ بشهادة الزور الذي هو قطعة من النار وإن كان الحاكم به نبياً أو وصيّ.

(مسألة ٨٦): ليس من مصارف هذا الحق العاملون عليه الذين يتولّون أخذه من صاحب المال وإيصاله للحاكم الشرعي، فإن ذلك مختص بالزكاة، فقد جعل الله تعالى للعاملين عليها سهماً فيها من ثمانية أسهم - على تفصيل تقدم في كتاب الزكاة - ولم يجعله في بقية الواجبات المالية من الخمس وغيره.

نعم إذا كان الموصِل للحق من مصارفه - في نفعه الديني أو حاجته وتديّنه - جاز دفع شيء له مما أوصل أو من غيره، بل قد يستحقّ أكثر مما أوصل، على نحوِ ما تقدم في المسألة (٨٣)، كما أنه إذا كان عارفاً بجهات صرفه مطلعاً عليها مأموناً على الحق يطيق أداء الوظيفة فيه حسُن التعاون معه ومع أمثاله في إيصال الحق لاهله وصرفه في مصارفه وأداء الامانة فيه، بل قد يحسن أن يوكَل إليه صرف تمام ما حَمل أو أكثر منه حسبما يراه الحاكم الشرعي الذي هو مأمون عليه وناظر فيه.

وقد خرجنا في تحرير هذه المسائل عن الوضع التقليدي، رغبة في إيضاح بعض الحقائق المسلَّمة التي قد تتعرض في زماننا هذا للتشويه والتحريف.

ونسأله سبحانه وتعالى أن يسدّد القائمين على هذا الحق المتولّين لصرفه ويوفقهم لاداء وظيفتهم على أكمل وجوهها وأرضاها لصاحب هذا الحق إمام العصر وولي الامر عجل الله تعالى فرجه، ليكونوا بذلك مرضيين لديه، مقبولين عنده، معدودين في خدامه وأعوانه في غيبته، مستحقين دعاءه وشفاعته، ليفوزوا بأعلى منازل المقربين وأرفع درجات العاملين.

وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه اُنيب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

(مسألة ٨٧): يجوز نقل الخمس من بلد المال الذي وجب فيه إلى غيره

٤٢٨

مع عدم وجود المستحق فيه أو عدم معرفته، بل مع وجوده ومعرفته إذا لم يكن النقل منافياً للفورية، وأما إذا كان منافياً لها فلا يجوز إلا بإذن الحاكم الشرعي.

(مسألة ٨٨): يجوز عزل الخمس في مال مخصوص بإذن الحاكم الشرعي، فيتعين الخمس في المال المعزول ويتخلص بيقية المال من الحق. وحينئذٍ لا يجوز تبديل المال المعزول بغيره. كما أن المال المعزول يكون أمانة في يد صاحبه لا يضمنه إلا مع التعدّي والتفريط ولو بتأخير الدفع للمستحق. وأما استقلال صاحب المال بعزل الخمس من دون إذن الحاكم الشرعي فالظاهر عدم ترتب الاثر عليه.

(مسألة ٨٩): إذا كان لصاحب المال دين في ذمة المستحق ففي كفاية احتسابه عليه من النصف الراجع للسادة إشكال. والأحوط وجوباً الاستئذان من الفقير ليقبض عنه مقدار الحق الذي يراد دفعه إليه ليملكه ثم يؤخذ وفاءً عن ذمته. وأما النصف الراجع للإمام فالظاهر جواز احتسابه بإذن الحاكم الشرعي.

(مسألة ٩٠): إذا دفع الحاكم الشرعي - او المالك بإذن الحاكم الشرعي - سهم الإمام (عليه السلام) لشخص، فإن كان عوضاً عن عمل او عين يملكها ملكه، وإن كان عطاءً مجانياً - لحاجته او لنفعه الديني أو نحو ذلك مما يسوغ الدفع له - لم يملكه، لعدم توقف الغرض من دفعه غالباً على تمليكه، وحينئذٍ يبقى المال في يده يباح له التصرف فيه من دون أن يصير له، فلا يجب فيه الخمس لو حل رأس سنته، ولا تجري احكام المواريث عليه لو مات، بل لا يستحقه من ورثته إلا من هو مصرف له بنظر الحاكم بعد مراجعته.

نعم لو رأى الحاكم الشرعي المصلحة في تمليك المال للشخص فملّكه اياه ملكه وجرت عليه أحكام الملك.

أما سهم السادة فقد سبق انه يملك، فتجري عليه أحكام الملك بلا إشكال.

والحمد لله رب العالمين.

٤٢٩

كتاب الأمر بالمعروف

والنهي عن المنكر

وهما من أعظم الواجبات الدينية، وبهما يصلح المجتمع ويقمع الفساد ويستدفع الشر. قال تعالى: (كنتم خير اُمة اُخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) وقال عزّ من قائل: (ولتكن منكم اُمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واُولئك هم المفلحون).

وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «إذا اُمّتي تواكلت [تواكلوا] الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فليأذنوا بوقاع من الله». وعن الإمام الرضا (عليه السلام) أنه قال: «لتأمُرنَّ بالمعروف ولتنهُنّ عن المنكر أو ليستعملنّ عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم».

وعن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: «إن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الانبياء ومنهاج الصلحاء، فريضة عظيمة تقام بها الفرائض وتأمن المذاهب وتحلّ المكاسب وتردّ المظالم وتعمر الارض وينتصف من الاعداء ويستقيم الامر».

وفي حديث: «قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): كيف بكم إذا فسدت نساؤكم وفسق

٤٣٠

شبابكم ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر؟ فقيل له: ويكون ذلك يا رسول الله؟! قال: نعم، وشرّ من ذلك، كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟ فقيل له: يارسول الله ويكون ذلك؟! قال: نعم، وشرّ من ذلك، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً؟».

والكلام فيه يقع في ضمن فصول..

الفصل الأول

في حقيقتهم

يجب على المؤمن بالنسبة للمعروف والمنكر موقفان مترتبان طبعاً:

الأول: الموقف النفسي، وهو: الاُنس بالمعروف والارتياح له، والانزعاج من المنكر والتألم منه والرفض له نفسي. وهو المراد بإنكار المنكر بالقلب.

الثاني: الموقف العملي، وهو محاولة التغيير بالحث على المعروف عند تركه بالامر به والتشجيع عليه، والردع عن المنكر عند فعله بالنهي عنه والتبكيت عليه. وهو المراد بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وله مراتب:

الاُولى: التغيير الصامت، بظهور الغضب والتألم من العاصي والاعراض بالوجه عنه والهجر له في المعاشرة وقطع الاحسان عنه ونحو ذلك.

الثانية: التغيير بالقول، بالامر والنهي والوعظ والتذكير بثواب الله تعالى وعقابه ونحو ذلك.

الثالثة: التغيير العملي، بالعقاب على المعصية عند القيام بها بالضرب والحبس والجرح ونحوه.

٤٣١

الفصل الثاني

في شروط وجوبهم

والكلام في ذلك في مقامين:

المقام الأول: في الموقف النفسي، الذي تقدم أنه المراد بإنكار المنكر في القلب. وهو واجب على كل أحد، ولا يتوقف وجوبه على شيء إلا العلم بالمعروف والمنكر حيث لا يحتاج إلى مؤنة بعد ذلك، ومن ثَم كان من لوازم كمال الايمان التي لا تفارقه، بل هو روح الايمان بالدين وجوهره.

ويترتب عليه أن المؤمن إن صدرت منه الحسنة سرّته وأنس به، وإن صدرت منه السيئة ساءته وندم عليها وأنّب نفسه، وعلى هذا ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والائمة (عليهم السلام) قولهم: «من سرّته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن». وكذا إذا صدرت الحسنة من غيره فهو يأنس بها ويبارك له، وإن صدرت السيئة من غيره أنكرها في نفسه وأنكر عمله، وعلى هذا ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله: «إنما يجمع الناس الرضا والسخط، فمن رضي أمراً فقد دخل فيه ومن سخطه فقد خرج منه».

واللازم على المؤمن شدة الاهتمام بهذه الجهة والحذر من التفريط فيه. فإن كثرة وقوع المعاصي في المجتمعات الفاسدة واُلفَتها والتعوّد عليها قد توجب خفّة الاستياء منها والغضب له، حتى يغفل المؤمن عن قبحه، ويأنس بها تدريجاً كما أن قلة المعروف وندرته قد توجب إنكاره والنفرة منه، فيصير المعروف منكراً والمنكر معروف، كما تقدم في الحديث الشريف. وبذلك تنسلخ روح الايمان وتنطفئ جذوته، نعوذ بالله تعالى من خذلانه.

٤٣٢

المقام الثاني: في الموقف العملي، الذي تقدم أنه المراد بالامر المعروف والنهي عن المنكر. والظاهر أنه يجب بشرطين:

الأول: احتمال ترتب الفائدة عليه، إما في حق العاصي بارتداعه عن المعصية، أو في حقّ غيره ممن قد يتأسى به ويتشجع عليها بفعله، بحيث يُحتمل كون القيام بالموقف المذكور سبباً في تقليل المعصية ومانعاً من انتشاره.

الثاني: أن لايُخاف منه ضرر على النفس أو المال أو العرض على من يقوم بذلك أو على غيره من المؤمنين.

(مسألة ١): إذا تحقق الشرطان المذكوران وجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمرتبة الاُولى والثانية، ويختار المكلّف منهما ما هو الاجدى بنظره، مع الحذر من العنف إذا كان موجباً للتنفير من الدعوة للخير، وقد تكرّر الحث في الكتاب الكريم والسنة الشريفة على الدعوة لله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة وعلى الرفق في الاُمور، كما أن القطيعة والمهاجرة قد لا تحسن إذا كان في المواصلة أمل في صلاح حال فاعل المنكر، لانها تكون سبباً للحديث معه ونصيحته. وأما المرتبة الثالثة فلا يجوز الاقدام عليها إلا بالرجوع للحاكم الشرعي، ومع عدم تيسر الرجوع له لابدّ من اليقين بأهمية مصلحة دفع المنكر من محذور الايقاع بفاعله والتعدي عليه، ولابدّ مع ذلك من الاقتصار على الاخف عند تأدّي الغرض به.

(مسألة ٢): إذا علم أو احتمل كون قيام الشخص بترك الواجب أو فعل الحرام غير مبني على التمرد، بل للجهل بكونه معصية وجب إنكار ذلك في موارد:

الأول: ما إذا احتمل كون وقوع ذلك منه سبباً لتشجيع غيره عليه ولشيوع المعصية.

٤٣٣

الثاني: ما إذا كان جهله راجعاً إلى الجهل بالحكم الشرعي، حيث يجب حينئذٍ بيانه على من يَعلم به إذا كان من شأنه القيام بذلك، بحيث يكون تركه له إغراءً بالجهل عرف.

الثالث: ما إذا تكرر ذلك منه بسبب جهله وكان الامر الواقع من المحرّمات المهمة التي يعلم من حال الشارع الاقدس الالزام بالاحتياط والتحفظ في وقوعها حتى جهل، نعم لا يجوز في جميع الصور الانكار على الفاعل وتأنيبه وعذله والنيل منه، بل يقتصر على تنبيهه لخطئه أو إنكار فعله من دون نيل منه وتعدٍّ عليه.

(مسألة ٣): لابدّ في من يقوم بالامر بالمعروف وإنكار المنكر من أن يكون على بصيرة من أمره يعلم بأن المعروف معروف والمنكر منكر، لكن ذلك ليس شرطاً في وجوب الوظيفة المذكورة عليه، بل مقدّمة له. فيجب على الجاهل التعلم مقدمة للقيام بوظيفته عند العلم بتحقق الحاجة إليه.

(مسألة ٤): يجب تحمّل الضرر مقدمة للامر بالمعروف والنهي عن المنكر في موارد العلم بأهمية محذور انتشار الفساد من الضرر الحاصل، ولا ضابط لذلك.

(مسألة ٥): لا يختص وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بصنف دون صنف، فالكل عبيد الله تعالى، وعليهم القيام بواجبهم أزاءه وأزاء دينه.

(مسألة ٦): يتأكد وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في حق المكلّف بالنسبة إلى أهله، قال الله تعالى: (قوا أنفسكم وأهليكم نار) فإذا رأى منهم التهاون بالتكاليف الشرعية يجب عليه إنكار ذلك عليهم بالوجوه المتقدمة. ولا ينبغي له أن تمنعه العاطفة عن أداء واجبه نحوهم، بل هي أدعى لردعهم عن المنكر وتجنيبهم غضب الله تعالى وعقابه الذي هو أشدّ من بلاء الدنيا الذي يحذر عليهم منه. ولو فرّط في أداء واجبه إهمالاً له أو من أجل

٤٣٤

عاطفته العمياء انقلبوا وبالاً عليه حيث يكونون سبب شقائه واستحقاقه عذاب الله تعالى، قال تعالى: (ياأيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوّاً لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم * إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم).

(مسألة ٧): إذا كان المعروف مستحباً حسُن الحثّ عليه من دون إلزام. لكنّه ليس من الامر بالمعروف لان المراد به الالزام بالمعروف، وهو يختص بما كان تركه معصية.

تتميم..

يجب على الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر اختيار الوجه الاكمل في التأثير، والطريق الاوصل للغرض، والسبب الاوثق في بلوغ المراد. وإن من أهم أسباب تأثير الامر والنهي في الناس شعورهم بصدق الامر والناهي في دعوته وإخلاصه في أداء رسالته، ولذا قيل:إن الموعظة إذا خرجت من القلب دخلت إلى القلب وإذا خرجت من اللسان لم تتجاوز الاذان.

ومن هنا كان لائمتنا (عليهم السلام) من التأثير ماليس لغيرهم. فاللازم على شيعتهم التأسي بهم والاهتداء بهديهم والتأدب بآدابهم، فإن لكل مأموم إماماً يقتدي به ويتبع أثره. وإن من أهم دواعي تصديق الناس للامر والناهي وشعورهم بإخلاصه اتعاظه بما وعظ فلا يأمر بمعروف إلا فعله ولا ينهى عن منكر إلا وقد اجتنبه، فهو يعظهم بعمله قبل قوله وبسيرته قبل دعوته. على أن من دعى للحق بلسانه وخالفه بعمله إن كانت دعوته رياءً ونفاقاً كانت وبالاً عليه وسبباً لشقائه، وإن كانت صادقة وقد خالفها تسامحاً وتفريطاً فيالها حسرة يوم القيامة حين يرى أنه قد أسعد الناس وأنقذهم وأشقى نفسه وأهلكه. قال تعالى: (أتأمرون الناس بالبِرّ وتنسَون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون)،

٤٣٥

وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في وصيته لابي ذر: «يا أبا ذر يطّلع قوم من أهل الجنة إلى قوم من أهل النار فيقولون: ما أدخلكم في النار، وإنما دخلنا الجنة بفضل تعليمكم وتأديبكم، فيقولون:إنّا كنا نأمركم بالخير ولا نفعله». وعن خيثمة: «قال أبو جعفر (عليه السلام): أبلغ شيعتنا أنه لن يُنال ما عند الله إلا بعمل، وأبلغ شيعتنا أن أعظم الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلاً ثم يخالفه إلى غيره».

نسأله سبحانه أن يعيذنا وجميع المؤمنين من ذلك ويسددنا لما يحب ويرضى. وهو أرحم الراحمين.

الفصل الثالث

في جملة من المحرَّمات

ونقتصر هنا على الكبائر منها التي يكون تركها معياراً في العدالة المعتبرة في كثير من الموارد والتي ورد أن باجتنابها تكفَّر الصغائر، وقد نتعرض لغيرها تبع. والظاهر أن الكبائر هي الذنوب التي ثبت الوعيد عليها بالنار، أو التي ورد عدّها من الكبائر في الاخبار، أو ما ثبت أنه أهمّ من بعض تلك الذنوب، وهي - بعد الشرك بالله تعالى والكفرِ بما أنزل - اُمور:

الأول: اليأس من رَوْح الله تعالى والقنوط من رحمته، وإن كان الرَّوح والرحمة دنيويين، كشفاء مريض وكشف كربة، فإنه على كل شيء قدير ورحمته وسعت كل شيء.

الثاني: الأمن من مكر الله تعالى، والمتيقن منه الامن مع المعصية المناسب لعدم الارتداع عنه. أما الامن لاعتقاد عدم تحقق المعصية أو غفران الذنب بتوبة أو شفاعة أو عمل فلم يثبت كونه كبيرة. نعم لاإشكال في أن ذلك مرجوح شرع، بل قد يكون محرّم، فقد ورد الامر بأن يكون المؤمن بين الخوف

٤٣٦

من الله تعالى والرجاء له. وفي الحديث عن الصادق (عليه السلام) أنه قال:«ارجُ الله رجاء لا يجرؤك على معصية (معاصيه) وخِفِ الله خوفاً لا يؤيِسك من رحمته».

الثالث: عقوق الوالدين، والمتيقن منه الاساءة إليهما بمرتبة عالية تناسب القطيعة لهما ولا تناسب الصلة معهم. وأما غير ذلك فلم يثبت كونه من الكبائر وإن كان مرجوحاً شرع. بل قد يكون محرّم.

(مسألة ٨): تجب إطاعة الوالدين والاحسان إليهما إذا كان تركها موجباً للعقوق والقطيعة عرف، ولا يجبان في غير ذلك.

(مسألة ٩): إذا نهى الوالدان أو احدهما الولد عن القيام ببعض الطاعات والقربات غير الواجبة، فلذلك صور:

الاُولى: ان يكون ذلك لحاجتهما للعون المشغل عن الطاعة والمزاحم له. كما لو كانت الطاعة تقتضي صرف المال وكانا محتاجين للمال، او كانت مشغلة للولد وكانا محتاجين لخدمته. والظاهر ان عونهما افضل من الطاعة المزاحمة له حتى لو لم ينهيا عن تلك الطاعة. بل قد يجب عونهم، كما إذا كان تركه يعد تقصيراً في حقهما وعقوقاً لهم.

الثانية: أن يكون ذلك منهما لامر يرجع للولد المنهي عن الطاعة، كالخوف عليه من الضرر او على وقته من الضياع او على ماله من التلف، فإن كانا محقين في ذلك او احتمل كونهما محقين فيه فالراجح متابعتهم. وإن كانا مخطئين فلا ترجح متابعتهم، إلا أن يكون في مخالفتهما ايذاء لهم، فيرجح تجنبه ولوبالتكتم في مخالفتهم. كما تحسن محاولة اقناعهما ليعدلا عن موقفهم، لان ذلك احرى بالتوفيق وقبول العمل.

الثالثة: أن يكون ذلك منهما لعدم اهتمامهما بالطاعات لضعف تدينهما وبعدهما من الخير. وحينئذٍ ترجح مخالفتهما وإن آذتهما وآلمتهم. لكن لابد مع

٤٣٧

ذلك من عدم مقابلتهما بغلظة وجفاء ونحو ذلك مما يرجع لسوء معاشرتهم، بل ينبغي الرفق معهما الذي هو حسن على كل حال.

الرابع: قتل المسلم المحترم الدم ومن يلحق به كالطفل والمجنون حتى السقط. وكذا الاعانه على ذلك ولو بكلمة. بل من الكبائر التعدّي على المؤمن بالضرب بلا حق. كما يحرم التعدي عليه بكل وجه وايذاؤه وإذلاله وسبه ونحو ذلك.

(مسألة ١٠): يحرم على الإنسان ايذاء جاره. ويستحب له الصبر على أذاه. كما يستحب الاحسان بالجار.

(مسألة ١١): الأحوط وجوباً للمكلف أن لا يهجر المؤمن أكثر من ثلاثة أيام وإن كان ظالماً له. ويكفي في عدم الهجر الصلة ولو بالسلام، فإن اصر الطرف الاخر على المقاطعة كان هو الهاجر. ويستثنى من ذلك موارد:

الأول: ما إذا كان في الهجر نهي عن المنكر.

الثاني: ما إذا كان في الهجر فائدة يحسن مراعاتها شرع، كما إذا كان فيه تنبيه على حقيقة يحسن اظهاره، بحيث لو تمت المواصلة ضاعت الحقيقة ونسيت، او غير ذلك من المحاذير.

الثالث: ما إذا لزم من الصلة الذل على من يصله. نعم ينبغي الحذر من تلبيس النفس والشيطان، لئلا يلتبس الغضب للنفس والتعصب لها بالذل.

(مسألة ١٢): يحرم قتل الإنسان نفسه، وهو من الكبائر.

الخامس: قذف المحصن والمحصنة، والمراد بالاحصان العفة والستر ولو لعدم ثبوت الفاحشة عليه. وما اكثر التهاون في ذلك والتسرع فيه مع شدة الوعيد عليه.

(مسألة ١٣): المراد بالقذف هنا وإن كان هو الفاحشة كالزنا واللواط،

٤٣٨

إلا أن الحكم يعمّ كل قبيح، فإن نسبته للبريء منه من البهتان الذي هو من الكبائر.

السادس: أكل مال اليتيم ظلم، بل مطلق المؤمن.

السابع: الفرار من الزحف في حرب واجبة شرع.

الثامن: أكل الرب، وهو الفائدة المشروطة في الدين، وفاضل ما بين الثمن والمثمن عند بيع المكيل أو الموزون من جنس واحد، على ما يذكر مفصلاً في كتاب البيع.

(مسألة ١٤): كما يحرم الربا على الاكل يحرم على المعطي والكاتب والشاهد، والظاهر أنه من الكبائر في حق الكل.

التاسع والعاشر والحادي عشر: الزنا واللواط والسحق.

الثاني عشر: القيادة، وهي السعي بين اثنين لجمعهما على الوطء المحرّم.

الثالث عشر والرابع عشر: السحر والكهانة.

(مسألة ١٥): الظاهر جواز حَلّ السحر بالسحر.

(مسألة ١٦): الظاهر عدم جواز تصديق الساحر والكاهن وغيرهما ممن يخبر بالغيب، بل هو من الكبائر. ولا بأس بالسماع منهم لمجرد الاطّلاع على ما عندهم في الواقعة واحتمال صدق خبرهم من دون تصديق وجزم بما أخبرو، وهكذا الحال في إخبارهم بالحوادث فإن كان إخباراً جازماً كان محرّم، وإلا كان حلال.

الخامس عشر: الكذب، وخصوصاً على الله ورسوله والائمة - ومنه الفتوى بغير علم - وشهادة الزور والبهتان على المؤمن بنسبة ما يشينه إليه كذب.

فإن اُضيف للكذب اليمين كانت كبيرة اُخرى، ولا سيما إذا كانت

٤٣٩

على أخذِ مالِ مسلم ظلم، حيث تضمنت بعض الاخبار أنها اليمين الغموس الفاجرة التي ورد في كثير من الاخبار عدّها من الكبائر.

(مسألة ١٧): اليمين المذكورة وإن كانت محرّمة، بل كبيرة إلا أنه لاكفارة عليها بل الخلاص من تبعتها بالتوبة والاستغفار.

(مسألة ١٨): لا يفرق في حرمة الكذب واليمين عليه وكونها من الكبائر بين الاخبار عن أمر سابق وحاضر ومستقبل، نعم إذا رجعت اليمين إلى تعهّد صاحبها بفعل شيء أو تركه وجب الوفاء بها بالشروط المذكورة في كتاب الايمان، فإن خالفها مع تمامية الشروط وجبت الكفارة. وإن لم تتم الشروط جاز مخالفتها من دون كفارة.

(مسألة ١٩): يجوز الكذب لدفع الضرر عن النفس والمال والاخ المؤمن. والظاهر توقفه على تعذر التورية ولو للخوف من ظهور الحال لعدم سيطرة المتكلم عليه.

(مسألة ٢٠): يجوز الكذب للاصلاح ورفع الشحناء والتباغض بين المؤمنين، بل مطلق المصلحة المعتد به، كتأمين الخائف ووعظ المتمرد، ولا يتوقف على تعذر التورية.

(مسألة ٢١): ذكر بعضهم أنه يجوز الوعد الكاذب على الاهل، والأحوط وجوباً الاقتصار على ما إذا كان لدفع الشرّ والفساد ولاصلاح الحال معهم أو بينهم، نظير ما تقدم.

السادس عشر: منع الزكاة المفروضة، بل حبس كل حق لله تعالى - كالخمس والزكاة - أو للناس، كالمماطلة في أداء الدين مع القدرة على الاداء.

السابع عشر: شرب الخمر وكل مسكر.

٤٤٠