منهاج الصالحين - المعاملات الجزء ٢

منهاج الصالحين - المعاملات0%

منهاج الصالحين - المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 344

منهاج الصالحين - المعاملات

مؤلف: السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 344
المشاهدات: 66112
تحميل: 3792


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 344 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 66112 / تحميل: 3792
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين - المعاملات

منهاج الصالحين - المعاملات الجزء 2

مؤلف:
العربية

المبلغ في الشركة قبل قبضه، وإن تلف قبله كانت خسارته على صاحبه فقط.

(مسألة ١٠) : الظاهر أن المنافع كالدين، فكما تقع مورداً للشركة القهرية تقع مورداً للشركة العقدية، بأن تجعل منفعة الدار مثلاً التي هي ملك أحد شخصين أو أشخاص موضوعاً للشركة بينهم مع أعيان أو منافع يدفعها الاطراف الاُخر.

وأظهر من ذلك ما إذا صالح صاحبُ المنفعة الطرفَ الاخر على حصة من تلك المنفعة بنقد منه. مثلاً: إذا كان لزيد دار ولعمرو عشرة آلاف دينار، فيصالح عمرو زيداً عن نصف منفعة الدار إلى سنة بخمسة آلاف دينار، وتتم الشركة بعد ذلك بينهما في منفعة الدار بتمامها إلى سنة والعشرة آلاف دينار.

وهناك وجه ثالث، وهو أن يتصالحا على أن يدفع صاحب المنفعة اُجرة منفعته التي تأتيه منها للشركة في مقابل تشريكه في مال الطرف الاخر. ولا يفرق في جميع ذلك بين منفعة عمل الشريك ومنفعة مملوكاته، كداره ودابته وغيرهم.

(مسألة ١١) : لا تصح شركة الوجوه وهي أن يشتري كل من الطرفين مثلاً مالاً بثمن في ذمته ثم يبيعانه، وما كان من ربح أو خسارة فهو بينهم. ومثلها كل ما كان موضوع الشركة تكسّبَ كل منهما لنفسه، من تجارة أو إجارة أو زراعة أو حيازة أو غيره، ولا يكون فائدة الشركة إلا الاشتراك فيما يرد عليهما من ربح أو خسارة من دون اشتراك في الاصل، وكذا لو عم ذلك ما يحصل لكل منهما من غير تكسب، كهبة أو ميراث أو غيرهم، وهي المسماة بشركة المفاوضة.

نعم يمكن في الجميع تصالح الاطراف فيما بينهم على أن يُشرك كل منهم جماعته فيما يتحصل له، فإذا حصل له شيء وملكه جعله في صندوق الشركة، أو قبضه عن الكل بنحو الشركة.

٢٠١

(مسألة ١٢) : لابد في الشركة العقدية من اتفاق الاطراف على الشركة أو ما يقوم مقامه، بحيث يتعاقدون على ذلك بعد تعيينه وتوضيح حدوده، ويكفي في تحقق العقد كل ما يدل على إنشاء التعاقد من قول أو كتابة أو عمل، كخلط الاموال بعضها ببعض، أو جمعها في محل الشركة، أو نحوهم، ثم الجري على ذلك في عملهم.

ولا ينبغي للاطراف المعنية التهاون في ذلك إغفالاً له، أو اعتماداً على الثقة المتبادلة بينهم، أو لمنع الخجل منه، أو غير ذلك، فكم من أفراد عائلة واحدة متحابين متآلفين عملوا مع كبيرهم وهم لا يعرفون من عملهم إلا أن الكل يعملون ويكسبون وينفقون من مجموع الوارد، من دون أن يحددوا وجه عملهم ويتفقوا عليه، فهم لا يعرفون أنهم شركاء مع كبيرهم، أو أنهم أعوانه في عمله يعملون له وينفق عليهم، حتى إذا تقلبت بهم الاحوال وأرادوا هم أو ورثتهم تصفية الامور لم يرجعوا إلى شيء محدد واضح المعالم، وصعُب الحل الشرعي، بل العرفي أيض، وحصلت المشاكسة والمنافرة، ومهما يكن الحل بعد ذلك فهو لا يصادف رضا الكل، بل يشعر بعضهم أو كل منهم بأنه مغبون مهضوم، وقد يترتب على ذلك الشقاق والتعادي والتقاطع والتدابر بعد ذلك التحابب الشديد والتآلف الطويل.

(مسألة ١٣) : يلحق كلاً من الشركاء من الربح والخسران بنسبة ماله، إلا أن يشترط في ضمن عقد الشركة أو في ضمن عقد آخر تحمل بعض الشركاء الخسران، فيلزم الشرط المذكور. كما يجوز اتفاقهم على اختصاص بعضهم برأس المال مع كون الربح والخسران للاخر، سواءً تمّ هذا الاتفاق بعقد مستقل به، أم كان شرطاً في ضمن عقد الشركة أو عقد آخر.

(مسألة ١٤) : يجوز لبعض الشركاء اشتراط الزيادة في الربح على نسبة

٢٠٢

ماله إذا كانت في مقابل عمل يقوم به، فإن كانت الزيادة حصة مشاعة من الربح دخل في المضاربة وجرى حكمه، وإن كانت مالاً معيناً ـ كألف دينار ـ دخل في الإجارة وجرى حكمه. وكذا يجوز له أخذ الزيادة في مقابل منفعة يبذلها ـ كمنفعة المحل التجاري، أو سيارة العمل ـ ويكون من الإجارة إن كان مالاً معين، أما إذا كان حصة مشاعة فهو معاملة مستقلة وليست إجارة ولا مضاربة.

(مسألة ١٥) : لا يجوز زيادة بعض الشركاء في الربح على نسبة ماله من دون عمل أو منفعة يبذله. نعم يجوز لبعضهم أن يشترط على الاخرين في ضمن عقد الشركة أو عقد آخر أن يعطوه من حصتهم التي يستحقونها بمقتضى الشركة بعد تملكهم له.

(مسألة ١٦) : يجوز أن يُستأجر شخصان لعمل واحد باُجرة واحدة، فيستحق المستأجر على كل منهما نصف العمل مشاع، ويستحق كل منهما نصف الاُجرة مشاع، وحينئذٍ إن اشتركا في العمل بنية الوفاء عنهما معاً لم يستحق أحدهما على الاخر شيئ، حتى لو صادف أن كان عمل أحدهما أكثر، لانه يكون متبرعاً عن صاحبه بالزيادة، وكذا لو اقتسما العمل بينهما من دون أن يجعلا لكل منهما قسماً من الاُجرة، أما لو اقتسما العمل وجعلا لعمل كل منهما اُجرة خاصة فيستحق كل منهما من صاحبه ما يتفقان عليه، سواءً ساوى مجموع الاُجرتين الاُجرة المجعولة على تمام العمل، أم نقص عنه، أم زاد عليه.

وكذا الحال لو استأجرا شخصاً آخر للقيام بالعمل عنهم، أو استأجر أحدهما أو كل منهما من يقوم مقامه في حصته من العمل. نعم إذا كان العمل المستأجر عليه في الاُجرة الثانية تمام العمل المستأجر عليه في الاُجرة الاُولى من دون تقسيم أو تنقيص فلا يجوز أن تنقص الاُجرة الثانية عن الاُجرة الاُولى، على ما سبق في كتاب الإجارة.

٢٠٣

(مسألة ١٧) : لا يجوز لاحد الشريكين التصرف في العين المشتركة بدون إذن شريكه، إلا أن يكون لازماً عليه بشرط أو نحوه. ومنه ما إذا ابتنى الاشتراك في العين على ذلك ضمن، كما في الطريق غير النافذ للدور أو المحال التجارية المتعددة، والساحة الخارجة عنها المجعولة فضاء بينها للتهوية والانارة والتنزه ونحوها من الشؤون المشتركة، والبئر بين الدور المتعددة للاستقاء، ونحوها من الامور التابعة للاعيان المختصة، فإن إنشاءها أو شراءها لتكون تابعة لها يبتني عرفاً على كون الغرض هو انتفاع الاطراف بها من دون حاجة للاستئذان.

وهذا بخلاف ما إذا لم تبتن الشركة بها على ذلك، كما إذا اشترى المتجاورون أرضاً ليجعلوها محلاً تجارياً ثم عدلوا عن ذلك وتركوها للانتفاع المشترك بين دورهم كطريق أو ساحة تابعة له، وكما لو حفروا بئراً ليبيعوا ماءها ثم بدا لهم تركها ليستقوا منها لانفسهم في دورهم، أو ورثوا شيئاً من ذلك فاختاروا تركه للانتفاع المشترك، فإن الانتفاع في جميع ذلك يحتاج لاذن الشركاء.

نعم إذا لم يبتن جعلها تابعة على مجرد الاذن في الانتفاع المشترك، بل على الالزام والالتزام بين الاطراف بتبعيتها وتعيينها منهم لذلك لزمهم الجري عليه ولم يحتج التصرف للاذن حينئذٍ، نظير ما سبق فيما لو ابتنى الاشتراك على التبعية.

وقد تشهد القرائن بذلك، كما لو اتفقوا على أن يغلقوا أبواب دورهم الاُولى ويعتاضوا عنها بأبواب شارعة في الارض المشتركة، أو يغوروا آبارهم المختصة ويستبدلوها بالبئر المشتركة، وغير ذلك مما يختلف باختلاف المقامات.

(مسألة ١٨) : تقدم أن الشركة العقدية قد تبتني على التصرف في مال الشركة والتكسب به، وأن ذلك قد يكون بنحو اللزوم لاشتراطه في ضمن عقد لازم، وحينئذٍ يجوز العمل عليه بلا حاجة إلى إذن بقية الشركاء.

وأما في غير ذلك فلابدّ في التصرف في المال المشترك من إذن جميع الشركاء،

٢٠٤

ولا يجوز استقلال بعضهم بالتصرف من دون رضا الباقين، وإذا رضي الشركاء بتصرف خاص وجب الاقتصار عليه، وإذا تعاسر الشركاء، أو عيّن كلّ منهم ما يراه الاخر مضر، أو منع مما يرى الاخر تركه مضراً للمال تعين الرجوع للحاكم الشرعي، والأحوط وجوباً ذلك حتى لو علم أن الشريك لم يعين ما عيّن ولم يمنع مما منع إلا مضارة للاخرين من دون أن يراه صلاح.

نعم إذا تعذر حينئذٍ الرجوع للحاكم جاز مخالفة الشريك والعمل بما يراه الاخر لازماً لصلاح المال مقتصراً مهما أمكن على أقل وجوه مخالفته.

(مسألة ١٩) : إذا طلب بعض الشركاء القسمة وجب إجابته، إلا إذا كان ذلك على خلاف شرط لازم في عقد الشركة أو عقد لازم آخر، أو كانت القسمة مضرة بالمال المشترك، أو كانت موقوفة على الرد بأن يتعذر قسمة المال على نسبة السهام بل يتوقف على دفع بعض الشركاء للباقين شيئاً من المال يتدارك به الفرق.

(مسألة ٢٠) : تصح قسمة الوقف مع الملك الطلق إذا كان عدمها مضراً بأحدهم.

(مسألة ٢١) : لا تصح قسمة الوقف بين الموقوف عليهم. نعم تصح قسمته موقتاً بالنحو الذي لا بنافي مقتضى الوقف، كما لو تساوى نماء القسمين فيتصالح الشريكان على اختصاص كل منهما بأحدهما ما دام الامر كذلك، ولابدّ في نفوذها حينئذٍ من إذن الولي.

(مسألة ٢٢) : مع تراضي الشركاء في كيفية القسمة يقسمون كيف شاؤو، ولا حاجة للقرعة، ولعل الأولى أن يقسم بعضهم ويخيّر الباقين.

(مسألة ٢٣) : مع تشاحّ الشركاء في كيفية القسمة يرجعون إلى الحاكم الشرعي، وعليه تعديل السهام وتقسيم العين المشتركة بما يناسب سهام كل شريك ثم القرعة لتعيين ما يختص به كل منهم من أقسام العين المشتركة.

٢٠٥

(مسألة ٢٤) : إذا وقعت القسمة وانكشف أن ما تعين لبعض الشركاء معيب كان له الفسخ إلا أن تبتني القسمة على الرضا به على كل حال، أو اُسقط خيار العيب بعد القسمة.

(مسألة ٢٥) : إذا كان بعض أموال الشركة ديوناً على الناس، فوقعت القسمة وشملت الديون فتلف الدين الذي صار لبعض الشركاء كان تلفه من الكل، وبطلت القسمة فيه. نعم إذا اتّفق الشركاء على توزيع أموال الشركة بينهم بنحو خاص ولو مع توقع الخسارة من دون أن يرجع ذلك إلى القسمة نفذ الصلح المذكور.

(مسألة ٢٦) : إذا كان بعض أموال الشركة ديناً في ذمة الناس فقبض بعض الشركاء حصته من الدين على أنها حصته التي يختص بها صح قبضه وبطلت الشركة في الدين المذكور، وكذا إذا اشترى به شيئاً من المدين أو صالحه عليه بشيء أواُبرأ ذمته منه. نعم إذا كانت الشركة لازمة لم يصح منه القبض لنفسه، بل لا يمكن التصرف في الدين إلا للشركة.

(مسألة ٢٧) : الشريك المأذون في التصرف، أو الذي له حق التصرف بمقتضى عقد أو شرط لازم أمين لا يضمن ما تحت يده من المال المشترك إلا بالتعدي أو التفريط.

(مسألة ٢٨) : إذا اشترى بعض الشركاء لنفسه فليس له أن يدفع الثمن من مال الشركة إلا مع إذن الشركاء الراجع لاذنهم له في الاقتراض من مال الشركة الذي تقدم بيان حكمه في المسألة (٧)، وإذا دفع من دون إذنهم كان خائن، لكن ذلك لا يوجب بطلان الشراء، ولا وقوعه للشركة.

(مسألة ٢٩) : يكره مشاركة الكافر الكتابي فضلاً عن غيره. نعم إذا شاركه غيره وصار أميناً على المال من قبله حرم خيانته.

٢٠٦

(مسألة ٣٠) : إذا كان لأحد عين قيمتها عشرون ديناراً مثلاً وللاخر عين قيمتها ثلاثون ديناراً واشتبهت إحدى العينين بالأخرى فلا تعرف ذات العشرين من ذات الثلاثين، فإن خيّر أحدهما الاخر فاختار إحداهما فلا إشكال، وهو راجع إلى الصلح بينهما على تعيين ما يملكه كل منهما أو تبديله، وإلا فإن كان الغرض لكل منهما الحفاظ على مالية ماله بيعا معاًوقسم الثمن بين المالكين بنسبة قيمة إحدى العينين لقيمة الاُخرى، فيعطى في المثال المذكور صاحب العين التي قيمتها عشرون خمسي الثمن والاخر ثلاثة أخماسه، وإن كان الغرض لكل منهما الحفاظ على خصوصية العين التي له فالمرجع الصلح.

هذا إذا كان الاشتباه في العينين أما إذا كان الاشتباه في المالكين، كما إذا تميزت العين ذات العشرين ديناراً عن الاُخرى في المثال المتقدم وتردد المالك لكل منهما فلابد إما من الصلح بينهما ولو الرجوع للقرعة.

٢٠٧

كتاب السبق والرماية

السبق عقد يقتضي استحقاق السابق لجعل معين، والرماية عقد يقتضي استحقاق الاجود رمياً لجعل معين. وأطراف العقدين جميع المشتركين في التسابق والمغالبة، ويضاف إليهم باذل الجعل إذا لم يكن منهم. ولابدّ فيهما من أمرين..

الأول: كون أطراف العقد نافذي التصرف بالبلوغ والعقل وعدم الحجر.

الثاني: الايجاب من بعضهم والقبول من الباقي، ويكفي كل ما يدل على الالزام والالتزام بذلك من قول أو فعل كسائر العقود، وإذا تم لزم العقد، ووجب التسابق ولا يجوز الامتناع عنه مع المطالبة إلا بعروض المبطل للعقد، كعجز بعض الاطراف أو موته، أو بالتقايل الراجع لحل العقد.

هذا إذا ابتنى السبق والرماية على الالتزام بالتسابق ثم استحقاق الجعل للسابق، نظير الإجارة.أما إذا ابتنيا على استحقاق السابق الجعل من دون إلزام بالتسابق كانا من الايقاعات، وكفى فيهما الالتزام من باذل الجعل بجعله للسابق من دون حاجة لالتزام الباقين، ولم يقتضيا وجوب التسابق، وجاز العدول عنهما قبل العمل، كالجعالة وجرى عليهما حكمه.

(مسألة ١) : يجوز السبق بكل ذي خف، وهو الابل والفيلة، وبكل ذي حافر، وهو الخيل والبغال والحمير. وتجوز الرماية بكل ذي نصل، وهو

٢٠٨

الحديدة المحددة الموضوعة في طرف السلاح، كالسيف والرمح والسهم والحربة ونحوه. ولا يجوز التسابق مع الرهن في غير ذلك، حتى الحمام على الأحوط وجوب، نعم يجوز اللعب والتسابق فيه بلا رهن، إلا أن يكون قماراً فيحرم، على ما تقدم عند ذكر الكبائر من كتاب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.

(مسألة ٢) : يجوز أن يكون العوض عيناً خارجية، وأن يكون ذمياً كألف دينار في ذمة الجاعل.

(مسألة ٣) : يجوز أن يكون العوض من أحد المتسابقين، ومن جميعهم، كما لو بذل كل منهم مائة دينار للسابق بحيث يكون للسابق مجموع ما يبذله الكل، كما يجوز أن يُبذل العوض من غير المتسابقين.

(مسألة ٤) : لا يجوز جعل الرهان لغير السابق من المتسابقين، كما تعارف في عصورنا مراهنة بعض المشاهدين على سبق أحد المتسابقين، بحيث لا يكون سبق السابق سبباً لاستحقاقه الرهان بنفسه، بل لاستحقاق أحد المتراهنين له، فإن ذلك من الرهن المحرم، وهو المعروف في عصورنا بالرايسز.

(مسألة ٥) : لابد في المسابقة من تحديد الجهات الدخيلة فيه، كالزمان والمكان ومقدار الرمي ونحو ذلك، بنحو تنضبط به المسابقة ويحدد معيار السبق واستحقاق الجعل، ولا يجب ما زاد على ذلك.

(مسألة ٦) : في المسابقات المحللة التي لا يجوز فيها الرهن إذا بذلت آلة اللعب للمتسابقين مجاناً فلا إشكال، وإن كانت باُجرة فلا يجوز الاتفاق على أن يتحملها المغلوب وحده، ويجوز اشتراك المتسابقين فيه، أو تحمل بعضهم المعين له.

(مسألة ٧) : ينبغي للمؤمن أن يترفع عن اللهو واللعب وإن كان حلال، فعن النبي٨أنه قال: «كل لهو المؤمن باطل إلا في ثلاثة: تاديبه فرسه ورميه عن قوسه، وملاعبته امرأته، فإنهن حق».

٢٠٩

ويتأكد ذلك فيما يبتني على المغالبة والتسابق، فإنه يجرّ للتباهي والتفاخر والاشر والبطر، وهي من وسائل الشيطان المهلكة.

وكثيراً ما تكون عاقبة ذلك التنافر والتباغض والعدوان والتحاسد، ولا أقل من كون ذلك مضيعة للوقت الثمين الذي هو رصيد الإنسان في دنياه، والذي يستطيع أن يكتسب به أربح المكاسب وينال به أسمى المطالب وأسنى المراتب. ومنه سبحانه نستمد التوفيق والتسديد.

٢١٠

كتاب القرض و الدين

القرض عقد يتضمن تمليك المال للغير مضموناً عليه. أما الدين فهو كل ما انشغلت به الذمة، سواءً كان بعقد ـ كبدل القرض في المقام، والمبيع في السلم، والمهر المؤجل، وثمن المبيع واُجرة الإجارة إذا لم يكونا عيناً خارجية ـ أم بدونه كبدل المضمون باليد والاتلاف.

(مسألة ١) : يعتبر في القرض ما يعتبر في سائر العقود من استقلال المتعاقدين في التصرف بالبلوغ والعقل وعدم الحجر والسلطنة على المال، وبدون ذلك لا ينفذ العقد ولا يترتب عليه الاثر. نعم إذا أخد المقترض المال كان ضامناً له وإن لم يملكه، إلا أن يكون المقترض غير مميز فإنه لا يضمن المال إذا كان الدافع له مميز، بل يكون الدافع مفرطاً في دفع المال ولاضمان له.

(مسألة ٢) : لابدّ في نفوذ عقد القرض وترتب الاثر عليه من قبض المقترض المال، فلا يملك المقترض المال قبل ذلك. بل لا يبعد توقف صدق القرض على القبض المبني على الضمان العقدي، ولا يكفي في صدقه العقد بدون القبض.

(مسألة ٣) : إذا تمّ عقد القرض وحصل القبض لزم العقد ولا يجوز الرجوع فيه من أحدهم، فلو طلب المقرض إرجاع عين المال لم تجب إجابته، وكذا لو طلب المقترض إرجاعه وفسخ العقد. نعم له الوفاء بعين المال الذي أخذه.

٢١١

(مسألة ٤) : يقع القرض في المثليات، وهي الاُمور التي تقوم ماليتها بنوعها أو صنفها دون خصوصياتها الفردية، كالنقود والذهب والفضة والحبوب ومنتوجات المعامل ذات الماركات الخاصة وغيره. وأما القيميات ـ وهي الاُمور التي تقوم مالياتها بخصوصياتها الفردية ككثير من المنتوجات اليدوية والحيوانات ـ فالظاهر وقوع القرض فيها إذا كانت مماثلاتها في الصفات الدخيله في المالية عرفاً ميسورة، وقصد ضمانها بمثلها حينئذٍ. وأما إذا لم تكن مماثلاتها ميسورة أو لم يقصد ضمانها بمماثلاته، بل بقيمتها فلا يقع القرض به.

نعم تقدم في خاتمة كتاب الإجارة جواز بذل العين مضمونة بقيمتها أو بعوض خاص، لكنه ليس من القرض، ولا يكون مملكاً للعين المبذولة.

(مسألة ٥) : يكره القرض، بل مطلق الدين مع إمكان الاستغناء عنه.

(مسألة ٦) : يجب نية الاداء عند الاقتراض، وفي أخبار أهل البيت (عليهم السلام) أنها سبب بعون الله تعالى على الاداء، وأن من اقترض مالاً وفي نيته أن لا يؤديه فهو بمنزلة السارق.

(مسألة ٧) : يستحب إقراض المؤمن، وفيه أجر عظيم، وقد ورد أنه أفضل من الصدقة.

(مسألة ٨) : يحرم اشتراط الزيادة للمقرض، وهو من الربا في الدين الذي تقدم في الفصل التاسع من كتاب التجارة أنه القسم الثاني من الربا المحرم. ولو اشترط الزيادة بطل الشرط ولا يبطل عقد القرض، فيملك المقترض المال وليس عليه الزيادة.

(مسألة ٩) : لا فرق في الزيادة المحرمة بين العين، والمنفعة ـ كسكنى الدار وركوب الدابة ـ والصفة، كما لو أقرضه حنطة رديئة على أن يعطيه حنطة جيدة، أو أقرضه نقوداً من فئة خاصة على أن يعطيه من فئة اُخرى خير منه، وقد تكون

٢١٢

نفعاً خارجي، كما لو أقرضه ألف دينار وشرط عليه أن يبيعه ثوباً بأقل من قيمة المثل، بل مطلق البيع على الأحوط وجوب، بل الأحوط وجوباً العموم لكل شرط للمقرض على المقترض، سواءً عاد نفعه له أم ل، كما لو اشترط أن يعطي مالاً لشخص ثالث أو أن يبني المسجد، وسواءً كان الملحوظ فيه المال أم ل، كما لو اشترط أن يدعو له أولابيه أو للمؤمنين، نعم يجوز اشتراط الوفاء في غير بلد القرض.

(مسألة ١٠) : يجوز أن يشترط المقترض على المقرض شيئاً له، سواءً كان عيناً أم منفعة أم صفة أم غيره، كما يجوز له اشتراط الاداء بأقل مما أخذ.

(مسألة ١١) : المحرم هو اشتراط الفائدة في القرض، ولا يحرم العكس، وهو اشتراط القرض في الفائدة، كما لو وهب زيد عمراً عشرة دنانير على أن يقرضه عمرو مائة دينار، أو آجره داره بأقل من ثمن المثل على أن يقرضه مبلغاً من المال، وغير ذلك.

(مسألة ١٢) : يجوز للمقرض قبول الهبة وكل فائدة من المقترض إذا لم تكن مشروطة في القرض، نعم هو مكروه، والأولى له أن يحتسب الهبة من دينه، كما يجوز الوفاء بالاجود والاكثر من دون شرط، بل يستحب ذلك للمقترض.

(مسألة ١٣) : لا يجوز تأجيل القرض الحالّ بل مطلق الدين بزيادة فيه، وكذا إطالة أجل الدين المؤجل، بل هو من الربا المحرم. نعم يمكن التخلص من الحرمة بايقاع معاملة تثمر ذلك، مثلاً: يبيع المدين متاعاً من الدائن بدينه ثم يشتريه منه بأكثر منه إلى أجل، أو يهب المدين للدائن شيئاً ويشترط عليه أن يؤجل دينه، أو غير ذلك مما يتضح بملاحظة ضوابط الربا المحرم.

(مسألة ١٤) : يجوز تعجيل القرض المؤجل بل مطلق الدين المؤجل بإسقاط بعضه.

٢١٣

(مسألة ١٥) : لا يختص الربا في الدين بالمكيل والموزون، بل يجري في غيرهما أيض، وليس هو كالربا المعاملي.

(مسألة ١٦) : ما تقدم في الربا المعاملي من حكم أكل الربا عمداً أو بجهالة، وميراث المال ممن يأخذ الربا جار في ربا القرض فراجع.

(مسألة ١٧) : يجوز أن يشترط في عقد القرض جعل رهن على المال المقترض، كما يجوز اشتراط التوثق منه بغير الرهن، كالاقرار والاشهاد ونحوهم. كما يجوز أن يشترط في عقد آخر التوثق من القرض بل مطلق الدين بالرهن أو غيره.

(مسألة ١٨) : إطلاق القرض يقتضي عدم التأجيل، لكن ظاهر حال المقرض حينئذٍ الاذن بتأخير وفائه، فلا يجب على المقترض المبادرة لوفائه إلا مع ظهور أمارة عدم الرضا بالتأخير من المقرض، فيجب الوفاء حينئذٍ فضلاً عما إذا طلب الوفاء.

(مسألة ١٩) : يجوز اشتراط الاجل في عقد القرض، كما يجوز اشتراط تأجيل القرض بل مطلق الدين في عقد آخر، وله حينئذٍ صور ثلاث..

الأولى: أن يكون المشترط هو المقترض، فيكون مفاد الشرط أن التأخير حق له وحده، وحينئذٍ لا يجوز للمقرض الالزام بالوفاء قبل

٢١٤

الاجل، ولا يجب على المقترض الوفاء لو طالبه قبله، نعم يجوز له المبادرة للوفاء قبل الاجل وإن لم يطالبه المقرض ويجب على المقرض القبول.

الثانية: أن يكون المشترط هو المقرض دون المقترض، كما لو كان عاجزاً عن حفظ المال قبل الاجل فاشترط الاجل كي لا يتعرض ماله للخطر لو حصل الوفاء قبله وأجابه المقترض لذلك مع استعداده للتعجيل لو قدر عليه وقبل به المقرض، وحينئذٍ لا يجب على المقرض القبول لو أراد المقترض الوفاء قبل الاجل. أما لو طالب المقرض بالوفاء قبل الاجل فاللازم على المقترض المبادرة مع القدرة.

الثالثة: أن يكون الشرط لهما مع، وحينئذٍ لا يجوز للمقرض الالزام بالوفاء قبل الاجل، ولا يجب على المقترض المبادرة لو طالب به، كما أنه لا يجب على المقرض القبول لو أراد المقترض المبادرة بالوفاء قبل الاجل.

والشايع هو الصورة الاُولى، وهي المفهومة من إطلاق اشتراط الاجل، وبعدها الثالثة، وأما الثانية فهي أبعد الصور عن ظاهر الاشتراط، ويحتاج الحمل عليها إلى عناية خاصة.

(مسألة ٢٠) : لا يتأجل الدين الحالّ برضا الدائن بالتأجيل إذا لم يشترط الاجل في عقد القرض أو عقد آخر، نعم لا يجب على المدين المبادرة للاداء ما دام الدائن راضي، أما لو عدل وطالب بالاداء فإنه يجب على المدين المبادرة له ولا ينتظر الاجل.

(مسألة ٢١) : يجب على المدين ـ إذا كان واجداً ـ المبادرة لاداء الدين غير المؤجل إذا ظهرت على الدائن أمارة عدم الرضا بتأخير الاداء، كما يجب عليه المبادرة لاداء الدين المؤجل إذا حلّ أجله، ولا يحل له حبسه في المقامين، بل هو من الكبائر. أما لو كان عاجزاً فالاحرى به ملاطفة الدائن وحسن الاعتذار منه، وإرضاؤه مهما أمكن.

(مسألة ٢٢) : إذا لم يؤد المدين الدين الحالّ مع قدرته على أدائه جاز للدائن أو وليه أو وكيله مطالبته، وإذا امتنع جاز إجباره، وإذا انحصر الامر باللجوء لحاكم الجور جاز. نعم مع التنازع وإمكان الرجوع للحاكم الشرعي لا يجوز الترافع لحاكم الجور، كما تقدم في مسائل التقليد.

(مسألة ٢٣) : إذا أراد المدين وفاء الدين وجب على الدائن القبول، إلا إذ

٢١٥

كان الدين مؤجلاً لم يحل أجله وكان الاجل شرطاً للدائن وحده أو مع المدين، كما سبق في المسألة (١٩).

وإذا امتنع الدائن من القبول مع وجوبه عليه جاز إجباره، إذا تعذر جاز التسليم للحاكم الشرعي بدلاً عنه، وإن امتنع الحاكم الشرعي من قبض المال كفى في فراغ ذمة المدين تمكينه للدائن من المال والتخلية بينه وبينه، والأحوط وجوباً عدم الاكتفاء بذلك إلا بعد مراجعة الحاكم الشرعي إن أمكن.

(مسألة ٢٤) : يكفي في وجدان المدين الملزم له بالوفاء والمسوِّغ لالزامه به أن يكون له ما يقدر على وفاء دينه به من نقد أو دين أو عروض أو عقار أوضياع، فيجب عليه الوفاء مع القدرة على ذلك، وبيع ما يتوقف الوفاء به على البيع، وغير ذلك.

(مسألة ٢٥) : لا يجب على المدين بيع دار سكناه وثياب تجمله ونحو ذلك من ضرورياته العرفية لوفاء دينه، كما لا يجب بذل ما يحتاج إليه لمعاشه من رأس مال أو آلة عمل أو عقار يدرّ عليه قوت سنته، فإن ذلك كله مستثنى من وجوب وفاء الدين. نعم إذا كان له فضل في ذلك وجب بذله، كما لو كان في داره سعة وأمكنه بيع بعضها أو استبدالها بأصغر منه، وكذا لو أمكنه الاقتصار في آلة العمل أو العقار أو رأس المال على البعض، أو استبداله بالاقل بحيث يكفيه للمعاش، فإنه يجب بذل الزائد.

(مسألة ٢٦) : إذا أمكنه الاستغناء عن دار السكن بدار موقوفة ولم يكن الانتقال إليها حرجاً عليه فالظاهر عدم استثنائه، بل يجب بذلها لوفاء الدين، وكذا الحال في غيرها من المستثنيات. بل هو الظاهر في رأس المال وآلة العمل والعقار إذا أمكن الاستعاضة عنها في المعاش بعمل يكفيه ويناسب حاله من دون مهانة أو حرج، فإنه يجب حينئذٍ بذلها لوفاء الدين.

٢١٦

(مسألة ٢٧) : إذا لم يكن عنده بعض المستثنيات لا يجوز استثناء مقدارها مما عنده، بل يجب وفاء الدين بما عنده وإن بقي فاقداً لذلك الشيء.

(مسألة ٢٨) : إذا رضي ببيع بعض المستثنيات ووفاء الدين بثمنه فالأولى للدائن أن لا يقبل ذلك، فضلاً عن أن يحمله عليه ويشجعه، لكن لو فعل ووفى الدين به جاز القبول، بل وجب مع إصراره على ذلك.

(مسألة ٢٩) : المستثنيات المذكورة إنما تستثنى في حياة المدين، أما إذا مات فيتعلق الدين بها ولا يجوز للورثة التصرف فيها إلا بعد وفاء الدين أو مراجعة الدائن.

(مسألة ٣٠) : إذا اشترط الدائن على المدين في عقد القرض أو في عقد آخر بيع المستثنيات أو بعضها لوفاء الدين صح الشرط، ووجب العمل عليه.

(مسألة ٣١) : إذا قدر المدين على التكسب لوفاء دينه بنحو يليق بحاله وجب عليه ذلك.

(مسألة ٣٢) : لا يجب على المدين الاسترفاد والاستيهاب وطلب الحق الشرعي ـ كالخمس والزكاة ـ والتعرض للصدقات ونحوه، نعم الأحوط وجوباً له قبول ذلك مع بذله إذا لم يكن فيه مهانة عليه.

(مسألة ٣٣) : إذا كان عنده ما يجب وفاء الدين به لكن لم يتيسر بيعه إلا بدون قيمة المثل وجب بيعه، إلا أن يكون الفرق كثيراً بحيث يكون إقدامه عليه في مثل حاله تضييعاً للمال عرف، ففي وجوب البيع عليه حينئذٍ إشكال، خصوصاً إذا كان ذلك مؤقت، ولا يلزم منه الانتظار طويل. نعم إذا أمكن الاقتراض على المال المذكور والمبادرة لوفاء الدين فالظاهر وجوب الوفاء حينئذٍ.

(مسألة ٣٤) : اذا عين المدين مالاً لوفاء الدين لم يتعين له ولم يتحقق الوفاء به إلا مع رضا الدائن بذلك، سواءً قبضه أم ل، ومنه ما لو عيّن له موضعاً خاص

٢١٧

فوضعه المدين فيه، كما لو قال له: ضعه في صندوقي، أو على باب الدار، أو ادفعه لزيد، أو نحو ذلك. أما إذا لم يرض الدائن بتعيين المدين فإن المال يبقى على ملك المدين، وتبقى ذمته مشغولة بالدين فله الوفاء بغيره، ولو حصل منه نماء كان له، ولو تلف كان من ماله. نعم يسقط اعتبار رضاه بامتناعه من استيفاء الدين، كما سبق في المسألة (٢٣).

(مسألة ٣٥) : إذا دفع المدين لشخص مالاً ليوصله للدائن وفاءً عن دينه، فتصرف الوسيط في المال ـ عمداً أو غفلة ـ تصرفاً غير مأذون فيه فإنه يضمن المال للمدين لا للدائن، فلا يكفيه مراجعة الدائن أو دفع دينه له في براءة ذمته، بل لابدّ فيها من مراجعة المدين. وكذلك الحال في كل من دفع ماله لشخص ليوصله لاخر هدية أو ثمن مبيع أو حقاً شرعياً أو غير ذلك، فإن الوسيط لو ضمن المال ـ بأحد موجبات الضمان ـ لم يبرأ من الضمان إلا بمراجعة الدافع، ولا يكفيه مراجعة الشخص المطلوب منه إيصال المال إليه، ولا دفع بدل المال له. وهذا أمر يغفل عنه كثير من الناس فاللازم التنبه له.

نعم إذا كان الوسيط وكيلاً عن الشخص الذي يوصل المال إليه في قبض المال عنه، فقبضه عنه وصار المال في يده ملكاً له فإنه إذا ضمن المال بأحد أسباب الضمان يتعين مراجعة موكله في براءة ذمته، ولا يحتاج إلى مراجعة الدافع.

(مسألة ٣٦) : إذا مات المدين تعلق الدين بتركته وكان مقدماً على الوصية. نعم يتقدم عليه الكفن الواجب، كما يتقدم عليه حج الإسلام إذا انشغلت به ذمته في حياته.

(مسألة ٣٧) : إذا اشترى متاعاً ولم يؤد ثمنه حتى مات، فإن وجد البايع متاعه بعينه كان له أخذه إلا أن تقصر تركة الميت عن ديونه فليس للبايع أن يأخذ متاعه، بل يأخذ من التركة بنسبة دينه، ولا فرق في المقامين بين أن يكون عدم

٢١٨

دفع الثمن لكونه مؤجلاً وأن لا يكون كذلك.

(مسألة ٣٨) : إذا مات الشخص وعليه دين مؤجل حلّ دينه وسقط الاجل، فليس للورثة تأخير الوفاء من تركته، أما إذا كان له دين مؤجل على الغير ففي سقوط الاجل إشكال، والأحوط وجوباً الصلح والتراضي.

(مسألة ٣٩) : إذا كان الدين نقداً تابعاً لدولة معينة وجب الوفاء من نقد تلك الدولة ـ وإن اختلفت طبعاته أو فئاته ـ بشرط أن لا تسقط الدولة الطبعة أو الفئة عن الاعتبار، فإذا اقترض من فئة العشرات مثلاً جاز الوفاء بفئة المئات. نعم إذا اشترط في عقد القرض الوفاء من الفئة التي وقع القرض بها لزم الشرط، أما إذا اشترط الوفاء من غيره، فإن كان المشترط هو المقترض صح الشرط، وإن كان المشترط هو المقرض بطل. وإذا صح الشرط لم يجب دفع غيرها إذا أسقطتها الدولة. إلا أن يرجع الشرط إلى اشتراط ترجيحها مع إقرار الدولة لها من دون أن ينحصر الوفاء به، كما لعله الاظهر من حال المشترط، خصوصاً إذا كان هو المقرض.

(مسألة ٤٠) : إذا اختلفت قيمة الشيء المدين لم يختلف مقداره في مقام الوفاء، فإذا كان الدين طناً من الحنطة وجب الوفاء بالطنّ، ولا ينقص بإرتفاع قيمة الحنطة ولا يزيد بنقص قيمته، ويترتب على ذلك عدم اختلاف الوفاء إذا كان الدين نقداً ورقياً عملة لدولة معينة باختلاف قيمة النقد المذكور بالاضافة إلى عملة دولة اُخرى، أو بالاضافة إلى الذهب، أو غيره من أنواع العروض.

(مسألة ٤١) : إذا اشترط الدائن الوفاء على ما يناسب قيمة الدين في وقته لعملة اُخرى أو لعروض خاص من ذهب أو غيره، كما إذا كان مقدار الدين من النقد يعادل مائة غرام من الذهب فاشترط الوفاء بما يعادل مائة غرام منه سواءً ارتفعت قيمة العملة أم هبطت، فله صور..

٢١٩

الاُولى: أن يكون الدين قرضاً ويقع الشرط في عقد القرض.

الثانية: أن يكون الدين قرضاً ويقع الشرط في ضمن عقد آخر.

الثالثة: أن لا يكون الدين قرض، بل بسبب عقد آخر ـ كثمن مبيع أو مهر نكاح أو غيرهما ـ ويقع الشرط في ضمن العقد الذي استحق به، أو في ضمن عقد آخر. ويصح الشرط في الصورتين الاخيرتين، ولا يصح في الصورة الاُولى. أما لو كان المشترط هو المدين فيصح الشرط حتى في الصورة الاُولى.

هذ، وللمشترط في جميع الصور التي يصح فيها الشرط إسقاط شرطه، فيكون كالعدم.

(مسألة ٤٢) : لا يجوز بيع الدين بالدين، والمراد أنه يكون لشخص دين في ذمة غيره ولاخر دين في ذمة غيره أيض، فيتبايعان على الدينين بحيث يكون أحد الدينين ثمناً للاخر، سواءًكانا حالّين أم مؤجلين أم مختلفين، وسواءً كان الدينان على غيرهما ـ كما لو كان لمحمد دين في ذمة علي ولحسن دين في ذمة حسين، فيبيع محمد دينه في ذمة علي على حسن بدينه في ذمة حسين، وتكون النتيجة أن يصير حسين مديناً لمحمد وعلىّ مديناً لحسن ـ أم كانا عليهما ـ كما لو كان لمحمد دين من حنطة على علي، ولعلي دين من دنانير على محمد، فيبيع محمد حنطته على علي بدنانيره ـ وتكون النتيجة براءة ذمتهما مع. نعم يمكن الاستعاضة عن الثاني بإبراء كل منهما الاخر من دينه أو المصالحة بينهما على براءة ذمة كل منهما مما عليه.

والظاهر جواز ما عدا ذلك، سواءً كان أحد العوضين خارجياً والاخر ذمياً ديناً قبل البيع أو ديناً بعد البيع ـ أم كانا معاً ذميين. وإن كان الأحوط استحباباً عدم بيع الذمي بالذمي. نعم لابد من مراعاة ما تقدم في البيع قبل القبض من أحكام القبض وفي بيع السلف.

(مسألة ٤٣) : إذا بيع الدين بأقل منه من جنسه، أو بأقل قيمة منه من

٢٢٠