منهاج الصالحين - المعاملات الجزء ٢

منهاج الصالحين - المعاملات0%

منهاج الصالحين - المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 344

منهاج الصالحين - المعاملات

مؤلف: السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 344
المشاهدات: 66056
تحميل: 3790


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 344 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 66056 / تحميل: 3790
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين - المعاملات

منهاج الصالحين - المعاملات الجزء 2

مؤلف:
العربية

(مسألة ١٣) : إذا وقف عيناً وشرط عودها إليه عند الحاجة فالظاهر البطلان، إلا أن يرجع ذلك إلى تحبيسها ما دام مستغنياً عنه، فيصح حبس، وإذا احتاج إليها رجعت له منفعته، وأما العين فهي لا تخرج عن ملكه كي تعود إليه.

(مسألة ١٤) : يعتبر في صحة الوقف التنجيز، فيبطل لو علقه على أمر مستقبل معلوم الحصول، كقدوم المسافر وطلوع هلال شهر خاص، وكذا إذا علقه على أمر حالي محتمل الحصول لا تتوقف عليه صحة الوقف، كما إذا قال: داري وقف إن كان هذا الجنين ذكر. إلا إذا كان ذلك الامر مما يتوقف عليه صحة الوقف فإن الظاهر الصحة، كما إذا قال: إن كان هذا ملكي فهو وقف.

(مسألة ١٥) : إذا قال: هذا وقف بعد وفاتي، كان من الوقف المعلق وبطل. إلا أن يريد بذلك أنه يوصي بأن يوقف بعد وفاته، فتنفذ من الثلث، أو بإجازة الوارث، وحينئذٍ يجب أن يوقف بعد وفاته عملاً بالوصية.

(مسألة ١٦) : لا يصح الوقف على النفس مستقلاً ولا منضماً للغير، ولو وقف كذلك بطل في الكل. بل الظاهر عدم صحة الوقف على الغير إذا اشترط الواقف عليه القيام بمؤنته، أو بأداء الحقوق الواجبة عليه، أو وفاء ديونه من نماء الوقف الذي يصله أو من مال آخر له. وكذا إذا جعل لمتولي الوقف سهماً من وارد الوقف وكان الواقف هو المتولي له في بعض الطبقات. نعم إذا كان الجعل في مقابل عمل يقوم به المتولي في إدارة الوقف وشؤونه فلا بأس به، وإن كان الأحوط وجوباً فيه الاقتصار على ما إذا لم يكن الجعل أكثر من قيمة العمل.

(مسألة ١٧) : إذا وقف عيناً على أن يوفى من نمائها عنه بعد موته ما عليه من ديون الناس، أو الحقوق الشرعية، أو يؤدّى عنه العبادات الواجبة أو المستحبة فالظاهر الصحة.

(مسألة ١٨) : لا يجوز للواقف أن يوقف العين مع استثناء منفعة خاصة منه

٢٨١

ـ محددة بزمان معين أو نوع معين ـ لنفسه، بحيث تبقى ملكاً له غير مشمولة بالوقف.

(مسألة ١٩) : إذا آجر المالك العين أو صالح على منفعتها مدة معينة ثم أوقفها قبل انقضاء المدة لم تدخل المنفعة في المدة المذكورة في الوقف، أما لو فسخ الإجارة أو المصالحة بخيار أو تقايل ففي عود المنفعة إليه أو دخولها في الوقف إشكال. ولا ينافي ذلك ما سبق في كتاب الإجارة من رجوع المنفعة للبايع، للفرق بين البيع والوقف بإمكان استثناء المنفعة في البيع دون الوقف.

(مسألة ٢٠) : إذا أراد الواقف التخلص من محذور الوقف على النفس أمكنه تمليك العين لغيره ـ بهبة أو بيع أو مصالحة أو غيرها ـ ثم يوقفها من تملكها على النحو الذي يريده صاحبها الأول وإن كان بنحو يقتضي انتفاعه به. وله ان يتوثق لنفسه باشتراط الوقف بالنحو المذكور في ضمن عقد التمليك، ليكون له فسخ عقد التمليك لو امتنع الطرف المذكور أن يوقف العين أو تعذر عليه ذلك.

(مسألة ٢١) : يجوز لمن وقف مسجداً أو حرماً أو نحوهما مما لم يؤخذ فيه موقوف عليه خاص أن يصلي فيه أو يزور أو ينتفع به بالنحو الذي يجوز لسائر المسلمين. وكذا يجوز انتفاع الواقف بالعين التي أو قفها على العناوين العامة إذا ابتنى وقفها على بذل المنفعة أو النماء للموقوف عليهم ليستوفوها بأنفسهم من دون أن يتملكوه، وهي الصورة الاُولى من الصور الثلاث للقسم الثاني من قسمي الوقف المتقدمين في الفصل الأول، ولا يجوز له الانتفاع في غير ذلك، إلا في طول انتفاع الموقوف عليهم، كنزوله ضيفاً عليهم، أو استعارته العين منهم.

(مسألة ٢٢) : يتعارف عند أهل البوادي والريف الوقف على وجهين:

أحدهما: أن يوقفوا شاةً أو بقرة مثلاً لتكون (منيحة) ينتفع بصوفها ولبنها على أن يكون الذكر المتولد منها ذبيحة يذبح ويؤكل والاُنثى المتولدة منها (منيحة) كاُمه، وهكذ.

٢٨٢

ثانيهما: الوقف لاحد المعصومين صلوات الله عليهم أو الأولياء، فيوقفون شاة خاصة مثلاً أو حصة مشاعة من غنمهم لتبقى الاُنثى للاستيلاد على النحو المتقدم ويذبح الذكر في سبيل الموقوف له، أو يباع ويصر ف ثمنه في سبيله. والظاهر الصحة في الصورتين مع.

نعم، حيث تقدم عدم صحة الوقف المعلق فلابد من تنجيز الوقف في الصورتين، فلو علق على شفاء مريض أو فك أسير أو ورود مسافر أو سلامة غنمهم من المرض أو نحو ذلك بطل.

كما أنه حيث تقدم لزوم خروج الواقف عن الوقف فلابد من عدم ابتناء الوقف على تملك الواقف بنفسه للصوف أو اللبن أو اللحم أو أثمانه، بل تكون لغيره، أو تبذل لعنوان عام يدخل فيه ـ كالفقراء أو الاكلين في المضيف ـ فينتفع بها من دون أن يتملكها على ما تقدم في المسألة (٢١)، أو تكون ملكاً له في مقابل خدمته للوقف وما يبذله عليه من علف أو نحوه لو احتاج إلى ذلك على النحو المتقدم في المسألة (١٦).

(مسألة ٢٣) : إذا تمّ الوقف بشروطه المتقدمة كان لازماً لا يجوز للواقف الرجوع فيه، ولا للورثة رده حتى إذا وقع في مرض الموت وزاد على الثلث.

(مسألة ٢٤) : إذا اشترط الواقف على الموقوف عليهم شرط، فإن رجع إلى مجرد إلزامهم به لم ينفذ ولم يجب الامر المشروط عليهم، وإن رجع إلى تقييد دخولهم في الوقف بقيامهم به فالظاهر نفوذه، لكن لا يجب عليهم القيام به، غاية الامر أنه مع عدم قيامهم به يخرجون عن الوقفية. والظاهر أن المراد بشرط الواقف مع عدم القرينة هو الثاني، وأما الأول فهو يحتاج إلى قرينة وعناية.

٢٨٣

الفصل الثالث

في شروط الواقف

(مسألة ١) : يعتبر في الواقف أن يكون مالكاً للعين الموقوفة، مختار، نافذ التصرف فيها بالعقل وعدم الحجر لسفه أو رق أو فلس، على التفصيل المتقدم في كتاب الحجر.

(مسألة ٢) : الأحوط وجوباً عدم نفوذ الوقف من الصبي قبل البلوغ حتى لو بلغ عشر سنين وكان وقفه بالمعروف. نعم إذا كان الوقف صلاحاً له فأوقف باذن وليه نفذ.

(مسألة ٣) : يصح الوقف من ولي الصبي إذا كان صلاحاً للصبي، كما يصح الوقف من ولي المال في الوقف من سهم الامام (عليه السلام)، ومن المال الزكوي، ومن المال الموصى به، ونحوه.

(مسألة ٤) : الظاهر عدم جريان حكم الفضولي في الوقف، فلو وقف غير المالك لم ينفذ وقفه بإمضاء المالك، ولو وقف المالك مكرهاً لم ينفذ وقفه برضاه بعد ذلك. وكذا لو وقف وهو غير نافذ التصرف، فإنه لا ينفذ برضا وليه أو رضاه بعد نفوذ تصرفه.

(مسألة ٥) : لا يعتبر في الواقف الايمان، بل ولا الإسلام، فيصح الوقف من المخالف والكافر.

٢٨٤

الفصل الرابع

في شروط العين الموقوفة

يعتبر في العين الموقوفة اُمور..

الأول: أن تكون عين، فلا يصح وقف المنفعة إلا أن يرجع إلى الحبس أو العمرى أو الرقبى التي يأتي الكلام فيه.

الثاني: أن تكون موجودة، فلا يصح وقف المعدوم كوقف ولد الدابة قبل وجوده. وفي جواز وقف الحمل قبل ولادته إشكال. نعم يجوز وقف المعدوم تبعاً للموجود، كوقف الدابة على أن يكون نسلها وقفاً مثله.

الثالث: أن تكون شخصية، فلا يصح وقف الكلي، سواءً كان ديناً في ذمة الغير ـ كما لو كان له في ذمة شخص شاة فأوقفها قبل قبضها ـ أم لم يكن، كما لو قال: وقفت شاة، قاصداً تعيينها بعد ذلك. بل لا يصح وقف الكلي في المعين، كما لو كان عنده قطيع من الغنم، فقال: وقفت شاة من هذا القطيع.

الرابع: أن تكون معينة، فلا يصح وقف المردد، كما لو قال: وقفت إحدى هاتين الشاتين.

الخامس: أن تكون لها منفعة قابلة للتحصيل مع بقاء عينه، كالشجرة ينتفع بها في الاستظلال والثمرة، والشاة ينتفع بها في الولد واللبن والصوف، والبقرة ينتفع بها في اللبن والولد والحرث، والثياب ينتفع بها في اللبس، والدار ينتفع بها في السكن، والارض ينتفع بها في الزرع، والحلي ينتفع بها في التزين، وهكذ. ولا يصح وقف ما يتوقف الانتفاع به على تلف عينه، كالطعام والفواكه والصابون.

٢٨٥

(مسألة ١) : الظاهر عدم جواز وقف النقود لينتفع بها في الاقتراض، أو وقفها لينتفع بها في الاستثمار، لعدم بقاء عينها معه، بل لا يتحقق الانتفاع إلا باستبداله. نعم الظاهر جواز جعلها لذلك على أن تكون نحواً من الصدقة غير الوقف، كما في التبرع لبعض المشاريع الخيرية، فيجعل قسم من المال لصندوق خيري من أجل إقراض المؤمنين، أو يتبرع به لمؤسسة خيرية من أجل الاتجار به أو غيره من وجوه الاستثمار لصالحه، أو يعين الحيوان للذبح في مناسبة خيرية.

(مسألة ٢) : لا يعتبر قابلية العين للانتفاع حين الوقف، بل يكفي صلوحها له ولو بعد ذلك، فيصح وقف الحيوان الصغير الذي لا يصلح للانتفاع بالحمل أو اللبن إلا بعد زمان طويل، كما يصح وقف الارض للزرع وإن كانت سبخة لا تصلح للزرع إلا بعد العلاج.

السادس: أن تكون المنفعة المسبلة في الوقف محللة، فلا يصح وقف آلات القمار واللهو المحرم، ليستعلمها الموقوف عليه أو لينتفع باُجرته.

السابع: أن تكون العين مملوكة، أو متعينة لجهة خاصة كالمال الزكوى، فلا يصح وقف المباحات الاصلية، ولا وقف الحر.

الفصل الخامس

في شروط الموقوف عليه

يعتبر في الموقوف عليه اُمور..

الأول: أن يكون موجود، فلا يصح الوقف على المعدوم، سواءً كان موجوداً قبل ذلك ـ كما لو وقف على زيد بعد موته ـ أم سيوجد، كما لو وقف على أولاده ولم يولد له بعد، حتى لو كان له حمل لم ينفصل.

٢٨٦

والمتيقن من ذلك ما إذا كان مفاد الوقف أمراً يتوقف على وجود الموقوف عليه، كما لو كان مفاده التملك أو الانتفاع فعل.

أما إذا كان مفاده مجرد صرف وارد الوقف عليه أو تمليكه له حين وجوده فالظاهر صحة الوقف، كما لو وقف الدار على أن يجمع المتولي واردها ويدفعه لمن سيولد له، أو ينفقه عليه، أو وقفها لينفق واردها في صالح الحمل الموجود فعلاً ولم ينفصل.

كما أنه لو كان مفاده التمليك في المستقبل عند وجود الموقوف عليه فالظاهر الصحة أيض، كما لو وقف شجراً لا يثمر إلا بعد سنين على من سيولد له، فإنه يصح وإن كان مفاد الوقف ملكية الموقوف عليه للثمر بمجرد ظهوره.

نعم لا مجال لذلك فيمن وجد سابقاً ومات قبل الوقف، بل يتعين البطلان مطلق.

وكذا لو صادف عدم وجود الموقوف عليه في المستقبل على خلاف ما كان يتوقعه الواقف، فإنه ينكشف بطلان الوقف عليه من أول الامر مطلقاً أيض.

(مسألة ١) : في صورة بطلان الوقف على المعدوم إذا حصل الوقف المذكور بطل الوقف بتمامه إن كان في الطبقة الاُولى، وكذا إن كان في الطبقات اللاحقة إذا كان انعدام الموقوف عليه متوقع. نعم إذا كان انعدامه مستمراً فقد تقدم في المسألة (١٢) من الفصل الثاني أنه يحمل حينئذٍ على التحبيس.

وأما إذا لم يكن انعدامه متوقعاً فالظاهر صحة الوقف، وحينئذٍ إن كان الانعدام مستمراً انقلبت العين الموقوفة صدقة، وإن كان مؤقتاً بقيت العين وقف، وكانت الثمرة أو المنفعة عند انعدام الموقوف عليه صدقة مطلقة وترجع إلى الموقوف عليهم بعد عودهم.

الثاني: أن يكون معين، فلا يصح الوقف على المردد، كالوقف على العلماء

٢٨٧

أو الفقراء، والوقف على أحد المسجدين، أو أحد الوالدين، إلا أن يرجع إلى الوقف على أحد الامرين على نحو التخيير في الصرف، أو إلى الصرف على كل منهما عند احتياجه.

الثالث: أن لا يكون الوقف عليه ليصرفه في المعصية كالزنا وشرب الخمر وترويج الباطل ونحوه.

الفصل السادس

في الولاية على الوقف

(مسألة ١) : للمالك جعل الولاية والقيمومة على الوقف لنفسه ولغيره، سواءً كانت الولاية في استثمار الوقف، أم في صرف نمائه، أم في عمارة العين الموقوفة وإصلاحها وحفظه. وحينئذٍ لا يجوز لغير الولي التصرف من دون إذنه.

(مسألة ٢) : يجوز جعل الولاية لاكثر من واحد بنحو التشريك أو الترتيب أو بنحو يقتضي استقلال كل واحد عند سبقه للتصرف أو عند حضوره أو غير ذلك.

(مسألة ٣) : لا يعتبر في الولي المجعول أن يكون عادل.

(مسألة ٤) : لا تتوقف ولاية الولي المجعول من قبل الواقف على قبوله، كما لا تبطل برده، غاية الامر أنه لا يجب عليه العمل بمقتضى الولاية، وله التخلف عنه، فيصير الوقف كما لو لم يجعل الواقف له ولي. نعم إذا كان الوقف تحت يده لم يجز له التفريط به، بل لا يجوز له تسليمه إلا إلى من هو مأمون عليه كالولي الذي يجعله الحاكم الشرعي، كما هو الحال في كل من يكون الوقف تحت يده، كما أنه لو رضي بالقيام بمقتضى الولاية بعد الامتناع عنه كان هو المتعين لذلك، ولا تسقط ولايته بالامتناع المذكور.

٢٨٨

(مسألة ٥) : للواقف ان يجعل للولي شيئاً من نماء العين الموقوفة في مقابل قيامه بمقتضى الولاية، سواءً كان بقدر اُجرة المثل، أم أكثر، أم أقل. ولا يجوز للولي أن يأخذ أكثر مما جُعل له، كما لا يجوز له أن يأخذ شيئاً لو ابتنى جعله ولياً على قيامه بمقتضى الولاية مجان. نعم له الامتناع عن القيام بمقتضى الولاية في الحالين مع، فيلحقه ما يأتي في المسألة (١١).

(مسألة ٦) : إذا لم يجعل الواقف ولياً على الوقف ففي الوقف الخاص ترجع الولاية للموقوف عليهم، ومع تشاحهم لابد من الرجوع للحاكم الشرعي لحل المشكلة بينهم باختيار ما هو الاوفق بنظره بمصلحة الوقف، وفي الوقف العام تكون الولاية للحاكم الشرعي، فلا ينفذ التصرف مع عدم مراجعته. نعم لا يحتاج لمراجعته في الانتفاع به بمقتضى الوقفية، وفي خدمته وإصلاحه فيما لا يحتمل فيه فساد من جهة م، أما مع احتمال الفساد فلابد من الرجوع للحاكم الشرعي.

وكذا الحال إذا تردد العمل بمقتضى الوقف بين وجهين أو أكثر، فإنه لابد من الرجوع للحاكم الشرعي في اختيار الاوفق والارفق بالوقف والموقوف عليهم، كما إذا حصل التردد في وقت فتح المسجد أو الحرم، أو في وقت الانارة أو التبريد أو غير ذلك.

(مسألة ٧) : إذا لم يقم الولي المجعول من قبل الواقف بمقتضى ولايته خيانة أو عجزاً أو امتناع، فإن كان الواقف قد عين خلفاً له فهو، وإلا جرى على الوقف حكم الوقف الذي لم يعين الواقف له ولي. ولو عاد وأراد القيام بمقتى الولاية كان له ذلك، ولم يسقط عن الولاية بقصوره أو تقصيره السابق، إلا أن تتضمن الوقفية انعزاله بذلك.

(مسألة ٨) : إذا كانت الولاية للموقوف عليهم فلابد من مراعاتهم مصلحة الوقف بالاضافة إلى جميع البطون، لا بالاضافة إلى خصوص

٢٨٩

الموجودين، وليس لهم التصرف فيه تصرفاً يلزم البطون اللاحقة إلا إذا كان صلاح الوقف في ذلك، فليس لهم إجارته مثلاً مدة تزيد على أعمارهم إلا إذا كانت صلاحاً للوقف، ولا يكفي كونها صلاحاً للبطن الموجود.

(مسألة ٩) : في مورد الرجوع للحاكم الشرعي تكون للحاكم الولاية على التصرف بنفسه أو بوكيله الذي ينعزل بعزل الحاكم أو بموته، وليس له نصب القيم عليه بحيث لا ينعزل بعزل الحاكم ولا بموته. وكذا الحال في الموقوف عليهم إذا صارت لهم ولاية الوقف، فإن لهم جعل الوكيل عنهم في إدارة أمر الوقف، لا نصب القيم على الوقف.

نعم، إذا تضمنت الوقفية ولاية الموقوف عليهم أو الحاكم أو غيره على نصب القيم كان له نصبه، فتثبت له القيمومة ولا ينعزل حينئذٍ بعزل من نصبه أو بموته.

(مسألة ١٠) : للحاكم الشرعي أن يجعل للوكيل الذي يقوم مقامه في إدارة الوقف شيئاً من نماء الوقف إذا كان الوقف محتاجاً له وامتنع من القيام بذلك مجان، سواءً عيّن الواقف لمن يقوم بأمر الوقف شيئاً أم لم يعيّن. نعم مع التعيين لا يجوز الزيادة على ما عيّن إلا مع انحصار الامر بمن يطلب الزيادة. وكذا الحال في وكيل الموقوف عليهم إذا صارت الولاية لهم.

(مسألة ١١) : إذا عيّن الواقف ولياً للوقف على أن يقوم بإدارته مجاناً وامتنع الولي المذكور من إدارته إلا باُجرة، فإن وجد الحاكم الشرعي من يقوم بإدارته مجاناً كان عليه ذلك، وإن لم يجده فالأحوط وجوباً ترجيح الولي الذي عيّنه الواقف ودفع الاُجرة له، إلا أن يطلب أكثر من غيره فيجب اختيار الاقل.

(مسألة ١٢) : مع تعذر الرجوع للحاكم الشرعي يتعين الرجوع لعدول المؤمنين من أهل المعرفة مع تيسرهم، وإلا تعيّن الرجوع للاكثر اهتماماً بمصلحة الوقف الاقرب إلى صلاحه.

٢٩٠

الفصل السابع

في أحكام الوقف

(مسألة ١) : إذا تم الوقف لا يجوز للواقف ولا لغيره التبديل والتغيير عما وقع عليه في كيفية الوقف، أو في الموقوف عليه، أو في كيفية الانتفاع بالوقف. نعم يجوز للواقف أن يشترط لنفسه أو لغيره التبديل في الموقوف عليهم بإدخال غيرهم فيهم وإخراج بعضهم منهم، أو في كيفية الانتفاع بالوقف، وحينئذٍ يكون العمل على مقتضى الشرط. أما إذا اشترط حق التغيير في كيفية الوقف ففي صحة الشرط إشكال، كما إذا وقف مسجداً على أن له أن يجعله حسينية، أو متجراً ينفق وارده في جهة عامة أو خاصة، أو بالعكس.

(مسألة ٢) : إذا احتاج الوقف للتعمير أو الاصلاح لاجل بقائه والانتفاع به بالوجه الذي تضمنته الوقفية، فإن كان الواقف قد عين ما ينفق منه عليه وكان ذلك كافياً فهو، وإن لم يعين أو لم يكن ما عينه كافي، فإن كان هناك من يتبرع بما يحتاج إليه عمر به، وإلا فإن كان الوقف من القسم الأول من القسمين المتقدمين في الفصل الأول فلا مجال لعمارته من الوقف، وإن كان من القسم الثاني منهما فله صورتان..

الاُولى: أن يفهم من الوقف أن ذكر الانتفاع الخاص بالوقف ليس لخصوصيته، بل للاهتمام بانتفاع الجهة الموقوف عليه، كما هو الظاهر في الاوقاف التي يصرف ريعها وواردها في الجهات الخاصة أو العامة، كالأولاد والعشيرة والمساجد والمدارس وطلبة العلم والفقراء وغيرهم، والظاهر حينئذٍ لزوم عمارة الوقف من وارده لتوقف انتفاع الجهة الموقوف عليها بالوقف على

٢٩١

العمارة المذكورة، وذلك بإجارته مدة طويلة وإنفاق الاُجرة على عمارته، أو بالاتفاق مع المستأجر على أن يقوم بعمارته في مقابل انتفاعه به مدة طويلة، ثم يعود للجهة الموقوف عليها المعروف في عصورنا بالمساطحة، أو نحو ذلك. ولا يضر مع ذلك حرمان الطبقات السابقة، لان الغرض نفع العنوان دون خصوص الافراد.

الثانية: أن لا يفهم من الوقف ذلك، بل يعلم أو يحتمل خصوصية الانتفاع الخاص، وهو انتفاع الموقوف عليهم بالوقف مباشرة، كما هو الحال في مثل وقف المدارس والحسينيات ومنازل الزوار والمسافرين ومأوى الفقراء والمنقطعين، بل لعله الظاهر في مثل وقف الدار لسكنى الذرية، ووقف الشجرة لاستظلال المارة بها وأكلهم من ثمرته، ووقف جهاز التبريد للمسجد أو الحسينية، أو نحو ذلك. وفي مثل ذلك لا تجب عمارة الوقف من وارده، بل لا يجوز ما دام الوقف صالحاً لان ينتفع به في الجهة التي وقف عليها نفعاً معتداً به، وإن كان قليلاً نسبي.

أما إذا تعطل الوقف في مثل ذلك أو كان نفعه قليلاً غير معتد به بسبب خرابه فيأتي الكلام فيه في المسألة (٥) إن شاء الله تعالى.

(مسألة ٣) : إذا أمكن تبديل الوقف من حاله الذي وقف عليه إلى حال آخر ـ كتبديل البستان بشقق سكنية، وتبديل الدار بمحلات تجارية، وتبديل المدرسة بمستشفى، وغير ذلك ـ فالظاهر التفصيل في جوازه بين الصورتين المتقدمتين، فيجوز في الصورة الاُولى مع كونه أنفع للموقوف عليهم أو أصلح للوقف، بل قد يجب، ولا سيما مع تعذر الانتفاع به على الوجه الأول الذي وقف عليه لفقده للوازم ذلك، كالبستان ينقطع عنها الماء، والدار في محلة يعرض الناس عن السكنى فيه، أو لمنع السلطان، أو نحو ذلك. وإن احتاج

٢٩٢

لبذل مال حينئذٍ فإن عيّن له الواقف أو حصل متبرع به فذاك، وإلا اُنفق عليه من ريع الوقف ووارده، نظير ما تقدم في المسألة السابقة. وأما في الصورة الثانية فلا يجوز مع إمكان الانتفاع به على الوجه الذي وقف عليه، وأمامع تعذره فيأتي الكلام فيه في المسألة (٥) إن شاء الله تعالى.

(مسألة ٤) : إذا احتاج الوقف لصرف مال في عمارته أو في إدارة شؤونه، فإن كان هناك مال معيّن للصرف ـ من نفس الوقف أو من التبرعات أو من الحقوق الشرعية المبذولة للصرف المذكور ممن له حق البذل ـ فكما يجوز لمتولي الصرف الانفاق منه بعينه ـ فيشتري مثلاً أو يستأجر به بشخصه ـ يجوز له الاقتراض عليه والاقراض بنية الرجوع عليه، وكذا إذا كان هناك منفعة أو نماء متوقع مخصصان أو مبذولان له، كعقار أو بستان موقوفين أو مبذولين له.

أما مع عدم ذلك فلا يجوز لمتولي الصرف الاقتراض على التبرع المتوقع أو الحق المتوقع بذله للصرف المذكور ولا الاقراض بنية الرجوع عليه. ولو اقترض كان القرض في ذمته وعليه وفاؤه من ماله.

ولو أقرض وأنفق لم يتحقق القرض، بل كان ما ينفق تبرعاً منه، ولم يجز له الوفاء ولا الاستيفاء من التبرع أو الحق المبذول بعد ذلك للصرف المذكور، إلا أن يكون التبرع أو البذل لخصوص الوفاء أو الاستيفاء المذكورين، أو يعلم بعمومه له، فلا بأس بالوفاء والاستيفاء منه حينئذٍ. وهذا أمر قد يغفل عنه المتولون للصرف، فاللازم التنبّه له.

(مسألة ٥) : قد يتعطل الوقف عن الانتفاع به بالوجه الذي تضمنته الوقفية لخراب ونحوه، وقد سبق في المسألة (٢) أنه يجب عمارته من المال الذي عيّنه الواقف أو من التبرع مع وجودهم، ومع عدمهما فيجب عمارته من ريع الوقف ووارده في الصورة الاُولى من الصورتين المتقدمتين دون الثانية. وحينئذٍ

٢٩٣

إذا تعذر تعميره في الصورة الاُولى فالظاهر بقاء العين وقفاً على الموقوف عليهم إن كان لها غلة معتد به، وإلا فهي صدقة عليهم، والأحوط وجوباً حينئذٍ استبدالها بما يدرّ عليهم على نهج الوقف الأول. ومع تعذر شراء شيء أو خوف الضياع عليه بوجه معتد به فالأحوط وجوباً بذله للموقوف عليهم وتوزيعه على الموجودين منهم على نحو توزيع وارد الوقف وريعه.

وأما في الصورة الثانية، فإن أمكن تعمير الوقف من وارده أو من غيره بنحو يحفظ به عنوانه الذي أوقف عليه ويؤدى به الغرض المطلوب منه ولو في الزمن اللاحق فالأحوط وجوباً القيام بذلك. وأما ما تقدم في المسألة (٢) من عدم جواز تعميره من وارده في الصورة المذكورة فيختص بما إذا كان خرابه بنحو لا يمنع من الانتفاع به فيما اُوقف عليه. وإن تعذر ذلك فالظاهر صيرورة العين صدقة مطلقة يجوز بيعها كما يجوز إبقاؤها والانتفاع بها ولو بعمارتها على وجه آخر غير ما اُوقفت عليه. نعم لا تتعيّن حينئذٍ للوجه الاخر، بل تبقى صدقة مطلقة يجري عليها حكم الصدقات، فيجوز الانتفاع بها بعد خراب العمارة الثانية على وجه آخر، وهكذا مهما تعاقبت عليها العمارات.

هذ، ولابدّ في إجراء الاحكام المذكورة من أن يقوم بذلك ولي الوقف الخاص مع وجوده، وإلا فالحاكم الشرعي، وعليه ملاحظة القرائن العامة والخاصة في تشخيص الصورة والوجه الذي وقع عليه الوقف. ومع اشتباه الحال فاللازم الاحتياط.

(مسألة ٦) : إذا خرب الوقف وتعذرت عمارته من وارده أو من غيره جاز بيع بعضه لعمارة الباقي من غير فرق بين الصورتين المتقدمتين. وما تقدم من صيرورة العين صدقة إنما هو مع تعذر ذلك.

(مسألة ٧) : في حكم تعطيل الوقف لخرابه تعطيله لسبب آخر غير

٢٩٤

الخراب، كما لو تعذر السكن في الدار لمنع السلطان، أو لعدم توفّر لوازم السكن، أو غير ذلك، فيجري حينئذٍ التفصيل المتقدم.

(مسألة ٨) : قد لا يتعطل الوقف بل يبقى صالحاً للانتفاع الذي تضمنته الوقفية، إلا أنه يتعذر انتفاع الموقوف عليه به واستعماله في الوجه الذي اُوقف عليه. وذلك لاحد اُمور:

الأول: ارتفاع موضوعه، كما لو وقف شيئاً لعمارة مسجد أو إنارته أو وقف فراشاً أو أثاثاً له فخرب ذلك المسجد أو هجر، وكما لو وقف مدرسة في بلد لطلاب العلم، فترك الناس طلب العلم في ذلك البلد وهاجروا منه، وكما لو وقف شيئاً لمصلحة هيئة أو جمعية معينة فإنحلت تلك الهيئة أو الجمعية.

الثاني: الاستغناء عنه، كالاستغناء بالحديث عن القديم في أدوات الانارة أو التبريد أو الفرش أو الكتب أو الابواب أو الاخشاب أو غيره.

الثالث: تعذر استعماله لمنع سلطان أو نحوه.

الرابع: الخوف على العين الموقوفة من التلف أو السرقة أو نحوهما بنحو خارج عن المتعارف غير متوقع حين الوقف.

وحينئذٍ إن كان التعذر مؤقتاً أو يتوقع زواله قريباً بحيث لا يستلزم تعطيل الوقف عرفاً وجب الانتظار، وحرم الانتفاع بالعين الموقوفة في غير الوجه الذي وقفت له، وإلاّ فالأحوط وجوباً أنه إن أمكن الانتفاع بالعين الموقوفة مع بقاء عينها بمثل الانتفاع الذي اُخذ في الوقف تعين الانتفاع المذكور بها في مثل الجهة التي وقفت لها مع حاجته، فيستعمل ما وقف لمسجد في مسجد، وما وقف لحسينية في حسينية، وما وقف لمدرسة في مدرسة، وما وقف لجماعة من طلاب العلم ـ كالعرب مثلاً ـ في طلاب العلم، مع مراعاة الاقرب فالاقرب في جميع ذلك. ومع تعذر استعماله في مثل تلك الجهة أو الاستغناء عنه فيها يستعمل فيم

٢٩٥

هو الاقرب فالاقرب لها عرفاً كاستعمال ما وقف للمسجد في حسينية مثلاً ثم في جهة عامة قربية ثم في جهة خاصة قربية أيض.

نعم لا يختص الوقف بما يجعل له حينئذٍ، بل يجوز نقله لنظيره اختيار، فإذا جعل في مسجد مثلاً جاز نقله لمسجد آخر مع حاجته، بل إذا جعل في الابعد لفقد الاقرب ثم وجد الاقرب فالأحوط وجوباً نقله إليه مع الحاجة.

أما إذا لم يمكن الانتفاع بالعين الموقوفة مع بقاء عينها بمثل الانتفاع الذي اُخذ في الوقف في مثل الجهة التي وقفت لها أو الاقرب إليها ـ لعدم صلوحها للاستعمال المذكور كالاخشاب التالفة والفرش المستهلكة، أو للاستغناء عنها في الامثال والنظائر ـ فالظاهر أنها تكون صدقة يجوز بيعها وصرف ثمنها في مصرف الصدقات.

بقي في المقام أمران :

الأول: أنه يستثنى من ذلك ما إذا دار الامر بين الانتفاع بالعين الموقوفة في غير الجهة التي وقفت عليها بنحو الانتفاع بها في الجهة التي وقفت عليها وبين الانتفاع ببدلها في نفس الجهة التي وقفت عليه، كما إذا هدم المسجد ودار الامر بين استعمال آجره وأخشاب بنائه في بناء مسجد آخر وبين بيعها وصرف ثمنها في بنائه، وكما إذا قصرت أدوات إنارته أو تبريده عن الوفاء بحاجته ودار الأمر بين الانتفاع بها في مسجد آخر وبين بيعها وصرف ثمنها في إنارة نفس المسجد أو تبريده. فإن الظاهر هنا لزوم اختيار الثاني، لأنه الأقرب عرفاً للوقف.

الثاني: أن الأحوط وجوباً مع عدم وجود ولي خاص للوقف مراجعة الحاكم الشرعي، واستئذانه في التصرف في العين الموقوفة بالوجه المتقدم عند تعذر الانتفاع بها في الوجه الذي وقفت عليه.

٢٩٦

(مسألة ٩) : إذا جُهل مصرف نماء الوقف، فإن أمكن الاحتياط تعيّن، فإذا تردد مثلاًبين العلماء مطلقاً وخصوص الفقراء منهم، صرف في الفقراء منهم، وكذا إذا تردد بين العلماء مطلقاً والفقراء مطلق، وإن تعذر الاحتياط، فإن كانت المحتملات محصورة تعين الرجوع للقرعة، كما إذا تردد بين أحد مسجدين أو بين مساجد معينة، أو تردد بين الدفع للفقراء والصرف لعمارة المسجد، وإن لم تكن محصورة صرف في وجوه البر، والأحوط وجوباً اختيار ما يحتمل كونه مصرفاً للوقف عند التردد بينه وبين ما يعلم بعدم كونه مصرفاً له.

(مسألة ١٠) : إذا آجر الوليّ العين الموقوفة في الوقف التشريكي أو الترتيبي مدة معينة ـ كسنة مثلاًـ وفي أثنائها مات بعض الموقوف عليهم أو تمام البطن السابق، أو ولد بعض من يشارك الموقوف عليهم لم تبطل الإجارة بالاضافة إلى حصته في تلك المدة، غاية الامر أنه ينكشف بطلان التوزيع للاُجرة، ويتعين توزيع ما يخص المدة الباقية على النحو المناسب للموت والولاية الحادثين. على أنه لا يبعد أن ينصرف الوقف ـ تبعاً للتعارف ـ إلى توزيع اُجرة تمام السنة مثلاً على الموجودين في رأس تلك السنة.

(مسألة ١١) : الفسيل الخارج بعد الوقف إذا نما واستطال حتى صار نخلاً مثمر، أو قلع من موضعه وغرس في موضع آخر فنما حتى صار نخلاً مثمراً لا يكون وقف، بل هو من نماء الوقف فيجوز بيعه وصرفه في مصارف منفعة الوقف ونمائه، وكذا الحال في الولد الذي يلده الحيوان الموقوف، إلا أن ينص الواقف على وقف النماء المذكور تبعاً للاصل، فيصح كما تقدم. وكذا إذا نص واقف البستان مثلاً على أن للولي أن يغرس في البستان فسيلاً ويجعله وقف، ففعل الولي ذلك، فإنه يصير حينئذٍ وقفاً كالنخل الذي أوقفه الواقف بوقفه للبستان.

(مسألة ١٢) : لا يجوز بيع الوقف في القسم الأول من القسمين المتقدمين في

٢٩٧

الفصل الأول مطلق. وكذا في القسم الثاني، إلا أنه يستثنى منه موردان..

الأول: ما إذا بطلت الوقفية وصارت العين صدقة خاصة أو مطلقة، لتعذر الانتفاع بالوقف على الوجه الذي وقف عليه، على ما تقدم مفصّلاً في المسائل (٥) و (٦) و (٧) و (٨).

الثاني: ما إذا صرح الواقف في الوقف بالاذن في بيعه عند حدوث أمر ـ كاختلاف الموقوف عليهم وحاجتهم ـ بل مطلقاً على الاظهر، وحينئذٍ يصرف ثمنه فيما يذكره الواقف أو يفهم منه.

وقد يدعى جواز البيع أيضاً فيما إذا احتاج الموقوف عليهم وكان البيع خيراً لهم وبرضاهم، وفيما إذا وقع الاختلاف بينهم. لكن الأحوط وجوباً عدمه والاقتصار على ما سبق.

(مسألة ١٣) : المخطوطات الاثرية وإن كانت تبطل وقفيتها إذا سقطت عن الانتفاع وتكون صدقة مطلقة أو خاصة إلا أنّ الاحتفاظ بها في المكتبات العامة الامنة من أوضح مصارف الصدقات فلا ينبغي تضييعها ببيع أو نحوه. وكذا الحال في جميع الاُمور الاثرية التي يعتز بها ويهتم بحفظها إذا كان في حفظها إعزاز للدين وأهله.

(مسألة ١٤) : إذا كان مفاد الوقفية تمليك المنفعة أو النماء أو ثمنهما للموقوف عليهم، فإن كان الموقوف عليهم محصورين يمكن الوصول إليهم جميعاً في العادة كان الظاهر التوزيع بينهم جميع، ويكون بنحو التساوي مالم ينصّ الواقف على التفاضل، وإن لم يكونوا محصورين ولا يمكن الوصول إليهم جميعاً في العادة ـ كالفقراء والسادة ـ فالظاهر التوزيع بينهم في الجملة ولا يجب الاستيعاب.

(مسألة ١٥) : إذا كان مفاد الوقفية أن للموقوف عليهم الانتفاع بالوقف

٢٩٨

بالمباشرة ـ كالسكنى في الدار والمدرسة، والنزول في منازل المسافرين والزوّار، والصلاة أو الجلوس في الحسينية، والاكل من ثمرة الشجرة ـ فإن كان هناك قرينة عامة أو خاصة على مقدار الانتفاع المبذول في الوقف كمّاً وكيفاً وزماناً عُمل عليه، وإلا انصرف للمقدار المتعارف من الانتفاع، وهو يختلف باختلاف الاشياء الموقوفة، فالانتفاع في دار السكن يختلف مساحة عن الانتفاع في سكنى المدرسة، وهما يختلفان عن الانتفاع في منزل المسافرين، ولا يجوز لبعض الموقوف عليهم منع الاخرين. نعم مع ضيق الوقف عن الاستيعاب وتشاح الموقوف عليهم وعدم تضمن الوقفية الترجيح بينهم، فإن كان مفاد الوقفية ثبوت الحق للكل مطلقاً تعيّن التصالح بينهم في كيفية القسمة بلحاظ الزمان ـ كشهر فشهر أو سنة فسنة ـ أو بلحاظ المقدار بانتفاع كل منهم دون المقدار المجعول في الوقف، أو غير ذلك، ومع عدم التصالح يتعين الرجوع للحاكم الشرعي لفضّ النزاع، وإن كان مفاد الوقفية ثبوت الحق للكل ما وسعهم الوقف فالترجيح للسابق، ومع عدم السبق فاللازم التصالح في كيفية القسمة أوالرجوع للحاكم، على النهج السابق.هذاكله إذالم تتضمن الوقفية تحكيم الولي في تعيين من له الانتفاع، وإلاكان هوالمرجع مع التشاح.

(مسألة ١٦) : إذا كان مفاد الوقفية أن للموقوف عليهم الانتفاع بالمباشرة فليس لبعضهم أخذ شيء من المال من الباقين بدلاً عن الانتفاع المذكور، ليستقلّوا بالانتفاع ولا يشاركهم فيه. نعم له أن يصالحهم على شيء من المال في مقابل عدم إعمال حقه، فيكون أخذ المال في مقابل ترك إعمال الحق، لا في مقابل نفس الانتفاع المستحق.

٢٩٩

الفصل الثامن

فيما يثبت به الوقف

لا إشكال في أن الوقف يحتاج إلى إثبات، وأنه لا يحكم به بمجرد الاحتمال، بل يحكم بعدمه حينئذٍ.

كما أنه بعد ثبوته والشك في خصوصياته ـ من عموم وخصوص وغيرهما ـ لا مجال للبناء على خصوصية ما من دون إثبات.

ولو شك المكلف في دخوله في الموقوف عليهم أو في عموم الوقف لبعض التصرفات لم يحل له التصرف ما لم يحرز عموم الوقف له أو للتصرف المذكور، فإذا شك مثلاً في أن حوض المدرسة أو بئرها أو مرافقها وقف على خصوص طلاب العلم أو على كل وارد لها لم يحل لغيرهم التصرف فيه، وكذا إذا شك في أن المرافق أو الميضاة الملحقين بالمسجد وقف على خصوص من يصلي في المسجد أو على ما يعم غيرهم لم يحل لغير من يصلي في المسجد استعماله، وهكذ.

(مسألة ١) : تثبت الوقفية بالعلم من أيّ سبب حصل، وبالبينة، وبإخبار ذي اليد، كما تثبت بها كيفية الوقف من كونه مسجداً أو حسينية أو وقفاً تشريكياً أو ترتيبي، على نحو تمليك المنفعة أو النماء للموقوف عليهم أو بذلهما للانتفاع بهما بالمباشرة، إلى غير ذلك من الخصوصيات.

(مسألة ٢) : إذا كانت العين تحت يد أكثر من واحد، فإن أخبر الكل بوقفيتها أو بكيفية وقفيتها صُدّقوا وثبتت وقفيته، وإن أخبر بعضهم فقط، فإن كان ظاهر يدهم ملكية العين تثبت الوقفية في حصته بالنسبة ولا تثبت في حصة الاخرين، وإن لم تكن يدهم كذلك ـ كما لو كانوا مستأجرين للعين، أو كانت

٣٠٠