منهاج الصالحين - المعاملات الجزء ٢

منهاج الصالحين - المعاملات0%

منهاج الصالحين - المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 344

منهاج الصالحين - المعاملات

مؤلف: السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 344
المشاهدات: 66059
تحميل: 3790


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 344 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 66059 / تحميل: 3790
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين - المعاملات

منهاج الصالحين - المعاملات الجزء 2

مؤلف:
العربية

العرف، وهو يختلف باختلاف المعاملات، فالشيء الواحد قد يكون عنواناً مقوِّماً للمبيع في حال ووصفاً زائداً عليه في حال آخر، فالجنس مثلاً كالصوف والذهب والحنطة ونحوها قد يكون مقوماً للمبيع، بحيث يكون تخلفه موجباً لبطلان البيع، وقد يكون وصفاً زائداً عليه لا يلزم من تخلفه إلا الخيار مع كون العنوان المقوِّم للمبيع هو العنوان المنتزع من الهيئة الخاصة، كالثوب والبساط والمصاغ والخبز ونحوه، كما قد يكون المقوم للمبيع كلا الامرين من الجنس والهيئة، فيكون تخلف كل منهما موجباً للبطلان ولا ضابط لذلك.

(مسألة ٧٥) : لا يعتبر في الوصف الذي يكون تخلفه موجباً للخيار أن يكون مصرحاً به في العقد، بل يكفي أخذه ضمناً اعتماداً على قرينة عامة ارتكازية نظير وصف السلامة في المبيع أو خاصة، لظهور الحال المستفاد من خصوصية السوق أو خصوصية العين المبيعه، ومنه الغش المظهر للمبيع على خلاف حاله، كترطيب الخضر الموهم لجدتها أو جودته، كتجليل المبيع بالجيد منه وإخفاء الردىء تحته ونحو ذلك، فإن ذلك كله موجب للخيار، وإن لم يصدق العيب على الواقع المخفي، كما لو أخفى نوعاً من التمر لا عيب فيه في نوع آخر أجود منه.

(مسألة ٧٦) : إذا حدث في المبيع عند المشتري أحد موانع الرد المتقدمة في خيار العيب ففي بقاء خيار تخلف الوصف إشكال، فالأحوط وجوباً التراضي بين المتبايعين في الفسخ مع الارش أو بدونه وعدمه. وأمّا رجوع المشتري بالارش حينئذٍ فلا مجال له إذالم يرجع تخلف الوصف للعيب، وكذا الحال لو حدث أحد موانع الرد المذكورة في الثمن.

(مسألة ٧٧) : يختص هذا الخيار بما إذا كان العوض الموصوف شخصي، أما إذا كان كلياً وكان المدفوع فاقد الوصف فلا خيار، بل يجب إبدال الفاقد

٨١

للوصف بالواجد له، نظير ما تقدم في خيار العيب.

(مسألة ٧٨) : يسقط هذا الخيار بإسقاط المشتري له بعد البيع، وبإقرار البيع والرضا به بعد العلم بتخلف الوصف، كما أنه ينتقل للوارث، نظير ما تقدم في الخيارات السابقة.

التاسع: خيارتبعض الصفقة

ويثبت فيما إذالم يتم البيع في بعض المبيع، إما لعدم كونه مما يصح بيعه، كالوقف والحر والخمر أو لعدم سلطان البايع على بيعه فيكون البيع فيه فضولي، من دون أن يجيزه من له السلطنة عليه، أو لثبوت الخيار فيه كالمعيب والحيوان في الايام الثلاثة مع فسخ صاحب الخيار، فإنه يصح لكل من المتبايعين الفسخ في تمام المبيع.

(مسألة ٧٩) : إذا لم يفسخ من له خيار تبعض الصفقة ورضي بالبيع في البعض أخذه بحصته من الثمن. وحينئذٍ فله صورتان..

الاُولى: أن لا يكون للاجتماع دخل في زيادة قيمة الاجزاء ولا في نقصه، وحينئذٍ يقوّم ما تمّ البيع فيه ومالم يتمّ البيع فيه، ويبقى للبايع من الثمن بنسبة قيمة ما تمّ فيه البيع لمجموع القيمتين، فإذا كانت قيمة ما تمّ فيه البيع نصف مجموع القيمتين أخذ البايع نصف الثمن، وإذا كانت قيمته ربع مجموع القيمتين أخذ ربع الثمن، وهكذ.

الثانية : أن يكون للاجتماع دخل في زيادة قيمة الاجزاء، أو في نقصه، وحينئذٍ قد تتفق الاجزاء في نسبة الدخل المذكور فيكون الحكم كما في الصورة الاُولى، كنسبة قيمة كل من النصفين المشاعين لقيمة المجموع، وقد تختلف، كما لو كان الاجتماع موجباً لزيادة قيمة بعض الاجزاء ونقص قيمة بعضه، مثل الجارية وبنتها الرضيعة، حيث تنقص قيمة الاُم إذا كانت معها ابنته، وترتفع

٨٢

قيمة البنت إذا كانت مع اُمه، أو كان الاجتماع موجباً لزيادة قيمة بعض الاجزاء أو نقصها من دون أن يكون دخيلاً في بعضه، أو كان الاجتماع موجباً لزيادة قيمة بعض الاجزاء بنسبة تختلف عن نسبة الزيادة في الاجزاء الاُخر... إلى غير ذلك من الصور.

ويتردد الامر هنا بين وجهين:

الأول: ملاحظة نسبة قيمة ما تمّ فيه البيع منفرداً لقيمة المجموع ويأخذ البايع من مجموع الثمن بتلك النسبة. فإذا كان الثمن عشرين، وكانت قيمة ما تمّ فيه البيع منفرداً ثلاثة، وقيمة المجموع اثني عشر أخذ البايع خمسة من العشرين.

الثاني: ملاحظة نسبة قيمة ما تمّ فيه البيع في حال انضمامه للمجموع لقيمة المجموع، ويأخذ البايع من مجموع الثمن بتلك النسبة، ففي المثال السابق إذا كانت قيمة ما تمّ فيه البيع في حال انضمامه للمجموع ستة أخذ البايع عشرة من العشرين، فاللازم على المتبايعين الاحتياط والتصالح بين الوجهين.

(مسألة ٨٠) :كمايثبت خيارتبعض الصفقة مع عدم تمامية البيع في بعض المبيع يثبت مع عدم تماميته في أحد المبيعين كما إذا باع شيئين بثمنين لكل منهما ثمن يخصه فلم يتمّ بيع أحدهما لكن بشرط أن يبتني بيعهما معاً على الارتباطية، لا على الانحلال. وحينئذٍ لو اختار عدم الفسخ فيما تمّ فيه البيع لزم الثمن الذي عُيّن في البيع، ولاتُلحظ نسبة قيمة أحدهما لقيمة المجموع.

العاشر: خيارتخلف الشرط

على تفصيل يأتي عندالكلام في الشروط إن شاء الله تعالى.

٨٣

تذنيب:

ينفذ العقد ويترتب أثره بوقوعه، ولا يتوقف على مضي زمن الخيار، فالمبيع في مدة الخيار في ملك المشتري والثمن في ملك البايع. ويترتب على ذلك أمران..

الأول: أن ضمان المبيع لو تلف بعدقبضه في مدة الخيارعلى المشتري وضمان الثمن على البايع.لا بمعنى لزوم دفعهما المثل أو القيمة مطلقاً ولو مع عدم فسخ البيع، بل بمعنى أنه مع عدم فسخ البيع تكون خسارة التالف على من تلف في ملكه ولا يرجع على الاخر، كما يرجع المشتري على البايع لو تلف المبيع قبل القبض. أما مع فسخ البيع في فرض بقاء الخيار مع التلف فيتعين على من تلف أو نقص عنده أحد العوضين دفع بدل العين أو أرش النقص إلى الاخر.

نعم، في خيار الحيوان يكون ضمان الحيوان إلى من انتقل عنه، على تفصيل تقدم، كما تقدمت بعض التفصيلات عند الكلام في بعض الخيارات الاُخر.

الثاني: أن نماء العين ومنفعتها يكونان لمالك العين، نعم إذا ردّت العين بالفسخ ردّ معها من النماء ما كان ملحقاً بها عرف، كاللبن في الضرع. بل يستحب أن يرد المشتري بدل اللبن الذي يشربه في الايام الثلاثة التي هي مدة خيار الحيوان ثلاثة أمداد من الطعام.

الفصل الخامس

في الشرط

وهو التزام في ضمن العقد تابع له، كما إذا باعه البستان واشترط أنّ له ثمرتها إلى سنة، أو باعه الدار واشترط أن عليه دفع ضريبته، أو أنّ له الخيار فيها إلى سنة، أو اشترط عليه أن يخدمه عشرة أيام، أو نحو ذلك، مما يتضمّن استحقاقاً لعين أومنفعة أو حق أوعمل. ويعتبر في نفوذ الشرط وترتّب الاثر عليه اُمور..

٨٤

الأول: أن يبتني عليه العقد، إمّالذكره فيه صريح، أولاخذه فيه ضمناً لقرينة من بناء عرفي عامّ أوخاص، مثل اشتراط التسليم للعوضين، واشتراط الاعتراف في بيع العقاربدائرة الطابو الذي تعارف في زماننا أو نحو ذلك. أمّا إذا ذُكر قبل العقد أوبعده من دون أن يبتني عليه العقد فهو وعد لا يجب الوفاء به، بل يستحب.

الثاني: أن لايكون مخالفاً للكتاب والسنّة، وذلك بأمرين:

أحدهما: أن يكون مضمونه مخالفاً للحكم الشرعي، مثل أن يكون الطلاق بيد غير الزوج، وأن لا يرث الورثة من المال، وأن يكون ولد الحر رق، وأن لا يثبت الخمس في المال الخاص، ونحو ذلك.

ثانيهما: أن يقتضي الالزام بترك واجب أوفعل حرام، كما لو اشترط أحدهما على الاخر أن يصنع له الخمر، أو أن يحلق لحيته، أوأن يغش له في بيعه، أوأن يترك الصلاة، أو يفطر في شهر رمضان... إلى غير ذلك.ويلحق به ما إذا اشترط عملاً محللاً في نفسه إلاّ أنّه مستلزم لترك واجب أوفعل حرام، مثل العمل في تمام نهارشهررمضان بنحو يضطرّمعه لترك الصوم أوالصلاة.وأمّا الالتزام بفعل مباح أومكروه أوترك مباح أو مستحب فلامانع منه، إلاّأن يدل الدليل على المنع منه بالخصوص، على ما قد ننبّه عليه في المواضع المناسبة.

الثالث: أن لايكون منافياً لمقتضى العقد، وهو على قسمين:

الأول: أن يكون منافياًلمقتضى العقدالذي اُخذ فيه الشرط، مثل أن يبيعه بشرط أن لا يستحق الثمن.

الثاني: أن يكون منافياً لمقتضى عقد آخر، مثل أن يشتري المتاع بشرط أن لايتحمّل خسارته، أوبشرط أن يشاركه في الربح، إذا رجع ذلك إلى وقوع الخسارة عليه أوشركته في الربح عندبيعه ابتداءً، فإنّه وإن لم يُنافِ عقد شراء

٨٥

المتاع الذي اُخذ فيه الشرط، إلاّ أنّه ينافي عقدبيعه بعدذلك الذي تقع فيه الخسارة أو الربح، لانّ مقتضى البيع دخول الثمن بتمامه في ملك مالك المثمن المستلزم لوقوع الربح له والخسارة عليه، وأمّا لو رجع إلى تدارك البايع الأول لخسارة المشتري، أو استحقاق البايع الأول من الربح بعد دخوله بتمامه في ملك المشتري الذي باعه بعد ذلك فهو لاينافي مقتضى العقد، ولايكون باطل.

(مسألة ١) : ليس من الشرط المنافي لمقتضى العقد بيع الشيء بشرط أن يبيعه المشتري على البايع، نعم لايصح البيع مع الشرط المذكور في بعض صوره، على ما يأتي إن شاء الله تعالى عند الكلام في بيع النقد والنسيئة.

الرابع: أن يكون الشرط مقدوراً للمشروط عليه، فلو كان متعذراً في تمام أزمنة اشتراطه كان باطل، ولو اعتقد القدرة عليه ثم انكشف عدمها انكشف البطلان من أوّل الامر. نعم إذا كان مقدوراً في بعض الازمنة ثمّ تعذّر كان صحيح، غايته أنه يسقط الوفاء به في زمن التعذر.

(مسألة ٢) : لا يبطل الشرط بالتعليق، كما لو اشترط عليه أن يصلي عنه إن مات قبله. ولا يبطل أيضاً بالجهالة، كما لو اشترط عليه أن يسكنه في داره حتى يشفى مريضه أويقدم مسافره.

(مسألة ٣) : إذا بطل الشرط لفقد أحد الشرطين الأولين لم يبطل العقد به.

(مسألة ٤) : إذا بطل الشرط لفقد الشرط الثالث، فإن كان لمنافاته لمقتضى العقد الذي اُخذفيه بطل العقد بتبعه، وإن كان لمنافاته لمقتضى عقد آخرلم يبطل العقد الذي اُخذ فيه، ولا العقد الاخر.

(مسألة ٥) : إذا صحّ الشرط وكان المشروط هو استحقاق عين أو منفعة أو حق ترتّب أثره ولم يمكن خروج المشروط عليه عنه، فإذا باعه البستان واشترط عليه أنّ له ثمرتها إلى سنة، أوباعه الدار واشترط عليه أنّ له منفعتها إلى شهر، أو أنّ له الخيار في البيع إلى سنتين مثلاًملك البايع الثمرة والمنفعة والخيار،

٨٦

ولم يقدر المشتري على التخلف عن الشرط المذكور. ويلزم العقد على كل حال، فلوامتنع المشتري عن تسليم الثمرة مثلاًأوالمنفعة كان غاصباً لها من دون أن يستحق البايع فسخ البيع، إلاّ أن يرجع الشرط المذكورإلى اشتراط التسليم والتمكين من الثمرة والمنفعة فيدخل في المسألة الاتية.

(مسألة ٦) : إذاصحّ الشرط وكان المشروط عملاً كما لواشترط عليه أن يخدمه أويخيط ثوبه أونحو ذلك استحق صاحب الشرط على المشروط عليه ما اشترطه، فيجب على المشروط عليه القيام به على النحو الذي يُلزِم به الشرط، فإن امتنع كان للمشروط له إجباره، وإن قصّرفي القيام به أو تعذّر عليه ذلك كان للمشروط له فسخ العقد، سواءً تمكّن من إجباره فلم يفعل، أم لم يتمكن من إجباره، وليس له المطالبة بقيمة الشرط لوكان له قيمة.

(مسألة ٧) : لصاحب الشرط إسقاط شرطه، فإن رجع إسقاطه إلى رفع اليد عن الالتزام به في العقدرأساًلم يجب على المشروط عليه القيام به، ولم يستحق المشروط له الخياربتخلفه، وإن رجع إسقاطه إلى رفع اليد عن استحقاقه لا غيرلم يجب على المشروط عليه القيام به، لكن يستحق المشروط له الفسخ مع تخلفه.

(مسألة ٨) : إذا فسخ العقد الذي تضمن الشرط بخيار أو تقايل سقط الشرط تبعاً له. نعم إذا كان الشرط مترتباًعلى فسخ العقد من أحد الطرفين، كالشرط الجزائي المتعارف في هذه الايام لم يسقط الشرط ووجب على الفاسخ القيام بما تضمنه، ولايسقط الشرط المذكورإلابالتقايل بين الطرفين في تمام المعاملة ورفع اليد عنها رأس.

(مسألة ٩) : الظاهر نفوذ الشرط في ضمن العقود الجائزة، كالعارية والوكالة وبعض أقسام الهبة.

(مسألة ١٠) : لا ينفذ الشرط في الايقاع، إلاّ في موارد خاصّة تذكر في مواضعها إن شاء الله تعالى.

٨٧

الفصل السادس

في التسليم والقبض

يجب على كل من المتبايعين بعد تمامية البيع بذل كل من العوضين لصاحبه الذي صار له بالبيع، وتمكينه منه عند بذل الاخر وتمكينه مما عنده، ولا يجوز لاحدهما الامتناع من ذلك عند بذل الاخر، ولو امتنع من ذلك حينئذٍ اُجبر عليه.

(مسألة ١) : لواشترط أحدهما أوكلاهماعدم بذل العوض الذي تحت يده مدة من الزمن صح الشرط.كمايجوز له اشتراط الانتفاع مدة من الزمن بما تحت يده، كسكنى الدارولبس الثوب وزرع الارض وغيره.

(مسألة ٢) : لايجوزفي المدة المشترط فيهاتأخيرالتمكين أوالانتفاع بالعين أن تكون مردّدة لا تعيّن لها في الواقع، بل لابدمن تعيينه، سواءًكانت مستمرة باستمرار بقاء العين، أم محدودة بحدمعلوم كشهر أومجهول قابل للضبط، كموسم الحصاد، ورجوع الحاج، ووضع المرأة حمله، ونحو ذلك. ولايجري فيه ما يأتي فيما إذا كان المبيع كليّاً مؤجّلاً من أنّه لابد من ضبط الاجل بحد معلوم.

(مسألة ٣) : لايجب على أحد المتبايعين إقباض الاخر، وتسليم ما تحت يده له، بل يكفي بذله له وتمكينه منه، كما سبق.

(مسألة ٤) : لوبذل البايع المبيع فامتنع المشتري من أخذه كفاه في خروجه عن عهدته إخراجه من حوزته بحيث يستطيع المشتري أخذه، نعم إذا كان المشتري عاجزاً عن أخذه وجب عليه حفظه حُسبة، كما أنه تقدم أن له بعد ثلاثة أيام فسخ العقد لخيار التأخير. وهكذا الحال في الثمن لو بذله المشتري وامتنع

٨٨

البايع عن قبضه. هذا إذا كان شخصي، أما إذا كان كلياً فسيأتي الكلام فيه.

(مسألة ٥) : إذاتلف المبيع بآفة سماوية أو أرضية وهو في حوزة البايع كان للمشتري أخذ الثمن، سواءً كان قد امتنع من تسليمه للمشتري، أم رضي هو والمشتري ببقائه عنده.بل هو الأحوط وجوباً إذا لم يكن راضياً هو بذلك لكن كان المشتري عاجزاً عن أخذ المبيع، فلابدّ من التراضي بينهما في ذلك.

أمّا إذا طلب من المشتري أخذه فامتنع المشتري، مع قدرته على ذلك فالظاهر خروجه عن عهدة البايع وعدم ضمانه له، ووقوع الخسارة على المشتري من دون أن يسقط حق البايع في الثمن.

وكذا إذا قبضه المشتري أو قبضه وكيله، بل وكذا لو وكّل المشتري البايع في قبضه عنه وجعله عنده وديعة، أو طلب منه إرساله إليه بيدشخص معين، أوغيرمعين فأرسله وتلف بعد خروجه عن حوزته.

(مسألة ٦) : يلحق بتلف المبيع تعذر الوصول إليه ولبدله، كما لو سرقه شخص مجهول، أوغرق، أوكان حيواناً وحشياً فأفلت.

(مسألة ٧) : إذا أتلف البايع المبيع قبل أن يخرج عن عهدته كان المشتري مخيراً بين فسخ البيع والرجوع على البايع بالثمن المسمى، وعدم فسخه، فيضمن البايع المبيع بمثله إن كان مثلياًوقيمته إن كان قيمي، على التفصيل الاتي في كتاب الغصب إن شاء الله تعالى.

أما إذا أتلفه بعدأن خرج عن عهدته بما سبق في المسألة (٤) فالمتعين الثاني وهوعدم الفسخ، والضمان بالمثل أو القيمة. وكذا الحال لوفرط فيه إذا كان وديعة عنده.

(مسألة ٨) : إذا أتلف المبيع أجنبي قبل أن يخرج عن عهدة البايع تخير المشتري بين الفسخ وعدمه، فإن فسخ رجع على البايع بالثمن، ورجع البايع

٨٩

على الاجنبي بالمثل أوالقيمة، وإن لم يفسخ لم يرجع على البايع بشيء، بل يرجع على الاجنبي بالمثل أو القيمة.وأما إذا أتلفه الاجنبي بعد أن خرج عن عهدة البايع فالمتعين الثاني، وهو الرجوع على الاجنبي بالمثل أوالقيمة.

ويلحق بإتلاف الاجنبي ما إذا وضع يده عليه ولم يقدر البايع على استنقاذه منه، غايته أنه مع رجوع البايع أوالمشتري على الاجنبي يجب على ذلك الاجنبي إرجاع العين مع قدرته على ذلك، ولا يجزيه دفع المثل أوالقيمة إلامع تعذر إرجاعها عليه.

(مسألة ٩) : إذا أتلف المشتري المبيع لم يستحق شيئاً على البايع، سواءً كان إتلافه له قبل خروجه عن عهدة البايع، أم بعد خروجه عنه. ويلحق بذلك ما إذا أذن بإتلافه للبايع أولغيره.

(مسألة ١٠) : إذا تعيب المبيع قبل خروجه عن عهدة البايع فقد تقدم حكمه في المسألة (٦٠) من الفصل الرابع المعقودة لحكم التعيب قبل القبض، لانّ المراد من القبض ما يعم الخروج عن عهدة البايع. وإذا تعيّب بعد خروجه عن عهدته في زمن الخيار فقد تقدم الكلام فيه في تذنيب الفصل المذكور. وإذا تعيب بعد الخروج عن عهدة البايع وانقضاء زمن الخيار كان من المشتري.

(مسألة ١١) : ما تقدم إنما هو فيما إذا كان المبيع أوالثمن شخصي، كالثوب الخاص والدينار الخاص. أما إذا كان كلياً كما لو باعه مائة كيلو حنطة في الذمة بألف دينار فلا يتعين حق كل منهما في الفرد الشخصي إلا برضاهما مع، فإن اتفقا على تعيينه في فرد خاص ولم يأخذه صاحبه كان أمانة في يد الاخر لا يضمنه، ولا يضمن العيب الذي يحصل فيه إلامع تفريطه، وله إلزامه بقبضه منه، فإن امتنع خلّى بين المال وصاحبه مع قدرته على أخذه، وخرج عن عهدته. وإن أبى أحدهما من تعيين حقه الكلي في فردمع حلول وقت أدائه كان للاخر الرجوع للحاكم الشرعي في تعيينه، ثم يجري عليه ما سبق فيما لو رضي صاحبه

٩٠

بتعيينه ولم يأخذه.

(مسألة ١٢) : إذاحصل للمبيع نماء قبل خروجه عن عهدة البايع كان للمشتري، فإذاتلف المبيع قبل الخروج عن عهدة البايع ورجع المشتري بالثمن بقي النماء له.

(مسألة ١٣) : لوباع جملة فتلف بعضهاقبل الخروج عن عهدة البايع انفسخ البيع بالنسبة إلى التالف، ورجع ما يخصّه من الثمن، وكان له في الباقي خيار تبعض الصفقة الذي تقدم في التاسع من الخيارات.

(مسألة ١٤) : يجب على البايع مع إطلاق عقدالبيع المبادرة لتفريغ المبيع عما فيه، من أثاث أوبضاعة أوغيرهم.ولو توقف التفريغ على التصرف في العين بهدم بناء، أوقلع باب، أوفتق وعاء، أو غير ذلك، فإن ابتنى البيع على ذلك لزم من دون حاجة فيه لاستئذان المشتري، إلا أن يبتني البيع على استئذانه، لاختيار التصرف الاصلح. ولايجب على البايع إصلاح الخلل إلا إذا استفيد اشتراط ذلك عليه عند البيع صريح، أو ضمناً لتعارف ذلك في أمثاله، أو لنحو ذلك من القرائن.

وإن لم يبتن البيع على التصرف المذكور للغفلة عن انشغال المبيع، أو لتخيل عدم احتياج التفريغ لذلك التصرف، أونحو ذلك لزم استئذان المشتري فيه.

وحينئذٍ لو عدّ ذلك نقصاً عرفاًجرى فيه ماتقدم في خيار العيب، وإن لم يعد عيباًلم يجزللمشتري الفسخ. ثم أنه إذالزم من التفريغ خلل في المبيع بهدم أونحوه وجب على البايع إصلاحه، إلا أن يتفقا على حلّ آخر، كدفع عوض خاص، أوشراء المشتري لماانشغل به المبيع، أوغير ذلك. وكذا الحال فيما لوعدّعيباًولم يفسخ المشتري.

هذا ولو اشترط البايع صريحاً أوضمناً عدم التفريغ أبداً أو إلى مدة نفذ الشرط ووجب العمل عليه، وجازللبايع تعاهد ماينشغل به المبيع وإن لزم

٩١

التصرف في المبيع بالمقدار المتعارف، أو المتفق عليه بينهماعندالبيع.

(مسألة ١٥) : من اشترى شيئاً ولم يقبضه، فإن كان مما لا يكال ولا يوزن جاز بيعه قبل قبضه على كراهة، وكذا إذا كان مما يكال أو يوزن وكان البيع برأس المال، أما إذا كان البيع بربح أو وضيعة فالأحوط وجوباً عدم بيعه ذلك الشيء حتى يقبضه.

نعم، يستثنى من ذلك بيع أحدالشركاء في المبيع حصته لشريكه، فإنه يجوز مطلقاً وإن لم يقبض المبيع ولم يكن البيع برأس المال. وكذا يجوز بيع ما يملك بغيرالشراء كالميراث والصداق قبل قبضه، وتمليك المبيع وغيره مما يملك بغير البيع كجعله صداقاً أو اُجرة قبل قبضه. وفي جريان حكم المبيع على الثمن في البيع إشكال، فاللازم الاحتياط.

(مسألة ١٦) : المراد بالقبض في المسألة السابقة معناه العرفي، وهو الاستيلاء على المبيع وكونه في حوزة المشتري، ولا يكفي خروجه عن عهدة البايع، الذي عليه المدار فيما سبقها من المسائل.

الفصل السابع

في النقد والنسيئة

والمراد بالنقد هو البيع المبتني على استحقاق تعجيل تسليم الثمن. والمراد بالنسيئة هو البيع المبتني على جواز تأجيل الثمن، نعم لابد في النسيئة من كون الثمن كلياً في ذمة المشتري. أما إذا كان شخصياً وقد اشترط تأخير تسليمه، فالشرط المذكور وإن كان نافذاً إلا أن البيع لا يكون نسيئة حينئذٍ.

(مسألة ١) : بيع النسيئة يتوقف على اشتراط التأجيل في ضمن العقد، أما بيع النقد فلا يحتاج إلى شرط، بل هومقتضى إطلاق العقد، ويجب فيه المبادرة

٩٢

بتسليم الثمن، كما يظهر ذلك كله ممّا تقدّم في خيارالتأخير. وقد تقدّم في الفصل السابق حكم ما لو امتنع البايع من قبض الثمن المستحق له.

(مسألة ٢) : الأحوط وجوباً في بيع النسيئة أن يكون الاجل معلوم، مضبوطاً بنحو لايقبل الزيادة والنقصان، ولايكفي تعيّنه واقعاًمع الجهل به حين العقد، كقدوم المسافر، ووضع المرأة حمله، بل حتى مثل الشهورالعربية أو الرومية أو الفارسية ممّا هو منضبط في نفسه إذالم يألفه المتبايعان، بحيث يحتاج معرفة المدة بها إلى الحساب أو الرجوع للغير.

نعم، لا يضرّ التحديد بأول الشهر إذا تردد الشهر السابق عليه بين الزيادة والنقصان.

(مسألة ٣) : لا حدّ للاجل في النسيئة، وإن كان الأحوط استحباباً أن لا يبلغ ثلاث سنين.

(مسألة ٤) : كما لا يجب على المشتري في بيع النسيئة دفع الثمن قبل الاجل لا يجب على البايع أخذه لودفعه المشتري قبل الاجل، ولايجري فيه ماتقدم في الفصل السابق إلاّبعدحلول الاجل.

نعم، لو قامت القرينة على أن التأجيل شرط للمشتري دون البايع كان للمشتري التنازل عن شرطه فيكون الثمن حال، لكن لا يكفي في ذلك انتفاع المشتري بالشرط غالباً دون البايع، لامكان أن يكون طلب المشتري للتأجيل يوجب ترتيب البايع لاُموره بنحو يلائمه الشرط المذكور، فيجعلان الشرط لهما معاً ولا يسقط إلاّ برضاهما مع، فلابدّ من قيام القرينة الخاصة على خلاف ذلك، وعلى أن الشرط للمشتري فقط.

(مسألة ٥) : يصح بيع الشيء بثمن حال، وبأكثر منه مؤجلاً من دون تعيين أحدهم، كما لو قال: بعتك هذا الثوب بعشرة دنانير نقد، وبإثني عشر

٩٣

إلى شهر، لكن يقع البيع بأقلّ الثمنين وأبعد الاجلين، كما تقدم تفصيل ذلك في المسألة (١٤) من الفصل الثالث.

(مسألة ٦) : يجوز في بيع النسيئة أن يزيد في الثمن من أجل الاجل كما يتعارف كثير، فإذا كانت قيمة الشيء عشرة مثلاً جاز بيعه نسيئة باثني عشر، ولا محذور في ذلك.

نعم بعد تعيين الثمن في العقد بقدر خاص إذا حلّ وقت دفعه لا يجوز تأجيله بزيادة عليه، كما لا يجوز أن يزيد في أجَل المؤجل بزيادة عليه، فإذا باعه السلعة بخمسة عشر إلى شهر مثلاً وتمّ البيع ثم بدا لهما أن يزيدا في الاجل بزيادة في الثمن بأن يجعلا الثمن عشرين مثلاً إلى شهرين لم يصح ذلك. وهكذا الحال في كل دين حالّ أو مؤجّل، للزوم الربا منه.

نعم، يمكن التخلص من ذلك ببعض الطرق:

منها: أن يبيع المدين الدائن شيئاً منه بدينه ثم يشتريه نسيئة بأكثر منه، مثلاً إذا كان زيدٌ مديناً لعمرو ألف دينار فحلّ دينه ولم يكن عند زيد ما يفي به جاز له أن يبيع عمراً ثوباً بألف دينار فإذا تمّ البيع اشتراه منه بألف ومائتي دينار نسيئة إلى أجل معين.

ومنها: أن يبيع عليه شيئاً بأكثر من قيمته ويعتبر عليه في البيع تأجيل الدين، أوالزيادة في أجله، مثل أن يبيعه في المثال السابق ما قيمته عشرة بمائة بشرط أن يؤجل دينه الحال عليه، إلى غير ذلك ممّا يذكر في التخلص من الرب.

(مسألة ٧) : يجوز تعجيل الثمن المؤجل بل كل دين بنقصان منه، بأن يعجل له بعضه ويبرئه من الباقي، كما يجوز أن يبيع الدين عليه بأقل منه معجل، أو يصالحه عنه بأقل منه معجلاً أيض، إلا أن يكون من المكيل أو الموزون فلا يجوز البيع ولا الصلح، بل يتعين الابراء.

(مسألة ٨) : لا يصح بيع الشيء نسيئة بثمن بشرط أن يبيعه المشتري على

٩٤

البايع نقداً بثمن أقل. والأحوط وجوباً المنع في عكسه أيض، وهو بيع الشيء نقداً بثمن بشرط أن يبيعه المشتري على البايع نسيئة بثمن أكثر. بل الأحوط وجوباً أيضاً عدم البيع بشرط أن يبيعه المشتري على البايع مطلق، كان البيعان معاً نقداً أونسيئة أو مختلفين. بل الأحوط استحباباً عدم البيع إذا كان من قصدهما الشراء بعده بحيث لولم يقع لردّ أحدهماالبيع حتى لو لم يشترطا ذلك في البيع، بل لا يوقعان البيع الثاني مع قصده من أول الامر إلا بعد لزوم البيع الأول، بسقوط خيار المجلس ونحوه ممّا يسوّغ لاحدهما الردّ.

الفصل الثامن

في المساومة والمرابحة والمواضعة والتولية

التعاقد بين البايع والمشتري وتعيينهما الثمن عند البيع..

تارة: لايبتني على ملاحظة رأس المال الذي اشترى به البايع السلعة، بأن يتفقا على الثمن ابتداءً.

واُخرى: يبتني على ملاحظة رأس المال المذكور.

والبيع في الأول يسمى مساومة وهو الافضل.

وأما في الثاني، فإن كان البيع برأس المال سمي تولية، وإن كان بربح عليه سمي مرابحة، وإن كان بنقصان عنه سمي مواضعة.

(مسألة ١) : لابدّفي القسم الثاني بصوره الثلاث من ذكرمقداررأس المال ليعلم مجموع الثمن، بناء على ما سبق من لزوم العلم بالثمن، فلايكفي ذكر رأس المال من دون بيان مقداره، بأن يقول مثلاً:بعتك الثوب برأس ماله فقط، أو مع ربح كذ، أو وضيعة كذ. بل يقول:بعتك الثوب برأس ماله وهو عشرة فقط، أو مع ربح كذ، أو وضيعة كذ.

٩٥

(مسألة ٢) : الظاهركفاية نسبة الربح أوالوضيعة لرأس المال المعلوم وإن جهل مجموع الثمن حين إيقاع البيع وتوقفت معرفته على الحساب، فيصح مثلاً أن يقول: بعتك هذا المتاع برأس ماله وهو مائتان مع ربح واحد لكل عشرة، وإن لم يعرف أحدهما أوكلاهما حين البيع أن الثمن يكون مائتين وعشرين واحتاج ذلك إلى الحساب.

(مسألة ٣) : في بيع المرابحة والمواضعة والتولية إذا أخبر البايع برأس المال على خلاف الواقع صح البيع وكان للمشتري الخيارفي البيع، نظير خيار تخلف الوصف.

(مسألة ٤) : إذا كان الشراء بثمن مؤجل وجب على البايع في المرابحة والمواضعة والتولية أن يخبر بالاجل، فإن أطلق ولم يبين كان للمشتري الخيار بين الفسخ والامساك بذلك الاجل.

(مسألة ٥) : إذا اشترى شخص جملة أشياءً بثمن واحد صفقة لم يجز له بيع أجزائها مرابحة أو مواضعة أو تولية على تقويمه من دون إعلام المشتري بالحال، إلا أن يكون توزيع الثمن على الاجزاء معلوماً من غير حاجة للتقويم، بأن كانت الصفقة جملة متماثلة الاجزاء، كما لو اشترى عشرة أقلام من ماركة خاصة بمائة دينار.

(مسألة ٦) : إذااشترى شيئاً بثمن معين وعمل فيه بنفسه عملاً له اُجرة كما لو خاط الثوب لم يحل له أن يضم الاجرة للثمن، في بيع المرابحة والمواضعة والتولية، بل لابدّ أن يخبر بالحال، وكذا لو عمل له الغير ذلك العمل تبرع، وكذا إذا عمله له باُجرة، إلا أن تقوم القرينة على أن المراد بالثمن مطلق الكلفة، لاثمن الشراء فقط.

وهكذا الحال في كلّ ما ينفقه على المتاع من اُجرة النقل والحفظ وغيرهم، فإنه لا يجوز إضافتها للثمن وعدّها منه، إلا مع قيام القرينة على أن المراد بالثمن

٩٦

ما يعمه، وبدونها لابدّ من إعلام المشتري بالحال، وإلا ثبت له الخيار.

(مسألة ٧) : إذا حدّدصاحب المال للدلال سعر، وقال له: ما زاد فهو لك، جاز ذلك ويكون الزائد للدلال، إلا أنه لا يجوز للدلال أن يبيعه مرابحة، بأن يفرض القدر المحدّد عليه رأس المال وما زاد هو الربح، لانه لم يشتره بالمقدار الذي حدده عليه.

(مسألة ٨) : إذا اشترى معيباً ورجع على البايع بالارش فليس له البيع مرابحة أو وضيعة أو تولية بثمن الشراء، بل لابدمن بيان الحال.وكذا لولم يرجع أو رجع ولم يدفع له البايع الارش، فإن اللازم بيان أن الشراء بذلك الثمن إنما كان بتخيل السلامة، لامع العلم بالعيب.وكذاالحال لواشتراه بالثمن الخاص سالماً فتعيب عنده أوتغير تغيراً قد ينقص قيمته أويوجب اختلاف الرغبة فيه، فإن اللازم بيان أن الشراء بالثمن الخاص إنماكان قبل التعيب أوالتغير.

(مسألة ٩) : لو اشترى شيئاً بثمن خاص ثم أسقط البايع بعض الثمن تفضّلاً أو مجازاة على إحسان سابق جاز للمشتري بيعه مرابحة أو وضيعة أو تولية بثمن الشراء ولا يستثني منه ما أسقطه البايع.بخلاف ما لوكان الشراء بالثمن مع إسقاط بعضه للتحايل في زيادة الثمن، فإنه لابد من بيان الحال، وإلا ثبت للمشتري الخيار بين الفسخ والامساك بتمام الثمن. بل الأحوط وجوباً البيان فيما لو عدّ الاسقاط عرفاً من توابع المعاملة ولواحقه، بحيث يرى العرف أن الثمن هو الباقي بعد الاسقاط.

وهكذا الحال في جميع موارد الانصرافات العرفية التي لو انكشف الامر فيها على حقيقته لعدّ البايع متحايل، مثل ما لو سبق منه المواطأة مع ولده على أن يبيع المتاع عليه ثم يشتريه منه بأكثرمن ثمنه المتعارف فإنه لا يجوز ملاحظة ثمن الشراء من ولده في بيعه بعد ذلك، بل لابدّ من بيان الحال، وإلا كان تدليساً وثبت الخيار للمشتري.

٩٧

الفصل التاسع

في الرب

وهو من المحرمات الشديدة والذنوب الموبقة التي أكّد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على الردع عنه، حتى عدّ في النصوص الكثيرة من الكبائرالخمس أو السبع التي يظهرمن النصوص أنها أكبر الكبائر.

وفي الصحيح عن الامام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «درهم ربا أشدّ من سبعين زنية كلها بذات محرم في بيت الله الحرام».

وفي بعض النصوص أنه: سبعون جزءً أيسرها مثل أن ينكح الرجل اُمه في بيت الله الحرام، وأنه أخبث المكاسب، وأن صاحبه لايزال في لعنة الله تعالى والملائكة ماكان عنده منه قيراط، وأنه إذا أراد الله بقوم هلاكاً ظهر فيهم الرب، إلى غير ذلك.

وقد تقدم في كتاب الامربالمعروف والنهي عن المنكر أنه يشترك في إثمه الآكل والمعطي والكاتب والشاهد.

إذا عرفت هذ، فاعلم أن الربا على قسمين:

الأول: ما يكون في الدين.

الثاني: ما يكون في المعاوضة.

أمّا الأول فيأتي الكلام فيه في كتاب القرض والدين إن شاء الله تعالى.

وأمّا الثاني فهو عبارة عن المعاوضة مع زيادة أحد العوضين عن الاخر في المقدار. ولا فرق فيه بين المعاوضة بالبيع وغيره، كالمقاطعة مع الطحّان عن

٩٨

مقدار من الحنطة بمقدار من الدقيق أكثرمنه، والمصالحة عن الشيء بالشيء الاكثرمنه، ووفاء الدين بأكثر منه، كمالوكان له على رجل مقدار من الحنطة الجيدة فلا تكون عنده فيدفع إليه بدله أكثر منه من الحنطة الرديئة، وهكذ.

نعم، لابد من تضمن المعاملة المعاوضة بين العينين، أمّا إذا لم تبتن على ذلك فلا يلزم الربا المحرم، كما إذا وهبه مقداراً من الحنطة على أن يهبه أكثر منه، أو تصالحا على إبراء ذمة كل منهما ممّا انشغلت به للاخرمع التفاضل بين الحقين. ومنه الصلح على القسمة في المشاع، والمشتبه، لعدم ابتنائه على المعاوضة بين ما يستحقه كل من المتصالحين ومايأخذه، بل على تعيين حقه بمايأخذه.

ويعتبر فيه أو في حرمته أمران:

الأول: أن يكون كل من العوضين من المكيل أو الموزون. فإذا كان أحدهما أو كلاهما ممّا يباع عدّ، أوجزاف، أو يقدر بالمساحة كالثياب فلابأس بالتفاضل بينهم.

(مسألة ١) : يجوزبيع غيرالمكيل والموزون بمايماثله في الجنس مع عدم التفاضل في المقدار مطلقاً نقداً ونسيئة. وأمّا مع التفاضل كبيع بيضة ببيضتين وشاة بشاتين وثوب بثوبين فيجوز بيعه نقداً بلا إشكال. بل الظاهرجواز بيعه نسيئة أيض. وإن كان الأحوط استحباباًتركه.

نعم، إذا كان أحد العوضين مؤجلاً وكان أكثر من المعجل ولم يكن بينهما فرق في القيود والاوصاف فالأحوط وجوباًالاجتناب عن المعاوضة بينهم.

(مسألة ٢) : لابأس ببيع الحنطة أو دقيقهابالخبز ونحوه منها مع التفاضل إذالم يكن الخبز موزون، وكذابيع القطن أوغزله بالثوب المنسوج منه مع التفاضل إذا لم يكن الثوب موزون.أمّاإذا كان الخبز أوالثوب موزوناً فلا يجوز ذلك. وكذا الحال في أمثال ذلك مماكان فيه أحدالعوضين مكيلاً أو موزوناً

٩٩

والاخر غير مكيل أوموزون.

(مسألة ٣) : إذا كان الشيء في حال يباع موزوناًأومكيلاًوفي حال يباع جزاف، لم يجزبيعه بمثله متفاضلاًفي الحال الأول وجازبيعه متفاضلاًفي الحال الثاني. وكذاإذا اختلف حاله باختلاف البلدان.

(مسألة ٤) : الاوراق النقدية كالديناروالدولاروالريال والتومان لماّلم تكن من المكيل والموزون فلابأس ببيعهامن جنسهامع التفاضل.

الثاني: أن يكون العوضان متحدين في الجنس وإن اختلفافي الصفات، كالجودة والرداءة والجفاف والرطوبة واللون والطعم.بل وإن اختلف الصنف كالعنب الرازقي وغيره، والتمرالبرني وغيره، والرزالعنبروغيره إلى غير ذلك. والمرجع في وحدة الجنس واختلافه العرف عداما دلت عليه النصوص بالخصوص وهوالحنطة والشعير، فإنهماوإن كاناجنسين عرفاًإلاأنهمابحكم الجنس الواحد في المقام، فلا يجوز التفاضل بينهم.

(مسألة ٥) : المدار في اتحاد جنس مايؤخذ من الحيوان من اللحوم والالبان والادهان والاصواف وغيرها وتعدده على اتحاد جنس الحيوان المأخوذ منه وتعدده. فما يؤخذ من حيوان متحد الجنس متحدٌ جنس، وما يؤخذ من حيوان مختلف الجنس مختلفٌ جنس.

نعم، الظاهر أن اللحم والشحم مختلفان جنساً وإن كانا لحيوان واحد كالعظم واللحم. كما أن الظاهر أن صوف الغنم مخالف لشعر المعز عرف، وإن قيل أن الحيوانين من جنس واحد.

(مسألة ٦) : لمّا كان العظم واللحم والشحم أجناساً مختلفة كما سبق فإذا بيع قسم من الحيوان مشتمل على الامورالمذكورة بقسم منه كذلك لا يلزم الربا مع التفاضل لمايأتي من عدم لزوم الربا مع الضميمة.نعم لابد من كون كل منهم

١٠٠