منهاج الصالحين - المعاملات الجزء ٣

منهاج الصالحين - المعاملات0%

منهاج الصالحين - المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 333

منهاج الصالحين - المعاملات

مؤلف: السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 333
المشاهدات: 67447
تحميل: 3958


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 333 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 67447 / تحميل: 3958
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين - المعاملات

منهاج الصالحين - المعاملات الجزء 3

مؤلف:
العربية

منهاج الصالحين

الجزء الثالث

المعاملات

السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم

١

٢

بسم الله الرحمن الرحيم

٣

٤

كتاب النكاح

٥

٦

كتاب النكاح

وهو رباط شريف شرعه الله تعالى رحمة بعباده، لبقاء النوع الانساني وتنظيم الغرائز التي أودعها فيه، حفاظاً على عفة الانسان ودينه، وأنساً لوحشته، ووصلاً لوحدته ونظماً لحياته. قال تعالى:( والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون ) ، وقال عز اسمه:( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة إنّ في ذلك لايات لقوم يتفكّرون ) .

وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «من تزوج أحرز نصف دينه، فليتق الله في النصف الباقي». وقال الامام الباقر (عليه السلام): «ما أفاد عبد فائدة خيراً من زوجة صالحة إذا رآها سرته وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله».

وهو من المستحبات المؤكدة بل يكره تركه. قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «ما بني بناء في الاسلام أحب إلى الله عزوجل من التزويج»، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «من أحب أن يكون على فطرتي فليستن بسنتي وإن من سنتي النكاح»، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «من أحب أن يلقى الله طاهراً مطهراً فليلقه بزوجة».

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «ركعتان يصليهما متزوج أفضل من رجل أعزب يقوم ليله ويصوم نهاره». وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «رذال موتاكم العزاب»، والنصوص في ذلك ونحوه لا تحصى كثرة.

٧

وقد تضمن جملة منها النهي عن ترك الزواج خوف الفقر، وأن من فعل ذلك فقد ساء ظنه بالله تعالى. بل ورد فيها أن الزواج من أسباب الرزق، وأن الرزق مع النساء والعيال... إلى غير ذلك. فعلى المؤمنين وفقهم الله تعالى الاهتمام بتسهيل أمر الزواج بتخفيف قيوده وتقليل نفقاته والتعاون عليه، إقامة للسنة ودفعاً للفساد والفتنة.

ومن عجز عن الزواج فعليه أن يدّرع التقوى والصبر، ويبعد نفسه عن مواقع المعصية والفتنة، ويحذر من كيد الشيطان وغروره، ويكبح جماح النفس الامّارة بالسوء، ويتحلى بالعفة والفضيلة، ويربأ بنفسه عن السقوط في

مهاوي الخسة والرذيلة متمسكاً بوصية الله تعالى له، حيث يقول: (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتّى يغنيهم الله من فضله). وقد ورد عنهم (عليهم السلام): أنه يستحب الاستعانة على العزوبية بالصيام وتوفير الشعر، وأن بهما تخف حدة الحاجة للنكاح.

ونسأله سبحانه أن يعين شباب المؤمنين في بليتهم، ويعصمهم في محنتهم ويزيدهم إيماناً وتسليماً (ومن يتقِ الله يجعل له مخرجاً * ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكَّل على الله فهو حسبه إنَّ الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدر).

وينبغي - مقدمة للكلام في المقام - التعرض لحكم العلاقة بين الجنسين، وبين أفراد الجنس الواحد، مع قطع النظر عن الزواج، ثم الكلام في النكاح في فصول تتضمن آدابه وأركانه وأقسامه وشروطه وأحكامه ونحوه.

٨

مقدّمة في العلاقة بين الجنسين

وبين أفراد الجنس الواحد

(مسألة ١): يحرم على الرجل والمرأة التلذذ الجنسي بغير الزوجة والزوج ونحوهم، سواءً كان مماثل، كالرجل بالرجل والمرأة بالمرأة، أم مخالفاً محرماً أو غير محرم. بل الظاهر عدم جواز التلذذ المذكور بغير الانسان، كالبهائم والتماثيل المجسمة والصور غير المجسمة.

(مسألة ٢): لا فرق في حرمة التلذذ المذكور بين أن يكون باللمس والتقبيل والنظر والسماع، كما لا فرق بين أن يكون بقصد الانزال وغيره.

(مسألة ٣): إذا كانت الاُمور المذكورة مبنية على الاعجاب بجمال المنظور أو الملموس أو المسموع من دون أن تصل إلى التلذذ الجنسي فلا تحرم، لكن ينبغي الحذر من الوصول إلى التلذذ الجنسي، فالاولى التجنب حذراً من الوقوع فيه. هذا كله في المماثل وأما في غيره فيلحقه ما يأتي.

(مسألة ٤): يحرم على الانسان - رجلاً كان أو امرأة - التلذذ بمس عضوه الجنسي، ببعض جسده أو بغيره، وإن لم يبلغ حد الانزال، فضلاً عما إذا بلغ ذلك. بل الأحوط وجوباً العموم للتلذذ بالنظر. نعم يستثنى من ذلك العبث بالعضو الجنسي للاستعانة على الوطء المحلل واستكمالاً للتلذذ به من دون أن يبلغ حد الانزال.

(مسألة ٥): يجب على المرأة ستر جميع جسدها وشعرها عن غير المحرم من الرجال عدا الوجه والكفين. وأما القدمان فالأحوط وجوباً سترهم. نعم

٩

إذا قعدت عن النكاح جاز لها أن تكشف رأسها وذراعيها من دون زينة غير ما يأتي، وإن كان الافضل لها ستر ذلك.

(مسألة ٦): يجوز للمرأة التزين في الموضع الذي يحل كشفه من بدنها بالكحل والخاتم والسوار، ولا يحل ما زاد على ذلك كالمكياج المتعارف في عصورن. نعم يحل على كراهة زينة الثياب الظاهرة، سواءً كانت بمثل التلوين والتطريز أم بكيفية الخياطة والتفصيل، إلا ما كان مظنة الاثارة والفتنة فالأحوط وجوباً تجنبه. كما أن الأحوط وجوباً لها عدم استعمال الطيب بحيث يشمه الاجنبي.

(مسألة ٧): لا يجب التستر عن غير ذي الاربة من الرجال، وهو الذي لا رغبة له في النساء. والأحوط وجوباً الاقتصار على من استمر على ذلك من طفولته لنقص في إدراكه ولبلاهته، دون مثل الشيخ والمريض.

(مسألة ٨): لا يجب على المرأة التستر عن المحارم، وهم الذين يحرم نكاحهم لها بالنسب أو الرضاع المحرِّم كالاب والولد والاخ والعم. وكذا المحارم بالسبب، وهم الذين يحرم نكاحهم لها مؤبداً بسبب عقد النكاح الصحيح، كأب الزوج وابنه وزوج البنت وزوج الاُم المدخول به، أو بسبب وطء مشروع كموطوءة الاب والابن بالملك. دون ما يحرم بسبب عقد نكاح غير مشروع كنكاح ذات البعل أو في العدة أو بسبب وطء محرم كاللواط بالاخ، أو بسبب آخر كالطلاق تسع، فضلاً عما يحرم مؤقتاً كالمطلقة ثلاثاً وبنت الزوجة غير المدخول بها واُخت الزوجة.

(مسألة ٩): يستثنى من جواز التكشف للمحارم ومن جواز النظر إليهم العورة على ما تقدم في أحكام التخلي من كتاب الطهارة. كما أن الأحوط وجوباً ترك ما كان مظنة الاثارة والفتنة من التخلع والتزين، نظير ما تقدم في غير المحارم.

(مسألة ١٠): يحرم على الرجل النظر لما يجب ستره من جسد المرأة، إل

١٠

أن تكون متكشفة بحيث إذا نهيت لا تنتهي ولا تتستر، من دون فرق في ذلك بين كون تكشفها لاعتقاد الحل وأن يكون تسامحاً وعصيان. أما إذا كان تكشفها غفلة عن وجود الناظر بحيث لو نبهت لاستترت فلا يجوز النظر إليها إذا كانت مسلمة، بل حتى إذا كانت كافرة على الأحوط وجوب.

(مسألة ١١): الأحوط وجوباً عموم وجوب الستر وحرمة النظر لصورة المرأة في المرآة ونحوها مما يحكي حكاية تامة، بل الأحوط وجوباً العموم لمثل الماء الصافي مما يحكي حكاية ناقصة، إلا أن لا تتميز الصورة حينئذٍٍ، بل تكون شبحاً لا غير. وأما الصورة التلفزيونية والفتوغرافية ونحوهما فالظاهر جواز النظر إليه، وإن كان الأحوط استحباباً تركه إذا لم تتعمد المرأة بذل الصورة. بل يحرم إذا كانت مؤمنة وكان النظر هتكاً لها وتوهيناً عرف، كما قد يكون ذلك فيما إذا كانت مصونة في نفسها وكانت الصورة معرفة له.

(مسألة ١٢): يجوز نظر المرأة للرجل الاجنبي، والأحوط وجوباً أن لا تملأ نظرها منه وتتأمله.

(مسألة ١٣): يحرم على كل من الرجل والمرأة الاجنبيين مس أحدهما الآخر، من دون فرق بين ما يحل النظر له من المرأة وغيره، فلا يجوز لهما المصافحة. ولا يسوّغ ذلك كونه في بعض الاوساط والاعراف البعيدة عن الدين من جملة آداب المعاشرة، بحيث يُرمى تاركه بسوء الخلق ومجانبة الادب، فإن في الجري على تلك الاعراف في مثل ذلك تضييعاً لتعاليم الدين وطمساً لمعالمه وانصهاراً بتقاليد الكفر وتبعية له، بل يلزم الاصرار على تطبيق الحكم الشرعي والعمل عليه بلطف ووداعة وأدب، حتى يشيع ويعرف حاله على حقيقته، ويصير التزام المسلم به علامة على قوة شخصيته وتمسكه بدينه واعتزازه بمبدئه، وتسامحه فيه علامة على ضعف شخصيته وتحلله.

(مسألة ١٤): الظاهر عدم وجوب ستر الشعر والجزء المفصولين من

١١

المرأة عن الرجل وجواز نظره إليه. نعم إذا كانت المرأة الميتة مقطعة الاعضاء فالأحوط وجوباً عدم النظر إلى أعضائها المعتد بها المقومة لجسدها عرف، بل إذا صدق على النظر إليها النظر للمرأة الميتة فالظاهر حرمته.

(مسألة ١٥): إذا اضطر للنظر المحرم لعلاج أونحوه، فإن أمكن الاكتفاء بالنظر للصورة المنعكسة في المرآة تعين، وإلا حلّ النظر للجسد بنفسه، ويقتصر على مورد الاضطرار من حيثية المقدار المنظور إليه ومدة النظر وزمانه. وهكذا الحال في المس.

(مسألة ١٦): ليس من الاضطرار المسوغ للنظر والمس المحرمين الاختلاط العائلي، لاجتماع العوائل في بيت واحد، أو لتآلفها وكثرة الاجتماع والتزاور بينه. وما تعارف - نتيجة لذلك - من التسامح في الحجاب والنظر بين الرجل وزوجة أخيه أو اُخت زوجته أو بنت عمه أو نحوهم من الاقارب بل الاصدقاء لا مسوغ له. ومن الغريب تعارف ذلك بين بعض العوائل المحترمة والمعروفة بالتدين والالتزام والاحتشام. والانكى من ذلك والامض رفع الحواجز في مناسبات الافراح والاعراس حيث يستخف الفرح أهله فيدخل الشباب وهم في أوج حيويتهم ونشاطهم على النساء المتبرجات بملابسهن الفاضحة وزينتهن الصارخة على أتم الوجوه وأدعاها للفتنة والاثارة، تغاضياً عن مقتضيات الغيرة والعفة، وخروجاً عن قوانين الشرع الشريف، ونبذاً لتعاليم الدين الحنيف، كفراً لنعمة الله تعالى بمعصيته وانتهاك حرمته وتعدي حدوده في موقف هو أدعى لشكره تعالى بطاعته والخضوع لارادته والوقوف عند أمره ونهيه، استيجاباً لرحمته واستزادة من نعمته كما قال جلت أسماؤه وعظمت آلاؤه: (لئن شكرتم لازيدنّكم ولئن كفرتم إنَّ عذابي لشديد).

(مسألة ١٧): يجوز للرجل سماع صوت المرأة الاجنبية، وللمرأة سماع

١٢

صوت الرجل الاجنبي. نعم لابد من عدم التلذذ الجنسي بذلك كما تقدم.

(مسألة ١٨): يكره للرجل النظر لادبار النساء.

(مسألة ١٩): يكره اختلاط الرجال بالنساء الاجنبيات، وفي حديث سيدة النساء J قالت: «خير للنساء أن لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال» بل قد يحرم إذا كان مظنة للفتنة والفساد، خصوصاً ما يبتني منه على التزاحم والتضام.

(مسألة ٢٠): يكره للرجل الجلوس في مكان المرأة إذا قامت عنه حتى يبرد.

الفصل الاول

في آداب النكاح وسننه وما يناسب ذلك

(مسألة ٢١): يستحب للرجل عند إرادة التزويج أن يصلي ركعتين ويحمد الله تعالى ويقول: «اللهم إني اُريد أن أتزوج، اللهم فقدّر لي من النساء أعفهن فرجاً وأحفظهن لي في نفسها وفي مالي وأوسعهن رزقاً وأعظمهن بركة، وأقدر لي منها ولداً طيباً تجعله خلفاً صالحاً في حياتي وبعد موتى».

(مسألة ٢٢): يجوز للرجل النظر للمرأة التي يريد الزواج منه، والأحوط وجوباً الاقتصار على ما يتعارف كشفه عند لبس ثياب البيت كالعضدين والساقين والرأس وقسم من الصدر، دون ما يتعارف ستره بالثياب، ولا بأس بترقيق الثياب وكونها بحيث تحكي حجم البدن. نعم لابد من الاقتصار على ما يعرف به حالها وعدم الاستزادة من النظر عن قدر الحاجة.

(مسألة ٢٣): يستحب اختيار البكر الجميلة الطيبة الريح الطيبة الطبخ الضحوك العفيفة الهينة اللينة الودود الكريمة الاصل ذات الدين والخلق والتي تعين زوجها وتحفظه في غيبته. وفي الحديث: «إنما المرأة قلادة فانظر ما تتقلد».

١٣

(مسألة ٢٤): يكره اختيار المرأة لمالها وجماله، فعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «من تزوج امرأة لمالها وكله الله إليه، ومن تزوجها لجمالها رأى فيها ما يكره، ومن تزوجها لدينها جمع الله له ذلك». كما يكره تزوج المرأة الحسناء السيئة الاصل، وقد شبهها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنبتة الخضراء في المزبلة. ويكره تزوّج الحمقاء، وقد ورد أن الاحمق قد ينجب والحمقاء لا تنجب.

(مسألة ٢٥): يستحب اختيار المرأة الولود ويكره تزوّج العقيمة وإن كانت جميلة.

(مسألة ٢٦): يستحب الاشهاد على العقد والاعلان به، والخطبة أمام العقد، وأقلها حمد الله تعالى. كما يستحب الوليمة فيه نهاراً يوماً أو يومين، ويكره ما زاد على ذلك.

(مسألة ٢٧): يستحب زف المرأة وإدخالها على زوجها ليل. ويستحب للزوج صلاة ركعتين عند ذلك وأن يدعو بالمأثور وقد ورد عدة صور لذلك، ومنها أن يأخذ بناصيتها مستقبل القبلة ويقول: اللهم بأمانتك أخذتها وبكلماتك استحللته، فإن قضيت لي منها ولداً فاجعله مباركاً تقياً من شيعة آل محمد، ولا تجعل للشيطان فيه شركاً ولا نصيب». وقد ورد عن الامام الباقر (عليه السلام) لجلب الالفة بين الزوجين قال: «إذا دخلت فمرهم قبل أن تصل إليك أن تكون متوضئة، ثم أنت لا تصل إليها حتى تتوضأ وتصلي ركعتين ثم مرهم أن يأمروها أن تصلي أيضاً ركعتين، ثم مجّد الله وصل على محمد وآل محمد، ثم ادع الله ومر من معها أن يؤمّنوا على دعائك. وقل: «اللهم ارزقني إلفها وودها ورضاها ورضني به، ثم اجمع بيننا بأحسن اجتماع وأسر ائتلاف، فإنك تحب الحلال وتكره الحرام».

(مسألة ٢٨): يكره دخول الرجل بالمرأة ليلة الاربعاء.

١٤

(مسألة ٢٩): أكد الاسلام على لسان نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) والائمة من أهل بيته (عليهم السلام) على نبذ فوارق النسب في النكاح وأن المؤمن كفء المؤمنة. كما أكد على أنه ينبغي الاهتمام بالدين والخلق والامانة والعفة، وقد ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعنهم (عليهم السلام) في نصوص كثيرة: «إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير ». فلا ينبغي رد الخاطب المؤمن إذا كان متديناً حسن الخلق، خصوصاً إذا كان ذا يسار، بحيث ينهض بمعاشه ومعاش عياله. وأما ما تعارف عند بعض القبائل من عدم تزويج بناتهم لغيرهم اعتزازاً بأنفسهم وترفعاً وتعالياً عن غيرهم أو قصر بناتهم على فئة خاصة من الناس فهو استجابة لدعوة الشيطان للعصبية الجاهلية، مع ما يترتب على ذلك من تعطيل النساء وحرمانهن من أهم حقوقهن، فإن صبرن ظلمن ظلم من لا يجد ناصراً إلا الله تعالى وهو أفحش الظلم، وإن خرجن عن ذلك فهو الجريمة والاثم منهن ومن القبيلة والعار والشنار عليهن وعليه، ثم ردود الفعل الظالمة التي ما أنزل الله تعالى بها من سلطان: (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون).

(مسألة ٣٠): ما تعارف عند كثير من المؤمنين من عدم الاستجابة لتزويج الخاطب الذي يرتضونه إلا بعد الاستخارة بالوجه المتعارف في زمانن، ليس له أساس شرعي، ولا يناسب النصوص المشار إليها آنف. نعم يحسن في الزواج وفي جميع الاُمور الاستخارة بمعنى طلب الخيرة من الله تعالى بالوجه المتقدم في مبحث صلاة الاستخارة من الصلوات المستحبة.

(مسألة ٣١): يكره تزويج شارب الخمر وسيّئ الخلق والمخنث، بل كل من ليس له التزام ديني. وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «النكاح رق، فإذا أنكح أحدكم وليدة فقد أرقه، فلينظر أحدكم لمن يرق كريمته».

١٥

(مسألة ٣٢): يكره للمرأة تعطيل نفسها عن الزواج، وعن الزينة لزوجها وإن كانت مسنة.

(مسألة ٣٣): يستحب تعجيل زواج البنت، وعن الامام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «من سعادة المرء أن لا تطمث ابنته في بيته». بل يكره تأخيرها إذا أدركت وحاضت.

(مسألة ٣٤): يكره إيقاع عقد الزواج إذا كان القمر في برج العقرب، كما يكره في محاق الشهر، وهو آخره عند عدم ظهور القمر ودخوله في شعاع الشمس.

(مسألة ٣٥): يكره الجماع ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس، ومن مغيب الشمس إلى مغيب الشفق، وحين اصفرار الشمس عند طلوعها وغروبه، وفي اليوم الذي تنكسف فيه الشمس، وفي الليلة التي ينخسف فيها القمر، وفي الليلة وفي اليوم اللذين يكون فيهما الزلزلة، وخصوصاً حال الزلزلة، وفي حال هياج الريح السوداء والصفراء والحمراء، وفي محاق الشهر. ويكره الجماع أيضاً في أول ليلة من الشهر الهلالي وليلة النصف منه، ويستثنى من ذلك أول ليلة من شهر رمضان المبارك، فقد ورد في بعض الروايات استحباب الجماع فيه.

(مسألة ٣٦): يكره الجماع مستقبل القبلة ومستدبره، وفي السفينة، وعلى ظهر طريق عامر، وتحت السماء.

(مسألة ٣٧): يكره الجماع بعد الاحتلام قبل الغسل منه، وحين الاختضاب قبل أن يأخذ الخضاب مأخذه.

(مسألة ٣٨): يكره الجماع عاري، ومن قيام. كما يكره الكلام حال الجماع بغير ذكر الله تعالى، ولبس خاتم فيه ذكر الله تعالى أو شيء من القرآن.

(مسألة ٣٩): يكره نظر الزوج لفرج امرأته خصوصاً حال الجماع.

(مسألة ٤٠): يستحب التستر بالجماع، ويكره الجماع في بيت فيه أحد

١٦

يصف حالهما ويسمع نفسهما وإن كان صبي. وتستحب التسمية عند الجماع والاستعاذة من الشيطان، والدعاء بالمأثور، ومنه أن يقول: «بسم الله وبالله اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني».

(مسألة ٤١): يستحب أن يختص كل من الرجل والمرأة بخرقة للتمسح بها بعد الجماع، ويكره اشتراكهما بخرقة واحدة يتمسحان بها مع، وفي النصوص أن ذلك من أسباب النفرة والبغضاء بينهم.

(مسألة ٤٢): يستحب لمن رأى امرأة فأعجبته أن يجامع زوجته. نعم يكره أن يجامع الرجل امرأته بشهوة غيره. والظاهر أن المراد به ما إذا كان الداعي للجماع هو شهوة امرأة أجنبية خاصة اشباعاً لتلك الشهوة، بل ينتظر حينئذٍ حتى تهدأ فورة الشهوة بما يشغله عنه. أما الاول فالمراد به أن يكون الجماع لاشباع الشهوة حذراً من تعلق النفس بالاجنبية من دون أن تكون قد تعلقت بها فعل.

(مسألة ٤٣): يكره للمسافر أن يطرق أهله ليلاً حتى يعلمهم.

(مسألة ٤٤): يجوز لكل من الزوجين التلذذ الجنسي بما يشاء من جسد الآخر، صغيراً كان أو كبيراً بجميع وجوه التلذذ من النظر واللمس والتقبيل وغيره، كما يجوز له الانزال بذلك. نعم يكره للرجل وطء الزوجة في دبره. بل يحرم إذا لم يكن برضاه.

(مسألة ٤٥): لا يجوز الدخول بالزوجة قبل أن يتم لها تسع سنين قمرية. لكن لو دخل بها لم تحرم عليه مؤبداً حتى لو أفضاه. كما أنه يجوز له الاستمتاع بها بغير الوطء.

(مسألة ٤٦): يجوز العزل عند الوطء بإخراج الذكر من الفرج وإراقة المني خارجه. نعم يكره العزل عن الحرة إذا لم يشترط ذلك عليها ولم ترض به، خصوصاً إذا كانت ممن يتوقع حملها وكانت ترضع ولدها ولم تكن سليطة

١٧

ولا بذيئة. والسليطة هي طويلة اللسان الصخابة. والبذيئة هي ذات الكلام الفاحش السافل.

(مسألة ٤٧): الامتناع عن الانجاب إن كان بتعقيم أحد الطرفين، بأن يتعطل جهازه التناسلي فلا ينجب أبداً فالأحوط وجوباً الاقتصار فيه على لزوم الضرر البدني من الاستمرار في الانجاب. وإن كان بتوقفه عن الانجاب مؤقتاً جاز اختيار، إلا أن يستلزم كشف العورة المحرم - كما لو توقف على الاستعانة بالطبيب أو الطبيبة - فيقتصر فيه على مورد الحاجة العرفية، بحيث يلزم من الانجاب الحرج أو الضرر.

(مسألة ٤٨): لا يجوز للمرأة الامتناع عن الحمل بما ينافي حق الزوج في الاستمتاع - كالعزل وعدم التمكين من الوطء في الوقت الذي يتوقع فيه قابلية البويضة للاخصاب - إلا برضا الزوج أو باشتراط ذلك عليه في عقد النكاح أو غيره من العقود اللازمة. وأما بالطرق الاُخرى غير المنافية للاستمتاع فالأحوط وجوباً استئذان الزوج في ذلك، إلا أن يكون الحمل مضراً بها فلا يجب استئذان الزوج حينئذٍ.

(مسألة ٤٩): المراد بالامتناع عن الانجاب في المسألة السابقة هو فعل ما يمنع من انعقاد النطفة وتلقيح البويضة به. أما بعد انعقاد النطفة وتلقيح البويضة بها فلا يجوز الاجهاض مهما قصرت المدة، ولا يسوغه تشوه الجنين ولا مرض المرأة أو إجهادها ولا الضائقة الاقتصادية، قال تعالى: (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم).

نعم يجوز مع الاطمئنان بتعرض الاُم للموت بدونه، بحيث يدور الامر بين موتها مع الجنين وموت الجنين وحده. ولابد من التثبت في ذلك.

(مسألة ٥٠): في مورد حرمة الاجهاض تجب الدية به، ويتحملها المباشر

١٨

الذي يستند الاجهاض لفعله، كالمرأة إذا شربت الدواء أو تحركت حركة عنيفة فأجهضت، وكالطبيبة إذا قامت بعملية الاجهاض. ولا يتحملها الذي يأذن به أو يطلب من الغير إيقاعه، كما لا تتحملها المرأة إذا سلمت نفسها للطبيبة فقامت بعملية الاجهاض، وإن كان ذلك كله محرم.

(مسألة ٥١): يجب على الزوجة تمكين الزوج من الوطء وغيره من الاستمتاعات في أي وقت شاء، وعلى أي حال كانت. ويحرم عليها الامتناع من ذلك مغاضبة أو للانشغال عنه، أو لخوف الحمل أو لغير ذلك. بل يستحب لها التزين والتطيب والتهيؤ له، بل عرض نفسها عليه. نعم إذا خافت على نفسها الضرر جاز لها الامتناع مما تخاف منه.

الفصل الثاني

في عقد النكاح

يحل النكاح بأحد وجهين..

الأول: الزواج.

الثاني: ملك اليمين.

وحيث يندر الابتلاء بالثاني في زمانن، فالمناسب الاقتصار على الاول.

وهو عقد يتضمن علقة خاصة معروفة بين الرجل والمرأة،بل مطلق الذكر والاُنثى وإن كانا صغيرين. وهو على قسمين..

الأول: الدائم.

الثاني: المنقطع.. والكلام هنا في الاول.

(مسألة ٥٢): لابد في هذا العقد من إنشائه باللفظ، فلا يقع بدونه، وإن

١٩

دلّ على إنشاء المضمون والالتزام به، كالتوقيع على ورقة العقد. وبذلك يخالف سائر العقود. نعم مع تعذر العقد - لخرس ونحوه - تجزئ الإشارة المفهمة له.

(مسألة ٥٣): لا يشترط في عقد النكاح العربية، فيجوز إيقاعة بكل لغة، وإن كان الأحوط استحباباً الإتيان به بالعربية مع الامكان.

(مسألة ٥٤): العقد عبارة عن الايجاب من أحد الطرفين والقبول من الآخر بأي وجه وقع، وذلك يكون..

تارة: بالايجاب من المرأة والقبول من الرجل بأن تقول: زوجتك نفسي بمهر كذ، فيقول: نعم أو رضيت أو قبلت.

واُخرى: بالايجاب من الرجل والقبول من المرأة بأن يقول: تزوجتك بمهر كذا فتقول: نعم، أو نحو ذلك.

(مسألة ٥٥): لا يتعين في الايجاب لفظ التزويج، بل يقع بلفظ النكاح وغيره مما يؤدي معنى الزواج، كما لو قالت المرأة: أنكحتك نفسي، أو قال الرجل: أنكحك، أو نحو ذلك.

(مسألة ٥٦): لا يشترط في عقد النكاح موافقة القواعد الاعرابية، بل يقع مع اللحن إذا قصد بالكلام إنشاء عقد الزواج به وكان مؤدياً لذلك عرف.

(مسألة ٥٧): لا يشترط الايجاب بلفظ الماضي، فكما يقع بمثل: تزوجت فلانة وزوجت فلاناً فلانة أو من فلانة وأنكحت فلاناً فلانة، يقع بمثل: أتزوج فلانة، واُزوج فلاناً فلانة أو من فلانة، وأنكح فلاناً فلانة.

(مسألة ٥٨): يصح إيقاع عقد النكاح من الطرفين مباشرة، فيقول الرجل: تزوجتك، أو تقول المرأة: زوجتك نفسي، ويقبل الطرف الآخر بنفسه، كما يصح إيقاعه ممن يقوم مقامهما كالولي والوكيل، فيقول ولي أحد الطرفين أو

٢٠