منهاج الصالحين - المعاملات الجزء ٣

منهاج الصالحين - المعاملات0%

منهاج الصالحين - المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 333

منهاج الصالحين - المعاملات

مؤلف: السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 333
المشاهدات: 67958
تحميل: 4015


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 333 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 67958 / تحميل: 4015
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين - المعاملات

منهاج الصالحين - المعاملات الجزء 3

مؤلف:
العربية

كتاب القصاص والديات

قد شدد الله تعالى في كتابه المجيد وعلى لسان رسوله الامين والائمة من أهل بيته الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين في دم المؤمن وانتهاك حرمته وأكد على ذلك، فقد قال تعالى: (من أجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميع)، وعن الامام زين العابدين (عليه السلام) أنه قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا يغرنكم رحب الذراعين بالدم، فإن له عند الله قاتلاً لا يموت، قالوا: يا رسول الله وما قاتل لا يموت؟ فقال: النار»، وفي عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) لمالك الاشتر (رضوان الله عليه): «إياك والدماء وسفكها بغير حله، فإنه ليس شيء أدنى لنقمة ولا أعظم لتبعة ولا أحرى بزوال نعمة وانقطاع مدة من سفك الدماء بغير حقه، والله سبحانه مبتدئ بالحكم بين العباد فيما تسافكوا من الدماء يوم القيامة»، وعن الامام الباقر (عليه السلام) أنه قال: «من قتل مؤمناً متعمداً أثبت الله على قاتله جميع الذنوب، وبرئ المقتول منه. وذلك قول الله عزوجل: (إني اُريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار)».. إلى غير ذلك.

بل ورد التشديد في الاعانة على قتل المؤمن والاشتراك فيه والرضا به، فعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «والذي بعثني بالحق لو أن أهل السماء والارض شركوا في دم امرئ مسلم ورضوا به لأكبهم الله على مناخرهم [وجوههم] في النار»،

٢٦١

وعن الامام الباقر (عليه السلام) أنه قال: «إن الرجل ليأتي يوم القيامة ومعه قدر محجمة من دم فيقول: والله ما قتلت ولا شركت في دم، فيقال: بلى ذكرت عبدي فلاناً فترقى في ذلك حتى قتل فأصابك من دمه»، وعن الامام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «من أعان على مؤمن بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله»... إلى غيرذلك.

وكذا يحرم إيواء القاتل ومنعه من أولياء المقتول، كما تظافرت بذلك الاخبار عن أهل بيت العصمة الاطهار صلوات الله عليهم أجمعين.

لكن الجرم مهما عظم فباب التوبة منه مفتوح، رحمة من الله تعالى بعباده واستصلاحاً لامرهم وإبعاداً لهم عن القنوط المهلك. نعم التوبة مشروطة..

أولاً: بتسليم المعتدي نفسه لاولياء المقتول، فإن شاؤوا اقتصو، وإن شاؤوا أخذوا الدية، وإن شاؤوا عفو.

وثانياً: بأداء الكفارة إن رضي أولياء المقتول بالدية ولم يقتصو، وقد تقدم التعرض لها في كتاب الكفارات.

وقد جعل الله سبحانه القصاص حقاً لاولياء المقتول على القاتل وثقّل في الدية تعظيماً لحرمة القتل وردعاً عنه، قال عز اسمه: (ولكم في القصاص حياة يا اُولي الالباب).

كما أنه تعالى قد خص القصاص بالمعتدي ولم يرض به على غيره عدلاً منه تعالى في الحكم، قال عز اسمه: (ولا تزر وازرة وزر اُخرى)، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: «إن أعتى الناس على الله عزوجل من قتل غير قاتله ومن ضرب من لم يضربه» والاخبار في ذلك كثيرة.

لكن مع كل ذلك نرى كثيراً من الناس ينتهكون حرمات الله تعالى

٢٦٢

ويتعدون حدوده - استخفافاً وتهاوناً وطغياناً وتجبراً - فهم يستخفون بالدماء ويتسرعون في إهراقها ثم هم يمنعون القاتل من أن يقتص منه ويدافعون عنه عصبية وحمية. كما أنهم يعصبون الدم بغير القاتل من الاهل والعشيرة ويقتصون منهم، رجوعاً لعادات الجاهلية الجَهْلاء، واندفاعاً وراء العصبية الحمقاء، واستجابة لدعوة الشيطان الرجيم، وعزوفاً عن دين الله القويم وصراطه المستقيم (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون)، و(إن الذين يحادُّون الله ورسوله اُولئك في الاذلين * كتب الله لاغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز)، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

وقد رأينا أن نقتصر في هذا الكتاب على المهم من أحكام القصاص والديات على ما هو مورد للابتلاء من ذلك سداً لحاجة المؤمنين، مع إيكال بقية الفروع والاحكام للمطولات، حيث يضيق المقام عن استقصاء الكلام فيه. ومنه سبحانه نستمد العون والتوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

ويقع الكلام في ذلك في قسمين..

٢٦٣

القسم الأول

في القصاص

وهو جزاء الجناية على البدن بمثله، والكلام فيه في ضمن فصول..

الفصل الأول

في قصاص النفس

من قتل نفساً كان لاولياء المقتول الاقتصاص منه وقتله بشروط..

الأول: أن يكون كامل، بأن يكون عاقلاً بالغ، فلا قصاص على المجنون وإن كان عامداً وكذا الصبي، وإن بلغ خمسة أشبار على الأحوط وجوب.

(مسألة ١): في ثبوت القصاص على السكران إذا بلغ حداً لا يعتد بقصده عن العقلاء إشكال. نعم لو كان يعلم من نفسه أنه إذا سكر اعتدى فأقدم على السكر كان عليه القصاص. كما أنه إذا لم يكن سكره أثر في جنايته فلا إشكال في عدم القصاص عليه. كما إذا رمى بما لايقتل عادةً فقتل اتفاقاً أو رمى حيواناً فأصاب إنسان، كما يتحقق ذلك من السكران كثير.

الثاني: أن يكون القتل عمد، فإن لم يكن عمداً لم يكن عليه قصاص. بل تثبت بقتله الدية على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى.

(مسألة ٢): القتل على أنحاء ثلاثة..

٢٦٤

الأول: العمد، ويتحقق بالقصد للقتل وإن كان بفعل ما لا يوجبه عادة، كما إذا رمى رجلاً بحصاة صغيرة أو ضربه بعصا صغيرة ضربة خفيفة أو دفعه دفعاً خفيفاً فصادف قتله بذلك. كما يتحقق بالقصد إلى إصابة المقتول بما يتوقع به القتل عادة، بحيث لا يستغرب تحقق القتل به، وإن لم يقصد بذلك القتل.

الثاني: الشبيه بالعمد، ويتحقق بما إذا قصد إصابة المجني عليه بما لا يوجب القتل عادة من دون أن يقصد به القتل فصادف حصول القتل.

الثالث: الخطأ المحض، وهو الذي لا يقصد به إصابة المجني عليه، كما لو رمى شاة أو كافراً مهدور الدم فأصاب إنساناً مسلماً فقتله. وأولى من ذلك ما إذا لم يقصد به الفعل الذي تحقق به القتل، كما إذا مشى على سقف فخسفه فوقع على شخص فقتله، أو أخذ السلاح الناري ليصلحه فانطلقت منه رصاصة فأصابت شخصاً فقتلته ونحو ذلك.

الثالث: أن يكون المقتول حراً إن كان القاتل حر، فلا يقتص من الحر بقتل العبد ويقتص من العبد بقتل الحر أو العبد. ولا مجال لاطالة الكلام في ذلك وفي فروعه بعد عدم الابتلاء به أو ندرته.

الرابع: أن يكون المقتول مسلماً إن كان القاتل مسلم، فلا يقتص من المسلم بقتل الكافر، ويقتص من الكافر بقتل المسلم والكافر.

(مسألة ٣): إذا قتل الكافر المسلم دفع الكافر إلى أولياء المقتول فإن شاؤوا قتلوه، وإن شاؤوا استرقوه وإن شاؤوا عفو. وكذا يدفع لهم ماله. وإن أسلم قبل الاسترقاق لم يسترق، وكان لهم القتل أو العفو.

(مسألة ٤): إذا قتل الكافر كافراً اقتص منه إلا أن يسلم القاتل قبل القصاص فلا يقتل حينئذٍ، بل ليس لاولياء المقتول إلا الدية إن كان للمقتول دية.

(مسألة ٥): إذا تعمد المسلم قتل الذمي اقتص منه بعد أن يعطى فضل

٢٦٥

ما بين دية المسلم والذمي، فإن دية الذمي ثمانمائة درهم، على ما يأتي في محله إن شاء الله تعالى.

الخامس: أن لا يكون القاتل أباً للمقتول، فلا يقتص من الاب لو قتل ابنه، ويقتص من الابن لو قتل أباه، كما يقتص من الاُم لو قتلت ولده، ومن الولد لو قتل اُمه، لكن بعد رد فاضل الدية إن كان ذكر.

السادس: أن لا يكون المقتول مجنون، فإن من قتل مجنوناً لا يقتص منه.

(مسألة ٦): الأحوط وجوباً عدم الاقتصاص من الرجل إذا قتل الطفل غير البالغ.

السابع: أن يكون القاتل مبصر، فإن كان أعمى فلا قصاص، بل تثبت الدية وتحملها عاقلته، لانه في حكم قتل الخط.

الثامن: أن يكون القتل محرم، فلو كان سائغاً في حق القاتل فلا قصاص، كما في سابّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والائمة (عليهم السلام) ، والمرتد الفطري قبل توبته، والمقتول بقصاص أو حدّ، والمهاجم لو قُتل دفاع.

(مسألة ٧): الظاهر ثبوت القصاص بقتل من عليه القتل حداً - كاللائط والزاني المحصن - إذا تولاه من ليس له إقامة الحد. وكذا بقتل من عليه قصاص إذا تولاه من ليس له القصاص من دون توكيل منه.

(مسألة ٨): إذا قتل المولود الشرعي ولد الزنا المحكوم بإسلامه ثبت لوليه القصاص، ولكن يعطى للقاتل فاضل الدية، فإن دية ولد الزنا ثمانمائة درهم كما يأتي.

(مسألة ٩): يثبت القصاص على الرجل بقتله للرجل وللمرأة، ويثبت القصاص على المرأة بقتلها للرجل وللمرأة. لكن لو قتل الرجل المرأة لم يقتل به

٢٦٦

إلا بعد دفع فاضل الدية له، فإن دية المرأة نصف دية الرجل. أما لو قتلت المرأة الرجل فهي تقتل به لا غير، ولا يجب عليها دفع فاضل الدية لاوليائه.

(مسألة ١٠): إذا اجتمع اثنان على قتل واحد فأمسكه أحدهما وقتله الآخر كان القصاص على القاتل، وكان على من أمسكه أن يخلَّد في السجن حتى يموت عقوبة وحدّ، فإن كان معهم ثالث ينظر إليهم لا يغير عليهم وهو يقدر على التغيير كانت عقوبته أن تسمل عيناه.

(مسألة ١١): إذا أمر رجل رجلاً بقتل رجل آخر فقتله كان على القاتل القصاص، وعلى الامر أن يخلّد في السجن حداً وعقوبة. إلا أن يكون المأمور عبداً للامر، فيقتل الامر ويخلّد العبد في السجن. ويجري ذلك فيما لو كان الامر أو المأمور أو المقتول امرأة. أما لو كان المأمور صغيراً غير مميز أو مجنوناً كذلك فيقتل الامر مطلقاً ولا شيء على المأمور. وأما لو كان المأمور صبياً مميزاً فلا قصاص على الامر ولا على المأمور، بل يخلّد الامر في السجن، وتثبت الدية على المأمور تؤديها عنه عاقلته، كما يظهر مما يأتي في الديات.

(مسألة ١٢): إذا اشترك أكثر من واحد في قتل واحد ثبت القصاص عليهم. وحينئذٍ يتخير الولي في استيفائه بين وجوه..

الأول: أن يقتص منهم جميعاً بعد رد فاضل الدية على كل منهم، فإذا كانا اثنين رد عليها دية تامة بينهم، وإن كانوا ثلاثة رد عليهم ديتان بينهم، لكل منهم ثلثا دية، وإن كانوا أربعة رد عليهم ثلاث ديات بينهم لكل منهم ثلاثة أرباع الدية، وهكذ.

الثاني: أن يقتص من واحد منهم، وحينئذٍ يجب على من بقي أن يرد على ولي المقتص منه ما فضل من الدية، فإن كان من بقي واحداً دفع إليه نصف الدية، وإن كانا اثنين دفع كل واحد منهما ثلث الدية، وإن كانوا ثلاثة دفع إليه

٢٦٧

كل منهم ربع الدية، وهكذ.

الثالث: أن يقتص من بعضهم أكثر من واحد. مثلاً إذا كان المشتركون في القتل أربعة كان له أن يقتص من اثنين، بعد أن يدفع لكل منهما نصف الدية، ويدفع الاثنان الباقيان كل منهما ربع الدية لوليي المقتص منهما فيكون لكل واحد من المقتولين المقتص منهما ثلاثة أرباع الدية، وهكذا بقية الصور المتصورة.

والضابط أن على كل مشترك من دم القتيل بنسبة شركته، فإن استوفى منه أكثر من ذلك بالاقتصاص منه كان له الفاضل من الدية على المستوفي للقصاص وعلى من لم يقتص منه ممن شارك في القتل بنسبة شركتهم. ومن ذلك يظهر أنه لو كان المشترك في القتل امرأة فقد لا يكون لها رد مع الاقتصاص منه، لأن ديتها نصف دية الرجل، فلو كان القاتل للرجل امرأتين كان لولي القتيل قتلهما معاً من دون رد عليهم. ولو كان القاتل رجلاً وامرأة كان له قتل الرجل وترد المرأة على ولي الرجل نصف الدية، وله قتل المرأة، ويرد الرجل نصف الدية على ولي القتيل لا على ولي المرأة، وعلى هذا النهج تجري بقية الصور المتصورة.

(مسألة ١٣): في كل مورد يجوز القصاص مع رد الولي فاضل الدية، يتعين تقديم رد الفاضل للجاني ثم الاقتصاص منه، ولا يحل الاقتصاص منه قبل الرد. أما لو كان الرد من غير الولي - كما تقدم في المسألة السابقة - فلا يتوقف الاقتصاص على تقديم الرد، بل يجوز الاقتصاص للولي قبله، ويجب بعده أن يرد بقية الجناة على ورثة المقتص منه.

(مسألة ١٤): إذا قتل الجاني أكثر من واحد كان لاولياء كل قتيل الاقتصاص منه. فإن اجتمعوا على الاقتصاص منه فلا شيء لهم. وإن عفا بعضهم أو رضي بالدية وقبل بها الجاني لم يسقط حق الباقين من القصاص. وإن سبق بعضهم بالقصاص من دون مراجعة الباقين فقد استوفى حقه. وهل

٢٦٨

يسقط حق الباقين، أو ينتقلون للدية - كما فيمن تعذر الاقتصاص منه - وجهان أقواهما الثاني.

(مسألة ١٥): المسلمون تتكافأ دماؤهم، فكل مسلم محترم الدم يثبت القصاص بقتله مهما كان نسبه ومن أي فرقة كان، بعد مراعاة الشروط المتقدمة.

الفصل الثاني

في أحكام القصاص

(مسألة ١٦): لا يثبت القصاص إلا بعد موت المجني عليه، فمن اقتص قبله بعد الجناية كان ظالماً للجاني وكان لولي الجاني حينئذٍ القصاص من المقتص، أو الرضا بالدية أو العفو. نعم إذا مات المجني عليه الاول بعد قتل الجاني ثبتت ديته في مال الجاني المقتول.

(مسألة ١٧): لا يستحق ولي المقتول مع القتل العمدي إلا القصاص. وليس له الالزام بالدية بدلاً عن القصاص إلا برضا الجاني. وحينئذٍ فلهما التراضي بما زاد على الدية أو نقص عنه.

(مسألة ١٨): إذا توقف القصاص من ولي المقتول على رده فاضل الدية للجاني كان لولي المقتول الخيار بين القصاص مع الرد وأخذ الدية، وليس للجاني الامتناع من الدية.

(مسألة ١٩): إذا تعذر القصاص في قتل العمد للخوف من القاتل أو موته أو لمنع السلطان من القصاص أو نحو ذلك ثبتت الدية في ماله، فإن لم يكن له مال بقيت في ذمته كسائر ديونه. نعم إذا هرب القاتل فلم يقدر عليه ولم يكن له مال اُخذت الدية من قرابته الاقرب له فالاقرب، فإن لم يكن له قرابة كانت

٢٦٩

الدية على الامام، ولا يتعدى لغير ذلك من صور تعدد القصاص.

(مسألة ٢٠): إذا صالح الجاني على الدية ثم امتنع من أدائها فلا يعود حق القصاص ويبقى مطالباً بالدية، وكذا إذا عجز عن أدائها فإنها تبقى في ذمته كسائر ديونه ولا يتحملها عاقلته عنه ولا الامام.

(مسألة ٢١): إذا أراد ولي المقتول القصاص من القاتل، فخلصه شخص أو قوم حتى امتنع الاقتصاص على الولي اُلزم الذي خلصه بإرجاعه وحبس حتى يحضره، فإن فدى نفسه بالدية ورضي بها ولي المقتول فذاك، وإن لم يفعل حتى مات القاتل اُلزم بالدية.

(مسألة ٢٢): يثبت حق القصاص لولي الميت وهو وارث المال وفي ثبوته للزوج والزوجة إشكال، نعم هما يرثان من الدية لو رضي بها الوارث بدلاً عن القصاص. وكذا من الدية الثابتة ابتداء، وهي دية الخط. وأما ما تعارف عند كثير من القبائل من إناطة الامر بغير الوارث، كرئيس القبيلة وأكابرها فهو من عادات الجاهلية التي ما أنزل الله تعالى بها من سلطان. واللازم على المؤمنين نبذ ذلك والرضوخ لاحكام الله تعالى والمحافظة على حدوده لينالوا بذلك رضاه ويستحقوا رحمته، وإلا تعرضوا لنقمة الله تعالى وعقابه في الدنيا والآخرة.

(مسألة ٢٣): لولي الميت القصاص، وأخذ الدية برضا الجاني وبدونه على اختلاف الصور المتقدمة. كما أن له العفو، إلا الامام فإنه ليس له العفو، بل لابد له إما من القصاص أو أخذ الدية.

(مسألة ٢٤): إذا كان المقتول مسلماً وليس له أولياء من المسلمين إلا الامام وكان له أولياء من أهل الذمة عرض عليهم الامام الاسلام فمن أسلم منهم فهو وليه، فإن شاء اقتص وإن شاء عفا وإن شاء أخذ الدية، وإن لم يسلم منهم أحد كان الامر للامام، وليس له إلا القصاص أوأخذ الدية، كما تقدم.

٢٧٠

(مسألة ٢٥): إذا كان ولي المقتول مولى عليه لصغر أو جنون فالظاهر أن لوليه العمل على ما فيه صلاحه من القصاص أو الدية أو العفو. والأحوط وجوباً له الاقتصار على مقتضى المصلحة المهمة التي يكون تفويتها تفريطاً في حقه عرف. ومع عدم وضوحها للولي ينتظر به حتى يرتفع الحجر عنه فيعمل حقه بنفسه.

(مسألة ٢٦): إذا كان ولي الميت محجوراً عليه لسفه أو فلس لم يمنعه ذلك من طلب القصاص، كما لا يمنعه من الرضا بالدية.

(مسألة ٢٧): يجوز لولي الميت المبادرة بالقصاص وإن كان الاولى استئذان الامام، أو نائبه الخاص، وفي عصر الغيبة يستأذن الحاكم الشرعي.

(مسألة ٢٨): إذا تعدد الاولياء كان لكل منهم الاقتصاص من القاتل منفرد، لكن مع ملاحظة حق الآخرين، فإن رضوا بالقصاص فذاك، وإن أراد بعضهم الدية دفع له سهمه منه، وإن عفا بعضهم دفع سهمه من الدية لاولياء المقتص منه. وإن كان بعضهم غائباً لم يبطل حقه، بل ينتظر حتى يحضر فيعمل حقه، وكذا إذا كان مجنوناً أو صغيراً فإنه لا يبطل حقه بل يعمله وليه أو ينتظر به ارتفاع الحجر عنه، كما تقدم.

(مسألة ٢٩): للولي استيفاء القصاص بنفسه مباشرة، أو بتوكيل غيره على أن يقوم به مجاناً أو باُجرة، وتكون الاُجرة عليه لا على المقتص منه.

(مسألة ٣٠): إذا كان المقتول ناقصاً - كمقطوع اليد أو الرجل أو فاقد العين - ثبت القصاص أو الدية على قاتله وإن كان تاماً ولا يجب على أولياء المقتول رد دية العضو الناقص على القاتل. نعم إذا كان المقتول مقطوع اليد اليمنى قصاصاً أو كان قد جني عليه في قطعها فأخذ ديتها كان على أوليائه رد دية اليد قبل القصاص، وإذا أخذوا الدية استثنوا دية اليد. وفي عموم ذلك لليد

٢٧١

اليسرى فضلاً عن بقية الاعضاء إشكال، بل منع.

(مسألة ٣١): المقتول عمداً إن كان عليه دين وليس له مال فلاوليائه القصاص ولا يضمنون الدين. نعم إذا عفوا في قتل العمد والخطأ ضمنوا الدين. ولو أخذوا الدية كان عليهم وفاء الدين منه.

(مسألة ٣٢): اللازم في القصاص قتل الجاني بما يجهز عليه من دون تعذيب ومثلة ونحوهما حتى لو كان قد قتل المجني عليه بالوجه المذكور. والمشهور أنه لا يقتص منه إلا بالسيف، ولكن الظاهر الاكتفاء بكل ما يجهز عليه كالسلاح الناري. هذا كله مع استسلامه للقصاص جبراً أو اختيار، أما مع امتناعه بحيث لا يمكن الاقتصاص منه إلا مباغتة فالظاهر جواز ما تيسر من الوجوه مع تحري الابعد عن التعذيب والاقرب للاجهاز.

(مسألة ٣٣): إذا أراد ولي الدم أن يقتص من الجاني فضربه ضربة غير قاتلة كان ضامناً لما حصل منه، فإن كان عامداً وكانت الضربة مما يقتص فيه كان على ولي الدم القصاص، وإلا كان عليه دية الضربة له، ثم يقتص منه. نعم إذا ضربه ضربة قاتلة حتى ظن أنه أجهز عليه لكنه عولج فبرئ فالأحوط وجوباً سقوط القصاص بذلك.

(مسألة ٣٤): ليس للمجني عليه قبل موته حق العفو أواختيار القصاص أو الدية، ولو اختار شيئاً من ذلك فلا أثر له، بل يبقى الحق للولي.

٢٧٢

الفصل الثالث

في قصاص الطرف

والمراد منه ما لا تبلغ فيه الجناية إزهاق النفس، سواءً اقتضت إتلاف عضو - كاليد والعين - أم ل، بل مجرد الاعتداء على البدن بمثل الجرح والخدش. فإنه يثبت في ذلك القصاص بالمثل في الجملة على تفصيل يتضح مما يأتي.

(مسألة ٣٥): يشترط في قصاص الطرف ما يشترط في قصاص النفس من كمال الجاني - بالبلوغ والعقل - وعمده، وحرية المجني عليه إذا كان الجاني حر، وإسلامه إذا كان الجاني مسلم، وعدم كون الجاني أباً للمجنى عليه وعدم كون المجني عليه، مجنوناً بل ولا صبياً على الأحوط وجوب، وأن يكون الجاني مبصر، وأن تكون الجناية محرمة، على التفصيل المتقدم هناك.

(مسألة ٣٦): الظاهر أن الجناية عمداً على الطرف موجبة لتخيير المجني عليه بين القصاص والدية، فإن اختار الدية فليس للجاني الامتناع، بخلاف الجناية على النفس، كما تقدم.

(مسألة ٣٧): إذا جنت المرأة على الرجل كان له القصاص بالمثل لا غير، وإذا جنى الرجل على المرأة كان لها القصاص منه بلا رد ما لم تبلغ دية الجناية ثلث دية قتل الرجل، فإذا بلغت ثلث الدية نزلت ديتها إلى النصف وكان عليها رد فاضل الدية. فمثلاً: إذا قطع الرجل إصبعاً أو إصبعين أو ثلاثاً من أصابع المرأة كان لها القصاص من دون رد، فإن قطع أربعاً كان لها القصاص مع رد نصف دية الاصابع المذكورة. وإذا فقأ الرجل عين المرأة أو قطع رجلها كان لها القصاص بفقء عينه أو قطع رجله مع رد نصف دية العين والرجل، وهو ربع

٢٧٣

دية النفس، وهكذ.

(مسألة ٣٨): المعيار في بلوغ الثلث وعدمه على وحدة الجناية عرفاً وتعدده، فإذا كان قطع الاربع الاصابع دفعة واحدة عرفاً كانت الجناية أكثر من الثلث وثبت الرد، أما إذا كان متفرقاً بحيث تعد جنايات متعددة فكل جناية دون الثلث ولا ردّ فيه.

(مسألة ٣٩): لا يشترط في القصاص في الاطراف التساوي في السلامة والعيب، فيقتص للمعيبة بالسليمة وللسليمة بالمعيبة بلا رد. نعم إذا كانت اليد شلاء فالأحوط وجوباً عدم القصاص فيه، بل الدية وهي ثلث دية اليد الصحيحة.

(مسألة ٤٠): تقطع اليد باليد، فإن كان للجاني مماثل للمقطوع من حيثية اليمين واليسار كان هو المقدم في القصاص، فتقطع اليمين باليمين واليسار باليسار، وإلا سقطت المماثلة في ذلك، فإن لم يكن للجاني يد قطعت رجله مع مراعاة المماثلة من حيثية اليمين واليسار مع الامكان، ويسقط مع التعذر.

(مسألة ٤١): إذا فقأ الاعور عيناً واحدة من ذي عينين كان له القصاص، فيفقأ عينه وإن صار أعمى. وأظهر من ذلك ما لو فقأ عين أعور مثله.

(مسألة ٤٢): إذا فقأ صحيح العينين العين الصحيحة من الاعور تخير المجني عليه بين القصاص من إحدى عيني الجاني مع أخذ نصف دية الانسان وأخذ دية تامة من دون قصاص. نعم لو كان عور الاعور لجناية جان فالأحوط وجوباً مع اقتصاصه عدم أخذ فاضل الدية.

(مسألة ٤٣): في إذهاب الرؤية من العين مع بقائها القصاص إن أمكن من دون تعد على الجاني بأكثر مما جنى ومع خوف التعدي تتعين الدية. وكذا الحال في جميع منافع الاعضاء إذا ذهبت مع بقاء العضو سالم.

٢٧٤

(مسألة ٤٤): يثبت القصاص في إزالة الشعر إذا لم يكن فيه إفساد لمحله بل كان ينبت ثاني. وكذا إذا كان فيه إفساد لمحله بحيث لا ينبت ثانياً إن أمكن القصاص، وإلا تعينت الدية.

(مسألة ٤٥): يثبت القصاص في قطع الذكر من الرجل والفرج من المرأة بالمثل، أما لو قطع الرجل فرج المرأة أو المرأة فرج الرجل فلا قصاص، بل تتعين الدية. نعم إذا قطع الرجل فرج امرأته وامتنع عن دفع الدية كان للمرأة القصاص بقطع ذكره.

(مسألة ٤٦): يثبت القصاص في الاسنان ذات الاُصول الثابتة في أصل الفك. ولا يسقطه نباتها بعد ذلك وإن عادت كحالها الاول. نعم الأحوط وجوباً عدم القصاص إذا كانت لغير البالغ، لما تقدم في شروط القصاص. وأما الاسنان النابتة في اللحم غير ذات الاُصول - المسماة بالاسنان اللبنية - فالظاهر وجوب القصاص فيها بمثلها إذا كان الجاني والمجني عليه كبيرين، وإن كان الفرض نادر. أما القصاص عنها بالسن الاصلية فهو لا يخلو عن إشكال. والأحوط وجوباً عدمه، والرجوع إلى الدية سواءً عادت أم لم تعد.

(مسألة ٤٧): لابد من المماثلة في قصاص الاسنان، فلا يقتص لاسنان المقدم بالطواحن ولا العكس، ولا يقتص بشيء منها بالانياب ولا العكس، بل الأحوط وجوباً عدم الاقتصاص للعليا بالسفلى وبالعكس. بل وعدم الاقتصاص للثنيتين المتوسطتين بالرباعيتين اللتين على جانبيهما وبالعكس، بل يرضى في جميع ذلك بالدية. نعم الظاهر عدم إخلال اختلاف الجانب بالمماثلة عرف، فيقتص لما في الجانب الايمن بما في الجانب الايسر وبالعكس. وإن كان الأحوط وجوباً الحفاظ على المماثلة في الجانب مع الامكان وعدم الاخلال بها إلا مع التعذر كما إذا لم يكن للجاني سن مماثل في الجانب الذي اعتدي على مثله في

٢٧٥

المجني عليه. ويجري جميع ذلك في الاصابع وفي جميع الاطراف.

(مسألة ٤٨): إذا قطع شيء من جسد الانسان أو شق ثم اُلصق واُعيد إلى ما كان عليه قبل الجناية - كما يشيع ذلك في عصورنا - فالظاهر سقوط القصاص. بل يشكل ثبوت الدية، ويحتمل الرجوع للحكومة التي يأتي الكلام فيها في الديات، فاللازم التصالح. نعم إذا اُصلح النقص بأجنبي لم يمنع من القصاص، كما لو فقأ عينه فزرع عين حي أو ميت بدله، أو قطعت شحمة اُذنه فوضع بدلها لحمة من بدنه أو بدن غيره بعملية تجميل أو نحو ذلك.

(مسألة ٤٩): إذا جنى بما يستوجب القطع أو الشق ثم اقتص منه فأراد إصلاحة بإلصاقه وإعادته على ما كان عليه قبل القصاص لم يمكّن من ذلك، ولو فعل اُعيد القصاص عليه لابقاء النقص. نعم في منعه من إصلاح النقص بأجنبي - نظير ما تقدم في المسألة السابقة - إشكال، والاظهر العدم.

(مسألة ٥٠): إذا قطع منه شيء واقتص لنفسه ثم تسنى للمجني عليه أن يعيد ما قطع منه بنفسه ورجع الحال إلى ما كان عليه قبل الجناية، فإن كان يعلم قبل الاقتصاص بقدرته على الاصلاح وحصوله منه ثم اقتص بنفسه كان عليه القصاص، وإن لم يعلم بذلك أو وكّل شخصاً بالقصاص ولم يباشره فلا قصاص عليه، بل الدية إن كان قد اقتص بنفسه جاهلاً بالحال. وإن قام غيره مقامه في الاقتصاص فلا دية عليه أيض، بل يتحملها المباشر، إلا أن يكون تابعاً للامام فتكون على بيت مال المسلمين. نعم إذا كان المجني عليه غارّاً لمطالبته بالقصاص مع علمه بحصول الاصلاح كان لمن يؤدي الدية الرجوع بها عليه. وعلى كل حال ليس للمقتص منه منع المجني عليه من الاصلاح، فضلاً عن أن يلزمه بعد حصول الاصلاح بإرجاع الحال إلى ما كان قبله.

(مسألة ٥١): لا يثبت القصاص في الجراح والشجاج مع انضباطها وعدم

٢٧٦

كون القصاص معرضاً للنفس للهلاك أو معرضاً للعضو التلف أو الضرر.

(مسألة ٥٢): لا يثبت القصاص في الجرح الواصل للجوف ولا الناقل للعظم عن محله، ولا الواصل لاُم الرأس، ولا الهاشم للعظم.

(مسألة ٥٣): لا يثبت القصاص في كسر العظم حتى كسر الذراع على الأحوط وجوب.

(مسألة ٥٤): في الجراح والشجاج التي يثبت فيها القصاص لابد من مساواة القصاص للجناية طولاً وعرضاً وعمقاً وتكفي المساواة العرفية. كما أنه يجوز الاقتصاص بالاقل. وفي استحقاق الدية للزائد إشكال.

(مسألة ٥٥): إذا اقتص من الجاني فسرت الجناية عليه بوجه غير متوقع لطوارئ خارجية فمات أو تلف عضو منه أو نحو ذلك فلا قصاص له ولا دية. وكذا إذا سرت الجناية بنفسها بوجه غير متوقع لا لطوارئ خارجية وكان القصاص بأمر الامام أو الحاكم الشرعي. وأما إذا لم يكن بأمره فلا قصاص، وفي سقوط الدية للسراية إشكال، فاللازم التصالح.

(مسألة ٥٦): في ثبوت القصاص في الضرب بالسوط وغيره، وفي اللطمة ونحوها إشكال، والأحوط وجوباً الاقتصار على الدية.

خاتمة

فيها مسائل..

الاُولى: إذا لجأ الجاني لحرم مكة المعظمة لم يقتص منه في النفس ولا في الجراح ولا في غيره، بل لا يبايع ولا يشارى ولا يطعم ولا يسقى ولا يكلم حتى يخرج منه. نعم إذا جنى في الحرم اقتص منه فيه. ولا يلحق بالحرم المذكور

٢٧٧

حرمُ المدينة المشرفة ولا مشاهد الائمة (عليهم السلام) ، إلا أن يلزم من القصاص فيها هتكه، فيحرم.

الثانية: يستحب العفو عن القصاص في النفس والطرف وغيرهم، كما حثّ على ذلك الكتاب المجيد وتظافرت به الاخبار، قال تعالى:(وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم). وفي الحديث: «سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عزوجل: (فمن تصدق به فهو كفارة له) قال: يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما عفى عنه من جراح أو غيره». ويتأكد ذلك في النادم التائب، فإن في الندم وتأنيب الضمير من الالم النفسي ما قد يزيد على العقاب البدني. وخصوصاً إذا استسلم للقصاص الذي فيه من كسر النفس والاقدام على تحمل المشقة ما يطفئ غضب المعتدى عليه ويشفي غيضه وما يستحق به المستسلم للشكر الجزيل والجزاء الجميل.

الثالثة: إذا عفا من بيده القصاص عن القصاص فليس له الرجوع في ذلك، لأن حقه قد سقط بالعفو ولا يعود بعد سقوطه، قال تعالى: (فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم)، وعن الامام الصادق (عليه السلام) في تفسير هذه الاية أنه قال: «هو الرجل يقبل الدية أو يعفو أو يصالح ثم يعتدي، فله عذاب أليم، كما قال الله عزوجل».

٢٧٨

القسم الثاني

في الديات

الدية هي المال المفروض تداركاً للجناية الواردة على النفس أو البدن. وهي تثبت بالاصل في مورد الخط، ومع العمد في مورد لا قصاص فيه. كما تثبت شرعاً بدلاً عن القصاص في مورد تعذره، وتثبت بالتراضي بدلاً عن القصاص مع إمكانه، كما يتضح مما تقدم.

ويقع الكلام فيها في ضمن فصول.

الفصل الاول

في دية النفس

(مسألة ٥٧): دية قتل المسلم عمداً أحد اُمور..

الأول: مائة من الابل. ولابد من كونها مسنة. والأحوط وجوباً أن تكون داخلة في السنة السادسة، وأن تكون فحولة لا إناث.

الثاني: مائتان من البقر. ويكفي فيه ما يصدق عليه أنه بقر. وإن كان الأحوط استحباباً أن تكون إناثاً مسنّة، وهي الداخلة في السنة الثالثة.

الثالث: ألف من الغنم. ويكفي فيه ما يصدق أنه شاة.

الرابع: ألف دينار ذهب. وقد تقدم في كتاب الزكاة أن الدينار أربعة

٢٧٩

غرامات وربع تقريب، فتكون الدية أربعة كيلوات من الذهب وربع الكيلو تقريب.

الخامس: عشرة آلاف درهم فضة. وقد تقدم في كتابي الزكاة واللقطة أن الدرهم ثلاثة غرامات إلا ربع عشر الغرام تقريب، فتكون الدية ثلاثين كيلواً إلا ربع الكيلو من الفضة تقريب.

السادس: مائتا حلّة، وكل حلة ثوبان إزار ورداء. والأحوط وجوباً الاقتصار على برود اليمن.

(مسألة ٥٨): الأحوط وجوباً الاقتصار في كل خصلة من خصال الدية الستة على من يناسبه، فيؤخذ من أهل الابل - وهم أهل البوادي - الابل، ومن أهل البقر البقر، ومن أهل الغنم الغنم، ومن أهل الدنانير الدنانير، ومن أهل الدراهم الدراهم، ومن أهل الحلل الحلل، وإن كان بعض الناس من أهل أكثر من نوع واحد خيّر بينهم. نعم من لم يكن من أهل شيء من هذه الخصال كأهل المدن في زماننا - يتخير بين الخصال الستّ.

(مسألة ٥٩): في مورد ثبوت التخيير فالذي يخير هو الجاني ومن يقوم مقامه ممن يكلف بدفع الدية، لا من يستحق الدية. نعم إذا ثبتت الدية بالصلح بدل القصاص أمكن جعلها على وجه آخر، كما يمكن الزيادة على الدية.

(مسألة ٦٠): دية العمد يؤديها الجاني نفسه. نعم إذا ثبتت بالصلح بدل القصاص أمكن أن تجعل على غيره.

(مسألة ٦١): تؤدى دية العمد في سنة. والمراد بذلك أنها تؤدى في سنة من حين ثبوتها لا من حين حصول القتل. نعم إذا ثبتت بالصلح بدل القصاص أمكن تحديد مدة أدائها على خلاف ذلك.

(مسألة ٦٢): تقدم في أول الكلام في القصاص أن الخطأ على قسمين..

٢٨٠