منهاج الصالحين - المعاملات الجزء ٣

منهاج الصالحين - المعاملات0%

منهاج الصالحين - المعاملات مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 333

منهاج الصالحين - المعاملات

مؤلف: السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 333
المشاهدات: 67892
تحميل: 4015


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 333 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 67892 / تحميل: 4015
الحجم الحجم الحجم
منهاج الصالحين - المعاملات

منهاج الصالحين - المعاملات الجزء 3

مؤلف:
العربية

في محله إن شاء الله تعالى. والطلاق الثالث للحرة، والثاني للامة، على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى.

الثاني: الرجعي، وهو الذي تبقى فيه المطلقة في عصمة الزوج فيشرع له الرجوع بها ما دامت في العدة، وهو ما عدا الاقسام السابقة.

(مسألة ٤٧): لا يشرع الطلاق بعد الطلاق من دون أن يتخلل بينهما رجوع، فإذا قال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، صح الاول وبطل ما بعده.

(مسألة ٤٨): يصح الطلاق بعد الطلاق إذا تخلل بينهما الرجوع، وإن لم يتخلل بينهما المواقعة، بل وإن كانا في طهر واحد. فيصح طلاق المرأة ثلاثاً بينها رجوعان من دون مواقعة في طهر واحد، ويكون الثالث بائناً لا رجوع معه في العدة، وإن كان الاولى أن يكون لكل طلاق طهر. بل الاولى أن تحصل المواقعة بعد الرجوع، فيطلقها ثم يراجعها ويواقعه، وينتظر بها طهراً آخر، فيطلقها ثم يراجعها ويواقعه، وينتظر بها طهراً آخر، فيطلقها الطلاق الثالث. وهذا هو المعروف بطلاق العدة.

(مسألة ٤٩): إذا طلق الرجل المرأة ثلاثاً حرمت عليه في الثالثة حتى تنكح زوجاً غيره، فيكون هو المحلل له، سواء كان الرجوع المتخلل رجوعاً من طلاق رجعي أم زواجاً بعقد جديد، بعد الخروج من العدة أو بعد طلاق بائن.

هذا في الحرة، أما الامة فإنّ زوجها إذا طلقها مرتين حرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره. وحيث كان الابتلاء بذلك في عصورنا نادراً أو منعدماً فقد أعرضنا عن بقية أحكامه.

(مسألة ٥٠): من طلق امرأته طلاق العدة - الذي تقدم في آخر المسألة (٤)

ثم تزوجت غيره وحللها ثم طلقها وتزوجها الاول، ثم طلقها طلاق العدة المتقدم أيض، ثم تزوجت غيره وحللها ثم تزوجها الاول، ثم طلقها طلاق العدة

٨١

المتقدم أيض، فتمّ له طلاقها تسع تطليقات للعدة حرمت عليه مؤبد. والمشهور اختصاص التحريم المؤبد بذلك، فلا تحرم بغيره من أقسام الطلاق مهما بلغ. ولكن الأحوط وجوباً التحريم المؤبد بالطلاق التاسع مطلقاً وإن لم تكن التطليقات للعدة.

(مسألة ٥١): يشترط في الزوج المحلِّل للحرة بعد ثلاث تطليقات وللامة بعد تطليقتين اُمور..

الأول: أن يكون زواجه منها دائم، فلا يكفي الزواج المنقطع، فضلاً عن ملك اليمين أو وطء الشبهة.

الثاني: أن يكون بالغ.

الثالث: أن يدخل بها وإن لم ينزل. نعم لا اعتبار بزواج الخصي منها وإن دخل به.

الرابع: أن يكون الوطء في القبل، على الأحوط وجوب.

فإذا تمت هذه الشروط حصل التحليل، فإذا خرجت عن زوجيته بطلاق أو موت أو نحوهما حلّ للاول تزوّجه.

(مسألة ٥٢): المحلِّل المذكور كما يوجب سقوط حكم التطليقات الثلاث ويرفع التحريم الحاصل بها يرفع حكم التطليقة الواحدة والتطليقتين أيض، فمن طلق امرأته تطليقة واحدة أو تطليقتين ثم تزوجت غيره بالنحو المذكور وطُلّقت، فإذا تزوجها الاول لم تحرم عليه حتى يطلقها ثلاثاً بعد زواجه منه، ولا تحرم بطلاقها مرة أو مرتين.

(مسألة ٥٣): الرجوع إيقاع يتضمن الرجوع في الزوجية ورفع اليد

٨٢

عن الطلاق، ولا يشترط فيه قول مخصوص، بل يقع بكل ما يدل عليه، مثل: رجعت بك، ورددتك، وأنت زوجتي، وغير ذلك مما يراد به الرجوع. بل يقع بالفعل المقصود به الرجوع، كما لو واقعها أو قبّلها بقصد الرجوع. أما لو فعل ذلك لا بقصد الرجوع فلا يتحقق به الرجوع إلا في المواقعة، فإنها تكون رجوعاً وإن لم يقصد بها الرجوع. نعم الأحوط وجوباً الاقتصار على ما إذا واقعها ملتفتاً لكونها في العدة الرجعية، دون ما إذا نسي الطلاق أو تخيل أنها قد خرجت من العدة أو أن عدتها بائنة أو أنها امرأة اُخرى غير المطلقة، فيحتاط حينئذٍ بتجديد الرجوع أو الطلاق. بل لو لم يقصد المواقعة - كما لو كان نائماً أو ساهياً - أو واقع مكرهاً فالظاهر عدم حصول الرجوع، ولا يحتاج للاحتياط.

(مسألة ٥٤): إذا طلق بالشرائط ثم أنكر الطلاق قبل خروج العدة الرجعية كان إنكاره بحكم الرجوع، سواءً قصد به الرجوع، أم لم يقصد بأن وقع منه نسياناً للطلاق أو مكابرة فيه وكذب.

(مسألة ٥٥): لا يشترط في الرجوع المباشرة، بل يمكن التوكيل فيه فيقع من الوكيل بكل ما يدل على الرجوع ويقصد به.

(مسألة ٥٦): لا يشترط في الرجوع الاشهاد، نعم هو مستحب. ولو لم يشهد حين الرجوع استحب له الاشهاد بعده، بأن يقرّ أمام شاهدين عادلين بأنه قد سبق منه الرجوع.

(مسألة ٥٧): يقبل قول الرجل في الرجوع ما دامت المرأة في العدة، فإذا خرجت من العدة لم يقبل منه دعوى الرجوع في العدة إلا بالبينة. ولا يقوم مقام البينة شهادة رجل وامرأتين، ولا شهادة رجل واحد ويمين الزوج.

(مسألة ٥٨): إذا رجع الزوج في العدة وأشهد على ذلك، لكنه كان متستراً به وطلب من الشهود الكتمان، فلم يبلغ ذلك المرأة حتى خرجت العدة،

٨٣

ففي صحة الرجوع حينئذٍ إشكال، واللازم الاحتياط.

(مسألة ٥٩): يكره للرجل الرجوع في الطلاق إذا لم يكن له بالمرأة حاجة، وكان رجوعه لأجل تجديد الطلاق. بل يستحب له تركها حتى تخرج من عدتها بالطلاق من دون رجوع، متحلياً بالصبر والاناة لتبقى لهما حرية الاختيار، لعل الله يحدث بعد ذلك أمر.

ولا ينبغي للمؤمن أن يسد على نفسه باباً فتحه الله تعالى له - توسعة عليه ورحمة به - في موقف انفعالي قد يدفع الشيطان له لا يستطيع بعد ذلك تداركه.

(مسألة ٦٠): يكره للمريض طلاق زوجته، فإن طلقها توارثا في العدة الرجعية مطلق، ولا يرثها هو في غيرها كما هو الحال في الصحيح. أما هي فترثه - وإن كان الطلاق بائناً - إلى سنة من حين الطلاق إلا في موارد..

الأول: أن يصح من مرضه قبل السنة ثم يموت.

الثاني: أن تتزوج بغيره بعد الخروج من العدة في أثناء السنة. أما الزواج منه - دواماً أو متعة - فلا يسقط ميراثها منه إلى السنة. بل لو كان دواماً ودخل بها ورثته حتى لو مات بعد السنة.

الثالث: أن يكون الطلاق بعد مراجعتها ورضاه، أو كان خلعاً أو مباراة. بل الظاهر عدم كراهة الطلاق منه حينئذٍ من حيثية المرض.

٨٤

الفصل الرابع

في العدة

تجب العدة على المرأة باُمور..

الأول: وفاة الزوج.

الثاني: الخروج عن الزوجية - مع حياة الزوج - بأحد اُمور..

أولها: الطلاق في الزواج الدائم.

ثانيها: انقضاء الأجل أو هبة المدة في المنقطع.

ثالثها: فسخ النكاح بأحد العيوب المتقدمة.

رابعها: بطلان النكاح، كما لو أرضعت إحدى الزوجتين الاُخرى حتى صارت اُماً له، أو ارتد أحد الزوجين، على التفصيل المتقدم في بحث حرمة النكاح بالكفر، أو غير ذلك من أسباب البطلان.

الثالث: وطء الشبهة.

إذا عرفت هذا فعدة الوفاة تثبت مطلق، سواء كانا صغيرين أم كبيرين أم مختلفين، وسواء كانا مسلمين أم كافرين أم مختلفين، وسواء دخل بها أم ل.

أما غيرها فهي مشروطة بأمرين..

الأول: أن تكون المرأة في سن الحيض، فلا عدة على الصغيرة التي لم تبلغ تسع سنين قمرية، ولا على اليائسة التي خرجت عن سن الحيض ببلوغ ستين سنة قمرية في القرشية وخمسين في غيره.

٨٥

الثاني: الدخول قبلاً أو دبر، فلا عدة على غير المدخول به. نعم الأحوط وجوباً مع دخول مني الرجل في فرج المرأة من غير وطء الجمع بين تكاليف المعتدة وغيره، فلا تتزوج في مدة العدة مثلاً ولا يرجع بها الزوج لو طلقه.

(مسألة ٦١): عدة الحرة المطلقة التي تحيض ثلاثة أطهار، وهي ما بقي من الطهر الذي طلقت فيه وطهران بعده، وتنتهي عدتها بأن ينزل عليها الدم من الحيضة الثالثة. فلها أن تتزوج حال الحيض حينئذٍ على كراهة، لكن يحرم عليها أن تمكن زوجها من وطئها حتى تطهر.

(مسألة ٦٢): تعتد الكافرة الحرة المطلَّقة بثلاثة أطهار من حين طلاقها إذا أسلمت قبل مضي طهرين من طلاقه، بل وإن لم تسلم على الأحوط وجوب.

(مسألة ٦٣): تعتد الامة المطلقة بطهرين، وتخرج عن العدة بنزول الدم من الحيضة الثانية، إلا أن تعتق قبل ذلك فتتم عدة الحرة.

(مسألة ٦٤): إنما يحسب الطهر الذي وقع فيه الطلاق من العدة إذا بقي منه شيء بعد الطلاق. أما إذا كان الطلاق في آخر الطهر بحيث كان التحيض مقارناً للفراغ من الطلاق فلا يحسب ذلك الطهر من العدة، بل تبدأ العدة بالطهر الذي يكون بعد ذلك الحيض.

(مسألة ٦٥): عدة المتمتع بها التي تحيض طهران، فإن خرجت عن الزوجية - بانتهاء المدة أو هبتها - في طهر كان عليها إكماله وإكمال الطهر الثاني فتخرج عن العدة بالحيضة الثانية، وإن خرجت عنها في آخر الطهر أو في أثناء الحيض كان عليها إكمال طهرين، فتخرج عن العدة بالثالثة.

(مسألة ٦٦): تقدم في فصل شروط الطلاق أن المسترابة - وهي التي لا تحيض وهي في سن من تحيض - لا تطلق إلا بعد أن تستبرأ بأن يعتزلها الزوج ولا يطأها ثلاثة أشهر، فإذا طلقها وكانت حرة فعدتها ثلاثة أشهر قمرية ولو

٨٦

ملفقة، وإن كانت أمة فعدتها شهر ونصف.

(مسألة ٦٧): عدة المتمتع بها إذا كانت مسترابة شهر ونصف.

(مسألة ٦٨): لا فرق في التي لا تحيض وهي في سن من تحيض بين من يتعارف ذلك منها في سنها - كالمرأة في أول بلوغها وفي آخر أيام حيضهاومن يتعارف ذلك منها لرضاع ونحوه، ومن ينقطع حيضها لعارض خاص من مرض أو نحوه. نعم إذا احتمل أن انقطاع حيضها للحمل فإنها تنتظر أقصى الحمل من حين المواقعة الاخيرة، وهو سنة، فإن ظهرت حاملاً وإلا انكشف أن عدتها ثلاثة أشهر أو شهر ونصف.

(مسألة ٦٩): من تحيض كل ثلاثة أشهر أو أقل أو أكثر إن كان طلاقها في أول الطهر فمضى لها ثلاثة أشهر بيض لم تر فيها دماً كانت عدتها الاشهر المذكورة لا غير. وإن كانت ترى الدم في أقل من ثلاثة أشهر فلا يتم لها طهر ثلاثة أشهر كانت عدتها ثلاثة أطهار. وإن كانت أطهارها مختلفة بالطول والقصر تعتد إلى أسبق الامرين من ثلاثة أشهر بيض وثلاثة أطهار، فأيهما سبق تمت به عدته. وعليه قد تكون عدتها مركبة من طهر أو طهرين وثلاثة أشهر بيض.

نعم إذا كانت شابة مستقيمة الحيض، فلم تحض في ثلاثة أشهر إلا حيضة واحدة، ثم انقطع حيضها وجهل سببه، فإنها تتربص تسعة أشهر من يوم طلاقه، ثم تعتد بثلاثة أشهر، فتكون عدتها سنة.

(مسألة ٧٠): من كانت عدتها طهرين أو شهراً ونصفاً - كالمتمتع بها والامة المطلقة - إذا كانت تحيض كل ثلاثة أشهر أو أكثر أو أقل فالظاهر أن عدتها طهران، ولا تعتد بشهر ونصف أبيض لو سبق لها قبل إكمال الطهرين.

(مسألة ٧١): المستحاضة التي يستمر بها الدم تمام الشهر ترجع في تعيين أيام حيضها إلى ما تقدم في مبحث الحيض من كتاب الطهارة، فلا تطلق فيه، بل

٨٧

تطلق في الايام المحكومة بأنها طهر. والأحوط وجوباً أن لا تتحيض بالاطهار إن كانت حرة مطلّقة، بل بثلاثة أشهر، خصوصاً إذا كانت تتحيض بالعدد، لعدم كونها ذات عادة سابقة، ولا ذات تمييز وليس وظيفتها الرجوع لاقاربه.

أما إذا كانت متمتعاً بها أو أمة مطلقة فالأحوط وجوباً أن تعتد بأبعد الأجلين من الطهرين والشهر والنصف، فإذا بدأت عدتها في أول الطهر تكمل الطهر الثاني ولا تكتفي بشهر ونصف، وإذا بدأت عدتها بأواخر الطهر تكمل شهراً ونصفاً ولا تكتفي بإكمال الطهر الثاني.

(مسألة ٧٢): الأحوط وجوباً في التي تحيض في الشهر مراراً أن تعتد بأبعد الأجلين وهو الشهور، فتعتد بثلاثة شهور إن كانت حرة مطلقة، وبشهر ونصف إن كانت متمتعاً بها أو أمة مطلقة.

(مسألة ٧٣): المطلقة الحرة إذا كانت صغيرة وهي في سن من تحيض فاعتدت بشهر ثم حاضت لم يحسب الشهر من عدته، بل تستأنف عدتها بالاطهار فتعتد بثلاثة أطهار بعد الحيض الذي وقع عليه. وهو الأحوط وجوباً في كل من تكون عدتها بالشهور إذا فجأها الحيض قبل إكمال عدته.

(مسألة ٧٤): من تكون عدتها بالاطهار إذا بدأت عدتها بطهر أو طهرين ثم انقطع حيضها تلغي الاطهار ثم تستأنف عدتها بالشهور، إلا أن تكون طاعنة في السن بحيث يكون انقطاع حيضها لانتهائه عادة لا لاضطرابه فإنها لا تلغي ما تعتد به من الاطهار، بل تكمل عدتها بالشهور، فإذا اعتدت بطهر وحاضت حيضة واحدة ثم انقطع حيضها أتمت عدتها بشهرين، وإذا اعتدت بطهرين وحاضت حيضتين ثم انقطع حيضها أتمت عدتها بشهر، سواء بلغت سن اليأس أم ل.

هذ، إذا كانت حرة مطلقة أما إذا كانت متمتعاً بها أو أمة مطلقة فإنها إذا

٨٨

اعتدت بطهر واحد وحاضت حيضة واحدة ثم انقطع حيضها بالنحو المذكور تلغي الطهر وتستأنف عدتها بشهر ونصف.

(مسألة ٧٥): عدة الحامل من الطلاق وضع الحمل وإن كان بعد الطلاق بلحظة.

(مسألة ٧٦): لا فرق في وضع الحمل بين كونه تاماً وكونه سقطاً إذا علم أنه مبدأ تكون آدمي.

(مسألة ٧٧): إذا كانت حاملاً بأكثر من واحد بانت من زوجها - إن كانت العدة رجعية - بوضع الاول، فلا يجوز لزوجها الرجوع بها حينئذٍ، لكن لا يحل لها الزواج حتى تضع ما بقي من حمله.

(مسألة ٧٨): الأحوط وجوباً في المتمتع بها إذا كانت حاملاً أن تعتد بأبعد الأجلين من وضع الحمل وعدتها إذا لم تكن حامل.

(مسألة ٧٩): الاعتداد بوضع الحمل يختص بما إذا كان الحمل محكوماً شرعاً بأنه من صاحب العدة، كالمطلِّق، أما إذا كان من غيره لشبهة أو زنا فلا دخل له في العدة، بل عدتها حينئذٍ الاطهار أو الشهور، على ما تقدم. هذا مع الدخول أما بدونه فلا عدة، كما تقدم.

(مسألة ٨٠): إذا توفي الزوج اعتدت زوجته أربعة أشهر وعشرة أيام، سواء كان الزواج دائماً أم منقطع، وسواء كان الزوجان كبيرين أم صغيرين، ومسلمين أم كافرين، وحرين أم مملوكين أم مختلفين في الكل.

هذا إذا لم تكن حامل، فإن كانت حاملاً فعدتها أبعد الأجلين من المدة المذكورة ووضع الحمل.

(مسألة ٨١): إذا طلقت المرأة ومات زوجها في العدة البائنة أتمت عدتها ولم تعتد للوفاة. أما إذا مات في العدة الرجعية فإن عليها أن تعتد عدة الوفاة.

٨٩

هذا وربما زاد ما بقي من عدتها عن عدة الوفاة، كما لو كانت تحيض في كل ثلاثة أشهر مرة فمات زوجها وهي في طهرها الاول، وحينئذٍ فالأحوط وجوباً أن تتمه بعد عدة الوفاة.

(مسألة ٨٢): إذا طلقت زوجة الغائب بعد الفحص عنه وجب عليها أن تعتد بقدر عدة الوفاة، كما تقدم في أول كتاب الطلاق.

(مسألة ٨٣): يجب على المرأة في عدة الوفاة الحداد بترك الطيب والزينة في البدن واللباس، ويجوز لها الغسل والتنظيف والتمشط وتقليم الاظفار ونحو ذلك مما لا يعد زينة عند العرف، بل حتى مثل الاكتحال إذا لم يكن للزينة، بل لحاجتها إليه أو لتعارفه من دون أن يعد زينة عرف.

(مسألة ٨٤): يجوز لها الاعتداد في بيت زوجها وفي أي بيت شاءت، بل لها أن تقضي عدتها في بيوت متعددة كل مدة في بيت. ويجوز لها الخروج من البيت الذي تعتد فيه، نعم هو مكروه إلا أن تكون في حاجة لذلك أو لاداء حق أو في طاعة، ولو تيسر لها أداء ذلك بالخروج بعد نصف الليل والرجوع في اليوم الثاني عشاءً كان أولى.

وأما ما شاع عند كثير من عوام الناس من أن عليها الاعتزال والاحتجاب حتى لا يرى شخصها من ليس محرماً لها ولا يسمع صوتها ولا يرى ما يحل كشفه من بدنه، وغير ذلك من القيود فليس له أصل شرعي.

(مسألة ٨٥): الحداد ليس شرطاً في العدة، بل هو واجب فيه، فعدم قيامها به جهلاً أو عمداً لا يبطل العدة، ولا يجب معه قضاؤه.

(مسألة ٨٦): لا يجب الحداد على الامة، ولا على الصغيرة والمجنونة، كما لا يجب على وليهما أو غيره إلزامهما به.

(مسألة ٨٧): لا يجب الحداد على المعتدة في غير عدة الوفاة، بل يستحب لذات العدة الرجعية أن تتجمل وتتزين لزوجه.

٩٠

(مسألة ٨٨): تثبت عدة الطلاق في كل ما يوجب الفراق بعد الزواج الدائم، كفسخ النكاح بأحد العيوب المتقدمة، وبطلانه بعروض أحد أسباب البطلان كالرضاع المحرِّم. فإن كانت من ذوات الاقراء اعتدت بالاقراء، وإن كانت من ذوات الشهور اعتدت بالشهور، وإن كانت حاملاً اعتدت بوضع الحمل. وأما لو عرضت هذه الاُمور على الزواج المنقطع فعدتها عدة المتمتع بها المتقدمة.

(مسألة ٨٩): هذه العدة بائنة تخرج بها المرأة عن عصمة الزوج. ولا يجري عليها حكم العدة الرجعية.

(مسألة ٩٠): تثبت عدة الطلاق المتقدمة على المرأة الحرة بوطء الشبهة، سواء كانت الشبهة لتوهم وقوع العقد مع عدم وقوعه، كما لو اشتبهت على الرجل زوجته بغيرها فوطأه، أم لتوهم صحة العقد الباطل، كما لو تزوج ذات الزوج لتوهم خروجها عن عصمته، أو ذات العدة لتوهم عدم العدة، أو لتوهم عدم مانعية العدة من الزواج.

(مسألة ٩١): إذا كانت الموطوءة بالشبهة خليةً غير ذات زوج حرم عليها الزواج في عدته، وإن كانت مزوجة حرم على زوجها وطؤها في عدته، بل الأحوط وجوباً اعتزاله لها فلا يستمتع بها بقية الاستمتاعات، بل الأحوط وجوباً أيضاً عدم نظره إلى ما يحرم على غيره النظر إليه منه.

(مسألة ٩٢): المدار في وطء الشبهة على الشبهة من جانب الرجل، فمع الشبهة من طرفه تثبت العدة وإن كانت المرأة متعمدة الحرام، ومع عدم الشبهة من طرفه لا تثبت العدة وإن كانت المرأة في شبهة.

(مسألة ٩٣): لا عدة مع الزنا ولا استبراء، نعم يستحب استبراء المزني بها من ماء الفجور، بل هو الأحوط استحباب، خصوصاً إذا كان الزاني هو الذي يريد التزويج به.

٩١

(مسألة ٩٤): لا تعتد الموطوءة شبهة عدة الوفاة لموت الواطئ قبل ارتفاع الشبهة ولا لموته في العدة بعد ارتفاع الشبهة.

(مسألة ٩٥): إذا اجتمعت عدة وطء الشبهة مع عدة اُخرى للمرأة تتداخل العدتان، سواءً كانتا من سنخ واحد، كما لو وطأها رجل شبهة ووطأها آخر شبهة أيض، أو وطأها الواطئ نفسه في عدته، أم من سنخين، كما لو طلق الزوج المرأة بائناً ثم وطأها هو أو غيره شبهة، أو وطئت ذات الزوج من غيره شبهة فطلقها الزوج أو مات عنه، وغير ذلك. مثلاً لو وطأها رجل شبهة فشرعت في العدة ثم وطأها آخر بعد مضي شهر من العدة وجب عليها الاعتداد ثلاثة أشهر لوطء الثاني ولا يجب عليها إكمال عدة الاول ثم استئناف عدة الثاني.

(مسألة ٩٦): مبدأ عدَّة الطلاق والفسخ وبطلان عقد النكاح من حين حصول السبب، سواء بلغها الخبر حينه أم بعده، قبل مضي مقدار العدة أو بعده، فإذا بلغها بعد مضي زمان العدة فلا عدة عليه. نعم لو جهلت تاريخ حصول السبب بنت على تأخره.

(مسألة ٩٧): مبدأ عدة الوفاة على المرأة من حين يبلغها خبروفاة زوجه، لا من حين نفس الوفاة، من غير فرق بين الغائب والحاضر، حتى لو كانت المدة بين الوفاة وحصول الخبر قريبة كثلاثة أيام أو أربعة على الأحوط وجوب. كما أن الأحوط وجوباً العموم لمن لا يجب عليها الحداد كالامة والصغيرة.

(مسألة ٩٨): المراد ببلوغ الخبر وصول ذلك إليها بعلم أو حجة معتبرة يعمل عليه.

(مسألة ٩٩): مبدأ عدة وطء الشبهة من حين ارتفاع الشبهة وظهور الحال، لا من حين آخر وطء. ولو توفي الواطئ والشبهة باقية كان مبدأ

٩٢

الوفاة، لكن العدة حينئذٍ عدة الطلاق لا عدة الوفاة كما سبق.

(مسألة ١٠٠): جميع أنواع العدة المتقدمة بائنة، إلا عدة الطلاق الرجعي وقد تقدم بيانه في أول الفصل الثاني.

(مسألة ١٠١): الطلاق البائن تخرج به المرأة عن عصمة الزوج وتصير أجنبية فليس له النظر إليه، ولا يجب عليه نفقتها ولا إسكانه، ولها الخروج من بيتها بغير إذنه، ولا تجب عليها طاعته، وله أن يتزوج الخامسة لو كانت هي الرابعة وغير ذلك. نعم ترثه إلى سنة إذا طلقها وهو مريض، على تفصيل تقدم في آخر كتاب الطلاق.

كما أن الأحوط وجوباً عدم تزوج إحدى الاُختين في عدة اُختها من النكاح المنقطع وإن كانت بائنة، واعتزال الزوجة بوطء اُختها أو اُمها شبهة حتى تنقضي عدة الوطء من الشبهة.

(مسألة ١٠٢): تبقى المرأة في عصمة الزوج في العدة الرجعية وهي بمنزلة الزوجة، فليس له الزواج باُخته، ولا بالخامسة إذا كانت هي الرابعة، ويتوارثان إذا مات أحدهما في العدة، ويجوز له الدخول عليها بغير إذنه، كما يجوز لها إبداء زينتها له، بل هو مستحب - كما تقدم - ويجب عليها طاعته، وإجابته لمواقعتها لو طلب ذلك وتكون مواقعته لها رجوعاً بها كما تقدم، كما يجب عليه نفقتها وإسكانها معه، ولا يجوز له إخراجها من بيته وترك إسكانها معه مراغماً له، إلا أن تأتي بفاحشة مبينة، والأحوط وجوباً الاقتصار في الفاحشة المبينة على القبيح من القول والفعل مما يتعلق بالجنس. أما لو تراضيا بعدم إسكانه لها وسكناها منفصلة فلا بأس.

(مسألة ١٠٣): لو أسكنها معه لم يجز لها الخروج بغير إذنه، إلا لضرورة لا تستطيع معها استئذانه، أما مع إذنه فلا بأس بخروجه، كالزوجة.

٩٣

(مسألة ١٠٤): إذا طلق الرجل امرأته طلاقاً رجعياً ورجع بها ثم طلقهاطلاقاً خلعياً أو غير خلعي - قبل الدخول - وجب عليها استئناف عدة تامة، ولا يكون طلاقاً بلاعدة، كما لا يكفي إكمال العدة الاُولى التي انقطعت بالرجوع.

(مسألة ١٠٥): لا تعتـد المرأة من صاحب العدة، فله أن يتزوجها في عدتها البائنة - إذا لم تحرم عليه من جهة اُخرى - كعدة الطلاق الخلعي، وعدة العقد المنقطع، وعدة فسخ النكاح أو بطلانه بأحد موجبات البطلان، وعدة وطء الشبهة.

لكن لو تزوجها دواماً أو متعة ثم خرجت عن عصمته قبل الدخول - بالطلاق أو هبة المدة أو فسخ النكاح أو بطلانه - لم تحل لغيره حتى تستكمل عدتها الاُولى بعد احتساب مدة زواجها الثاني منه. مثلاً: إذا كانت المرأة ممن تعتد من الطلاق بثلاثة أشهر، فطلقها زوجها - بعد الدخول - طلاقاً خلعياً في أول شهر رجب ثم عقد عليها في أول شهر شعبان ثم طلقها في أول شهر رمضان قبل الدخول به، لم يحل لغيره أن يتزوجها إلا في شهر شوال بعد إكمال عدتها الاُولى التي بدأت بشهر رجب.

وإذا كانت المرأة ممن تعتد من العقد المنقطع بشهر ونصف فوهبها المدة - بعد الدخول - في أول شهر شوال، ثم عقد عليها في نصف شهر شوال متعة، ثم وهبها المدة من دون أن يدخل بها في آخر شهر شوال لم يحل لغيره أن يتزوجها إلا بعد خمسة عشر يوماً من شهر ذي القعدة.

وربما يتوهم سقوط عدة الفراق الاول بالزواج الثاني وعدم العدة بالفراق من الزواج الثاني لانه قبل الدخول، فتحل لكل أحد بمجرد الفراق، حتى قيل: إن المرأة الواحدة تدور على جماعة في ليلة واحدة، فيعقد عليها أحدهم ويدخل بها ثم يهبها المدة ويعقد عليها ثانياً ثم يهبها المدة قبل الدخول فيعقد عليها الثاني ويدخل به، ثم يهبها المدة ويعقد عليها ثانياً ثم يهبها المدة قبل الدخول، ويعقد

٩٤

عليها الثالث، وهكذا حتى تدور على الجماعة كلهم.

وإن صح ذلك فهو من الفجائع الفضيعة والمنكرات الشنيعة، وإن كان هناك من يفتي بجوازه كان شاهد عيان على نقصان الانسان، وأن غير المعصوم قد يتعرض للخطأ الفاضح والغفلة العجيبة ليكون ذلك عبرة تمنع من الاغراق في حسن الظن بغير المعصوم مهما بلغ شأنه، وداعياً للتثبت عند الفتوى وعدم التسرع فيها حذراً من سقطات الوهم وعثرات الفكر والنظر. ونسأله سبحانه وتعالى التسديد والتوفيق لتحقيق الحقائق، ونعوذ به من الخطل والزلل في القول والعمل، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

الفصل الخامس

في الخلع والمباراة

وهما نوعان من الطلاق يبتنيان على طلب الزوجة من الزوج أن يفارقها مع بذلها له مالاً من أجل ذلك، فيكون فراقه لها إجابة لطلبها ورضىً بعرضه.

(مسألة ١٠٦): لما كان الخلع والمباراة من أنواع الطلاق فلابد فيهما من الشروط المتقدمة في الطلاق نفسه، كالاشهاد، وفي المطلق، كالبلوغ والعقل والقصد وعدم الاكراه، وفي المطلقة، ككونها في طهر لم يواقعها فيه، إلا ما استثني كالحامل والصغيرة وغيرهم، على التفصيل المتقدم في الطلاق.

(مسألة ١٠٧): يشترط في الخلع أن تكون المرأة كارهة لعلقة الزوجية بينها وبين الرجل، بنحو يؤدي ذلك إلى امتناعها عن القيام بحقوقه والتعدي عليه وعصيان الله تعالى فيه وأنتهاك حدوده، أو بحيث تهدد الزوج بذلك جادة به. ولا يكفي كراهتها للعلقة المذكورة إذا كانت ملتزمة بأداء حقوق الزوج تديناً أو تجمل، بل حتى لو احتمل أداء الكراهة للتفريط بحقوقه من دون أن

٩٥

تهدد بذلك جادة به. بل لا يشرع الخلع لو لقنها غيرها وحملها على أن تهدد بذلك من دون أن يحرز قناعتها به وعزمها على الجري عليه.

(مسألة ١٠٨): يشترط في المباراة كراهة كل من الزوجين للآخر وإن لم يبلغ حد التعدي من أحدهما على الآخر والتفريط بحقه.

(مسألة ١٠٩): لا يشرع الخلع والمباراة لتفادي مشاكل اُخرى على المرأة تابعة لعلقة الزوجية من دون كراهة له، بأن صعب عليها مثلاً أداء بعض حقوق الزوج أوالسفر معه أو معاشرة أهله، فضلاً عما إذا كان ذلك منها لامر خارج عن العلقة الزوجية، كاستجابة لطلب أهلها أو لعرف عشائري أو خوف من ظالم أو رغبة في خير موعود به، أو غير ذلك.

(مسألة ١١٠): يحرم على الزوج التعدي على زوجته والتضييق عليها من أجل أن تتخلص منه ببذل ماله، ففي ذلك استغلال لضعفه، وهو من أفحش الظلم، وفي الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «ومن أضرّ بامرأة حتى تفتدي نفسها منه لم يرض الله له بعقوبة دون النار، لأن الله يغضب للمرأة كما يغضب لليتيم... ألا وإن الله ورسوله بريئان ممن أضرّ بامرأته حتى تختلع منه». وكذا الحال في غير الزوج ممن يتدخل بين الزوجين ويسعى لحمل الزوجة - بالترغيب والترهيب والمضايقات - على البذل وطلب الطلاق. ولو سولت النفس وغرَّ الشيطان الزوج أو غيره فأجرم وفعل ذلك فطلبت الطلاق وبذلت لم يحل للزوج ما بذلت ولم يقع الخلع ولا المباراة.

نعم إذا أدى ذلك إلى حصول شرط الخلع أو المباراة بالنحو المتقدم فبذلت حلّ المال وصح أحد الامرين، وتحمل المسبب لذلك إثم هذه الجريمة.

(مسألة ١١١): حيث تقدم ابتناء الخلع والمباراة على بذل المال من قبل الزوجة، فلابد من كون الشيء المبذول مما يصح التعاوض به شرع، عيناً كان

٩٦

أو منفعة أو حق، دون مثل الخمر والخنزير. كما لابد من كونه معين، ولا يكفي المردد، كأحد الثوبين أو ما يطلبه الزوج. نعم لا بأس بجهالته مع تعيينه، كما لو بذلت مجموعة من الاوراق النقدية من دون أن يعرف قدره.

(مسألة ١١٢): لا حدّ في الفداء من حيثية القلة والكثرة. نعم لابد في المباراة من أن لا يتجاوز الفداء مقدار المهر، ولا بأس في الخلع بزيادته عن ذلك.

(مسألة ١١٣): لا بد من كون الفداء الذي تبذله المرأة مالاً لها تملكه قبل البذل أو تجعله عليها وفي ذمتها عند البذل. ولا يصح أن تبذل مال غيرها حتى لو كان بإذنه. نعم لو أذن لها في تملكه وبذله فتملكته وبذلته فلا إشكال.

(مسألة ١١٤): لابد من كون الطالب للفراق الباذل من أجله هو الزوجة، ولا يجزئ طلب غيرها - كأبيها وعشيرتها - حتى لو كانت كارهة بالوجه المتقدم وكان الفداء ملكاً لها وبذله بإذنه. نعم إذا كان الغير وكيلاً عنها في طلب الفراق وبذل الفداء أجزأ طلبه وبذله.

(مسألة ١١٥): لابد في الخلع والمباراة من أن يكونا مرتبطين بالبذل متفرعين عليه، نظير ارتباط القبول بالايجاب، فلا يكفي فيهما العلم برضا المرأة بالفداء من دون أن تبذله فعل، وكذا إخبارها للزوج بأنها مستعدة للبذل في سبيل فراقه، بل لا يصح به الخلع ولا المباراة ما لم يتحقق منها البذل بالفعل فيخلعها أو يباريها استجابة له.

(مسألة ١١٦): يشرع الإتيان بصيغة الخلع والمباراة بأحد وجهين..

الأول: أن يأتي بصيغة الطلاق، فيقول: أنت طالق على ما بذلت، أو فلانة طالق على ما بذلت.

الثاني: أن ينشئ الفراق خالياً عن صيغة الطلاق، ويجزئ فيه كل ما يدل على إخراجها عن زوجيته وحبالته وعصمته من غير أن يتضمن فسخ عقد

٩٧

النكاح وحله.

فيقول في الخلع: خلعتك على كذ، أو أنت مختلعة على كذ، أو خلعت فلانة على كذ، أو هي مختلعة على كذ، ويقول في المباراة: بارأت فلانة على كذ، أو بارأتك على كذ. أويقول فيهما معاً: فارقتك على كذا أو فارقت فلانة على كذا أو تركتك على كذا أو تركت فلانة على كذ. بل لو قالت في مقام البذل: اخلعني على كذ، أو: بارئني على كذ، أو: لك كذا واخلعني، أو بارئني، أوفارقني، فقال قاصداً إنشاء الخلع أو المباراة: رضيت بذلك، بحيث تحقق منهما معاً الرضا بذلك كفى في تحقق أحد الامرين، بلا حاجة حينئذٍ إلى إنشاء الفراق من الزوج ابتداءً.

ولا يحتاج في الوجه الثاني إلى الإتيان بعد ذلك بصيغة الطلاق. نعم هو أحوط استحباباً خصوصاً في المباراة، فيقول - بعد تمامية الخلع أو المباراة بإحدى العبارات المتقدمة في الوجه الثاني ومع بقاء شروط الطلاق - كحضور الشاهدين وطهر المرأة ـ: فلانة طالق، أو:أنت طالق.

(مسألة ١١٧): لابد في الخلع والمباراة من التنجيز، فلا يصحان معلقين على أمر مستقبل أو حاضر مجهول الحصول. نعم لا بأس بتعليقهما على أمر حاضر معلوم الحصول، كما لا بأس بتعليقهما على ما يتوقف صحتهما عليه، كما لو قال: خلعتك أو بارأتك إن كنت كارهة لي، أو إن كنت زوجتي. وبذلك يفترقان عن الطلاق، حيث تقدم عدم صحة تعليقه حتى على ما يتوقف صحته عليه.

(مسألة ١١٨): لا تشترط المباشرة في الخلع والمباراة، بل يمكن لكل من الطرفين التوكيل في طلب الفراق والبذل، وفي إيقاع الفراق استجابة للطلب ومبتنياً على البذل.

(مسألة ١١٩): إذا خلعها أو بارأها على ما لا يصح التعاوض به شرع

٩٨

ـ كالخمر والخنزير - لم يصح الخلع ولا المباراة، كمالا يقع طلاقاً بلا عوض، بل تبقى المرأة زوجة. من دون فرق بين إقدامهما على ذلك عمداً وعدمه، بأن وقع ذلك منهما خطأ جهلاً بالحكم أو الموضوع. وكذا الحال إذا لم تكن الفدية ملكاً للمرأة، بل مملوكة لغيرها أو وقف. نعم لو كان قد أتبعها بالطلاق المجرد - كما تقدم أنه مقتضى الاحتياط في الوجه الثاني - صح الطلاق وكان رجعياً أو بائناً حسب اختلاف الموارد.

(مسألة ١٢٠): إذا ظهر بعد الخلع أو المباراة أن الفدية معيبة أو على خلاف ما وصفت لم يبطل الخلع ولا المباراة. وفي استحقاق الرجل الارش أو التبديل إشكال، فاللازم الاحتياط. هذا إذا كانت الفدية شيئاً معيناً في الخارج كثوب خاص، أما إذا كانت أمراً كلياً في ذمة المرأة كعشرة مثاقيل من الذهب، فسلمت للرجل فرداً معيباً أو مخالفاً للوصف فلا إشكال في استحقاق الرجل التبديل، وإن تعذر على المرأة التبديل كان عليها إرضاء الرجل ولو بالمصالحة معه على شيء من المال.

(مسألة ١٢١): تعتدّ المرأة من الخلع والمباراة عدة الطلاق إذا كانت ممن تعتدّ في الطلاق، كالمدخول بها وهي في سن الحيض، إلا أن عدتها بائنة، حتى لو كانت المرأة بحيث لو طلقت من دون خلع ولا مباراة لكان طلاقها رجعي، فتجري عليها أحكام العدة البائنة، كعدم جواز الرجوع للرجل فيه، وعدم التوارث بينهما لو مات أحدهما في أثنائه، وغير ذلك.

(مسألة ١٢٢): للمرأة الرجوع في الفدية ما دامت في العدة بشرطين..

الأول: بقاء الفدية في ملك الزوج، فلو خرجت عن ملكه ببيع أو هبة أو وقف فلا مجال لرجوعها به. هذا إذا كانت عيناً خارجية كثوب خاص. أما إذا كانت أمراً كلياً فسلمته فرداً منه فخرج عن ملكه ففي صحة رجوعها به مع

٩٩

تكليف الرجل أن يدفع إليها فرداً آخر إشكال، فلا يترك الاحتياط.

الثاني: أن يشرع للرجل الرجوع بالمرأة. ولابد في ذلك من أمرين..

أحدهما: كون المرأة لو طلقت من دون خلع ولا مباراة لكان طلاقها رجعي.

ثانيهما: عدم حصول ما يمنع من الرجوع فيه، كما لو تزوج اُخته، أو صار له أربع زوجات دائمة غيره، أو أرضعت هي زوجته فصارت اُمها بالرضاع، أو نحو ذلك.

هذ، ويشترط في الخلع شرط ثالث، وهو أن تقلع عن التعدي على حقه وتتوب من معصية الله تعالى فيه.

(مسألة ١٢٣): إذا كانت المرأة قد تزوجت من دون ذكر مهر فاختلعت قبل الدخول لم يكن لها متعة، بخلاف ما لو طلقت بلا عوض، فإنها تمتع كما سبق في المهور.

(مسألة ١٢٤): الخلع والمباراة وإن لم يجبا على الزوج عند بذل المرأة، إلا أنه إذا توقف حل المشكلة على أحدهما فلا ينبغي له التعنت والتصلب إحراجاً للمرأة أو تشفياً منه، فإن الله تعالى إنما شرعهما لحل المشاكل المستعصية حذراً من انتهاك حرماته وتعدي حدوده، وليتسنى لكل من الزوجين أن يعيش تجربة اُخرى قد يحصل بها على البيت السعيد والعيش الرغيد. قال جلت آلاؤه وعظمت نعماؤه: (وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته وكان الله واسعاً حكيم)ولم يجعل الله تعالى الامر للرجل من أجل أن يتعنت ويستغل موقعه، إجحافاً بالمرأة واستهواناً به، بل لانه الارشد والاقدر على ملاحظة مقتضيات الحكمة والعمل عليه. فينبغي له أن يؤدي شكر نعمة الله تعالى عليه في ذلك بأن يقوم بمقتضى مسؤوليته ويخرج عن عهدته.

(مسألة ١٢٥): إذا لم تتم شروط الخلع والمباراة لم يشرع الطلاق بالعوض

١٠٠